-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 302
اقلام واراء محلي 302
23/1/2013
حديث القدس: من ائتلاف متطرف إلى تحالف أكثر تطرفا
بقلم: أسرة التحرير عن جريدة القدس
جرت أمس الانتخابات النيابية الاسرائيلية وكانت نتيجتها شبه محسومة لصالح اليمين الأسرائيلي. ولم يكن أحد يشكك في فوز حزب بنيامين نتنياهو و"شركائه الطبيعيين"- على حد وصفه، من المتطرفين اليمينيين والأحزاب الدينية المؤيدة للاستيطان. وبحسب النتائج الأولية فإن هذه التوقعات كانت صادقة، وهناك أغلبية واضحة للتيار اليميني الاستيطاني في الكنيست المقبلة.
ومع أن هذه الانتخابات هي شأن داخلي يهم الاسرائيليين بالدرجة الأولى، فإن القضية الفلسطينية وما يظهر منها، أو لا يظهر، في البرامج الانتخابية للأحزاب المشاركة في الانتخابات هي التي يلتفت إليها العالم كله، وليس الفلسطينيين فقط، أو العالم العربي معهم، بطبيعة الحال.
ما لاحظه المراقبون في هذه الحملة الانتخابية هو غياب السلام والمفاوضات ذات المصداقية عن برامج الأحزاب السياسية الاسرائيلية الكبيرة، وهذا بحد ذاته مؤشر لافت للنظر بخصوص تصاعد وصعود التيارات اليمينية في المجتمع الاسرائيلي الذي يقال إن غالبيته تؤيد حل الدولتين والتسوية السلمية مع الفلسطينيين. لكن هذه المقولة تتناقض جذريا مع التصويت العام في صناديق الاقتراع، الذي يرسل للكنيست نوابا غالبيتهم من المتطرفين المؤيدين للاحتلال والاستيطان، ويطالب بعضهم علنا بضم مساحات من الضفة الغربية لاسرائيل.
إن خفوت أصوات الاعتدال وتقلص عدد الداعين إليه في الساحة السياسية الاسرائيلية ينذر بتداعي العملية السلمية، أو على الأدق استمرار هذا التداعي والجمود خلال السنوات الأربع القادمة. وهذا يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في مواجهة التعنت والتطرف الحالي لدى القادة الاسرائيليين، وهي ظاهرة من المؤكد أنها ستتفاقم نتيجة للتركيبة القادمة للحكومة الاسرائيلية، والتي بحسب كل التكهنات والتحليلات لن تكون حكومة سلام، وإنما ستكون استمرارا وتعزيزا لسياسات حكومة نتنياهو الراهنة، في الحيلولة دون تحقيق السلام العادل المقبول على الشعب الفلسطيني والأسرة الدولية.
فالأغلبية النسبية التي سيمتلكها تحالف اليمين منفردا، ستعززها أحزاب مما يسمى بالوسط أبدت استعدادها للائتلاف مع نتنياهو عشية إجراء الانتخابات، ومنها حزب "كاديما" برئاسة تسيبي ليفني، وحزب "هناك مستقبل" برئاسة يائير لابيد. وهذه الأحزاب التي تصف نفسها بالوسطية، إذا انضمت لائتلاف نتنياهو، لن تكون أكثر من ديكور تجميلي لحكومة نتنياهو، من شأنه أن يضلل الرأي العام العالمي، ويتيح للحكومة اليمينية المقبلة أن تطلق يدها في تنفيذ مششاريع التوسع الاستيطاني، في الوقت الذي ينشغل العالم فيه بترقب قيام الوسط بدور ما في تحفيز عملية السلام، وهو دور لن يقوم به الوسط، لأن قدرته على التحرك وسط ائتلاف يميني متطرف ستكون محدودة، وربما مشلولة.
لقد أضاع المجتمع الدولي عقودا وسنوات عديدة في انتظار حكومة اسرائيلية قادرة وراغبة في تحقيق السلام، لكن هذا الانتظار كان عبثيا. وحان منذ وقت طويل أوان التحرك العالمي الجاد والفعال لفرض الحل العادل الذي يحقق السلام والأمن والاستقرار لشعوب المنطقة كلها. ولن يؤدي مزيد من الانتظار والسلبية إلا لتصعيد مخاطر التطرف والمواجهات التي قد تمتد إلى خارج الشرق الأوسط، وربما تهدد السلام العالمي. وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك قبل فوات الأوان، وأن لا يعود إلى سباته في انتظار انتخابات اسرائيلية أخرى بعد أربع سنوات، ستزيد التطرف تطرفا، والاستيطان تغول، اوالسلام العادل ابتعادا وجمودا.
اسرائيل وإنهاء مشروع الدولة الفلسطينية
بقلم: أسامة عبد الرحمن عن جريدة القدس
في أعقاب نجاح مسعى السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة بحصول فلسطين على صفة دولة غير عضو بأغلبية كبيرة في تصويت الجمعية العامة على ذلك، قررت اسرائيل اتخاذ إجراءات عقابية تمثلت في إقرار بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية، الأمر الذي يمثل تكثيفاً في بناء المستوطنات على الأرض الفلسطينية، ويقضي على مبدأ حل الدولتين وتهدف اسرائيل من وراء ذلك إلى فرض سياسة الأمر الواقع، وفرض وقائع على الأرض تناقض ما صدر من قرارات دولية وتضرب عرض الحائط بالقانون الدولي والشرعية الدولية .
ولعل هذا القرار في توقيته لا يمثل إجراء عقابياً للسلطة الفلسطينية فحسب . ولا للشعب الفلسطيني فحسب، ولكنه يمثل صفعة قوية للأمم المتحدة ورد فعل مباشر على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة برفع تمثيل فلسطين ومنحها صفة الدولة غير العضو .
وتحاول اسرائيل بهذا الإجراء العقابي أن تبين أنها هي القادرة على فرض إرادتها على أرض الواقع وأن قرار الأمم المتحدة لا يغير من واقع الحال شيئاً . وفي هذا استخفاف بالأمم المتحدة التي اكتسبت من خلالها اسرائيل وجودها واستهتار بالقانون الدولي والشرعية الدولية، وهو يمثل نهجاً دأبت اسرائيل على تطبيقه منذ نشوئها، لترسيخ مشروعها..
إن إقرار بناء آلاف الوحدات الاستيطانية على الأرض الفلسطينية ليس بالضرورة وليد حدث جديد وإن جاء في أعقاب نجاح المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة وأبرزته اسرائيل كإجراء عقابي . وهو ليس حدثاً جديداً ولكنه حلقة في مسلسل استعماري متواصل منذ البداية . وإذا كانت اسرائيل تعتبره في هذا التوقيت إجراء عقابياً فإن وجوده في حقيقة الأمر إجراء عقابي متواصل باستمرار تواصل بناء المستوطنات على الأرض الفلسطينية .
وإذا كانت الأمم المتحدة تعتبر الاستيطان غير شرعي فإنها غير قادرة على تجسيد ذلك على أرض الواقع . وهكذا تبدو الأمم المتحدة عاجزة عن تطبيق ما تقضي به الشرعية الدولية . في وقت تفرض فيه اسرائيل على أرض الواقع كل قراراتها وممارساتها غير الشرعية . كما أن القوى الغربية ذاتها تعتبر الاستيطان غير قانوني ولكنها تبارك الاستيطان بما تقدمه لاسرائيل من مساعدات وهبات مالية تساعدها على مواصلة بناء المستوطنات .
إن المواقف الغربية بعيدة تماماً عن المصداقية، ذلك أنها تنقض ما تعلنه من أن الاستيطان غير قانوني . ولعله بهذا الدعم تستمرئ اسرائيل مواصلة بناء المستوطنات الاسرائيلية على الأرض الفلسطينية ولا تعير قرارات الأمم المتحدة أي اهتمام وتضرب بها عرض الحائط، وتفرض الوقائع التي تريدها على الأرض الفلسطينية .
لقد اتخذت اسرائيل إجراء عقابياً آخر في أعقاب نجاح المسعى الفلسطيني في الجمعية العامة بحصول فلسطين على صفة الدولة غير العضو تمثل في حجز المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي قد يؤدي إلى شل قدرة السلطة الفلسطينية على تسيير الحياة المعيشية ويمثل تضييقاً مالياً واقتصادياً قد يثير احتقاناً داخلياً واضطراباً في الوضع الفلسطيني ..
ولعل هذا الإجراء العقابي يمكن تجاوزه بدعم عربي حقيقي يرفع عن السلطة الفلسطينية الضيق المالي، مع أن ما تتخذه اسرائيل من إجراء بحجز المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية هو سطو على حق ومخالفة للقوانين والأنظمة الدولية . ولكن تبدو اسرائيل دائماً غير عابئة بالقوانين والأنظمة الدولية ولا تتورع عن مخالفتها وانتهاكها تماماً كما تنتهك الحقوق الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، سواء من خلال سياسة بناء المستوطنات أو من خلال ممارساتها القمعية ضد الشعب الفلسطيني والمتمثلة في التشريد والتهويد والحصار .
أطراف النهار: "حماس"، الانقلاب الثالث
بقلم: حسن البطل عن جريدة الأيام
تهكّم الفلسطينيون على دخول بلادهم، بالمسخن والمفتول، موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية.. الطريفة؛ ويتهكّمون على "طبخة الصلحة" على نار هادئة (أو حامية أحياناً) مدة خمس سنوات، وهم يقلبونها حتى "لا تشوشط" أو أنها مثل طبخة البحص الشهيرة في المرويات الشعبية.
طبخة المصالحة نطحت رقماً قياسياً، لكنها ليست طريفة، أو أن موسوعة "غينيس" ليست معنية بطرافتها (زناختها أو سماجتها!) لأن جولاتها أكثر عدداً من أصابع اليدين والقدمين كذلك.. وقد تذكّرنا بمفاوضات "ستارت" للحدّ من الأسلحة الاستراتيجية.
في آخر جولة تصالحية في القاهرة، وضعت الطبخة، التي كادت تشوشط، في صحن كبير ووضع الصحن في "الميكرويف" لتسخينه، وقيل إنها، أخيراً، صفقة رزمة شاملة... تهمنا قبل أسباب سلطة رام الله أسباب الحكومة المقالة في غزة، طالما دأبت الأولى على طلب الثانية للرقصة على الديسك.
فوجئ الكثيرون، وأولهم "حماس" وإسرائيل.. وحتى "فتح"، ايضاً، بـ "مليونية" ساحة "السرايا" بعد قليل من "ملحمة" صمود "حماس" في "حجارة السجيل" أي "عمود السحاب"، وهي أول جولة قتال وإخوان مصر في رئاستها، وكانت مصر وسيطة الهدنة الجديدة وراعيتها.. وضامنتها!
تعرف الأطراف الثلاثة المعنية: "حماس" وإسرائيل ومصر، أن الضمانة المصرية هي قيد على تجدد الجولات، أقلّه في الزمن القريب. "حماس" وصفت الجولة بـ "حجارة السجيل" وكان "حزب الله" وصف جولة حرب لبنان الثانية (العنب المرّ) بـ "معركة الفرقان".
منذ العام 2006 لم تتجدد جولات لبنان بين الحزب وإسرائيل لأسباب سورية (الحرب الأهلية) ولبنانية بالتالي. من المستبعد أن يرسل الحزب صواريخه من جديد إلى "حيفا وما بعد حيفا" فقد وصلت صواريخ "حماس" إلى تل أبيب والقدس.
بعد "حجارة السجيل" حصلت "حماس" على إنجازات ميدانية (تخفيف الحصار) وسياسية (اعتراف أطراف عربية وعالمية وزيارتها غزة).. والأهم مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل برعاية مصرية.
يقولون في إسرائيل، علناً، إن خطر سلطة رام الله السياسي، وخاصة بعد عضوية دولة ـ مراقبة، يفوق خطر سلطة غزة العسكرية. إسرائيل لا تريد قفير نحل غزة أصلاً، فليبتلعها البحر أو مصر أو تحكمها "حماس" لتكون شوكة في حلق الدولة الفلسطينية (يقولون هناك: أبو مازن لا يمثل نصف شعبه ولا يحكمه).
سننظر من فرجة جولة المصالحة الأخيرة من الزاوية التالية: هذا هو مشروع الانقلاب الحمساوي الثالث (التصحيحي) بعد انقلاب 2006 الديمقراطي، وانقلاب 2007 العسكري، وهدف الانقلاب هو "التحكم" بمنظمة التحرير لتكون بمثابة "رموت كونترول" يتحكم بحركة السلطة سياسياً، باعتبارها مرجعية السلطة.
تراهن "حماس" على أن انتخابات المجلس الوطني، وهي بالانتخاب في فلسطين.. وبالتعيين التوافقي على الأغلب في بلاد الشتات، ستعطيها حجماً مؤثراً جداً أو "حاكماً" بالمجلس الوطني، فهي حاربت وصمدت وضربت تل أبيب.. والفلسطينيون في الشتات راديكاليون ويفضلون المقاوم على المفاوض؟
غزة هي غزة بالنسبة للجميع، لكن الضفة هي "يهودا والسامرة" بالنسبة لإسرائيل، فإذا سيطرت "حماس" على الضفة بالانتخاب، سيكون أمام إسرائيل فرصة للقول: فلسطين إسلامية؛ مقابل إسرائيل يهودية.. ولا مانع من هدنة لعشرة أو عشرين أو أربعين سنة كما فعل البعث السوري.
تعرف "حماس" أن تطبيق "نموذج غزة" المقاوم في الضفة له أثمانه الفادحة، وإسرائيل ستخوضها "حرب وجود" بينما الاحتجاجات والمقاومة السلمية الجارية مرشحة للتوسع وللتصاعد وإحراج إسرائيل أمام العالم.
لنفترض أن الأمور تسير في مجاريها، وأن حكومة فنيين سترى النور، وتكون مهمتها الإعداد للانتخابات في غضون ستة شهور، وأن المفاوضات الصعبة مع إسرائيل في الغضون ستمتحن الحكومة المشتركة، وتبرر لحماس التنصل من "صفقة الرزمة" أو عرقلتها، أو وضع العصي في دواليبها، بينما ترفع "حماس" مظلة شرعية المشاركة المؤثرة في المجلس الوطني والمنظمة، لتستخدمها للتحكم في شرعية السلطة.
مع هذا، لا بأس من جولة جديدة ومحاولة أخرى، مع أن الناس ترى أن هذه طبخة بحص أو أنها "شوشطت" رغم تقليب الطبخة في جولات على مدى خمس سنوات!
المنطق السليم أن تكون الانتخابات هي البند الأول وليس البند الأخير.. ومع ذلك فأمر حسن أن يتفاوض الفلسطينيون على الصلحة خمس سنوات، وفي غضونها ها نحن أمام عالم عربي آخر تغير بعنف وبغير مفاوضات بين النظام والشعب.
الانتخابات الإسرائيلية: ملاحظات ما قبل النتائج!!
بقلم: هاني حبيب عن جريدة الأيام
لا شك أنه من الصعوبة بمكان الحديث عن نتائج الانتخابات الإسرائيلية وآثارها على القضية الفلسطينية قبل ساعات من الإعلان عن هذه النتائج، لذلك آثرت، تهرباً من هذه الصعوبة، أن أتناول هذه الانتخابات من خلال إبداء بعض الملاحظات المتصلة بها، خاصة وأنها تجري في ظل ظروف إسرائيلية داخلية مختلفة وفي إطار إقليمي جديد كلياً، من هنا يمكن لهذه الملاحظات، أن تلقي الضوء على العملية الانتخابية الإسرائيلية بصرف النظر عن نتائجها.
وتعكس الانتخابات للكنيست التاسعة عشرة متغيراً بارزاً، إذ إن الـ 32 كتلة وقائمة انتخابية تتسابق على الفوز بأكثر المقاعد في البرلمان الإسرائيلي، تضمنت برامجها بشكل رئيسي أجندة ذات أبعاد داخلية، اقتصادية واجتماعية، وغابت عن هذه الأجندات الجوانب السياسية بما فيها وعلى رأسها، العملية التفاوضية مع الجانب الفلسطيني.
يعلل بعض المحللين هذا الغياب للجانب السياسي، بأن الأمر بات مسلّماً به، اليمين قادم بتحالف مع اليمين الأكثر تطرفاً، وأجندة حكومة نتنياهو القائمة الآن ستتجدد بهذا الشأن، وهي، هذه الأجندة، تلقى صدىً واسعاً من الجمهور الإسرائيلي الذي اختبره وتأكد من أن اليمين الإسرائيلي قد لا يلتزم تماماً بشعاراته الاقتصادية والاجتماعية التي يتبناها أثناء الحملات الانتخابية، إلاّ أنه سيظل وفياً لشعاراته المرتبطة بالاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
لذلك، فإن معظم الكتل الانتخابية، لم تتطرق إلى هذا الشأن، كون الرأي العام الإسرائيلي الذي بات متوازياً ومستجيباً لتطرف اليمين، بات أكثر التزاماً بتكتلات وائتلافات اليمين واليمين المتطرف، بينما يرى بعض آخر من المحللين الإسرائيليين، أن الرأي العام بات مهتماً أكثر بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية بعدما أصبح آمناً على حياته من دون أي تهديد خارجي، ويذكر هذا البعض على سبيل المثال، أن الجمهور بات أكثر تمسكاً باليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو، رغم الحصيلة المتواضعة لنتائج الحرب الإسرائيلية الثانية على قطاع غزة، ذلك أن هذه الحرب وفرت في نهاية الأمر استقراراً وأمناً لجنوب إسرائيل لم يحدث منذ أعوام، وحتى بعد أن زار نتنياهو، حائظ البراق في نفس يوم الانتخابات، لم يجد هذا الحدث الانتخابي الخطير أي ردود فعل فلسطينية، كما حدث عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق المسجد الأقصى في خطوة استعراضية، إذ كانت ردود الفعل الفلسطينية انتفاضة شعبية كبرى استمرت لخمس سنوات من العام 2000 إلى العام 2005، الأمر الذي يشير إلى أن الجمهور الفلسطيني بات آمناً مع حكومة اليمين وان المهم بالنسبة لهذا الجمهور، بعد توفر الأمن، توفر حياة أكثر رغداً للجمهور الإسرائيلي.
وبعد موجة الصقيع والعواصف قبل أيام قليلة من يوم الاستحقاق الانتخابي في إسرائيغل، كان هناك تخوفات من أن تعاود هذه الموجة أثناء وعملية الاقتراع ما يؤثر على نسبة التصويت، غير أن بعض المحللين الإسرائيليين أشاروا إلى أن الأمر هو غير ذلك، إذ إن موجة الصقيع والعاصفة ستؤثر حتماً على نسبة التصويت، غير أن الأجواء الربيعية التي سادت أثناء يوم الانتخابات، أدت إلى أن عائلات عديدة، انتهزت يوم العطلة والأجواء الربيعية، لأخذ إجازة بعيداً عن صناديق الاقتراع، غير أن هذا الرأي الأخير ظل بعيداً عن الواقع، إذ إن نسبة التصويت قد زادت فعلاً بحوالي خمسة بالمئة مقارنة مع الانتخابات الثلاثة الأخيرة، إلا أن نسب التصويت بين "الطوائف والإثنيات"، ظلت على حالها، إذ إن نسبة تصويت "الحريديم" والمستوطنين بلغت حتى بعد ظهر أمس ـ يوم الانتخابات ـ 90 بالمئة، بينما بلغت النسبة لدى العلمانيين والليبراليين حوالي 60 بالمئة، في حين تناقصت نسبة المصوتين العرب من 55 بالمئة إلى حوالي 45 بالمئة، إلاّ أن هذه النتائج ليست نهائية بطبيعة الحال.
وما دام الحديث عن الصوت العربي في الانتخابات الإسرائيلية، استمعت إلى شهادات من ناخبين عرب في النقب، وخاصة من قرية "أم الفحم" وهي "غير معترف بها"، وفقاً للقانون الإسرائيلي، وحيث إن قانون الانتخابات يسمح للمواطنين الناخبين ممن يعيشون في مناطق ليس بها صناديق اقتراع، على بعد 20 كيلومتراً وأكثر، أن يتنقلوا في المواصلات العامة على نفقة الدولة، لكن مواطني أم الفحم، وهي قرية ليس بها أي صندوق اقتراع، ويبعد الصندوق الأقرب 60 كيلومترا.
لم ولن يتمكنوا من الاقتراع لو أرادوا، لأن قريتهم، غير المعترف بها، لا تمر بها وسائل النقل العامة، رغم ذلك، تقول الشهادات التي استمعت إليها، إن هناك ثلاثة مرشحين عربا من منطقة النقب، بالكاد غادروا القرية والمنطقة لدفع الناخبين إلى التصويت لصالحهم، دون أن يعلم هؤلاء أن ذلك لن يجدي نفعاً، كون الناخبين هؤلاء لا يستطيعون الوصول إلى صناديق الاقتراع، وكان من الأولى بهؤلاء المرشحين، السعي لتوفير فرص الاقتراع للمواطنين أو توفير وسائل النقل الخاصة لدفع مواطني "أم الفحم" والقرى المشابهة إلى الوصول إلى مراكز التصويت!
وبطبيعة الحال، فإن هذه الملاحظات، وكثير غيرها، ستوضع جانباً بعد لحظات من إعلان نتائج الانتخابات، إلاّ أن الأمر لن يستمر طويلاً، إذ من الضروري أن تؤخذ بالاعتبار في المسيرة السياسية "للوسط العربي" على وجه الخصوص، كونه يخوض نضالاً بالغ الصعوبة في ظل سيادة ظواهر العنصرية والفاشية، ويمكن القول، إن الحياة السياسية للوسط العربي في إسرائيل، تعاني مما تعانيه الحياة السياسية لعموم الفلسطينيين من انقسام وتشرذم، إلاّ أن هذه الملاحظة لا تتعلق فقط بما قبل النتائج، ولكن لما بعدها على الأرجح، بكل أسف!!
جراحا لا تبرأ وملفات لا تغلق
بقلم: يحيى رباح عن الحياة الجديدة
منذ سنوات ونحن فلسطينيا عالقون في هذا النموذج الذي دفعنا إليه أعداؤنا الإسرائيليون برضى ومساعدة حلفائهم الأقوياء وعلى رأسهم الولايات المتحدة .
منذ العام 2000, بعد فشل محادثات كامب ديفد الثانية, تحولت حياتنا الوطنية في فلسطين إلى هذا النموذج القاسي, يوما بيوم, دون قدرة على تجاوز الحالة إلى مدى أبعد, لدرجة أن اليمين الإسرائيلي أصابته أوهام بتصفية القضية الفلسطينية وشطبها من الوجود !!! وجاء هذا الائتلاف الحالي الذي يقوده نتنياهو والذي ذهب إلى الانتخابات المبكرة لكي يوهم نفسه بأن القضية الفلسطينية لم تعد موجودة !!! وذلك بطبيعة الحال على خلفية الانقسام الذي يواصل طريقه في العام السادس على التوالي, والذي يرسم لنا في كل لحظة صورة مشوهة, وأجندة مزورة, وأجواء اشتباك وتراشق داخلي, يعطي للاحتلال الإسرائيلي فرصة لكي يغسل يديه من دمائنا .
هذا الحالة، لا تسير على وتيرة واحدة, ونحمد الله على ذلك, بسبب أن القيادة الفلسطينية امتلكت الجرأة على وقف المفاوضات حتى تتغير مرجعيات هذه المفاوضات, كما أن القيادة الفلسطينية امتلكت الجرأة أيضا على الذهاب بملف القضية إلى الأمم المتحدة, وحين رأت القيادة الفلسطينية أن الولايات المتحدة تقف لنا بالمرصاد في مجلس الأمن, فإنها واصلت عنادها الواعي وذهبت إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة .
بطبيعة الحال، هذا الأداء الشجاع من قبل القيادة الفلسطينية لم يمر دون عقاب, وعقاب شديد, كما نرى على المستوى المالي, وتصعيب حياة الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع والقدس إلى حد الاستحالة, وجنون برامج الاستيطان والتهويد, واستمرار حصار قطاع غزة وعمليات القتل المبرمجة فرديا وجماعيا كما في حرب 2008 – 2009, وحرب الأيام الثمانية في تشرين الثاني الماضي .
كان من أبسط البديهيات إزاء ذلك كله, أن تتوحد الإرادة الفلسطينية لإنهاء الانقسام, لأن الانقسام ولد أصلا من رحم المخطط الإسرائيلي بتصفية القضية الفلسطينية, وكان يجب أن تكون الاولوية الأولى هي إنهاء الانقسام, فلماذا ما زال الانقسام قائما؟!
بطبيعة الحال، هذا الانقسام الذي تريده إسرائيل أن يستمر ليس لقيطا ومنبوذا مثلما هو راسخ في الوجدان الشعبي الفلسطيني, بل له من يتعاطون معه في المنطقة من حولنا, أطراف متعددة تدعم هذا الانقسام كل على طريقته الخاصة ومن منظور دوره ومصالحه, بعض هذه الأطراف تدعم الانقسام من منظور التساوق مع إسرائيل أو إرضاء أميركا – كما نرى الآن في موضوع الضغط المالي – وبعض الأطراف تفعل ذلك من منظور البحث عن دور حتى لو كان هذا الدور هو الخطيئة نفسها!!! وقد شجع ذلك كله دعاة الانقسام إلى تضخيم أوهامهم إلى حد الجنون .
بلا شك، أن الانقسام الذي نأمل أن نطوي صفحته نهائيا عبر الاتفاقات الجديدة والمحاولات الجديدة, ترك جراحا, وفتح ملفات, والشجاعة تكمن في أن نجعل هذه الجراح تبرأ, وكيف تجعل هذه الملفات تغلق, وخاصة أن هناك مبالغات كبيرة في نكء هذه الجراح, ورفض إغلاق هذه الملفات, ويبدو الأمر في بعض الأحيان كما لو أننا استثناء من تجارب الشعوب كلها, التي أصابها ما أصابنا ولكنها اهتدت عبر قانون المصالحة إلى الخلاص, إلى بلسمة الجراح وإغلاق الملفات وفتحت الطريق إلى المصالحة والوحدة والحياة.
فلسطينيا, نحن الآن في قلب التجربة, وفي صميم الاختبار, هل ننجح ؟! هل نطوي صفحة هذا الانقسام الأسود حيث لا يجد أعداؤنا على اختلاف درجاتهم أداة أقوى منه لإلحاق الأذى بنا ؟! إنه اختبار حياة أو موت, لأننا في معركة الدفاع عن النفس, وفي معركة الصعود إلى أهدافنا, لا يمكن ان نظل رهينة في يد هذا الانقسام بكل تداعياته, وفي هذا السياق نرجو أن ينجح موعد الثلاثين من هذا الشهر لكي نبدأ الخطوة الأولى على طريق الألف ميل .
ومضة: ونحن أيضاً لدينا حلم!
بقلم: صبري صيدم عن وكالة وفا
وأخيرا عاد أوباما إلى البيت الأبيض في يوم أحيت فيه واشنطن ذكرى الراحل مارتن لوثر كينج والذي حمل هم الزنوج في أمريكا وقاتل من أجل حرية أبناء عرقه وحرية أمة بأسرها افترستها العبودية ومفاهيم الرق والعنصرية.
اليوم تنافس الرجلان الزنجيان على عرش الزمن واللحظة فسجلا خطوات فارقة في حياة البشرية وخطوات فارقة في مسيرة الإعلام لدرجة أننا اعتقدنا للحظة بأن الرجل الذي يقف اليوم مشرعا يمينه إنما هو مارتن ذاته وليس أوباما خاصة عندما تحدث الرئيس العائد عن قيم الحياة والحرية والكرامة والانعتاق.
خمسة عقود انتظرها الشعب الأمريكي لتحقيق رؤية مارتن لوثر كينج وستة عقود انتظرها العالم ليرى رجلا أسود في البيت الأبيض يحدثنا عن الخلاص، وستة عقود ويزيد انتظرنا أيضا نحن الفلسطينيون الخلاص من المحتل الغاصب.
رجل في واشنطن يتحدث عن أبسط مقومات البشرية والحرية والديمقراطية وإمبراطور مغرور في تل أبيب يقتل بعنجهيته كل تلك المقومات مستميتا في الذود عن حياض مملكته وعرشه. رجل في واشنطن يقول وننتظره أن يفعل ورجل في تل أبيب يقول ويفعل ما يعارض به رؤية البشرية. سواعد تقتلع جدار الفصل العنصري ورجل يبني جداره الغاشم، حناجر تصدح للحرية ورجل مصر على احتلاله بل يعد ناخبيه بأن لا دولة للفلسطينيين ولا ورحيل للمستوطنات والمستوطنين!
لقد أصغيت بإسهاب المتأمل لما قاله أوباما مجددا الأمل في أن يستل الرئيس العائد سيف الحرية الذي أتحفنا بإشهاره في القاهرة فغاب السيف وأفلت شمس الوعود، ليعود اليوم ليحدثنا من جديد عن رغباته وأحلامه فينتعش الأمل من جديد بأن السيف ربما يعود إلى الظهور والامتشاق.
وفي خضم الأحلام التي قال الأصدقاء على صفحتي على الفيسبوك بأن لا مكان لها من الدقة بعودة فاعلة لأوباما سألتني صحفية على الهواء وبعد الخطاب: وماذا يريد الفلسطينيون من أوباما؟ فوجدتني أقول: أننا نريده أن يحقق حلم مارتن لوثر كينج في فلسطين لأننا أيضاً نمتلك حلما كبيرا بإنهاء الاحتلال.
فهل تشكل تصريحات أوباما الأخيرة بخصوص إسرائيل والسقوط الذريع لسوزان رايس في استماتتها لاحتلال موقع وزير الخارجية الأمريكي وفوز جون كيري بالموقع وفوز السياسي المحنك تشك هيجل بموقع وزير الدفاع رغم حرب اللوبي الصهيوني ضده، مرحلة جديدة ينفض أوباما فيها الغبار عن سياسته الخارجية ويشمر عن ذراعيه ويهبط إلى الميدان ليحقق رؤية الفلسطينين بالخلاص والحرية؟
الحرية ذاتها هي تلك التي أوردها أوباما في خطابه. فقد أزفت ساعة وداع البيت الأبيض للاحتلال على أرضية قرارات الشرعية الدولية ليس لأنها رغبة الشعب الفلسطيني فحسب بل لأنها اليوم رغبة العالم بأسره ومعه ١٣٨ دولة قالت ضمنا ومجتمعة في الأمم المتحدة: فليسقط الاحتلال.
اليوم ليس لأوباما صاحب المقولة الأخيرة بأن حكومة الاحتلال لا تعرف مصلحة إسرائيل أية حجة للتقاعس.. فالحرية ليست حكرا على أمريكا والخلاص من العنصرية والاستعباد لا يعرف الحدود.. فإما أن نرى مارتن لوثر كينج جديد أو ... لا تعليق!
الشعب الفلسطيني يتطلع اليكم ...
بقلم: عباس الجمعة عن وكالة معا
امام الحديث عن المصالحة الفلسطينية اردت ان اتوقف لان هذا الحديث اصبح مكرر في ذهن كل وطني فلسطيني، وخاصة بعد حالة الاحباط واليأس التي وصلنا اليها نتيجة هذه النغمة المكررة في ظروف باتت فيها وحدة شعبنا السياسية والمجتمعية مهددة بالفعل بعوامل التفكك والانقسام والصراع على المصالح الفئوية بصورةٍ غير مسبوقة في تاريخنا الحديث والمعاصر.
ولهذا فاننا نرى اليوم نتائج الانتخابات في الكيان الاسرائيلي، وما نتج عنها من فوز لقوى التطرف التي تم تجميعها من مختلف جهات الأرض لإقامة دولة يهودية عنصرية على أرض فلسطين ، تتحدى الأمة العربية بطبيعتها العدوانية، وتصاعد وجرائم احتلالها لأرض فلسطين وألاراضي العربية المحتلة في الجولان ومزاراع شبعا في لبنان ، وهذا مما يتطلب توحيد جهود كل الشرفاء والاحرار بالعمل الجدي لدعم الشعب الفلسطيني ونضاله وصموده على ارضه .
اننا اليوم ونحن نتطلع الى الحوارات الجارية والتصريحات والمواقف نشهد في هذه اللحظة ، اذ بقيت الامور على حالها مشهد زاخر بعوامل التفكك والانفصال بين الأهداف الوطنية التي ناضل وضحى من أجلها شعبنا الفلسطيني، وبين الأهداف والمصالح الخاصة ، بحيث يمكن الاستنتاج ، حيث للأسف نقدم للشعب الفلسطيني أسوأ صورة ممكنة عن حاضر ومستقبل الوضع الفلسطيني المحكوم ، بصورة من عوامل القلق والإحباط واليأس ، وخاصة ان هناك خشية من أن يتم تجميد كل ما له علاقة بموضوع المصالحة.
ونحن نتطلع الى خطاب او تصريح لهذا المسؤول او ذاك سواء من قيادتي فتح او حماس الا وافرد المتحدث حيزا كبيرا للحديث عن الوحدة الوطنية والوفاق الوطني ورأب الصدع الداخلي ونبذ الشقاق والتشرذم وغيرها من المفردات التي يحفل بها قاموسنا السياسي الفلسطيني، هذا الى جانب الحديث عن تبعات الانقسام وتداعياته وانعكاساته على الشارع الفلسطيني وعلى انجازات شعبنا وقضيتنا الوطنية بشكل عام.
امام هذه الاوضاع ونحن ننتظر بفراغ الصبر اواخر شهر كاون الثاني وبعد ان راينا تتزايد بشاعة ممارسات العدو الصهيوني وحصاره بعد الانتخابات الصهيونية، يجب علينا الاسراع في ترتيب البيت الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية حتى تشكل نقطة مضيئة في تاريخ شعبنا المقاوم وهي إضافة كبيرة إلى إغناء هذا التاريخ بصفحة جديدة مشرقة من صفحات النضال ،وهذا بكل تأكيد بحاجة الى بلورة مشاريع ومبادرات وطنية وسياسية تقرب المسافات بين الجميع وتعمل على تذويب الخلافات بين أطراف العملية النضالية والسياسية بعيد عن الإصطفافات ، كما لا بد من صياغات جديدة تتلاءم بمواجهة طبيعة الدولة الصهيونية، ودورها ووظيفتها كمشروع إمبريالي لا يستهدف فلسطين فحسب، بل يستهدف بنفس الدرجة ضمان السيطرة الإمبريالية على مقدرات الوطن العربي واحتجاز تطوره ، وتكريس تبعية وتخلف وإفقار بلدانه وشعوبه.
لا شك ان فصائل العمل الوطني مطلوب منهم اليوم واكثر من اي وقت مضى الإجابة عن السؤال الأكثر الحاحا وهو توصيف المرحلة فلسطينيا ، وخاصة اننا ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني مما يتطلب برنامج سياسي قادر على استيعاب الجميع، ويضع المصلحة الفلسطينية فوق كل اعتبار، ويكون موحدا للفصائل وللشعب على أهداف التحرير والعودة وإعادة تفعيل وتطوير منظمة التحرير على أسس سياسية وتنظيمية جديدة وشراكة حقيقية.
الامر المحزن في موضوع الوحدة هو السيناريوهات التي تكررت اكثر من مرة قبل وخلال وبعد كل جولة حوارية فكلما اقتربنا خطوة من الوحدة وتفاءلنا خيرا بلقاءات المصافحة والمجاملة والابتسامات العريضة في القاهرة وازدحمت صفحات الصحف وشاشات الفضائيات بالصور والقبل وبشائر الخير كلما عدنا خطوتين الى الوراء عندما يصل الحوار الى طريق مجهول حيث تبدأ الحرب الاعلامية والتراشق الكلامي المدعومة بعقلية الاسقاط التي تتقنها وسائل الاعلام الحزبية بحيث يلقي كل فصيل باللائمة على الفصيل الآخر وبحيث تضيع الحقيقة امام كثافة التلاسن المتبادل بين الطرفين عبر شاشات التلفاز او على صفحات الصحف والمدونات الالكترونية.
ليس هذا هو المهم ونحن نرى الشعب الفلسطيني يحقق ببطولاته ما لا يحققه القادة في باب شمس والكرامة ، وهو يقول ارفع رأسك يا أخي فأنت فلسطيني.
ان الشعب الفلسطيني لا يزال يتعرض لأبشع أشكال العدوان والتصعيد الصهيوني الخطير وغير المُبرر، حيث ما زالت حكومة الاحتلال تمعن بشكل سافر في تنفيذ سياساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وتمارس أعمال القتل والتدمير والاعتقالات والإبعاد والعزل، وتواصل مصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات غير القانونية وغير الشرعية عليها، وإقامة جدران الضم والعزل العنصري داخل الأراضي الفلسطينية، وتعمل على تهويد القدس ومقدساتها وعزلها عن محيطها الفلسطيني والعربي، بالإضافة إلى أنها لا زالت تحتل كافة مناطق الضفة الغربية وتمارس أبشع الانتهاكات فيها مع حصار ظالم، مما يزيد ويفاقم الأوضاع الكارثية ويعمّق المعاناة فيه.
امام كل ذلك نرى ان الاستحقاقات الوطنية الفلسطينية والحفاظ على الثوابت الوطنية في النضال اصبح من الأهمية بمكان ، وهذا يتطلب من ااشعب الفلسطيني نزع كل عناصر التعطيل، حيث أن أخطر ما يواجه الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الحاسمة والخطيرة من نضاله الوطني هو "الانقسام الفلسطيني الداخلي"، الأمر الذي يتطلب نوايا الصادقة أولاً وتضافر كل الجهود الوطنية المخلصة ثانياً، للعمل الجاد على إنهاء الانقسام الفلسطيني لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تعتبر البوتقة الأساسية لوحدة الطاقات والإمكانيات الفلسطينية والحاضنة الكبرى للنضال الوطني الفلسطيني المستمر لاستكمال المشروع الوطني الفلسطيني في الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير، وحق العودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
وعلى كل حال فان اجتماع الهيئة القيادية العليا لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية امامها مهمة تطبيق اتفاق المصالحة، واذا اراد البعض الهروب من ذلك فيجب ان يعلم الشعب الفلسطيني من المعرقل ، كما يتطلب وضع برنامج وطني جامع من خلال ترتيب الأولويات الوطنية، وحتى لا تتبدل الوسائل إلى أهداف، فالوحدة الوطنية وسيلة من وسائل النضال الوطني الفلسطيني المستمر لبلوغ الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني.
ختاما : لا بد من القول المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، وتوحيد الصف الوطني بكل قواه وفصائله ضمن إستراتيجية نضالية موحدة، وإعادة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية على أسس تحمي الثوابت والحقوق الوطنية، وتحقق تطلعات شعبنا ينبغي أن يكون استراتيجية ثابتة وليس تكتيكا سياسيا ينسف كل جهود وتضحيات الفلسطينيين من أجل التحرير والعودة.
مهرجان فتح اذيدحض خطاب نهاية التاريخ بنسخته الحمساوية
بقلم: ماجد عزام عن وكالة سما
فاجأ الشعب الفلسطيني عبر المهرجان المليوني الحاشد في ذكرى انطلاقة حركة فتح، ليس فقط إسرائيل وبعض الدول العربية والإقليمية، وإنما قادته أيضاً من فتح وحماس على حد سواء، فقادة الحركة الوطنية المنعزلين ربما عن جمهورهم وحتى عن شعبهم لم يتوقعوا بعد اقتتالهم الداخلي وانقسامهم وإهمالهم لغزة، بفتحاوييها وناسها أن يكون جمهورهم وفي وقوى الشكيمة والعزيمة إلى هذا الحد، بينما لم يتوقع قادة الحركة الإسلامية بعد سنوات من الاستبداد والاستئثار والتضييق على الحريات العامة والخاصة، أن يكون الجمهور الفتحاوي والغزاوي على هذه الدرجة من العناد والصلابة والإصرار على الحرية والحياة ما استطاعوا إليهما سبيلاً.
حمل المهرجان في طياته دلالات عدة ووجّه رسائل في اتجاهات مختلفة، غير أن أبرزها وأكثرها بلاغة وحدة وصخباً نقضه خطاب نهاية التاريخ بتحديثاته الحمساوية، والذي بدا على استحياء مع الربيع العربي وميدان التحرير المتنقل - رغم أن رسالته الأساس كانت ضد الأحادية والاستبداد - ثم بات أكثر وضوحاً بعد حرب غزة الأخيرة، والمدعي أن منهج حماس الفكري والسياسي هو المنتصر وأن على الآخرين التسليم بهذا الأمر، وبالتالي تسليم الحركة الإسلامية سدة القيادة في المؤسسات الفلسطينية المختلفة وتحديداً منظمة التحرير بوصفها المرجعية الأعلى والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
المهرجان الذي تحول إلى ما يشبه العرس الوطني الكبير، أثبت أن ثمة شريحة بل شرائح واسعة في الشعب الفلسطيني لا تشاطر حماس رؤاها الفكرية الضيقة القصيرة النظر الاستبدادية والاستئثارية، وتختلف معها سياسياً أيضاً، علماً أن هذا الاختلاف لا يعني بالضرورة التنكّر لخيار المقاومة، وإنما التحليق والتسامي في فضائه الرحب بعيداً عن التفسير الأحادي الجانب للحركة الإسلامية.
العرس الفتحاوي الوطني الكبير أكد كذلك على تجاوز بل الانتصار في مواجهة المنحى الاستبدادي القهري والتضييق على الحريات العامة والخاصة، الذي مارسته السلطة الحمساوية بحق غزة وأهلها في السنوات الخمس الأخيرة، وأكد إصرارهم على انتزاع حقهم الطبيعي في ممارسة العمل السياسي والحزبي بعيداً عن أي قيود ذات طابع أمني أو فئوي ضيق وقصير النظر.
طبعاً، لا يمكن تجاهل الرسالة الأساس التي أراد المتظاهرون إيصالها إلى قيادة فتح بضرورة الارتقاء إلى مستوى المسؤولية إلى تضحيات الأم وأمال الجمهور الفتحاوي الذي تخلّت عنه قيادته لسنوات وتركته عرضة لاستبداد حماس وقهرها، ورغم ذلك لم يتخلى عن قناعاته أو انتماءاته الحزبية واعتبار فتح إحدى القلاع الوطنية الكبرى وضعف تراجعها أو حتى انهيارها لا سمح الله يرتد سلباً على المشروع الوطني والقضية الفلسطينية بشكل عام.
المعطيات السابقة تبدت مجتمعة في مطلب إنهاء الانقسام وتنفيذ اتفاق المصالحة بشكل فوري، والذي مثّل العنوان الأساس للمهرجان العرس، باعتباره ضرورة وطنية ليس فقط لإنهاء الاحتلال، وإنما للحفاظ على الطابع التعددي الفكري والسياسي للشعب الفلسطيني، والذي مثّل تاريخياً أحد مصادر قوته وعامل أساس من عوامل صموده في مواجهة الحرب الإسرائيلية اليومية المتعددة الأشكال الأبعاد والجبهات.
المهرجان العرس فاجأ كذلك الدولة العبرية ووجّه ضربة قاصمة إلى سياستها الساعية إلى شيطنة أهل غزة ووصفهم بالإرهاب والادعاء بعدم أهليتهم أو جدارتهم في السيادة الاستقلال وتقرير المصير وافتقادهم إلى ثقافة أو مشروع حياة ككل الشعوب الحرّة والسيّدة الأخرى في العالم.
في الأخير وباختصار كان مهرجان انطلاقة فتح بمثابة عرس وطني كبير تجاوز الإطار الحزبي الضيق إلى الفضاء الوطني الرحب، وحدّد الخطوط العريضة للطبقة السياسية كي تتصرف بموجبها لجهة الإصرار على الطابع التعددي الفكري والسياسي للشعب الفلسطيني، رفض الانقسام والتمسّك بالوحدة الوطنية على طريق تحقيق الهدف الكبير في الحرية والاستقلال وتقرير المصير.
عدم إنصات الطبقة السياسية أو استيعابها الدقيق لرسالة الشعب، لن يفت في عضده أو يدفعه إلى اليأس والإحباط حسب كل التجارب التاريخية السابقة، كونه كان دائماً في المقدمة بينما تمشي القيادة لاهثة خلفه، وهذا المزاج الشعبي العنيد سيكون السبب الأساس للانتصار الحتمي في مواجهة المشروع الصهيوني؛ الانتصار الذي قد يؤخّره الأداء القيادي المعيب والسىء ولكنه لا يمنعه بأي حال من الأحوال.
أزمة الهوية في إسرائيل
بقلم: حسام الدجني عن وكالة pnn
مع اشتداد حمّى الدعاية الانتخابية داخل إسرائيل، عادت إلى السطح أزمة الهوية في إسرائيل، وكشف المجتمع الإسرائيلي زيف ادعائه بأنه مجتمع علماني ديمقراطي، حيث حملت الدعاية الانتخابية معالم الشخصية الصهيونية التي تقوم على الكراهية والعنصرية ليس فقط تجاه الفلسطينيين، وإنما وصلت إلى كل المكونات الاثنية والعرقية والأيديولوجية داخل إسرائيل.
والكل يعرف أن هناك صراعاً أيديولوجياً بين العديد من التيارات اليهودية منذ نشأة الدولة العبرية على أنقاض فلسطين عام 1948م، وأن الدولة لم تنجح في دمج المكونين الإثنيين اليهود الغربيين (الأشكناز)، واليهود الشرقيين (السفارديم) في مجتمع واحد وتحت مظلة هوية واحدة، ولم تتوقف الأزمة عند هذا الحد، ففي الآونة الأخيرة بات واضحاً أن المجتمع الإسرائيلي أصبح يتجه نحو اليمين واليمين المتطرف، وهذا ما تؤكد نتائج استطلاعات الرأي في انتخابات الكنيست 2013م، وما أفرزته نتائج انتخابات الكنيست لعام 2008م، وأن الخلاف لدى الأحزاب الدينية والانقسامات كبيرة، ففي المجتمع الإسرائيلي يوجد تياران دينيان هما التيار الديني الأرثوذكسي والتيار الديني الصهيوني، فالتيار الديني الأرثوذكسي ينقسم هو الآخر إلى تياران هما التيار الأرثوذكسي الغربي والتيار الأرثوذكسي الشرقي، فالتيار الغربي ينقسم إلى التيار الحسيدي والتيار الليتائي، أما التيار الشرقي فهو يعبر عن اليهود الشرقيين علمانيين كانوا أم متدينيين وتمثله حركة شاس بزعامة أريه درعي.
أما التيار الآخر وهو التيار الديني الصهيوني وهو يؤمن بالاستيطان على أرض فلسطين، ويعتبره أنه يعادل كل فرائض التوراه، وتغلغل هذا التيار في الجيش ومؤسسات الدولة، بحيث أصبح يسيطر على أكثر من نصف المقاعد الهامة في الجيش وأولويته المختارة.
وهناك أيضاً أقليات تعكس التباينات وأزمة الهوية، فاليهود الروس يمثلون 20% من المجتمع الاسرائيلي وهم بالمناسبة لا يجيدون اللغة العبرية بطلاقة، ويعيشون ضمن جيتو خاص بهم، ويستمعون للأغاني الروسية، وبذلك هم حالة ثقافية خاصة داخل مجتمع به العديد من المكونات الثقافية الأخرى ولعل أهمها:
1- الثقافة العلمانية: وهي ما تتبناها الدولة بشكل علني.
2- الثقافة الوطنية القومية: وهي عبارة عن مزج بين العلمانية واليهودية.
3- ثقافة الحريديم: اليهودية الحريدية (المتزمتة) وهي تعيش ضمن جيتو خاص بها، وتشكل عبئاً ثقافياً على اليهود العلمانيين، وتمثل 8% تقريباً من المجتمع الصهيوني.
وهناك أيضاً الأقلية العربية وهم السكان الأصليين للبلاد ولكنهم من أكثر الأقليات داخل إسرائيل يتعرضون للعنصرية والتمييز، ويمثلون 20% من سكان إسرائيل، ولكن اليهود ومن خلال دعايتهم الانتخابية يلوحون بترانسفير يقتلعهم من أراضيهم ليكشف المجتمع الإسرائيلي عن وجهه الحقيقي تجاه الأقليات وتجاه حرية المعتقد، حيث شاهدنا ما قام به بعض المتطرفين من رفع صوت الآذان وسط أهم الأحياء الراقية في تل أبيب في إشارة للإزعاج الذي يتعرض له اليهود في المدن المختلطة أو في المستوطنات من سماعهم لصوت الآذان.
إن أزمة الهوية في إسرائيل تنذر بحجم المأزق الذي تعيشه الدولة، وأنها تحمل بذور ودلالات السقوط والانكماش، وكما قال ميكافيلي في نصائحه للأمير: " إن الطريقة المثلى للحفاظ على الدولة وحمايتها من الثورات والحروب الداخلية هي خلق عدو خارجي يشكل وجوده قضية مشتركة للشعب".
من هنا نرى أن سياسة إسرائيل العدوانية هي شرط بقائها وديمومتها، وتجاوزها لأزمة الهوية، ولذلك فإن المستقبل لمرحلة ما بعد الانتخابات الصهيونية سيحمل معه مقومات حرب في المنطقة حتى تستعيد إسرائيل وحدتها الداخلية.