أقــلام وآراء إسرائيلي (314) الجمعـــة- 12/04/2013 م
في هــــــذا الملف
- هل يحتمل جيب يهودي في أراضي الدولة الفلسطينية؟
- اذا ما تحققت تسوية في اطار الاتفاق الدائم فانها كفيلة بان تضمن استمرار وجود قسم من المستوطنات من دون حاجة الى اخلائها
- بقلم:جدعون بيغر وجلعاد شير،عن نظرة عليا
- غاز اسرائيلي: سيربح الشيكل أيضا
- بقلم:أوريئيل لين،عن اسرائيل اليوم
- عزلة نتنياهو الثالث
- بقلم:أري شبيط،عن هآرتس
- لن تكون هناك محرقة اخرى
- بقلم:عوزي بتريمان،عن هآرتس
- مزايا توقيت اعتذار اسرائيل لتركيا
- بقلم:د. غاليا ليندنشتراوس،عن ذي بوست
- وسواس اوباما
- بقلم:غي بخور،عن يديعوت
هل يحتمل جيب يهودي في أراضي الدولة الفلسطينية؟
اذا ما تحققت تسوية في اطار الاتفاق الدائم فانها كفيلة بان تضمن استمرار وجود قسم من المستوطنات من دون حاجة الى اخلائها
بقلم:جدعون بيغر وجلعاد شير،عن نظرة عليا
وفاة الحاخام مناحيم فرومان قبل نحو شهر مس شغاف قلوب الكثيرين ممن ينتمون الى جماعات مختلفة بل ويقفون في اقطاب متباعدة من ناحية ايديولوجية.
لقد كان الحاخام رمزا لسعي ابداعي وعميق نحو السلام، من دون تحفظ أو خوف. حركة 'بلاد السلام' التي جمعت الشباب الذين يؤمنون بها تقترح في التسوية السلمية، ان يتخلى المستوطنون الراغبون في ذلك عن جنسيتهم الاسرائيلية ويتبنوا الجنسية الفلسطينية على أن يبقوا في اماكنهم. في نظرهم، أقلية يهودية ستضمن الديمقراطية في الدولة الفلسطينية.
في الجولات السابقة من المفاوضات السياسية على التسوية الدائمة، طرحت هذه الامكانية من جهة المتفاوضين الفلسطينيين بالذات. 'أهلا وسهلا'، قالوا لمحادثيهم الاسرائيليين، ودعوا كل من يرغب بذلك ان يصبح مواطنا فلسطينيا.
اخلاء مكثف للمستوطنات التي تقع خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، حيث يسكن نحو مائة الف نسمة، سيكون مطلوبا اذا ما طُلب من حكومة اسرائيل أو سعت هي نفسها الى تطبيق عملي لمبدأ 'الدولتين للشعبين'. في كل سيناريو انفصال عن الفلسطينيين كنتيجة للاتفاق او لقرار ذاتي من اسرائيل، اخلاء للمستوطنات التي خارج المراكز الاستيطانية الكبرى. ويدور الحديث عن اعادة انتشار وطني صعب وباعث على التحدي والصدمة من ناحية انسانية ومجتمعية واشكالي من ناحية سياسية.
كل صيغ التسوية الدائمة ستفترض، مع تطبيقها، اخلاء المستوطنات التي ستبقى خلف هذا الخط وفيها كما هو معروف عشرات الاف الاشخاص. المصاعب واضحة. يمكن التغلب على معظمها بتخطيط وطني مسبق للاخلاء، التعويض المناسب، الخطاب الداخلي الذي يرص الصفوف في اسرائيل، التشريع المناسب وخطة استيعاب شاملة وعاطفة. اضافة الى ذلك، فان اخلاء عشرات الالاف من منازلهم وبلداتهم، بما في ذلك الاخلاء بالقوة لمن يرفضون الاخلاء لامر من الحكومة هو مهمة صعبة للغاية على الدولة، قد تصل الى سفك دماء وحرب الرجل مع أخيه.
من هنا الحاجة الى فحص أفكار اخرى ايضا كفيلة بتقليص عدد الاسرائيليين الذين يعيشون خلف الحدود النهائية لدولة اسرائيل، وتكون حاجة لاخلائهم كما اسلفنا. على هذه الخلفية طرحت فكرة فحص امكانية بقاء بلدات يهودية في نطاق الدولة الفلسطينية، حين تقوم، شريطة أن تكون في اطار ظروف التسوية الدائمة التي تنهي النزاع.
ويعترف الكاتبان بان النموذج المقترح يبدو غير عملي على نحو ظاهر، أولا وقبل كل شيء من الجانب الامني، ولمسؤولية الدولة على أمن كل سكانها ومواطنيها في نطاق الدولة وخارجها. ومع ذلك، فان هذا المقال سيقدم تحليلا أوليا لهذه الامكانية دون أن يعرب عن الرأي بشأن احتمالها السياسي الداخلي أو الخارجي.
الفكرة ليست مميزة: الخريطة السياسية العالمية تعرض نحو ثلاثمائة جيب اقليمي في أرجاء المعمورة. نحو مائتين من هذه الجيوب توجد قرب الحدود بين الهند وبنغلادش. نحو عشرين جيبا يوجد على الحدود بين هولندا وبلجيكا، والباقي في مناطق مختلفة في اوروبا وفي آسيا.
الجيب الاقليمي هو أرض سيادية لدولة ليس له رابط بري مع الارض الاساس للدولة، وهو محوط بكامله بارض برية لدولة اخرى. توجد جيوب اقليمية تقع في اراض واسعة تمتد الى الاف الكيلومترات المربعة، ولكن معظم الجيوب صغيرة بضعة كيلومترات مربعة بل واقل. في معظم الحالات لا توجد مشكلة للانتقال من الجيب الى الدولة الام، ولكن احيانا يتم العبور في ظل اجراء اداري مركب.
يمكن الحديث عن ثلاثة أصناف: جيوب اسرائيلية داخل الارض الفلسطينية؛ بلدات اسرائيلية بحكم ذاتي تحت سيادة فلسطينية؛ وبلدات يهودية في اراضي الدولة الفلسطينية دون مكانة خاصة.
المستوطنات الاكبر اريئيل، معاليه ادوميم، افرات، كريات أربع، والتي تعد عشرات الاف السكان تبقى في السيادة الاسرائيلية الكاملة كجزء من دولة اسرائيل، وسكانها يبقون مواطنين اسرائيليين.
العبور الى هذه البلدات ومنها الى باقي اراضي دولة اسرائيل يتم في محاور سير متفق عليها، والحركة فيها تكون حرة من دون أي رقابة من جانب الدولة الفلسطينية. السكان في هذه البلدات معا يبلغ عددهم اليوم 69 ألف نسمة وعموم الارض المبنية في هذه البلدات يقع في 7.700 دونم. هذه الارض ستؤخذ بالحسبان عند البحث في تبادل الاراضي بين دولة اسرائيل والدولة الفلسطينية. وفي حالة بقاء افرات ومعاليه ادوميم في نطاق دولة اسرائيل كجزء لا يتجزأ من الحدود الدائمة، فالحديث يدور فقط عن اريئيل وكريات أربع كجيبين اقليميين يضمان نحو 25 الف نسمة في ارض مبنية على نحو 3.500 دونم.
حسب النموذج المدروس هنا، فان عشر بلدات متوسطة في كل واحدة منها 2000 7000 نسمة، بيت ايل، عوفرا، عمانويل، كفار ادوميم، كوخاف يعقوف، عاليه، كدوميم، تلمون، كرنيه شومرون وشيلو، ستكون في اراضي الدولة الفلسطينية وفي سيادتها ولكن ستدار كحكم ذاتي بكل معنى الكلمة. كل اسرائيلي يقرر أن يبقى للسكن في هذه البلدات يحتفظ بجنسيته الاسرائيلية، والبلدات تدير حياتها بنفسها في كل المجالات البلدية الاجتماعية الادارية كالتعليم، الرفاه، الصحة وما شابه.
واجمالي السكان في هذه البلدات نحو أربعين الف نسمة، والارض المبنية لهذه البلدات تصل الى 8.500 دونم.
سكان بلدات صغيرة ومنعزلة نحو 65 بلدة وفيها نحو 36 الف نسمة ممن يقررون البقاء في منازلهم يمكنهم أن يحتفظوا بالجنسية الاسرائيلية بل وان يضيفوا اليها جنسية فلسطينية. وتكون البلدات في السيادة الكاملة للدولة الفلسطينية.
ويحتفظ بحق الملكية لهم على أملاكهم الخاصة وعلى الارض العامة في البلدة، ولكن في كل باقي المواضيع، بما في ذلك حق الانتخاب، فسيكونون مواطني الدولة الفلسطينية. السكان الذين يبقون في هذه البلدات يكونون خاضعين لسيادة الدولة الفلسطينية وقوانينها، مثلما هم عرب اسرائيل يخضعون لسيادة دولة اسرائيل.
مساحات هذه البلدات لا تؤخذ بالحسبان عند البحث في تبادل الاراضي بين اسرائيل والدولة الفلسطينية.
اذا ما تحققت تسوية حسب المبادئ المطروحة هنا في اطار الاتفاق الدائم، فانها كفيلة بان تضمن استمرار وجود قسم من البلدات اليهودية من دون حاجة الى اخلائها الاكراهي.
الخيار في البقاء في المنازل والبلدات يعطى للسكان انفسهم. ويمكن التقدير بانه على مدى الوقت، بعض هؤلاء السكان وربما معظمهم سيختارون العودة الى دولة اسرائيل طواعية، في ظل الحصول على التعويض عن الملك الخاص الذي يبقى في البلدات التي يتركونها، والاخرون يبقون حسب ارادتهم في نطاق الدولة الفلسطينية، حسب النماذج المقترحة. ويتم هذا العمل من دون إكراه ومن دون استخدام للقوة ويمتد على مدى زمن طويل.
جانب ايجابي آخر هو ان اراضي الجيوب ستكون مقلصة بالنسبة للاراضي الواسعة للكتل الاستيطانية التي تبحث حتى اليوم. وخلق الجيوب سيقلص الحاجة الى 'اصابع' اقليمية باتجاه كريات أربع، اريئيل وعمانويل. وهكذا يكون اسهل ايجاد اراض بديلة تنقل الى الدولة الفلسطينية في اتفاق السلام. مساحات باقي البلدات في الصنف الثاني (الحكم الذاتي) والثالث (الاقامة والمواطنة) ستكون تحت سيادة الدولة الفلسطينية وهكذا لن تكون حاجة الى 'دفع ثمن' لقائها بارض من غربي الخط الاخضر.
ومع ذلك، هناك تخوف واضح من احتكاكات ومواجهات بين اراضي الجيوب وبين محيطهم الفلسطيني احتكاكات قد تتطور الى اوضاع مواجهة علنية بقوى عالية. ولهذا يجب التفكير مسبقا إذ يعتقد خبراء كثيرون بان الفكرة غير قابلة للتطبيق على الاطلاق الا في واقع السلام الكامل.
لقد دعا الرئيس كلينتون في حينه الطرفين الى التفكير، فضلا عن خط الحدود السيادي، بتسويات اقليمية ابداعية وبعيدة المدى ايضا. في ظروف التسوية الدائمة، لا يمكن الاستبعاد التام لاحتمالية التوافق ايضا على الفكرة موضع البحث هنا.
مطلوب بالطبع تفكير معمق آخر في الجوانب السياسية، الامنية والعملية بالنسبة للجيوب الاقليمية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
غاز اسرائيلي: سيربح الشيكل أيضا
بقلم:أوريئيل لين،عن اسرائيل اليوم
يصعب ان نُقدر تقديرا صحيحا القيمة العظيمة لمكتشفات الغاز الطبيعي والنفط الخام في حقول البحر المتوسط التي تسيطر عليها دولة اسرائيل، من غير ان ننظر في الماضي قليلا. كان لاسرائيل منذ أن أُسست دولة علاقة حب وتوق الى النفط الخام لأنه لا يمكن تحريك اقتصاد بغير محروقات من مصادر الطاقة، ورفضت الدول الغربية جميعا ان تبيعنا نفطا خاما خشية القطيعة العربية.
لم يكن لنا في مطلع ثمانينيات القرن الماضي أكثر من مصدرين للنفط الخام وهما المكسيك ومصر (إثر الاتفاقات المرحلية بعد حرب يوم الغفران). وبذلنا قبل ذلك كل جهد لنجد نفطا خاما وغازا طبيعيا في داخل حدود اسرائيل بيد أنه لم يُسجل أي انجاز مهم في هذا المجال منذ كان اكتشاف حقل 'حيلتس' في الجنوب في 1952.
في الفترة التي عملت فيها مديرا عاما لوزارة الطاقة في بداية ثمانينيات القرن الماضي كنا نقوم أمام دعامة مكسورة. فقد فشلت الشركات التي تملكها الدولة والتي عملت في هذا المجال فشلا كبيرا وكدنا نستسلم. وآنذاك فقط بدأنا ندرك انه يجب علينا ان نخرج الى خارج حدود البر الى البحر المتوسط.
ان المكتشفات المهمة في السنين الاخيرة في هذا المجال التي بدأت تتحقق الآن مع بدء امداد شركة الكهرباء ومجموعة شركات صناعية كبيرة بالغاز الطبيعي من حقل 'تمار'، ثمرة مبادرة ومخاطرة واسعتي النطاق للمستثمرين الخاصين. ولم تنشئ الدولة هذا الاسهام العظيم في تقوية الاقتصاد بل كانت المبادرة لتلك الشركات التي استطاعت ان تجند استثمارات مالية ضخمة بل استطاعت ان تضم مستثمرين اجانب.
إن الغاز الطبيعي الذي مصدره اسرائيل يرفع الاقتصاد كله الى أعلى. وهو يسهم اسهاما مباشرا في خفض تكاليف انتاج الكهرباء والى خفض اسعار الكهرباء للمنازل وقطاع الاعمال. وتستفيد من ذلك مجموعة شركات صناعية كبيرة مهمة جدا للاقتصاد فبدل استعمال المازوت الباهظ الكلفة أو الفحم تنتقل الى مصدر طاقة رخيص وعتيد ونقي. وتأتي من هنا فائدة لحماية البيئة ايضا.
ويزيد انتاج الفرد وتقوى صورة اسرائيل الصغيرة باعتبارها دولة تعرف كيف تطور اقتصادا سليما، في العالم. وتُثري خزانة الدولة في المستقبل القريب بزيادة دخل يبلغ مليارات كثيرة يمكن ان تُستعمل لسد العجز المالي ولدعم الاستثمارات في البنى التحتية في النقل العام والمجتمع. وكذلك يتحسن الميزان التجاري التصدير في مقابل الاستيراد.
والى جانب ذلك يوجد من يُبرد الحماسة ويدعو الى عدم تمكين الشركات ذات اعمال التنقيب من التصدير الى الخارج، بل يدعو الى الزامها بان تُمد المنظومة الصناعية في اسرائيل فقط بمصادر الطاقة. وهناك من يخشون ايضا من ان يجلب علينا تصدير الغاز 'المرض الهولندي' أي تدفقا زائدا للعملة الاجنبية على الدولة وقوة الشيكل وان يسبب ذلك إضعاف القدرة على المنافسة وتصدير الصناعة المحلية. وأرى انه ينبغي رفض هذه الآراء بحسب رأيي المتواضع.
إن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط تملكه الشركات التي حصلت على امتياز التنقيب عنه واستخراجه وعملت بمقتضى القانون. وهو ملكها الخاص مع الخضوع للشروط والقيود التي فُرضت عليها وقت منحها الامتيازات. اجل ينبغي ان تؤخذ في الحسبان احتياجات السوق المحلية لكن لا يمكن من الجانب القانوني ان نمنعها من التصدير، فما لم تُضر بالمصالح الامنية والاستراتيجية للدولة فمن حقها الكامل ان تصدر وتزيد أرباحها الى الحد الاقصى.
ونقول فيما يتعلق بالمرض الهولندي انه يقوم على افتراض ان يقوى شيكلنا، ومعنى ذلك أننا سندفع أو نحصل على قدر أقل من الشواقل عن كل ما نشتريه أو نبيعه بعملة اجنبية. اجل سيضطر بعض التصدير الاسرائيلي في هذه الظروف الى تعميق النجوع التنظيمي كي يطور القدرة على المنافسة، ومن المؤكد ان هذا اجراء سليم. لكن لا يجوز ان نتجاهل حقيقة انه يكمن في تقوية الشيكل نعمة كبيرة ايضا. فثمن منتوجات الاستهلاك التي نستوردها سينخفض وتقوى المنافسة وسيضطر المنتجون المحليون بازاء خفض اسعار المنتوجات المستوردة الى خفض اسعار منتوجاتهم للجمهور العريض. وسيقل سعر المواد الخام المستوردة للصناعة ايضا. وتزيد القيمة الحقيقية لأجور كل الحاصلين على أجور في الجهاز الاقتصادي من غير زيادة أجور وتنخفض الاستثمارات في الخارج ومعها ايضا اسعار الرحلات الى الخارج.
ليست قوة الشيكل لعنة على الاقتصاد الاسرائيلي، فقد صمدت سويسرا لذلك بنجاح. وفي النهاية وحينما يقوى الاقتصاد تقوى العملة المحلية ايضا وهذه نتيجة ينبغي ان نباركها بدل ان نشتكي منها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عزلة نتنياهو الثالث
بقلم:أري شبيط،عن هآرتس
بنيامين نتنياهو انسان معزول. وقصة حياته هي قصة انسان ليس له انسان قريب خارج فضاء عائلته، فليس له شريك خارج مجال الحلقة الفكرية التي نشأ فيها. فليس لنتنياهو اصدقاء بالمعنى العميق جدا. وليست له طائفة ينتمي اليها ولا مجموعة انتماء يُجلّها، وليست له جماعة موالين يشعر بالراحة بين ظهرانيها. فقد كان رئيس حكومة اسرائيل وما زال غير منتمٍ يشعر بأنه لا يوجد انسان من خارج بيته يستطيع ان يثق به حقا ولا يكاد يوجد اسرائيلي يدرك التحديات التي يضطر الى مواجهتها.
لكن نتنياهو في الولاية الثالثة هو انسان وحيد بصورة مميزة. ويشعر بأن حكومته السابقة كانت حكومة ممتازة، فقد منحت اسرائيل في فترة كان العالم فيها مثل قِدر تغلي استقرارا أمنيا واستقرارا اقتصاديا واستقرارا سياسيا. فلم توجد حروب ولم توجد ازمة اقتصادية عميقة، وكانت الحدود هادئة كما لم تكن لعشرات السنين. وجعلت مواجهة ايران المُحكمة الغرب يعمل على مواجهتها في تصميم. لكن الجمهور الاسرائيلي الذي يعوزه وعي التهديدات لم يدرك عظم الانجاز وأراد تغييرا وأعاد الى دار الحكومة في جفعات رام رئيس وزراء ضعيفا معزولا. ونتنياهو الثالث ليس الى جانبه ايهود باراك وافيغدور ليبرمان وبني بيغن ودان مريدور. وقد يفقد قريبا رون بريمر وتسفي هاوزر ايضا. وهكذا يشعر الشخص الذي يؤمن بأن عليه ان ينقذ الدولة من الفناء بأنه يجب عليه ان يفعل ذلك الآن وهو لا يملك حليفا حقيقيا وليس معه فريق قيادة من بالغين ذوي مسؤولية عظام.
لم يتغير العالم المعادي بالنسبة لنتنياهو فما زالت ايران التهديد الوجودي حتى 2013، وهي التهديد الوجودي منذ 2013 فما بعد. وهو يُقدر ان سياسة حكومته السابقة الحازمة وخطبة الخط الاحمر التي خطبها في الامم المتحدة هما اللتان صدتا الايرانيين في السنة الاخيرة واكتسبتا الوقت القليل الذي ما زال يمكن العمل فيه. وكما تبرهن حالة كوريا الشمالية، لا تستطيع العقوبات وحدها ان تقوم بالعمل بحيث لم يعد التحدي الآن الحديث عن المحرقة السابقة بل منع المحرقة القادمة. ويصعب فعل هذا وهم في جهاز الامن يؤمنون في سذاجة بالمسيح المُخلص الامريكي وحينما لا يكون الخطاب السياسي الاعلامي جديا. ويصعب فعل ذلك حينما يذهب ما يُقال في الغرف المغلقة فورا الى الشبكات الاجتماعية، وحينما يتصرف رؤساء منظمات سرية سابقون كما يتصرفون على الملأ. لكن نتنياهو الثالث لا ينوي الاستسلام فايران بالنسبة اليه ليست وراءنا بل هي أمامنا.
إن برنامج عمل الربان الاسرائيلي ليس برنامج عمل الجمهور الاسرائيلي. وليس ما يواجهه هو السحب على المكشوف لريكي كوهين بل ايران والفوضى العربية والمسألة الفلسطينية وضرورة الحفاظ على معجزة العقد الاخير الاقتصادية.
اذا قاد وزير الخارجية الامريكي جون كيري مسيرة سياسية تسير بحسب خطة كامب ديفيد كلينتون أنابوليس فسيكون جواب نتنياهو الجديد كجواب نتنياهو القديم وهو: الأمن، الأمن، الأمن. هل تريدون دولتين؟
تفضلوا. لكن برهنوا أولا من فضلكم على أن سابقة اوسلو والعمليات التفجيرية لن تتكرر، وأن سابقة غزة والقذائف الصاروخية لن تتكرر، وأن الاراضي التي ستُسلم الى الفلسطينيين في المستقبل لن تصبح قواعد صواريخ لأنه أصبح واضحا اليوم أن ليست المستوطنات هي العائق أمام السلام بل عدم الاستقرار المطلق في العالم العربي هو العائق أمام السلام. إن الشرق الاوسط الجديد المضعضع والاسلامي هو المشكلة الحقيقية التي ينوي الرجل الوحيد نتنياهو ان يواجهها في السنين القادمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لن تكون هناك محرقة اخرى
بقلم:عوزي بتريمان،عن هآرتس
قال رئيس الوزراء في المراسيم التي افتتحت وقائع يوم المحرقة: 'ألتزم في هذا المكان وهذا اليوم ألا توجد أبدا محرقة اخرى'. فمنذ الآن وصاعدا والى أبد الآبدين سيكون المقود في يدين أمينتين. وسيبقى بنيامين نتنياهو معنا الى الأبد ويمنع إبادة اخرى وستطول أيامنا نحن ايضا الى لا نهاية كي نرى ذلك. لأنه ما معنى هذا الوعد إن لم يكن القدرة على التيقن من الالتزام الذي أُعطي؟
يتضمن مقام نتنياهو هذا في أساسه كما يبدو تصورا للذات هو تصور من اختاره القدَر ليضمن وجود شعب اسرائيل الى أبد الآبدين. ورئيس الحكومة على يقين بأنه قادر على ان يقوم بالمهمة التي ألقاها التاريخ عليه، وبأن مواطني الدولة بفضل المقام الذي اكتسبه والثقة به التي حشدها سيقبلون كلامه حرفيا. وهذا فرض اشكالي نوعا ما. فلو ان نتنياهو اكتفى بقول أكثر تواضعا مثل: أنا ألتزم بأن أعمل بما أوتيت من قدرة كي لا توجد محرقة اخرى أبدا لدعانا ذلك الى ان ننظر في كلامه بجدية. فلرئيس وزراء دولة اسرائيل، كل رئيس وزراء، قدرة في الحقيقة على ان يعمل كثيرا لحماية الدولة من احتمال هياج كارثي في حجم المحرقة. لكن نتنياهو اختار ان يتجه الى العظائم فالتزم للأجيال التالية الى نهاية الزمان ان يهتم هو شخصيا بألا تتكرر المحرقة وهذا التزام داحض.
ليس واضحا لماذا احتاج نتنياهو الى هذه المقولة. فمنذ البدء كانت التهديدات بالمحرقة التي تغطي اسرائيل اليوم تستمد بقدر غير قليل من خطابة نتنياهو نفسه. فلولاه والسياسة التي التزم بها في السنين الاخيرة لبقي وجود المحرقة في الواقع الاسرائيلي في نطاقه المناسب له وهو أنها ذكرى لاذعة ودرس يُتعلم. إن نتنياهو حول المحرقة الى ثقل عائق محسوس يُثقل على الحياة اليومية. وهو متمسك في الحقيقة بالتصريحات الشيطانية لقادة ايران وجعلها قضية رئيسة في برنامج عمله، لكن صورة مواجهة الولايات المتحدة الآن لتحرشات كوريا الشمالية تشير الى بديل آسر عن الرد الاسرائيلي على التهديدات الايرانية.
قد يكون السياق هو الذي يفسر اختيار نتنياهو للكلمات في 'يد واسم': فقد قيلت لدعم تحذيراته (التي بدأت تتلاشى) باستعمال سلاح الجو الاسرائيلي على منشآت ايران الذرية. وقد جعله التنسيق الذكي كما ينبغي ان نؤكد، مع الولايات المتحدة يكف عن اطلاق النار وجاء هذا الوعد الصارخ ليغطي على ذلك كما يبدو. وربما ينبغي ان نتناول هذه المقولة باعتبارها شوقا أو التزاما فصيحا يصدر عن قادة الدولة بين فينة واخرى كقولهم 'لن يكون هذا أبدا' أو 'القدس الموحدة الى أبد الآبدين'.
كان يمكن ان نُظهر العفو عن كلمات نتنياهو غير الموزونة لولا أنه قال قبل ذلك ببضع ساعات في جلسة الحكومة: 'شهدنا في الايام الاخيرة حالات مزعزعة لهجوم على شيوخ بينهم ناجون من المحرقة. لن نحتمل هذا... فعندنا التزام عميق للشيوخ بعامة والناجين من المحرقة بخاصة، ونحن نلتزم ايضا بأمنهم ورفاههم'. وفُهم من كلامه ضمنا التزام احتفالي لاستعمال كل الوسائل التي تملكها الحكومة لمنع اعمال هجوم على الشيوخ ولا سيما الناجين من المحرقة. ويسأل السامع: كيف سيدافع نتنياهو عن بقايا المعسكرات خاصة؟
إلا اذا قلت إن رئيس الوزراء لا يعني كثيرا ما يقوله.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مزايا توقيت اعتذار اسرائيل لتركيا
بقلم:د. غاليا ليندنشتراوس،عن ذي بوست
الاعتذار الذي أعرب عنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لرئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان، على نقطة زمن ثانية كان الطرفان فيها قريبين من حل وسط كانت قبل نشر تقرير لجنة التحقيق التي شكلها الامين العام للامم المتحدة. في اسرائيل أملوا في حينه بان يتيح الاعتذار سحب التقرير الذي لم يكن مريحا للطرف التركي ايضا، كونه زعم فيه بان الحصار البحري الذي فرضته اسرائيل على غزة يتطابق ومبادىء القانون الدولي. ويشير التقرير الى أن الرد الاسرائيلي كان مبالغا فيه، وهذا عمليا هو الاساس لصيغة الاعتذار التي بحثت في حينه واتفق عليها الان، بالنسبة لـ 'الاخطاء العملياتية'.
في الوقت الذي كان يمكن فيه شرح رفض اسرائيل الاعتذار في ايلول 2011 بتخوف نتنياهو من رد فعل ليبرمان يحتمل أن يكون عامل حاسم آخر هو القلق من تسونامي سياسي، في أعقاب التوجه الى الامم المتحدة التي خططت له السلطة الفلسطينية بشأن الحصول على اعتراف بها كدولة. في اسرائيل خافوا من أن تبتلع المزايا الكامنة في الاعراب عن الاعتذار في الموجة العكرة من التصريحات والاعمال المناهضة لاسرائيل التي كانت متوقعة في ذاك الوقت.
رفض اسرائيل الاعتذار في حينه كان نقطة الذروة في الدرك في العلاقات، حين طردت تركيا كل الدبلوماسيين الاسرائيليين من فوق درجة سكرتير ثانٍ بل وهددت باتخاذ عقوبات اخطر.
الحظوة لاوباما
مع أن الصيغة التي اتخذت الان لا تختلف جوهريا عن الصيغ السابقة، الا ان ثمة بضع مزايا في التوقيت الحالي. اولا، حقق الاعتذار بعد نهاية حملة الانتخابات في اسرائيل وتشكيل الائتلاف، وحين بات أحد المعارضين المركزيين للاعتذار، ليبرمان، خارج الحكومة وذلك لرفع لائحة اتهام ضده في قضية تعيين السفير في لتفيا.
وبالنسبة للاتراك ايضا يعد هذا توقيتا مريحا نسبيا. فقد تحقق الاعتذار قبل بداية جولة الانتخابات المحلية في الدولة (التي تعتبر نوعا من المؤشر على مدى قوة حزب السلطة). وفضلا عن ذلك، قبل أن تبدأ رسميا حملة انتخابات اردوغان للرئاسة. الانتخابات في 2014 ستكون المرة الاولى التي ينتخب فيها الرئيس التركي مباشرة. واردوغان، الذي يتوقع ان ينتخب باغلبية كبيرة، يأمل في أن يدخل الى الدستور تغييرات تجعل الرئاسة مؤسسة 'ذات أسنان'، خلافا لمكانة الرئيس الرمزية حاليا. ولو لم تكن المرونة التركية كبيرة منذ الان فواضح أنه كلما تقدمت الحملة الانتخابية في هذه الدولة، فستكون القيادة التركية اكثر جمودا في موقفها.
ميزة واضحة في التوقيت الحالي هي أن الاعتذار عرض كأحد انجازات زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما: فليس فقط تحقق اختراق في العلاقات مع تركيا، بل انه يمكن أن يعزى هذا الانجاز الى اسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة ويحسن مدى الثقة بين نتنياهو واوباما. ومثل هذه الثقة ضرورية لغرض القرارات الصعبة المرتقبة في المسألة الايرانية. كما يمكن القول ان حقيقة ان الدفعة الاخيرة للاتفاق كانت من الرئيس الامريكي نفسه، ساعدت نتنياهو في المراحل النهائية من تنفيذ القرار.
اضافة الى ذلك، فان الوضع المتدهور في سوريا والذي لا يتوقع أن يحل حتى لو سقط الرئيس السوري بشار الاسد (بالعكس أغلب الظن الوضع سيتدهور أكثر فأكثر)، يستدعي التعاون، وليس فقط في المجال الاستخباري، بين اسرائيل وتركيا.
محقون اولئك الذين يدعون بان تدهور العلاقات بين اسرائيل وتركيا لم يبدأ مع قضية مرمرة، وانه من المتوقع لاحقا أزمات اخرى، ولا سيما اذا ما طرأ تدهور مع الفلسطينيين. ومع ذلك، فان حدث مرمرة كان شاذا وأدى الى رد فعل عاطفي شديد لدى الجمهور التركي والجمهور الاسرائيلي. وحتى لو كان في رئاسة الحكومة التركية شخص مختلف عن اردوغان، فانه من أجل اعادة بناء العلاقات مع تركيا كان الاعتذار الاسرائيلي ضروريا.
كما ان هذه ليست هي المرة الاولى التي تعتذر فيها اسرائيل لدولة اخرى. فقد سبق أن اعتذرت اسرائيل لنيوزيلندا في 2005 على استخدام عملاء الموساد لجوازات سفر مزيفة. وفي العام 2011 اعتذرت لمصر على قتل رجال الامن المصريين في اثناء مطاردة لخلية مخربين تسللت من سيناء.
رجال قانون اسرائيليون من المرتبة الاولى راجعوا صيغة الاعتذار للتأكد من أنها لا تخلق سابقة خطيرة لاسرائيل في أعمالها في المستقبل. مهم ايضا التشديد بانه يوجد اجماع جارف في اسرائيل على ان الوضعية التي كان فيها مقاتلو الوحدة البحرية صعبة حتى متعذرة، وانه حتى عندما تبحث الاخطاء العملياتية، فانه يجب التأكيد والقول ان الانتقاد هو عمليا على بعض جوانب السيطرة نفسها، وليس على اداء المقاتلين نفسه.
رئيس قيادة الامن القومي، يعقوب عميدرور، الذي كان ممن دفعوا نحو تحقيق الاتفاق مع تركيا، عبر عن مشاعره في حديث مع من تفاوض معه في الجانب التركي فقال: 'القضية هي مثل وليد ولد وينتظر كيف سيعتني به أبوه وأمه'. ينبغي الامل في أن تكون للطرفين الحكمة للمضي في الخطوات الحالية الى اتجاه ايجابي من اعادة بناء العلاقات وعدم التركيز على نقاط الخلاف التي لا تزال قائمة بين الدولتين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
وسواس اوباما
بقلم:غي بخور،عن يديعوت
ما هو الوسواس؟ انه عمل أو فكرة قهرية تتكرر بلا سيطرة عليها. هكذا بالضبط يمكن ان نُعرف السياسة الخارجية للثلاثة اوباما وكيري وهيغل نحو اسرائيل ونحو اولئك العرب المسمين 'فلسطينيين'. ان سلوكهم في هذه الساحة يجب ان يثير التساؤل.
تعالوا نتظاهر بأن كوريا الشمالية لا تهدد بهجوم ذري هو الأول منذ كانت الحرب العالمية الثانية؛ وتعالوا نتظاهر بأن الطرفين في سوريا لا يستعملان سلاحا كيميائيا ولا ينفذان جرائم حرب لم يسبق لها مثيل في الشرق الاوسط؛ وتعالوا نتظاهر بأن شمال افريقية ومصر ولبنان والعراق لا تنتقض عُراها أمام أعيننا وتولد ممالك سلفية مكانها؛ وتعالوا نتظاهر بأن كتلة اليورو لا تنتقض عُراها وبأن الاقتصاد الامريكي نفسه يُسرع السير نحو التحطم، وتعالوا نحصر العناية جميعا في 'الفلسطينيين'. فهم أهم شيء كما يبدو عند وزير الخارجية الامريكي جون كيري لأنه من الحقائق أنه يريد ان يأتينا كل اسبوعين، فماذا تعلمون؟
من أين ينبع هذا الوسواس القهري؟ ينبع من عدم القدرة على الاعتراف بانهيار النظرية التي تقول ان اسرائيل والفلسطينيين هم أصل الصراع في الشرق الاوسط بل ربما في العالم كله. وقد صدر هذا التصور عن وزير الدفاع الامريكي الجديد تشاك هيغل في مساءلته في مجلس النواب قبل تعيينه. وبحسب هذا التصور العجيب الذي يستحثه قدما في الأساس يهود اذا 'حُلت' مشكلة الفلسطينيين فان سكينة كونية ستغطي الكرة الارضية كلها.
بيد أنه يأتي الواقع الجديد في المنطقة وفي العالم، وماذا نفعل، وتضع الامور في نصابها التاريخي الصحيح، فصراعنا هامشي، لكن عظمته طول السنين جهات عربية ومصلحية كي يغطي ويطمس على مشكلاتهم الحقيقية، كالكراهية العميقة بين أهل السنة والشيعة، والحرب الشاملة بين القومية العربية والاسلام السياسي، والفساد والقبلية والاستبداد.
والآن تبدو اسرائيل مع ما يسمى في سخرية 'الربيع العربي' وقد انهار كل شيء حولنا، تبدو هي آخر مشكلة في الصف.
إن الفلسطينيين ـ أجل الذين يستمتعون منذ عشرين سنة بمنح بلغت عشرات مليارات الدولارات ويتبخر هذا المال ويا للعجب في لحظة ـ يعيشون اليوم في مستوى عيش من أعلى المستويات في المنطقة العربية. فهم لا يُذبحون كما هي الحال في سوريا، ولا يُنكل بهم كما هي الحال في مصر، ولا يُفجرون كما هي الحال في العراق.
بالعكس إن حياتهم طيبة وعندهم حكم ذاتي ودخلهم وصحتهم جيدان لأن اسرائيل تحميهم. ولولا اسرائيل لأفنت (من الفناء) حماس وفتح بعضهما بعضا كما حدث بالضبط في قطاع غزة في سنة 2007.
هل يخطر ببال أحد أن يبقى أبو مازن ورجاله في الحكم بغير الحماية الاسرائيلية؟ إنهم أنفسهم يعلمون ذلك.
إنه عالم معكوس. فقد وُصفت اسرائيل ذات مرة بأنها مشكلة، وأصبح كثيرون اليوم يدركون أنها الحل. لكن يصعب على الناس الذين دعوا طول حياتهم الى عكس ذلك قبول ذلك ويصعب عليهم ان يقبلوا الواقع.
حان سوقت سياسة امريكية أكثر واقعية بقليل ترد على ما يجري على الارض لا على أهواء الماضي وأوهامه. ويجب ان يسأل دافع الضرائب الامريكي منذ الآن: اذا كان كل شيء ينهار حولنا فلماذا يشغل قادتنا أنفسهم بـ 'الفلسطينيين' خاصة من كل مشكلات العالم.
ويمكن ان نقول لقادة الولايات المتحدة: لا بأس، حان وقت التحرر وعلاج مشكلاتكم الساخنة الملحة ومشكلات العالم ولا حاجة حقا الى الاتيان كل أسبوعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
