-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 293
اقلام واراء محلي 293
في هذا الملف
المصالحة.. هل يكفي اتفاق عباس ـ مشعل؟!
بقلم: هاني حبيب عن صحيفة الأيام
متى ينتهي مسلسل العشق الممنوع بين "حماس" و"فتح"..؟
بقلم : أكرم عطا الله عن صحيفة الأيام
التغيير المطلوب
بقلم: حمادة فراعنة عن صحيفة الايام
«دولة فلسطين» على المحك السياسي بعد الانتخابات الاسرائيلية
بقلم: منتصر حمدان عن صحيفة الحياة الجديدة
مفاجأة يوم الجمعة؟
بقلم: حسن البطل عن صحيفة الأيام
باب الشمس ... بوابة الحقيقة والصمود
بقلم: هيئة التحرير عن صحيفة القدس
باب الشمس تحول نوعي للمقاومة
بقلم: عادل عبد الرحمن عن صحيفة الحياة الجديدة
باب الشمس: عسف التاريخ وعنف الواقع
بقلم: عدلي صادق عن صحيفة الحياة الجديدة
باب الشمس.. مدينة المقاومة
بقلم: ريما كتانة نزال عن صحيفة الأيام
الإبداعات في التنظيم كفعل جماعي
بقلم: بكر أبو بكر عن صحيفة الحياة الجديدة
المصالحة.. هل يكفي اتفاق عباس ـ مشعل؟!
بقلم: هاني حبيب عن صحيفة الأيام
بينما الجهود المصرية تتكثف من أجل إيجاد المناخ الملائم لإنجاز مصالحة فلسطينية، عقدت في سبيلها جملة من اللقاءات والاجتماعات مع الرئيس أبو مازن والأخ خالد مشعل واستدعاء مندوبي باقي الفصائل لدراسة أفضل السبل لإنهاء حالة الانقسام، في هذا الوقت بالذات، تبرز قطر كلاعب يبدو ثانوياً للوهلة الأولى، لتلعب دورها باتجاه إنجاز المصالحة. في هذا السياق، وحسب صحيفة "الوطن" المصرية، فإن قطر قد طلبت من حركة "حماس" تجديد الطلب من جمهورية مصر العربية لإنشاء منطقة تجارية حرة في سيناء على الحدود مع قطاع غزة، وهو ما كانت مصر قد رفضته باعتبار أن مثل هذا الأمر، من الصعب تحقيقه في ظل الانقسام الفلسطيني، بينما رفضته المؤسسة العسكرية والاستخبارية في مصر، بسبب تعلق الأمر بالأمن القومي المصري. اللافت في هذا الطلب، أنه يأتي بعد الزيارة التي قام بها رئيس المخابرات القطرية أحمد ناصر بن جاسم آل ثاني للقاهرة، لم يكشف الكثير عما تضمنته، إلاّ أن الربط بين هذه الزيارة والمباحثات حول المصالحة الفلسطينية لا بد منه في مثل هذه الظروف، ولعلّ الطلب القطري من "حماس" لتجديد الطلب بإقامة منطقة تجارة حرة، يأتي في سياق الجهد المصري ـ القطري المتعلق بالمصالحة، ذلك أن إنهاء حالة الانقسام، من شأنه إزالة أحد المبررات المصرية لرفض إقامة هذه المنطقة.
إن إحدى أهم نتائج الحرب الإسرائيلية الثانية على قطاع غزة، التي انتهت بالتوقيع على الهدنة، أن الترتيبات الضرورية لضمان استمرار هذه الهدنة ترتكز على توفير مقومات الاستقرار السياسي والاقتصادي في قطاع غزة، وبينما الاستقرار السياسي مرهون بالمصالحة الفلسطينية، فإن الاستقرار الاقتصادي هو رهن بتحسين الحياة الاقتصادية والمعيشية لسكانه، والحديث المتواتر عن احتمالات أكيدة بأن الترتيبات تشمل في هذا الشأن إعادة فتح مطار غزة وإنشاء ميناء تجاري على بحر القطاع، بالتوازي مع استثمار في البنية التحتية والاقتصادية، الأمر الذي من شأنه توفير حالة أفضل من الاستقرار لسكان القطاع، الذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون لدى زيارتها لكل من القدس المحتلة والقاهرة في الأيام الأخيرة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبطبيعة الحال، فإن مثل هذا الاستقرار سيظل رهناً بالموقف الإسرائيلي الذي سيبقى غامضاً إلى حين الانتهاء من الانتخابات التشريعية بعد عشرة أيام، إلى ذلك الحين، فإن حكومة نتنياهو معنية بخطاب متشنّج إرضاءً للناخبين، مع ذلك فإن البعض يلاحظ أن الحصار السياسي للضفة الغربية من خلال منع إسرائيل زيارة بعض الزائرين الكبار العرب، بالتوازي مع الحصار المالي الخانق الذي تمارسه على حكومة فياض، في الوقت الذي سمحت فيه لزيارات لقادة كبار إلى قطاع غزة مع تسهيلات إضافية لدخول البضائع إلى القطاع، لم يصل إلى إنهاء الانقسام حتى الآن، وكأنما إسرائيل تحاول أن تستبدل حصاراً للضفة بحصار أخفّ وطأة على قطاع غزة، في إطار الترتيبات الأولية الناجمة عن اتفاق الهدنة.
إلاّ أن الاستقرار السياسي المطلوب من خلال إنهاء حالة الانقسام، ما زال بعيد المنال، رغم الجهد المصري المكثف والضغط الشعبي الفلسطيني الذي عبر عنه بوضوح الاحتفال الشعبي بانطلاقة الثورة الفلسطينية في "ساحة عرفات" بمدينة غزة، إذ رغم الأجواء التي سادت اللقاءات الرسمية في القاهرة، إلاّ أن عدداً من التصريحات لا تشير إلى أن الأمر سيمضي إلى نهايته السعيدة المرتقبة، فالحديث عن أولويات المصالحة والملفات التي يجب أن يتم الاتفاق عليها، لا تزال موضع خلاف، فحركة "حماس" لا تزال ترى بضرورة التئام المجلس التشريعي لمنح الثقة لأي حكومة يقوم عباس بتشكيلها وفقاً لـ "اتفاق الدوحة"، كما أنها ترى أن الأولوية لتشكيل الحكومة قبل أن تبدأ لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة بهدف تجديد السجل الانتخابي كما جرى في الضفة الغربية.
وقد تتّضح الأمور أكثر بعد عودة الرئيس من زيارته المرتقبة لتونس للمشاركة في احتفالاتها بعيد الثورة منتصف الشهر الجاري، خاصة وأن الاجتماع المرتقب خلال أسبوع - حسب بعض التصريحات ـ سيعمل على الاتفاق على خارطة طريق زمنية لدراسة وإنهاء كافة الملفات العالقة، في حين تؤكد حركة "فتح" على لسان عزام الأحمد، أنه سبق وأن تم الاتفاق على كافة الملفات ولم يبق سوى التطبيق الفعلي لما تم التوافق بشأنه، أي ان أي مباحثات ستبدأ من حيث انتهت الجولات السابقة، إلاّ أن الاعتقاد السائد أن الأمر ليس بهذه البساطة، مع منطقيته، ذلك أن توفر إرادة حقيقية وفاعلة أمر لا بد منه لإنهاء كافة الخلافات وتجاوزها لصالح التوصل إلى إنهاء الانقسام، والمهم ليس توافقاً بين أبو مازن ومشعل، بل إيجاد مناخ متوافق في الأطر القيادية والكادرية لتفعيل وتنفيذ ما تم التوصل إليه على الأرض، وهو الأمر الذي كان غائباً ومغيّباً بعد توافقات جولات القاهرة العديدة و"اتفاق الدوحة".
مع ذلك، فإن الأمر باعتقادي بات متعلقاً بمصالح إقليمية وعربية، ترى في استقرار القطاع الاقتصادي والسياسي، أمراً ضرورياً للمساهمة في إعادة الاستقرار إلى المنطقة برمتها، ما يشكل ضاغطاً لا يمكن إغفاله لإتمام المصالحة!!
متى ينتهي مسلسل العشق الممنوع بين "حماس" و"فتح"..؟
بقلم : أكرم عطا الله عن صحيفة الأيام
من حق الأحزاب أن تتنافس .. أن تتعارك.. وأن يسعى كل منها لشطب الآخر والتفرد بالحكم، هذا حلم لكل القوى السياسية في العالم، لكن ذلك يتخذ شكلا متخلفا من الإقصاء وقدرا من العنف في المجتمعات الشرقية التي تعمل في السياسة وفقا لعقل العشيرة وثقافة القبيلة، ويبدو أن حداثة التجربة السياسية في فلسطين زادت من طين بلة هذا التنافس حد العظم ليدوس في طريقه كل القيم ومعايير الحكم واحترام الحد الأدنى للحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني.
لا يعنينا أن تتصالح حركة حماس مع حركة فتح، ولا يعنينا أن تتعانق فتح وحماس، ولا يعنينا أيضا أن يكونوا ممثلين جيدين أو سيئين في مسلسل العشق الممنوع، ما يهم كل مواطن فلسطيني بل من حق كل مواطن فلسطيني أن يكون له نظامه السياسي الذي يحترم حقوقه وأولها الحق في المشاركة السياسية وتداول السلطة وفقا للنصوص، أما أن يبقى النظام معلقا على صليب كراهية كل منهما للأخرى ففي هذا ليس فقط تجاوز لحقوق الناس بل إهانة يومية يتلقاها كل مواطن فلسطيني محكوم بسطوة العسكر ورعب الأجهزة الأمنية.
من حق الشعوب أن تختار من يحكمها وبالأصح من يخدمها كل فترة محددة وبالانتخابات التي تعيد توزيع النسب بما يتوافق مع تغير المزاج العام والأداء السابق، لكن حين يصر الحكام على التسيد بعد انتهاء الولاية رغما عن أنف الناس يصبح هذا احتلالا لإدارة الشعب، فالمحتل وحده لا يأتي بصندوق الاقتراع بل بقوة العسكر وسطوة أجهزته وفي هذا يتقاطع المحتل مع ممانعي إعادة بناء النظام السياسي في الساحة الفلسطينية.
عملية بناء النظام السياسي ليست أحجية عصية على الحل، ولا سحرا ينبغي استخراجه من بطن نملة ذكر ليأخذ كل تلك المحاولات الفاشلة الحوارات المطولة في القاهرة، فالنظام هو عملية توزيع للسلطة تعكسه موازين القوة في الصناديق، وحين لا يتوافقون على ذلك تبدو المسألة أبعد بكثير طالما أن الحل موجود ومحفوظ في نصوص القوانين، لكن المماحكة والمماطلة طوال هذه السنوات تعطي حكما سلبيا للأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية التي تعجز عن حل مسألة بهذا الوضوح.
على ماذا يختلف المختلفون؟ فإذا كانت المسألة على الحصص وهي كذلك فلا حل غير الانتخابات، وإذا كانت على البرنامج ففي هذا محاولة إعطاء الأزمة المستعصية بعدا سياسيا وهميا، فالعودة لوثيقة التوافق الوطني التي وقع عليها الجميع باستثناء حركة الجهاد الإسلامي وهي خارج أزمة الانقسام تكشف زيف ادعاء الخلاف السياسي، فقد تمت صياغة الوثيقة في مطبخ مشترك لـ "فتح" و"حماس" بالإضافة للفصائل الأخرى، وللتذكير فقد توافق الجانبان على دولة في حدود العام 67 بالإضافة إلى توافقهما على المفاوضات شريطة العودة بكل ما يتم التوصل إليه للمجلس التشريعي ولعرضه على الاستفتاء.
في الجولة التي سبقت لقاءات نهاية الأسبوع توقف الطرفان عند عقدة الحكومة والانتخابات وأيهما أسبق، ولا يمكن التعاطي مع هذا الخلاف إلا في إطار مبررات إدامة الانقسام، فالكل يعرف أن الانتخابات بحاجة إلى حكومة واحدة ووزارة داخلية واحدة تشرف على العملية الانتخابية، فالحكومة يجب أن تسبق الانتخابات، ولكن السؤال ما الذي يجعل حركة حماس تمنع عملية التسجيل وهي عملية إدارية إحصائية تسهل على الجانبين وتوفر الكثير من الوقت في حال تم الاتفاق، إلا إذا كان الفلسطينيون لديهم ما يكفي من الوقت لإهداره، ويبدو أن حكمة الوقت كالسيف لم تصلهم بعد وإلا لما أضاعوا كل هذه السنوات من ترف الحوار الممل.
هل من المنطقي أن يظل المستقبل الفلسطيني معلقا إلى حين إتمام المصالحة بين "فتح" و"حماس" مع الإدراك التام لحجم القوتين؟ وهل كلما اختلف فصيلان يصبح من حقهما إحداث شلل في النظام السياسي؟ هو السؤال الذي غيبه حجم الأحداث وصدمة الانقسام وفكرة الانقلاب، وهل سيبقى الفلسطينيون ينتظرون إلى ما لا نهاية عناق "حماس" و"فتح" ومصالحتهما ؟ بالرغم من اللقاءات الحميمة والحوارات الطويلة والدفء الذي يسود بين قيادتهما منذ فترة، إلا أن الأمر ظل كما هو وكأنهما أراحا نفسيهما من الاتهامات المتبادلة وانتهى الأمر وبقي مجمدا بما يتعلق بمصلحة المواطن الذي يدفع وحده فاتورة الانقسام فيما هم ينعمون بنعمة الاقتسام .. اقتسام الوطن.
ما يجري في الآونة الأخيرة مدعاة للخوف من تكريس الانقسام. أن تأتي قيادة حركة فتح لقطاع غزة وتجتمع برئيس حكومتها، وأن يهنئ الأخير الرئيس عباس بالانطلاقة، فهذا الغزل الذي يتم دون إنهاء الانقسام يعكس توافقا أو تواطؤا على إدارة الانقسام وتعزيزه، وإلا ماذا تبقى إذا كان هناك توافق سياسي وتوافق شخصي؟ وتوافق على أن الصندوق هو الحكم بين الجانبين فماذا تبقى إذا ؟ السؤال ليس مطروحاً على النظام السياسي المنقسم بل على الشعب الذي يعلق آماله على إرادة الفصائل التي تصادر إرادته لا يتحرك أو يحرك ساكناً.
المصالحة هي الكلمة الأكثر شيوعاً لدى الفلسطينيين التي تسيطر فجأة على العناوين وفجأة تنسحب من التداول، وهي الأمل الذي يعلقه كل فلسطيني يعتقد أنها ستقدم الحلول لكل مشاكله، لكنه مصطلح قديم يعكس قدراً من التخلف الذي له علاقة بالقبائل والعشائر المتناحرة، إلا إذا كانت القوى الفلسطينية هي قوى عشائرية تدير علاقاتها الخارجية كما القبيلة، فمن حق القوى أن تتنافس، أن تدير بينها معارك سياسية وإعلامية طاحنة، وليس من حق الفلسطينيين أن يطالبوها بالتصالح، ولكن من حقهم أن يطالبوها ببناء نظامهم السياسي وتداول السلطة والذهاب للصندوق، وإن لم تسمع فمن حقهم محاسبتها ومحاكمتها أيضا، لأن في ذلك اعتداءً عليهم واستهتارا وتلاعبا بمستقبلهم.
التغيير المطلوب
بقلم: حمادة فراعنة عن صحيفة الايام
صمود غزة وتضحياتها أمام هجمة العدو الإسرائيلي العسكرية، وإنجازات منظمة التحرير لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة وقبول فلسطين دولة مراقباً يوم 29/11/2012، واحتفالات أهل القطاع بيوم الانطلاقة في 4/1/2013، إنجازات تراكمية وخطوات عملية على الطريق الطويل، تفرض نفسها وتداعياتها على صناع القرار في الائتلاف الوطني الذي يقود منظمة التحرير وسلطتها الوطنية مثلما تفرض هذه العوامل والمعطيات نفسها على أصحاب القرار في حركة حماس ولدى المتنفذين الممسكين برقاب غزة وسلطتها الأحادية الحزبية الواحدة.
لا أحد من الطرفين يملك المزايدة على الآخر، لا بالنضال لأن الكل شريك به وبتضحياته وأفعاله، ولا في وقف إطلاق النار مع العدو، فالطرفان ملتزمان به، ولا حدا أحسن من حدا، دون مزايدات وتضليل، الكل في خندق واحد، خندق العداء للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، والكل شريك بالتفاهمات الأمنية التي توصل إليها جهاز الرئيس محمد مرسي وطاقمه ومدير مخابراته ومستشاره للشؤون الدولية عصام الحداد مع مدير الموساد الإسرائيلي ومستشار نتنياهو المحامي إسحق مولخو.
شعب فلسطين، بكافة مكوناته الثلاثة: أهل مناطق 48، وأهل مناطق 67، وأهل المنافي والشتات، يتطلعون إلى وحدة شعبهم، ووحدة مؤسسته التمثيلية، ووحدة برنامجه السياسي، ووحدة أدواته الكفاحية، لمواجهة العدو المتفوق، ولكل ما جرى في القاهرة سابقاً وحالياً ولاحقاً، إذا لم يأخذ طريقه للتنفيذ على الأرض ـ في إطار المتطلبات الثلاثة: وحدة البرنامج والمؤسسة والأداة الكفاحية ـ فسيبقي النزيف النفسي والسياسي متواصلاً، كخدمة مجانية للعدو المتفوق.
التطرف الإسرائيلي الذي يقوده نتنياهو وباقي أطراف اليمين الفاشي العنصري، لا يستفز الفلسطينيين فقط، ولكنه يستفز حتى شمعون بيريس، ويستفز مدير المخابرات الإسرائيلي المتقاعد، بسبب عدم واقعيته وخروجه على المعايير الدولية المقبولة حتى لدى حلفاء إسرائيل الذين ساهموا بصناعتها على أرض الفلسطينيين من الأميركيين والأوروبيين، وهذا التطرّف سلاح بيد الفلسطينيين لمواجهة عدوهم وحشره في الزاوية المعتمة معزولاً عن المجتمع الدولي، بسبب عدالة المطالب الفلسطينية وشرعيتها وبسبب حكمة القيادة الفلسطينية وأدائها، إنجازات الشعب الفلسطيني المتقطعة التراكمية، بحاجة للضم والوحدة والتماسك، والتراجع عن كل خطوة أحادية منفردة أمام الشعب الفلسطيني وأمام أصدقائه والمتعاطفين مع معاناته والمساندين لحقوقه، وفي مقدمة ذلك، التراجع عن الانقلاب وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة: وحدة المؤسسة والبرنامج وأداة العمل، دون ذلك، دون الشجاعة لإنجاز ذلك، سيبقى النضال الفلسطيني يُراوح مكانه.
لقد مّل الفلسطينيون لقاءات التشاور وتوقيع الاتفاقات دون تحقيق خطوات على الأرض، وعلى الطرفين أن يفهما أنهما فقدا ولايتهما الشرعية، دون تجديدها عبر صناديق الاقتراع، فالانتخابات ونتائجها هي الشرعية، ولا شرعية دونها، فقد كان حسني مبارك بطل سلاح الجو في حرب أكتوبر، ومعمر القذافي هو الذي طرد القواعد الأميركية عن ليبيا، وعلي عبد الله صالح هو مُوحد اليمن، ونظام الأسد هو الشريك الفعال في حرب تشرين، ومع ذلك أين وصل هؤلاء وما هو حصيلة سياساتهم الانفرادية الأحادية؟؟.
لنتعلم من عدونا الإسرائيلي وكيف يُجدد شرعية قيادته ومؤسساته عبر صناديق الاقتراع، وكيف تنتصر خيارات أحزابه باحتكامها لخيارات الإسرائيليين عبر صناديق الاقتراع، ولذلك إذا لم يصل الشعب الفلسطيني إلى هذا المستوى من الشرعية والتجديد سيبقى نضاله معلقاً حتى تستقيم مؤسساته وتحصل على شرعيتها عبر صناديق الاقتراع.
«دولة فلسطين» على المحك السياسي بعد الانتخابات الاسرائيلية
بقلم: منتصر حمدان عن صحيفة الحياة الجديدة
الكثير من النقاد والسياسيين المعارضين لاتفاق اوسلو نكلوا بما تم انجازه سياسيا بتأيس اول سلطة وطنية على ارض الوطن وذهبوا الى المحاكمة اللفظية «للكيان الرسمي» في حين افلت مرتكبي الاخطاء والممارسات والتجاوزات القانونية من العقاب، فالمسؤول الفاسد استفاد من امتيازات السلطة وترك للسلطة الشتيمة والقدح، الى شيوع استخدام مصطلحات تشكيكية او اتهامات بحق هذا الكيان مثل «سلطة الفساد»، و«السلطة العميلة» وسلطة فلان وعلان وغيرها من المسميات، ما ساهم بفقدان ثقة اغلبية الجمهور وحتى عامليها وموظفين رسميين بها.
صحيح ان تغيير اسم السلطة الى مسمى الدولة يأتي في اطار استحقاق سياسي للانجاز الوطني الذي تحقق في الامم المتحدة، لكن في حقيقة الامر ان تغيير اسم السلطة الوطنية بات يمثل حاجة سياسية داخلية للتخلص من هذا الاسم ومن كل ما علق به من اوصاف، عبر اتخذ خطوات للامام والمضي نحو الانتقال من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة وما يتطلبه من تحديات جسام ملقاة على عاتق المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية والأهلية والاحزاب والفصائل وكل فئات الشعب لا سيما ان هذا الحلم راود ابناء شعبنا منذ سنوات طويلة من المعاناة.
اسرائيل ستحاول بكل طاقاتها وأد الحلم الفلسطيني، وستعمل جاهدة لاحباط وعرقلة الجهود الفلسطينية في هذا الاتجاه عبر نصب الحواجز السياسية والفنية والمالية وتلجأ الى العراقيل العسكرية والأمنية للحيلولة دون تقدم القيادة الفلسطينية في هذا المسار.
واثير خيار حل السلطة الوطنية كثيرا في السنوات الماضية في أوساط النخب السياسية والفصائل والأحزاب كوسيلة ضغط سياسية على الاحتلال من خلال تحميله مسؤولية إدارة الشؤون الحياتية وتخلي قيادة منظمة التحرير عن القيام بهذه المسؤولية بعد ان افشلت اسرائيل جهود التسوية السياسية، لكن القيادة الفلسطينية سعت الى استخدام حل السلطة الوطنية كخيار سياسي ينهي مرحلة سابقة والانتقال الى مرحلة سياسية جديدة هي مرحلة الدولة المعترف بها عربيا ودوليا بما في ذلك اعتراف الأمم المتحدة بها كعضو بصفة مراقب.
حالة الانسداد والتكلس التي رافقت جهود التسوية السياسية، ومواصلة إسرائيل فرض سياساتها الاحادية على الارض، يحتم على القيادة الفلسطينية اتخاذ قرارات سياسية مصيرية ويتوقع ان يصادق عليها المجلس المركزي لـ(م،ت،ف)، المتوقع انعقاده بعيد نتائج الانتخابات الاسرائيلية المقبلة، حيث سوف تحدد هذا القرارات طبيعة المرحلة السياسية المقبلة التي قد تشهد تعقيدات سياسية خاصة ان مصير جهود التسوية سيكون مربوطا بشكل دراماتيكي مع نتائج تلك الانتخابات.
ان انتخاب حكومة متطرفة جديدة في اسرائيل سوف يمهد الى إعادة العلاقة ما بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الى طبيعتها التناقضية والصراعية بعد انكشاف المخططات الاسرائيلية التي تريد سلطة فلسطينية بلا سلطة وحارسة لأمنها، وتخلص الاحتلال من مسؤوليته القانونية في تحمل اعباء احتلاله لشعب اخر وارض ليست ارضه.
مفاجأة يوم الجمعة؟
بقلم: حسن البطل عن صحيفة الأيام
في الشعر المقاوم "يا عدوّ الشمس".. والآن، فتحوا للشمس (الحرية) باباً يوم الجمعة؛ وفي الشعر "الأرض والفلاح والإصرار هذه الأقانيم الثلاثة كيف تُهزم".. الآن سيضاف الأرض والشباب والإصرار.
تعلّم الفلسطينيون درس الإصرار، منهاجياً، منذ ست أو سبع سنوات في "مدرسة بلعين" لكن درس بلعين وأخواتها يوم الجمعة الفائتة كان جديداً. لقد نقل الاحتجاج الشعبي السلمي إلى المقاومة الشعبية السلمية.. والدفاع السلبي إلى المبادرة.
فتحت النكبة صفحة اللجوء، وفتح اللجوء كتاب الخيمة.. هذا ليس مجازاً، لكن ما ليس مجازاً، أيضاً، أن "الكرفان" اليهودي فتح في الأراضي المحتلة سرطان الاستيطان، ومن الكرفان إلى البؤرة؛ ومن البؤرة إلى المستوطنة، ومن المستوطنة إلى الكتلة. السرطان إما يضمر وإما ينتشر!
في بدء خلية الكرفان اليهودي التي ستصبح سرطاناً يتفشّى، كانوا يقولون إن هذا هو "الرد الصهيوني" على كل مستوطن يقتله الفلسطينيون؛ ومن ثم صار "الرد الصهيوني" انتقاماً من كل خطوة سياسية فلسطينية.. ومن أوسلو حتى الدولة غير العضو.
قبل سنوات، وفي العام 2007 استحقت "اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان" في بلعين جائزة مؤسسة ياسر عرفات للإنجاز، ومنذ ذلك العام اقتدت كثير من القرى بنموذج درس مدرسة بلعين.. والآن، درس جديد في منهاج المقاومة الشعبية السلمية للاستيطان والجدار.
في ظاهر قرية الطور المقدسية، صنع مئات الشباب مفاجأة عن خطة مدروسة، وأقاموا عشرات الخيام، واختاروا لهذا "الرد الفلسطيني" على ما يسمى "الرد الصهيوني".. أو الإسرائيلي أو اليهودي، اسماً موفّقاً: من "يا عدو الشمس" إلى "باب الشمس".
لماذا هي "مفاجأة"؟ لأنها نقلة من الاحتجاج الشعبي، الذي صار رتيباً ويملأ أيام الأسبوع بدلاً من يوم الجمعة، إلى المقاومة الشعبية السلمية.. ولكن، مع هذا "التمويه"، حيث أعلن المنظمون أنهم سيقيمون المخيم في الأغوار، ثم "انقضوا" على المنطقة e1 (يروشلايم واحد).
قبل أن تصبح رواية، وهذه فيلماً سينمائياً، والفيلم مبادرة شبابية نوعية، أخذ مؤلف القصة اسم موقع حقيقي في الجليل، هو عبارة عن ثلاث مغر لها شكل البوابات (التقطت لها صورة وأرسلتها إلى المؤلف والصديق إلياس خوري).. ومن لا يعلم أن الياس خوري كان مقاتلا في "فتح"؟
هناك علاقة بين "عدو الشمس" في الشعر، و"عدو دولة فلسطين" في سياسة الاستيطان، لأن بناء 4 آلاف وحدة سكنية، تربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بمستوطنات القدس الشرقية سوف يحجب شمس الدولة، أي تُبطل "الحل بدولتين" لأنها سوف تشطر الضفة في خصرها المقدسي الضيّق شطرين.
يقولون في درس عسكري هو عبرة الحرب: لا تشبه كل حرب حرباً سبقتها، وسيقولون في درس آخر هو عبرة لمقاومة الاحتلال: لا تشبه كل انتفاضة الانتفاضة التي سبقتها!
بعد الانتفاضة الثانية، المسلحة ووخيمة العواقب، وضعوا في الأركان الإسرائيلية سيناريو عن محاصرة آلاف الفلسطينيين لمستوطنة ما، وأعدُّوا لهذا الاحتمال عدته من وسائل القمع والردع.
الشباب الشاطرون حنّكتهم تجربة مقاومة الاستيطان والجدار، ومن ذلك حصولهم على موافقة مجلس محلي قرية الطور على إقامة مخيم "باب الشمس"، وجهّزوا مسبقاً مستوصفاً، وأجمل شيء هو العلم الوطني الذي تبدو فيه مستوطنة "معاليه أدوميم" في مؤخرة الصورة.
إذن؟ ستكون مواجهة بين جيش الاحتلال والشباب العزّل، وسيكون في صفّ الشباب متطوعون إسرائيليون وأجانب، وأيّاً كانت نسبة القوى ونتيجة المواجهة، فإن الشباب سوف يسجلون نصراً في "حرب الصورة".
كان العالم قد شجب الاستيطان، ثم شجب بشكل خاص خطة مستوطنة "رامات شلومو" شمال القدس المحتلة، فطوت إسرائيل مؤقتاً الخطة التي أعلنت استفزازياً وقت زيارة نائب الرئيس الأميركي جون بايدن.. ولكنها حرّكتها من جديد نحو التنفيذ، مع خطة أخطر هي e1 أثارت استياء العالم.
سيناريوهات إخلاء بؤر عشوائية يهودية ستكون باهتة أمام سيناريو إخلاء الخيام في "باب الشمس" لأن الأولى مشكلة داخلية إسرائيلية، وأما الثانية فهي مشكلة مع جميع دعاة "الحل بدولتين" في إسرائيل وفلسطين.. والعالم.
استطاعت بلعين استعادة نصف أراضيها المصادرة، وبنت إسرائيل جداراً يفصل النصف الآخر، وارتاحت قليلاً من "حرب الصورة" وراء الجدار، لكن المناضل عبد الله ابو رحمة الذي بادر إلى "درس بلعين" هو الذي بادر والشباب إلى "درس باب الشمس".
للتذكير فقط: هدمت إسرائيل قرية العراقيب في النقب 44 مرة وأعاد الناس بناء القرية 43 مرة.
بدأت معركة الدولة على أرض الواقع.
باب الشمس ... بوابة الحقيقة والصمود
بقلم: هيئة التحرير عن صحيفة القدس
«قرية الخيام» التي اقامها نحو ٢٥٠ فلسطينيا من مختلف المناطق في المنطقة، «اي 1» فكرة عبقرية فعلا وتعبير بالغ عن الوضع والطموحات واسلوب رائد من اساليب المقاومة الشعبية السلمية لم يحملوا الرشاشات ولا المتفجرات ولا السكاكين ولا حتى الحجارة ... وانما وبكل بساطة أقاموا خياما وقالوا هذه ارضنا وهذا حقنا وسنقيم هنا.
اطلقوا على «قريتهم» اسم باب الشمس المستوحى من رواية الكاتب اللبناني المناضل الياس خوري التي تحمل الاسم نفسه وتروي قصة شعبنا الفلسطيني ونكبته وصموده وتطلعه الى المستقبل بثبات وقوة واصرار رغم كل التحديات والمحن، وقالوا انهم يفعلون ما فعلوا بقرار من الشعب الفلسطيني بلا تصاريح من الاحتلال وبلا إذن من احد لانها ارضنا ومن حقنا إعمارها ... واكدوا ان القرية ستصمد الى حين تثبيت حق اصحاب الارض في اراضيهم.
لا شيء ابلغ من ذلك ولا رسالة اوضح من هذه الرسالة، ولا بد ان تصل الى كل انحاء العالم، ولا بد أن تواجه المتغطرسين التوسعيين الذين لا يفكرون الا بالاستيطان ومصادرة الارض ويتنكرون لكل الحقوق والمفاهيم الوطنية والانسانية والاخلاقية، ويقودون المنطقة الى مزيد من اتون التطرف والكراهية والعداء.
واذا كانت الفكرة رائدة فان اختيار المكان يزيدها اهمية ويعبر عن البعد القوي والتوقيت المناسب لدى هؤلاء الشباب الذين قاموا بهذه المبادرة. ان اسرائيل اعلنت تلك المنطقة هدفا لاقامة مستوطنة جديدة غايتها تمزيق الضفة نهائيا وكليا وفصل شمالها عن جنوبها والقضاء الكامل على فكرة اقامة الدولة الفلسطينية، وقد جاءت «قرية باب الشمس» لتفضح هذا المخطط ليس بالبيانات والاستنكار والشجب كما هي المعادلة، وانما بهذه الخيام التي اقاموها وبهذه الرؤيا التي ارادوا من خلالها ايصال رسالة احتجاج ورفض لهذا المخطط الاستيطاني التوسعي المدمر.
لقد هزت الفكرة وجدان شعبنا الفلسطيني واثارت فيه مشاعر قوية، وتسابقت قوى وطنية كثيرة للاعراب عن التأييد للفكرة والتضامن مع القائمين عليها باعتبارها تعبيرا عن موقف شعبنا كله واسلوبا جديدا في المقاومة الشعبية.
وبالتأكيد فان السلطات الاسرائيلية التي حاصرت المنطقة وتحاول منع وصول أحد اليها، ستبادر الى اقتلاع هذه الخيام وتفريق المتواجدين هناك، لكنها ان فعلت فلن توقف الفكرة ابدا، وستقام خيام اخرى كثيرة وفي مواقع مختلفة في كل الاوقات، لان الرسالة وصلت والفكرة اتضحت والاسلوب صار قناعة لدى شعبنا كله.
كل التحية والتقدير للمبادرين وكل الدعم والمساندة والتأييد لهم، وسيظل شعبنا الصامد الصابر قويا متمسكا بحقوقه ومدافعا عنها بكل الوسائل المتاحة وهو قادر على ابتكار اساليب جديدة للمقاومة السلمية في كل يوم رغم كل التحديات ، وستظل قرية باب الشمس بوابة للحقيقة والصمود.
باب الشمس تحول نوعي للمقاومة
بقلم: عادل عبد الرحمن عن صحيفة الحياة الجديدة
تمكن مئتان من الشباب الفلسطيني والاممي من إقامة قرية باب الشمس على الاراضي المحتلة التابعة للعيساوية والطور والعيزرية وعناتا وابو ديس ردا على التوجهات الصهيونية الاستعمارية لبناء (3000) ثلاثة الاف وحدة استيطانية في المنطقة المذكورة. وهي منطقة ذات طابع استراتيجي للدولة الفلسطينية وخيار السلام القائم على حل الدولتين على حدود 1967. لان الهدف الاسرائيلي يرمي الى إغلاق الدائرة الاستعمارية حول العاصمة الفلسطينية، لضمها عمليا، من خلال الربط بين مستعمرة معالية ادوميم والقدس الشرقية.
بناء القرية الفلسطينية رغما عن سلطات الاحتلال، كما جاء في بيان المجموعة الشبابية، واستنادا الى قرار الشعب الفلسطيني في الدفاع المشروع عن حقوقه الوطنية، يعتبر خطوة رائدة في المقاومة الفلسطينية. وتعطي زخما قويا لتعميق أشكال الدفاع عن الحقوق المنهوبة والمستلبة، والتي يجري مصادرتها على مدار الساعة. ويفتح الافق امام الافكار الابداعية لتطوير اشكال المقاومة في المدن والقرى، التي تواجه الاخطار الصهيونية إن كان من قبل حكومة اقصى اليمين او قطعان المستوطنين.
كما ان قرية باب الشمس، التي اخذت اسمها من رواية الاديب اللبناني الياس خوري، تعتبر تحولا كيفيا في مواجهة التغول الصهيوني، لا سيما وانها شقت طريق استعادة روح المبادرة في التصدي لجرائم وانتهاكات دولة المستوطنين، الذين باتوا يؤرقون حياة الفلسطينيين، بهجماتهم اليومية، اضافة الى انها تشكل علامة فارقة في كبح المشاريع الاستعمارية الاسرائيلية، وحتى لو استطاعت سلطات الاحتلال الاسرائيلي من اقتلاع الخيام، التي نصبتها مجموعات المقاومة الشعبية، خاصة وانها، سلمت القائمين على القرية أمراً بالاخلاء، كما ان نتنياهو أعطى امرا باغلاق الطرق عن القرية وإعلانها منطقة عسكرية، كمقدمة لاقتحامها. فإنها ستبقى عنوانا من عناوين المقاومة النوعية والمتميزة في التصدي للمخططات والمشاريع التهويدية للاراضي الفلسطينية.
قرية باب الشمس، وقبلها قطع الطريق 443 الواصل بين القدس ودير اللطرون، وتشكيل فرق الحراسة الوطنية للقرى، أشكالا متقدمة من الكفاح الشعبي الفلسطيني، ومليونية غزة، تعطي القيادة السياسية اوراق قوة جديدة لمواجهة دولة الابرتهايد الاسرائيلية والولايات المتحدة ومن يقف معهم في المحافل الاقليمية والدولية، وتسلح قوى السلام في العالم المدافعة عن خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 67 عنصرا مهما لمواجهة الصلف والغرور والغطرسة الاسرائيلية. وفي الوقت نفسه، تعري القادة العرب أكثر فاكثر، وتفضح سياساتهم، التي أعلنها عنهم نتنياهو قبل أيام على احدى القنوات الفضائية الاسرائيلية، عندما قال: التزم القادة العرب بعدم تمويل موازنة الدولة الفلسطينية كما اتفقنا معهم؟
تجربة قرية باب الشمس البطلة، عنوان جديد يضاف الى شكل المقاومة الشعبية، ليعزز معارك القيادة الوطنية برئاسة الرئيس محمود عباس السياسية والديبلوماسية وعلى صعيد البنية التحتية ومواجهة الاستعصاءات والكوابح، التي تضعها الولايات المتحدة واتباعها من الحكام العرب. وحتى تتعزز التجربة الكفاحية الجديدة، وتتعمق على القيادة مسؤولية كبيرة لإعادة نظر في آليات تعاطيها مع المقاومة الشعبية، لجهة وضع رؤية وطنية برنامجية، وتحديد اداة قادرة وقوية من الكل الوطني، وتقديم الدعم المناسب لها، وخلق شراكة حقيقية مع قطاعات الشعب المختلفة لاعطائها الزخم المطلوب، وإحداث تحول نوعي في نهوضها.
باب الشمس: عسف التاريخ وعنف الواقع
بقلم: عدلي صادق عن صحيفة الحياة الجديدة
في الحقيقة، لم أقف على شيء من إرهاصات الفعل الإبداعي المقاوم، الذي طَرَح في هذه اللُجة السياسية والاقتصادية، وحتى في هذا الخضم المناخي الراهن؛ فكرة التشبث الفعلي بالأرض، في شكل استيطان مضاد، يضطلع به أصحاب الأرض، بمؤازرة بعض ضيوفهم ومناصري حريتهم وحقهم. ولا أدري إن كان ثمة صلة، بين التسمية ـ من حيث دلالتها ـ مع عنوان الرواية البديعة «باب الشمس» التي خطها قلم إلياس خوري قبل نحو خمس عشرة سنة. فقد كان إلياس وزملاء آخرون وأنا، نتناوب على زاوية الصفحة الأخيرة من «القدس العربي» عندما أصدر الياس الفتحاوي اللبناني القديم «باب الشمس» لتقدم عينات روائية من الحكاية الفلسطينية. وقد اطلعت بعد سنوات، على مراجعة لبحث ماجستير أعد في جامعة النجاح، للفلسطينية أمل أبو حنيش، حول «باب الشمس» كمجموعة حكايات متراصة مثل خيوط النسيج، ترسم سجادة الرواية الفلسطينية الكاملة وتوحي بخفاياها. فاللقطة والواقعة الجَلَل، في تاريخنا وفي الحياة الفلسطينية، وفي خضم هذه المغالبة الأسطورية للتنين الاستعماري الكريه، المتجبر بالسلاح؛ تلد لقطات ووقائع وغرائب، يمكن أن يتدفق بها الراوي، خارج حدود ما يروي وخارج الورق، وأن يتذكرها القارئ، خارج أسماء وعلائم ما يقرأ، وخارج زمن الرواية. فالتاريخ ممتد، والأحداث جِسام، والعدو لا حدود لصفاقته ولا لتحلله من أي إحساس بالعدالة. وكل شيء في أيامنا بالشيء يُذكر!
* * *
مثلما كتبت أمل أبو حنيش حول التناصّ، في العمل الروائي لإلياس خوري، فإن الفعل الإبداعي المقاوم، للكوكبة التي بادرت الى تأسيس نواة القرية الجديدة، المُشمسة تحت سماء ملبدة، وفكرتها، يتمثل تاريخاً من التجارب، لا يصح بعده سوى استثارة كل حيثيات الحقيقة بمواقف على الأرض، لا ولن يأتيها الباطل من يمين أو شمال، ولن يكون بمقدور الكاذبين المحتلين، وصفها بأية صفة شائنة، يتقزز منها «المتحضرون» الذين يساندون ظلاميين، حتى وهم يرونهم بأم العين، كيف يتطفلون على أرض الناس وعلى مصائرها، ويستلبون حق الآدميين الفلسطينيين كله، وحرية البشر الماكثين على أرضهم، ويعتدون على أمن وكرامة شعب صمم على نيل حقه وعلى الاستقلال!
ومثلما تماهى النص في «باب الشمس» مع ملاحم وأشعار خالدة، ومع تحقيقات صحفية تتعلق بفظائع وجرائم، وببواكير أعمال أدبية، كانت بمثابة إرهاصات ثقافية للثورة؛ فإن هذه الكوكبة من المقاومين السلميين، تسعى لأن تواجه العنف والعسف، في التاريخ وفي الحاضر، بعرض حي لومضة من الحب والحياة. فعلى هذه الأرض التي نعشق، يتجدد بقاؤنا. وعلى الرغم من الريح الباردة والإعصار والأمطار وجفاء الشقيق، فإننا نمتلك الهمّة لأن نؤسس للمزيد من نواميس العيش على أرضنا. فنحن أصحاب الحق فيها، ولا استطالة لاستيطانهم السفيه اللاشرعي والعنصري، دون اعتراضنا باللحم الحي، وبأشكال التحقق الأولى في الوطن، من سقائف وشقوق في الصخر ونتوءات في الأرض.
المحتلون يستدعون في هذه اللحظات، فائض القوة العسكرية المدججة بالسلاح، للإجهاز على ومضة الحياة في «باب الشمس». ومثلما تهجم الـ «f16» التي يمتلكونها على عربة كارو في غزة، فمن المتوقع أن يهجم الجيش نفسه، على «باب الشمس» بكل براءتها وسلميتها، وباختزالها للمعرفة بالتاريخ وبقيم السلام وبكل إصرارها على كراهية الموت والانتصار للحياة!
إن هجموا، سترتسم معادلة جديدة: جيش يزهو بقوته الضاربة، يخوض حرباً ضد نواة قرية، يقيمها أهل الأرض في وطنهم. عندئذٍ سيعرف القاصي والداني، وبخاصة «المتحضرون» الذين يساندون الظلاميين؛ أن حرب الجيش ضد عربة يتحرك بها شخص مُقعد، أو ضد منزل يأوي أسرة مقاوم، أو ضد نواة قرية؛ هي كلها حروب مخزية لمن يشنونها، قد آن الأوان، لأن تصبح مخزية لمن يساندونهم، وكاشفة حالقة فاضحة. إن أولئك الذين يقتلعون «باب الشمس» هم ممثلو العتمة والموت، لكنهم مهما فعلوا، لن يغلبوا الشمس والحياة!
باب الشمس.. مدينة المقاومة
بقلم: ريما كتانة نزال عن صحيفة الأيام
لم تئن العضلات الضامرة في جسد سامر العيساوي النحيل، بل اهتزّت روحه لوجع رحم أمه. لم يتقدّم ابن "العيسوية" بشكوى لأي جهة كانت، لكن جزعاً استثنائياً انتابه على مكروه يصيب المتضامنين معه. خاف على أجسادهم وحياتهم من فيروسات محسوسة وأخرى لا يدري عنها شيئاً، لكنه يظن أن الاحتلال وراء إفلات الخنازير. خاف على من يرمي إبليس بحجر، وخاف على الأليفين من البشر.
خطاب الأسرى النبيل، خطاب من خواء الأمعاء المشبعة بالرطوبة الحانية، تردد صداه فاتحاً أبواب مدينة الشمس لعابدي الحرية. المدينة الغريبة المغلّفة بعشق الأرض وشمسها اختارت نفسها "باب الحرية". شيدت حجر أساسها على أرض كنعان التي وضع الاحتلال لها تصنيفات أخرى، تصنيفات ومصطلحات بدأت من تحت إبط التصنيفات الأوسلوية، حروف وأرقام انتقالية تبدأ من الألف مارة بالباء وغيرها من الحروف الصماء. فأصبحنا بنظرهم أسرى نحمل أرقاماً متعددة المنازل العشرية والمئوية إلى نقطة في علم الرياضيات لا تنتهي مع شهداء في مقابر تحمل أرقاماً من مُعجم العذاب، ومن ثم أطلقوا على السهول والجبال والهضاب تصنيفات أبجدية متدرجة، لكل منها تصنيف وملف محوسب وخرائط رقمية.
هناك، في منطقة تتدثر بسفح دافئ، أقيمت مدينتنا الأولى المتطلعة إلى عين للشمس ووضعت الخيمة. المنطقة لا تطلق على نفسها أياً من الحروف الأبجدية، وترفض لكنة الاسم المستعار من تلك المعاجم المفتاحية.. المدينة الغريبة تحت الشمس والهواء ليست كباقي المدن، ولا تشبه غيرها، بنيتها التحتية لا مثيل لطرازها بين المعروف من المدن. إنها مدينة الحق والمقاومة، بنيتها التحتية شاعرية حالمة، والفوقية من عضلات وعروق نابضة. بيوتها واهية الخيوط متينة الإرادة. تنطق باسم حَمَلة العلَم وراياته. مدينة أبوابها مغلقة بوجه الخطابات الجوفاء والفضائيات والإذاعات الرنانة.. مدينة صامتة متواضعة، تكتفي من الخطاب بنبله وغاياته التي لا تقصد سوى مرضاة الوطن.
مدينة الشمس الغريبة مهداة إلى النماذج المقاومة الأخرى، إلى نماذج وأشكال خلاّقة للانتفاضة الثالثة، باب الشمس ممنوح إلى المقاومة الشعبية ضد الجدار والمستوطنات، إلى أمعاء سامر وأيمن ورفاقهما الأسرى. مدينة الشمس إبداع فلسطيني ينتظر أشكالاً جديدةً خلاّقة مفتوحةً أمام المناضلين والمناضلات للانضمام إليها، وابتداع النماذج التي توجع العدو وتترجم رسالة الشعب البليغة. هو نموذج أصبح ملكاً لكل الباحثين عن الملاذ النقي للفعل الإيجابي دون تسويق أو تجييش لا يخدم المجرى نحو الهدف.. بؤرة وطنية ترفع رصيد المعنويات، وتقف صلبة في مواجهة الاهتراء والتعليب والاستعراض، وتطالب بالمزيد من ركوب اللجج، بدءاً من تجسيدات المعركة السياسية لفك الحصار المضروب حولنا، وتطويق الاحتلال بجرائمها.
ساحات الاشتباك تتوسع.. في السجون ركب الأسرى الأمواج العالية علّها توصلهم إلى المرفأ رغم بعد المسافات. وركبت أبواب الشمس على المدينة الشاعرية تضيء طريق الخلاص، وتفتح الزوايا الحادة، تبث الطاقة البديلة في الحياة الرتيبة والمقاومة الممأسسة موصلة رسالتها إلى المعنيين بها، وترفع كفها بوجه غير المعنيين بها، من المتقاتلين والمختلفين وأصحاب النبرات والحناجر، ومن تتركهم إلى معاركهم الجانبية وتوتراتهم وفضائياتهم العاتية.
الإبداعات في التنظيم كفعل جماعي
بقلم: بكر أبو بكر عن صحيفة الحياة الجديدة
إن من مظاهر الإنهاك والتقهقر في أي تنظيم سياسي، ما نعاني منه في التنظيمات الفلسطينية عامة وفي حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح له خمسة مظاهر أساسية باعتقادي، أجملها بالتالي:
1- ضعف أو انعدام التواصل : فهو تواصل ضعيف أحياناً وفي بعض المستويات إلى درجة الانعدام، بحيث ان القائد/ أمين السر المعني في موقعه مكتف بذاته، لا يجد بنفسه حاجة للتواصل والمشاركة مع زملائه فما بالك بمن هم ضمن مسؤوليته.
كما أن التواصل قد يأخذ شكلاً موسميا أو مرتبطا بحدث ( مهرجان / انتخابات/ حشد...) مما يفقد القاعدة التنظيمية كما يفقد الجماهير ثقتها، وتنظر لهذه الأطر / المستويات نظرة انتهازية.
أضف إلى ذلك ضعف الوعي الديمقراطي الذي يؤدي لتعطيل الحياة الديمقراطية المتوجب استمرارها عبر الاجتماع والتقرير والندوة والمؤتمرات، والتي حين فقدانها وما هو حاصل فعلاً فإن تراكم الفشل يصبح موهبة أو مهنة.
2- جمود العقليات : وتبرز في شكلين رئيسيين الأول التمسك أو النضال للتمسك بمسميات بلا مضمون من جهة، وعدم تقبل التجدد أو التغيير في الفكرة أو الموقع باعتباره نسفاً للواقع القائم المريح، وبالتالي هو طريق سالك للتخلص من أصحاب العقول المتكلسة أو الجامدة ما ترفضه مثل هذه العقول بإباء فتعطل وتدمر وتخرّب.
إن التغيير عدو الجبناء وعدو الفاشلين وعدو جامدي التفكير ناقصي الفعل يقاومونه دفاعاً عن مركب الفشل فيهم، وحماية لمواقعهم التي قد تكون في كثير من الأحيان شكلية.
ان التجدد بالاغتسال بمياه جديدة كل يوم هو سمة المبتكرين المبدعين والطموحين والايجابيين الراغبين برقي ذواتهم ومحيطهم، لا يخشون ولا يجبنون ولايجفلون.
3- انعدام الهياكل/ الأطر: إذا كان الترابط التنظيمي في أي مؤسسة وسيلة لنقل المعلومات في الجسد من أسفل إلى أعلى، ونقل التوجيهات والقرارات والتعاميم من أعلى إلى أسفل، ووسيلة لإحداث التفاعل المطلوب، وتحديد صلاحيات ومهمات عمل كل مرتبة فإننا نجد هذه الهياكل أو التراتبية مفقودة عامة، وإن وجدت في بعض المفاصل فوهمية أو شكلية.
إن العطاء والعمل والتفاعل والمحاسبة والتواصل كلها في الهيكل التنظيمي كالدماء التي تسري في الجسد والهيكل هو تماماً كالهيكل العظمي بالإنسان يبرز الجسد ويعطيه متانته، فلا جسد صحيح والعظام متكسرة، ولا جسد حيّ لا تسري فيه الدماء.
4- السوداوية:لطالما تحدثنا عن حالة السوداوية أو السلبية، أو النقد المفرط إلى حد جلد الذات أو التغني بأمجاد الماضي أو أننا تنظيم الأوليّات في حركة فتح، ولطالما برز من بين الجموع في الميدان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من يلبس نظارة سوداء يأبى أن ينزعها عن عينيه.
إن ورقة النعي التي طالما تحدث عنها المفكر هاني الحسن مشيراً لأمثال هؤلاء السلبيين تدلل على وجود فئة منقبضة، مبتعدة، متهربة من المسؤولية أو لفئة راكمت السلبيات فلم ترى من بين كومتها أي بارقة أمل، أو هي فئة من التطهيريين الذين يسقطون في أول امتحان.
إن كان النقد ضرورياً وهو حتما كذلك، فهو شائن للكادر التتظيمي أن كان لذاته وانفصل عن العمل، وهو ضار بالجسد التنظيمي إن لم يقترن بالعمل، وهو مما لايستمع أحد له أن جاء من شخص سلبي.
إن السوداوية أو السلبية على سوئها، إلا أن هناك عوامل حقيقية تدفع بالبعض من العناصر والكوادر لهذه الزاوية وأهمها إغفالها أو إبعادها أو عدم مشاورتها أو عدم التواصل معها وعدم الاعتراف بدورها أو مكانتها ما هو خلل قيادي.
5- عدم التطور في الأفكار: ان الفكر كائن حي ينمو ويتطور فلا يجمد عند فكرة ملهمة ويتوقف، ولا يرى المتغيرات الداهمة فيقف متفرجاً بل متفاعلاً، وأزعم أن التطور في الفكر السياسي لحركة فتح سمة من سماتها، ولكن.
إن الفكر إن لم يرتبط بمركز أبحاث أو لجان تخطيط سراطي (= استراتيجي) ومراكز دراسات ولجان عمل أو خلايا تفكير يصبح مجموعة اجتهادات مهمة ولكنها متناثرة ولا ترقى لتصبح برنامج عمل تنظيمي.
إن الإبداعات والاضاءات والإشراقات في حركة فتح كثيرة تلطم خدود السوداويين فيها والحاقدين من خارجها، ولكن التطور والتغيير الممنهج والجماعي في الأطر والأفكار والشخوص ضرورة لا محيد عنها، تتكامل حكما مع تفعيل الحياة الديمقراطية بما تجلبه من حراك وتواصل ومشاركة دورية لا موسمية تفجر الطاقات وتقدّر الإبداعات وتشد على يد أصحاب الانجازات حيث الطريق مفتوح والمساحة متاحة للجميع أو يجب أن تكون كذلك.