-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 396
اقلام واراء محلي 396
في هذا الملـــــف:
- حزب الله والأجندة الطائفية القذرة
بقلم: زياد ابوشاويش - معا
- ربيع أكثر.. أمل أكبر!
بقلم: حسن البطل - الايام
- هذا أوان إعادة رسم الخرائط !!
بقلم: هاني حبيب - الايام
- مبادرة أردنية شجاعة
بقلم : حمادة فراعنة - الايام
- سيدي الشعب....
بقلم: د. غسان عبد الله – القدس
- الأحد... وكل يوم أحد ...دعوة لإعادة النظر في الوضع المتفجر بالقدس
بقلم: المحامي زياد أبو زيّاد - القدس
- الغابة الحقيقية خلف الاشجار!
بقلم: بسام الصالحي – القدس
- جدلية التهويد و«التطييف»
بقلم: خيري منصور - القدس
- تغريدة الصباح - المغني والأغنية
بقلم: يحيى يخلف - الحياة
- في القدس إسرائيل تمارس الاستفزاز
بقلم: يحيى رباح - الحياة
- بلدوزر « الجماعة « !!
بقلم: موفق مطر - الحياة
حزب الله والأجندة الطائفية القذرة
بقلم: زياد ابوشاويش - معا
السؤال الذي باتت الاجابة عليه ملحة وضرورية لوقف تداعيات المخطط الإجرامي لاشعال الحريق في المنطقة والمس يالأمن القومي العربي والاسلامي هو: لماذا يتم التركيز حالياً على تشويه سمعة حزب الله واستدراجه لمعركة مذهبية قذرة في لبنان وسائر المنطقة العربية؟.
الذين يستهدفون حزب الله بالسوء وحتى يبعدوا عن أنفسهم صفة المرتزق والمأجور أو كي يظهروا أنفسهم بمظهر المحلل الموضوعي والكاتب المتزن لا ينكرون فضل حزب الله على هذه الأمة حين نجح مرتين في تحقيق الانتصار على العدو الصهيوني بل هم يقولون أكثر من ذلك حين يشيرون إلى صدق الحزب حين يعد ووفائه حين يعاهد، وإلى الشجاعة والحكمة والصدق الذي يتحلى به رئيس هذا الحزب وقائده السيد حسن نصر الله.
هؤلاء القوم كثفوا في الآونة الأخيرة من هجومهم على حزب الله واتهموه بالمشاركة في القتال الجاري على الأراضي السورية الذي تشارك فيه الحكومة السورية والجيش العربي السوري من جهة وبين الجيش الحر وعصابات الارهابيين والمرتزقة من الجانب الآخر. هذه الاتهامات جاءت غداة الانتصارات التي يحرزها الجيش السوري النظامي في منطقة حمص وتحديداً قرى القصير المحاذية للحدود اللبنانية السورية والتي تمثل ركيزة هامة للمعارضة السورية المسلحة وأحد أهم قواعدها في سورية، حيث نجح الجيش في استعادة عشرات القرى والمواقع من أيدي المسلحين وقضى على أعداد كبيرة منهم ما أثار حفيظة القوى المناوئة للنظام والقيادة السورية ووضعها أمام تساؤلات محرجة تتعلق بمصير كل هذه الحرب التي استعانت فيها المعارضة بكل أعداء سورية التاريخيين والجدد واستقدمت لهذا الغرض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عصابات النصرة والمرتزقة من كل أصقاع العالم حتى بلغت أعدادهم الأربعين ألفاً وما يزيد عن ذلك بكثير ولم تفلح في إسقاط النظام أو زعزعة تماسك الجيش والحكومة السورية.
ليس هنا مجال تعداد ما قدمه حزب الله للعروبة والاسلام لكن يكفيه فخراً أنه قدم النموذج الحقيقي على كيفية المزج بين الدين الاسلامي في أكثر وجوهه إشراقاً وهي نصرة الحق والدفاع عن المظلومين وبين الانتماء القومي والتمسك بشعارات الوحدة العربية والتضامن العربي بعيداً عن الشعارات المذهبية والترويج لها بخلاف غيره من الأحزاب المعروفة.
يقولون أن حزب الله يدين للمذهب الشيعي وأنه يد إيران في المنطقة وأن ولاءه للمذهب يسبق ويعلو على أي انتماء أو التزام فهل سلوك الحزب السياسي وتحالفاته العربية تؤكد هذا أم تنفيه؟
في الانتماء الديني والمذهبي لا ينكر حزب الله تلك الاقاويل بل يؤكدها، وجاء على لسان رئيس الحزب احترامه لولاية الفقيه وتمسكه بما يؤمن به على صعيد الالتزام الديني وهذا أمر طبيعي ولا يدان الناس على قناعاتهم الفكرية والدينية، ولكن هل فاضل الحزب وقائده بين الانتماء لقومه وأمته العربية وقضيتها المركزية وبين الانتماء لمذهبة ومرجعية الولي الفقية فانحاز للثانية على حساب الاولى؟ حتى اليوم نجد حزب الله ملتزماً ومنضبطاً تجاه أمته والقضية الأم في ذات الوقت الذي لا يخفي انتمائه وقناعاته المذهبية التي لا تدخل ضمن برنامجه السياسي وهذا هو المهم.
إن حديث جورج صبرا (الذي تولى قيادة المعارضة الخارجية بدلاً من معاذ الخطيب) قبل يومين عن تدخل حزب الله في معارك القصير واحالة هزائم المعارضة هناك لتدخل الحزب وقتاله بجانب الجيش السوري لم يأت من فراغ أو كردة فعل فقط على تقدم الجيش النظامي، بل يجيء في سياق كم هائل من الاتهامات الموجهة لحزب الله ونشر الاكاذيب حول دوره في المنطقة والهجوم المنسق على كل من يتخذ موقفاً عربياً صحيحاً من الأزمة السورية، موقف يضع وحدة سورية وعروبتها كأولوية مطلقة في مواجهة الهجوم الشامل والتآمر الامبريالي الرجعي عليها من جانب أعداء الأمس وعملائهم في المنطقة.
ما يجري في لبنان كما نسمع ونرى يؤكد ما ذهبنا إليه من وجود أجندة شيطانية تديرها الولايات المتحدة وعملاؤها في المنطقة لشيطنة حزب الله تحديداً باعتباره الجهة العربية التي مثلت ولا تزال قيمة الكرامة والتحدي لغطرسة القوة والعدوان من جانب أمريكا والكيان الصهيوني ومخطط أسرلة المنطقة وأمركتها.
إن الحديث عن تدخل عسكري لحزب الله في الأزمة السورية بدأ منذ اليوم الأول للقتال حين تحولت المعارضة السورية السلمية إلى العنف وكان واضحاً آنذاك أن الأمر يتعلق بمماحكات الواقع اللبناني ومساجلاته المعروفة يضاف إليها النظرة العامة لعلاقات قوى الممانعة والمقاومة ببعضها وأن الطبيعي هو وقوف الحزب إلى جانب القيادة السورية التي قدمت له كافة أشكال الدعم والصمود وهذا أمر يدل على الوفاء وفي صالح الحزب أخلاقياً، ومع هذا لم يكن لكل ما قيل عن تدخل الحزب عسكرياً ولا حتى ايران المستهدفة قبل حزب الله ظل من الحقيقة على الأرض وفي الواقع.
الوقائع كما الوثائق لم تؤكد في أي يوم وحتى الآن ما يقال عن تدخل حزب الله بشكل رسمي أو بقرار سياسي في الأزمة السورية وحين شارك مقاتلون مؤيدون أوينتمون لحزب الله للدفاع عن أنفسهم في القرى السورية الواقعة على الحدود اللبنانية إنما كانوا يمارسون حقاً كفلته لهم كل القوانين والتشريعات الدولية وحقوق الانسان ولم ينكره حزب الله. المعركة الجارية اليوم أكبر من القصير ومن كافة المساجلات السطحية التي تحاول جر المعركة لمواجهة عربية عربية بدلاً من مواجهة المؤامرة الشاملة على المنطقة العربية بعد أن تأكد للجميع أن الربيع العربي بات في يد الغرب الرأسمالي الامبريالي المستعين بأدواته من الرجعيين العرب، وأن المخطط أشمل حتى من الحرب على سورية حيث يطال مستقبل الأمة العربية لسنوات طويلة قادمة.
إن التوقف عن ممارسة النفاق والضحك على الناس هو أقصر طريق لخدمة الصمود العربي في مواجهة التدخل الخارجي لتدمير الوطن العربي وإعادة انتاج سايكس بيكو من جديد وبشكل أكثر ظلامية وإجراماً، ولا حجة لأي جهة أو شخص في القول بعد خراب مالطا "أنا لم أكن أعرف".
ربيع أكثر.. أمل أكبر!
بقلم: حسن البطل - الايام
شيء من جيشان وفوضى "ساحة التحرير" القاهرية كان، أمس، في قاعة جلسة أخرى، لمحاكمة أخرى للرئيس المصري المخلوع. سمح القاضي الثرثار (على غير عادة القضاة) لمن شاء من المحامين أن يترافعوا ضد رئيس يرتدي نظارة قاتمة، وهذه عادته، لكن خلف قضبان القفص، وهذا صار مألوفاً منذ جولات محاكماته.. والجديد منذ جولتين هو الجلوس على كرسي لا على سرير المريض!
مصر، أرض الكنانة، أم "الربيع العربي" (وتونس باكورته).. وأكبر خيباته، وسورية أرض معركة الفصل.. شعباً ونظاماً!
في "ربيع ليبيا" انتهى الطاغية إلى موت شنيع، وطاغية العراق علق على الأنشوطة (أرجوحة الرجال؟) بعد محاكمة رتبها الغزاة.. لكن "الفرعون الثالث" في جمهورية مصر ـ العسكرية، نال درجات من المحاكم ومحاكمات أطول.
المعنى؟ ثلاثة قادة مستبدين خُلعوا، ولاقوا جزاء (قل إنه عادل، نصف عادل، أو جائر)، لكن النتيجة أنه، خلال عشر سنوات، سقطت هيبة الحاكم العربي المستبد، ومعها تحطم "حاجز الخوف" الشعبي من نظامه وأجهزته، وعلى كل حاكم عربي أن يحسب حساباً لآخرته بيد شعبه. هذه نتيجة من نتائج مقدمات "الربيع العربي" وهي تشفع قليلاً للخيبة منه.
الأهم من مصير القادة ـ الطغاة، أن حرية الرأي في الصحافة وعلى لسان الناس وفي صناديق الاقتراع، دخلت حقبة جديدة في الحياة السياسية العربية، وفي علاقة الشعب بقيادته ونظامه.
مثلاً، صحيح أن الإسلاميين في تونس صار لهم اليد العليا في حكم ما بعد نظام بن علي، لكن الصحافة التونسية والشارع في تونس، يوجهون نقداً كتابياً وشفهياً وإلكترونياً للنظام الجديد "المنتخب" أكثر مما كانوا يجرؤون على انتقاد النظام السابق "العلماني".
في مصر، يمكن القول بشكل أكبر إن الصحافة صارت حرّة أكثر تحت حكم الإسلاميين مما كانت عليه تحت حكم مبارك، وتحت حكم مبارك أكثر مما كانت عليه تحت حكم السادات، وتحت حكم السادات أكثر مما كانت عليه تحت حكم عبد الناصر!
في مصر، دولة حقيقية، وجيش وطني، ومؤسسات، وقضاء أكثر نزاهة واستقلالاً من باقي أجهزة القضاء العربي، والآن، حرية رأي وتظاهر أكثر من أي وقت مضى.
ماذا عن سورية؟ حتى لو كان مصير الطاغية بشار الأسد كمصير صدام حسين، أو بن علي، أو القذافي.. أو خلف القضبان مثل مبارك، فإن هيبة الرئيس، ونظامه، وأجهزة أمنه قد سقطت بعد شهور من اندلاع ثورة شعبية سلمية، قبل أن تتحول اقتتالاً داخلياً، وتدخلاً إقليمياً وخارجياً ودولياً.
حتى لو انتصر النظام السوري، وبقي الرئيس السوري في الحكم، أو حتى لو فاز في انتخابات 2014، فإن سورية سوف تتغير، لأن الناس حملوا السلاح، ولأن تماثيل رأس النظام أُسقطت وأُهينت.. ولأن الصحافة الموازية للصحافة الرسمية قد نشطت، سواء مطبوعة أو إلكترونية، الشعب يسفح من دمه ما يكافئ ما سفح النظام الجائر من عرقه.
الشعوب العربية خرجت من قمقم القمع ومن خوفها، ومن تبجيلها ورضوخها للحاكم، وما عادت تطيق الخطاب القديم عن الوطن والنظام والرئيس و"الممانعة" والمقاومة.
موازنة الخيبة والأمل من "الربيع العربي" ستميل حيناً نحو الخيبة والشوق للأمن في النظام السابق، وستميل حيناً نحو الأمل والحرية والديمقراطية.
عمر "الربيع العربي" سنوات معدودات، وعمر الديمقراطية العربية، منذ إعدام صدام، أقل من عشر سنوات، وعدوى "الربيع العربي" وفوضاه برهنت أن هناك شيئاً يسمى "العالم العربي" رغم الانكفاء القطري والمذهبي.
.. وأن هذا العالم العربي سيمرّ في مخاض عسير لسنوات وعقود قبل أن يستقر الأمر للربيع الحقيقي والديمقراطية الحقيقية.
ففي الأقل، فإن الإسلاميين المنتخبين بعد سقوط الطغاة يلاقون نقداً واحتجاجاً فور انتخابهم، أي بعد زمن أقصر كثيراً مما لاقاه المستبدون العلمانيون من تمجيد ومن خوف ومن رضوخ.
خيبة أقل، وأمل أكثر، وربيع أكثر.
هذا أوان إعادة رسم الخرائط !!
بقلم: هاني حبيب - الايام
على خلفية ما يجري في منطقتنا العربية من تداعيات ومتغيرات، استدعت مراكز البحث وآليات صناعة القرار في أكثر من بلد ومنطقة، ما كان قد صدر عنها في أوقات سابقة حول خريطة سياسية جديدة للشرق الأوسط وعلى الأخص المنطقة العربية، مشيرة إلى أن الآليات "التلقائية" لنتائج "الربيع العربي"، قد تؤدي إلى تقسيم معظم الأقطار التي ألمّت بها رياح التغيير، سواء على أسس ذات طابع إثني قومي، أو طائفي أو مذهبي أو مناطقي، ما يحدث في جنوب مصر العربية حول إثارة مشكلة "النوبيين" من جديد، يقابله حديث عن محاولات استغلال ولاية برقة في ليبيا، دون اغفال للمشكلات المتعلقة بالأمازيغ في ليبيا والجزائر، ناهيك عن الطابع الانفصالي لأكراد العراق والذي يذكّرنا بموقف بعض القوى الكردية من أحداث سورية الجارية حتى الآن، وكذلك تصدر المشكلات الطائفية والمذهبية غرب العراق الذي يشهد انتفاضة مستمرة منذ حوالي ثلاثة أشهر، قد تؤدي إلى اللجوء إلى خيار الانفصال إذا لم تستجب حكومة المالكي التي توصف بأنها حكومة الشيعة في العراق لمطالب المحتجين من أهل السنة في العراق، الخليج العربي ليس استثناءً بهذا الصدد، ما يجري في البحرين، وشرق السعودية، يقترب مما يجري في اليمن ونشاط جماعة الحوثي الانفصالية في الشمال، والتي تسيطر على منطقة تتمتع بالحكم الذاتي من الناحية الفعلية، إضافة إلى دعوات في الجنوب للانفصال والعودة إلى اليمن الجنوبي، أو تلك المنطقة التي كانت تسمى في وقت سابق جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
الأحداث التي تشير إلى تشظي الخارطة العربية تتوازى في الواقع مع نمو قوى إقليمية كبرى لا يمكن لها أن تلعب دوراً مؤثراً إقليمياً ودولياً إلاّ على أنقاض مصادر القوة العربية، وتلعب هذه القوى في الوقت الحالي، دوراً بارزاً في التأثير على الأوضاع العربية الداخلية وبشكل مباشر، والقصد هنا كل من تركيا وإيران، ويجري الحديث بين السطور حول عودة الإمبراطوريتين، العثمانية والفارسية من جديد لتتحكما في مصائر المنطقة العربية، في استعادة مستنسخة من اتفاقية "سايكس بيكو" إثر نتائج الحرب العالمية الأولى العام 1916، واقتسام المنطقة العربية بين الإمبراطوريتين الاستعماريتين، بريطانيا وفرنسا، وإذا كانت هذه الاتفاقية قد تمت إثر حرب عالمية، فإن الحروب الصغيرة، لكن المدمرة، والتي تجري بأشكال مستجدة في معظم أصقاع الوطن العربي، ما يهيئ لهذا الاقتسام الذي ليس بالضرورة، أن يتم عّبر اتفاقيات ومعاهدات، بل عبر تدخلات ومناطق نفوذ، وموالين لسياستها أو مذهبها أو بحكم الجوار.
إلاّ أن استرجاعا مستنسخا ومنقّحا للإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية، لا يعني اقتساماً للمنطقة عبر توافقات فيما بينهما، إلاّ أن الصراع يظلّ سرياً ومكتوماً، وعودة المياه الى مجاريها بشكل علني بين أنقرة وتل أبيب على يد وساطة أميركية مؤخراً، يشكل أحد مظاهر هذا الصراع، فبينما تهدد إسرائيل يومياً بمهاجمة إيران على خلفية برنامجها النووي، تزداد أواصر الصداقة والمودة بين تركيا وإسرائيل، هذه الأخيرة تظل في الوسط ليس جغرافياً وليس سياسياً، ولكن في أساس وجوهر عملية إعادة رسم خريطة المنطقة برمتها انطلاقاً من جوهر كل القضايا، القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الإسرائيلي.
قبل خمس سنوات، نشر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، خطة وضعها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي في تلك الفترة، غيورا ايلاند، تنطلق من فشل كل مبادرات السلام على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، منذ مؤتمر مدريد عام 1993، مروراً باتفاق أوسلو، ثم حل دولتين لشعبين وخارطة الطريق في عهد الرئيس الأميركي بوش، الأمر الذي يشير إلى ضرورة الخروج من إطار هذا السعي الفاشل للتوصل إلى اتفاقيات نهائية تجعل الصراع خلفنا، تقترح خطة ايلاند حلاً نموذجياً، يتنازل فيه العرب للفلسطينيين وإسرائيل، لإقامة دولتين متجاورتين بخارطة جديدة كل الجدة، بعيداً عن قرارات الأمم المتحدة التي أسهمت في تعقيد مشكلة الأرض بدلاً من حل القضية، وبمقتضى هذه الخطة تتنازل مصر عن 720 كيلومتراً لتوسيع قطاع غزة، إضافة إلى شريط بحري بطول 24 كيلومتراً يمتد من رفح إلى العريش، وبحيث تصل هذه المساحة كاملة إلى حوالي 4000 كيلو متر مربع، وبحيث تتضاعف مساحة قطاع غزة ثلاث مرات. بينما تتنازل إسرائيل لمصر، بدلاً من ذلك، عن مساحة قريبة من صحراء النقب.
خطة جموحة وخطرة وتفصيلية، تتسع لحلول اقتصادية وتجارية ومشاريع واستثمارات وتحلية مياه البحر، واكتشافات النفط والغاز، خارطة جديدة تفسر الافشال القسري للعملية التفاوضية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، لكنها خطة لم تكن الظروف تسمح بالاقتراب منها، والآن بعد خمس سنوات من طرحها في السوق السياسي، تعاود بعض الأطراف طرحها من جديد، أطراف تحاول أن تشير إلى مخاطرها، وأطراف أخرى تعتبرها بديلاً محتملاً لعملية السلام التي تسعى إدارة أوباما الثانية لاستنهاضها من جديد، ولعلّ الحديث عن دور عربي في هذه العملية، ودور أردني محتمل بعدما عاد العاهل الأردني وصياً على الأراضي المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، وكذلك، حديث بعض العرب عن تعديل المبادرة العربية حول "تبادل أراض". في كل ذلك ما يشير إلى دور عربي قادم، يساهم في رسم خريطة جديدة في المنطقة، تحت وقع الدور الإسرائيلي، بالشراكة مع أطماع الإمبراطوريتين، الفارسية والتركية، وبرعاية الراعي الذي لا تغيب عنه الخطط، الولايات المتحدة الأميركية!!
مبادرة أردنية شجاعة
بقلم : حمادة فراعنة - الايام
توصية مجلس النواب الأردني، بالعمل على طرد السفير الإسرائيلي من عمان، واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب، قرار جريء، غير مسبوق له معان ودوافع سياسية وطنية وقومية، سيشكل بداية تحرك، وبداية موقف على طريق "بداية الرقص حنجلة". فالتوصية تمت من قبل مجلس النواب الذي أقر معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية العام 1994، وهو الذي منحها الشرعية والاستمرارية حتى يومنا هذا، ورئيس مجلس النواب سعد هايل السرور، سبق وأن أقر البرلمان المعاهدة حينما كان رئيساً له، وغاب عن المجلس ليكون وزيراً للداخلية، وها هو يعود لرئاسة مجلس النواب، لتتخذ التوصية في عهده أيضاً، واللافت للانتباه أن مجلس النواب الأردني أقر المعاهدة بواقع 54 نائباً من أصل 80 نائباً أعضاء مجلس النواب في ذلك اليوم، أما اليوم فالتوصية بطرد السفير الإسرائيلي من عمان واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب تمت بإجماع 150 نائباً أعضاء المجلس مجتمعين.
قد لا تكون التوصية ملزمة للحكومة، أو قد يتم التوصل إلى تسوية في كيفية التعامل معها، وقد لا تؤدي إلى إلغاء معاهدة وادي عربة، ولكنها بداية عمل سياسي شجاع في مواجهة المشروع الاستعماري الإسرائيلي ومشاريعه التوسعية، وإجراءاته العدوانية، وسيكون لها أثر بالغ في كسر الجمود العربي في رفض السياسة الإسرائيلية، وفي تغيير صيغ التعامل العربي مع إسرائيل.
لم يكن لمجلس النواب الأردني قيمة سياسية كبيرة، مثله مثل سائر البرلمانات العربية الشكلية، في عهد ما قبل الربيع العربي، ولكن مجلس النواب الأردني اليوم، ورغم تشكله من قوى محافظة ووسطية وغياب معارضة حزبية يسارية أو قومية أو إخوان مسلمين جدية، ولكن التصويت على منح الثقة للحكومة دلل على وجود معارضة جدية حتى ولو لم تكن لها أصول أو دوافع حزبية منظمة ولكنها بداية لوجود تباينات داخل المجلس تعكس التعددية في المجتمع الأردني، ولكنها فيما يتعلق بفلسطين، فالجميع موحد في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وحماية مقدساته الإسلامية والمسيحية، وصموده على أرضه، مثلما يقف الجميع البرلماني، ضد السياسة العدوانية الاستعمارية التي تنتهجها حكومة نتنياهو السابقة واللاحقة، وغدت مظاهر التوسع والاستيطان سياسة رسمية معلنة لحكومات إسرائيل التي لا تحترم معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية ومتطلباتها ودوافعها، وفي طليعتها وسبب التوصل إليها وحجتها، التوصل إلى اتفاق فلسطيني إسرائيلي يؤدي إلى ولادة دولة فلسطينية وفق اتفاق أوسلو، وما دام لم تصل الخطوات الإجرائية إلى هذا الهدف، وتؤدي إلى تكريس الاحتلال ومشاريعه التوسعية الاستعمارية، وتنسف السياسة الإسرائيلية دوافع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية ومبررات وجودها وذرائع التوصل لها، فسيؤدي ذلك إلى تغيير الموقف إلى إعادة النظر بالمعاهدة وصولاً إلى إلغائها كما حصل مع المعاهدة الأردنية البريطانية العام 1956.
السياسة الإسرائيلية لا تفهم قول كبار القادة الأردنيين حينما يقولون إن قيام دولة فلسطينية على الأرض الفلسطينية مصلحة إستراتيجية عليا للدولة الأردنية، وأكثر من ذلك فهم لا يحترمون حتى بنود المعاهدة الأردنية الإسرائيلية التي تتحدث عن مسألتين جوهريتين:
أولاهما: تشكيل لجنة رباعية أردنية إسرائيلية فلسطينية مصرية لعودة النازحين الذين خرجوا أو طردوا بعد حرب حزيران 1967، ويجب تسهيل عودتهم إلى الضفة والقدس والقطاع، وهذا لم يحصل للآن.
وثانيهما: احترام المقدسات الإسلامية والمسيحية باعتبار مرجعيتها أردنية حتى تقوم الدولة الفلسطينية، فالاعتداء على المقدسات من قبل الإسرائيليين يشكل عامل استفزاز وطنياً وقومياً ودينياً للأردنيين يصعب السكوت عليه وتمريره، وهذا هو الذي دفع مجلس النواب الأردني كي يتخذ قراره وتوصيته.
قرار مجلس النواب الأردني، وتوصيته سيشكل عامل إحراج للحكومة الأردنية، مثلما سيشكل حوافز للبرلمان المصري، وعامل إحراج كبيراً للإخوان المسلمين في مصر وغيرها، وسيضع ملف العلاقات العربية الإسرائيلية على طاولة البحث والاهتمام، رداً على الإجراءات والسياسات الإسرائيلية نحو القدس وسائر المناطق الفلسطينية مثلما شكل رداً على مبادرة وفد الجامعة العربية برئاسة قطر لعرض التبادلية في الأرض مع الإسرائيليين نزولاً عند ضغط الأميركيين وتحركات الوزير جون كيري.
توصية مجلس النواب الأردني، تشبه مبادرة التونسي محمد بو عزيزي الذي حرق نفسه احتجاجاً على إجراءات البلدية، فكان استشهاده الشرارة التي فجرت الثورة التونسية، والشرارة التي فجرت الربيع العربي وأسقطت أنظمة السلام العربي مع المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
سيدي الشعب....
بقلم: د. غسان عبد الله – القدس
قبيل اقتراب موعد ذكرى نكبة 1948 ، برزت من جديد فكرة تبادل الاراضي ، وذلك من خلال التعديل الذي أدخله الوفد العربي الى واشنطن ، للقاء وزير الخارجية الامريكي ، على مبادرة جامعة الدول العربية لسنة 2000 بغية ايجاد تسوية للصراع العربي الاسرائيلي .
قبل الخوض في : لماذا يجب رفض فكرة التبادل هذه ، لا بد من تناول التسلسل التاريخي لميلاد الفكرة ومن ثم كشف الهدف الاساس الكامن وراءها .
تعود جذور فكرة التبادل الى ما بعد احتلال اسرائيل لما تبقى من فلسطين 1967 ، حين صرّح إيغال ألون (أحد قادة جماعات الهاجاناة ، ونائب رئيس وزراء بعد حرب 1967 ومن ثم وزيرا للخارجية) بأنه بات من اللازم ايجاد حدود جديدة لاسرائيل وأن حدود 1967 لم تعد حدودا سياسية نهائية لاسرائيل .
وظّف إيغال الون قرار هيئة الامم المتحدة رقم 242 في خدمة تصوره ، هذا القرار الذي نصّ على " انسحاب اسرائيل من أراض احتلتها في النزاع الاخير " ولم يذكر القرار من " جميع ألاراضي ".
اسحق رابين ، وفي خطابه أمام الكنيست الاسرائيلي قبل اغتياله عام 1995 قال ، " في الوقت الذي أطلب من الكنيست التوقيع اليوم على المعاهدة التي وقعتها مع القيادة الفلسطينية في واشنطن ، يدرك الجميع ان معنى أمن اسرائيل يعني التمسك بوادي الاردن وابقاء القدس موحدة بيد الاسرائيليين .
بنيامين نتنياهو اعتبر فكرة التبادل بمثابة نكتة ، مؤكدا أن اسرائيل ليس لديها أرض يمكن أن تعطيها في اطار معادلة التسوية التي طرحها باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة خلال خطابه الاخير الذي دعا فيه الى استئناف المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين مع قبول فكرة تبادل الاراضي .
ينبع موقف نتنياهو هذا من فهمه وتمسكه بأهمية موضوع الكتل الاستيطانية التي يعتبرها أداة للسيطرة على أكبر عدد ممكن من المستوطنات لا سيما تلك الجاثمة خلف جدار الفصل . اذن هو يرفض فكرة أوباما الانسحاب الكامل من الضفة الغربية ، ويصر على امكانية اعادة موضعة الوجود الاسرائيلي مع ابقاء أكبر عدد من المستوطنات تحت السيطرة الاسرائيلية .
ايهود أولمرت ، وأثناء المفاوضات مع القيادة الفلسطينية ، عرض فكرة تبادل ما نسبته 6.5% من أراضي ألضفة الغربية مستشهدا بما جرى من تبادل بين المملكة الاردنية الهاشمية و المملكة العربية السعودية .
أما مسوغات فكرة التبادل هذه ، وحسب وجهة النظر الاسرائيلية ،فتعود الى الزعم للحاجة الامنية . أخشى أن ينطلي هذا الزعم والتبرير الواهي على المفاوض الفلسطيني جرّاء زخم الحملة الاعلامية للترويج لفكرة التبادل من قبل الحكومة الاسرائيلية وحليفتها الولايات المتحدة .
اذا كانت اسرائيل تريد حماية أمنها ، فمن الذي سيحمي أمن الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح من اسرائيل ! أثبتت كافة الحروب في المنطقة أن الامن لا يتأتى من خلال السلاح والحدود بقدر ما يجب أن يكون وليدا للمفاوضات واتفاقيات سلام عادلة .
وفقا لاحدى توصيات المؤتمر السنوي للمجلس الاسرائيلي للسلام والامن مؤخرا ، بأن اسرائيل لا تواجه خطرا أمنيا لا في المستقبل القريب ولا البعيد و لا يمكن ضمان أمن اسرائيل عن طريق تبادل الاراضي . ويستطرد المجلس في تقريره الى أن أكثر ما يمكن أن تواجهه اسرائيل هو حرب عصابات أو هجوم بأسلحة بالستية لن ينفع معها تبادل الحدود ، وأن ما يضمن أمن اسرائيل فعلا هو التوصل الى حل الدولتين على حدود عام 1967 مع ضمان ترتيبات أمنية واضحة مع جميع الفرقاء .
مثل هذه التصريحات من قبل مؤسسة يهودية اسرائيلية تضم ويتزعمها نخبة من القادة الامنيين الاسرائيليين السابقين ، يجعل من مقولة أن غور الاردن وغربي الضفة الغربية عمق استراتيجي لاسرائيل ، مقولة مليئة بالسخرية والاستهزاء .
ومما يدعم ذلك كون الجيش الاسرائيلي يمتلك الذخيرة والعتاد والتكنولوجيا القادرة على صدّ أي حرب على اسرائيل ولنستذكر سوية حروب 1956 و1967 و1973 .
عودة الى الهدف الفعلي وراء فكرة التبادل الخطرة وسرعان ما تبنتها الادارة الامريكية حليفة اسرائيل ، وللأسف تلقفها البعض من الحكام العرب كما اتضح في الاعلان عن قبول فكرة التبادل بعد تعديل المبادرة العربية ، وأخشى أن يتم قبولها فلسطينيا بموجب مبررات وحجج ومسميات مختلفة .
ان الاصل في فكرة التبادل هذه هو ضمان والابقاء على التوسع الاستيطاني وليس كما يحاولون الادعاء الحفاظ على أمن اسرائيل . النتيجة الحتمية للقبول بفكرة التبادل هو ليس فقط ابقاء المستوطنات الاسرائيلية الكبيرة منها وبعض ما يمكن من تلك المستوطنات الصغيرة ، بل وأيضا شرعنة الوجود الاستيطاني هذا دوليا وعربيا وفلسطينيا لا سمح الله . أضف الى ذلك الاقرار نهائيا كما لو أن الارض الفلسطينية المحتلة عام 1948 باتت حقا وملكية اسرائيلية مطلقة معترفا بها فلسطينيا ، ولها الحق في التصرف بها كما تشاء ، الامر الذي : -
- سيعود بنتائج سلبية على أهلنا المرابطين وراء الخط الاخضر وبالتالي قد تجد دعاوى الترانسفير والترحيل نوعا من الشرعنة الدولية والعربية والفلسطينية اذا ما قبلنا بها .
- يمثل حق العودة للفلسطينيين أحد الثوابت الفلسطينية التي يجمع عليها كافة الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية . اذا ما قبلنا بفكرة التبادل هذه وأصبحت اسرائيل هي المالك المطلق للأرض ، الى أين سيعود اللاجئ الفلسطيني !!!
- تعمل الحكومة الاسرائلية جاهدة للترويج للفكرة كأداة شرعية يتم توظيفها للتخلص من الخطر الديمغرافي ، وكذلك تثبيت أرجلها وبشكل شرعي في مناطق محددّة في الضفة الغربية وبأخص القدس المحتلة.
- تعتمد فكرة المبادلة على مفهوم سياسة الامر الواقع مثلما اعتمد ايغال الون على قرار الامم المتحدة 242 " الانسحاب من أراض محتلة " . تتمثل سياسة الامر الواقع اليوم في الاستيطان والمستوطنات والحاجة الانسانية لاستيعاب اعداد المستوطنين . ان مراجعة سريعة للموقف الدولي بما فيها مواقف الادارة الامريكية المختلفة والتي جميعها يعتبر الاستيطان غير شرعي وغير مبرر وهو مخالف للمواثيق الدولية وأن هذه الاراضي هي اراض محتلة وليس متنازعا عليها .
وهنا نسأل أنفسنا : لماذا نقوم نحن بتشريعها عبر القبول بالتبادل ؟
- في حال قبول فكرة التبادل ، أليس ذلك بمثابة خرق وانتقاص لقرار واعتراف 138 دولة بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب وذلك على حدود 1967 وعاصمتها القدس . أليس بذلك طعنة للموقف الدولي الداعم لنضال شعبنا المتواصل من أجل ازالة الاحتلال واقامة الدولة العتيدة !!!.
قد يتساءل المرء لماذا يتم الترويج الهائل للفكرة !
أرى أن هناك أسبابا عديدة تقف وراء ذلك لعل بعضا منها :-
مع تفاقم حدة الخروقات والانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة والمنافية للمواثيق الدولية وحقوق الانسان وبالتالي ردود الفعل الدولية الرافضة لهذه الخروقات وما نجم عنها من حالة عزلة دولية للحكومة لاسرائيلية ، الامر الذي دفع بالحكومة الاسرائيلية للاعلان عن استعدادها للعودة للمفاوضات وفق الاعتراف بيهودية الدولة وضرورة تطبيق فكرة التبادل ، وهي تدرك سلفا استحالة القبول بذلك فلسطينيا .
- رغبة الادارة ألامريكية في تحريك المفاوضات شكليا كونها لا تتعدى نموذج ادارة الصراع واظهار بأنها تحاول ولكن الفرقاء أو أحدهم يرفض المبادرة.
- رغبة بعض الانظمة في زيادة اثبات قدرتها على تنفيذ الدور المناط بها من قبل القوى المتنفذّة في المنطقة .
والاهم من ذلك ، وكما اعتدنا عليه ، ومع تفاقم الوضع في الشرق ألاوسط ، مثلما حصل أثناء الحرب الاولى على العراق تم تحريك وتفعيل الدور الامريكي والدولي لايجاد تسوية للصراع العربي الاسرائيلي ، فجاء مؤتمر مدريد وما تبعه من مفاوضات سرية نجم عنها اتفاقيات أوسلو التي أحكمت اغلاق فوهة القنينة على الفلسطينيين قيادة وشعبا .
ما يجري اليوم في سوريا الشقيقة من تدمير ومحاولات تركيع يائسة ، ومع ادراك حقيقة تميز الوضع السوري جغرافيا وتعدد سكاني ووجود تيار قومي كبير في سوريا ، ومع استحالة الحسم العسكري من قبل أي طرف ، فان أحد السيناريوهات المحتملة ، وأكثرها احتمالا ، هو قيام المقاومة الفلسطينية مدعومة من التيار القومي السوري الوطني الصادق وبضوء اخضر من الحكومة السورية ، باجتياز لحدود الهدنة بين سوريا واسرائيل . قد يلي ذلك تبعات اخرى على الجبهة اللبنانية وغزة والضفة الغربية .
في مثل هذه الحالة قد تسهم جهود الحراك السياسي الامريكي الاسرائيلي في تجميد مثل هذا السيناريو ، وسيساهم أيضا في دعم المواقف والحجج والتبريرات الاسرائيلية المدعومة أمريكيا.
الأحد... وكل يوم أحد ...دعوة لإعادة النظر في الوضع المتفجر بالقدس
بقلم: المحامي زياد أبو زيّاد - القدس
كانت القدس هذا الأسبوع حاضرة وبقوة على جدول الأعمال وتتصدر نشرات الأخبار وحديث الناس على حد سواء ليس على مستوى الأرض المحتلة وإنما على مستوى الإقليم والعالم ، وكان ذلك بفضل الأحداث التي وكبت احتفالات إسرائيل بما أسمته يوم القدس أو يوم " تحرير القدس" وفقا ً للتقويم العبري والذي صادف الثامن من الشهر الحالي.
فقد اتسمت الأيام التي سبقت ذلك بالتحريض والتهويش ودعوة الاسرائيليين للحضور بجماهيرهم للمشاركة في تلك الاحتفالات التي أراد منظموها أن تكون مظاهرة سياسية تؤكد " يهودية " القدس وتنفي أو تتجاهل أي وجود لغير اليهود فيها. ثم جاء يوم الثامن من أيار ليتدفق اليهود إلى القدس بشكل تظاهري استفزازي إن دل على شيء فإنما يدل على أنهم غير واثقين من أن القدس تحت أيديهم وأن كل تصرفاتهم الاستفزازية تأتي في إطار محاولة إقناع أنفسهم بأنها لهم وتحت تصرفهم . فهذه التصرفات الاستفزازية التي صدرت عنهم إنما هي كالخائف الذي يُصفر في الظلام لا طربا ًوإنما خوفا.
ولقد تجاهل الطرف الاسرائيلي اليهودي وجود غير اليهود في المدينة ولم يتردد أبدا في عرقلة ثم شل ّالحياة الطبيعية فيها ، سواء في مجالات حركة السير أو بواسطة المسيرات والتظاهرات الاستفزازية في قلب الأحياء العربية ، وإطلاق العنان للمتطرفين ليدخلوا المسجد الأقصى ويقيموا الطقوس اليهودية والتحرش بالمسلمين والمساس بمشاعرهم الدينية مما شكل دعوة سافرة لهم للرد على هذه التحرشات والأستفزازات دفاعا ً عن أنفسهم ومقدساتهم .
وبفعل هذه الاستفزازات اليهودية فقد كان من الطبيعي أن يقف المسجد الأقصى في قلب العاصفة وأن يجد المسلمون أنفسهم أمام تحد ٍ صارخ يستدعيهم للدفاع عن مشاعرهم ومقدساتهم .
وقد رافقت أحداث الأقصى أحداثا ً مماثلة تعرض لها الأخوة المسيحيون الذين كانوا يحتفلون في نفس الوقت بسبت النور وأحد الفصح حيث وقعت مصادمات واستفزازات من قبل الاسرائيليين ضد المسيحيين في ساحة كنيسة القيامة وأماكن متفرقة من المدينة ، الأمر الذي يعكس مدى الاستهتار بالديانات الأخرى وبأتباعها في المدينة المقدسة ، التي كان يجب أن توفر حرية التعبد وممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات الثلاث لا أن تكون مسرحا ً للقوميين اليهود المتطرفين الذين استغلوا الدين للادعاء بيهودية القدس والذين اقتحموا المسجد الأقصى لا كمتدينين وإنما كمن يعتبرون الدين قومية ويرون في أقدس بقعة ٍ في القدس رمزا ً وطنيا ً وليس دينيا .
ولقد تمادوا في التحرش بالمسلمين وبمشاعرهم الدينية بأن تم المساس بالشخصيات الدينية الاسلامية بالمدينة وعلى رأسها الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الاسلامية العليا والشيخ محمد حسين مفتي القدس والأراضي الفلسطينية واقتيادهما إلى مراكز الشرطة للاستجواب واحتجازهما لساعات طويلة رغم ما لهما من صفة اعتبارية ووقار لا يجوز المساس به بأي حال من الأحوال.
وأتساءل : هل كانت الشرطة الأسرائيلية ستجرؤ على التصرف بنفس الشكل مع أي من الرموز الدينية اليهودية كعوفاديا يوسف أو غيره من الرؤساء الروحيين اليهود ؟
الشيخان صبري وحسين هما ذوي صفة ٍاعتبارية تمثيلية والمساس بأي منهما هو مساس بمشاعر المسلمين لما يمثله هذان الرجلان ومن في مقامهما من صفة اعتبارية تمثل كل مسلم في المدينة وكان الأجدر بالسلطات الاسرائيلية أن تتعامل معهما بهذه الصفة ، وأن تعاملهما بكل الاحترام اللائق بهما وبمكانتهما . ولكن الطريقة التي تم التعامل بها معهما ومع رجال الدين المسيحي أثناء الصدامات التي وقعت أثناء احتفالات المسيحيين بسبت النور تعطي الانطباع الواضح بأن الاسرائيليين لا يقيمون وزنا ًللديانات الاخرى اللهم إلا في المناسبات الدعائية وحين تتم دعوة البعض منهم أمام وسائل الأعلام!
ما حدث ويحدث في القدس من جانب الاسرائيليين هو محاولة واضحة للتحرش بمشاعر أهل المدينة المقدسة مسيحيين ومسلمين في الوقت الذي تفتقر فيه المدينة إلى الهدوء والتناغم والتعايش بين مكوناتها الدينية والإجتماعية المختلفة بعيدا ً عن أية محاولات من طرف واحد للمساس بمشاعر أو مصالح الطرف الآخر. فهذه الدعوة تستدعي بشكل تلقائي ردا ً مبررا ً ممن يتم التحرش بهم للدفاع عن أنفسهم ومقدساتهم ومصالحهم في المدينة المقدسة .
القدس هي لب الصراع وهي لا تقتصر على الأماكن المقدسة وإنما تشكل رمزا ً للكرامة والتطلعات الوطنية ولا يستطيع أحد أن يتصور إمكانية التوصل إلى حل للصراع العربي الاسرائيلي مع بقاء القدس تحت السيطرة الاسرائيلية ، وكل الممارسات الأسرائيلية بالمدينة هذه الأيام إنما هي نسف لأية إمكانية لحل هذا الصراع أو حتى للتعايش السلمي في المدينة بمعزل عن الصراع السياسي.
وما تحتاج إليه القدس هو وضع يشعر فيه الجميع بحرية العيش وحرية ممارسة الشعائر الدينية القائم على أساس احترام الديانات الأخرى وأماكنها الدينية المقدسة ، ولقد فشلت إسرائيل في ذلك وأثبتت أنها تسعى لاقامة نظام تفرقة عنصري يمتهن الآخرين ويعتدي على مشاعرهم وشعائرهم ومقدساتهم.
المطلوب اليوم ، وفي الحد الأدنى هو الحد من تدهور الأوضاع وانتشار العنف والفوضى في المدينة المقدسة وإعادة الوضع فيها إلى ما كان عليه قبل الهيمنة والسيطرة الاسرائيلية ، وهذا يتطلب إجراءات فورية لوقف التدهور وإعادة الهدوء للمدينة من خلال الاقرار بأن القدس ليست ولن تكون مدينة يهودية وإنما هي مدينة لكل محبيها ومقدسييها وأن الاحتلال القسري لا يُكسب حقوقا ً ولا تترتب عليه مثل تلك الحقوق.
وإذا كان استمرار النهج الاسرائيلي في المدينة هو وصفة للعنف والتطرف والمواجهة فإن أول إجراء يجب أن يتم هو وقف هذه الهجمة المحمومة لتهويد المدينة المقدسة من خلال تغيير معالمها والإخلال بالميزان الديموغرافي فيها. فلتتوقف كل الأنشطة الاستيطانية ولتتوقف سياسة التطهير العرقي لغير اليهود في المدينة وليتم تمكين السكان العرب من إدارة شؤونهم بأنفسهم إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي للصراع مهما طال الأمد .
وبعبارة أخرى ، فبمعزل عن الصراع السياسي على المدينة ، لماذا لا يتاح لسكان القدس العربية أن يختاروا مجلسا ً بلديا ً خاصا ً بالقدس الشرقية تكون له صلاحية التخطيط والتنظيم المدني وتقديم الخدمات للشطر الشرقي في المدينة من خلال الادراك بأنها اليوم مدينة ذات شطرين لا بد من التنسيق بين البلديتين في شطريها وعلى قدم المساواة.
ولماذا لا يُترك لسكان المدينة الحق بإدارة شؤونهم بأنفسهم في كافة المجالات الحياتية المدنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وذلك من خلال إعادة فتح المؤسسات ذات الصلة كالغرفة التجارية وغيرها؟
إذا كان الطرف الاسرائيلي جادا في الحديث عن السلام والتعايش فإن عليه الاعتراف بفشل سياسة الضم والهيمنة والسيطرة ، والاقرار بأن استمرار هذه السياسة سيقتل أي أمل أو فرصة للحل السياسي للصراع في المستقبل ، وأنه آن الأوان للإقرار بضرورة بناء علاقات بين سكان المدينة على أساس المساواة والاحترام المتبادل، لأن مثل هذه العلاقة هي وحدها القادرة على وضع حد للانزلاق نحو المواجهة الأبدية في المدينة ، والتأسيس لعلاقات متوازنة على أساس المساواة والاحترام ، وترك الباب مفتوحا ً أمام إمكانية التوصل إلى حل سياسي للمدينة في المستقبل في إطار حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
الغابة الحقيقية خلف الاشجار!
بقلم: بسام الصالحي – القدس
لا يمر يوم دون ان تشهد الضفة الغربية المحتلة صداما او مواجهة من نوع معين مع قوات الاحتلال الاسرائيلي او مع مجموعات مستوطنيه ،واما ابطال هذه المواجهات فهم فئات متنوعة ،من نشطاء لجان المقاومة الشعبية ومقاومة الجدار والاستيطان التي يزداد عددها ،او المواطنون العاديون الذين يجدون انفسهم امام تحدي العدوان عليهم وعلى مزروعاتهم واراضيهم ، وبضمنهم اولئك الذين يخوضون معاركهم ببطولة نادرة وصمت وصمود وهم يرفضون مغادرة منازلهم المعزولة قرب معسكرات جيش الاحتلال او مستوطناته ، كما يرفضون اغراء المال كي يبيعوا هذه المنازل ويرحلون .
اما في الخليل فقصة بطولة وتحد يومي لا ينقطع ، في المدينة بشطريها بعد ان قسمها اتفاق لا معنى له . وفي الحرم الابراهيمي ومحيطه حيث كان بمثابة «بروفة» لما يبيت للحرم القدسي ،وكذلك في جبلها الذي يواجه التوسع الاستيطاني والشوارع الالتفافية .
وفي القدس يتصاعد غبار ملحمة بطولية شبه يومية ،حيث بات كل مواطن مقدسي طرفا في مواجهة من نوع معين ،فمن معركة الدفاع عن هويته المقدسية المعرضة للمصادرة ،إلى معركة الترحيل من المنازل والبيوت في احياء المدينة ومحيطها ،إلى ما يحيق بالمسجد الاقصى ومحيطه من حفريات وتغييرات ومشاريع تكرس التغيير العمراني في المدينة ،وتكرس التطهير العرقي باشكال جديدة ،إلى المخطط المكشوف بحجة حق الصلاة في الحرم القدسي ما يعني تمهيد الاجواء إلى تكرار صيغة الحرم الابراهيمي وتقسيم والاستيلاء على المسجد الاقصى .
كل التحية لأبناء القدس ،شبابها ،تجارها ،عائلات البلدة القديمة ،مفتيها وشيوخها ،مطارنتها ورجال الدين فيها ،وابنائها الذين يشعر كل واحد منهم ان عليه واجب وطني وواجب مقدس في ان يحمي لوحده تقريبا هذا الارث الوطني والتاريخي والديني العميق في مدينة القدس ،وان يقوم بذلك في ظل كل العزلة والحصار المضروب على هذه المدينة البطلة .
هذا الواقع الحقيقي للضفة الغربية لا تخفيه (فاترينة )مدينة رام الله ،فهي لا تسلم ايضا من اقتحامات ، ولا تسلم قراها ومخيماتها ومحيطها من غول التوسع الاستيطاني الذي يزحف إلى داخلها في مدينة البيرة ،ويطوقها من كل الانحاء ،كما يظهره بصورة شبه اسبوعية ما تتعرض له مدينة نابلس ومحيطها من اعتداءات المستوطنين ،ومن قطع شوارعها واغلاقها بسب بذلك ،ومن تهديد اغلاق المدينة وحصارها كما جرت العادة حيث كانت نابلس اكثر مدن الضفة تعرضا للاغلاق والحصار المحكم ،وللتاريخ فقط فقد كان ذلك حالها حتى في عهد الانتداب البريطاني .
وبالطبع فان الحال يتشابه في بقية محافظات الضفة ،في سلفيت التي جرى تقسيمها وعزلها ،والتي هي هدف ثابت للتوسع الاستيطاني وضم الاراضي وتوسيع ما يسمى باصبع (ارئيل ) الذي يثار في كل رحلة تفاوضية ،وفي طولكرم التي تطوق يوميا بالمستوطنات وتتقلص مدينتها ،وكذلك الحال في قلقيلية وجنين وطوباس ،واريحا المجردة من بحرها ومن الاغوار ومن المعابر ،وفي بيت لحم التي يشابه حالها حال مدينة القدس ،ومرارة عزلها غير المسبوق عن جوارها المباشر في مدينة القدس .
الحقيقة المرة الساطعة هي حقيقة ان واقع الضفة الغربية هو واقع ارض محتلة ومعرضة ومكشوفة يوميا للاستيطان والعدوان والملاحقة من قبل قوات الاحتلال واجهزته الامنية و(ادارته المدنية )، هو واقع حصار وعزل حقيقي لمدينة القدس واستفراد ممنهج بها ،بتراثها بمقدساتها ،بعمرانها بتاريخها ،واولا واخيرا باهلها، والحقيقة المرة الاخرى هي ان واقع وجود السلطة الفلسطينية لم يغير جوهريا من ذلك .
(الغابة ) التي يجب رؤيتها وتركيز النظر عليها اكثر من تركيزه على (الاشجار )، هي ان واقع الضفة الغربية اليومي والساطع هو واقع الاحتلال المستمر ، وهو كذلك واقع قطاع غزة ولو بطريقة اخرى على شاكلة (البعيد منك قريب )، وان المهمة المركزية بالتالي هي انهاء هذا الاحتلال ، وحشد الطاقات من اجل بناء جبهة موحدة للمقاومة الشعبية تستطيع تحويل النضالات والتضحيات الحقيقية والابداعات اليومية من قضايا (محلية )على اهميتها ومشروعيتها ، إلى قضية مركزية واحدة ، وهي الانهاء الفوري للاحتلال بكل تجلياته عن اراضي دولة فلسطين ، وانجاز استقلالها ،فليس المطلوب دولة تحت الاحتلال بل دولة على انقاض الاحتلال.
جدلية التهويد و«التطييف»
بقلم: خيري منصور - القدس
الاعتراف العربي والدولي وحده لا يكفي لتحويل التهويد من حلم أيديولوجي إلى واقع سياسي وديمغرافي . إذ لابد من توفر شرطين أساسيين لهذا المشروع، أولهما تبادل الأراضي مع الفلسطينيين وعلى نطاق أوسع مما هو مقترح الآن كإضافة للمبادرة العربية .
وهذه واحدة من الحالات النادرة التي يصبح فيها الهامش المضاف أهم من المتن ذاته، والشرط الآخر تنفيذ المرحلة الثانية من معاهدة سايكس-بيكو بعد ما يقارب القرن، بحيث يجري تقسيم العالم العربي مجدداً وفقاً لتضاريس طائفية . وهذا أمر غير مفاجىء إلا لمن لا يعرفون برنارد لويس وولفويتس وأخيراً وليس آخراً السيد ليفي!
وحين يجري تقسيم العالم العربي تبعا لمقياس الرسم الطائفي، ستكون الدولة العبرية مجرد رقم في مجموعة من الدويلات الطائفية التي تتجانس معها من حيث النسيج الديمغرافي وربما عدد السكان أيضاً .
فالعالم العربي عندئذ لن يعود ثُلث مليار ولن تعود مساحته كما نعرفها من الماء إلى الماء . والأرجح في حالة نجاح هذا المشروع أن تكون الحدود الاقليمية الجديدة للدويلات المتناحرة بالدم ولا شيء آخر .
تلك هي جدلية التهويد والتطييف بعيداً عن أي كلام مرسل أو توصيفات عابرة، لهذا كان هناك تناسب طردي بين تصاعد الوتيرة في التهويد، وتفاقم التصدع في البنيان القومي للعرب . ذلك لأن التهويد ليس نتاج اليوم أو حتى الأمس البعيد إنه من صميم استراتيجية اسرائيلية راوحت عدة عقود بين التصريح والتلميح بدءاً من يوميات ومراسلات بن غوريون وليس انتهاء بما كتبه نتنياهو في كتابه مكان تحت الشمس .
وحين تقبل إسرائيل الهامش المضاف إلى المبادرة العربية في قمة بيروت بعد أحد عشر عاماً من تجميدها والتهديد العربي بسحبها عن الطاولة فإن ذلك مجرد قبول تكتيكي، سرعان ما يعقبه رفض وبوتيرة راديكالية لأن إسرائيل تضيف أي تنازل عربي إلى قائمة ما تسميه استحقاقاتها، ضمن سياق استراتيجي يتلخص في عبارة واحدة من كلمتين هي الأخذ فقط، وكانت التجربة الأولى في هذا الميدان هي ثنائية الأرض والسلام وعندما قِبل العرب بهذه المقايضة رفضتها إسرائيل، لأن غولدا مائير كانت وصيتها هي الأرض والسلام معاً . تماماً كما تحتفظ في حقيبتها بالمشط والمرآة، بحيث لا يكون لأحدهما جدوى من دون الآخر .
ومن يرون أن تطييف المجتمع العربي وإعادة رسم تضاريسه مذهبياً وطائفياً أدى إلى إرخاء مفاصله وإبطال دفاعاته تناسوا الوجه الآخر لهذا المشهد وهو استثمار اسرائيل لهذا التطييف بحيث أصبح يتناغم مع فقه التهويد، ولو تحقق حتى جزء يسير من هذا المشروع فإن الهزيمة الجديدة الصامتة ستكون أنكى من النكبة والنكسة معاً، لأن غنائم إسرائيل من هذه الهزيمة هي أضعاف مضاعفة لغنائم الحروب الصاخبة .
تغريدة الصباح - المغني والأغنية
بقلم: يحيى يخلف - الحياة
أيامنا متشابهة ولا جديد.. الأخبار هي.. هي.. استيطان, هدم بيوت, اعتقالات, اقتحام الأقصى, تصريحات وأفعال اسرائيلية لا تتوقف. زيارة للشيخ القرضاوي بلون كالح, المصالحة تبتعد, واخبار العالم العربي ايقاعها المقلق لا يتغير. فوضى وعدم استقرار في مصر وليبيا, وقتل ودمار وذبح بالسكاكين في سوريا, ومطاردة للإرهابيين في تونس. في العالم أزمة مالية عالمية, وقوى كبرى تتربص للهيمنة وفرض النفوذ والتبعية على الشرق الأوسط وعلى أماكن أخرى..الكوارث الطبيعية في حالة هيجان.
السأم يظلل غلافنا الجوي, والفضائيات الإخبارية تلاحقنا برياح السموم وتحول بيوتنا الى ما يشبه الزنازين..ندخل غرف نومنا على كوراث, ونصبح على هلع الأخبار نفسها ..ندمن على هذا الهلع فننتقل من محطة تبث الكآبة الى محطة أخرى تبث الإحباط.
نحن مشدودون الى جاذبية الأحزان, وأفراحنا في مناسبات يتعين ان تكون سعيدة تبدو في أغلب الأحيان شاحبة, كأن الفرح لا يليق بأيامنا. لا نلتقي الا في بيوت الأجر والتعازي, ومشينا في الشوارع يشبه القهقرى.
حان الوقت لنرمم ما انهار في أعماقنا, وأن نقول للفضائيات ووسائل الإعلام, ووسائل التواصل الاجتماعي: ارفعوا أياديكم عن أرواحنا. امنحونا شيئا من الفرح ففي القلب المزدحم بالكرب متسع لشيء من الفرح والسكينة والتوازن النفسي.
لعل الظاهرة التي برزت في الآونة الأخيرة عند شبابنا في التحزب لفريق برشلونة أو ريال مدريد والتجمع في المقاهي لمشاهدة المباريات تبدو اكثر جدوى من التحزب للتنظيمات والفصائل الفلسطينية, ولعل ظاهرة الإقلاع عن الفضائيات الإخبارية, والبحث عن المتعة الفنية في المحطات التي تبث برنامج (أرب آيدول) أي محبوب العرب تبشر بالخير, وتوحي بأن معظمنا سئم السأم, وملّ الملل, وأيقن أن قليلا من المتعة يفرح قلب الإنسان, غير أن البعض الآخر الذي أدمن على السأم والملل قاوم الفرح وهاجم هذا الفرح الذي تمثّل بتألق أحد ابناء هذا الوطن الشاب المبدع محمد عساف, متذرعا بأن التركيز على المطرب يلحق الضرر بقضية الأسرى!
وغني عن القول إن قضية الأسرى كانت وما زالت قضية كبرى حظيت وتحظى بأكبر اهتمام, وان قليلا من الفرح يمنحنا طاقة تمكننا من الالتفاف حول قضيتهم بقوة أعظم وأكبر.
ولعل هذا الفتى ذو الإبتسامة الساحرة والصوت العذب والإطلالة البهية قد ملأ القلوب بفرح ما أحوجنا اليه, ونشر البهاء في بيوت الفقراء في المخيمات, ودروب ومسارب الأرياف, وشوارع وميادين المدن, ورفع اسم فلسطين عاليا في وقت غاب فيه اسم فلسطين عن ساحات وميادين وأزقة الربيع أو الخريف العربي.
فرح أضاء أرواح الناس في بلادنا من خلال برنامج فني تصدح فيه الموسيقى والغناء ويكشف عن مواهب الشباب والصبايا العرب في زمن الإحباط والشدّة وفقدان الأمل, ويمنحنا أملا في وقف زحف الصحراء نحو أرواحنا.
هذا الفتى الفلسطيني أحببنا أغنيته (علّي الكوفية علّي ولولح فيها) التي هي أغنية حب لزعيمنا الخالد ياسر عرفات, أحببنا الأغنية وتجاهلنا المغني ..لكننا أعدنا اكتشافه في برنامج (أرب آيدول)..اكتشفناه ولم نلق اللوم على مؤسساتنا ذات العلاقة التي لم تكتشفه قبل ان تتاح له هذه الفرصة.
محمد عساف يحقق نجاحات مبهرة في البرنامج, ونجاحه قصة كفاح, ونجاحه ناجم عن تكافؤ الفرص, وتكافؤ الفرص يمنح شبابنا حق الاختيار, ويتعين علينا ان نمنح لشبابنا هذا الحق.
أفرح محمد عساف وملأ بالفخر والاعتزاز ابناء شعبنا في كل مكان, ومن شتى المواقع. أفرح الرئيس وعائلته, ورئيس الوزراء وعائلته, وافرح الشباب والصبايا والآباء والأمهات والعائلات في بيوت فلسطين, وافرح أيضا كاتب هذه السطور وعائلته.
وان شاء الله تكون كل أيامكم فرحا.
في القدس إسرائيل تمارس الاستفزاز
بقلم: يحيى رباح - الحياة
في أقل من أربع وعشرين ساعة، قدمت حكومة نتنياهو الأدلة العملية القاطعة بأنها لا تترك أية فرصة ولو ضئيلة أمام الجهود الأميركية لاستئناف عملية السلام، فقد أعلنت حكومة نتنياهو اشاعة – مجرد اشاعة – عن تجميد عقود بناء وحدات استيطانية جديدة حتى منتصف الشهر المقبل فقط، ولكن في اليوم الثاني جاءت الأحداث بما يكذب هذه الاشاعات من خلال الإعلان عن بناء وحدات استيطانية جديدة في مستوطنة بيت إيل بالقرب من رام الله، أي أمام مرأى وسمع الجميع!!!
و أعلنت مشاريع إقامة شبكة شوارع القدس تجعل من تقسيمها أمراً شبه مستحيل!!!
و في نفس الوقت فقد بلغت عربدة قطعان المستوطنين ذروتها في مجالات اقتحام المسجد الأقصى وباحاته، واعتقال مفتي القدس والديار الفلسطينية سماحة الشيخ محمد حسين، وفي الصراخ الهستيري من قطعان المستوطنين وزعمائهم بأن لهم الحق في دخول المسجد الأقصى، والوجود في جبل المكبر، وفي كل مكان في القدس الشريف!!! وكل ذلك وقع تحت سمع ونظر الحكومة الإسرائيلية وقواتها العسكرية وأجهزتها الأمنية، ولم تحرك حكومة نتنياهو ساكناً، بل كشفت عن اعتقاد كبير – عدد من أعضائها هم من المستوطنين أصلاً – هي التي أعطت الضوء الأخضر لهذه السلوكيات المعربدة.
و المثير للغرابة: أن هذه العربدة الإسرائيلية جاءت كلها في أعقاب زيارة اللجنة الوزارية العربية لواشنطن ولقاءاتها مع المسؤولين الأميركيين، وخاصة جون كيري وزير الخارجية الذي تحدث عن الزيارة ونتائجها بشكل إيجابي، فردت حكومة نتنياهو بالعودة بسرعة إلى برنامج الاستيطان، ودفع قطعان المستوطنين إلى العربدة المستفزة.
و هذا يعني: أن الحكومة الإسرائيلية هي التي تخلق أجواء الاستفزاز، وعناصر التفجير عن عمد، وتستدرج ردود أفعال الهدف منها إغلاق طريق العملية السلمية من جديد.
الإدارة الأميركية:
لديها تقارير وافية عما يحدث يوماً بيوم ولحظة بلحظة، وخاصة أن هذا الاستفزاز الإسرائيلي يجري على المكشوف، واعتداءات المستوطنين الموجهة ضد المقدسيين وضد عموم الفلسطينيين في الضفة أصبحت يومية تقريباً، ولا تستثني البشر ولا الحجر ولا الشجر، حتى التلاميذ الصغار الذاهبين إلى مدارسهم تستهدفهم هذه السلوكيات العدوانية القذرة لقطعان المستوطنين.
المفروض أن جون كيري وزير الخارجية الذي يقود الحراك الأميركي لاستئناف التسوية، قد قطع شوطاً كبيراً من خلال زياراته ومباحثاته المتكررة، وأصبح على معرفة أكيدة بتلك النقاط الحساسة، وتلك الأفعال الاستفزازية المشينة التي تمارسها حكومة نتنياهو مباشرة أو عن طريق قطعان المستوطنين.
وجون كيري العائد قريباً إلى المنطقة، وقد تحصل على قدر كبير من الحقائق، لا يمكنه هكذا كمن يجمع الماء في غربال!!!
و لا بد أن يكون قد بلور خطة خلق حولها إجماعاً أميركياً ودولياً، وأن يكون من بنود هذه الخطة الإشارة إلى السلوكيات السلبية المعربدة، والأطراف التي تفتعل الأحداث الاستفزازية، ولعلنا نسمع منه قريباً ما يفصح عن هذه الحقائق التي تجمعت لديه، فهو قد حشد وراءه إجماعاً أميركياً من الديمقراطيين والجمهوريين، وهو بخبرته الواسعة حريص على النجاح، ولا يمكن أن ينسب الصعوبات التي تواجهه إلى المجهول، فمن الواضح أنه أمام شريك إسرائيلي لا يهمه سوى إحراق الوقت، والبحث عن الاستفزاز، وانه غير مقتنع وغير مؤهل بشأن حل الدولتين، فنتنياهو يناقض بالأفعال ما يردده بالأقوال، وإذا استمر الحال على هذا المنوال، فإن الآمال المعقودة على الحراك الأميركي الجديد الذي بدأه الرئيس باراك أوباما بزيارته للمنطقة، وجدول لقاءاته في البيت الأبيض مع عدد من زعماء المنطقة، والخطوة الإيجابية التي قامت بها الجامعة العربية من خلال زيارة لجنتها الوزارية إلى واشنطن وما تم بحثه في تلك الزيارة، كل ذلك يصبح مهدداً بالاحتراق دون جدوى.
اعتقد أن ما يجري في القدس، وما يستهدف المسجد الأقصى على يد قطاع المستوطنين أو على يد حكومة نتنياهو يحتاج إلى ما هو أكثر من اجتماع للجامعة العربية على مستوى المندوبين، مع أننا نرحب بهذا الاجتماع الذي نريده مقدمة لما هو أكثر جدية!!!
فما يجري في القدس أكثر جدية من هذه اللعبة التافهة التي يقوم بها الشيخ يوسف القرضاوي الذي يترك القدس وراءه، ويذهب إلى غزة لكي يبارك الهدنة مع إسرائيل!!!
هل هناك ما يسيء للشيخ القرضاوي نفسه أكثر من هذه اللعبة البهلوانية التي يقوم بها والقائمة على عبادة الانقسام؟؟؟
بلدوزر « الجماعة « !!
بقلم: موفق مطر - الحياة
هل سنلمس تحولا ما بموقف حماس من المبادرة العربية، ومن التسوية السياسية بعد زيارة مفتي التيار العالمي للإخوان المسلمين يوسف القرضاوي لغزة, فزيارته لا يمكن فصلها عما يجري بالمنطقة من تحركات، أميركية قطرية, وما يطرح خلالها من مبادرات, كموضوع موافقة الدول العربية على تبادل أراض فلسطينية مع اسرائيل، ومهلة الأسابيع الثمانية الممنوحة للإدارة الأميركية لإحداث اختراق من نوع ما يؤدي الى اعادة المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين الى الطاولة.
ليس القرضاوي مجرد شيخ أو مرجعية نظرية دينية للإخوان وحسب, بل هو سياسي بالدرجة الأولى, يمرر عبر الفتاوى ما قد يتحرج من طرحه أو تداوله قادة حماس والإخوان, فشعبية القرضاوي لدى جمهور الاخوان وحماس تجعل منه كالبلدوزر العسكري يمهد للآليات الدروب الوعرة ويفتح المستعصي تحت عنوان: « الحرب خدعة والضرورات تبيح المحظورات «.. واليوم هو الوقت الأنسب لينفذ القرضاوي رغبة اولياء نعمته, ويقول كلمته مدعوما بمكانته التي رفعتها الدعاية الاعلامية المبرمجة الى مستوى الولي الفقيه السني, أو بابا الكنيسة في القرون الوسطى حيث كان الآمر الناهي في كل قضايا ومصائر الدول التابعة... فما يحدث هو تخليق نظام « كهنوتي اسلاموي دكتاتوري « يأخذ العامة من الناس الى الموقف المطلوب المرسوم دوائر التخطيط بالدول الامبريالية والاستعمارية على الطريقة الحديثة, بالتوازي مع اكبر عملية سطو في تاريخ الأمم على آمال مئات الملايين من العرب في جني ثمار الحراك الشعبي وإنشاء الدول والمجتمعات الديمقراطية التي ارادها الشباب العرب ساعة انطلقوا للشوارع صنعوا ما يسمى الربيع العربي.
نعلم يقينا ان القرضاوي لا يناصر جزءا من الشعب الفلسطيني على الأغلبية العظمى منه وحسب, بل يناصر تيارا في حماس على الآخر, فهو يناصر تيار خالد مشعل هنية على تيار الزهار ومعه معظم قادة الجهاز العسكري ( القسام ), حيث يرى القرضاوي في مشعل صفات المحارب القادر على اخذ الممكن بالخداع, ويرى في موقف الزهار الى جانب النظام السوري, حيث يقاتله الاخوان المسلمون ذاتهم, ومديحه للنظام الايراني مخالفا لدعوته وأقواله حول الشيعة, وإيران وأطماعها, وعقبة في تمرير المطلوب ( قطريا اخوانيا قرضاويا – واميركيا اسرائيليا )، فللزهار موقف من الدوحة لأن دمشق وطهران يريدان ذلك, ولا ننكر رغبة الزهار في الحفاظ على مجموعات كبيرة في حماس بدأت تتسرب الى جماعات ( جهادية ) تنافس حماس في الحضور الجماهيري عبر أعمال عسكرية وإطلاق صواريخ باتجاه اسرائيل, اذ يرى الزهار هذا التسرب بمثابة بداية الشروخ والانقسامات التي قد لا تدوم طويلا ان استمرت سياسة حماس بممالقة سياسة قطر, خاصة بعد دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في خطابه الأخير حماس – دون ان يسميها - للعودة الى مواقعها الى جانب النظام تحت شعار المقاومة والممانعة, ورغبة الزهار في تجسيم تحالف طهران دمشق حزب الله حماس، وان كنا نعتقد الأمر لا يتعلق بالأهداف الوطنية الفلسطينية الكبرى بقدر ما يتعلق بديمومة سلطة حماس في غزة, والدعم بالمال والسلاح من طهران, بعد اجراءات الجيش المصري التي حدت من عمل الأنفاق وتهريب السلاح والبضائع التي تجني حماس من المتجرة بها مئات الملايين سنويا.
سيلاحق القرضاوي الخطوات الفلسطينية الجادة للقيادة الفلسطينية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية, حتى وان بدا في ارذل العمر !! لكن الأنتربول سيلاحق يوسف القرضاوي بسبب حمله جواز سفر مزورا منحه اياه مريده اسماعيل هنية.. ومن يدري فلعل الحديث المتداول الآن في غزة: أن اسماعيل هنية بعد ان قبل يد القرضاوي ورأسه وقلم له اظافره قد دفعه الى منزلق المواجهة مع البوليس الدولي. فمن تراه يخدع الآخر؟!.