اقلام واراء اسرائيلي 335
7/5/2013
في هــــــذا الملف
تأهب في الشمال: أين يمر خط الاسد الاحمر؟
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
الاستعدادات للهجوم التالي بدأت
بقلم: يوآف ليمور،عن اسرائيل اليوم
الخط الاحمر يرتفع
بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت
اسرائيل تُخاطر
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
مستعدون لحرب استنزاف صغيرة
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
النجاح لا يمنح الشرعية
بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس
تأهب في الشمال: أين يمر خط الاسد الاحمر؟
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
ما زالت اسرائيل الرسمية لا تتناول الادعاءات أنها هاجمت في فجر يوم الاحد للمرة الثانية في غضون 48 ساعة، مواقع عسكرية في سوريا. وهي لا ترد في وسائل الاعلام المحلية بالطبع. وتقتبس وسائل الاعلام الاجنبية وكالة ‘إي.بي’ ووكالة الأنباء الفرنسية من تصفهم بأنهم أناس اسرائيليون رسميون يُصادقون على مسامعها أن سلاح الجو الاسرائيلي قد هاجم سوريا حقا. لكن لا شيء: إن رجال استخبارات غربيين يكافئون نظراءهم الاسرائيليين ويتفضلون بالحديث الى وسائل الاعلام في البلاد كي يقولوا لنا إن الأهداف التي هوجمت اشتملت على شحنات مُرسلة من الصواريخ الايرانية من طراز ‘الفاتح 110′. ويضيف رجال الاستخبارات الغربيون اولئك أن الصواريخ كانت في طريقها من ايران الى حزب الله في لبنان مارة بسوريا. ونُقلت في طائرات الى دمشق قبل اسبوع ووزعت بعد ذلك على عدة مواقع تمهيدا لتهريبها الى لبنان.
ماذا يفترض ان يستنتج المواطن الاسرائيلي من كل ذلك؟ يستنتج من جهة ان رئيس وزرائه امتنع عن تناول ازدياد التوتر على الحدود الشمالية برغم الصورة التقليدية قبل جلسة الحكومة في ايام الاحد وهي فرصة مثالية لاطلاق تصريح أمام مكبرات الصوت دون أن يضطر الى اسئلة الصحفيين المُضايقة. وقد جمع بنيامين نتنياهو من جهة ثانية المجلس الوزاري المصغر للتباحث في الوضع في الشمال (تقول وسائل الاعلام الاجنبية إن هذا هو التباحث الثاني في هذا الشأن فقد سبقته جلسة ليلية للمجلس الوزاري المصغر في يوم الخميس لم ترد عنها تقارير في الصحافة الاسرائيلية). وأقلع من جهة ثالثة أمس لزيارة الصين كما كان مخططا.
فعلامَ تشهد الصافرات الباطلة التي سُمعت في هضبة الجولان في نهاية الاسبوع؟ ولماذا نُشرت مع كل ذلك في الايام الاخيرة بطاريتان من منظومة القبة الحديدية في صفد وحيفا وتم وقف الطلعات الجوية المدنية في شمال البلاد اذا كان نتنياهو يشعر بالأمن الكافي للشخوص الى الصين؟ هل يعني كل ذلك أنه يجب فتح الملاجئ في غوش دان ايضا؟ وقد جنبنا في هذه المرحلة على الأقل حملة قيادة الجبهة الداخلية لتشجيع الجمهور على حماية نفسه وبدء اسبوع الطوارئ الوطني على أثر ذلك ايضا. فمن يحتاج الى اسبوع طواريء حينما يمكن التدرب على حدث حقيقي؟.
يمكن ان نفهم نقطة الانطلاق الاسرائيلية في ظاهر الامر، التي رأت كما يبدو أن غموض التصريحات سيضائل خطر رد سوريا العسكري على الهجمات. وأصعب من ذلك ان نفهم الاصرار على التمسك به بعد أن كُشف السر سواء كان ذلك بمبادرة المصادر في واشنطن أو بسبب استصعاب ضبط النفس عند نظرائهم في القدس، وبعد ان اتهمت دمشق اسرائيل علنا بالمسؤولية عن القصف. ونقول تلخيصا إنه اذا كانت التقارير الاخبارية عن الهجمات الاسرائيلية دقيقة فان اسرائيل الآن أكثر مشاركة مما كانت في الماضي في الحرب الأهلية الهوجاء في سوريا. لأنه يبدو بعد ثلاث هجمات منسوبة الى الجيش الاسرائيلي في غضون نحو من ثلاثة أشهر أنه قد زاد خطر ان تتورط اسرائيل ايضا في القتال.
تم بحث هذه المخاطرة في القيادتين السياسية والأمنية بجدية أشهرا كثيرة لكن يُخيل إلينا أن أكثر الجمهور لم يكد يعرف ذلك الى نهاية الاسبوع الأخير. في الوقت الذي تُلمع فيه اسرائيل نفسها استعدادا للموسم الجديد من ‘الأخ الكبير’، ألم يحن الوقت ليُبين رئيس الوزراء للمواطنين بخطوط عامة على الأقل ما يحدث على الحدود الشمالية؟ يبدو ان نتنياهو يعتقد ان ذلك لم يحن بعد. ومع كل ذلك فان العدو يُصغي.
اكتفى رئيس الوزراء بتوجيه الطلب المعتاد الى الوزراء ألا يُجروا لقاءات مع وسائل الاعلام بسبب الحساسية الأمنية. وتبين أن التوجيه لم ينطبق على نواب الوزراء فقد بادر نائب وزير الدفاع داني دنون الذي يبدو أكثر فأكثر مثل قمر صناعي مستقل يتجول هائما بلا صلة بالوزير المسؤول عنه بوغي يعلون، بادر الى اجراء لقاء صحفي مع صوت الجيش الاسرائيلي وإن لم يقل شيئا ذا معنى. وامتنع الجيش الاسرائيلي اذا استثنينا الخطوات الدفاعية المطلوبة، مثل نشر بطاريتين من منظومة القبة الحديدية في الشمال، عن خطوات قد تزيد الوضع تصعيدا مثل تجنيد قوات الاحتياط أو تعزيز القوات على الحدود.
وضع راهن هش
مع عدم وجود تفسيرات رسمية، تجهد وسائل الاعلام في تقديم تفسيرات بديلة للهجمات الاخيرة. ويتعلق التفسير الرائج باجتياز الخطوط الحمراء التي أعلمتها اسرائيل في الجبهة الشمالية. فقد حذّر رئيس الوزراء ووزير الدفاع الحالي وسلفه ايضا، ووزراء آخرون وضباط كبار، حذروا جميعا من ان اسرائيل لن تستطيع ضبط نفسها بازاء نقل سلاح يكسر التعادل الى حزب الله وهو سلاح كيميائي وصواريخ مضادة للطائرات متقدمة وصواريخ ساحل بحر أو أنواع ما من صواريخ ارض ارض بعيدة المدى وصواريخ دقيقة. ويقع صاروخ ‘الفاتح 110′ في هذه الفئة ايضا.
يخشون في طهران على مصير مخازن الصواريخ فوق الارض السورية بسبب تقدم قوات المتمردين (أو يخشون ألا يمكن بعد ذلك الاستمرار في نقل شحنات مرسلة من السلاح في محور طهران دمشق بيروت). ولهذا تحاول ايران أن تنقل الصواريخ وتعمل اسرائيل للتشويش على ذلك. لم يكن صاروخ ‘الفاتح 110′ في حوزة حزب الله على الارض اللبنانية قبل ذلك أما صواريخ ‘إم 600′ التي في حوزته فهي أقل دقة. وقد مكّن تعرّف الاستخبارات للشحنة المرسلة كما يبدو من فرصة عملياتية للهجوم. لكن كتلة الهجمات التي أخذت تتراكم تُعرض للخطر الوضع الراهن الهش بين اسرائيل وسوريا.
إن السؤال المقلق الآن هو أين يمر الخط الاحمر لرئيس سوريا بشار الاسد. حينما هوجمت المنشأة الذرية في شمال سوريا في ايلول 2007 اختار الاسد تجاهل ذلك وزعم بعد ذلك ان اسرائيل قصفت مزرعة لا أهمية لها. وفي كانون الثاني من هذا العام حينما قُصفت قافلة فيها صواريخ مضادة للطائرات من طراز ‘إس.إي17′ أدت سوريا دور اللص المسلوب واتهمت اسرائيل بقصف حي مدني بريء. وفي ليل يوم الخميس كاد السوريون يتجاهلون التقارير الاخبارية. لكن رد دمشق على الهجوم الاخير يختلف تمام الاختلاف لأن وزير الاعلام السوري عمران الزعبي اتهم اسرائيل هذه المرة بـ ‘عدوان سافر’ ووعد بأن ‘جميع الخيارات مفتوحة أمامنا’.
لا يعني كل ذلك ان نظام الاسد معني بالضرورة بعملية انتقام وخلافا لتصريح سوري سابق عرّف الهجوم بأنه ‘اعلان حرب’ اسرائيلي، كان وزير الاعلام حذرا من التزامات ما. ويرى التقدير الاستخباري في اسرائيل منذ زمن ان الاسد يفضل ألا يُجر الى مواجهة عسكرية مباشرة مع اسرائيل خشية ان تكون الضربة القاتلة التي تفضي الى هزيمته في الحرب المهمة حقا بالنسبة اليه وهي نضاله للمتمردين. وقد يفضل الاسد ان يبقى مثل اسحق شمير في المواجهة المحتملة وأن يقرر مثل شمير في حرب الخليج الاولى أن يرد بلده في الوقت والمكان اللذين يجدهما مناسبين.
وهذا ما تأمل اسرائيل أن يحدث بالطبع، أي ان يضبط الاسد نفسه ويدرك ان الهدف كان شحنة السلاح المرسلة الى حزب الله ولم يكن نظامه لأن القدس تحرص على عدم التدخل هنا أو هناك في معركته من اجل البقاء. لكن ليس من المؤكد ان يقبل الرئيس السوري هذا الزعم، ولا يقل عن ذلك إقلاقا ان الهجوم يبدأ حسابا مستقلا مع ايران وحزب الله بسبب اصابة سلاحهما. ويمكن ان تتم تصفية الحساب بخطوة محدودة نسبيا ايضا مثل اطلاق قذائف الكاتيوشا على الشمال من غير تحمل مسؤولية صريحة عن ذلك. وقد كان التنديد الايراني أمس منضبطا كثيرا دون تهديد صريح ومباشر.
عملت اسرائيل الى الآن على نحو عام بحذر في الجبهة السورية. وتقول التقارير الاخبارية في وسائل الاعلام الاجنبية إن الهجمات الاخيرة قد نجحت نجاحا حسنا. وستأتي المعضلة في المرة التالية حينما يتم الحصول على معلومات استخبارية عن نقل وسائل قتالية الى لبنان. ويجب ان نفترض ان هذا سيحدث لأن ايران وحزب الله ما زالا يخشيان على مصير مخازن السلاح المتقدم في سوريا. وكلما كثرت الهجمات زاد الضغط على الاسد ليرد (لأن ضبطه المستمر لنفسه سيعتبر إظهار ضعف مبالغا فيه) ويزيد خطر تشوش شيء ما كأن يحدث قتل كثير لمدنيين في واحد من أعمال القصف. وقد زعمت شبكة تلفاز روسية بالمناسبة أمس أنه قُتل في الهجوم الاخير مئات المدنيين. وهذا نبأ كاذب بصورة سافرة. ففي اسرائيل يُقدرون ان عدد المصابين في الهجوم قتيلان وأكثر من عشرة جرى بقليل.
إن الموقف الامريكي من القضية الحالية يثير الاهتمام، فقد رفض رئيس الولايات المتحدة براك اوباما ان يتطرق الى تفصيلات الهجمات لكنه عبر في مؤتمر صحفي عن دعم حق اسرائيل في حماية نفسها من نقل سلاح حديث الى حزب الله. وقد تشهد المعرفة التي أظهرها موظفو الادارة بطبيعة الأهداف التي هوجمت على تنسيق سبق ذلك مع اسرائيل. وبدا الهجوم أمس جزءً من معركة أشمل ويجب ان نفترض ان التالي سيأتي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الاستعدادات للهجوم التالي بدأت
بقلم: يوآف ليمور،عن اسرائيل اليوم
الهجوم المزدوج للصواريخ بعيدة المدى المنسوب لاسرائيل في سوريا، في ليل يوم الخميس وأمس فجرا، ترك الكثير من علامات الاستفهام على جانبي الحدود. في سوريا وفي لبنان يتساءلون على اي حال الى اين ستأخذ اسرائيل حدود الجنون، وهل متوقعة هجمات اخرى قريبا، وفي اسرائيل يتساءلون بالتوازي ما هو مستوى استيعاب الاسد ونصرالله ومتى سيقرران اذا كانت حانت اللحظة للرد.
كان يخيل أمس أن الهجوم الثاني في غضون يومين والاهم بين الهجومين، الذي تضمن قصف ثلاثة اهداف استخدمت لتخزين صواريخ من نوع فاتح 110 لن يؤدي الى التصعيد. في اسرائيل كان توافق في الرأي بانه رغم التهديدات والتصريحات فمن غير المتوقع رد من سوريا أو حزب الله. والسبب: خوف الرئيس الاسد من أن تعمل اسرائيل على انهيار حكمه، والتخوف الموازي لدى حزب الله من تآكل قوته في موعد ليس مريحا له ولاسيادة في طهران وفي دمشق. معقول أنه بدلا من خطط الرد والهجوم انشغلوا أمس في سوريا وفي لبنان قبل كل شيء باستخلاص الدروس. في المرحلة الثانية في غضون 48 ساعة وفي المرة الثالثة في غضون ثلاثة اشهر ونصف، اخترقت كل أجهزة التكتم في منظومات السلاح الاكثر سرية التي على محور طهران دمشق بيروت، ووسائل قتالية سرية استثمرت فيها الملايين في انتاجها ونقلها من ايران الى لبنان (عبر سوريا) دمرت. وعلى اي حال ففي حزب الله وفي سوريا يترددون الان في مسألة ما الذي يعرفونه في اسرائيل أكثر من ذلك، ومتى من المتوقع الهجوم التالي.
يخيل أن في هذه اللحظة على الاقل، الجواب هو ليس قريبا. فرحلة رئيس الوزراء الى الصين تمثل ‘الاعمال كالمعتاد’ على الاقل في الايام القريبة القادمة. وتجربة الماضي تفيد بانه ليس دارجا الشروع في الحروب حين يكون رئيس الوزراء غائبا عن البلاد، وبالتأكيد حين تكون هذه رحلة هامة جدا الى دولة هامة جدا. ولا يزال، يمكن التساؤل ماذا سيحصل اذا ما تلقت اسرائيل في الايام القريبة القادمة معلومات استخبارية تشير الى نقل السلاح من سوريا الى لبنان.
الرأي الوارد هو أن في مثل هذه الحالة ايضا سيتقرر الهجوم، وان كانوا في اسرائيل يعرفون بان كل عمل كهذا يقرب سوريا وحزب الله من قرار الرد. في هذه اللحظة التخوف الاساس هو من المس بالممثليات الاسرائيلية في خارج البلاد، ولكن نشر بطاريات قبة حديدية في حيفا وفي صفد يدل على أنه رغم هذه التقديرات، في اسرائيل يأخذون هامش امان واسع جدا ويخططون ايضا لامكانية الرد المباشر. ينبغي الافتراض بان هذا التوتر سيكون معنا في الايام القريبة القادمة ايضا، الى أن يتبدد. ولكن حتى عندما يعود الهدوء ومستوى العناوين الرئيسة والتصريحات ينخفض، من خلف الكواليس ستستمر الحرب الخفية لجمع المعلومات والاستعدادات للهجوم القادم، الذي حسب وتيرة الامور الحالية في المنطقة من المتوقع أن يحصل قريبا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الخط الاحمر يرتفع
بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت
إن أحد الاجراءات الأقل حكمة في إقرار السياسة هو رسم خطوط حمراء. إن الخط يبدو بصورة جيدة ويكون اللون الاحمر خفاقا يملأ شاشة التلفاز، لكن الجدوى مشكوك فيها. إن المثالين من الزمن الأخير يدلان على القاعدة: فقد حذر الرئيس اوباما من ان استعمال السلاح الكيميائي في سوريا سيكون اجتيازا لخط احمر. وحينما تبين ان قوات الاسد استعملت سلاحا كيميائيا، تذكر اوباما ان الكيمياء ليست هي المشهد العام فلحكومته مصالح وعليها ضرورات، وهو غير مهتم الآن بدخول حرب في سوريا ولذلك اضطر الى ان يطمس على خطه الاحمر بسلسلة تصريحات كان فيها في الأساس هواء ساخن.
ورسم نتنياهو في خطبته في الجمعية العمومية للامم المتحدة خطا أحمر حسنا على رسم لقنبلة. وأحبت شبكات اذاعة في العالم هذه البدعة. وهب خبراء بالذرة الى تفسير الخط وسمكه وارتفاعه ومعناه بالدرجات المئوية. وكان الايرانيون وحدهم هم الذين لم يرتاعوا من ذلك، فقد أدركوا ان الطريق من المكان الذي وجدوا فيه في تطوير قدرتهم الذرية الى الخط الاحمر خال. فسيصلون أولا الى الخط الاحمر ونرى ماذا يكون بعد ذلك.
ورسم نتنياهو خطا احمر آخر أقل ادعاءً وأوضح وعمليا أكثر يتعلق بنقل سلاح متقدم من مخازن الجيش السوري الى حزب الله ومنظمات اخرى. فسيتم القضاء على كل قافلة يُكشف عنها، وتُصاب كل شحنة مرسلة تُعد للتحميل. وتم التحذير بحكمة لأن كل حكومة في الغرب تستطيع ان تفهم الفرق بين سلاح تسيطر عليه حكومة مهما تكن متطرفة، وبين سلاح تسيطر عليه منظمة ارهابية؛ وتستطيع كل حكومة في الغرب ان تُسوغ عملا عسكريا يتم بعد تحذير واضح موضوعي. فلا عجب من ان العمليات في نهاية الاسبوع التي تنسبها مصادر أجنبية الى سلاح الجو الاسرائيلي تم تقبلها بدعم كامل في واشنطن ولندن.
لكن لهذا الخط الاحمر ايضا حدودا. فلا يستطيع أحد أولا أن يضمن ألا يجد سلاح متقدم برغم عمليات المنع طريقه الى حزب الله. وقد كان واضحا منذ البدء أنه لا سبيل لسد الطريق تماما من سوريا الى لبنان. والذي يصعب على السوريين أن يعطوه يستطيع الايرانيون ان يعطوه: فمخازنهم غنية بتلك الاشياء الحساسة الموجودة في مخازن السلاح السورية.
والشيء الأساسي هو ان قدرة ايران وحزب الله على التحمل ليست غير محدودة. وقد يأتي الرد من لبنان أو من سوريا أو من كل مكان في العالم فيه سياح اسرائيليون أو سفارات أو طائفة يهودية. فاسرائيل ليست اللاعبة الوحيدة في الملعب.
يمكن ان نفهم من ذلك عدم الاطمئنان عند سكان الشمال الذين كانوا يسمعون منذ نهاية الاسبوع هدير الطائرات في الأساس.
واستعد فرع الأكواخ الخشبية في الشمال لعدم تجدد اطلاق النار لاسابيع. ويمكن ان نفهم عدم اطمئنان اسرائيليين كثيرين تُرسل اليهم حكومتهم في كل يوم رسائل مزدوجة الحرب والسلام، والضجيج والهدوء.
كان رئيس الوزراء يوشك أن يشخص أمس الى الصين في زيارة تم التخطيط لها منذ زمن بعيد. ويعني هذا في الشيفرة الاسرائيلية أنه على يقين من أنه لن يحدث أي حدث أمني مهم منذ الآن الى أن يعود. ويمكن بمفاهيم عسكرية أن نأوي لننام بلا حذاء. وقد أخّر من جهة اخرى إقلاع الطائرة كي يجمع المجلس الوزاري المصغر لمباحثة عاجلة. وتشير هذه المباحثات في الشيفرة الاسرائيلية اشارة خفية الى حرب.
إنه يشخص الى الصين لزيارة تُعرف بأنها ‘استراتيجية’. وتوصف محادثاته مع قادة النظام بمصطلحات دراماتية: فهو سيُبين لهم أنه يجب عليهم الانضمام الى عقوبات على ايران؛ وسيغير تصورهم العام عن المشروع الذري والنظام الايراني فضلا عن سوريا. لكنه يأخذ إبنيه لهذا التباحث الاستراتيجي وسيخصص النصف الأول من الزيارة للتجوال السياحي في شنغهاي.
غطيت زيارتين سابقتين لقادة اسرائيليين للصين واحدة لوزير خارجية والاخرى لرئيس وزراء. واذا كانت التجربة تُعلم شيئا ما فان نتنياهو وعائلته سيحظون بضيافة سخية كعادة امبراطورية وبسلسلة صور جميلة في مواقع سياحية وبمحاضرات مدروسة باللغة الصينية على ألسنة قادة النظام لكنه لن يغير رأيهم أدنى تغيير.
بدأ نتنياهو ولايته الاولى لرئاسة الوزراء بزيارة اوروبا التي تم القضاء عليها بسبب أحداث نفق حائط المبكى. ويجب ان نتمنى له من أعماق قلوبنا زيارة مطمئنة هادئة للصين وقضاء أوقات ممتعة كثيرة مع أولاده. ونحن نعد بجمع الصحف التي ستجتمع عند مدخل منزله ونحفظها كي لا يستغل اللصوص غياب العائلة لمصلحتهم. وينبغي ان نأمل ان يُسهم احمدي نجاد ونصر الله والاسد بنصيبهم في الهدوء الى ان يعود على الأقل فهذا ما يفترض ان يفعله الجيران الصالحون.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسرائيل تُخاطر
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
إن جذور الاضطرار الى استعمال أذرع سلاح الجو الاسرائيلي الطويلة لمنع نقل سلاح ايراني من سوريا الى حزب الله هي في قرار مجلس الامن الذي أنهى حرب لبنان الثانية في آب 2006. لم تستطع اسرائيل احراز أهدافها في الحرب وخرجت منها ويدها هي السفلى.
ولذلك تفضلت بانهائها دون حسم وبشعور بالهزيمة، واكتفت بالقرار الذي يحظر نقل سلاح كهذا من سوريا الى لبنان. لكن ضعف الحكومة برئاسة اهود اولمرت جعلها تحجم عن فرض حظر شحنات السلاح المرسلة. وسخر بشار الاسد وحسن نصر الله من اولمرت جهارا نهارا.
إن شحنات السلاح المرسلة التي تتجه الآن الى لبنان هي استمرار طبيعي لعدم تصميم الحكومة في 2006. واضطرت اسرائيل بسبب ذلك ان تحدد متأخرة كثيرا أي قوافل السلاح لن تصل الى غايتها.
إن يُسر سياسة قصيرة النفس وقصيرة الأجل أحدث وضعا يوجد معه اجماع وطني ودولي تقريبا على ان الجيش الاسرائيلي اضطر الى مهاجمة محور طهران حزب الله على ارض سورية سيادية كما نشرت الصحف الاجنبية، وأن يتخذ في واقع الامر في غير مصلحة له موقفا من الحرب الأهلية التي تجري قرب دمشق.
إن حكمة الهجوم الاسرائيلي وتسويغه لا يُشك فيهما. إن الحكومات الغربية تستعمل اسرائيل مثل مرتزقة لاضعاف بشار الاسد وهي مستعدة لذلك لأن تُسوغ عمل سلاح الجو وتدعمه.
لا تستطيع اسرائيل ان تكتفي بتسويغ الخطوة وبقدرة سلاح الجو الاسرائيلي على الأداء الممتاز. فعليها ان تأخذ في حسابها الآن عدة عناصر: فانه وإن لم يرد الاسد على الهجوم على سلاح ايراني في قواعد حزب الله على ارضه فهناك خطر تدهور الوضع الى مواجهة عسكرية عنيفة مباشرة مع طهران. وقد هدد مصدر مقرب من ايران أمس في بث في القناة الثانية بالرد على اسرائيل ودعاها الى تلقي الضربة والامتناع عن الرد لئلا تتدهور المنطقة الى حرب من غير ان تقصد الأطراف ذلك.
ومع ذلك يجب على ايران ان تفهم ان اسرائيل أعلنت مرات كثيرة جدا في السنوات الاخيرة ما هو الخط الاحمر الذي تراه ولم تثبت دائما عند سقف مطالبها.
ويجب على الحكومة هذه المرة ان تختار مقدار الطلب الأدنى وألا تنزل تحته. هذا ارتفاع لسقف خطر التدهور الى مواجهة عسكرية طويلة، لكن لا مناص.
إن اسرائيل غير معنية بالتدخل في الحرب الأهلية في سوريا وهي ليست ايضا طرفا في المعارك. والمتمردون ليسوا أخف على اسرائيل بالضرورة من عائلة الاسد. ويجب على الرئيس الاسد ان يقول للمندوب الايراني الذي سيأتي الى دمشق قريبا لتفحص الوضع، يجب على الاسد الذي يركع تحت عبء الحرب ان يقول إنهم اذا أرادوا ان يُسهلوا عليه البقاء في قصره فانه يُفضل أن يُخلصوه من العبء الذي ألقوه عليه وهو ان يكون مزودا للمنظمة الارهابية اللبنانية
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مستعدون لحرب استنزاف صغيرة
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
انتقلت المنطقة في نهاية الاسبوع الى وضع أمني استراتيجي جديد، وأُضيف الى عدم الاستقرار عنصر حاد: فقد نُفذ في سوريا عمل حربي. لم يكن ذلك اجتياحا جويا سريا آخر موجها على هدف كما حدث بحسب أنباء اجنبية نُشرت في قصف المفاعل الذري في دير الزور، بل كان عملا عسكريا مستمرا يوما بعد يوم على منشآت عسكرية وسياسية. فاذا أصر السوريون فانهم يستطيعون ان يروا ذلك اعلان حرب.
غير أن ذلك لم يكن عملا عسكريا على سوريا فقط بل كان خطوة ظاهرة صارخة موجهة على مصالح الايرانيين وحلفائهم في المنطقة. فقد استقر رأي شخص ما على نزع القفازين ربما لا لأن ذلك واجب بل لأنه ممكن. إن حزب الله والسوريين والايرانيين ايضا بقدر كبير ليس لهم أي اهتمام بأن يفتحوا اليوم جبهة فاعلة اخرى في مواجهة اسرائيل. ويبدو أن من استقر رأيهم بحسب أنباء اجنبية منشورة على ارسال طائرات الهجوم قد اعتمدوا على ذلك. ويبدو أن رجال أمن مختلفين كانوا يفكرون منذ بضعة أشهر بأن الفوضى في سوريا أحدثت فرصة لمرة واحدة للتخلص من ترسانة سلاحها الاشكالية من غير ان يدفعوا كلفة ذلك حربا شاملة. فلم يعد الجيش السوري يسيطر على هضبة الجولان ولا يستحق سلاحه الجوي ان يسمى هذا الاسم فلم يبق عنده سوى قذائف صاروخية. فاذا استقر رأي الاسد على اطلاق صواريخ ردا على الهجوم فسيدفع كرسيه ثمن ذلك.
يُقدر من يُقدر ان الثمن الذي ستدفعه اسرائيل يُعادل المخاطرة. فقد تدفع اسرائيل بـ ‘حرب استنزاف صغيرة جدا’ وربما باطلاق مدافع في الجولان أو ربما بعملية ارهابية كبيرة، أو ربما ببضعة صواريخ تسقط في مركز البلاد. لكن سيكون في مقابل ذلك هنا هدوء نفسي بضع سنوات طيبة. وليس هذا تصورا مقبولا لكن من المؤكد انه يمكن تقطيره وان يُستل منه بين الآن والآخر فصول ما للتطبيق.
إن هذا التصور العام الذي هو ‘استغلال الفرص’ مأخوذ من تصور عام عسكري ضيق يرى الحياة كلها حول الصاروخ التالي الذي سيدخل الى لبنان. وهذا التصور هو الذي أوجد المصطلح المعوج الذي يسمى ‘سلاحا يكسر التعادل’. إن اسرائيل هي دولة خوّافة لكنها قوية جدا من جهة عسكرية. ولا يستطيع أي صاروخ من غزة أو لبنان ان يكسر التعادل مع الجيش الاسرائيلي. هذه بدعة تعلمها جهاز الأمن فهو في اللحظة التي يصرخ فيها ‘يكسر التعادل’ لا يجادل أحد وينزل الجميع في هدوء الى الملاجيء. إن صواريخ ‘الفاتح 110′ تشبه جدا صواريخ ‘إم 600′ التي دخلت لبنان في السنوات الاخيرة بلا عائق. فمتى تحولت الى سلاح يكسر التعادل؟ ليس هذا واضحا. لكن منذ اللحظة التي هبطت فيها على ارض سوريا قبل نحو من اسبوع نشأت هنا فرصة عسكرية لضرب الايرانيين وحلفائهم.
لا تظهر اليوم في قائمة المصالح الاسرائيلية مادة تبادل ضربات عسكرية مع سوريا وحزب الله، لكن شخصا ما راهن في نهاية الاسبوع، كما تقول مصادر اجنبية، ونأمل أن تكون هذه المخاطرة محسوبة. لو أنه قُتل أكثر من 300 جندي سوري في هذه الهجمات كما أفاد التلفاز الروسي، لوجد السوريون أنفسهم بلا شك ملزمين أن يردوا. وقد جُرح هذه المرة بضع عشرات لكن قُتل اربعة فقط. يستطيع السوريون وحلفاؤهم الآن ان يبتلعوا ريقهم وألا يفعلوا شيئا، أو ان تستقر آراؤهم على أنهم ضاقوا ذرعا بذلك وأن يبدأوا مواجهة عسكرية شاملة مع اسرائيل. إن هذين الامكانين أقل احتمالا اذا قيسا بالامكان الثالث وهو رفع السقف للحرب السرية وهو ما ستعبر عنه عمليات ارهابية ومس بمصالح اسرائيلية في العالم واطلاق نيران من هضبة الجولان أو من حدود لبنان. إن الكرة الآن في ملعبهم الى محاولة تهريب السلاح التالية التي ستأتي. فمن الواضح أنهم لن يوافقوا على العيش تحت حصار كحصار غزة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
النجاح لا يمنح الشرعية
بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس
تبنت حكومات اسرائيل في السنوات الست الماضية نمط عمل الاغتيال بمسدس كاتم للصوت: عملية عسكرية موضعية، في الغالب من الجو أو من البحر، دون قوات برية كبيرة، فيما يكون الهدف المس بتهديد آخذ في التبلور. هكذا كان في ايلول 2007 في الهجوم على المنشأة النووية التي بنتها كوريا الشمالية في شرقي سوري، وهكذا في عمليات كثيرة اخرى نسبت الى اسرائيل، من سوريا وحتى السودان.
وتقوم السياسة الاسرائيلية على مستويين: المستوى الاولى هو المستوى العملي، العملية ذاتها، التي تأتي لتلبية حاجة أمنية. المستوى الاخر يرتبط بالمحاولة الاسرائيلية لعدم جذب انتباه أكبر مما ينبغي، من هنا ايضا الصمت الرسمي. اذا كانت عقيدة القتال الامريكية في العقد الماضي وصفت بانها ‘اضرب وأخف’، فان النهج الاسرائيلي هو ‘اضرب واسكت’.
عنصر هام في السياسة العملياتية الاسرائيلية هي التنسيق مع واشنطن. فقد اجتذبت الولايات المتحدة في العقود الاخيرة الى المنطقة وعمقت تدخلها العسكري فيها. وقيادتها معنية بمعرفة الى أين وجهة اسرائيل، كي تحسب أفعالها. ولما كانت سياسة العمليات غير المعلنة تجري بشكل ثابت منذ بضع سنوات، فينبغي الافتراض بانها مقبولة من الادارة في واشنطن وأنه تقرر فيها سياق منقطع عن السياسة الداخلية ويقوم على أساس اعتبارات أمن موضوعية.
ما كان صحيحا قبل ان تعلق سوريا في سنتين من الحرب الاهلية المضرجة بالدماء، صحيح بأضعاف الان. فنظام بشار الاسد يكافح في سبيل حياته، في الوقت الذي يتضاءل عدد حلفائه. وعلى فرض أن وحدات حزب الله تملأ الصفوف التي هزلت في جيش الاسد، يخيل أنه من الصعب على الرئيس السوري أن يرفض طلب حسن نصرالله أو أسيادهما المشتركين في طهران. في هذا الواقع المعقد، يتعاظم خطر نقل السلاح الاستراتيجي (صواريخ أرض أرض، شاطىء بحر وأرض جو) الى حزب الله. وفي ضوء خطر التصعيد لدرجة حرب اخرى في لبنان، ثمة مكان لاتخاذ سياسة استخدام القوة الموضعية والموضوعية، دون استفزاز لفظي زائد.
ان استخدام القوة يجب أن يتم انطلاقا من التفكر المتواصل. على حكومة اسرائيل أن تتأكد الا يتراخى اللجام، وفي اعقاب عملية عسكرية لا يتم تصعيد يشعل المنطقة بأسرها. وحتى في حالة تحقيق الهجمات هدفها، لا ينبغي التباهي بذلك واعتبار النجاح يمنح الشرعية لمواصلة استخدام القوة بشكل غير منضبط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
