-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 354
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:
زيارةُ أوباما والدُّخولُ في متاهةٍ جديدةٍ
بقلم: هاني المصري عن جريدة الأيام
في قطر: العرب في خطر!
بقلم: رجب أبو سرية عن جريدة الأيام
عودة العلاقات التركية – الاسرائيلية
بقلم: عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
الذين ملوا الحديث عن أوباما
بقلم: د. صبري صيدم عن الحياة الجديدة
جامعة الدول العربية منشؤها توثيقاً للصلات وتحقيقاً للتعاون
بقلم: حنا عيسى عن وكالة معا
مغزى الاعتذار الاسرائيلي لتركيا
بقلم: سفيان ابو زايدة عن وكالة سما
حضر وغادر اوباما وترك لنا خفي حنين
بقلم: سامر عبده عقروق عن وكالة PNN
زيارةُ أوباما والدُّخولُ في متاهةٍ جديدةٍ
بقلم: هاني المصري عن جريدة الأيام
إذا أردنا أن نلخّص نتائج زيارة باراك أوباما بجمل قصيرة سنجد أنه قدم التأييد الكامل لإسرائيل وتعهّد بدعمها بجميع الأشكال وعدم الضغط عليها، والاكتفاء بتقديم النُصح لها في النقاط المختلف عليها، داعيًا الإسرائيليين إلى حث قيادتهم على المجازفة من أجل السلام. في المقابل، اكتفى بتقديم العواطف الباردة للفلسطينيين من دون أي رصيد عملي، باستثناء تقديم دعم مادي يمكِّن السلطة من الاستمرار في دورها وفقًا للاتفاقات والالتزامات، وبعيدًا عن الخطوات أحاديّة الجانب. جاء أوباما لإرسال رسالة قويّة بعد "الربيع العربي" مفادها أنّ أميركا تقف إلى جانب إسرائيل، ولا ترضى إلا بما توافق عليه إسرائيل، وهذا يدل على أن أوباما في فترة رئاسته الثانية يختلف كثيرًا عن أوباما في فترة رئاسته الأولى، فهو جاء للتكفير عن ذنبه المتمثل بمطالبته إسرائيل في مستهل رئاسته الأولى بتجميد الاستيطان، ووعد بإقامة دولة فلسطينيّة في العام 2011.
أراد أوباما في أول زيارة خارجيّة له في فترة رئاسته الثانية، أن يثبت للقاصي والداني أن لونه الأسود وجذوره الإسلاميّة وصداقته السابقة لبعض الفلسطينيين لم تجعله مناصرًا لقضيتهم، بل قدّم في زيارته خطابًا صهيونيًّا بامتياز، وتفوق في دعم إسرائيل على أسلافه، لدرجة تبنيه للرواية الصهيونيّة حول قيام إسرائيل عبر تأكيده "أنها قامت في أرض الميعاد وتنفيذًا لوعد إلهي ممتد في جذوره آلاف السنين"، وليس كإحدى نتائج المحرقة كما جاء في خطابه في القاهرة في العام 2009، وقال "إن بلاده بوصفها أقوى دولة في العالم ملتزمة بدعم إسرائيل وأمنها إلى الأبد" – بالرغم من وصفه لها بأنها "أقوى دولة في المنطقة" - والدفاع عنها وتمكينها بأن تبقى متفوقة على العرب مجتمعين.
أوباما جاء ليقول لإسرائيل: إنه معها قلبًا وقالبًا، بالمفرق والجملة، وأن محاولته لإحداث نوع محدود من التوازن في بداية فترة رئاسته الثانية ولت إلى غير رجعة، فهو استوعب الدرس ولن يصعد إلى قمة الشجرة مرة أخرى ولن يضغط على إسرائيل. الرد على أوباما جاء من جدعون ليفي - الكاتب الإسرائيلي - بقوله "إن الاحتلال الإسرائيلي لن يزول شأنه شأن كل الاحتلالات والاستعمارات السابقة إلا بنهر من الدماء والإرهاب، أو بضغط حقيقي من الرئيس الأميركي على إسرائيل"، إلا أن أوباما اختار تقديم النصيحة لإسرائيل وليس الضغط عليها، ما يضع الفلسطينيين، إذا استجابوا لدعوته باستئناف المفاوضات، خصوصًا من دون شروط حتى شرط وقف الاستيطان؛ تحت رحمة أكثر حكومة تطرُفًا منذ قيام إسرائيل. وإذا أبدى أوباما بعض التعاطف مع المعاناة الفلسطينيّة، فهو فعل ذلك من دون أي خطوات عمليّة، وعندما تحدث عن الدولة الفلسطينيّة نَسِيَ ضرورة الاعتراف بها ووصفها "بالقابلة للحياة" وليست على حدود 67 أو ذات سيادة، وعندما طالب بقيام دولة فلسطينيّة فهو حرص على إبراز أنه يفعل ذلك، ليس لأنه حق للفلسطينيين أصحاب البلاد الأصليين، بل لأن قيامها يصب في مصلحة إسرائيل، لأن "استمرار الاستيطان سيقود في النهاية إلى أغلبيّة عربيّة في أرض يسيطر عليها اليهود".
فالوسيلة الوحيدة أمام إسرائيل لكي تدوم وتزدهر كدولة يهوديّة وديمقراطيّة هي قيام فلسطين مستقلة قابلة للحياة"، واشترط لقيامها اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، بالرغم من أن هذا الاعتراف يسقط الحق التاريخي للفلسطينيين في وطنهم (الذي كان بحاجة إلى رد من الرئيس على ما قاله أوباما من تزوير للتاريخ)، ويجعلهم دخلاء، خصوصًا المقيمين منهم داخل ما بات يسمى إسرائيل، ما يجعلهم معرضين للتهجير والتمييز وتحت رحمة "أبطال الكتاب المقدّس الرواد الأوائل الذين جعلوا الصحراء تُزهر". وحتى تكون أهداف زيارة أوباما واضحة صبّ الزيت على نار الانقسام الفلسطيني بتقديمه مقارنة بين "ما تعيشه الضفة من نمو وازدهار مقابل البؤس والقمع في غزة، لأن "حماس" ترفض نبذ العنف وتريد تدمير إسرائيل بدلًا من بناء مستقبل للفلسطينيين"، ما يدل على أن الفيتو الأميركي على المصالحة لا يزال مطروحًا وبقوة. كما طالب أوباما الفلسطينيين باستئناف المفاوضات من دون شروط بما فيها وقف الاستيطان، وطلب من العرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل السلام لطمأنتها، خصوصًا بعد الربيع العربي.
وكان قد رفض وضع إكليل من الزهور على ضريح ياسر عرفات، بالرغم من وجوده على بعد أمتار قليلة منه، مع أن عرفات وقّع اتفاق أوسلو في حديقة البيت الأبيض ونال جائزة نوبل للسلام، وفي المقابل وضع إكليلين من الزهور على ضريح ثيودور هرتسل (مؤسس الحركة الصهيونيّة) وإسحاق رابين شريك عرفات في صنع "سلام الشجعان"، ووصل به التملق لإسرائيل إلى حد رفض استلام رسالة من ابنة أسير تحمل فيها معاناة الأسرى، واختار زيارة مركز شبابي واللقاء بثمانية شباب فقط، في الوقت الذي ألقى فيه خطابًا أمام ألف شاب إسرائيلي يمثلون مختلف الجامعات الإسرائيليّة. واتفق أوباما مع نتنياهو على كيفيّة معالجة الملف النووي الإيراني، ومواجهة ما يجري في سوريا والمخاطر المحتملة، بما في ذلك خطر سيطرة المتطرفين واحتمال تسرب السلاح الكيميائي لأطراف عدوة لإسرائيل. ووضع الرتوش النهائيّة على المصالحة التركيّة – الإسرائيليّة التي تصب في سياق احتواء الربيع العربي واستكمال تحويله إلى ربيع أميركي إسرائيلي.
ولم تكن زيارة أوباما خالية الوفاض على صعيد القضيّة الفلسطينيّة، بل بدأ فيها جهودًا حثيثة لإحياء ما يسمى "عمليّة السلام"، وكلّف وزير خارجيته جون كيري ببذل الجهود المطلوبة لاستئناف المفاوضات على أساس التركيز على أنّ التفاوض سيتمحور على الحدود والأمن وترك مشكلة الاستيطان لحين الاتفاق على الحدود، أو في أحسن الأحوال "تنفيذ تجميد صامت للاستيطان أو لجمه بشكل هادئ وعدم الإقدام على تنفيذ مشاريع استفزازيّة، خصوصًا في منطقة (E1) من دون قرار رسمي إسرائيلي، ولا يشمل القدس والكتل الاستيطانيّة" وإطلاق سراح بعض الأسرى ودعم السلطة ماليًّا، مقابل تعهد فلسطيني باستمرار الاتفاقات والالتزامات، خصوصًا التنسيق الأمني، و"مكافحة التحريض الإعلامي الفلسطيني ضد إسرائيل"، ووقف استكمال التوجه الأممي، خصوصًا فيما يتعلق بعدم تقديم طلب للحصول على العضويّة الكاملة في مجلس الأمن، ولا طلب الدخول في الوكالات الدوليّة، خصوصًا محكمة الجنايات الدوليّة "لأي سبب من الأسباب" كما طالب أوباما من الرئيس "أبو مازن".
وحتى تنجح الجهود الأميركيّة، هناك مساعٍ لحث الدول العربيّة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتشجيع الفلسطينيين على استئناف المفاوضات وتوفير إطار عربي من خلال تغيير مبادرة السلام العربيّة بعد سلسلة من الإضافات والتعديلات عليها تبدأ بإضافة مبدأ تبادل الأراضي، ما يكسر مبدأ الانسحاب إلى حدود 1967، وبدء تعاون إقليمي يسبق السلام، وإجراء تعديلات عليها فيما يخص القدس واللاجئين حتى تصبح مبادرة إسرائيليّة - مثلما أصبحت خارطة الطريق الدوليّة خارطة إسرائيليّة بعد تقديم حكومة شارون أربعَةَ عشرَ تحفُظًا عليها - ولكن بغطاء عربي، توحي بحل القضيّة الفلسطينيّة، ولكنها في الحقيقة تقوم بتصفيتها وتحاول من خلال هذا الإيحاء التغطية على ما يجري في المنطقة من إعادة رسم للبلدان والحكام والمصالح وقوى النفوذ. الخشية من أن يحاول أوباما ووزير خارجيته توظيف المتغيرات العربيّة التي انقلبت من الربيع العربي إلى الخريف والفوضى والانقسامات، في محاولة لتصفية القضيّة الفلسطينيّة تحت عنوان إقامة "دولة ليست دولة"، سقفها الأقصى ما يمكن أن توافق عليه حكومة إسرائيل، التي تعتبر وفقًا لمختلف المحللين والخبراء أكثر حكومة تطرفًا في تاريخ إسرائيل. فهل نعي حقيقة ما ينتظرنا ونرفض الدخول في متاهة جديدة اسمها المفاوضات الثنائيّة برعاية أميركيّة، التي تغرق، بعيدًا عن المضمون والمرجعيّة وآليّة التطبيق والجدول الزمني، في الإجراءات والاجتماعات الثنائيّة والثلاثيّة والرباعيّة وعقد مؤتمر دولي إذا احتاج الأمر، وفي الشكليات والمساومات التي لا تنتهي على التفاصيل، التي تتقن إسرائيل إغراق المفاوضات فيها، في محاولة جديدة لإضاعة الوقت واستكمال تطبيق المخططات الاستعماريّة والاستيطانيّة والعنصريّة والإجلائيّة. لقد أصبح الدخول في دوامة المفاوضات الثنائيّة مجددًا تحت مسميات استكشافيّة وغيرها، وعلى أساس أن الاجتماعات تختلف عن المفاوضات، بعد أكثر من عشرين عامًا من توقيع اتفاق أوسلو وما وصلنا إليه من كارثة؛ ليس مجرد خطأ وإنما نوع من الاختلال العقلي وشكل من أشكال الانهزاميّة والاستسلام.
في قطر: العرب في خطر!
بقلم: رجب أبو سرية عن جريدة الأيام
يبدو أن زيارة الرئيس الأميركي للشرق الأوسط قد حددت أتجاهات السياسة الأميركية العامة تجاه بعض دول المنطقة، فالرجل قد قال في كل من تل أبيب ورام الله وعمان ما يريد قادتها سماعه، كما ان زيارته لبيت لحم والبتراء تشير الى تطلع أميركي لفتح هذا الحوض المقدس أمام السياحة، بعد أن يتم فض الأشتباك السياسي بين أهل الجوار.
والأهم برأينا أن واشنطن ربما قد قررت التعامل مع الحلقة السورية كآخر الحلقات في أسقاط الأنظمة، وهذا لا يعني التوقف عن الدفع بمسيرة التغيير والأصلاح، وكان ذلك واضحا تماما حين سمع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني كلاما من الرئيس الأميركي يتفق مع ما كان أعلنه الملك قبل أيام، خلال مقابلة مع صحيفة أميركية، وبذلك فقد ترسخت تقديراتنا بأن الجولة التالية من الربيع العربي التي ستشمل دولا معتدلة وصديقة للولايات المتحدة، وبعضها ذات أنظمة ملكية أو أميرية ستقتصر على الأصلاح .
أيضا كان القرار الأميركي بالأفراج عن أموال لدعم السلطة الفلسطينية أشارة الى نتنياهو للكف عن محاولات أسقاطها وخنقها ماليا، فيما كان تأكيد الموقف الاستراتيجي تجاه أسرائيل دليلا على رضا واشنطن عن التشكيل الحكومي الإسرائيلي الجديد، والأهم هو ان واشنطن لم تعلن عن خطة او حتى تصور للحل بين الفلسطينيين والأسرائيليين، ولكن التحضير لإطلاق مفاوضات، ربما تكون جدية، تنتهي بالحل، ولا تكون آليات لتنفيذه، كما يريد الجانب الفلسطيني.
سياسة التعويض عن السياسة تجدها واشنطن في المحفظة المالية، ويبدو ان هذا ما ستسير عليه أيضا قمة الدوحة، ففي ظل أنقسام وتفكك عربي واضح، ستنعقد القمة اليوم، ولن تناقش ملفات لها علاقة بوحدة العرب او توحدهم، او حتى مناقشة مخاطر خارجية تحدق بهم، كما جرت العادة، بل تبدو القمة وكأنها قمة تسيير أعمال، حيث ستنشغل بالملف السوري من زواية الانحياز لطرف المعارضة التي ستحضر رغم استقالة رئيس الائتلاف الوطني الذي كانت قطر قد نصبّته قبل عدة أشهر، بدلا من النظام السوري، فيما سيكون الملف الفلسطيني الثاني بالأهمية، حتى لا تبدو القمة وكأنها اجتماع لمناقشة الشأن السوري، أو جلسة من جلسات الاتجاه المعاكس، أو تظهيرا للتدخل القطري في سورية عربيا، لكن ليس من الزاوية السياسية، وإن كان الحديث يجري عن "أنقلاب" عربي تجاه المبادرة العربية .
منذ وقت وقطر تتحدث عن تعديل المبادرة العربية انسجاما مع محاولة قطر الدائمة لطي كل إرث إقليمي له علاقة بزعامة السعودية للمنطقة، وحيث ان السنين قد أكدت على رفض أسرائيل للمبادرة التي مر وقت طويل (أكثر من عشر سنوات) حيث كانت أسرائيل ترد عليها دائما مطالبة بتعديلها، وبالتحديد اسقاط حق العودة والقدس من متنها ومضمونها، فإنه ازاء ما يمكن أن تظهره السعودية من تحفظ على تعديل المبادرة، وما يمكن ان يبديه الفلسطينيون من رفض للتعديل، لأنه سيمسّ ثوابت فلسطينية، فان قطر يمكن ان تتراجع عن مشروع تعديل المبادرة وتفضل طرح مبادرة جديدة، تجب ما قبلها أو تكتفي بتعويض الفلسطينيين عن الموقف العربي السياسي، بتصور واضح للحل، من خلال ترك هذا الأمر للمفاوضات نفسها، انسجاما مع الموقف الأميركي الذي يريد مفاوضات تنتهي وفق ميزان القوة فيها، أو من خلال تقديم الدعم المالي تحت عنوان القدس او تفعيل شبكة الأمان او ما ألى ذلك.
رغم هشاشة الموضوعات، وربما القرارات التي ستنجم عن قمة الدوحة القطرية، إلا ان هذة القمة قد تكون علامة فارقة في تاريخ القمم العربية، لأنها قد تضع حدا لحقبة القومية العربية بمعناها ومفهومها القديم الذي أرساه عبد الناصر في سياق مرحلة التحرر، وعلى الأرض , قطر تقود حالة التغيير في المنطقة العربية، وفي هذة القمة ستجد حلفاءها قد ازدادوا عددا وحضورا عن القمة السابقة , ستجد في الرئيس المصري حليفا , كذلك في الوفد الليبي , والوفد السوري , وليس مستبعدا أن يقترح البعض أن تكون الدوحة وليس القاهرة أو تونس مقرا للجامعة العربية , بل وحتى أن يقترح البعض تغيير أسم الجامعة الى اسم الرابطة مثلا أو مجلس أدارة الشأن العربي العام , وفي قطر لا يمكن لأحد من المراقبين أمثالنا، ان يستبعد شيئا مهما بدا للحظة انه غريب او مستهجن.
عودة العلاقات التركية – الاسرائيلية
بقلم: عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
حققت زيارة الرئيس باراك اوباما اختراقا مهما في العلاقات التركية – الاسرائيلية، التي أصيبت بالتوتر وتدني التمثيل الدبلوماسي بين البلدين في اعقاب الاعتداء البربري لقوات البحرية الاسرائيلية على اسطول الحرية (مرمرة) في نهاية أيار/ مايو 2010، الذي اوقع حوالي عشرة شهداء من المتضامنين الامميين وجلهم من الاتراك في المياه الدولية.
في اعقاب العدوان الاسرائيلي على اسطول الحرية المتوجه لشواطئ غزة، حاملا معه المساعدات الانسانية لابناء المحافظات الجنوبية، طالب السيد طيب رجب اردوغان القيادة الاسرائيلية أولاً الاعتذار عن الجريمة التي ارتكبتها ضد المتضامنين الاتراك؛ وثانيا دفع تعويض لعائلات الشهداء للتخفيف من معاناتهم؛ وثالثا رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة. لكن الحكومة الاسرائيلية بقيادة نتنياهو، رفضت الاستجابة للمطالب التركية. الامر الذي ادى الى تلبد الاجواء بين البلدين، وحدوث قطيعة بين القيادات، وحتى التقليص من موجات السياحة من تركيا لاسرائيل والعكس صحيح، وحتى التدريبات الجوية العسكرية الاسرائيلية تأثرت بالتطورات، ما حدا باسرائيل لنقلها لرومانيا وبلدان آسيا الوسطى وخاصة اذربيجان وغيرها من دول اوروبا الشرقية، وترك بقع سوداء في وسائل ومنابر الاعلام، وأشاع مناخ التحريض بين الاسرائيليين والاتراك.
هذا الوضع لم يكن مناسبا لا للبلدين ولا لحليفتهما الولايات المتحدة. لانه أثر سلبا على المصالح المشتركة، كما ترك ظلالاً قاتمة على دورهما في الامن الاقليمي، وان كانت كل دولة تقوم بدورها وفق المهام الموكلة لها من حلف الناتو، مع أن اسرائيل ليست عضوا فيه، لكن ما يجمعها من قواسم مشتركة مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، الاقطاب الرئيسية والمقررة في الحلف، أكبر بكثير من العديد من الدول الاعضاء فيه.
ولادراك الولايات المتحدة لأهمية تجسير العلاقة بين البلدين الحليفين، للاعتبارات الاميركية الخاصة، وللحاجة لدوري البلدين بشكل مشترك وكل على انفراد في ضبط ايقاع الامن الاقليمي وخاصة ايران وسوريا ولبنان وفلسطين (حماس)؛ ولشعور الولايات المتحدة أن تركيا بحاجة ماسة للخروج من نفق التوتر مع اسرائيل، واستعادة دورها الاقليمي كلاعب مركزي، لا سيما وانها فشلت في العلاقة مع الاتحاد الاوروبي، كما فشلت في ان تشكل مركز قيادة للدول العربية والاسلامية (السنية) مما حدا بها قبول الاعتذار الاسرائيلي والتعويض دون الزام حكومة نتنياهو برفع الحصار الظالم عن غزة.
واسرائيل من جانبها بحاجة للعلاقة مع تركيا لاكثر من سبب، لعل ابرزها في اللحظة السياسية الراهنة اولا التشارك في وأد الملف النووي الايراني؛ ثانيا ضبط ايقاع التطورات في سوريا بعد اسقاط نظام بشار الاسد؛ ثالثا تطويع مواقف حركة حماس بما يستجيب والمصالح الاسرائيلية؛ رابعا الدور التركي في دول الاقليم الاخرى بما يساهم في حماية المصالح الاميركية والاسرائيلية والغربية عموما.
اذاً اعادة المياه الى مجاريها بين تركيا واسرائيل، هي حاجة ضرورية للبلدين، وقبلهما حاجة اميركية. لغياب الاستقرار في المنطقة، واتساع نفوذ الجماعات الجهادية ( التكفيرية) فيها (التي انتجتها اجهزة المخابرات المركزية الاميركية والاسرائيلية والاوروبية والعربية – التركية، وخرج بعضها عن طوق الطاعة) فباتت تهدد الامن الاقليمي. فضلا عن ان هناك توجها أميركيا – اسرائيليا لاعادة تقسيم شعوب الامة العربية على أساس طائفي ومذهبي وإثني، لأنه من وجهة نظرهم، لم تعد اتفاقية سايكس بيكو المبرمة عام 1916، قادرة على حماية مصالح الغرب واسرائيل، ما استدعى فك وتركيب الدولة الوطنية الى دويلات طائفية ومذهبية واثنية، واسقاط الخطاب الوطني والقومي على الاقل لعشرات السنين.
وللتغطية على الموافقة التركية على عودة العلاقات مع اسرائيل الى سابق عهدها، قام رئيس الوزراء التركي، اردوغان بالاتصال مع الرئيس محمود عباس، وأبلغه بما جرى، كما اتصل مع قائدي حماس خالد مشعل واسماعيل هنية لذات الغرض، واتصل مع عدد من قادة الدول العربية واخذ الموافقة على الخطوة التركية، ولاعفاء القيادة التركية من اي حرج لاحق. ولم يكن لأي فريق تحفظ او اعتراض. لأن الجميع يعرف طبيعة العلاقات التركية الاسرائيلية, والتركية الاميركية. وللالتفاف على موضوع رفع الحصار عن غزة اشار الاعلام التركي والحمساوي على لسان هنية، أن رجب طيب اردوغان سيزور غزة دون تحديد موعد للزيارة.
مع ان رئيس الحكومة التركية يعرف مدى حساسية زيارة اي مسؤول عربي او مسلم او صديق لمحافظات الجنوب الفلسطينية قبل عودة الوحدة الوطنية للشعب والشرعية للقطاع. وبالتالي الحديث عن الزيارة ليس سوى ارضاء للنزعات الحمساوية الخاطئة والمرفوضة وطنيا. لان اي زيارة لدولة فلسطين تكون لمركز القيادة الشرعية وللقاء مع رئيس دولة فلسطين المنتخب محمود عباس فقط.
الذين ملوا الحديث عن أوباما
بقلم: د. صبري صيدم عن الحياة الجديدة
هناك وعلى الطرف الآخر من الجو المزدحم بالسجاد الأحمر وهدير المروحيات وضجيج الترتيبات وبعد دقائق من هبوط طائرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مطار اللد وكلمته الشهيرة هناك، جلست وبمحض الصدفة في معبر بيت حانون على مقعد خشبي محاذٍ لمجموعة من الرجال والنساء منتظراً رحمة مجندة متمترسة وراء مكعب زجاجي عالي التصفيح للسماح لي ولغيري بالعبور إلى غزة.
الرجال اعتراهم الوجوم والسكوت أما النساء فقد اجمعن على أن أوباما لن يكون مخالفاً لسابقيه ولذا اتفقن على أنهن قد مللن الحديث عنه ومنه وتوافقن على ألا يتحدثن عن الزيارة فخال الحضور المستمع قسراً لجمع النسوة هذا بأنهن سيتحدثن حول منافع الدنيا وربما عن أحلام أبنائهن. صديقات الصدفة وبكل أسف انطلقن للحديث عن أمورهن ومصاعبهن الحياتية.
أولى النساء كانت ترافق طفلة بدت وكأنها في السابعة من عمرها عائدة للتو من أحد مشافينا العربية في القدس وقد أنهت هذه الطفلة غسيلا لكلاها بينما راجعت أمها الطبيب للتحقق من سلامة كليتها الوحيدة الباقية بعد أن تبرعت بالأخرى لذات البنت التي كانت تحاول اللعب والضحك أمام جمهور السامعين لكن قواها المتعبة لم وربما لن تسعفها. وما زاد من تعبها كان انتظار رأفة السجان الحاكم بأمر العباد على بوابات المعبر.
ثاني النساء كانت امرأة تحمل رضيعاً حديث الولادة ومعها أمها التي أعلمت بقية النسوة بأنها عائدة لغزة بعدما أجرت للمولود عملية جراحية إثر تشوه خلقي ما. المولود بدا مستسلماً لقدره محاطاً بلفافة الصوف التقليدية التي تجعله يغلي داخلها من شدة دفئها فيستسلم للنوم وسط أنين أمه بأن الحاجز وتصاريح السفر قد هدّا من عزيمتها.
ثالث النساء كانت أمرأة تجر سيدة طاعنة في السن وتحمل لفافة صوف أخرى ضمت مولوداً جديداً ليتضح فيما بعد بأن هذه السيدة هي خالة الطفل التي اضطرت للعودة لغزة لإيصال المولود لوالده وذويه وتعيد أيضاً المرأة المسنة التي انهكها السفر. الأم كانت غائبة قسراً ولم تستطع أن تنضم للركب وبقيت على سرير المرض لإجراء عملية معقدة بعد وضعها للوليد الجديد وتعثر حالها جراء إصابة نالت منها خلال الهجوم الأخير على غزة. بكى الطفل فجأة قاطعاً حوار السيدات وقصصهن المعلنة لتكتشف خالته بأنها نسيت الحليب والماء خلفها. عندها هبت السيدة الأخرى بنخوة فلسطينية معهودة لتسعفها بشيء من الحليب والماء.
وبينما ساد صمت كئيب خلال إعداد غذاء الرضيع الباكي توقفت مركبة حملت سيدة رابعة أنزل ابنها حقيبتها الكبيرة وخارت قواه فانكب على يدها ليقبلها باكياً ويتمنى لأمه عمرا مديداً بمناسبة عيد الأم الذي حل في اليوم التالي مجدداً اعتذاره منها لأن الاحتلال لم يعطه التصريح لدخول غزة معها.
السيدة الخامسة كانت صبية يافعة تحمل وليداً جديداً أيضاً لكنها حملت معه هماً كبيراً أنهك معنوياتها فقضت ساعة الانتظار التي قضيناها جميعاً بدموعٍ لم تتوقف.
المشهد بدا سوداوياً كئيباً مليئاً بانعدام انسانية المحتل ومفعماً بآهات صديقات القدر ممن تركن أوباما وشأنه وطفقن في معركة التخفيف عن الذات عبر مشاطرة الآخرين أحزانهن.
صيحة قطعت حاجز الصمت الذي ساد المكان لثوانٍ يتيمة كان بطلها رجل لم يستطع تحمل المشهد فهب متسلحاً بمنديل في جيبه وذهب مبتعداً لفجاعة المشهد الذي أمامه ليلملم ما يسرت له مقلتاه من دموع وأوجاع. بقية المستمعين الذكور أداروا الوجوه لتغتال فرحتهم دموع الألم لما سمعوه فحاولوا قتل تلك الدموع قبل أن يراها البقية فيشعروا باندثار الرجولة!
عندها فكرت ببارك حسين أوباما من جديد. ربما كان من الأجدى له أن ينضم إلى جموع الرجال الجالسين على مقاعد البؤس التي جمعتنا وسط زوبعة الرمال والأحزان التي عصفت بنا. عندها كان سيعرف الفعل الحقيقي «لواحة الديمقراطية» التي تغنى بها قبل دقائق. الديمقراطية التي اختزلت شعباً بين تلافيف جدار عنصري وصادرت أحلامه وطموحاته فجاءها كثيرون ممن يتغنون برفعتها وحسن أدائها! نعم أهلاً بكم في «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط»!
جامعة الدول العربية منشؤها توثيقاً للصلات وتحقيقاً للتعاون
بقلم: حنا عيسى عن وكالة معا
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية دعت الحكومة المصرية الدول العربية إلى تشكيل لجنة تحضيرية من أجل عقد مؤتمر عربي عام، وتم تشكيل هذه اللجنة وعقدت اجتماعاتها في الفترة ما بين 25/9 – 7/10، من عام 1944م، في مدينة الاسكندرية، وكانت تسود هذه الاجتماعات أجواء من الثقة والرغبة في التعاون والتنسيق، ورسمت اللجنة خطوطاً رئيسية لميثاق يعقد بين الدول العربية، بالإضافة إلى بروتوكول الاسكندرية، ومن أبرز هذه الخطوط التي تمت الموافقة عليها ما يلي:
1. تأليف جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة.
2. التعاون في الشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها.
3. تدعيم الروابط بين الدول العربية.
4. قرار خاص باحترام استقلال لبنان وسيادته.
5. قرار خاص بفلسطين.
وقد انبثق عن اللجنة التحضيرية لجنة فرعية قامت بإعداد مشروع ميثاق لجامعة الدول العربية، وتم التوقيع عليه في 22/3/1945م من قبل جميع ممثلي الدول العربية، وقد اعتبر هذا اليوم عيداً قومياً في جميع البلاد العربية.
يتضمن الميثاق مقدمة وعشرين مادة قانونية وثلاثة ملاحق:
أولاً: جاء في المقدمة بأنه (تثبيتاً للعلاقات الوثيقة والروابط العديدة التي تربط بين الدول العربية، وحرصاً على دعم هذه الروابط وتوطيدها على أساس احترام استقلال تلك الدول وسيادتها، وتوجيهاً لجهودها إلى ما فيه خير البلاد العربية قاطبة وصلاح أحوالها، وتأمين مستقبلها، وتحقيق أمانيها وآمالها، واستجابة للرأي العربي العام في جميع الأقطار العربية قد اتفقوا على عقد ميثاق لهذه الغاية... ).
ثانياً: تضمن الميثاق عشرين مادة قانونية، وهي غير مبوبة، وتنص على تشكيل الجامعة العربية وأهدافها ومجلسها ولجانها وفض المنازعات بين أعضائها ومواجهة الاعتداء على أحداها، واحترام الحكم القائم في كل دولة عربية، وفتح المجال لعقد المعاهدات، ومقر الجامعة وجلسات مجلسها، وأمانتها العامة وصلاحيات الأمين العام للجامعة، وحصانات الاعضاء، وكيفية اتخاذ القرارت وتعديل الميثاق والتصديق عليه.
لقد جاء في المادة الأولى من الميثاق بأن الجامعة تتألف من الدول العربية المستقلة الموقعة على هذا الميثاق، ولكل دولة عربية مستقلة الحق في أن تنضم إلى الجامعة.. أما الأغراض من إنشاء الجامعة العربية فقد حددتها المادة الثانية من الميثاق، وجاء فيها بأن الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول العربية وتنسيق خططها السياسية تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة استقلالها وسيادتها ومصالحها والتعاون أيضاً في الشؤون الآتية:
1. الشؤون الاقتصادية والمالية.
2. شؤون المواصلات بما في ذلك السكك الحديدية والطرق والطيران والملاحة والبرق والبريد.
3. شؤون الثقافة.
4. شؤون الجنسية والجوازات والتأشيرات وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين.
5. الشؤون الاجتماعية.
6. الشؤون الصحية.
أما مجلس الجامعات فيتألف من ممثلي الدول المشتركة في الجامعة ويكون لكل منها صوت واحد مهما يكن عدد ممثليها، ومهمته القيام على تحقيق أغراض الجامعة بما في ذلك تقرير وسائل التعاون مع الهيئات الدولية التي قد تنشأ في المستقبل لتحقيق الأمن والسلام، وتنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية. وقد أكدت المادة الخامسة من الميثاق بأنه لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض النازعات بين دولتين أو أكثر من الدول الأعضاء في الجامعة، وذكرت المادة السادسة بأن مجلس الجامعة يقرر اتخاذ التدابير اللازمة لدفع أي اعتداء يقع على أية دولة من الدول الأعضاء، ويصدر القرار بالاجماع.
ومن ناحية أخرى، فإن ما يقرره مجلس الجامعة بالاجماع يكون ملزماً لجميع الدول الاعضاء، وما يقرره بالأكثرية يكون ملزماً لمن يقبله..، وإن على جميع الدول الاعضاء أن تحترم الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى وأن تسعى برغبة أقوى فيما بينها إلى تحقيق تعاون أوثق وروابط أمتن مما نص عليه الميثاق، وأن تعقد بينها من الاتفاقات ما تشاء لتحقيق هذه الأغراض.
وبشأن مقر الجامعة العربية فقد نصت المادة العاشرة بأن تكون القاهرة هي المقر الدائم للجامعة، ويمكن لمجلس الجامعة أن يجتمع في أي مكان آخر يعنيه. وقد تحدثت المواد 11 و12 و13 حول انعقاد مجلس الجامعة والأمانة العامة وتأليفها وإعداد الميزانية، كما تحدثت المادة 14 عن تمتع أعضاء المجلس واللجان والموظفين بالامتيازات والحصانة الدبلوماسية، وإن مباني الجامعة مصونة أيضاً.. أما الانسحاب من الجامعة فقد نصت عليه المادة 18 وذكرت بأنه إذا رأت احدى دول الجامعة أن تنسحب منها بلغت المجلس عزمها على الانسحاب قبل تنفيذه بسنة.
وقد نصت المادة 19 على تعديل الميثاق، وإن أي تعديل يقتضي موافقة ثلثي الأعضاء، ونصت المادة 20 على تصديق الميثاق وملاحقه وفقاً للنظم الأساسية المرعية في كل من الدول المتعاقدة.
مغزى الاعتذار الاسرائيلي لتركيا
بقلم: سفيان ابو زايدة عن وكالة سما
احدى النتائج المباشرة لزيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما للمنطقة هو اعتذار نتنياهو تلفونيا لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ، سيما انه حدث خلال وجود الرئيس الامريكي بجانب نتنياهو، حيث شكل شارة البدء لعودة العلاقات الاسرائيلية التركية التي تدهورت بعد حادث السفينة " مرمرة" و العدوان الاسرائيلي على غزة اواخر عام 2008.
هذا الاعتذار لم يكن وليد اللحظة بل كان نتيجة لجهد امريكي متواصل على مدار السنوات الماضية من اجل التوصل الى صيغة ترضي الاتراك من ناحية و تحافظ على ماء وجه الاسرائيليين من ناحية اخرى. على ما يبدوا اراد الامريكان ان يكلل هذا الجهد بالنجاح خلال زيارة الرئيس اوباما بحيث يتم التعامل معه كحدى النتائج المباشرة للزيارة.
ليس هناك شك ان المصلحة الامريكية العليا هي في انهاء هذه الازمة على اعتبار ان الدور التركي في المنطقة، خاصة في هذه الحقبة التاريخية الحساسة و المتقلبة، هو دور اساسي في الحسابات الامريكية، و ان استئناف التعاون، خاصة الامني و العسكري بين اسرائيل و تركيا هو احدى مرتكزات الاستراتيجية الامريكية في المنطقة ، هذا بطبيعة الحال لا يختلف عن الحسابات الاسرائيلية التي تضررت كثيرا من توتر العلاقات مع تركيا خاصة في كل ما يتعلق بالتعاون العسكري و الامني، على الرغم ان العلاقات الاقتصادية و التجارية بين البلدين تقريبا لم تتأثر سوى في قطاع السياحة حيث توقف الاسرائيليون من الذهاب الى تركيا .
السؤال الذي يحتاج الى اجابه هو ما الذي تغير بحيث جعل الطرفين الاسرائيلي و التركي قبول هذه الصيغة من الاعتذار على الرغم من رفضها في الماضي، و السؤال الاخر هو ما هي تداعيات هذا التقارب اقليميا و فلسطينينا؟
التفسيرات و التحليلات الاسرائيلية كثيرة و متعددة حول قبول تركيا للاعتذار الاسرائيلي تلفونيا على الرغم ان شرطهم كان في السابق هو ضرورة الاعتذار العلني و الخطي للشعب التركي، احدى هذه التفسيرات هو تورط رئيس الوزراء التركي بتصريحاته النارية ضد الصهيونية و التي تراجع عنها تحت الضغط الامريكي عندما قال انه تم تفسيرها او فهمها بشكل مغلوط، اما التفسير الاكثر منطقية هو ما قاله نتنياهو في تبريرة الاعتذار لتركيا حيث قال ان ما يحث في سوريا من تطورات هو الذي جعله يعتذر لتركيا حيث الوضع هناك خطير و التعاون بين الاطراف ذات المصلحة المشتركة هو امر ضروري.
في كل لاحوال ، و بغض النظر عن الاسباب التي دفعت كلا الطرفين، و خاصة الجانب التركي، بالنزول عن الشجرة سيكون لهذا التقارب من جديد تاثيرات و انعكاسات مباشرة على العديد من القضايا و الملفات و التي اهمها:
اولا: ان ما اقلق اسرائيل و اصابها في مقتل من قطع العلاقات مع تركيا هو وقف التعاون العسكري و بالتحديد تحليق الطيران الاسرائيلي و التدريبات التي كان يجريها في الفضاء التركي و حرمان اسرائيل من المشاركة في مناورات حلف النيتو نتيجة الفيتو التركي، اضافة الى التعاون الاستخباراتي التي كانت تستفيد منه اسرائيل اقليميا. عودة العلاقات بين الدولتين قد لا يعني في البداية على الاقل ان تعود الى ما كانت عليه في السابق بشكل كلي و لكن بالتأكيد ستعود بشكل يلبي المتطلبات العسكرية و الامنية و الاستراتيجية لكلا الطرفين، و لكن بلا شك المستفيد الاكبر هو اسرائيل.
ثانيا: الدافع المباشر و المعلن و الضرورة الملحة لكلا الطرفين هو الموضوع السوري حيث يعتبر القاسم المشترك لتركيا و اسرائيل لما له من تداعيات على الدولتين بشكل خاص و الوضع الاقليمي بشكل عام. التقدير الاسرائيلي و التركي هو ان سوريا لن تعود كما كانت عليه و ان النظام السوري في النهاية لن يصمد الى الابد، و بالتالي التعاون الاسرائيلي و التركي و بمساعدة اطراف اقليمية اخرى هو مهم للتعاطي مع سوريا في مرحلة ما بعد الاسد. ايران و حزب الله و التنظيمات السلفية المتطرفة و الاسلحة الكيميائية و الاستراتيجية، جميع هذه الملفات تشكل قاسم مشترك و تنعكس بشكل مباشر على الوضع الامني و العسكري و الاستراتيجي لكلا الطرفين.
التقارب التركي الاسرائيلي سيكون له تأثير كبير على القرارات التي قد يتخذها المجتمع الدولي في الشأن السوري سيما في كل ما يتعلق بالاسلحة الكيمياوية و الاهم من ذلك هو محاولة التأثير على التطورات في مرحلة ما بعد الاسد.
ثالثا: التوتر بين تركيا و اسرائيل حدث بسبب الموضوع الفلسطيني و الحصار المفروض على غزة و على حركة حماس بشكل خاص، التقارب بين الطرفين سيكون له انعكاسات مباشرة و غير مباشرة سواء على العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية او حتى العلاقات الفلسطينية الفلسطينية. اسرائيل من الان فصاعدا لن تقدم على اي عمل ضد غزة دون ان يكون هناك مبرر قوي لذلك، في نفس الوقت ستضطر الى تقديم المزيد من التسهيلات و التخفيف من الحصار طالما هناك التزام بالتهدئة. تركيا من الان فصاعدا ربما ستشغل الفراغ ، حتى وان كان بشكل مؤقت الذي تتركه مصر بسبب الانشغال في وضعها الداخلي بكل ما يتعلق بتشكيل حلقة الوصل بين حماس و اسرائيل.
تركيا ايضا و بحكم علاقاتها الطيبة مع حماس و مع الرئيس عباس، مع غزة و مع رام الله، ستساعد كثيرا في تقريب وجهات النظر حيث يدركون ان ليس بالامكان الذهاب بعيدا في مساعدة حماس في غزة دون ان يكون هناك رضى او موافقة من السلطة الوطنية في رام الله.
لذلك، ليس من المستبعد ان تستبدل تركيا الدور المصري بشكل تدريجي و ان كان بشكل مؤقت ايضا في لعب دور الوسيط بين الفلسطينيين المنقسمين على انفسهم. هذا لا يعني الغاء الدور المصري حيث لا مصلحة فلسطينية، سواء كانت فتحاوية او محساوية بذلك. لكن الظروف التي تمر بها مصر تجعلها غير متفرغة لمشاكل الفلسطينيين و مناكفاتهم لبعظهم البعض.
حضر وغادر اوباما وترك لنا خفي حنين
بقلم: سامر عبده عقروق عن وكالة PNN
لعلنا جميعا نعرف قصة خفي حنين، قصة الأعرابي الذي ضحى بناقته وما عليها من متاع ذلك انه لم يستطع ان يحسن الحكم على ما يواجه ولم يحسن التقدير، وهذا حالنا على ما أرى ويرى معي الكثيرين من زيارة اوباما إلى دولة فلسطين، وأقولها بتحفظ هذه المرة، لماذا؟ لعدة أسباب وردت في ما قاله اوباما، وفي عدد من الكلمات والإجراءات البروتوكولية التي رافقت هذه الزيارة، وباستثناء مبلغ 500 مليون التي ستحول إلى خزينة الدولة، فان الثمن الذي دفعناه غاليا جدا وفاحشا، ويتجاوز مبلغ ألاف مليارات الدولارات، والخوف مما سندفعه أو سنضطر إلى دفعة كالعودة غير المشروطة للمفاوضات مثلا.
اسمحوا لي بداية ان أسجل استنكاري واستهجان الكثيرين في الشارع الفلسطيني على موافقة الذين اتفقوا مع الأمريكان على جدول الزيارة لاوباما، وكيف وافقوا ان لا يزور اوباما ضريح القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والكثيرين اعتبروا ذلك بمثابة اهانه لتاريخ نضال الشعب الفلسطيني بمجملة لما يمثله الرجل، وتجاهل لمكانة هذا الرجل الفذ في تاريخ النضال الشعب الفلسطيني، سيقولون لك لكنه انحنى للعلم وللسلام الوطني، نعم اتفق معكم ، ولكن، هل توافق الصين ان يزورها اوباما دون ان يضع إكليل زهور على قبر ماو، أو هل تقبل فنزويلا ان يزورها دون وضع إكليل على قبر تشافيز، اعتقد أننا تهاونا كثيرا بحقنا وحق رجالنا.
حقيقة أقولها أنا من المتشائمين من زيارة اوباما ومما سينتج عنها خلال الأسابيع والأشهر القادمة، وكان عمي، والد زوجتي يقول لي دائما (القائد المحنك يحسب لأسوأ الظروف)، وسأعرض معكم لعدد من الأمور التي وردت جهارا نهارا في مؤتمرات اوباما الصحفية:
لقد قالها اوباما صريحة وفي أكثر من موقع انه يؤيد، ويدعو، ويجب على الفلسطينيين ان يعترفوا بدولة إسرائيل اليهودية، والغريب في الأمر ان واحدة من هذه التصريحات جاءت على أراضي دولة فلسطين التي عانت، وما زالت تعاني من قضية إجبار ما يزيد عن 6 مليون إنسان فلسطيني ان يعيشوا حالة الاغتراب في دول الشتات، وفي ظروف غير إنسانية وما يجري في سوريا هو حالة يومية، وهؤلاء لهم حقوق منصوص عليها في قرارات الأمم المتحدة ومواثيقها ومعاهداتها الدولية، والكارثة الكبرى ان مثل هذه الدعوة تحمل بكل معانيها دعوة إلى التمييز العنصري القائم على أساس الدين، فهناك ما يزيد عن واحد ونصف مليون إنسان فلسطيني من المسلمين والمسيحيين الذين يعيشون على الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل العام 1948، وهناك الدروز وغيرهم من الطوائف، فما مصير هؤلاء في ظل شرعنه وإضفاء الصبغة القانونية على دولة التمييز العنصري القائم على الدين وعلى مفهوم المواطنة ، والمواطن من الدرجة الثانية والثالثة آنذاك.
ما يعنيني ويشدني كفلسطيني، هو كيف سنرد كفلسطينيين على هذه القضية التي ستضع مصير 1.5 مليون فلسطيني في مهب الريح، وسيكونون معرضين للترحيل والتهجير القسري، وبطرق أبشع بكثير من تلك التي اتبعت في أعوام 1846-1948 من مذابح وتدمير وحرق بيوت وبيارات وقتل جماعي للسكان، وفي هذه المرة بمباركة من السيد اوباما والكونغرس الأمريكي ويبدوان ان الرئيس اوباما لم يعرف أو يقرأ الكثير عن هذه الانتهاكات، أين سيكون مستقبل هؤلاء، وأين سيتم إلقائهم، وكيف ستكون حياتهم وقسوتها حتى لو بقوا في ظل هذه
الدولة اليهودية المقترحة، الغريب ان هناك ادعاء كبير بان دولة الاحتلال هي دولة ديمقراطية.
احد الأمور المثيرة كذلك ان هناك تهاونا كبيرا وواضحا من موقف اوباما من الاستيطان غير الشرعي، هل هو وقف، أم تأجيل لبحث هذه القضية، والجدار وأثاره العنصرية، وقتل بيت لحم من خلال الجدار الجديد والعزل الذي سيتم للمدينة كما تم اغتيال القدس، ودولة الاحتلال تعمل في إقامة هذا الجدار على قدم وساق، وأشار اوباما إلى ان هذه القضايا يمكن ان تؤجل إلى مرحلة المفاوضات النهائية، وذلك ما حصل في قصة القدس والحدود والمعابر، وهذا كان في أوسلو في العام 1994، يعني منذ ما يزيد عن 18 عام، والخوف ان يكون هناك 20 أو 30 أو 40 سنه أخرى من الانتظار والمفاوضات، وعندها ستكون الجغرافيا الفلسطينية قد انتهت وتلاشت عن سطح الأرض، ويكون السكان قد اجبروا على المغادرة تحت ظروف وأسباب مختلفة.
أكل اوباما الفلافل والحمص على انه من التراث اليهودي، وتحفظ بل رفض رفضا قاطعا تناول وجبة الورق الدوالي، وهي من الآكلات الفلكلورية والتراثية الفلسطينية على مائدة الرئيس وكذلك رفض تناول الكنافة النابلسية لأنه يريد الحفاظ على رشاقته وصحته، كل هذه اهانات مقصودة ومدروسة للإنسان والتاريخ والتراث الفلسطيني وتحمل الكثير من المعاني.
نحن في الشارع لم نرحب بزيارة اوباما وكان موقفنا واضحا رفعنا الأعلام السوداء والبوسترات المنددة بالزيارة، لأننا نشعر بالقلق من الزيارة، وأود التأكيد على ان قلقنا قد زاد وارتفعت وتيرته بشكل واضح بعد الزيارة، الزيارة جاءت ليس لإيجاد أجندة لحل القضية الفلسطينية أو وقف الاستيطان أو الإفراج عن الأسرى، بل جاءت لتحسين علاقات اوباما مع نتنياهو، وتسريع المصالحة الإسرائيلية مع تركيا.
يبدو ان القادم خطير، بل وخطير جدا وسيكون له تأثير واضح على الجغرافيا والديمغرافيا الفلسطينية، بل والإقليمية.,, احد كبار السن في البلدة القديمة في نابلس قال لي في تقييم زيارة اوباما انه حضر وغادر وترك لنا خفي حنين.