اقلام وآراء
(304)
الأربعاء
3/4/2013
مختارات من اعلام حماس
- الشهيد 204
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. حسن أبو حشيش
- المسجد الأقصى من جديد تحت الوصاية الأردنية
المركز الفلسطيني للإعلام ،،،، جمال أبو ريدة
- خالد مشعل وتجديد الثقة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.عصام شاور
- محاكمات الفيس بوك في مدن الخوف
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، ماهر عابد
- إلي إستحوا ماتو يا أبو حمدية
فلسطين الآن،،، مجدولين حسونة
- لماذا ترفض "فتح" المصالحة الوطنية
فلسطين الآن ،،، عصام عدوان
الشهيد 204
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. حسن أبو حشيش
لم يجف حبر قلمي الذي رسمت به مقالتي أمس عن البطل ميسرة أبو حمدية،فسرطان الصهاينة نهش الجسد،واستشهد الأسير ليصبح الشهيد رقم 204 الذي يفارق الحياة وهو في عتمة الزنازين...
أعرف أن القلم لم يعد مجدياً أمام الدماء، ولكن لا أملك إلا هو لأُعلن عن موقفي تجاه الأسير المريض الشهيد البطل، الرجل المجهول صاحب الصولات والجولات في تفاصيل المقاومة...أكتب وأخشى أن أكون ضمن فريق الشجب أو جماعة الاستنكار، لكن عزائي أن هذا دوري ومسئوليتي،وفي حدود طاقتي وإمكانياتي.ولو قام كل إنسان أو جهة بمسئولياتها وفي حدود طاقاتها وإمكانياتها... لتغير الحال، ولما تجرأ الاحتلال على الولوغ في دمائنا ودماء أسرانا.
الرسالة القوية التي يجب أن تصل إلى الاحتلال رداً على الجريمة المتواصلة :
• الإعلان الرسمي عن وقف التفاوض مع الاحتلال.
• وقف كافة أشكال التعاون الأمني من قبل السلطة.
• إطلاق يد المقاومة بكافة أشكالها السلمية والشعبية الشاملة في الضفة ورفع اليد الغليظة عنها.
• ترجمة عملية لاتفاقيات المُصالحة والتوقف عن الاشتراطات وعن البحث في كواليس الإشغال والإفشال.
• توحيد الجهود للضغط على الأطراف العربية لإجبار الاحتلال على وقف نزيف الانتهاكات.
رحمة الله على الأسير البطل، وندعو الله أن يتقبله شهيدا،ويُلهم أهله وشعبه ورفاقه في الأسر الصبر والسلوان.
المسجد الأقصى من جديد تحت الوصاية الأردنية
المركز الفلسطيني للإعلام ،،،، جمال أبو ريدة
بتوقيع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والملك الأردني عبد الله الثاني على اتفاقية القدس لرعاية المدينة والأماكن المقدسة، يكون رئيس السلطة قد وضع المسجد الأقصى تحت الوصاية الأردنية، ولعل ما جاء في بيان الديوان الملكي الأردني حول هذه الاتفاقية يؤكد على ذلك، حيث جاء فيه: "تأكيد رئيس السلطة على أن جلالة الملك هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف، وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، خصوصاً المسجد الأقصى"، وتعتبر هذه الاتفاقية إعادة تأكيد على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في مدينة القدس منذ سنة 1924م، والتي انعقدت بموجبها الوصاية على الأماكن المقدسة للملك الحسين بن علي، وأعطته الشرعية في حماية ورعاية الأماكن المقدسة في القدس وإعمارها، واستمرار هذا الدور بشكل متصل بملك المملكة الأردنية الهاشمية من سلالة الحسين بن علي، الأمر الذي شكل صدمة قوية للشعب الفلسطيني، الذي يتطلع فيه إلى اليوم الذي يتحرر فيه المسجد الأقصى من الاحتلال (الإسرائيلي)، ولتكون مدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.
ويمكن القول بأن توقيع هذه الاتفاقية وفي هذا التوقيت بالذات لم يكن محض صدفة، فالاتفاقية جاءت بعد زيارة الرئيس الأمريكي "أوباما" للمنطقة قبل أسبوعين فقط، والتي زار خلالها كلا من دولة الاحتلال(الإسرائيلي)، والسلطة الفلسطينية، والأردن، الأمر الذي يستدل منه أن هذه الاتفاقية قد جاءت استجابة بشكل أو بآخر من رئيس السلطة للضغوط الأمريكية عليه، والتي تتلخص في العودة إلى المفاوضات مع (إسرائيل) بدون قيد أو شرط، ويبدو أن المقابل هو أن يكون المسجد الأقصى "كحسن نية" أمريكية بعد الضغط على الجانب (الإسرائيلي) تحت الوصاية الأردنية، في حين يبقى مستقبل مدينة القدس وهو الأهم، والتي تتعرض لعملية تهويد يومية، خاضعًا للمفاوضات المستقبلية بين الطرفين، والدليل على ذلك هو التزام (إسرائيل) الصمت اتجاه الاتفاقية، رغم أن مدينة القدس والمسجد الأقصى على وجه التحديد، هما تحت سيطرة الاحتلال (الإسرائيلي) منذ هزيمة العرب في حزيران/1967م، وكان يفترض أن تقول (إسرائيل) رأيها في الاتفاق، لا أن تلوذ بالصمت.
وتعيد هذه الاتفاقية التأكيد على الدور الوظيفي القديم- الجديد للأردن في المنطقة العربية، ويدور في الفلك الأمريكي سلبًا وإيجابًا، والذي تم بعثه من جديد، وتحديدًا بعد سقوط نظام الرئيس المصري المخلوع مبارك بفعل ثورة 25 يناير المجيدة، الحليف الرئيس لأمريكا، و"إسرائيل" لما يقارب الثلاثة عقود، وما ترتب على ذلك من وصول الإخوان للحكم في مصر بفعل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، الأمر الذي شكل ضربة قوية لـ(إسرائيل)، وخصوصاً مع تزايد التهديدات التي تحيط بها في المحيط الجغرافي، والتي ستزداد أكثر بعد سقوط نظام بشار الأسد، فكان لابد من دعم الأردن سياسيًا، الأمر الذي من شأنه أيضًا أن يخفف من الضغوط الشعبية الأردنية على النظام، والتي طالبت في الفترة الأخيرة بصراحة، بإسقاط النظام كله، بعدما ظلت إلى وقت قريب تطالب بالإصلاح السياسي فقط، وهو الأمر الذي سيتعزز أكثر بعد سقوط نظام بشار الأسد، فكان لا بد من هذه الاتفاقية لحفظ ماء وجه النظام الأردني، وريث نظام الرئيس المصري المخلوع مبارك في حماية المصالح الأمريكية و(الإسرائيلية) في المنطقة بالمرحلة القادمة.
وبالقدر الذي يستفيد النظام الأردني سياسياً من هذه الاتفاقية، بالقدر نفسه الذي تستفيد منه (إسرائيل) بالدرجة الأولى، فـالاتفاقية في ظاهرها تحمل تنازلات مهمة من (إسرائيل) للسلطة الفلسطينية فيما يتعلق بإحدى أهم قضايا الخلاف السياسي بين الطرفين منذ سنوات، ولكنه في باطنه يخدم (إسرائيل) أكثر من خدمته للسلطة، حيث ستظهر من جديد أمام العالم بمظهر الدولة الديمقراطية، التي تحترم المشاعر والعواطف الدينية للمسلمين، الأمر الذي من شأنه تخفيف حدة الانتقادات الرسمية والشعبية بحقها، تحديدًا في الغرب الحليف التقليدي لها طوال العقود الستة الماضية، والتي تعالت وازدادت في الفترة الأخيرة أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً بعد مظاهر الصدام شبه اليومية في باحات المسجد الأقصى، بين جنودها والمصلين من الرجال والنساء والأطفال، ولعل الأهم بل الأخطر في هذه الاتفاقية لم ينشر بعد، وهو الأمر الذي يجب على الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى، وقواه السياسية الحية المطالبة به بشكل قوي، وذلك لأن قضية القدس هي قضية الشعب الفلسطيني كله، وليست حكراً على فصيل فلسطيني يتصرف فيه بالطريقة التي يراها.
خالد مشعل وتجديد الثقة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.عصام شاور
جدد مجلس الشورى لحركة المقاومة الإسلامية حماس الثقة بالمكتب السياسي للحركة بقيادة السيد خالد مشعل، وبذلك تكون حركة حماس أنهت انتخاباتها الداخلية بهدوء، وأكدت على عدم وجود خلافات في صفوفها أو تصنيفات بين داخل وخارج أو متشدد ومعتدل، فتوافق مجلس الشورى المكون من أعضاء يمثلون كافة جغرافيا التواجد الفلسطيني يرد على كل ما أثير سابقا دون مراعاة للتعقيدات المحيطة بعمل حركة حماس.
لماذا تم التجديد لقائد الحركة خالد مشعل؟ سؤال سنجد له ألف جواب مختلف من خارج حركة حماس في الأيام القادمة، بعضها يعتمد على التحليلات السليمة وبعضها على الظن والاعتقاد المبني على النوايا غير السليمة، ولكن المهم أن الانتخابات تمت ولم تعد_ فيما يخص الشأن الداخلي على الأقل_ شماعة يعلقون عليها التعثر في تطبيق المصالحة الداخلية.
شخصية القائد سواء كان رئيسًا لدولة أو لحزب سياسي أو غيره لها أثر كبير في العلاقات الخارجية وفي الإنجازات التي تتحقق بوجوده، ومن الضروري مراعاة تلك الميزة والاستفادة القصوى منها ما لم تستغل كوسيلة ضغط داخلية أو خارجية للإبقاء على صاحب الميزة في مركزه، كما تفعل أمريكا تجاه بعض المحسوبين عليها في بعض المراكز القيادية العربية، السيد خالد مشعل له شخصية مؤثرة وعلاقات طيبة على مستوى أمراء وحكام وقيادات سياسية من الدرجة الأولى، وقد كان لشخصيته أثر كبير في تحقيق إنجازات هامة.
إعلان الدوحة _على سبيل المثال_ تم توقيعه بين الرئيس محمود عباس وخالد مشعل ولكن لم يتم تنفيذه، وقد يكون استمرار مشعل في منصبه عاملًا مساعدًا من أجل تطبيقه وإتمام المصالحة، المرحلة الحالية تستدعي وجود مشعل لتنفيذ بعض المهام غير المكتملة مثل إعادة إعمار غزة ومتابعة تنفيذ صفقة شاليط (وفاء الأحرار)، وقد يكون لمجلس شورى حماس حسابات أخرى تقتضي استمرار مشعل في تزعم الحركة، فالحركات الإسلامية والمنتمون لها بشكل عام يهتمون للإنجازات وتحقيق أهداف الدعوة والمصالح العامة في المقام الأول، أما المناصب وتوزيع الأدوار فأمر ثانوي بعكس تيارات كثيرة تتآكل وتتعطل مسيرتها، وربما تتدمر كليا بسبب الصراع على المناصب.
حركة حماس أنجزت انتخاباتها الداخلية وظهرت موحدة، وعلى باقي فصائل العمل الفلسطيني وخاصة حركة فتح أن تحذو حذوها، وتوحد صفوفها من أجل وحدة فلسطينية حقيقية ومصالحة داخلية لا انقسام بعدها.
محاكمات الفيس بوك في مدن الخوف
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، ماهر عابد
عندما كتب محمد الماغوط في رائعته الساخرة " سأخون وطني": "بعد ثلاثين سنة من الثقة المتبادلة بين المواطن العربي وأجهزة الإعلام العربية، نعلم أنه عندما تركز الأجهزة على قضية ما وترعاها فجأة بكل ما عندها من صحف ومجلات وخطب ومهرجانات ومطربين ومطربات، فمعنى ذلك أن نقرأ الفاتحة قريباً على هذه القضية." ظن الكثير أنها المبالغة الأدبية التي يستخدمها الكاتب لإيصال الفكرة، ولكن يبدو أن حالنا اليوم في الضفة الغربية بات متطابقا مع ما كتبه الماغوط، فبعد الحديث المتواصل عن الحرية والديمقراطية والتعددية وحرية الصحافة والتعبير ... الخ من هذه المصطلحات الرنانة التي أتحفنا بها المسئولون في كل خطاباتهم، وبعد أن حلمنا بان الواحد منا بات قادرا على أن يبوح بما يجول في صدره وانه رغم ذلك سيبيت ليلته في بيته وليس في الزنزانة مشبوحا، نستفيق على واقع يقول أن علينا أن نصحو من أحلامنا البلهاء وان ننظر إلى الواقع المر الذي نحياه.
الحقيقة التي لا تغطى بغربال أننا اليوم وفي عصر التكنولوجيا الرقمية والانترنت اللامحدود والفيس بوك والتويتر، فإن هناك من يعد علينا أنفاسنا ويراقب سكناتنا ومضامين كلامنا ليفهمه كما يشاء، ويحاكمنا عليه كما فهمه.
مسلسل المحاكمات الذي لا يتوقف في الضفة الغربية بحق صحفيين ونشطاء فيس بوك ومواطنين عاديين علقوا أو كتبوا إشارة إعجاب لمقالة أو موضوع لم يعجب " أولي الأمر" يشير إلى أن كل أحاديث الحرية الإعلامية وحق التعبير لم تكن إلا الغطاء للقضاء على هذه الحرية نفسها ووأدها.
فالمواطن انس إسماعيل من مدينة سلفيت وعلى خلفية إعجابه بصفحة طالبت بإقالة وزير الاتصالات السابق مشهور أبو دقة تم الحكم بسجنه 6 شهور!!! أما الصحفي محمود حمامرة فقد تم الحكم عليه بالسجن لمدة سنة بتهمة الإساءة إلى المقامات العليا على خلفية نشر شخص آخر لصورة على حسابه في الفيس بوك.!!! وهو الأمر الذي تكرر سابقا مع الشاب انس عواد والذي حكم عليه أيضا بالسجن لعام واحد على خلفية نشر صورة في موقعه على الفيس بوك.
خلفية هذه الأحكام ومبرراتها تشير وبوضوح إلى أن الهدف منها هو نشر حالة الخوف والذعر في قلوب الناس، وان المطلوب منك كصاحب رأي هو: أما أن تكون طبالا منافقا تابعا وتضع "رأسك بين الرؤوس" أو أن تصمت ولا يسمع كلامك أحد.
لا أعرف ما الذي يمكن قوله هنا لمن يسعى جاهدا لزرع مدننا بالخوف والرعب، هل هذه حقا هي طريق الازدهار أو الاستقلال أو التقدم؟؟؟ ألا يدرك هؤلاء أن المدن التي يسكنها الخوف لا تعرف إلا الاستجداء والركوع، وهيهات أن تحقق في يوم من الأيام إبداعا أو رخاء أو ازدهارا، بل أن كل دهاليزها وبواباتها ستقود حتما إلى الفشل والفساد.
ألا يدركون أن مدن الخوف تطرد أهلها وسكانها، وتجعلهم يهيمون في ارض الله الواسعة بحثا عن مأوى يوفر لهم الكرامة والحرية، أختم هنا بقصة لأحد المواطنين، حيث شرح لي بحزن كيف فشل بإقناع ابنه الموجود في كندا بالعودة إلى الوطن، مع أن هذا الابن وعده في بداية سفره أنه إذا وفقه الله وحصل على الإقامة هناك فسيمكث عدة سنوات ويعمل بجد ليعود بعدها إلى وطنه ويستثمر ما جمعه. لكنه يسأل والده الآن : هل تريدني أن أعود لأسجن إذا وضعت "لايك" على شيء أعجبني على الفيسبوك؟
إلي إستحوا ماتو يا أبو حمدية
فلسطين الآن،،، مجدولين حسونة
اعذروني إن قلت أننا شعب عديم الخجل وفارغ كالطبل الأجوف الذي يُزعج ولا يُطرِب.
اعذروني إن قلت أن الذين استحوا ماتوا، ومن تبقوا اقتصرت وظيفتهم على الكلام وفلسفة الأمور بعدم جدواها والتصفيق الأهبل.
نحنُ شعب تقزمت أحلامنا بعظمة تاريخنا، وتخنث رجالنا بفحولة أولاد أسلافنا، فتحنا العالم وعجزنا عن فتح عقولنا نحو الحقيقة، تغنينا بالإسلام فطبقهُ غير المسلمين أكثر مِنا، هتفنا للثورة فلم نثور إلا على الجدير بالاحترام من تقاليدنا وما هو خلاصنا من ديننا، صادروا بنادقنا فسلمنا بالأمر الواقع، رسمنا الوطن على كذب ملامحنا ونزعنا جذوره من قلوبنا، لا نعرف من الكُتب إلا عناوينها ومن التضحية إلا خشية الإقدام عليها، ثقافتنا ثرثرة وخطاباتنا مسخرة وخوفنا بات تعقلا وحميتنا رعونة، جرأة بعضنا تثير شفقة كلنا، حاكمنا يُباع ويُشترى، أقلامنا مأجورة وأعنقانا مبتورة.
لم تكن مدينة نابلس بأفضل من بقية المدن التي استيقظت على خبر استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية، تلك المدن التي تصفعنا دوما بنومها واستماتتها في الحياة العادية فقد وقفتُ اليوم في المكان الذي وقفتُ فيه قبل عدة أسابيع عندما أستشهد الأسير عرفات جرادات لكن هذه المرة كنت برفقة شخصين فقط وعندما اكتمل العدد لم يصل إلى خمسين مشارك وآلاف المشاهدين الذين لم يخجلوا ويغلقوا محالهم التجارية فينضموا مع موتنا المتكرر. فعلا "إلي إستحوا ماتوا".
المشاهد ذاتها تتكرر، لا مبالاة المارة بوقوفنا وهتافاتنا التي باتت مصدر إزعاج لهم، الباصات المليئة بنساء من عرب فلسطين المُحتلة باذخات الغباء وعيونهن لا ترى سوى واجهات المحال التجارية، رجال اقتصرت ملامحهم على عيون تحولت لقبضة أمنية ترصد نشرتنا النفسية ونوايانا الوطنية، وآخرون يصرخون عبر مكبرات الصوت، يقولون كل شيء وأي شيء من شأنه أن يوقظ مدينتي النائمة تلك القطة منزوعة الأظافر.
نفس المشاهد ونفس المواقف ونفس اليقين بأن الكلمات ما هي إلا تعويض سخيف عن غياب السلاح. خطوة للأمام وعشرين ألف خطوة للخلف، وكالعادة نأتي متأخرين عن الموت بموقف، ومن هذا الذي سيسمع نحيب أرواحنا حين تبصق بوجوهنا قائلة ( حرروا أنفسكم فلن تخسروا سوى ذلكم ومزيدا من القيود).
صباح الخجل يا مدينة تنسى شهداءها، تمر عن الموت، تقرأ تفاصيله ثم تذهب بمن فيها للتسوق.
هناك جانب آخر لا بد من ذكره وهو دور الجامعات الفلسطينية في حشد طلابها من أجل المشاركة بكل ما من شأنه أن يرعى الروح الوطنية فيهم، وهو أمر افتقدته اليوم عندما ذهبت لتغطية فعالية داخل جامعة النجاح الوطنية التي رفضت تعليق الدوام احتجاجا على استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية واكتفى أحد الشخصيات الرسمية فيها بالتساؤل "لماذا نعلق الدوام؟ ها نحن منحنا الطلبة ساعة لتنفيس غضبهم".
ساعة واحدة مقابل عشرات السنوات في سجون الإحتلال، ومقابل أرواح في ضيافة الموت! رغبت أن أقول له "كثر الله خيركم، فعلا إلي استحوا ماتوا"، ترفضون تعليق الدوام احتجاجا على استشهاد أسير بينما تنهمكون في تحضير المسرح لحفلات ليان بزلميط الهابطة!
بالمقابل، لا لوم على إدارة الجامعة إن لم يكن لدى الطلبة وعيا كافيا لدورهم الضروري في المشاركة والتفاعل وعدم الاكتفاء بالمشاهدة البلهاء والتواجد فقط بمهرجانات الانطلاقات لأحزابهم التي يهرعون إليها حتى دون دعوة ليثبتوا أن انتماءهم للحزب أكبر من انتمائهم للوطن.
سابقا خرجت الجامعات الفلسطينية أعظم الاستشهاديين والمقاومين أمثال يحيى عياش وجمال منصور ويامن فرج ونعمان طحاينة، أولئك لم يعرفوا من الخوف سوى خشيتهم من التأخر في الإقدام على التضحية ولم يكونوا ليتوانوا بالمشاركة في حدث بغض النظر عن منظميه، ومن يتحجج بضغط الأجهزة الأمنية ما عليه سوى التحدي والمبادرة الفردية وإلا سيظل كالمنبه العطلان الذي لا يدق إلا بعد فوت الأوان.
أما المشهد الآخر وليس الأخير، فهو غياب المسؤولين عن هذا الحدث، فلم أجد من بين الخمسين متظاهر لا المحافظ ولا رئيس البلدية ولا نواب التشريعي من كافة الفصائل، وأصدقكم القول أنني لم أستغرب، فغيابهم عن فعاليات الأسرى أصبح اعتياديا، وتنازلهم للمشاركة قد لا يليق بمقامهم، وهم دائما يغيبون ليؤكدوا يقيني بالأشياء التي تظل بحاجة للتلميع في وطني "الحذاء والمسؤول".
الأسرى دولة تستحق أن نُعلن لها الولاء ووحده التاريخ يتكفل باحتضان بطولات شعبها، وحده من يُقدرعظيم تضحياتهم، أما نحن خذلناهم وإن كتبنا كلاما كثيرا عنهم وامتطينا القوافي ننظم "الأجعار"، وإن حملنا الرايات ورقصنا بالشعارات وبُحَت حناجرنا المستعارة في مظاهرات السابع عشر من نيسان. خدلناهم، فلم يكونوا يوما على رأس أولوياتنا، لم نغضب لأجلهم، لم نتوانى في إهمالهم، صرنا أكثر انشغالا من تذكر موتهم، وأقلُ إخلاصا في انتظار عودتهم.
خذلناهم، وهتفنا لرغيف الخُبز، هذا الذي صرنا عبيدا له.
خذلناهم، وتقزمت أحلامنا أمام مارد صبرهم.
خذلناهم، وصرنا نتسول فتات الكرامة خلسة مِن رصيف صمودهم.
خذلناهم، وأصبحوا ذنوبنا التي لن تُغتفر.
خذلناهم، بلهاثنا خلف خرافات السلام وتخلينا عن أبجديات الحرب.
ميسرة أبو حمدية، أشرف أبو ذريع، زهير لبادة، عرفات جرادات، زكريا عيسى.
طَوَقتني هذهِ الأسماء، طوَقتني بسلاسِل مِن كَرامَة.
تَعلمَت البقاءَ مِنَ الفَناء، ماتَت لتخضرَ بموتها كرامَتنا
لماذا ترفض "فتح" المصالحة الوطنية
فلسطين الآن ،،، عصام عدوان
لم يكن جديداً ولا مستغرباً على حركة فتح رفضها للمصالحة الوطنية، فهي منذ أحداث يونيو 2007م في غزة قد اختارت طريق مناصبة حماس وقطاع غزة العداء. وأوصت لجنتها للتحقيق في أحداث غزة بحصار غزة إلى أن تخضع لسيطرة فتح. واستمرت في حالة الرفض المطلق لأي حوار مع حماس لمدة سنة كاملة، فرضت خلالها شروطاً تعجيزية على حماس لتقبل بالحوار معها، وأهمها الاعتراف بـ(إسرائيل) والإقرار بالاتفاقيات الموقعة معها. ذلك أن حماس دأبت على تأكيد رفضها الاعتراف بـ(إسرائيل)؛ الأمر الذي يرفع من أسهم حماس في الساحة الفلسطينية والساحات الشعبية العربية والإسلامية.
بعد محاولات عسيرة تم توقيع اتفاق مصالحة برعاية مصرية بين فتح وحماس، تحدثت عن إصلاح منظمة التحرير، وانتخابات متزامنة للتشريعي والرئاسة والمجلس الوطني، وإصلاح الأجهزة الأمنية، والإصلاح المجتمعي. وخلال ذلك وحتى اللحظة لم تتوقف فتح وأجهزتها الأمنية عن اعتقال كوادر حماس وأنصارها في الضفة الغربية. ولم تهيئ الأجواء لانتخابات نزيهة. ولم تقدِّم أي خطوة تدلِّل على رغبتها في تطبيق الاتفاق.
بل على العكس من ذلك؛ فقد طلب رئيس فتح إجراء تعديلات على اتفاق المصالحة من خلال تغيير المواعيد، وحصر الانتخابات في الضفة وغزة دون الخارج لأن فلسطين من وجهة نظره هي الضفة وغزة فحسب. وطلب تأجيل إصلاح الأجهزة الأمنية. ثم قرر وقف كل إجراءات المصالحة بانتظار ما تتمخض عنه زيارة الرئيس الأمريكي.
وبعد تلك الزيارة رفض رئيس فتح فكرة عقد قمة عربية مصغرة بحضور طرفي النزاع الفلسطينيين، مما يؤكد مجدداً رفض فتح التقليدي للمصالحة مع حماس، وذلك للأسباب التالية:
1- تعتبر فتح أن حركة حماس هي المنافس الحقيقي لها على الساحة الفلسطينية، وأن أي إفساح لحماس في المشهد السياسي الفلسطيني سيدفع بفتح خارجاً.
2- حاولت فتح احتواء حماس عبر انتخابات المجلس التشريعي الثانية، ولكن فوز حماس الساحق أربك حسابات فتح وجعلها تقرر عدم السماح لحماس بالتمتع بمزايا هذا الفوز، وحرمانها من أي فرص فوز أخرى على أي مستوى. وما انتخابات البلدية الانفرادية التي نفذتها فتح في الضفة الغربية إلا دليل على ذلك وصورة مصغرة لما يمكن أن تكون عليه حال أي انتخابات قادمة.
3- تطبيق المصالحة يعني السماح لحماس بالمنافسة على منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تمثل آخر قلعة لحركة فتح، لا يمكنها التفريط بها، لأنها تمسك بزمام المشهد الفلسطيني على الساحة الدولية. وإن فوز حماس المتوقَّع في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني سيعني انزواء فتح إلى الأبد.
4- تصرفت فتح كحركة علمانية ترفض مشاركة الحركات الإسلامية لها في إدارة الشئون السياسية، وتنظر إليها بازدراء وتعالٍ. وهي لا تفكر إلا في محاصرة العمل الإسلامي وتقييده.
5- في ظل خيارات فتح الرافضة للمقاومة المسلحة، والمنخرطة في عملية تسوية سياسية عبر المفاوضات مع العدو، لن تسمح بتحقيق تيار المقاومة المسلحة الذي تقوده حماس بأن يحقق أي إنجازات. ولذلك تورطت فتح في تأجيج العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 2008 – 2009م بهدف القضاء على حماس واستعادة فتح لساحة غزة.
6- تستلم فتح من الدول الداعمة لها؛ سواء الولايات المتحدة الأمريكية، أو بعض الدول الخليجية، مئات الملايين من الدولارات سنوياً، تنفقها على كوادرها وقياداتها ومؤسساتها ومقاليد حكمها. وهي لا تتخيل كيف يمكنها السماح بالتفريط بكل هذا الدعم المالي لتحل محلها حماس أو غير حماس.
7- مارست قيادات فتح دور الزعامة للشعب الفلسطيني، واعتادت قياداتها على استقبالها في دول العالم كقيادات للشعب الفلسطيني، وهي لا تستطيع أن تستوعب أن تفقد كل ذلك التكريم والتقدير والمتعة، ولا تستطيع مشاهدة خصمها التقليدي يحلُّ محلها في سفارات فلسطين عبر العالم، وفي استقبال الرؤساء لقيادات حماس. ومن هنا رفضت فتح دعوة إيران لإسماعيل هنية لحضور مؤتمر قمة عدم الانحياز. كما رفضت مؤخراً حضور حماس لقمة عربية مصغرة لدعم المصالحة.
8- تخشى فتح من أن يؤدي وصول حماس لقيادة المنظمة والسلطة معاً إلى إجراء محاكمات وطنية ضد قيادات فتح على ما اقترفته من اعتراف بـ(إسرائيل)، وتنسيق أمني معها، وتآمر على الشعب الفلسطيني وقواه الحية. ولذلك فهي تستميت في الدفاع عن معاقلها السياسية وتصر على رفض المصالحة عملياً، حتى وإن تظاهرت بقبولها لفظياً.
