اقلام واراء حماس 323
30/4/2013
مختارات من اعلام حماس
- قبل الحديث عن تشكيل حكومة (الائتلاف)!
فلسطين الآن،،، لمى خاطر
- وفد وزاري عربي يتوسل المفاوضات
فلسطين الآن ،،، فايز أبو شمالة
- مصادر "رقيعة" المستوى
فلسطين الآن ،،فلسطين أون لاين ،،،عصام شاور
- أبا مازن.. متى يتوقف الاستفراد؟!
فلسطين أون لاين ،،، د. حسن أبو حشيش
- تأطير جديد لمجريات الصراع العربي- الإسرائيلي
فلسطين أون لاين ،،، خالد وليد محمود
- تطهير القضاء
فلسطين أون لاين ،،، أ.د. يوسف رزقة
قبل الحديث عن تشكيل حكومة (الائتلاف)!
فلسطين الآن،،، لمى خاطر
يتعامل رئيس السلطة محمود عباس وحركة فتح مع مسألة الحكومة والانتخابات باعتبارهما شأناً بسيطاً يمكن حلّه بمجرد الشروع فيه، والتشاور بشأنه أو التوافق العام عليه.
ورغم أن فكرة الحكومة الواحدة كادت أن تتحوّل إلى حلم يناظر في الأهمية حلم العودة أو التحرير، ورغم أنه جيّد ألا تكون مسيّسة وأن تقتصر على أصحاب الكفاءات والقدرة على الإنجاز؛ إلا أن كل هذا لا يمثّل أي جانب مهم في تفاعلات المعادلة السياسية والوطنية الفلسطينية.
لدينا حالياً حكومتان، تلك هي قشرة المشهد الفلسطيني وحسب، وهي كذلك الشيء الوحيد الذي يجري تداوله والتعليق عليه وذمّه وشيطنته، أما الجوهر أو ما خلف القشرة فلا يكاد يحظى بأية التفاتة من عموم السياسيين والمحللين والمراقبين، وهنا ينبغي أن نسأل: ماذا عن اختلاف الواقع الجغرافي والسياسي بين الضفة وغزة، حيث في الساحة الأولى يهيمن الاحتلال بشكل مطلق، بينما في الثانية لا يملك أي نوع من الوصاية، وحيث في الأولى يتدخّل العالم كلّه لأجل الحفاظ على مكتسبات السلام الاقتصادي ويقدم أمواله المشروطة لبقاء السلطة، بينما الثانية ظلّت بمنأى عن أموال المانحين واشتراطاتهم. بل ماذا عن الواقع الأمني القاضي ببقاء الأولى ملتزمة باتفاقات أوسلو الأمنية وما تلاها وصولاً إلى الإشراف الأمني المباشر على عملها، بينما الثانية ظلّت إرادة أجهزتها الأمنية وطنية خالصة بعيدة عن الإملاءات؟!
ألن يشترط المانحون قبل دعم حكومة التوافق القادمة نبذ (الإرهاب) والاستعداد الدائم لمحاربته لكي تحظى برضا دولي، ولكي تضمن عدم حبس أموال الضرائب عند الجانب الإسرائيلي؟ ألن يعني هذا أن حماس ستكون الطرف الملزم بتقديم تنازلات سياسية في سيبل استمرار الرواتب؟ ثم ألن يعني أنها ستتحمّل مسؤولية تجويع الشعب الفلسطيني في حال رفضت مقايضة المقاومة بالمال المسيّس؟ أي أنه يراد إعادة الوضع إلى مرحلة 2006 حين كانت شروط الرباعية مقدمة على كل الاعتبارات وتكاد تدخل موسوعة الثوابت في عرف السلطة وحركة فتح!
إن كانت حركة فتح ستدير ظهرها لابتزاز أمريكا وشروط الرباعية ولن تكرّر ما فعلته عام 2006 فالقضية تستحق من حماس أن تطمئن إلى سلامة الخطوة، لأن فتح في هذه الحالة ستكون شريكاً في تحمّل تبعات تحدي الإرادة الأمريكية ومحاولة هيمنتها على القرار الفلسطيني، أما إن كان اليوم التالي لتشكيل الحكومة سيشهد سجالاً حول ضرورة الواقعية والمرونة أمام المطالبات الدولية وعدم انتهاج خطوات انتحار سياسية فالأسلم أن توفّر حماس على نفسها وعلى عموم الشعب الفلسطيني الغوص في مرحلة موحلة معروفة معالمها وخصائصها، وأن تستثمر جهودها في أولويات أخرى.
وبعيداً عن الواقع على الأرض الذي يقول إن ملفّ الحريّات في الضفة غير منجز، وإن حماس فيها ما زالت تعامل كتنظيم محظور خصوصاً على الصعيد المالي (والعسكري المقاوم بطبيعة الحال)، بعيداً عن كلّ هذا، أعتقد أنه إن لم يكن عنوان الحوار الفلسطيني والمشاورات السياسية هو كيفية التخلّص من الهيمنة الأمريكية وابتزاز الغرب فإن كل المبادرات السياسية تحمل من الغثاء أكثر مما تحمل من الخير، حتى وإن صوّرها الإعلام أولويات واجتهد المحلّلون في التعليق على قشور القضية، والتعقيب على تصريح هذا السياسي أو ذاك، أو المطالبة بإخراس المشككين في جدوى هكذا خطوة.
وإن أية خطوة تسهم في تأزيم الموقف السياسي وليس حلّه هي خطوة شكلية مشبوهة النوايا، حتى وإن قدّمت نفسها في غلاف جذّاب، وليس هناك ما يلزم الكل الفلسطيني بمباركتها لمجرّد أنها قُدّمت له في سياق مبادرات إنهاء الانقسام!
وفد وزاري عربي يتوسل المفاوضات
فلسطين الآن ،،، فايز أبو شمالة
لن ترد أمريكا الوفد الوزاري العربي خائباً، ستعطيه شيئاً ما، ستبل ريقه، وتنقي وجهه أمام الشعوب العربية، فالسياسة الأمريكية أعقل من امتهان كرامة العرب إلى أبعد من حد التذلل المهين على أعتاب البيت الأبيض.
الوفد الوزاري العربي سيناقش مع المسئولين الأمريكيين أنسب الطرق والوسائل للخروج من الحالة المستعصية، هذا ما ذكرته وزارة الخارجية الفلسطينية، وهذا هو هدف زيارة الوفد الوزاري العربي لواشنطن؛ الخروج من الحالة المستعصية، ولأجل ذلك يعكف وزير خارجية أمريكا على إعداد صيغة لاستئناف المفاوضات.
إن الخروج من هذه الحالة المستعصية لا تسمن القضية الفلسطينية سياسياً، ولا تغني أمة العرب من جوع، لأن الوفد الوزاري العربي سيدعو المسئولين الأمريكيين لإطلاق عملية تسوية شاملة بالمنطقة، ووضع حد لحالة الاحتقان والتوتر القائمة.
فعن أي سلام شامل يتحدث الوفد الوزاري العربي في واشنطن؟ وكيف يتحقق السلام الشامل والقتال في شوارع لبنان وسوريا الغائبتين عن الوفد؟ وأين هي مبادرة السلام العربية؟ ألم يحتقرها الصهاينة رغم مساعي السلطة الفلسطينية الجبارة لتسويقها عبر إعلانات مدفوعة الأجر في الصحف الإسرائيلية ؟.
لم ترق أفكار الوفد الوزاري العربي إلى أمريكا إلى مستوى الأحداث الجسام التي تمر بها البلاد العربية، إذ لم تتغير المفاهيم السياسية للقيادة العربية، رغم الربيع الذي أنهى حكم مبارك وأمثاله في بلاد العرب، إذ كيف يدعو الوفد الوزاري العربي إلى الدخول في مفاوضات الحل النهائي مباشرة، بهدف التسوية التي ستحقق مصالح الجانبين!
مصالح الجانبين ـ إنها لغة الهزيمة في زمن الربيع العربي، إذ كيف يصير من مهمات الوفد الوزاري العربي مراعاة مصالح الجانبين، وهل صارت دولة الغاصبين الصهاينة جانباً يحظى بنفس الاهتمام الذي تحظى فيه القضية الفلسطينية؟ وهل صار للوجود الصهيوني مكان في الوجدان العربي، وصارت مصالح الصهاينة جزءاً من الهم العربي؟ وكيف يؤكد الوفد الوزاري العربي الذي تتصدره
السلطة الفلسطينية، على عدم جدوى أي حديث عن إجراءات لبناء الثقة، باعتبار مبادرات بناء الثقة تسهم في إضاعة الوقت لمصلحة الطرف الآخر! فأين ذهبت اشتراطات إطلاق سراح الأسرى لاستئناف المفاوضات؟
سيعود الوفد الوزاري العربي مجبور الخاطر، وسيضمن استئناف المفاوضات قريباً جداً، وسيكون الوفد الفلسطيني أكثر سعادة لأنه حقق الغطاء الرسمي العربي الذي يسمح له باستئناف المفاوضات، دون الالتزام بالشروط التي طالما تغنى بها، وستتخلص أمريكا مؤقتاً من الحالة المستعصية من خلال الدعوة لاستئناف المفاوضات، حتى تبدأ مطمئنة مع الصهاينة مشوار العمل العسكري الإرهابي ضد الأمة العربية والإسلامية.
مصادر "رقيعة" المستوى
فلسطين الآن ،،فلسطين أون لاين ،،،عصام شاور
دخل رئيس تحرير السياسة الكويتية احمد الجار الله على الخط للمشاركة في حفلة الردح واللطم على الخمر المسكوب وعلى أنظمة علمانية عميلة تتساقط الواحدة تلو الأخرى وتحت شعار " اتحاد الشياطين للقضاء على الإخوان المسلمين" ،مشاركة سيئ الصيت جاءت متأخرة لانشغاله في إحياء حفلات النفاق والرياء ومسح الجوخ لساكني القصور،فرئيس تحرير السياسة الكويتية لا يفقه في السياسة حتى يخوض غمارها ولا يعرف سوى حمد السلطان وذم الإخوان.
وإن كانت مشاركة الجار الله متأخرة فقد سبق الأولين والآخرين في التدليس و"التخبيص"، حيث نقل المعركة مع الإخوان إلى الأرض اللبنانية مدعيا أن حركة حماس أعدت ألف مقاتل فلسطيني من لبنان لمساندة الثورة السورية ضد أطراف عربية أخرى استنادا إلى مصادر رفيعة المستوى ونحن نصحح بأن مصادره كاذبة وضيعة ورقيعة المستوى، تماما بمستواه لأنه هو مصدرها ومختلقها.
مصادر رقيعة أخرى كشفت لجريدة المصري اليوم عن محادثات هاتفية دارت بين الإخوان وحماس أثناء الثورة وتم تفريغها وتسلميها للمهندس خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان، المحادثة مسلية ولا بد من مشاركتكم بها في هذه الأجواء الحارة؛ الإخواني: أنتم فين ..مش شايف حد منكم؟، الحمساوي إحنا ورا المتحف وبنجهز المقلاع، الاخواني: تمام بس بسرعة، الحمساوي: تمام ..رجاء الهدوء والأمور تحت السيطرة. بعد انتصار الثورة..الحمساوي: مبروك ..ده نصر لينا"لاحظوا اللهجة المصرية"، الاخواني: طبعا وانتم ساعدتونا كتير وأفضالكم علينا" لهجة فلسطينية"، الحمساوي: واحنا جاهزين في أي وقت، الاخواني: شكرا لخدماتكم، الحمساوي العفو..على لقاء قريبا.. السلام عليكم.
كما ترون فإن المحادثة لا تتناسب مع ثورة وإسقاط مبارك ومن يسمعها يظن أنها لعبة استغماية " مش شايف حد فيكم" أو محاولة لاصطياد ديك او ضرب جندي إسرائيلي بالمقلاع،لأنه " مش معقول" أن تذهب " جحافل حماس" إلى القاهرة بالمقاليع، أو أن المقلاع هو الاسم الحركي للمنجنيق الذي ضرب به القصر الجمهوري أثناء الثورة. أنا مندهش للمصادر الرقيعة العبقرية التي اكتشفت المكالمات الهاتفية وهي على استعداد لتقديم الأدلة بشأنها ولم تستطع بعد أكثر من عام على انتهاء الثورة إثبات أي وجود لمقاتلي حماس في مصر او أي دليل على تدخل حماس او أي فصيل فلسطيني في الثورة المصرية، ولكن لماذا الدهشة مع وجود المصادر الرقيعة من بقايا أبناء شحيبر.
أبا مازن.. متى يتوقف الاستفراد؟!
فلسطين أون لاين ،،، د. حسن أبو حشيش
لا أُريد الغوص في أعماق تاريخ مواقف الإقصاء في الساحة الفلسطينية لأن الحديث يطول ولا ينتهي لامتداده وتعقيداته وتفريعاته. لكن سنركز على الموقف الأخير للرئيس أبو مازن، بعد اتفاقيات الدوحة القاهرة الأخيرة قرر عباس وحده وقف التنفيذ رغبة منه لإعطاء فرصة للذهاب للأمم المتحدة, وبعد أن أنهت حماس السجل الانتخابي وبات استحقاقا على عباس تطبيق ما يخصه, قرر وحده إرجاء الأمر لإعطاء فرصة لزيارة أوباما, وكرر التأجيل وحده لإعطاء فرصة لتحركات وزير الخارجية الأمريكي كيري. والآن وفجأة أعلن وحده البدء في التشاور في تشكيل الحكومة.
أبو مازن وفريقه لا يُؤمنون بأن هناك شريكاً يجب التحاور معه, بل هو لم يشاور حتى الفصائل التي يعتبرها غير معادية, إذن هو متخاصم مع من, ومتحاور مع من, ويريد التصالح مع من؟! مازال لا يرى إلا نفسه السياسية, ولا وزن لأحد. لذا وجدناه يذهب للأمم المتحدة وحده وبقرار فردي, ونجده يسحب قرارات إدانة للاحتلال من اليونسكو باسم الشعب وحده, ونجده يقرر وحده رؤية حل للاجئين بدون مشاورة أصحاب الحق.. إن استمرار هذه النفسية, والتمسك بهذا المنهج, وبقاء نفس العقلية لا يُبشر بخير, ولا يُعبر عن صدق نوايا, ولا يؤدي إلى نجاح المصالحة.
واضح من الشواهد التي تظهر تترى يوميًا على صعيد سياسة السلطة أن التحرر من القرارات الدولية المعطلة للمصالحة لم يحن بعد, وأن السلطة متقبلة للقيود وتجد في نفسها هوى, وهي تتهرب من توضيحها بلجوئها إلى التعتيم الإعلامي ولفت الأنظار واتخاذ قرارات من شأنها تعكير الأجواء وهي تُدرك كامل الإدراك أنها غير مقبولة ولا تتوافق مع المُتفق عليه, وبذلك تصطاد عدة عصافير بحجر واحد: تُظهر أنها حريصة على المصالحة, وتجعل الرفض من قبل حماس, وميدانيًا لا يتغير أي شيء. وهذا مكر ودهاء سيئ في طبيعة العلاقات البينية.
سر نجاح أي تحرك يتطلب الالتزام الحرفي بما تم التوقيع عليه في الدوحة والقاهرة, والتوقف عن الاصطياد العكر في المياه الراكدة, والتفرد في القرارات.
تأطير جديد لمجريات الصراع العربي- الإسرائيلي
فلسطين أون لاين ،،، خالد وليد محمود
لقد بات في حكم المؤكد دخول المنطقة العربية مرحلة جديدة بفعل الثورات الشعبية التي انطلقت منذ أواخر 2010 بدءًا من تونس ثم مصر وتوالت بعدهما في ليبيا واليمن وسوريا. فالعالم العربي بعد زمن من السكون يتحرك ويتغير، ويعيد صوغ المعادلات المحلية والإقليمية على بنى وأسس جديدة ومختلفة. هذه الثورات التي نجحت في قلب الموازين والتي أدخلت الشعوب العربية مرحلة جديدة مختلفة عن الحقبة الماضية؛ شكّلت مفاجأة لمعظم القوى الدولية والإقليمية المهتمة بشؤون منطقة الشرق الأوسط والفاعلة فيها، ومن بينها (إسرائيل) التي غدت تعتبر نفسها أكثر المعنيين بما يجري في المنطقة العربية كيف لا وقد ضربت رياح التغيير العربي اثنين من البلدان العربية المحورية في حساباتها الأمنية والسياسية لعقود مضت وهما مصر وسورية.
فقد طرحت الثورات العربية تأطيرًا جديدًا في فهم مجريات الصراع العربي-الإسرائيلي ومنه قضية فلسطين التي تقع في مركزية هذا الصراع. فالتغييرات الواسعة التي تشهدها المنطقة، بعد عقود من أنظمة حكم استمرت دون انقطاع، تفتح الطريق إلى إعادة بناء منظومة العلاقات الإقليمية في المنطقة بشكل مختلف عما كان سائداً في السابق. فالثورات العربية لم تغير أنظمة حكم سياسية ولم تضع التحول الديمقراطي وكيفية إدارة الدول العربية على مائدة البحث والحوار والمراجعة فحسب، بل هيأت الظروف أمام مسارات إقليمية مفتوحة على الجديد.
الموجة الثورية التي شهدتها ولا تزال تشهدها المنطقة العربية تقتضي إعادة تعريف مفردات وعناصر الأمن القومي لكل بلد من هذه البلدان، ومصالحها الوطنية والتي تطرح الأخذ بعين الاعتبار مصالح شعوبها في إطار التحولات القائمة والمفتوحة أكثر على تطوير ديمقراطي. كما أنها أمام استحقاق إعادة النظر في عناصر أمن المنطقة العربية، ودور دولها الإقليمي وطبيعة علاقاتها الخارجية. وفي هذا الإطار فإن القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي سيحتل موقعا جديدًا في سيرورة إعادة صياغة مفردات الأمن القومي لتلك الدول ورؤيتها للأمن القومي للمنطقة العربية, ومع الاحتكام إلى جمهور لن يرضى بسهولة العودة إلى حالة الاستبداد واحتكار السلطة. فبعد اليوم لن تستهين الأنظمة بشعوبها. والضعف العربي الذي تدثرت به وراهنت عليه (إسرائيل) لست عشريات من السنين قد أفل، أو ربما طريق أفوله ليست بالبعيد!
كما أن الصورة بعد الربيع العربي ستبدو مختلفة إلى حد ما، فالوقائع الراهنة في البلدان العربية وما تشهده من تحول دراماتيكي وسريع في نظامها السياسي أو في بعض هياكلها الإدارية والسياسية وخياراتها الداخلية والخارجية وكذلك ما تعيشه بلدان أخرى من إرهاصات تتجه نحو التغيير والانتقال إلى طور سياسي يختلف في حدوده الدنيا جزئياً على الأقل عن الواقع الذي كان سائداً لسنوات مضت سيمس بصورة أو بأخرى قضية الصراع العربي الإسرائيلي، بعد أن أزالت الثورات العربية الركام التاريخي عن عقول وأنفس الإنسان العربي الذي طالما جعلته أنظمته يألف اليأس والسكون والخنوع، فجاءت الثورات وأزالت كل الركام وأوضح أن الشعوب العربية قد تمرض إلا أنها لا تموت. ولعل من أهم الثمار الذي سيجنيها العرب من حركة التغيير والإصلاح التي تجوب الدول العربية أنها ستعيد تنظيم حقل السياسة (داخليا وخارجيا) ولأن الشعوب كسرت حاجز الخوف فإنها بالمطلق ستقف مع العدالة ضد الظلم ومع الحرية، وهذا بحد ذاته بداية لفجر جديد أعتقت فيه الشعوب من الصمت والسلبية وستنظر دون شك بمنظار آخر للصورة التي ألفتها عقولهم في الزمن العربي الرديء. فالمجال العربي اليوم بات مهيأً أكثر من أي وقت مضى لرسم صفحة جديدة تعالج قضاياه المصيرية، صفحة يتمكّن فيها الشباب العربي من إعادة رسم مجرى الصراع العربي الإسرائيلي بعيداً عما كرسته الأنظمة الدكتاتورية - التسلطية من أوهام وشعارات جوفاء لم تنتج غير الاستبداد والفساد... فحقبة ربيع الثورات العربية المزهرة -وإن ما زالت في بداياتها المتعثرة- من الممكن أن تفضي إلى تأطير جديد تعالج فيه قضية الصراع مع (إسرائيل)، وتضعه في سياق يعبّر عن طموحات الشعوب العربية.
تطهير القضاء
فلسطين أون لاين ،،، أ.د. يوسف رزقة
تطهير القضاء دعوة يؤمن بها كل من تضرر من حكم مبارك على مدى ثلاثين عاماً. ولأن الشعب كله تضرر من عهد مبارك بشكل أو بآخر، فإن دعوة تطهير القضاء هي دعوة الشعب كله إلا فئة من القضاة ورجال الدولة ممن استفادوا من حكم مبارك ونظامه، وأثروا على حساب الشعب وعلى حساب القانون.
ما أصاب مؤسسات الدولة المصرية من عطب وفساد أصاب مؤسسة القضاء مثله، فليس على رأس مؤسسة القضاء ريشة حتى يستثنيها المفسدون من إفسادهم، ولا أحسب أن شيوخ القضاء الأجلاء ينكرون ما أصاب مؤسساتهم من عطب، لذا كانوا هم الأسبق تاريخيا في الدعوة إلى تطهير القضاء، فرئيس نادي القضاة السابق دعا إلى تطهير القضاء، ودعا إلى خفض سن القضاة حتى يتسنى إحالة بعضهم ممن لا يستطيعون القيام بواجبات عملهم إلى التقاعد الكريم.
خفض سن القضاة إلى ما دون السبعين مسألة لا علاقة لها بالسياسة ولا علاقة لها بالفساد في جهاز القضاء، لأن الفساد لا ينتمي إلى الأعمار، فالفساد يضرب بسوءاته الشباب كما يضرب العواجيز، ولا يسلم منه إلا النقي التقي، والتقوى نفسها لا علاقة لها بالأعمار كبرا أو صغرا.
إن تمسك فئة من القضاة بسن السبعين للتقاعد مسألة مهنية ترتبط بالاستحقاقات المالية الشهرية، وبالمنزلة والمكانة الاعتبارية ومن حق هذه الفئة أن تدافع عن رؤيتها نقابيا، ومن حق الشباب و المشرعين أن ينظروا في تخفيض السن إلى خمس وستين سنة، وعليهم أن يقدموا لذلك دفاعا مهنيا وقانونيا، وأن يكون رائد الطرفين هو المصلحة العامة، ومصالح الهيئة القضائية كلها.
إن تجربة الجامعات التي انتهت برفع سن التقاعد للأستاذ الجامعي إلى سن (65)، كانت تجربة مفيدة، وكانت على أسس مهنية واعتبارات الخبرة، والمصلحة العامة، ولم تدخل السياسة فيها لا من قريب ولا من بعيد، فكان بإمكان القضاة ان يستفيدوا من هذه التجربة، و أول عناصر الاستفادة الايجابية هو عزل المسألة عن السياسة، وعن المناكفات الحزبية.
العديد من الخبراء والمهتمين بالشأن المصري باتوا ينظرون إلى القضاة على أنهم تورطوا في العمل السياسي، وأن فئة منهم رضوا أن يكونوا في مخالب قط ضد محمد مرسي وتجربة الإخوان في الحكم، ومن ثمة دفعوا خصومهم من أهل السياسة والعمل الحزبي للخروج إلى الشوارع في مليونية تدعو إلى تطهير القضاء، لأن القضاة أنفسهم أساؤوا إلى مهنتهم التي هي فوق السياسة وفوق الحزبية.
وقائع ثلاثين عاما تدين مبارك ورجال حكمه، ووقائع قتل المتظاهرين في الثورة تدين مبارك ورجاله، سواء توفرت الأوراق والصور وأشرطة الفيديو أو لم تتوفر، ومع ذلك أصدر القضاء براءة لكل من اتهم، وهذا أمر وحكم لا يقبله أحد، ويستحيل أن يقبله ذوو الضحايا لذا سيخرج هؤلاء وغيرهم مطالبين بتطهير القضاء لأن القضاء لم يحترم نفسه، وأعرض عن الحقيقة.
