-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 295
اقلام واراء محلي 295
في هـــذا الملف:
حديث القدس: اية مبادرة واي موقف اوروبي ؟!
بقلم: أسرة التحرير عن جريدة القدس
نتمنى أن " تزبط" هذه المرَّة!!!
بقلم: عزام توفيق ابو السعود عن جريدة القدس
"العرفاتية".. حسب نبيل عمرو!
بقلم: حسن البطل عن جريدة الأيام
في انتظار المواجهة القادمة
بقلم: رجب أبو سرية عن جريدة القدس
حدود الحراك الاوروبي
بقلم: عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
حين يؤمن الفلسطينيون بقيامتهم؟؟؟
بقلم: يحيى رباح عن الحياة الجديدة
"مدخل إلى المصالحة المجتمعية"
بقلم: إياد أبو حجير عن وكالة معا
لقاء الرباط ليس بديلاً عن حوار القاهرة
بقلم: دياب اللوح عن وكالة معا
ومضة: كم نحن؟
بقلم: د. صبري صيدم عن وكالة وفا
عن الانقسام وحقوق الإنسان مرة أخرى
بقلم : محسن ابو رمضان عن وكالة سما
معايير حقوق الإنسان تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة
بقلم: حنا عيسى عن وكالة pnn
حديث القدس: اية مبادرة واي موقف اوروبي ؟!
بقلم: أسرة التحرير عن جريدة القدس
تؤكد انباء وتصريحات فلسطينية واسرائيلية وغربية ان الاتحاد الاوروبي يبلور حاليا مشروع سلام واضح ووفق جدول زمني محدد يستند الى اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وتبادل للاراضي متفق عليه وذلك على اساس حدود حزيران ١٩٦٧، وان هذا المشروع سيتم عرضه رسميا في شهر آذار القادم اي بعد الانتخابات الاسرائيلية وتشكيل الحكومة الجديدة التي ترجح معظم التوقعات ان تكون برئاسة نتانياهو نفسه.
تبدو الفكرة منطقية وسط توقف مفاوضات السلام واستمرار الاستيطان بشراسة وسياسة التهويد والتوسع ومصادرة الارض التي لا تتوقف، كما تتوافق مع بدء الفترة الرئاسية الثانية للرئيس اوباما ومرحلة ما بعد الانتخابات الاسرائيلية، وكذلك على ضوء التطورات الكبيرة في العالم العربي وبصورة خاصة في مصر وسوريا، وما يعنيه ذلك من انعكاسات وتداعيات على منطقة الشرق الاوسط كلها والصراع الفلسطيني - الاسرائيلي بصورة خاصة.
ومن المعروف ان اية مبادرة اوروبية لا يمكن ان تكون مستقلة من التفكير او التوجه السياسي الاميركي، ولهذا فان من الطبيعي الاستنتاج ان مشروع السلام الاوروبي الذي يتحدثون عنه، يحظى بموافقة الادارة الاميركية.
والجديد في المشروع المقترح هذا انه يتحدث عن جدول زمني محدد، اي ليس مفاوضات بلا نهاية، كما يتحدث عن اقامة دولة على اساس حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية مع تبادل للاراضي بالاتفاق، وهو ما يستهدف الابقاء على المستوطنات الرئيسية في الضفة ومبادلتها باراض من داخل الخط الاخضر.
وهذه الفكرة التي تبدو منطقية، كما قلنا، بحاجة الى مواقف جادة ومناسبة وحازمة لجعل اي مشروع كهذا امرا ممكنا وليس مجرد ملهات جديدة واضاعة للوقت والركض وراء السراب. يجب ان تحس اسرائيل بجدية المواقف الاوروبية من الاستياطن مثلا، ولا بد من ممارسة الضغوط الحقيقية لوقف الاستيطان فورا والغاء كل المخططات الاستيطانية التي تتزايد ولا تتوقف وتستهدف بالاساس قتل فكرة اقامة الدولة التي يتحدث عنها المشروع المقترح.
لقد مل شعبنا احاديث المقترحات والمشاريع ولم يعد يرى فيها فائدة ولا يتوقع منها اية نتائج وذلك على ضوء التجارب الطويلة والعديدة التي سمعنا عنها او صدقناها ومارسناها.
الا يعرف اصحاب المبادرة مثلا عن الخطط لاقامة مستوطنة كبيرة وقتلة بصورة خاصة في المنطقة المعروفة "إي ١"، وانهم يسابقون الزمن لاقامتها وقد يبدأ تنفيذها فعلا قبل طرح المشروع المقترح وقبل بدء التفاوض بشأنه اذا حدث ذلك فعلا واستؤنفت المفاوضات لماذا لا يعملون شيئا لوقف البناء الاستيطاني ابتداء من اليوم وذلك لاعطاء اي مشروع قادم المصداقية المطلوبة والجدية المنتظرة.
لماذا لا يضغط اصحاب المشروع على اسرائيل للتوقف عن سرقة مستحقات الضرائب والقاء الدولة الفلسطينية في مأزق مالي مدمر ؟ ولماذا لا يقدمون هم الدعم المالي القوي لاخراج الدولة تحت الاحتلال، من كارثة الازمة المالية التي تهدد المواطنين في لقمة عيشهم وتربية اطفالهم ؟
اننا بحاجة الى افعال وليس مجرد اقوال، لان الوقت يمر بسرعة والاستياطن يقتل كل احمالات السالم والمأزق المالي يقتل الحياة الفلسطينية، ولا بد ان تسبق اي مشروع سلام مواقف جادة تضع الحق في نصابه وتوقف المعتدي عند حده حتى لا نظل ندور في الحلقة المفرغة التي ندور فيها منذ نحو ثلاثين عاما.
نتمنى أن " تزبط" هذه المرَّة!!!
بقلم: عزام توفيق ابو السعود عن جريدة القدس
في كل مرة يلتقي فيها الرئيس عباس مع خالد مشعل، ونستمع الى تصريحاتهما، او تصريحات مساعديهما ينتابنا التفاؤل بأن المصالحة باتت وشيكة، ثم تخيب آمالنا لاحقا حين يبدأ التفاوض على التفاصيل وتنهار مباحثات المصالحة وتعود " حليمة لعادتها القديمة" !
إن الشعب الفلسطيني لا يشكك اطلاقا بالنوايا الطيبة للرئيس عباس، ولا برغبات خالد مشعل في المصالحة، حيث أنها الطريق الوحيد والمنطقي للبدء بمرحلة خروجنا من هذا النفق المظلم، وهذا الحال الذي وصلنا إليه .. فدون أن نكون يدا واحده، وقلبا واحدا، لن " ينتكش " لنا العالم ، ولن يحسب أحد لنا أي حساب، وسيتهرب كل من عليه التزام نحونا من مسئوليته بحجة استمرار انقسامنا، وسيرددون مقولة اننا شعب لا يستحق الدعم، وبالتالي لا يستحق الحياة!
لكن واقع الحال، وانهيار محاولات المصالحة سابقا، يشير الى أنه ليس بالنوايا الحسنة، ولا بالرغبات القلبية يمكن للمصالحة أن تتم ... وعلينا ان نطرح على أنفسنا عدة طروحات، نحللها بإخلاص ومنطق، قبل أن تنهار هذه المحاولة الجديدة للمصالحة:
١- في كل اتفاقيات اعتدنا أن نقول أن الشيطان يدخل في التفاصيل ! فهل دخل الشيطان في التفاصيل ؟ أم أن الشيطان موجود اصلا في الرؤيا الإستراتيجية التي تختلف فيها «حماس» عن «فتح» اختلافا واضحا؟.. فإذا كان الاختلاف بينهما يكمن في تناقض بين رؤيا استراتيجية بعيدة المدى تشكل الحلم أكثر مما تشكل واقعا يمكن تحقيقه، وبين رؤيا استراتيجية قصيرة او متوسطة المدى يمكن تحقيقها او يمكن الاتفاق عليها بين فتح وحماس.. فإنني أعتقد أن الزعيمين الفلسطينيين ، وهما يؤمنان بأنه ليس لدينا اية طريق الا المصالحة، واعادة اللحمة الى شطري الوطن، يؤكدان ذلك بقلوبهم وعواطفهم فقط، لكنهما يلتفان حول الرؤيا المشتركة ويتجنباها، ويتركون للمفاوضين من مساعديهم تحديد تفاصيل اتفاق ، تنقصه رؤيا متفق عليها مسبقا بين القيادات العليا! فهل هذا الوضع سليم؟ أم أنه هو السبب في انهيار مفاوضات مصالحة سابقة؟
٢- طواقم المفاوضات بين «فتح» و«حماس»، والتي فشلت في المحاولات العديدة السابقة ، هي نفسها التي ستعود للتفاوض مرة أخرى ، وستعود لاجتماعات " طحن الماء" كما فعلت في المرات السابقة .. هل هذا الترتيب سليم ؟ أم أن هذه الطواقم المفاوضة بحاجة الى تغيير في شخوصها ، من منطلق أننا "جربنا المجرب " ولم ننجح، فلماذا لا نعطي المجال لفريقين جديدين من حماس وفتح أقل تعصبا وأكثر رحابة صدر، وكذلك لوسطاء فلسطينيين جدد لا مصلحة لهم الا خدمة البلد، فمع الاحترام لكل من فاوض في السابق، او توسط في السابق، لهم تحية كبرى ،لكنهم جميعا فشلوا في السابق أيضا، ولا نريد أن يتكرر هذا الفشل في هذه المحاولة.. حيث أننا نلعب الآن في الوقت الضائع!
٣- الدور المصري في المصالحة هام جدا بالتأكيد، وفي يد مصر أكثر من أداة ومفتاح تستطيع من خلاله، إن أرادت، أن تفرض المصالحة فرضا على الطرفين، لا أن تسهل لهما وتيسر لهما أو تتوسط بينهما فقط.
٤- على مصر أن لا تنظر الى «حماس» على أنها استمرار لنظام الحكم في القاهرة من حيث أن كلا النظامين جاء من منبت واحد، هو الاخوان المسلمين، ولهما ايديولوجية واحدة تنطلق من الاسلام السياسي، وعليه فإن على الحكومة المصرية أن تستمر في دعمها المطلق وبلا حدود لحكومة حماس في غزة .. هذا المنطلق غير سليم سياسيا، وعلى مصر أن تنظر لعلاقتها مع الفلسطينيين ككل، و من منطلق أوسع أفقا.
٥- في المقابل على «فتح» أن لا تعتقد أنها تسعى لإقناع مصر بأن تضغط على حماس، وأن دبلوماسية السلطة في رام الله يجب أن لا تسخر للضغط على الحكومة المصرية من عدة جهات عربية ودولية من أجل ذلك.. فهذا أيضا منطق غير سليم. وعلى الدبلوماسية الفلسطينية أن لا تعتقد أن مصر، بتحكمها في معبر رفح، أو البوابات المقابلة للأنفاق من سيناء، ستستخدم هذه الأدوات للضغط على حكومة حماس.
- على «فتح» و«حماس» منفردتين أو مجتمعتين، أن تدركا معا أن الشعب الفلسطيني أولا، والعالم العربي ثانيا، والمجتمع الدولي ثالثا، قد سئم استمرار خلافاتهما وصراعهما، لقد رأينا انقطاع الدعم العربي والدولي نتيجة نفاذ صبرهم وأن الصبر الفلسطيني عليهما قد لا يستمر طويلا، خاصة مع الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، وتنعكس على كافة القطاعات الاقتصادية والحياتية في الضفة والقطاع .. والشعب الفلسطيني الآن يبتعد قليلا قليلا عن عواطفه، ويتجه الى عقلانية أكثر، يبحث عن مصالحه وقوت يومه ... ويريد منكما أن تدركا أن آماله وأحلامه وثقته باتت مهزوزة، وان عليكما أن لا تفكرا فقط بآمالكما وأحلامكما وأيديولوجيتكما... "إن وجدت" !!! فهل "ستزبط" المصالحة هذه المرة؟
"العرفاتية".. حسب نبيل عمرو!
بقلم: حسن البطل عن جريدة الأيام
من "إنت نبيل بتاع الإذاعة" إلى المستشار الإعلامي نبيل عمرو الذي صار الرقم 13 المرفوض في الوفد الفلسطيني (البروتوكول 12) إلى "كامب ديفيد"، إلى ثاني شخصين اصطحبهما عرفات إلى عشاء عائلي حميم (العشاء الأخير؟)، أقامه الرئيس بيل كلينتون في الجناح الخاص بالبيت الأبيض.. والمشروع طبق على المائدة؟
.. والآن، باكورة نبيل عن "العرفاتية". الإنجيل أناجيل (حسب يوحنا ومتّى ومرقص.. إلخ) والعرفاتية حسب نبيل كأنها نظرة من القمر إلى الأرض. القمر في مدار الأرض وهذه في مدار الشمس.. وهذه في مدار المجرّة (وفلسطين كانت نيزكاً تائهاً)، لقاء "بتاع الإذاعة" كان امتحاناً عرفاتياً لترويض الرجل في مدار قمري حول الأرض.. أي حول عرفات.
شدّني كتابه "ياسر عرفات وجنون الجغرافيا" للغته الطليّة، ولأنه كما قال في مقدمته: "ليس تأريخاً، وليس تقويماً" هو أشبه بسردٍ قصصي سياسي ـ شخصي لزعيم وصفه درويش "في كلِّ واحدٍ منّا شيءٌ منه".. وهو "السيد فلسطين"!
وشدّني كتابه، أيضاً، وأولاً، لأنه سيصير مدماكاً في تاريخ مسيرة فلسطين ـ العرفاتية، أو "شهد شاهد من أهله" وقد لا يكون نبيل، الذي عرف عرفات متأخراً نسبياً في العام 1976 "شهد المشاهد كلها" كما يُقال، لكنه شهد معظم المآزق العربية والفلسطينية والدولية التي اجتازها عرفات.
وشدّني كتابه الممتع، ثالثاً، لأنني كادر من كوادر الإعلام الفلسطيني المُوحَّد؛ ولأنّ عرفات والإعلام كعرفات والقوات، أو أن قادة أجهزة الإعلام الخمسة في أهمية قوات الـ 17 تقريباً: المجلة، الوكالة، الإذاعة، الإعلام الخارجي والسينما والتصوير.. وإلى حدٍّ ما الإعلام الجماهيري.
بذا، مع كتاب نبيل عمرو ـ الإذاعة، وكتاب أحمد عبد الرحمن ـ المجلة قيد النشر (وكان لي شرف تحريره) بعنوان "صناعة التاريخ، يكون "القادة" ـ الإعلاميون أضافوا للمكتبة السياسية الفلسطينية ـ العرفاتية صورة ومسيرة الرجل ـ القائد عن قرب.. وهذا ما لا يُتاح لسواهم من المُؤلّفين والمُؤرّخين.
وُلد طفل الثورة الفلسطينية في جغرافية البلاد، ثم طُرد شاباً من جغرافية الأردن، ورجلاً من جغرافية لبنان.. وأخيراً، عاد كهلاً إلى جغرافية البلاد.. كما تعود أسماك السلمون لتموت!
لعرفات "طريقته في الترويض" الفلسطيني، شاملة طاقمه الأقرب، ومساعديه المقرّبين (ولكن ليس بلا مآزق وخلافات) وله طريقته الفذّة في رفض الترويض العربي والعالمي.. والاثنتان: طريقة في السيطرة والتأثير، وأخرى في صدّ السيطرة واحتواء التأثير ما أمكن.. ولم يكن ملكاً في مملكته اللبنانية ـ الفاكهاني "ما أروع أن يمرّ يوم دون أن يُقتل أحد.. ومن يدري لعلّ هناك من قُتل دون أن نعلم" قال عرفات!.
لعرفات، عدا الحلفاء اللبنانيين، ثلاثة قادة فلسطينيين قد يعارضونه ويُصوّبونه ثم لا يخذلونه أبداً: أبو إياد، أبو جهاد.. وخصوصاً العميد سعد صايل.. الضابط الكفؤ خِرِّيج كليات بريطانيا وأميركا، وله خمسة "قادة" لفروع الإعلام أوفياء.. لكن مع كل واحد مأزق أو مآزق: البندقية والإعلام!
علاقته بالبعثين السوري والعراقي من أصعب مآزقه العربية، ومن أحسن خروج له، وخاصة عندما توافقا عليه لمصادرة "القرار المستقل" في المؤتمر الخامس للحركة بدمشق 1978. لكن الأمتع والأصعب والأطول والأخطر هو مآزقه مع الولايات المتحدة، منذ حوار أبو حسن سلامة مع الأميركان، إلى مفاوضات الخروج من بيروت مع فيليب حبيب، فإلى مفاوضات تونس (السفير بيلليترو ـ الابن).. والذروة هي "مؤتمر مدريد"، وذروة الذروة في "كامب ديفيد 2000"، ثم الخاتمة الدرامية بعد عشاء ملوكي ـ عائلي في جناح الرئيس بالبيت الأبيض.. حيث قال عرفات: "لا".
.. وهنا، كانت "غلطة" عرفات أو "السقطة" في أكبر المآزق عندما رفض، أو تلكّأ، في قبول "العرض الأخير" بـ "مشروع كلينتون"، وبـ"نصيحة صائب عريقات" (كما كانت نصيحة أبو مازن في كامب ديفيد).. صحيح، أن "مؤتمر طابا" اللاحق قارب النجاح.. لكن كلينتون أوصى الرئيس الجمهوري الفائز جورج بوش ـ الابن ألا يلتقي عرفات أبداً (كان عرفات أكثر زعيم جرى استقباله في البيت الأبيض إبان رئاسة كلينتون، الذي زار غزة وبيت لحم، وقصّ شريط مطار عرفات الدولي).
* * *
كانت لي في بيروت ثم قبرص "مآزق" طيلة 13 سنة من تحرير "فلسطين الثورة" ـ قبرص على كتفيّ الرخوتين وأصعب مرحلة، بعيداً عن مجاورة جغرافية مع مقر عرفات بتونس.. ولكن تهون إزاء قصة عرفات مع "جنون الجغرافيا" ومآزقها.. أنه رجل لا يستسلم أبداً. هاود، وتنازل، وناور.. ورد على الخداع بالخداع.. تلقّى الإرسال وكسر الإرسال. "الرجل ـ اللايُقهر" حسب عنوان كتاب أمنون كابليوك.. إلاّ بالموت.
شكراً نبيل، وبانتظار كتاب "شرخ في القمة" و"عهد عباس".. هناك الرسل والقادة العظام، وهناك الرُواة.. وهناك المؤرِّخُون أخيراً، وكتابك مدماك في التاريخ الفلسطيني المعاصر، أو "الأسطورة الفلسطينية": عنقاء الرماد من الدمار.
في انتظار المواجهة القادمة
بقلم: رجب أبو سرية عن جريدة القدس
كل الدلائل تشير إلى أن فصلاً من المواجهة ينتظر الفلسطينيين والإسرائيليين، بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية القادمة، وبعد تشكيل الحكومة الجديدة التي ستسفر عنها تلك الانتخابات، وستبدأ المعركة على الأغلب حول كيفية إجراء المفاوضات لتجنّب اندلاع المواجهة ميدانياً، بعد أن تمر فترة عض الأصابع الحالية، التي وصلت ذروتها بإقدام إسرائيل على حجز أموال السلطة، وشل قدرتها على دفع رواتب الموظفين، التي ترافقت مع حديث نتنياهو / ليبرمان الانتخابي عن انهيار وشيك للسلطة، والسعي إلى دفع "كرة النار" الناجمة عن الضغط على الضفة الغربية، إلى السلطة بدلاً من إسرائيل.
كل الأمور العالقة مؤجلة كما قلنا مراراً، ارتباطاً بتوقيتات عديدة، لها صلة بالملف الفلسطيني، فما أن ينتهي هذا الشهر، حتى يكون الرئيس الأميركي باراك أوباما قد تولى رسمياً سلطات ولايته الثانية، وانتهى من تشكيل طاقمه الحكومي الجديد، حيث يحتاج وزير الخارجية الجديد جون كيري إلى الإحاطة بالملف الذي كان في عهدة هيلاري كلينتون، ليبدأ اتصالاته وجولاته في المنطقة وإعادة ترتيب أوراقه، كما أن الانتخابات الإسرائيلية تكون قد جرت، وتحددت بالتالي طبيعة المعادلة السياسية الداخلية الإسرائيلية، وظهرت إلى العيان حدود وإطار الحركة السياسية الإسرائيلية.
كما يمكن أن يكون الملف السوري قد وصل إلى شكل ما من الحسم، أو من حدود السيطرة، حتى تعرف الأطراف المقررة، خاصة على الصعيد الدولي المدى الذي يمكن لها أن تذهب إليه في المسار الفلسطيني / الإسرائيلي، وحتى الفلسطينيون بحاجة إلى هذا الوقت، حتى يحددوا الصورة التي سيكونون عليها، من التوافق أو الاختلاف الذي قد يصل إلى حد إنهاء الانقسام، وبالتالي، يبدو أن الجميع، ينتظر أن تمر بضعة أسابيع للانتهاء من كل هذه الترتيبات، حتى يمكن القول إن إعادة ترتيب للعلاقة القائمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين يمكن أن تكون ممكنة.
من الواضح أن حالة من التأزم بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد نشأت خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، حيث توقفت المفاوضات، بعد أن وصل فصل طويل منها إلى نهاية الطريق، وتوقفت أمام الاستحقاق الواجب بتحديد الشكل النهائي للأراضي المحتلة في الضفة الغربية والقدس، حيث سعت إسرائيل ومنذ اتفاق (أوسلو) إلى أن يتحول المؤقت إلى دائم، أي أن تبقى السلطة سلطة محدودة الصلاحيات، سلطة حكم ذاتي، على المناطق المأهولة بالسكان، المسماة المناطق ( أ )، فيما كافح الفلسطينيون من أجل أن تتحول السلطة إلى دولة، وخلال سنوات التوقف عن التفاوض، لجأ الفلسطينيون إلى بدائل ـ بعد أن تشبثوا بعدم الاستمرار في مفاوضات لا تنتهي ـ من شأنها الإصرار على الدولة ومغادرة مربع السلطة، لذا أوشك الوضع على الانفجار، ووصل التأزم ذروته حين اقترب موعد الذهاب للأمم المتحدة، حين شنت إسرائيل حربها الثانية على غزة، وكادت تندلع بسببها انتفاضة ثالثة ضدها في الضفة الغربية.
المقترح الأوروبي وحديث جلالة الملك عبد الله الثاني عن مبادرة أوروبية وعن وجود فرصة للسلام، يعني أن هناك تحريكاً قادماً لهذا الملف، والمقترح الأوروبي يلبي المطالب الفلسطينية، التي أعلنت جاهزيتها للتفاوض بعد أن ظفرت بعضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، من حيث حديثها عن سقف زمني للتفاوض ينتهي خلال العام الحالي، 2013، وإن كانت لا تقول صراحة إن التفاوض ينحصر في إنهاء الاحتلال عن الأراضي المحتلة من الرابع من حزيران عام 67، إلا أنها تشير إلى إقامة دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية، على تلك الحدود، مع تبادل للأراضي يتفق عليه الطرفان.
المعركة إذن ستنشأ على الإطار التفاوضي، ولذا فإن إسرائيل تسابق الزمن لفرض حقائق الأمر الواقع من خلال الخطة الاستيطانية (أي - 1)، لكن الجانب الفلسطيني مسلح هذه المرة بالقرار الأممي، وربما يكون أقوى في حال أعلن إنهاء الانقسام، حيث ربما تتطور الأمور مع إنهاء الانقسام إلى أن تلجأ الدولة الفلسطينية ـ إن لم تنطلق مفاوضات جدية ـ إلى التحكيم الدولي، كما حدث مع مصر حول طابا، مع ضغط ميداني جماهيري، كما حدث في باب الشمس، لبسط سيادة الدولة على حدودها المعروفة الآن دولياً، والانتهاء من معالجة هذا الملف، حتى ينفتح باب الاستقرار لعموم المنطقة، ولكن كل هذا منوط بالقدرة على احتواء حكومة إسرائيلية يمينية قادمة، ستكون قريبة جداً من الحكومة الحالية، وذلك باستخدام كل الأدوات الممكنة، الضغط الميداني الفلسطيني، المعارضة الداخلية الإسرائيلية، الموقف العربي، ومن ثم الدولي، حتى يمكن تحقيق الحل الوسط التاريخي، بمشاركة كل القوى الفعالة، خاصة على الجانبين: الإسرائيلي، حيث يكون الحل مع اليمين قابلاً للحياة، كما حدث مع كامب ديفيد، والفلسطيني، حين تكون حماس وفتح معاً ضمن حكومة واحدة.
حدود الحراك الاوروبي
بقلم: عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
منذ فترة لا بأس بها يتململ الاتحاد الاوروبي للانخراط بثقل يتناسب وحجم الدعم المالي – الاقتصادي لعملية السلام العربية (الفلسطينية ) – الاسرائيلية. غير أن الادارة الاميركية كبحت الرغبة الاوروبية، وأبقت البيانات السياسية المتقدمة نسبيا عن بيانات الرباعية الدولية والمواقف الاميركية، الصادرة عن اجتماعات القيادات الاوروبية بمستوياتها المختلفة مجرد حبر على ورق. لانها (اميركا) ترفض وجود شريك فاعل في التسوية، يتجاوز السقف السياسي الاسرائيلي.
غير ان ادارة اوباما، التي منحت دولة التطهير العرقي الاسرائيلية أكثر مما منحته اية إدارة اميركية سابقة، ليست على وفاق تام مع حكومة اقصى اليمين الصهيوني، وبرز بين الادارتين الاميركية والاسرائيلية تفاوت وتباين في المواقف بشأن العملية السياسية، وايضا نتاج التدخل الفضل لرئيس حكومة إسرائيل في الانتخابات الاميركية الاخيرة، التي فاز بها الرئيس الاسود لولاية ثانية، مما حدا باركان الادارة مع بروز النتائج بفوز ساكن البيت الابيض الهمس الخافت للاوروبيين لبلورة رؤية سياسية لتحريك المياه الراكدة في عملية السلام منذ تولى نتنياهو الحكم في 2009 وفق الخطوط العريضة لمرجعيات التسوية السياسية وخيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
الاقطاب الاوروبية الرئيسية فرنسا، بريطانيا مدعومة من المانيا وبالضرورة من ايطاليا واسبانيا تتحرك على نار هادئة لرسم معالم الخطة، بحيث ما ان تضع الانتخابات الاسرائيلية اوزارها في 23 يناير الحالي، ويتبلور شكل الائتلاف الحاكم في الحكومة الآتية عمليا في آذار / مارس، حتى يبدا تحرك اوروبي مدعوم اميركيا وروسيا وامميا لنقل المسار الفلسطيني – الاسرائيلي من الركود الى الانتعاش على امل النهوض والتقدم نحو حل الدولتين على حدود 67.
الخطة الاوروبية ليست جديدة بالمعنى الدقيق للكلمة، لأن الثابت بها خيار الدولتين على حدود 67 مع تبادل في الاراضي، استنادا الى ما حدده بوش الابن في حزيران / يونيو 2004، وكمقدمة لذلك تملي الضرورة على الحكومة الاسرائيلية إعلان الالتزام بوقف البناء الكامل في المستعمرات الاسرائيلية، وتقديم تسهيلات للدولة الفلسطينية على اكثر من مستوى وصعيد خاصة المالي، والعمل على اعادة النظر باتفاقية باريس... الخ.
لكن الرؤية الاوروبية قد تصطدم باكثر من لغم إسرائيلي، الاول رفض وقف البناء في المستعمرات؛ وثانيا الاصرار على الاعتراف الفلسطيني بـ «يهودية» الدولة الاسرائيلية؛ وثالثا رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194؛ ورابعا وضع فيتو على المصالحة الوطنية، وبالتالي رفض الممر الآمن بين جناحي الوطن؛ سادسا إمكانية إقدام الحكومة الجديدة على عمل عسكري ضد محافظات الجنوب الفلسطينية (غزة) بهدف خلط الاوراق، وقطع الطريق على العملية السياسية. الامر الذي سيهدد إمكانية إحداث اي إختراق في جدار الاستعصاء الاسرائيلي. لا سيما وان حدود الفعل الاوروبي محدودة. وما لم تكن الولايات المتحدة بالباع والذراع مع الخطة الاوروبية، لا يمكن لها النجاح.
القيادة الفلسطينية ليست بعيدة عن اجواء التحركات الاوروبية والاميركية والروسية والاممية. ليس هذا فحسب، بل ان الرئيس عباس منفتح على اية أفكار ايجابية يمكن لها ان تدفع العملية السياسية للامام، وتسقط الاستعصاء الاسرائيلي.
كما ان القيادة الفلسطينية بات بيديها جملة من اوراق القوة (الدعم الجماهيري غير المسبوق في محافظات الجنوب، تحرك عربة المصالحة الوطنية، الانجاز السياسي برفع مكانة فلسطين لدولة مراقب، الصمود الوطني في مواجهة العدوان الاسرائيلي، تصاعد وتيرة المقاومة الشعبية، وارتقاء اساليبها... الخ) مكنتها من العودة للملعب كلاعب رئيسي، قادر على خلط الاوراق، رغم هدوء الاعصاب الشديد في إدارة الاستعصاء والجرائم الاسرائيلية، والسياسات الاميركية المنحازة لدولة الاحتلال والعدوان. لم يعد بامكان القوى المبادرة للخطة الجديدة تجاهلها او تهميشها او الاستقواء عليها بالبلطجة الاسرائيلية والتواطؤ العربي الرسمي.
الرفض الاسرائيلي للمبادرة الاوروبية، لن يكون في صالح دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية وسيحشرها في الزاوية، ويعمق عزلتها، مما سيساعد القوى الدولية وخاصة اوروبا للجوء لسياسة العقوبات الاقتصادية والسياسية لالزامها بخيار التسوية السياسية. خاصة وان دول الاتحاد الاوروبي تعهدت ان يكون العام 2013، عام التقدم نحو حل الدولتين على حدود 67.
من الصعب الافتراض بشكل السيناريو، الذي ستتخذه التطورات على المسار الفلسطيني – الاسرائيلي، لان السياسات الاسرائيلية الهوجاء، قد تعصف بمصالح الغرب في المنطقة برمتها، كونها ما زالت في مرحلة مخاض، ولم تستقر، رغم المليارات الاوروبية والقطرية لدعم الانظمة الوليدة والفاسدة في آن.
حين يؤمن الفلسطينيون بقيامتهم؟؟؟
بقلم: يحيى رباح عن الحياة الجديدة
ما زال مهرجان غزة الفتحاوي، يرسل اشعاعا في عقول المتابعين للشأن الفلسطيني، لأن هذا المهرجان كظاهرة غير مسبوقة ومفاجئة قياسا إلى العوامل المحيطة!!! وكفعل جماعي مبادر خارج عن المقاييس!!! لا يمكن إطفاء موجاته الصادرة عنه بسهولة، وإن بدأت المحاولات للوصول إلى هذا الإطفاء في اليوم التالي مباشرة، حين جرت محاولات تصغير الظاهرة ليصبح بمستوى الطامحين الصغار واللاعبين الصغار، بل إن بعض هؤلاء الصغار بدأوا يرددون إشاعات وحكايات صغيرة عن انجازات متوهمة تماما بدعوى أنهم هم الذين منعوا الأذى الوهمي عن تلك الظاهرة وإلا لما حدثت، وهذا شيء يثير الأسئلة والشكوك في آن واحد.
ما علينا!!!
وعودة إلى مهرجان غزة الفتحاوي، الذي شكل ظاهرة تتطلب المزيد من العمق والصدق في قراءتها، حتى لا تنطفئ بسرعة، ويعود « العي عي والصي صي» كما يقول المثل الشعبي الفلسطيني، ونسقط في قاع البئر من جديد.
اعتقد أن المهرجان، قد شكل هجوما معاكسا ضد نظرية الشرق الأوسط الجديد على الطريقة الإسرائيلية، التي تهدف منذ سنوات إلى إخراج العالم العربي من اللعبة تماما عبر تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وإدخاله في حالة مائعة دائما لا تستقر على حال، بدءا بتمزيق القضية الفلسطينية أرضا وشعبا وهدفا وآليات عبر هذا الانقسام الاسود الذي أبشع بشاعاته أنه لا يحظى بأي غطاء وطني أو سياسي أو أخلاقي على الإطلاق!!! لأنه فعل سياسي شاذ فإنه يفتك بحياتنا على كل المستويات.
المهرجان هو إعلان جمعي عميق وصاخب برفض قاطع لهذا التشيؤ الذي أصاب حياتنا السياسية، وأن هذا الرفض العميق الصاخب يأتي من غزة التي – حسب الأقاويل السياسية – ذهبت إلى الصحراء ولن تعود، وانسلخت عن الجسم والمسار والمصير الفلسطيني، ولن تلتئم ثانية!!! وأن هذه التقولات الإسرائيلية في الأصل سقط في هواها أطراف كثيرون دون مقاومة!!! وهكذا فإن غزة التي تعودت على هذا النوع من القيامات المفاجئة، مثلما حدث في إعصار 1952 وما تلاه من انتشار الأوبئة، وفي انتفاضة عام 1955 لإسقاط مشاريع التوطين في سيناء وغيرت وجه المنطقة، وتخلق حركة فتح في رحمها تحت تجربة الاحتلال عام 1956، واندفاعها الشامل نحو الثورة عام 1987 التي كانت إحياء لمنظمة التحرير الفلسطينية من موت محقق كان مخطط لها بإتقان، ولملمت كل طاقتها الإعجازية، وهذا المهرجات الظاهرة، الذي يتوجب على المثقفين والمبدعين وأذكياء السياسيين أن يسجلوا تفاصيله، والكيمياء التي حكمت تلك التفاصيل، وأن يتعرفوا على الملامح الأصلية التي لا يرد ذكرها في التقارير اليومية البلهاء، وأن يقرأوا الرسائل حتى لو كانت تلك الرسائل الإيجابية الملهمة صادمة لبعضهم!!!
و في هذا السياق، أريد أن أسجل بعض المفارقات والأمثلة التي تدل على أن المهرجان كان عبارة عن فعل مكثف أكبر ألف مرة من طرق التفكير السياسي السائدة في الساحة الفلسطينية.
المفارقة الأولى: كان هناك جدل كبير حول تحديد الموعد، في أي يوم يكون المهرجان، وكان المتجادلون يبذلون جهودا كبيرة للدفاع عن المواعيد التي يفضلونها ودحض المواعيد التي يقترحها غيرهم، وأخيرا حسم الأمر من قبل الهيئة القيادية المختصة بأن يكون يوم الجمعة يوم إجازة، وكانت الصدمة القاسية، أن فريقا من أولئك المتجادلين رفض رفضا قاطعا هذا اليوم، واعتبره كارثة، بدعوى أن يوم الجمعة يتناقض تناقضا مطلقا مع عادات غزة!!! لأن الناس في القطاع على حد زعم هؤلاء، يعدون الطعام في بيوتهم، وبعد الصلاة يتجمعون مع عائلاتهم لتناول الغداء، ثم لا يخرجون في قيلولة ما بعد الظهر!!! تصوروا بالله عليكم، أشخاصا في موقع القيادة الأولى، يفكرون بهذه الطريقة، يجهلون ملامح شعبهم، لا يعرفون شيئا عن نبضه، آلامه العميقة، انفجاراته المخبأة تحت الجلد، ووجعه الذي لا يضاهى، وحلمه الذي يمكنه من الاستمرار في الحياة!!! هل مهرجان غزة الفتحاوي يستمر في طرح هذه الأسئلة الكبرى، أم تتكاثر الأيدي العابثة لتكتم الأنفاس وتكتم الأسئلة؟؟؟
المفارقة الثانية: انه من بين الذرائع والحجج التي كانت تتذرع بها حركة حماس في عدم السماح بمهرجان لفتح في مكان مفتوح مثل ساحة الكتيبة أو ساحة السراي، هي المحاذير الأمنية، والتقارير التي تتراكم فوق بعضها حول تداعيات الأوضاع الأمنية واحتمالاتها الخطيرة، وأن أنهارا من الدماء يمكن أن تجري، وكوارث يمكن أن تحدث، ثم جاء هذا المهرجان الظاهرة، أكثر من مليون ومئتي الف شخص، رقم غير مسبوق في المئة سنة الأخيرة في العالم العربي ودون أدنى حضور أمني ولو بنسبة واحد في المليون، ويمر المهرجان بحالة سلمية مذهلة، حالة سلمية لم تشهدها المهرجانات والتجمعات التي حدثت في العقود الأخيرة في أرقى عواصم العالم!!! ولا حادث واحد مهما كان صغيرا، حتى التدافع بسبب الزحام كان حنونا، دون حوادث، ولا احتكاك سلبي مهما كان صغيرا، ولا جزئية خارجة عن السياق!!! لك الحمد يا إلهي العظيم الذي أودعت في هذا الشعب أسرارا بديعة خارج التوقعات.
لا أريد أن استفرد أكثر في ذكر الأمثلة والمفارقات، أحببت أن أقول فقط، ان الفلسطينيين حين يؤمنون بقيامتهم فإنهم يضعون هذه القيامة فعلا ويغيرون وجه هذه المنطقة فعلا، وهذا بالضبط ما أرادت غزة أن تقوله في مهرجانها الفتحاوي، فيا سيدتي غزة، يا ملكة الحب والحزن والغضب، لك التحية والسلام.
"مدخل إلى المصالحة المجتمعية"
بقلم: إياد أبو حجير عن وكالة معا
لا شك أن واحدة من أبرز تداعيات الانقسام الفلسطيني هي المخاطر التي تهدد السلم الأهلي والمصالحة المجتمعية بين مكونات الشعب الفلسطيني، فآثار الانقسام طالت جميع مناحي الحياة للفلسطينيين في الضفة الغربية وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، مما أثر سلباً على جميع المستويات سياسية كانت أو اقتصادية أو أمنية أو اجتماعية.
لكن ما نحن بصدده في هذه الورقة هو الانقسام الاجتماعي كأحد إفرازات الاقتتال الداخلي والانقسام السياسي الجغرافي الذي يهدد تماسك النسيج الداخلي الفلسطيني بل القضية الفلسطينية برمتها.
ومما لا شك فيه أن جهوداً عديدة بذلت بعد الانقسام من قبل مؤسسات المجتمع المدني والهيئات المهتمة بتحقيق المصالحة المجتمعية، ولكن لا يمكن الحديث عن المصالحة المجتمعية بمعزل عن المصالحة الوطنية بشكل عام وملفاتها الأساسية (إصلاح منظمة التحرير– الملف السياسي (الحكومة + الانتخابات) – الملف الأمني – ملف المصالحة المجتمعية)، ومع كل أسف بقيت جهود مؤسسات المجتمع المدني مقصورة إلى حد كبير على النخبة وتم عرض مبادراتها من اجل إنهاء الانقسام في صالونات وقاعات الفنادق بعيدا عن نبض الشارع ومعاناته اليومية جراء الانقسام.
أضف إلى ذلك أن المبادرات المطروحة من مؤسسات المجتمع المدني لإنهاء الانقسام كانت تتناول العموميات والخطوط العريضة ولا تهتم بالتفاصيل على أهميتها، وحرص القائمون على هذه المبادرات أن يقفوا على مسافة واحدة "دائما" من طرفي النزاع مما أفقدهم إمكانية توجيه اللوم إلى الطرف الأكثر تعطيلا لعملية المصالحة وأضعف مصداقيتهم وثقة الجمهور بهم.
وغنى عن القول أن تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة والبدء في تطبيق إجراءاتها على أرض الواقع يشجع ويساعد ويسهل فرص تحقيق المصالحة المجتمعيةـ على أن يرافق ذلك بالتوازي جملة من الإجراءات التشجيعية والتي تعمل على تهيئة المناخ المناسب مثل وقف التحريض الإعلامي وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين بدون استثناء.
ولعل الأجواء الايجابية التي سادت مؤخراً بعد الحرب الإسرائيلية العدوانية (عمود السحاب) على قطاع غزة، وبعد سماح حركة حماس لحركة فتح بالاحتفال بذكرى انطلاقتها يوم الجمعة 2013/1/4 في غزة تسهم بشكل فعلي في تسريع عجلة المصالحة المتعثرة منذ زمن، بعد التوصل إلى قناعات لدى الطرفين (فتح وحماس) أن لا غنى لأحدهما عن الآخر، وأن أحدهما لا يستطيع المضي قدماً لوحده في مشوار التحرير والعودة.
ومن هنا فإن مؤسسات المجتمع المدني مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتحمل مسئولياتها كذلك، وأن تسهم جدياً في تقريب وجهات النظر من جانب، وفي الضغط على الطرفين لتحقيق المصالحة الشاملة من جانب آخر. مستفيدة من الأجواء الإيجابية التي تحدثنا عنها آنفاً لتوظيفها من أجل المصالحة المجتمعية.
وقد عقدت العديد من اللقاءات وورش العمل حول المصالحة المجتمعية وآليات تطبيقها، وشملت مخاتير ورجال إصلاح وحقوقيين وناشطين في العمل الأهلي ومجموعات شبابية ناقشوا فيها آليات المصالحة المجتمعية وسبل تحقيقها، وخلصوا إلى اعتماد مبدأي التعويض والمسامحة لحل هذا الملف الشائك، وضرورة تهيئة الأجواء وتنقيتها لتسهم في خلق مناخ ايجابي للمصالحة مع توعية المجتمع بأهمية وضرورة المصالحة المجتمعية، وكذلك التأكيد على أهمية دور لجان الإصلاح في المرحلة القادمة بالتعاون والتنسيق الكامل مع الحكومة المقبلة في حال تشكيلها وأطراف الصراع (فتح وحماس) وذلك من أجل وضع مبادئ محددة وواضحة لإرساء أسس المصالحة المجتمعية وأهمها:
1. إعلان العفو العام عن كل من تورط في أعمال جرائم الانقسام باعتبارها جرائم سياسية، مع استثناء الأسماء الواضحة والبارزة والتي أمعنت في القتل وتلوث اسمها بحيث يكون التعامل معها بالمحاكمة والإبعاد خارج الوطن.
2. التعويض المادي وجبر الضرر:
- يتم التعويض بشكل متكافئ لجميع الضحايا (قتلى – جرحى – المتضررين مادياً) طبقا لعمل اللجان المختصة حسب القانون.
- تخصيص راتب شهري للمتضررين أو توظيف أحد أقربائهم في الوظيفة الحكومية.
3. التعويض المعنوي:
ويتم من خلال إطلاق حملة للتسامح والاعتذار لكل الضحايا بطرق وأساليب مختلفة إلى جانب التعويض المادي، ولا يقل التعويض المعنوي أهمية عن المادي نظراً لثقافة المجتمع وأهمية رد الاعتبار المعنوي والكرامة لأسر ضحايا الانقسام، ومن أمثلته:
- جمع المتضررين في أماكن عامة وتقديم الاعتذار لهم من القيادات السياسية مجتمعة.
- تفعيل الزيارات المتكررة إلى بيوت ودواوين العائلات بحيث يشارك فيها المسئولون والقيادات السياسية ولجان الإصلاح والمخاتير من كافة الأطياف.
- إطلاق حملة شعبية للتسامح والعفو ولذلك من خلال وسائل الإعلام، منابر المساجد، مؤسسات المجتمع المدني، المدارس والجامعات لترسيخ التسامح والمصالحة المجتمعية.
- حرمان كل من ثبت أنه ساهم بالقتل أو شارك به من العمل السياسي في الفترة القادمة كي لا تتم مكافئة من تسببوا أو شاركوا في أعمال خارجة عن القانون.
أما بخصوص آلية العمل فيمكن التوافق على تشكيل لجنة تحقيق وطنية مهنية تستقبل شكاوى المتضررين من النزاع منذ العام 2006 وتقدم هذه الملفات بعد التحقيق فيها للمجلس التشريعي للتوصية في إيجاد مخرج وطني لها يوازن بين مبادئ العدالة والمصلحة الوطنية.
على أن يتم التعاون بين اللجنة وحكومتي غزة والضفة وحركتي فتح وحماس لحل كافة الإشكاليات الفردية.
ويجب الإشارة هنا إلى:
1. وضع إطار زمني لإنهاء ملف التعويض ماديا ومعنويا حتى لا نبقى أسرى لأحداث الماضي على اعترافنا بألمها وقيمتها لدى المتضررين.
2.ضرورة تجنيد المصادر والدعم اللازم لإنجاح حملة التعويض.
3.ضرورة أن تتحمل حركتي فتح وحماس مسؤولياتهما بهذا الصدد وتذلل كل العقبات المحتملة خصوصا أن معظم الضحايا هم من أتباع وأنصار الحركتين.
4.تعهد الحركتين بشكل قاطع لكافة جماهير شعبنا بعدم اللجوء إلى العنف في حل خلافاتنا الداخلية، وتجريم ذلك قانونيا وأخلاقيا
5.أهمية دور الإعلام في هذه المرحلة، وخصوصا إعلام الحركتين المرئي والمسموع والمطبوع والمواقع الالكترونية في أن يكون إعلاما تصالحياً وتوافقيا.
لقاء الرباط ليس بديلاً عن حوار القاهرة
بقلم: دياب اللوح عن وكالة معا
بدعوة كريمة من حزب "الأصالة والمعاصرة" المغربي , تُعقد ورشة عمل حول المصالحة الفلسطينية في الرباط التي تستمر من (12/1/2013م) وحتى (17/1/2013م) , يشارك فيها حوالي أربعين شخصية فلسطينية ، من فتح وحماس طرفي الانقسام , والقوى السياسية الأخرى, والشخصيات المستقلة , وهيئة الوفاق الوطني , وقال إلياس العماري نائب رئيس الحزب في مؤتمر صحفي بالقاهرة :" إن المبادرة التي يقوم فيها حزبه ليست بديلاً عن الدور المصري في المصالحة , إنما تعتبر المبادرة دعماً وتكميلاً لهذا الدور" وأضاف في حديثه:" بأن مصر نهر كبير ونحن جداول صغيرة" , في دلالة على إدراك الحزب صاحب الدعوة لأهمية الدور المصري , وأن حزبه وبلاده المغرب رئيس لجنة القدس ليس في واردها لعب دور موازي للدور المصري ، وإنما بذل جهد إضافي لدعم الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الفلسطينية.
لإنجاح هذه الجهود التي يقوم بها حزب " الأصالة والمعاصرة" المغربي جرت اتصالات على المستوى الرسمي بين الأطراف ذات الصلة بملف المصالحة الفلسطينية وخاصة الأشقاء في جمهورية مصر العربية , وقد وجدت الوفود الفلسطينية التي حضرت إلى القاهرة من غزة والضفة والخارج كل التسهيلات اللازمة من السلطات المصرية , حيث تتزامن هذه الدعوة مع لقاء جمع حركتي فتح وحماس في القاهرة شارك فيها الرئيس محمود عباس , حيث استأنف الأشقاء في مصر جهودهم المخلصة لإنهاء الانقسام و تحقيق المصالحة الفلسطينية , والتي من المأمول أن تنطلق في نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل , لتنفيذ اتفاق القاهرة والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية , التي (الحكومة) سوف يكون لها دلالات عميقة على وحدة الموقف الفلسطيني وتعزيز العمل المشترك بين جميع أقطاب الساحة الفلسطينية لطي صفحة الانقسام الأسود.
هذه ليست الورشة الأولى التي تُعقد بدعوة من طرف ثالث لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية , وسبقها دعوات مماثلة من تركيا , ومن السويد , وقد قطعت شوطاً طويلاً في بلورة مفاهيم ومبادئ عامة , حول كيفية تحقيق المصالحة, لتعزيز دور الأشقاء في مصر وإنجاح مساعيهم المخلصة لإعادة الأوضاع في الساحة الفلسطينية إلى حالتها الطبيعية, , ومد جسور التعاون ، وبناء الثقة المتبادلة .
وتأتي هذه الدعوات الكريمة من الأشقاء والأصدقاء , وفي مقدمتها الدور المصري الذي يرعى المصالحة , في ظل عدم قدرة طرفي الانقسام , وكذلك عدم قدرة الأطراف الفلسطينية الأخرى في لعب دور فعال يساهم في وضع حد للانقسام الفلسطيني الذي يستفحل يوماً فيوماً في الواقع الفلسطيني , لذلك كان لا بد من تدخل طرف ثالث لجسر الهوة , والأشقاء في مصر وبحكم العلاقات التاريخية الحسنة والممتدة مع فلسطين , كانوا الأكثر قدرة للقيام بهذا الدور العظيم الذي بذلوا فيه كل ما بوسعهم من جهد مخلص ومتواصل , لنزع فتيل الأزمة بين الأخوة في فتح وحماس ووضع الواقع الفلسطيني على أعتاب مرحلة جديدة , فمصر كانت ولازالت الأكثر قدرة ولياقة من غيرها من الأطراف العربية للقيام بهذا الدور وتحقيق هذه الغايات السامية , وجميع الأطراف الفلسطينية بما فيها طرفا الانقسام فتح وحماس راضون عن هذا الدور المصري , والذي من المأمول أن يحقق نجاحات ملموسة , خاصة في ظل المناخ الوطني الجيد الذي ساد في غزة والضفة بُعيد حرب الأيام الثمانية , واعتراف المجتمع الدولي بفلسطين دولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة , والأجواء الاحتفالية لحماس في الضفة , وفتح في غزة , ونجاح فتح في استعادة حالتها الجماهيرية بشكل كبير , في دلالة على أنها لازالت حركة قوية نابضة وشريك أساسي في أية ترتيبات داخلية أو خارجية قادمة .
إن استثمار هذه المناخ السليم في الواقع الفلسطيني لإحراز تقدم ملموس في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية والأهلية والمجتمعية واستعادة الوحدة الوطنية ، لهي مسؤولية كافة الأطراف , لكي تكون النتائج بمستوى آمال وطموحات الجماهير الفلسطينية ، ومن المأمول بعد عقد هذه الورشة حول المصالحة في الرباط , واستئناف الجهد المصري , أن يحدث تحول جدي يعكس بشكل ملموس الإرادة السياسية العليا لدى كل الأطراف وخاصة طرفي الانقسام , فالجماهير التي خرجت في شوارع الوطن والشتات , تريد اتفاقاً فعلياً بمستوى إرادة الشعب الفلسطيني الذي عبر عن تلاحمه ووحدته على الأرض , من أجل خلق واقع أفضل يحفظ كرامة المواطن الفلسطيني ويجسد إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف.
ومضة: كم نحن؟
بقلم: د. صبري صيدم عن وكالة وفا
تشرفت قبل يومين وبقيادة الأستاذ الكبير طلال أبو غزالة وجمع من أبناء هذا البلد الطيب بإطلاق مبادرة "كم نحن؟" وهي خطوة فلسطينية أصيلة تهدف إلى حصر أعداد الفلسطينين حول العالم لأغراض ديمغرافية بحتة بعيدة عن السياسة وعالمها أو ربما قريبة كل القرب من السياسة وحرب الديموغرافية التي يفرضها الاحتلال.
وبين هذا وذاك سنقف مجتمعين أمام العالم بمسؤولية كاملة لنعلن وخلال فترة محددة وبعد مراجعة حثيثة لكل الدراسات الإحصائية والأرقام والبيانات السكانية عن العدد الحقيقي للفلسطينين حول العالم.
هذا القرار الذي سيشرف على تنفيذه ثلة طيبة من المختصين والذي يأتي من بنات الأفكار الخالصة لجمعية كلنا لفلسطين التي ترسخ اليوم جل جهدها على حصر وإبراز المبدعين الفلسطينيين أينما يكونوا سيشكل وبمهنية عالية منطلقا عدديا مهما لكل من احتار في تقدير أو قياس عدد الفلسطينين حول العالم.
فلطالما اجتهدنا عبر سنين طويلة بأننا نبلغ من العدد ثمانية ملايين أو عشرة ملايين أو حتى أكثر لذا ارتأينا اليوم أن نقطع الشك باليقين ونحسم تقديراتنا بأرقام حقيقية واقعية. أرقام تعكس تماما حقيقة واقعنا الديموغرافي.
النتائج كما نتوقع ستكون مذهلة وصادمة حسب لكنني لا أريد استباق تلك الأرقام وسأنتظر خانات الأعداد لتحسم الموقف. لذا أدعو القراء الأكارم وفي تمرين محدود أن يحتسبوا أعداد أسرهم في العام 1948 ويضيفوا نسب الازدياد والنمو العددي المتوقع لأسرتهم المباشرة ونسلها وتعدادها. وربما سيفاجأون بصغر العدد الذي سبق واحتسبوه!
"كم نحن؟" مبادرة فلسطينية استفزت مشاعر من كانوا حول الطاولة واتخذواالقرار باطلاقها بل واستنفرت دموعهم في مآقيها لأنها حاكت شجونهم ومعركة آبائهم وأبنائهم ممن أراد البعض أن يطمس هويتهم وأن يحولهم إلى شعب بلا أرض.
"كم نحن؟" مشروع أثار حمية إبن يافا البار طلال أبو غزالة فاغرورقت عيون الرجل فقال بجوارحه المنتفضة: "مستعد كامل الاستعداد أن أختم حياتي بهذا المشروع" فلم يستغرق قرار الجميع ثوان لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
نعم نحن نريد أن نعرف ويعرف أبناؤنا كم نحن لأننا لسنا عابرين للتاريخ والأنهار بحثا عن هوية بل لأننا أصلاء في رحم الإنسانية وأبناء لبطون الشعوب السامية التي سكنت فلسطين فسكنت في وجدانها فلسطين بالفطرة والسليقة والغريزة والمشاعر، فنحن إذا لسنا سكانا طوعيين لمقابر الأرقام بل نحن من حاول البعض قبرنا وسط أرقام التاريخ الحائرة.
فلنقطع اليوم حاجز التردد ولنبدأ معركة التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا بحصر عددنا في كل مكان نحن فيه ولنآزر هذه الخطوة قولا وفعلا. بل لنعمل على المساهمة في رفد العمل عليها بالمعلومة والدراسة وحتى الاقتراح والنقد. ولنستفد من مقومات التقانة الحديثة بكل وسائلها وأدواتها. فإن كنا قبل أعوام أبعاد بمسافة آميال عن منانا فنحن بعيدين اليوم سنتيمترات معدودة عن إنجاز مبادرتنا هذه بفضل الحريصين من أبناء وبنات هذا الوطن الأشم.
عن الانقسام وحقوق الإنسان مرة أخرى
بقلم : محسن ابو رمضان عن وكالة سما
اثر الانقسام بصورة شديدة على حالة حقوق الانسان والحريات العامة وسجلت منظمات حقوق الانسان العاملة بالاراضي الفلسطينية العديد من الانتهاكات التي ترتبت ليس فقط على تجاوز مبدأ سيادة القانون، من حيث تعطيل عمل المجلس التشريعي واصدار تشريعات من قبله بقرار من كتلة الاصلاح والتغيير فقط دون مشاركة باقي الكتل الانتخابية وبالمقابل اصدار قرارات من الرئيس بفعل القانون دون ان تمر قرارات المجلس التشريعي على الرئيس لأخذ المصادقة عليها ، ودون ان يتم اعتماد القرارات الصادرة عن المجلس التشريعي من خلال توقيع الرئيس ، الأمر الذي اخل بمبدأ سيادة القانون وانعكس ذلك على تسيس جهاز القضاء وعدم استقلاليته ،كما انعكس على انحياز الأجهزة الأمنية للسلطة القائمة وليس إلى النظام السياسي ودستوره أو قانونه الاساسي " كما هو معمول بالأنظمة الديمقراطية .
لقد تضررت كثيراً حلاة الحريات العامة وفتحت صفحات سوداء في كتاب حقوق الانسان ، منها الاعتقالات السياسية والاستدعاءات ، وتقييد الحق بالرأي والتعبير والتجمع السلمي ، ومنع توزيع الصحف التابعة للحزب المنافس ،والقيود على الحق في تكوين الجمعيات والنقابات ، واتخاذ سلسلة من الاجراءات والقرارات التي تخالف القانون الاساسي والقوانين الاخرى مثل القرار الصادر عن وزارة الداخلية رقم 48/2010 والذي يحظر نشاط الموظفين المدرجين على حكومة الضفة عبر العضوية في مجالس الإدارة أو الجمعيات العامة للمؤسسات الأهلية، علماً بأن هذا القرار يضرب احد المبادئ الجوهرية بالعمل الأهلي المبني على فكرة العمل الطوعي ، كما ينطوى على تسيس حيث ان الحرمان هو للطرف السياسي المنافس، وليس لكل الموظفين الحكوميين سواءً الذين يعملون في اطار حكومة الضفة الغربية أو قطاع غزة ، كما يحرم المنظمات الأهلية ومؤسسات القطاع الخاص من الاستفادة من كفاءات محددة بما سيضيف مساهمات نوعية في اطار المؤسسة المحددة .
استبشر العديد من المراقبين والمهتمين بالشؤون العامة وبحالة حقوق الانسان خيراً جراء بعض الخطوات التي اتخذت في كل من رام الله وغزة بخصوص الحريات العامة والحق بالتعددية السياسية ، ومنها السماح لحركة حماس باجراء مهرجاناتها الخاصة بالانطلاقة بالضفة وكذلك السماح لحركة فتح بإجراء مهرجانها بالانطلاقة بقطاع غزة ، اضافة إلى بعض الانفراجات الجزئية مثل السماح لبعض من ابناء فتح بالعودة إلى قطاع غزة .
إن الانفراجات الجزئية التي حصلت بالوقت التي تعتبر خطوات للأمام إلا أنها لم تشكل تحسناً نوعياً في سجل حقوق الانسان والحريات العامة ، فما زالت الوظيفة العمومية تخضع لقيود سياسية وفئوية، وما زالت الفاعليات الشعبية بحاجة إلى ترخيص ، علماً بأن القانون يتعارض مع ذلك ويؤكد على إبلاغ الشرطة لأهداف تنظيم حركة المرور وليس الحصول على اذن مسبق ، حيث ان الحق بالتجمع السلمي مكفول بحكم القانون ، كما يخشى ان تتحول تلك الخطوات إلى انفراجات جزئية وموسمية ومؤقتة أو على احسن الاحوال إدارة ناعمة للانقسام علماً بأن اية مصالحة ولكي يكتب لها النجاح يجب ان تستند إلى احترام قيم ومبادئ حقوق المواطنين.
لقد عانى شعبنا الكثير جراء الحصار غير الشرعي المفروض من اللجنة الرباعية الدولية واعتبرته منظمات المجتمع المدني شكلاً من اشكال العقاب الجماعي ، وارتفع الصوت المطالب بحرية الحركة للبضائع والأفراد ،وقد كانت هذه المسألة احدى القضايا الرئيسية التي ركزت عليها المقاومة في مفاوضات التهدئة التي رعته القاهرة، إلا أن الغريب استمرار السياسية والاجراءات المستمدة من بعض الأنظمة القديمة على معبر رفح من خلال استجواب المسافرين عن جهة السفر والأسباب ، علماً بأن هذا الاجراء مخالفاً للقانون ويشكل تعدياً على الحريات الخاصة وهدراً لكرامة المواطنين ، والسؤال هنا كيف نطالب العالم بفتح معبر رفح والسماح بحرية الحركة للبضائع والأفراد وتدشين منطقة تجارية حرة على الحدود المشتركة مع مصر بالوقت الذي يتم به اتخاذ اجراءات من المضايقة وتنغيص صفوة المواطنين عند السفر ،إن تلك الإجراءات تتم بالوقت الذي ندرك جميعاً ان المسافرين جميعهم لديهم اسبابهم الوجيهة للسفر مثل التعليم أو العلاج أو المشاركة في مؤتمرات وطنية من خلال نشطاء المجتمع المدني من المنظمات الأهلية والإعلاميين والمثقفين والاكاديمين ورجال الأعمال من اجل المساهمة في كسر الحصار عن قطاع غزة أو في الدفع باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية أو عكس معاناة شعبنا وحالة الفقر والبطالة جراء سياسة الاحتلال والحصار مع منظمات المجتمع المدني العربية ، او استنهاض حملة التضامن الشعبي الدولي مع قضية شبعنا العادلة من خلال حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على دولة الاحتلال ، ومن اجل نزع الشرعية عنها .
من حق الحكومة القائمة في أي مكان اتخاذ اجراء بحق المسافر إذا كان هناك قضية بحقه صادرة من المحكمة أو ان هناك قراراً قضائياً مسوغاً ، ولكن بدون ذلك فإن اية اجراءات تندرج في اطار التعدي على حقوق الانسان وكرامة المواطنين، واعتقد أنه من المناسب قيام الحكومة في غزة بالعمل على تشجيع نشطاء المجتمع المدني من اجل الاستمرار في عملهم الدءوب المناهض للاحتلال والحصار بدلاً من ممارسة خطوات بعيدة عن ذلك .
آمل مما تقدم ان يتم الانتباه من قبل صناع القرار وخاصة أ. اسماعيل هنية رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية في غزة لتلك المسألة ، لأن كرامة المواطن هي اساس مشروع الصمود والمقاومة وأن الفهم العصري للتنمية يتجسد عملياً في تنمية الانسان وتمكينه ، وذلك عبر التعامل المبنى على احترام حقوق الانسان وحرية وكرامة المواطنين بما في ذلك الحق بحرية التنقل والسفر .
معايير حقوق الإنسان تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة
بقلم: حنا عيسى عن وكالة pnn
ترافق الاحتلال الحربي الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 بإنتهاكات مستمرة وخطيرة لحقوق الإنسان الفلسطيني، فقد ارتكبت سلطات الاحتلال إنتهاكات جسيمة بحق الفلسطينيين المقيمين في الأراضي المحتلة، وصلت احياناً حد جرائم الحرب ضد الانسانية. كل ذلك خلافاً للأسس والمبادئ التي يقوم عليها القانون الدولي المعاصر بفرعيه المذكورين سابقاً القانون الدولي الانساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتباينت مواقف الدول ووجهات نظر فقهاء القانون الدولي حول مسألة انطباق المعايير الدولية لحقوق الإنسان في أوقات النزاعات المسلحة، وما ينشأ عنها من حالات احتلال حربي، فمن منطلق الايمان بعالمية وشمولية حقوق الإنسان، هناك من ينادي بوجوب سريان القانون الدولي لحقوق الإنسان في أوقات الحرب والسلم على السواء، وعدم إقتصار تطبيقه على أوقات السلم فقط. وفي المقابل، هناك من يعتقد بأن سريان القانون الدولي لحقوق الإنسان يقتصر على أوقات السلم فقط، ولا ينطبق بالتالي في أوقات النزاعات المسلحة وحالات الاحتلال الحربي، لأن هذه الحالات تدخل ضمن اختصاص القانون الدولي الانساني.
وكانت القرارات الدولية في هذا الصدد غاية في الصراحة والوضوح، فطلبت من كافة الدول الاعتراف بمبدأ عالمية وشمولية حقوق الانسان، والذي يتطلب تطبيق مبادئ وقواعد القانون الدولي لحقوق الانسان في وقت السلم كما في أوقات النزاعات المسلحة، وما قد ينشأ عنها من احتلال حربي.
كما عمل مؤتمر فيينا لحقوق الانسان المنعقد بتاريخ 25 حزيران / يونيو 1993، بمشاركة ممثلين عن 171 دولة، على تثبيت هذا المبدأ بتبنيه إعلاناً (إعلان فيينا) يعترف بالطبيعة العالمية لقضايا حقوق الانسان والحريات الاساسية. وفي هذا السياق، شدد المؤتمر على ضرورة توافق ممارسات الدول المشاركة في النزاع المسلح مع قواعد وأحكام القانون الدولي الانساني من جهة، ومع المعايير الواردة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان من جهة ثانية.
وقد جاءت القرارت التي تضمنها الاعلان الصادر عن مؤتمر فيينا مطابقة لنصوص قرار الجمعية العامة لأمم المتحدة رقم 2675 (دورة رقم 25) لسنة 1970. وتضمن اعلان فيينا ايضاً المعايير الاساسية الواجب اتخاذها لحماية السكان المدنيين وقت النزاعات المسلحة، ونص على " ضرورة تطبيق المعايير الاساسية لحقوق الانسان التي نص عليها القانون الدولي، وكفلتها الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان إبان النزاع المسلح".
وقد خلصت اللجنة الاوروبية لحقوق الانسان الى وجوب تطبيق القانون الدولي لحقوق الانسان اثناء النزاعات المسلحة. فمثلاً، قضت اللجنة المذكورة بقبول إدعاء قبرص القاضي بأن تركيا قامت خلال غزوها لهذه الجزيرة عام 1974 بإنتهاك العديد من معايير الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان والحريات الاساسية.
واعتبرت اللجنة أنه يتوجب على تركيا بصفتها محتلاً حربياً احترام وتطبيق القواعد التي نصت عليها الاتفاقية الاوروببية لحقوق الانسان، حتى في هذه الحالة. ورأت اللجنة أنه طبقاً لما نصت عليه المادة الاولى من الاتفاقية الاوروبية لحماية حقوق الانسان، فإنه يقع على عاتق الدول الاطراف مسؤولية حماية الحقوق والحريات الاساسية لكافة الاشخاص المتواجدين تحت سلطتها الفعلية في الاراضي الخاضعة لسيادتها وخارجها. وخلصت اللجنة الى نتيجة مؤداها أن ممارسات تركيا تجاه مواطني شمال الجزيرة القبرصية تمثل انتهاكات لإلتزاماتها التعاقدية بموجب الاتفاقية الاوروبية المذكورة.
كما جاء على لسان الامين العام للامم المتحدة أنه "يتوجب تطبيق معايير حقوق الانسان التي نص عليها ميثاق الامم المتحدة في حالات السلم والحرب دون تمييز"، مضيفاً: "أن المعايير الواردة في الميثاق تساهم في رفع مستوى وفي تشجيع احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للجميع دون استثناء".
كذلك اكد أمين عام الامم المتحدة يوثانت في كلمة ألقاها في المؤتمر الدولي الاول لحقوق الانسان الذي عقد في طهران عام 1968، على وجوب تطبيق اتفاقيات الامم المتحدة لحقوق الانسان كالإعلان العالمي، اتفاقية حظر ومعاقبة جرائم الابادة، والعهديين الدوليين لحقوق الانسان في وقت السلم والحرب معاً.
هذا وقد تم تضمين الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الانسان أحكاماً تؤكد سريانها على الاراضي المحتلة. فمثلاً، نصت المادة (2/1) من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن تتعهد الدول الاطراف بإحترام حقوق الاشخاص الموجودين في اقليمها وتحت ولايتها. يمكن أن يفهم من هذا النص ضرورة إلتزام دولة الاحتلال بتطبيق احكام هذا العهد على سكان الاراضي التي تحتلها. وهذا ما ورد في تقرير الامم المتحدة لحقوق الانسان، عندما نص على سريان معايير العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في حالات الطوارئ العامة، بما في ذلك حالة النزاع المسلح.
لكن اسرائيل تصر على رفض تطبيق الاعلان العالمي والعهدين الدوليين لحقوق الانسان وغيرهما من الاتفاقيات والمواثيق الدولية على الاراضي الفلسطينية المحتلة. فقد جاء على لسان المستشار القانوني لوزارة الخارجية الاسرائيلية عام 1948: "ان الاعلان العالمي والعهدين لا يسريان على الاراضي الفلسطينية المحتلة، نتيجة للوضع الاستثنائي للعلاقة بين قوة الاحتلال وسكان الاقليم المحتل، والتي تقع خارج دائرة ونطاق قانون حقوق الانسان".