-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 363
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]
- [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:
- تصعيد اسرائيلي ممنهج ومبرمج
- بقلم: هئية التحرير عن صحيفة القدس (حديث القدس)
- جريمة جديدة.. ومسلسل القتل متواصل
- بقلم: عادل عبد الرحمن عن صحيفة الحياة الجديدة
- عن الاتفاق الأردني – الفلسطيني
- بقلم: عريب الرنتاوي عن صحيفة القدس
- في معنى وأبعاد تدويل القضية الفلسطينية
- بقلم: فهد سليمان عن صحيفة القدس
- مع الهند: حجم التاريخ ومقتضى السياسة
- بقلم: عدلي صادق عن صحيفة الحياة الجديدة
- قمة الدوحة وشرعنة الانقسام والفوضى العربية
- بقلم: فرسان التايه عن وكالة معا
- ما هو المطلوب من «فتح» و«حماس»؟
- بقلم: فيصل أبو خضرا عن صحيفة القدس
- إسرائيل.. "ومسمار جحا"!!
- بقلم: عطالله منصور عن صحيفة القدس
- "حماس": الصفقة الداخلية!
- بقلم: رجب أبو سرية عن صحيفة الأيام
- من انتخب مشعل ولماذا؟!
- بقلم: محمد ياغي عن صحيفة الأيام
تصعيد اسرائيلي ممنهج ومبرمج
بقلم: هئية التحرير عن صحيفة القدس (حديث القدس)
تمارس الحكومة الاسرائيلية الحالية تصعيدا ممنهجا ومبرمجا من الواضح أن الهدف منه هو دعم سياساتها الاستيطانية والاحتلالية الرامية لتهويد الأراضي الفلسطينية، ولا سيما مدينة القدس، وتحقيق الأطماع الاسرائيلية في الهيمنة تدريجيا على المسجد الأقصى المبارك من خلال تسهيل، وربما تشجيع، العناصر اليهودية المتطرفة على اقتحامه تحت حراسة قوات الأمن الاسرائيلية.ولا يمكن الفصل بين المعاملة غير الإنسانية التي يلقاها أسرانا في السجون الاسرائيلية واستشهاد عدد منهم بسبب الإهمال الطبي، وآخرهم الشهيد ميسرة أبو حمدية، وترك عدد آخر يواجهون الموت المؤكد بعد إضرابهم عن الطعام لفترات قياسية، وهو ما يعني عدم مبالاتها بحياتهم وتفضيلها كما يبدو قتلهم جوعا ومرضا- لا يمكن الفصل بين هذه المعاملة القاسية للأسرى وبين ازدياد عدد الأفواج من اليهود المتطرفين الذين يدخلون ساحات المسجد الأقصى بشكل شبه يومي، بينما قوات الأمن الإسرائيلية توفر لهم الحماية، بل وتعتدي على طلاب العلم في مصاطب الحرم من الشباب والنساء ، كما أنها تمنع عددا من الشباب ومن حراس المسجد من دخوله تحت مختلف الذرائع الواهية.هذه سياسة اسرائيلية منسقة ومنسجمة مع عناصرها ومع الإطار العام للاستراتيجية الاسرائيلية، التي تغض النظر عن التوسع الاستيطاني المتواصل في الضفة الغربية المحتلة، وتغمض العيون عن اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم وعن حرق أشجارهم واقتلاعها ومنعهم من الوصول إلى حقولهم. والمؤكد أن السلطات الاسرائيلية قادرة، لو أرادت، على قمع اعتداءات المستوطنين ووقف الزحف الاستيطاني. لكنها لا تريد، لأن استمرار هذه الممارسات يتفق وينسجم مع سياساتها وتوجهاتها المعروفة للعالم كله.إن الحكومة الاسرائيلية من خلال هذه الممارسات المستمرة والمقصودة إنما تدفع بالفلسطينيين نحو الزاوية عن سابق تصور. وليس أدل على ذلك من الترويج الاسرائيلي لانتفاضة ثالثة، وكأن اسرائيل هي التي تقرر موعد الانتفاضة وشكلها وأهدافها. وما يجب استنتاجه من هذا الترويج هو أن الحكومة الاسرائيلية تعترف بأنها أغلقت نافذة السلام، وهي رافضة لمرجعيات السلام الدولية، ومتنكرة لحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية في الحرية والاستقلال وتقرير المصير.ويتوجب على المجتمع الدولي، الذي نصب نفسه راعيا لما يسمى بعملية السلام، أن يكون على قدر المسؤوليات التي حددها لنفسه، وأن يضع نصب عينيه أن الشعب الفلسطيني الأعزل يواجه قوة عسكرية هي من بين الأكبر ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل على مستوى العالم كله. ولا يملك الفلسطينيون المطالبون بحقوقهم الوطنية والإنسانية التي تتمتع بها كل الأمم، لا يملكون إلا تصميمهم على انتزاع تلك الحقوق، وسلاحهم هو قرارات الشرعية الدولية، التي من المفروض على المجتمع الدولي أن يستخدم كل طاقاته وصلاحياته لوضعها موضع التنفيذ.هناك آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، وهناك مئات المستوطنات كلها غير شرعية مقامة بالقوة فوق أراض يقول المجتمع الدولي إنها أراض فلسطينيية، وهناك احتلال مزمن يقترب من عامه السادس والأربعين دون أن مؤشر على قرب إنهائه. فلماذا لا يتحرك العالم، وحتى متى يستمر هذا الصمت المتواطىء مع السياسات الاسرائيلية الممنهجة، والمبرمجة، لتهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة ؟.
جريمة جديدة.. ومسلسل القتل متواصل
بقلم: عادل عبد الرحمن عن صحيفة الحياة الجديدة
اغتالت سلطات الاحتلال مناضلا فلسطينيا جديدا، هو اللواء ميسرة ابو حمدية، بسبب الاهمال، وعدم تقديم الرعاية الطبية له، وكونها رفضت الافراج عنه في الوقت المناسب، رغم المناشدات المتواصلة من القيادة الفلسطينية ومنظمات حقوق الانسان.
إغتالته بدم بارد, وقبل فترة وجيزة كانت اغتالت بذات السياسة الاجرامية واللاآدمية عرفات جرادات.. وبعد قتل ضباط وجنود جيش الموت الاسرائيلي الشابين نصار وبلبيسي على حاجز عناب.. وعمليات القتل ستتواصل، ولن تتوقف، لأنها جزء من استراتيجية وتكتيك القيادات الصهيونية في التعامل مع ابناء الشعب الفلسطيني تاريخيا، وهي استراتيجية ليست وليدة الامس، بل مذ وجد المشروع الكولونيالي الصهيوني على الارض الفلسطينية وسياسة التطهير العرقي والعنصري وعمليات القتل متواصلة.
السؤال او الاسئلة الموجهة لكل العالم وخاصة الاقطاب الدولية الاساسية وخاصة الولايات المتحدة، هل تستقيم عمليات القتل وخيار السلام؟ واي سلام هذا الذي يمكن ان يتوافق مع جرائم دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية؟ وهل يعقل ان يبقى أسرى الحرية داخل زنازين الاحتلال, والى متى؟ والى متى سيبقى الافراج عن الاسرى المرضى والمضربين والاطفال والنساء واولئك الابطال الذين اعتقلوا قبل اتفاقيات اوسلو؟ هل يرضي العالم وخاصة تلك الدول والاقطاب، التي تتغنى بالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان صباح مساء بقاء شعب باسره أسير جرائم ومذابح دولة الابرتهايد الاسرائيلية؟ وهل السياسات الاسرائيلية الاجرامية ضد المعتقلين وضد الشباب الفلسطيني لا تثير ردة فعل اولئك القادة؟ وهل الدم الفلسطيني مستباح الى هذا الحد من الاستخفاف والجحود الانساني؟ وأين مواثيق واتفاقيات جنيف الاربع وميثاق روما وقوانين حقوق الانسان مما يجري؟ ولماذا لا يحرك العالم ساكنا؟ أي مصلحة لهذا العالم في الصمت المريب؟ هل هذا يساعد على تقدم عملية التسوية السياسية؟ أم يعمق منطق الدولة الخارجة على القانون؟ واين هي الحكمة السياسية عند الملوك والرؤساء والامراء العرب في الصمت او الاكتفاء ببيانات الشجب؟ ولماذا هذا التهاون بالدم الفلسطيني ؟ وهل للعرب جميعا من اقصاهم الى اقصاهم مصلحة ايضا في استباحة الشعب العربي الفلسطيني؟ وما هي هذه المصلحة؟ والاهم أين ابناء الشعب الفلسطيني من الرد على جرائم الاحتلال؟ واليس الرد على بلطجة الاحتلال وفجوره العودة وبسرعة للوحدة الوطنية، ووأد الانقسام والانقلاب الاسود؟.
اسئلة تبز الاسئلة، ولكن ليس مهما فقط طرح الاسئلة ووضع علامات التعجب والاستنكار والاستفهام، المهم العمل خطوات مهمة للامام على الصعد المختلفة، اولا العمل على تصعيد الكفاح الشعبي في كل الاراضي الفلسطينية، وبشكل منظم وبوتيرة اعلى وتحشيد اوسع واعمق؛ وثانيا مواصلة الكفاح في المنابر الاسرائيلية والعربية والاسلامية والاممية لدعم قضية اسرى الحرية، ودفعها، لان تكون على جدول اعمال كل المنابر بمستوياتها المختلفة قضية اولى، للضغط على دولة اسرائيل للافراج الفوري عن اسرى الحرية جميعا ودون استثناء؛ وثالثا التوجه لكافة المنابر الحقوقية والمنظمات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان واسرى الحرب الفلسطينيين لانتزاع قرارات اممية جديدة لصالح الافراج عنهم؛ رابعا تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة اغتيال ابو حمدية وعرفات قبله، وعمليات قتل الشابين نصار وبلبيسي على حاجز عناب اول امس ومن سيقتل بعدهم ورفع تقريرها للامم المتحدة لفضح وتعرية دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية؛ وخامسا التوجه لمحكمة الجنايات لمحاكمة ضباط وجنود وقيادات إسرائيل السياسية والامنية على جرائم الحرب السابقة والراهنة واللاحقة، ولا يجوز للقيادة ان تخضع هذا الموضوع للمساومة، لان هذا حق لابناء الشعب الفلسطيني. وهذا لا يعني ادارة الظهر لخيار التسوية والسلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67، لا بل يعني المزيد من التمسك بخيار السلام، وهو شكل من اشكال الضغط على قادة الدولة الصهيونية لالزامها بمرجعيات السلام وحل الدولتين..
آن الآوان لتفعيل كل اوراق القوة الموجودة في اليد الفلسطينية، والسعي لتحريك الاشقاء العرب والدول الاسلامية والدول الصديقة في العالم ككل لدعم حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، وللخروج من تحت اعواد مشانق الاحتلال الابشع في التاريخ البشري، الاحتلال الاسرائيلي.
رحم الله شهداء الشعب الفلسطيني الجدد ميسرة ابو حمدية ونصار وبلبيسي، والعزاء الحار لذويهم وللشعب العربي الفلسطيني في ارجاء الدنيا كلها..
عن الاتفاق الأردني – الفلسطيني
بقلم: عريب الرنتاوي عن صحيفة القدس
وضع المراقبون والمحللون الاتفاق الأردني – الفلسطيني حول المقدسات، في أكثر من سياق، يختلف بعضها عن بعض باختلاف الزوايا والتوقيتات والمرجعيات المختلفة لهؤلاء..منهم من رأى فيه، آخر طلقة في "الجعبة العربية" لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه المقدسات التي تتعرض لهجوم استيطاني – تهويدي – تبديدي منظم ، ومنهم من ربط الأمر بتفاعلات جولة الرئيس أوباما في المنطقة، ومحاولته استئناف مسار التفاوض وإحياء عملية السلام..ومنهم من وضع المسألة في سياق قمة الدوحة وصندوق القدس وما يقال عن سعي قطري للعب دور في "رعاية المدينة والوصاية على مقدساتها"..ومنهم من ذهب أبعد من ذلك، ليصف الخطوة بأنها حلقة في مسلسل "الفيدرالية" و"الكونفدرالية" وتوطئة لدور أردني أوسع مدى في ترتيبات الحل النهائي. كل سيناريو من هذه السيناريوهات، يستند إلى الكثير من المعطيات، ويكتسب منها "وجاهة" و"معقولية" إلى حدٍ كبير..الاستيطان الزاحف، تسارعت وتيرته في المدينة في السنوات الأخيرة، وبصورة "هستيرية" في غالب الأحيان، وعمليات استهداف الأقصى والمقدسات، بلغت ذروة غير مسبوقة من خلال الاستباحة التامة لساحاته وميادينه من قبل المستوطنين وبحماية حكومية رسمية سافرة واستفزازية. أما صراع المحاور والعواصم العربية، الباحثة عن أدوار، فلم يعد يُبق ساحة أو ميداناً من دون أن يطرقه، والدول الصغيرة باتت تطمح لإعادة رسم خرائط المنطقة بأسرها، وهي تنظر للحواضر العربية الكبرى، بوصفها "جزراً يونانية" بالإمكان شراؤها وتغليفها في "ورق الهدايا" وتقديمها للأبناء والزوجات في أعياد ميلادهم..فلماذا لا تكون القضية الفلسطينية والقدس والمقدسات، هدفاً لصراع الأدوار، ومادة لإرضاء النزوات والنزعات الخبيئة والخبيثة عند أصحابها. أما عن مسارات التفاوض والسلام، فقد قطعت جهيرة الإسرائيلية قول كل خطيب..ونتنياهو أبلغ أوباما بان قضيتي القدس واللاجئين، ليستا مدرجتين على جدول أعمال المفاوضات، بل وجعل من استثنائهما شرطاً مسبقاً لاستئناف "المفاوضات غير المشروطة"..فيما أوباما يبلغ عباس بدوره، بأن المفاوضات غير المشروطة، مطلوبة وضرورية، سواء أوقفت إسرائيل الاستيطان أو جمدته، أم استمرت فيه وحثت عملياته. لا نميل في هذه المرحلة للمبالغة والتطيّر في النظر لهذا الاتفاق..ونرى فيه خطوة دفاعية، لدرء التهديد وتفادي الحرج..الاستيطان والتهويد يمسان بالسلطة وهيبتها ومكانتها ومشروعها ومستقبل عاصمة دولتها (غير العضو)، وهي لهذا السبب تتشبث بأي ورقة وأي "قشة" لإنقاذ حطام مشروعها الوطني..وهما أيضاً (الاستيطان والتهويد) يحرجان الأردن، الذي اضطلع بدور الرعاية طوال سنوات وعقود، وحرص على أن تضمن معاهدة سلامه مع إسرائيل، ما يكرس هذا الدور ولا يعطله. من دون اتهامية بـ"التخوين" و"التفريط"..ومن دون احتفائية تصل حد اعتبار الاتفاق نصراً مؤزراً للقدس والمقدسات وفلسطين والأمة، ننظر للاتفاق الأخير بوصفه "محاولة" لوضع بعض العصي في دولاب الاستيطان المتدحرج بتسارع، تقوم على ضم الجهد الأردني إلى جانب الجهد الفلسطيني، في مواجهة الغطرسة والشهية الاستيطانية الإسرائيلية المنفلتتين من كل عقال. وهي محاولة قد يُكتب لها النجاح، وقد لا تحظى به..فإسرائيل فيما خص "العاصمة الأبدية الموحدة"، ليست معنية بأي حال من الأحوال بمجاملة هذا الطرف العربي أو "مسايرة" ذاك..ومن الخطل النظر لإنقاذ المقدسات بمعزل عن التفكير الأبعد والأعمق، بكيفية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والعربية، وهو تفكير يتعين أن يكون من "خارج الصندوق"، ذلك أن لعبة المفاوضات العبثية قد استنفدت أدوارها، وهي لم تعد تخدم سوى عملية شراء الوقت الإسرائيلية بامتياز. مشكلة الاتفاق الأخير، أن طرفيه، ليس لا يتوفران على "خطة ب"، خارج إطار الخطة الوحيدة التي يعرفان: استمرار التفاوض والتعويل والرهان الواهم على ما يمكن أن يخرج عن إسرائيل أو تأتي به الإدارة الأمريكية..وطالما أن حدود الفعل ورد الفعل، لدى كل منهما، معروفة تماماً للجانب الإسرائيلي، فليس من المتوقع أن يكون للاتفاق أثراً جدياً في درء الأخطار وتبديد التهديدات.
في معنى وأبعاد تدويل القضية الفلسطينية
بقلم: فهد سليمان عن صحيفة القدس
(1) حصول دولة فلسطين على العضوية المراقبة في الأمم المتحدة، خطوة ذات شأن لاستعادة القضية الوطنية إلى الإطار الدولي القادر وحده - في المرحلة الحالية - على اجتراح حل متوازن لها؛ إنه خطوة مهمة على طريق التدويل، ومن أهم نتائجه المباشرة وعلى المدى القريب تسهيل أو تمكين دولة فلسطين من الانضمام إلى كيانات دولية تقع ضمن منظومة الأمم المتحدة وخارجها، ما يشكل مكاسب صافية للحركة الفلسطينية ويسلحها بروافع مؤثرة تدفع بأوضاعها إلى الأمام. إن تحقيق هذه المكاسب يتطلب الإقدام على خطوات مدروسة تنطلق من تدرج معيّن لأولويات وطنية ترمي إلى: 1- تأمين أقصى درجات الحماية للشعب الفلسطيني وترابه الوطني، 2- محاصرة سياسية الاحتلال ومحاسبة إسرائيل ومقاضاتها على انتهاكاتها الموصوفة وعزلها دولياً، 3- ترسيخ الشخصية القانونية والمكانة السياسية لدولة فلسطين، 4- تأكيد انتساب منظومتها القانونية والحقوقية إلى المنظومة المعتمدة دولياً. إن تدرج الأولويات الوطنية من الأهم إلى المهم، كما ينعكس في تصنيف عضوية الكيانات الدولية - بما هي اتفاقيات ومنظمات.. - لا يقلل من قيمة اكتساب عضوية أي منها، فجميعها مهمة، ولا يجحف بحق أي إنجاز يتحقق أو خطوة يتم الإقدام عليها، بقدر ما يضعها في الموقع الذي يعود إليها بمقياس الفائدة والأهمية الوطنية والسياسية. من هنا - وعلى سبيل المثال ـ فإن الإنضمام إلى 17 اتفاقية مختصة بحماية البيئة، أو قانون البحار، أو اتفاقية شيكاغو للطيران المدني، أو اتفاقية النقل البري... على أهمية كل واحدة منها في تعزيز مكانة فلسطين وإبراز التزام دولتها بالمرجعيات القانونية الدولية، لا يرقى من الزاوية السياسية والعملية إلى مستوى الإنضمام إلى اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين. إن الاتفاقيات والمنظمات الدولية التي يكتسي التوجه إليها قيمة ونتائج سياسية وعملية استثنائية بأهميتها، هي التي تندرج في إطار القانون الدولي، بالتحديد تحت ثلاثة عناوين: 1- القانون الدولي الإنساني (قانون النزاعات المسلحة)، 2- القانون الجنائي الدولي (من ضمن منظومة العدل الدولية وبما هي نظام قضائي دولي)، 3- قانون حقوق الإنسان (القانون الدولي لحقوق الإنسان انطلاقاً من مبدأ عالمية هذه الحقوق). لماذا هذه الأهمية الاستثنائية؟ - لأن الإتفاقيات والمنظمات الدولية التي ترد ضمن مختلف فروع القانون الدولي، بطبيعتها الاشتباكية المباشرة مع الاحتلال، تقود إلى مجابهة بتجلياته الملموسة على أرض الواقع، كما في المحافل الدولية، وتنال منه.. هذا ما يفسر الذعر الذي يجتاح إسرائيل في المستويات السياسية والأمنية والعسكرية وأوساط المستوطنين، كلما لاح في الأفق إحتمال تفعيل اتفاقيات جنيف لحماية المدنيين، أو محكمة العدل الدولية، أو محكمة الجزاء الدولية.. لأنها تدرك أن هذا الاحتمال سيقترب من التحقق إذا ما قيضّ لدولة فلسطين أن تشغل مكانها في هذه الكيانات الدولية. ما سبق لا يعني، التقليل من قيمة وأهمية الانضمام إلى الاتفاقيات ونيل عضوية المنظمات التي تقع خارج التبويب المباشر للقانون الدولي بعناوينه الثلاثة آنفة الذكر، سواء ما يتعلق منها بقوانين البيئة، أو قانون البحار.. أو ما يتصل بالكيانات المختصة بالعلاقات الدبلوماسية، وعالم الاقتصاد والمال، والزراعة والصناعة والسياحة، والنقل والمواصلات والاتصالات والبريد، والصحة والعمل، والطاقة الذرية، والملكية الفكرية، والأرصاد الجوية، والشرطة الجنائية إلخ.. إن اكتساب عضوية أي من هذه الكيانات يعزز ـ لا ريب - مركز دولة فلسطين ومكانة مؤسساتها الرسمية والوطنية، ويوطد العلاقات مع مثيلاتها في المجتمع الدولي، ويكرس حضورها في المحافل الخارجية على قدم المساواة مع سائر الدول المستقلة ذات السيادة.. كما أنه يسمح ـ بالتداعي ـ بتوسيع دائرة المشاركة في مزيد من الاتفاقيات الدولية، كما كان الحال ـ مثلاً ـ عندما قادت عضوية فلسطين في منظمة اليونسكو (8/12/2011) إلى انضمامها إلى 8 اتفاقيات تتصل بعمل واختصاص المنظمة الدولية. (2) مع الاهتمام المطلوب بالفرص المتاحة لاستثمار ترقية مركز فلسطين في الأمم المتحدة لاكتساب عضوية الكيانات الدولية، يجب أن تُعطى الأولوية إلى تلك المشمولة بأحكام القانون الدولي، من القانون الدولي الإنساني ابتداءً، الذي ترتكز أحكامه على معاهدات عدة يهمنا منها بالدرجة الأولى اتفاقية جنيف الرابعة (1949) المعنية بحماية المدنيين في أوقات الحرب، والتي تنص العديد من قرارات الأمم المتحدة ، كما بيانات المجلس الأوروبي على انطباقها (سريان مفعولها) وتطبيقها على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 67، بما فيها القدس الشرقية. لا يتطلب الإنضمام إلى هذا الكيان (إتفاقيات جنيف) الذي سبق لفلسطين أن تقدمت بطلب الإنتماء إليه في حزيران 1989، سوى رسالة من رئيس دولة فلسطين إلى نظيره السويسري (باعتبار سويسرا هي الدولة الحاضنة للإتفاق) بطلب الانضمام، لتصبح فلسطين من الدول السامية المتعاقدة، بحث تدخل إتفاقية جنيف الرابعة المرتبطة بحماية المدنيين حيّز التنفيذ فور تقديم صك الإنضمام إليها؛ بيما تدخل الاتفاقيات الأخرى والبروتوكولات الإضافية حيّز التنفيذ بعد ستة أشهر من التاريخ المحدد لتقديم صك الانضمام، ولكن في حال وجود الاحتلال - كما هو وضعنا - تدخل حيّز التنفيذ بشكل فوري. (3) تشمل منظومة العدل الدولية 4 مكونات: محكمة العدل الدولية ، محكمة التحكيم الدولية، نظام أو قانون روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية. محكمة العدل الدولية (محكمة لاهاي) المعنية بحل النزاعات بين الدول ستكون أبوابها موصدة أمامنا في الفترة القادمة، باعتبار عضويتها تفترض الحصول على توصية مسبقة من مجلس الأمن، ما سيجعلها تصطدم بالفيتو الأميركي. بالمقابل تستطيع دولة فلسطين أن تصبح عضواً في محكمة التحكيم الدولية من خلال إيداع صك انضمام لدى الحكومة الهولندية. هذه المحكمة المختصة بتسهيل التحكيم بين الدول (وكذلك كيانات أخرى) تبقى محدودة الفائدة بالنسبة للقضية الفلسطينية؛ لذلك يمكن اختزال منظومة العدل الدولية بالمحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت في 1/7/2002 عندما دخل قانون روما الأساسي الخاص بها حيّز التنفيذ. بإمكان فلسطين الانضمام إلى قانون «نظام» روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية من خلال أحد طريقين: عبر إعلان دولة فلسطين عن رغبتها للانضمام إلى نظام روما الأساسي، أو عبر إصدار إعلان من دولة فلسطين بقبول اختصاص محكمة الجنايات الدولية (أي ولايتها القضائية) بموجب المادة 12 (3) ذات الصلة(7). ويبدأ نفاذ هذا النظام في اليوم الأول من الشهر بعد 60 يوماً من إيداع صك الإنضمام. أما صك الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، فإنه لا يتم إلا بعد استكمال إجراءات الإنضمام لنظام روما الأساسي. الآن، وبعد نيل دولة فلسطين العضوية المراقبة في الأمم المتحدة، بات الشرط اللازم لانضمامها إلى نظام روما الأساسي متوفراً، خاصة بعد صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في 13/3/2013 بشأن مكانة الفلسطينيين، الذي جاء فيه: أنه من الآن وصاعداً سيطلق على السلطة الفلسطينية اسم «دولة فلسطين في جميع المعاملات الرسمية والوثائق، وفي جلسات المنظمة الدولية..» و «.. من الآن سيصبح بإمكان الفلسطينيين تقديم مرشحين لتولي مناصب قضائية للمحاكم الجنائية التي تقام بشكل خاص لمعالجة قضية حساسة». القانون الجنائي الدولي كما يعبّر عنه في سياقنا المحدد قانون روما الأساسي يوفر أداة - المحكمة الجنائية الدولية - لملاحقة القضايا والأفراد التي تكون الدول غير قادرة أو غير راغبة «كما هو حال إسرائيل» على إتخاذ إجراءات بشأنها. وتمارس المحكمة الجنائية الدولية اختصاصاً على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية المعرفة بالتحديد في نظام روما الأساسي لتفادي أي غموض أو التباس، كما وجريمة العدوان التي تنص على أن الإحتلال شكل من أشكال العدوان (والتي سيبدأ العمل بها في العام 2017). وعلى عكس المحاكم الدولية الأخرى، يجوز للمحكمة الجنائية الدولية إتخاذ إجراءات ضد الأفراد، ما يوفر بالتالي إمكانية ملاحقة مسؤولين، ضباط، جنود، مستوطنين.. بتهمة ارتكاب انتهاكات حرب، لا بل يعيد طرح مسألة الاستيطان باعتباره - حسب نظام المحكمة الجنائية الدولية - يحمل هذه الصفة. من هنا خوف إسرائيل من أن تطالها يد العدالة التي ستصبح قادرة، بعد أن تحسنت فرص دولة فلسطين ومواقعها لتحريك روافع القانون بمختلف فروعه. (4) يوجد تسع معاهدات دولية أساسية لحقوق الإنسان، تدعي إسرائيل عدم انطباقها على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 67، ومنها: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية (1966)، واتفاقية حقوق الطفل (1989). ويستند زعم إسرائيل هذا إلى أن مقاصد معاهدات حقوق الإنسان هي حماية المواطنين من حكوماتهم ذاتها في أوقات السلم، وعلى أساس من ذلك استبعدت الشعب الفلسطيني في مناطق الـ67 من التمتع بالحقوق التي تكفلها تلك المعاهدات. لقد دحضت فتوى محكمة لاهاي (2004) هذا الإدعاء وأكدت انطباق إتفاقيات وعهود حقوق الإنسان على الأرض الفلسطينية المحتلة، وتكرر ذلك في عدد من قرارات الأمم المتحدة. إن دولة فلسطين مطالبة بتقديم صك الانضمام إلى منظومة حقوق الانسان الدولية: الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1966) ذات الأهمية البالغة بالنسبة لوضع الضفة الغربية والقدس، والإتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (1973) التي تستمد أهميتها على ضوء جدار الفصل وممارسات إسرائيل العنصرية، وإتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1984)،.. إن إنضمام دولة فلسطين إلى إتفاقيات حقوق الإنسان الدولية تسقط زعم إسرائيل بعدم سريانها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحسم مسألة العلاقة بين القانون الإنساني الدولي (قانون الحرب أو قانون النزاعات المسلحة) وقانون حقوق الإنسان (حماية المواطنين من حكوماتهم في أوقات السلم)، باعتبارهما ينطبقان معاً على الحالة الفلسطينية في المناطق المحتلة؛ وبذلك يتم كشف سياسة الإحتلال العنصرية، الإستيطانية.. وإستنهاض الحالة الدولية في مواجهتها. من جهة أخرى، فإن لتوقيع دولة فلسطين على بعض اتفاقيات حقوق الإنسان (مثلاً: إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة - السيداو) من شأنه أيضاً أن يحصّن الحالة الداخلية الفلسطينية ويقويها بإزاء مخاطر وإحتمالات ارتداد النظام السياسي الفلسطيني عن نهج الديمقراطية والتعددية وضمان الحريات العامة والخاصة والمساواة بين المواطنين، بما في ذلك المساواة بين المرأة والرجل.. (5) لم تكن القيادة الفلسطينية لتتوجه إلى الأمم المتحدة بطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين (2011) ومن ثم المراقبة (2012)، لولا جمود المفاوضات والضغط الخارجي لاستئنافها بنفس الشروط التي تسببت بفشلها وحوّلتها إلى غطاء لبقاء الاحتلال ومواصلة الاستيطان. ويقود تقرير هذا الواقع إلى طرح السؤال التالي: هل يعبر التوجه إلى الأمم المتحدة عن تبنٍ لإستراتيجية يشكل تدويل القضية الوطنية أحد مرتكزاتها بالتضافر مع المقاومة الشعبية الممتدة. أما أنه مجرد وقفة تعبوية في الوقت الضائع قبل الارتداد إلى المسار السابق، أي إلى مفاوضات غير مستوفية لشروط جدواها، ناهيك عن نجاحها.. إن معاينة أسلوب التعاطي الفلسطيني الرسمي مع ما تفتحه العضوية المراقبة في الأمم المتحدة من آفاق لا يشير إلى حسم الخيار لجهة اعتماد إستراتيجية جديدة تقوم على تجميع عناصر القوة واستعادة المبادرة، لتؤسس على الأرض وفي الفضاء السياسي معاً نسبة قوى تأتي بالاستقلال على أنقاض الاحتلال. هذا ما يؤشر إليه واقع تردد القيادة الرسمية - إن لم يكن إحجامها - بعد مضي أكثر من ثلاثة شهور على قرار العضوية المراقبة، في فتح الانضمام إلى الاتفاقيات والمنظمات الدولية تحت وطأة الضغط الخارجي (الأميركي خاصة)، وهو ما لا تنفيه القيادة الرسمية، بل تتكلم عنه من موقع أقرب ما يكون إلى التسليم بمفاعيله في اجتماعات اللجنة التنفيذية وغيرها.. ولعل الدراسة التي سبق الاستشهاد بها، الصادرة عن دائرة المفاوضات في م.ت.ف (وهي الدائرة المعنية بتحضير وإدارة ملف مواصلة الهجوم السياسي والدبلوماسي)، تعكس - إلى حد ما - بوضوح الحالة الذهنية السائدة على مستوى مركز القرار الرسمي وطريقة تفكيره.. فماذا تقول هذه الدراسة، وما هو المدلول السياسي لكلامها؟ أنها تعيّن معايير تحديد الأولويات بالنسبة لعضوية الكيانات الدولية كما يلي: «إن تسلسل الدخول والإنضمام للمنظمات الدولية والمواثيق والبروتوكولات وأولوياته جاء (في الدراسة) وفقاً لمعايير، منها: عدم الصدام مع المجتمع الدولي وتعريض مصالح شعبنا العليا للخطر»(ص3).. قبل أن تصل إلى جوهر الموقف بالخلاصة الرئيسية التي تؤكد فيها الدراسة «.. على أن خيارنا يتمثل بإعطاء فرصة للعملية السياسية ضمن سقف زمني محدد وبرعاية دولية ملائمة للتوصل إلى تنفيذ حل الدولتين على حدود 1967»(ص3). حيال هذا الموقف، وعلى خلفية تجربة تجاوزت عقدين من الزمن، نعلن أننا لسنا من أصحاب الرأي الذي يرهن التقدم على طريق ما يترتب من مكاسب سياسية جرّاء نيل العضوية المراقبة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة بمدى تقدم العملية السياسية (أي المفاوضات)، تعثرها أو انقطاعها.. بل نمثل الموقف الذي يتبنى أسلوب التقدم دونما إبطاء - مع التقيّد بالجوانب الإجرائية واجبة الإتباع - على طريق حصد النتائج السياسية والدبلوماسية والإجرائية العملية الناجمة عن اعتماد العضوية المراقبة. إن الفارق واضح بين أسلوب تعاطٍ يقوم على توظيف انتقائي لمكسب العضوية المراقبة يستتبعها - سياسياً وعملياً - لمسار عملية تفاوضية ظهّرت وقائع مرحلة بكاملها عدم جدواها، وقطعت بعقم الرهان الحصري على نتائجها.. وأسلوب تعاطٍ آخر يرى في مواصلة الهجوم السياسي والدبلوماسي - ونيل العضوية المراقبة إحدى محطاتها الإنتقالية المهمة ليس إلا - سلاحاً متعدد الأغراض، يبدأ بمواصلة التقدم من أجل تجسيد مقوّمات الدولة بتوسيع دائرة الإعتراف بها دولياً، والاعتراف بالحقوق الوطنية التي ترفع رايتها؛ ويمر بتأمين الحماية الدولية لشعبنا المقيم تحت الإحتلال ولنضالاته المشروعة للتحرر، لتنتهي بفرض العزلة الدولية بشكل متزايد على إسرائيل وتضييق الخناق على إحتلالها واستيطانها، وتعريضها - بهذه الصفة - للمساءلة الدولية، لا بل محاكمتها ومقاضاة مسؤوليها على الانتهاكات التي تقترفها بحق شعب فلسطين. كما أن المسافة بيّنة يبن أسلوب يرمي إلى توظيف المكسب السياسي المحقق في خدمة الضغط - المشكوك بنتائجه - على إسرائيل للإفراج عن مفاوضات بوهم جدواها هذه المرة؛ وآخر يرمي إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية والمجتمع الدولي من أجل تحرير الشعب الفلسطيني من الاحتلال واستيطانه ، واختصار مرحلة العذاب وصولاً إلى الخلاص الوطني بشتّى أشكال الاشتباك ووسائله (بما فيها المفاوضات المجدية عندما تنعقد شروطها). لقد آن الأوان لمغادرة السياسة الرسمية الإنتظارية التي تقف على عتبة المنعطفات والاستحقاقات دون مد اليد لفتح أبوابها للسير في دروبها: باب المصالحة التي تحوّلت إلى محطات في المناسبات للحوار الخاوي؛ باب التجديد الديمقراطي لمنظمة التحرير التي تتواصل عملية تفكيك أوصالها، باب المقاومة الشعبية التي باتت وظيفة الكلام عنها ليس ممارستها، بل إحلالها مكان المقاومة عموماً..؛ وعلى ذات النسق نتابع: لن يكون من المصلحة الوطنية بشيء أن يقود طول الانتظار أمام باب الكيانات الدولية إلى الارتداد للصيغ الراحلة من خلال رباعية دولية تآكل دورها.. أو مفاوضات تدور على نفسها في أرض قاحلة. إن تدويل القضية الوطنية يعني إعادتها إلى رحاب الشرعية الدولية بمؤسساتها وقراراتها بعد أن صادرت دورها لفترة الرباعية الدولية والمفاوضات الفاشلة بمختلف صيغها (إستكشافية، تقريبية..) التي خرجت من كمّها. إن العضوية المراقبة في الأمم المتحدة خطوة مهمة على هذا الطريق، وسوف تتضاعف أهميتها بانضمام دولة فلسطين إلى الكيانات الدولية (وبخاصة تلك القائمة على القانون الدولي).. وجميعها روافد ثمينة تصب في مجرى تعزيز قدرة المجتمع الدولي في سعيه لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وتركيز تلك العوامل التي بتضافرها سوف تفرض العزلة على الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين مازالتا تعترضان سبيل اضطلاع الشرعية الدولية بدورها من خلال تطبيق قراراتها. انطلاقا من هذا، تضحى مواصلة الهجوم السياسي والدبلوماسي ركيزة رئيسية لإستراتيجية جديدة تكتمل بتوفير مقومات صمود المجتمع الفلسطيني تحت الإحتلال، وفي كل مكان يتعرض فيه لمحاولات ومشاريع التفكيك المجتمعي والتبديد والتهجير المتجدد، وبالمقاومة الشعبية وصولاً إلى العصيان الوطني الشامل في الأراضي المحتلة.. وفي امتدادها الاستراتيجية الدفاعية في القطاع، وحركة اللاجئين في الشتات. هوامش (1) إتفاقيات جنيف (1949) كناية عن 4 إتفاقيات و3 بروتوكولات إضافية: إتفاقية جنيف الأولى: المعنية بتوفير الحماية والرعاية بجرحى ومرضى القوات المسلحة في ميدان المعارك. إتفاقية جنيف الثانية: المعنية بحماية ورعاية جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار. إتفاقية جنيف الثالثة: المعنية بمعاملة أسرى الحرب. إتفاقية جنيف الرابعة: المعنية بحماية المدنيين في أوقات الحرب. البرتوكول الأول الإضافي (1977): المعني بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة. البروتوكول الثاني الإضافي(1977): المعني بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية. البروتوكول الثالث الإضافي (2005): الذي يضيف شارة جديدة للحماية هي الكريستالة (البلورة) الحمراء، إلى جانب الشارتين المعمول بهما وهما الصليب الأحمر والهلال الأحمر. (2) إلى جانب قرارات الأمم المتحدة أكدت فتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي (9/7/2004) أن إتفاقية جنيف الرابعة واجبة التطبيق في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 67، بما فيها القدس الشرقية، وأن إسرائيل تنتهك أحكاما عدة من الإتفاقية. من جهة أخرى، أكد مؤتمر الأطراف المتعاقدة السامية في إتفاقية جنيف الرابعة المعني بالتدابير الرامية إلى إنفاذ الإتفاقية على الأرض الفلسطينية (15/7/1999)، والإعلان الذي اعتمده المؤتمر الذي أُعيد عقده في 5/12/2001 إلى ضرورة أن تتابع الأطراف تنفيذ الإعلان. (3) آخرها بيان المجلس الأوروبي (بروكسيل، في 14/5/2012) حيث ورد ما يلي: «يؤكد الإتحاد الأوروبي أن القانون الدولي الإنساني وبما يشمل إتفاق جنيف الرابع ينطبق على الأرض الفلسطينية المحتلة». (4) الإجراءات واجبة الإتباع الواردة في هذه الفقرة الخاصة بالإنضمام إلى إتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الثلاثة، كما والإجراءات المطلوبة للإنضمام إلى الكيانات الدولية الأخرى التي سترد تباعاً في هذه الورقة، تم اقتباسها من الدراسة المقدمة من د. صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؛ وقد صدرت هذه الدراسة في مطلع العام 2013 عن دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير باللغتين العربية والإنجليزية بعنوان: «الإجراءات القانونية واجبة الإتباع لحصول دولة فلسطين على العضوية في المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة والإنضمام للإتفاقيات والبروتوكولات والمعاهدات والمواثيق الدولية». (5) تقع محكمة العدل الدولية خارج إطار وكالات الأمم المتحدة المتخصصة الـ18، وهي إحدى المكونات الستة لـ«منظومة الأمم المتحدة» التي تضم أيضاً: الجمعية العامة، مجلس الأمن، مجلس الوصاية، الأمانة العامة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. (6) تقع محكمة التحكيم الدولية خارج إطار منظومة الأمم المتحدة ووكالاتها المختصة وقد تأسست في العام 1899. (7) أودعت فلسطين في 22/1/2009 إعلاناً بموجب هذه المادة يقبل بممارسة المحكمة الجنائية الدولية لولايتها القضائية على «الأفعال التي أُرتكبت في الأرض الفلسطينية منذ 1/7/2002». وقد أصدر مكتب المدعي العام (موكامبو) لدى المحكمة الجنائية الدولية في 3/4/2012 بياناً أوضح فيه أن بإمكان المكتب أن ينظر في المستقبل بهذا الأمر «إذا قامت أجهزة مختصة في الأمم المتحدة أو جمعية الدول الأطراف في نظام روما من بتحديد ما إذا كانت فلسطين مؤهلة لأن تصبح دولة لأغراض الإنضمام إلى «نظام روما الأساسي». (8) حول الإجراءات القانونية واجبة الإتباع للحصول على عضوية المنظمات الدولية الخ..
مع الهند: حجم التاريخ ومقتضى السياسة
بقلم: عدلي صادق عن صحيفة الحياة الجديدة
شأن القادم اليوم الى بلادنا، بالطائرة، من بلاد الهند، كشأن القادم من الهند ذاتها، في العصور الغابرة، على ظهر بعير، أو على متن واحد من قوارب الأقدمين. فكلا العائِدَيْن من أرض الأساطير، يصل محملاً بصور ومشاهدات وبهارات وتجارب، وما لا يتوافر مثله ـ وإن توافرت أشباهه ـ مما يلزم الحياة الدنيا وبعض الآخرة. وإن سُئل واحدٌ بدت عليه وعثاء السفر، من أين جاء؟ فقال من الهند. سرعان ما يبتسم السائل لبهجة الإجابة أو لعنصر الإثارة فيها، حتى ولو كان غاضباً قبل أن يستفسر. وهذا لا يحدث مع القادم من أميركا أو روسيا أو بريطانيا، إذ لا ابتسامة ولا اندهاش من شيء. وحتى الصين، فبعد تكرار التردد الكثيف عليها، واهتمام المترددين بوسط محدد من البلاد الصينية، وهو مكاتب شركات انتاج السلع وحاويات البضائع؛ فلم يعد جواب المرء حين يقول إنه وصل لتوّه من الصين، يثير السائل أو يستحث ابتسامته.
فكأن ثمة شيئا خاصا، في وعي كل إنسان عربي، يتعلق بالهند. هذا الشيء يتدرج أو يختلف حسب تدرجات الوعي أو مستويات الإطلال على الظاهرة الهندية الشاسعة، شديدة التنوع!
فمن الناس، حين يبتسم، يكون تلقى إشارات من وعيه الباطني، تتعلق بالأساطير والأديان ومصورات الآلهة ذات الأيدي الكثيرة، أو يتذكر المدارس الفقهية الإسلامية، التي أنتجت الكثير من الأفكار واستحدثت العديد من الطبائع التي باتت جزءاً من الطقوس الصوفية. ومن الناس من يتذكر الفيلم الهندي، الذي بات رمزاً للمبالغة والسرد اللا واقعي للأحداث. فانطباعات العرب وغيرهم عن الهند والهنود، تتناقض وتختلف عند الشخص الواحد، لأن من يتأفف من حال الفقير أو الناسك، أو من العُري في الفقر، في الوسط الإعلامي أو النخبوي؛ يكون هو نفسه المندهش من جمال الهنديات المليحات، اللاتي يحتللن ما يزيد عن نصف المساحات المخصصة لصور الجميلات في الصفحات الأخيرة، من صحافة العالم، إذ بتن رمزاً للجمال الشرقي ومرغوبيته.
* * *
الهنود أنفسهم على أية حال، يقولون إن العرب، في الأزمان السحيقة، هم الذين لعبوا دوراً حاسماً في منح الهندوسية ـ كدين ـ اسمها وإطار التعريف بها، لأنهم هم أول الأعراق التي أشارت الى الجماعة البشرية التي سكنت حوض نهر "إندوس" أو "هندو" بأنها هنود، وهم الذين أطلقوا على بلادها اسم الهند. كان العالم العربي، بالنسبة للهنود، هو بوابة الدخول الى القارة القديمة. لذا حدث في ذلك السياق، قدر هائل من الروابط في الاقتصاد والثقافة والفنون ومن ثم في الصلات الدينية بعد وصول الإسلام مبكراً الى الهند، عن طريق التجار، وذلك بدءاً بولاية كيرالا، في القرن السابع الميلادي.
وعلى مر التاريخ، كانت الهند، بطبيعتها الفاتنة، وفرادتها وتنوعها الثقافي، مقصداً للعرب ومصدر إلهام ومقصداً لجلب الخير أو التنعم به. بل إن اسمها، في حال التأنيث، ظل يرمز على مر العصور، للجمال فأطلق على المرأة المليحة، وزُينت به السيوف البديعة الصقيلة.
بخلاف ذلك، كله، فإن لحكاية الإسلام في الهند سياقا آخر مشوقا. لكن الإشارة العاجلة، التي يقتضي التنويه اليها هنا، أن السياسات العربية، الفاقدة لعنصر التخطيط الاستراتيجي الذي يستلهم اعتبارات المصالح بقدر استلهامه عبر التاريخ ودروسه، أتاحت لإسرائيل أن تؤسس علاقات متنامية مع الهند، كان يمكن للعرب تغطية الجزء الأعظم منها، حتى لو كان ذلك يتعلق منه بمنظومات الصواريخ وتحديث السلاح الروسي. فلو فعلت الدول ذات التسلح الروسي الذي مر عليه أكثر من نصف القرن، ما فعلته اسرائيل التي استقطبت كثيرين، من علماء الصناعات العسكرية، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لكان العرب قادرين على تطوير اقتصاداتهم حتى من خلال سوق السلاح في بلدان آسيا وأفريقيا. فمثلما استقطبت إسرائيل علماء من أصول يهودية، أو علماء زعموا أنهم كذلك؛ كان العرب قادرين على استقطاب عدد أكبر من العلماء والمهندسين، من مسلمي دول الاتحاد السوفياتي السابق، ومن المسيحيين وهم الأقرب الى كنيستنا الأورثوذكسية.
وعلى الرغم من استفادة الاقتصاد الهندي من العرب متفرقين؛ فإن السياسات لم تستجمع هذه الأوراق للاستفادة منها. ثم كان للإرهاب الأعمى، الذي ضرب عدة مرات في الهند، أثره السلبي المتمثل في فتح الباب على مصراعيه، لدخول إسرائيل ببضاعة الكترونية تتعلق بمراقبة السواحل، لمنع التسلل، وببضاعة منظومات الصواريخ والطائرات بلا طيار. وبالطبع، لم يستفد المعتوهون شيئاً، عندما ضربوا في مومبي مثلاً وأردوا الأبرياء. فقد حدث المزيد من الربح لإسرائيل. أما قتل الأبرياء، فقد أوقع خسارة لسمعة المسلمين ولا ربح فيها للمهاجمين ولا للأمة التي يزعمون أنهم يجاهدون من اجلها. وبعد تلك الهجمات، زادت الحساسية العسكرية، لدى الهند ولدى بلدان المنطقة، علماً بأن شعوب هذه البلدان جميعها، أحوج ما تكون الى تغطية اكلاف التطوير والتنمية.
إن علاقات الهند مع العرب، في حاجة الى تخطيط محكم، لاسترجاع تاريخ الصلات الوثيقة بين الأمتين. وإن كان صعباً رسم استراتيجية للعلاقة العربية الأميركية، بسبب صعوبة ذلك على معظم الحكومات، فليس أسهل من رسم استراتيجية لعلاقة هندية عربية، تحضر فيها السياسة مع الاقتصاد، والثقافة، والدين والعلم والتعليم، ومشروعات التنمية والتصنيع المشترك. إن لم نفعل ذلك، سنكون أضعنا من رصيدنا علاقة ثمينة مع أمة صديقة تقليدياً، وستتضاعف خلال السنوات القليلة المقبلة، استفادة إسرائيل من الهند. فهي الآن نحو عشرة مليارات دولار سنوياً، مرشحة للزيادة بمعدلات سريعة، وهنا تتبدى السياسات، أقل وأدنى من حجم التاريخ بكثير.
قمة الدوحة وشرعنة الانقسام والفوضى العربية
بقلم: فرسان التايه عن وكالة معا
انعقدت القمة العربية الرابعة والعشرون في العاصمة القطرية الدوحة في ظروف سادت فيها الخلافات بين الدول العربية، وذلك نتيجة ما عصف في الوطن العربي من أحداث خلال العامين الماضيين والتي مازالت تداعياتها قائمة حتى هذه اللحظة، وما أطلق عليه أيضا من مسميات "الربيع العربي أو الثورات العربية "والتي بمجملها شرّعت التدخل الدولي والغربي في شؤون الدول العربية تحت شعار تحقيق الديمقراطية، وتغيير أنظمة الحكم في الدول العربية، وما أعقب ذلك أيضا من خلل في العلاقات العربية والإقليمية.
وبنظر الكثير من المراقبين فإن قمة الدوحة جاءت تتويجا لهذه الخلافات العربية، وعاملا حاسما في تشريع التدخل الدولي في الشؤون الداخلية للدول العربية عبر الأطر الرسمية العربية ممثلة في الجامعة العربية التي لعبت دورا سلبيا في التعاطي مع الخلافات والقضايا العربية الراهنة، وعلى رأسها الأزمة السورية بدء من تجميد عضوية سوريا في الجامعة، ودعم المعارضة الخارجية وتسليحها.
إن قمة الدوحة بقراراتها قد كرّست الانقسام العربي والسوري عبر كسرها الأعراف السياسية والدبلوماسية التي تشكل الحدود الدنيا في العمل العربي المشترك من خلال استبدال عضوية سوريا كدولة مؤسس في جامعة الدول العربية بمقعد ما يسمى بالائتلاف المعارض الأمر الذي اعتبر وبنظر المراقبين والمحللين دعوة صريحة إلى زيادة وتيرة العنف والدمار داخل سوريا عبر ترك الحرية للدول العربية منفردة لتزويد المعارضة بالسلاح والأموال وهو ما فسر أيضا بوجود دول عربية كانت تقود مبادرات وتروج لقرارات معدة سلفا تهدف إلى إذكاء وتيرة العنف في سوريا والعمل على شطبها من الجامعة العربية بذريعة قتل المدنيين وانتهاك حقوق الإنسان دون الالتفات لما يمارس من إرهاب وتدمير بحق الدولة السورية ومؤسساتها ومواطنيها.
من هنا فإن قمة الدوحة التي عجزت عن توصيف حقيقة ما يجري داخل سوريا قد أغلقت الأبواب أمام أي حل سلمي يمكن أن تقوم به الجامعة العربية، بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك عندما دعت هذه القمة إلى تحرير سوريا بدل الدعوة إلى تحرير فلسطين فاتحة بذلك الأبواب أمام الأنظمة العربية كلما تنازعت إلى سلب شرعيتها وتمثيلها السياسي وتعزيز الخلافات تحت شرعة الجامعة العربية الأمر الذي يضع علامة تساؤل حول مستقبل الجامعة العربية والقمم العربية القادمة ودورها في رأب الصدع والخلافات العربية.
ما هو المطلوب من «فتح» و«حماس»؟
بقلم: فيصل أبو خضرا عن صحيفة القدس
ان الشعب الفلسطيني يائس من حالة الانقسام البغيض كما انه يائس من المطالبة بإنهاء هذه الحالة، ولربما يأتي اليوم الذي نتصالح فيه مع المحتل قبل التصالح الداخلي!! لذلك يطلب الشعب الفلسطيني من كل فصيل ان يضع خطة لنفسه وينفذها وليس بالكلام فقط او بخطب رنانة قرفنا من تردادها. مثال على ذلك ان السلطة في الضفة تقول الشيء وتنفذه، وحسناً فعلت عندما تقدمت للجمعية العامة للامم المتحدة وانتزعت بحق ان يكون للشعب الفلسطيني دولة ذات حدود معروفة ولو انها دولة مراقب بالرغم من امتناع أميركا المذل التي تدعي انها الدولة الاكبر في العالم حامية الديمقراطيات وحريات الشعوب و بالنهاية تحمي دولة محتلة وظالمة لشعب يطلب السلام بأقل كثير مما يستحق ثم يأتي رئيس هذه الدولة ويعلن بكل صراحة بأن امريكا الداعم الأبدي لاسرائيل التي تقول وتعلن صراحة انها دولة يهودية ، اي انها دولة «الابارتهايد» ولا يهمها باقي الشعب غير اليهودي. ومن ثم يزور المقاطعة ويستقبله الرئيس محمود عباس استقبال رئيس دولة لها حدودها ولكنها دولة محتلة وهذه خطوة ذكية من السلطة لانها بذلك تشكل اعترافاً امريكياً واضحاً وصريحاً ان الرئيس أوباما يعترف بدولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧م ولا يعترف بما تفعله دولة الابارتهايد في الدولة الفلسطينية المعترف بها دولياً بما فيها أمريكيا. كما ان دعم امريكا المادي له قيمة معنوية ولو انها بدت كترضية او رشوة او اعتذار عما فعلته بالجمعية العمومية لإرضاء اللوبي الصهيوني في واشنطن- اي انها تضرب بكف وتعدل بطاقية-. لا بأس في ذلك، ولكن على السلطة الان وبدون تأخير ان تبقي على صلابة موقفها وتستعمل كل قنواتها العادلة والقانونية بجميع المحافل الدولية للحصول على كل حقوقها كدولة محتلة لها حقوقها بالرغم من عدم موافقة امريكا لان اميركا اعترفت بهذه الدولة عملياً وبالنهاية لا تستطيع التراجع عن هذا الاعتراف. اي ان السلطة تبقى على وتيرة القوة لا الضعف، وذلك كما قال لي شخصيا الرئيس الامريكي بوش الاب بأن سياسة امريكا تحب القوي اما الضعيف فلا تهتم به حتى لو ان له حقوق. > كما ان على السلطة الان ان تقف وقفة قوية مع شعبها الذي يقوم اليوم بهبة تعطي درس قوي للمحتل بان دماء اسرانا القابعين بسجون الاحتلال لم ولن تذهب بدون عقاب وهذا افضل وقت للسلطة ان تحافظ على أرواح وكرامة شعبها سواء في المعتقلات او خارج المعتقلات. كما ان على الشعب ان لا يقوم بأي عمل مؤذ كالقتل، اي ان يقاوم الشرطة او الجيش وتكون انتفاضته سلمية كالانتفاضة الاولى والتي تسمى بانتفاضة الحجارة. اما حماس فعليها ان ترفع الظلم عن بقية الفصائل كي يأخذوا دورهم في مقاومة الاحتلال وبدون صواريخ يستعملها المحتل كذريعة للقيام بأعمال إجرامية ضد الشعب في غزة. كما ان على «حماس» ان تقوم بالاشتراك مع بقية الفصائل بجهد موحد في مواجهة تحديات الاحتلال لتثبت ان الشعب في الضفة وفي غزة سياسته واحدة ضد الاحتلال الاسرائيلي. من واجب حماس الان سياسياً ان تقترب من الدول العربية كلها خاصة وتثبت بالفعل وليس بالقول ولتتذكر ان السعودية من عهد مؤسسها تدعم بقوة القضية الفلسطينية ان كان سياسيا او ماديا ولتتذكر حماس انه لولا وقوف السعودية ضد اي تفكير من امريكا او غير امريكا لنقل سفارتها للقدس لكانت كارثة. اي ان على حماس ان تبتعد عن كل ما يمس الامن القومي العربي وذلك لسبب بسيط وهو ان ايران و من زمن الشاه احتلت جزر الامارات وبعد ثورة العمائم لم تغير موقفها بل بالعكس زادت أستفزازاتها الوقحة بشكل يبرهن للأعمى انها ضد الامة العربية كلها وان ما تغدقه من اموال لا تساوي ذرة من الامن القومي العربي. خلاصة القول وفي حالة الانقسام المعيب هذا يجب ان نكون يدا واحدة ضد المحتل والله الموفق.
إسرائيل.. "ومسمار جحا"!!
بقلم: عطالله منصور عن صحيفة القدس
تعرفت عليه قبل اربعين عاما ونيف. كان يومها صحفيا متدربا في صحيفة بريطانية . التقيت به عدة مرات اثناء زياراته للبلاد وكان هو المبادر لكافة هذه اللقاءات واظن انني سمعته يقول لي بان له اقارب يعيشون في حيفا اثناء الانتفاضة الاولى ومن يومها عرفت انه من ابناء عمومتنا ولم الاحظ قبل ذلك مما قال بانه معاد للعرب. كنت - ولا ازال- اعتقد بانه بريطاني الهوية والمواقف السياسية التقليدية. واذكر انه اظهر استغرابه -يومها - من هبة الثورة الشعبية العارمة وفشل سلطات الحكم العسكري في استيعاب هذا المد الشعبي !. لقد كان معجبا بمهارة الخبراء بالشؤون العربية في اسرائيل وكان ان اعترف لي بان زيارته لي جاءت ضمن مسعاه للحصول على الموقف الاخر ضمن الشروط المهنية المتعارف عليها في صحافة الشعوب الراقية التي تحاول تقديم صورة شاملة عن مواقف طرفي النزاع.وكان رده على ما قلته بعد سماع اعترافاته هذه بان اكد لي بانه لن يعود لزيارة اسرائيل الا اذا اجبر على ذلك. وعاد مرة اخرى لزيارتي قبل ايام حاملا "رسالة" حزينة. قال انه قابل بعض الخبراء في مجريات الامور في المؤسسة الحاكمة في اسرائيل وسمع منهم ما هزه من الاعماق. لماذا :لان الهوة تتسع بين اسرائيل والعالم العربي!. قلت:لا اعتقد بان العالم العربي اليوم يشغل نفسه بالشأن الفلسطيني ولديه مشاكل محلية في سوريا ومصر والعراق وليبيا واليمن وبين هذه الدول وتلك مما يؤدي الى شلل شامل لكل تحرك قومي مشترك لكافة او اغلبية الدول العربية. قال : وهذا بالضبط هو ما يقلقني. لان احاديثى مع الخبراء في اسرائيل توحي الي بان اسرائيل اليوم لم تعد تشغل نفسها بما يجري مع جيرانها ( حتى في الامور الامنية) لان انشغال العرب بالصراع الدموي بين التيارات المختلفة اضعفت الجيوش والاقتصاد الوطني وخلقت الضغائن بين مختلف الفئات الشعبية الى درجة راحت تهدد وحدة الدول القائمة والغت مجرد التفكير في الوحدة القومية للعرب. قلت : ان رياح الطمأنينة الامنية التي راحت تهب على اسرائيل شجعت الدعوة لتقليص ميزانية الجيش لسد العجز في ميزانية الدولة الذي يعدها وزير المالية الجديد , ولكن جنرالات الجيش وانصارهم يقولون بان خطر قيام الجيوش العربية بغزو حدود اسرائيل قد تقلص كثيرا ولكن اعمال حرب العصابات وتهديد الجبهة الداخلية بقصف من صواريخ الكاتيوشا وما اشبه قد يفرض على الجيش عبئا اثقل من خطر الجيوش التقليدية, ويطالبون بدراسات تصل الى نتيجة قد تفرض زيادة مخصصات الامن من ميزانية الدولة . سأل : وهل ترى بان الجمود بين اسرائيل وفلسطين يؤدي الى قرار فلسطيني بإلغاء السلطة الفلسطينية و"اعادة المفاتيح" الى نتنياهو ؟ قلت : لا اتوقع شيئا من هذا ولا انصح به لان السلطة الفلسطينية والاعتراف الدولي بدولة فلسطينية يشكل انجازا وطنيا حلم به الشعب الفلسطيني ومنه اصبح الفلسطيني يرى على الافق بشائر الاستقلال الناجز والحياة الكريمة, وبهذا الانجاز حصل الشعب الفلسطيني على منبر دولي شرعي للمطالبة بحقوقه وتجنيد الانصار والحلفاء ودخول مختلف المؤسسات الدولية السياسية والاقتصادية والقضائية والثقافية! قال : ولكن اسرائيل تمتلك اليوم تبريرا لرفضها التوصل الى سلام شامل من السلطة التي تحكم الضفة الغربية بدون قطاع غزة!. قلت: لا شك عندي بان نتنياهو وحكومته اللذين لن يتركا الضفة الغربية الا رغم انفهما سيعملان من قطاع غزة " مسمار جحا"! ( وكان علىّ او اوضح لضيفي قصة الدار التي باعها جحا واستبقى له فيها مسمارا اشترط ان يحتفظ بحق الاستمرار بزيارته لانه عزيز على نفسه لكونه يذكره بوالده). قال: وقد سمعت من مصادر موثوقة بان اسرائيل تأمل بمساعدة اميركية-مصرية ان تحصل على استقرار على حدودها مع غزة وتقدم ثمنه لتركيا ومصر وحماس الغاء للحصار على غزة لتحصل على هدنة رسمية - طويلة المدى- مع غزة! وقبل ان اسأله عما ينوون العمل به بشأن مناطق السلطة الفلسطينية قال : المشاكل مع السلطة الفلسطينية معقدة ومتشابكة حتى لو توقف الاستيطان هل سيقبل الطرف الفلسطيني بالمستوطنين ضمن الدولة الفلسطينية؟ هل سيرضون بتبادل سكان بين اسرائيل وفلسطين؟ والقدس؟ لا ارى من الافق ولا خلف الافق اتفاقية سلام. قد يتم الاستجابة لمطلب اطلاق سراح الاسرى وقد يتوقف الاستيطان ولكن المشاكل المعقدة والمزمنة ستبقى لسنوات طويلة تنتظر ظروفا مناسبة لحلها.
"حماس": الصفقة الداخلية!
بقلم: رجب أبو سرية عن صحيفة الأيام
أظهر التوافق حول الوضع التنظيمي الداخلي، الذي توصلت إليه أطراف "حماس"، أن كل ما كان يعلنه بعض الناطقين باسمها، أو بعض كوادرها، فيما يخص "مؤتمراتها" أو اجتماعاتها الداخلية، بهدف انتخاب مكتب سياسي جديد، لم يكن إلا دليل أزمة، وأن التفاعلات داخل الحركة، أبعد ما تكون عن الديموقراطية التي تعني أن اختيار الرأس القيادي، يكون عبر الانتخاب الحر لأعضاء الحركة وكوادرها.
فالحركة، حتى وبعد أن صارت تنظيماً شبه علني، تحكم كسلطة مطلقة في قطاع غزة، ويجتمع قادتها في مصر الإخوانية، دون أي تحفظ، لم تعقد مؤتمراً عاماً، على طريقة الأحزاب الديموقراطية أو حتى الفصائل الفلسطينية، التي تعيش ظروفاً مشابهة لظروف "حماس" تماماً، وما زالت الحركة لهذا السبب بالذات ودون غيره، "ملتبسة" فيما يخص برنامجها السياسي، الذي عادة ما تقره المؤتمرات الحزبية، وفيما يخص تشكيلاتها القيادية، التي من المفترض أن تنجم عن المؤتمر القاعدي، أي ما يسمى مجلس الشورى، الذي يقابل المجلس الثوري في "فتح"، أو اللجنة المركزية في فصائل اليسار الفلسطيني، ومن ثم المكتب السياسي، الذي يقابل مركزية "فتح" والمكاتب السياسية للأحزاب عادة وفصائل اليسار الفلسطيني.
تعتمد "حماس" إذاً طريقة التوافق بدلاً عن الانتخاب، والتوافق تم بين "مراكز القوة" في الحركة، وتم اختيار رئيس الحركة، قبل إعلان المكتب السياسي، أي أن الأخ خالد مشعل الآن، هو رئيس حركة حماس وليس رئيس مكتبها السياسي، وهناك فرق كبير، فالصفة الأولى، تمنحه صلاحيات مطلقة، لا تخول المكتب السياسي بالسلطة عليه، تتشابه في هذا و"فتح"، التي كانت قد انتخبت رئيس الحركة من المؤتمر العام، وليس من اللجنة المركزية ولا حتى من المجلس الثوري.
ولأنه منذ وقت، ظهر بوضوح أن "حماس" يتنازعها مركزا قوة، أحدهما يمثله المكتب السياسي ورئيسه خالد مشعل، وقوامه الخارج، بما يتمتع به من علاقات خارجية مع حلفاء، تنوعوا خلال الفترة الماضية: من إيران، سورية، قطر، ثم تركيا ومصر، وما لديه من أموال، كان يتلقاها من هؤلاء الحلفاء، وثانيهما، يتمثل في "حكومة غزة" ويمثلها الأخ إسماعيل هنية، بما يمثله من عنوان لوجود "حماس" السياسي على الأرض، ثم ما بدأ يحققه من "استقلال" مالي، من خلال إقامة اقتصاد الأنفاق، وما يتلقاه من دعم مباشر خارجي.
حتى دخول "حماس" انتخابات العام 2006، لم يظهر مركز غزة أي تحدٍّ يذكر للخارج، لسببين، هما أن منظمة "حماس" في غزة، كانت حتى ذلك الوقت، مجرد منظمة محلية، تتلقى الرعاية المالية والسياسية من المكتب السياسي في الخارج، وكانت حتى بعد اغتيال الشيخين: احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، اللذين كانا يتمتعان بكاريزما شخصية تؤهلهما لمنافسة مشغل وأبو مرزوق، تفتقر لقائد معلن، حين تحفظت الحركة عن إعلان الشيخ محمود الزهار قائداً لها بعد الرنتيسي خشية أن يتم اغتياله.
بعد تشكيل الحكومة، بدأت شخصية إسماعيل هنية بالبروز، حيث حرص مشعل على التحالف مع الزهار، لتحجيم إمكانية ظهور المنافس من الداخل، لكن مع مرور الوقت، بدأ هنية يشق طريقه، من خلال اتباع سياسة مختلفة، تظهر اعتدالاً مقابل تشدد الخارج، الذي كان يظهره بسبب تحالفه مع إيران وسورية، وكرس الانقلاب حكومة هنية ومكانته، وأخرجه من تحت عباءة أبو مازن، لكنه أبقاه تحت عباءة مشعل، الذي ظل يعتمد على ولاء القسام وقائده الجعبري له مباشرة، وكذلك التأثير على هنية من خلال، المعارضين له داخل الحركة، من قادتها السياسيين: الزهار أولاً ثم خليل الحية ثانياً.
ورغم أن أول وزير داخلية لـ"حماس" الشهيد سعيد صيام، شكل "قطباً" داخلياً يتحدى "سلطة هنية" من خلال تشكيله للقوة التنفيذية، ومن ثم مبادرته لابتداع الأنفاق التي أسست لاحقاً لاقتصاد الأنفاق، ومتابعة سلفه الأخ فتحي حماد، لهذا الخط، إلا أن خريطة التحالفات تداخلت لاحقاً، خاصة بعد الربيع العربي، ووصول الإخوان للحكم في مصر بالذات، والذي اعتبر انتصاراً لمراهنات خط هنية الإخواني، الذي ظل يفضل التحالف مع الإخوان _ وفاء لخط الشيخ المؤسس، أحمد ياسين _ وتركيا السنية، مقابل خط مشعل المتحالف مع دول الممانعة / الشيعية!
طوال الوقت استطاع مشعل أن يحتوي التباينات في الخارج، خاصة من قبل موسى أبو مرزوق، أول رئيس مكتب سياسي لـ"حماس"، من خلال منحه جائزة الترضية، المتمثلة بكونه نائب رئيس المكتب السياسي، ومع ظهور التحدي من غزة، الذي وصل ذورته في منع اتفاق مشعل / عباس في الدوحة وقبلها القاهرة، من التنفيذ على الأرض، اضطر مشعل لمنح مزيد من الصلاحيات والضوء لأبو مرزوق، خاصة فيما يتعلق بملف المصالحة، ولأنه أصلاً من أبناء قطاع غزة، في حين ظل هنية يواجه تحديات على زعامته لغزة، من قبل الزهار والجعبري، وبدرجة اقل من حماد والحية، إلى أن تداخلت المصالح، وساهمت التطورات الإقليمية في تعزيز مكانة هنية، واضطر مشعل للتخلي عن الزهار بعد أن دخل معه في جدل شخصي بعد توقيعه لاتفاق القاهرة، وظهور مشعل كشريك لأبومازن في المصالحة، ثم كان استشهاد الجعبري فصلاً آخر في هذه المعادلة.
يمكن القول، إن التمهيد لعقد الصفقة الداخلية قد بدأ حين زار مشعل غزة قبل بضعة شهور، واعترف بذلك بمكانتها، وما أظهره هنية حينها من احتفاء بقائده وتسليمه لمشعل، فقط.
من المرجح أن هنية كان سيخوض الصراع على رئاسة الحركة، لو أصر مشعل على عدم الترشح، أي في مقابل أبو مرزوق، وانه " تنازل " فقط لمشعل، وهكذا، توافقت مراكز القوة داخل الحركة وحولها: الإخوان وقطر وتركيا، على هذه الصفقة، التي جاءت بإعلان مشعل رئيساً وهنية نائباً له.
الخاسر في هذه الصفقة طبعاً أبو مرزوق، وقبل بها الآخرون، لأنهم تأكدوا أن طموحاتهم ليس لها أساس، نقصد بذلك الزهار، فالصفقة شملت أيضاً "التجديد" لكل المكتب السياسي، وإضافة أربعة جدد، لوحظ أن واحداً منهم فقط، من الضفة الغربية، وهي الخاسر الأكبر من "توافق غزة والخارج" الحمساوي.
بقي أن نقول، إن شكل الصفقة الداخلية التي تمت تدل على براغماتية قادة "حماس"، وسعيهم لتحقيق مصالحهم الشخصية، ولا نظن أن لها أية أبعاد سياسية، فهي لم تعبر عن صراع بين اعتدال وتشدد، أو بين من يتحمس للمصالحة أو من يقف بقوة في طريقها، فقبل وقت كان مشعل عنوان التشدد، وكان يرعى عتاة الانقلاب والمتشددين في غزة، المهم أنه إذا كان المثل يقول "من ساواك بنفسه فما ظلم" فإن على كل من يهمه أن ينجح المسعى للمصالحة أن يفكر في عقد صفقة مشابهة بين "فتح" و"حماس"، لا أكثر ولا اقل، أي خارج حسبة الاتفاقات والمنطق السياسي، والبحث عن توافق المصالح بين من يقررون أو من يمثلون مراكز القوة، في الحركتين!
من انتخب مشعل ولماذا؟!
بقلم: محمد ياغي عن صحيفة الأيام
انتهت انتخابات مجلس شورى "حماس" في القاهرة الأسبوع الماضي بإعادة "تثبيت" خالد مشعل رئيساً للحركة بتزكية المجتمعين. التفاصيل التي أدت إلى "التزكية" لم يعلن عنها علماً بأن الاجتماع الانتخابي قد امتد من صباح يوم الإثنين الماضي حتى ساعات متأخرة منه. أيضاً نتائج الانتخابات لم يعلن عنها قبل ظهيرة اليوم التالي! يذكر أيضاً بأن انتخابات المكتب السياسي لـ"حماس" ورئيسها كانت مقررة منذ أشهر عديدة، وأن مشعل نفسه كان قد صرح مراراً وتكراراً بأنه لن يرشح نفسه لولاية خامسة جديدة (الرجل رئيس للحركة منذ العام 1996) وسيرفض أيضاً أية محاولات لإعادته رئيساً.
ما الذي تغير إذاً حتى يقبل مشعل العودة لرئاسة الحركة؟ وهل تصريحاته السابقة كانت غير جادة أم أنها كانت من باب الضغط على الحكومات "المحببة" إلى نفسه حتى تقوم بدورها بالضغط على بعض قادة "حماس" الذين يرفضون التجديد له لولاية جديدة؟ وهل تأخير الانتخابات لأشهر عديدة وراءها ضغوط الدول الداعمة لـ"مشعل" لولاية جديدة؟ ولماذا أصلاً تفضله هذه الدول على غيره من قادة "حماس" في الداخل؟
لا ندعي امتلاك إجابة لهذه الأسئلة مدعومة بمعلومات مؤكدة.. لكننا نبني على تصريحات سابقة لقادة "حماس" وعلى سلوكها خلال السنة الماضية للإجابة على هذه الأسئلة.
القيادي في حركة حماس الدكتور محمود الزهار كان قد صرح في أكثر من مناسبة بأن مركز ثقل الحركة موجود في المناطق المحتلة، وأن القيادة المركزية، بمعنى رئيسها وغالبية فريق مكتبها السياسي، يجب أن يكونوا من المناطق المحتلة.. وقال أيضاً إن غزة محررة ولا توجد قيود على أي فلسطيني يرغب بالعودة إليها، وكان يقصد بذلك إذا أحسنا الظن، بأن قادة الخارج وعلى رأسهم مشعل، بإمكانهم العودة الى غزة والتنافس على مواقع "حماس" القيادية. تصريحات الزهار عكست حينها خلافاً سياسياً بين نهجين في الحركة.. نهج الداخل الذي قدم الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين للحفاظ على مشروع "المقاومة".. ونهج الخارج الذي يريد لهذه المقاومة أن "تهدأ" حتى لا تتسبب "المقاومة" في إحراج الدول الحليفة لقادة "حماس" في الخارج- تحديداً قطر ومصر وتركيا. ماذا ستفعل قيادة مصر الجديدة إن جرت حرب على غزة بسبب "المقاومة" وهي المشغولة في إغلاق أنفاق غزة.. وماذا ستفعل كل من تركيا وقطر أيضاً، بعد أصبحت مهمة الدولتين الخلاص من النظام القائم في سورية ومن حليفه "حزب الله".
خالد مشعل يتفهم أولويات هذه الدول وقوة ارتباطاتها الخارجية والدور المطلوب منها إقليمياً.. وهو يدرك أيضاً بأن ذلك كله يأتي على حساب "المقاومة".. وهو لا يمانع في ذلك لأنه وكما يبدو أصبح من "المؤمنين" بعبثية "المقاومة" حالياً حيث إن الربيع العربي وفق تصريح سابق له "يحتاج إلى وقت طويل حتى يشعر الفلسطينيون بنتائجه الإيجابية عليهم". الوقت إذاً ليس للمقاومة وإنما للسياسة.. ليأخذ الرئيس عباس رئاسة الحكومة والمنظمة ولنوحد غزة والضفة حتى نفتح باباً للمفاوضات.. ولنطلب من واشنطن بعضاً من "الحنان" (تصريحاته في القاهرة بعد حرب حجارة السجيل).. ولنهاجم سورية على قمعها لشعبها (مع العلم بأننا لا نتدخل في شؤون الدول الأخرى).. باختصار، مشعل مرشح مثالي لثلاث دول: قطر ومصر وتركيا.. هو متفهم لسياسات هذه الدول ولن يحرجها في فرض القضية الفلسطينية على جدول أعمالها من خلال سياسات "طائشة!" مثل إبقاء العلاقات مفتوحة مع إيران وحزب الله أو الانجرار إلى حرب مع إسرائيل في حالة الحرب على إيران.
لهذا مارست الدول الثلاث ضغوطاً على قادة "حماس" في الداخل لإعادة اختيار مشعل رئيساً للحركة. نعتقد بأن هذه الضغوط "مالية" و"تنظيمية" و"وهمية" . مالية من جهة حكومة قطر التي أخذت مكان إيران في تمويل "حماس" وسلطة غزة أيضاً.. والمفارقة هنا، هي إن إسرائيل نفسها بحاجة إلى وجود سلطة فاعلة في غزة حتى لو كانت تختلف معها بهدف تحميلها مسؤولية أية "صواريخ طائشة" تنطلق من غزة باتجاهها. وكلما كانت السلطة فاعلة كان ذلك في مصلحة إسرائيل، لأن استهداف السلطة الفاعلة يفرض عليها القيام بدور الحارس الأمين على قاعدة حساب الربح والخسارة. لا نستبعد هنا أن تكون زيارة أمير قطر لغزة قبل أشهر قد أتت في هذا السياق.. ربما لم يقل صراحة "سمو" الأمير إن الأموال والمشاريع مرتبطة بإعادة انتخاب مشعل رئيساً.. ولكن قد يكون وزير خارجيته قد قال ذلك صراحة، لأن "الرجل" صريح بطبعه!
تنظيمياً من جهة القاهرة.. ونقصد بذلك تدخل إخوان مصر لإعادة انتخاب مشعل. قيادة مصر الجديدة لها مصلحة كبيرة في الحفاظ على التهدئة بين "حماس" وإسرائيل، لأن أي حرب على غزة تحرج قادتها كثيراً بسبب تصريحاتهم السابقة أيام وجودهم في المعارضة عن استعدادهم لإرسال عشرات الآلاف من المتطوعين للدفاع عن فلسطين ولبنان. في الحكم، المسألة ليست كذلك.. الأولوية ليست للتضامن "الأخوي" ولكن للاتفاقات الدولية وللملفات الاقتصادية والسياسية الداخلية. المرشد العام لإخوان مصر الذي افتتح اجتماعات مجلس شورى "حماس" ربما لم يقل في الاجتماع إن على المجتمعين انتخاب مشعل.. لكنه بالتأكيد قد دعم انتخابه وأبلغ ذلك لقادة "حماس" رسمياً.
وهمية من قبل تركيا لأنها ليست ضغوطاً حقيقية ولكن "وعود مخادعة" قدمت لقادة "حماس" في الداخل بأنهم كتنظيم سيحصلون على اعتراف دولي وسيتم رفع اسم "حماس" من قائمة الإرهاب.. مخادعة لأنها لم تقل صراحة إن عليهم "نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل" حتى يتم الاعتراف بهم دولياً. الوهم في إمكانية تحقيق ما لم تحققه "فتح" سابقاً هو عامل ضغط داخلي على التنظيم يؤثر على خياراته السياسية والتنظيمية.. مشعل مقبول عربياً وله بعض القبول "الدولي".. أعطوه فرصة حتى يحقق الاختراق الدولي المأمول.
مجلس شورى "حماس" إذاً لم يختر مشعل رئيساً للمكتب السياسي.. من رشحه ومن اختاره هي حكومات قطر ومصر وتركيا.. هل الرجل بريء مما جرى.. لا نعتقد ذلك.. إشاراته المتكررة بتفهم سياسات هذه الدول وقبوله لها كان المحرك لاختياره من قبلها.. تصريحاته السابقة بأنه لن يترشح لولاية جديدة يمكن تفهمها كرسالة لهذه الدول للتدخل لإعادة تعيينه رئيساً لـ"حماس".