-
اقلام واراء محلي 374
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]
- [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:
- فياض.. إن حكى !!
- ج الايام / هاني حبيب
- دونية "عربية" بين بوسطن وطهران!
- امد / حسن عصفور
- تكريه العباد في البلاد
- ج الايام / توفيق وصفي
- 17 نيسان .. يوم الاسير الفلسطيني القضية ليست قضية موسمية او دعائية
- كتب رئيس تحرير PNN
- "طلبـنـة" الحكم وشيطنة الناس: "حماس" عكس التاريخ
- ج الايام / أشرف العجرمي
- عن تحذير غانتس و تهديد حركة حماس وغزة
- امد / مصطفى ابراهيم
- نحو فهم أعمق وأدق لقضية الأسرى
- ج الايام / بقلم: علي جرادات
- صرح آخر على تلك التلة!
- ج الايام / حسن البطل
- الأسرى الفلسطينيين في القلب أم في الميزان
- امد / أكرم أبو عمرو
- حياتنا – المتحف
- ج الحياة / حافظ البرغوثي
- تغريدة الصباح - القدس الأسرى والضمير الغائب
- ج الحياة / محمود شقير
- فياض المعجزة.. فياض المعضلة
- ج الحياة / عبد الحكيم صلاح
- في يوم الأسير للأسرى .. أنتم السادة
- ج الحياة/ بهاء رحال
- سهر الليالي
- ج الحياة / وضاح زقظان
- تَعالَوا نَتَصارَح...
- ج الحياة / يوسف ابو عواد
- ابو جهاد يشد عزم الاسرى
- ج الحياة / عادل عبد الرحمن
- علي كافي: حياة وجهاد ومفارقات
- ج الحياة / عدلي صادق
- اوردغان .. ليس هكذا تورد الابل!!!
- ج الحياة / يحيى رباح
فياض.. إن حكى !!
ج الايام / هاني حبيب
قبل عام بالضبط، وفي مثل هذا اليوم بالضبط، وفي يوم الأسير الفلسطيني بالضبط، في 17 نيسان 2012، قام وفد فلسطيني يضم رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض صائب عريقات واللواء ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطيني، بتسليم رسالة من الرئيس عباس إلى نتنياهو، استغرقت عملية التسليم عشرين دقيقة، لم تكن كافية لضيافة الوفد الفلسطيني حتى بفنجان قهوة، ويبدو أن فياض، أدرك بفراسته أنه لن يحظى بفنجان قهوة في ضيافة اسحق مولخو، رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض، وكان على فياض أن يستبدل فنجان القهوة الإسرائيلي الافتراضي، بفنجان قهوة وربما أكثر أثناء اعتصامه مع أهالي الأسرى بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني.
إذ كان من المفترض أن يقوم فياض بمهمة حمل الرسالة، من عباس إلى نتنياهو، بحيث يتسلمها مولخو، فياض رفض هذه المهمة لأسباب بسيطة للغاية، فهو ليس ساعي بريد، بل رئيس حكومة، يسلم رسالة من الرئيس إلى رئيس حكومة، وهذا الجانب ذو صفة بروتوكولية، تجاوزه رفض فياض إلى أنه ليس مُخوّلاً، ولا ضمن صلاحياته، المسائل المتعلقة بالتسوية السياسية، إذ إن هذا الأمر من صلاحيات منظمة التحرير الفلسطينية ولجنتها التنفيذية التي منحت صائب عريقات صلاحيات رئاسة الجانب الفلسطيني التفاوضي، وهو الذي من المفترض أن يحمل هذه الرسالة عَبر نظيره الإسرائيلي اسحق مولخو، فلماذا يتم توكيل هذه المهمة إلى رئيس الحكومة؟!
أوساط فياض في تلك الفترة، أشارت إلى أن إسرائيل عمدت إلى أن يكون يوم تسليم الرسالة هو في 17/4/2012، أي يوم الأسير الفلسطيني، وهو اختيار متعمد للتشكيك بجدية الموقف الفلسطيني إزاء قضية الأسرى، وكان على فياض أن يحمل ويتحمّل مسؤولية هذا العار، إلاّ أن تلك الأوساط قالت، أيضاً، شارحة سبب رفض فياض القيام بدور ساعي البريد، إنه غير مطلع على مضمون الرسالة التي صاغتها على ما يقال اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واختيار فياض لحمل رسالة مجهولة، هو اختيار لا يتسمّ بأية براءة، خاصة أن أمين سر اللجنة التنفيذية، ياسر عبد ربه، رفض، أيضاً، القيام بأي دور في تسليم هذه الرسالة، وكان ذلك سبباً ـ على ما يقال ـ في إقالته من مسؤولية الإشراف على الإعلام الفلسطيني الرسمي فيما بعد!!
أفلت فياض بحنكته من هذا الفخّ، لكنه لم يفلت من حملة اللوبي الفتحاوي، الذي كان وقبل ذلك بسنوات قد نظم حملة مسعورة ضده، لكنه اتخذ من هذا الرفض وسيلة إضافية لتحريض الرئيس أبو مازن ضد رئيس حكومته، ويقال ـ على ذمة الرواة ـ إن هذا الرفض شكّل بداية الجفاء بين الرئيسين، رغم أنه لم يجعل الأمور تصل إلى درجة البحث عن بديل صعب، ليحل محل فياض لإدراك أبو مازن، أن فياض هو الأجدر بمواجهة الصعوبات والعقبات الإدارية والمالية والاقتصادية في ظل هذا الظرف بالغ الصعوبة، والأكثر قدرة على التعامل مع البروتوكول الاقتصادي الذي كان قد وقعه أحمد قريع مع الجانب الإسرائيلي في إطار اتفاق أوسلو، والذي كان سبب الحصار الاقتصادي على مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية ووضع الجانب الفلسطيني على شكل ملحق للاقتصاد الإسرائيلي، الأمر الذي كان ولا يزال أحد أهم الأسباب الرئيسية التي وقفت أمام طموح فياض في تنمية اقتصادية مستقلة ترفع عن كاهل المجتمع الفلسطيني واقتصاده التبعية وتغني الفلسطينيين عن الضغوط الاقتصادية ـ السياسية التي مارستها الدول المانحة وإسرائيل، بشكل منظم، كان أبو مازن يدرك كل ذلك متمسكاً برئيس حكومته رغم كل الحملات الشعواء التي تم تنظيمها ضده، وفي محاولة لتزييف الحقائق، أشارت مصادر اللوبي الفتحاوي، إلى أن الرئيس عباس، لم يستجب لضغوط الولايات المتحدة والدول المانحة، لرفض استقالة فياض، بينما ما هو صحيح فعلاً، أن فياض هو الذي رفض الاستجابة لضغوط هؤلاء من أجل سحب استقالته، فقد كان مُصرّاً عليها حتى قبل هذه الضغوط، بل إنها زادت من إلحاحه على ضرورة التخلص من هذا المنصب الذي جعل منه فريسة للطامحين المتعصّبين، وربما كان أكثر إصراراً على الاستقالة، لأنه بذلك يحيل هؤلاء إلى العطالة والبطالة، فلن يجدوا شمّاعة يُعلّقون عليها فشلهم، أو حرباً وهمية تشغلهم عن القضايا الجوهرية والمتمثلة أولاً وقبل كل شيء في إعادة إحياء حركة فتح وبذل الجهد الكافي والمخلص من أجل الحفاظ على وحدتها، ولن يصدق أحد بعد اليوم، تلك التُرّهات التي كانت تضع فياض على رأس العقبات أمام المصالحة الداخلية الفلسطينية.
ومن المتوقع أن بقاء حكومة تسيير الأعمال برئاسة فياض، سيطول بعض الشيء، ذلك أن الأمر يتوقف على جهد ومساعي المصالحة التي من شأنها التعرف إلى هُويّة الحكومة الجديدة، وإلى ذلك الوقت، سيفتح سوق النخاسة من المستوزرين الذين سيعلو صوتهم في وسائل الإعلام للتذكير بأنفسهم، بينما ظلوا صامتين، حتى لا تسجل مواقفهم لصالح أحد طرفي المعادلة الفلسطينية، فتح وحماس، إذ إن حكومة المصالحة، ستشكل توافقاً بين القطبين وأي وزير مرشح يجب أن يوافق عليه الطرفان، وسنجد وزراء حكومة وسطيين بلا مواقف أو مبادئ، بل مصالح ومطامح، وكلما طالت مدة بقاء حكومة تسيير الأعمال، فإن قائمة المستوزرين ستطول وتطول!!.
دونية "عربية" بين بوسطن وطهران!
امد / حسن عصفور
تأتي احيانا بعضا من الأحداث التي تكشف "خفايا سياسية" دون أن يكون ذلك مخططا، مصادفات تظهر ما لا يمكن أن تظهره مواقف تتكرر حول "مبادئ" و"قيم" وغيرها من العبارات التي يمكن للانسان أن يسمعها من هذا الحاكم او ذاك الفصيل في وقت "الراحة"، ويبدو أن يوم 16 ابريل – نيسان كان من بين تلك "الممصادفات السياسية القاسية"، حيث شهد انفجارا في مدينة بوسطن الأمريكية خلال مارثون رياضي، لم تنم وسائل الاعلام بكل أطيافها وهي تتابع ذلك "الحدث الخطير جدا"، اعلام تفرغ كثيرا لتغطية كل جوانب وتفاصيل خبر التفجير الذي أدى لمقتل 3 أفراد، ونجحت تلك الوسائل أن تجعلنا نعرف كل شي عما جرى هناك، بل وما يمكن أن يحدث ايضا لاحقا.. همسات أوباما وتصريحات مسؤولي الأمن، و"شهود عيان" رووا ما سمعوا او رأوا عن "التفجير" الذي لم يحدد بعد ما هي طبيعته..وكان يمكننا ايضا أن نعرف كل شيء عن تلك المدينة.. استنفار اعلامي لا مثيل له لمتابعة "الحدث الكبير"..
وليكن ذلك "خبرا مدهشا ومثيرا" لوسائل الاعلام كون التفجير في امريكا ويرتبط دوما اي تفجير بما حدث في 11 سبتمبر عام 2001، ولكن المثير للغرابة والمأساة ايضا، تلك الحملة المتلاحقة من قادة وحكام وشخصيات وأحزاب عربية، وخاصة مصر لسرعة الادانة والاستنكار لـ"جريمة بوسطن"، وتسابق الجميع ليظهر كل "عواطفه الانسانية" للشعب الأمريكي وحكومته ورئيسه، مظهر يمثل صورة ناصعة للدونية السياسية التي بدأت تنتشر خلال الفترة الأخيرة نحو الولايات المتحدة، مسابقة "الاستنكار العربي" لجريمة بوسطن، قبل أن يتم معرفة طبيعتها أو من قام بها، وربما تكون عملا من أعمال الاجرام المافيوي التي تنتشر في تلك البلاد، لكن الصدفة ارادت أن تكشف "عورة" ساسة المشهد العربي الراهن، والذي لا يتصل ابدا بتلك الروح الثورية التي كانت تقف محركا قويا للشعوب للخلاص من الاستبداد والقهر والفساد المالي والسياسي..
فضيحة الاستنكار العربي تكشف أن "الثورة السياسية" لم تخطو بعد سوى خطوتها الأولى،بكسر حاجز الخوف من أداة القهر والاستبداد، وما دونها لم يحدث ما يمكن اعتباره فعلا ثوريا، بل ربما كانت هناك مظاهر لـ"ردة سياسية" عن القضايا الجوهرية للأمة العربية، لصالح قوى غير عربية، فضيحة "الاستنكار الجماعي" لحادثة بوسطن ستمثل وصمة عار في جبين من لم ينم قبل أن يندد ويستنكر ويدين، حتى دون معرفة حقيقة الذي حدث، وكأنها جاءت حملة تبرئة ذمة من اي تهمة يمكن أن تكون.. رد فعل صبياني مخجل لكل منتم لهذه الأمة، وكأن المطلوب أن يثبت كل عربي أو مسلم أنه برئ قبل الاتهام من "الفاشية السياسية الجديدة" التي تمارسها الولايات المتحدة على من تريد..
والغرابة تتجسد في أن "عرب اليوم" لم ينتظروا حتى سماع بيان اجهزة الأمن الأمريكية لتعرف هل هو حادث "جنائي" أم عمل "ارهابي"، وهل من قام به أمريكي يهودي أو مسيحي أو مسلم، أو رجل فقد ظله فانتقم.. لم يكلف قادة الحكم وجماعات "الاسلام السياسي" في بلادنا الانتظار حتى بيان الخيط الأبيض من الأسود، لكنهم تسابقوا في إظهار "الدونية السياسية" للسيد الأكبر، قبل أن تبدأ رحلة "تصدير الاتهام"..ولنفترض أنه "عمل ارهابي" فمن هي الجهة التي يمكنها ان تقوم به اليوم، في ظل تحالف "واشنطن وقوى الاسلام السياسي، مع كل التنظيمات التي تطلق عليها انها منظمات "ارهابية"، تتحالف معها وتدعهما وتسلحها في لييبا وتفتح خزائن قطر وعرب آخرون لتقديم المال والسلاح والخبرة بكل اشكالها لتلك القوى في سوريا، وهي جزء رئيسي من القوة المسلحة في المعارضة السورية، حتى أن الاخوان المسلمين وبعض المعارضة المدنية اعتبرت "جبهة النصرة" – فرع القاعدة في سوريا بأنها أهم اجزاء "الثورة" واحتجوا على وصفها بـ"الارهابية"..
التحالف القائم بين امريكا وعربها وقوى الاسلام السياسي مع القاعدة وفروعها، لا يسمح بتلك الادانة الفورية لجريمة بوسطن..ولكن كم كان مخجلا ومعيبا ومزريا أن لا نسمع حاكما عربيا أو قوة سياسية او شخصيات عامة تقف الى جانب ايران في مأساتها الانسانية بعد زلزال اعتبر هو الأعنف منذ 50 عاما، وترك قتلى وجرحى بالمئات، وشعرت به المنطقة حول ايران عربا وغير عرب.. كارثة انسانية لم نسمع كلمة مواسية واحدة من حكام كانوا حتى الأمس "يتسولون" رضا ايران وبشكل مهين، ومتجاهلين كل مواقفها السياسية الضارة، قوى كانت تسير في الركب الايراني وتراها "نموذجا للثورة"، لم تنطق بكلمة تعبر عن تضامن انساني مع شعوب ايران ودولتها، المفارقة ليست للدفاع عن ايران، بل لكشف عمق الفضيحة السياسية التي حدثت في مظهر "الدونية السياسية" التي باتت سمة لحكام وقوى قفزت للسلطة في "حلم غير متوقع"..
فضيحة تاريخية سجلتها مفارقة "حادث بوسطن التفجيري" و"زلزال ايران التدميري" لتكشف بعضا من جوانب كراهية البعض وحقدهم الدفين على المشروع القومي التحرري الناصري.. الآن يمكن أن ندرك لماذا يكرهون الزعيم الخالد جمال عبد الناصر.. فالكرامة والدونية لا يلتقيان!.
ملاحظة: بدأ د.سلام فياض في رسم ملامح مشروعه القادم.. وكأننا على موعد جديد مع "الفياضية السياسية".. ذلك مضمون خطاب الخروج الآمن من رئاسة الحكومة!
تنويه خاص: من مهازل اللحظ أن يقفز شخص بعد اسابيع على مجزرة الرواتب وبعد "لحلحة حكومية" نحو الحل ليطالب بتقديم من قام بها الى المحاكمة.. "شاطر" يا فلان!
تكريه العباد في البلاد
ج الايام / توفيق وصفي
لا أحد ينفي ولا أحد يؤكد أن ثمة حملة متواصلة في غزة على أزياء الشباب والفتيات وقصات الشعر، وكأن ما أكدته مراكز حقوق الإنسان من شكاوى بهذا الخصوص افتراء على طرف مجهول، أو أن تعقيب بعض أهل الحكم بأن ما يحدث لا علاقة له بأي توجه رسمي كلامٌ عن حدث آخر، خاصة حين يلفتون إلى أن من ينفذون الحملة مجرد متطوعين ومن أنصار الكتلة الإسلامية في إطار التوعية! إذن من هم الذين يقومون بتوقيف الشبان وإهانتهم واعتقالهم ثم إجبار ولي أمر الموقَف أو الموقَفة على كتابة تعهد بالالتزام بالأزياء والتسريحات الحميدة!
وعند الاستفسار عن الأمر أو الإعراب عن رفضه يطل متفذلك بوجه مصطنع السماحة ليسألك "هل تقبل لابنتك ارتداء قميص أو سروال ضيق يثير غرائز الرجال"، أو "أيرضيك منظر ابنك بسروال يكشف سرواله الداخلي ولحمه"، أو" ألا تُثيرك قصة شعره المبتدَعة من الكفار"؟ أَقبل أو لا أَقبل، أَرضى أو لا أَرضى، ما دخلك أنت، لا يعنيني الأمر ما دام في إطار حرية شخصية لا تَمَسُّك ولا تمسني، وكل منا مسؤول عن نوع سرواله وتسريحة شعره، وكذلك عن أبنائه وبناته ما داموا تحت ولايته!
ويغالي مؤيدو التضييق على حرية الأفراد في لباسهم وشكلهم عندما يُذَكِّرونهم بأنهم مسلمون وأن الإسلام يقول كذا وكذا، يضعون أنفسهم في موضع المُذكِّر والمُبشر والمنذر، ولا يكفيهم أن تقول إني والله مسلم مُوحّد بالله على قدر إيماني به وفهمي لدينه، وأنه ليس من حق أحد أن يقرر لي كيف أعيش.. وويل لك إن جادلت أحدهم وقلت إن لون سيارته لا يعجبك، لكنك لست مع تلطيخها بلون آخر أو حكها بمشرط أو مسمار لإجباره على تغيير لونها إلى لونك المختار، أو أن تتندّر على شكل ذقنه ولو كانت شعثاء، إذ سيتحول الجدال إلى قتال حول مساسك بذقنه المباركة، متناسيا أن "كل واحد حر في ذقنه"، وأنها في الأول والآخِر سُنَّة محببة، لكن شكلها ولونها صارا موضع اختلاف.
حقا، لا علاقة لأحدنا بالآخر إلا بالمعروف، ولا يحق لأحد أن يهين أبناءنا وبناتنا أمام الناس في الشارع أو المدرسة، فلكل شيء نظام وقانون، وما هو خارج عن ذلك له أيضا قانون وأعراف تنظمه، فالمدرسة تملك أن تحدد مواصفات الزي المدرسي، أما قصة الشعر والهيئة العامة المتعلقة بحُسن المظهر والنظافة فهي محكومة بالتوعية والتفاهم وتفهم الآخر، فقد يطيل شاب شعره لإخفاء ثعلبة في رأسه، وقد يحلق آخر "عالزيرو" لحساسية معينة في الجلد، أو لتوفير ثمن الحلاقة.
إن على من يسعى إلى تكريه الناس بمحاولته تكريس ديكتاتورية اللون والشكل والصوت الواحد أن يُدرك أن هذا البلد ليست له وحده، وأن البلد لكل من يعيش على أرضه، وليس فقط لمن يحكمه وأتباعه، إلا إن كان يريد لمن لا يعجبه ذلك أن يرحل! ما أدرانا ما الخطوة التالية بعد تكريس ما يجري، وإن كانت الجرة ستسلم كما كل مرة، فثمة من فاض به الكيل، ولا يدري كيف ستكون العواقب، لكنه لم يعد يحتمل، ويخشى الأسوأ، كأن يقرر آخرون إن كان مسلما أو كافرا.
يريدون لمن ليسوا مثلهم أن يكرهوا الوطن، بعد أن تتضخم كراهيتهم للحياة التي تُفرَض عليهم، حتى المسيحي بدأ يعيد النظر في مواطنته، لخشيته من تدخلات عميقة في حياته تضاعفت منذ وقوع الانقسام، وهو وغيره يهتفون ويدعون في صلواتهم إلى المصالحة، فربما عادت إلى جموع الصابرين بعض الثقة بأن بلادهم تبقى عزيزة وإن جارت عليهم قليلا!
هل ما يحدث يهدف إلى الضغط على أحد أو جهة ما من خلال الضغط على الرعية، التي عليها أن تفكر في تكييف ملابس أبنائها وبناتها، بالإضافة إلى قائمة التفكير في الأكل والشرب والدواء والماء والكهرباء والبنزين، أم هدف الضغط هو المواطن نفسه، كي يبلغ لحظة الشك في أن بلده يصلح وطنا، وأن يقول بيقين "مبروك" لمن يقبل بحياة كهذه دون أن يجرؤ على إعلان رفضه لها، وإلا فليدبر لنفسه وطنا آخر، ولو إلى حين!.
17 نيسان .. يوم الاسير الفلسطيني القضية ليست قضية موسمية او دعائية
كتب رئيس تحرير PNN
يمر يوم الاسير الفلسطيني هذا اليوم السابع عشر من نيسان على جماهير شعبنا عموما والاسرى وذويهم خصوصا في ظل ظروف ماساوية حيث قرر العديد من الاسرى خوض اضراب عن الطعام ليعلنوا دخول قضية الاسرى مرحلة جديدة.
نحو خمسة الاف اسير فلسطيني يعيشون ظروفا ماساوية صعبة في سجون الاحتلال في ظل اداة قمعية للسجون تسعى للتضييق على الاسرى وسحب منجزاتهم بتوجيهات من حكومة يمنية متطرفة ترفض التعامل مع الاسرى بشكل انساني.
اليوم يمر يوم الاسير الفلسطيني وسط توقعات بفعاليات متعددة ومختلفة لتسليط الضوء على قضية الاسرى لكن هذه القضية تحتاج الى جهد وفعاليات متواصلة يجب الا تكون على شكل هبات جماهيرية عند قمع ادارة السجون لهذا السجن او ذاك القسم.
نقولها بكل صراحة ان هناك تقصيرا رسميا باتجاه قضية الاسرى فمهما عمل القائمون على قضية الاسرى سيبقون مقصرين وما قضايا الاسرى او الاسرى المحررين الا اكبر دليل على هذا التقصير كما ان فضيحة الانقسام هي ضربة قاصمة وطعنة سكطين في ظهر كل الاسرى بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم وعلى طرفي الانقسام الذين يدعون انهم دعاة قضية الاسرى ورهبانها ان يعلنوا عن توحيد الجهود بعيدا عن السياسة الزائفة .
مهما قال هذا الوزير او ذام ومهما قال السياسي من هنا وهناك انهم يعملون لقضية الاسرى فانهم سيبقون مقصرين لان عذابات الاسرى اكبر من كل محاولات المتاجرة بهم واللعب على معاناتهم وعذابات اهاليهم ولو كان القائمون على قضية الاسرى حريصين عليهم لما سكتوا عن الانقسام وما صمتوا عن تجهال وثيقة الاسرى لاعادة توحيد الصف لكنهم جميعا ركزوا جهدهم على تثبيت مناصبهم في طرفي الانقسام متذرعين بالسعي لمساندة الاسرى على الشكل التقليدي من خلال تنظيم مسيرات شكلية لم يعد يشارك فيها الا العشرات من القائمين عليها والمنتفعين من قضية الاسرى يتطلب من الجميع السعي لاعادة دراسة اليات العمل من اجل فضح ممارسات الاحتلال بحق الاسرى حتى لا تكون هذه الفعاليات مرحلية وبالقطعة وعلى شكل مناسبات كمناسبة يوم الاسير او استشهاد احد الاسرى او مهاجمة اقسام السجون .
اليوم سنشاهد عبر ايميلاتنا كصحفيين الاف الايميلات عن الانشطة المساندة للاسرى وسنشاهد الاف التصريحات والمواقف والارقام عن الاسرى وغدا سيرتاح لكننا اعتدنا ان نرى مدا جماهيريا ضعيفا مما يدفعنا للتساؤول عن سبب هذا الضعف الجماهيري هل هو ناتج عن عدم ثقة جماهيرية فلسطينية عامة وعدم ثقة من اهالي الاسرى بالقائمين على هذه الانشطة ام هو حالة تعب وكفر بالوضع الفلسطيني القائم الذي وصلت اليه قضة شعبنا الذي تم اشغاله بقضية الراتب والانقسام والمصالحة التي لن تاتي كون طرفي الانقسام لا يريدان المصالحة ويتلاعبان بها لان عملهما على الارض اكبر دليل على عدم جديتهم.
اليوم سيمر على الاسرى وذويهم بفعاليات وانشطة وتصريحات لن ترفع عنهم معاناتهم ولن تردع الاحتلال عن جرائمه بحقهم رسالتنا لمن يعملون بقضية الاسرى غيروا في ما تقدمونه للاسرى وجددوا فيما تقومون به لان تكرار ما تقومون به اثبت بعد عشرات السنيين عدم جدواه مع هذا الاحتلال الغاصب المجرم الذي ينتهك انسانية الاسرى بشكل يومي .
ولمن لا يعرف تفاصيل واهمية قضية الاسرى فها هي تفاصيل وارقام مهمة عن قضيتهم في يومهم كما نشرها الناشط عبد الناصر فراونة
20 % من الفلسطينيين تعرضوا للإعتقال
فروانة : الأسرى تاريخ عريق وأرقام مذهلة وانتهاكات لا حدود لها ومعاناة يصعب وصفها
غزة-15-4-2013- قال الأسير السابق ، مدير دائرة الاحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في دولة فلسطين ، بشؤون الأسرى ، عبد الناصر فروانة ، بأن الأسرى قضية شعب ووطن ( لا ) يمكن تجاوزها ، وتاريخ عريق حافل بالمآثر والبطولات والتضحيات بحاجة الى تدوين وتوثيق ، وأرقام واحصائيات مذهلة ومؤلمة ، وانتهاكات ( لا ) حدود لها ، ومعاناة يصعب وصفها وتتطلب التحرك الجاد لوضع حد لها على طريق انهائها واطلاق سراح كافة الأسرى .
الاعتقالات طالت 20 % من الشعب الفلسطيني ...
وأضاف : بأنه ومنذ العام 1967 سُجل أكثر من ( 800 ) ألف حالة اعتقال ، يشكلون قرابة 20% من الفلسطينيين المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، حيث أنه لم تعد هناك عائلة فلسطينية إلا وأن تعرض أحد أفرادها أو جميعهم للاعتقال لمرة أو لمرات عدة .
وبيّن الى أن من بين مجموع تلك الحالات هناك ( 78000 ) حالة اعتقال سُجلت منذ بدء انتفاضة الأقصى في أيلول / سبتمبر 2000 ، بينهم قرابة ( 950 ) مواطنة ، وأكثر من ( 9) آلاف طفل ، وأكثر من خمسين نائباً ووزيراً سابقاً بالإضافة إلى مئات القيادات السياسية والأكاديمية والمهنية والصحفيين .. الخ .
وأكد فروانة الى أن الاعتقالات لم تكن يوماً ممارسة عفوية أو استثنائية ، وانما مورست كسياسة ثابتة بهدف الإذلال والإهانة والإنتقام واضحت ظاهرة يومية مؤلمة ومقلقة ، حيث (لا) يمضي يوم واحد إلا ويُسجل فيه اعتقالات ، والتي لم تقتصر على فئة محددة أو شريحة معينة ، وإنما شملت كافة شرائح وفئات المجتمع الفلسطيني بمن فيهم المرضى والمعاقين ، مما دفع الذاكرة الفلسطينية لأن تفرد مساحات لمفردات الاعتقال والسجن في القاموس الفلسطيني و الثقافة العامة .
وأشار الى أن تصاعد ملحوظ قد طرأ في عدد حالات الإعتقال ، حيث أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت خلال العام المنصرم 2012 ( 3848 ) مواطناً فلسطينياً بمعدل ( 11 ) حالة يومياً ، وبزيادة قدرها ( 16.2 % ) عن العام الذي سبقه 2011.
فيما كان من بين المعتقلين خلال العام الماضي ( 881 ) طفلاً دون 18 سنة بزيادة قدرها ( 26 % ) عن العام الذي سبقه 2011 .
ومنذ بدء العام الجاري اعتقلت قوات الاحتلال ( 1070 ) مواطناً بزيادة قدرها 8,4 % عن نفس الفترة المستعرضة من العام الماضي .
ورأى فروانة بأن الخطورة تكمن في أن مجمل تلك الاعتقالات وما رافقها وتبعها تتم بشكل مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني من حيث أشكال وظروف الاعتقال ، ومكان الاحتجاز وما مُورس ويمارس بحق المعتقلين من تعذيب حيث أن كل من تعرض للإحتجاز أو الاعتقال تعرض لأحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والإهانة أمام الجمهور وأفراد العائلة ، فيما الغالبية تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب.
الأسرى في أرقام ...
وأوضح فروانة بأنه ليس كل من اعتقل بقىَّ في الأسر ، فالكل تحرر فيما بلغ عدد من لا يزالوا في سجون ومعتقلات الإحتلال حتى مطلع ابريل / نيسان الجاري نحو ( 4900 )معتقلاً وأسيراً في أكثر من 17 سجناً ومركز توقيف، بينهم ( 235 ) أسيراً من الأطفال ، و( 14 ) أسيرة ، و( 14 ) نائباً في المجلس التشريعي بالإضافة إلى وزيرين سابقين .
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال أصدرت منذ العام 1967 أكثر من خمسين ألف قرار بالاعتقال الإداري ( ما بين قرار جديد أو تجديد الاعتقال الإداري ) منهم 23 ألف قرار منذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000 ، بقي منهم ( 168 ) معتقلاً رهن الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة حتى الآن .
وأن من بين الأسرى يوجد ( 533 ) أسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد ( مدى الحياة ) لمرة واحدة أو لمرات عدة .
" الأسرى القدامى " " عمداء الأسرى " " جنرالات الصبر "
25 معتقلاً أمضوا أكثر من 25 عاماً في السجون الإسرائيلية
وفي السياق ذاته اشار الى وجود ( 105 ) أسيراً يُطلق عليهم مصطلح " الأسرى القدامى " وهو مصطلح يطلق على الأسرى الذين أعتقلوا قبل أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الرابع من مايو / آيار عام 1994 ولا يزالوا في السجون الإسرائيلية ، وأن " عمداء الأسرى " منهم وهو مصطلح يُطلق على من مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاما قد بلغ عددهم ( 77 ) أسيراً ، فيما " جنرالات الصبر" وهو مصطلح يُطلقه الفلسطينيون على من مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد قد وصل عددهم ( 25 ) أسيراً حتى مطلع ابريل الجاري ..
ويُعتبر الأسير كريم يونس من المناطق المحتلة عام 1948 والمعتقل منذ يناير 1983 هو عميد الأسرى وأقدمهم جميعاً .
( 24 ) أسيرا مصابون بالسرطان
وكشف فروانة بأن عدد الأسرى الفلسطينيين المرضى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية بلغ نحو ( 1200 ) أسير يعانون من أمراض مختلفة ، بينهم ( 170 ) أسيراً بحاجة إلى عمليات عاجلة وضرورية ، و( 85 ) أسيراً يعانون من إعاقات مختلفة ( جسدية وذهنية ونفسية وحسية ) ، و ( 16 ) أسيراً مقيمون بشكل دائم في ما يسمى مستشفى سجن الرملة ، و( 24 ) أسيرا مصابون بمرض السرطان
( 204 ) أسيراً فلسطينياً استشهدوا في السجون ومراكز التوقيف
وأشار الى أن عدد الشهداء من الأسرى بلغ (204 ) أسيراً منذ عام 1967 بسبب التعذيب والإهمال الطبي أو القتل العمد بعد الاعتقال ، أو نتيجة استخدام الضرب المبرح و الرصاص الحي ضد الأسرى آخرهم كان الشهيد " ميسرة أبو حمدية "، بالإضافة إلى مئات الأسرى الذين استشهدوا بعد تحررهم من السجن متأثرين بأمراض ورثوها عن السجن والتعذيب والإهمال الطبي أمثال أشرف أبو ذريع وزهير لبادة ومراد أبو ساكوت وهايل أبو زيد القافلة تطول .
وأوضح فروانة بأن كافة الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال يتعرضون لمنظومة من الإجراءات والقوانين التعسفية والانتهاكات الفاضحة لكافة المواثيق والأعراف الدولية ، في إطار سياسة ممنهجة ، وأن تلك الإنتهاكات تصاعدت بعدما أقرت سلطات الاحتلال عدد من القوانين للتضييق على الأسرى وشرعنة الانتهاكات بدافع الإنتقام من الأسرى وذويهم .
مما حول السجون بمختلف أسمائها وأماكن وجودها إلى بدائل لأعواد المشانق ، فبداخلها يجرى أبشع عمليات القتل الـروحي والنفسي والتعذيب الجسدي ، وبداخلها يتم إعدام الأسرى بشكل بطيء .
الأسرى .. والمسؤولية التاريخية
وأكد فروانة بأن الأسرى كانوا ولا يزالوا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني ، وأن قضيتهم ستبقى مركزية بالنسبة لشعبهم لأنهم ناضلوا وضحوا وأفنوا زهرات شبابهم خلف قضبان السجون من أجل فلسطين ومقدساتها ، ومن أجل قضايا الأمة العربية والإسلامية جمعاء .
ومن الواجب الوطني والشرعي والديني ، الأخلاقي والإنساني نصرتهم ومساندتهم والعمل لوقف الإنتهاكات الخطيرة بحقهم ، والسعي بكل الوسائل المشروعة لضمان تحقيق حريتهم وعودتهم إلى بيوتهم وأحبتهم سيراً على الأقدام ، ( لا ) محملين على الأكتاف .
"طلبـنـة" الحكم وشيطنة الناس: "حماس" عكس التاريخ
ج الايام / أشرف العجرمي
يبدو أن هناك فهماً مغايراً وغريباً لمبادئ الديمقراطية تعتمده الأحزاب والحركات الإسلامية السياسية في العالم العربي وفي مقدمتها حركة "حماس" التي قدمت نموذجاً صارخاً وفاقعاً على فهم مشوّه للديمقراطية التي يجري تحويرها وليّ عنقها للتكيف مع نمط آخر من الحكم لا علاقة له بالديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد.فالديمقراطية لا تعني فقط إجراء الانتحابات لتحديد من يفوز وبعد ذلك يمكن للفائز أن يقوم بنسف أسس الديمقراطية المجتمعية وكل اشكال الحريات السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها. فالديمقراطية تعني بالاضافة إلى حكم الأكثرية وفصل السلطات ودورية الانتخابات، احترام وجود المعارضة وحقوقها والتعبير عن موقف الأغلبية بحيث لا يتم تجاهل حقوق الأقلية، وتعني كذلك الحقوق المدنية والحريات واحترام حقوق الانسان وتطبيق المعايير والقوانين الدولية المنظمة للحياة المدنية. ولم تعد تقتصر فقط على إجراء انتخابات تسمح لمن يحصل على الأغلبية بالتغول على المجتمع وفرض ايديولوجيته وعقيدته ومفاهيمه الخاصة بالحكم والمجتمع على سائر المواطنين.
التفويض الذي منح لحركة "حماس" في الانتخابات العامة، حيث حصلت فقط على نسبة 42,5% من أصوات المقترعين، لا يعني بأي حال أنها تستطيع تغيير نظام المجتمع وقانون السلطة الأساسي الذي تخرقه على مدار الساعة منذ الانتخابات وتكرّس هذا بصورة خطيرة بعد الانقلاب الذي نفذته ضد السلطة في عام 2007. وما يجري في غزة في هذه الأيام يقول بصراحة أن "حماس" لا تستوعب ما يجري حولها وبأي اتجاه تسير عجلة التاريخ. فسن قانون تأنيث التعليم الذي يفصل بين الذكور والإناث في المدارس بما فيها المدارس الخاصة ويمنع وجود مدرسين رجال في مدارس البنات يتعامل مع المواطنين كشياطين ومنحرفين ، ويحاول فرض قوانين لا مثيل لها إلا في عهد "طالبان" في افغانستان، حيث إن الأخيرة عندما استولت على السلطة قامت بفرض قوانين متخلفة كهذه التي سنتها "حماس".وأخيراً وليس آخراً طبعاً ملاحقة الشباب على قصات شعرهم ونوع البنطال الذي يلبسونه والتعرض لهم بالضرب والتعذيب كما نشر في شهادات بعض الشباب وبث على صفحات النت واليوتيوب، والسعي لفرض الجلباب والحجاب بالقوة بما ذلك استخدام رشاشات الكلور التي تفسد الملابس والتي رشت على بعض الفتيات لاجبارهن على لبس الزي الذي تريده "حماس"، مع العلم أنه لا دين ولا قانون يحدد طبيعة الزي للناس، خاصة وأن المجتمع الفلسطيني بغالبيته مسلم ومحافظ بمستوى واسع.
ولا تنفع "حماس" محاولة النفي على غرار ما صدر عن نائب إسماعيل هنية زياد الظاظا الذي قال: إن ما حصل هو "سلوك فردي من رجال الشرطة" وأنه "لا يمثل سياسة الحكومة كما لا يمثل قيم الشعب الفلسطيني" فالحقيقة الوحيدة فيما ذكره الظاظا هو أن ما قامت به "حماس" فعلاً لا يمثل قيم المجتمع الفلسطيني.أو عدم تصديق موسى أبو مرزوق للخبر من أصله، وهناك شهادة من ابن الشهيد نزار ريان براء على صفحته على الفيسبوك يقول فيها: انه عرف من "مصادر موثوقة أنه في الأيام الأخيرة اعتدى رجال الشرطة...على غير واحد من الشباب بسبب بناطيل ضيقة". وهذه ليست سوى محاولة فاشلة للتنصل من خطوة سيئة لقيت استنكاراً واسعاً من الجماهير والمنظمات الحقوقية ، وحملة "حماس" كانت معلنة وعرف بها الناس منذ أن اتخذ القرار بملاحقة الشباب.
ما يحصل في غزة لا يدل على أن "حماس" استوعبت دروس ثورات العالم العربي التي كان عنوانها الحرية والتنمية، وهي والحمد لله لا تعرفهما أبداً، بل تحاول فرض نظام يقوم على ثلاث مركبات أساسية: التجهيل، ومصادرة الحريات والقمع، والتجويع ، فهذا النظام يضمن بقاء المناخ المؤاتي لبقاء سيطرة "حماس" ومثيلاتها على المجتمع. والغريب أكثر هو أننا نسمع ليل نهار إشادة بتركيا ونظامها الإسلامي وترحيب منقطع النظير بزيارة قادتها لنا وبدورهم في السياسة الإقليمية والدولية. ولم يسأل أحد من "حماس" وحركة "الإخوان المسلمين" ما هو وجه الشبه بين النظام الإسلامي في تركيا وبين الأنظمة التي يحاول هولاء تطبيقها في عالمنا العربي، ولماذا نجحت تركيا في حين فشل الآخرون أو في طريقهم للفشل المحتم.إنهم ببساطة يتجاهلون حقائق الأمور بالنسبة للنظام التركي الذي لم يحاول فيه الإسلاميون تغيير طابع الدولة وأبقوا على مكونات النظام العلماني الذي دافع عنه رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا في القاهرة وعشية زيارته لها عندما قال " امنيتي دولة علمانية تقوم على احترام جميع الأديان وشرائح المجتمع في مصر، والبعض في مصر يفهم العلمانية على أنها ضد الأديان وهذا غير صحيح، فأنا اسلامي لكني احكم بدستور علماني يحترم كل الأديان ". وهو الكلام الذي لم يقبله " الاخوان المسلمون" في مصر.
من الواضح أن "حماس" لا تمتلك مشروعاً واقعياً للتنمية وتلبية حاجات ومتطلبات الناس وتحاول التعويض عن ذلك بالمزيد من القمع والهروب وكأن ما يحصل للناس هو قدرهم الذي لا يستطيعون الفكاك منه، وهي تسجل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي نوع من التنمية والأمان للمواطنين، هذا عدا الاعتداء على الحريات العامة ومصادرة الحقوق، وتفشل في حماية الأقلية المسيحية في غزة التي تعرضت لاعتداءات عديدة آخرها الاعتداء الذي حصل ضد مدرسة العائلة المقدسة .وما يجري في غزة هو ليس مسؤولية "حماس" وحدها التي ترى أن فوزها في الانتخابات يخوّلها تحويل الحكم إلى حكم قبيلة"حماس" وحدها وباقي الناس مهمتهم خدمة متطلباتها ورفاهيتها، بل هو مسؤولية الجميع من قوى سياسية ومجتمع مدني ومواطنين يبنغي ألا يسمحوا بمصادرة حرياتهم والإعتداء على حقوقهم، وهنا لابد من تأكيد فشل كل الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في التصدي لإجراءات "حماس" ومنعها من التغول على المواطنين الذين لا ينتمون لها.
عن تحذير غانتس و تهديد حركة حماس وغزة
امد / مصطفى ابراهيم
تحذير قائد اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال بيني غانتس الذي قال قيه ان استمرار الخروقات لتفاهمات وقف اطلاق النار قد يؤدي الى القيام بعملية عسكرية جديدة في القطاع، قد تكون اوسع من عملية عامود السحاب، تأتي في سياق التهديدات التي اطلقها مسؤولون اسرائيليون قبل عشرة ايام على اثر إطلاق عدد من الصواريخ على البلدات الاسرائيلية وعدم التزام فصائل المقاومة باتفاق تفاهمات اطلاق النار.
فعندما شنت اسرائيل عدوانها الاخير في شهر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي 2012، على قطاع غزة كانت تريد تحقيق عدة اهداف منطلقة من استراتيجيتها الامنية القائمة على الردع وبث الرعب وكي الوعي لدى الفلسطينيين، والحد من اطلاق صواريخ المقاومة، وهي قامت بذلك من خلال استراتيجية موضوعة مسبقاً لا تتعلق بحكومة معينة او رئيس وزراء او وزير امن بعينهما، او رضا وعدم رضا الاجهزة الامنية والجيش، فهي تقوم بذلك بناء على مصالحها الامنية، وتحقيق اهداف سياسية ايضاً، ويتم استغلالها ايضا سياسيا وحزبيا على المستوى الداخلي من الحكومة التي تتخذ قرار العدوان، وهذا ما حصل في العدوان وان جاء بشكل عكسي اثر على نتائج الليكود في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، وخروج وزير الامن باراك من الحياة السياسية بتقديمه استقالته.
اسرائيل ارادت من العدوان تحقيق الردع والرعب والحد من اطلاق الصواريخ، واستخدمت قوة نارية جوية كثيفة، وركزت على ما تسميه مخازن وأماكن منصات اطلاق الصواريخ معتمدة على الطيران الحربي والمعلومات المتوفرة لها، وادعت انها حققت اهدافها بتدمير كثير منها والقضاء عليها.
في المقابل اتضح كذب اسرائيل في تحقيقها أهدافها، و فعالية القبة الحديدية، فهي لم تحقق النتائج المرجوة، كما انها لم تتوقع رد المقاومة بإطلاق الصواريخ التي وصلت الى تل ابيب، ما وضع دولة الاحتلال وقيادتها السياسية والأمنية في حرج كبير، ولم تحقق جميع اهدافها والمقاومة خرجت منتصرة، الى ان تم التوصل الى اتفاق تهدئة مع حماس والجهاد الاسلامي بوساطة مصرية ورضا امريكي، نتج عنه تفاهمات امنية ولم تتضح جميع بنوده.
اسرائيل تريد التأكيد القول انها حققت اهدافها، وانها لن تسمح بتكرار ما حدث قبل العدوان، مع انها لم تحقق جميع اهدافها، لكنها ضمنت على الاقل فترة زمنية اخرى من الهدوء، وإدراكها ان حماس لا ترغب في تصعيد جديد ولا معركة جديدة وهي من وجهة نظر اسرائيل تتحمل المسؤولية عن أي خرق لتفاهمات وقف اطلاق النار “التهدئة” وهي تدرك ان من يقوم بإطلاق الصواريخ هي مجموعات سلفية صغيرة.
وبوجود حكومة اكثر تطرفا ووزير الامن المتطرف موشي يعلون “بوجي” تزداد التهديدات التي قد تصل الى الفعل في بعض الاحيان، وتحذير غانتس هي في ذات السياق من ان اسرائيل لن تسمح لفصائل المقاومة بإطلاق الصواريخ حتى بعد ادعاءاتها انها حققت اهدافها في العدوان الاخير.
نحو فهم أعمق وأدق لقضية الأسرى
ج الايام / بقلم: علي جرادات
اليوم هو يوم الأسرى بوصفهم قضية متعددة الأوجه، وتجربة بطولة ومعاناة فريدة وأسطورية، وتاريخاً وطنياً نضالياً مديداً، وواقعاً إنسانياً مريراً، وهموماً متشعبة يصعب حصرها، واستحقاقاً سياسياً وطنياً ثقيلاً لا يلبيه غير اقتران القول بالفعل. هنا، ولأن اليوم، بل كل يوم، هو يومهم، ولأنهم كل ما تقدم ويزيد، فإن كل كتابة أو حديث عنهم يبقى ناقصاً وإلى ممارسة رياضة اللسان أقرب وبها أشبه، إن هو لم يندرج في إطار هدف تصحيح الاعوجاج الذي يسم التعامل السياسي الوطني العام والفصائلي الخاص مع قضيتهم في الممارسة، (أساساً)، وفي الخطاب، (أحيانا). اعوجاج صار جلياً اقتراب تحوُّله، إن لم يكن قد تحوَّل فعلاً، إلى قصور بنيوي مستفحل معه وعليه بات ثمة حاجة إلى إعادة تدقيق فهم قضية الأسرى وتعميقه. وفي سياق ذلك نسوق بإيجاز:
أولاً: الأسرى - أساساً وأصلاً - هم نتيجة حتمية وضريبة لا مناص منها ورمز شامخ لقضية شعبهم ونضاله الوطني المديد من أجل استرداد حقوقه المغتصبة في الحرية والاستقلال والسيادة والعودة، ما يجعل مسألة تحريرهم أو انتزاع معاملتهم كأسرى حرية وحرب وفقاً للقانون الدولي والإنساني أو حتى تحسين شروط عيشهم مسألة سياسية وطنية نضالية بامتياز وبكل المعاني وعلى المستويات كافة. وهذا ما لا يتحقق إلا بأن يكون التحرك الوطني لمصلحتهم إستراتيجياً لا تكتيكيا، ودائما لا موسمياً أو مرتبطاً بمعاركهم البطولية الجماعية والفردية، وما أكثرها وما أعظم بطولاتها وتضحياتها، وسياسياً واعياً ومخططاً ومبادراً وليس ردة فعل على محطات تصعيد التنكيل الوطني والإنساني والحقوقي المعيشي بهم. وهو التنكيل الذي يفوق كل تصور ويتجاوز كل حدود.
ثانياً: الأسرى ليسوا فرعاً هامشياً أو ملحقاً يحتاج إلى مجرد اسناد وتضامن أصله، (الحركة الوطنية الفلسطينية)، إنما هو فرع أساسي فاعل، وبالتالي شريك له حقوق واستحقاقات ومقتضيات مطلوب تلبيتها بالمعاني كافة. إذ لئن كان مجافاة كاملة للحقيقة حصْر ملحمة نضال الحركة الوطنية الفلسطينية في تجربة فرعها في السجون، فإن من الظلم تجاهل فرادة هذه التجربة وطليعية دورها وجوهرية مساهمتها في الكفاح الوطني بوصفها خندقاً متقدماً لثقافة المقاومة وبنيتها، وبكونها اشتباكاً يومياً دائماً ومباشراً وتفصيلياً مع أكثر أجهزة المحتلين الأمنية والإدارية تطرفاً وسادية وعنصرية.
اشتباك قط لا ولن يعي تماماً، (فما بالك أن يتحسس بالضبط)، ما في جوفه من صور المعاناة والبطولة الحسية التي لا حصر لها إلا المنخرطون فيه، ومنهم بالذات أولئك الذين خاضوا فيه - ساعة بساعة - لسنوات وعقود.
ثالثاً: لئن كان من التعسف اختزال البطولة الجماعية المديدة لتجربة الأسرى الفلسطينيين في بطولات أفراد أسسوا لها أو قادوها أو سجلوا في تاريخها بطولات فردية أسطورية فريدة ونادرة، فإن من غير الانصاف عدم التنويه بالدور الطليعي لهؤلاء جميعاً في بناء هذه التجربة وتحمُّلِ مسؤولية، بل أعباء، قيادتها في محطاتها كافة، وفي محطات تراجعها، (ارتباطاً بتراجعات وطنية عامة)، تحديداً.
إذ فضلاً عما في محطة تأسيس تجربة الأسر الفلسطينية من قسوة وتعقيد، مرت تجربة الحركة الوطنية الأسيرة بمحطات مجافية كان لـ"تفاؤل إرادة" أفراد استثنائيين الدور الأساس في انتشال عربتها من وهدة "تشاؤم العقل"، حين تقدموا الصفوف، وفجروا الطاقات الكامنة على طريقة من يحفر الصخر بالأظافر ويجعل - بالمعنى النسبي - غير الممكن ممكناً، والصعب سهلاً، والحلم إنجازاً، والخيال واقعاً، والقول فعلاً، والأمنية حقيقة. فهؤلاء القادة، (وما أكثر المجهولين منهم)، بمعزل عن سنهم ومرحلتهم وحزبهم وفكرهم، هم قادة الفعل الذي يصنع المنابر. وهم حراس القيم وملح الأرض الذي لا يفسد. بهم، وبأمثالهم من طلائع الكفاح الوطني، يصير الاستثناء - في كل محطات النضال الوطني - قاعدة. وتلك - لمن ينسى لفئوية ضيقة أو لجهل أحياناً - بطولات فلسطينية تتكرر منذ نشوء الحركة الوطنية الفلسطينية في عشرينيات القرن الماضي وحتى يوم الناس هذا.
ومن قبيل التدليل لا الحصر يجدر التنويه بعدد من الشواهد البارزة، بدءاً بتسابق الأجداد الأسرى محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي على حبل المشنقة، وبجدنا الجليل عز الدين القسام الذي أرادوا استسلامه وأسره فأبى وصاح في رفاقه: "أن موتوا شهداء"، مروراً بالشهيد القائد الأسير عبد القادر أبو الفحم الذي رفض إعفاءه من المشاركة في إضراب مفتوح عن الطعام رغم جراحه المميتة ورجاء زملائه حيث خاطبهم بالقول: "لا تأخذوا كل الشرف...أعطوني نصيبي منه"، تعريجاً على الشهيد القائد الأسير عمر القاسم الذي قادوه من سجنه ليطلب من رفاقه في مجموعة "عملية معالوت" الانسحاب والكف عن المطالبة بصفقة تبادل للأسرى فرفض المساومة وخاطبهم بالقول: "أيها الرفاق نفذوا ما جئتم من أجله"، وعلى الشهيد القائد الأسير إبراهيم الراعي الذي رفض التحرر من السجن ضمن مجموعة من الأسرى أفرجت عنهم سلطات الاحتلال استجابة لطلب من "روابط القرى" حيث تقدم الصفوف وخاطب وسائل الإعلام المنتظرة ثناء المفرج عنهم على روابط القرى بالقول: "من ناحيتي لا يشرفني الإفراج عني باسم روابط القرى كحركة سياسية مرتبطة بالاحتلال...." وأضاف: "منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا...أعيدوني إلى السجن..."، وصولاً إلى أصحاب بطولات الإضرابات الفردية الأسطورية عن الطعام الذين يتقدم صفوفهم هذه الأيام البطل الأسطوري بكل المعاني سامر العيساوي الذي ما انفك، وهو المعلق بخيط رفيع بين الحياة والموت، يواصل إضرابه ويرفض إنهاءه دون تحقيق مطلب الإفراج عنه وعودته إلى مسقط رأسه القدس.
على أية حال، في تجربة أسرى فلسطين ما يجعل الكتابة عنهم مكابدة. فالكتابة هنا تظهير - بالكلمات - لملحمة بطولة ومعاناة جماعية فريدة ونادرة خاض غمارها 800،000 من الرجال والنساء وأسس لها وقادها قادة قدوة ونماذج حية تدمج القول بالممارسة، وتجسر الهوة بين النظرية والتطبيق، وتعمِّد المواقف بعرقِ ودمِ وتعبِ النشاط اليومي المثابر. بل وتأخذ الكتابة عن أسرى حرية فلسطين واستقلالها وسيادتها طابع المخاطرة، ليس لإشكاليات تتعلق بهم، بل لأن الحديث عن المناضلين بصورة عامة مكررة بات تلخيصيا يُفقد التفاصيل دورها في تكوين خصوصيات الجوهر العام للنضال والمناضلين. فنحن إزاء مناضلين أسرى وقادة أسرى قَدّوا البطولة من صوان جبال فلسطين، وظلوا أنقياء جامحين مقتحمين لم يتعبهم السفر في آفاق عتمة المعتقلات والسجون والزنازين. مناضلون وقادة ظلوا ذاهبين إلى حيث المصير لكل من وهب حياته لقضية بحجم قضية فلسطين. نحن إزاء مناضلين أسرى وقادة أسرى ملأتهم حقول العطاء، وما انفكوا، رغم قسوة السجن ومجافاة الظروف شامخين كسارية تخفق فوقها رايات حرية الوطن والشعب. نحن إزاء فرسان شقوا غبار المعارك حتى آخر نبض وما ترجلوا تَعباً أو هزيمة. نحن إزاء مناضلين أسرى وقادة أسرى ما زالت عيونهم المتوقدة ترنو إلى العلا وآفاق انبلاج شقائق النعمان على ضفاف الجداول. نحن إزاء مناضلين أسرى وقادة أسرى لا تزال معاناتهم وبطولتهم قبل كلماتهم كتاباً مفتوحاً لجماهير شعبهم في الوطن والشتات. نحن إزاء مناضلين أسرى وقادة أسرى صاروا قطرات عرق تتطاول شجرا سامقا يرد الظلم. نحن إزاء مناضلين أسرى وقادة أسرى حكايتهم حكاية من يتقدم الصفوف حتى الاحتراق، حكاية مناضلين يهزمون زنازينهم. نحن بهذا كله إزاء قضية بات فهمها بحاجة إلى إعادة تدقيق وتعميق.
صرح آخر على تلك التلة!
ج الايام / حسن البطل
عشر سنوات للتنفيذ، سبقتها عشر سنوات من التفكير والتخطيط، وسيكون لدينا، على تلك التلة المطلة من تلال بيرزيت قريباً من "روابي"، أول متحف يستحق اسم "المتحف الفلسطيني".
في الشعر، قال الشاعر القومي: "سنكون يوماً ما نريد" وفي الساعة الأبدية للزمن يقولون: اليوم امتداد للأمس، والغد امتداد لليوم!
الشاعر شهد، في حياته، إطلاق اسمه على ساحة من بلُّور وماء، وفي مماته شهدنا أوّل صرح للشاعر على تلك التلة في رام الله.. لا مثيل له لشاعر آخر عربي.
في يوبيل النكبة الوبيل، فكّروا ثم خطّطوا وعشية النكبة 65 بدأوا التنفيذ، وأنا فكرت بماذا؟ في الشهور الأولى للانتفاضة الثانية، أقاموا في مركز السكاكيني، حيث مكتب الشاعر، معرضاً للذاكرة الحيّة جداً؛ "مائة شهيد، مائة حياة".. وفيه، ضمن مكعّبات من الزجاج الشفّاف، تطايرت أشياء الشهداء في فضاء الذاكرة، فسألت نفسي: متى يكون لدينا متحف لكوارثنا وبطولاتنا؟
العام 1998، ايضاً، فكّروا في "متحف الذاكرة الفلسطينية" في مبنى قديم كان مقراً للقائد الشهيد عبد القادر الحسيني. فكرة المتحف في عين سينيا بقيت فكرة؛ وفكرة "المتحف الفلسطيني" لم تبق فكرة وخطة. باشروا التنفيذ في 11 نيسان، الذي هو "اقسى الشهور".
تتشكّل الشعوب على مرّ أحقاب من آلاف السنين، والدول تتشكّل على مرّ مئات السنين، وعمر السلطة الوطنية أقل من عشرين سنة في بلاد بدأ منها ميلاد التأريخ الميلادي، وخلالها بنت مراكز ثقافية، وصرحا عربيا أوّل للشاعر، وتبني أولى المدن الجديدة كلياً (روابي).. وما الذي ينقصنا لنصير من شعب إلى دولة؟ الكثير، وأوّل الكثير متحف وطني.
لعلّها مصادفة، أن تباشر إسرائيل، هذا العام، بناء متحف آخر لديها، اسمه "متحف الاستقلال" وأن نباشر بناء أوّل متحف، أيضاً.
كما هو صرح الشاعر فريد بين الصروح الثقافية، لأنه يستمدّ الفكرة من مدرّجات حجرية لتلال الضفة، فكذا سيكون صرح المتحف: تصميم حديث جداً يأخذ من مدرّجات التلال فكرة الانسجام بين ما صنعته أيدي الفلاّح، وما فكّر فيه المهندسون المعماريون واعتمده المموّلون "مؤسسة التعاون".
على مساحة 40 دونماً سنبني متحفنا الوطني، وسيكون الإنجاز على مرحلتين خلال عشر سنوات، الأولى سنقوم بتدشينها في نهاية العام 2014 على مساحة 3000 متر مربع، والثانية على مساحة 6000م2.
كما ضريح الرئيس المؤسّس، وصرح الشاعر القومي، فكذا صرح المتحف: الفكرة فلسطينية محضة والتخطيط كذلك، والتنفيذ والتمويل، أيضاً، الذي تتولاّه "مؤسسة التعاون" بكلفة مبدئية مقدارها 50 مليون دولار. إنه أكبر مشاريعها.
هذا ليس "اللوفر" الفرنسي، ولا "الأرميتاج" الروسي، ولا المتحف القومي المصري.. أو العراقي، أو السوري، لكنه اللبنة الأولى في المتاحف الفلسطينية.
هم، لم يبدأوا في بناء دولتهم في بلادنا على ورق من "وعد بلفور" ولكن في مبنى الجامعة العبرية، وفي المتاحف، أيضاً، والمدن الجديدة، ونحن لم نبدأ في "وثيقة إعلان الاستقلال" 1988 ولا في إعلان مبادئ أوسلو، بل ببناء الصروح الثقافية، والمدن الجديدة.. والآن ببناء المتحف الوطني الفلسطيني.
هو أكثر من مكان لجمع المقتنيات الأثرية، لكنه مكان للنهوض بالثقافة الفلسطينية، أيضاً، لأهل البلاد ولشتات الشعب، كذلك من خلال شبكة رقمية متطوّرة.
كانوا يسألوننا: هل أنتم شعب؟ أين شاعركم القومي (صار) أين أدبكم الوطني (يصير) أين مؤسساتكم الثقافية (نبنيها) أين متحفكم (نبنيه).. وشيء واحد لا يسألوننا عنه: أين إرادتكم في العيش دولة في البلاد، لأنهم يعرفون إرادتنا تأمّلت تصميمات المتحف، وقارنتها بما أعرف من متاحف، وستعرفون أن متحفنا الفلسطيني الوطني، سيكون من أجمل تصاميم المتاحف وأحدثها.
ماذا استوقفني؟ غالبية التخطيط والإدارة ستكون للخبراء الفلسطينيين في الشتات، وإلاّ كيف يستحق متحفنا الوطني أن يكون "المتحف الفلسطيني؟.
الأسرى الفلسطينيين في القلب أم في الميزان
امد / أكرم أبو عمرو
يعز علينا مرور هذه المناسبة مناسبة يوم الأسير الفلسطيني ، دون كتابة كلمة بحق الأسرى ، على الرغم من كتابتنا العديدة ما بين تقارير وأوراق عمل ألقيت في مؤتمرات حول الأسرى ومقالات والجميع منشور ، يأتي هذا اليوم وما زال هناك آلاف الأسرى قابعين في غياهب السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، أناس آمنوا بالله ربا ، وبفلسطين وطنا وقضية ، وقفوا بكل كبرياء وقوة وإرادة صلبة ليقولوا للمحتل لا لن تمروا ، فكان نصيبهم ما هم فيه الآن من الأسر ، وهذا هو حال المناضلين المجاهدين في كل مكان فإما نصرا مؤزرا ، أو شهادة عند مليك مقتدر ، أو اسر لا ينقص من كرامة بل يزيدها عزة وشموخا ، هؤلاء منهم من وقع تحت الأسر أثناء المعارك مع العدو ، ومنهم من اختطف من بين زوجته وأطفاله ومن بين والديه وإخوانه ، هؤلاء هم الشهداء الأحياء ، نعم شهداء أحياء ، فمنهم الآن من يصارع الموت بإضرابه عن الطعام ، وبنضاله حنى داخل المعتقلات ، وآخرون مرضى يعانون من الإهمال الطبي ، وآخرون يتعرضون إلى عقاب على صمودهم ونضالهم .
في كل مراحل التاريخ ، لم نسمع عن اسري لدى الجهات المعادية ، لم يفرج عنهم بعد انتهاء الحروب ، إلا الأسرى الفلسطينيين ، فقد انتهت الحروب بيننا وبين إسرائيل ، بتوقيع الاتفاقيات والهدن المتكررة ، وتحول مصطلح الحرب عندنا إلى مصطلح انتهاكات واعتداءات فقط ، فقط تقوم مراكز حقوق الإنسان بإحصائها ورصدها لأغراض إعلامية فقط ، ومع ذلك لم يفرج عن الأسرى ، على مر التاريخ لم نسمع عن أحكام بالسجن تصل إلى عدد من المؤبدات في حالة الأسرى الفلسطينيين ، فكثير منهم حكم عليه بالسجن يصل عشرات السنين بل عند العض مئات السنين ، يعني المراد أن يستشهد الأسير داخل السجون ، كل هذا يجري تحت مرأى ومسمع أصحاب القانون الدولي والإنساني ، وأصحاب اتفاقية جنيف الرابعة ، والذين لم نسمع منهم سوى عبارة انتهاك لهذه القوانين .
لهذا فالأسير الفلسطيني أصبح له موقعا في القلب الفلسطيني ، فليس غريبا تواصل حملات التأييد الشعبي للأسرى من مسيرات واعتصامات واضرابات تضامنية ، ومناشدات وكتابات إلى آخرة ، ولكن هل هذا يكفي ، كل هذه الفعاليات باتت لا تجد إلا أذانا صماء وعيون مغمضة ، وأفواه مكممة .
أن الأسرى في حاجة إلى جهد أكبر فلسطينيا ، وخاصة أنهم أصبحوا من صلب قضيتنا ، فالأسرى هم عنوان وحدتنا ،عنوان اتفاقنا ، عنوان نضالنا من اجل الحرية ، وهم على الرغم من تواجدهم قسريا داخل السجون والمعتقلات إلا أنهم ليسوا بعيدين هن همومنا ، وصراعنا مع المحتل .
الأسرى في قلوبنا نعم ، ولكن لا يكفيهم ما يقوم به شعبنا من تأييد ودعم ومناصرة من خلال الفعاليات المختلفة والشعارات المتعددة ، لان قضية الأسرى ليست قضية إنسانية فحسب ، بل هي قضية وطنية تماما كقضية نهب الأراضي والاستيطان، وأعمال القتل والتشريد بين أبناء شعبنا ، إن وجود الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية وما يتعرضون له من أدوات قمع، هو في حد ذاته جريمة بل جريمة حرب تقترفها قوات الاحتلال بحق أبنائنا ، فلا بد من تطوير أساليب دعمنا ومناصرتنا للأسرى ياجراءات عملية بعيدة عن الشعارات والبيانات التي استمرأها أعدائنا وأصبحوا لا يلقون لها بالا .
يأتي يوم الأسير وقد حقق شعبنا انجازا وطنيا ربما هو الانجاز الأهم عبر تاريخ نضاله الطويل إلا وهو الحصول على اعتراف أممي باعتبار فلسطين عضوا مراقبا في الأمم المتحدة ، وهذا الانجاز يتيح لفلسطين كدوله الانضمام إلى العديد من المؤسسات الدولية ذات العلاقة ، كما يتيح لفلسطين ملاحقة مجرمي الحرب للإسرائيليين من خلال المحكمة الجنائية الدولية ، تستطيع دولة فلسطين حمل ملف الأسرى الفلسطينيين إلى هذه المحافل ، مطالبة إسرائيل بسرعة الإفراج عنهم ، بل وتعويضهم عما لحق بهم من إضرار مادية وجسمية ومعنوية ، هذا ما يريده الأسرى الفلسطينيين ، فلا نتركهم تحت رحمة السجان الإسرائيلي ، إن التوجه الفلسطيني إلى محكمة الجنايات سوف يكشف الوجه القبيح لإسرائيل وسياستها ، وبالتأكيد فإن كافة القوانين ذات العلاقة هي في صالح فلسطين ، وتعلم إسرائيل ومن وراء إسرائيل بذلك ، فليس غريبا أن نجد أن من أول المطالب الأمريكية الأخيرة من الفلسطينيين عدم التوجه إلى المحاكم الجنائية الدولية من أجل حماية إسرائيل من وطأة العقوبات التي ستلحق بها دوليا إذا ما وصل ملف الأسرى إلى هناك ، في مقابل بعض الإغراءات المادية
نعم إن الأسرى في القلوب ، لكن ضعوهم في الميزان ستجدونهم أثقل كثيرا من التعاطف والتأييد عبر المسيرات والاعتصامات وغيرها ، فإن كان من يشاركون في هذه الاعتصامات والمسيرات والإضرابات لا حول لهم ولا قوة ، فعلى جميع القوى والفصائل ، والسلطة الوطنية الفلسطينية التي ربما تنسى أنها أصبحت دولة الدور الأكبر .في يوم الأسير نأمل من يتحرك ملف الأسرى بسرعة نحو محكمة الجنايات الدولية بعيدا عن الرغبة الأمريكية والإسرائيلية ، لفضح إسرائيل على الأقل ، هذا اقل ما يمكن عمله تجاه الأسرى ، ولا يسعنا هنا إلا أن نتوجه لأسرانا بكل تحية وإعزاز وإكبار ، وعزائنا هو إنكم إذا كنتم اسري داخل معتقلات في غرف مظلمة، فالوطن كله أسير ، أسير الاحتلال ، أسير الصراعات ، أسير الانقسام ، كان الله في عونكم وعوننا .
حياتنا – المتحف
ج الحياة / حافظ البرغوثي
جاءت اقامة متحف فلسطيني متأخرة بعض الشيء لأن هذا المشروع كان يجب ان يرى النور قبل سنوات طويلة، لكن لم تكن هناك اهتمامات به طالما انه مشروع ثقافي حضاري لا يدر مالاً بل يتطلب أموالاً فالتاريخ الفلسطيني ما زال عرضة للاهمال وقلة التوثيق ويتم لمُّ قصاصاته من كتب ومؤلفات أجنبية دون تمحيص والذاكرة الفلسطينية الخصبة تتعرض للمؤثرات الخارجية، ولم يتم رصدها وصقلها والحفاظ على مخزونها التراثي والفكري والثقافي التاريخي، وحتى الآثار الفلسطينية تم نهبها وتدميرها على مدى عقود من الاستشراق والاستعمار والاستيطان بحيث إننا لا نملك من آثارنا سوى أمكنتها فقط، وما تبقى تمت سرقته، ولعل المراقب للمواقع الاثرية يلاحظ الدمار والخراب الذي حل بها وأفرغها من كنوزها الحضارية المتعاقبة. والاهمال لا يقتصر على التاريخ والآثار والتراث وحمايته بل على البيئة الفلسطينية التي لم يحاول احد توثيقها نباتياً وحيوانياً وتركنا لغيرنا هذه المهمة ومع ذلك نرفع عقيرتنا بالصراخ من محاولات طمس هويتنا الوطنية والحضارية ونحن أول الطامسين لاهمالنا جمع تاريخنا ولملمة ذاكرتنا وتوثيق الكم التراكمي من التراث وطرحه للدرس والنقاش. وقد يوفر مشروع المتحف في بيرزيت فرصة لحصر كل هذا وذاك في مكان واحد، لأن المتحف باهتماماته الاثرية والتاريخية والثقافية والتراثية هو خازن الذاكرة الوطنية، فثمة الكثير من جوانب تاريخنا وهويتنا وذاكرتنا وثقافتنا ما زال بحاجة الى توثيق وبحث وتنقيب ودرس حتى يمكن حمايته والحفاظ عليه واشباعه بحثاً ودرساً من قبل المهتمين. ذلك ان مكونات الهوية والثقافة والتاريخ تركت خلال العقود الاخيرة ليتولاها غير مختصين ومنظمات غير حكومية غير متخصصة الا بورشات وطرح مشاريع كلامية غير عملية هدفها جلب تمويل وليس خدمة المجتمع والاهداف. فالمتحف مشروع وطني ومعلم حضاري لحصر الحضارة والتاريخ وانعاش الذاكرة ويجب ان تتكاتف كل الجهود لإنجاحه لأنه الوجه الآخر للضمير الفلسطيني.
تغريدة الصباح - القدس الأسرى والضمير الغائب
ج الحياة / محمود شقير
قد يبدو من المناسب ونحن نستذكر أسيراتنا وأسرانا في يوم الأسير الفلسطيني أن نتوقف عند اثنين من الكتاب المحسوبين على "معسكر السلام" الإسرائيلي، لنرى كيف يتصرفان تجاه موضوعين على قدر كبير من الأهمية في مجرى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أقصد: القدس والأسرى.
قبل أيام، وصلت رسالة إلى الكاتب عاموس عوز من الأسير سامر العيساوي المضرب عن الطعام منذ تسعة أشهر، يناشده فيها الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإطلاق سراحه، خصوصًا وأنه سبق أن أفرج عنه ضمن صفقة التبادل مع الجندي الإسرائيلي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية: شاليط.
عاموس عوز ومعه الكاتب أ. ب. يهوشواع وعدد آخر من الكتاب الإسرائيليين وقعوا على مذكرة نشرتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية، ونصحوا فيها الأسير العيساوي بأن يفك إضرابه عن الطعام، لأن موته سوف ينشر اليأس في صفوف الناس المتطلعين إلى السلام، خصوصًا وأن من وقعوا المذكرة يعتقدون أن ثمة فرصة للعودة إلى المفاوضات ولإحراز تقدم نحو تسوية الصراع. وبالطبع فإنهم لم يذكروا كيف اهتدوا إلى أن ثمة فرصة للتقدم نحو التسوية، ولذلك، وحرصًا منهم على السلام المنشود، فإنهم لم يجدوا بداً من توجيه النصح لسامر بأن يفك إضرابه عن الطعام.
في حين كان المفروض فيهم، لو كانوا صادقين، أن يخرجوا عن صمتهم ولو لمرة واحدة، ليضغطوا على حكومتهم اليمينية المتطرفة لعلها تتخلى عن صلفها وتفرج عن سامر العيساوي وعن بقية الأسرى الذين طال احتجازهم في السجون. فهل هذا هو ما يمليه ضمير الكاتب الحر عليه، إن كان حرًا بالفعل؟
ولكي تتضح مواقف هؤلاء الكتاب على حقيقتها نتوقف قليلا عند بعض كتابات عوز ويهوشواع حول القدس. نشر هذا الأخير رواية اسمها "امرأة في القدس" تحدث فيها عن امرأة قادمة من إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، لكي تعمل في مخبز في القدس، وتصادف أن وقعت عملية فدائية في المدينة، قتل فيها عدد من المدنيين الإسرائيليين، ومن ضمنهم هذه المرأة، ما جعل مدير المخبز وآخرين يقررون نقلها إلى موطنها لكي تدفن هناك. وبالفعل يتم نقل الجثمان مع ما في ذلك من صعوبات ومشاق، لكن أهل المرأة يرفضون دفنها في موطنها، ويصرون على إعادتها إلى القدس لتدفن فيها، على اعتبار أن القدس، وفقًا للرسالة التي يريد المؤلف تعميمها، هي مدينة العالم.
المضحك المبكي، أن يهوشواع الذي يكرس القدس مدينة للعالم، لا يتحدث في روايته هذه عن أهل المدينة الفلسطينيين إلا في جملتين سريعتين، وهذا كل شيء!
وأما عاموس عوز فإن له طريقته الخاصة في التمويه، ففي سيرته المكتوبة على شكل رواية اسمها: "قصة عن الحب والظلام"، لا يهمل الكاتب ذكر المذبحة المروعة التي جرت في دير ياسين القريبة من القدس. لكنه يذكر ذلك ببضع جمل خبرية عابرة، ومن لا يعرف حقيقة ما جرى فسوف يمر بهذه المذبحة من دون أي انفعال، في حين استخدم عوز كل براعته في السرد، وهو يتابع، بأسلوب مثير للتعاطف، قافلة يهودية ذاهبة إلى هداسا الشرقية، تعرض لها المقاتلون الفلسطينيون وأبادوا أفرادها بشتى أنواع الأسلحة. هنا يبرع الكاتب في وصف ما وقع للقافلة، وهناك يبرع في التخفيف من فداحة المذبحة، تمامًا مثلما فعل هو وزملاؤه أثناء التعاطي مع إضراب سامر العيساوي عن الطعام، فلم يجدوا من رد على رسالته سوى تقديم النصيحة له بفك إضرابه وبالإذعان لإرادة الجلادين.
فأين هو ضمير الكاتب الذي يفترض فيه أن يدافع عن حرية البشر وعن حقهم في الحياة الكريمة، نعم، أين هو الضمير؟.
فياض المعجزة.. فياض المعضلة
ج الحياة / عبد الحكيم صلاح
لا يخفى على احد ان سلام فياض الذي تولى رئاسة الوزراء لما يقارب السبع سنوات, كان خلالها وبحسب المسؤولين بمختلف الوانهم الرجل المهني وذو الخبرة المالية والادارية. فياض ولاكثر من ست سنوات كان محط اعجاب الجميع حتى خصومه التقليديين استخدموه كمبرر لاستمرار الانقسام وشماعة لحججهم وخطابهم العدائي الرافض للمصالحة.فياض كان يركض ووراءه الجميع نحو مؤسسات جاهزة في العام 2012. منذ سنة تقريبا انقلب الجميع عليه وبقدرة قادر جرد من كل المواصفات واصبح سببا في كل الازمات المالية والاقتصادية ولم يعد صاحب رؤية ولا خبرة وانكر عليه كل ما انجزه. فياض تسلم مهامه بهيلمان وخرج حتى بلا بيان رسمي منه او من السلطة يوضح للناس اسباب استقالة رئيس وزراء لسبع سنوات مضت, خاصة بعد ان دخل الاميركان على الحط وحاولوا ايهام الناس بأن ابو مازن من اغضب فياض عندما طالب كيري الرئيس بمصالحته. انه لمن المؤسف ان يبدأ المسؤول مهامه بالطبل والزمر وينهيها بالزجر والنهر.
في يوم الأسير للأسرى .. أنتم السادة
ج الحياة/ بهاء رحال
في السجن أعني داخل المعتقل، أي ما وراء الجدران والأسلاك، جلادون بزيهم وعتادهم وفاشيتهم ومعتقلون هم السادة، هم السادة خلف قضبان السجن يواصلون تحديهم للسجان ويعلنون انتصارهم عليه كلما ازداد تعسفاً وبطشاً بهم اقتربوا أكثر من الحرية، هم السادة وحكاية شعب قرر أن يحيا رغم الاحتلال بعزة وكرامة، هم السادة والطليعة الرافضة للوصاية والانحناء أمام الطغاة العابرين فوق زماننا المنصرفين من عالمنا المضطهِدين لأحلامنا، هم السادة ونور الطريق إلى الثورة والعودة، المحلقين في فضاء الحرية كلما ازدادت عتمة الزنزانة وازداد السجن اسوداداً وظن الآخرون أن بوابات الاعتقال مغلقة إلى الأبد، تراهم يخرجون كلما ضاقت علينا بنورهم ووهج البشارة يعزفون نشيدنا الوطني على بوابات القدس العتيقة ويرتلون بحناجرهم الصلوات ويسبّحون ما استطاعوا لله وللحرية وللوطن، يحملوننا على الأكف ونحملهم ونتخطى زمن الهزيمة والانكسار نحو النصر الجديد القادم، يبحثون فينا وعنا هم نحن ونحن هم، فلذات أكبادنا يعبرون إلى الحرية عبر ظلمات الأسر وسطوة الجلادين وقسوة السلاسل إلى الغد المشرق الساطع البياض، يصنعون تاريخهم وبطولاتهم وإشراقة الفجر القادم من عيونهم تسطع بريقا في عالمنا وفضائنا الحزين المثقل بهموم النكبة والنكسة والهزائم، كلما هتفنا لهم ازدادوا عزماً وصلابة وإيمانا، يحلقون بنا إلى أعالي جبل الكرمل في رحلة العودة ومشوار الرجوع إلى الملاذ الأول .
هم القادة في معتقلاتهم وسجونهم يكتبون تاريخنا وتاريخ أمتهم ويصنعون أملاً يأخذ طريقه غصباً في معادلات العالم الجديد، وهم الصفوة رغم السجن وعذاباته يتقدمون جموع العائدين إلى شاطئ عروس البحر(يافا) في رحلة العودة، يخرجون من كل مكان من من صحراء النقب وخيام عوفر، يخرجون من جلبوع والرملة وهداريم الى الحياة والحرية إلى حيفا ويافا والرملة إلى بيت الشمس وأم الفحم والناصرة، إلى زهر النرجس على مرتفعات الجليل يشق طريقه في نيسان ،، ينشرون ثقافة الحب والقيم الإنسانية ويعزفون لحن البداية، هم بداية البداية وتعويذة النصر والقيامة، هم حضارتنا الأسيرة المسلوبة في غياهب المعتقلات، وتراثنا المغتصب المصلوب على جدران النكبة وخشبة السجن والاعتقال، هم الإرادة المنتصرة على السجن والقيد وسلاسل السجان.
سهر الليالي
ج الحياة / وضاح زقظان
الفاسد حليف الجاحد... والجاهل عازف العود ومؤلف اللحن... في غياب المنطق ستسود فوضى من نوع جديد وستكون قضايا البلد " قصة شعر وخصر لا طلع ولا نزل " وحزام بعيد عن النار... وجدل وبطولة على الشاشة... ونقاش وصراع في كراج...
وتعديل على فهم المصالحة، والأنباء تقول ان رئيس وزراء مضى.... واستعد البعض والكل مقال أو على وشك... والحياة تمضي ببهجتها خارج الحدود تسود العالم ونحن " براااااااااااااااا "....
الرجل وسيم والمرأة حسناء..... وأهلا وسهلا بسهر الليالي... إنه وقت معاد ومتكرر فنحن نطوي الأيام حتى نستهلك الشهر ثم نحلم في وطن فوق العادة....
تَعالَوا نَتَصارَح...
ج الحياة / يوسف ابو عواد
حتى الآن يبدو أننا في ساحتنا الفلسطينية لم نحسن تبرير الغاية والهدف من وراء تشرذمنا وانقسامنا إلى فئات وحركات، أو أننا نعرف لكننا لا نتصارح مع أنفسنا قبل أن نتصارح مع الآخرين، لكشف المستور...
صاحبي يقول لو تصارحنا لقلنا بالفم المليان اننا كلنا بلا استثناء طلاب حكم وكراسي ومخصصات وامتيازات، بغض النظر عن كل الشعارات البرّاقة والخطب الرنانة...
وهو يرى (أقصد صاحبي) أن الكُلَّ منا يدَّعي أنَّهُ الغيورُ الأمين على مصلحة الشَّعب والقضية، ويخفي تحت معطفه شهوة الحكم والسيادة...
وعلى ضوء هذا التشخيص الذي يؤكد صاحبي صحته وسلامته، يقترح أن نجلس على بساط أحمدي ونتصارح ونصارح شعبنا بدل كل هذا اللف والدوران...
يقترح صاحبي أن نستفيد من النموذج اللبناني للم شمل حركاتنا وفصائلنا، وفي هذا الخصوص يرى أن تكون رئاسة دولة فلسطين فتحاوية، ورئيس الوزراء حمساوي، والحقائب الوزارية توزع بين كافة الفصائل والأحزاب بما فيها فتح وحماس بآلية تصويت معينة تتم في المجلس التشريعي، وأن يكون رئيس وأعضاء المجلس التشريعي كافة ودون استثناء شخصيات مستقلة وأن يتم التحقق من سيرها الذاتية للتثبت أنها لم تنتم لأي فصيل أو حركة منذ نشأتها، وأن يكون هذا شرطاً أساسياً للترشح لانتخابات التشريعي، ومن يفوز يؤدي القسم أنه لم ينتمِ ولن ينتمي لأي فصيل أو حزب أو حركة..
وأنا حقيقة أؤيد صاحبي فمن سيكون بيدهم التشريعات لا بد أن يكونوا مستقلين لضمان توخي الحياد والموضوعية فيما يقرونه من قوانين وأنظمة.
فهل نفعلها ونتصارح؟!...
ابو جهاد يشد عزم الاسرى
ج الحياة / عادل عبد الرحمن
بالأمس مرت الذكرى الخامسة والعشرون على رحيل القائد الشهيد ابو جهاد الوزير في تونس، وقبل ايام مرت الذكرى الاربعون لاستشهاد الكمالين وابو يوسف النجار في فردان / بيروت، جميعهم اغتالتهم يد الغدر الصهيونية. وجميعهم كان للقاتل المجرم إيهود باراك ضلع مباشر في اغتيالهم إن كان في بيروت او في تونس، الامر الذي يفرض على ذوي الشهداء التوجه مباشرة لمحكمة الجنايات الدولية ان تأخرت القيادة السياسية لاعتبارات فنية او تكتيكية.
الجميع يعلم أن عملية الاغتيال الاسرائيلية الجبانة للقادة الاربعة ومن سبقهم او تلاهم، لا تستهدف سوى الابطال، الذين آلموا وأوجعوا الحركة الصهيونية وقياداتها، واجهزة أمنها الخارجة على القانون.
لا يضيف المرء جديدا لمكانة واهمية اي من القادة الاربعة وخاصة ابو جهاد في توسيع وتعميق العملية الكفاحية الوطنية ضد دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، ولا الدور الريادي في تقديم النموذج الوطني للقائد متقدم الصفوف في عمليات المواجهة مع الحركة الصهيونية وقادة دولتها العنصرية.
إحياء ذكرى الشهداء الاربعة وبينهم أمير الشهداء، الذي قضى أثناء الانتفاضة الكبرى / ثورة كانون الاول 1987/ 1993 يأتي للاقرار بدوره واهميته الوطنية، وايضا لتذكير قادة دولة الارهاب المنظم خاصة باراك بأن ابو جهاد وكمال ناصر وكمال عدوان وابو يوسف النجار، باقون احياء في ذاكرة شعبهم وامتهم، ولم يموتوا، ولن يموتوا ما بقي الشعب الفلسطيني راسخا متجذرا في ارض وطنه الام، وان دماءهم تطارده ليل نهار، حتى وان تأخرت عملية المحاكمة لوزير الحرب الاسرائيلي السابق في محكمة الجنايات الدولية لهذا السبب او ذاك.
في ذكرى رحيلهم يقف الشعب الفلسطيني من اقصاه الى اقصاه ليخلدهم، ويجدد الوفاء لهم ولمسيرتهم واهدافهم، التي قضوا من اجلها، ولن يخذلونهم ايا كانت التضحيات والصعاب، التي اعترضت، وتعترض طريق الشعب وقواه الوطنية..
********
كما ان الشعب الفلسطيني يقف اليوم 17 نيسان ليعلن الوفاء لاسرى الحرية في يومهم. وليؤكد لهم تصميمه على الدفاع عنهم، ورفع راية قضيتهم الى المستوى الذي يليق بكفاحهم، ومكانتهم كأبطال، مقاتلين من اجل الحرية، يرابطون في جبهة متقدمة في مقارعة الجلاد الصهيوني بمعركة الامعاء الخاوية، التي شكل إسطورتها الاسير البطل سامر العيساوي وغيره من الابطال المضربين عن الطعام، وأولئك الاسرى الذين اعتقلوا قبل اوسلو، وما زالوا يواصلون معركة الحرية من داخل زنازين السجون الاسرائيلية.
وبالمناسبة مرت امس الاول ذكرى اعتقال المناضل مروان البرغوثي الحادية عشرة، وكذلك ذكرى اعتقال المناضل احمد سعدات الحادية عشرة. هولاء الابطال وغيرهم من المناضلين والمناضلات الاطفال والنساء والشيوخ والرجال، كما كانوا شوكة في حلق دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، ما زالوا شوكة قاسية، لم يمكن ابتلاعها، لانها ستمزق قلب دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، لا سيما ان مبدأ اعتقال المواطنين الفلسطينيين يتنافى مع القانون الدولي واتفاقيات جنيف الاربع وخاصة الرابعة، ويتناقض مع روح الشرعية الدولية.
قضية الاسرى باقية ما بقي الكفاح الوطني التحرري، عنوانا رئيسيا من عناوين واهداف الشعب الاساسية. لا يمكن إلآ ان يكون إلى جانبهم، خلفهم لرفع قضيتهم الى المكانة، التي تليق بعطائهم ودورهم البطولي في معركة الحرية والاستقلال.
الشهداء الاربعة وخاصة ابو جهاد في ذكراه الخامسة والعشرين، يشدون على يد الاسرى، ويقولون لهم صابروا، واصبروا، ولا تحزنوا او تقنطوا، فإن الليل سينجلي، والقيد سينكر، والاحتلال الاسرائيلي الى زوال، وشمس الحرية لا محال صاعدة مع فجر التحرر واقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عالم 1967، ومع تحقيق حلم العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194.
علي كافي: حياة وجهاد ومفارقات
ج الحياة / عدلي صادق
رحم الله المناضل الجزائري علي كافي، الذي غيبه الموت أمس، بعد رحلة عمر مديدة، قطعها عاشقاً لوطنه وشعبه، حالماً دمثاً، فخوراً بهويته العربية الإسلامية، وصديقاً لحركات التحرر وثورات الشعوب، عميق الخصوصية في علاقته بفلسطين وثورتها المعاصرة وشعبها وزعيمها التاريخي ياسر عرفات، ووصيفه النبيل أبو جهاد الوزير.
علي كافي، هذا الذي أسلم الروح، رجل لم ينل حقه من العرفان والضوء والدور. فهو ذو سيرة حياة زاخرة، ذات مفارقات ومحطات، وحيثيات تتماهى بشفافية وصفاء، مع روح الجزائر وهويتها. تسلّم الرجل رئاسة المجلس الأعلى للدولة، ليُوصف رئيساً، على نحو مجازي، قبل أن يعود لقب رئيس الجمهورية الى التداول. فقد طلب منه العسكر، ترؤس المجلس الأعلى للدولة على إثر اغتيال محمد بوضياف، رئيس المجلس في حزيران (يونيو) 1992 ثم أخرجه القادة العسكريون أنفسهم، بعد أقل من عامين، في نيسان (أبريل) 1994. شغل الموقع، بعدئذٍ، واحد من أولئك العسكريين (اليمين زروال) فأداروا لرفيقهم أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ البلاد، فاز بها زروال، ليصبح رئيس الجمهورية، لكنه لم يحتمل بعدها سطوتهم، فغادر طوعاً!
* * *
قبل سيرة علي كافي الجزائرية، يجدر بنا، وفاءً للرجل، أن نستذكر سيرته الفلسطينية. لقد عمل علي كافي، بعد استقلال الجزائر، سفيراً لبلاده في بيروت، التي كانت موضعاً مفتوحاً في قلب الشرق العربي، تتقاطع فيه السياسات والمخابرات والتناقضات، وخطوط التمويل والدسائس والعراك الخفي بين الثعالب. فالرجل، بحكم الجغرافيا التي تَجْبُل البشر، نشأ في بلدة "الحروش" في ولاية سكيكدة. فعلى الرغم من صغر مساحة البلدة، إلا أنها كانت عقدة المواصلات التي تربط الشرق الجزائري كله، وبخاصة عنابة وقسنطينة وسكيكده. وبحكم الثقافة، نشأ على كافي في إحدى مدارس الكتاتيب، وتعلم على يد والده الشيخ حسين، الصوفي على الطريقة الرحمانية التي أنشأتها القبائل الكبرى الأمازيغية، بجرعات طقوسية، من تقاليد الأقدمين ومن إيقاعات إنشادهم، منذ "الكاهنة". فمن خلال الثقافة الدينية، امتدت صلاته مع كل أرجاء الجزائر العميقة، حتى اكتسب براعة في التعاطي مع الحساسيات الوطنية بكل تعبيراتها. وفي مرحلة النضال الوطني المسلح، كان علي كافي من أوائل الذين التحقوا بجحفل الرجال الشجعان الذين قارعوا المستعمر الفرنسي وتحملوا أكلاف مقاومته وصولاً الى الاستقلال.
في بيروت 1963 ــ 1964 كان الرجل، يسخّر امتيازات العمل الديبلوماسي وحصانته، لتوفير كل أنواع المساعدة اللوجستية والإدارية، لمجموعة القادة المؤسسين، لا سيما أبو عمار وأبو جهاد. ومما يذكر من مآثر علي كافي في بيروت، أن الأشقاء السعوديين، عندما قرروا دعم حركة "فتح" وكانوا يشعرون بالحرج من تقديم المعونة المالية مباشرة؛ كانوا يحولون المبلغ الشهري الى حساب السفارة الجزائرية، ثم يتولى علي كافي تسليمه الى ياسر عرفات أو خليل الوزير. وبعد ثلاثين سنة، تشاء المصادفات، أن يكون أبو عمار، هو السبب المباشر، في إعلان العسكر، قبل الميعاد، عن ترؤس علي كافي للمجلس الأعلى للدولة. ففي اليوم التالي لاغتيال بوضياف (2/7/1992) خفّ أبو عمار الى الجزائر، قادماً من السنغال (حيثما كان ينعقد مؤتمر القمة الإفريقية) للمشاركة في تشييع محمد بوضياف. والزعيم الفلسطيني كان هو الوحيد على المستوى الرئاسي، الذي يحضر التشييع في ظروف الجزائر الأمنية الصعبة آنذاك. لم يكن الجنرالات قد أعلنوا عن اسم خليفة بوضياف. وفي صالة الاستقبال الكبيرة، عندما جاء من يبلغ ببدء الجنازة، صاح الجنرال خالد نزار منادياً علي كافي، ومشيراً له بإيماءة الرأس دون الكلام، بأن يصطحب ياسر عرفات وأن يسير بجانبه. عندئذٍ علم الحاضرون، أن على كافي بات رئيساً للمجلس الأعلى للدولة، وعلم الجزائريون والعالم بهذا الأمر، بعد ثلاثة أيام!
* * *
أبو عمار الذي يعرف تاريخ علي كافي، توقف عند واحدة من المفارقات التي أشرنا اليها. إذ كيف لجنرال لم يكن ذا مآثر في الثورة، بل كان نقيضها، أن يتحكم في مقادير الثوريين كعلي كافي وسواه، وفي مصير الحكم في جزائر الثورة والإباء. كأن الأمر من سنن الحياة، أن تمر على كل ثورة، مرحلة يغلب فيها المتشربحون بعربتها، من الحواة المهرة والانتهازيين والطفيليين. هؤلاء يتسللون من بين مسامات الحال، كلما ترهل أو تردى، بفعل الأخطاء أو الخطايا والحسابات الصغيرة. تنشأ فوارق بين السلطة والدولة. وبين الاثنتين والتاريخ. فالأدوار مقادير والثوريون يُظلمون، والفاسدون يعربدون!
في تلك الفترة، كان الجنرال خالد نزار ذاك، يصنع الرؤساء دون أن يستطيع الحصول على موقع الرئيس، لموانع دستورية. فمن كان بلغ سن البلوغ، عندما انطلقت جبهة التحرير الوطني في العام 1954 ولم يلتحق بها؛ يمنعه الدستور من الترشح لرئاسة الجمهورية أو لمنصب رأس الدولة ولو لفترة انتقالية. وأخونا ذاك، خالد نزار، وهذا هو سبب ما أظهره فيما بعد، من نقمة على كثيرين، ومنهم العرب وفلسطين وحركات التحرر، كان ضابطاً نشطاً، متحمساً لمهام مطاردة المجاهدين الجزائريين، حتى قبل عامين من انتصار الثورة. أي إنه التحق عندما أحس بأن فرنسا ستخلع حتماً. والمفارقة هنا، أن رجلاً من هذا الطراز، أمسك، في لحظة عسيرة، وبشفاعة الإرهاب السافل المجنون المتلطي بالإسلام، بمقاليد السلطة التي تحسم، وأزاح الدولة والتاريخ جانباً، وصار يأنس في نفسه القدرة على رسم مقادير رجال الدولة وأهل السلطة. لكن التاريخ يغلب في النهاية وينكفىء كل صغير في الحكاية الشاسعة.
بإشارة من رأسه، يأمر الضابط المتنفذ في السلطة، رجلاً آخر أصيلاً، مجاهداً تاريخياً، مشبعاً بثقافة أمته ووطنه، لكي ينهض وقوفاً فيؤدي مهمة بروتوكولية في جوهرها، وإن كانت صورياً، على رأس مجلس أعلى للدولة، في وقت عصيب.
* * *
بدأت حياة علي كافي الثورية، ونَضَجَ وعيه النضالي، رداً على مجزرة سطيف المروّعة في العام 1945. انتمى الى "حزب الشعب" قبل تأسيس جبهة التحرير. التحق بأولى الخلايا العسكرية، وقصد تونس لكي يتعلم في جامعة الزيتونة الإسلامية، وينشط ويُسجن هناك في العام 1952. انضم الى جبهة التحرير الوطني فور قيامها. تلازم مع ديدوش مراد وزيغود يوسف، وصاغ مع الأول، بيان الانطلاقة العسكرية للجبهة. فقد تخرج من الزيتونة، وصار معلماً، وأسهم في ربط الثورة في ولايته، مع القادة الآخرين والولايات الأخرى، وحضر مؤتمر الصومام مع القادة التاريخيين، لفرز مجموعة إدارة فعاليات الثورة ووضع هيكلية حركة الاستقلال الوطني. كان أحد القادة العسكريين العشرة، الذين تولوا تنظيم الجيش الوطني الشعبي، والتخطيط لعملياته انطلاقاً من تونس.
ومثلما كان مخضرماً، في الكفاح الوطني، أصبح بعد الاستقلال ضليعاً في السياسة والديبلوماسية، وأدى دوراً نوعياً في بيئات صاخبة وشهد أحداثاً وتحولات كبرى في المشرق العربي، كسفير للجزائر لدى كل من لبنان، سوريا، تونس، جامعة الدول العربية ومصر والعراق.
جاء الى موضع رأس مجلس الدولة، بعد أن كانت السلطة المتنفذة، تتولى إنقاذ الدولة وفق معادلة من ينقذ يعطي، ومن يعطي يأخذ كثيراً بل يأخذ خصماً من مقدرات المجتمع ومن هيبة الدولة. ففي كل الأزمان الصعبة أو الرديئة، يُدفع الخيّرون المعطاءون الى الظلال، أو الى المواقع الخلفية، ويُعلى من شأن الطفيليين والمتنفذين الفاسدين بلا وجه حق. قبل بوتفليقة، المزود بالشرعيتين الثورية والدستورية؛ كان حال الجزائر ينم عن مفارقات شتى. ومثلما هو الواقع دائماً، لا تُعزى رزايا النبلاء والمناضلين الأخيار، الى أفاعيل الحظ العاثر، وإنما الى تفرقهم وتباغضاتهم ونميمتهم. فقد طالت الأقاويل الراحل النبيل على كافي، في قضايا تصفيات جسدية وتخليص حسابات، لكن الرجل، قال كلمته للتاريخ في مذكرات منشورة في العام 2002.
استذكر في ختام هذه السطور، حب الزعيم الخالد ياسر عرفات لعلي كافي وخوفه عليه أثناء رئاسته. فقد كانت تصل لأبي عمار إشاعات أو أنباء، عن ضغوط يتعرض لها الصديق القديم علي كافي. يذهب أبو عمار لمعاينة الحال بنفسه، أو يرسل واحداً من أصدقاء علي كافي الفلسطينيين القدامى، كيحيى عاشور (حمدان) أو سواه. وكان يطمئن عليه باستمرار.
غيب الموت علي كافي في ظروف جزائرية أفضل بكثير، من تلك التي صعد فيها الى قمة هرم الدولة التي كانت في سفح السلطة. عاش الرجل مجاهداً، وأعطى لوطنه وشعبه، ولقضية فلسطين ولقضايا التحرر ذوب روحه وعصارة عمر مديد. رحم الله علي كافي وأسكنه فسيح الجنان!
اوردغان .. ليس هكذا تورد الابل!!!
ج الحياة / يحيى رباح
لم اشعر بأي نوع من المفاجأة، حين اعلن الزعيم التركي طيب رجب اردوغان انه من المحتمل ان يقوم بزيارة قطاع غزة في نهاية ايار المقبل، مع انني لا أزال امل ألا تتم هذه الزيارة بهذه الكيفية المعلن عنها.
ومن المعروف ان اردوغان هو قائد سياسي من طراز رفيع، ولا يقدم على اية خطوات بطريقة ارتجالية او انفعالية، وأظن انه يواجه في هذه المرحلة ضغوطا لا باس بها من المعارضة على خلفية المفاوضات التي تجريها حكومته مع حزب العمال الكردي، وعلى خلفية المصالحة التي تمت مع اسرائيل بطلب من الرئيس باراك اوباما.
ولعل الرجل يريد ان يضع هذه المصالحة مع اسرائيل في اطار يخفف عنه الانتقادات، حيث تسربت انباء في بادئ الامر ان المصالحة مرتبطة من الجانب التركي برفع الحصار عن غزة ولكن المصادر الاسرائيلية سارعت الى نفي ذلك بشدة.
وفي العادة فان السياسيين حين يواجهون ضغوطا فإنهم يحاولون الافلات ولو قليلا عبر القيام بخطوات شكلية واستعراضية يتم تضخيمها !!!وقد رأينا ذلك في بعض الزيارات التي قام بها اشخاص لهم اهمية مثل زيارة امير قطر، او زيارة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل الذي زار غزة دون ان ينجح في اقناع اسرائيل بوقف القصف ولو لمدة ثلاث ساعات فقط وهي مدة الزيارة، او تلك الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الماليزي عبد الرازق، الذي التقط العديد من الصور وعاد بها الى بلاده لاستثمارها في المعركة الانتخابية التي يواجهه فيها خصوم اقوياء !!! ومع الاسف الشديد فان غزة تحولت منذ فترة الى منصة دعاية رخيصة التكاليف، حيث يأتي الزوار ويعودون الى بلادهم ولكن الحصار يبقى على حاله.
ولكن حجم تركيا ودورها في المنطقة يجعلها اكبر من ذلك، ومن هنا فان كل الزيارات التي اعلن عنها سابقا بزيارة اردوغان الى غزة لم تتم، لان الدور التركي يجب ألا يزج به في مثل هذه الدعايات الصغيرة، وتركيا الدولة المحورية في المنطقة لا يليق بها ان ينسب أي اتهام بتشجيع الانقسام ودعمه، او انها تزج بنفسها في لعبة المساس بالشرعية الفلسطينية او المساس بوحدة التمثيل الفلسطيني.
مواقف تركيا بالنسبة لنا هي مواقف مؤيدة وجذرية بكل ما يتعلق بالحقوق الفلسطينية كما ان تركيا على اطلاع كامل بمقتضيات المصالحة الفلسطينية التي ترعاها القاهرة، والتي قطعنا فيها شوطا كبيرا ولم يعد امامنا سوى التنفيذ، وليس اعطاء الرهانات الخاطئة مددا جديدا للتشبث بالأوهام.
وبطبيعة الحال فلا احد يفكر في ان يجعل من نفسه وصيا على السياسة التركية، فمن حق اردوغان ان يفعل ما يريد، وهذا يعود له وللشعب التركي، ولكن من حق أي فلسطيني ان يعلن عن هواجسه وان يقرأ الصورة من زاوية نظر فيها قدر كبير من المصالحة وهذا ما يجب ان يحدث بين الاشقاء، وخاصة ان عمق العلاقات التركية الفلسطينية على مدى التاريخ الطويل يمنحنا هذا الحق وهذه الثقة بصدق النوايا. وأنا شخصيا لا اكاد اتخيل ان اردوغان يمكن ان يقوم بهكذا خطوة دون التشاور العميق والصريح مع اخيه الرئيس ابو مازن، فهذا واجب سياسي وأخلاقي تحتمه العلاقة العميقة بين الاخوة والأشقاء.
الانقسام الفلسطيني فقد قلت مبرراته وغطاءاته، وآن له ان ينتهي بمصالحة جدية نرحب بكل جهد مخلص في تحقيقها، وليس هناك مخلص واحد يريد للانقسام ان يتغذى على سوء فهم او ملابسات تأتي من هنا او هناك.