-
1 مرفق
اقلام واراء عربي 363
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif[/IMG]
- في هذا الملــــف:
- رأي الدستور الهاشميون محط ثقة الأمة
- الدستور الاردينة
- رأينا - القدس عصية على التهويد والاحتلال
- الرأي الأردنية
- عن الاتفاق الأردني - الفلسطيني
- الدستور الأردينة - عريب الرنتاوي
- ما معنى تلك «الاتفاقية التاريخية»؟
- العرب اليوم - جواد البشيتي
- ماذا ‘يطبخ’ عباس في الاردن؟
- القدس العربي - عبد الباري عطوان
- القدس في عين الثعلب الصهيوني...
- الدستور الاردينة - محمد حسن التل
- ماذا بقي من القدس؟
- الدستور الأردنية - حلمي الأسمر
- ميسرة أبو حمدية إذ يرتقي شهيدا
- الدستور الاردينة - ياسر الزعاترة
- انتفاضة الأسرى
- دار الخليج - محمد عبيد
- حماس بعد تزكية مشعل
- الدستور الأردنية - معن البياري
- الغاز الفلسطيني و”إسرائيل”
- دار الخليج - أمجد عرار
رأي الدستور الهاشميون محط ثقة الأمة
الدستور الاردينة
ردود الأفعال على تكريس وصاية الهاشميين على القدس والأقصى تؤكد ثقة الأمة بهم، وبأنهم كانوا -وما يزالون- الجند الأوفياء لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لا يخلفون عهدا ولا ينكثون وعدا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وفي هذا السياق فإن تكريس هذه الوصاية جاء في هذا الظرف الدقيق التي تتعرض فيه القدس لأعتى وأشرس عدوان عبر تاريخها الممتد لستة آلاف عام ويزيد، إذ يهدف العدو الصهيوني من خلال الاستيطان والتهويد لطمس معالمها العربية - الإسلامية، وتحويلها إلى “جيتو” على غرار “جيتو” وارسو في القرن التاسع عشر، وهذا يعني -بصريح العبارة- إعطاء جلالة الملك عبدالله الثاني الحق باجتراح كافة الوسائل والأساليب للجم العدوان الصهيوني وإنقاذ مسرى ومعراج جده الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومولد السيد المسيح عليه السلام.
ومن ناحية أخرى تجيء هذه الاتفاقية التاريخية بين القيادة الأردنية والفلسطينية لتؤكد عمق العلاقة بين الشعبين، وعمق الانتماء للأمة وقضاياها، وتضافر وتكافل الجهود الفلسطينية والأردنية لصد العدوان الصهيوني الغاشم على القدس والأقصى، والذي وصل الى مرحلة خطيرة في ظل استمرار حملات التدنيس للأقصى، وفق نهج يهودي خبيث بشكل شبه يومي لإرهاب المصلين، ودفعهم للموافقة على تقسيم المسجد على غرار ما فعلوه في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
مبايعة الشعب الفلسطيني لملك العرب وشريفهم الحسين بن علي العام 1924 لحماية القدس والأقصى، وإعادة تكريس هذه البيعة لحفيده جلالة الملك عبدالله الثاني، تؤكدان أن الأمة لا تنسى أبناءها البررة فرسان بني هاشم الذين حملوا هموم الأمة وعملوا على تحريرها وتوحيدها، ولا يزالون يرفعون رايتها عالية ويتصدّون بشجاعة وجسارة لأعدائها لا يخافون في الحق لومة لائم.
لقد تبنى جلالة الملك عبدالله الثاني قضية فلسطين.. باعتبارها هماً أردنياً، وقضية العرب المركزية الأولى، وسخّر إمكانات الأردن المادية والدبلوماسية لدعم ومساندة الشعب الشقيق، وتأييد نضاله العادل لإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وعودة اللاجئين وفقاً للقرار الأممي 194.
وفي هذا الصدد، نتذكر خطابه في دورة الأمم المتحدة الأخيرة، إذ دعا المجتمع الدولي لإنصاف هذا الشعب المظلوم، كونه الوحيد في العالم الذي لا يزال يرسف في أغلال الاحتلال، ولم يحظ بالحماية الدولية، مؤكداً -بصريح العبارة- أن المنطقة لن تشهد أمناً ولا استقراراً ما لم تحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً يفضي الى اقامة الدولة الفلسطينية على كافة الأراضي المحتلة العام 1967 وفي حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف.
وفي ذات السياق حذّر العدو الصهيوني -أكثر من مرة- من خطورة الاستيطان في القدس، وخطورة الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، معتبراً ذلك خطاً أحمر، لا يمكن قبوله ومن شأنه ان يعيد الصراع الى المربع الأول.
مجمل القول: تكريس حماية الهاشميين على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وردود الفعل الإيجابية على هذه الاتفاقية التاريخية بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني، تؤكد ان جلالة الملك والهاشميين يحظون بثقة الأمة، كانوا وما يزالون، لأنهم الأمناء على قضايا الأمة، وحقوقها.. والقادرون على إنقاذ مقدساتها، لا يساومون ولا يفرطون.
رأينا - القدس عصية على التهويد والاحتلال
الرأي الأردنية
ما تزال ردود الفعل الايجابية والمرحبة بمضامين الاتفاقية التاريخية التي وقعها جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس والتي اعادت تأكيد الوصاية الهاشمية على الحرم القدسي الشريف، تتواصل بكل ما تحمله هذه الاتفاقية من معان ودلالات وبخاصة التوقيت الذي جاءت فيه والذي يؤشر الى وضع حد للغطرسة الاسرائيلية ووأد التجاوزات وايقاف عمليات الاستيطان والتهويد والمحاولات التي لا تتوقف لهدم المسجد الاقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم مكانه.
وإذ توقف المعلقون والكتاب وبيانات الاحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني عند ما انطوت عليه هذه الاتفاقية وخصوصاً تجديد اعطاء الاردن الحق القانوني والشرعي في الحفاظ على القدس ومقدساتها الاسلامية والمسيحية وتأكيد عروبتها، فإن الجميع ليس فقط في الاردن وفلسطين بل في العالمين العربي والاسلامي يدركون مدى التصاق الهاشميين بالقدس وما بذلوه من جهد وعرق ودماء من اجل الابقاء على هويتها وعدم المسّ بها او تعريضها للخطر او التغيير او تزويد تاريخها عبر ادعاءات واساطير وخزعبلات كانت نتاج أفكار متطرفة وتهيئوات مريضة على النحو الذي تمارسه سلطات الاحتلال وحمايتها لقوى اليمين الديني المتطرف..
الاتفاقية التاريخية التي حظيت باهتمام سياسي ودبلوماسي واعلامي لفتت انظار العالم اجمع الى الاهمية التي يوليها الاردن قيادة هاشمية فذة وشعباً اصيلاً وعزيزاً لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ويواصل القيام بالدور والعهد الذي اخذه الهاشميون على عاتقهم باعمار المسجد الاقصى وحماية هويتها ومعالمها وفي اعتبار هيئة اوقافها جزءاً اصيلاً من جدول الاعمال الوطني الاردني التي منحت القدس الاولوية والرعاية والاهتمام المباشر.
من هنا يمكن القول بثقة واطمئنان الى المستقبل ان الحقوق العربية والاسلامية في القدس لن تضيع ولن ينجح المحتلون في مخططهم الرامي الى تهويد المدينة المقدسة واختطاف هويتها والاتكاء على ما يصنعه المتطرفون والمستوطنون لابراز هوية لهم في زهرة المدائن التي هزمت الغزاة وأدمتهم ولفظتهم واجبرتهم على الخروج نادمين.
دعم الأردن للقدس ولحقوق الشعب الفلسطيني متواصل بغير تردد او منّة ولن تكون القدس إلاّ الجزء الاصيل والاساس في المشهد الفلسطيني الذي يبذل الاردن وعلى رأسه جلالة الملك عبدالله الثاني كل ما لديه من جهود وما تتمتع به دبلوماسيته من احترام وصدقية في العالم اجمع واستثمارها من اجل تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف في حدود العام 1967.
الاتفاقية التاريخية التي وقعها جلالة الملك والرئيس الفلسطيني حسمت كل محاولات التشكيك في متانة العلاقات الاردنية الفلسطينية واكدت في جملة ما اكدت عليه حجم وطبيعة المسؤولية التي ينهض بها جلالة الملك تجاه القدس وقضية الشعب الفلسطيني في شكل عام ودعمه بلا تردد او خشية من اجل احباط مخططات التهويد والاستيطان وتغيير هوية القدس التي كانت عربية اسلامية وهي ستبقى كذلك.
عن الاتفاق الأردني - الفلسطيني
الدستور الأردينة - عريب الرنتاوي
وضع المراقبون والمحللون الاتفاق الأردني – الفلسطيني حول المقدسات، في أكثر من سياق، يختلف بعضها عن بعض باختلاف الزوايا والتوقيتات والمرجعيات المختلفة لهؤلاء..منهم من رأى فيه، آخر طلقة في “الجعبة العربية” لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه المقدسات التي تتعرض لهجوم استيطاني – تهويدي – تبديدي منظم..منهم من ربط الأمر بتفاعلات جولة أوباما في المنطقة، ومحاولته استئناف مسار التفاوض وإحياء عملية السلام..ومنهم من وضع المسألة في سياق قمة الدوحة وصندوق القدس وما يقال عن سعي قطري للعب دور في “رعاية المدينة والوصاية على مقدساتها”..ومنهم من ذهب أبعد من ذلك، ليصف الخطوة بأنها حلقة في مسلسل “الفيدرالية” و”الكونفدرالية” وتوطئة لدور أردني أوسع مدى في ترتيبات الحل النهائي.
كل سيناريو من هذه السيناريوهات، يستند إلى الكثير من المعطيات، ويكتسب منها “وجاهة” و”معقولية” إلى حدٍ كبير..الاستيطان الزاحف، تسارعت وتيرته في المدينة في السنوات الأخيرة، وبصورة “هستيرية” في غالب الأحيان، وعمليات استهداف الأقصى والمقدسات، بلغت ذروة غير مسبوقة من خلال الاستباحة التامة لساحاته وميادينه من قبل قطعان المستوطنين وبحماية حكومية رسمية سافرة واستفزازية.
أما صراع المحاور والعواصم العربية، الباحثة عن أدوار، فلم يعد يُبق ساحة أو ميداناً من دون أن يطرقه، والدول الصغيرة باتت تطمح لإعادة رسم خرائط المنطقة بأسرها، وهي تنظر للحواضر العربية الكبرى، بوصفها “جزراً يونانية” بالإمكان شراؤها وتغليفها في “ورق الهدايا” وتقديمها للأبناء والزوجات في أعياد ميلادهم..فلماذا لا تكون القضية الفلسطينية والقدس والمقدسات، هدفاً لصراع الأدوار، ومادة لإرضاء النزوات والنزعات الخبيئة والخبيثة عند أصحابها.
أما عن مسارات التفاوض والسلام، فقد قطعت جهيزة الإسرائيلية قول كل خطيب..ونتنياهو أبلغ أوباما بان قضيتي القدس واللاجئين، ليستا مدرجتين على جدول أعمال المفاوضات، بل وجعل من استثنائهما شرطاً مسبقاً لاستئناف “المفاوضات غير المشروطة”..فيما أوباما يبلغ عباس بدوره، بأن المفاوضات غير المشروطة، مطلوبة وضرورية، سواء أوقفت إسرائيل الاستيطان أو جمدته، أم استمرت فيه وحثت عملياته.
لا نميل في هذه المرحلة للمبالغة والتطيّر في النظر لهذا الاتفاق..ونرى فيه خطوة دفاعية، لدرء التهديد وتفادي الحرج..الاستيطان والتهويد يمسا بالسلطة وهيبتها ومكانتها ومشروعها ومستقبل عاصمة دولتها (غير العضو)، وهي لهذا السبب تتشبث بأي ورقة لإنقاذ حطام مشروعها الوطني..وهما أيضاً (الاستيطان والتهويد) يحرجان الأردن، الذي اضطلع بدور الرعاية طوال سنوات وعقود، وحرص على أن تضمن معاهدة سلامه مع إسرائيل، ما يكرس هذا الدور ولا يعطله.
من دون اتهامية بـ”التخوين” و”التفريط”..ومن دون احتفائية تصل حد اعتبار الاتفاق نصراً مؤزراً للقدس والمقدسات وفلسطين والأمة، ننظر للاتفاق الأخير بوصفه “محاولة” لوضع بعض العصي في دولاب الاستيطان المتدحرج بتسارع، تقوم على ضم الجهد الأردني إلى جانب الجهد الفلسطيني، في مواجهة الغطرسة والشهية الاستيطانية الإسرائيلية المنفلتتين من كل عقال.
وهي محاولة قد يُكتب لها النجاح، وقد لا تحظى به..فإسرائيل فيما خص “العاصمة الأبدية الموحدة”، ليست معنية بأي حال من الأحوال بمجاملة هذا الطرف العربي أو “مسايرة” ذاك..ومن الخطأ النظر لإنقاذ المقدسات بمعزل عن التفكير الأبعد والأعمق، بكيفية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والعربية، وهو تفكير يتعين أن يكون من “خارج الصندوق”، ذلك أن لعبة المفاوضات العبثية قد استنفدت أدوارها، وهي لم تعد تخدم سوى عملية شراء الوقت الإسرائيلية بامتياز.
مشكلة الاتفاق الأخير، أن طرفيه، ليس لا يتوفران على “خطة ب”، خارج إطار الخطة الوحيدة التي يعرفان: استمرار التفاوض والتعويل والرهان الواهم على ما يمكن أن يخرج عن إسرائيل أو تأتي به الإدارة الأمريكية..وطالما أن حدود الفعل ورد الفعل، لدى كل منهما، معروفة تماماً للجانب الإسرائيلي، فليس من المتوقع أن يكون للاتفاق أثر جدي في درء الأخطار وتبديد التهديدات.
ما معنى تلك «الاتفاقية التاريخية»؟
العرب اليوم - جواد البشيتي
ما عُدتُ أعرف أيُّهما أصعب، السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أم السلام بين الفلسطينيين أنفسهم (أيْ بين "فتح" و"حماس")؟
لكنِّي بِتُّ متأكِّداً، ومن طريق ما تأتي به مهزلة "المصالحة الفلسطينية"، كل يوم، من أخبار جديدة، أنَّ كل المخاطِر الإسرائيلية المُحْدِقة بالشعب الفلسطيني، وقضيته (وحقوقه) القومية، ليست بكافية لجعل الدَّافِع إلى هذه المصالحة أقوى مِمَّا هو الآن.
ومع ذلك، ثمَّة ما يتغيَّر في بعضٍ من أهمِّ جوانب وأبعاد الصراع بين الفلسطينيين والعرب وبين إسرائيل؛ وإنَّني لأعْني بهذا التغير، على وجه الخصوص، "الاتفاقية التاريخية"، في شأن "الأماكن المقدَّسة في القدس"، والتي وقِّعَت في عمَّان، وعُرِّفَت، مع موقِّعيها، على النحو الآتي: "اتفاقية بين جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدَّسة في القدس، وفخامة الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية".
الاتفاقية عَرَّفَت "المسجد الأقصى"، المشمول برعاية "صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدَّسة في القدس"، على أنَّه مُقام على مساحة 144 دونماً، ويضم الجامع القبلي ومسجد قبة الصخرة، وجميع مساجده ومبانيه وجدرانه وساحاته وتوابعه فوق الأرض وتحتها والأوقاف الموقوفة عليه أو على زواره (ويُشار إليه بـ "الحرم القدسي الشريف")".
وإنَّ "حائط المبكى"؛ وهذا أمْرٌ لا ريب فيه، ليس إلاَّ جزءاً من تلك "الجدران"؛ وما يشمل "الكُل" يجب أنْ يشمل "الجزء"؛ إلاَّ إذا نُسِب إلى "الأسوار"، ومُيِّز، من ثمَّ، "الجدار" من "السور".
أمْرٌ ثانٍ يمكن ويجب أنْ يثير حفيظة إسرائيل هو عبارة "تحتها"؛ لأنَّها تعني أنَّ "الاتفاقية" ترفض، ضِمْناً، حلاًّ من قبيل أنْ تكون لإسرائيل التلمودية السيادة على "تحت" هذا "الحرم القدسي الشريف".
"الدور الهاشمي" في القدس إنَّما هو، على ما ورد في "الاتفاقية"، "دور الحماية والرعاية والإعمار للأماكن المقدَّسة (منذ سنة 1924)".
هذه "الحماية"، وبمفهومها، أو معناها، "التاريخي"، وُجِدَت قبل وجود إسرائيل؛ فوجودها (أيْ الحماية) يعود إلى سنة 1924، وإنْ كانت المخاطر على هذه الأماكِن، كامنةً في "وعد بلفور"، وفي "الممارسات اليهودية" لسلطة الاحتلال البريطاني في فلسطين.
الرئيس عباس، بتوقيعه هذه "الاتفاقية"، اعترف للملك بِمِلْكِيَتِه (الحصرية) لهذه الصفة، التي شرحت "الاتفاقية" كيفية اكتساب الملك لها إذْ قالت: "بناءً على دور الملك الشريف الحسين بن علي في حماية ورعاية الأماكن المقدَّسة في القدس وإعمارها منذ سنة 1924، واستمرار هذا الدور.. في ملك المملكة الأردنية الهاشمية من سلالة الشريف الحسين بن علي حتى اليوم، انطلاقاً من البيعة (أيْ بيعة أهل القدس وفلسطين له في 11 آذار سنة 1924) التي بموجبها انعقدت الوصاية على الأماكن المقدَّسة للشريف الحسين بن علي؛ وقد آلت الوصاية على الأماكن المقدَّسة في القدس إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين..".
السيادة على القدس الشرقية لِمَن؟
إنَّها ليست لإسرائيل، ولا للأردن؛ إنَّها، وُفْق هذه "الاتفاقية"، لـ "الدولة الفلسطينية"؛ فهذه الدولة هي التي يحقُّ لها فحسب بسط سيادتها على كل القدس الشرقية، وعلى "الأرض المقام عليها المسجد الأقصى (الحرم القدسي الشريف)"، بصفة كونها جزءاً من إقليم هذه الدولة. وهذه السيادة تشمل حتى "حائط المبكى"، و"تحت" الحرم القدسي.
لإسرائيل التي ما زالت تحتل القدس الشرقية، مع الحرم القدسي، تقول "الاتفاقية": الملك هو، وحده، صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدَّسة في القدس، و"دولة فلسطين" هي، وحدها، صاحبة السيادة على القدس (الشرقية) والحرم القدسي.
في "الاتفاقية" وَرَدَ الآتي: "تأكيد حرية جميع المسلمين في الانتقال إلى الأماكن المقدّسة الإسلامية.."؛ فهل هذا يعني تمكين مسلمين من مواطني دول عربية ودول أخرى من الذهاب إلى المسجد الأقصى حتى قبل رَفْع الاحتلال الإسرائيلي عنه؟
إنَّ إجابة هذا السؤال ما زالت "خلافية" حتى الآن؛ فثمَّة من يؤيِّد، وثمَّة من يعارِض؟
قبل هذه "الاتفاقية"، اعترفت إسرائيل للأردن (في معاهدة وادي عربة) بحقِّه في رعاية (أي في الاستمرار في رعاية) الأماكن المقدَّسة (الإسلامية والمسيحية) في القدس؛ وقُبَيْلها، اعترفت القمة العربية في الدوحة بالدور الهاشمي التاريخي في القدس.
لكن كل ذلك يَفْقِد أهميته، أو كثيراً منها، ما بقي الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية؛ وهذا إنَّما يشدِّد الحاجة إلى "اتفاقية" لحلٍّ نهائي ودائم لمشكلة القدس (الشرقية) مع حرمها القدسي.
ماذا ‘يطبخ’ عباس في الاردن؟
القدس العربي - عبد الباري عطوان
فاجأنا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالطيران الى العاصمة الاردنية عمان وتوقيع اتفاق ينص على ان العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني هو صاحب الوصاية على الاراضي المقدسة في القدس المحتلة، وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، خصوصا المسجد الاقصى.
عندما نقول فاجأنا فاننا نقصد ان هذا الاتفاق الذي جرى توقيعه في غرفة مغلقة وبحضور الزعيمين وبعض المقربين منهما، لم يتم الاعلان عنه، او شرحه، او اطلاع البرلمانين الاردني والفلسطيني على نصوصه.
الشيء الوحيد الذي نطق به الرئيس عباس حول هذا الاتفاق هو قوله انه تكريس لما هو قائم فعلا.. كلام جميل.. فاذا كان الحال كذلك فلماذا توقيع هذا ‘الاتفاق التاريخي’ الآن، وبعد زيارة سرية لبنيامين نتنياهو الى عمان، واخرى علنية للرئيس الامريكي باراك اوباما؟
من المؤكد ان هذا الاتفاق لم يكن وليد اللحظة، ومن المؤكد ايضا ان هناك لجانا قانونية وسياسية عكفت على اعداده في الاسابيع وربما الاشهر الماضية في سرية كاملة، ولذا فالسؤال هو لماذا اللجوء الى السرية، ولماذا لا تكون هناك شفافية ومصارحة لشعبي البلدين حول كل ما هو مطروح للتداول، خاصة في مسألة على هذه الدرجة من الخطورة.
الاعتراض ليس هنا على الوصاية الهاشمية على الاماكن المقدسة، ولا على حق العاهل الاردني ببذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، وانما على مبدأ اقدام الرئيس عباس المنتهية رئاسته قانونيا منذ اكثر من ثلاثة اعوام، بالتفرد في توقيع اتفاقات نيابة عن الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، ودون الرجوع الى اي مؤسسة شرعية فلسطينية، او التشاور مع شركائه في الوطن والنضال من اجل استرجاعه، ونحن نتحدث هنا عن فصائل الثورة الفلسطينية ابتداء من حركتي ‘حماس′ والجهاد الاسلامي وانتهاء بالجبهتين الشعبية والديمقراطية؟
اننا نخشى، وعلى ضوء توقيع هذا الاتفاق التاريخي حول الوصاية على الاماكن المقدسة، ان يقوم الرئيس عباس بتوقيع اتفاقات اخرى مع اسرائيل يفاجئ بها الشعب الفلسطيني بالطريقة نفسها، ويقدم من خلالها تنازلات خطيرة للاسرائيليين.
ما جعلنا نضع ايدينا على قلوبنا ونحذر من اي مفاجآت انفرادية خطيرة من هذا الطراز، ان مفاوضات ‘السلام’ بين حكومة نتنياهو والسلطة الفلسطينية باتت وشيكة، وان هناك احاديث تتردد في كواليس واشنطن ورام الله والقدس المحتلة، عن افكار امريكية جديدة سيحملها جون كيري وزير الخارجية الامريكي اثناء زيارته المقبلة للمنطقة.
‘ ‘ ‘
هناك عدة تفسيرات لهـــــذا الاتفاق، والطريقــة التي جرى من خلالها سلقه على عجل، وبصورة اذهلت الكثيرين في الجانبين الاردني والفلسطيني:
* الاول: ضعف الرئيس الفلسطيني محمود عباس المتزايد ورغبته في تصدير الازمة الى الاردن وعاهلها.
* الثاني: ان يأتي هذا الاتفاق خطوة مهمة وتمهيدية للفيدرالية بين الضفة الغربية والاردن، تحت ذريعة تحول فلسطين الى دولة على الورق، وفق توصية الجمعية العامة للامم المتحدة التي صدرت قبل ثلاثة اشهر.
* الثالث: وجود توجه امريكي ـ اسرائيلي ـ اوروبي بحصر قضية القدس المحتلة في الولاية على الاماكن المقدسة، والمسجد الاقصى على وجه الخصوص، والتخلي عن السيادة عن الاراضي والاحياء الاخرى التي تقع في اطار قانون ‘الضم’ الاسرائيلي.
ليس لدينا معلومات عن طبيعة ‘الطبخة’ التي تتم حاليا في الغرف المغلقة، على ايدي طهاة عرب واسرائيليين وامريكان، ولكن من حقنا ان نؤمن بالنظرية التآمرية بعد ان رأينا كيف جرت ‘فبركة’ الادارة الامريكية للاسباب لغزو العراق، والفرنسية للدوافع لتدخل الناتو في ليبيا، فلماذا لا تتكرر المؤامرة نفسها في فلسطين، خاصة ان زعيم الطهاة في هذه المؤامرة الجديدة هو توني بلير مبعوث السلام الدولي، واحد اكبر ‘المفبركين’ لاكاذيب غزو العراق؟
اذا كانت هناك توجهات فعلية لاقامة كونفيــــدرالية بين الاردن وفلسطين، فهذا امر طيب شريطة ان تتحرر الارض الفلسطينية اولا، والقدس المحتلة في صلبها، وان تقام دولة فلسطينية ذات سيادة مطلقة وغير منقوصة على هذه الاراضي، ثم بعد ذلك، وهذا هو الاهم، ان تحظى هذه الكونفيدرالية بموافقة الشعبين الاردني والفلسطيني من خلال استفتاء عام وشفاف.
الرئيس عباس ليس مخولا من الشعب الفلسطيني بتوقيع اتفاقات نيابة عنه، ودون الحصول على موافقته ومؤسساته قبل هذا التوقيع وليس بعده، كما انه ليس مخولا للدخول في مفاوضات جديدة مع الاسرائيليين للوصول الى اتفاق، دون تفويض كامل من الشعب الفلسطيني ومؤسساته المنتخبة، والمجلس الوطني الفلسطيني على رأسها، وبمشاركة كل الفصائل وممثلي المجتمع المدني الفلسطيني المنتخبين ايضا.
نستغرب هذا الصمت من الفصائل الفلسطينية الاخرى على هذا التفرد من قبل الرئيس عباس بالقرار الفلسطيني وتوقيع اتفاقات دون الرجوع اليها، او الى المرجعيات الشرعية الوطنية الفلسطينية.
‘ ‘ ‘
نستغرب بالذات صمت حركة ‘حماس′، والمسؤولين فيها، وعدم قول كلمتهم في هذا الخصوص، خاصة ان المفاوضات باتت على الابواب، اللهم الا اذا كان هذا الصمت هو علامة القبول.
الشعب الفلسطيني شعب وحدوي، وقضيته هي مسؤولية كل العرب والمسلمين، وتحرير مقدساته من الاحتلال الاسرائيلي وعمليات التهويد المتغولة لها، هي كذلك ايضا، ولكن علينا ان نتذكر دائما وابدا ان الاقصى تحت الاحتلال الاسرائيلي، واستعادته للسيادتين العربية والاسلامية لا تحتاج الى اتفاقات تاريخية، فلنحرر هذه الاراضي ومقدساتها اولا، ثم بعد ذلك لن يختلف احد حول الوصاية الهاشمية عليها.
مشكلتنا، او بالاحرى مصيبتنا، تكمن في هذه السلطة الفلسطينية التي لا تريد ان تقدم على خطوة جدية للضغوط على الاسرائيليين، وتمنع الشعب الفلسطيني، بل تتعهد بمنعه، من الاقدام على اي انتفاضة لاعادة قضية الاحتلال والظلم الاسرائيلي الى قمة الاهتمامين العربي والاسلامي الى جانب الاهتمام العالمي.
الرئيس عباس لا يجب ان يتجه الى الشرق في تحركاته، وانما الى الغرب لمقارعة الاحتلال، وجعله احتلالا مكلفا جدا لاصحابه وان يدرك اننا في عصر الربيع العربي، والثورات ضد الانظمة الديكتاتورية التي تضطهد شعوبها وتحتقرها، وتتحدث باسمها، وتتفرد بالقرارات دون اي اعتبار لها، او احترام لرأيها.
القدس في عين الثعلب الصهيوني...
الدستور الاردينة - محمد حسن التل
شكَّلت القدس، عامل التحدي الكبير للأمة، منذ فجر تاريخها، ومنذ أن تحوَّل العرب مع الإسلام، إلى دولة، وبعد انفجار القضية الفلسطينية بوجههم، كانت القدس، وما زالت، بؤرة هذه القضية، التي تتكسَّر عليها، كل محاولات الحلول المجترحة، على كافة المستويات الدولية، وعبر العقود الطويلة، إذ جعل الثعلب اليهودي، المدينة المقدسة، هدفاً كبيرا، لأطماعه التلمودية، ضارباً بعرض الحائط، قدسية هذه المدينة، عند المسلمين والمسيحيين، على السواء. بل إن اليهود، ينكرون هذه القدسية تماما، ولم يتصدَّ لهذه الهجمة اليهودية، على القدس، كما تصدَّى لها الهاشميون، عبر القرون، فلم تعرف المدينة المقدسة حماية لها، ما بعد العُهدة العمرية، مروراً بتحريرها، على يد جيوش نورالدين زنكي، بقيادة صلاح الدين الأيوبي، كما الولاية الهاشمية، حيث آلت راية حماية مقدسات القدس، بقرار أبناء المدينة، للملك الشريف الحسين بن علي، منذ عام 1924، وسجل التاريخ، بأن هذا الملك الشريف، ضحَّى بمُلكه، من أجل القدس، وهو يدافع عنها، أمام الأحلام اليهودية المشبوهة والمشوهة، مروراً باستشهاد الملك المؤسس عبدالله الأول، على أبواب الأقصى، إلى أن آلت الراية، إلى الحسين بن طلال، الذي قضى عمره، وهو يدافع عن القدس ومقدساتها، وظلت القدس، جرحا في قلبه، يحمله حتى لقي ربه، وعندما آلت الراية إلى الملك عبدالله الثاني، استمرت مسيرة الدفاع التاريخية المقدسة وتعمقت؛ فالدور الهاشمي في حماية القدس، لا يستطيع أحد أو جهة، أن يتجاوزه أو ينكره، ولم يكن هذا الدور فخرياً، بل كان، وما زال على الأرض، دعماً للصامدين هناك، وحفاظاً على المقدسات.
وقدم الأردن المليارات، رغم ضيق اليد وعسر الحال، وفوق كل هذا، كان الدم، عنواناً كبيرا، لهذه المسيرة؛ فالدم الأردني الهاشمي، ما زال يشخل، على أرض القدس، وما زالت رائحته الزكية، تعطر نسماتها المقدسة.
لقد ظلَّت القدس في عين «هاشم» على المدى، وارتبط الأردن والهاشميون، بفلسطين وقدسها، على امتداد الأزمان، بعلاقة أزلية، وواجه الأردن، نتيجة هذه العلاقة وتلك التضحيات، ظلماً تنوء بحمله الجبال، غمزاً ولمزا، من القريب، قبل البعيد، ناهيك على الضغوطات الرهيبة، التي تعرض لها، نتيجة زحزحته عن موقفه الازلي، بالتمسك بحقه وحق أمته، في مقدساتها، ومحاولة تشويه هذه المواقف العظيمة، التي سجلها التاريخ وسيسجلها، بأحرف من نور.
جاءت الاتفاقية الأخيرة، التي وُقـِّعت في عمان قبل أيام، بين جلالة الملك عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، تأكيداً لهذا الدور التاريخي، في الدفاع عن القدس ومقدساتها، للوقوف في وجه الهجمة المنظمة، من قبل الصهاينة، على هذا المدينة، الرمز في الإسلام والمسيحية، والحملات المحمومة، من قبل هؤلاء، للسيطرة على هذه المدينة، وشرعنة اغتصابهم لها، تنفيذا لخرافاتهم التوراتية.
وإذا كان واقع الحال، وصل بالقدس والقضية الفلسطينية برمتها، إلى ما وصل إليه اليوم، نتيجة لتراكمات كثيرة وانحسار الجهد الفاعل، على المستوى القومي، أو على مستوى الامة بكاملها؛ فإن الأمر اليوم، بات يتطلب، وقفة حقيقية صادقة، من كل أبناء الأمة، على امتداد الأرض، لدعم جهود الأردن، ممثلاً بقيادته الهاشمية، في مواجهة الهجمة الصهيونية، على مقدسات القدس، مسلمة ومسيحية، على السواء، حيث نالت المقدسات المسيحية من اليهود، جحوداً لا حدود له، واعتداءً لا يقل عن اعتداءاتها، على مقدسات المسلمين، في ظل تناسٍ متعمد، من قبل الغرب، الذي يدعي أنه مسيحي العقيدة، في ظل سيطرة كاملة للصهيونية عليه، وترك مسيحيي الشرق وحدهم، في مواجهة الحقد الصهيوني والخرافة التوراتية.
كان لا بد من الاتفاقية، بين الأردن وفلسطين، لتكريس الوصاية الهاشمية، في خدمة وحماية مقدسات الأمة في القدس، وايضا تكريس السيادة الفلسطينية، على المدينة، لأن القدس اليوم، أمام واقع جديد ومخطط خطير، في ظل العلو الكبير لليهود، وسيطرتهم على عقول أصحاب القرار الدولي في الغرب، في ظل انحسارنا -كما اشرنا- نحن العرب والمسلمين، وجلوسنا على مقاعد المقهورين المغلوبين على أمرهم، لذلك، لا بد من تكريس الجهد الأردني المتراكم، ودعم الموقف الحازم لجلالة الملك عبدالله الثاني، تجاه حق الأمة في القدس، لإغلاق الطريق، امام ممارسات الصهاينة الخبيثة في المدينة؛ فالفرصة ما زالت قائمة أمامنا، للملمة الجراح والتعالي على صغائر التنافس السياسي البغيض، وإعادة تنظيم الصفوف، لمواجهة المشروع الصهيوني، الذي لا يهدد القدس وحدها، ومعها فلسطين، بل وجودنا كأمة.
ماذا بقي من القدس؟
الدستور - حلمي الأسمر
يقولون: (أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا)، الاتفاقية «التاريخية» التي وقعت في عمان مؤخرا لحماية القدس من التهويد، جاءت متأخرة جدا، ولا نريد أن نقول «بعد فوات الأوان» فنحن نعيش ربع الساعة الأخير قبل أن تنتهي مدينة القدس العربية بشكل كامل!
يقول عضو بلدية الاحتلال في القدس المحتلة مئير مرجلين، بالحرف الواحد: إن العالم العربي سيفقد القدس الشرقية إذا لم يقم بعمل شيء خلال العامين المقبلين كحد أقصى!
من الحقائق التي لم تعد تخفى على أحد أن إسرائيل وفور انتهاء حرب عام 1967 قامت بمصادرة نسبة كبيرة من أراضي القدس الشرقية وضمت قرى محيطة إلى بلدية القدس حتى صارت ثلاثة أضعاف ما كانت عليه، وأصبحت أكبر مدينة بدولة الاحتلال. ويظهر فيلم وثائقي حول القدس بثته إحدى القنوات أن القدس التي يجري الحديث عنها في سياقها السياسي، هي غير القدس على أرض الواقع، إذ لم يبق من القدس الشرقية (العربية) التي نعرفها قبل احتلال 1967، إلا القليل، للتفاوض حولها أو استرجاعها في أي حل تفاوضي مستقبلي. ويكشف الفيلم من خلال جولات بأرجاء القدس ولقاءات مع خبراء ومسؤولين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أن القدس الآن، هي قدس أخرى تماما، مفتتة بين حي هنا وآخر هناك، وعلى أرض الواقع هناك الجدار العازل الذي يرسم ويحدد قدسا جديدة ضمن مخطط وضعته إسرائيل قبل ثلاثين عاما. ويسلط الوثائقي الضوء على الطرق التي تستخدمها سلطات الاحتلال لتكريس الطابع اليهودي بمدينة القدس المحتلة، فهي من جهة تمارس عمليات طرد للفلسطينيين من المدينة بشكل تدريجي، لأنها لا تستطيع فعل ذلك جملة واحدة.
هناك اليوم أكثر من 50% من المستوطنين اليهود يعيشون في القدس ومحيطها، إضافة إلى استمرار الاستيطان داخل البلدة القديمة. وتستعمل إسرائيل ست منظومات للقوانين لمصادرة أراضي الفلسطينيين منها القانون العثماني وقانون الانتداب البريطاني والقانون الإسرائيلي والأردني والأحكام والقوانين العسكرية، وعندما لا يكفي كل ذلك تبتدع قوانين جديدة. يقول خبير التخطيط المدني الدكتور يوسف جبارين حول هذا الموضوع: ما بقي من القدس الغربية عبارة عن «شهادات» من بعض البيوت وبعض أشجار التين والزيتون، ظلت باقية ربما لتؤكد أن القضية الفلسطينية لها وجود كبير جدا في القدس الغربية!
نتذكر اليوم، في ظل هذا الواقع المأساوي، ما قاله الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود في قصيدة شهيرة وجهها للأمير (والملك لاحقا) سعود آل سعود الذي كان بصحبة المفتي الحاج أمين الحسيني، وهما في طريقهما إلى طولكرم حيث عرّجا على عنبتا، بلد الشاعر/
-المسجد الأقصى أجئت تزوره؟
-أم جئت من قبل الضياع تودعه؟
بعض الشهود الذين كانوا هناك، قالوا: إنهم رأوا عينيْ الأمير سعود وقد اغرورقت بالدموع لسماعه هذا البيت من الشعر وكأنه استشعر مدى صدقيته وواقعيته!
ميسرة أبو حمدية إذ يرتقي شهيدا
الدستور الاردينة - ياسر الزعاترة
كتبت أول أمس الاثنين عن ميسرة أبو حمدية، الأسير البطل الذي عانى من سرطان الجسد، بعد أن واجه سرطان الاحتلال بكل ما أوتي من قوة، لم يكلّ ولم يمل.
صباح أمس ارتقى ميسرة شهيدا، وذهب إلى ربه راضيا مرضيا، بعد أن أدى رسالته وبذل كل ما في وسعه من أجل نصرة قضيته وقضية أمته.
كان بوسع الغزاة أن يعالجوه مبكرا، لكنهم تركوا السرطان ينهش في جسده. وها هو باستشهاده يطلق صرخة في وجه الغزاة القتلة، وفي وجه من يصمتون على معاناة الأسرى، لاسيما الكبار والأطفال والنساء والمرضى.
هناك 25 أسيرا آخر ينهش السرطان أجسادهم، ويرفض الاحتلال الإفراج عنهم، كما أن هناك جحافل من المرضى الذي لا يمنحهم ما يكفي من العلاج، وإذا عالجهم، فهو يفعل على نحو يضاعف من معاناتهم وآلامهم.
رحل ميسرة إلى ربه راضيا مرضيا بعد عشر سنوات من الاعتقال، وبعد عقود من النضال، هو الذي كان مؤمنا بربه، ومؤمنا بعدالة قضيته، محبا لإخوانه، مثقفا رائعا كما يعرفه الذين عايشوه.
أول أمس كتبنا عن رحلة ميسرة، وها نحن نعيد بعض ما كتبنا تذكيرا بهذا البطل الستيني الرائع. بهذا الأسد الخليلي المقدام. بهذا الرجل الذي لم يثنه تقدم العمر، ولا مسؤوليات الأبناء عن خوض المعركة مع الاحتلال دون خوف أو وجل.
ميسرة أبو حمدية، واحد من أبطال انتفاضة الأقصى، وهو بطل متميز لسبب بسيط هو أنه اعتقل وهو في العقد السادس (استشهد عن 63 عاما)، ما يعكس إرادته الصلبة في استمرار النضال، هو الذي بدأ رحلته مبكرا في صفوف الثورة الفلسطينية وحركة فتح، وصولا إلى تدريبه لشبان من حركة حماس بعد عودته من الخارج مع من عادوا ضمن اتفاق أوسلو، ومن ثم انتقاله إليها في السجن قبل سنوات (حكم عليه بالسجن المؤبد). وهنا يتبدى الفارق بين حشد من ضباط الثورة الفلسطينية المنتمين إلى حركة فتح ممن لا يزالون على عهد التحرير، والذين لا زال كثير منهم يقبعون في السجون إثر مشاركتهم مع أبناء شعبهم إثر انتفاضة الأقصى، بينما خرج عدد منهم (أحيل آلاف منهم على التقاعد كي لا يفكروا في تكرار التجربة)، وبين آخرين رضوا بسياسة التنسيق الأمني، وقبلوا العمل في سلكها.
باستشهاده يطلق ميسرة أبو حمدية صرخة من أجل إخوانه الذي أحبوه وتركهم خلفه يعانون سرطان السجون، وسرطان القتلة اليومي. يطلق صرخة من أجل أن يلتفت العالم إلى معاناتهم، ومن أجل أن نكون أكثر وفاءً للقضية التي ناضلوا ودفعوا أعمارهم خلف القضبان من أجلها.
لقد خرجوا من أجل فلسطين حرة لا يدنسها الاحتلال، وليس من أجل تكريس نهج تفاوض عبثي جرّب لعشرين عاما؛ فقط منذ أوسلو ولغاية الآن دون جدوى.
لقد دخلوا سجون العدو، وتركوا القضية أمانة في أعناق الأحرار في الخارج، لكن البعض يريد أن يتسول الإفراج عن بعضهم في سياق من الحوافز من أجل استئناف التفاوض على حلول يعلم الجميع أنها ستكون مشوّهة دون شك، وليس في سياق من المقاومة والبطولة كما حصل مع من خرجوا في صفقة وفاء الأحرار (صفقة شاليط)، وقبلها صفقات مماثلة تمت رغم أنف العدو.
سلام عليك أيها الشهيد البطل، وسلام على من تركتهم خلفك يواجهون سطوة الجلاد، وسلام على كل الشهداء ومن سيسيرون على دربهم إلى يوم الدين.
انتفاضة الأسرى
دار الخليج - محمد عبيد
المزاعم “الإسرائيلية” حول استشهاد الأسير الفلسطيني ميسرة أبو حمدية، أمس، متأثراً بالإهمال الطبي لإصابته بالسرطان، ليست كذبة أول نيسان بالتأكيد، فالكيان لا يتقن إلا الكذب وقلب وتزوير الحقائق والوقائع، ولا يوفر في سبيل ذلك أية وسيلة تبررها غاياته الهادفة إلى نسف الوجود الفلسطيني .
ميسرة لقي ربه شهيداً، من وراء قضبان المعتقل، ولفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى للاحتلال، وجهدت ما تسمى “مصلحة السجون” لمواجهة موجة التنديد الفلسطينية الواسعة بجريمة الحرب هذه، لتمرير مزاعمها بالطلب من سلطات الاحتلال فك أسر الشهيد، وبالغت في تصوير نفسها على أنها “إنسانية” و”حريصة” على أرواح المعتقلين، الذين لايلقون منها ومن سجانيهم إلا التنكيل والتعذيب والممارسات التي تحط بالكرامة الإنسانية، وجرائم الحرب المغطاة بالتواطؤ الأمريكي والدولي .
الوضع المتفجّر في معتقلات الاحتلال يتفاقم، والأسرى يردّون بما توافر بين أيديهم من أشكال المقاومة السلمية، بينهم حالياً المضربون عن الطعام، ومنهم سامر العيساوي الذي قارب إضرابه على كسر حاجز 260 يوماً، ما يخشى أن يلحق برفيقه المناضل في أية لحظة، وبين الأسرى أيضاً من يعدّون للرد على هذه الجريمة، ولعلها تكون بداية هبّة فلسطينية أخرى يقودها من يرزحون في الزنازين وخلف قضبان الاحتلال .
الكيان تحسبّ من هذه اللحظة، وأصوات كثيرة خرجت فيه محذّرة من انفجار جديد، وانتفاضة فلسطينية ثالثة، في ظل تعاظم العدوان “الإسرائيلي” على الكل الفلسطيني، وتمادي الكيان في سياساته العنصرية وجرائمه بحق الفلسطينيين المعزولين العزّل، وتأكيده عبر ممارسته تثبيت الوقائع على الأرض بشكل يومي، أنه بلغ نقطة اللاعودة، وبالتالي على الفلسطينيين أن يدركوا أنهم بلغوا نقطة المواجهة المباشرة .
هبّة فلسطينية جديدة في وجه الاحتلال باتت أمراً مرجّحاً، لأن كل المؤشرات السابقة، وكل حقن التخدير الدولية والأمريكية، وآخرها زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى فلسطين المحتلة، لم تأت بأي جديد، واقتصرت على الانحياز الكامل للكيان .
ميسرة ابن الأربعة والستين عاماً، بداية الأمر ليس إلا، فكثيرون من أسرى الحرب الفلسطينيين يعانون الموت البطيء، وباتوا على حافة النهاية، سواء منهم المضربون عن الطعام، أو المرضى والجرحى وذوو الاحتياجات الخاصة الذين تفتك بهم سياسة الإهمال الطبي، وقافلة مشاريع الشهداء خلف القضبان تطول، و”إسرائيل” ماضية في الجريمة، وتتمادى باعتقال المزيد من الفلسطينيين يومياً .
التنديد والإدانة ومطالبة المجتمع الدولي بالتحرك، وغيرها من أشكال الاحتجاج اللفظي لن توقف مخطط الكيان الإجرامي، واستمرار التلهي بالوعود الخارجية بإعادة إحياء التسوية لن يفيد أحداً سوى “إسرائيل” التي تستفيد من كل هذا الوقت الضائع في سلب المزيد من الأرض الفلسطينية، وتهويد المقدسات وطمس التاريخ، والمطلوب التوقف عن هذا مباشرة، ورفض أي دعوة لاستئناف التفاوض، وإعادة الأمر إلى صاحب الأمر والكلمة الأولى والأخيرة .
أعيدوا الأمر إلى الشعب الفلسطيني الذي لن يتوانى عن نصرة أسراه والدفاع عن قضيته . “إسرائيل” لا تخشى إلا انتفاضة ثالثة، فكيف إن كانت انتفاضة ضد كل هذه الجرائم، وكل تلك السياسات؟ كيف إن كانت انتفاضة تحمل عناوين الدفاع عن المقدسات والأرض، ونصرة الأسرى، ورفض الاستيطان والتهويد؟
حماس بعد تزكية مشعل
الدستور الأردنية - معن البياري
لا مفاجأَةَ في تجديد قيادات حركة المقاومة الإسلامية، حماس، الثقةَ برئيس المكتب السياسي، خالد مشعل (57 عاماً)، باختيارِه بالتزكية في الموقع الأَول في الحركة، لمرةٍ أَخيرةٍ من أَربع سنوات مقبلة، كما قرأنا، تُضافُ إِلى 17 عاماً مضت، قاد فيها “حماس” في ظروفٍ وعواصفَ عويصة.
وأَول ما تُؤشِّر إِليه هذه التزكية أَنَّ الحركة الإسلامية، والوطنية الفلسطينية، قادرةٌ على تعظيم المشتركاتِ فيها، وتغليبها على أَيِّ خلافاتٍ أو اختلافات، وأَنها بارعةٌ في تطويق أَيِّ نذرٍ تأخذُها إِلى أَي شقاقٍ مرذول.
والبادي، أَيضاً، أَنَّ الحركة ما زالت تولي فاعليات الخارج المكانةَ القياديّة الأولى، وتدرك أَنَّ الكلام العاطفيَّ عن أَحقيّة المناضلين في الداخل الفلسطيني، في غزة غالباً، لا نفعَ منه عملياً وإجرائياً، سيما وأَنَّ معارك حماس السياسية، وكذا تمكينها من الحضور والتأثير، عربياً وإقليميا، يستوجبان حيويةً نشطةً في التحرك هنا وهناك، ما ليس ميسوراً لمحمود الزهار، مثلاً، أو لغيره من زعاماتِ الحركة في فلسطين. وأَنْ يُقال إِنَّ ضغوطاً قطريةً وتركيةً، وربما مصريةً أَيضاً، ساعدت في ثني خالد مشغل عن رغبته الانصراف عن مقعده، فإنَّ للاستجابة لهذه الضغوط نفعاً يفوقُ إِدارة الظهر لها.
وأَياً كانت المواقفُ من اجتهادات “حماس” وخياراتها، ومن فعلتها الانقسامية في غزة أَيضاً، فإن خالد مشعل أَثبت، في غير محطةٍ وواقعة، أَنه عنوان الواقعية والمرونة، والاعتدال ربما، في الحركة، ومحمولاتُ هذه المفاهيم هنا مغايرة عنها لدى تشكيلاتٍ وكيانات وتنظيماتٍ أُخرى. ولأَنَّ تفويضاً جديداً وقوياً يحوزه أبو الوليد، في تزكيةِ اجتماعات القاهرة الأسبوع الجاري، فالمأمولُ أَنْ تندفع هذه الواقعية باتجاه حسمٍ، شديدِ الإلحاح والوجوب، فيما يخصُّ إِنهاء الانقسام المعلومة نتائجُه الشنيعةُ على الحالة الفلسطينية، فلا ترتهن “حماس” لحساباتٍ فصائلية ونفعية، ولرهاناتٍ على مفاعيل خارجية، ولا تستسلم لحساسياتٍ ومناكفات تافهة، في معالجةِ هذا الشأن الوطني. ويأتي تأكيد أَولوية هذا الأمر، هنا، على أَيِّ مسألةٍ أُخرى، صدوراً عن قول مشعل، غير مرة، إِنَّ أَخطاءً وقعت فيها حركته في سنوات الانقسام الماضية، كما “فتح” طبعاً، على ما أَوضح محقّاً، وصدوراً عن قناعتِه بأَنَّ المصالحة خيارٌ استراتيجيٌّ لدى “حماس”، على ما أَعلن مراتٍ، سيما أَمام مستمعي خطاباتِه في أَثناء زيارته غزة ديسمبر الماضي.
ولأنَّ أَهل مكة أَدرى بشعابها، فإِنَّ قيادات “حماس” أَدرى بالإشكالاتِ غير الهينة التي تُغالبها حركتهم، إِنْ على صعيد مؤاءمةِ خطابٍ أَكثر انسجاماً بين خيار التهدئة مع إِسرائيل ومشروع المقاومة الذي تُسوغ به “حماس” مشروعيّتها، سيما وأَنَّ هذا المشروع بات في حاجةٍ إِلى تبيان تفاصيلِه وسقوفه وأَدواته، ما يعودُ في بعض أَسباب ذلك إِلى الضرباتِ الثقيلة التي استهدفت بها إِسرائيل حركة حماس وقياداتِها ومجاهديها، إِنْ بجرائم الاغتيال والاعتقالات والحروب العدوانية أَو غيرها.
وتبقى الحركةُ مطالبةً دائماً، سيما في راهن الإيقاع العربي المستجد، بإِشهار رؤىً وتصوراتٍ أَكثر وضوحاً فيما يخصُّ مسائل الحرية والديمقراطية وتداول السلطة، بعد أَنْ دلَّت تجربة استفرادِها بالقرار في قطاع غزة على سوءاتٍ كثيرةٍ في الممارسة وتدبير شؤون العباد، ما يُبرر عدم اطمئنان قطاعاتٍ عريضةٍ من الفلسطينيين إِلى سلطةٍ يمكن أَنْ تؤول إِلى حماس، وإِنْ في انتخاباتٍ شفافةٍ ونزيهة. نظنُّ المسألة واحدةً من بين زوبعة قضايا، طيّبٌ أَن تنتبه إليها الحركة الإسلامية في طورها الجديد، بقيادة متجددةٍ بتزكيةٍ مقدرة لرجلها الأول، خالد مشعل.
الغاز الفلسطيني و”إسرائيل”
دار الخليج - أمجد عرار
من الطبيعي أن يبتهج رئيس الكيان الصهيوني “شمعون بيريز” وأن ينثر ابتهاجه على الصهاينة بإطلاق مشروع الغاز الطبيعي من حقل “تمار” المكتشف في البحر الأبيض المتوسّط قبالة السواحل الفلسطينية، وتحديداً قبالة حيفا . فهذا الحقل لن يغني الكيان عن استيراد احتياجاته من الغاز فحسب، بما فيه الغاز الذي يأخذه بسعر رمزي من النظام في مصر، بل سيمكّنه الغاز المكتشف الذي بدأ بضخّه قبل يومين، من تصدير الفائض أيضاً .
الشركات المستثمرة في الحقل المذكور بدأت عملها في ضخ الغاز خلال الأيام الماضية، وبعض أوساط حكومة الكيان يتوقّعون الاكتفاء من احتياجات الغاز لأكثر من مئة وخمسين عاماً، ويقدّرون بأن كميات الغاز الجديدة ستوفّر لاقتصاد الكيان 6 .3 مليار دولار سنوياً، وهذا قبل البدء باستخراج الغاز من حقل “ليفياثان” الذي يقدر احتياطيه من الغاز بأكثر من ضعفي احتياطي حقل “تمار” .
أحد مطوّري مشروع الغاز، واسمه إسحاق تشوفا، يتبجّح بأن “إسرائيل” أصبحت تمثّل أكبر احتياطي للغاز الطبيعي، وأنها ستكون من مصدّري الغاز في نهاية ،2019 وتبجّح أيضاً أنه لن تكون هناك حاجة إلى الغاز المصري . أما وزارة الطاقة والمياه في الكيان فقد أعلنت أن ضخ الغاز سيؤدي إلى انخفاض تكاليف الإنتاج لشركة الكهرباء “الإسرائيلية” الحكومية، وكذلك انخفاض سعر الكهرباء في المؤسسات والمنازل .
لا نعرف إن كانت “إسرائيل” قالت كل شيء أو أنهت فعل كل شيء بالنسبة لهذا الموضوع، لكن ما هو واضح وجلي أن الفلسطينيين لم يقولوا شيئاً، ربما لأن الاعتراف بالجمل “الإسرائيلي” بما حمل يمنعهم من إبداء رأي في استخراج الغاز من بحر طوّبته “إسرائيل” بعد البر والجو، أو لأن الفصائل الفلسطينية مشغولة بالمصالحة والتحضيرات للقمة العربية المصغّرة لإنهاء الانقسام، أو أنهم ما زالوا يفاضلون في الأولوية بين تشكيل حكومة التوافق أو إجراء الانتخابات .
في كل الأحوال، “إسرائيل” بدأت باستخراج الغاز، ونحن نغرق في الألغاز، فلسطينيين وعرباً بطبيعة الحال، فلبنان الذي تنقّب “إسرائيل” عن الغاز في مياهه الإقليمية، منشغل في الفتن والصراعات الداخلية، وهو بدوره يغرق في فك ألغاز تحول بعض جنوبه وشماله من “محتل” إلى “أسير”، لا وفاء لفضل ولا جزاء لشاكر، كأنما لا شيء يحدث إلى الجنوب من لبنان . ولأن الحكومة استقالت، لن يسأل أحد وزير الطاقة المستقيل الذي كان بدأ إعداد خطة عملية للتنقيب عن النفط والغاز، لن يستطيع فعل شيء إزاء ما تفعله “إسرائيل” في البحر، ما دام الأفرقاء اللبنانيون، لحسن الحظ، يتصارعون على البر، فلو كان صراعهم في البحر لما بقي شبر في أرضية سفينتهم بلا ثقوب .
العرب الرسميون المتمسّكون ب “مبادرة السلام” باعتبارها تمثّل السقف الأعلى الذي يمكنهم كتابته على الورق . الذين من أجلها صبروا على اجتياح شارون للضفة الغربية في اليوم التالي للقمة التي ولدت فيها المبادرة، لا يعنيهم ما تفعله “إسرائيل”، وإذا كانوا يصمتون إزاء تهويد القدس والمقدسات، وإزاء العدوان المتكرر على غزة، وإذا كانوا لا يلتفتون للأسرى في سجون الاحتلال، وإذا كانوا يغضون الطرف عن الانتهاكات الجوية “الإسرائيلية” لأجواء لبنان، وعن قصف السودان وتقسيمه، فإن سرقة الغاز والماء الفلسطينيين تُعد تفصيلاً آخر من التفاصيل المسكوت عنها .
سيبقى الانقسام الفلسطيني العامل الأكثر سنداً ل “إسرائيل”، فالفلسطينيون يعطونها الصمت على التنقيب عن الغاز، ويأخذون منها قنابل الغاز، وإذا استمر هذا الانقسام ستتبخّر أحلامهم بأسرع مما يتطاير الغاز .