أقــلام وآراء إسرائيلي (324) الاربعاء- 24/04/2013 م
- في هــــــذا الملف
- الثوار السوريون ضد حزب الله
- بقلم:د. أساف جبور،عن معاريف
- تنسيق وثيق في الطريق الى طهران
- بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
- جون كيري في خدمة أردوغان
- بقلم: زئيف جابوتنسكي،عن اسرائيل اليوم
- زمة النووي في كوريا الشمالية: درس للحالة الايرانية
- بقلم: اميلي لنداو،عن نظرة عليا
- رسالة انسانية غير سياسية
- بقلم: أ.ب يهوشع،عن هآرتس
- من دولة الى شركة عنصرية
- بقلم:سافي راخلفسكي،عن هآرتس
- عودة الى الانتداب
- بقلم: اليكيم هعتسني،عن يديعوت
الثوار السوريون ضد حزب الله
بقلم:د. أساف جبور،عن معاريف
التدخل العسكري لمنظمة حزب الله في صالح نظام الاسد في سوريا بقي تحت السطح لزمن طويل. وحاول الامين العام لحزب الله، حسن نصرالله في البداية ان يشرح بان الحديث يدور بالاجمال عن سكان لبنانيين شيعة يديرون حربا دفاعا عن بيوتهم في سوريا ويتضامنون مع منظمته، ولكن شهادات مقاتلي الجيش السوري الحر في مواقع عديدة في سوريا وكذا افلام قصيرة نشرت على اليوتيوب تبين ان جنود حزب الله يشاركون مشاركة فاعلة في الحرب الى جانب قوات الرئيس بشار الاسد ويحولون بذلك الى حرب دينية بين السنة والشيعة.
مدينة القصير، الواقعة في محافظة حمص، سقطت في معظمها في أيدي الثوار السوريين. القرب من الحدود السورية اللبنانية، المنطقة التي تفصل من ناحية استراتيجية بين القسم الشمالي من سوريا وجنوبها، حدد المكان كهدف مركزي لمقاتلي حزب الله والنظام السوري. الحرب عليها تجري في عدة جبهات حول المدينة والمنطقة كلها تقصف بصواريخ آر.بي.جي وقذائف هاون لوقف تقدم الثوار السوريين. وذلك بالتوازي مع تقدم مشاة مقاتلي حزب الله من لبنان الى سوريا، بينما توفر طائرات ميغ ومروحيات قتالية سورية الحماية من الجو للقوات اللبنانية.
النتيجة: الحرب الاهلية في سوريا تنتقل في قسم منها الى الاراضي اللبنانية. وحسب تقارير لبنانية، فان صواريخ غراد التي يستخدمها الثوار السوريون تطلق بشكل دائم نحو منطقة الهرمل في لبنان، والتي تعتبر منطقة شيعية توجد فيها مواقع وقواعد لحزب الله. كما أن سكان القرى في منطقة شمال البقاع اللبناني يوجدون في الاسابيع الاخيرة تحت هجوم صاروخي شديد من جانب الثوار السوريين.
ومؤخرا أعطى راديو صوت لبنان منصة لمنظمة الثوار المتطرفة جبهة النصرة، التي أعلنت بان في نيتها الرد بشكل شديد على تدخل مقاتلي حزب الله في الحرب في سوريا، وان سكان لبنان هم الذين سيدفعون الثمن. وهددت المنظمة السلفية المتطرفة، المتماثلة مع القاعدة ومع زعيمها ايمن الظواهري، بانه اذا لم يتوقف تدخل حزب الله، فان نشطاءها سيهاجمون معاقل المنظمة الشيعية وسيصلون حتى ضواحي بيروت.
ويتهم السكان المحليون، المتماثلون مع حزب الله الثوار السوريين بالشروع في حرب دينية بين السنة والشيعة. وحذر السكان من أن ‘المعارك على الحدود بين الدولتين قد تجر لبنان الى حرب دينية تجبي حياة الكثيرين ولن تكون لها نهاية’.
وكان الاسد نفسه استضاف الاسبوع الماضي وفدا من مجلس الشورى الايراني، برئاسة علاء الدين بروغاردي، رئيس لجنة شؤون الامن القومي والسياسة الخارجية. وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية ‘سانا’ بان المحادثات كانت ايجابية، وفي ختام اللقاء أعلن الاسد بان في نية سوريا تعزيز علاقاتها مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. ‘نحن نواصل علاقات الاخوة بين الشعوب في المنطقة ولا سيما بين الشعب السوري والايراني’، صرح الرئيس السوري واضاف بان ‘لقاء الوفد الايراني مع البرلمان السوري جاء لتعزيز الهيئات التي تعنى بالشعب وبحقوقه’.
وعلى المستوى السياسي مُني الثوار السوريون بخسارة بعد أن اعلن رئيس الائتلاف السوري معاذ الخطيب بشكل نهائي عن استقالته من منصبه. وجاء البيان فور لقاء عقده الخطيب مع رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان ومع وزير الخارجية الامريكي جون كيري حين بحث في الحلول للازمة في سوريا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تنسيق وثيق في الطريق الى طهران
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
كان يصعب ألا ننتبه أمس الى الخيط الذي يربط بين المؤتمر الصحفي لوزير الدفاع الاسرائيلي ونظيره الامريكي في الصباح وبين خطة رئيس هيئة الاركان في المساء، في المؤتمر السنوي لمعهد بحوث الامن القومي في جامعة تل ابيب. فقد أوحى بوغي يعلون وضيفه تشاك هيغل مثل بني غانتس تماما برسالة واحدة وهي أنه بسبب الواقع الاقليمي غير المستقر أصبحت اسرائيل أكثر احتياجا مما كانت من قبل الى تعاون استراتيجي مع دول صديقة ومع الولايات المتحدة قبلها جميعا، لكنها تحتاج ايضا الى نظام أحلاف أقل إلزاما مع دول جارة بل مع تركيا بعد اجراء المصالحة التي بادر اليها الامريكيون.
يتضمن هذا الاستنتاج الذي قيل صراحة ايضا رأيا آخر يقول ان المساعدة الامنية والسياسية التي أخذت تكبر من الولايات المتحدة ستوجب على القدس ايضا تنسيقا كاملا مع واشنطن في أشد القضايا حساسية ألا وهي علاج التهديد الذري الايراني على نحو قد يُقيد مقدار استقلال اسرائيل في هذا المجال. وذلك برغم الضريبة الكلامية التي دفعها هيغل مثل الرئيس براك اوباما قبله في الشهر الماضي عن حق اسرائيل في ان تعمل بصورة مستقلة لحماية أمنها.
بذل هيغل الذي كان مسار الموافقة على تعيينه في مجلس النواب الامريكي مشحونا بالعوائق قبل نحو من شهرين بسبب موقفه البارد والانتقادي احيانا من اسرائيل، كي يُبين لمستضيفيه أن هجمات الجمهوريين عليه لم يكن لها أساس. وقد يكون هذا ايضا أحد اسباب تأجيل اعلان صفقة السلاح الجديدة التي تم الاتفاق على أكثر تفصيلاتها في أواخر ولاية وزير الدفاع السابق اهود باراك الى ان يأتي هيغل في أول زيارة لاسرائيل في اطار عمله الجديد. وسُربت التفصيلات الى وسائل الاعلام الامريكية قُبيل الزيارة وأعلن هيغل أمس عن الصفقة بصورة رسمية في التصريح المشترك للصحافة مع يعلون في قاعة ‘همفوئه’ الشاحبة في وزارة الدفاع في تل ابيب.
بُذل في أول لقاء بين بوغي وتشاك جهد كبير لاظهار جبهة مشتركة تواجه ايران، والتهديد بسبب انتقاض سوريا والزعزعة العربية على نحو عام. واذا قالوا في الغرف المغلقة في جهاز الامن إن طائفة الهدايا من العم الامريكي لا تعبر بالضرورة عما يُحتاج اليه الآن حقا (طائرات التزويد بالوقود نعم لكن الطائرة المروحية الباهظة الكلفة الاحتياج اليها أقل)، فان هذا كلام لن يُقال علنا. وهم في الجيش عالمون برمزية الحقيقة التي أكدها هيغل أمس وهي ان اسرائيل ستكون أول دولة من خارج الولايات المتحدة ستحصل على الطائرة المروحية من طراز ‘في 22′. وستصل الطائرة الاولى من هذا الطراز الى البلاد في نهاية السنة الحالية في الطريق الى انشاء وحدة طيران فيها 8 طائرات.
إن التوجه الاسرائيلي الأساسي حينما يكون الحديث عن هذه التفضلات يتبنى مثلا روسيا قديما يقول إننا لا نفحص أسنان حصان نتلقاه هدية. وهذا صحيح ايضا حينما يكون من الواضح أن للهدية الامريكية سياقين أوسع وهما تعويض اسرائيل عن صفقات السلاح الكبيرة المخطط لها بصورة موازية مع السعودية والامارات العربية (مع افتراض ان الهدية تُسكت انتقادا اسرائيليا محتملا) وتوقع ان تضائل المساعدة الشهوة الاسرائيلية لعملية مستقلة على ايران. إن هيغل الذي لم يتحدث عن ذلك مباشرة بالطبع، أكد ان الادارة الامريكية لا تلتزم فقط بالحفاظ على تفوق الجيش الاسرائيلي النوعي على الجيوش الاخرى في المنطقة بل تلتزم بزيادته سعة ايضا.
في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في جامعة تل ابيب قال رئيس المعهد اللواء (احتياط) عاموس يادلين انه سعيد لعدم تسرب شيء من المحادثة المغلقة بين الرئيس اوباما ورئيس الوزراء نتنياهو قبل شهر. ويبدو ان هذه المحادثة هي في مركز الواقع الاستراتيجي الجديد. يصعب ان نعلم ما الذي تم الاتفاق عليه بين الاثنين لكن نشأ بالتدريج انطباع ان الولايات المتحدة واسرائيل أكثر تلاؤما زمنيا في السياق الايراني لوقت ما على الأقل. ويبدو ان ولاية حكومة نتنياهو الثالثة بدأت بتفهم أوضح في القدس لحدود القوة. ولن تكون مفاجأة كبيرة اذا تبين بعد ذلك انه برغم التهديدات الدائمة بالهجوم فان اوباما ونتنياهو قد اتفقا على مضاءلة الاشتغال بهجوم اسرائيلي مستقل حتى نهاية السنة القريبة.
ويبدو التنسيق الأوثق ايضا في المتابعة المشتركة للسلاح الكيميائي في سوريا فقد هدد يعلون أمس بصراحة بضرب محاولات نقل هذا السلاح الى منظمات متطرفة وفي المصالحة الاسرائيلية التركية ايضا التي عبر فيها غانتس أمس عن تأييد معلن. وفي خطبة رئيس هيئة الاركان الاستراتيجية الطويلة في المؤتمر برز آخر الكلام إذ أولى غانتس التعاون الدولي باعتباره لبنة اخرى في التصور الامني الاسرائيلي أهمية كبيرة الى جانب الانذار والردع والحسم التي قررها دافيد بن غوريون والأساس الدفاعي الذي أُضيف الى ذلك بصورة غير رسمية في السنوات الاخيرة. وهذا التنسيق في نظر رئيس هيئة الاركان يجب ان يتم في جميع المجالات ‘من مكافحة الارهاب الى السايبر، ومن الاستخبارات الى نشر السلاح’ وهذه اشارة ثخينة اخرى الى تعزيز التنسيق بشأن ايران.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
جون كيري في خدمة أردوغان
بقلم: زئيف جابوتنسكي،عن اسرائيل اليوم
خرج وزير الدفاع الامريكي تشاك هيغل عن طوره وقت زيارته لاسرائيل ليغمرنا بالهدايا الامنية والتفضلات بخلاف تصريحاته في الماضي. وقد بدأ العناق الامريكي بزيارة الرئيس اوباما التي كانت كلها تتوخى حاجتين: الحد من حرية مداورة اسرائيل في شأن الهجوم المستقل على ايران والوعد بألا تحبط اسرائيل في مجلسي النواب الامريكيين صفقات سلاح ضخمة تسلح الولايات المتحدة بها دولا هي في حال حرب معها وفي مقدمتها السعودية.
إن الذي يُفسد الامر على هيغل شيئا ما ليس سوى وزير الخارجية الامريكي جون كيري. من الصعب ان نفهم كيف سوّى الشخص الذي يرأس نظام علاقات الولايات المتحدة الخارجية قتلى ‘مرمرة’ بقتلى العملية التفجيرية في بوسطن. وقد انشأ بذلك بالطبع توازيا بين قوات الجيش الاسرائيلي التي عملت بحسب القانون الدولي وبين ارهابيين شيشانيين. فنحن بين أمرين اذا: إما أن كيري لم توهب له القدرة على الحكم المطلوبة في الحد الأدنى من أول دبلوماسي في الولايات المتحدة وإما أنه يفهم وفعل ذلك متعمدا. وهذان الامكانان سيئان ومما يؤسفنا أنه يجب ان نفترض ان رئيس الولايات المتحدة لا يختار للمناصب إلا الأفضلين الذين يلتزمون التعبير عن سياسته بصورة مطلقة.
يجب على دولة اسرائيل ان تحتج على التصريح البائس وان تطلب تحفظا معلنا على لسان كيري أو الرئيس اوباما نفسه، وليست المسألة فقط مسألة كرامتنا الوطنية التي ديست دوسا شديدا من قبل وزير خارجية أكبر صديقة لنا بل هي مسألة طلب الى الادارة الامريكية في الأساس ان تمتنع كليا عن كل اجراء يمكن ان يتم تفسيره بأنه سلب وجودنا شرعيته.
طلب جون كيري الى الرئيس رجب طيب اردوغان في لقائهما هذا الاسبوع في تركيا ان يؤجل سفره المخطط له الى غزة بحجة ان هذا الاجراء سيشوش على جهود إحياء المسيرة السلمية بين اسرائيل والفلسطينيين. ونقول بترجمة للغة العبرية إن هذا السفر سيزيد في شرعية سلطة حماس على حساب السلطة الفلسطينية التي ستطلب الى اسرائيل ردا على ذلك ان تمنحها ‘انجازات’. وهذه بالطبع لن تأتي ولهذا سيؤجل التفاوض معهم الى أجل غير مسمى وهو شيء سيثير امتعاض الامريكيين.
حاول كيري ان يُهديء جأش اردوغان كي يستجيب لطلبه ولهذا تكلم بصورة جارحة لاسرائيل. لكن يبدو ان وزير الخارجية الامريكي لا يفهم كيف يفسر زعماء مثل اردوغان كل محاولة مصالحة. شعر كيري كشعور من يجلس في نادي ناس مهذبين، في حين حك مضيفه كفيه مستمتعا وسجل انجازا آخر بلي يد الادارة الامريكية (كان الاول حينما ابتز اوباما نتنياهو اعتذارا لاردوغان).
ليس لنا مجال مداورة كمجال الامريكيين فيما يتعلق بالنتائج النابعة من اخطاء في السلوك مع تركيا. إن الاتراك يتصرفون الآن حتى بعد اعتذار رئيس الوزراء وكأنهم معنيون باضعاف دولة اسرائيل والافضاء الى تعظيم قوة أعدائها ويجب النظر الى ذلك في جدية وعدم الاستخفاف به.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
زمة النووي في كوريا الشمالية: درس للحالة الايرانية
بقلم: اميلي لنداو،عن نظرة عليا
كوريا الشمالية معروفة جيدا في استفزازاتها المتكررة لكوريا الجنوبية والولايات المتحدة كعنصر مركزي في سلوكها في العقد الاخير، مقابل محاولات ادارة المفاوضات معها على تخليها عن القدرة النووية العسكرية في اطار ‘محادثات الستة’ (Talks Six Party). لاستفزازات كوريا الشمالية يوجد ايضا بعد اقليمي ودولي يجد تعبيره في التجارب النووية التي أجرتها على الصواريخ البالستية وكذا في التقدم في تطوير النووي، بما في ذلك اجراء ثلاث تجارب نووية منذ 2006. النمط الذي تقرر في اثناء هذه الفترة منذ 2006 كان أن تتخذ كوريا الشمالية خطوات استفزازية ذات طابع ‘السير على الحافة’ كي تجتذب انتباه الولايات المتحدة وتعيدها الى طاولة المفاوضات و ‘ابتزاز′ شروط افضل، أي أن تضمن لنفسها مساعدة اقتصادية واسعة، شكلت المحور المركزي في كل اتفاق تحقق معها حتى الان في السياق النووي.
في المرة الاخيرة التي تفاوضت فيها كوريا الشمالية في اطار محادثات الستة كانت في كانون الاول 2008. وفي العام 2009 أعلنت هذه عن انتهاء محادثات الستة، وأجرت تجربتها النووية الثانية؛ في 2010 شرعت في استفزازات ضد كوريا الجنوبية، اغراق سفينة حربية وموت 46 ملاح جنوب كوري، واطلاق النار على جزيرة في المنطقة التي توجد موضع نزاع بين الدولتين، وموت جنديين ومواطنين؛ وفي نهاية السنة كشفت النقاب عن منشأة لتخصيب اليورانيوم في يونغ بيونغ. وفي اثناء 2011، أعربت بيونغ ينغ مرة اخرى عن اهتمامها في العودة الى المفاوضات النووية، وفي الصيف ادارت سلسلة قصيرة من المحادثات الثنائية مع الولايات المتحدة في هذا الشهر.
ولكن، قبل أن يتحقق اي اتفاق، توفي زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ ايل، وتسلم ابنه كيم يونغ أون الحكم. وأثار تطور مفاجئ في شباط 2012 أملا قصير العهد، في اطاره تبنى الزعيم الجديد نهجا ايجابيا من مسألة النووي: الولايات المتحدة وكوريا الشمالية اعلنتا عن وصولهما الى تفاهم في مجال النووي من خلال تصريحات احادية الجانب متوازية. فقد أعلنت كوريا الشمالية عن استعدادها لتعليق نشاطها في مجال تخصيب اليورانيوم كما أعلنت عن موافقتها على تجميد التجارب النووية والتجارب على الصواريخ البالستية. والولايات المتحدة من جهتها وعدت بمساعدة بمقدار 240 الف طن من الغذاء. غير أن التصريحين لم ينفذا ولم ينضجا الى صفقة ناجزة. بدلا من ذلك قرر الزعيم الجديد ان يطلق قمرا صناعيا الى الفضاء في منتصف نيسان 2012 (فشل الاطلاق)، ومنذئذ وهو يوجد في مسار معارضة متواصلة وأفعال استفزازية في شكل تجربة (ناجحة) على صاروخ بالستي مع نهاية العام وتجربة نووية ثالثة في بداية 2013.
في الاسابيع الاخيرة بدأ تصعيد حاد في التهديدات النووية والتقليدية من جانب كوريا الشمالية، موجهة اساسا نحو كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وهذه هي المرة الاولى التي هددت فيها كوريا الشمالية بهجوم نووي ضد الولايات المتحدة. وكان التواتر، الكثافة ومضمون التهديدات والتي تتدحرج بسرعة الواحدة تلو الاخرى هي غير مسبوقة في عقد من المفاوضات مع كوريا الشمالية في السياق النووي.
ما الذي تحاول كوريا الشمالية تحقيقه. الخلفية الفورية للتصعيد كانت العقوبات التي فرضت عليها في أعقاب التجربة النووية الثالثة في شباط 2013، والمناورة العسكرية السنوية المشتركة التي اجرتها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية المناورة التي تعارضها كوريا الشمالية كل سنة. ولكن هذه التطورات لم تكن غير متوقعة، ولا تشرح الارتفاع الدراماتيكي في شدة التهديدات من جانب كوريا الشمالية. وفضلا عن ذلك، فان تهديدات كوريا الشمالية هي في اساسها عديمة الاسنان: تنقص الادلة القاطعة على أن لدى كوريا الشمالية قدرة على تصغير رأس متفجر نووي وتركيبه على صاروخ بالستي بعيد المدى، الامر الذي يضع قيد الشك التهديد النووي تجاه الولايات المتحدة. فتنفيذ هجوم تقليدي ذي مغزى سيثير بلا شك ردا عسكريا شديد القوة من جانب الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، ومشكوك أن تتمكن كوريا الشمالية من الصمود فيه. ولما كانت محادثات الستة معلقة، فان التصعيد الجديد لم يظهر في البداية بانه يتطابق والنمط المعروف الذي ثبتته كوريا الشمالية في الماضي؛ ولكن الاقتراح الامريكي والكوري الجنوبي الجديد (والذي طرح في أعقاب تهديدات كوريا الشمالية) لادارة مفاوضات متجددة شريطة أن تظهر كوريا الشمالية جديتها بالنسبة لتفكيك قدراتها النووية يمكنه أن يؤشر الى أن هذا ما قصدته كوريا الشمالية، وفقا للنمط المعروف.
وبينما لا نرى أن دوافع كوريا الشمالية واضحة، فان بيونغ ينغ نجحت في تركيز الاهتمام العالمي، ولا سيما في البعد النووي على خطابها. فالتقارير في وسائل الاعلام، والتي طرحت سيناريوهات رعب بشأن حرب نووية محتملة، تجاهلت حقيقة أن القدرات الحالية لكوريا الشمالية لا تدعم هذه التهديدات. ومعقول الافتراض بان الاصوات ورنين الصافرة ستصمد في النهاية، وفي أقصى الاحوال ستجد تعبيرا لها في تجربة اطلاق صاروخ بعيد المدى.
اضافة الى ذلك، تواصل كوريا الشمالية حث خطة النووي والصواريخ لديها واذا لم يتحقق اتفاق لتفكيك قدرتها النووية فانها ستنجح في نهاية المطاف في تطوير رأس متفجر نووي يمكنها أن تركبه على صاروخ بعيد المدى، وهكذا تصبح عضوا كاملا في نادي الدول النووية وتهديد الولايات المتحدة، بينما يكون للتهديد غطاء تنفيذي. وأظهرت الازمة الاخيرة كيف أن كوريا الشمالية الدولة التي لا تتردد في التهديد بهجوم نووي يمكنها أن تبقي المنطقة في حالة تأهب حيال تهديد فوري (hair trigger alert).
مسألة اخرى تستوجب البحث: أي معنى يوجد للازمة الاخيرة في كوريا في سياق أزمة النووي الايراني. بالنسبة لسلوك كوريا الشمالية ‘مفتعل الازمات’، فانها توفر عمليا القليل من الفهم للخطوة الايرانية المحتملة التالية لان ايران طورت نوعا مميزا خاصا بها في سلوكها تجاه الاسرة الدولية. فايران الدولة التي لا تقل تصميما واستفزازا عن كوريا الشمالية اختارت شق طريقها بالذات وفق قاعدة الامتناع عن الازمة، وهي تفعل ذلك بنجاح لا بأس به. كما أن السياق الاقليمي لكل واحدة من هاتين الدولتين مختلف. فقد استخدمت كوريا الشمالية في الماضي الموضوع النووي كورقة مساومة كي تحظى بمساعدة اقتصادية من الولايات المتحدة ومن جيرانها الاقليميين، بينما ايران كدولة غنية بالنفط لا تحتاج الى مساعدة اقتصادية.
اما الايرانيون بالمقابل فيستخدمون برنامجهم النووي لتثبيت مكانتهم وتطلعهم للهيمنة الاقليمية الامر غير القائم في حالة كوريا الشمالية. من المهم الاشارة الى أن الكوريين الجنوبيين بقوا هادئين نسبيا حيال موجة التهديدات من جانب كوريا الشمالية، ولكن لا ينبغي توقع وضع مشابه اذا ما وجهت تهديدات من جانب ايران، ولا سيما نحو السعودية واسرائيل.
كوريا الشمالية، رغم كونها نووية، هي دولة ضعيفة محوطة بدول اقوى منها؛ وهذه تميل الى التعاطي مع جارتها العدوانية تقريبا كولد مستفز يحتاج الى معاملته بيد قوية، ولكن دون رفضه.
ايران بالمقابل هي دولة قوية في منطقة بعض الدول فيها ترى في ايران خصما ومنافسا على النفوذ الاقليمي، وبالنسبة لبعض آخر تعتبر عدوا خطيرا ورهيبا.
بالنسبة لطبيعة سلوك اللاعبين الدوليين حيال كل واحدة من الدولتين المتحولتين نوويا، فإن استراتيجية التصدي تتأثر في كل حالة بالطريقة التي يرى فيها اللاعبون الدولة، والخلفية الاقليمية التي توجد فيها. فمنذ زمن بعيد امتنعت الولايات المتحدة عن نهج ذي نزعة قوة تجاه كوريا الشمالية لان بيونغ ينغ يمكنها أن تحدث دمارا هائلا لسيئول بالصواريخ التقليدية؛ وفضلا عن ذلك، فان الصين تحمي كوريا الشمالية لانها تخشى من انهيارها ومن النتائج الصعبة لمثل هذا التطور بالنسبة لها. والى جانب المساعي المتواصلة لحل كوريا الشمالية على عقد صفقة بالمفاوضات، فان الدول التي تقف امام بيونغ ينغ تتخذ عمليا سياسة ‘الاحتواء’، والازمة الاخيرة يمكن ان تفسر كحالة تجسد حقيقة أنه حتى حيال التهديدات النووية الفظة، نجد أن سياسة ‘الاحتواء’ تنجح. ولكن الواقع الاستراتيجي المختلف في الشرق الاوسط يجب أن يشكل اشارة تحذير من المقارنة ومن استخلاص الاستنتاجات التبسيطية. اذا ما طرحت ايران تهديدات مثل تلك التي طرحتها كوريا الشمالية، فانها ستعتبر مغايرة بشكل تام عنها بسبب الظروف الاقليمية المختلفة. فضلا عن ذلك يمكن لايران أن تحقق اهدافها ايضا حتى دون تهديدات بهذه الفظاظة؛ فهي يمكنها بدلا من ذلك أن تستغل الحصانة ضد الهجوم المضاد، الذي ستتمتع به بصفتها دولة نووية، كي تتقدم بشكل مكثف في تحقيق تطلعاتها العدوانية للهيمنة الاقليمية. في مثل هذا السيناريو فان الردع النووي الكلاسيكي سيصبح غير ذي صلة.
حقيقة أن كوريا الشمالية وايران تعرضان تحديا نوويا لا تعطل العناصر التي تميز بين الحالتين. والتطورات بالنسبة لدولة ما متحولة نوويا ليس لها بالضرورة اثار فورية على الدولة الاخرى.
ينبغي فحص كل حالة وفقا للظروف والملابسات المحيطة بها: طبيعة الدولتين المتحولتين نوويا ودوافعها، الاستراتيجية والتكتيك لدى الدولتين في مواجهة القوى الاقليمية والعالمية؛ اعتبارات مجموعة الدول المحددة التي تقف حيالها، كمعامل للظروف الاقليمية التي تسود في كل حالة وحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
رسالة انسانية غير سياسية
بقلم: أ.ب يهوشع،عن هآرتس
إنني أحترام جدا إيلانه هيمرمان بصفتها مترجمة ممتازة وباحثة أدب ايضا وباعتبارها بالطبع نشيطة لا تكل من اجل حقوق الانسان في المناطق المحتلة. لكنها في رأيي في مقالتها في يوم الجمعة الاخير (‘نصائح ناس شبعى’ في صحيفة ‘هآرتس′، 18/4) اخطأت قصد رسالة الأدباء الى سامر العيساوي المضرب عن الطعام منذ عدة أشهر.
إن سامر العيساوي هو سجين حُكم عليه قبل سنين كثيرة بالسجن لنشاط تخريبي (ولست أعلم ألبتة أكان الحكم القاسي الذي فُرض عليه وعلى كثيرين آخرين عادلا أم لا). وأُفرج عنه في صفقة شليط مع مئات من السجناء الآخرين بشرط أن يلزموا اماكن سكنهم ولا ينتقلوا الى مكان آخر إلا باذن من السلطات العسكرية وبعلم منها.
على مر السنين غير القليلة التي طلبنا فيها الافراج عن جلعاد شليط مقابل إفراج كثيف عن أسرى أمنيين فلسطينيين اضطررنا الى ان نواجه حتى في داخل معسكر السلام زعم ان الافراج عن السجناء الامنيين سيغرق شوارع اسرائيل بدم العمليات التفجيرية. وكانت احدى السبل لاقناع الرأي العام في اسرائيل بتأييد الصفقة اثارة الطلب الاسرائيلي ان يكون المفرج عنهم تحت رقابة السلطات الامنية ومتابعتها وكانت هذه هي شروط الصفقة التي قبلها الطرفان.
وأخل سامر العيساوي (اخلالا طفيفا في الحقيقة) بهذا الشرط ولهذا وكي لا يكون فعله سابقة لمفرج عنهم آخرين حُكم عليه بالانتقال الى قطاع غزة. وتخطئ هيمرمان حينما تقول انه حُكم عليه ‘بالطرد من بلده ووطنه’، فغزة جزء من فلسطين وهي لذلك وطن مثل رام الله أو جنين.
وغزة خلافا للضفة الغربية تحت سيطرة الفلسطينيين الكاملة وحدودها مفتوحة لمصر ولما كانت سلطات حماس ما زالت تعلن نيتها المصممة ان تقضي على اسرائيل وتبدأ من آن لآخر اعمالا عدائية، فهم لا يستطيعون ان يتوقعوا ان يمنحهم موقفهم الحربي حصانة من الحصار الذي تفرضه اسرائيل على القطاع.
لكن غزة ما زالت جزءا من الوطن الفلسطيني. وحينما اقتُلع المستوطنون من غوش قطيف ايضا لم يُقتلعوا من وطنهم التاريخي كما زعموا آنذاك بل نُقلوا في الحاصل من جزء من الوطن الى جزء آخر.
رفض سامر العيساوي الانتقال الى غزة وحكم على نفسه بالاضراب عن الطعام. وإن اضرابه عن الطعام طويل وأليم ووصف في رسالة مفتوحة الى الاسرائيليين معاناته وغضبه الفظيع بازاء عدم الاكتراث المحيط به، ووصف موته القريب بكلمات لاذعة مزعزعة. وقد أثرت رسالته تأثيرا عميقا في قلبي وقلوب اصدقائي ولهذا توجهنا اليه متوسلين ان يكف عن اضرابه عن الطعام ويؤمن بالحياة ولا يتخلى عن أمل السلام. وكُتبت الرسالة بصفة توجه انساني لا عمل سياسي أو قانوني.
إن هيمرمان تعرف جيدا الموقف السياسي الحمائمي منذ سنين طويلة لجميع الموقعين على الرسالة وإن كان عندها زعم وهو صادق في الحقيقة أننا لسنا نشطاء بقدر كاف مثلها في مكافحة مظالم الاحتلال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
من دولة الى شركة عنصرية
بقلم:سافي راخلفسكي،عن هآرتس
بين جميع أحداث العنصرية الحاخامية التي يُكشف النقاب عنها، وبين جميع وقائع الذكرى التي بدا أنها تنقل اسرائيل ، وبازاء وضع العلم الصغير المثير للقشعريرة على قبر فقيد من المؤكد انه طاهر العنصر اليهودي، برزت واقعة تحمل معاني كثيرة. لكن هذه الواقعة على التخصيص قد كُتمت في الحياة العامة.
أصدر رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو في يوم الذكرى اعلانا تحية لعظيم من عظماء التوراة وفقيه في الشريعة اليهودية ومُفتٍ كبير. وهو حاخام اعتقل لأنه يقف من وراء ‘نظرية الملك شرائع قتل الأغيار’.
إن الحاخام يعقوب يوسف المُشرف أضاف وأثار العجب بفتاوى عنصرية موجهة على العرب و’الأغيار’، والمثليين الى أن توفي. لكن كل ذلك يبدو قزما اذا قيس بالجملة البسيطة المثيرة للقشعريرة التي لا مفر من تكرارها وهي ان رئيس الوزراء قد شرّف من يقف من وراء ‘شرائع قتل الأغيار’ باعتباره ‘مُفتيا كبيرا’.
لو أراد زعيم غربي ان يفعل ذلك لما استطاع، فلا يوجد في الغرب من يُصدرون كتبا تتناول ‘شرائع قتل اليهود’ ولا ‘شرائع قتل غير النصارى’ أو ‘قتل غير البيض’. فلو وُجدوا لذُهب بهم الى السجن، ولأُبعد مُشرّفوهم باعتبارهم ‘مُفتين كبارا’ بمرة واحدة عن الوظائف العامة.
ولا يوجد مثل هؤلاء بالضبط حتى في أشد البلدان الاسلامية تطرفا، ولا توجد ‘شرائع قتل يهود’ أو ‘شرائع قتل من ليسوا من المسلمين’. لا توجد فتاوى تبارك العمليات الانتحارية وقتل الصهاينة ولا توجد رخصة بقتل عنصري واسع.
إن قول نتنياهو الذي هو أشد كثيرا من قوله إن ‘اليسار نسي ما معنى ان تكون يهوديا’، كان في حقيقة الأمر ذروة أو درك ما أصبح استمرارا لمراسم المحرقة الذكرى الاستقلال، التي فعلت كل شيء من اجل القضاء على شطر رئيس من الدرس التأسيسي وهو ‘لن يكون ذلك بعد’ المضاعَف.
لم يعد ‘لن يكون ذلك بعد’ اعتراضا على كارثة عنصرية بل هو اعتراض على ان يفعلوا ذلك بنا فقط؛ ولم يعد سقوط الأبناء من اجل أمل السلام بل هو نوع فقط من التنبيه المخيف لثمل في ‘الأمير الصغير’: إنها دولة تُدمن على ذكرى إنساء القتل بالغرق في دائرة قتل لا نهاية لها لا ينبغي ان يُطلب الخروج منها؛ ولم يعد الاستقلال من اجل انشاء مجتمع نموذجي كي يجسد روح الأنبياء مع حب المساواة وحب ‘غير اليهودي’ باعتباره أجنبيا، ويقول لذلك على الوعد بالمساواة التامة في الحقوق دونما فرق في الدين والجنس والعنصر.
في حين تتلذذ قيادة اسرائيل بما يشبه البرهان من بوسطن ليرى العالم مبلغ فظاعة الاسلام وليُخلي بين اسرائيل واحتلالاتها تم كتم الشيء الرئيس. إن اسرائيل قد أخذت تتغير وتظهر بمظهر مجتمع عنصري يُحيي فيه رئيس وزراء الدولة التي نشأت بعد قتل اليهود مؤلف كتاب ‘شرائع قتل الأغيار’ تحية شرف.
إن شريعة نتنياهو التي تؤيد في واقع الامر ‘شرائع قتل الأغيار’ تتجاوز الفتاوى الحاخامية التي تسيطر على الجيش الاسرائيلي والمجتمع كله والتي تتحدث عن إباحة اغتصاب أسيرات غير يهوديات، أو عن عدم التساوي ‘الضروري’ بين اليهود و’الأغيار’ في الدولة. وليس الحديث عن فتاوى جديدة بل عن الدلو الذي أخذ يمتلئ منذ زمن بعيد وكأنه يستمد من الهاويات العنصرية التي حذّر منها هاينرخ هاينِه. وهو دلو يؤدي به تأييد رئيس الوزراء الى أن ينصب الى الخارج ويُسكب على المجتمع كله.
يبرز في هذا المسار المثير للقشعريرة دور يئير لبيد الذي جاء مع شوق الى ‘دولة سوّية’. ولما كان كذلك فان بقاءه مُعلق بابتعاده عن العنصرية الخبيثة. وقد خطا أول خطوة نحو ذلك بتأييد ما لـ ‘نساء حائط المبكى’. ولا يجوز له ان يكون جزءا من التشريع والواقع ذي الأساس العنصري المعادي للمساواة. إن جميع التعبيرات عن تجاوز مباديء المساواة والحياة السوّية على اختلافها هي أسماء خاصة فقط في حين ان اسم العائلة هو نتنياهو وهو الشخص الذي يريد لبيد ان يحل محله ومحل روحه.
وما زال الشخص هو نتنياهو، فاذا لم يُعزل من يأتينا بشرائع القتل فان عاره سيحرقنا جميعا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عودة الى الانتداب
بقلم: اليكيم هعتسني،عن يديعوت
إن السفير البريطاني في اسرائيل ماثيو غولد يحرك الجمهور تحريكا شديدا من اجل الجيش الفلسطيني ‘الذي يؤدي دورا حاسما في بناء الدولة الفلسطينية’، ويُلح على اسرائيل ان تنقل اليه صلاحيات في المنطقتين ب و ج ويكشف عن ان ‘بريطانيا تنفق اموالا على اعداد قوات الامن الفلسطينية، وأشركنا ضباطا ذوي خبرة في الاكاديميات الفلسطينية’. بيد ان اليهود يتذكرون ضباطا بريطانيين ‘ذوي خبرة’ آخرين مثل قائد الفيلق العربية غلوب باشا وهيئة القيادة البريطانية اللذين بنيا جيش الاردن وتوليا قيادته في اجتياحه لغرب ارض اسرائيل بغرض احباط توصية الامم المتحدة في التاسع والعشرين من تشرين الثاني. ودمرت هذه القوات غوش عصيون والحي اليهودي في القدس وقتلت آلاف الجنود والمدنيين.
ويتذكر اليهود ايضا أقوال الجنرال المعادي للسامية افلين باركر قائد القوات البريطانية في ارض اسرائيل إذ قال: ‘ينبغي عقاب اليهود بالطريقة التي يفهمونها أي بضربهم في جيوبهم’. وقبله في مذبحة سنة 1920 عمل الجنرال ووترز تيلر من قادة الادارة العسكرية البريطانية الذي أوضح للمفتي الحاج أمين الحسيني أنه اذا حدثت في القدس أحداث عنيفة بقدر كافٍ فسيوصي الجنرالان بولس واللنبي بترك البيت اليهودي. وبعد ان انتهى سفك الدماء قال لكاظم باشا رئيس بلدية القدس: ‘منحتكم فرصة فكانت القدس ست ساعات بلا حماية عسكرية، وفشلتم ولم تنتهزوا الفرصة’. وهكذا ولد شعار القتلة ‘الدولة معنا’ الذي سبق حتى شعار ‘إذبح اليهود’. ويتذكرون هنا ايضا ان اليهود الذين حاولوا حماية أنفسهم حكمت عليهم السلطة البريطانية وسجنوا وعلى رأسهم جابوتنسكي الذي حُكم عليه بالسجن وطُرد طردا دائما.
وكان هناك ضابط بريطاني ذو وسام شرف هو روي بارن اختطف هو ورفاقه وعذبوا وقتلوا الفتى الكسندر روفوفيتش وأخفوا جثته. وفعلت السلطات الانكليزية كل شيء كي تُخلص القاتل وحينما اضطرت الى محاكمته برأته من التهمة برغم أنها كانت تملك اعترافا خطيا. وكان هناك ايضا ضابط الشرطة البريطاني الذي قتل ابراهام ‘يئير’ شتيرن الذي لم يكن مسلحا. وكانت وحدة بريطانية سيطرت على المكان الذي ذُبحت فيه القافلة الى جبل المشارف ولم تحرك ساكنا الى ان انتهى العرب من قتل 78 شخصا. ومنعت قوات الهاغاناة ايضا من المجيء لمساعدة المذبوحين. يصعب ان نتحرر من هذه التداعيات حينما نسمع بضباط بريطانيين يبنون مرة اخرى قوات عربية في ارض اسرائيل.
لم تعتذر بريطانيا قط. إن البلدان الحضارية في ايامنا تعتذر عن الاتجار بالعبيد وعن تمييز السود وعن القضاء على الهنود الحمر. واعتذر الالمان عن المحرقة واعتذرت حكومة فرنسا عن جرائم نظام فيشي، وكان من المناسب قبل ان تأتي بريطانيا لتقدم لنا النصائح ان تبرهن على صدقها وان تقنع شعبا تطارده ذكريات صادمة بأنه توجد بريطانيا جديدة وأنها استوعبت جرائم ماضيها علينا وهي نادمة عليها. ولم يعتذر البريطانيون عن اقتطاع ثلاثة أرباع مساحة الوطن القومي اليهودي في ارض اسرائيل ورفضهم استعمال هذه المساحة الكبيرة جدا لحل ‘المشكلة الفلسطينية’ بدل الاقتطاع من المساحة الصغيرة التي بقيت من ارض اسرائيل الغربية. ولم يعتذروا عن مشاركتهم في مذبحة 1929 في الخليل حينما وقف الضابط البريطاني كبارتِه متنحيا وترك 67 انسانا يهوديا يموتون مُعذبين؛ وعن اغلاق أبواب البلاد في ايام المحرقة الذي منع انقاذ ملايين اليهود، وعن غرقى السفينة ‘سترومِه’ الـ 1759 وعن 4554 من الفارين من المحرقة على متن ‘إكسودس′ طُردوا في شر عائدين الى المانيا وسجنوا هناك؛ وعن البائسين الـ 22 ألفا الذين احتجزوا في قبرص شهورا وسنين.
يا سيادة السفير، كيف تريد مع ماضٍ كهذا وبغير ندم ان يُصدقوا ان نصائحك ليست استمرارا للسياسة البريطانية القديمة والسيئة وهي اخراج اليهود من ارضهم بكل طريقة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
