اقــلام واراء (255)
الخميس
31/1/2013
أقلام وآراء من الصحف العبرية
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
في هــــــذا الملف
الاسطول الروسي في البحر المتوسط مناورة أم دويلة طائفية
بقلم: تسفي مغين ،عن نظرة عليا
شوارع الجيران تشتعل
بقلم: اليكس فيشمان ،عن يديعوت
ليبيد اكثر تطرفا من ليبرمان
بقلم: تسفي بارئيل ،عن هأرتس
المفاوضات الائتلافية
بقلم: يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
يوجد مستقبل للتفاوض
بقلم: دوف فايسغلاس ،عن يديعوت
حينما انتخبت المانيا هتلر
بقلم: الداد باك ،عن يديعوت
الاسطول الروسي في البحر المتوسط مناورة أم دويلة طائفية
بقلم: تسفي مغين ،عن نظرة عليا
في الأيام الاخيرة تجري في الحوض الشرقي من البحر الابيض المتوسط، امام شواطيء سوريا مناورة مشتركة للاسطول الروسي، بدأت في 22 كانون الثاني وتستمر حتى 29 منه. وقد وصف الروس هذه المناورة بأنها الاكبر منذ انحلال الاتحاد السوفييتي. ووصلت السفن التي شاركت فيها الى المنطقة من ثلاث ساحات بحرية مختلفة: البحر الاسود، البحر البلطيقي والمحيط الشمالي. وتجري المناورة في ساحتين بحريتين بالتوازي في البحر المتوسط وفي البحر الاسود. وتشارك فيه 23 سفينة، قوات من سلاح الجو الاستراتيجي والدفاع الجوي. بما في ذلك عشر سفن حربية، من وحدات صاروخية، وسفن دفاعية، وسفن حراسة، وأربع بارجات وناقلات نحو ثلاثمائة محارب وعشر وحدات صاروخية وغواصتان احداهما نووية والاخرى تسير على الديزل. وباقي السفن هي للاسناد. القوة تحمل سلاحا نوويا (ذكرت أيضا صواريخ نووية تكتيكية في الغواصتين). وتجري قيادة المناورة بشكل استثنائي من رئيس الاركان الروسي مباشرة. مناورة مشابهة، وان كانت بحجم اصغر، نفذت ايضا في صيف 2012. ويشار الى أنه في السنتين الاخيرتين تعمل في المنطقة موضع الحديث سفن روسية بشكل جارٍ.
وبالتوازي مع بدء المناورة، تم اخلاء 77 مواطنا روسيا في سوريا، عبر لبنان، في طائرتين ارسلتهما لهذا الغرض وزارة الطواريء الروسية. ليس واضحا اذا كان هذا اخلاء طواريء حقيقي أم مناورة. يحتمل أن يكون المخلين هم الممثلية الروسية في حلب، والتي تغلق هذه الايام، بسبب الوضع الامني في المكان. وعلى أي حال، فقد نفت السلطات الروسية نفيا قاطعا نيتها اخلاء مواطنيها من سوريا والذين يبلغ عددهم ثمانية الاف شخص ومن المعقول الافتراض ان العدد اكبر من ذلك. كما أن السلطات الروسية تنفي كل نية لاستخدام الاسطول، الذي يشارك في المناورة الان، لمهمات الاخلاء وان كانت لا تنفي وجود خطط احتياط في هذا الشأن.
والى جانب كل ذلك، فان الوجه المثير للاهتمام في المناورة موضع الحديث هي بالذات جملة الرسائل التي نشرت في وسائل الاعلام الروسية في الايام الاخيرة ويفهم منها بان المناورة تستهدف عمليا الردع في موضوع سوريا. والى ذلك يجدر ذكر التصريحات التالية: ليست هذه مناورة بحرية لغرض المناورة البحرية، بل استعراض للقوة الروسية، يرافقها تعزيز للتواجد في البحر المتوسط؛ المناورة ترتبط بالمواجهة العالمية وتعبر عن نوايا روسيا كدولة عظمى؛ المناورة ترتبط بالوضع في الشرق الاوسط، والذي يخلق تهديدا على حدود روسيا وحلفائها؛ المناورة ترتبط بالوضع في سوريا والذي وصف كخطير وتستهدف ردع نوايا التدخل (من الغرب، الدول السنية، تركيا) في سوريا. وفي خلفية ذلك، يفسر الروسي التقارير عن استخدام الاسد للاسلحة الكيميائية كغطاء على نوايا مستقبلية محتملة لتنفيذ مثل هذا التدخل. وفي النهاية ذكر في السياق السوري أيضا موضوع حماية منطقة الشاطيء العلوية، تمهيدا لاخلاء محتمل للاسد الى هذه المنطقة، بهدف التمترس فيها كخط دفاع اخير وخلق دولة علوية.
وبالتوازي مع بدء المناورة اطلقت ايضا تصريحات سياسية، ضمن تصريحات اخرى من وزير الخارجية الروسي لافروف، في مؤتمر صحفي تناول الشرق الاوسط. وجاء في هذه التصريحات بانه لا يوجد تغيير في سياسة روسيا في الموضوع السوري. ويؤمن الروس بالحل عن طريق الحوار بين الاطراف ويواصلون مساعيهم للاتصال بالمعارضة السورية (في هذه المناسبة حذر ايضا الولايات المتحدة واسرائيل من الهجوم على ايران). اضافة الى ذلك ، فان السلطات الروسية تعود الى الاعلان بان ليس في نية روسيا تنفيذ تدخل عسكري في سوريا وان ليس في نيتها ايضا تزويد سوريا بسلاح هجومي وارسال خبراء ومشغلي منظومات قتالية الى هناك. وبالتوازي وعد الرئيس بوتين بالمساعدة للرئيس اللبناني سليمان الذي يزور موسكو.
ومن كل ما طرح أعلاه ترتسم صورة تبعث على التساؤلات بالنسبة لجوهر المناورة والرسائل المرافقة له. فهل هذه مناورة ام نشاط تنفيذي يرمي الى الدفع الى الامام باهداف استراتيجية روسية؟ هل الامر يرتبط بالاحداث الاخيرة في سوريا رغم حقيقة أن المناورة خطط لها واعدت منذ زمن بعيد، على نحو منفصل عن هذه الاحداث؟ واذا كان كذلك، فهل الرسائل التي ترافقها هي استغلال تواجد الاسطول في المنطقة، أم أنها هي ايضا مخطط لها مسبقا؟ على اي حال، يمكن الاستنتاج بان المناورة التي خططت في موعد سابق لتكون سبيلا لعرض العلم وتعزيز التواجد في المنطقة الهامة للروس، اضيفت اليها أهداف جديدة، على الاقل على مستوى الرسائل:
الاقوال التي قيلت بنبرات لاذعة، قد تعكس استعدادا روسيا للصعود درجة في الاحتكاك مع الغرب. وذلك على خلفية الاحتداد الاخير في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، سواء في السياق السوري أم ايضا وبالاساس في السياق العالمي والثنائي، على حد سواء.
تقدير روسي بانه توجد بالفعل استعدادات لتدخل عسكري في سوريا، بمناسبة استغلال مسألة استخدام الاسلحة الكيميائية أو تسربها الى جهات غير مرغوب فيها. وفي هذا السياق فان مصلحة الروس هي العمل على ردع هذه النوايا.
سبب ممكن آخر هو احتدام وضع الاسد، الذي من شأنه أن يكون مطالبا بالانسحاب الى المنطقة العلوية، الامر الذي يلزم الروس بحماية هذه الخطوة من البحر.
لا ينبغي أيضا استبعاد جوانب اخرى غير الجانب السوري مثل استخدام المناورة كرافعة ضغط على تركيا، خصم روسيا، التي تتحداها في مناطق مصالحها. وكذا مصلحة روسيا في توسيع تواجدها ونشاطها في البحر المتوسط لتطوير التعاون مع شركاء آخرين في المنطقة (مثل اليونان، قبرص وربما مالطا)، حيث تزورها جميعها السفن الروسية في اثناء المناورة.
يمكن لتحليل سبل العمل المحتملة هذه ان يشير الى الامور التالية. تحت غطاء المناورة، بعثت روسيا بقوة بحرية كبيرة الى منطقة قتالية حساسة. مجرد التواجد المؤكد للاسطول الروسي في المنطقة، حيث تجري مواجهة متصاعدة، في هذا الوقت، يشكل قولا واضحا. وتترافق هذه الخطوة الروسية مع رسائل واضحة جدا، تدل على أنه الى جانب استعراض عام للقوة، يدور الحديث عن جهد ردعي في الملعب الروسي. ولكن، من جهة اخرى، فان القدرات الروسية في هذا المجال محدودة بالنسبة لمنافسيها في البحر المتوسط وعلى أي حال في الساحة الدولية. في هذا السياق يجدر بالذكر صمت وسائل الاعلام الغربية، الامر الذي يثير التساؤلات في الطرف الروسي. يبدو أن الغرب، اي الولايات المتحدة، يبث رسالة تفيد بانه لا يتأثر بالسلوك الروسي هذا اكثر مما ينبغي. وفي ضوء هذه الامور، فان استعراض القوة الروسية يشبه الدعوة المثيرة للشفقة من نوع 'امسكوني'.
من هنا يمكن الاستنتاج بان تواجد القوة الروسية يستغل لواحدة من الامكانيتين التاليتين: 1. تحريك الولايات المتحدة للوصول الى تفاهمات مع روسيا في موضوع التسوية في سوريا. في هذا السياق، صحيح أكثر ان نرى ذلك كخلاف على مستوى الثمن الذي سيتعين على الولايات المتحدة ان تدفعه لروسيا مقابل التفاهمات في السياق السوري. 2. واذا لم تتحقق التفاهمات المرغوب فيها مع الغرب، ففي نية روسيا، فضلا عن تأييدها العام للاسد، ان تخلق ظروفا تساعدها على الانتشار في المنطقة العلوية، من خلال حماية خط الشاطيء وتوفير الردع ضد التدخل. اذا كان هذا صحيحا يبدو أنه عمليا استعداد للشروع في تفكيك سوريا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
شوارع الجيران تشتعل
بقلم: اليكس فيشمان ،عن يديعوت
إن حمم العالم العربي الساخنة حولنا لا توشك ان تبرد هذه السنة. بالعكس. ان العالم العربي متجه الى انهيار اقتصادي ذي حجم لم يعرفه في الماضي. ومن كان يعتقد ان انشغال العالم العربي بنفسه بشرى خير لاسرائيل فهو مخطيء. لأنه لم ينشأ من هذه الثورات أي نظام موالٍ لاسرائيل بل تصبح أشد عداءا فقط. ونقول في تحليل لأمد أبعد ان وضع اسرائيل الاستراتيجي قد أخذ يتعقد فقط.
تتنبأ تقديرات الخبراء في اسرائيل في وزارة الخارجية وفي جهاز الامن ايضا بانخفاض حاد لنمو الاقتصادات حولنا. وهي توشك ان تفقد في السنة القريبة 30 50 في المائة من انتاجها الوطني. وهذه وقفة واضحة لانفجارات داخلية ولاستمرار الغليان والثورة المتواصلة. والخشية الكبرى هي من ان يفضي الوضع الاقتصادي الصعب الى تداعي الأسوار الهشة في الدول والمجتمعات التي لم تُغرقها الثورة الى الآن، كالاردن والسلطة الفلسطينية.
كانوا في جهاز الامن يحذرون المستوى السياسي منذ أكثر من نصف سنة من ان اضعاف السلطة الفلسطينية من جهة سياسية واقتصادية قد يفضي الى انهيارها. وقد أخذت تتضعضع التسوية التي بنتها اسرائيل مع السلطة منذ 2005 والبديل عن التسوية القائمة انتفاضة وصعود حماس.
إن مساعدات الدومينو التي ستسقط السلطة وتدفع المناطق الى انتفاضة ثالثة قد تسقط واحدا من الذخائر الاستراتيجية الأعظم أهمية لدولة اسرائيل في المنطقة: الاردن، فالنظام الهاشمي لا يستطيع الفرار من اللهب. فالوضع الاقتصادي في الاردن بعيد عن ان يكون زاهرا. وقد أصبح القصر الاردني يتابع اليوم في قلق ضعف مكانة أبو مازن في الغرب وبعد الانتفاضة العنيفة الناشئة في الجارة من الشرق، العراق. إن الشظايا من هاتين الجبهتين ستطير الى الاردن.
إن النار المشتعلة في شوارع مصر في الاسابيع الاخيرة تستمد بصورة مباشرة من خيبة أمل المعارضة السياسية، لكن الوقود تقدمه الفوضى في الشارع والوضع الاقتصادي الآخذ في التدهور. ان الخطوة الحادة التي قام بها الجيش المصري في الايام الاخيرة تشهد على عمق الازمة، فقد تم نقل الجيش المصري الثاني المسؤول عن حماية القناة من الجبهة الى داخل المدن على طول القناة السويس والاسماعيلية وبور سعيد في محاولة لكف جماح الفوضى في الشوارع.
إن اسرائيل تهم المصريين اليوم مثل قشرة ثوم. في اثناء السنة الحالية سيدير الجيش المصري ظهره لاسرائيل ووجهه الى مدن مصر. قد يرى البعض عندنا انجازا في ألا يبدي هذا النظام 'المعادي' اهتماما بنا هذه السنة، لكن هذا خطأ، لأنه حينما يكون نظام مصري واقعا في مواجهة داخلية فان شبه جزيرة سيناء لا يعنيه ايضا. وسنضطر هذه السنة الى الاستعداد لصد الارهاب البدوي من سيناء وحلفائه من الجهاد العالمي بمقادير لم يسبق لها مثيل، في قلب الدولة ايضا. والجدار الذي يُبنى على طول الحدود هو حل جزئي فقط.
إن الانهيار الاقتصادي سيجعل المواجهات العسكرية في سوريا ايضا أكثر عنفا، فسوريا على شفا كارثة انسانية. وقد أصبح يوجد هناك الآن ارتفاع حاد لاسعار جميع منتوجات الاستهلاك التي يمكن الحصول عليها أصلا. وارتفعت اسعار المازوط للتدفئة بنحو من 50 في المائة. ولا يستطيع إلا القليلون ان يسمحوا لأنفسهم بوسائل تدفئة في الشتاء السوري غير السهل. قد ينهي الاسد عمله هذه السنة لكن سوريا ستبقى تنزف وسينتقل هذا النزف الى لبنان ايضا.
يعاني لبنان اليوم صدامات داخلية لاسباب سياسية واقتصادية، وقد يؤدي هذا بالساحة اللبنانية الى مواجهة مسلحة تنتقل الى اسرائيل. وإن تهريبات الوسائل القتالية من سوريا الى حزب الله تجعل اسرائيل تواجه معضلة هي: هل تدع منظمة نصر الله تضعف نتاج صراعات القوة الداخلية وسوء الوضع الاقتصادي أم توجه ضربة كي توقف تهريب السلاح وهذه خطوة تعني اعلان حرب. إن عدم الهدوء الداخلي قد ينفجر في كل لحظة بمساعدتنا أو من غيرها.
في 2013 سيكون الحديث من الرأس أقل ومن البطن أكثر. إن المجتمعات المتداعية والمفلسة هي دعوة الى مواجهة عسكرية اقليمية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ليبيد اكثر تطرفا من ليبرمان
بقلم: تسفي بارئيل ،عن هأرتس
اسم البروفيسورة أمل عبدالعزيز الهزاني ليس معروفا في اسرائيل. وكذا د. عطاالله مهجراني معروف اساسا للباحثين في الشؤون الايرانية. يجدر التعرف عليهما جيدا ولا سيما اولئك الذين يفزعون من كل 'الزعبيز'. الهزاني هي باحثة ذات صيت في مجال الجينات الجزيئية في جامعة الملك سعود في الرياض؛ مهجراني كان وزير الثقافة في عهد حكم الرئيس محمد خاتمي في ايران، مؤيد الحركة الخضراء التي اطلقت العصيان المدني في العام 2009، ويسكن في لندن اليوم. وكلاهما كتبا هذا الاسبوع مقالين منفصلين في صحيفة 'الشرق الاوسط' السعودية عن نتائج الانتخابات في اسرائيل. ولكليهما معلومات معمقة واهتمام شديد في ما يجري في 'دولة العدو' الصهيونية، تسمح لهما بالنظر بعيون واعية والتحليل بشكل بارد، حاد وغير حماسي لما يجري في المجتمع الاسرائيلي.
'ما لا يعرفه الشباب العرب هو ان في اسرائيل يوجد قطاع كبير من معارضي سياسة الحكومة تجاه الفلسطينيين بشكل خاص والعرب بشكل عام. وهؤلاء يؤمنون بان استقرار اسرائيل يرتبط بالتعايش مع العرب'، كتبت الهزاني، وهي تتهم بان 'الشاب العربي لا يعرف الكثير عن اسرائيل، في أنها تغيرت ولم تعد ذات اسرائيل العام 1967، 1956، 1948 او 1973. ليس لانه فجأة لم تعد دولة ودية ولطيفة، بل العكس، فهي لا تزال عدوتنا اللدود. ولكنها انجبت جيلا جديدا أحلامه وتوقعاته تختلف عن أحلام السياسيين عنده مثل نتنياهو. وللشباب الاسرائيلي توجد رؤيا بعيدة عن الحياة العسكرية، رؤوسا تتطلع الى الحياة الكريمة'.
جرأة الهزاني، وليس للمرة الاولى في الخروج ضد المفاهيم العربية الجامدة، لتشخيص الاخفاقات في موقف الدول العربية من اسرائيل ومحاولة ايجاد شق أمل بالذات في المجتمع الاسرائيلي، تبدو حتى وقحة في وجه جملة التهديدات التي يسوقها بنيامين نتنياهو.
وبشكل أقل تفاؤلا، ولكن لا يزال غير يائس، يحلل المثقف الايراني مهجراني نتائج الانتخابات في اسرائيل ويشرح لقرائه بان نتنياهو تكبد خسارة ذات مغزى. 'يخيل لي أنه ينبغي من الان فصاعدا اعادة تعريف اليسار واليمين في اسرائيل. هاتان الكتلتان اقتربتا لدرجة شبه التماثل، لدرجة أنه يمكن القول ان السياسيين الاسرائيليين يتراوحون بين المتطرفين والاكثر تطرفا'.
ولكن عندها يقترح مهجراني تشخيصا هاما آخر. 'نتنياهو ركز في مسألة امن اسرائيل وبالغ في وصف التهديدات عليها، وبذلك فقد مهد تربة خصبة لنشوء تطرف جديد في اسرائيل... ولكن بعد الانتخابات سنجد أنفسنا امام نتنياهو جديد، يريد الاعتماد على الاقتصاد وعلى جودة الحياة'. وبالمقابل، يشرح الكاتب، فان نفتالي بينيت يعارض الدولة الفلسطينية أما يئير لبيد فان 'موقفه اتضح تماما حين قال في مقابلة مع القناة 7: 'اننا نحب ان نلقي الذنب على اسرائيل، اعتقد أن معظم الذنب يجب أن يلقى على الطرف الفلسطيني'. حين نبتعد قليلا عن الاحداث سيتبين لنا أن لبيد حتى اكثر تطرفا من ليبرمان'. كما ينهي مهجران قوله. نتنياهو هو فجأة شعاع نور.
مهجراني مع الهزاني ليسا وحيدين في اهتمامهما وفي معرفتهما الواسعة التي يظهرانها عن السياسة والمجتمع الاسرائيليين، مقابل الجهل التام الذي يميز معظم السياسيين الاسرائيليين في كل ما يتعلق بالسياسة العربية أو الايرانية. ويسعى الكاتبان الى العثور على مساحة الامل للحوار والسلام، وايجاد دليل على أن اسرائيل، التي وان كانت لا تزال عدوا لدودا، كفيلة بان تكون شريكا. وهما لا يمثلا فقط نفسيهما أو جمهور قرائهما. انهما يعكسان مذهبا فكريا تشارك فيه دوائر كثيرة في الشرق الاوسط. هما العنوان الذي يتعين على الائتلاف الجديد الذي سيقوم في اسرائيل ان يوجه نظره وبرامجه اليه. ولكن يبدو أن من يخاف الجلوس الى جانب 'زعبيز' ومن يرى في الايرانيين نووي فقط، لن يدع الهزاني والمهجراني يزعجان راحته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
المفاوضات الائتلافية
بقلم: يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
المفاوضات الائتلافية ستعنى بتحديد الخطوط الاساس للحكومة، بحجمها وتشكيلتها. منذ قيام الدولة كان الامر موضوعا في ايدي زعماء الاحزاب او في ايدي طواقم النواب الذين عينتهم كتلهم. وكان هؤلاء يأتون بالاتفاقات الاولية الى كتلهم ويتلقون ضوء اخضر لمواصلة المحادثات او ضوء احمر لوقفها. ولاحقا كان ينضم اليهم ايضا مستشارون قانونيون، يساعدون في الصياغة، وبشكل عام كان هؤلاء هم النواب ذوو الخلفية القانونية.
في السنوات الاخيرة قرر الليكود بان المفاوضات ليست موضوعا للسياسيين بل 'للمهنيين'؛ الناس باردو الاعصاب، رجال القانون وغيرهم، الخبراء في المفاوضات والفاهمون جيدا لماذا تدخل العروس تحت عرش القران. هؤلاء يحاولون تربيع الدائرة المساومة بين المطالب، تقليص التوقعات، اضافة كرسي آخر، انتزاع نائب وزير من هنا، 'حياكة' حقيبة جديدة وجلب المنتج الناجز لاقرار رئيس الحزب.
لو كانت نتائج هذه المفاوضات ناجحة على نحو خاص لكان يمكن القول بانه لا مجال للادعاء بهزال قيمة الساحة السياسية وبـ 'خصخصتها'. ولكن عندما ادار السياسيون المفاوضات الائتلافية، كانت النتائج اكثر نجاحا بكثير. فهم أولا يفهمون بقدر أكبر في المواضيع الهامة حقا لكل حزب. ثانيا، هم يفهمون شيئا ما بشأن الخطوط الحمراء، عند الوصول الى الحلول الوسط، في ادراج الرجل المناسب في المنصب السليم. والمداولات التي دارت في الماضي كانت على الكراسي، ولكن ليس أقل من ذلك على القيم. وأنا اذكر ساعات طويلة من المداولات عشية تشيكل حكومة الوحدة الوطنية في 1984 في موضوع خصخصة الاراضي الوطنية. وكانت هذه مناسبة هامة للطرفين لعرض مواقفهما بل وانعاش هذه المواقف والوصول الى اتفاقات، الزمت الحكومة. ولكن جرت ايضا مداولات صعبة ولكن عميقة بالنسبة للمستوطنات (الى أن اتفق على ان تقام فقط ست مستوطنات اخرى في اثناء ولاية الكنيست اياها). وولدت هذه المداولات خطوط اساس، تعديلات على نظام الحكومة وتغييرات في القوانين (بما في ذلك قوانين اساس تتيح تشكيل المجلس الوزاري السياسي، وغيرها).
يصعب عليّ أن أتصور هذه الامور تبحث من قبل 'المهنيين'. وأتخيل الكتل المختلفة تصادق على نتائج المفاوضات الجارية، بعد أن تنتهي، وفقط 'لجوج' مثير للاعصاب سيكون قادرا على أن يطالب بفتح البحث من جديد قبل ساعتين من رفع الاتفاقات لرئيس الكنيست، والذي هو ملزم بان يتلقاها قبل 48 ساعة من عرض الحكومة الجديدة.
عندما أنظر الى الحكومة السابقة، الى 40 وزير ونائب وزير فيها، الى الحقائب الابداعية والزائدة التي انشأها المهنيون على أنواعهم، الى السياسة الغامضة التي لم تلزم بشيء، فاني أتعزز في رأيي ابقوا السياسة للسياسيين. اعضاء الكتل، بمن فيهم اولئك الذين تم اختيارهم فقط لانهم اثبتوا بانه ليس لديهم أي تجربة، يجب أن يرفضوا المشاركة في اللعبة الجديدة: فقد انتخبوا كي يقودوا، يقرروا، يحددوا. فليس هذا موضوعا فنيا بل موضوعا يتعلق بتحديد طابع الحكومة. لا تخصخصوا هذا الدور الهام.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
يوجد مستقبل للتفاوض
بقلم: دوف فايسغلاس ،عن يديعوت
عبر نتنياهو في خطبته التي خطبها بعد انتهاء الانتخابات فورا عن أمل ان تكون الحكومة القادمة واسعة قدر المستطاع وان تشغل نفسها في الأساس بقضايا التساوي في عبء الخدمة، والرفاه الاقتصادي للطبقة الوسطى واسعار السكن. ولم يذكر في كلامه ألبتة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني والازمة التي تزداد سوءا في علاقات اسرائيل الخارجية، وهي نتاج مباشر للصراع، فلا توجد مشكلة من وجهة نظره.
ما زال نتنياهو، مخلصا لنهجه يفخر بأنه نجح في ازالة الفلسطينيين عن برنامج العمل السياسي بيد ان المشكلة موجودة وعلى نحو قوي. نُشر في المدة الاخيرة ان وزير الخارجية الامريكي الجديد جون كيري أعلن عن نيته ان يزور اسرائيل والسلطة الفلسطينية قبل تشكيل الحكومة كي يعمل على الدفع قدما بالتفاوض الجامد. وكرر رئيس فرنسا ورئيس الوزراء البريطاني قلقهما من الحاجة الملحة الى حل الصراع.
وفي نفس الوقت أخذت تقصر المدة التي يمكن فيها اجراء تفاوض، فقد ضعفت القيادة الحالية في السلطة الفلسطينية جدا - وكان ذلك بقدر غير ضئيل بسبب سياسة اسرائيلية عديمة الفعل والمنطق وقد ينتهي حكمها قريبا. وسيحل محل قادة فلسطينيين عمليين ومعتدلين وواعين كرئيس السلطة أبو مازن ورئيس الوزراء فياض اللذين أظهرا في السنين الاخيرة قدرة مدهشة على مكافحة الارهاب، في القريب قادة آخرون أشد تطرفا ويتضاءل احتمال تسوية معقولة وقد يختفي.
كلما ضعفت السلطة قويت حماس: فالشارع الفلسطيني يرى ان الجمود السياسي فشل للسلطة وزاد احتمال مصالحة فلسطينية داخلية تُدعى بها حماس الى المشاركة الحقيقية في القيادة في يهودا والسامرة. واذا حدث هذا لا سمح الله فقد ينتقض الهدوء الامني الذي كان سائدا في السنين الاخيرة، وسيكون الاشتعال العام مسألة وقت فقط.
العالم قلق جدا من احتمال تجدد العنف في المنطقة. ولانهيار الهدوء صيغة معلومة معروفة: فالارهاب الفلسطيني المتزايد يفضي الى رد اسرائيلي مناسب ويغضب هذا الجمهور الفلسطيني وجمهور الشرق الاوسط ويُخرج الجموع الى الشوارع. وتضطر نظم الحكم العربية المعتدلة الى الرد: فقد تمس الاردن ومصر باتفاقات السلام، وقد تزيد تركيا في عدائها لاسرائيل وتحتفل منظمات اسلامية متطرفة كالقاعدة وحزب الله بسبب الاضطراب الناشيء وقد تنقض تماما بقايا الاستقرار في المنطقة.
لا يريد أحد في العالم ذلك، واذا استثنينا قلة قليلة من نشطاء اليمين فانه لا أحد في العالم يريد سقوط القيادة الفلسطينية الحالية. لكن عدم الفعل الاسرائيلي يفضي الى فقدان الصبر وغضب أخذ يتزايد ولم يعد العالم يؤمن برغبة اسرائيل في تسوية سياسية، ويرتاب في ان نيتها كلها هي البقاء على التمسك بالمناطق التي احتُلت. وأصبحوا في اوروبا يتحدثون بصوت جهير عن اجراءات سياسية معادية، وكذلك رئيس الولايات المتحدة الذي يهب على نحو عام لتخليصنا، أصبح يبدو يائسا من موقف اسرائيل السياسي وعبر بكلام لاذع عن رأيه السلبي في رئيس وزرائنا. قد يكون العالم كله ضدنا حقا، لكن هذا واقع ينبغي تغييره فورا. سيكون منع الشر الذي أخذ يقترب ممكنا فقط بتجديد فوري لمحادثات السلام مع قيادة السلطة الفلسطينية الحالية.
ولا يجوز ان يكتفي حزب 'يوجد مستقبل' بالبرنامج الائتلافي الذي يقترحه نتنياهو. يجب عليه وقد تغيرت الظروف السياسية وأصبح في يده مفتاح انشاء حكومة ان يضطره الى تناول المشكلة الرئيسة الموضوعة على باب اسرائيل. وان يشترط مشاركته في الحكومة بوجود مسار سياسي حقيقي يرمي الى احراز تسوية سلمية. اذا حدث هذا فسيُسوغ يئير لبيد الهدية الضخمة التي منحه وزير التاريخ إياها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حينما انتخبت المانيا هتلر
بقلم: الداد باك ،عن يديعوت
تمر اليوم الذكرى الثمانون لتولي أدولف هتلر الحكم. وتستعد المانيا لاستحضار ذكرى الحادثة المصيرية في تاريخها بما لا يحصى من المراسم والاجتماعات والمسيرات والنقاشات التي ستغطي السنة القريبة كلها. إن الالمان متميزون بتنظيم 'سنوات ذكرى' كهذه. يُخيل الينا احيانا ان الواقع الالماني ينتقل من سنة ذكرى الى اخرى وأنها جميعا متصلة بفترة حكم النازيين القصيرة نسبيا. لكن هل يواجه الالمان حقا ماضيهم بالجدية والعمق الواجبين أم الحديث فقط عن ضريبة كلام من اجل السلامة السياسية التي فرضت عليهم بعد أن هزمتهم القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية؟.
يمكن ان تكون سنة تولي هتلر للحكم امتحانا حقيقيا لقدرة المجتمع الالماني وارادته ان يجري في نهاية الامر محاسبة نفس شديدة مع ماضيه ومع نفسه. وسيكون مما يثير الاهتمام من اجل ذلك ان نرى هل يتناول النقاش العام ثلاث قضايا مركزية.
أ إن الميل العام في المجتمع الالماني هو الى النظر الى الـ 12 سنة من سنوات الرايخ الثالث كأنها 'حادثة طرق تاريخية'، شاذة غير واضحة وغير مُفسرة في تسلسل التاريخ الالماني، وهذه بالطبع رؤية تاريخية مريحة جدا تقلل من مسؤولية الالمان عن كل ما حدث في اثناء فترة حكم النازيين.
لكن الحركة النازية والايديولوجية الشمولية وعنصريتها مغروسة عميقا في التاريخ (القديم والحديث) وفي ثقافة الأمة الالمانية. إن الشعور القومي الالماني قد أزهر في 'ربيع الشعوب' في منتصف القرن التاسع عشر. وكان تصور الوحدة والتفوق الالمانيين في أساس وحدة المانيا الاولى في نهاية ذلك القرن وأفضى بصورة حتمية الى نشوب الحرب العالمية الاولى.
كان يمكن التنبؤ بالمحرقة قبل ذلك في حرب الابادة التي قام بها الالمان على سكان مستعمرتهم في ناميبيا في مطلع القرن العشرين، وفي الجزء غير الواضح الى الآن من مشاركة الالمان في كارثة الأرمن في ذروة الحرب العالمية الاولى. وعلى كل حال كان عدم رد العالم 'المستنير' على القتل الجماعي للأرمن على أيدي الاتراك أساسا لتقدير النازيين ان ابادة اليهود ايضا ستمر بهدوء. فقد كان هتلر والنازيون نتيجة مباشرة للتاريخ الالماني لا 'خطأ انتاج'.
ب يُسمي الالمان الى اليوم انتخاب هتلر مستشارا لالمانيا بأنه 'تولٍ للحكم'. ويتحدثون ايضا عن 'جرائم نفذها النازيون باسم الشعب الالماني'. وهكذا تتعمق جذور تصور ان النازيين كانوا عنصرا اجنبيا وعنيفا وخارجيا يكاد يكون من عالم آخر سيطر على المانيا بالقوة وفرض على الالمان ان ينفذوا أمورا لم تخطر قبل ذلك قط ببالهم.
هذا ايضا استنساخ مخيف للتاريخ لأن هتلر تولى الحكم بطرق ديمقراطية متمتعا بتأييد الشعب الالماني وتأييد الاحزاب القومية والمحافظة التي أعطته الحكم راغبة. وحينما اهتم هتلر ايضا بالقضاء المنهجي على الديمقراطية واستبدال الدكتاتورية بها ظل يتمتع بتأييد شعبي واسع جدا. زادت شعبية النازيين مع الانتصارات في ميادين القتال ومع 'اخفاء' اليهود وتقسيم ممتلكاتهم بين الالمان. وبدأت الهزائم فقط في الجزء الثاني من الحرب العالمية الثانية تضعضع مكانة هتلر الصلبة في نظر الجماهير. وحتى لو لم يكن الالمان جميعا نازيين فان النازيين كانوا ألمانا ولا يجوز ان ننكر ذلك.
ج ما هي دروس الماضي التي تعلمتها المانيا؟ لماذا حينما يقول رئيس السلطة الفلسطينية إن الصهاينة شجعوا النازيين على ابادة يهود اوروبا وإن 600 ألف يهودي 'فقط' قتلوا في المحرقة تصمت المانيا وتستمر ترى انه 'زعيم فلسطيني معتدل وشريك في السلام'؟ ولماذا تتجاهل المانيا التحريض المعادي للسامية الذي لا زمام له في العالمين العربي والاسلامي؟.
ربما يحدث هذا لأن المانيا لم تتعلم من ماضيها ولن تستطيع ان تفعل ذلك ما بقيت مُنكرة له.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
