-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 345
فتح في غزة: تغيير من أجل التغيير
بقلم: طلال عوكل عن جريدة الأيام
لمرة غير معلوم عددها، وربما لا يتذكر عددها أعضاء وكوادر من الحركة، أقدمت قيادة "فتح" في الأيام الأخيرة على إجراء تغيير واسع في الهيئة القيادية لإقليم غزة، في المرة التي سبقت قيل إن الهيئة القيادية تميزت بحضور أكبر للكوادر الشابة، أما في هذه المرة، فعودة إلى القيادات "التاريخية" ذات التجربة الطويلة في الهيئات القيادية. وبما أن حركة فتح لا تزال تلعب دوراً قيادياً رئيسياً في منظمة التحرير وفي الشأن الفلسطيني العام، وفي رسم الاستراتيجيات والخيارات، وفي اتخاذ القرارات فإن الحديث عن شؤونها سلباً وإيجاباً لا يمكن أن يكون حصراً على أعضائها ولا يمكن أن يُحال إلى تهمة التدخل في شؤونها الداخلية. قديماً قال رواد "فتح" إن حركتهم هي حركة الشعب الفلسطيني، وهي لا تزال تحظى بهذه السمة، رغم كل التغيرات التي وقعت في المشهد السياسي الحزبي ورغم كل المتغيرات التي أصابت الحركة.
إذا كان ثمة من يقول إن الحركة بركة، فإن الحركة التي تجري في إطار حركة فتح، ليس فيها أي بركة، وهي مؤشر على عدم الاستقرار، وعلى ضعف الوحدة الداخلية وربما أكثر من ذلك.
ومع احترامنا الشديد وتقديرنا لنضالات وقدرات أعضاء الهيئة القيادية الجديدة في قطاع غزة، إلاّ أن المسألة تتجاوز الأفراد، وتتجاوز بالتأكيد الأبعاد الشخصية والأخلاقية.
في كل مرة جرى فيها تغيير الهيئة القيادية للحركة في القطاع، وتغيير المفوض العام، كانت هناك آثار جانبية، وكانت هناك اعتراضات وخلافات أدت في نهاية المطاف سلسلة التغييرات التي تحدثنا عنها، ولم تؤد في أي مرة إلى استقرار وتواصل نسبي، يجعل بالإمكان الحكم على تجربة القيادة المعنية. في هذه المرة، أيضاً، ثمة من أعلن احتجاجه وانسحابه من الهيئة القيادية الجديدة، ما يعني أنها تعاني خللاً بنيوياً منذ اللحظة الأولى لتشكيلها، الأمر الذي قد يعرضها ولو بعد حين للتغيير، أو الخوض في مشكلات داخلية تستنزف طاقاتها.
أزمات حركة فتح لا تظهر فقط في قطاع غزة، وإنما ظهرت على نحو علني وواضح في الضفة الغربية، وبشكل محدد أكثر، حين جرى تأجيل الانتخابات المحلية لأكثر من مرة، وكان السبب المرجح، هو عدم قدرة الحركة على توحيد صفوفها، وخوض الانتخابات بقوائم موحدة تمثل الحركة. وحين خاضت الحركة معركة الانتخابات فعلياً، عانت الحركة من ترشيح قيادات وكوادر لأنفسهم من خارج القائمة المركزية، وبدون رضى القيادة، بل شكل ذلك تحدياً لقرارات اللجنة المركزية التي هددت باتخاذ إجراءات عقابية شديدة بحق المخالفين لقرارها، الأمر الذي أثر سلبياً على النتائج التي حصلت عليها الحركة في تلك الانتخابات.
لسنا بصدد التعرض لطبيعة الأزمة، أو المشكلات التي تعاني منها حركة فتح، التي انتظر أعضاؤها وكوادرها والوطنيون الفلسطينيون أن يشكل انعقاد مؤتمرها السادس بعد عشرين عاماً من مؤتمرها الخامس، محطة هامة للنهوض بأوضاع الحركة، وإعادة رص صفوفها ونحو تأكيد دورها القيادي غير أن المؤتمر ونتائجه، وما جاء بعده يشير إلى أن مشكلات الحركة تتسع، وتتعمّق آثارها السلبية.
فيما يتعلق بتنظيم الحركة في القطاع، فإن الأزمة ليست بالضبط في طبيعة الأفراد الذين تتشكل منهم الهيئات القيادية، وإن كان ذلك مظهراً من مظاهر الأزمة، التي تذهب إلى طبيعة الدور الذي تلعبه الحركة في القطاع، والدور الذي تريد لها اللجنة المركزية أن تلعبه في ضوء الانقسام الفلسطيني.
هنا يحصل الضياع الكامل، فلا القيادة العامة للحركة تبدي الاهتمام اللازم بدور إقليم غزة، ولا قيادة إقليم غزة تعرف ماذا عليها أن تفعل. المشكلة مشكلة غياب البرنامج وغياب الهدف، وغياب القدرة على الفعل والنشاط والحركة بما في ذلك الحركة والنشاطات الاجتماعية. حركة فتح التي تعوّدت أن تعمل من موقع القيادة الرئيسية والأساسية للشعب الفلسطيني، لا تستطيع التكيف مع وضعية مختلفة ترى فيها لنفسها دوراً مختلفاً في إطار المعارضة.
في قطاع غزة، تنظيم حركة فتح، يعمل كتنظيم معارض حيث تسيطر حركة حماس على النظام السياسي في القطاع، ولكنها لا تستطيع لعب دور معارض حتى بالحدود الدنيا. إن أفضل وصف لوضع الحركة في القطاع منذ وقوع الانقسام، هو أنها "كيس ملاكمة"، حيث كان عليها أن تتحمل، وفقط أن تتحمل تبعات السلوك الحمساوي الفظ والقمعي تجاهها. بعض المتابعين للشأن الفلسطيني تاريخياً وعن قرب، قال، إن الحركة في قطاع غزة، كانت تتميز بوجود كتل وجماعات وولاءات، وكان من السهل أن يتوصل زعماء الكتل إلى اتفاق حد أدنى يضمن للحركة مواصلة دورها، ولكن الأمر في هذه المرحلة مختلف كلياً حيث أصبح على قيادة الحركة أن تلملم شتاتاً. وعدا عن ذلك لم يعد سراً، الحديث عن ضعف ومحدودية الموازنات المخصصة للتنظيم في قطاع غزة، وهو أمر يتحدث به، ويشكو منه العديد من قياديي وكوادر الحركة.
أخيراً ربما يرى البعض أن طبيعة الحركة تشبه الإسفنجة وأنها قادرة على التعايش والتواصل مع مثل هذه الظواهر، فإن كان ذلك صحيح بمعنى نسبي فإن الأصح، هو أن تبادر قيادة الحركة إلى عقد مؤتمر وطني جديد، يعيد لفتح، وهجها، ووحدتها ودورها القيادي.
أطراف النهار: خمسُ ساعاتٍ في رام الله؟
بقلم: حسن البطل عن جريدة الأيام
الوجبة الأولى لأوباما في إسرائيل من الفلافل والحُمُّص والجرجير، ولا أعرف إن كان سيعدّها "مطعم سعيد" في عكا، حيث طابور يهودي طوله 100م يصطف أمامه أيام السبوت!
لو أننا دولة ذات سيادة، يزورها أوباما أكثر من خمس ساعات، لربما ذوّقناه شيئاً من الخُبِّيزة والعلك (الهندباء) والعكُّوب باللحمة واللبن، أو ربما نهديه منها لتتذوّقها الست ميشيل، عاشقة الأطباق البيولوجية من حديقة البيت الأبيض!
حقّاً، خمسُ ساعاتٍ هي "خطفة رجل" أو إطلالة بروتوكول من أصل 48 ساعة سيقضيها في إسرائيل، ولكن دلالتها هي أن ما يشدّ فلسطين إلى إسرائيل.. وبالعكس ليس وثاق (قيد) الغلاف الجمركي فقط، بل إن المنطقتين هما "غلاف دبلوماسي" حيث يندر أن يزور زائر سياسي أجنبي منطقة دون أخرى.
لم يكن الأمر هكذا قبل "نكسة أوسلو" وكان زوار إسرائيل من كبار ساسة العالم قلّة، وكانوا يُحلّقون في أجوائنا ليعرفوا مكانة "الأمن" من "الاحتلال".. والآن، مكانة الحلّ السياسي بدولتين من الأمن.
الفرق؟ هو سيلتقي هناك رئيس دولتهم في عشاء بروتوكول ـ عمل، وكذا زعيم المعارضة وحزب "يوجد مستقبل".. وأيضاً، وبخاصة عينة مختارة بعناية من جيل المستقبل الإسرائيلي في الجامعات الإسرائيلية، وهذا ما لم يفعله زائر أجنبي برتبة رئيس دولة. أوسلو ماتت.. ولم تمت!
ما في عنّا برلمان ورئيس معارضة في برلمان عامل، ومن ثم سيلتقي الزائر الأميركي بعيّنةٍ مختارة من الشبيبة الفلسطينية في مؤسسة بمدينة البيرة. كلام عن المستقبل لجيل المستقبل في الشعبين. يقولون: "المستقبل يبدأ الآن"، ولكن الآن سيحاول الزائر أن يتحدث كسياسي يقود دولة تصنع سياسة تقود العالم، بعدما تحدث في أنقرة والقاهرة كفيلسوف أو "حاج" إلى ديار الإسلام.. والآن ديار الأرض المقدسة (المكدّسة؟).
في واشنطن وتل أبيب معنيون للغاية بـ "خفض التوقعات"، أي لا مبادرة أو مشروع حل، وأما في رام الله فالتوقعات مخفوضة أصلاً.. وفي العواصم الثلاث يعرفون أن "الحل بدولتين" سيسافر إلى، مثل المذنبات، وراء الأفق إن لم يتحقّق هذا الحل في ولاية أوباما الثانية.. والأخيرة.
خلّينا في بروتوكول الزيارة أحسن، فقد زار أوباما السناتور حائط المبكى، وسيزور أوباما الرئيس قبري هرتسل ورابين، ورسمياً قيل إنه سيزور كنيسة المهد، وربما الحرم القدسي، فإن زار الأخير ستؤكد الزيارة على وضعه الخاص: الحرم للمسلمين.
غير واضح كيف سيكون الاستقبال البروتوكولي الفلسطيني للرئيس الأميركي، وهل سيسير على بساط أحمر مستعرضاً حرس الشرف الجمهوري الفلسطيني، كما فعل زائرون كبار قبله. لكن الأهم، هو أن يكسب أوباما ليس فقط قلوب الشبيبة الفلسطينية، بل واحترام الشعب الفلسطيني، إذا وضع باقة ورد على ضريح الرئيس المؤسس ياسر عرفات، وهو أهم للشعب الفلسطيني من أهمية هيرتسل ورابين للشعب الإسرائيلي.
قبل الزيارة سيكون نتنياهو شكّل حكومته المتنافرة، وقبل هذا أنهى أوباما اختيار طاقمه المنسجم مع سياسته (الخارجية، الدفاع، مستشار الأمن القومي، منسق العملية السياسية) والرئيس وطاقمه يؤيدون بشدة دولة فلسطينية و"الحل بدولتين" خلاف أركان الحكومة الإسرائيلية.
لا بدّ من القول إن بوش الثاني ووزيرة خارجيته رايس كانا أكثر حزماً كلامياً نحو إقامة دولة فلسطينية، ضرب لها بوش موعدين لم يتحققا 2005 و2008، والمطلوب من الرئيس 44 أن يكون أكثر حزماً سياسياً.
الزيارة زيارة في الأخير، لكن وزير الخارجية كيري زار دول المنطقة، وسيرافق أوباما في زيارة للأرض المقدسة، ثم سيعود بعد شهر لمتابعة العمل، الذي بدأه كولن باول، وكوندوليزا رايس، وهيلاري كلينتون، ومن قبلهما جيمس بيكر.
على أوباما أن يرفع منسوب الأمل لدى الفلسطينيين، وإلاّ فإن خيبة أمل أخرى من رؤساء أميركا قد تؤدي إلى انفجار الوضع.
وجهان لعملة واحدة
بقلم: عبد المجيد سويلم عن جريدة الأيام
في إسرائيل، العنصرية وتجاهل الملف الفلسطيني هما وجهان لعملة واحدة. فالأولى تحتّم الثانية والثانية يستحيل "تبريرها" (قومياً) بدون الأولى.
مظاهر العنصرية آخذة في التعمُّق والاتساع، وهي وإن كان مظهرها الرئيسي هو المظهر "القومي" إلاّ أنها تتمدّد أفقياً بصورة مرعبة وتتوغّل عمودياً بما يُنذر بكارثة حقيقية.
لم يسلَم "اليهود" أنفسهم من كارثة العنصرية المحدقة، وخصوصاً الملوّنين منهم، ولن يسلم "المتدينون"، وخصوصاً الشرقيين منهم، والأمور في تدهور متسارع، إلاّ أنها ما زالت خارج إطار التشريع. أما على المستوى "القومي" من هذه العنصرية فالأمور آخذة في التبلور الرسمي والنهائي عَبر منظومة متكاملة من القوانين ومن السياسات "المثابرة" وهي تفوق في الكثير من التمظهرات الممارساتية ما كان عليه الأمر في جنوب أفريقيا.
وبالمناسبة دعوني أجازف بالقول إن "الموافقة" الإسرائيلية على قيام كلية عربية على طريق تحوّلها إلى جامعة في المستقبل، وعلى الرغم من كونها ثمرة نضالية لأهلنا ما وراء "الخط الأخضر"، إلاّ أنني أشتمّ في هذه الموافقة شأناً عنصرياً خاصاً قد يصل إلى فصل الطلبة العرب في الجامعات عن الطلبة اليهود. هذه المجازفة (إذا جاز التعبير هنا) هي، أيضاً، للتدليل على أن مظاهر العنصرية ضد العرب الفلسطينيين في إسرائيل وضد العرب الفلسطينيين في الأرض المحتلة لن تقتصر على الباصات ووسائل النقل، ولن تبقى في حدود أمكنة السكن وأنواع الأعمال، وإنما ستجرُّ نفسها على كل أشكال التواجد القائمة حتى الآن، ونحن على هذا الصعيد لسنا إلاّ في بداية طريق "طويل" وهو طريق مرسوم بدقة ومخطط له بعناية فائقة.
كيف لك أن تكون عنصرياً وتعمل من أجل المساواة والعدل والسلام؟ وكيف يمكن لدولة عدوانية وتوسعية أن لا تكون عنصرية؟ في إسرائيل اليوم "يطربُ" جزءٌ كبيرٌ من الشارع الإسرائيلي على مقولة (تحمّل الأعباء) وتبدو المقولة وكأنها من طبيعة الأمور، ولا تبدو المقولة من حيث شكل التعرُّض لها باعتبارها مسألة خارج نطاق المقولات الاقتصادية والاجتماعية التي تحسب بموازنات ومعادلات الإنتاج والتوزيع. إلاّ أن الواقع المعاش يُفنّد وبصورة تامة وقاطعة هذا الاعتبار جملةً وتفصيلا.
إذ كيف لأقلية قومية هي من أصحاب الأرض الأصليين والتي سُلبت منهم أرضهم ومن الغالبية الساحقة للشعب الذي تنتمي إليه هذه الأقلية أن تشارك في خدمة جيش هو عنوان العنصرية والعدوانية والتوسعية ضد هذه الأقلية وضد ملايين أخرى من الشعب القابع تحت الاحتلال العسكري المباشر، ومن ملايين آخرين يعيشون في مخيمات اللجوء وفي بلاد الشتات؟!
وكيف لهذه الأقلية أن "تتحمّل العبء" في إطار دولة تسنُّ القوانين التمييزية ضدّ هذه الأقلية في محاولة لتجريدها من كل وسائل الحياة التي يحظى بها الناس في أي مكان في العالم؟ وأين هو العبء الذي يتحمله المستوطنون على سبيل المثال؟ وحتى لو أن الأمر يتعلّق بالخدمة في المؤسسات العامة أفليست هذه المؤسسات بالذات هي المؤسسات القائمة في وجودها وفلسفتها وفي جوهر ومضمون ما تقوم عليه وما تقوم به على التمييز ضد هذه الأقلية بالذات وعلى وجه الخصوص والتحديد؟
وأين كانت مقولة "توزيع الأعباء" طوال أكثر من ستين عاماً من ميزانيات التمييز ضد العرب في الصحة والتعليم والعمل وغيرها وغيرها، إذا كانت المسألة تتعلق بالأعباء فعلاً وليس قولاً يُراد به التمهيد الفعال لطرد هذه الأقلية وإنهاء وتصفية وجودها القومي؟
وماذا يعني الاستيطان والعدوان وسرقة الأرض والمياه والأموال ومحاصرة تجمعات السكان وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يُطاق؟! اذا لم يعن العنصرية والعنصرية السافرة في الواقع القائم اليوم على امتداد الأرض الفلسطينية المحتلة؟
أن يأتي برنامج الحكومة الإسرائيلية التي يجري تشكيلها خالياً أو يكاد من أية إشارة جدية لعملية السلام والبحث عن حلِّ متوازن للصراع العربي الإسرائيلي واستمرار تجاهل الملف الفلسطيني تحديداً فهذا هو الأمر الطبيعي والمنسجم مع سياسة اليمين الإسرائيلي والتي تهيمن ثقافته السياسية بصورة خاصة على واقع الثقافة السياسية في إسرائيل.
وأن تهرب إسرائيل وتتهرب عن سبق إصرار وتعمُّد من مواجهة استحقاقات بقاء ملف هذا الصراع على جدول أعمال المجتمع الإسرائيلي فهذا هو الأمر الطبيعي والمنسجم مع فلسفة اليمين الإسرائيلي القائمة على أن (الظروف) ليست ناجحة بعد للتقدم نحو حلِّ سياسي (تاريخي) مع الشعب الفلسطيني. والأمر الطبيعي، أيضاً، أن تتحول عملية السلام إلى مجرّد أشكال معينة من البراويز الإعلانية وليس الإعلامية، وفي مناسبات معينة (تفرضها الظروف) كزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أو غيرها من المحطات والأحداث المشابهة.
وأهم من يعتقد أن تصور اليمين في إسرائيل وقراءته للذي يحدث من تغيرات في منطقة الإقليم هو قناعة راسخة لدى هذا اليمين. الأمر هنا لا يتعلق بالقناعة بقدر ما يتعلق "بضرورة" أن يتم إيهام المجتمع الإسرائيلي بها.
اليمين الإسرائيلي يدرك تمام الإدراك أن الأمور تسير في الواقع المحيط (لمصلحته) مؤقتاً ومرحلياً، وهو (أي اليمين) يعرف حق المعرفة أن تأبيد هذا المؤقت أمر مستحيل، وان إبقاء التغيرات التي تعصف بالإقليم العربي تحت سيطرة الولايات المتحدة وضمناً في دائرة السيطرة الإسرائيلية أمر متعذّر، وان الاستناد إلى تحالف الغرب مع الإخوان المسلمين لا يشكل ضمانة للمستقبل على المدى المتوسط ـ ناهيكم عن المدى البعيد ـ إن كان بسبب الانكشاف السريع والمتسارع لعجز وبؤس خيارات الإخوان السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية أو كان بسبب التبلور البطيء وغير المؤكد بعد للبديل الوطني الديمقراطي عن الإخوان.
نعم يدرك اليمين الإسرائيلي هذه الحقائق ولكنه لا يملك مقابل هذا الإدراك وهذه المعرفة أية بدائل غير العنصرية وغير تجاهل الملف الفلسطيني ليس مراهنة على شيء قد يأتي يوماً ما وإنما هروباً من الإجابة على أسئلة تكلّف هذا اليمين كامل منظومته السياسية والثقافية والأخلاقية، وستؤدي حتماً ليس إلى مجرد خسارته للانتخابات القادمة أو التي ستليها وإنما خسارة الدور والموقع والوقع والخروج بهزيمة تاريخية قاصمة من الواقع السياسي الفاعل في إسرائيل. وبقدر ما ينضج المجتمع الفلسطيني في فهم الواقع الإسرائيلي وبقدر ما يمتلك من أدوات المواجهة الفعّالة لعدوانية وتوسعية وعنصرية هذا الواقع وبالأشكال التي تبني من خلالها فلسطين أسوارها السياسية الواقية المسندة في الواقع العربي والدولي المحيط، وبقدر ما يتحصن البيت الفلسطيني بأسباب القوة والمنعة المؤسسة على وحدة الهدف والأداة والإرادة، فإن هذا اليمين سيصطدم بالواقع ويصدم بعناده ومرارته وتناقضه مع تلك المنظومة.
ليس لدى اليمين ما يقدمه لنا، وليس لديه ما يقدمه للغرب وليس لديه ما يقدمه للعرب، وليس لديه حتى ما يقدمه لأميركا ورئيس أميركا.
لدى اليمين عنصرية وعدوانية وتوسعية، و"أسوار واقية" ولديه جيش لا يقوى على خوض حرب حقيقية واحدة، ولكنه يقوى على حماية المستوطنين والتنكيل بشعب على حواجز للإذلال والعنصرية، ولديه من فائض القوة ما يكفي لاعتقال مئات وآلاف الوطنيين الفلسطينيين، وتدمير كل مظاهر الحياة لشعب أثبت في كل المراحل أنه يملك من إرادتها (إرادة الحياة) ما يتفوق بها على قوة إسرائيل ومن هم أقوى من إسرائيل ومن حماتها السابقين والحاليين واللاحقين.
يُقال في إسرائيل اليوم (فاز اليمين وخسر نتنياهو) والبعض يقول خسر اليمين وربح نتنياهو، أما الأصح فهو القول إن الدعم لبرنامج اليمين موجود ثقافياً وبقوة غير مسبوقة، أما الدعم السياسي فبات مشروطاً ليس فقط في المعادلة الداخلية وإنما في المعادلة الدولية، أيضاً، وهذا هو الذي يفسّر تعثُّر تشكيل الحكومة كما يفسّر تخبّط نتنياهو في معمعان بازار الابتزاز السياسي في إسرائيل. يعتقد نتنياهو أن معظم رؤساء وزراء إسرائيل سقطوا بسبب دخولهم في "معمعان" و"مغامرة" السلام ولهذا فهو يحاول أن يتجاهل هذه المغامرة لكنه سيكتشف عما قريب أن تجاهل السلام لا يختلف عن مغامرة الدخول إلى معمعانه، وان النتيجة ستبقى واحدة في كل الأحوال.
رسالة امل للشعب الفلسطيني!
بقلم: يحيى رباح عن الحياة الجديدة
كما تشير الاحداث اليومية المستمرة بكل تفاصيلها ووقائعها، فان المنطقة تعيش حالة انهاك مستمر لدرجة ان تونس التي انطلق منها الربيع العربي قبل سنتين وبضعة شهور قد ظهر فيها بوعزيزي جديد ليس ضد نظام زين العابدين بن علي ولكن ضد نظام حركة النهضة وراشد الغنوشي !! ومصر الان تهتف بغالبيتها الساحقة ضد حكم المرشد، وسوريا تتفكك فيها الدولة لان المعارضة السورية لا تتفق على شيء، والجيش السوري الحر يتحدث عن مناطق محررة لا وجود لها الا في الأوهام، لان الخراب ليس تحريرا وليس انتصارا.
وهكذا هي بقية التجارب العربية تقريبا، مرتبكة ومتناقضة ومنهكة، بحيث يصعب الى حد المستحيل التكهن بالمستقبل.
ودون ادنى شك :
فان قدرا كبيرا من هذا الانهاك وهذه الفوضى ناجمة بالأساس عن خطأ فادح في الخيارات الاميركية التي راهنت على الاسلام السياسي، الذي استخدمته بكفاءة كبيرة تحت عنوان الحرب الباردة في افغانستان ولكن حين فقد وظيفته هناك ارتد الى الذات، فأصبح ينهش المنطقة وينهش نفسه، واتضح ان هذا الاسلام السياسي لم يكن سوى وهم صنعته دعايات الغرب واميركا بوجه خاص، لأنه حين استلم مقاليد الحكم في المنطقة اتضح انه عجز عن فعل أي شيء سوى الاضطراب والقلق والتمزق والفوضى، ولعل اكبر وأوضح نموذج لذلك هو النموذج المصري بحكم ان مصر هي اكبر دول المنطقة وأقدم دول العالم، وان الاسلام السياسي ممثلا بالإخوان المسلمين وبقية منتجاتهم، في المنطقة، عجزوا في التجارب الحالية عن تقديم أي بديل نافع، واتضح أن الرغبات الأميركية التي تعود إلى بداية الخمسينيات، بتسليم السلطة للإسلام السياسي في المنطقة لم تكن مبنية على قواعد صحيحة.
وسط هذا الانهاك والاضطراب العام يأتي الرئيس باراك أوباما إلى المنطقة، وهي زيارته التاريخية الثانية، ففي بداية فترته الرئاسية الأولى جاء الرئيس أوباما إلى المنطقة وقال كلاما جميلاً وأطلق وعودا رائعة ورسائل مهمة، وخاصة على مستوى القضية الفلسطينية، ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح، ولم تعد السياسات الأميركية في المنطقة متناسقة مع أي من تلك الوعود والأمنيات الجميلة، لدرجة أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة حتى على تأمين استمرار المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، لأنها لم تعد قادرة على إلزام إسرائيل ولو بالحد الأدنى بشروط ومرجعيات معقولة لتأمين هذه المفاوضات.
زيارة الرئيس باراك أوباما في بداية فترته الرئاسية الثانية تأتي وهناك معطيات جديدة من بينها أن الاستقرار في المنطقة قلق جدا، والملفات كلها ما تزال مفتوحة ولم يغلق أي منها، ويكفي أن نذكر أن الاستيطان الإسرائيلي توحش حتى أصبح كما هو الآن خارج السيطرة الإسرائيلية نفسه، وأن نتنياهو الذي استسلم لوحشية هذا الاستيطان وتحالف معه دون حدود أو قيود، وتنازل له عن كل صلاحياته، لم يعد قادراً على كبح جماحه، ونظرة إلى تفاصيل الاستيطان وسلوك المستوطنين اليومي، سوف تجعلنا نرى أن الاستيطان يهدد بوجود سلطة للمستوطنين، بل دولة للمستوطنين موازية للدولة الإسرائيلية نفسها.
وهكذا فإن الرئيس أوباما حين يصل إلى المنطقة، وحين يلتقي بالقيادة الفلسطينية في رام الله والاسرائيلية في تل أبيب، سيجد أن الضرورات هي نفسها التي قدم فيها رؤية واضحة في بداية فترته الرئاسية الأولى، حين أدان الاستيطان واعتبره العائق الرئيسي أمام السلام وطالب بوقفه وقفا شاملا، هذه هي نقطة البداية لاستقرار المنطقة فلا بد من وقف الاستيطان، بل من أجل استقرار إسرائيل نفسها لا بد من وقف هذا الاستيطان الذي تجاوز المعادلة كلها.
و الكلام الجميل الذي قاله أوباما لزعماء الجاليات العربية في أميركا، وتأكيده دعم حل الدولتين، وتأكيده على الشراكة مع القيادة الفلسطينية لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، ليس له معادل موضوعي سوى ردع هذا الاستيطان، وكبح جماح هذا الاستيطان، وإعادة هذا الاستيطان غير الشرعي إلى بيت الطاعة وليس البقاء في حالة الشذوذ الراهنة التي يراهن عليها المستوطنون بلا آفق.
رسالة الأمل للشعب الفلسطيني تنطلق من هذه المسألة الرئيسية، وخاصة أن العالم كله وجه رسالة كبرى من خلال الجمعية العامة حين صعد بفلسطين إلى دولة مراقب في الأمم المتحدة، أي دولة تحت الاحتلال، ودون شك فإن العمود الرئيسي لإنهاء الاحتلال وإقامة السلام العادل هو إنهاء الاستيطان، فكيف سيكون هناك أمل إذا بقي الاستيطان على حاله الذي نراه الآن؟
هل نُكَفِّرْ د. عزيز دويك
بقلم: يوسف أبو عواد عن الحياة الجديدة
لا أقبل لا من الدكتور عزيز دويك ولا غيره رفيعاً كان أم وضيعاً أن ينال من سمعة الماجدات العربيات من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي عامة والماجدات الفلسطينيات خاصة بنات وأخوات وأمهات وزوجات الشهداء والأسرى الشرفاء الأحرار الوطنيين والصامدين والذين هم على الحق ظاهرين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
وأنا هنا لست حمساوياً لأدافع عن الدكتور عزيز دويك ، كما أنني لست خادماً في بلاط أي فصيل أو حركة لأفتح عليه نافذة من جهنم، فأنا أنتمي بفخر إلى تراب أرض المحشر والمنشر وإنسانها الشريف النظيف العفيف.
إنني أقولها وبالفم المليان أن الدكتور دويك أخطأ، لكن المسألة تبدو كما لو كانت استدراجاً لميادين صراعات جانبية أخرى نحن في غنى عنها في هذه المرحلة، لقد قال آخرون وعملوا أكثر مما قال عزيز دويك أو عمل فلماذا لم نفتح عليهم خراطيم حممنا؟! آخرون صاعوا وضاعوا واستطاعوا واشتروا وباعوا فماذا قلنا أو عملنا لهم؟! وهل ما يجري بهذا الخصوص على ساحتنا الفلسطينية يخدم وحدة الصف الفلسطيني أو يخدم المصالحة التي يبكي عليه البعض ويتباكى عليها البعض الآخر؟!...
أرجو ألاَّ يطلع علينا أحد الإخوة بتصريح من العيار النّاري الثقيل لِيُكَفِّرَ الدكتور عزيز دويك، الذي أدين بشدة ما صدر عنه بحق الماجدات الفلسطينيات، والسلام.
إما لبيد أو اللجوء للحريديم!
بقلم: عادل عبد الرحيم عن الحياة الجديدة
نتنياهو، رئيس الحكومة المكلف، يصارع الزمن في ربع الساعة الاخيرة من الزمن الممنوح له لتشكيل حكومته بعد بروز استعصاء من إصرار يئير لبيد، رئيس تكتل أو تجمع "يوجد مستقبل" على ضم وزارة المعارف لقائمة وزرائه. وفي السياق مطالبة البيت اليهودي، برئاسة نفتالي بينت، على رئاسة اللجنة المالية في الكنيست.
اقترب رئيس تكتل "الليكود بيتنا" خلال المفاوضات مع لبيد وبينت من اشتراطات ومطالب حلفاء الامس القريب، إن كان بالنسبة لعدد وزراء الحكومة أو عدد نواب الوزراء بالاضافة الى ملف تجنيد الحريديم (مبدأ المساواة في تحمل العبء). لكن هذا التقدم الايجابي لم يحقق حتى اللحظة، هدف بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة. خاصة وان يئير لبيد وضع قدميه في الارض، ومصمم على ان تكون وزارة المعارف من نصيب تكتله. وبينت يصر على تسلم رئاسة اللجنة المالية في الكنيست. في الوقت الذي يريد حزب الليكود المعارف ورئاسة اللجنة. ويبدو ان الليكود ليس اقل إصرارا من "يوجد مستقبل" أو "البيت اليهودي".
موقف زعيم الليكود حرج لاكثر من اعتبار: اولاً لأنه قدم تنازلات لصالح لبيد وبينت في أكثر من ملف؛ وثانيا قدم تنازلاً من حيث المبدأ في اللقاء مع بينت شخصيا، رغم ما بينهما من تناقض؛ ثالثا في حال خضع لابتزاز يئير ونفتالي، فإنه سيسقط امام اركان حزبه وامام تكتله وامام الشارع الاسرائيلي، فضلا عن سقوطه امام سارة (زوجته) التي تدير معه المفاوضات من خلف الستار، وسيكون وضعه حرجا جدا في الحكومة المقبلة.
كما لم يعد امام نتنياهو الكثير من الوقت، أو بالاحرى الوقت نفد، وهو في الدقائق الاخيرة، وعليه ان يقدم حكومته لرئيس الدولة أو يعلن إفلاسه عن تشكيلها. وبالتالي إما ان يكلف الرئيس بيرس شخصية ثانية أو التوجه للانتخابات مجددا. لذا نتنياهو يسابق الدقائق والثواني للوصول الى اتفاق مع الشركاء المفترضين في الائتلاف الجديد (بينت ولبيد) أو الاستدارة السريعة جدا نحو الاحزاب الدينية لتأمين تشكيل حكومة تؤمن له ولهم المصالح المشتركة قبل فوات الوقت.
ولضمان النقلة السريعة في الخيار الآخر التقى نتنياهو يشاي اول امس، واللقاء له هدفان الاول شكل من ابتزاز لبيد وبينت؛ والثاني ترتيب الانتقال السريع للحوار مع شاس ويهوديت هاتوراة وغيرهم. لكن من الواضح ان لبيد لم تثره الخطوة النتنياهوية، لانه يعتقد، ان رئيس الحكومة المكلف أكثر ميلا لتشكيل حكومة معه ومع بينت والحركة وكاديما، لانها تؤمن له حرية المناورة مع القوى الداخلية والخارجية، وتعيد بعض الاعتبار له في الساحة الدولية، ولا يقطع مع قطعان المستوطنين، لا سيما وانه وافق على تسلم المستوطن اوري ارئيل من البيت اليهودي وزارة الاسكان، وهو ما يحقق له ولليبرمان هدف تدمير خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، كما أشار روبرت سيري، ممثل الامين العام للامم المتحدة في المنطقة.
اللحظات القادمة حرجة وصعبة في مسيرة تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة. وعلى بنيامين نتنياهو التفكير مليا، ويقلبها على كل الاوجه، ويحسب حسابات الربح والخسارة ثم يختار قبل فوات الاوان.
من المؤكد ان نتنياهو لن يترك رئاسة الحكومة تفلت من يديه بعدما حقق ما حقق من تقارب مع بينت ولبيد، ولكنه سيحاول الضغط على لبيد لانتزاع ما يرضي غروره ونزعات زوجته، ويرضي حزبه وتكتله. لكن يبدو ان عملية عض الاصابع ستكون لصالح لبيد، لأنه أدرك ان رئيس الحكومة المكلف، لا يريد دفع الثمن للحريديم، ولأن الحكومة مع الثنائي لبيد وبينت تؤمن له استقرارا اطول، كما انه يستطيع تحقيق كل الاهداف بمكوناتها الحزبية والسياسية، ويقطع الطريق على التسوية من خلال تقديم تسيبي ليفني كمفاوض مع القيادة الفلسطينية، وهي في الجوهر، لا تختلف كثيرا عن زعيم الليكود إلا في الجوانب الشكلية.
الساعات القادمة ستميط اللثام عما تخبئه المفاوضات من نتائج. الارجح الاتفاق مع لبيد وبينت، والاتفاق على تدوير الزمن على رئاسة وزارة المعارف واللجنة المالية في الكنيست. وما علينا سوى انتظار الدخان الابيض أو الاسود لمعرفة واقع الحالة السياسية الداخلية الاسرائيلية.
حكومة اللاخيار: تركيع ولي ذراع نتنياهو
بقلم: غازي السعدي عن جريدة الصباح
يبدو أن أزمة تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة في طريقها إلى الانفراج، في أعقاب نجاح تحالف حزبي "يوجد مستقبل"- برئاسة "يئير لبيد" وله (19) مقعداً في الكنيست- والبيت اليهودي برئاسة "نفتالي بينيت" وله (12) مقعداً، وبعد فشل "نتنياهو" بوضع إسفين بين هذين الحزبين، وفك التحالف بينهما، اضطر للاستجابة لشروطهما، باستبعاد الحزبين المتدينين "الحراديم"، شاس لليهود الشرقيين، ويهدوت هتوراة لليهود الاشكناز، ولهما (19) مقعداً في الكنيست، هذان الحزبان اللذان يعتبران حلفاء تاريخيين للأحزاب الحاكمة، والداعمين للحكومة التي يشاركون بها أمام الهزات الحزبية والسياسية، ومريحون جداً لسياسات رؤساء الحكومات، فإن المكلف بتشكيل الحكومة "بنيامين نتنياهو"، رضخ للحزبين آنفي الذكر، وبالموافقة على تحميل أعباء الخدمة العسكرية على الجميع، بينما كان المتدينون من الأحزاب المذكورة، يتمتعون بموازنات كبيرة لمدارسهم الدينية، وإعفاء طلابهم من الخدمة العسكرية، بل يخصص لهؤلاء الطلاب رواتب شهرية، ومع إزالة هذه العقبة أمام تشكيل الحكومة لم يكن أمام "نتنياهو" خيار آخر، فحسم أمره بالاستغناء عن الأحزاب الدينية، وأصبحت الطريق شبه سالكة أمامه لتشكيل الحكومة، بعد أن استنفد "نتنياهو" الـ (28) يوماً المخصصة لعملية التشكيل حسب القانون وبتكليف من قبل رئيس الدولة، اضطر للحصول على (14) يوماً إضافية لإنهاء عملية تقديم الحكومة إلى الكنيست أما إذا فشل في عملية التشكيل بعد هذه الفترة فيكلف مرشح آخر بتشكيل الحكومة، فـ "نتنياهو" الذي تخلى عن الأحزاب الدينية في تشكيل وزارته اضطر لتشكيل حكومة "اللاخيار"، وهذه ليست الحكومة التي كان يريدها، مع أنه لوح بانتخابات جديدة، إلا أن استطلاعات الرأي العام أشارت إلى تراجع شعبية حزبه الليكود إلى (26) مقعداً، بينما لهما حالياً (31)، مقابل صعود حزب "يوجد مستقبل" إلى (31) مقعداً، والبيت اليهودي إلى (13) مما سيؤدي إلى تحول في الخارطة الحزبية-السياسية الإسرائيلية. إن وضع "نتنياهو" في أعقاب انتخابات الكنيست التي جرت قبل شهرين أصبح مهزوزاً، وفقد كبرياءه حتى داخل حزبه.
والسؤال: هل الاتفاقات الائتلافية التي تجري وتوقع بين الأحزاب التي تشارك في الحكومات ملزمة؟ أم شهادة يجري تعليقها على الجدار؟ فالاتفاق الائتلافي في العرف السياسي-الإسرائيلي، لا يعدو وثيقة توقعها الأحزاب المشاركة في الحكم، تتضمن دور وحجم كل حزب، والتشكيلة الحكومية، وتوزيع الحقائب الوزارية التي ستتولاها الأحزاب الموقعة على الوثيقة، وإلى اللجان البرلمانية، والهيئات الحكومية والمؤسسات العامة التي ستوكل رئاستها لممثلين عن الأحزاب الموقعة، كذلك تشمل الخطوط السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية العريضة التي على الحكومة العمل على أساسها، لكن وحسب التجارب السابقة، فإنه لا قدسية لهذه الوثائق الائتلافية، وفي كثير من الأحيان يجري اختراقها وتجاوزها، ونستشهد بقول لـ "إسحاق شامير" رئيس الحكومة عام 1988، الذي قال عن الوثيقة لوزير العدل آنذاك: "علقها على الجدار، أو ضعها في المتحف"، وأضاف أنه:" من أجل أرض إسرائيل يمكن أن نكذب".
إن "نتنياهو" أراد تشكيل ائتلاف حكومي واسع، غير أن حلف "لبيد"-"بينيت" أفشل مخططه، وكما تشير المعلومات، فإن حكومة "نتنياهو" ستشكل من قبل حزبه الليكود- بيتنا ولهما (31) مقعداً في الكنيست، ومن حزب "يوجد مستقبل" الذي له (19) مقعداً، انضم إليه حزب كديما الذي له مقعدين ليصبح مجموعها (21) مقعداً، وحزب "البيت اليهودي" وله (12) مقعداً، وحزب "الحركة" وله (6) مقاعد، وبهذا يصبح عدد أعضاء الائتلاف (70) نائباً من أصل (120) عدد نواب الكنيست ليحصل على الثقة بسهولة. إن حكومة "نتنياهو" الحالية تضم (30) وزيراً، إضافة إلى سبع نواب وزراء، وهذا عدد كبير يزيد في أعباء الموازنة، مما دفع بـ "يئير لبيد"- حزب "يوجد مستقبل"- للطلب باختصار عدد الوزراء إلى (18) وزيراً، غير أن "نتنياهو" يريدها (28) لإرضاء وزراء حزبه السابقين، وقد تتوصل الأحزاب المشاركة في الائتلاف بعد مساومات إلى التوصل بين (20) إلى (24) وزيراً، لتصبح الكوتا بمعدل وزير لكل ثلاثة نواب كنيست، لكن هناك بعض المشاكل في توزيع الحقائب، إذ أن "يئير لبيد" يريد الخارجية، لكن "نتنياهو" يريد حفظها لـ "أفيغدور ليبرمان"، إلى ما بعد محاكمته التي يصر عليها، إذا برأته المحكمة من تهم الفساد، فعرض على "لبيد" وزارة المالية والتي لا يرغب فيها ونائب رئيس الوزراء ، إذ أن أكثر الانتقادات والأزمات الاقتصادية والهجمات توجه إلى وزير المالية وهذه وزارة تفقده شعبيته، فإذا لم يقبل بها فقد تعرض على "نفتالي بينت"، وقد عرض على "لبيد" وزارة الداخلية مع توسيع صلاحياتها، فالوزارات السيادية ستسند إلى "ليبرمان" للخارجية و"موشيه يعالون" للحربية"، و"يئير لبيد" أو "نفتالي بينت" للمالية، أما حزب "الحركة" فقد أسند إلى "تسيفي ليفني" وزارة العدل واللجنة الوزارية التشريعية إضافة إلى ملف المفاوضات، لكن هناك بعض المعارضة لها، وسخط داخل الليكود على إسناد هذه الحقيبة لـ "ليفني" إضافة إلى ملف المفاوضات، واللجنة الوزارية التشريعية، التي من شأن "ليفني" أن تحول دون تشريع القوانين العنصرية -على حد زعمهم- حيث كانت الكنيست السابقة قد أقرت قوانين عنصرية لم يسبق لعددها مثيل من قبل، ويبقى هناك بعض الخلافات التي ما زالت عالقة، مثل الموازنة العامة للدولة، وتقليص موازنة الاستيطان التي تستنزف 9% من مجموع الموازنة، الزواج المدني، تسيير حافلات النقل أيام السبت، إلا أن البرنامج السياسي للحكومة لم يبحث، وإذا بحث فإنه لم يتسرب عنه شيء. أما الغريب في التحالف القائم بين يوجد مستقبل ، والبيت اليهودي، فهو أن الأول مع العملية السياسية للقضية الفلسطينية بينما الثاني-الذي يعتبر ممثل المستوطنين، فإنه يعارض ذلك، كما يعارض تفكيك مستوطنات، ولا يؤيد المسيرة السياسية، واحد لا يعرف سر هذا التحالف بينهما رغم التناقض في موقفيهما.
في نظرة سريعة على زيف الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة، ومن هم حكام إسرائيل، وكيف يصلون إلى الحكم وصنع القرار، فقد كُشف كما يُكشف في كل انتخابات، عن فضائح فساد وسمسرة وشراء الأصوات بالمال، وبخاصة في الانتخابات التمهيدية "البرايمز" التي تقود المرشح للوصول إلى مكان مضمون في قائمة المرشحين للكنيست، ووجود مقاولين مهمتهم شراء الأصوات، فالمستشار القانوني للحكومة، إضافة إلى محققي الشرطة، يقومون في هذه الأيام بإجراء التحقيقات مع عدد من الأحزاب والمرشحين، كذلك وحسب جريدة "يديعوت 27-2-2013"، فإن أجواء العمل في مكتب رئيس الوزراء عكرة للغاية، فهناك استقالات وتهديدات وتشويهات سمعة، وتحريض الواحد على الآخر، والتحقيقات جارية مع عدد من المسؤولين، فإذا كان هؤلاء الذين يحكمون وصلوا إلى هذه المناصب عن طريق الرشوة والفساد، ويتخذون القرارات الحاسمة، فهذه هي إسرائيل من الداخل وهؤلاء حكامها، فهذه الحكومة معرضة لأزمات متوالية داخلية وخارجية، من شأن ذلك إدخال الحكومة في أزمات، وتقصير عمرها، فرئيسة حزب العمل "شيلي يحموفيتش"، التي رفضت الإغراءات، بضمها إلى الائتلاف الوزاري، تعتبر أن الطريقة التي يقود بها رئيس الوزراء "نتنياهو" إسرائيل، سوف توصل الدولة إلى الهاوية، وأن زيارة الرئيس "باراك أوباما" لإسرائيل، وإجراء مباحثات في العملية السياسية، وإيجاد الشروط المناسبة لاستئناف المفاوضات، وحسب "شيلي"، فإن هناك حاجة لمعجزة من السماء لكسر الجمود السائد في المسيرة السياسية مع الجانب الفلسطيني.
إلى قيادة فتح غزة، فتح ليست عقيمة!!!
بقلم : رامي الغف عن جريدة الصباح
كنت أتوقع وتوقع معي الكثيرين من أحرار وشرفاء فتح أن القيادات السابقة المكلفة لإدارة حركة فتح غزة، ستقوم بإجراءات جذرية وحلول سريعة من خلال إعطاء الفرصة للكفاءات والعقول والنخب الشابة القادرة على وضع تصورات وحلول سريعة وخطط إنقاذية قادرة على إنقاذ حركتهم من أزمتها المتفاقمة وترتيب بيتها الداخلي ومواجهة المشاكل الأساسية اليومية لأبنائها وجماهيرها وإصلاح جزء من البنية الأساسية المتهالكة من خلال رؤية علمية واقعية، ولكننا حتى رحيلها وجدنا أن قيادة فتح غزة مغيبة ومستبعدة تماماً لهؤلاء الكفاءات والعقول والقدرات التي تترقب الفرصة وتنتظر اللحظة التي تناديها حركتهم الفتحاوية لتقدم خلاصة تجاربها وأفكارها وخبراتها التنظيمية.
وأنا هنا لا استطيع أن أجد مسوغاً ولا سبباً مقنعاً لعدم قيامها حتى اللحظة بإجراء تغييرات جوهرية في العديد من المفوضيات والدوائر والهيئات والمؤسسات الأقاليم والمناطق والمفاصل الحيوية في التنظيم، وإحلالها بكوادر كفؤة لإدارة المرحلة الراهنة وخروج فتح إلى بر الأمان خاصة ونحن نتحدث عن استحقاقات انتخابية على مستوى الوطن يشمل جميع القطاعات المفصلية في فلسطين. إننا بحاجة لأن نصارح أنفسنا ولو لمرة واحدة "وبلاش مثل ما يقولوا ننافق ونداهن حتى تقع الفأس بالرأس مرة أخرى ونقع في البئر ولا نخرج منه أبداً" فحركة فتح في قطاع غزة بحاجة إلى ثورة تغيير وتطوير وتطهير وتجديد دماء وتفكيك لمنظومة التوريث وهي بحاجة إلى عملية تطعيم بكفاءات وعقول مؤهلة ومدربة كي تنهض بهذا التنظيم الأم، ومشورة الكفاءات والمواهب والفطاحله الذين غيبوا واستبعدوا من العمل التنظيمي ، ففتح اكبر منا جميعاً ورفعتها وازدهارها وتقدمها لن تتم إلا من خلال سواعد شابة مؤهلة، خاصة وكما ذكرنا ونحن أمام استحقاقات انتخابية قادمة تتطلب استغلال وتوظيف الكفاءات والعقول المهمشة والمستبعدة أكثر من استغلال الطاقة والمياه. إن فتح غزة اليوم بحاجة ماسة لصياغة رؤية جديدة لمستقبل هذا التنظيم العريق، فهذه صرخة للقائد المناضل الدكتور زكريا الأغا" ابا عمار" وهيئته القيادية المناضلة كل باسمة ولقبه، على أن يتم من خلالها التخلص من كل العوامل التي تعيق مسيرة التقدم والنجاح في فتح، والعمل على إعادة الخبرات والكفاءات التي غيبت واستبعدت وهمشت بسبب الولاءات لهذا وذاك، فجلست هذه الكفاءات في بيوتها بعد أن شعرت أنها لا مكان لها وسط هذا السباق والزحام الغير بناء، فالكل يدرك أن هناك العديد من الإخوة والأخوات وخاصة في المؤسسات والمفوضيات والدوائر والأقاليم في فتح، والتي لم تعطي وتنجز وهي بحاجة إلى قسط من الراحة ومغادرة هذه المناصب لان العمل هو تكليف وليس تشريف، وحتى تعطى الفرصة لغيرهم من أصحاب الكفاءات الذين يتألمون وتضيق صدورهم حسرة وندماً لعدم قدرتهم على خدمة فتح.
""قال الشاعر تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا"" إن السبيل إلى ارتقاء وازدهار حركة فتح هو الارتقاء بدوائرنا وبمفوضياتنا ومراكزنا ومؤسساتنا بتقديم الأفضل إزاء كل ما بجذر ثقافة التأسيس لهذا البناء العظيم الذي يمكن بلورته عبر الأمور الآتية: * العمل الجاد على تحويل الاختلاف إلى تنافس شريف يهدف إلى الارتقاء بفتح، واعتبار مؤسساتها وما تقدمه من خدمات خطا أحمر لا يمكن المزايدة عليها من أية جهة كانت. * تكريس قيم الولاء لفتح والثقة بين أبناءها حافزا نحو التطوير والإبداع. * تداول ثقافة الرأي والرأي الآخر لانتقاء الأفضل والأكمل حيث إن الحكمة ضالة العاقل يأخذها ولو انطلقت من مجنون. *
تكليف قيادات المؤسسات والمفوضيات والأقاليم والمناطق الجغرافية على أساس البرامج والمقترحات الناهضة بفتح ولمدة 6 شهور على أن يقدم كل مسئول تقريره وانجازاته وإذا اخفق يتم تكليف غيره ومن هنا سنجد تنافسا شريفا للأفضل. * إنضاج الآراء من قبل القادة والمسئولين باستشارة أصحاب الرؤى والاختصاص كل حسب اختصاصه وفي جميع الميادين. * نعتبر أننا أمام بناء جديد يعتمد على ما أنجز خلال المرحلة الماضية نأخذ منه الجيد ونرمي السلبيات خارجا ووفق هذه النقاط القابلة للنقاش والتنقيح والإضافة والحذف. * اعتبار المرحلة الماضية مرحلة مخاض طبيعي وكأننا مررنا بزلزال أو أي كارثة، وان يتقبل الجميع خسائرها ومآسيها على أن يكون القادم إرادة قوية تتجاوز المحنة وان يكون العمل لمنع أي خسائر جديدة مهما كان حجمها صغيرا. آن الأوان، لأن نضع فتح ، وليس أنفسنا نصب أعيننا من أجل فتح وحدها، لأنها تستحق فعلاً، ونتجرد من كل الألقاب والمسمّيات والانتماءات.. و.. و.. و..!! سوى فتح، لنعيد لها نقاء صباحاتها، وإشراقه شمسها، لنعيد كركرات زهراتها، وفرح أشبالها وابتسامات مناضلوها وشهدائها وجرحاها وأسراها، لنعيد لها روحها التي أنهكها الانتظار وجسـدها الذي مزّقه القلق. وفي الختام نؤكد ونقول لكم يا قادتنا الأحرار إن الأمل ما زال موجود والعمل هو المطلوب ومعاً وسوياً حتى تحقيق الهدف المنشود بتطوير وازدهار حركتنا فتح وإقامة دولة فلسطين المستقلة.
ومضة: عجيب أمركم!
بقلم: صبري صيدم عن وكالة وفا
غريب بالفعل أمر كندا وتصرفاتها بالنسبة للقضية الفلسطينية، فهذه الدولة الوديعة القائمة على أكتاف المهاجرين المالكين للعقل والمال تتصرف بصورة تصعب على الفلسطينيين فهمها.
فما أن أعلنت القيادة الفلسطينية عن رغبتها التوجه إلى الأمم المتحدة قبل عامين إلا وبدأت كندا بإبداء مواقف تعبر عن امتعاض من هذا الأمر تارة بالقول إن هذا الأمر سيعطل عملية السلام وتارة بالقول إن القضية الفلسطينية لا تحل في الأروقة الأممية.
وخلال عشرات اللقاءات والاجتماعات حاول كثيرون من الساسة وأبناء فلسطين المخلصين شرح عدالة القضية وبغضهم لاستطالة أمد الاحتلال المقيت وتفسيرهم لموجبات التوجه للأمم المتحدة باعتبار أن كل السبل قد جربت في المسار السياسي وأن مفاوضات عقدين من الزمن مع إسرائيل قدمت نتيجة محصلتها صفر.
لكنك كنت تخال في حديثك مع زوارك الرسميين من كندا بأنك تتحدث مع نفسك، فنقاط الخطاب الاسترشادية التي خطتها المؤسسة الرسمية الكندية لهم بقيت على الدوام تتكرر دونما تغيير، فمهما حاول البعض منا الشرح والتفصيل فإن جدران الصد التي رسمت في تلك النقاط كانت واضحة وواضحة جداً.
والباحث في شؤون التركيبة السياسية الكندية وضعف تأثير الشتات المهاجر من أبناء الدم والعروبة والدين يعرف أن مآل الموقف الكندي كان واضحا، لكن طريقة التعبير عن الموقف جاوزت التوقعات في صراحتها الواضحة بصورة تكون ربما وأقول ربما تجاوزت نبض الشارع الكندي وقاربت التزلف المستميت للاحتلال ولوبياته الضاغطة فأساءت لفلسطين والفلسطينيين.
التطور المحزن الأكبر هو إصرار كندا على الإجهار بموقفها لدرجة توقعت معه الفضائيات العربية عشية التصويت لعضوية فلسطين المراقبة أن يكون خطاب وزير خارجية كندا أسوء وقعا من خطاب إسرائيل.
موقف الحكومة الكندية أردفته بالتهديد بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية إن ذهبت نحو التصويت لتعود بعد أن حصلت فلسطين على دعم ساحق لتتراجع عن هذا التهديد وترسل ممثليتها في رام الله إلى مكاتب القيادة الفلسطينية لتعلمها بأنها لن تقطع المساعدات.
لكن وما أن عادت قضية الأسرى العادلة إلى واجهة الأحداث عالميا قبل أسابيع واستؤنف الحديث عن التوجه لمحكمة العدل الدولية حتى عادت كندا إلى معزوفتها السابقة، بل خرج وزير خارجيتها أمام إعلام بلاده وفي لقاءٍ مع أنصار إسرائيل في أمريكا ليهددنا جميعا بما سنلقاه من وبال شديد إذا ما فعلنا ذلك.
لذا فإن منطق الخارجية الكندية قائم على معاقبة الضحية والإمعان في ظلمها بل مطالبتها بأن تقبل بالضيم والغبن والإجحاف وأن لا ترفع إصبعاً واحداً للشكوى والاعتراض.
لهذا فإن وزير خارجية كندا جون بايرد يقول ضمنا بأننا يجب أن نقبل بما يواجهه أسرانا وما يقوم به الاحتلال من مستوطنات وجدار وتهويد للقدس وسرقة للمياه وحصارٍ لغزة وحجب لترددات الاتصالات وتوسيعٍ لنقاط التفتيش والإصرار على يهودية الدولة!! أي منطق هذا الذي يحتمل توجها كهذا؟.
ربما نفهم كفلسطينيين مواقف بعض الجزر التي دأبت للتصويت ضدنا في الأمم المتحدة ليس لكوننا ناصبناها العداء وإنما لارتباطاتها الدولية التي تحتم عليها مواقفها المؤسفة، لكننا لن نفهم أبداً مواقف كندا التي لم يسجل التاريخ أية مواقف استعداء تجاهها لا مع منظمة التحرير ولا من إخوتنا المهاجرين فيها والذين سجلوا ويسجلوا كل يوم أداءً غايةً في المهنية والاحترام.
نعم أمور كهذه لا تحكمها السذاجة ولا العاطفة وإنما المصالح والحسابات الداخلية والخارجية والتي تدفع بعض الدول للوقوف ضدنا بصورة أكثر براعة ودبلوماسية من الموقف الكندي الذي يمثله اليوم رأس خارجيتها.
إن التساوق مع الاحتلال في زمن 'التطبيل والتزمير' لربيع العرب ليس انتصارا للديمقراطية، وإن شرعنة الاحتلال وتبرير ظلمه وجوره في زمن انهار فيه أعتى الاحتلالات ليس بطولة، فاستجداء دعم المبشرين ببقاء الاحتلال والمدافعين عنه هو إمعانٌ واضحٌ في الجريمة وإرفاد محزن لسطوة الشر، فهل يقف بلد بحجم كندا قريبا لمراجعة الذات والتمييز بين القاتل والمقتول؟.
اضواء على زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لإسرائيل
بقلم: زهران أبو قبيطة عن وكالة معا
ان اسرائيل تعكف حاليا على ايجاد اكثر من سيناريو لتجميل صورتها امام الرئيس الامريكي باراك اوباما ودول العالم اثناء الزيارة المزمع القيام بها في العشرين من مارس الحالي وهذه الزيارة الاولى للرئيس الامريكي لإسرائيل بعد انتخابه للولاية الثانية، وهي تحاول ابداء نوع من المرونة الشكلية تحت مسمى حسن النية.
ان الموقف الدولي والفلسطيني وقف الاستيطان في القدس والضفة الغربية وليس تجميد الاستيطان وهذا التزام وليس بادرة حسن نية من قبل اسرائيل الدولة المحتلة، وان اسرائيل تحاول اقناع الرئيس الامريكي بوجهة نظرها وان الموقف الامريكي لم يأتي بجديد ويكرر مواقف سابقة للرؤيا الاسرائيلية الامريكية والتي اصبحت لازمة ومحفوظة عن ظهر قلب الحفاظ الامريكي على امن اسرائيل ويهودية الدولة وشرعية الاستيطان وشطب حق العودة ومساوات الشعب الفلسطيني واسرائيل في تحمل المسؤولية.
وحسب تصريحات البيت الابيض إن الزيارة فرصة لتنسيق المواقف الامريكية الاسرائيلية بشأن الملفات ذات الاهتمام المشترك والتأكيد على عمق العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة واسرائيل من أجل ادخال العالم في متاهة جديدة والالتفاف على قرارات الشرعية الدولية لأن رئيس الوزراء المنتهية ولايته والمكلف بتشكيل حكومة جديدة "بنيامين نتنياهو" لا يوجد لدية برنامج سياسي ولا رؤية لحل الدولتين رغم إعلانه في جامعة بار ايلان ولدية مناورات سياسية سائمها العالم والشعب الفلسطيني لأنه غير معني بحل الدولتين لشعبين.
وان العقوبات المتبلورة من الاتحاد الاوروبي هي دليل على عدم اصغاء اسرائيل لنصح الدول الصديقة لها اذا الادارة الامريكية لديها تصميم وارادة صادقة لإعادة المسيرة السلمية الى مسارها فانة يجب تتبني قرارات الشرعية الدولية والزام اسرائيل بالانسحاب من حدود الرابع من حزيران 1967وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وبسبب الموقف العربي الحيادي من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لا يراهن على هذه الزيارة لان الادارة الامريكية تبحث لها عن مسمى "زيارة استكشاف".
ان تصريحات الرئيس الامريكي انه لا يحمل اي مبادرة جديدة لتحريك عملية السلام وكأن العشرون عاما من المفاوضات والجولات غير كافية لمعرفة الصراع العربي الفلسطيني لان الادارة الامريكية مقتنعة ان المفاوضات من أجل المفاوضات وليس من اجل انهاء الاحتلال ولا يوجد ارادة سياسية امريكية بالزام اسرائيل بالانسحاب من الاراضي المحتلة لان الولايات المتحدة الامريكية حيدت الامم المتحدة ولهذا السبب لم يتحقق اختراق في العشرون عاما الماضية وبعد القرار الاممي باعتماد فلسطين دولة غير عضو بصفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومعارضة الولايات المتحدة الامريكية وهذا السبب يزيد التعنت الاسرائيلي وزيارة دعم للموقف الاسرائيلي.
وان هذه التصريحات هي عزوف امريكي عن العملية السلمية وان جميع البرامج السياسة للأحزاب الصهيونية لم تتطرق لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وان سياسة التضليل والخداع وتكثيف الاستيطان واستغلال المفاوضات لسرقة الوقت ويعتبروا المفاوضات هي ادارة ازمة من اجل احتواء الصراع.
المصالحة الفلسطينية.... إتقوا الله في فلسطين؟؟؟
بقلم: راتب عمرو عن وكالة معا
على الرغم من ان المشادة الكلامية التي حصلت بين السيد "عزام الأحمد" والشيخ "عزيز الدويك" كانت عابرة وأنتهت بسلام، إلا انها وعلى ما يبدو كانت الشعرة التي قصمت ظهر المصالحه، وكشفت المستور في العلاقة بين حركتي فتح وحماس ومدى الخلاف بين الفصيلين الكبيرين، وهي خلافات لا تقف عند كلام من هنا وهناك، بل هي خلافات على امور تتعلق بالبنية التنظيمية التحتية لكلا من التنظيمين، وتتعلق بكينونة كل منهما وبقاءه او عدمه.
وصلت المفاوضات التي استمرت على مدار الأشهر الماضية بوساطة مصريه الى طريق مسدود سواء ما تعلق بالملف الأمني، وأعني بذلك إعادة هيكلة الأجهزة الأمنيه التابعة لكلا الطرفيين المتخاصمين، اوما يتعلق بموقفهما من بعض القضايا الخلافية الأخرى كالخلاف على المجلسين الوطني والتشريعي والتي كان بالأمكان تجاوزها لولا دخول المفاوضات في دهاليز الملفات الأمنية، وسأحاول في هذه العجالة بحث الموضوع على النحو التالي:
موقف" حماس والجهاد الإسلامي":
يتلخص موقف حركة حماس على أنها تُصر على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالضفة الغربية من خلال دمج الأجهزة الأمنية التابعة لها بتلك الموجودة في الضفة الغربية، ورفضها حل كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح التابع للحركة، كما ان حركة الجهاد الإسلامي ترفض هي الأخرى حل سرايا القدس، وتُصر على دمجها مع الأجهزة الأمنية الموجودة بالضفة الغربية.
موقف السلطة الوطنية الفلسطينية والمتمثل في موقف "فتح":
ترفض فتح مطالب حماس وتُصر على عدم إحداث اي تغيير على أجهزة الأمن العاملة في الضفة الغربية وتلك التي كانت في قطاع غزه قبل الإنفصال في اواسط عام 2007، مما يعني عودة من كانوا يعملون في الأجهزة الأمنية الفلسطينية في قطاع غزه قبيل ذلك التاريخ باعتبار هؤلاء يتبعون لأجهزة السلطة الفلسطينية الرسمية، وحل اجهزة امن حماس التي تم تشكيلها في قطاع غزة وخاصة الامن الداخلي وكتائب عزالدين القسام الذراع العسكري للحركه وسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي.
الموقف الأسرائيلي:
كما كان متوقعاً فقد دخلت اسرائيل على خط المصالحة الفلسطينية، حيث ابلغت السلطة الوطنية الفلسطينية والوسيط المصري بانها ستتعامل مع الاجهزة الامنية للسلطة بأعتبارها اجهزة معادية، اذا ما تم دمج اجهزة الأمن والأجنحة العسكرية التابعة لحركتي حماس والجهاد الأسلامي معها، سواء إذا ما تم ضم قواتها في قطاع غزه لتلك الاجهزة في الضفة الغربية او المشاركة في قيادتها، وكما نعلم فأن الموقف الأسرائيلي كان متوقعاً، خاصة وأن حركتي حماس والجهاد الأسلامي هي حركات مصنفه على قائمة الأرهاب بالنسبة للدولة العبرية، ولا أدري كيف ان هذا الأمر لم يُؤخذ بالحسبان منذ البداية.
الرؤيا المصرية:
على الرغم من ان الوساطة المصرية احرزت تقدما على صعيد جميع الملفات المعرقلة لاتمام المصالحة، إلا ان الوسيط المصري غير قادر على الأستمرار في اتمام المصالحة بشأن الملف الأمني في ظل هذا التعنت من قبل الطرفين، لهذا فقد أقترحت تأجيل البحث في الملف الأمني الى ما بعد إجراء الأنتخابات التشريعية والرئاسية، اي بمعنى ان تُبقي السلطة على أجهزتها بالضفة الغربية بقادتها على ما هي عليه من دون إحداث اي تغيير على تلك الأجهزه بأعتبارها أجهزة امن السلطة الرسمية سواء في الضفة الغربية او قطاع غزه، وأن تبقي كلاً من حماس والجهاد الأسلامي على أجهزتهما في قطاع غزه الى ما بعد إتمام الأنتخابات، وهذا على ما يبدو لم يرضي أطراف النزاع، وأصر كل منهما على موقفه بالتمسك بأجهزته الأمنية وأجنحتة العسكرية سواء قبل الأنتخابات او بعدها.
وعلى ما يبدو فأن الملف الامني وتوحيد الاجهزة الامنية الفلسطينية والأجنحة العسكرية لأطراف النزاع هو الملف الأخطر والأكثر تعقيداً والذي يخشى الوسيط المصري بأن يكون السبب الرئيسي في تفجير جهود المصالحة، خاصة في ظل اصرار كل من حماس والجهاد الأسلامي على المشاركة في تلك الاجهزة وقيادتها من دون التخلي عن الاجنحة المسلحة التابعة لهما وأصرار السلطة على عدم الموافقة على ذلك.
صحيح ان قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية هي القيادة الشرعيه للشعب الفلسطيني، وأن ما تم استحداثه من أجهزه أمنية على اختلاف انواعها ومهامها، وأجنحة عسكرية مثل قوات الأمن الوطني هي أجهزة أمنية وعسكرية شرعية يجب دعمها وتقويتها والأبقاء عليها، وأنها نجحت خلال السنوات القليلة الماضية في ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي ترتيب يشهد له القاصي والداني، وأن حركة فتح هي حركة الشارع الفلسطيني لها تاريخها النضالي العريق الذي لا يمكن تجاهله والتنكر اليه.
وصحيح كذلك ان حركتي حماس والجهاد الأسلامي استطاعتا خلال سنوات عجاف أن تبني أجهزتها الأمنية وأجنحتهما العسكرية على الرغم من شُح الموارد وضعف الأمكانيات العسكرية والتسليحية، وأنها استطاعت من خلال تلك الأجهزة والأجنحة العسكرية أن تنجح في صد هجومين اسرائيليين على قطاع غزه على الرغم من الحصار الذي فُرض عليها عربياً ودولياً، ونجحت تلك الأجنحة العسكرية تحديداً من خلال دخولها معارك شرسة وطاحنة أن تثبت أنها بمستوى الجيوش النظامية العالمية تدريبأ وتسليحاً وكفاءة عسكرية متميزة وعالية المستوى، الأمر الذي يصعب معه تسريح تلك الأجهزة والأجنحة والأستغناء عنها او تهميشها في اي اتفاق قادم.
ولكن غير صحيح ان يعيش الشعب الفلسطيني على مدى السنوات الماضية حالة من الترقب والأنتظار، شُغّلهم الشاغل هو متى تتم المصالحه، وكيف ينجح الفرقاء في تجاوز خلافاتهم وأعادة اللحمة الفلسطينية ليتم التفرغ الى القضايا الأساسية مثل تهويد القدس، والأستيطان وقضم الأرض الفلسطينية، وأن يدفع الشعب الفلسطيني ثمن هذا الأنقسام والتناحر والتصارع معاناة وفقراً وتجويعاً.
وغير صحيح كذلك أن تتحول هذه الأجهزة الأمنية والأجنحة العسكرية لدى اطراف الخلاف الى اجهزة وأجنحة فصائلية، في حين ان الأصل في تأسيس الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية في كل دول العالم بحيث تكون اجهزة وقوات تمثل الشعب بكل شرائحه الأجتماعية والجغرافية، بعيدأ عن الفصائلية والأطر السياسية، لأن الأمن اي أمن والجيش اي جيش وفي حال تم تأسيسه على اسس فصائلية وسياسية فأنه في هذه الحاله لن يكون أجهزة الشعب ولا جيشه.
صحيح ان الحالة الفلسطينية هي حالة مختلفة بسبب وجود الأحتلال، وأن الأحتلال فرض على الواقع الفلسطيني وقائع وتشكلات ونماذج مختلفة عن الحالة الدولية الأعتيادية، ولكن ليس بهذا الشكل الفصائلي المُسيّس حتى اصبح الولاء والأنتماء للفصيل أكثر من الولاء لفلسطين.
ثم من قال ان الخلاف سيتوقف عند هذا الحد، فماذا بالنسبة للوزارات والمؤسسات الحكومية الرسمية في كل من الضفة الغربية التي هيمنت عليها فتح، وماذا بالنسبة لتلك في قطاع غزة والتي هيمنت عليها كل من حماس والجهاد الأسلامي، كلي إعتقاد ان هذه الكوادر العاملة في تلك الوزارات والمؤسسات ستكون هي الأخرى موضع خلاف سيعيش الشارع الفلسطيني فصوله ردحاً من الزمن، لهذا وفي حال بقيت الفصائل الفلسطينية تُصرُّ على التمسك بواقفهاً فأننا أمام الخيارات التالية:
الخيارات المحتملة:
الخيار الأول : إنهاء حالة العسكره في فلسطين " الدولة " في أعقاب صدور قرار الأمم المتحده رقم " 194 " والقاضي بأعلان فلسطين دولة مراقب في الأمم المتحده، من خلال حل جميع الأجهزة الأمنية والأجنحة العسكرية التابعة لجميع الفصائل والتنظيمات العائدة لكل من فتح وحماس والجهاد الأسلامي وباقي الفصائل الفلسطينية الأخرى، بحيث يتم إعادة ترتيب البنية التحتية السياسية الفلسطينية على اسس حزبية بعيداً عن الفصائل والتنظيمات الفلسطينية، وتشكيل أجهزة امنية وقوات امن وطني فلسطينية خالصة بعيدة كل البعد عن الفصائلية والأنتماءات السياسية، وخاصة ان دولة فلسطينية في طريقها الى التشكل، فهل يمكن ان يتم بناء مؤسسات الدولة المدنية الأمنية على أسس فصائلية إذا ما اردنا ان نرتقي بهذه الدولة الوليدة الى مستوى دول العالم من الديمقراطية السياسية والحزبية والبرلمانية لتكون مقبولة ومعترف بها دولياً ؟، والأصل هنا ان تتحول تلك التنظيمات الى أحزاب سياسية وان تبتعد ابتعاداً كلياً عن حالة العسكرة التي عاشتها الحالة الفلسطينية سنوات ما قبل إعلان الدولة.
الخيار الثاني : وهنا وفي حال فشل الخيار السابق فلن يكون أمام هؤلاء جميعاً إلاّ العودة الى المربع الأول وهو الخيار الأردني ( خيار الدولة الواحدة ) بالنسبة للضفة الغربية، والخيار المصري بالنسبة لقطاع غزه، ولا اظن ان الأردن ومصر وفي حال وصلت الأمور الى هذا الحد سيقبل اي منها غير أجهزة أمنية وعسكرية خالصة بعيدة كل البعد عما هو عليه الحال في الوقت الراهن، وهذا يعني بالضبط فشلاً فلسطينياً رسمياً ذريعاً بكل ما في الكلمة من معني، فشلاً في تغليب المصالح الوطنية الفلسطينية على المصالح الفصائلية والتنظيمية، وفشلاً فلسطينياً شعبياً بعد ان تاهت الهوية الفلسطينية الشعبية وعادت الى سنوات ما بعد حرب 1948 بعد ان حكم علينا العالم انذاك بأننا كيان غير قابل للحياه، وبحاجة الى من يقودنا ويرشدنا الى طريق الأمان.
لقد صدقنا هذه المنظمات يوم أن طرحت جميعها شعار " تحرير فلسطين من البحر الى النهر "، أمّا وقد أصبحت فلسطين " فلسطين التاريخية "، وأعترفنا امام العالم أجمع بوجود الدولة العبرية على تلك الأرض، وتحوّلت القضية الفلسطينية الى صراعات وخلافات فصائلية وتطلّب الأمر لأعادة اللحمة الفلسطينية مصالحة إستنفاراً فلسطينياً وتوتراً رسمياً وشعبياً، ووساطة عربية يصعب او انه يستحيل تحقيقها، ووصلت في كل مره الى طريق مسدود.
ولمًا كُناّ قد سعينا نحن وصفقنا لأعلان الدولة فأن ذلك يعني بالضروره اننا فشلنا أو أننا عجزنا عن تحرير فلسطين وأعترفنا بالهزيمة العسكرية وعدنا الى الخيار السياسي، وما دام الأمر كذلك فعلينا ان نقبل بما تتطلبه الدولة من التزامات دولية حتى تكون دولة كاملة العضوية والسيادة، ونعيش كباقي شعوب الأرض في ظل دولة لديها من الخطط والمقومات الديموقراطية والسياسية ما لدى دول العالم حتى لا يعترض طريقنا موجة الربيع العربي، ونعاني الأمرّين كما عانت ولا تزال دول الجوار العربي من مآسي وأنعكاسات هذا المسمى بالربيع والذي لم يعد ربيعاً.
رؤيا شخصية:
وكما لاحظنا من مواقف الأطراف كافه فأن هُوّةً كبيره تقف في طريق تنفيذ المصالحة، وان هذه الهوة لا يمكن ردمها ما لم يتخلى احد الأطراف او كلاهما عن تعنته ومواقفه التي يرفض التزحزح عنها وهذا بالتأكيد غي ممكن بل انه يستحيل، وأذا ما اردنا تحليل اسباب الخلاف بشكل موضوعي بعيداً عن الفصائلية فأننا نستطيع القول ان أطراف الخلاف ابتعدت كثيراً عن واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وأبتعدت أكثر وأكثر عن جوهر القضية الفلسطينية التي شهدت خلال سنوات الخلاف والأنقسام تراجعاً كثيرً وإنحساراً وضعفاً في التصدي لمخططات اسرائيل الهادفة الى تهويد القسم الأكبر منها، وأشغلت نفسها في قضايا جانبية لا علاقة لها لا بالقضية الفلسطينية ولا بالشعب الفلسطيني، وجعلت من خلافاتها هدفاً رئيسياً، فأشغلت نفسها وأشغلت المواطن الفلسطيني بأمور لا تقدم ولا تؤخر في حياته اليومية بشيء، وبدت الأمور ان هذه الفصائل احتكرت القضية الفلسطينية لنفسها ونصّبت نفسها قيادات وتنظيمات على هذا الشعب الذي عاني ويعاني الأمرّين من ظروف الأحتلال ونتائجه ومضاعفاته، وكأن القضية الفلسطينية ما كان لها ان تدخل في حالة الهدوء والأستقرار دون هذه الفصائل التي وضعت مصالحها الخاصة وخلافاتها المستحكمه امام كل الأولويات والأعتبارات.
نحن لا ننكر على الأخوة والأحبة نضالاتهم وتضحياتهم والتي هي في الأصل نضالات وتضحيات الشعب الفلسطيني بأكمله، ولكننا ننكرعليهم هذا المنزلق الذي أدخلونا فيه وكادوا جميعاً وكدنا نحن معهم ان نغرق وندخل الى مزابل التاريخ ومتاهات الجغرافيا فأصبحنا نندب حظنا ونتمنى لو اننا لم نكن من ابناء هذا الوطن الذي أحببناه وأحببناهم معه، او اننا لم نُخلق على هذه الأرض التي في سبيلها ومن اجل الأنتماء اليها بذلنا الغالي والنفيس حتى اقتربنا من حافة الكرامة التي اوشكت على النهش والخدش والتشويه.
أليس كثيراً وكبيراً هذا الذي وصلنا اليه وأوصلونا هم اليه بسبب هذا الخلاف وهذا الأنقسام ؟، اليس مملاً هذا التنعنت والتصادم على تركة هي في الأصل موضع خلاف بيننا وبين المحتل ؟، اليس كل ما نسمعه ونقرأه ونراه في كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة لا علاقتة له بلُبّ المشكلة مع المحتل ولا علاقة له لا بفلسطين وشعب فلسطين في الداخل والخارج ؟، ام ان فلسطين وقضيتها ومصيرها وماضيها وحاضرها مرهون بمزاجكم الذي لم يعد مزاجاً فلسطينياً وبمصالحكم والتي لم تعد مصالح فلسطينية؟.
ألا تدركوا ان القضية الفلسطينية تاهت وتُهنا معها جميعا لا ندري اين نقف والى اين نتجه بعد أن أُصبنا بالعمى والطرش، وأذا بنا نلفُّ وندور في حلقة مفرغة اسمها " المصالحة الفلسطينية "، ألا يكفي كل هذا الذي حدث على الأرض الفلسطينية، ألا يكفي كل هذا الذي حدث ويحدث في القدس وتحت وبجانب المسجد الأقصى وقبّة الصخرة المشرّفة من حفريات اوشكت او انها كادت تنهي تاريخنا وحضارتنا التي طالما ورثناها عن اباءنا وأجدادنا منذ الاف السنين.
اتقوا الله في دينكم وأتقوا الله في حضارتكم وتاريخكم، اتقوا الله في فلسطين التي ما زدتموها إلا نزيفاً فوق نزيف وجراحا ًفوق جراح، اتقوا الله في اطفال فلسطين اللذين مزقتم مستقبلهم قبل ان يفتحوا عيونهم على الدنيا فأذا بها مقفرة وكاتمة ومظلمة، اتقوا الله يا قوم فقد نسفتم بخلافاتكم كل انجازاتكم وكل تضحياتكم وتاريخكم النضالي الطويل، فأوصلتم هذا الشعب وهذه الأمة الى حالة من اليأس والملل وأنعدام الرؤيا، ألا يكفي كل هذا الذي الذي حدث؟
سيدي الرئيس هل أصبحنا شعبا منتهي الصلاحية..؟؟
بقلم: محمد حنيحن عن وكالة pnn
كم من المشاعر الجميلة تعتريك وأنت تقبل طفلك أو طفل ابنك في الصباح ..تنتابك نشوة عز ونشوة افتخار ...مشاعر صدق أبوية إذا ما ناداك حفيدك ..سيدو....او طفلك بابا...
كم هائل من مشاعر الألم ..جبال تعب تحط على كاهليك إذا ما اشتكى ابنك أو حفيدك من وخزة شوك أو من مغصة برد.. كم كبير من التمنيات تدعي بها رب العزة ..( أنا ولا أنت يا بني أنا ولا أنت...)
فكيف يا سيدي إذا علمت إن أطفالنا يأكلون من ما لا تأكل البهائم والكلاب ...
سيدي رئيس دولة فلسطين ...
...هل أصبحنا شعبا منتهي الصلاحية لتلك الثلة من التجار فاقدي الضمير والدين ؟
سيدي إن كان شعاركم " الإنسان اعز ما نملك" لـِمَ لَمْ تَكف أيدي هؤلاء العابثين بغذائنا وبتفاريح أطفالنا ؟ وهل وصل الحقد إلى سكاكر الأطفال وشيبسهم .... ؟"هل وصل الحقد إلى الأرحام"؟
سيدي الرئيس أنا وكل الشعب من ورائي نؤكد لسيادتكم انه ليس لدينا فائض من الأطفال لنقدمهم على مذبح جشع بعض التجار ممن باعوا ضمائرهم وارتضوا أن تكون مصانعنا ومطاعمنا والكثير من مصادر قوتنا مكبات لسموم الاحتلال ؟
سيدي الرئيس..
الفاسد ليس من يختلس المال العام رغم كل ما يتعرض له شعبنا من حصار و قتل واعتقال وتدمير واستيطان... وخناق اقتصادي ..
بل الفاسد يا سيدي ..هو من يسمم قوت الشعب العام وقوت العيال.
سيدي الرئيس... نتوجه إليك أنا وأطفال أبنائك، وأطفال أبنائي، وأطفال كل الشعب الفلسطيني ، كلنا أمل أن تعمل على كف أيدي هؤلاء المفسدون
والمتماهون في غيهم وفسادهم لأنهم يعلمون أن هناك فراغات نظامية يسلكونها بأمان فالتين من العقوبة.
إن شعبنا العظيم اكبر من أن يجازى بدس هذه السموم له ولأطفاله ..
الطفولة يا سيدي أنجبتها نساء فلسطين لا لتموت بسم المستوطنان، بل لتكون مشاريع شهادة من اجل التحرير وإقامة الدولة وعاصمتها القدس الشريف .
الطفولة الفلسطينية اعز ما نملك وهي التي وعدها القائد الخالد أبو عمار برفع العلم على أسوار القدس ومآذنها وكنائسها ..؟
اعلم ويعلم معي الجميع يا سيدي أنكم لا تلؤن جهدا لإغلاق كافة منافذ الفساد ووقف هؤلاء المؤذيين للناس عند حدهم.
بل نطالب يا سيدي إنزال أقصى العقوبات بمن يتاجر بقوت الشعب وطعام الأطفال وبكل من يتاجر بأرواح ودماء شعبنا التي نذرناها لتحرير الأرض والمقدسات..
سيدي نستحلفك بالله وبكل طفل شهيد أن (لا يظل نظام العقوبات بهذا الاختصاص مقتصرا على الإنذار والإغلاق والغرامات المالية.. فقد مكن العارف بهذه الجزاءات الهينة أن يقترف مخالفاته كما يشاء حتى إذا وقع تحت العقوبة فهو يعلم أنها لن تضره كثيرا وقد قال العامة في أمثالهم (من تعرف ديته اذبحه) وهي وصية دموية إلا أن لها معنى الاختراق والتجاوز بقلب مطمئن.)
سيدي الرئيس حجم المضبوطات من المواد الفاسدة فاق كل التصورات..كان آخرها ضبط مصنعا ضخما لتصنيع سكاكر الأطفال ،يستخدم مواد خام منتهية الصلاحية منذ خمس سنوات.
مع الاعتذار الشديد للغائب الحاضر فينا محمود درويش
للتاجر نقول أنا وأطفال فلسطين:
فكر بغيرك...
فكر بغيرك وأنت تبيع لنا الغذاء
فكر بفتات لقوت الحمام
وأنت تعد النقود والناس نيام
فكر بغيرك ..
فكر بطفل أطعمته السم الزؤام
وأنت تعطي طفلك مصروف الصباح
فكر للحظة..ما مصير المال الحرام..
وأنت تنزه أطفالك
فكر ..
كم طفل من بضاعتك في المشافى ينام
فكر بغيرك..
لم تنتهي مدة صلاحيتنا
الأمهات لازلن ينجبن قناديلا للظلام..
وأنت تنير مصباحك
فكر...بغيرك
بشموع تحرق ذاتها في ملاجئ الأيتام
وانت تروج تجارتك
فكر ....
ان للرئيس عين لا تنام.