-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 341
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]
- [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:
- النقد ليس من المحرمات
- بقلم: اسامه الفرا - الحياة
- منظمة التحرير المفترضة والمصالحة المأمولة
- بقلم: عدلي صادق - الحياة
- "بيرزيت" لم تعد منارة؟
- بقلم: حسن البطل - الايام
- التفاهم مع واشنطن
- بقلم: حمادة فراعنة - الايام
- في غزة .. ممنوعات من الجري .. ممنوعون من السفر..!
- بقلم : أكرم عطا الله - الايام
- الشهيد الاسير أنيس دولة إسرائيل لا زالت تخشى ظهوره في جنازة !
- بقلم: عيسى قراقع - معا
- عم.. لتنسحب اسرائيل من جانب واحد
- بقلم: د. أحمد رفيق عوض - القدس
النقد ليس من المحرمات
بقلم: اسامه الفرا - الحياة
اعتدنا أن نصنف النقد إلى نقد إيجابي يحمل مفهوم النصيحة التي يجوز للحاكم أن يأخذ بها أو يتجاهلها، ولكنه بالمحصلة ينطلق من الصالح العام من خلال تقويم الأخطاء وتصويب الأداء، وهنالك النقد السلبي سواء ما حمل مفهوم النقد من أجل النقد أو ذلك الذي يقوم على مبدأ التشهير وتثبيط العزائم، وبالتأكيد أن هذا الصنف لا يراعي الصالح العام وعادة ما تقف خلفه مصالح ذاتية ضيقة، والنقد بشقيه ينفذ إلينا من باب حرية الرأي التي يتشدق بها الجميع، وبالتالي بات النقد، خاصة في ظل تقنية الاتصالات وسهولة الوصول إلى المعلومة، من أدبيات العمل الديمقراطي المكفولة للجميع، وإن كانت طبيعة البشر لا تطرب للنقد بأنواعه، إلا أن سعة الصدر له من العلامات المميزة للقائد عمن سواه.
لكن هنالك من ينظر للنقد نظرة مغايرة لم نعتدها من قبل، حيث يتم تحميل صاحبه ما لا يطيق به من الصفات، تبدأ بتوجيه أصابع الاتهام له بأنه يقوم على خدمة مصالح خارجية طبقاً لنظرية المؤامرة، وهذا بطبيعة الحال يقوده إلى مربع العمالة والخيانة، أو على أقل تقدير يلصق بالنقد تهمة إثارة البلبلة وإضعاف الجبهة الداخلية، وكي تكتمل التهمة يتم تأصيل وتفصيل الناقد بما يخدم تكييف بنود الاتهام.
النقد بات من المحرمات التي لا يجوز الاقتراب منها إذا ما تعلق الأمر بالأنظمة الحاكمة التي جاء بها الربيع العربي، والتحريم جاء على اعتبار أن الأنظمة الجديدة أنظمة إسلامية، وبالتالي ما سواها هي أنظمة علمانية كافرة، على الرغم من أن الأنظمة التي حكمت العالم العربي منذ نشأة الإسلام حتى تاريخه أكدت على أن الدين الإسلامي هو دين الدولة، ودساتيرها نصت على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس للتشريع، وعلى الرغم من أن مصطلح التيارات الإسلامية هو حديث النشأة في عالمنا العربي، وتلونت بصبغة سياسية حزبية واضحة تهدف للوصول إلى الحكم حالها في ذلك كحال باقي الأحزاب السياسية الأخرى، والدليل أنها ضمت في صفوفها من هم من خارج العقيدة الإسلامية، كون ذلك من متطلبات أنظمة الانتخابات في العديد من الدول العربية لتمثيل الطوائف الدينية المختلفة في مجتمعاتها.
وإن تجاوزنا كل ذلك، فكيف يمكن لنا فهم تحريم النقد للتيارات الإسلامية الحاكمة؟، وكيف يمكن لنقد سلوكها أن يدرج ضمن معاني الإساءة للإسلام؟، وهل بات النقد يقوض دعائم الدولة المسلمة؟، لعل أصحاب هذه الآراء غابت عنهم المساحة الواسعة للنقد التي رافقت الدولة الإسلامية منذ نشأتها، ولسنا هنا بمعرض التوقف عند الكثير من قناديلها التي تنير العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ولكننا نتوقف أمام واحدة منها، عندما وقف أعرابي أمام الأشهاد ليصرخ في وجه الفاروق عمر بن الخطاب، الذي ملأ بعدله الأرض، قائلاً "اتق الله يا عمر"، أثارت اللغة حفيظة الصحابة، فما كان من الفاروق إلا أن قدم درساً في الحكم حين قال "لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها".
لم يسجل خليفة المؤمنين هذا النقد اللاذع بأنه إساءة إلى الإسلام، ولم يتهم صاحبه بأنه ينفذ مؤامرة خارجية، أو أنه يسعى لتقويض أركان الدولة، ولم يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد الأعرابي بتهمة الإساءة لحاكم المسلمين، ولم يقل للأعرابي إن حديثه ابتعد عن النصيحة واقترب من التشهير، ولم يتهمه بأنه مأجور ويأمر العسس بأن يأتوا إليه بمن يقف خلفه، بل سجل برده قاعدة وركيزة للحكم الرشيد.
قد يكون من حق الأنظمة الحاكمة اليوم أن تحرم النقد وتخضع صاحبه للمساءلة والملاحقة القانونية، إن كانت تتفوق بنظام حكمها على حكم الخلفاء الراشدين والصحابة من بعدهم، إن الحرص على الدين الإسلامي وتمكينه في الأرض يأتي باتباع تعاليمه لا من خلال تكميم الأفواه، ولا بمنطق الولي الفقيه المعصوم من الخطأ.
منظمة التحرير المفترضة والمصالحة المأمولة
بقلم: عدلي صادق - الحياة
من المفيد، على المستوى الرمزي، أن تحضر «حماس» اجتماع الفصائل في القاهرة، تحت عنوان منظمة التحرير الفلسطينية. فنحن في حاجة الى مؤشرات في الاتجاه التوافقي، الذي تكون فيه الاختلافات في الرأي، ضمن الأطر الوطنية حسب قواعد الالتزام بالديموقراطية. لكن هناك خشية، أن يتخذ معطلو استعادة وحدة الكيان الفلسطيني، من موضوع تفعيل منظمة التحرير والتوجه الى انتخابات لمجلسها الوطني؛ أسباباً للعرقلة، لا سيما وأن موضوع المنظمة، يتعلق بخطوات تقوم على فرضيات. فالمأمول هو إجراء انتخابات لبرلمان المنفى مثلما كنا نسميه، أي المجلس الوطني الفلسطيني. لكن مثل هذه الانتخابات ستُجرى على فرض أن الدول المضيفة، مهيأة لمساعدتنا على هكذا خطوة، أو أن ظروفها تسمح، وهذا هو ما نحتاج الى وقت طويل لأخذ العلم به، مع وقت إضافي أطول، لعملية إعداد السجلات الانتخابية، وهذه عملية حبالها طويلة، وتختلف من بلد الى آخر، وتتداخل فيها مسائل كالجنسيات الأخرى للفلسطينيين والوضعيات الدستورية للناس في بلدان الشتات، وغير ذلك من الاعتبارات. قصارى القول، إن موضوع منظمة التحرير، يمثل مجالاً لعمل مديد تتخلله مصاعب وسجالات ومماحكات، وليس موضوعاً يمكن تنفيذه بسرعة وتُعرف مداخيله ونهاياته، لا سيما إن ظل وضع الانقسام على الأراضي الفلسطينية قائماً!
إن خير ما نستهل به العمل الوطني الديموقراطي، هو تنفيذ اتفاقات المصالحة، بهدف الشروع في عملية استعادة وحدة الكيان السياسي ومؤسسات الدولة الفلسطينية على الأرض. وهذا هو الإنجاز الذي يمكن البناء عليه، سواء لمنظمة التحرير الفلسطينية أو لاشتراع وتكريس القوانين، وتأطير العمل الوطني بقواعد دستورية تقوم عليها سلطة دولةٍ مهابة، تمثل الجميع.
وبالطبع، سيكون التوجه العاجل الى انتخابات رئاسية وتشريعية، عملاً في الاتجاه الصحيح، لأن نتائج هذه الانتخابات ينبغي أن تساعد على «ترميم» الإطار القيادي لمنظمة التحرير لريثما يُعاد بناء أطرها الأخرى، وفق الحقائق الجديدة في الشتات. فقد سئمنا صيغة العناوين والفصائل القديمة، وينبغي أن تساعد نتائج انتخابات «التشريعي» وفق لائحة تتوافق عليها الفصائل؛ في تحديد أحجام التمثيل والتواجد في «اللجنة التنفيذية» لمنظمة التحرير، كإطار قيادي للمنظمة. وسيكون للفصيل الذي يتجاوز نسبة الحسم الحق في الحصول على تمثيل في «اللجنة التنفيذية» بما يتلاءم مع تمثيله في «المجلس التشريعي»، ذلك على اعتبار أن الانتخابات في أراضي السلطة، ستعطي المؤشر التقريبي على الوزن التمثيلي للفصيل، ومن ثم يُصار الى تشكيل «اللجنة التنفيذية» المؤقتة، على هذا الأساس. بدون ذلك ستظل «اللجنة التنفيذية» عالقة الى أن تُذلل كل الصعاب أمام عملية إعداد السجلات وإجراء الانتخابات في الخارج. فمع الاحترام للجميع، إن وضع أمانة سر «اللجنة التنفيذية» الآن، لا يعكس أوزان التمثيل في المجتمع. بل إن بعض تفصيلات تشكيلة اللجنة وعضويتها، تخالف لائحتها مخالفات طال أمدها، وليس أدل على الجدية في التغيير السياسي الشامل، من إعادة صياغة «التنفيذية» بعد الإعلان عن نتائج «التشريعي» لكي يُستكمل المشوار على الأقل بالصيغة المؤقتة!
* * *
بعد اتفاقات أوسلو، مررنا بأوقات لم يكن فيها هناك نصاب للإطار القيادي للمنظمة، إذ كان مجموع الغائبين دائما، والمتوفين والممتنعين عن الحضور، والطاعنين في السن، يُخل بالنصاب. ثم إن لائحة «اللجنة التنفيذية» تشترط أن يكون عضوها متفرغاً لعضويته ولا يؤدي عملاً وظيفياً آخر، فما بالنا عندما يكون عملاً ثقيلاً. إن أول الخطو، هو أن نتعود على الالتزام باللوائح والقوانين. فالقضية الفلسطينية، والسياسة التي نخوض في معتركها، لم تدع لنا ساعة من الفراغ، لكي نقبل بأن يكون الإطار القيادي لمنظمة التحرير، أقل تمتعاً بالوزن التمثيلي.
بقي القول، إن من يراهنون على إعادة بناء «المنظمة» هم أول من يعلمون أن المسألة لا تعدو كونها عملية تجميع للرأي العام الفلسطيني في الشتات بالقدر المتاح، إبرازاً لخياراته الانتخابية. فمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية قبل أوسلو، ظلت دائماً مرتبطة بالصيغة التي كانت عليها علاقات القيادة الفلسطينية مع الدول المضيفة. وهذه علاقات تغيرت طبيعتها أو صيغتها الآن، ليصبح ما يتوجب البناء فيه وعليه، هو مؤسسات الدولة الفلسطينية، التي ستتعزز خلال مراحل ما قبل بسط السيادة؛ بتمثيل حقيقي لشعبها في الداخل والخارج. فلنتنبه الى هذا المنحى الإجباري، لكي لا تضيع الكيانية الوطنية المتاحة، بجريرة تفعيل وبناء «المنظمة»!
"بيرزيت" لم تعد منارة؟
بقلم: حسن البطل - الايام
أين يمكن خوض نقاش أكاديمي حرّ في الإلحاديات، والإلهيات؛ الغلمانيات والخمريات؟ مبدئياً يمكن هذا في الجامعات والمعاهد الأكاديمية.
.. وفي "خطبة الموعظة" السياسية اختار الرئيس الأميركي أن يلقيها في إسرائيل أمام 1000 ـ 1500 من طلاب الجامعات، وليس أمام أعضاء الكنيست الـ 19 المنتخبين.
هناك من يدعي أن جامعة بيرزيت هي بمثابة جامعة هارفارد فلسطينية، ولا أعرف من هي طليعة جامعات أميركا في دراسة القانون، هل هي "يال" أم "هارفارد" أم "ستانفورد" لكن جامعة بيرزيت تذكرني بما كانت عليه جامعة "بيركلي" في الستينيات، حيث كانت بؤرة الاحتجاج الأكاديمي على حرب فيتنام.
لنترك المقارنة بجامعات أميركا جانباً، فإن جامعة بيرزيت ليست الأكبر بين جامعاتنا، بل الأقدم والأعرق، وليست تتقدم في البحوث لأن "النجاح" و"الإسلامية" وربما "القدس" تتقدم عليها.
ربما لأنها "الأعرق" افترض زوّار سياسيون أجانب أنها الأكثر "ليبرالية" وتقبُّلاً لنقاش سياسي، ولهذا اختارها رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، ليونيل جوسبان، قبل 13 سنة، ثم اختارها هذا الشهر القنصل البريطاني في القدس، السير فنسيت فين وفي الحالتين فوجئ الزائران بجو عدائي.
رُشق الأول بالحجارة، لأنه رفض الاعتذار وتوضيح تصريح له في تل أبيب قارن فيه بين بعض عمليات "حزب الله" وبين الإرهاب؛ ومُنع الثاني من فتح فمه، وتمّ الخبط والقرع على سيّارته.
كنتُ في المنفى منتصف الثمانينات، عندما كتبتُ في "فلسطين الثورة" مستهجناً من الطلاب الاعتداء على الأستاذ سري نسيبة: كيف يضرب الطالب أستاذه؟، وكذا التعرُّض للزائر ليونيل جوسبان، الذي حاضر في معهد للحقوق بالجامعة موّلته فرنسا.
التعرُّض لجوسبان أثار أزمة بين بعض الطلاب والسلطة الفلسطينية، التي دخلت شرطتها الحرم الجامعي، ثم اعتقلت طلاباً في مدينتي بيرزيت ورام الله، فاعتصموا في الجامعة.
انتقدتُ التعرض لجوسبان في حينه، مذكّراً الطلاب بأنه قال أفضل ما قيل في الانتفاضة الأولى: آتية من البعيد.. وذاهبة إلى البعيد.
منع القنصل من الكلام جاء بعد حوالي أسبوع من تقرير أصدرته بعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله، واعتبر أن المستوطنات تشكل أكبر تهديد للدولة الفلسطينية، وأنه لا حلّ لمشكلة القدس سوى تكريسها عاصمة دولتين.
تقول إحدى لافتات رفعها الطلاب المحتجون: "أنا لاجئ بسبب بلفور" هذا صحيح وغير صحيح، لأن الذي مكّن من إقامة "وطن قومي يهودي" ليس "الوعد" المجرد وحده، بل دهاء الصهيونية في استغلال ظرف ومعطيات وضع دولي، وكذا الانتداب البريطاني، ولو أن عبارة ناصر دخلت الخطاب القومي العربي:
أعطى من لا يملك وعداً لمن لا يستحق!
الآن قرارات ووعود ومشاريع دولية تتحدث عن "دولة فلسطينية" يستحقها الشعب الفلسطيني، لكن الظرف والمعطيات وموازين القوى إسرائيلياً وعربياً ودولياً تعيق تحقيق هذا الاستحقاق.
احتجاج الطلاب مقبول مبدئياً، ولكن إما برفع اللافتات الاحتجاجية، وإما بالمقاطعة والاستجواب خلال المحاضرة، ولكن ليس "بكمّ الأفواه" والتعرض الجسدي للمحاضرين.
لجامعة بيرزيت العريقة فضل معيّن في إنجاح تجربة "التعليم الموازي والبديل" خلال الانتفاضة الأولى، والمساهمة العملية في الانتفاضة الثانية، وقبل هذا وذاك إرساء التمثيل النسبي في ديمقراطية انتخابات مجالس الطلبة سنوياً.
لا أظنّ أن زائراً سياسياً أجنبياً له رأي يخالف الاتجاه العام الفلسطيني سوف يفكّر بإلقاء محاضرة في جامعة بيرزيت.. بعد الآن.
ليس في جامعاتنا تقاليد أكاديمية تحترم الرأي الآخر. لم تعد "بيرزيت" منارة!
".. ولو بعد ألف ألف عام"؟
Nawal Haj ـ كندا: أنا معك.. أوباما يحمل جديداً.. إنه الجديد الذي يقضي على الحلم الفلسطيني برمته، ويجعلنا نلهث وراء إسرائيل من أجل أن تمنحنا أربع أو خمس كانتونات متفرقة.. لا يمكن أن تشكل ولو بعد ألف ألف عام أي كيان فلسطيني.
من المحرّر: ألف ألف عام تعني مليون عام.. مِش هيك؟!
التفاهم مع واشنطن
بقلم: حمادة فراعنة - الايام
فشلت جهود الوساطة الأميركية بين حركة الإخوان المسلمين الحاكمة المتنفذة في مصر، وبين قوى المعارضة الوطنية والقومية واليسارية، ومحاولات جون كيري وزير الخارجية، لدفع المعارضة نحو التراجع عن قرارها بمقاطعة الانتخابات البرلمانية التي قررها الرئيس محمد مرسي قبل صدور قرار محكمة القضاء الإداري يوم 6 آذار الجاري، بوقف إجراء الانتخابات وإحالة القانون للمحكمة الدستورية العليا للنظر في مدى دستوريته، في ظل خلافات عميقة تجتاح المجتمع المصري على خلفية اتهامات المعارضة للإخوان المسلمين بالاستئثار بالسلطة، عبر التحكم بالدستور وتشريع القوانين وصياغتها لصالح لونهم العقائدي ورؤيتهم الحزبية، وكذلك بسبب منح الرئيس نفسه صلاحيات استثنائية، بهدف واضح وهو "أخونة مؤسسات الدولة المصرية" كما تقول المعارضة.
اللافت للانتباه هو مضمون الوساطة الأميركية التي تعبر عن انحياز ملحوظ لحركة الإخوان المسلمين، ورغبتها في مواصلة إدارة الإخوان المسلمين لسلطة اتخاذ القرار في القاهرة، ما يدلل على حجم التفاهم بين واشنطن والمرشد العام محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر، الذي يدير ملف العلاقات السياسية مع الأميركيين، بنجاح ملحوظ.
السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون، أكدت أن بلادها عملت على تقريب وجهات النظر بين حكومة الرئيس مرسي وبين المعارضة، وذلك في أعقاب سلسلة اتصالات تلفونية أجراها الوزير كيري مع الطرفين: الإخوان المسلمين، وقادة المعارضة البارزين، قبل وصوله إلى القاهرة في زيارة عمل رسمية تضمنت أيضاً لقاءات مع الطرفين، رغم مقاطعة بعض قادة المعارضة ورفضهم اللقاء به احتجاجاً على السياسة الأميركية المنحازة للإخوان المسلمين ولمواقف الرئيس محمد مرسي.
انحياز الأميركيون للإخوان المسلمين يعود إلى قاعدة التفاهم بينهما على مجمل الأوضاع السياسية في العالم العربي، والعمل المشترك لمقاومة الإرهاب والتطرف الأصولي وتعزيز النهج الواقعي الذي يسلكه الإخوان المسلمون، وقبولهم الاحتكام إلى صناديق الاقتراع إضافة إلى احترامهم للمصالح الأميركية، وقبولها وعدم التعرض لها، وفي طليعتها أمن إسرائيل عبر الالتزام بمعاهدة السلام، ولهذا كله عبّر الأميركيون عن حقيقة سلوكهم السياسي في الانحياز للإخوان المسلمين من خلال دعوتهم قوى المعارضة إلى التراجع عن قرار مقاطعة الانتخابات.
إدارة الرئيس أوباما تعمل ليس فقط للتفاهم السياسي مع الإخوان المسلمين، بل وتسهيل حل المشكلة الاقتصادية والنقدية التي تواجه مصر الآن، وذلك عبر تسهيل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يسمح بتقديم قرض للمالية المصرية يصل إلى 5 مليارات دولار، ما يعكس القرار الأميركي بتعزيز خيارات الرئيس محمد مرسي السياسية والأمنية والاقتصادية، وإبقاء السوق المصري مفتوحاً للسلع والبضائع والاستثمارات الأميركية، وصمود الجنية المصري المتآكل ودعم خيارات الرئيس المصري الإصلاحية.
لا توجد بضاعة مجانية، ولا توجد سياسة قائمة على حُسن النوايا، فالسلع لها أثمان والسياسة تقوم على المنافع المتبادلة، وتاريخ التحالف المشترك بين الإخوان المسلمين وواشنطن طوال مرحلة الحرب الباردة في مواجهة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي وحرب أفغانستان، وضد عبد الناصر وفّر قاعدة راسخة من العمل القديم والتاريخي المشترك، تم إحياؤه والبناء عليه، وهذا ما يفسر واقعية العلاقة والتفاهم بين الطرفين، بين الأميركيين والإخوان المسلمين، وهو تفاهم لا يقتصر على الأوضاع في مصر، بل يشمل المنطقة العربية بمجملها وهذا ما نراه ونلحظه في سورية وليبيا وتونس والمغرب واليمن والعراق وتفاهمات القاهرة بشأن وقف العمليات المسلحة وإطلاق النار على جبهة قطاع غزة مع الإسرائيليين، وغيرها من المواقع.
في غزة .. ممنوعات من الجري .. ممنوعون من السفر..!
بقلم : أكرم عطا الله - الايام
منذ انقلابها الذي نفذته حركة حماس في قطاع غزة والذي أدى للانقسام بين شطري الوطن لم تبادر الحركة بعمل مسلح ضد إسرائيل، عدوانان كبيران نفذتهما إسرائيل على القطاع بعد حكم "حماس" كانت دولة الاحتلال هي المبادر ولأسباب انتخابية كما كشفت الوثائق لكن منذ حكم "حماس" للقطاع كانت التهدئة هي من يحكم العلاقة بين الطرفين.
هل ينبع الأمر من رغبة الحركة بإرساء حكمها كأولوية سبقت كل الأولويات، أم لأن الحركة جزء من المنظومة الثقافية للحكم العربي والتي أكدت التجربة في العقود الأخيرة أن العرب حين يقودون يكونون أكثر ليناً مع عدوهم وأكثر شدة على شعوبهم بعكس ما كان يجب أن يكون، لأن نظرية الحكم في العالم العربي قائمة على ثقافة الحاكم والمحكوم – الوالي والرعية وليست مبنية على ثقافة الخادم والمخدوم وإلا كان الأمر مختلفاً تماماً والتاريخ أثبت قدراً هائلاً من المرونة والتودد للولايات المتحدة الأميركية بما فيها أنظمة الربيع العربي فيما كانت أجهزة الأمن تحصي أنفاس المواطنين لدرجة خوف أحد الشعراء من أن يخرج له واحد من الأجهزة الكثيرة والممتدة على مساحات الأوطان العربية من فنجان قهوته.
سامي أبو سالم صحافي من قطاع غزة فوجئ على معبر رفح بمنعه من السفر، كرر التجربة مرتين وفي كل مرة كان يطلب منه إذن يسمح له بالسفر من مكتب الصحافة الحكومي وحين تواصل مع ذلك المكتب نفى مديره بغضب علاقته بهذه التهمة لأنها ستضعه في خانة الأجهزة الأمنية، وفي إطار خلافها السياسي مع حركة فتح مارست حركة حماس هذا النوع من العقاب آخرهم آمال حمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مع اثنين من الصحافيين الراغبين بالتوجه لمصر.
انتظر الناس طويلاً زوال الاحتلال الذي كان يتحكم بالمعابر ويمنع الجزء الأكبر من سكان قطاع غزة من مغادرة القطاع سواء بقيود السن أو من يشتبه بعلاقته بالأحزاب والقوى الفلسطينية أو على سبيل الابتزاز هذا مفهوم، لكن أن يتحكم الفلسطيني بالمعابر ليمنع فلسطينياً من السفر دون قرار النيابة لأسباب لا تتعلق بالمحاكم الجنائية هذا مدعاة لتساؤل كبير ولمراجعة أكبر يأمل الفلسطينيون أن يتم إلغاؤه فيكفي أزمة المعبر نفسه التي تحول دون سفر كثير من الراغبين بالسفر وحين تتهيأ الفرصة لمواطن يجد نفسه ممنوعاً بقرار فلسطيني ..!
على مدى سنوات حكمها للقطاع حاولت حركة حماس أن تفرض رؤيتها المختلفة مع كثير من سكان غزة وخصوصاً برنامجها الاجتماعي سواء بمحاولتها فرض زي على المحاميات أو أزياء الطالبات أو برامج ما سمتها الفضيلة، حاولت تنميط المجتمع وفقاً لثقافة معينة وإن كانت هذه الثقافة تتعارض مع تعددية سكان القطاع الذين يسمع رفضهم لهذا التشدد، وربما كان الاعتراض الأكبر على نمط إدارة الحركة لغزة هو المشاركة الاحتجاجية الكبيرة في ذكرى انطلاقة حركة فتح لم تقرأ رسالته داخل حركة حماس.
الأسبوع الماضي أعلن عن إلغاء ماراثون الركض الذي تنفذه الوكالة للعام الثالث على التوالي في القطاع. وكان سبب الإلغاء رفض حكومة حماس مشاركة النساء في الماراثون، فقد تم إجراؤه خلال العامين السابقين ووفرت حكومة "حماس" كل متطلبات الأمن وما يكفي من التسهيلات لإنجاحه، لكن هذا العام تم إبلاغ الوكالة بموقف الحركة المتشدد. وهذا أيضاً مدعاة للتفكير والتساؤل إن كانت حركة حماس تحكم وفقاً للقانون أم خارج القانون فقد انتخبها المواطن لتنفيذ القانون لا لتفصيل قوانين جديدة لم تكن هذه هي العقد بينه وبينها.
المبرر الذي قدمته الحركة ويسمع على لسان أكثر المدافعين عن قرارها هو أن "مشاركة المرأة مخالفة لتقاليد شعبنا" وهي ضد الاختلاط! ففي هذا خطر كبير حين تقرر جهة سياسية تلك التقاليد أو تعتقد أنها الوصية على الشعب وليست خادمته، فالتقاليد أولاً مختلف عليها بين الناس ولها علاقة بالتراث والأكل والملبس وغير ذلك والأساس في العلاقة بين السلطة والمواطن هي الحرية، وإذا ما أعطي لأحد أن يسير الناس وفقاً لما يراه سنسمع ملايين الآراء، لهذا وجد القانون ليضع حداً لأمزجه البشر والتقاليد يحميها المجتمع ويحاسب من يتجاوزها بالنبذ الاجتماعي وليس تلك وظيفة النظام السياسي. وثانياً إن العادات والتقاليد هي عامل متغير بتغير الزمن فالحياة كائن حي والسلوك الإنساني يتغير تبعاً للزمان والمكان. ففي عشرينات القرن الماضي كانت مقولة شائعة لدى نساء فلسطين "المرأة لا تخرج من بيتها سوى مرتين في حياتها مرة حين الزواج ومرة حين الوفاة".. هذا كان تقليداً وقد تغير، نرى أن المرأة تخرج كل يوم من بيتها للعمل، والاختلاط هو الشائع وإلا لما وجدنا سيدات في المؤسسات الحكومية والوزارات في حكومة "حماس" أليس هذا اختلاطاً ؟
المثال الآخر أن مهنة الصحافة في فلسطين بداية القرن الماضي كانت مهنة منبوذة، كان يخجل أهل الصحافي من مهنة ابنهم وكان المجتمع يعتبرها مهنة وفضح الناس وكشف مساوئهم ومهنة النميمة عليهم وتحولت في فلسطين إلى مهنة محترمة يتودد كل السياسيين للصحافيين .. هذا كان عادات وتقاليد ..!
فالعادات والتقاليد مختلف عليها وهذه سمة البشر فإذا كانت تيارات الإسلام السياسي تختلف على تفسير الآيات القرآنية وإلا بماذا نفسر كل هذا العدد الهائل من التيارات التي تشعر كل جهة فيها أنها تمثل الإسلام الحق ..؟ وإذا كان الاختلاف في دين بهذا الوضوح المتميز بالثبات فكيف يمكن التعايش في مجتمعات على قدر من التعدد والتنوع ووظيفة نظام الحكم أن يحمي هذا التعدد لا أن يفرض قيوده ورؤيته على المجتمع لإلغاء التنوع لا أن ينصب نفسه وصياً على أخلاق البشر.
هذه السنة كان سيكون الماراثون هو الأكبر ويشارك فيه عداؤون دوليون ومتضامنون منهم 119 امرأة وكذلك أكثر من 550 فلسطينياً بينهم 266 امرأة بالإضافة لـ 1600 طالب وطالبة، وبعيداً عن القانون تفسر "حماس" أن هذا مخالف لعادات شعبنا.
خسارة أن لا يتم التوصل لتوافق لإنجاح هذه التظاهرة التي كانت ستسلط الأضواء على غزة وأزمتها، والأهم أن هذا الإلغاء اعتبر فرصة لكل المتربصين بحركة حماس فحجم وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية وحتى الصينية اهتمت على غير العادة بما حدث وسلطت عليه من الأضواء بما فاق العدوان على غزة كما قال عدنان أبو حسنة الناطق باسم الوكالة كل ذلك لإبراز أن تجربة الإسلاميين هي استنساخ لتجربة طالبان في الحكم وهي ضد الحريات..
المشكلة أن هذه الصدمة أتت في اللحظة التي أصبح العالم مهيأ لتغيير موقفه منها ..وهو على وشك أن يتخذ مواقف مختلفة فهي لا تعرف حجم الضرر الذي لحق بصورتها بعد، فهل ستقبل حركة حماس مساواتها بحكم طالبان .. قبلت أم لم تقبل المهم أن الشعب الذي تحكمه يحتاج إلى الحرية والسفر والى مرونة أكبر وأن تكف عن اعتباره قطيعاً من البشر وأنه بلا أخلاق وهي الوصي عليه..!
الشهيد الاسير أنيس دولة إسرائيل لا زالت تخشى ظهوره في جنازة !
بقلم: عيسى قراقع - معا
بعد 33 عاما على استشهاد الاسير الفلسطيني أنيس دولة في سجن عسقلان عام 1980، واحتجاز جثته داخل ما يسمى مقابر الأرقام العسكرية الإسرائيلية أعلنت المحكمة العليا الإسرائيلية ردا على التماس قدمه مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان أن جثمان الشهيد أنيس دولة قد ضاع واختفى ، وأنه لا فائدة من البحث عن جثته لإعادتها إلى ذويه بعد طول انتظار ومتابعة.
الشهيد الاسير أنيس دولة اعتقل عام 1968 وحكم عليه بالسجن المؤبد، وسقط شهيدا في سجن عسقلان يوم 31/8/1980 نتيجة تدهور وضعه الصحي على اثر مشاركته في الإضراب المفتوح عن الطعام والذي استمر 30 يوما.
سلطات الاحتلال بدلا من تسليم جثمانه إلى ذويه احتجزته في مقابرها السرية، ليستكمل حكمه ميتا تحت التراب، ومضى زمن طويل، وروح الشهيد تنتظر من يخرجها من تلك المدافن البائسة، ويحررها من قيود الموت المظلم إلى فضاء الموت الوردي الذي يليق بالشهداء.
أسئلة ضياع جثمان الشهيد أنيس دولة لا تقف عند إغلاق هذا الملف في القضاء الإسرائيلي، وإنما تعود بنا إلى الوراء، إلى ذلك الفدائي الذي خاض معركة الجوع مع زملائه الأسرى، ورفض مساومة أطباء السجن بإعطائه الدواء مقابل وقف الإضراب.
ضياع الجثة يعيد ذلك المشهد لبطل أسير تدهورت حالته الصحية في ملحمة صمود الأسرى، ورفض الطبيب في سجن عسقلان الذي يدعى (أدمون) إعطائه العلاج اللازم، ليسقط أنيس دولة واقفا متكئا على جدار السجن بعد أن فقد الوعي، وقبل أن يموت فتح عيناه فوجد زملائه الأسرى حوله فابتسم ابتسامته الأخيرة.
انتصر الأسرى في إضرابهم التاريخي ، كما انتصر أنيس دولة وحقق الأسرى انجازات نوعية وتاريخية، فدفع ثمن هذا الانتصار الشهيد أنيس دولة والذي خرج من باحة السجن شهيدا إلى مقابر مجهولة، وليس إلى بيته وعائلته في مدينة قلقيلية ، لم يحظ برائحة البرتقال والجوافة وزفة الشهيد اللائقة.
جثة الشهيد التي دفنت في مقابر مسيجة، لا يدل على سكانها سوى أرقام صدئة، تعرضت لنهش الوحوش الضارة أو الانجراف في فصل الشتاء أو لتجارب وسرقة الأعضاء، لأنه لا كرامة للميت في دولة إسرائيل، وعلى الشهيد الفلسطيني أن يتعذب مرتين : مرة في الحياة ومرة بعد الموت.
أخفت دولة إسرائيل جثة شهيد جاع طويلا، وتعطش كثيرا للحرية، لم يكمل مؤبدة إلا بالموت الحر، صاعدا إلى ملكوته بلا قيود وأبواب مغلقة.
منذ 33 عاما لم تنته محاكمة الشهيد أنيس دولة على دوره الطبيعي في محاولة اقتباس أمثولة الطير في الطيران وضحكة الضوء في عتمة الزنزانة.
لا زالت دولة إسرائيل تناقش حبات الملح في روحه وأسباب فدائيته ، خائفة من ظهوره في جنازة أو من شاهد يدل على قبره، معتقدة أن الأموات تدل على الأحياء، وأن أنيس دولة لا زال يغني نشيد عسقلان في أبديته المتحولة.
بكل هدوء أعلنت محكمة إسرائيل العليا عدم وجود رفاته، شطبوه حيا وميتا، مزقوا كوشان ميلاده وأحلامه المؤجلة، مزقوا صوره وكراساته الملغومة بالأمنيات.
القرار الإسرائيلي يفتح الملف المؤلم مرة أخرى، يلقي الضوء على تلك المقابر الجهنمية التي يجب أن تغلق، ويعود أكثر من 250 شهيدا لا زالوا هناك، إما أنهم ضاعوا أو مزقتهم وحوش النسيان، حتى تختفي آثار الجريمة.
أدعو فقهاء القانون والمؤسسات الحقوقية والصليب الأحمر الدولي أن يقرأوا الفاتحة الآن على عجزهم منذ ثلاثة وثلاثين عاما في تحرير جثة أسير، ويفتشوا معنا عن المفقودين والضائعين والذين اختفت أسماءهم من الوثائق والنصوص، وينسحبوا من بكاءنا الجاف.
أنيس دولة، اسمح لي أن أزورك في الضياع، خرجت من السجن ومن التراب، الآن أراك أكثر، مقيدا من يديك، رصاصات في جسدك، عذابات تسيل من دمك، أرى داخلك يكمل خارجك: شجرا ومطرا ورائحة صلاة.
أنت الاسير الشهيد العائد من الحقيقة إلى الحقيقة،وهم المحتلون التائهون بلا دليل و الغارقون في الخطيئة ، أنت لم تمت عابرا في حادثة ، بل في انشغالك بترميم غدك كي تتوازن نسبة السخونة في دمك مع نسبة الإيقاع في حلمك فوق سبع سماوات عاليات يقفن فوق سبع جبال شامخات هي دعاء أمك الراضية. ليس صحيحا أن الشهداء ينقرضون، وأن النهاية تبدأ بالموت، ما دامت إسرائيل تخاف من الأموات فهي من علامات ساعتها القاسية، فالقتلة دائما يعودون إلى معسكراتهم خائبين، والشهداء يعودون إلى بيوتهم أحرارا سالمين.
الآن اقرأ باسمك نشيد عسقلان ،نشيدك الاول، في قاعة المحكمة العليا الإسرائيلية :
عسقلان عسقلان عسقلان
في لهيب الدم حدث يا زمان
عن رجال عن جباه لا تهان
نحن شعب ليس فينا من ذليل
ما سما نذل ولا ساد جبان
عسقلان عسقلان عسقلان
عم.. لتنسحب اسرائيل من جانب واحد
بقلم: د. أحمد رفيق عوض - القدس
وقبل أن ندلل على رأينا هذا ،لا بد من القول ان الانسحاب من جانب واحد لا يعني انهاء الاحتلال أو رحيله، بل على العكس من ذلك، فالانسحاب من جانب واحد هو تأبيد للاحتلال تماماً، فهو يعني في المنظور الاسرائيلي إعادة انتاج للاحتلال بما يضمن بقاء المستوطنات وعزل القدس و الأغوار و مصادرة الثروات و استغلال الطرق الالتفافية و تحويل الضفة الغربية كلها الى مجال حيوي وامني لاسرائيل..فالانسحاب من جانب واحد يعني بالضبط احتلالاً عنصرياً ودائماً ومسيطراً و بالامكان تسويقه و بيعه للغرب على أنه تسوية دائمة، كما يمكن اقناع المنطقة العربية بذلك ايضا لانه سيرفع عن كاهل الانظمة عبء الاهتمام بالقضية الفلسطينية. بكلمات اخرى أكثر بساطة،الانسحاب من جانب واحد هو شرعنة للاحتلال مع بقائه، و هو انفصال عن المواطنين الفلسطينيين لا عن الأرض الفلسطينية، و هو محاولة التفافية اسرائيلية لاقناع العالم انها اعطت للفلسطينيين ما يريدون دون ان تقدم شيئاً اطلاقاً.وهو ايضا ابقاء الجدار الفاصل اضافة الى جدران اخرى داخلية. الانسحاب من جانب واحد هو عدة احتلالات ايضا.و بهذا المفهوم فإن انسحاباً من جانب واحد- من المنظور الفلسطيني و حسب ادعائي- سيكون أقل ضرراً من أية بدائل أخرى مطروحة على الطاولة، ذلك ان حل الدولة الواحدة و حل الدولتين و حل الدولة المتواصلة والقابلة للحياة والدولة المترابطة و الدولة اللاعنفية و الدولة المنزوعة الدسم أو السلاح أو القدرة كلها اثبتت أنها فاشلة تماماً، و أن واحدا من الأطراف الدولية غير معني بذلك سوى ادارة الأزمة الى أبد الآبدين، و حل الدولتين هذا الذي اصبح شعاراً فارغاً يحتاج حقاً الى اعادة قراءة و حفر، فقد تناقصت الأرض التي يمكن أن تشكل دولة فلسطينية حقيقية، ليس بسبب الاستيطان فقط، و انما بسبب الرؤية الاسرائيلية الاستراتيجية التي لا ترى امكانية لولادة مثل هذه الدولة في حضنها.اسرائيل ترفض عملياً و اجرائياً و جوهرياً ميلاد مثل هذه الدولة في فلسطين التاريخية، لأن ذلك من شأنه أن يمس الأساس الفكري و العقائدي و الأمني و الاسرائيلي ذاتها،و لهذا، لنتوقف عن قول ذلك تماماً. لا يمكن الاتفاق مع اسرائيل على ميلاد دولة فلسطينية حقيقية أبداً. ان العلاقة الوحيدة التي يمكن الحديث عنها مع اسرائيل هي علاقة الاحتلال فقط.و الانسحاب من جانب واحد، و ان ارادت منه اسرائيل تأبيد الاحتلال و شرعنته، فاننا نريد منه ان يبقينا شعباً يقظاً و مبادراً و قادراً على الرد و المجابهة،لا شعباً يستنيم و يتكاسل و يدخل في دوامة الانقسامات و الغنائم و المصالح الضيقة و الشخصية.الانسحاب من جانب واحد- باعتباره الشكل الدائم للعلاقة مع المحتل- يعني أنه لن يكلفنا سياسياً أو امنياً أو أخلاقياً بالمقارنة مع كلفة البدائل الأخرى. واذا كان الانسحاب من جانب واحد هو أيضاً انسحاب من اتفاق اوسلو- الذي تم الخروج منه فعلياً من كلا الطرفين، الأمر الذي يفرض البحث عن صيغ أخرى للعلاقة مع المحتل- فإن هذا الانسحاب سيجعلنا في حلٍ من كثير من القيود و السقوف بما فيها التنسيق الامني و ما يجرّ إليه، و سيسمح لنا ان نعود الى المربع الاول في العلاقة مع اسرائيل، اي احتلال في مجابهة شعب يقع عليه الاحتلال. و هو وضع يسمح لنا بالتشويش على أية علاقات قد تنسجها اسرائيل مع المنطقة بحجة التطبيع أو العلاقة العادية، و سيسمح لنا بأن نعيد أولوياتنا الى وضعها الطبيعي من حيث البناء المجتمعي والتنظيمي والسياسي ونسج علاقات صحية و سليمة في المجتمع، وهي علاقات تم تدميرها أو تهميشها بسبب عشرين عاماً من اتفاق اوسلو.وهو وضع يحررنا من التزامات أخرى كثيرة في مجالات الاقتصاد والتعليم و حتى المزاج العام. و هو وضع سيسمح لنا أيضاً بالمصالحة وبناء علاقات ندية مع دول الجوار العربي و الاسلامي، ونستطيع في هذه الحالة ان نبني على قرار الجمعية العامة للامم المتحدة باعتبارنا دولة تحت احتلال ، كما ان هذا الوضع سيعطينا كامل الفرصة في منع اسرائيل من تسويق نفسها بأنها صانعة سلام.فالاشتباك الجغرافي و الديموغرافي الذي سينشأ بعد الانسحاب الاحادي الجانب لن يحول اسرائيل الى «الأم تيريزا» اطلاقاً، كما اننا سنكشف أن اسرائيل اعطتنا من خلال هذا الانسحاب عظم الضفة الغربية فيما اخذت هي لحمها و دهنها، و من الواضح ان اسرائيل لم تتعلم الدرس من انسحابها الاحادي من قطاع غزة، فقد ادى الانسحاب الذي جرى دون الاتفاق مع السلطة الفلسطينية الى ان تتساقط الصواريخ على تل أبيب نفسها. ولهذا، فإن اية انسحابات أحادية الجانب جديدة من قبل اسرائيل لن تكون في صالحها أيضاً، لا على المدى القريب ولا على المدى الطويل، و يمكن القول بكثير من الدقة و الوضوح، ان مثل هذا الانسحاب لن يؤدي الى تلطيف وجه الاحتلال أو تقليل الصراع أو تسويته بشكل دائم، حتى لو بلغت الاجراءات الأمنية التي تبرع اسرائيل بها عادة القدرة على تصوير حركة النمل، فالانسحاب من جانب واحد هو اجراء احتلالي آخر ترغب اسرائيل من ورائه- ضمن اسباب أخرى- الى ان تقلل ازمتها الوجودية بسبب هذا الاحتلال، و لكنها في الحقيقة تقوم بتعميقه و توتيره وربما الاسراع في "التمتع" بآثاره.و عليه، فإن التهديد الاسرائيلي بالانسحاب من جانب واحد يخيف اسرائيل أكثر مما يخيفنا، و سيكلف اسرائيل أكثر مما يكلفنا، و هو تعبير عن أزمة الاحتلال مع ذاته و مع العالم أكثر مما هو أزمة لنا، قد يقول قائل ان الانسحاب من جانب واحد قد يؤدي الى فوضى أو انفلات أو تغييرات معينة، و هذا صحيح و محتمل، و لكن، اثبت الفلسطيني أنه قادر على الانضباط في المفاصل التاريخية الكبرى، اثبت أنه يستطيع تجاوز كل النوازع في لحظة كتابة التاريخ. و الأهم من ذلك، صنع التاريخ لا يكون و لا يكتب بالتثاؤب.