اقلام واراء اسرائيلي 332
3/5/2013
في هــــــذا الملف
انذار اوباما للاسد يتبدد
بقلم: نداف ايال،عن معاريف
يتحدثون عن سوريا وعينهم على ايران
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
العيون تتجه الى واشنطن
بقلم: آفنر غولوب،عن معاريف
لا يجوز تخفيف الضغط عن ايران
بقلم: كريستوف بيجو سفير فرنسا في اسرائيل ،عن اسرائيل اليوم
القبة والاساطير
بقلم: رؤوبين بدهتسور ،عن هآرتس
مبادرة ‘جديدة’ ونغمات قديمة
بقلم: زلمان شوفال ،عن اسرائيل اليوم
من هذا لن تخرج مفاوضات
بقلم: باراك رابيد ،عن هآرتس
انذار اوباما للاسد يتبدد
بقلم: نداف ايال،عن معاريف
خطان أحمران رسما في الشرق الاوسط في السنتين الاخيرتين. الاول كان لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقد رسمه في الامم المتحدة، مع الرسم اياه ذي القنبلة التي أصبحت رائجة. وجوهره تحديد حد كمي من اليورانيوم المخصب الى درجة 20 في المائة تحتفظ به ايران. والثاني كان للرئيس اوباما؛ فقد تناول بشكل صريح امكانية استخدام السلاح الكيميائي في سورية وأوضح بان المعنى سيكون ‘تغيير اللعبة’ وهي كلمات قوية، ملزمة، بالنسبة لرئيس أمريكي.
وقد طرح الخط الاحمر الامريكي مرات عديدة، ولكن الالتزام الاكبر كان في القدس في نهاية اذار الماضي، في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه اوباما بان الولايات المتحدة سترد بشكل استثنائي على استخدام السلاح الكيميائي، وشكك في امكانية أن يكون الثوار قد استخدموا، هذا اذا كان بوسعهم، السلاح الكيميائي.
الجني خرج من القمقم
وفي موعد قريب من الاعلان عن الخط الاحمر الامريكي، على ما يبدو قبل ولكن يحتمل بعد ايضا، استخدم السلاح الكيميائي في سوريا. وقد قال الرئيس الامريكي ذلك بوضوح هذا الاسبوع. وقد علق الامريكيون في حرج شديد بعد أن تحدث رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات عن استخدام السلاح الكيميائي كحقيقة؛ تصريح ايتي بارون لم ينسق مع محافل سياسية بعضها عجب هذا الاسبوع لماذا يتحدث ضابط كبير في الجيش الاسرائيلي عن صمت الاسرة الدولية. ولاحظت هذه المحافل، وعن حق كثير، بان الجيش الاسرائيلي ليس منظمة حقوق الانسان، وضابط الاستخبارات ليس دبلوماسيا.
ولكن الجني خرج من القمقم. الحقيقة وضعت أمام الجميع. الخط الاحمر الامريكي لاوباما، اجتيز. والان، يقول مراقبون في واشنطن ان ادارة اوباما ‘لن تسارع للوصول الى العملية’ وهذه الطريقة للقول ان البيت الابيض سيفعل كل شيء كي يمتنع عن التدخل في النزاع الاكثر نزفا في الشرق الاوسط. كان الامريكيون يودون عمليا ان يخلقوا هنا خطا أحمر جديد؛ ان يقولوا للسوريين: قد يكون هذا حصل مرة او مرتين، ولكن ليس بعد الان. كفوا الان. لا تجبرونا على العمل.
شروط لازمة
بالمقابل، فان الخط الاحمر الاسرائيلي الذي عرض في الامم المتحدة في ايلول 2012، لم يتم اجتيازه. لا يوجد هنا الكثير من المجال للتفسير. فقد كان الانذار الاسرائيلي ناجعا بقدر ما؛ فإما ان الايرانيين توقفوا عن التخصيب بالوتيرة السريعة السابقة لانهم تخوفوا من هجوم اسرائيلي أو أنهم توقفوا بسبب الضغط الدولي. ولكن السطر الاخير هو أن هذا ينجح حاليا.
بالمقابل، فان الانذار الامريكي تبدد. ويرى الشرق الاوسط الان أمريكا تتلوى. سلسلة من الشروط الجديدة طرحت لنقل الاستخدام المواظب، او دلائل على أن الاسد نفسه هو الذي أمر باستخدام السلاح. الجمهوريون يضغطون على ادارة اوباما للعمل، وفي الحكومة نفسها يعتزمون الاستسلام للضغط وارسال السلاح الى الثوار السوريين. ورغم ان سلسلة التحقيقات أظهرت كيف أن السلاح الذي زودته الدول الاوروبية يتسرب بثبات الى منظمات الثوار الجهادية والقاعدية التي تتكاثر في سوريا نفسها.
ما هو الاستنتاج؟ ‘الاستنتاج هو أن الايرانيين ينظرون بتمعن الى ما يقوله الامريكيون وما يفعلوه بعد ذلك’، يقول مصدر اسرائيلي في جبهة الكفاح ضد النووي الايراني.
‘الايرانيون يحرصون على عدم اجتياز الخط الاحمر الاسرائيلي، ولكن نظام الاسد اجتاز بالتأكيد الخط الاحمر الامريكي. مصداقية التهديد الامريكي كفيلة بان تتآكل’. هذه كلمات موزونة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
يتحدثون عن سوريا وعينهم على ايران
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
كان في كل فصل دراسي ولد كنا نسميه ‘النمّام’ فكانوا اذا أكلوا طعامه وشربوا شرابه ينّم دائما يقول: أيها المعلم، هذا الولد شوش على الدرس؛ وأيها المعلم ذاك غش في الامتحان. ولم نحن نحبه. وهذا الولد الآن هو دولة اسرائيل. فسلوك اسرائيل في مواجهة فظاعات سورية يُصور على أنه ليس أكثر من حملة نميمة. لا يعلم أحد ما الذي تريد ان يحدث في سورية وهل هي مع الاسد أو عليه؟ وهل هي مع المتمردين أو عليهم؟ فالشيء الرئيس هو أنها تنّم وتحث المعلم، أي امريكا، على أن تقصف ولا يهم من تقصف.
اتجهت اسرائيل بعد توقف قصير عن حملة التخويف القومية من المشروع الذري الايراني الى حملة تخويف اخرى من السلاح الكيميائي في سورية. والحديث عن خطر كما هي حال ايران؛ والحديث عن مبالغة كما هي الحال مع ايران. وأصبح تجنيد النفس كما هي الحال مع ايران مطلقا ولا يشمل ساسة وجنرالات فقط بل يشمل الجوقة الاعلامية التي أصبحت تلتزم بحملة التخويف هذه في ابتهاج زائد كعادتها.
لا تحب وسائل الاعلام شيئا أكثر من حملة تخويف اخرى تستحق هذا الاسم. وانظروا فقط كيف استُعرض هنا في شك وبرود تحديث مبادرة السلام العربية أول أمس، قياسا بالاستعراض المجلجل لخطر الطائرة الورقية الايرانية التي تجرأت على ان تطير في سماء البحر المتوسط بمحاذاة حيفا، مُماسّة لسماء دولة ترسل طائراتها كل يوم تقريبا الى سماء جارتها.
جندت الدول المحاذية لسورية نفسها لجهد انساني رائع لاستيعاب مئات آلاف اللاجئين ومنها تركيا التي تواجهها، والاردن المنشق لكثرة المخيمات فيه. لكن لم تفعل اسرائيل ذلك بالطبع. كان يجب أن تكون هضبة الجولان المحتلة من سورية المكان الصحيح لاستيعاب عدد منهم. لكن هذه الامكانية لم تكد تُبحث هنا، فلا يهتمون هنا إلا باليهود. وباسمهم يعرضون على العالم وعلى الولايات المتحدة بخاصة خطة عمل اخرى كما اعتادت دولة اسرائيل العظمى دائما. فها نحن هؤلاء نضع أمامكم الأدلة الاستخبارية ا فهبوا الآن الى العمل والى القصف.
إن السلاح الكيميائي تعرفه اسرائيل جيدا من دار سلاحها الفظيعة جدا، وتعرف أنه سلاح مخيف. لكن حملة التخويف الاسرائيلية به لا تتناول ضحاياه المباشرين، أي السوريين، لأن اسرائيل لا تهتم بهم. فالعرب يقتلون العرب كما تعلمون. وأما صور المصابين الذين يخرج الزبد الابيض من أفواههم فتُنشر لتكون دعاية ودليلا فقط. قُتل عشرات آلاف المواطنين السوريين بسلاح تقليدي ولم تنبس اسرائيل ببنت شفة. ولم يُثرها من مربضها إلا امكانية ان تكون جهة ما استعملت سلاحا كيميائيا.
لنفترض أن أدلة شعبة الاستخبارات العسكرية هي أدلة صحيحة؛ فلماذا تزيد حقيقة أن نظام الاسد استعمله خطر أن يتسرب الى ‘أيدٍ غير مسؤولة’؟ وهل سيحل القصف المشكلة كما تفترض اسرائيل؟ لا يفترض بالطبع ان يتم ذلك على يد اسرائيل بل على يد مقاولتها الثانوية امريكا. فهي تُدعى الى العمل ويتم تحريضها على التدخل من اجل المصلحة الاسرائيلية. وتحاول امريكا الابتعاد عن تدخل قاتل آخر لكن الرب الاسرائيلي يريدها في الداخل. والحقيقة هي أن الحديث عن حملة دعائية فقط. فاسرائيل تحث براك اوباما وتُلزمه كلمته و’خطه الاحمر’ وتتحداه وتُحرشه من اجل التوصل الى الشيء الحقيقي فقط وهو قصف ايران. وتريد اسرائيل الكشف عن عورته في الشأن السوري كي تعرضه عاريا في سوأته في الشأن الايراني. قد لا يقصف سورية كما طلبت، لكن الامر المهم هو ان يقصف ايران. وهذه السياسة التي هي تلاعب برئيس الولايات المتحدة على حساب الدم السوري ربما تنجح نجاحا حسنا في الأمد القصير لكنها قد تجعل اسرائيل أبغض الى واشنطن.
إن ما يحدث على مبعدة نصف ساعة سفر عن كتسرين يجب ان يقلق اسرائيل بالطبع. وهي لا تستطيع ان تفعل الكثير سوى تقديم مساعدة. وقد يكون من الجيد ايضا أنها لا تعرف ما الذي تريد أن يحدث هناك كي لا تتدخل فيما يجري. ويجوز لها ايضا بالطبع ان تدعو العالم الى التدخل لكن من اجل شيء آخر لا من اجل النميمة والاحتيال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
العيون تتجه الى واشنطن
بقلم: آفنر غولوب،عن معاريف
عاد الرئيس الامريكي في الاشهر الاخيرة ليقطع وعدين هامين: الاول، أن استخدام السلاح الكيميائي هو خط أحمر واجتيازه من قبل الاسد سيغير قواعد اللعب في سورية؛ الثاني، بانه سيمنع عن ايران الحصول على سلاح نووي. وكان الرئيس تناول كل وعد على انفراد، ولكن الاحداث الاخيرة تستوجب من الرئيس اعادة النظر في العلاقة بين الساحتين وبين الوعدين الرئاسيين.
في الايام الاخيرة حذر مسؤولون اسرائيليون وامريكيون من أنه اذا لم يفِ اوباما بوعده في سورية، فستتضرر مصداقية تهديداته جدا. ثقة الاسد بقدرته على مواصلة توسيع حجم المذبحة في الدولة ستزداد، والامر سيبث أيضا أثره على المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة حيال ايران في موضوع برنامجها النووي. ولم يظهر الايرانيون بعد استعدادا للتنازلات، واحد الاسباب المركزية لذلك هو المصداقية المنخفضة التي يعزونها للتهديدات الامريكية بشأن استخدام الخيار العسكري.
‘زيف’ امريكي في سوريا سيعزز هذا الاحساس بالثقة، ويقلص أكثر فأكثر احتمالات التنازل الايراني عن طموحاتها العسكرية في مجال النووي. في هذا الوضع ستضطر الولايات المتحدة الى الاختيار بين التسليم بايران نووية وبين الهجوم على المنشآت النووية في ايران.
ومع ذلك، فقد نشر أيضا أن مسؤولين في جهاز الامن الاسرائيلي يعتقدون بانه اذا اراد اوباما أن يهاجم ايران فانه سيتوجه للحصول على التأييد من حلفائه الاوروبيين، وسيسعى الى تقليص المعارضة الروسية والصينية للخطوة. والتدخل في سورية من شأنه أن يقلص التأييد المستقبلي للدول الاوروبية للهجوم على ايران، كونها ستخشى من فتح جبهة ثانية في الشرق الاوسط. كما أن من شأن التدخل في سورية ان يؤدي الى مواجهة مع موسكو وبكين، اللتين تعارضان ذلك خوفا من تعريض مصالحهما للخطر والمس بالشرعية الدولية لعمل أمريكي مستقبلي ضد ايران.
باختصار، يجد اوباما نفسه في شرك: فهو مطالب بان يختار أي وعد سيفي به وايهما سيخرق. ومن أجل الخروج من هذا الشرك فان اوباما مطالب بان يربط بين السياسة الامريكية في سورية وتلك التي حيال ايران، بحيث تخدم الواحدة الاخرى. وهو مطالب بان يبلور سياسة عامة للتهديدين، في اطارها يمكنه أن يستخدم الساحة السورية كي ينقل رسالة واضحة للنظام في طهران عن استعداده للايفاء بتعهداته.
في 2003 أرجأ النظام الايراني برنامجه النووي عقب تخوفه من توسع الاجتياح الامريكي للعراق ليهدده أيضا. والتدخل في سورية سيتطلب من الايرانيين فحص فرضياتهم بالنسبة للاستعداد الامريكي في تهديد مصالحهم من خلال عمل عسكري، وربما أيضا تغيير سياستهم في سورية وفي المسألة النووية. ان تنفيذ التهديد الامريكي في سورية كفيل ايضا بتشجيع روسيا والصين على العمل في الساحة السورية وزيادة الضغوط على طهران في المسألة النووية من أجل الامتناع عن أزمة اخرى تضر بمصالح القوتين العظميين.
التدخل الامريكي الذي سيمس بالاحساس بالثقة لدى الاسد ويجسد التهديد يمكنه أن يتم بالتدريج وبحذر ولا حاجة لان يتضمن احتلال دولة عربية. فمناطق محظورة الطيران وأروقة انسانية هي مجرد أمثلة على مجال العمل الممكنة للامريكيين، ولا يتضمن دخول قوات مقاتلة برية الى سورية.
ان التدخل في سورية ليس الخيار الامريكي المطلق، ولكنه الافضل في الواقع الحالي. فقد تعهد اوباما أمام الملأ بالعمل ضد النظام في سورية وفي ايران اذا ما اجتازا الخطوط الحمراء.
الان، حين تتجه عيون العالم الى واشنطن، فان خرق أحد التعهدين الرئاسيين من شأنه أن يؤدي الى مواجهة أوسع أكثر من سياسة حكيمة وحذرة، ترى في التعهدين سياسة واحدة شاملة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا يجوز تخفيف الضغط عن ايران
بقلم: كريستوف بيجو سفير فرنسا في اسرائيل ،عن اسرائيل اليوم
يجب ألا تشعر اسرائيل بأنها وحيدة في معركة على سباق ايران في التسلح الذري. إن شريكاتها الاوروبيات أكثر تصميما من ذي قبل على منع ايران من احراز سلاح كهذا. فلو ملكت ايران قدرة على تطوير سلاح ذري لهدد ذلك الشرق الاوسط كله واوروبا وأمن العالم، لا اسرائيل وحدها.
تجتمع في هذا الوقت في جنيف في سويسرا الدول التي وقعت على ميثاق منع انتشار السلاح الذري. والمشكلة المركزية في جدول عملها هي برنامج ايران الذري. فايران مصرة على رفضها الاجابة على اسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهي مستمرة في انتاج اليورانيوم المخصب بحجج مختلفة وعجيبة وعلى بناء المفاعل الذري في أراك. فلو أنها أحرزت قدرة على تطوير سلاح ذري سريعا لواجه نظام عدم انتشار السلاح الذري تهديدا شديدا.
لكن لماذا لا تملك ايران الى الآن والتي تم الكشف عن برنامجها الذري السري قبل أكثر من عشر سنوات، سلاحا ذريا؟ ذاك لأن مجموعة الدول المدعوة (إي 3 + 3) والمؤلفة من الامريكيين والاوروبيين والروس والصينيين، تفعل كل شيء لوقف هذا البرنامج. فقد حظرنا تصدير المعدات والمواد التي تحتاج اليها ايران وهي: اليورانيوم وأنواع الفولاذ الخاصة والتقنيات والمركبات الذرية والبالستية. واعترضنا المراسلات غير القانونية وعزلنا ايران. وأفضينا الى أن يفرض مجلس الامن عقوبات على برنامجها الذري. وأضرت اوروبا بالتعاون مع الولايات المتحدة بتصدير النفط من ايران وفرضت عليها عقوبات مالية شديدة جدا.
ولماذا ما زال يوجد احتمال لمنع ايران من احراز سلاح ذري دون حاجة الى عمل عسكري ودون الانجرار الى الآثار المتوقعة التي ستكون للمواجهة العسكرية على المنطقة؟ لأن مجموعة الدول الكبرى الست ما زالت تبحث عن مخرج دبلوماسي من الازمة. ونحن نستعمل جميع الوسائل ونستعمل مثابرة وتصميما لا هوادة فيهما كي يحث التأثير المشترك للضغط والحوار ايران على قرار استراتيجي تستطيع هي وحدها ان تتخذه بصورة سيادية وهو ان تتخلى نهائيا عن كل مطامحها الذرية العسكرية.
لكن الامور يجب ان تكون واضحة، ففرنسا وشريكاتها الاوروبيات غير راضيات عن الوضع الحالي. ولسنا نقبل التوسيع الدائم لبرنامج ايران الذري ولن نُسلم من جهة دبلوماسية بالأنشطة الذرية المحظورة التي تحاول ايران ان تفرضها على العالم بسياسة إقرار حقائق منتهية. ونعلم ايضا أن نافذة الفرص لمنع ازمة محدودة كما قال من قبل ايضا وزراء خارجية دول الـ جي 8 الذين اجتمعوا في لندن في 11 نيسان.
حيال كل ذلك وبعد شهر تقريبا من فشل المحادثات في الشهر الماضي بين الولايات المتحدة واوروبا وروسيا والصين وبين ايران في كازاخستان، هل يجب علينا ان نستنتج ان الطريق الذي نسير فيه غير صحيح؟، لا. وكما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند في لقائه للرئيس شمعون بيرس في باريس في السابع من آذار، اذا استمرت ايران في رفض مقترحات اعضاء مجلس الامن والمانيا فسيُحتاج الى تشديد العقوبات أكثر.
يمكن في الاشهر القريبة، ويجب أن يُزاد الضغط على ايران من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ومن آسيا ايضا اذا أمكن، وربما حتى من الامم المتحدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
القبة والاساطير
بقلم: رؤوبين بدهتسور ،عن هآرتس
أحدث التأثر بأداء القبة الحديدية في عملية عمود السحاب سلسلة أساطير حان الوقت الآن بعد مرور نصف سنة وبعد نشر معطيات اخرى عن عمل منظومة الاعتراض وتحليلها، لامتحانها بامتحان الواقع. وسنمتحن اثنتين منها هنا.
الاسطورة الاولى: القبة الحديدية تنقذ الناس، ويُبين الفحص عن المعطيات انه لا يوجد أي فرق بين عدد القتلى خلال هجمات القذائف الصاروخية قبل استعمال القبة الحديدية وبين عددهم وقت استعمال القبة الحديدية.
كانت سنة 2008 سنة قياسية في كل ما يتعلق باطلاق القذائف الصاروخية من غزة، فقد أُطلق فيها 2048 قذيفة صاروخية من القطاع. وكانت القبة الحديدة ما زالت غير موجودة. وكان عدد القتلى بهذا الاطلاق خمسة اشخاص. وفي السنين 2001 2007 أُطلق من غزة 2383 قذيفة صاروخية، وقُتل بهذا الاطلاق عشرة اشخاص. وفي ايام عملية عمود السحاب أُطلق على اسرائيل عدد أقل من القذائف الصاروخية بلغ 1354 قذيفة (479 منها على مناطق مأهولة)، قُتل فيها ستة اشخاص. أي ان زعم ان القبة الحديدية تنقذ الناس لا يصمد لامتحان الواقع، فالذي ينقذ الناس هو الدخول السريع الى ملاجئ أو أفضية محصنة لا عمليات الاعتراض. والنتائج متشابهة مع القبة الحديدية أو بغيرها.
والاسطورة الثانية: يمكن ان نستدل على نسب الاعتراض المدهشة للقبة الحديدية من حقيقة أن 58 قذيفة صاروخية فقط أصابت مناطق مأهولة. فعلى حسب المعطيات التي نشرها الجيش الاسرائيلي، نجحت القبة الحديدية في اعتراض 421 قذيفة صاروخية من 479 قذيفة التي أطلقت على مناطق مأهولة (نسبة 90 في المائة نجاح). لكن المعطيات على الارض هنا ايضا لا تلائم معطيات الجيش. فعلى حسب معطيات المنطقة الجنوبية للشرطة، اعتنى مفككوا الألغام بـ 109 قذائف صاروخية وقعت في مناطق مأهولة في منطقتهم. وتبين تقارير وسائل الاعلام في ايام القتال أنه حدث على الأقل 104 سقوط لقذائف صاروخية في مناطق مأهولة في الجنوب. وينبغي ان نضيف اليها القذائف الصاروخية التي أصابت منطقة الوسط، أي أن العدد الحقيقي للقذائف الصاروخية التي أصابت المناطق المأهولة التي دافعت القبة الحديدية عنها هو ضعف ما أبلغ عنه الجيش على الأقل. ويتبين من هنا ان نسب نجاح القبة الحديدية بعيدة كثيرا عن 90 في المائة.
يُبين فحص منظمة ‘كيشف’ علامات سؤال ايضا تتعلق بصدق تقارير الجيش الاسرائيلي. ففي ذروة عملية عمود السحاب مثلا في يوم السبت 17 تشرين الثاني 2012 أفاد متحدث الجيش الاسرائيلي عن وقوع 33 قذيفة في منطقة مأهولة. وبعد ذلك بيومين أفاد المتحدث عن وقوع 37 قذيفة، أي بزيادة 4 قذائف سقطت في مناطق مأهولة. ومن فحص التقارير الجارية في وسائل الاعلام تبين أنه سُجل في هذين اليومين على الأقل 25 اصابة مباشرة لقذائف صاروخية في مناطق مأهولة في عسقلان وأسدود وسدروت وبئر السبع. وينبغي ان نفترض ان متحدث الجيش الاسرائيلي كان يعرفها.
وتثار علامات سؤال اخرى بالنظر في تقارير ضريبة الاملاك. فقد قُدم بعد العملية 3165 طلبا بسبب إضرار بممتلكات. أي أنه اذا كانت قد سقطت 58 قذيفة فقط في مناطق مأهولة فان الحديث عن 55 دعوى وقوع قذيفة. وفي مقابل ذلك قُدمت على أثر عملية الرصاص المصبوب 1883 دعوى بسبب اصابة 255 قذيفة صاروخية أي 7.4 دعوى في المعدل عن كل قذيفة صاروخية. وفي حرب لبنان الثانية وقع في مناطق آهلة نحو من 1400 قذيفة صاروخية كان كثير منها أكبر كثيرا من التي أُطلقت في عمود السحاب وتم تقديم 30 ألف دعوى. أي بمعدل 21 دعوى لكل قذيفة صاروخية. فليس واضحا كيف سببت القذائف الصاروخية في عمود السحاب خاصة ضررا أكبر بأضعاف. أربما يشهد ذلك على ان عدد القذائف الصاروخية التي أصابت مناطق مأهولة ليس 58 بل هو أكثر من ذلك كثيرا؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مبادرة ‘جديدة’ ونغمات قديمة
بقلم: زلمان شوفال ،عن اسرائيل اليوم
إنه ‘دراماتيكي’، و’تاريخي’، قال في ابتهاج عدد من الساسة من اليسار، وفيهم وزير في الحكومة، حينما سمعوا اعلان رئيس حكومة قطر في واشنطن بأن الجامعة العربية توافق على تأييد تفاوض سلمي على أساس خطوط 1967. ولا يوجد هنا تغيير في التوجه العربي في الصراع مع اسرائيل فضلا عن أنه ليس دراماتكيا ولا تاريخيا.
يمكن ان نعزي أنفسنا بأن ذلك الكلام يشهد بأنه أخذ يتشكل عند جزء من العالم العربي اعتراف بأن التهديد الايراني والهرج والمرج بسبب الربيع العربي يوجبان محاولة التوصل الى تسوية ما مع اسرائيل. وتطرق محللون مختلفون الى تصريح رئيس الوزراء القطري وكأن الحديث عن تجديد ‘المبادرة العربية’ قبل 12 سنة، لكن ينبغي ان نأمل ألا يكون الحديث عن ذلك لأن تلك ‘المبادرة’ لم تكن أكثر من إملاء فقط على اسرائيل باسلوب ‘أنظر وقدّس′ فقط، وتشتمل على تهديد خفي لتجديد العنف اذا لم توافق على جميع الطلبات ومسبقا. ويحسن ان نتذكر في جملة ما نتذكر أن تلك ‘المبادرة’ اشتملت ايضا على ‘حق اللاجئين في العودة’، وإن كان ذلك بصياغة خفية.
وفي مقابلة ذلك اذا جاءت الجامعة العربية أو الفلسطينيون اذا شئنا الدقة لأننا يجب ان نتوصل الى السلام معهم وقالوا الآن: ‘نحن نعود الى طاولة المباحثات بلا شروط مسبقة لكن هذه هي النقاط وفيها خطوط 1967 التي سنثيرها في التفاوض’، فان اسرائيل تستطيع ان ترد على ذلك بقولها: ‘تفضلوا، لكننا سنثير مطالبنا ومواقفنا ولن تكون خطوط 1967 جزءا منها’.
من الواضح ان الادارة الامريكية أدت دورا شديد الفاعلية في صوغ تصريح الجامعة (كما حدث قبل ذلك مع ‘المصالحة’ الاسرائيلية – التركية)، وينبغي ان نفترض أن النبأ الذي نُشر الاسبوع الماضي ‘على ألسنة اشخاص امريكيين ‘، وقال إن واشنطن تعمل على عقد مؤتمر قمة رباعي مؤملة تجديد التفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين، كان شبه اعداد في هذا السياق. وبرغم ان الادارة الامريكية فهمت ان الموضوع الفلسطيني ليس هو الأهم بين طائفة المشكلات في الشرق الاوسط وليس هو العامل المركزي في حدوثها، بيقين، فان واشنطن تعتقد ان التقدم في المسار الاسرائيلي الفلسطيني قد يساعد على انشاء مركز استقرار في المنطقة وعلى تشكيل الجبهة لمواجهة ايران.
وكذلك لم يتخل الرئيس اوباما تماما عن أمل أن ينجح فيما لم ينجح به أسلافه.
لم يترك اوباما في زيارته للقدس ورام الله شكاً في أن هدفه ما زال حل الدولتين على أساس خطوط 1967. ولا توجد أية اشارة الى الآن الى أن أبو مازن يميل الى الرجوع عن الاستراتيجية التي ترمي الى الالتفاف على كل تفاوض ذي شأن مع اسرائيل، إما باثارة شروط مسبقة (وهي الآن في الأساس الافراج عن المعتقلين) وإما بالتوجه الى دوائر دولية وفي مقدمتها الامم المتحدة.
أما بالنسبة لاسرائيل فقد يكون هذا الوضع فاتحة لاثارة أفكار، لكن يجب ان يكون واضحا ان السلام هو سير تاريخي لا برنامج زمني، ولهذا فان كل المواعيد المذكورة احيانا في وسائل الاعلام ليست ذات موضوع في الحقيقة. وستبقى ‘نافذة الفرص’ التي تكلم عنها وزير الخارجية كيري مغلقة ما لم تُسلم القيادة الفلسطينية والجامعة العربية على اختلاف اعضائها بوجود اسرائيل.
إن الأنباء عن تفكير في عقد مؤتمر قمة رباعي تلائم التوجه الامريكي التقليدي لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني (أو الاسرائيلي العربي بعامة)، أي البدء بمراسم مغطاة اعلاميا، ويُستحسن ان تكون عند درج البيت الابيض، وان تأمل ان يفضي ذلك الى شيء مهم في المستقبل لكنه لا توجد لمؤتمرات القمة هذه أية قيمة حقيقية اذا استثنينا بعدها الأعمالي، لتقديم الأهداف التي عُقدت من اجلها، أعني السلام. بالعكس ان مؤتمر قمة رباعيا قد يصبح في غضون وقت قصير مؤتمرا دوليا عاما من النوع الذي نجحت اسرائيل دائما في الامتناع عنه كي لا توجد في وضع واحدة في مقابل كثيرات.
لكن رفض مؤتمر تظاهر دولي لا ينفي اجراءات ممكنة لانشاء أحلاف أو تفاهمات بين اسرائيل وطائفة من دول المنطقة على أساس المصلحة المشتركة في شأن ايران. وينبغي ان نفترض ان توجه اسرائيل ردها على اقتراح الجامعة العربية نحو هذا الهدف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
من هذا لن تخرج مفاوضات
بقلم: باراك رابيد ،عن هآرتس
جلس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صباح أمس على مدى نحو ساعة مع الادارة العليا لوزارة الخارجية. وانتظر الحاضرون ان يسمعوا منه بارقة تناول لبيان ممثلي الجامعة العربية، ولكنه لم يقل كلمة.
ينبغي القول انه في البيان الذي تلاه رئيس الوزراء القطري، حمد بن جاسم، حول الاستعداد لـ ‘تعديلات طفيفة’ على خطوط 67 من خلال تبادل للاراضي ‘بالحد الادنى والمماثلة في حجمها’، لا يوجد من الجديد الكثير. فالحديث يدور عن اضافة ظلال. خطوة صغيرة جدا الى الامام. عمليا، مبدأ تبادل الاراضي طرح في كل جولات المفاوضات منذ كامب ديفيد 2000. ياسر عرفات وافق في حينه على تبادل للاراضي بحجم 3 4 في المئة من اراضي الضفة الغربية.
وفي المفاوضات بعد مؤتمر أنابوليس ايضا في 2007 وفي 2008، وافق الفلسطينيون على تبادل للاراضي بمدى 1.9 في المئة. في ايلول 2010، عندما عقدت عدة جولات محادثات بين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) عرض الفلسطينيون مرة اخرى وثيقة مكتوبة وفيها استعداد لتبادل الاراضي بمدى 1.9 في المئة من الضفة. في محادثات شفوية أعرب الفلسطينيون عن الاستعداد للمرونة الى درجة تبادل الاراضي بمدى 4 في المئة.
ومع ذلك، ليس كل يوم تخرج الدول العربية في بيان ايجابي، حتى وان كان قليلا، تجاه اسرائيل. في صباح يوم الثلاثاء، بعد ان اطلع على تصريح رئيس وزراء قطر باسم ممثلي الجامعة العربية، بدأ نتنياهو يعقد مداولات مع مستشاريه ومع بعض وزراء الحكومة على رد الفعل الاسرائيلي. في البداية فكر نتنياهو باصدار بيان رد ايجابي جدا.
ومع ذلك، فان العملية في يتسهار سرقت الاوراق وفقد نتنياهو الشهية لنشر رد رسمي ايجابي. وبدلا من الترحيب الرسمي لنتنياهو في في النهاية بلاغ بارد باسم ‘محافل سياسية’ يشكر الجامعة العربية على أنها تشجع الفلسطينيين على العودة الى المفاوضات.
ولم ينبع الرد الفاتر من نتنياهو على بيان الجامعة العربية فقط من العملية بل وايضا من حقيقة أنه رفض حتى اليوم القبول العلني لمبدأ أن تدار المفاوضات على اساس حدود 67 مع تبادل للاراضي. وعندما صرح الرئيس اوباما عن تأييده لهذا المبدأ في خطابه في ايار 2011 هاجمه نتنياهو بحدة في الحاضرة الشهيرة امام الكاميرات في الغرفة البيضاوية.
ويدعي موظفون كبار سابقون عملوا مع نتنياهو في ولايته السابقة بانه في محادثات مغلقة وافق على المبدأ، ولكنه رفض قول ذلك علنا. ورأى الامريكيون والفلسطينيون في موقفه دليلا على أنه غير معني حقا بتقدم حل الدولتين.
وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، الذي نجح في أن ينتزع من ممثلي الجامعة العربية البيان الجديد خاب أمله من رد نتنياهو الفاتر، ولكنه شدد على انه حقق تقدما في اعادة صياغة المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين.
مشكلة كيري هي أنه رغم مساعيه لدفع الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني الى الامام في الاسابيع الاخيرة، لم يطرأ اي حراك حقيقي. نتنياهو وأبو مازن بقيا متمسكين جدا بمواقفهما الاساس. الرئيس الفلسطيني يواصل المطالبة بتجميد البناء في المستوطنات، تحرير سجناء وادارة المحادثات على اساس خطوط 67 مع تبادل للاراضي.
يواصل رئيس الوزراء الاسرائيلي المطالبة ببدء المفاوضات بالبحث في مسائل الامن والاعتراف بدولة يهودية، ولا يعرض موقفا واضحا في مسألة الحدود، يرفض اتخاذ بادرات طيبة هامة تجاه الفلسطينيين ويعارض المفاوضات على اساس خطوط 67 مع تبادل للاراضي. في مثل هذا الوضع من الصعب رؤية محادثات السلام تتجدد قريبا. يبدو أن ما كان هو ما سيكون.
في لقاء مع كبار مسؤولي وزارة الخارجية اليوم أعلن نتنياهو مرة اخرى عن أن الاتفاق مع الفلسطينيين يرمي الى صد التهديد الذي يكمن في تحويل اسرائيل الى دولة ثنائية القومية. ولعل نتنياهو يفهم بان حل الدولتين ضروري لمواصلة وجود المشروع الصهيوني، ولكنه يكاد يكون لا يفعل شيئا كي يحث هذا الشأن. وبدلا من اتخاذ مبادرة سياسية يواصل الانشغال في شؤون الاعلام أساسا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
