اقلام وآراء
(306)
السبت
6/4/2013
مختارات من اعلام حماس
- حماس ومشعل.. قبل وبعد!
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، ساري عرابي
- حماس والحداثة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، حسام الدجني
- براءة الثوار من فتاوى أهل النار
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.عصام شاور
- أصدقاء "إسرائيل" في القاهرة
فلسطين الآن ،،، أحمد نوفل
- لعبة الكراهية
فلسطين الآن ،،، يوسف رزقة
- عباس بين مسارين كلاهما مسدود
فلسطين أون لاين ،،، نقولا ناصر
حماس ومشعل.. قبل وبعد!
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، ساري عرابي
وأخيرًا؛ حطت المسيرة الانتخابية الداخلية لحركة حماس رحالها في فصلها الأخير، والذي أنجز فيه انتخاب رئيس الحركة، ومجلس الشورى العام، والمكتب التنفيذي العام، وبهذا تكون الحركة قد أنهت كل المراحل الانتخابية التي طالت أكثر من عام، وهو ما يعني أن هذه المسيرة الانتخابية قد تعرضت لعراقيل كثيرة، ذاتية وموضوعية.
بيد أن حماس بإتمامها الفصل الأخير، تثبت أنها قد تمكنت من تجاوز كل المعوقات، خاصة تلك المتعلقة بإشكالات الحركة الذاتية، الأمر الذي يكشف عن مناعة هذه الحركة تجاه الانقسام، وقدرتها على احتواء الخلافات، مع ما يلقيه من عبء هائل على القيادة الجديدة لإعادة صياغة العلاقات الداخلية وتوازناتها بما يستجيب للتحدي الذي فرضته السنوات الأخيرة.
لم تكن حماس منكشفة بإشكالاتها الداخلية، للرأي العام، كما حصل في هذه السنوات الأخيرة، ولم تكن قواعدها بمثل هذه الجرأة في الصعود بالسجالات الداخلية إلى المستوى العام، حتى الانتخابات الداخلية لحماس، لم تكن تحظى في أي وقت مضى بمثل هذا الاهتمام اللافت من الرأي العام والمتابعين على حد سواء.
إلا أن هذا الانكشاف بما رافقه من اهتمام، لم يجعل الحقائق الداخلية في حماس أكثر وضوحًا خارجها، بل لا تزال بعض التصورات الخارجية بعيدة عن الحقيقة، وهو ما يتطلب مناقشة لبعض الانطباعات الرائجة.
الفصل الأخير الذي أُغلق في القاهرة كشف عن تغيرات مهمة في الجسم القيادي للحركة، هو بدوره، انعكاس للتغيرات التي حصلت في الأجسام القيادية الإقليمية، فالدوائر القيادية لحماس، تصعد في مستويين: الأول؛ هو القيادة المحلية لكل إقليم، والتي تتوزع على ثلاثة أقاليم، هي؛ الخارج، وقطاع غزة، والضفة الغربية.
أما المستوى الثاني؛ فهو القيادة العامة المنبثقة عن المجالس الإقليمية بتشكيلاتها القيادية والشورية، فخروج عدد مهم من القيادات الأسيرة لحركة حماس من السجون، في صفقة جلعاد شاليط، وإبعادها إلى الخارج وقطاع غزة، دفع بمياه جديدة في نهر حماس، ولا يقل عن ذلك أهمية ما جرى من تدافع داخلي بين كوادر وقيادات الحركة، انتهى بتغييرات كبيرة في الدوائر القيادية.
التجديد لمشعل رئيسًا لحماس، والذي جاء بانتخابات تنافسية حقيقية جمعته بكل من إسماعيل هنية، وموسى أبو مرزوق، يبدو بالغ الأهمية في سياق هذه التغيرات الكبيرة التي حصلت في بنية حركة حماس، وفي أجسامها القيادية، إذ إن استمرار مشعل رئيسًا لحماس في هذه الدورة، يبدو ضامنًا للحفاظ على التوازنات الداخلية للحركة، كما سيأتي بيانه.
يبقى السؤال مطروحا عن أسباب عودة مشعل عن قراره بعدم الترشح لقيادة حماس من جديد، بعد أن قادها منذ ستة عشر عامًا، لكن الإجابة على هذا السؤال، يلزمها بيان الظروف والملابسات التي أعلن فيها مشعل عن نيته الاستنكاف عن الترشح لقيادة الحركة.
أعلن مشعل عن رغبته تلك في اجتماع داخلي لمجلس شورى حماس، فلم يكن الأمر أكثر من حديث داخلي، لم تتجاوز قيمته إلى القرار الجازم، إلا أن تسريبه للإعلام أعطى هذه الرغبة بعدًا آخر، ما يجعل تراجع مشعل عن قراره محرجًا له، لكن ربما، وبخلاف رغبة صاحب التسريب، أثار هذا الإعلان نقاشات واسعة غير مسبوقة، تمثلت في جانب منها ضغوطًا مكثفة على شخص مشعل استمرت طوال عام كامل، إلى ما بعد اللحظات الأولى في عملية انتخاب رئيس الحركة، حتى نجحت ضغوط مجلس شورى الحركة المنتخب حديثًا، وبمؤازرة من مكتب الإرشاد في مصر، في ثني مشعل عن قراره والعودة مجددًا لرئاسة حماس.
كان إعلان مشعل عن رغبته في عدم العودة إلى موقعه كرئيس لحماس، سابقًا على الأزمة التي تلت اتفاق الدوحة، لكن ما تلا هذا الاتفاق من خلافات، رغم طابعها الموضوعي المتعلق بمضمون الاتفاق، وآلية إخراجه، لم يكن بعيدًا عن ظروف العلاقة التي جمعت مشعل والمجموعة القريبة منه في السنوات الأخيرة ببعض قيادات غزة وممثليها في الأطر العامة للحركة، وهو ما شكل ضغطًا على مشعل وقيادته لحماس.
إلا أن النقاشات الكثيرة حول رغبة مشعل في مغادرة موقعه القيادي، سواء بين قواعد الحركة وأطرها القيادية، أو ضغوطات التنظيمات الإخوانية ذات الصلة بالحركة، وقوى إقليمية أخرى، إضافة إلى التغييرات التي بدأت في الأجسام القيادية للحركة منذ انتخابات المستويات القيادية الإقليمية، على نحو أنذر باختلال التوازن داخل الحركة، دفع مشعل للتراجع عن قراره.
وطوال الفترة الماضية إلى ما بعد عودة مشعل رئيسًا للحركة، راجت مقولات ومقاربات كثيرة حول المواقف والسياسات داخل حماس، تنقصها الدقة والإحاطة الكافية، فضلاً عن اعتمادها –غالبًا- على المظاهر الإعلامية الزائفة والمتقلبة، فكل ما يرمى به مشعل الآن من اعتدال وليونة ورغبة في المصالحة مع فتح على حساب ثوابت حركته، كان يوصف بعكسه، فعلى مدار سنوات طويلة، وصف مشعل والمجموعة القريبة منه في قيادة حماس؛ بالتشدد، ومنح الأولوية للعمل المقاوم، وتعطيل المصالحة. وذات الأمر مع قيادات الداخل التي وصفت لفترات طويلة بعكس ما توصف به الآن!
هذا مع أن دور مشعل في الحفاظ على ثوابت الحركة وخيارها الجهادي كبير، خاصة في سنوات التسعينيات من القرن الماضي، حينما عصفت بحماس الخلافات حول كيفية التعامل مع الواقع الجديد، الذي تمثل بقيام السلطة الفلسطينية، ولعل الحفاظ على ثوابت الحركة في تلك المرحلة الحرجة، والإعراض عن مشروع السلطة، رغم قسوة هذا الخيار حينها، كان عاملا أساسيًا في فوز حماس في الانتخابات التشريعية بعد سنوات، وصعودها إلى هذه المكانة فلسطينيًا وإقليميًا وعالميًا.
لم يكن مشعل بعيدًا عن القيادة العسكرية لحماس، فبعد استشهاد أحمد الجعبري، قائد القسام، ظهر أن الجعبري كان عضوًا في قيادة الحركة، التي تعرف في الإعلام بالمكتب السياسي، وأقرب إلى مشعل من غيره من قيادات حماس، وهو ما ينفي ثنائية السياسي والعسكري في حماس، التي يحبذها الإعلاميون والمحللون لجاذبيتها كأداة تحليل سهلة ومريحة، وأيضًا ما ينفي ثنائية الداخل والخارج، أو غزة والخارج، بالشكل الحاد الذي يجري تصويره في الإعلام أيضًا.
بالتأكيد حصلت خلافات في أوساط قيادة حماس تاريخيًا، حول قضايا سياسية وإستراتيجية، كالدخول في السلطة حين قيامها، أو المشاركة في الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة في العام 2006، أو الموقف من بعد أحداث الانقسام، أو طريقة إدارة ملف المصالحة، أو الخروج من سوريا، أو ترتيب هدنة طويلة بخصوص قطاع غزة.
وفي كل تلك القضايا لم يكن الداخل على رأي واحد، كما لم يكن الخارج على رأي واحد، كما لم يكن مشعل طوال هذه السنوات، وحول هذه القضايا وغيرها، محكومًا باتجاه نفسي وسياسي واحد يمكن وصفه بالتشدد أو الاعتدال، والأمر ذاته يمكن قوله بالنسبة لبقية إخوانه، الذين لا يحكمهم تشدد أو اعتدال، بقدر ما تحكمهم المعطيات المتاحة، وطريقة التعامل معها.
كما إن التباينات الداخلية لا تتعلق دائمًا بقضايا سياسية وإستراتيجية، ذلك أن حركة بشرية أولًا، ثم هي حركة مقاومة تعمل في أصعب الظروف، وفي واقع من الانفصال الجغرافي الحاد، لا بد وأن تظهر فيها الاعتبارات الشخصية، والمناطقية (الجهوية)، وما ينتج عن ذلك من مراكز قوى ونفوذ، وخلافات حول آلية اتخاذ القرار، وحظوظ المواقع الجغرافية المختلفة من حيث الأولوية في ترجيح القرار ومراعاة ظروفها الخاصة، ولعل خلافات بعض القيادات مع مشعل لا تتجاوز هذه الاعتبارات في حقيقة الأمر.
وبالرغم من ذلك كله، يسجل لحماس تمسكها بثوابتها وإجماعها عليها، خاصة في رفض الاعتراف بشرعية كيان العدو في فلسطين، وعدم التنازل عن خيار المقاومة في سبيل تحرير فلسطين، بينما كل الخلافات تبقى في هذا الإطار المركزي والواسع، مع ما يعتري خطاب حماس من غبش يظلم سياساتها الحقيقية. كما يسجل لها، قدرتها المذهلة في الحفاظ على وحدة صفها، والتي كان من تعبيراتها الأخيرة تجاوز كل العقبات التي اعترضت المسيرة الانتخابية للحركة.
وظهرت مقولات أخرى كثيرة حول تغيير الدماء، وتعزيز "الديمقراطية" الداخلية في الحركة، وعدم ربط الحركة برجل واحد مهما أوتي من الكفاءة والكاريزما، وهذه المقولات تحتاج بسطًا في المناقشة لا يحتملها المقام، لكن لا بد من تسجيل بعض الإشارات، على أمل المناقشة المستفيضة في وقت لاحق.
ينبغي ألا ننسى أن الممارسة الديمقراطية تتجاذبها رؤى مختلفة حول المفهوم الفلسفي، والأشكال الإجرائية، وهي في حالة تطور مستمر، طالما أنها متصلة بالاجتماع الإنساني بالغ التغير والتعقيد، إذ لا تختزلها رؤية واحدة، ولا يحكمها شكل واحد، حتى في منشئها الغربي، الذي يُتخذ معيارًا ومثلًا، فكيف بحركة مقاومة تعمل في ظروف استثنائية، وفي منطقة متغيرة؟! هل يضيق عليها بأنظمة صارمة في الشكل الإجرائي، وتدفع حين الضرورة لكسر تلك الأنظمة على ما في هذا من نتائج وآثار سلبية ومؤذية؟!
بينما الأولى أن تحتكم حركة المقاومة إلى لوائح وأنظمة مرنة فيما يتعلق بالشكل، وصارمة فيما يتعلق بالجوهر، أي في ضمان المحاسبة، والمراقبة، والشفافية، وتوسيع دوائر القرار الشوري، ومراعاة أبناء الحركة قدر الإمكان، والذين قد يكون لبعضهم من الإسهام والتضحيات أكثر من القيادات الشورية والتنفيذية الرسمية، والمهم في كل الأحوال أن يكون القائد منتخبًا وشرعيًا، وقابلًا للتغيير بالمنافسة المفتوحة، أو حين الإخلال والقصور والإساءة.
ثم في الوقت الذي تحرص فيه كل حركات المقاومة، والحركات الثورية، عبر التاريخ، على بناء شخصيات رمزية كاريزمية، تضحي حماس، بقائدها الذي صار رمزًا وطنيًا وعربيًا وإسلاميًا، لأجل مقولات ديمقراطية موهومة، أو لاعتبارات أخرى لا علاقة لها في الحقيقة بمسألة الديمقراطية؟!
فبدائل خالد مشعل الممكنة ليست دماء جديدة، فإسماعيل هنية؛ رئيس حكومة غزة، ورئيس حماس في غزة، فهل يجمع إلى هاتين المسؤوليتين مسؤولية حماس كلها؟! أما موسى أبو مرزوق فهو شخصية قيادية تاريخية ومؤسسة في حماس وصاحب دور طويل ومستمر.
هذا لا يعني إطلاقًا أن خالد مشعل رجل استثنائي بالمطلق، وأن حماس عاجزة عن إنجاب مثله، أو خير منه، فبما أنه الرجل الأول في الحركة، يحسب عليه من أخطاء وإخفاقات حركته، بقدر ما يحسب له من نجاحاتها، بما في ذلك الإشكالات الداخلية التي فرضت عليه ضغطًا وتحديًا، إلا أن صعود البدائل إلى الموقع القيادي الأول، لا يكون بالسهولة التي تعبر عنها بعض التصورات المفرطة في بساطتها، خاصة في هذا الوقت حيث الغموض الاستراتيجي المطبق على المنطقة، والتحولات المنفلتة المستعصية على التوقع.
لا يقل عن ذلك أهمية الحرص على التوازن داخل الجسم القيادي في الحركة المعني باتخاذ القرار، ذلك لأن الضفة الغربية فقدت قدرتها على التأثير والموازنة، للظروف الخاصة التي تمر بها، كما إن قيادتها موجودة خارجها وليست في الميدان عكس قيادات غزة والخارج، بينما تراجعت قدرات قيادة الخارج بعد الخروج المكلف من سوريا، وغياب البدائل الحقيقية التي من شأنها أن تعوض عن الساحة السورية، وبقيت غزة تتمتع بالثقل التنظيمي والعسكري والحكومي والموارد الكبيرة لتغطية هذا الثقل، إضافة إلى استفادتها أكثر من غيرها من الانتخابات الأخيرة في تعزيز مواقعها، وهو الأمر الذي يعني، إن كانت تُرجى المصلحة العامة، اجتراح عامل توازن.
ففي ظل الانفصال الجغرافي داخل الوطن ومع الخارج، واختلاف الظروف على نحو حاد بين الأقاليم المشكلة لجسم الحركة، لا يمكن لأي طرف مستغرق في ظروفه ومحدود بأفقه الخاص أن يفكر لباقي الوطن، ولكل جسم الحركة، بمعزل عما يحكمه من ظروف خاصة وأفق محدود، ومن ناحية أخرى، لا يجوز لحركة مقاومة أن تضع كل مقدراتها في مكان واحد، في مغامرة كبيرة بمصيرها، ولذلك كان خالد مشعل هو الأقدر على ممارسة دور التوازن هذا.
ذلك، لا يقلل من قدرات ومؤهلات خالد مشعل؛ فما يتمتع به من قدرات قيادية، ووعي سياسي، وورع ديني –كذا نحسبه-، وانفتاح كبير على المناصحة والنقد والاستفادة من الآراء، وتجربة تاريخية طويلة كان له فيها الإسهام الكبير في الحفاظ على ثوابت الحركة، يعزز ما سبق من حاجة الحركة إليه في هذا الوقت بالذات.
وأخيرًا؛ تبدو التحديات أمام الحركة الآن كبيرة، خاصة أمام هذه القيادة الجديدة، التي تعلم يقينًا الظروف التي مرت بها حماس في الفترة الأخيرة، في مستوى بنيتها الداخلية، أو في وضعها إزاء المنطقة العربية المتغيرة، ومع استمرار حالة الجمود السياسي في كل الملفات، بما في ذلك، ملفات المصالحة، والمقاومة، والمفاوضات، والعلاقات مع مصر، وتراجع العلاقة مع إيران، وتطور العلاقات مع كل من تركيا وقطر، بالرغم من أن خطهما السياسي لا يتماهى كثيرا مع خط حماس المقاوم، وغياب البديل الحقيقي عن سوريا، مع استعصاء الحل العسكري أو السياسي داخل سوريا.
فهذه القيادة الجديدة اليوم إزاء تحديات ضخمة، لا تملك حماس بالتأكيد مفاتيحها، ولا عوامل التأثير الأقوى فيها، لكنها مجبرة على التعامل معها، ومحاولة فتح النوافذ في جدرانها الموصدة، مع بناء إستراتيجية سياسية جديدة يواكبها خطاب ينسجم معها، بتناغم في الخطاب والأداء بين كل مواقع الحركة الجغرافية والمستويات والرموز القيادية.
ومما يبدو، فإن مشعل، على وجه الخصوص، متنبه إلى حاجة حركته لإستراتيجية واضحة، وخطاب متماسك، كما حاول أن يفعل –موفقًا إلى حد كبير- في بعض خطاباته وأوراقه السياسية الأخيرة، إلا أن هذه الرؤى تحتاج تطويرًا وصياغة واسعة، لا في الأطر القيادية وحسب، وإنما بإشراك قواعد وناشطي الحركة قدر الإمكان.
هذه القيادة ملزمة بمراجعة كل الخلافات والإشكالات الداخلية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، ولم تكن غائبة عن مسيرة انتخاباتها التي أنجزتها مؤخرًا بعد فترة طويلة وعقبات كثيرة، وهذا الملف، هو الأهم رغم كل التحديات الخارجية الضخمة، فالجهوية و"الشخصنة" و"الاستزلام" وتعدد مراكز القوى أخطر ما يواجه أي حركة ثورية، ويأتي في سياقه العلاقة مع قواعد الحركة والتواصل معها وربطها بقرارات قيادتها.
فالشخصيات القاعدية تشكل الفاعل الحقيقي ميدانيًا، وتحمل في النتيجة تبعات قرارات قيادتها، فهي رأس المال الحقيقي، والحركات الثورية التي لا تراعي هذه الحقيقة تنحرف بالضرورة عن نقائها الثوري ومهمتها النضالية، ويتبع ذلك إعادة النظر في اللوائح الداخلية، وتفعيل العمل المؤسسي بصورة جادة ومتسقة ومنسجمة.
ومع أن الحديث تركز على التحديات التي تواجه حماس داخليًا وخارجيًا، فإن حجم وطبيعة هذه التحديات يعكسان المكانة التي وصلت إليها الحركة، وأهميتها وطنيًا وإقليميًا، والآمال المعلقة عليها، والمهمات المنوطة بها، وهذا بالضرورة يضاعف العبء على هذه القيادة المثقلة أصلاً، والرجاء كله أنها على قدر المسؤولية، وفي مستوى التحدي.
حماس والحداثة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، حسام الدجني
بتجديد شرعية خالد مشعل السياسية داخل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عبر انتخابه رئيساً للمكتب السياسي لولاية ثانية، لابد من طرح أهم الأولويات على أجندته.
أولاً: القضايا التنظيمية الخاصة بحركة حماس
من المؤكد أن أولويات المكتب السياسي الجديد هو قيادة عملية تحديث للهياكل التنظيمية، وللتربية الحزبية، ومصالحة ومصارحة مع الذات من خلال قيادة عملية مراجعة فكرية ونقد ذاتي للربع قرن الذي مضى، والعمل على مراجعة بعض مواد ميثاق الحركة وعصرنته بما ينسجم مع الواقع الراهن، وإيجاد دور أكبر للشباب على الرغم من مكانة الشباب عند حركة حماس منذ تأسيسها، إلا أن حضورهم في المرحلة المقبلة يجب أن يكون أكبر وأوسع.
وبما أن الدور السياسي لحركة حماس تجاوز حدود فلسطين التاريخية، فإنه بات من المهم بناء مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تنسجم مع مكانة الحركة الإقليمية والدولية، وأيضاً إعادة توزيع المهام التنظيمية بما يكفل للجميع المثقف بالمشاركة في عملية صناعة القرار، وصولاً إلى عمل مؤسساتي يقودنا نحو بناء مجتمع مدني مقاوم يقوم على خدمة الشعب الفلسطيني الصامد على تراب وطنه.
ومن أولويات مشعل التنظيمية بناء نظام انتخابي عصري ديمقراطي، يتيح التداول السلمي داخل مؤسسات الحركة، وتدافع الأجيال، ويعزز ثقافة المشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير.
إن إصلاح الحركة الوطنية الفلسطينية هو المرتكز الأول في عملية إصلاح نظامنا السياسي الفلسطيني، ومشروعنا الوطني التحرري.
ثانياً: القضايا الوطنية
القضايا الوطنية هي على رأس أولويات حركة حماس ومكتبها السياسي الجديد، وربما هناك حراك كبير داخل المجتمع الفلسطيني، ومواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بإنهاء الانقسام، والجلوس سوياً لإعادة تقييم مشروعنا الوطني التحرري، والبحث في مستقبل منظمة التحرير الفلسطينية بعد صدور القرار الأممي، وتحديد الخيارات والبدائل في مجابهة وغطرسة العدو الصهيوني، وهذه القضايا ستكون حاضرة على أجندة المكتب السياسي لحركة حماس، فبقاء الانقسام هو ترسيخ لانقسام أكبر يهدد منطقتنا العربية والإسلامية، ووحدة فلسطين أرضاً وشعباً ومؤسسات تدعم وحدة العراق وسوريا ومصر وباقي الأقطار العربية لما تمثله فلسطين في الوجدان العربي.
أيضاً ستعيد حركة حماس الاعتبار لفلسطيني 1948، فهم مكوّن هام من مكوّنات الشعب الفلسطيني، ويمتلكون قوة تأثير هائلة على الكيان الصهيوني، كذلك دور الشتات، فغياب منظمة التحرير الفلسطينية لصالح السلطة الفلسطينية نقل الثقل السياسي من الخارج إلى الداخل، بل عزل الخارج تماماً من المعادلة السياسية، وربما يشكل اللوبي اليهودي في الخارج أحد أهم بقاء ونجاح المشروع الصهيوني في المنطقة.
ثالثاً: القضايا الإقليمية
حماس مكون رئيسي من مكونات النظام السياسي الفلسطيني، ودولة فلسطين جزء من الأمة العربية، ولذلك ستعمل حماس في المرحلة المقبلة على تقييم علاقاتها الإقليمية، والوقوف على مسافة واحدة من جميع النظم السياسية في المنطقة بما يخدم القضية الفلسطينية، وتستطيع حماس لما تمتلكه من قوة تأثير على الرأي العام العربي والإسلامي، عمل الكثير نحو الضغط على النظام الإقليمي العربي لصالح دعم القضية الفلسطينية.
رابعاً: القضايا الدولية
رفع حماس من قائمة الإرهاب الدولي هو هدف رئيس لكل مكونات الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي وأحرار العالم، لأن ذلك سيرفع القيود المفروضة على المصالحة من قبل المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة، ويساهم في استثمار دور حماس ومناصريها للعمل خارج الفضاء العربي والإسلامي، وبذلك سيكون هذا الملف على رأس أولويات المكتب السياسي، بالإضافة إلى حشد الرأي العام الغربي وأحرار العالم لدعم فلسطين وقضيتها، والتأكيد على الحق التاريخي للشعب الفلسطيني بأرضه فلسطين.
الخلاصة: إن ما تشهده المنطقة من ربيع عربي، وتحول ديمقراطي، ودور الإعلام الافتراضي الجديد في تشكيل وحشد الرأي العام نحو قضايا الأمة، كل ذلك يساهم في انطلاق ثورة تصحيحية تبدأ من حركة حماس لتصل للكل الوطني الفلسطيني، لنبدأ في بناء إستراتيجية وطنية تقودنا نحو التحرير والعودة.
براءة الثوار من فتاوى أهل النار
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.عصام شاور
مما لا يخفى علينا وعلى الغرب وعلى العدو الإسرائيلي هو أن تحرير سوريا من نظام طاغية الأسد سيكون مقدمة لتحرير فلسطين وخاصة بعد استقرار مصر وخلاصها من الفوضى التي تحركها أصابع الصهيونية، ,ولذلك فإن نجاح الثورة السورية يعني تحولا جذريا في المنطقة وبداية للعد التنازلي لزوال دولة الاحتلال إسرائيل، ولذلك فإن المؤامرة الدولية_ الظاهرة والخفية _على سوريا وثورتها وشعبها لم يسبق لها مثيل.
لقد عايشنا ثورة سوريا منذ انطلاقتها السلمية الهادئة،ثم نقلنا نظامها المجرم إلى مشاهد القهر والذبح والتعذيب وسفك دماء النساء والأطفال وتدمير البيوت والتنكيل بالشهداء والأحياء، ورصدنا تراكم الغضب في قلوب رجال سوريا وشبابها يوما بيوم، إلى أن تفجرت براكين الغضب على جرائم بشار وشبيحته لينتقم ثوار سوريا لآبائهم وأمهاتهم وأطفالهم وقبل ذلك لعقيدتهم وكرامتهم وحريتهم.
ثوار سوريا _غالبيتهم _مسلمون مجاهدون، نرى ذلك في جهادهم وتسامحهم وفي بياناتهم وراياتهم، وضعوا نصب أعينهم النصر أو الشهادة، يسابقون الزمن في تحرير الأرض شبرا شبرا، لا وقت عندهم للذات والملذات، وكل المحاولات الآثمة لتشويه صورتهم لن تغير واقعهم المشرف ولن تحمي رقبة بشار من الانزلاق عن كتفيه.
المجاهد السوري لا يؤمن بزواج المتعة ولا بجهاد النكاح وليس عنده متسع بالاستمتاع بما احل الله حتى يستمتع بما حرم الله وأفتى به أهل النار. زواج المتعة وجهاد النكاح ليست فتاوى إسلامية ولا يعمل بها في سوريا وإنما هي افتراءات و إشاعات مغرضة،مكانها في " ميادين" بن جدو وليس في ميادين المجاهدين، و خارج حدود سوريا وعقول أهل الإسلام ولكنها الشغل الشاغل للعلمانيين والقوميين والناصريين والعرب المتصهينة ويريدون إلصاقها بأهل الجهاد والتقوى في سوريا ليس لشيء إلا لحماية نظام بشار المجرم وحماية امن إسرائيل.
نختم بالتأكيد على أن ثوار سوريا ماضون في ثورتهم حتى تحرير سوريا وإقامة حكم شرعي وعادل، الثورة في سوريا ستنتصر بإذن الله وخلافة إسلامية على منهاج النبوة قائمة لا محالة،وزوال دولة الاحتلال إسرائيل عن وجه الأرض حقيقة قرآنية، ولذلك لا بد لمن يحاربون الله ورسوله ويحاربون الدعاة والمجاهدين أن يتوقفوا عن غيهم وظلمهم وكفرهم وأن يتوبوا ويحاسبوا أنفسهم قبل أن تحاسبهم الشعوب أو يحاسبهم الله عز وجل.
أصدقاء "إسرائيل" في القاهرة
أحمد نوفل
هذا عنوان كتاب صدر في القاهرة مؤخراً للكاتب محمود عبدة، وقدمت عنه مجلة الأهرام العربي القاهرية الصادرة عن مؤسسة الأهرام العدد (833) بتاريخ 9/3/13.
وقد ذكر الكتاب عشرات الشخصيات في المجالات المختلفة: في السياسة، والاقتصاد، والإعلام والفن. ولعل أبرز رجال السياسة الذين ذكرهم الكتاب ونقلهم التقرير: الجنزوري (رئيس وزراء لأكثر من مرة آخرها قبل هشام قنديل مباشرة) ومصطفى خليل (رئيس وزراء أيام السادات، ولست أجزم إن كان خدم عند مبارك رئيس وزراء).
وأسامة الباز (شخص عابر للحكومات كما يقولون، فهو مستشار زمن السادات وزمن مبارك).
وأيمن نور (مرشح رئاسة أيام مبارك، وتم حبسه لمنافسته مبارك، لا لأنه مرتبط بأمريكا وإسرائيل).
ومن السياسيين كذلك بطرس غالي ويوسف بطرس غالي ويوسف والي (هذا يعتقد أنه يهودي الديانة ولعله من أكثر من خرب زراعة مصر وأرضها ومحاصيلها ودواجنها ونشر الأدوية المسرطنة فيها).
وقد قال عنه أحد سفراء “إسرائيل” في مصر وهو من أصدقائه قال: إنه شخصية مهمة جداً. وقد قرأت في الأهرام العربي تحقيقاً عن وزارة الزراعة في عهده نشرته بعد الثورة بسنة، وإن لجنة مراقبة الأدوية الزراعية في وزارة الزراعة منعت أدوية ومبيدات من دخول مصر لأنها تحتوي مواد مسرطنة، فحل يوسف والي اللجنة وشكل لجنة أخرى اتخذت أول قرار لها بإدخال الأدوية الإسرائيلية، وكان أول عمل قامت به الثورة أن حلت لجنة والي، وأعادت اللجنة السابقة.
و”والي” الآن في السجن بتهم الاختلاس وإفساد وزارة الزراعة وإدخال المواد المسرطنة وغير ذلك. وكتبت عما نشرت الأهرام العربي في عدد آخر عن الدكتورة زينب خبيرة تطوير زراعة القمح وتوصلها إلى نوعية قمح يتضاعف بها الإنتاج، وتحتاج إلى نصف كميات المياه للري، تقول الدكتورة إن الوزارة بدل أن تستجيب لبحوثي ودراساتي، حاصرتني، وفصلتني، وهددت بالقتل.
أيها الأعزاء، إن مهمة مبارك كانت تخريب مصر وتدمير كل مقدرات مصر في مقابل توريث ابنه، ومقابل سرقة ما سرق من مليارات أن تحفظ له وللعائلة؛ بمعنى أن أمريكا وإسرائيل” لا تدفعان شيئاً في مقابل تخريب أعظم بلد عربي، وإنما يدفع الشعب المصري من دمه وقوته وقوت أولاده وثروة بلده ومستقبل وطنه وأمنه الغذائي والدوائي والثقافي والاجتماعي، للفئة المخربة العملية المدمرة. فأية صفقة شيطانية هذه!؟
ومن الشخصيات السياسية الصديقة "لإسرائيل” عمرو موسى (أو عمرو ليفني) كما أسميه في مقالاتي، وهو الذي أرسل خطاباً في 12/11/93 أي قبل عشرين سنة إلى وزير البترول يوصي فيه بالبدء في دراسة تصدير الغاز "لإسرائيل”، وأنه كلم رئيس الجمهورية في ذلك.
ويتساءل الكاتب “محمد هلال” كاتب مقال “فضائح عشاق الصهاينة في مصر”: ما الذي يجعل هؤلاء يقعون في غرام عدوهم وقاتل إخوتهم ومغتصب أرضهم ويضيع مستقبلهم؟ ويقول في الجواب: ما يدعو للدهشة أن ذلك السلوك المشين هو مهر للترقي واللحاق بالوظائف العليا والمكانة المرموقة عند أهل الحكم، وجواز المرور إلى الثراء والعالمية، هذا ما كشفه كتاب “أصدقاء إسرائيل في مصر”.
ويقول كاتب المقال: يتباين عشاق “إسرائيل” في مسيرة حياتهم ودوافعهم فمنهم من أجبرته الظروف والروتين والتخلف الذي نشكو منه في بلادنا مثل د.أحمد زويل الذي هجر البلاد والعباد، بعد أن رفضت الجامعة المصرية (في الصعيد بالمناسبة) الاعتراف بشهادة الدكتوراه التي حصل عليها من أمريكا لسبب روتيني تافه، فظل شهوراً يعمل مع أخيه في محل بقالة حتى وجد سبيلاً للعودة إلى أمريكا والاستقرار فيها ومنحوه كل شيء: العمل الأكاديمي، والدعم المالي، والجنسية، ولم يعرفه المصريون إلا بعد فوزه بجائزة نوبل، لكن كمواطن أمريكي، أقسم على الولاء للعلم أمريكي، لذا لم يجد حرجاً في زيارة “إسرائيل” والعمل في مختبراتها وتسلم فيها سنة 93 جائزة “وولف برايز”، وشهد الكنيست الإسرائيلي خطبته التي شكر فيها الأعضاء على حسن الاستقبال والحفاوة. وكانت الزيارة الثانية بغرض مساعدة الجيش الصهيوني في تطوير منظومة صواريخ تعمل بالليزر أرض-أرض، وأرض-جو ليتم من خلالها إسقاط صواريخ حزب الله في حربها على لبنان، وبالفعل مكث زويل في معهد وايزمان بحيفا عدة أشهر للقيام بالمهمة باعتباره عالماً أمريكياً، استعارته “إسرائيل” من أمريكا، وعندما سئل عن ذلك أكثر من مرة قال: “ليس للعمل وطن أو جنسية”.
أقول: هذا الكلام مردود بالمطلق، فالعمل لعدوي والعمل مع عدوي ولتفوق عدوي علي وعلى شعبي وبلدي هذا خيانة مهما تكن الظروف. وإلا فأين المبادئ والقيم والشهامة الوطنية والعزة والأنفة، وكره العدو وما الفرق بين الوطني والخائن؟
ولو كان ثمة تربية وطنية وتحصين ضد الخيانة ما سلك زويل وغيره الطريق الذي سلكوه! وما الذي يجعل جزءاً من نخبة مثقفي مصر يشتغلون عرّابين للسفارة الإسرائيلية، ولا أريد أن أستخدم عبارة الكتاب، سواء الكتاب أو المقال، لأنها غير لائقة، ولعلها فهمت؟!
إن منهج الرؤساء هو الذي سهل الطريق لهؤلاء، أضف إليه المناخ العام والجو الثقافي السائد، وأنه سلم الترقية. وفي بلد عربي قدم أستاذ جامعي إجازة لجامعته ليعمل أستاذاً متفرغاً زائراً في إحدى جامعات دولة البغي، فكتب في الطلب: “للعمل في جامعات إسرائيل” فطبعتها السكرتيرة: للعمل في جامعات فلسطين المحتلة، فأرعد وأرغى وأزبد وعربد وتوعد وهدد أن عبارته “إسرائيل” قد غيرت.. وكأنها آية في القرآن!
الأمر يحتاج إلى دراسة وليس هيناً، فما الذي يجعل مثل أنيس منصور وهو من أكبر المثقفين العرب يسلك مسلكه الذي سلك وسنذكر في حلقة قادمة كلامه الصادم المهاجم الممجد “إسرائيل”؟ وما الذي يجعل من بوزن نجيب محفوظ أو توفيق الحكيم يتعامل مع “إسرائيل” ويمجدها وهي عدوة أمتهم ودولهم وبلادهم وأوطانهم؟
أهي الشهرة؟ لقد حصلوا منها أكثر مما يحلمون. أهو المال؟ لقد جمعوا منه ما يزيد على كفايتهم. ماذا إذاً؟ أهو الشعور بالنقص الذي عبر عنه القرآن ببيانه المعجز: “أيبتغون عندهم العزة..”؟ ويجيبهم: “فإن العزة لله جميعاً”.
عود إلى الكتاب والمقال وشيء من المقتطفات، فقد ذكرنا بعض السياسيين ونذكر جانباً آخر لم نذكره منهم.
الدكتور كمال الجنزوري وهو رقم 6 في كتاب أصدقاء “إسرائيل”، مع أن الرجل يتمتع بشعبية، لكن الباحث يورد نصوصاً تؤكد حرصه على التعاون مع “إسرائيل”، والأهمية الشديدة لذلك بالنسبة لمصر، (هي في الحقيقة أهمية لمصالحه هو، وليس لمصر المظلومة مصلحة في كل ما صنعت عقود عهد مبارك المظلمة!)
والذي أورد موقف الجنزوري إنما هو ديفيد سلطان سفير الكيان في مذكراته. ويحتل المهندس ماهر أباظة، وزير البترول الأسبق الرقم 7 في القائمة، ثم يتبعه رشيد محمد رشيد، وإذا كان ماهر أباظة موظفاً ينفذ سياسة عليا بإخلاص شديد، وأنه عبد مأمور، فإن “رشيد” الهارب المطلوب للعدالة قضية مختلفة يمكن تلخيصها في كلمات مفادها: إذا كان هناك من يكره الشعب المصري ويحب “إسرائيل” ففي مقدمهم رشيد ومدحه بوش (الابن أو الصغير أو جونيور) وأبدى إعجابه في تصريحات نشرتها “وول ستريت جورنال” الأمريكية في سبتمبر 2006 ووصفه بأنه واحد من مجموعة الإصلاحيين الشباب في الحكومة المصرية الذين يطمئن إليهم.
ونختم هذا المقال بهذا “المقال” الذي يمجد رجال الإصلاح أو شبابه لكن على لسان من؟ ولنا عود.
لعبة الكراهية
فلسطين الآن ،،، يوسف رزقة
تتنافس وسائل الإعلام المصرية المعارضة لرئيس الجمهورية في اتهام الإخوان المسلمين، والرئيس مرسي بالتبعية للقرار الأمريكي وأنهم يستمدون وجودهم من تفاهمات مسبقة لهم مع الإدارة الأمريكية يتم بموجبها الحفاظ على أمن (إسرائيل)، وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة.
والخلاصة التي يخرج بها المستمع للأخبار والحوارات الموجهة أن الإخوان (عملاء لأمريكا).
المواطن العربي يكره أمريكا كما يكره (إسرائيل)، وبالتالي فإن المواطن العربي يكره كل رئيس حزب أو جماعة تتعاون مع أمريكا، ومن ثمة فإنه من السهل لنشر الكراهية ضد الإخوان القول إنهم عملاء لأمريكا، وهذه لعبة قديمة جديدة، ففي عهد عبد الناصر الذي أطاح بالإخوان في 1965، قال لأنهم عملاء أمريكا! واليوم تحاول الثورة المضادة، والإعلام الخاص المضاد أن يطيحا برئاسة محمد مرسي وشعبية الإخوان من خلال وصفهم بأنهم عملاء أمريكا.
الفارق بين 1965 و2013م، هو في تطور الوعي المصري، حيث لم يعد المصري يتقبل الاتهام لأحد بغير بينة ودليل, لقد اكتشف المصري من خلال سنوات المحنة كذب إعلام عبد الناصر، لذا فهو لا يتقبل كذب إعلام الثورة المضادة، وإعلام رجال مبارك ( لأن من تقرصه الحية يخاف من جرة الحبل) كما يقولون!
بالأمس القريب كذّب جون كيري وزير خارجية أمريكا إعلام الثورة المضادة دون أن يقصد ذلك، من خلال قوله:" إن لدى الرئيس أوباما والإدارة الأمريكية قلقاً فعلياً حيال المسار الذي تسلكه مصر، نأمل أن يكون الوقت مازال متاحاً لتغيير المسار.ولكن الاعتقالات الأخيرة، وأعمال العنف في الشوارع، وواقع المعارضة ليست مشمولة بالعملية السياسية، كل هذا يشكل مبعث قلق."
حزب الحرية والعدالة انتقد كيري، ووصف أقواله بأنها تدخل صريح في الشأن الداخلي المصري، وهذا يعني أن الإخوان يقفون على نقيض السياسة الأمريكية، وليسوا أصدقاء كما يزعم إعلام الثورة المضادة.
تصريحات كيري تدافع عن المعارضة المصرية وعن الثورة المضادة، ولا تدافع عن محمد مرسي، بل هي من تعرب عن قلقها من حكمه وحكم الإخوان، وتطالب بإشراك المعارضة في العملية السياسية، ووقف اعتقال من اعتقلوا في أحداث المقطم.
أمريكا تنشر مظلة حماية على المعارضة وعلى الثورة المضادة، وتضغط على الإخوان وعلى محمد مرسي، وهذا في حد ذاته كافٍ لإسقاط اتهامات الإعلام المضاد للإخوان بأنهم عملاء لأمريكا.
أمريكا يمكن أن تكون صديقة لليمين الليبرالي، ويمكن أن تكون صديقة لليسار الاشتراكي، ولكنها لن تكون يوماً صديقة للإخوان المسلمين أو لأي من الحركات الإسلامية التي تتبنى الإسلام منهجاً وحياة.
ولكن من يريد شيطنة الإخوان، يكفيه أن يتهمهم بالعمالة لأمريكا، لأن أمريكا في العالم هي الشيطان الأكبر، وأمريكا تقبل هذه الاتهامات لأنها معنية بشيطنة الحركات الإسلامية.
عباس بين مسارين كلاهما مسدود
فلسطين أون لاين ،،، نقولا ناصر
تبدو دبلوماسية مفاوض منظمة التحرير الفلسطينية تتخبط سياسياً هذا الأسبوع بين مسارين عربي وأميركي كلاهما مجرب ومسدود، يلتقيان على هدف تحريك المفاوضات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنهما لا يتقاطعان ولا حتى يسيران في خطين متوازيين، بل يبدو المسار الأميركي منهما وكأنما يستهدف استباق وإجهاض المسار الذي أقرته قمة الدوحة العربية الأخيرة قبل أن ينطلق، بينما يبدو مفاوض المنظمة كأنما هو منحاز إلى المسار الأميركي، بالرغم من أن التجربة التاريخية الحديثة قد أثبتت عقم المسارين كليهما.
إذ من المقرر وصول وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى دولة الاحتلال مساء اليوم السبت ليلتقي الرئيس محمود عباس غدا الأحد في العاصمة الأردنية عمان التي سوف يغادرها عباس بعد ذلك إلى الدوحة لحضور اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة مبادرة السلام العربية التي ستبحث تنفيذ قرار القمة العربية الأخيرة بإرسال وفد عربي برئاسة قطر إلى العواصم الأميركية والأوروبية وغيرها بالإضافة إلى الأمم المتحدة ل"إقناعهم" بالتحرك ل"إقناع" دولة الاحتلال باستئناف المفاوضات الثنائية مع مفاوض منظمة التحرير.
ولا يفوت المراقب هنا ملاحظة أن زيارة كيري الجديدة هي الثالثة له خلال أسبوعين، ما حدا بتقرير للأسوشيتدبرس يوم الأربعاء الماضي إلى تشبيهها ب"دبلوماسية المكوك" التي انتهجها سلفه الأسبق هنري كيسنجر التي قادت قبل ما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن إلى معاهدة الصلح مع دولة الاحتلال فأخرجت مصر من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي بمعاهدة ما زالت تنتقص من سيادتها على أرضها حتى الآن، ولا يفوته كذلك المقارنة بين الاستباق الأميركي لقمة الدوحة وبين الاستباق الأميركي لاجتماع لجنة المتابعة العربية هذا الأسبوع بزيارات مماثلة، وسط مؤشرات إلى أن مفاوض منظمة التحرير قرر اختيار المسار الأميركي على المسار العربي.
فاختلاف عباس المعلن مع قرار قمة الدوحة بعقد قمة عربية مصغرة للمصالحة الفلسطينية بقيادة مصر لا يمكن فصله عن انفتاح مسار أميركي يغنيه عن جهود أي وفد عربي لإقناع الولايات المتحدة باستخدام مساعيها الحميدة لدى دولة الاحتلال لتحريك المفاوضات. وفي هذا السياق لا يفوت المراقب كذلك ملاحظة أنه بينما كان "الإنجاز الحقيقي الوحيد" لزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة للمنطقة هو تطبيع العلاقات التركية مع دولة الاحتلال وبدء عملية "مصالحة" بينهما، كما كتب سفير سريلانكا السابق في واشنطن ايرنست كوريا في مقال له مؤخرا، فإن المسار الأميركي الذي فتحه أوباما ويتابعه كيري لمفاوض المنظمة قد تحول عمليا إلى السبب الرئيسي في المماطلة في تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية وفي عدم التجاوب مع قرار قمة الدوحة بعقد قمة عربية مصغرة لهذا الغرض.
ولأن المقال الذي نشره سفير فلسطين في العاصمة الأميركية، معن رشيد عريقات، في الثاني من الشهر الجاري لا يمكنه إلا أن يكون تعبيرا عن الموقف الرسمي للمنظمة، فإن التقييم الايجابي الذي منحه لنتائج زيارة أوباما الأخيره رسالة واضحة بانفتاح مفاوض المنظمة على المسار الأميركي، ف"عملية تطبيع العلاقات قد بدأت" بين إدارة أوباما وبين قيادة المنظمة "نتيجة للزيارة"، و"الانتظار لم يعد خيارا" لاستئناف المفاوضات والتوصل إلى سلام في ضوء الاضطرابات التي تجتاح "الشرق الأوسط"، و"هذا هو ما ينوي عمله وزير الخارجية جون كيري خلال الأسابيع القليلة المقبلة"، وبناء عليه، وبعد أن ذكر عريقات بإنشاء لجنة ثنائية أميركية – فلسطينية في تسعينيات القرن العشرين الماضي كانت تجتمع مرتين سنويا قبل أن تتوقف اجتماعاتها عام ألفين، قال إن "رفع العلاقات مع الشعب الفلسطيني يمكنه أن يعزز إلى حد كبير ليس فقط آفاق السلام بل ايضا الثقة" المتبادلة، في دعوة واضحة إلى استئناف اجتماعات تلك اللجنة، وفي مؤشر آخر إلى عودة مفاوض المنظمة للرهان العقيم على الولايات المتحدة.
إن الرسالة التي بعثت بها حوالي مائة شخصية من القيادات اليهودية والصهيونية الأميركية إلى رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء الماضي تحثه فيها على اتخاذ "خطوات ملموسة لبناء الثقة .. تستجيب لدعوة" أوباما لاستئناف المحادثات مع الجانب الفلسطيني هي مؤشر ثالث يصب في ذات الاتجاه.
لكن الخبر الذي نشرته صحيفة هآرتس العبرية أمس الأول الخميس ونسبته إلى مسؤولين رفيعي المستوى أحدهما فلسطيني والآخر إسرائيلي بأن عباس "سوف يعلق كل الإجراءات من جانب واحد في وكالات الأمم المتحدة" كي يعطي كيري "وقتا لإعادة بدء جولة جديدة من المحادثات الإسرائيلية – الفلسطينية" هو خبر إن صدق سوف يكون مؤشرا قاطعا لا لبس فيه إلى عودته للرهان على الحرث في البحر الأميركي، عودة سوف توفر على قمة الدوحة مهمة إرسال وفد إلى العاصمة الأميركية لم يعد لإرساله لزوم، وبانتظار التأكيد المتوقع لهذا التوجه بعد اجتماع عباس وكيري في العاصمة الأردنية غدا الأحد فإن مهمة عباس في اجتماع لجنة المتابعة العربية سوف تكون إقناعها بتفويض مهمتها إلى كيري على الأرجح، ومن المؤكد أن قمة الدوحة التي اتخذت قرار إرسال هذا الوفد "رفعا للعتب" الفلسطيني لن تكون بحاجة إلى أي إقناع للتخلي عن مهمة فشلت في أمثالها مرارا ولم تكن تتوقع أي نجاح لها في محاولتها الجديدة.
في مقال له قبل أيام، حذر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، من أن "إدارة العلاقة" العربية "مع الغرب والدول الكبرى .. يجب أن لا يكون على حساب القضية الفلسطينية ودور العرب فيها"، ما يعني صراحة وضمنا أنها تجري الآن على حساب فلسطين وقضيتها، وحث على "ضرورة رفع سقف الموقف العربي" في الصراع مع دولة الاحتلال و"مراجعة الاستراتيجية العربية القائمة" و"طي صفحة المشاريع والمبادرات التي أكل الدهر عليها وشرب" و"البدء والبحث في تغيير الاستراتيجية العربية تجاه الصراع" مع دولة الاحتلال والمقاومة وحركاتها، فتحريم "عدم تزويد المقاومة بالسلاح يلزم أن يصبح اليوم ممكنا"، و"هذا يقتضي كبداية تغيير اللغة السياسية" فلا يصح "أن تبقى المبادرات هي المبادرات ذاتها والمشاريع هي المشاريع ذاتها والمواقف هي المواقف ذاتها".
لكن ما يجري الآن يؤكد بأن الحال العربي والفلسطيني باق على حاله من دون أي تغيير.
فالمسار العربي لا يزال مرتهنا للمسار الأميركي وكلاهما يحدد مسار منظمة التحرير ومفاوضيها، وبالرغم من التفاوت الظاهري بين المسارات الثلاث فإنها في الواقع مسار واحد يحاصر رؤية حماس ورئيس مكتبها السياسي لمسار عربي وفلسطيني جديد يخرج الوضع العربي والقضية الفلسطينية من الدائرة الأميركية المغلقة التي يدوران فيها منذ سنين، وهو ما يقتضي بدوره بحث حماس والمقاومة عن مقاربة جديدة للتعامل مع المسارات الثلاث التي تحاصرهما، مقاربة تقتضي بدورها مراجعة توفق بين رؤية حماس الطموحة، كما عبر مشعل عنها، وبين وضعها موضع التطبيق في علاقاتها العربية.
