-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 364
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]
- [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:
- "حماس" تكرس الامارة
- بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة
- التضامن الشعبي مع الأسرى
- بقلم: بهاء رحال - الحياة
- اتفاقية الدفاع عن القدس والمقدسات – دلالات ومعانٍ
- بقلم: المحامي راجح ابو عصب - القدس
- «من العار ان ننتظر وصول المزيد من جثامين الاسرى»..شهيدنا أبو حمديه عذراً لم يعد الكلام مجدياً!!
- بقلم: راسم عبيدات - القدس
- احتلال نص نص
- بقلم: وليد بطراوي - الايام
- ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
- بقلم: جواد البشيتي - الايام
- عن الخوالد .... وعن وحدة الشرعية
- بقلم: صادق الشافعي - الايام
- بعد مقتل ميسرة أبو حمدية ... طفح الكيل
- بقلم: حسين حجازي - الايام
- خيبة فلسطينية من الربيع العربي
- بقلم: حسن البطل - الايام
- شرارة الانتفاضة الثالثة تطرق أبواب فلسطين
- بقلم: حمزة إسماعيل أبوشنب - معا
- ميسرة.... أعدم مع سبق الاصرار
- بقلم: د.هاني العقاد - معا
"حماس" تكرس الامارة
بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة
ليست الخطوة الاولى لقيادة الانقلاب الحمساوية في تعميق خيار الامارة، ووضع العراقيل مرة تلو الاخرى لتعطيل المصالحة الوطنية. خطوة فصل البنين عن البنات من سن التاسعة في المدارس في المحافظات الجنوبية، ومنع الاختلاط بين الجنسين في المدارس والمعاهد والجامعات، جاءت تعزيزا لنهج سياسي وتربوي واجتماعي ووظيفي وثقافي وقانوني لتكريس تشويه المجتمع الفلسطيني في تلك المحافظات، وسلخها كليا عن النظام السياسي والمجتمع الفلسطيني باسم "الدين" و"الشريعة".
بدأت السياسات الظلامية الحمساوية منذ اولى خطوات الانقلاب على قطاع غزة اواسط عام 2007 عندما أطاحت برموز الشرعية الوطنية الشرعية والتنفيذية والقضائية, وتابعت ذلك النهج يوما تلو الآخر بسن القوانين, التي تبيح لها حمسنة المؤسسات و"تطهيرها" من الوطنيين في مختلف مناحي الحياة، وطاردت، وما زالت تطارد القوى الوطنية وعلى رأسها حركة فتح، وترفض المشاركة السياسية، وتعمل بثبات على القوى الحية تحت عناوين وذرائع واهية ومفبركة. وعندما تكون مضطرة للجوء للقوى السياسية, لا يكون ذلك إلا لاعتبارات تكتيكية وتحت ضغط اللحظة، وبهدف تمرير خطوات اعمق نحو الانفصال وتأبيد الانقلاب.
من الخطوات، التي يمكن ايرادها في هذه العجالة : مطاردة ابناء الاجهزة الامنية التابعة للشرعية، وتوجيه الاتهامات لهم بـ" الاتصال" مع رام الله وكأن اتصال اولئك الضباط والجنود ومنتسبي الاجهزة الامنية بمرجعياتهم "تهمة" يحاسب عليها قانون القيادة الانقلابية؛ وهناك ممن هم حتى اللحظة في سجون حركة حماس، وبعضهم وجهت لهم تهمة "التآمر" وتم إعدامهم؛ كما قامت بمنع ابناء الشعب من التوجه للجناح الشمالي للوطن إلا بعد الحصول على تصريح، ومنعت ميليشيات حماس العشرات والمئات من مغادرة او الدخول للقطاع تحت حجج مختلفة؛ واعتمدت قانون اجتثاث حركة فتح من الشارع بالقدر, الذي تستطيع؛ وقام اعضاء المجلس التشريعي في جنوب الوطن بابتداع فتوى قانونية لمواصلة عمل المؤسسة التشريعية من خلال اعتماد النيابة عن اعضاء كتلة التغيير والاصلاح الحمساوية المعتقلين في سجون الاحتلال الاسرائيلي والمتواجدين في مدن الضفة الفلسطينية، وسنت عشرات القوانين الظلامية والمخالفة للوائح التشريعية والنظام الاساسي؛ وفرضت الجلباب والحجاب على النساء العاملات في حقل القانون والقضاء والجامعات؛ وسيطرت على المعابر والمنافذ الرابطة القطاع بالعالم الخارجي؛ وعممت سياسة الانفاق باسم "مواجهة الحصار" الاسرائيلي؛ وصادرت بيوت القيادات الوطنية وسياراتهم، كما وضعت يدها على الاملاك العامة للدولة؛ وطاردت وقتلت كل الجماعات, التي تصدت لها كما فعلت مع جماعة الشيخ عبد اللطيف موسى، ولاحقت وما زالت تلاحق المقاومين الوطنيين حتى اللحظة للمحافظة على الاتفاقيات، التي ابرمتها مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية؛ وفتحت ابواق اعلامها ومنابرها لمواصلة الهجوم على القيادة الشرعية الوطنية وخاصة الرئيس ابو مازن بذرائع واكاذيب ملفقة كما سنت قبل أيام منع رجال الاعمال من مغادرة القطاع الى رام الله إلا بعد الحصول على ترخيص ... إلخ.
مما لا شك فيه، ان هناك تيارا ايجابيا في حركة حماس، يريد المصالحة، ويعمل من اجلها، ولكن هذا الاتجاه ما زال ضعيفا ومقيدا بسيطرة القوى المعادية لها في محافظات الجنوب. ولم يقوَ حتى اللحظة على مواجهة القوى الانقلابية. كما ان تلكؤ القوى الوطنية والاجتماعية والثقافية في مواجهة القوى الانقلابية الحمساوية، يتيح للقوى المتنفذة بالانقلاب على مواصلة خيارها المتناقض مع وحدة الارض والشعب والقضية والاهداف الوطنية.
ولعل انتخاب خالد مشعل رئيسا للمكتب السياسي والقوى المؤيدة لاتجاهه الايجابي يشكل بارقة أمل في لجم نزعات التيار الانقلابي المتنفذ في محافظات غزة. ويساعد القوى الوطنية ايضا في التقاط انفاسها، واستعادة دورها التاريخي في حماية المشروع الوطني من التبديد مستفيدا كذلك من نهوض الشارع الفلسطيني، الذي خرج عن بكرة ابيه في الذكرى الثامنة والاربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وحركة فتح مؤيدا الشرعية والوحدة الوطنية، سابقا القوى السياسية كلها، غير ان تلك القوى وخاصة فتح واليسار الفلسطيني بتفاوت في المسؤولية ما زالوا دون مستوى نبض الشارع والتوجهات الوطنية لاسباب ذاتية وموضوعية. غير ان ذلك النكوص عن المسؤولية الوطنية، لا يسقط الرهان على تلك القوى لعلها تنهض من سباتها، وتتعلم من التجربة الرائدة والشجاعة، التي تقوم بها القوى الوطنية والليبرالية والمنابر الاعلامية والثقافية المصرية والتونسية، واستلهام دروس المواجهة مع جماعة وفروع الاخوان المسلمين في تلك البلدان.
آن الآوان لوضع حد نهائي لاجراءات وانتهاكات قيادة الانقلاب ودفع عربة المصالحة للامام، لا سيما ان العديد من الخطوات الايجابية تم تنفيذها على الارض. وعلى الجميع مواصلة الدفع بتلك الخطوات الايجابية لتعميق خيار الوحدة الوطنية، لانها الرافعة الاسياسية لحماية القضية والاهداف الوطنية.
التضامن الشعبي مع الأسرى
بقلم: بهاء رحال - الحياة
البكاء والعويل والصراخ على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المختلفة ليس هو الوفاء الوحيد لقضية الأسرى والمعتقلين وليس أمراً كافياً لتقول لنفسك شكراً على مواقفك الوطنية الشجاعة وأنت ملتزم البيت أو المكتب دون أن تشارك في فعاليات التضامن على الأرض وقوفاً مع هذه القضية الإنسانية والوطنية العادلة، وليست الشعارات الصاخبة التي نطلقها ونضعها ونعلق عليها بعبارات التعاطف والمحبة أحياناً واللوم والتجريح واللعنة أحياناً أخرى هي السبيل الوحيد لمناصرة ودعم قضية الإنسان الفلسطيني الأسير والمعتقل الذي يقبع في سجون الاحتلال ويدفع ثمن حريتنا من حريته وحياته التي قدمها فداء للوطن حين تقدم صفوف المواجهة مع الاحتلال، ولهذا فهو يتطلع إلينا بعين الحب والوفاء وينتظر منا إرادة حقيقية نجسدها على الأرض بصدق تكون داعمة له لأنها إرادة الجماهير الحرة التي لا تتوقف عند حد ولا تقل أو تصغر بل تتعاظم وتكبر ولا تكتفي بالشعارات والخطابات والكلام ولا تعرف السكون والهدوء عند كل صباح وعند كل مساء وأن لا تكون هبة غضب عابرة لبضعة أيام وتهدأ وتعود الأوضاع إلى سابق عهدها ويعود الأسرى إلى غياهب النسيان من جديد، فليس هذا ما يحتاجه الأسرى منا فقط، وليس هذا ما هو مطلوب منا فقط وأن نقول لأنفسنا كفى بالشعارات والخطابات وكيلا، هؤلاء الأسرى الذين نكبر بهم وبتضحياتهم التي يقدمونها على مذبح الحرية والاستقلال وهم يقدمون أعظم التضحيات والبطولات لتتخلد ذكراهم على الأرض التي أحبوها وعشقوها وكانوا وما زالوا يتقدمون صفوف المواجهة والتضحية ويقدمون حياتهم فداء للأرض والوطن فهم يستحقون منا أكثر من الوقوف دعماً لهم وأكثر من النداء بحناجرهم وأكثر من موقف صادق لنصرتهم في وقت هم فيه في أمس الحاجة إلى الجماهير الفلسطينية أينما كانت وأينما وجدت في الوطن أو في المنفى والشتات، فمتى تتحرك هذه الجماهير، ومتى نرى فصائلنا الوطنية على مستوى هذا الموقف تتعامل بجدية مع قضية الأسرى والمعتقلين.
اتفاقية الدفاع عن القدس والمقدسات – دلالات ومعانٍ
بقلم: المحامي راجح ابو عصب - القدس
للقدس في نفوس الهاشميين مكانة أثيرة , فهم مرتبطون بهذه المدينة المقدسة ارتباطا تاريخيا وعضويا , فهي موطن اسراء ومعراج جدهم المصطفى المختار محمد – صلى الله عليه وسلم- . فهم حماة هذه المدينة ومقدساتها , توارثوا هذه الحماية كابرا عن كابر . وبذلوا في سبيل حمايتها والدفاع عنها الغالي والنفيس , وما زالوا يشرفون على رعاية هذه المدينة المقدسة فهم الاوصياء عليها وهم سدنة المسجد الاقصى المبارك : اولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين :" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه هو السميع البصير ". وقد ازداد ارتباط الهاشميين قوة خلال النصف الاول من القرن العشرين الماضي , حين وقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني , وما زال هذا الارتباط قائما , بل ويزداد رسوخا هذه الايام , وهذا ما تجلى في الوثيقة التاريخية التي وقعها الرئيس محمود عباس والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني في عمان يوم الاحد الماضي, والتي تجدد تأكيد الوصاية الاردنية على المقدسات في القدس والدفاع عن المدينة المقدسة , خاصة في هذه الايام العصيبة التي تتعرض فيها القدس الشرقية لاخطار جسيمة وتحديات تسعى لتغيير طابعها العربي والاسلامي .وقد أكد الرئيس محمود عباس عقب حفل توقيع هذه الاتفاقية التاريخية ان هذه الاتفاقية تأتي تكريسا لما هو قائم منذ عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه , وانه تكريس لما هو قائم منذ عهود . وقد أكدت ديباجة الاتفاقية ان العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني هو صاحب الوصاية وخادم الاماكن المقدسة في القدس , وقد ورث هذه الوصاية عن اجداده الهاشميين, الذين نهضوا بهذه المسؤولية الجسيمة منذ الشريف الحسين بن علي مفجر الثورة العربية الكبرى على أكمل وجه واحسن صورة .ولا بد في هذا المقام من إلمامة تاريخية موجزة تؤكد الارتباط الهاشمي الوثيق بالقدس ومسجدها الاقصى واماكنها المقدسة الاخرى في العصر الحديث, ناهيك عن الارتباط التاريخي القديم بالقدس ومقدساتها.. اذ انه من المعلوم ان الرعاية الهاشمية للمقدسات بدأت منذ خضعت فلسطين للانتداب البريطاني عام 1921 , حيث أخذ الملوك الهاشميون يزورون المدينة المقدسة ويحافظون على مقدساتها ويبذلون أقصى الجهود في صيانتها والدفاع عنها , فقد زارها الشريف الحسين بن علي عام 1925 , كما انه أوصى ان يدفن في رحاب مسجدها الاقصى , وقد نفذت وصيته هذه حين انتقل الى الرفيق الاعلى عام 1931 , حيث شيعت جنازته في موكب مهيب من مدينة السلط الى المسجد الاقصى في القدس حيث يرقد جثمانه الطاهر في ثرى هذا المسجد المبارك .كما ان نجل الشريف الحسين بن علي الامير عبدالله المؤسس للمملكة الاردنية الهاشمية زار القدس عام 1931 . وعندما اصبحت الضفة الغربية جزءا من المملكة الاردنية الهاشمية بعد توحيد الضفتين في شهر نيسان عام 1950 فان الملك عبد الله الاول كان يحرص على زيارة القدس باستمرار , وكان يحرص على أداء صلاة الجمعة من كل اسبوع في مسجدها الاقصى المبارك , حتى سقط شهيدا على بوابة هذا المسجد في شهر تموز من عام 1951 , وكان – طيب الله ثراه- يحرص على اصطحاب حفيده الامير الحسين بن طلال في كل صلواته في المسجد الاقصى , وكان الى جواره يوم استشهد على بوابة هذا المسجد المبارك .وبعد استشهاده فان حفيده الامير الحسين بن طلال , بعد ان اصبح ملكا تسلم امانة الوصاية على القدس وأماكنها المقدسة من جده الملك المؤسس. وكان يحرص باستمرار على زيارة القدس وتفقد مؤسساتها والالتقاء بشخصيات المدينة المقدسة من سياسيين ورجال دين من كافة الطوائف ومن مثقفين واقتصاديين ورجال أعمال ورجال التربية والتعليم .وكانت القدس ومسجدها الاقصى حبة عين الملك الحسين بن طلال ومهجة قلبه , وكان يوليها كل الرعاية والاهتمام , ومن ذلك انه باع مقره الخاص في لندن , وانفق ثمنه على تجديد مسجد قبة الصخرة المشرفة وطلاء قبته بالذهب حيث ما زالت هذه القبة تقف شامخة راسخة تتلألأ في سماء المدينة المقدسة , تحكي هذه المكرمة السامية للعاهل الاردني الراحل الحسين بن طلال , كما انه – طيب الله ثراه- شرع ببناء قصر في منطقة بيت حنينا في " تل الفول " المرتفعة , لتكتحل عيناه برؤية المسجد الاقصى والمقدسات والبلدة القديمة من شرفة هذا القصر , ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن , حيث سقطت القدس قبل ان يستكمل بناء هذا القصر , وذلك في حرب الخامس من حزيران عام 1967 , وما زالت أعمدة القصر واقفة شاهدة على حبه الشديد للقدس ومقدساتها ومواطنيها .وعندما انتقل الملك الحسين بن طلال الى الرفيق الاعلى في اليوم السابع من شهر شباط من عام 1999 وحمل الراية من بعده نجله الملك عبد الله الثاني , فان العاهل عبدالله الثاني ورث سدانة المسجد الاقصى وحماية القدس واماكنها المقدسة عن والده الراحل , وسار على نهجه واقتفى أثره وحمل الراية من بعده , ونهض بهذه الامانة الكبرى والمسؤولية الجسيمة , ولا عجب في ذلك , فهذا هو دأب الهاشميين وهذا هو قدرهم . ان يحملوا هذه الامانة وان يكونوا خير سدنة للمسجد الاقصى والمقدسات الاسلامية بل والمسيحية في القدس , وهذا ما أعادت تأكيده الوثيقة التاريخية التي وقعها الزعيمان الرئيس محمود عباس والملك عبدالله الثاني . ولا بد هنا من التنويه والاشادة بالخطوة الهامة التي اختطها الملك الحسين بن طلال حيث استثنى القدس , واماكنها المقدسة من قراره فك الارتباط الاداري بين الضفة الغربية والاردن الذي أصدره في عام 1988 , وقد جاء هذا الاستثناء ليؤكد نظرته الثاقبة ورؤيته البعيدة للاخطار التي تحدق بالمدينة المقدسة ومسجدها الاقصى ومقدساتها الاخرى , لانه كان من شأن تخلي الاردن عن وصايته عن القدس ومقدساتها ان يترك المدينة المقدسة دون حماية ولا رعاية , خاصة وان اطماع اليمين الاسرائيلي في المسجد الاقصى ومحاولاته المستمرة للسيطرة عليه واقامة الهيكل المزعوم مكانه لم تتوقف ولو للحظة . وقد حرص الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه- خلال توقيعه معاهدة السلام الاردنية –الاسرائيلية في 26 تشرين الاول عام 1994 على تأكيد الوصاية الاردنية على الاماكن المقدسة في القدس , كما ان بيان واشنطن الذي صدر في 25/7/1994 الذي وقع مع الادارة الاميركية اعطى الاردن حق رعاية الاماكن الاسلامية في القدس . وهذا تأكيد للوصاية الهاشمية على الاماكن المقدسة في المدينة المقدسة , كما انه يعكس تمسك الهاشميين المتواصل بالحفاظ على عروبة القدس وطابعها الاسلامي .ولا شك ان هذه الاتفاقية التاريخية تؤكد الارتباط الوطيد بين الاردن وفلسطين وبين الشعبين الشقيقين الفلسطيني والاردني فهي علاقة اخوة ونسب ومصاهرة , ومصير مشترك والام وامال واحدة , كما انها تؤكد حرص القيادتين الفلسطينية والاردنية على التنسيق المستمر والتشاور لما في مصلحة البلدين وشعبيهما , حيث ان هذه العلاقة التاريخية تعد نموذجا يحتذى به في العلاقات العربية . ولا بد هنا ايضا من الاشارة الهامة التي وردت في الاتفاقية , والتي تتمثل في التأكيد على الهدف المشترك الاردني والفلسطيني في الدفاع عن القدس خاصة في هذا الوقت الحرج , الذي تتعرض فيه المدينة المقدسة الى تحديات كبيرة ومحاولات متكررة لتغيير معالمها وهويتها العربية والاسلامية والمسيحية , خصوصا وان القدس تحظى بمكانة تاريخية باعتبارها مقدسة ومباركة لدى اتباع الديانات السماوية الثلاث , كما ان الاتفاقية تؤكد على حرص التوأمة الفلسطينية الاردنية التي رسخها المرحومين الملك الحسين بن طلال والرئيس ياسر عرفات .كما لا بد من التأكيد هنا على ان هناك اجماعا عربيا ودوليا على رفض الضم للقدس الشرقية مع القدس الغربية . حتى الولايات المتحدة , حليف اسرائيل الاستراتيجي ترفض الاعتراف بهذا الضم وقد أكدت القيادة الفلسطينية انها لن توقع اي اتفاقية سلام مع اسرائيل لا تنص على ان القدس الشرقية عاصمة لفلسطين مع ضمان حرية الوصول للأماكن المقدسة فيها لاتباع جميع الديانات .واننا كمقدسيين , اذ نبارك هذه الاتفاقية , فاننا نتمنى على الدول العربية والاسلامية النهوض بمسؤولياتها والوقوف الى جانب الاردن وفلسطين فعلا لا قولا في سعيهما الصادق للحفاظ على عروبة المدينة المقدسة واماكنها المقدسة والله الموفق .
«من العار ان ننتظر وصول المزيد من جثامين الاسرى»..شهيدنا أبو حمديه عذراً لم يعد الكلام مجدياً!!
بقلم: راسم عبيدات - القدس
بإستشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية يرتفع عدد الأسرى الذين أستشهدوا في سجون الاحتلال ومعتقلاته وزنازينه الى 204 أسرى،وكنت سابقاً قد كتبت مقالة بعد إستشهاد الأسير عرفات جرادات تحت التعذيب في معتقل مجدو بعنوان"إستشهاد الأسير عرفات جرادات لن يكون الأخير"،وواضح أن هذا لا يحتاج الى نباهة وفصاحة و"فذلكة" وعصف ذهني وفكري حتى يتم الوصول الى مثل هذا الإستنتاج،فالمسؤولية بالأساس تقع على عاتق السلطة الفلسطينية بجناحيها المقالة في غزة وتلك القائمة في رام الله والفصائل والقوى والأحزاب والمؤسسات المجتمعية وحتى الجماهير الشعبية،فلا يعقل أن نستمر في نفس النسق والسياق وإجترار نفس العبارات والكليشهات والإسطوانات المشروخة،حول العمل على إطلاق سراح أسرانا من سجون الإحتلال،والذين سجل البعض منهم أرقاماً كسرت كل ارقام موسوعة جينس وغيرها من الأسماء،فالسير على نفس النهج والنمط والطريق،لن يحرر ألاسرى من سجون الإحتلال،بل سيستمر وسيتواصل مسلسل الشهداء الأسرى.وهناك الكثير من الوسائل والطرق المتاحة التي إذا ما عملنا بنسق وجهد موحد ستكون قادرة على تحرير أسرانا من سجون الإحتلال،وإذا كان حزب الله قد عرف الطريق الى تحرير أسراه وغيرهم من الأسرى الفلسطينيين والعرب،فنحن أمام فرص أخرى استناداً لظروفنا وواقعنا يجب علينا التفكير بها جيداً، فالمفاوضات العبثية التي مر عليها عشرون عاماً ،بالضرورة أن تجعلنا نتمترس ونتخذ موقفاً صلباً بعدم العودة اليها تحت أي شكل او ظرف دون إطلاق سراح الأسرى القدماء والمرضى والأطفال،ووضع جداول زمنية محددة لإطلاق سراح كل أسرانا في سجون الاحتلال،وكذلك النضال عبر المؤسسات الدولية من خلال رفع قضايا على الاحتلال قادته وضباطه وجنوده ورجال مخابراته في محكمة الجنايات الدولية على اعتبار ان ما يمارس بحق اسرانا يرتقي الى جرائم الحرب،وكذلك يجب أن تتحول قضية الأسرى الى هم عام للمجتمع الفلسطيني بأكمله سلطة واحزابا وفصائل ومؤسسات وجماهير،وبالتالي لا يحق لنا أن نستمر بالعمل فيها وفق المنهجية الحالية أنشطة وفعاليات موسمية،بل نضال جماهيري يومي متصاعدفي كل أرجاء الوطن وخارجه بحيث تصبح همنا وشغلنا الشاغل مدارس،جامعات، مؤسسات، سفارات وفعاليات وجاليات فلسطينية في الخارج والشتات،وكل ضيف او زائر عربي او اجنبي يجب ان يتسلم قائمة ورسائل بأوضاع أسرانا وظروفهم المأساوية في سجون الإحتلال،وبما يشكل حالة من الضغط المستمر واليومي على الإحتلال بأنه لن يكون هناك هدوء بدون الحرية لأسرانا،وأننا لن نسكت منالآن فصاعداً وننتظر حتى يأتي الينا أسرانا في أكياس سوداء.لقد ووري جثمان الشهيد أبو حمدية التراب،واستمعنا الى نفس الخطب النارية من الخطباء الذين تناوبوا على منصات التأبين، ووراء منابر ردود الفعل ولكن مع تغير الأسم من عرفات الى ميسرة، وستتوالى بيانات الشجب والإستنكار،والتهديدات الفصائلية وغيرها،ولكن نحن كالعاصفة نهب سريعاً ولكن سرعان ما نهدأ ليس لنا عقل استراتيجي ولا خطط ايضاً،نخضع قضايانا للهمة وتحكمنا رداتالأفعال.وأريد أن اطمئنكم بأن الإحتلال بات يعرف عقليتنا جيداً،وهنا أتذكر جيداً أنه عندما قرر نتنياهو أن يقيم مستوطنة "معاليه هزيتيم" في قلب حي رأس العامود،حذرته دوائر الأمن بأن إقامة مثل هذه المستوطنه في قلب حي «رأس العامود العربي قد تمهد الى إندلاع انتفاضة ومواجهات عنيفة في مدينة القدس،وكان رده أنا أعرف العرب اكثر منكم،فردودهم على تلك المستوطنة لن تتعدى فترة العزاء عندهم ثلاثة أيام ومن ثم تعود الاوضاع الى ما كانت عليه،وكأن شيئاً لم يكن».وبالفعل هذا ما حصل حيث بنيت مستوطنة"معاليه هزيتيم"وهي الآن تعج بمئات المستوطنين،وهذا سيحصل معنا في قضية الأسير الشهيد ميسرة أبو حمدية،ومن بعده سننتظر الشهيد القادم،لكي نعود ونمارس نفس الطقوس التي تعودنا عليها لدى استشهاد كل اسير سابق وهكذا دواليك.أظن بأن استشهاد 204 أسرى في سجون الاحتلال،ووجود أكثر من سبعين أسيراً قضوا عشرين عاماً فما فوق في السجون كاف لنا،لكي نغير في لغتنا وخطاباتنا الخشبية وكليشهاتنا واسطوانتنا المشروخة،وتجعلنا نفكر بشكل جدي وجمعي بطرق ووسائل وأساليب جديدة،تكفل لأسرانا التحرر من سجون الإحتلال،دون أن نستمر في إنتظار وصول المزيد من جثامينهم.ورغم أن جثمان الشهيد أبو حمدية لن يكون الأخير،ولكن يجب أن يكون بمثابة ناقوس الخطر،الذي يجب ان يجعلنا ندق جدران الخزان بكل قوة،ويجعلنا،نستخدم كل نقاط قوتنا وعلاقاتنا من أجل ان يتنفس أسرانا نسائم الحرية بعزة وكرامة،فهم بحاجة الى الحرية اولاً وأخيراً،وليس فقط النضال من أجل تحسين شروط وظروف حياتهم الاعتقالية وصيانة حقوقهم والحفاظ على منجزاتهم ومكتسباتهم على الرغم من أهمية ذلك.وعلينا أن نضرب عن الكلام والتهديدات الفارغة والجوفاء،فالعمل وحده يجب أن يكون سيد الموقف والعنوان،وعذراً أبو حمدية شهيدنا،كنت لا أود الكتابة ليس تقليلاً من دورك او شأنك او قيمتك او نضالاتك وتضحياتك العظيمة،ولكن شهيدنا لم يعد الكلام مجدياً أو نافعاً،والقضية واضحة وضوح الشمس ولا تحتمل لا شعارات ولا بيانات ولا متاجرات ولا استثمار تضحيات،فأسرانا يجب أن نعملعلى تحريرهم من سجون الإحتلال،بكل الطرق والوسائل المشروعة،وبالطرق والوسائل التي أثبتت فاعليتها ونجاعتها،فمن العار علينا أن نستمر في إنتظار جثامين الأسرى الشهداء.
احتلال نص نص
بقلم: وليد بطراوي - الايام
استغرب كل الذين يتناسون أننا نعيش تحت الاحتلال، او ربما يتذكرون الاحتلال في مواقف ويتناسونه في مواقف اخرى. فعلى سبيل المثال يذكّروننا به بقولهم لا يوجد تنمية تحت الاحتلال، وانه لا يمكن ان تقوم لنا دولة ونحن تحت الاحتلال، وان الاحتلال سبب رئيسي في تعطيل عملنا التشريعي والقضائي. ولكن في أول فرصة لهم لينكروا وجود الاحتلال ويحملوننا مسؤولية حدث ما فإنهم يخرجون إلى الشوارع متهمين الجماهير والسلطة والمؤسسات الأهلية بأنهم لم يفعلوا شيئاً. وهذا تماماً ما حدث مع قضية استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية، حيث تناسى البعض ان الاحتلال هو المسؤول الأول والأخير عن استشهاده وعن حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين، وبالتالي لم يكن من الحكمة ان يخرج علينا البعض محملين الناس والمؤسسات والقيادة الفلسطينية المسؤولية. كفانا مزاودة وجلداً للذات. ومن لا يستطيع ان يرى الاحتلال، فليحاول أن يذهب إلى أي حاجز إسرائيلي، بدلاً من ان يجول في شوارع المدن محرضاً الناس ضد أنفسهم وضد مؤسساتهم وضد السلطة.
فتّح عين وغمّض عين
ما يميزنا حقاً عن غيرنا، أننا نبتدع طرقاً لا حصر لها في التحايل على انفسنا. ومن هذه الإبداعات سياسة "فتّح عين وغمض عين". فبينما تفتح البلدية عينها وتخالف من لا يدفع مقابل وقوف مركبته ضمن إعادة تشغيل عدادات الدفع المسبق، تغمض عينها عن مركبة تقف في الجهة المقابلة في مكان ممنوع لكن ليس في موقف الدفع المسبق. وبينما تفتح الشرطة عينها على سيارة تقف على جانب الجهة المعاكسة للسير، تغمض عيناً عن سيارة "بوزها" بالاتجاه الصحيح لكنها تقف عند خطوط الأبيض والأحمر، وبينما تفتح الشرطة عينها على مركبة تقف بعكس السير، تغمض عينها عن مركبة لمسؤول تقف بنفس الطريقة. وبينما تفتح الشرطة عينها على مركبة تقف إلى جانب الطريق بشكل مخالف، تغمض عينها عن مركبة تقف في نفس المكان لكن على الرصيف. وبينما تقتح الشرطة عينها على المركبات في الشارع الرئيسي، تغمض عينها عن المركبات في الشوارع الفرعية، وبينما تفتح عينها على مواطن يتحدث بالهاتف الخلوي وهو يقود مركبته، تغمض عينها عن آخرين يقومون بنفس الفعل لأن لهم مكانة ومعزة خاصة. اشهد لله انها افضل طريقة لنُصاب بالحَوَل!
Do Mix
كما هو الحال في توصل الرئيس مرسي الى أن Driving and Alcohol don’t mix، فقد توصل حكام غزة الى ان Boys and girls don’t mix. سأفضح بعضاً من أسراري، منذ ان كنت في صف البستان، كانت لي اول قصة حب، وفي كل مرحلة من مراحل الدراسة تغيرت واستمرت قصة الحب. درست في مدرسة مختلطة حتى التوجيهي، وكنت بدلاً من ان اقف امام مدارس البنات منتظراً خروجهن، نخرج معاً، يدا بيد في كثير من الأحيان. لم ننظر للفتاة على انها كائن مجهول وغريب نريد اكتشافه عن بعد، بل كانت لنا علاقاتنا الإنسانية التي استمرت حتى يومنا هذا، لذلك فان القاعدة العلمية يجب أن تكون Boys and girls do mix
رقابة
لم يمارس احد الرقابة على كتاباتي مرة، ولم أمارس على نفسي الرقابة الذاتية. في مكان هذه الفقرة، كتبت حول "الغرفة السرّية"، وقرأتها بصوت عالٍ، فسمعتني وقالت لي "افضل ان لا تتكلم في الموضوع أصلاً، لأن الشخص المقصود فيها لن يفهم قصدك وسيعتقد انك انضممت الى محاربيه". فقررت ان اشطبها، لكنني سأقولها له وجهاً لوجه!
من عزّ النوم
الخامسة ودقيقتين صباحاً، تصلني رسالة نصية، توقظني من نومي المتقطع. "خير اللهم اجعله خير" فالأفكار السيئة أول ما يخطر على البال. الرسالة تقول "عزيزي المشترك، لقد تمت الخدمة المطلوبة بنجاح وشكراً. تفاصيل الطلب: اسم الخدمة SMS Box نوع الحركة Remove". شكرا لشركة الهاتف المحمول التي تحرص على متابعة طلبات الزبائن ولا تتأخر عنهم. ولكن أيعقل ان تصل مثل هذه الرسالة في مثل هذا الوقت؟ فاذا كان الأمر يتعلق بنظام إلكتروني يتم من خلاله إرسال الرسائل، فان في ذلك مشكلة في توقيت بث الرسائل، واذا كان الأمر يتعلق بموظف يقوم بذلك يدوياً فالمشكلة اعظم، لأنه "مش نايم ولا مخلي الناس يناموا"!
لو كنت مسؤولاً
لكانت الحفرة التي حفرتها إحدى الجهات التي لا نعلمها قرب منزلي قد رُدمت باسرع وقت ممكن، ولما بقيت مفتوحة لأكثر من شهر!
الشاطر أنا
المثل بيقول "أبت الحقارة ان تفارق أهلها"، والمشكلة انه لما الواحد بيعتقد انه الحقارة شطارة. في ناس الحقارة بدمهم وبيعملوا كل شي ممكن علشان يكرسوا مبدأ الحقارة من منطلق انهم مفتحين وشاطرين. مستعدين يكذبوا لأبعد الحدود، والكذبة مثل ما بيقولوا بتعرفها من كبرها. أو ممكن يتصرفوا تصرفات في جوهرها "عليّ وعلى أعدائي" بس من منطلق الحقارة. ونصيحتي بما اني حاصل ع دكتوراه في الشطارة، انه الحقارة لا تنتمي لأي درجة من درجات الشطارة. لأنه بنقول "الشاطر يفهم" مش "الحقير يفهم"!
ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
بقلم: جواد البشيتي - الايام
ما عُدتُ أعرف أيُّهما أصعب، السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أم السلام بين الفلسطينيين أنفسهم (أي بين "فتح" و"حماس")؟
لكنِّي بِتُّ متأكِّداً، ومن طريق ما تأتي به مهزلة "المصالحة الفلسطينية"، كل يوم، من أخبار جديدة، أنَّ كل المخاطِر الإسرائيلية المُحْدِقة بالشعب الفلسطيني، وقضيته (وحقوقه) القومية، ليست بكافية لجعل الدَّافِع إلى هذه المصالحة أقوى مِمَّا هو الآن.
ومع ذلك، ثمَّة ما يتغيَّر في بعضٍ من أهمِّ جوانب وأبعاد الصراع بين الفلسطينيين والعرب وبين إسرائيل؛ وإنَّني لأعْني بهذا التغيُّر، على وجه الخصوص، "الاتفاقية التاريخية"، في شأن "الأماكن المقدَّسة في القدس"، والتي وُقِّعَت في عمَّان، وعُرِّفَت، مع موقِّعيها، على النحو الآتي: "اتفاقية بين جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدَّسة في القدس، وفخامة الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية".
الملك، وبصفة كونه "صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدَّسة في القدس"، وقَّع "الاتفاقية"؛ فَلِمَ لَمْ يوقِّعها بصفة كونه، أيضاً، ملك المملكة الأردنية الهاشمية؟
إنَّه سؤال أحسبُ أنَّ إجابته لن تكون ضئيلة الأهمية؛ فـ "الرئيس (أيْ عباس)" وقَّعها بصفة كونه، أيضاً، "رئيس دولة فلسطين".
وأتساءل، أيضاً، عن كلمة "الوصاية"، لجهة معناها الذي يرتضيه "منطق الاتفاقية"، أيْ "منطق كل اتفاقية" تُبْرَم بين "أطرافها السامية".
وفي عبارة، أو عبارتَي، "الأماكن المقدَّسة في القدس"، أتساءل قائلاً: "عن أيِّ قدس تتحدَّث الاتفاقية؟"، و"هل الأماكِن المقدَّسة هي الإسلامية والمسيحية فحسب؟"؛ وإنَّ إجابة التساؤل الثاني يجب أنْ تأتي بما يؤكِّد، أو بما ينفي، وجود أماكِن مقدَّسة يهودية في القدس، أيْ في القدس الشرقية.
لا بدَّ من إجابة هذا التساؤل الثاني؛ لأنَّ الاتفاقية نفسها عَرَّفَت "المسجد الأقصى"، المشمول برعاية "صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدَّسة في القدس"، على أنَّه
مُقام على مساحة 144 دونماً، ويضم الجامع القبلي ومسجد قبة الصخرة، وجميع مساجده ومبانيه وجدرانه وساحاته وتوابعه فوق الأرض وتحتها والأوقاف الموقوفة عليه أو على زواره (ويُشار إليه بـ "الحرم القدسي الشريف")".
وإنَّ "حائط المبكى"؛ وهذا أمْرٌ لا ريب فيه، ليس إلاَّ جزءاً من تلك "الجدران"؛ وما يشمل "الكُل" يجب أنْ يشمل "الجزء"؛ فهل "الوصاية" تشمل، أيضاً، "حائط المبكى"؟
يجب أنْ تشمله، إلاَّ إذا لعبوا، لاحقاً، لعبة "تمييز السور من الجدار"، فأُدْرِج "حائط المبكى" في بُنْيِة "السور"، واستُثْني، من ثمَّ، من "الوصاية".
أمْرٌ ثانٍ يمكن ويجب أنْ يثير حفيظة إسرائيل هو عبارة "تحتها"؛ لأنَّها تعني أنَّ "الاتفاقية" ترفض، ضِمْناً، حلاًّ من قبيل أنْ تكون لإسرائيل التلمودية السيادة على "تحت" هذا "الحرم القدسي الشريف".
"الدور الهاشمي" في القدس إنَّما هو، على ما ورد في "الاتفاقية"، "دور الحماية والرعاية والإعمار للأماكن المقدَّسة (منذ سنة 1924)".
وهذا إنَّما يعني أنَّ "الحماية"، وبمفهومها، أو معناها، "التاريخي"، لا تعني حماية هذه الأماكن من إسرائيل، التي لم تكن موجودة سنة 1924، وإنْ كان وجودها، مع مخاطره على هذه الأماكِن، كامناً في "وعد بلفور"، وفي "الممارسات اليهودية" لسلطة الاحتلال البريطاني في فلسطين.
الرئيس عباس، وبصفاته الرسمية الثلاث، وقَّع هذه "الاتفاقية"؛ فهل هذا يعني أنَّه هو الذي مَنَح الملك صفة "صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدَّسة في القدس"؟
كلاَّ، لا يعني؛ فالرئيس عباس، بتوقيعه هذه "الاتفاقية"، اعترف للملك بِمِلْكِيَتِه (الحصرية) لهذه الصفة، التي شرحت "الاتفاقية" كيفية اكتساب الملك لها إذْ قالت: "بناءً على دور الملك الشريف الحسين بن علي في حماية ورعاية الأماكن المقدَّسة في القدس وإعمارها منذ سنة 1924، واستمرار هذا الدور.. في ملك المملكة الأردنية الهاشمية من سلالة الشريف الحسين بن علي حتى اليوم، انطلاقاً من البيعة (أيْ بيعة أهل القدس وفلسطين له في 11 آذار سنة 1924) التي بموجبها انعقدت الوصاية على الأماكن المقدَّسة للشريف الحسين بن علي؛ وقد آلت الوصاية على الأماكن المقدَّسة في القدس إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين..".
مَنْ بايَع مَنْ؟
أهل القدس وفلسطين هم الذين بايعوا الشريف الحسين بن علي؛ فهل كان دور عباس "تجديد هذه البيعة"؟
كلاَّ، لم يكن؛ فهذا الدور الهاشمي، وعلى ما ورد في "الاتفاقية" ظلَّ مستمراً، لا انقطاع فيه، منذ 1924 حتى يومنا هذا.
عباس، بصفاته الرسمية الثلاث، إنَّما اعترف بديمومة واستمرار "الدور" و"البيعة"؛ وأحسبُ أنَّ هذا هو أوَّل موقف يُعْتَدُّ به، لجهة وزنه وأهميته، لعباس بصفة كونه "رئيس دولة فلسطين".
ووجه الشبه بين اليوم والبارحة، في هذا الشأن، إنَّما هو "الاحتلال"؛ ففي سنة 1924 كانت فلسطين خاضعة للاحتلال البريطاني؛ وفي سنة 2013، كان إقليم دولة فلسطين (الافتراضي) والذي يشمل، أيضاً، القدس الشرقية، خاضعاً للاحتلال الإسرائيلي؛ و"البيعة (مع ما يشبه "تجديدها")" يجب أنْ تُفْهَم وتُفسَّر في هذا السياق.
السيادة على القدس الشرقية لِمَن؟
إنَّها ليست (أو ما عادت) لله، كما كان ينادي الملك الراحل حسين، من قبل؛ وإنَّها ليست لإسرائيل، ولا للأردن؛ إنَّها، وُفْق هذه "الاتفاقية"، لـ "الدولة الفلسطينية"؛ فهذه الدولة هي التي يحقُّ لها فحسب بسط سيادتها على كل القدس الشرقية، وعلى "الأرض المقام عليها المسجد الأقصى (الحرم القدسي الشريف)"، بصفة كونها جزءاً من إقليم هذه الدولة. وهذه السيادة تشمل حتى "حائط المبكى"، و"تحت" الحرم القدسي.
لإسرائيل التي ما زالت تحتل القدس الشرقية، مع الحرم القدسي، تقول "الاتفاقية": الملك هو، وحده، صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدَّسة في القدس، و"دولة فلسطين" هي، وحدها، صاحبة السيادة على القدس (الشرقية) والحرم القدسي.
في "الاتفاقية" وَرَدَ الآتي: "تأكيد حرية جميع المسلمين في الانتقال إلى الأماكن المقدّسة الإسلامية.."؛ فهل هذا يعني تمكين مسلمين من مواطني دول عربية ودول أخرى من الذهاب إلى المسجد الأقصى حتى قبل رَفْع الاحتلال الإسرائيلي عنه؟
إنَّ إجابة هذا السؤال ما زالت "خلافية" حتى الآن؛ فثمَّة من يؤيِّد، وثمَّة من يعارِض؟
قبل هذه "الاتفاقية"، اعترفت إسرائيل للأردن (في معاهدة وادي عربة) بحقِّه في رعاية (أي في الاستمرار في رعاية) الأماكن المقدَّسة (الإسلامية والمسيحية) في القدس؛ وقُبَيْلها، اعترفت القمة العربية في الدوحة بالدور الهاشمي التاريخي في القدس.
لكن كل ذلك يَفْقِد أهميته، أو كثيراً منها، ما بقي الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية؛ وهذا إنَّما يشدِّد الحاجة إلى "اتفاقية" لحلٍّ نهائي ودائم لمشكلة القدس (الشرقية) مع حرمها القدسي.
عن الخوالد .... وعن وحدة الشرعية
بقلم: صادق الشافعي - الايام
في صدر الإسلام قالت العرب "عجزت النساء ان يلدن مثل خالد" (ابن الوليد)
حركة حماس في اجتماع مجلس شوراها الأخير وبعد انتخابات داخلية استغرقت شهورا طوالا أعادت تأكيد نفس القول عندما تمسكت بانتخاب "خالدها" (مشعل) على رأس مكتبها السياسي بعدما كان هو قد أعلن أكثر من مرة أنه لا يريد ذلك، وهو موقف يحسب له. اللهم الا اذا كان موقفه إعادة مكررة لمسرحية ممجوجة لعبها قبله آخرون وكان آخرهم على عبدالله صالح، والغالب أنها ليست كذلك.
و"حماس" ليست فريدة في ذلك، فالعديد من التنظيمات لها "خالدها" (سواء بمعنى ما قالت العرب او بمعنى الاستمرارية المخلدة، لا فرق) وآخرها كان إعادة الجبهة الديمقراطية انتخاب الرفيق نايف حواتمة في موقع الأمين العام بعد ان قضى فيه أربعة وأربعين عاما.
وكأن نساء فلسطين عاقرات عن انجاب "خوالد" جديدة. وهن ما كن كذلك ابدا ولا هن كذلك الآن، بل كن وما زلن ولودات لمناضلين يحلون مكان من يسقط، ولقادة يجددون الفاعلية والحيوية.
اذا جاز اعتبار هذا الامر ظاهرة، فانها تشكل إحدى علامات الذاتية، وإحدى تجليات الخوف من التجديد والتكلس في كهوف الماضي، وإحدى تعبيرات احتكار القدرة على القيادة.
وللذين يؤيدون مثل هذا الفعل، فإنها فوق ما تقدم، احدى تعبيرات عدم الثقة بالنفس والاطمئنان الى ما هو قائم والخوف مما هو قادم، والقادم بالشكل الطبيعي هو الشباب يحمل التجديد والتغيير، او هكذا يجب ان يكون.
او ربما، ان التمسك بإعادة انتخاب الاخ مشعل كان لغير كل ذلك، فربما كان ترجمة لحسابات يتداخل فيها الداخلي مع الخارجي.
يحدث هذا في نفس الوقت الذي تعود فيه "ريمة لعادتها القديمة"، فيعود القصف الإعلامي وإلقاء الاتهامات الجزافية التي تخلو من اي برهان وتفتقد اي منطق وتخلو من اي سبب مقنع، بما يتركها اسيرة تفسير وحيد هو التملص من الالتزامات والتهرب من الاستحقاقات والالتفاف على الاتفاقات، بسبب اساسي هو تبدل الحسابات او تغير في نصائح الناصحين.
ويتزامن القصف والاتهامات مع الاقتراح القطري في مؤتمر القمة العربية الاخير بالدوحة الداعي الى عقد قمة عربية مصغرة تحضرها "حماس" الى جانب "فتح" تختص بتذليل العقبات أمام إنجاز المصالحة الفلسطينية.
وتزامُن الأمرين لا يبدو انه بمحض الصدفة، ولا يبدو انه خالص النوايا والاستهدافات.
والغريب ان الأمرين ( القصف الإعلامي والاقتراح القطري) يحدثان متزامنين دون اي سبب جوهري يدعو لهما، بالذات بعد الاجتماع الأخير للتنظيمات الفلسطينية وما صدر عنه من قرارات واتفاقات وتوجهات في جو قال عنه معظم من حضروه انه كان ايجابيا ووديا ومنتجا. فلجنة الانتخابات المركزية أنجزت مهمتها في غزة، وهي كانت العقدة الأصعب، وبقية اللجان تقوم بعملها دون ان نسمع انها تواجه مشاكل وعقبات او خلافات تستوجب اياً من الأمرين .
اذن فلماذا يحصل القصف الإعلامي والاتهامات ولماذا تتقدم قطر باقتراحها؟
القمة العربية لم تصوت على اقتراح قطر لتحوله الى قرار وتركته لرغبات ومواقف الدول العربية الأعضاء منفردة، وبالتالي ليس له صفة الالزام. وقطر او اي دولة عربية اخرى لم توجه دعوة لعقد مثل تلك القمة حتى الآن. فلماذا نستبق الامور ونستعجل التمهيد للاقتراح بالقصف الإعلامي والاتهامات الجزافية ونستعجل سلخ الدب قبل ان نصيده؟
ان نقطة الفصل في الموضوع اذا ما دخل اقتراح قطر حيز التطبيق، هي وحدة الشرعية كما تمثلها قيادة منظمة التحرير والقيادة المنتخبة للسلطة الوطنية الفلسطينية مهما كان حولها وحول أدائها من ملاحظات. وان اي قفز فوق هذه الحقيقة الوطنية او تمييع لها باي شكل وتحت اي مسمى يجب ان يقابل بالرفض.
فاذا كانت قمة رسمية مهما كان المشاركون فيها وعددهم فلا تمثيل فيها لفلسطين الا بوفد واحد تشكله الهيئات الفلسطينية الشرعية، أما اذا كانت لقاءات اخوية حبية فهذا أمر آخر.
اذ يبدو وكأن عقدة المصالحة الفلسطينية وعائقها الأساسي هو الصراع على الشرعية، ويبدو ان البعض مستعد لدفع ثمن الحصول على الشرعية، حتى لو وصل هذا الثمن الى درجة استمرار الانقسام ووجود شرعيتين مع ترتيبات واقعية لتنظيم وإدارة التعايش بينهما.
ويبدو ان هذا البعض يلعب بأوراق إقليمية مؤثرة يعتقد انها تلعب لصالحه بديلا عن سلوك طريق الانتخابات الشعبية والديمقراطية العامة وهي الطريق الصحيح والديمقراطي لكسب الشرعية. وقد يكون هذا هو السبب الحقيقي وراء الموقف غير المفهوم بقبول تشكيل حكومة مؤقتة لكن دون تحديد لسقفها الزمني وربطه بتاريخ محدد لللانتخابات العامة.
ويكمن في صلب هذا الموقف عدم ثقة هذا البعض بالفوز بالانتخابات اذا ما تمت في المدى المنظور، وبما يتوافق مع طموحاته ومع سعيه لامتلاك الشرعية امتلاكا فردياً احتكارياً.
الشرعية لا يمكن ان تتجزأ، وامتلاكها له طريق واحد هو الحصول على ثقة أغلبية الناخبين في انتخابات ديمقراطية عامة، حرة ونزيهة، ودورية ايضاً.
بعد مقتل ميسرة أبو حمدية ... طفح الكيل
بقلم: حسين حجازي - الايام
تصدمنا الطريقة التي قتل بها هذا الفدائي القديم، من زمن كتيبة الجرمق الطلابية، و"فتح لاند" في جنوب لبنان. تصدمنا هذه الطريقة بقدر ما تثير الغضب فينا، شيء ما أشبه بشعور الثكل الجماعي لشعب ينكل به، من لدن قوة متغطرسة عمياء، يبدو أحياناً كما لو أنه لا حول ولا قوة له على القصاص منها، ودونما انتظار مغيث، حدوث معجزة ما تخلص هذا الشعب الضحية من بين أنيابه. شيء ما يشبه مرارة الهزيمة القاسية كما لو أن الأحداث التي تجري أمام ناظرينا وتحت عدسة الزووم الأضخم في التاريخ لوسائل الإعلام والمعلوماتية، الاتصال الجماهيري، تحدث كمشاهد من عصور قديمة مظلمة، كان لا يزال البشر يرزحون فيها تحت أغلال الوحشية أو الحقبة البربرية، حيث يقتل الأسرى في أقبية القلاع المعتمة دون رحمة. هذا الفدائي الأسير الشيخ في الرابعة والستين ميسرة أبو حمدية، ترنح أمامنا في أغلال الموت، مقيداً حتى شهقة الموت الأخيرة، دون أن نستطيع أو نقدر على إنقاذه من بين براثن الوحش، من عصر"الكوليزيوم" يجدون اللذة السادية في إلقاء أسراهم إلى حتفهم الأخير أمام الوحوش الكاسرة.
لا فرق في الزمن والمشهد، فلا يزال "الكوليزيوم" إلى يومنا هذا شاهداً يذكرنا بقوة استعمارية غاشمة كانت تتلذذ بقتل أسراها ويضفي هذا المدرج الباقي والمهيب طابعاً من الحضارة على وحشيتها.
ليس هذا الشعب الذي جرى تجميعه على عجل وفي غفلة من التاريخ، جديراً بالبقاء والعيش على محور الزمن في هذه الأرض، ما دام هذا الشعب يقيم حريته على حساب حرية وكرامة شعب آخر. هكذا سيكتب فردريك انجلز رفيق ماركس نبوءته في مستهل تحول الرأسمالية إلى عصر الاستعمار قرب نهاية القرن التاسع عشر. حيث أبدى انجلز إعجابه بالثورة المهدية في السودان ضد حكومة بلاده الاستعمارية بريطانيا هذه التي أخرجت فيما بعد جثة المهدي وجمجمة رأسه من القبر ونكلت بها. هذا رجل لم يخرجوا جمجمة رأسه من القبر ولكنهم نكلوا بكل أنحاء جسده قبل أن يرسلوه إلى القبر. لأنهم لم يحتملوا قوة جسارته، عناده وبطولته وانتصاره عليهم على مدى أربعين عاماً، فحاكموه مرتين، قبل أن ينكلوا بجسده حياً ويقتلوه. ليقتلوا فيه رمزية الفدائي في الذاكرة والتاريخ. فدائيو ياسر عرفات الذين قهروا خيال العدو المريض. كل قوة استعمارية هي جماعة مريضة بمرض فاسد ليس له علاج. حيث يلاحقهم الشعور الذي يشبه نوعاً من الوسواس القهري، بأنهم مهددون طوال الوقت في بقائهم، وانهم لم يقضوا تماماً على أفراد كتيبة الجرمق في جنوب لبنان، كما على كتائب عز الدين القسام في غزة بعد حربين من الرصاص المصبوب. عدو بعد ستين عاماً لم يتحول من اعتماد القوة الصلبة القاسية إلى القوة الناعمة، لأنه لا يشعر في قرارة وعيه انه يملك خياراً آخر غير القوة الصلبة للبقاء. هكذا سوف يكتب موشي يعلون أحدث وزراء الحرب على صفحته في الفيس بوك، لن يتأخر في الرد على كل قذيفة تصدر من غزة أو سورية أو لبنان. دون التريث أو حساب ردود الفعل والنتائج.
بإمكان دولة كأميركا أن تحدث هذا التحويل في التفكير الاستراتيجي بعد فشلها في حربين لكن في اسرائيل ليس اليوم ثمة من يطرح في مؤتمر هرتسيليا مثل هذه المقاربة بالإقدام على مثل هذا التحويل في التفكير الاستراتيجي. فحينما تدخل الدول في عمر الشيخوخة فإنها تبدو أكثر ميلاً للتمسك بتقاليدها الطائشة والمغرورة القديمة، خوفاً من التغيير، ولكن هنا عند هذه اللحظة الفاصلة والأزمة من انعدام القدرة على التكيف أو تجديد الشباب نكون إزاء الدخول في عتبة الموت أو الاندحار. "لا تجعلني أتصلب لكيلا انكسر" فهل هذا ما قصده هنري كسنجر حين تحدث عن اسرائيل وما حاول باراك اوباما في زيارته الأخيرة وخطابه للشعب الاسرائيلي التحذير منه، تحذير الشعب لأن الساسة لا يعقلون.
نحن بالفعل نقف الآن عند هذه النقطة من عدم القدرة على الاحتمال أو طفح الكيل. فماذا تبقى لنا إذا كانت عراقة وأصالة تقاليدنا نحن أقدم شعب عاش على هذه الأرض، الفلسطينيون الذي جاء ذكرهم حتى في التوراة ولم يأت على ذكر دولة اسمها اسرائيل، تحول بيننا ومواصلة تحمل هذه الإهانة، إهانة الشعب الفلسطيني فإن الشعب الفلسطيني سيثأر آجلا أم عاجلاً لكرامته، وعندئذ حين تقوم الساعة، لن يكون الحساب على هذه الفاتورة المتطاولة، كما تحسب اسرائيل أو تتوقع، لأن مثل هذه التحولات الكبيرة التي يحركها دافع عظيم، انفعال بطيء ولكنه عميق، يخرج عادة عن جميع الحسابات أو التقديرات. ولقد أوغل العدو عميقاً في إهانة الشعب الفلسطيني. عدو يظهر من الطيش والتفاهة أكثر مما يحتمله العقل أو المنطق. عدو لا يدع لنا مخرجاً، ويبلغنا بالرسالة كل يوم: ماذا تنتظرون؟ هذا هو قوام الوضع.
هذا السؤال هو محك الحقيقة لاختبار مدى قدرتنا تطوير رد يضع حداً لاستهزاء عدونا بكرامتنا. وإذ لا يمكن فصل قضية كرامة الإنسان عن الأرض، فإن الرد الفلسطيني يجب أن يكون على نحو استراتيجي وشامل يستجمع في إطاره مجموع طاقة الفلسطينيين ككل. وهو ما يعني في الوضع الراهن لعب جميع أوراق القوة التي نملكها بصورة متداعمة. فالاحتلال يراهن على سكوتنا وعجزنا أو ترددنا وقلة حيلتنا أو ما يبدو كذلك. وعلينا اليوم عند هذه اللحظة أن نثبت له خطأ رهاناته أو حساباته، ولنمتلك الجرأة والشجاعة وقبل ذلك الثقة بأنفسنا وبخطواتنا بأنه يمكننا ونستطيع بالاعتماد على أنفسنا تحقيق النصر.
إذا كان العدو أراد من قتل هذا المناضل العتيق ميسرة أبو حمدية أن يقتل في وعينا حقبة بطولية من تاريخنا كانت تمثل بحق رداً لا على بؤس شقائنا بعد النكبة بل على هزيمة أمة بأكملها في العام 1967. لقد كان هذا الشهيد واحداً من أولئك الجنود المجهولين الذين حققوا هذا الرد. والذين طالما ظل عرفات يلوح بإصبعيه شارة النصر باسمهم، ويردد ثورة ثورة حتى النصر.
خيبة فلسطينية من الربيع العربي
بقلم: حسن البطل - الايام
كانوا .. وصاروا. كانوا يشكون من "تابو" (محرّم) ثلاثي: الله. المرأة .. والنظام. الأخير تحطّم بالاحتقار أولاً، ثم بالهتاف في الساحات، ثم بقعقعة السلاح.
لكن عظم شأن "تابو" الله أولاً و"تابو" المرأة: خطوة واحدة للأمام .. وخطوتان للوراء .. وهذه، أيضاً، قصة الربيع العربي وتابواته.. وسريعاً قالوا: خريفاً ديمقراطياً وقالوا شتاء إسلامياً. هل "القتل أنفى للقتل" كما قال الإمام علي؟
على العكس من قصة الأم وولاداتها، فإن ولادة الربيع في تونس الخضراء كانت الأسهل وتلتها ولادة الربيع في مصر الكنانة، وكانت مشهدياً هي الأجمل، وأما الربيع السوري القصير فالولادة قيصرية وصعبة، وقد تنتهي اما بوفاة الوليد، وأما بوفاة الوالدة .. وإما بوفاة الاثنين .. والبلد معهما!
ما هي القصة؟ ربما سنجدها عند لينين والثورة البلشفية ضد القيصرية، وصراع بين الأقلية (مونشفيك) والاغلبية (بولشفيك) علماً ان الشيوعيين البولشفيك كانوا الأقلية، وصاروا الأغلبية بـ "كاريزما" لينين ودهائه ومؤامراته، وقسوته على آخر القياصرة وعائلته .. بلا مبرر!
أو ربما نجدها في مطلع ثورات الربيع العالمية المعاصرة، اي ثورة "الكومونة" الفرنسية، والأعظم منذ ثورة سبارتاكوس وثواره، البلاشفة نجحوا، ولكن بعد سبعين سنة فشلوا وانهاروا، وأما الثورة الفرنسية ضد الملكية المطلقة فقد انتكست الى "المقاصل" والى الإمبراطور نابليون، ثم غيرّت وجه أوروبا والعالم. وجه العالم العربي كان مع ماكياج عسكري وصار مع ماكياج إسلامي.
او ربما نجدها في بلاد السور العظيم، و"المسيرة الكبرى" لماو ضد الكومنتانع. هل تعرفون ماذا قال ماو؟ ليست الثورة على هذه الرقة وهذا النبل وهذه الرومانسية. الثورة عمل فظيع ودموي ومؤلم.. في المسيرة نحو فجر آخر جديد. الآن يبدأ فجر الصين الجديدة حقاً.
ماذا يسجل من ربيع في ثورات الربيع العربي؟ لقد انتهت حقبة التغيير بالانقلابات العسكرية، وبدأ التغيير من القاعدة الشعبية .. الانقلاب شيء ولو تسمى ثورة، لكن الثورة شيء آخر اعمق من حراثة عميقة للتربة.
الآملون - المتفائلون صاروا خائبين، وليس من ثورات الربيع، لكن من مسارها ومن سيطرة اتباع تابو المرأة وتابو الله عليها .. الذين يجاهدون للنكاح في الاخرة .. وفي الدنيا معاً. الحديث المر- الحلو، او الحلو - المر يطول، لكن الفلسطينيين يعانون الأمرّين، فهم عرب وهم فلسطينيون تحت النارين: نار احتلال طال في البلاد، ونار اضطهاد في بلدان الربيع العربي.
ربيع سورية هو الأقسى على السوريين والعرب .. واللاجئين الفلسطينيين العرب في سورية. أين المفر من الكويت الى العراق، ومن العراق الى صحراء سورية، ومن سورية الى هذا المخيم، وذاك، او هذا البلد المجاور او ذاك .. وفي كل الحالات من هذا اللجوء لشعب اللاجئين، لا بد من صدّ ومن اضطهاد الإقصاء والنبذ و"كراهية الآخر" الفلسطيني المختلف، كأن اللجوء الى المخيمات لا بد ان تتبعه حروب المخيمات، والحروب على المخيمات. يقال: العرب يحبون فلسطين .. ويكرهون الفلسطينيين؟
الفلسطينيون، في البلاد وفي شتات الشعب، هم الربيع العربي الحق، فهم ثوار ضد خطر النكبة، وهم ضحايا النكبة، هم ثوار ضد النكبة منذ ١٩٦٥ وهم ضحايا النكسة وأنظمة النكسة والنكبة معاً، وهم يدفعون ثمن كل خيبة أمل عربية .. وحتى عندما وضعوا أقدامهم على أول بلادهم، سرعان ما تحول ربيع الانتفاضة الأولى، الى ربيع خادع في أوسلو.
البلاد المجاورة لبلاد الربيع العربي تستقبل لاجئي الطبقة الثالثة من الربيع العربي في سورية، ولو على مضض، ولو بنية الاستقلال .. لكن تغلق ابوابها في وجه اللاجئين الفلسطينيين.
***
مخيم النيرب بوابة مدينة حلب ومطارها، ومخيم اليرموك بوابة مدينة دمشق .. لكن ماذا عن مخيمات حمص ودرعا؟ قنابل من مدفعية النظام وشبيحته ومجازر من "ثوار الجيش الحر" .. وشبيحته! .. والآن دور مخيم خان الشيخ، وهو ثاني اكبر المخيمات الفلسطينية في سورية.
لا مصلحة للنظام، على ظلمه وجوره، في جرّ المخيمات الى الحرب الأهلية، لكن ما هي مصلحة فوضى ألوية "الجيش الحر" في إيقاع الأذى باللاجئين.
آخر الأنباء أن مجموعة من مجاميع الجيش الحر اختطفت صهريج وقود لتشغيل فرن المخيم، وسرقت ٥٠٠٠ ربطة خبز .. والسرقة والسطو تكررا، والقتل أيضا للذين يتصدون للسرقة. سوف ينتفض المخيم ضد "الجيش الحر".
من أين أتسقط أخبار مخيم خان الشيخ؟ من المثقف الشاعر رائد وحش صديق المثقف في البلاد طارق العربي، وهو يقول على صفحته في الفيسبوك: "الثورة ايضاً ان تكون ضد الجيش الحر".
ماذا يختلفون عن شبيحة النظام؟
بين الكوليرا والطاعون، بين الحنظل والعلقم خرج الفلسطينيون من العالم العربي، وهذا لم يخرج من الفلسطينيين.
شرارة الانتفاضة الثالثة تطرق أبواب فلسطين
بقلم: حمزة إسماعيل أبوشنب - معا
بين الفينة والأخرى تتعالى الأصوات الإسرائيلية المحذرة من انتفاضة فلسطينية في الضفة الغربية بعد فشل مسار التسوية والخشية من الدخول مرة أخرى في دوامة الصراع المباشر بين الفلسطينيين والاحتلال، يبدأ بالحجارة ويتطور إلى أن يصل إلى العمل المسلح معيداً إلى الأذهان مشهد الانتفاضتين: الأولى عام 1987 والثانية عام 2000.
وعلى الجانب الفلسطيني لا يختلف المشهد كثيراً وإن كان بصورة معكوسة، فهو يتحدث بأن الخيار الأفضل الآن للتعامل مع الاحتلال هو العودة للكفاح والمقاومة بكافة أشكالها ، فترتفع النداءات الداعية لإطلاق شرارة الانتفاضة للانقلاب على الواقع المتردي في الضفة الغربية والقدس .
دوافع اندلاع انتفاضة
بالرغم من أن الانتفاضتين الأولى والثانية انطلقت شرارتهما نتيجة حوادث بعينها ؛ فالأولى انفجرت بعد دهس مجموعة من العمال من قبل شاحنة إسرائيلية قُتِل على أثرها 7 عمال، والثانية كانت بعد زيارة أرئيل شارون للمسجد الأقصى مما استفز الجماهير الفلسطينية ، ولكن في كلتي الحالتين كانت هناك ظروف وعوامل سابقة شكلت هذه الدفعة لدى الفلسطينيين ، وما تمر به الضفة الغربية هذه الأيام مشابه إلى حد كبير الظروف السابقة ، ولعل أبرز العوامل والظروف تكمن في :
أ. تواصل عملية الاستيطان في الضفة الغربية ومدينة القدس بشكل غير مسبوق مما يهدد الوحدة الجغرافية ويقسمها إلى كيانات منفصلة ومواصلة بناء الجدار الفاصل بين الضفة الغربية والاحتلال .
ب. التهويد المستمر والمتواصل ضد مدينة القدس وعملية التهجير وطرد السكان العرب منها ، بالإضافة إلى أزمة الأغوار في محاولة إسرائيلية لفرض الأمر الواقع على حلول التسوية .
ت. الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين الإسرائيليين على أهالي القرى الفلسطينية مما يلحق الضرر بالسكان ويلحق التلف بالمحاصيل والأشجار .
ث. غياب الأفق السياسي وفشل مسار التسوية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال في ظل تعنت اليمين الإسرائيلي - والذي من المتوقع أن يبقى في سدة الحكم بعد انتخابات هذا العام - وانعدام الخيارات الفلسطينية الرسمية وانحصارها في المفاوضات التي فشلت في تقديم إنجاز فلسطيني يقنع الشارع .
ج. تردي الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية بعد الوعود بتحسينها نتيجة تلت مؤتمر أنابوليس للسلام في الولايات المتحدة عام 2007 ، مما سبب إشكالات عديدة وتذمراً بين المواطنين الذين خرجوا قبل أشهر في مظاهرات عمت مدن الضفة الغربية ضد سياسات حكومة فياض الاقتصادية والغلاء .
ح. الأزمة المالية التي تعيشها السلطة الفلسطينية والتي أصبحت عاجزة عن صرف رواتب موظفيها ، مما قد يضعف السلطة المركزية في حال استمرت ، ويفتح الباب أمام إضرابات تشل عملها فتصبح غير قادرة على ضبط الأوضاع الميدانية .
خ. حالة الغليان الشعبي الناتجة عن العوامل السابقة مجتمعة ، مما يولد لديهم طاقة قد تنفجر في أي لحظة ضد الاحتلال ، كما حصل في الخروج ضد الحكومة في الضفة الغربية ، بسبب الاحتقان الشديد الذي تعيشه .
د. تداعيات نجاح المقاومة في قطاع غزة في صد العدوان في الحرب الأخيرة ، بالإضافة إلى تداعيات الربيع العربي والتظاهرات السلمية التي خرجت ونجحت في إسقاط الأنظمة
موانع تفجر الانتفاضة
بالرغم من توفر الظروف المواتية لانطلاق شرارة انتفاضة جديدة في فلسطين إلا أن هناك بعض العوائق في وجهها تحول بين تفجرها أو فشلها في حال تفجرت ، ونخلص هذه الموانع بالتالي :
أ. عدم رغبة السلطة الفلسطينية في إشعال أي انتفاضة على غرار سابقاتها وتمسكها بالحلول السلمية مع الاحتلال ، مما يدعوها إلى عدم توفير أي غطاء أو مساندة لأي انتفاضة قد تنشأ ، على عكس انتفاضة الأقصى وفرت قيادة السلطة بزعامة أبو عمار الغطاء في البداية ولكنها كانت أقوى من أن يُسَيطر عليها ودفع عرفات ثمن ذلك من خلال تهميشه ومن ثم سمه .
ب. غياب القيادة الفلسطينية الفاعلة القادرة على قيادة أي انتفاضة جديدة نتيجة إنهاك هذه القيادات بالاعتقالات وهرمها ، ورغم ذلك مازالت تسيطر على القرار التنظيمي للفصائل مما غيب القيادات الشابة القادرة على العمل والقيادة .
ت. الحضانة الشعبية غير متوفرة في الوقت الحالي بسبب قوة الإجراءات القمعية التي تلاحقهم من قبل الاحتلال والسلطة الفلسطينية إذا قامت بمساعدة الناشطين الميدانيين .
ث. التنسيق الأمني المتواصل بين السلطة الفلسطينية والاحتلال رغم فشل العملية السياسية وتوقف الاتصالات بين السلطة والاحتلال ، إلا أن التنسيق بل التعاون يشكل عقبة في نجاح الحراك الشعبي
وعلى الرغم من التأثير الذي تحدثه هذه الموانع إلا أنه يمكن تجازوها أو الالتفاف على بعضها في ظل توفر الأجواء التي تساعد على إشعال الانتفاضة ، فسرعان ما يمكن أن تنتج قيادات شابة قادرة على القيادة ، وكذلك الأمر ينعكس على الحضانة الشعبية التي تتفاعل مع تفاعل الأحداث ، وهذا ينطبق على العناصر الأمنية التي تنحاز في المواجهات إلى جانب الشعب .
سيناريوهات المرحلة المقبلة
السيناريو الأول : عودة السلطة الفلسطينية للمفاوضات في ظل الأحاديث المتزايدة عن المبادرات القادمة لإحياء عملية السلام بين السلطة والاحتلال، حيث جرى الحديث عن المبادرة الأمريكية الفرنسية، كما صرحت قيادات فلسطينية عن مبادرة عربية تقوم على إطلاق المفاوضات لمدة ستة شهور بعد الانتخابات "الإسرائيلية"، يرافقها تجميد للاستيطان خلال هذه الفترة، لذلك تم استباق هذه الأجواء بقرارات استيطانية فصلت شمال الضفة عن جنوبها و جعلت هامش المناورة أوسع مما كان عليه في السابق ، وهذا أفضل الخيارات للسلطة للخروج من مأزقها المالي والسياسي ويتماشى مع الاستراتيجية التفاوضية لها .
السيناريو الثاني : اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية والقدس تخلط الأوراق لدى الاحتلال وتُخرج قيادات جديدة قادرة على المناورة مع الاحتلال ، في ظل الخشية الإسرائيلية من الجبهتين المصرية والسورية ، حيث نجدها تسارع في إنجاز السياج الأمني على الحدود مع هاتين الدولتين ، ويمكن الاستفادة من الحراك الأردني الذي يمتلك الحدود الأطول مع الاحتلال ، وهذا الطرح قابل للتطبيق وقد يندلع نتيجة أي حدث أو اعتداء يكون سبباً لحدوثه .
السيناريو الثالث : بقاء الحالة على ما هي عليه واستمرار الضغط على السلطة الفلسطينية التي لا تمتلك الخيارات ، من خلال الدعم المالي المتقطع مما يجعل جل تفكير القيادة الفلسطينية محصوراً في صرف الرواتب والأنشطة اليومية .
السيناريو الرابع : انفراط عقد السلطة الفلسطينية بشكل مركزي أو ضعفها بشكل كبير، مما يولد قيادات أمنية ترتبط مصالحها مع الاحتلال قادرة على الحفاظ على الأمن وضبطه داخل المدن الفلسطينية ، وهذا يعتبر من أفضل الخيارات للاحتلال وإن كان عمره الزمني قصير، فهو يعتبر أخطر السيناريوهات الممكن حدوثها إذا توفر له الدعم المالي الذي يقدم من الإدارة الأمريكية ، لأنه سيكون بمثابة جيش لحماية الحدود دون سقف سياسي بعد نجاح الاحتلال في تجربة إعادة الإدارة المدنية بمنح آلاف التصاريح لسكان الضفة الغربية للتوجه للقدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 ، وربط المواطن بهذه الإدارة من خلال استخراج الأوراق الرسمية والثبوتية له دون التنسيق مع السلطة ، فالاحتلال مستعد لخيار الإدارة المدنية ، إلا أن هذا الجيش نجح حالياً في فرض الأمن والتنسيق والتعاون مع الاحتلال ولكن بغطاء سياسي من السلطة .
لقد استبعدت خيار المصالحة الفلسطينية من هذه السيناريوهات لأن عوامل المصالحة لن ثؤثر على المجريات على الأرض .
كيف نُنجِح انتفاضة جديدة
لابد من العمل على إنجاح الانتفاضة الفلسطينية وهي أفضل الخيارات الممكنة خلال المرحلة المقبلة بدلاً من العودة إلى تجارب المفاوضات مرة أخرى وكسر حالة الصمت لمواجهة العملية الاستيطانية والتهويد المستمر، لذا فإن إنجاح الانتفاضة يتطلب :
أ. إجماعاً فلسطينياً على أن الانتفاضة هي المخرج الوحيد للحالة الفلسطينية .
ب. تصعيد قيادات شابة كان لها دورها في الجامعات الفلسطينية والعمل الميداني خلال الانتفاضة الأولى وإزاحة القيادات الهرمة عن المشهد والاحتكاك مع العدو .
ت. تفعيل العمل الشعبي الجماهيري ضد حواجز الاحتلال والمستوطنين والاشتباك معهم .
ث. وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وإطلاق يد المقاومة المسلحة بالتزامن مع العمل الجماهيري .
ج. الاستفادة من أجواء الخوف لدى الاحتلال الذي يحاصر نفسه بالسياج الأمني ، وتفعيل الدور العربي للدول المجاورة بشكل جماهيري بحيث تشكل ضغطاً شعبياً كبيراً على الاحتلال .
إن السيناريو الأول و هو العودة للمفاوضات هو أقرب السيناريوهات للمرحلة المقبلة ؛ لرغبة الأطراف في الحفاظ والإبقاء على السلطة ودعم محمود عباس في موقع المفاوضات ، لأن الاحتلال لا يريد أن يواجه انتفاضة جديدة في ظل الظروف المحيطة به ، بعد تراجع العلاقات مع مصر ودورها في مساندة و دعم الفلسطينيين في العدوان الأخير على غزة ، والأوضاع المتدهورة على الحدود السورية ، مما دفع الاحتلال للإسراع في بناء سياج أمني عازل خشية تسلل مجموعات جهادية كما فعلت مع مصر، كما ستحاول الإدارة الأمريكية دفع عجلة السلام في المنطقة العربية وهذا لا يقلل من احتمالات اندلاع انتفاضة جديدة .
إن الأسابيع القادمة ستكون كفيلة بتحريك الشارع الفلسطيني تجاه الانتفاضة، ولكن الخشية من العودة مرة أخرى إلى مربع المفاوضات، فلمن ستكون الكلمة: للشارع الغاضب أم للمفاوضات؟
ميسرة.... أعدم مع سبق الاصرار
بقلم: د.هاني العقاد - معا
ميسرة أبو حمديه أسير فلسطيني اعتقل في العام 2002 على خلفية انتمائه لحركة فتح والعمل في صفوفها قبل أكثر من 30 عاما وقبل اوسلوا بالتحديد وهو أب لأربعة أبناء وتم التحقيق معه واتهامه بالعديد من التهم الباطلة حتى حكم علية بالمؤبد , ميسرة أبو حمدية كغيرة من الآلف الأسري الفلسطينيين لم يسلم من الحقد الصهيوني الذي استهدفهم بطرق متعددة منها التسبب بإصابة العديد منهم بالأمراض القاتلة بسبب رداءة الأكل والشرب ورداءة المعتقل وسلامته الصحية ومن ثم الإهمال الطبي هو السياسة الصهيونية المتوقعة بعد الإصابة بالمرض وهذا ما حدث مع شهيدنا البطل , انه نوع من أنواع التصفية الجسدية والقتل البطيء للمناضلين الفلسطينيين القابعين خلف القضبان الصهيوني الحاقد , ميسرة أبو حمدية اليوم باستشهاده يكتب في تاريخ الحقد الصهيوني انه الحالة الثانية التي تصفي داخل السجون والمعتقلات الصهيونية في فترة قصيرة تتجاوز الشهر بقليل , فقد كان الشهيد البطل عرفات جرادات الثالث بعد المائتين ممن قتلهم المحتل عنوة وبترصد داخل زنازين الحقد النازي , واليوم ميسرة أبو حمدية ليكون الرابع بعد المائتين من شهداء الحركة الأسيرة داخل السجون والمعتقلات الصهيونية.
أنها حكاية مناضلين قضوا شهداء بين أيدي السجان النازي دون رحمة ودون احترام لأي قوانين إنسانية أو حتى سماوية وحكاية مناضلين أوفياء أكل المرض أجسادهم وهم أحياء والعالم يشهد هذا السيناريو منذ العام 1967 دون أن يحرك ساكن وكأن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الصهيونية خارج دائرة هذا الزمان وبشر ليسوا من أبناء هذا الكون , وليسوا بالمواصفات التي تنطبق عليها بنود اتفاقية جنيف الرابعة التي تقر بحماية اسري الحرب إلى حين إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى أسرهم .
السجون الصهيونية يا سادة ليست مجرد مقصلة تقطع فيها الرقاب ولو كانت بهذه الصورة لكانت ارحم للبشر من الموت البطيء الذي يقاسيه الأسري, السجون و المعتقلات العلنية و السرية أماكن للموت البطيء لا تصلح للعيش الآدمي ولا تصلح بيوت الحيوانات الأليفة فكيف يعيش فها المعتقلين دون إصابتهم بالأمراض التي تتحول إلى أمراض مزمنة و قاتله , هذا ما أصاب جسد ميسرة و أصبح مريضا بمرض قاتل دون علاج داخل المعتقل و لم يعطي العلاج المناسب لحالته ولم يشفع له مرضه و قد يكون استخدم جسد ميسرة للتجارب داخل المستشفى الصهيوني الذي كان يرقد فيه في أيامه الأخيرة , ولم تحترم سلطات السجن أي قوانين دولية لأنها لا تعترف بها ولا يمكن أن تعترف بها لان الاعتراف يكشف بشاعة الجريمة التي تخبئها إسرائيل و في نفس الوقت تنفرد إسرائيل و تتفرد بالأسري و تستخدمهم أسوأ استخدام في غياب دور توجد أي من المنظمات الدولية تدافع عن الأسري وتطالب بحمايتهم من سيناريوهات القتل البطيء وإعدامهم ليكون موتهم جاء نتيجة طبيعية لإصابتهم بالمرض , هناك المئات الذين لم يموتوا بالمعتقل وماتوا بعد الحرية بقليل أو تم قتلهم بالطائرات وهم يمارسوا حياتهم الإنسانية المدنية وهناك المئات يقفون على طابور الموت و القتل البطيء إن لم يتم علاجهم و إنقاذهم من ظلم الاحتلال و معاملته ألا إنسانية , هذا جزء خطير من المعركة مع المحتل و كأنه وضع في خططه أن يقتل الأسري ويعدمهم حتى لو نالوا حريتهم وما الحكم باعتقالهم وانتهائه سوي حكما صوريا إلى حين التصفية ...
إن استشهاد الأسير البطل ميسرة أبو حمديه اليوم وقبله عرفات جردات وقبلهم مائتان من الأسري داخل المعتقلات والمئات بعد الإفراج عنهم لانتهاء مدة حكمهم , يفتح الباب على مصرعية أمام تساؤلات عديدة أهمها لماذا لم ينقل ملف الأسري الفلسطينيين إلى مجلس الأمن حتى اللحظة ؟ ولماذا لم تضغط المجموعة العربية في الأمم المتحدة اتجاه تدويل قضية الأسري..؟, لقد أصبحت هذه التساؤلات مشروعة بعد كل هذا الإجحاف بقضية الأسري وظروف اعتقالهم وحمايتهم من الاستخدام الغير شرعي من قبل أطباء مصلحة السجون الصهيونية , لقد بات محتما اليوم أن يتحدث العالم عن جرائم الاحتلال الصهيوني , وبات واجبا على منظمة التحرير الفلسطينية أن ترفع ملف الأسري إلى مجلس الأمن عبر المجموعة العربية بالأمم المتحدة وتطالب العالم فورا بتوفير الحماية الكافية لأسرانا البواسل وتوفير اللجان الطبية المستقلة لإجراء الكشف الدوري على جميع الأسري دون استثناء وتقديم العلاج المناسب لهم حتى لو تم نقلهم إلى المشافي الصهيونية فلهم الحق في متابعة علاجهم و مراقبة كافة أنواع الأدوية التي تعطي لهم , ولقد بات محتما أن تشكل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في مئات حالات الإعدام البطيء لأسرانا الأبطال قبل فوات الأوان وكشف الحقيقة التي ستعيد ثقة شعبنا الفلسطيني في الدور الاممي النزيه مع قضية الأسري الفلسطينيين بنوع من الشفافية والحيادية .