-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 331
- [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]
- [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:
- إطلاقُ سراح الأسرى حقٌّ وليسَ قضيَّةً تفاوضيَّةً
- بقلم: هاني المصري عن جريدة الأيام
- انتفاضة ثالثة على الأبواب
- بقلم: رجب أبو سرية عن جريدة الأيام
- جذر الانقسام: رفض الشراكة والتعدد
- بقلم: مهند عبد الحميد عن جريدة الأيام
- حياتنا - الغضبة الشعبية
- بقلم: حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
- جدعان السياسة النباتيون
- بقلم: موفق مطر عن الحياة الجديدة
- المصالحة الفلسطينية: خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء
- بقلم: زياد أبو زيّاد عن جريدة الصباح
- وصلت رسالتكم .. ولكن!
- بقلم: صبري صيدم عن وكالة وفا
- فياض.. الفرس الخاسرة في الرهان!!!
- بقلم: بكر ياسين اشتية عن وكالة معا
- الشهيد الاسير جرادات مضى على طريق حرية فلسطين
- بقلم: عباس الجمعة عن وكالة معا
- عرفات جرادات .. سلاما
- بقلم: حمدي فراج عن وكالة PNN
- لماذا يحتاج الشعب الفلسطيني لانتفاضة ثالثة
- بقلم: فراس الصيفي عن وكالة PNN
- الإسلاميون: الولاء للحزب... أم الوطن؟
- بقلم: خالد الحروب عن وكالة سما
- إطلاقُ سراح الأسرى حقٌّ وليسَ قضيَّةً تفاوضيَّةً
- بقلم: هاني المصري عن جريدة الأيام
- يخوض الأسرى بشكل عام، والمضربون عن الطعام بشكل خاص، أطول معركة ملحميّة بطوليّة عرفها التاريخ تفوق قدرة البشر على التحمل، لتأكيد عدالة قضيتهم وحقهم في الحريّة.
- الأسرى يستحقون تحركًا فلسطينيًا على كل المستويات الرسميّة والشعبيّة أكبر بكثير من هبة موسميّة أو ردة فعل مؤقتة نتيجة إضراب أسرى عن الطعام أو استشهاد أسير؛ وذلك لفرض قضيتهم كقضيّة ملحة على امتداد العالم، لا سيما في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لدفعه للتحرك والضغط على إسرائيل وإجبارها على إطلاق سراحهم، خصوصًا الذين يقبعون في غياهب المعتقلات الإسرائيليّة منذ ما قبل اتفاق أوسلو.
- لقد أخطأت القيادة الفلسطينيّة خطأً فادحًا في تعاملها مع قضيّة الأسرى، خصوصًا عندما لم تصر على إطلاق سراح الأسرى قبل توقيع اتفاق أوسلو وتطبيقه، وتخطأ الآن عندما حولت إطلاق سراحهم إلى قضيّة تفاوضيّة، يتم طرحها كإحدى القضايا الأساسيّة التي يجب الاتفاق عليها قبل استئناف المفاوضات حينًا، وأحد شروط الاتفاق الذي يمكن أن تنتهي إليه المفاوضات حينًا آخر.
- في الآونة الأخيرة، لاحظ الجميع أن هناك إعادة صياغة للشروط (عفوًا المطالب) الفلسطينيّة لاستئناف المفاوضات، التي تشمل الاتفاق على مرجعيّة واحدة وملزمة تتضمن الموافقة على قيام الدولة الفلسطينيّة على حدود عام 1967، ووقف الاستيطان وقفًا تامًا، وإطلاق سراح الأسرى، بحيث سقط شرط الاتفاق على مرجعيّة ويتم الحديث عن الشرطين الأخيرين فقط.
- إن خطورة طرح قضيّة الأسرى كقضيّة تفاوضيّة تكمن أولًا: في أنها تجعل إطلاق سراحهم محل مساومة، حيث يتم التفاوض على إطلاق سراح قسم من الأسرى، وتتم المساومة على العدد، والدخول في دوامة المعايير الإسرائيليّة التي تتضمن رفض إطلاق سراح أسرى ممن تصفهم بأن أياديهم "ملطخة بالدماء اليهوديّة"، وأصحاب الأحكام العالية، وأسرى القدس والداخل الفلسطيني، وأسرى فصائل معينة بحجة أن قيادتهم لم تلتزم بـ"نبذ العنف والإرهاب" والاتفاقيات الموقّعة والاعتراف بإسرائيل.
- وثانيًا: في أن إسرائيل يمكن أن ترهن إطلاق سراح قسم من الأسرى بموافقة القيادة الفلسطينيّة على استئناف المفاوضات، بحيث سيبدو الرفض الفلسطيني لمثل هذا العرض وكأنه رفض لإطلاق سراح الأسرى المنوي أو الممكن الإفراج عنهم، وهذا سيعرّض القيادة الفلسطينيّة للّوم على إهدار فرصة لإطلاق سراح بعض الأسرى، على أساس أن إطلاق سراح أي عدد أفضل من بقائهم جميعًا وراء القضبان.
- وإذا وافقت ستتعرض للّوم أيضًا، لأنها تكون قد تخلت عن شروطها لاستئناف المفاوضات مقابل إطلاق سراح قسم من الأسرى الذين ستحرص إسرائيل كالعادة على أن يكونوا قد أنهوا معظم مدة حكمهم أو من كبار السن والمرضى.
- ما سبق يوضح أن التعامل مع الأسرى يجب أن يكون مختلفًا جدًا عما يجري حتى الآن، خصوصًا أن التجربة الفلسطينيّة نفسها أثبتت أن المعايير الإسرائيليّة تكسر عندما يملك الفلسطينيون أوراق قوة، مثل أسر جندي إسرائيلي وموقف متماسك، كما حدث في صفقات تبادل الأسرى التي تم فيها الإفراج عن آلاف الأسرى مقابل تسليم جثث أو جنود مأسورين.
- إن حق أبطال الحريّة بالإفراج عنهم حق وليس قضيّة تخضع للمساومة، وحتى تخضع إسرائيل يجب أن تلاحقها قضيّة الإفراج عن الأسرى على امتداد العالم، وتعرف أن الوضع هنا سينهار على خلفيّة الإصرار الفلسطيني على إطلاق سراح الأسرى مهما كلف الأمر من وقت وتضحيات.
- إن ردة فعل الاحتلال الحاليّة على المقاومة الشعبيّة المتصاعدة على خلفيّة المطالبة بإطلاق سراح الأسرى، والناجمة من الخشية من تحولها إلى انتفاضة شاملة، ظهرت بتحويل العائدات الفلسطينيّة، ومطالبة نتنياهو الوقحة للرئيس "أبو مازن" بالتدخل لتخفيف الاحتقان؛ تدل على أن المقاومة وتصعيدها هي الطريق المضمون والأسرع للإفراج عن الأسرى من دون ثمن سياسي.
- لا يكفي ما تقوم به القيادة والفصائل والشعب والنشطاء، فهذا جيد ولكنه أقل من الحد الأدنى من النضال الذي يستحقه من ضحّوا بأغلى سنوات حياتهم من أجل شعبهم.
- لماذا لا نعطي للاحتلال رسالة مفادها بأن كل شيء سينهار إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى، وأنه لا تفاوض ولا تنسيق أمني ولا اقتصادي ولا من أي نوع إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى، وأن الافراج عن قسم لا يكفي، وأن إطلاق سراحهم ليست نقطة تندرج على طاولة المفاوضات أو من أجل الاتفاق على استئناف المفاوضات، ما يؤدي إلى أن إطلاق سراح قسم من الأسرى وفق المعايير الإسرائيليّة يكون مقابل ثمن غالٍ جدًا، وهو العودة إلى دوامة المفاوضات الجهنميّة العبثيّة التي تفيد إسرائيل فائدة عظيمة، بحيث تستخدم المفاوضات للتغطيّة على ما تقوم به من خلق حقائق احتلاليّة واستيطانيّة، بما فيها اعتقال المزيد من الأسرى، حتى بما يشمل الأسرى الذين تم الإفراج عنهم سابقا لانتهاء محكوميتهم أو ضمن صفقات تبادل الأسرى.
- قد يقول قائل إن التعامل مع قضيّة الأسرى كحق غير قابل للتفاوض عليه سيؤدي إلى عدم إطلاق سراح أيٍ منهم، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فالمطالبة بالإفراج عن الأسرى من دون استثناء لا تعني رفض الإفراج عن دفعات منهم ولا تحسين شروط حياتهم في الأسر، ولكنه يعني إن الإستراتيجيّة الحاسمة للإفراج عنهم هي أن الإفراج عنهم جميعًا حق لا يقبل المساومة وأن الإفراج عن أي منهم أو تحسين شروط أسرهم يجب ألا يكون له ثمنٌ سياسيٌّ، لأن ذلك يمس بالقضيّة الوطنيّة التي ناضلوا وسجنوا من أجلها.
- إن التجربة منذ اعتقال أول فلسطيني وحتى الآن شهدت اعتقال أكثر من 800 ألف فلسطيني، العديد منهم لأكثر من مرة؛ تدل على أن التعامل الرسمي الفلسطيني مع الأسرى يشوبه الكثير من الأخطاء والنواقص التي بحاجة إلى معالجة، وأهمها تصور أن إظهار النوايا الحسنة والمرونة والاعتدال المفرط يمكن أن يشجع إسرائيل على الاستجابة للمطالب الفلسطينيّة، الذي أدى إلى فتح شهيّة إسرائيل على المزيد من التنازلات الفلسطيينيّة، حتى بالنسبة لقضيّة لا تحتمل التنازلات مثل قضيّة الأسرى.
- إن إسرائيل شأنها شأن أي احتلال في التاريخ لا تفهم سوى لغة واحدة هي لغة المقاومة، وعندما تشعر أن الاحتفاظ بالأسرى سيعرضها إلى خسائر متنوعة أكثر من الأرباح التي تعود عليها من الاحتفاظ بهم فستطلق سراحهم.
- ما يؤكد هذا الاستخلاص أننا الآن بعد أكثر من عشرين عامًا على بدء ما يسمى "عمليّة السلام" أبعد عن تحقيق أيٍ من الحقوق الفلسطينيّة، بما فيها إطلاق سراح الأسرى، وإنهاء الاحتلال، وحق تقرير المصير، وحق العودة والاستقلال الوطني. فالاستقلال الوطني لا يزال بعيدًا بالرغم من الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينيّة المراقبة، وكل يوم يصبح بعيدًا أكثر، إذا لم ندرك أننا بحاجة إلى مسار جديد قادر على تغيير موازين القوى، وفي ظل توسيع الاستيطان وتهويد القدس وأسرلتها وتقطيع الأوصال والجدار والحصار والانقسام وغياب المشروع الوطني الجامع والمؤسسة الواحدة والقيادة الموحدة.
- لقد آن الأوان لإطلاق سراح الأسرى، وعمل كل ما يلزم لتحقيق هذا الهدف، خصوصا المعتقلين منذ ما قبل أوسلو، فليتم التعامل على هذا الأساس، وليس على أساس أن معركة الإفراج عن الأسرى مرتبطة بنجاح أو فشل عمليّة سلام ماتت منذ زمن بعيد.
- انتفاضة ثالثة على الأبواب
- بقلم: رجب أبو سرية عن جريدة الأيام
- رغم أن حماس كانت اول تنظيم إخواني ـ أسلامي، يصل الى الحكم في المنطقة العربية، إلا أن الحكم الأخواني في مصر ونظام حكم النهضة في تونس بات يدل كثيرا على طبيعة النظام السياسي الذي يقود العرب إليه " الإسلاميون" في المنطقة، وذلك لأكثر من سبب، أهمها أن وصول الأسلاميين الى الحكم في كلا البلدين كان عقب ثورة بيضاء _ تقريبا، ثم ان تونس ومصر على التوالي كانتا اول دولتين يتم فيهما إسقاط نظام حكم الفرد.
- أقل ما يمكن ان يقال في نظام الحكم الإخواني: إنه لا يميّز بين الاستناد في الحكم الى الأغلبية والإجماع، ذلك أن ما يتعلق بأسس الدولة من دستور والفصل بين السلطات لا يمكن الذهاب أليه وفق قاعدة الأغلبية، ولابد من الحرص على اخراج الجيش والقضاء من دائرة السلطة التنفيذية، لذا فإن السماح لبعص عناصر الجيش والشرطة بالالتحاء _ مثلا، ليس أمرا شكليا ولا هو حرية شخصية، والأهم هو أن لا النهضة ولا الإخوان ولا حماس وصلوا الى الحكم بعد مشاركة سابقة في الحكم، وقلما تواجدوا بأعداد غير مؤثرة في البرلمانات السابقة .
- حماس وصلت للحكم بعد اول انتخابات تشارك فيها، كذلك النهضة، وتقريبا كان الأمر مشابها لإخوان لمصر، اي أن هؤلاء افتقدوا لتجربة الحكم، وجاؤوا من الصفوف الخلفية، ومن صفوف المعارضة التي لم يسبق لها وأن شاركت في الحكم، وغالبا من تحت الأرض، حيث كانت تنظم صفوفها وتعد برامجها بشكل سري .
- لذا، فإن مستويات واضحة من الأداء المرتجل الذي يصل أحيانا الى مستوى المراهقة السياسية يظهر في أدائهم، وإلا كيف يمكن لنا وصف ردة فعل حماس على ما حدث في ندوة سياسية شارك فيها بعض أعضائها، وكان منهم رئيس المجلس التشريعي المنتهية ولايته عزيز الدويك، والتي وصلت الى حد تأجيل لقاء القاهرة الذي كان مقررا غدا الأربعاء، إضافة للمطالبة المضحكة بأن يقرروا لفتح من تختاره حتى يتباحث معهم في لقاءات المصالحة !
- يصبح الأمر غير قابل للأحتمال حين يقترن بلحظة فارقة يعيشها الشعب الفلسطيني الآن، وهو على أبواب أنتفاضة جديدة , ترتعد لها فرائص الإسرائيليين، وأقل ما يمكن أن يستحقه الشهداء / الأحياء , من الأسرى الأبطال , الذين يسطرون ملحمة البطولة الآن، ويعيدون الاعتبار للكفاح الوطني الفلسطيني بتقديم ارواحهم فداء للوطن أن يهب كل الشعب الفلسطيني , تضامنا معهم، وحيث اقل ما يمكن ان يقدم عليه من يتحكمون بمقاليد الأمر , هو الأعلان الفوري عن انهاء الأنقسام .
- ثم تتضاعف مستويات المفارقة بعد أن قمنا بأنتقاد موقف الحركة غير المتفاعل مع حالة الغليان الشعبي حين نرى التمييز الذي تمارسه بين أسرى محسوبين عليها وآخرين محسوبين على غيرها، وكأن حسابات التنظيم هي غير حسابات الوطن , ولعل هذا هو درس الحكم الأهم , الذي يوحي بان هذة الحركات السياسية من الصعب عليها أن تحكم الوطن بأسره , وهي اعجز عن حكم الدول , لذا تسعى الى أخونتها حتى تصبح الدولة , أشبه بالحركة السياسية , بدل ان تتغير الحركة , حتى تصبح حركة وطنية , لذا طالب البعض مبكرا بتوطين الإخوان بدلا من أخونة الوطن!.
- هذة هي العقدة التي تواجه الفلسطينيين والمصريين والتوانسة الآن، بعد ان تسلم مقاليد الحكم في غزة ومصر وتونس تنظيمات إخوانية، لذا فأن مصر لن تهدأ وستستمر الثورة فيها , كذلك تونس , فيما الفلسطينيون الان على أبواب أنتفاضة , هي الثالثة بالطبع , وكأن _ كما أشارت بعض وسائل الأعلام _ أن الفلسطينيين على موعد كل 13 سنة مع انتفاضة جديدة، لابد لهم ان يطلقوا الآن أنتفاضة مختلفة قليلا عن الانتفاضتين السابقتين، ليس وفق مواصفات بعض القادة الذين يرون فيها مجرد اداة ضغط , لتحسين شروط التفاوض، ولكن وبالنظر الى أن الأنتفاضة الأولى كانت شعبية تماما، والثانية كانت مسلحة، فإن هذة قد تكون شعبية وسلمية او تجمع الأشكال كلها، ولكن المهم وما نتوقعه نحن هو أنها , لن تقتصر على الضفة الغربية فقط , بل ستشمل غزة والشتات أيضا , كذلك ورغم انها ستكون موجهة الى الأحتلال بالأساس , إلا أنها ستوجه بعضا من جهدها للداخل , فليس أقل من إسقاط الانقسام، ومن فرض أولوية الوطني على الحزبي , والفلسطينية على العقائدية , وبالتأكيد فأنها ستفرض تغييرا على محتوى وجوهر القوى السياسية القائمة وعلى تركيباتها القيادية , التي لم تكن على مدار السنوات الماضية , بمستوى تضحيات وبطولات الشعب الذي ما زال يجترح المعجزات منذ اكثر من ستين عاما .
- جذر الانقسام: رفض الشراكة والتعدد
- بقلم: مهند عبد الحميد عن جريدة الأيام
- الندوة التي نظمتها د. حنان عشراوي رئيس دائرة الثقافة والاعلام في منظمة التحرير وضعت النقاط على الحروف في مسألة المصالحة وانهاء الانقسام. المشكلة تمحورت حول افتقاد المفاهيم والمعايير المشتركة القادرة على تذليل قضايا الخلاف. د. عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي والقيادي في حركة حماس رد على منتقديه بقراءة بنود في الميثاق الوطني كالبند الذي يتعامل مع الكفاح المسلح كأسلوب وحيد للنضال من أجل تحقيق الاهداف الوطنية، وشدد على الهدف الذي حدده الميثاق وينص على تحرير فلسطين من النهر الى البحر. مبديا اختلافا جذريا في السياسة وفي استراتيجية النضال. وقافزا عن مسار سياسي بدأ في العام 1974 ببرنامج إقامة سلطة على أي اراضي يجلو عنها الاحتلال وانتهى باتفاق أوسلو. والمقصود بالمسار السياسي هو انتقال المنظمة من برنامج وأهداف غير قابلة للتطبيق الى برنامج قابل للتطبيق. من تحرير كامل الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني وإقامة الدولة العلمانية، الى إقامة دولة فلسطينية على الاراضي المحتلة عام 67 وحل قضية اللاجئين بتطبيق القرار الدولي رقم 194. البعض رأى في هذه النقلة تفريطا واستسلاما، والبعض الاخر رأى فيها خيانة وطنية، في الوقت الذي اعتبرها الاتجاه المركزي في الحركة الوطنية ومعه قوى سياسية فلسطينية ومعظم الاحزاب الشيوعية واليسارية والمنظومة الاشتراكية وحركات التحرر "واقعية ثورية" أو "واقعية وطنية".
- الحلفاء الدوليون ( المنظومة الاشتراكية وحركات التحرر العالمية والاحزاب الشيوعية وبعض الدول الاوروبية) شجعوا المنظمة على انتهاج سياسة واقعية بالاستناد للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية كي يتمكنوا من دعمها ومساندتها وكانت جبهة الحلفاء العريضة ترفض تأييد برنامج المنظمة وتعتبره غير واقعي وغير ممكن وسيقود الى عزلة المنظمة والشعب الفلسطيني. الانظمة الوطنية التي ايدت برنامج التحرير الكامل اعترفت بالحدود الامنة لاسرائيل عبر قرار 242 و338 وابرمت اتفاققات الفصل بين القوات بعد حرب اكتوبر 73 وأبرمت مصر معاهدات أخرجتها بالكامل من الصراع مع اسرائيل، وفتح النظام العراقي جبهة الحرب مع ايران وصولا الى احتلال الكويت وحرب تدمير العراق.
- وعلى الصعيد الذاتي توقف الكفاح المسلح تدريجيا عبر جميع الحدود العربية وبلغ ذروته بحرب 82 التي أخرجت قوات المنظمة من لبنان. لقد فقد الهدف الذي حدده الميثاق سنة بعد أخرى كل المقومات العالمية والعربية والفلسطينية القادرة على وضعه في حيز الفعل، أي فقد ميزان القوى الملموس والافتراضي لجعله ممكنا. وهذه التحولات دفعت حركة التحرر الفلسطيني الى تلمس أهداف وطنية واقعية. إن اي مدقق في قرارات المجالس الوطنية سيجد الانتقال التدريجي في طرح الاهداف وفي تعديل البرامج و في طرح خطاب سياسي وتفكير سياسي جديد. وكانت قرارات المجلس الوطني عام 88 ووثيقة إعلان الاستقلال ذروة الواقعية الوطنية التي اتخذت بالاكثرية الساحقة من عضوية المجلس – ما عدا القيادة العامة والصاعقة اللتين قاطعتا دورة المجلس- . صحيح ان الانتقال كان ينطلق من سياسة براغماتية، وكان ينقصه تطور في الفكر السياسي يواكب التطور في المواقف، وكان ينقصه بناء قاعدة سياسية واجتماعية متمثلة للتطور، بدلا من قاعدة مؤيدة بالطريقة الابوية والفئوية، وينقصه بنية تنظيمية ومؤسسات اكثر ديمقراطية.
- إن مبرر اي حركة تحرر او حركة سياسية لشعب من الشعوب هو طرح واكتشاف أهداف وطنية قابلة للتحقيق وحشد ميزان القوى المطلوب لترجمتها في مدى زمني مباشر او في المدى المتوسط. واي حركة تكتفي بمواقف مبدئية وإطلاق شعارات بلا رصيد وتستعيض عن صناعة الحرية بتقديم يوتوبيا الحرية، هذه الحركة تفقد مبرر وجودها السياسي، وتتحول الى شاهد على هامش التاريخ لأنها لا تساهم في صنعه.
- د. عزيز دويك ومعه حركة حماس يريدون شطب ذلك المسار ومعه قواعد النظام السياسي الفلسطيني بجرة قلم. وكان عدم التزامهم بقواعده بما في ذلك قواعد الديمقراطية سببا جوهريا للانقسام. للوهلة الأولى يبدو أن شطب المسار وعدم الالتزام بقواعده يأتي من خلال موقف جذري تقدمه حماس وهو شبيه بموقف المنظمة إبان صعودها. وقد نجحت حركة حماس في تسويق سياستها شعبيا وفي أوساط بعض القوى السياسية. غير ان الواقع يقول عكس ذلك. فقد دخلت حماس النظام الفلسطيني عبر الانتخابات وكان دخولها يفترض التزامها بقواعد النظام مع الاحتفاظ بحقها في تطوير تلك القواعد بطريقة ديمقراطية وعبر إنضاج عملية التطوير.
- للأسف لم تلتزم حماس بتلك القواعد بما في ذلك قواعد الديمقراطية. وتبين ان حرب حماس لم تكن مع المسار وقواعده وسياساته، كانت حربها تدور حول استبدال سيطرة المنظمة بسيطرتها حتى لو كان الثمن تقديم مسار أكثر سوءا من مسار المنظمة. هذا ما حدث حين تحولت استراتيجية المقاومة التي صعدت حماس عبرها الى استراتيجية الهدنة والهدوء والبحث عن حلول سياسية وتقديم نوايا حسنة. ومن الملفت انها تستخدم ترسانتها العسكرية لتثبيت سلطتها وللتحول الى بديل للمنظمة من الناحية الجوهرية، ولم تفكر حركة حماس في استخدام هذه الترسانة او التلويح باستخدامها للدفاع عن مدينة القدس المستباحة طوال الوقت، وللدفاع عن الأرض الفلسطينية التي تنهب بمعدلات غير مسبوقة بالترافق مع امتلاك حماس للاسلحة.
- إن صعود الاسلام السياسي ومركزه حركة الاخوان المسلمين الى السلطة اوضح الكثير من المفارقات العجيبة بين موقفها الراديكالي من موقع المعارضة وموقفها المستكين في موقع السلطة. فقد سبق و أصدر مركز الاخوان فتوى تحرم اتفاقات كامب ديفيد دينيا ووطنيا وأخلاقيا وطالب باسقاطها.
- ووعد بإجراء استفتاء شعبي حول الموقف منها وبمجرد اقترابهم من السلطة التزموا بالاتفاقات وهرولوا الى تعاون أمني في سيناء فاق تعاون النظام السابق. كان المركز يعلم ان ثمن قبولهم الدولي على رأس الدولة المصرية لن يكون بأقل من التسليم بعلاقات التبعية السياسية والاقتصادية والامنية، ورغم هذا الشرط المجحف والمهين الذي يعني انقلابا على ثورة الشعب المصري وافق المركز عليه لقاء الجلوس على كرسي الحكم.
- على ضوء تجربة حماس وتجربة الاسلام السياسي في أكثر من بلد عربي، لن تقبل الحركة بقواعد النظام وبقواعد الديمقراطية، ولن تقبل بالتعدد والشراكة والتبادل السلمي والديمقراطي لمركز المنظمة والسلطة. ها هو مركز الاخوان المسلمين يقدم نموذجا على رفض الشراكة والتعدد والديمقراطية، تجربة الدستور والانتخابات والاستفتاء والتعامل مع القضاء وقمع المحتجين دلائل ساطعة على طبيعة النظام الذي ينشده الاسلام السياس، وفي فلسطين كان البدء، كان رفض الدخول للمنظمة وهي في أوج ثوريتها، ورفض المشاركة في قيادة الانتفاضة الاولى وهي في أوج عنفوانها، في فلسطين كانت تجربة الانقسام التي حظيت بتأييد مركز الاخوان.
- حياتنا - الغضبة الشعبية
- بقلم: حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
- لا أحد يستطيع وقف الغضبة الشعبية التضامنية مع الاسرى ولا أحد يمكنه اقناع الغضبة الشعبية بالتغاضي عن الاستيطان وتهويد القدس. فاسرائيل منذ اكثر من سنتين وهي تراكم ممارسات وانتهاكات بهدف استفزاز شعبنا الفلسطيني الى ما سمته الانتفاضة الثالثة التي مهدوا لها واعدوا لها ما استطاعوا من قوة قمع باعتبار ان الوضع العربي المحيط هو مستنقع يمكن لاسرائيل ان تحلق فوقه كالبعوض وتمارس ما شاءت من غطرسة القوة والقمع. فقد استنفد الاحتلال كل وسائل الاستفزاز خلال السنتين الاخيرتين لانتاج انتفاضة ثالثة مسلحة تمنحه فرصة الذبح العشوائي للانسان والارض والمقدسات. ففي مطلع قيام السلطة كانت أولى الهبات الشعبية هي الهبة الشاملة تضامنا مع الاسرى وسقط فيها شهداء وجرحى، ثم تلتها انتفاضة النفق، وبعد فشل المفاوضات في كامب ديفيد والزيارة الاستفزازية لشارون للمسجد الاقصى اندلعت الانتفاضة الشاملة الثانية التي حافظت على سلميتها لمدة شهور رغم القتل الاحتلالي.
- الآن تتكرر انتفاضة الأسرى لأن أسير الارض هو نفسه الأرض الأسيرة فلا يمكن تجزئة الحرية بين الانسان والارض لانهما حرية واحدة وقد اتخذ الاحتلال من عناده بشأن الاسرى مدخلاً جديداً للقمع، كما اتخذ من تهويد القدس مدخلاً آخر للاستيطان, بحيث يأتي على المقدسات وعلى اتباعها معاً. وكلنا نذكر ان انتفاضة النفق جرت في عهد نتنياهو الذي أدار ظهره آنذاك للعملية التفاوضية وركز على تهويد القدس والاستيطان. وحالياً يكرر نتنياهو السيناريو نفسه ولكن بصورة مكثفة من اطلاق المستوطنين ليعيثوا فساداً وتكثيف الاستيطان الذي حقق أرقاماً قياسية في السنة الأخيرة ومعاقبة الاسرى وممارسة الضغوط والحصار المالي على السلطة وانتهاز اللحظة العربية المريضة للعب على مسارين فلسطينيين بهدف تكريس الانقسام والاعتراف به كواقع فلسطيني نموذجي يتيح للاحتلال التنصل من حل الدولتين ويبدد آمال الشعب الفلسطيني في المصالحة التي يخشاها الاسرائيليون ويعملون على وأدها حتى لو وصل الأمر الى الاعتراف بكيانية غزة لحماس.
- مثل هذا الوضع لا يمكن ان يفرز سوى التحدي للاجراءات الاسرائيلية حتى لو انضمت الأنظمة العربية الى معسكر التجاهل ووثقت علاقاتها مع اسرائيل. فالشعب الفلسطيني لم يراهن قط على النظام العربي بل ثار منذ البدء في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي والوضع العربي تحت الاستعمار المباشر وهو وضع لا يختلف عما هو عليه الآن، فالأنظمة جديدها وقديمها ما زالت تلهج بالطاعة للغرب وبالتحديد للولايات المتحدة ولا أظن ان شعبنا سينكسر لأن محيطه مهزوم ومتآمر بل هو أشد تصميماً على الصمود، فالملمات دوماً عامل وحدة لمواجهة العدوان الاستيطاني وقد اكتسبنا نضجاً سياسياً وميدانياً بحيث لن نسمح للاحتلال ان يستدرجنا الى كمائنه العسكرية او السياسية، فالمقاومة فعل شعبي دوماً لا أحد ينقضه والشعب الواعي هو القادر على ادارة معاركه دون ان يستدرج الى ما يريده الاحتلال. فالمقاومة هي الاتيان بما يرفضه الاحتلال والامتناع عما يريده. فهل نحن واعون؟
- جدعان السياسة النباتيون
- بقلم: موفق مطر عن الحياة الجديدة
- نتمنى على ساسة تحولوا فجأة من مشايخ الى نواب الصوم، ليس عن الطعام والشراب وانما عن التهديد والتحذير، والتخوين والتكفير والفرز: أنا مسلم، انت كافر ملحد، أنا وطني وانت عميل، فالكف عن بث نذير الشؤم فضيلة وعمل صالح فليكسبوه وأجرهم على الشعب... ليتهم يصومون من لحظة استبيان الخيط الاسود من الأبيض وحتى غروب نجمهم الساطع الذي اذا اصاب العيون يعميها، أو فليذهبوا الى "المكابح" ليقضوا شهوتهم في سفك الدماء، لعلهم يستعيدون عافيتهم اثر افطار دسم ووجبات "لحمية حمراء" فتصريحاتهم المدوية تمنع على المؤمنين بهذا البلد اتمام صلواتهم اليومية الفردية والجماعية وحتى الوطنية، تقطع صلاتهم، وتخرب توادهم وتراحمهم، وتغتال المحبة والسلام، ويبددون الثقة بالقانون!! مع أن فتاوى فقهاء السياسة والأخلاق والاجتماع والاقتصاد حللت " صوم العمر " وحرمت الكلام والخطاب أو الفعل أو السلوك أو الاشارة أو وحتى مجرد التفكير بإيذاء الانسان لأخيه الإنسان، فكيف يقوى هؤلاء على تفخيخ وتفجير بيت العائلة الوطنية؟!.
- كم تمنيت ان يكون "قادة سياسة في بلدي نباتيين" فمن لا يطيق ذبح وأكل الأنعام والطير والحوت فإن دم الانسان في عهده وعهدته سيكون حتما مصاناً ويسري في عروق صاحبه بأمان!!..
- يظن زعماء "الجماعة" بالبلد أن "الانقسام والصراع الداخلي مجرد" طوشة، حتى أن البعض يظن أنها مجرد لعبة شطرنج يحرك بيادقها على رقعة البلد، ظنا انه الملك، المنتصر دائما!!
- يعتمون على بصيرة الانسان، يزورون سجلات التاريخ، ان لم يحرقوا مالا يعجبهم يستأصلون أدمغتنا، ويعلبون مفاهيمهم ويسوقونها كطعام " لحراس " الجماعة" وتجار الذخيرة والسلاح!!
- يسوغ دكتور من هؤلاء يشتغل بالسياسة الكراهية والصراع، والموقف العدائي من الآخر بين ابناء البلد رغم انهم جميعا مؤمنون؟! وينسى الدكتور السياسي تقديم وصفة العلاج، فالجسد الوطني لو علم الدكتور أنه ان اصيب بالحمى في ظل انتشار داء انيميا الوعي الذي يزرعونه في بيوت مكيفة انشئت في ظلال كرسي الحكم - هي بكتيريا - تؤدي إذا وصلت للمركز العصبي لانعدام الاحساس بباقي أجزاء الجسد الوطني فتتراجع البصيرة، تصير الكراهية حاكما مستبدا، وقانونا لسلوك الأفراد والمجموعات، فينحرف عقل الانسان فيسقط صاحبه بفوهة بركان. فهل يقدر "جدعان السياسة" وابطالها الحقيقيون على وقف هذا الانحراف، وانقاذ الشعب والوطن حينها؟! اذ ليتهم يتحولون الى نباتيين، فليس في النبت ما يشبه الدم....عذرا فرب البندورة أحمر..لكن ليس كل أحمر دماً، وليس كل دم مقدس كدم الانسان!
- المصالحة الفلسطينية: خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء
- بقلم: زياد أبو زيّاد عن جريدة الصباح
- ربما كانت نقطة الخلاف الأساسية التي أعاقت، وللمرة الألف، إتمام وضع ما قيل إنه “اللمسات الأخيرة” على اتفاق المصالحة الفلسطينية، تتعلق بعدم موافقة رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل على إقرار قانون انتخابات موحد للشعب الفلسطيني، وإصراره على تحديد “سبع دوائر انتخابية”، إحداها للأراضي المحتلة عام 1967 وفق النظام المختلط (النسبي والقوائم) والدوائر الست الأخرى للفلسطينيين في الخارج، وفق نظام التمثيل النسبي، وإصراره أيضاً على ما أسماه “مراعاة الخصوصية” لكل من المجلسين التشريعي والوطني، المتأتية من اختلافهما في الدور والصلاحية، ناهيك عن ضرورة عدم تزامن انتخاب هذين المجلسين، وهو ما اعتبر، بنظر أوساط فصائل منظمة التحرير، بمثابة تكريس للانقسام المتواصل منذ نحو ست سنوات.
- بطبيعة الحال، لم يكن الخلاف بشأن قانون، أو قانوني الانتخاب اللذين يلبسان المجلس التشريعي قبعة “الممثل الشرعي” الموازي لمنظمة التحرير ومجلسها الوطني، هو الوحيد الذي برز على سطح لقاء القاهرة الأخير الذي كان ينبغي أن يكون “بروتوكولياً” يتم خلاله إعلان آليات تنفيذ ما سبق الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة، بعدما جرى تذليل عقبة أولوية الانتخابات العامة، كما أرادت “فتح”، أو أولوية “حكومة المصالحة” المكوّنة من كفاءات وطنية برئاسة محمود عباس، كما رغبت “حماس”، من خلال اتفاق الجانبين على “التزامن” في إصدار مرسومي الحكومة والانتخابات . إذ، وعلى حواف هذا الخلاف المركزي، طفت خلافات أخرى، من نمط التباين حيال نواب المجلس التشريعي بين كونهم نواباً في المجلس الوطني الجديد، بشكل تلقائي، وبين خضوعهم للعملية الانتخابية، والاختلاف بشأن أهلية لجنة الانتخابات المركزية للإشراف على انتخابات المجلس الوطني، علاوة على الخلاف بشأن نسبة الحسم .
- وعلى رغم أن اوساطا في الحركتين (فتح وحماس) تصر على أن ثمة فضاء واسعاً لإنجاز المصالحة وترجمتها على الأرض، إلا أن واقع الحال يشير إلى عكس ذلك . ويكفي التدقيق في المهام المطلوبة من حكومة الكفاءات، في حال تشكيلها، للتيقن من حقيقة أن الحراك الفلسطيني المتعلق بالمصالحة ليس أكثر من عبث وهذيان وتقطيع وقت بانتظار ما تحمله المرحلة المقبلة من تطورات إسرائيلية وإقليمية ودولية، ومعرفة المدى الذي ستذهب الإدارة الأمريكيّة في فترة رئاسة أوباما الثانيّة في مقاربتها لملف الصراع في المنطقة . إذ ينبغي لهذه الحكومة قبل أن تذهب، وحتى تذهب أنْ تحضّر للانتخابات التي لم يتم الاتفاق على قانونها ونظام إجرائها، وأن تعيد إعمار غزة، وتوحد مؤسسات السلطة الفلسطينية من أمنية ومدنية، وبعد كل ذلك يتم، كما تصر “حماس”، تعيين موعد إجراء الانتخابات .
- ومع أن من غير الواقعي أو الأخلاقي تحميل حركة “حماس” مسؤولية وضع العصي في دواليب المصالحة التي تشكّل مصلحة حيوية للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، كون “فتح” تتحمل نصيباً وافراً من هذه المسؤولية، ناهيك عن تأثير الأطراف الخارجية، وبالأخص السلطات الإسرائيلية التي تستطيع التحكم بقدرة الحكومة الفلسطينية المؤقتة المقبلة على العمل، وبإجراء الانتخابات أو عدم إجرائها، وباحترام نتائجها أو تعطيلها.
- غير أن الحركة الإسلامية مافتئت تقدم المؤشر تلو الآخر على عدم جديتها في إنجاز اتفاق االمصالحة وترجمته على الأرض . ولعل الأبرز في هذه المؤشرات، خلال الأيام الأخيرة، وبعد إعلان مدير عام المكتب الإعلامي في حكومة “حماس” في قطاع غزة، وكالة أنباء رسمية ستكون متحدثة باسم حكومة القطاع، في موازاة وكالة الأنباء الرسمية لمنظمة التحرير والسلطة وفا، إعلان عضو المكتب السياسي في “حماس” د . خليل الحية، يوم 15 الجاري، بأن حركته لن توافق على إجراء الانتخابات وإتمام المصالحة ما لم ينجز ملف الحريات العامة بالضفة المحتلة .
- يمكن، وفق الملموس، قول الكثير في مواقف “فتح” و”حماس” اللتين تحرصان، من خلال تمسكهما المعلن بالمصالحة، على ألاّ تتحملا المسؤوليّة أمام الشعب عن استمرار الانقسام، وحتى يحاول كل منهما تحقيق أهدافه التكتيكيّة: “فتح” بالحصول على دعم جميع الفصائل لبرنامجها السياسي وقيادتها للسلطة والمنظمة، و”حماس” باستخدام المصالحة بوابة للحصول على الاعتراف والشرعية العربية والدولية، إلا أن الأهم هو اتضاح حقيقة عجز القيادات الفلسطينية، بمختلف مسمياتها وتلاوينها، عن تجاوز عقبة الانقسام، وتالياً عن تحقيق الحد الأدنى من الأهداف الوطنية العليا، لا بل وعدم قدرتها على قيادة حراك الشارع الفلسطيني، وترجمة شعار المقاومة الشعبية السلمية
- وصلت رسالتكم .. ولكن!
- بقلم: صبري صيدم عن وكالة وفا
- وصلني الأسبوع الماضي رد من لجنة الانتخابات المركزية على ومضتي السابقة التي حملت عنوان: "لماذا العزوف؟". وقد قامت جريدة "الحياة الجديدة" مشكورة بنشر هذا الرد الذي أقدره واحترم ما ورد فيه رغم اختلافي مع بعض جوانبه.
- ورغم أن الومضة المشار إليها لم تجعل لجنة الانتخابات المركزية موضوعها الرئيس وإنما ركزت على الانقسام والمصالحة والفصائل وعزوف المسجلين، إلا أنني أقدر للجنة أنها سخرت بعض الجهد للرد على ما ورد في المقال. كما وأنني أردت شخصيا الاستفادة من هذا النقاش مع زملائنا في اللجنة الموقرة على أرضية الانتقاد البنّاء أو بالأحرى على قاعدة وضع النقاط على الحروف لا تسجيلها في مدونة السلبيات.
- وبداية أود التأكيد على احترامي للجنة وثقتي الكبيرة بها وبمهنيتها ونزاهتها. لكن وكما يقال: صديقك من صدقك وليس من صدّقك. وعليه أقول إن ما أورده ليس لغرض استقدام الردود لتفنيد التحديات بل لخلق الفرصة المناسبة لدى اللجنة لمراجعة الذات وتطوير الأداء. فنحن لا نعيش في زمن الأنبياء والملائكة لنتقن القول والفعل بل كلنا خطّاء ومعرّضٌ لاحتماليات كثيرة.
- نعم كثير من الشكاوى سمعتها ومن كثير من الناس عن تباعد المراكز جغرافيا بين مراكز لجنة الانتخابات المركزية أثناء التسجيل الأخير وعدم الدراية الشعبية بوجود مراكز متنقلة وبطء عملية التحديث. نعم هذا ما سمعته وفي أكثر من مجلس واجتماع ولقاء.
- هناك أيضا أمور أخرى تشغل البال لكنني سأختار مثالين محددين أقولهما اليوم وأعترف بأنهما كانا الدافع للرد على ما ورد من اللجنة رغم قناعتي بأن أمرهما ليس بيد اللجنة بصورة مطلقة لكنني أذكرهما اليوم ليأتيا بعيدين عن زحمة الانتخابات حتى لا يأتيني موظف ما في اللجنة العزيزة فيشتكي من ضيق الوقت المتاح فتضيع الاقتراحات والملاحظات في زحمة التحضير للانتخابات، وتجنبا أيضا لاعتبار الاقتراح في ذروة العمل وكأنه محاولة للانتصار لطرف ما.
- نعم اليوم لدينا فرصة لمراجعة أمرين مهمين، سجلّوهما يا إخوتي في اللجنة ليس لتردوا عليّ بتعقيب لاحق بل لتبحثوا بهما.
- أولهما: لماذا يتوجب علينا الاستمرار في تغطيس أصابعنا بحبر الغفران والشفاعة في كل مرة نتوجه للاقتراع؟ ولماذا نحتاج للوقوف في صفوف الناخبين كما وقف آباؤنا أمام مراكز توزيع الطحين والحليب ذات يوم؟ ألا يمكن أن نتبّنى استخدام التكنولوجيا في الاقتراع من خلال التصويت الإلكتروني في بلد يستخدم التكنولوجيا فيه حوالي 78 % من الشباب؟ وحوالي 60 % من غيرهم؟
- أعرف تماماً أن الموضوع ليس سهلاً ويحتاج لتجهيزات مهمة وحملة توعوية كبيرة وقوانين ناظمة. لكنه ليس وليد اللحظة فقد طرح الأمر في العام 2005 وحتى أكون أكثر دقة ولا أحمل أحداً الإزر فإن هذا الأمر جاء بمبادرة منّي في ذاك العام بصفتي الوظيفية آنذاك وقد قدم الأمر للجنة الانتخابات المركزية لتجريبه لكنها أشارت إلى ضيق الوقت آنذاك وأهملت الأمر لكنها عادت وعبرت عن رغبتها متابعة الأمر بعد الانتخابات. ثم جاءت الانتخابات البلدية بعد أعوام طوال ولم نرَ مجرد تجربة للأمر، لنعود اليوم وبعد ما يقارب العقد من الزمن لنطالب من جديد بالتوجه إلى مراكز الاقتراع لتغطيس أصابعنا بالحبر الملائكي والاصطفاف في طوابير الفزعة الانتخابية.
- وثاني القضايا أو الأسئلة خاصة بعد أن أنجزت الآن مرحلة تحديث البيانات هو التالي: لماذا لا نبقي التسجيل مفتوحا للجميع اليوم دون إغلاقه؟ مفتوحا للناس بكامل مشاربها وانتماءاتها؟ ولماذا يمس استمرار فتحه بالشفافية والمصداقية؟
- أفهم أننا نحتاج لفرض آجال زمنية لخلق الحافزية لدى الناس للتسجيل. الآن وبعد أن فعلنا هذا الأمر، لماذا لا نعاود فتح الباب أمام تحديث السجل لمدة تنتهي قبل أسابيع من موعد الانتخابات؟
- الرسالة للجنة الانتخابات اليوم بأننا جميعا نعي حجم الضغط الذي يعتليكم، لكننا أيضاً نؤمن كما تؤمنون بتطوير الجهد الانتخابي وضمان شفافيته ومحاكاته لشروط العصرنة التكنولوجية. لذا فإنني لا أنتظر منكم رداً مكتوباً وإنما اتصالاً هاتفيا بغرض التطوع للمساعدة. ولتكن الانتخابات المقبلة فرصة لتجربة التصويت الإلكتروني. فأن تأتي متأخرا خيرٌ من أن لا تأتي أبدا! ودمتم.
- فياض.. الفرس الخاسرة في الرهان!!!
- بقلم: بكر ياسين اشتية عن وكالة معا
- عندما عرضت هذه المقالة على بعض المقربين، نصحوني بعدم الرهان على الفرس الخاسرة، فالعمر السياسي الافتراضي للدكتور سلام فياض قارب على الانتهاء، لكن حقيقة يعز علي أن أرى بعض المتباكين على الوضع المالي المتردي للسلطة الفلسطينية (من ذوي الكروش الممتلئة) على وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي ممن عززوا رصيدهم الحزبي أو التنظيمي أو الشعبي على حساب الدكتور سلام فياض، لا لأنهم ذوو رؤية اقتصادية ثاقبة كما يدّعون، بل لمجرد أنهم وجدوا بشخص فياض ضالتهم، فلا خلفية حزبية أو تنظيمية تحميه أو تردع المتطاولين عليه.
- بدايةً...
- أؤكد مرة أخرى على ما كنت قد كتبته سابقا في مقالي حول (عسكرة الاقتصاد الفلسطيني)، والذي سلّط الضوء على إرث اقتصادي مهترئ، بدأ مع بدايات السلطة الفلسطينية برموزها الكبار، ومر بفوضى وعبثية في سياسات التوظيف والتفريغ التي كانت أبعد ما تكون عن أي رؤية تنموية، وصولا للانقسام البغيض الذي عزّز الحصار على غزة، وزاد من عزلتها الدولية (إلا من البعض)، وفاقم الأزمة المالية للضفة الغربية، خصوصا في ظل احتجاز أموال المقاصة من قبل الجانب الإسرائيلي من جهة، واحتجاز قطاع غزة لفواتير مقاصة مشترياتها من السلع والبضائع الإسرائيلية عن حكومة رام الله من جهة أخرى.
- وكنت قد تطرقت لفكرة أن الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها السلطة الفلسطينية ليست وليدة (فياض)، ولا وليدة الاعتراف الأممي بدولة فلسطينية منقوصة العضوية، ولا وليدة انقسام، ولا وليدة فساد، ولا وليدة انتفاضة، ولا وليدة أوسلو، بل هي مركب ومزيج من كل تلك التراكمات، وبالتالي يصعب علينا وضع وصفة سحرية لحل مستعجل لأزمة الرواتب في ظل كل تلك التناقضات التي نعيشها، فالحل الآني الوحيد يكمن في إعادة تدفق المساعدات الخارجية من جهة، وإنهاء الانقسام من جهة أخرى، وفي الحالتين، لا أرى فياض في الصورة.
- ما يثير حفيظتي في هذا الاتجاه هو، هل تطرق اقتصاديو الإذاعة والتلفزيون، وغيرهم من الناشطين السياسيين الراقصين على وتر التمثيل الشعبي، هل تطرقوا لحلول حقيقية مبنية على دراسة واقعية لحال الاقتصاد الفلسطيني؟ أم هي اسطوانة يتوارثوها؟ فتارة أستمع لتصريحات حول العدالة الضريبية، وتارة عن ترشيد الإنفاق العام، وتارة أخرى عن بروتوكول باريس، وفي كل مرة أنتظر أن أستمع لفكر اقتصادي عميق لتوصيف الحالة وإعطاء وصفة العلاج، لكنها غالبا نفس العموميات ونفس التشخيص السيئ.
- أتساءل، هل جرؤ أحدكم على التطرق لفتح ملف صندوق الاستثمار الفلسطيني ضمن تحليلكم الحكيم لواقعنا الاقتصادي؟ هل توافقتم مع رؤية فياض حول تقليل نفقات المحروقات والصيانة بسحب السيارات الحكومية من أفراد الجهازين المدني والعسكري ممن لا تستخدم السيارات لديهم لمهام رسمية؟ هل تطرقتم للإنفاق المبالغ فيه على الرتب والمناصب المدنية والعسكرية، وعلى ملف التقاعد الذي أبسط ما يمكن تشبيهه بالقنبلة الموقوتة؟ هل تجرأتم على الموافقة على رفع العبء الضريبي على شريحة كبار المكلفين من أصحاب الوكالات والاحتكارات التجارية؟ هل تجرأتم على إرجاع الخلل في بروتوكول باريس (الموقع سنة 1994) لأي شخص غير شخص الدكتور سلام فياض؟ أنا على قناعة أنه لو كان هو عرّاب بروتوكول باريس، لنصبت له المشانق في الساحات والميادين. إذن، إن لم تمتلك الشجاعة لتشريح كامل جسد الأزمة الفلسطينية، فحبذا لو تصمت.
- لست من المدّعين أني أحمل حلولا فورية لأزمتنا الخانقة، فللأزمة أبعاد سياسية وحزبية وتنظيمية لا تحل بالأدوات الاقتصادية، ولست أدعي أن الدكتور سلام فياض فوق كل انتقاد، فمحاضراتي في الاقتصاد الفلسطيني شاهد على انتقادات علمية للكثير من سياساته الاقتصادية، لكني لا أعزل أو أستثني باقي اللاعبين المؤثرين في مسارنا الاقتصادي. كل ما أبحث عنه هو شيء من الموضوعية في طروحاتنا التحليلية. نعم، أحترم بعض المختصين ممن أستمع لتوازن محايد في تحليلهم، وأسعى جاهدا لتعزيز هذا التوجه بعيدا عن أي انتماءات أو نزاعات حزبية.
- قد لا يكون فياض هو الفرس الرابحة في هذا الرهان، لكني لن أراهن على الفرس الجبانة.
- الشهيد الاسير جرادات مضى على طريق حرية فلسطين
- بقلم: عباس الجمعة عن وكالة معا
- في الصفحات تتبدل الأحلام، سقط الشهيد عرفات جرادات في معركته الأخيرة إلا أن حربه لم تنته بعد، ضد الاحتلال، والطغيان، حرب ضد الظلم والاضطهاد الصهيوني، الذي يتعرض له أبناء شعبه على ارض الوطن فلسطين، حرب ضد السجن والسجان، وحرب ضد عوامل الزمن والنسيان، ورغم طعنة الغدر بقى يرفع قبضته متحديا السجن والسجان وعوامل الزمن.
- نعم نقول ذلك ونحن نرى شعب واسرى احرار يصنعون فجراً لحرية قادمة، يقول نيلسون مانديلا "لا يسلب السجن حرية الإنسان وحسب، بل يحاول أن ينتزع إنسانيته"، لكن الفلسطيني يبدو مختلفاً بعض الشيء فهو يسعى لأن ينتزع هويته الوطنية من براثن الاحتلال، واليوم يمضي عرفات جرادات شهيدا في زنازين التحقيق، بعد ان تناوب العديد من ضباط المخابرات، مستخدمين شتى الأساليب والوسائل لانتزاع اعتراف أمني منه من خلال الضرب المبرح والتعذيب بالسياط والصدمات الكهربائية وعمليات الشبح، حيث قابله بهجوم وطني مضاد، وأيقظ روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني في معركة المجابهة والتحدي.
- وتخطئ حكومات العدو الصهيوني، إن هي ظنت أن الشعب الفلسطيني انتهى، وأنه غرق في دوامة خلافاته السياسية الداخلية، وأن حلم الدولة بات في مهب الريح بعد حالة الانقسام ما بين الضفة وغزة، وبالتالي لن يستطيع أن يفعل شيئاً في مواجهة سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية، فتظاهرات التضامن مع الاسرى أتت كأكبر دليل على حيوية هذا الشعب وقدرته على إيصال صوته في المكان والزمان المناسبين ولتقول للعالم اجمع ان الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قادمة لا شك.
- أن الواقع بات معبأ بالكثير من الحقائق المؤلمة عن مستقبل القضية الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني، في ظل الأحداث الجارية في المنطقة التي تؤشر إلى مزيد من الانحدار لأوضاع الشعوب العربية وخاصة الشعب الفلسطيني، حيث تشير تناقضات المواقف العربية في مختلف القضايا لا سيما الساخنة والمتصدرة لمشهد الأحداث إلى أن الشأن الفلسطيني في ذيل الحسابات العربية، في ظل حالة الاصطفاف غير المسبوقة لجامعة الدول العربية مع المعسكر الأميركي، حيث لم تتخذ الجامعة العتيدة اي قرار داعم لصمود الشعب الفلسطيني بمواجهة الاحتلال الصهيوني وجرائم الحرب التي يرتكبها سوى بيانات الادانة، مع أن أضعف الإيمان أن تدعو جامعة الدول العربية أطراف اتفاقية جنيف للانعقاد لإلزام كيان الاحتلال الصهيوني باحترام حقوق الأسرى ووقف استمرار التعامل معهم كمجرمين، وليس المقاطعة الاقتصادية وليس المطالبة بالبند السابع، وفي هذا المقام لا نعفى القيادة الفلسطينية من المسؤولية لعدم تحركها المطلوب لتوظيف وضع الدولة لفلسطين المحتلة في الانضمام إلى اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، والتوجه إلى المحكمة الجنائية ووضع جرائم الحرب الصهيونية أمامها، وعدم الرضوخ لمطالبات حكومة الاحتلال الصهيوني للرئيس الفلسطيني محمود عباس بوضع حد للاحتجاجات الشعبية التي تشهدها مدن الضفة الفلسطينية، وتحذيراتها له من عواقب استمرار التظاهرات المنددة بجرائم الحرب الصهيونية ضد الأسرى الفلسطينيين، فواضح أن كيان الاحتلال الصهيوني بدأ يتحسب لاحتمالات تفجر انتفاضة فلسطينية ثالثة تشغله عن جرائم الإبادة ونهب الأرض.
- لقد بات الشعب الفلسطيني بحاجة فعلًا اليوم إلى القيام بانتفاضة ثالثة، لعل في هذا العالم الذي أضحى ضميره بيداء قاحلة من يسمع أصوات الألم والمآسي المنبعثة من داخل سجون الاحتلال الصهيوني ومن الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونأمل أن لا يتدخل الإطفائيون العرب لمنع تفجر هذه الانتفاضة، التي قد يعتبرونها معيقة لمخطط تدمير المنطقة.
- وها هي فلسطين في اللحظة النضالية الراهنة تؤكد وفائها للأسرى البواسل، المسربلون باغلال الإحتلال، وفي مقدمتهم الاسرى سامر العيساوي وايمن الشراونة ومحمد التاج الذين يستمدون معنوياتهم من الشعب الفلسطيني.
- ان المسيرة النضالية الفلسطينية المجلجلة والدم الفلسطيني المقاوم النازف يجمع محطات نضالية على قيادته ان تسير بأجمعها من خلفه، من خلال الملحمة الفلسطينية بأسطوريتها الفريدة.
- ان الشعب الفلسطيني العظيم الذي هب هبة رجل واحد باستشهاد الاسير عرفات جرادات وتضامنا مع رفاقه الاسرى الذين يخوضون معركة الحرية ، يؤكد بما لا يدعي الشك ان عذابات وتضحيات وبطولات الاسرى ترسم لنا المستقبل الموعود لأنهم وحدهم أكثر من دفع أثمان تحصيلها .
- ان الشعب الفلسطيني بهذه النماذج المناضلة لن يُهزم، أويستسلم، أويفرِّط وهو يتهيأ لانتفاضة ثالثة، لذا يقع على عاتق الفصائل جميعها دعم وتطوير هذا الحراك، وتوفير متطلباته.
- ان اهمية انتفاضة الأسرى، أنها تعزّز ثقة الفلسطينيين بأنفسهم، وتحثّهم على اعتماد المقاومة بالوسائل الشعبية، لملاءمة أشكال كفاحهم مع إمكانياتهم وقدراتهم، والوقوف مع الاسرى الذين يواجهون الاحتلال بصدورهم العارية، ويسطرون بأمعائهم الخاوية ملاحم البطولة في مواجهة الجلاد الصهيوني.
- امام كل ذلك نتسأل لماذا هذا الصمت العربي والدولي والتواطؤ مع الكيان الصهيوني، واين الشرعية الدولية والامم المتحدة لمطالبة حكومة العدو بإطلاق سراح الاسرى باعتبارهم مناضلين من أجل الحرية والتأكيد على دورهم النضالي الذي يصنعون من خلاله ملحمة القيد والحرية، واذا كانت هناك مصداقية للامم المتحدة جادة فلتتخذ عقوبات رادعة بحق دولة الكيان ومعاقبتها على جرائم الحرب ،وباعتبار ان استشهاد عرفات جرادات جريمة حرب،ومناف للديمقراطية وخرق لكل الأعراف والمواثيق والقوانين والاتفاقيات الدولية.
- ختاما : لا بد من القول استشهد جرادات، في معركته الأخيرة من أجل الحياة الحرة الكريمة من اجل تحرير فلسطين، معاهدا وطنه وشعبه ورفاق دربه وعائلته، على أن يجسد في رحيله كما في حياته، معنى أن يكون الإنسان مناضلا عربياً فلسطينيا تحت قبضة السجان والجلاد الإسرائيلي... معنى أن يكون الإنسان موقفاً وقضية ورسالة في حياته ومماته، معنى أن تتجسد فيك الحياة كوقفة عز.
- عرفات جرادات .. سلاما
- بقلم: حمدي فراج عن وكالة PNN
- تقول اسرائيل ما تقوله كل دول السجانين في العالم الثالث ، وعلى الاخص منهم ، السجانون العرب ، حين يقضي بين ايديهم سجينا خلال فترة التحقيق ، من انه مات بالسكتة القلبية او الذبحة الصدرية ، ظنا منهم ان هذا غير قابل للدحض ، وأنه من الصعوبة بمكان الذهاب الى قلبه ومعرفة الكيفية الحقيقية لطبيعة الذبحة التي أجهزت عليه ، ومع ان هذا قد تجاوزته علوم الطب الحديث وتكنولوجيا علم التشريح ، من جهة ، و تكنولوجيا تطوير وسائل واجراءات التعذيب الحديث ، التي من شأنها تجنب التعذيب الجسدي العنيف الذي يترك آثاره على جسم السجين ، والتركيز على التعذيب النفسي الذي يقود الى الارهاق البدني من خلال تعريضه للبرد الشديد شتاء والحرارة الزائدة صيفا ، بما في ذلك تشغيل المكيفات بالقرب منه ، ومنعه من النوم والطعام و الاستحمام ، وحتى منع استخدام المرحاض والدفع به ان يعملها على نفسه حين يكون مشبوحا لساعات واحيانا لايام بلياليها ، ناهيك عن عمليات اذلال ممنهجة ، تصل ان يدخلوه الى بقية الموقفين وهو عار كما ولدته أمه بدعوى انهم يبحثون له عن مكان ملائم لكي يستحم فيه . ان كل هذه الوسائل كفيلة بأن لا تترك على جسده كدمة تعذيبية واحدة ، لكنها كفيلة بأن تقتله وتوقف قلبه ، فيخرج عليك السجانون ، ليقولوا للرأي العام ، انها مجرد ذبحة ، انتابته فجأة وحاولنا انقاذه ، ولكن قلبه لم يحتمل ، وهي لربما اشارة غير مباشرة ان السجين كان مريضا من دار اهله .
- ألا يوجد في دولة اسرائيل كاميرات مراقبة على غرف التحقيق ، او تسجيلات صوتية لافادات الموقفين ، وهي ، الكاميرات اصبحنا نراها في المؤسسات الصغيرة والكبيرة و الساحات و الشوارع ، حتى الشارع المحاذي لمنزلنا داخل ازقة المخيم فيه كاميرا على مدار الساعة ، لو كانت اسرائيل صادقة ، لعادت الى هذه الاشرطة الديجتالية صوتا وصورا ، قبل ان تصدر بيانها ان عرفات جرادات قد قضى بالسكتة ولّما يمض على اعتقاله اكثر من اربعة أيام ، اي ست وتسعون ساعة ، كانت كفيلة بوضع حد لحياته . وهنا نسأل ، لماذا لا تطالب السلطة بنسخة من هذه التسجيلات ، او عرضها على جهة محايدة ، كمصر او الاردن او الامم المتحدة .
- لماذا يلجأ الجلاوذة الى هذا الكذب ، لطالما انهم المسؤولون عن السجين حتى لو قضى فعلا بالسكتة القلبية ، ولطالما ان وسائل التعذيب النفسي تقود الى ازهاق الروح . حتى اقدام معتقل على الانتحار ، يتحمل مسؤولية انتحاره سجانوه ، ولهذا يصادرون منه كل مقتنياته بما في ذلك ربّاط حذائه .
- المسألة تتعلق بإسرائيل الدولة وسمعتها الرائجة من انها دولة ديمقراطية ومتحضرة ولا تعذب المعتقلين ، كما يفعل جيرانها ، أما طواقم التحقيق والتعذيب ، فهؤلاء حتى بعد ادانتهم بالقتل "غير العمد" بالكاد يتم توبيخهم .
- عرفات جرادات من سعير ، سلاما ، فقد أكدت على حقيقة هذه الدولة التي على مدار عشرين عاما ، تدعي انها دولة سلام وديمقراطية .
- لماذا يحتاج الشعب الفلسطيني لانتفاضة ثالثة
- بقلم: فراس الصيفي عن وكالة PNN
- لدينا ورقتين، الأولى كانت عام 1987 وارتوت بدمائنا وبأرواحنا ، والأخرى عام 2000 ولدت من رحم الورقة الأولى بمواصفاتها، وحين عرضنا هذه الورقة على العالم اتهمونا بالإرهابيين، كنا ولا نزال أبناء وطننا الحبيب فلسطين، نقاوم ونخاطر ونحاصر ونقتل دون أن يهتز شعر لأحد غيرنا ، نحن نكسر الزجاجة ونجن من يتأذى بها، ونحن من يقطب الجرح الذي شق جلدنا، لنصل في نهاية المطاف لمجزرة شنعاء يقتات عليها زعماء القادة الصهاينة، كلنا يعلم أن العالم لن يسمع لنا وأن فرصتنا الوحيدة هي أمام الله عز وجل، ولكننا نعود ونقنع العالم بأننا شعب يستحق الحياة وأننا شعب مسالم، لا يريد إلا العيش بكرامة.
- من هنا بدأت الحكاية حينما توجهنا سياسيا نحو العالم وليس بالسلاح، نعم علينا مقاومة الإحتلال، ولكن دعونا نفكر معا كيف؟ وكيف سنروج لهذه المقاومة الشعبية أو المسلحة، دائما تسبقنا الصهيونية تجاه العالم ويقولون لهم: انظروا ماذا فعل الفلسطينييون بكلابنا وبمزروعاتنا وبأطفالنا لقد أذاعوا الذعر بينهم، لقد دمرونا ونحن لا نكون سوى رمينا حجرا على دبابة مصفحة اجتاحت القرية انهم يخيفون اطفالنا ونساءنا ماذا تريدوننا ان نفعل؟ انهم يقتحمون بيوتنا ( المستوطنات) يقذفون عليها الصواريخ من كل جانب ونحن نبتسم لذلك.
- يكتبون ذلك باللغة الإنجليزية وليس العبرية لأن العبرية لديهم هي إعلام آخر، للشعب فقط ليحثوه بالبقاء، يكتبون هذه النكت بلغة العالم، ونحن نكتبها بلغتنا العربية كأننا نقول لجارنا الذي شاهد اعتقال أخي وقتل أبي وهدم بيتي ، اقرأ يا جار ماذا فعلوا بنا.
- لماذا لا نبادر باللغة التي يفهمها العالم، بالقول إنظروا ماذا يفعلون بأطفالنا ونسائنا، يرتدون ملابس الشرطة البوليسية المكافحة للشغب وكأننا مجموعة من الشعب لديهم نقوم بأعمال شغب أمام العالم وحينما يسأل العالم يقولون له إنهم مشاغبون ونحن لا نطلق عليهم النار بل نعيدهم عن بيوتنا بالغاز والقنابل الصوتية فقط لا نريد قتل أحد منهم.
- هناك فرصة ليقتلونا إذا حملنا سلاحنا في وجههم، فهي حجة ينتظرونها منذ نهاية الورقة الثانية ينتظرون أحدا ليقتلوه بسبب رفع السلاح، لقد حاصرهم الشعب الفلسطيني في الزاوية من خلال توجهه للأمم المتحدة، نحن لا نحتاج لانتفاضة ثالثة نحتاج لإعلام يفهم توجه العالم ليقمع هذا الثعلب المحتل.
- لا تنجروا خلف قنابلهم، ولا خلف قتلهم ،قولوا الحقيقة بلغة العالم ودعوا العالم والشعوب تقرر،أستغرب ممن لا يعرفون أن الإسلام هو دين ويقولون عنه بأنه شركة أفغانية.
- دعونا نصل لقلوب الشعوب ونبقى هناك فهي محركنا الأساسي، لا بالقتل ولا باطلاق النار إنما بالحقيقة... نحن نحتاج لانتفاضة عقلية تعيدنا لدمنا وروحنا الفلسطينية والابتعاد عن مساعِ الاحتلال في تقييدنا بنارهم الحارقة.
- الإسلاميون: الولاء للحزب... أم الوطن؟
- بقلم: خالد الحروب عن وكالة سما
- عندما ينتقل أي قيادي حزبي من الأفق الضيق للحزب الذي ينتمي إليه إلى أفق وطني أرحب تضيق به جماعته، ثم لا تضيع فرصة لتهميشه أو التخلص منه. وتنخرط القيادات الحزبية في العمل الوطني والتنافس والصراع منطلقة من مقولة تسير في جينات أي حزب تنص على أن مصلحة الوطن هي في مصلحة الحزب، وأن العمل للثاني يعني خدمة الأول.
- ومع مرور الزمن ومواجهة الأزمات وتعقيدات الواقع تكتشف بعض هذه القيادات أن تلك المقولة ليست مطلقة، وأن مصلحة الحزب، لا تنسجم في كثير من الأحيان، مع مصلحة الوطن، وأن الأولوية يجب أن تكون دائماً للثانية حتى لو اضطر الحزب لتقديم خسارات تكتيكية. والتجربة والاحتكاك تنقل هذه القيادات من مستوى إلى آخر، وهو ما رأينا أمثلة كثيرة له في ممارسة الأحزاب الإسلامية في حقبة ما بعد "الربيع العربي".
- والسلفي عماد عبدالغفور رئيس "حزب النور" سابقاً يكتشف هذا الاصطدام، فيصطدم مع بقية الحزب، لينتهي مستقيلًا ومؤسساً لحزب جديد اسمه، للمفارقة، حزب "الوطن". ومشعل ينتقل إلى أفق وطني ما بعد حزبي بعدما يكتشف ضيق تحزب "حماس" وعنادها في أكثر من سياق، وهو ما يدفع إلى تهميشه، وربما إزاحته عن قيادة حركته. والجبالي، أحد القيادات التاريخية للإسلام السياسي في تونس ورئيس وزرائها بعد بن علي، يكتشف ضيق أفق الحزب ورغبته في الاستئثار بالسلطة، ويطرح تشكيل حكومة تكنوقراط تتجاوز أفق الحزب. وبعيد سقوط مبارك يكتشف عبدالمنعم أبو الفتوح كيف أن "إخوان" مصر لا زالوا تحت الأرض، ويفكرون بمصلحة الجماعة أكثر من مصلحة مصر، فيتركهم ويؤسس حزباً لـ"مصر القوية". وهناك أمثلة أخرى كثيرة بطبيعة الحال.
- وفي الشكل الحديث لممارسة السياسة ضمن إطار "الدولة- الأمة" تبلور الحزب السياسي بكونه شكلاً للتنافس بين الرؤى الإيديولوجية والمصلحية والسياسية في خدمة الوطن المعني. والحزب السياسي يفترض أن يكون هو الشكل الأكثر نجاعة لاستيعاب وتذويب الولاءات السابقة التي تعتمد على القبيلة، والطائفة، والدين، أي على العلاقات الغرائزية التي تشترط ولاءً أعمى يسبق الولاء للوطن وللدولة. والأشكال ما قبل الحديثة للتجمعات البشرية تريد تحقيق مصالح التجمع الصغير، الإثني، أو الطائفي، أو الديني، على حساب مصالح التجمع الكبير، الشعب.
- والحزب السياسي، بالتعريف النظري، يخترق تلك الحدود التقليدية وينضم الناس إليه لتحقيق مصالح مشتركة، بالخيار، وليس لأنهم سليلو عشيرة معينة، أو إثنية، أو ورثوا اتباع دين معين. والفروق الكبيرة بين المجتمع التقليدي والمجتمع الحديث من ناحية ممارسة السياسية والانتماء تكمن في أن الانتماء إجباري في الحالة الأولى (للعشيرة، والطائفة والدين)، واختياري في الحالة الثانية (للحزب، أو أي تنظيم قائم على المصلحة المشتركة)، وتكمن في أن الفرد يُعرّف في الحالة الأولى بـ"من هو" وإلى من ينتمي، وأن الفرد يُعرّف في الحالة الثانية بـ"ماذا يعمل" وماذا يُنجز -بحسب مفهوم "ماكس فيبر".
- وليست الأمور مثالية في الشكل الحديث لتسيس البشرية حتى في أفضل أشكالها الديمقراطية، ذلك أن مصالح الأحزاب تختلط وتبتعد عن طوباوية "خدمة الوطن". ولكن هذا الشكل على سيئاته هو أفضل ما أنتجه الإنسان في سياق الصراع على الحكم وإدارة التنافس بين مكونات أي مجتمع بشري. وفي المنافسة بين الأحزاب، وفي المنافسة بين القيادات الحزبية، وفي المنافسة على رئاسة الدولة، هناك غايات حزبية وإيديولوجية، وهناك طموحات وتوق شخصي للوصول إلى القيادة، ونزعة فطرية لحب الرئاسة وقيادة الآخرين، ولكن هذه الغايات والطموحات والأنانيات تشتغل تحت ضوء الشمس وفي سياق حريات عامة.
- وعوض أن تصطرع بالعنف، تتنافس بطريقة سلمية وحزبية، وهي الطريقة التي تخلف أقل قدر ممكن من الدمار. ومعنى ذلك أن نسبة المصلحة الحزبية أو الشخصية مقارنة بمصلحة الوطن تكون مكشوفة للرأي العام، والرأي العام هو الذي يقرر عبر صناديق الانتخاب. ومعنى ذلك أيضاً أن هناك اعترافاً واقعياً وتصالحياً بأن التنافس السياسي الحزبي ينطوي على قدر كبير من الرغبة والطموح الشخصي الذي يرفع راية "خدمة الوطن والشعب". وطالما أن المرشح للرئاسة، الذي قد تقوده طموحاته الشخصية أكثر من دافع خدمة الوطن، سيضطر لخدمة الوطن ومحاولة إثبات أنه الأفضل عن طريق الإنجاز والخدمة وذلك لتحقيق أحلامه الشخصية في المجد ودخول التاريخ، فلا ضير في أن تتحقق مصلحته عن طريق تحقيقه لأقصى قدر من المصلحة العامة. وطالما أن الحزب يحقق مصالحه مع إنجازات المصالح العليا للوطن فلا ضير في ذلك.
- ولكن هناك ما هو أخطر من الطموح الفردي للوصول إلى القيادة والرئاسة، وهو ما يمكن ترويضه عبر آليات محاسبية ورقابية وفصل للسلطات. والخطر الحقيقي في الحياة الحزبية يتمثل في الأحزاب عميقة التأدلج أو ذات البعد الطائفي، أو العشائري، أو الإثني، أو الديني. ففي هذه الحالة تسود المصلحة الإيديولوجية، أو الطائفية، أو القبلية، أو الإثنية، أو الدينية، على أي شيء آخر، حيث يتم اختصار الوطن والمصلحة الوطنية بكونهما لا يتحققان إلا من خلال تحقيق مصلحة الحزب المعني. وهنا ترتبك الأمور وتختلط ليس فقط على الأفراد والقواعد التابعة للأحزاب، وهم دائماً مقودون بالتعليمات العليا وأوامر الحزب وعليهم السمع والطاعة، بل يطال الارتباك القيادات نفسها المنهمكة في الدفاع عن الحزب حتى العظم، ولو أدى ذلك إلى تدمير مصلحة الوطن.
- ولكن ماذا يفعل الحزبي الذي منح حزبه زهرة شبابه وقضى فيه سنوات طويلة من عمره، طواعية وعن خيار حر، عندما يرتبك ضميره الوطني ويكتشف أن انتماءه وولاءه لحزبه صار يعاكس ولاءه لوطنه، وأن مصلحة الإثنين لم يعد يراها منسجمة كما كان يراها سابقاً؟ الفكرة الابتدائية في التحزب السياسي عند غالبية أفراد أي حزب تفترض أن خدمة الحزب هي خدمة للوطن، وأن تحقيق مصلحة الأول يعني تحقيق مصلحة الثاني. وتتكاثر الحالات التي يبرز فيها هذا الاشتباك والتشظي على مستوى الضمير الوطني والولاء الحزبي عندما ينتقل الحزب من العمل السري إلى العمل العلني، ويكتشف كثير من الأفراد أن الحياة السياسية تحت الشمس غيرها تحت الأرض، وأن تعقيدات الواقع غير خيال المثال المجنح.
- وتحت الشمس وفي ضوء الحرية تختبر المقولات والإيديولوجيات وبعضها، إن لم يكن كلها، تتواضع طوباوياتها وتصبح أكثر عقلانية، وتبرز ثنائية مصلحة الوطن ومصلحة الحزب. والحزب الناجح هو الذي يتأقلم بأسرع وقت ممكن ليتواءم مع مناخ الحرية ويتخفف من وطأة الحزبية والسرية والانغلاق وينفتح على أفق وطني. والحزب الذي يفشل في ذلك يفقد عناصره، أفراداً وجماعات، ذلك أنهم في مناخ الحرية يرون الأشياء بطريقة مختلفة. وهذا ما حدث مع كثير من منتسبي الأحزاب الإسلامية في مصر وتونس وليبيا واليمن والأردن والمغرب وفي كل بلد انفتحت فيه آفاق للعمل السياسي. انتقل حزبيون إسلاميون كثر من أفق الحزب إلى أفق الوطن، وتمردوا على المعادلة المؤدلجة التي تنص عليها دساتير أحزابهم بأن مصلحة الوطن هي مصلحة الحزب.