-
1 مرفق
اقلام واراء عربي 399
اقلام واراء عربي 399
15/5/2013
في هذا الملــــف:
فياض إذ يتطاول على الثورة!
بقلم: احمد محيسن عن القدس العربي
حماس وأنبوبة الغاز
بقلم: علي طلعت عرار عن القدس العربي
إن تكلّم الأقصى !
بقلم: ليـــــلى بشــــار الكــــلوب عن القدس العربي
مزامير .. «عبد ربه»!
بقلم: محمد خروب عن الرأي الأردنية
في ذكرى النكبة: تحرير سيناء فريضة مؤجلة
بقلم: فهمي هويدي عن السفير البيروتية
لماذا يصر نتانياهو على الاعتراف بإسرائيل «دولة يهودية»؟
بقلم: جواد البشيتي عن الوطن القطرية
فلسطين تطل في مجاهل “غوغل”
بقلم: فيصل جلول عن الخليج الاماراتية
وكالة «الأونروا» ومأساة فلسطينيي سورية
بقلم: علي بدوان عن الحياة اللندنية
خذلان السوريين.. بعد الفلسطينيين
بقلم: إياد أبو شقرا عن الشرق الأوسط
لماذا يخاف الرئيس وجماعته من حملة «تمرد»؟!
بقلم: مصطفى بكري عن الوطن المصرية
فياض إذ يتطاول على الثورة!
بقلم: احمد محيسن عن القدس العربي
مداخلة بخصوص تصريحات السيد سلام فياض واعتباره فلسطين قضية الأمة، هي بمثابة قصة فاشلة، وكأنه يشاهد فيلما سينمائيا من أفلام هوليوود، وهو يقول: ‘ لـ’نيويورك تايمز، قصتنا هي قصة قيادة فاشلة منذ البداية من عرفات وحتى الان وفتح انتهت!!’. وقد استثنى نفسه من ذلك، وبأنه لم ينتم حتى لاتحاد طلبة فلسطين،’واعتبر كل تاريخ الثورة فاشلا!
لا نريد بطرحنا هذا توجيه الانتقادات لأي صفة رسمية كانت أم شعبية، أو أية شخصية بمعزل عن الاعتبارات، وذلك فقط من أجل الانتقاد وعلك الكلام، وعندما ننتقد نعبر بممارسة هذا الحق عن قناعاتنا، ونلتزم الموضوعية والحجة في النقد، ونبتعد عن شخصنة الأمور، إيمانا منا بأن الوطن للجميع ومصلحته هي العليا، ولا يملك’ أحد’ كان من كان، أن يضع فلترا على أفواهنا ويرهب فكرنا، عندما نريد أن نمارس حقا من حقوقنا في تعبيرنا عن رأينا، ومن هذا المنطلق نعرج على ما بلغنا بأن السيد سلام فياض قد أدلى بتصريحات لصحيفة ‘النيويورك تايمز′، وهي تصريحات يتطاول فيها على الثورة العربية الفلسطينية، ولا يمكن أن تترك بدون توضيح أو رد، فهل توافقون يا حماة الثورة وأبناءها على ما قاله فياض وهو يصف قضية فلسطين، أعدل وأقدس قضية عرفها التاريخ، بكل ما تحمل من معاناة’ وتضحيات، بأنها مجرد قصة وهو يقول: ‘ قصتنا هي قصة قيادة فاشلة منذ البداية من عرفات وحتى الان وفتح انتهت.؟!’. أليس في ذلك تطاول على النضال الفلسطيني وعلى تاريخه الكفاحي وتضحيات هذا الشعب العظيم؟ أليس في ذلك إساءة متعمدة مع سبق الإصرار والترصد لقادتنا المخلصين وشهداء أمتنا؟
من أي موقع يتكلم فياض بهذا النفس الاستفزازي وكم هو عمره العددي في تناول الشأن السياسي؟ ومن يسند ظهر فياض ليتجرأ على مثل هذه التصريحات بحق شعبنا وما هو عمقه العربي الفلسطيني في الوطن والشتات؟
ألم يسأل فياض نفسه وهو يفتري على شعب المقاومة والانتفاضات عن المآسي التي صنعها ومعاونوه لشعبنا وأصبحنا شعب المعاش والراتب، وشعب أكبر صحن تبولة وأكبر سدر كنافة وأكبر طنجرة مفتول وأكبر طبخة مقلوبة! ألم تأسف على ذهابه مؤسسة الاحتلال ووصفته برجل التنسيق الأمني بامتياز؟ ألم يجتمع به أوباما على انفراد في زيارته الأخيرة للأراضي الفلسطينية المحتلة، رغم أنف القيادة الفلسطينية، من دون أن يراعي في ذلك حتى أدب البروتوكولات في مثل هذه المواقف؟ أين هي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مما قيل، التي تدعي تمثيلها الواحد الأوحد والوحيد للشعب الفلسطيني؟
وأين من نسمعهم في كل مرة ينشدون لنا قصائد في الدفاع عن شخصيات من منطلق المنفعة والمصلحة الذاتية، وذلك فقط عندما يتعرضون هؤلاء للنقد، وانتصارا لرموز وأعلام وشخصيات يبدو البلاء والهلاك وغير ذلك من الصفات الشائهة، هو أهم معلم من معالم عديدة يوصفون بها! هل أصبح الشأن الفلسطيني والكفاح الفلسطيني عبر العقود المنصرمة مستباحا لهذه الدرجة، حتى بمثل هذه التصريحات من أحدهم بحجم فياض وأمثاله، ولا من سامع ولا من مجيب؟
هل نقول كما قال القائل، ‘فَالِت قوسها’.
فليخرج علينا الآن الناطقون الرسميون والمتحدثون البارعون والمدافعون المهرة، أصحاب الألقاب النووية، الذين ُصنعوا فقط لوظيفة واحدة معروفة ولا يتقنون سواها، وهي علينا ليست بخافية، والأمثلة في هذا المقام لا تعد ولا تحصى، ومللنا مشاهدتهم وسماع أصواتهم عبر الفضائيات، وليقولوا لنا مجددا وكعادتهم، عنزة ولو طارت، وجكارة بالطهارة، نريد الحفاظ على مبدأنا في الدفاع عن أهل الباطل...‘رحم الله شهداء أمتنا… ولا بد من فجر قادم.
حماس وأنبوبة الغاز
بقلم: علي طلعت عرار عن القدس العربي
استطاعت حركة حماس بوقت قليل نسبياً أن تجذب تأييد الملايين في العالم العربي والاسلامي بمختلف انتماءاتهم الفكرية والمذهبية، وكان هذا نتيجة تضحيات ودماء قادتها، الشيخ أحمد ياسين ومن كان وزيراً معنوياً للدفاع عن الأمة كلها بالقول والفعل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ناهيك عن المقاومة الشرسة لمقاتليها، التي جعلت من حماس نبراساً جهادياً ونشيداً في حناجر الجماهير.
لا يخفى على أحد ان حركة حماس ولدت من رحم الاخوان المسلمين، ولكن دائماً كان يحسب لها استقلالية قرارها وخصوصيتها الفلسطينية وسهولة التفريق بينها وبين الاخوان في الدول المجاورة. وبقيت الامور على ما هي عليه حتى جاء الخريف العربي الذي تساقطت فيه القيم والأخلاق واعتلى فيه صوت السيوف وجز الرقاب بمجرد اختلاف المذهب أو العقيدة.
تبنت القيادة في حماس موقف الاخوان المسلمين وأنبوبة الغاز وتركيا العضو بحلف الناتو من الخريف العربي، وخرجت من سورية ورفعت شعار ‘النظام ظالم وغير ديمقراطي’، رغم انها تسيطر على قطاع غزة منذ سنوات ولم نشهد انتخابات نقابية أو طلابية، ولا حتى لاختيار خطيب الجمعة!!
لم تكتف قيادة الحركة بالخروج، بل سلمت بنيتها العسكرية للمعارضة، ووصل بها الامر أن تقمع في غزه مسيرة للتنديد بالعدوان الاسرائيلي على سورية.
أنبوبة الغاز وتركيا الحليف الذي اتجهت اليه قيادة حماس حاضر لدفع المال ولن يجرؤ على امدادها بالسلاح، وهذا لا يلبي طموحات حركة تحرر ومقاومة وواضح أن هذا الحليف الجديد منزوع الارادة وخاضع بالكامل للغرب وامريكا والمبادر دائماً لتنفيذ مخططاته.
بعد دخول المنطقة في هذا النفق المظلم وبعد القصف الاسرائيلي لدمشق ودخولها المعركة جنباً الى جنب مع المعارضة المسلحة، ستتزحلق أنبوبة الغاز وتنفجر بفعل خيبتها وسوء اعمالها، لتقتل نفسها وتجف قنوات التضليل والتطبيع (الرأي والرأي الآخر) التي شيدتها وسينتهي حلم أنبوبة الغاز بالسيطرة والنفوذ، وستستعيد حركة حماس فلسطينيتها بعد تحجيم القادة المتنفذين فيها، لوضعهم الحركة ومقدراتها تحت تصرف أنبوبة الغاز متجاهلين ان هذا يصلح فقط مع حركه أو تيار عناصره قابضة على الدولار، وليس جمهور حماس القابض على الثوابت والضاغط على الزناد.
إن تكلّم الأقصى !
بقلم: ليـــــلى بشــــار الكــــلوب عن القدس العربي
تحضُرني كل المؤتمرات والأعياد والتصريحات والتأكيدات والاستنكارات وأنا أكتب هذه المقالة !
أهم ما يمكن أن يخطر في بالي هو المؤتمرات الاسلامية وحوارات الأديان وتحسين صورة الاسلام والمسلمين التي تشارك بها عشرات الدول (الاسلامية)، تلك المؤتمرات التي تقام في عاصمة احدى الدول (الاسلامية) أيضا، وتُكلّف آلاف الدولارات لرسم صورة الاسلام المشرق الأشمل الأفضل والأصح. والتصريحات والتأكيدات التي تتكرر كلّ عامٍ في هذه المؤتمرات، التي تؤكد على انسانية الاسلام، والأهم من ذلك أنها تؤكد على مسالمة المسلمين ودينهم وعقيدتهم واستنكارهم الشديد لاولئك المتطرفين الذين لا يعملون إلاّ على تشويه صورة هذا الدين الحنيف!
أما المظاهرات التي قامت في عدة دولٍ عربية مطالبةً بالثورة على الحكم العلماني، ومؤكدةً أهمية تطبيق الشريعة الاسلامية، التي نجحت والحمدلله في ايصال من لهم علاقةٌ بالدين الى الحكم (علاقةٌ حقيقة أم كاذبة) المهم أنهم يمثلون حزبا اسلامياً عتيدا أمام الدول الأخرى !
كل هذه (الشكليات) عليها أن تحضرني، وأنا أشاهد الأقصى يُدنّس لأكثر من يوم بأعداد ألفيةٍ مُخيفة، كل هذه (الشكليات) يجب أن تحضرني وتحضرك حين يُمنع رفع الأذان في أقصانا! وحين تُمنع صلاتنا فيه! كُلّ قيادةٍ وصلت الى الحكم باسم الدين سيحضرني صمتها المُذل، كل مظاهرةٍ مليونيةٍ صرخت بتحرير القدس سيحضرني صدق كلامها! كل (شخصيةٍ) ظهرت في مؤتمراتنا الدينية لتستنكر) ارهاب) بعضنا ستحضرني، كل من أكد على (مسالمة) الاسلام والمسلمين سيحضرني، لأصفق له بقوةٍ على ذلك، مسالمةٌ حتى الخضوع !
بين كل التغييرات التي طالبنا بها في ما سميناه ربيعنا، ألم نستطع أن نُحدث تغييرا حقيقيا واحداً لقضيتنا الكبرى الأولى والأهم؟ إن كان الأقصى للفلسطينيين وحدهم فلتتركوه، وليكملوا مأساةَ قضيتهم من دوننا، فلا شأن ولا علاقة لأيٍّ منّا بهم، أما ان شعرت بأنّ الأقصى مسؤوليتك كما هي مسؤوليتهم فعليكَ ألاّ تعتقد أبدا أنّ مسؤوليتك هي إلقاء اللوم عليهم، صمتنا المُذلُ وحده مهانةٌ كبرى، ديننا الذي نحمله حين يحلو لنا وفي القضايا التي تحلو لنا أيضا، الأصحً أن يُحمل هُنا بالقوة التي حُمل فيها قبلاً لثورةٍ هناك ولحكم ٍ هُنا! أؤمن في قرارة نفسي بانه لو كان للأقصى أن يصرخ أو يتألم لبصق في وجوهنا جميعا!
كفى بنا نلقي اللوم على من نريد، كفى نستثني من نريد كذلك شعبنا واحد، قضيتنا واحدة، ديننا واحد فهناك من قال: اليوم الأقصى و غدا القيامة.. نعم اليوم الأقصى وغدا القيامة، فذنبنا في النهاية واحد، هذه العروبة الموجعة!
سأقول ديننا واحد لأشمل القيامة والمهد وغيرهما ولن أقول ديننا واحد لأشمل مقامات طائفتي وطائفتك، لأنّي والله أخجل من الله ومن نفسي ان كتبتها! وآخرُ ما تبقّى حقيقة أنّ عدونا واحد، عدّوي عدوك، أخي العربي لا أنت عدوّي ولا أنا كما أفهمك عدُوّك !
مزامير .. «عبد ربه»!
بقلم: محمد خروب عن الرأي الأردنية
عشية ذكرى النكبة, خرج علينا «المناضل» الذي مكث طويلاً في مواقع قيادية دون أن يكون له أي حثيثية ميدانية, لا فصائلية وخصوصاً لا شعبية, بل إن ياسر عبد ربه الذي نصّبوه ذات يوم امين سر لمنظمة التحرير الفلسطينية دون انتخاب أو التزام بميثاق المنظمة ذاتها, بدا في لحظة ما وكأنه «الوريث» الطبيعي لرئيس المنظمة الحالي محمود عباس, الذي كان أمين سر المنظمة «المُزمن» في عهد ياسر عرفات قبل أن يرحل الاخير, ويخلو الجو لشخصية كعبدربه يصعب على أحد الرهان عليها أو التكهن بالمدى الذي ستصله في مسار ما, بما هو دائم النطنطة ونسج المؤامرات والدس على رفاقه واصدقائه لدى كل صاحب قرار في المنظمة أو خارجها..
ما علينا..
خرج ياسر عبد ربه عشية الذكرى الخامسة والستين لنكبة فلسطين الوطن والشعب لـ (يزف) إلينا بشرى ظن لفرط سذاجته (اقرأ تهافته) أنها ستكون ذات دوي هائل وأن المنطقة لن تعرف الهدوء بعد اندلاع تداعيات اللقاءات «العشرة» التي عقدها عبد ربه مع نتنياهو «سراً».. ولأن صاحب مبادرة جنيف مع يوسي بيلين ورهط من «انصار» السلام من الفلسطينيين والاسرائيليين الذين يتشاركون الرؤى والقراءات الأقرب الى الاستشراقية والاحلام والزعم بالتوق الى السلام, بعد أن تعب الشعبان, معروف (عبدربه) بميوله السلامية (اقرأ الاستسلامية), فإنه ظن أنه يتوج سيرته النضالية بلقاء اكثر رؤساء حكومات اسرائيل تطرفاً وعناداً وغطرسة وايماناً ايديولوجيا عميقاً بالفكرة الصهيونية, التي ترى أرض اسرائيل كاملة وأن فيها شعباً «يسكن وحده», لهذا جاء «كشف» عبد ربه باهتاً وباعثاً على الرثاء والغضب في الان ذاته, وبخاصة ان شخصيات كهذا الرجل الذي بدا عملية تخريب ممنهجة داخل الحركة الوطنية الفلسطينية منذ أن نضجت او أُنضجت له فكرة بناء الدولة (الفلسطينية) على مراحل فـ»طَبَخَ» واخرون ما سمي ببرنامج «النقاط العشر» التي كانت المسمار الاول وربما الاخطر في نعش الثورة الفلسطينية والتي اسهمت في انقسامات أفقية وعامودية ما لبثت أن اخذت المشروع الوطني الفلسطيني الى مربع المساومات والغرف السرية التي يديرها عسس المخابرات وأجهزة السفارات والانظمة ثم انخرطت «الثورة» في لعبة الانظمة وبدأت رحلة الانحيازات القاتلة في نظام عربي منخور وآيل للسقوط أدت في النهاية الى وقوع الشعب الفلسطيني في «هاوية اوسلو» التي كان عبد ربه أحد أكبر المروّجين لها, على نحو لم يعد لديه بعد ذلك من «نضال» سوى اللقاء بالاسرائيليين وخصوصاً الاجنحة العديدة في اليمين المتطرف ولم يكن عبد ربه يجيد شيئاً سوى الابتسام والانحناء أمام الاسرائيليين (الذين هم ليسوا اعداء في نظره) وبخاصة مع النساء منهم..
من قرأ جيداً «اسرار» عبد ربه التي أوردتها صحيفة «تايمز اوف اسرائيل» يلحظ بغير عناء, كيف أن هذا الرجل الذي ما يزال يجني «ريع» نضال وهمي ومتخيل, لم يكن قام به, بقدر ما استثمره لتحسين مواقعه وارصدته ومواصلة التشدق بشعارات وخطاب, يزعم أنه «واقعي» في الوقت ذاته الذي يهاجم فيه في غير هوادة أو حد أدنى من اللياقة كل من ينتقد مسيرة التفريط والمساومة على الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة والقدس (عودوا الى نصوص مبادرة جنيف التي وقّعها مع يوسي بيلين)..
نقول: من قرأ هذه التصريحات يكتشف تهافت الرجل وعدم اتزانه وفقدانه البوصلة, بل ان ما اورده من معلومات يعكس الدونية التي يتعاطى بها الاسرائيليون معه, وكيف أن عبد ربه فشل في اظهار أي تمسك بالثوابت الفلسطينية المعروفة (سيسارع الى وصفها بالخطاب الخشبي غير القابل للتحقق) وهو لا يتورع عن البدء في لعبة استذكاء محكومة بالفشل عندما تفوح منها رائحة التناقض كقوله للاسرائيليين (إن صدق بالطبع) «... المطالب الامنية ليست مدخلاً مقبولا «المهم» الاتفاق على بدء الحديث عن حدود 67, ومن ثم بدء مناقشة الامور الامنية, ويمكن - والقول لعبد ربه - ان يتم ذلك بشكل متواز».. هل لاحظتم «عمق التناقض وسذاجة التذاكي؟
ثم يصل هذا «المناضل» الذي ركب موجة الثورة وبدأ في تخريبها بعد أقل من خمس سنوات على امتشاقه «البندقية» الانيقة (شغل المكاتب والتقاط الصور) الى عرض عضلات متعفنة تفوح منه رائحة الكذب هذه المرة وليس النفاق فحسب, عندما يبدأ نتنياهو الحديث عن تاريخ اليهود منذ آلاف السنين وعن والده (المؤرخ المقرب من جابوتنسكي) ليقوم عبدربه بعدها «بتعنيف» نتنياهو ويقول له «... نحن لا نثق فيك ولا نؤمن بك وهذا هو الشعور العام لدى الفلسطينيين وهذا شعوري ايضاً, ثم يستطرد عبدربه «حديثك هذا لن يوصلنا الى أي مكان وركّز اهتمامك على الوقت الراهن وما جرى قبل ستين عاماً»..
لنقف هنا ولنفكك هذه العبارات لنلحظ أن نتنياهو كان مجرد تلميذ كسول يجلس أمام معلّم صاحب شأن, ويقول له «ركّز» فيصدع هذا الصهيوني له.. ثم بدل ان يرد عليه عبد ربه بخطاب تاريخي يفند الخزعبلات والاساطير الصهيونية المؤسسة, فإنه يبدو وكأنه يُقرّ بها بدليل انه يهرب الى الامام ليناشد (...) نتنياهو التركيز على الوقت الراهن (كذا)..
هل ثمة داعٍ للاستمرار في تفكيك تصريحات واقوال متهافتة لأحد اكبر المساهمين في تعثر وربما اقتراب تصفية القضية الفلسطينية وهزيمة المشروع الوطني الفلسطيني, رغم كل ما قدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات؟ تُرى.. على مَنْ يتلو عبد ربه.. مزاميره؟
في ذكرى النكبة: تحرير سيناء فريضة مؤجلة
بقلم: فهمي هويدي عن السفير البيروتية
لا أرى سبيلا لإحياء الذكرى الخامسة والستـين للنكبة التي حلت بفلسطين (في 15/5/1948) إلا بالدعوة إلى المطالبة بتحرير سيناء، لأن الصلة وثيقة بين الاثنين.
(1)
هذا المنطوق يحتاج إلى شرح. لذلك أرجو ألا يسارع أحد إلى تأويله أو استخلاص رسالته قبل أن أوضح ما عنيته. إذ قد يستغرب البعض إذا علموا أنني استلهمت فكرته من حديث الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع إلى رجال الجيش الإعلاميين الذين شهدوا يوم السبت الماضي 11/5 ختام ما سمي «إجراءات التفتيش» لأحد التشكيلات المدرعة بالمنطقة المركزية، إذ ذكر أن تطوير الوحدات والتشكيلات ورفع معدلات كفاءتها القتالية يتم بمعدلات غير مسبوقة، بما يضمن لها القدرة على مجابهة التحديات والوفاء بالمهام المكلفة بها في حماية الوطن.
كنت أحد الذين دعــوا في كتــابــات منــشورة إلى الكف عن الإلحـاح غــير المســؤول على دعــوة الجــيش إلى التدخل والانقلاب على الشـرعية. ومن بين ما قلته إن جيــش مصــر الآن يخضــع لعمليــة إعــادة بناء شاملة، تستهدف استعادة عافيته وتجديد شبابه، لكي يصبح جيشاً وطنياً محترفاً يليق بدولة كبيرة مثل مصر.
هذا الاهتمام بعافية الجيش المصري لا ينطلق فقط من إدراك لاستراتيجية المصلحة الوطنية المصرية فحسب، ولكن أية قراءة للمشهد العربي تؤيد بشدة تلك الرؤية، خصوصاً بعد تدمير الجيش العراقي وإنهاك وتدهور أوضاع الجيش السوري، الأمر الذي يجعل رفع الكفاءة القتالية للجيش المصري مطلباً عربياً ضرورياً وملحاً.
(2)
في تقرير «مدار» الاستراتيجي الذي صدر هذا العام عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية في رام الله أن إسرائيل لا تزال قلقة للغاية من تغــير الأوضـاع في مصر. وتخشى من أن يمس ذلك التغير معاهدة كامب ديفيد التي تعتــبرها كنزاً استراتيجــياً لا تعــوض. وهي تعتبر أن مرور عام 2012 بسلام ومن دون أن يتعكر صفو العلاقات مع مصر إنجازاً مهماً. وفي ظل النجاح الذي حققته إسرائيل على ذلك الصعيد فإنها استثمرت أجواء الربيع العربي لتجعل من عام 2012 «ربيع الاستيطان». إذ ضاعفت في ذلك العام مشروعاتها الاستيطانية أربعة أضعاف ما كانت عليه عام 2011.
يتحدث التصوير الاستراتيجي عن التقديرات الأمنية الإسرائيلية التي تجمع على أن مصر بعد ثورة «25 يناير» 2011 سوف تختلف حتماً عنها قبل ذلك التاريخ، الأمر الذي يفرض على الدولة العبرية أن تكون مستعدة للتعامل مع مختلف الاحتمالات. ومن حيث المبدأ فإنها تعتبر الانسحاب من معاهدة «كامب ديفيد» خطاً أحمر لا تستطيع أية حكومة إسرائيلية أن تسمح بتجاوزه. ولديها الخطط اللازمة لمواجهة الاحتمال الأسوأ. ويعد ارتهان شبه جزيرة سيناء لمصلحة إسرائيل أحد المفاتيح التي تقبض عليها وتلوح بها بين الحين والآخر للضغط على مصر وابتزازها. والمتواتر في الدوائر السياسية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوح بورقة سيناء في اتصال هاتفي له مع الرئيس الأميركي حين صرح الدكتور نبيل العربي عندما كان وزيراً للخارجية بعد الثورة بفكرة فتح معبر رفح أن فلسطين غزة.
في هذا الصدد لا مفر من الاعتراف بأن الوضع في سيناء يشكل نقطة ضعف أساسية في الموقف المصري بعد الثورة، جعلت مصر في موقف حرج كبَّلها بوضع شاذ يمس سيادتها ويهدد أمنها القومي، وهو ما ينال من كرامة البلد في حين ثار شعبه وضحى بشهدائه لكي يصونها ويدافع عنها.
لم يعد مقبولا أن تمزق سيناء إلى ثــلاث مناطــق يتفاوت فيها ضعف الوجود العسكري المصري، ومن المخزي أن يعبر القناة في حرب 1973 حوالي 80 ألف جندي وألف دبابة، ثم يوافق الرئيس السادات بعد «النصر» على سحبها جميعاً غرب القناة في اتفاق فض الاشتباك، باستثناء 7 آلاف جنــدي و30 دبابة فــقط لا غير.
وما عاد مقبولا أن يحظر على مصر إنشاء أي مطارات أو موانئ عسكرية في كل سيناء، ومن المحزن والمريب أن تقف أقرب دبابة إسرائيلية على بعد ثلاثة كيلو مترات من الحدود المصرية، في حين أن أقرب دبابة مصرية تبعد 150 كيلو متراً عن نفس النقطة.
هذا بعض ما نبهت إليه الدراسة التي أعدها المهندس محمد سيف الدولة المختص بالموضوع، والتي نبه فيها أيضاً إلى وجود القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة في سيناء، ولا يجوز لمصر أن تطالب بانسحابها إلا بعد موافقة جماعية من الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن.. وتلك القوات تتبع حلف الأطلنطي وقوامها 2000 جندي، وهي تراقب مصر أساساً في حين أن هناك 50 شخصاً مدنياً يراقبون الجانب الإسرائيلي.
التفاصيل كثيرة في هذا الملف، وكلها تجمع على أن الوضع في سيناء يمثل وصمة فرضت على مصر ثغرة في جدار أمنها القومي المصري، يجب ألا يستمر السكوت عليها بعد الثورة، ويتعذر التعامل معها إلا بعد أن تستعيد مصر عافيتها السياسية والعسكرية.
(3)
من سخريات الأقدار ومفارقاتها أن الرأي العام المصري جرى تشويهه خلال العقود الأخيرة، إذ نجحت أبواق الرئيسين السابقين السادات ومن بعده مبارك في قلب الصورة ومسخها في سيناء، بحيث أقنعت كثيرين بأن الخطر على سيناء يتمثل في الفلسطينيين لا الإسرائيليين. وثمة شائعة راجت في مصر تدّعي أن الفلسطينيين يطمحون في التمدد في سيناء والاستيطان بها، بحيث تضم إلى قطاع غزة في نهاية المطاف. وينسى هؤلاء ثلاثة أمور أساسية هي:
ــ إن الرئيس جمال عبدالناصر كان قد طرح الفكرة في عام 1953، حين كان يحسن الظن بالأميركيين، وتصور أنهم سوف يساعدونه في توطين الفلسطينيين في شمال غرب سيناء، وثمة تقرير بهذا الخصوص نشره الباحـث الفلسطـيني حســن أبوالنمــل في كتاب أصده مركز أبحاث منظمـة التحـرير سنة 1978 ــ وذلك التقرير أعده المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومي في مصر بالتعاون مع وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين، وهو مطبوع بتاريخ 28 يوليو 1955. وقد نبهـني إليـه الباحـث الفلسطيـني المخضـرم عبدالقــادر ياسـيــن الذي عاصر تلك المرحلة. وهو يذكر أن الفكرة لقيت معارضة شديدة من الفلسطينيين آنذاك، وأن وفداً منهم ضم ممثلين عن الإخوان والشيوعيين والمستقلين جاء للقاء الرئيس عبدالناصر وأقنعه بالعدول عن الفكرة.
ــ إن الإسرائيليين احتلوا سيناء مرتين، بعد عدوان 56 وبعد حرب 67، وأمضوا هناك نحو 15 عاماً، كانت الحدود خلالها مفتوحة بين غزة وسيناء، وكان من اليسير للغاية على الفلسطينيين أن يتمددوا في سيناء ويستوطنوا فيها، ولكنهم لم يفعلوا رغم أنه لم يكن هناك عائق يحول دون ذلك. وظلوا متمسكين بالبقاء في بلادهم وعلى أرضهم التاريخية.
ــ إن فكرة توطين الفلسطينيين بصفة دائمة في سيناء مصدرها إسرائيل ولم ترد في أي مشروع أو مخطط فلسطيني. والباحثون الأكاديميون يعرفون جيداً أن الساسة الإسرائيليين طالما تمنوا أن يحلوا مشكلتهم مع الفلسطينيين عبر نقلهم إلى أي مكان في الكرة الأرضية. وإذا كانوا قد رشحوا لذلك بعض دول أميركا اللاتينية، فلا ينبغي أن يستغرب منهم أن يرشحوا سيناء أيضا، باعتبارها أقرب من الناحية الجغرافية، فضلا عن أنها تتسع لهم ويمكن أن تستوعبهم بسهولة.
(4)
ضعف مصر هو المشكلة، إذ بسببه لم تستطع أن تطالب بتعديل البند الخاص بانتقاص سيادتها على سيناء، رغم أن الفرصة كانت ولا تزال مواتية لإطلاق تلك الدعوة، حيث لم يعد اضطراب الأوضاع في سيناء خافياً على أحد، والتهديدات التي تمثلها تلك الاضطرابات لأمن مصر واستقرارها لم تعد موضع جدل أو مناقشة. ولا أحسب أن أحداً يمكن أن يجادل في أن ضعف مصر أدى إلى إضعاف العالم العربي برمته وإضعاف القضية الفلسطينية بالتالي، الأمر الذي يجري استغلاله بصورة مكشوفة من خلال دفع العرب إلى تقديم تنازلات مجانية مستمرة للإسرائيليين، كان آخرها طرح فكرة تبادل الأراضي مع إسرائيل لتثبيت تغولها الاستيطاني واستكمال الجريمة التاريخية المتمثلة في تغيير خرائط الواقع لمصلحتها.
إن مصر الثورة التي لم تستقر أوضاعها لم تغير شيئا في القواعد التي أرساها نظام مبارك في علاقته بالفلسطينيين عموماً وفي شأن غزة بوجه أخص. نعم تغيرت الأجواء بصورة نسبية، ولكن القواعد لم تتغير. ذلك أوضح ما يكون في معبر رفح الذي لا يزال معبراً للحالات الإنسانية فقط كما أرادته إسرائيل، وليس ممراً دولياً أو تجارياً كما هي الحال في الممرات الحدودية في مختلف أقطار العالم.
لماذا يصر نتانياهو على الاعتراف بإسرائيل «دولة يهودية»؟
بقلم: جواد البشيتي عن الوطن القطرية
لماذا يُبْدي نتانياهو كل هذا الإصرار على أنْ ينتزع من الفلسطينيين اعترافهم بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية؟ ولماذا لا يستطيع الفلسطينيون تلبية مطلبه (أو شرطه) هذا؟
نتانياهو لا يُخْطئ، وإنَّما يُصيب كبد الحقيقة، بقوله، وبإصراره على القول، إنَّ النزاع (أو الصراع) مع الفلسطينيين هو في أصله وأساسه وجوهره نزاع على الوجود لا على الأرض والحدود، ولن يكون في مقدور أيِّ حلٍّ تأتي به معاهدة، أو اتفاقية، للسلام بين الطَّرفين، أنْ ينال من قوَّة إيمان الفلسطينيين (ومعهم العرب جميعاً) بحقِّهم القومي والتاريخي في فلسطين كلها، فوجود «دولة قومية» لليهود في فلسطين، ومهما كان حجمها، هو أمْرٌ لا يمكن قبوله، فلسطينياً، وعربياً، على أنَّه من نَسْل «الحق»، أو «الحقيقة»، ومع ذلك، يمكن (ويجب) أنْ يُلْزِمهم «الواقع» مواقِف تتعارض (قليلاً، أو كثيراً) مع هذا الإيمان.
الفلسطينيون، وعن اضطِّرار مألوف في العالم الواقعي للسياسة، اعترفوا بأنَّ لإسرائيل (الدولة) الحق في العيش في أمن وسلام، وضِمْن حدود معترَف بها (فلسطينياً على وجه الخصوص).
وهذا الاعتراف لم يكن، من حيث جنسه وطبيعته، متبادَلاً، فإسرائيل لم تُبادِل الفلسطينيين، حتى الآن، اعترافاً باعتراف، فهي لم تَقُل إنَّها تعترف بأنَّ لهم الحق في دولة (في أراضيهم التي احتلتها في حرب حزيران 1967) وبأنَّ لهذه الدولة الحق في العيش في أمن وسلام، وضِمْن حدود معترَف بها (إسرائيلياً على وجه الخصوص).
ومع ذلك، لا يرضي هذا الاعتراف الفلسطيني نتانياهو وأشباهه، والسبب يكمن في صيغة الاعتراف الفلسطيني، فالفلسطينيون لم يقولوا، في هذه الصيغة، إنَّهم يعترفون بالحق القومي والتاريخي لـ«الشعب اليهودي» في فلسطين، وبدولة إسرائيل بصفة كونها تجسيداً لهذا الحق، وكأنَّ الفلسطينيين يقولون، في الصيغة نفسها، إنَّهم، وإنْ ما زالوا على رفضهم الاعتراف بمثل هذا الحق، يعترفون بأنَّ لإسرائيل الحق في العيش في أمن وسلام، وضِمْن حدود معترَف بها.
نتانياهو، وبغروره القومي اليهودي، يأبى أنْ يَطْلُب من الفلسطينيين الاعتراف بالحق القومي لـ «الشعب اليهودي» في فلسطين، فهذا «الشعب» يكفيه أنَّ «الرَّبَ» نفسه قد أعطى أرض فلسطين لـ «شعبه (المفضَّل على العالمين)»، وفي هذه «المنحة الرَّبَّانية» شرعية لا تعلوها شرعية، على ما يتوهَّم نتانياهو.
إنَّه يريد (ويطلب) منهم فحسب أنْ يعترفوا بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية، فإذا امتثلوا لإرادته، واعترفوا بها على هذا النحو، فإنَّهم يَتَحَلُّون، عندئذٍ، بـ «فضيلة» الاعتراف بما هو «حقٌّ» و«حقيقة»!
وفي «اعتداله» الأقصى، يجنح نتانيـــاهـــو إلى تميـــيـــز «إســــرائيل الدولة» من «إسرائيل الأرض»، فـ «إسرائيل الدولة»، والتي يريد نتانياهو من الفلسطينيين أنْ يعترفوا بهــــا على أنَّهــــا «دولة يهودية»، لا يشمل إقليمها كل «أرض إسرائيل»، وإنَّما معظمها فقط، أمَّا ما بقي من «أرض إسرائيل» في خارج إقليم دولتها، أي الضفة الغربية («يهودا» و«السامرة») على وجه الخصوص، فيمكن أنْ يسمح للفلسطينيين بأنْ يقيموا لهم دولة فيه (على أنْ..، وعلى أنْ..).
وخير دليل على ذلك هو أنَّ نتانياهو لن يَقْبَل أبداً «مقايضة» من قبيل أنْ يعترف الفلسطينيون بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية في مقابل اعتراف إسرائيل بأنَّ للشعب الفلسطيني حقَّاً قومياً وتاريخياً في أنْ تكون لهم دولة في أراضيهم التي احتلتها إسرائيل سنة 1967،
وهذا إنَّما يعني أنَّ نتانياهو يريد أنْ يقول للفلسطينيين إنَّ لإسرائيل في الضفة الغربية («يهودا» و«السامرة») حق التملُّك القومي، لكننا نعطيكم حق الاستعمال، تترجمونه بإقامة دولة لكم فيها، أمَّا ضِمْن إقليم «الدولة اليهودية» نفسها فلن نعترف بأيِّ حقٍّ قومي وتاريخي لـ «الأقلية القومية العربية»، أيْ ما يسمَّى «عرب إسرائيل»، فإسرائيل، وإنْ ضَمَت «أقلية قومية عربية»، ليست بدولة «ثنائية القومية»، لأنْ ليس لهذه «الأقلية القومية» من حقٍّ قومي أو تاريخي في إقليم «الدولة اليهودية»، التي لن تُفْرِط في كرمها وسخائها، فتعطي هؤلاء «حق الاستعمال» الذي أعطته لأشقَّائهم في «يهودا» و«السامرة»، ويُفضَّل أنْ يُهيَّئ لهم من «الأسباب» ما يَحْملهم على المغادرة إلى إقليم دولتهم، فإذا كانت دولة إسرائيل لا تَقْبَل لمواطنيها (أيْ المستوطنين) في الضفة الغربية والقدس الشرقية العيش في إقليم «الدولة الفلسطينية»، فإنَّ على هذه الدولة أنْ تتشبَّه (في هذا الأمر) بدولة إسرائيل، وأنْ تجتهد في ضَمِّ «عرب إسرائيل (أو بعضهم)» إليها، لكنَّ هذا لا يعني أنْ تتشبَّه بدولة إسرائيل لجهة «الضَّم الثنائي»، أيْ الضَّم الديمغرافي والضَّم الجغرافي معاً.
«مقايضة» أخرى لن يَقْبلها نتانياهو: أنْ يعترف الفلسطينيون بإسرائيل على أنَّها «دولة يهودية» في مقابل ضَم «عرب إسرائيل» مع أرضهم إلى إقليم «دولة فلسطين»، واعتراف إسرائيل بأنَّ للشعب الفلسطيني حقَّاً قومياً وتاريخياً في هذا الإقليم.
وضِمْن هذه «المقايضة» تُعدَّل الحدود، ويتبادل الطرفان (أو الدولتان) أراضي، بما يسمح بضمِّ الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية إلى إسرائيل، وبضمِّ القدس الشرقية (أو معظــمــهــا) إلى «دولة فلسطين»، وبجعل «الممر» بين الضفة الغربية وقطاع غزة جزءاً من إقليم «دولة فلسطين»، يخضع لسيادتها، وبتخلِّي إسرائيل عن جزء آخر (متَّفَق عليه) من إقليمها لضمِّه إلى إقليم «دولة فلسطين»، التي تعترف بها إسرائيل على أنَّها دولة قومية للشعب الفلسطيني بأسره.
وإذا ما أُضيف إلى كل ذلك ضمانات أمن دولية قوية وكافية لـ «دولة فلسطين» فلن تحتاج هذه الدولة إلى أنْ تتسلَّح بما يثير خوف وقلق إسرائيل.
فلسطين تطل في مجاهل “غوغل”
بقلم: فيصل جلول عن الخليج الاماراتية
دخل محرك “غوغل” التاريخ بوصفه أول شركة افتراضية عملاقة تعترف بفلسطين كاملة وتمنحها الشرعية الدولية من دون تحفظ، وذلك بخلاف الأمم المتحدة التي تعتبرها دولة غير كاملة العضوية، وتماماً كحالها في اليونسكو التي اقترعت لمصلحة فلسطين قبل عامين دون أن تتمكن الولايات المتحدة من تعطيل الاقتراع، فهي تتمتع بحق الفيتو في هذه المنظمة الدولية التي لا تعمل وفق نظام “الفيتو” كما هي الحال في مجلس الأمن الدولي .
والواضح أن فلسطين تتقدم في المحافل الدولية وتحتل المواقع التي تليق بها، حيث لا تتمتع واشنطن و”تل أبيب” بحق “الفيتو” أو بإمكان ممارسة الضغط . بالمقابل تحوْل واشنطن وقلة من الدول التي تؤيدها دون الاعتراف بشرعية فلسطين، وبحقها في المساواة مع الدول والبلدان الأخرى، وحجتها هي حجة “إسرائيل” التي تقول إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية أي بفلسطين يجب أن يكون نتيجة منطقية لسلام يبرمه الفلسطينيون مع “إسرائيل” برعاية أمريكية وليس العكس والواضح أيضاً أن فلسطين تتقدم أحياناً من دون مساع من السلطة الفلسطينية التي تنهشها البيروقراطية والإحباط، بل عبر منظمات المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية في الغرب، فهذه الهيئات الناشطة في مجال الحقوق تتحرك من منطلقات أخلاقية وحقوقية، وغالباً ما تشعر بالفخر عندما تثمر أنشطتها عن إنجازات من النوع الذي وقع على محرك “غوغل” . ومن المؤسف القول إن الدور الذي لعبته السلطة في هذا المجال كان محدوداً واقتصر على تحضير بضع خرائط لكي يستخدمها “غوغل” في شروحاته الفلسطينية للملايين من زبائنه اليوميين .
والبادي أن الإنجاز الفلسطيني على محرك البحث الأمريكي رمزي للغاية، فشركة “غوغل” لا يمكن أن تعيد فلسطين إلى الفلسطينيين إلا في المجال الافتراضي، وبالتالي سيكون عليهم أن يعيدوها بأنفسهم كاملة إلى أرض العلاقات الدولية . والراهن أيضاً أن جانباً مهماً من دوافع المحرك تجارية، حيث من الصعب إجبار مئات الملايين من العرب والمسلمين على المرور ب”إسرائيل” في كل مرة يريدون الحصول على معلومات فلسطينية . ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في ضوء ذلك هو الآتي: ما دام الإنجاز الفلسطيني رمزياً ولا يعدّل في ميزان القوى على الأرض، فلماذا تغضب “إسرائيل”؟ ولماذا تثير ضجة عالمية وتطلب النجدة من حلفائها لصرف النظر عن هذه الخطوة؟ والجواب عن السؤال يمر بالعناصر الآتية:
* أولاً: من شأن حضور فلسطين في لاوعي مستخدمي “النت” بدلاً من “المصطلح السابق” السلطة الفلسطينية أو المناطق الفلسطينية، أن يجعل المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية غير شرعية، حيث إنه من المنطقي والبديهي أن تكون فلسطين للفلسطينيين وليس للمستوطنين، وفي هذه الحال سيتبدد الغموض عن هوية الأراضي الفلسطينية “المتنازع عليها”، كما تقول “تل أبيب”، وبالتالي عن مشروعية استيطانها ما دام النزاع قائماً . بكلام آخر، إن كل حديث عن فلسطين يعني الفصل التام مع “إسرائيل” والعكس صحيح، مع الإشارة إلى أن الرأي العام الغربي مؤثر للغاية، علماً أن السلطات في الدول الغربية يأتي بها الرأي العام .
* ثانياً: مع كل تقدم في الاعتراف بفلسطين تخسر الدولة الصهيونية ورقة ضغط مهمة في المفاوضات مع الفلسطينيين الذين غالباً ما حاولت أن تقنعهم بأن دولتهم ومستقبلهم رهن بها وليس بهم أو بالمجتمع الدولي .
ثالثاً: يزيد هذا الأمر موقع المفاوض الفلسطيني أهمية على طاولة المفاوضات، حيث صار بوسعه الاستغناء إلى حد كبير عن الشرط الصهيوني لوجوده المستقل، وبالتالي ما عاد مجبراً على التنازل ثم التنازل كي يحصل على دولته برضى من عدوه الذي يردد على الملأ أن الدولة الفلسطينية أي فلسطين المستقلة، هي نتيجة من نتائج المفاوضات، ولا تنبثق من خارجها كما هو حاصل اليوم عبر عدد من الخطوات والمبادرات الفلسطينية الناجحة .
* رابعاً: مرة أخرى يحطم الفلسطينيون قوة الردع الصهيونية في المجال الافتراضي، فاليوم دخلت فلسطين مستقلة إلى محرك “غوغل” الأمريكي بعد أن لقن الهاكرز الفلسطيني والعربي درساً لعدوهم الصهيوني الذي لا يقهر في كل مجال بحسب الدعاية الصهيونية . ولعل انتصار الفلسطينيين والعرب والمسلمين على الصهاينة في الحقل الافتراضي قد أضعف قوة الردع “الإسرائيلية” إلى حد كبير، فالصهاينة تعودوا العيش رادعين في محيط دولتهم الواقعي والافتراضي، فإذا بهم اليوم مكشوفين ربما لأول مرة بلا ردع حاسم ولا من يردعون تارة على الأرض وتارة أخرى في الفضاء الافتراضي .
وكالة «الأونروا» ومأساة فلسطينيي سورية
بقلم: علي بدوان عن الحياة اللندنية
أعادت وقائع التغريبة الجديدة لفلسطينيي سورية ومخيم اليرموك على وجه التحديد، الصورة الحية لنكبة العام 1948 ومفاعيلها التي ما زالت حتى الآن راسخة في ذاكرة حية للشعب الفلسطيني.
كما أعادت تلك التغريبة، وحالة النزوح الكبير لسكان مخيم اليرموك، ومعه مخيمات وتجمعات حندرات والحسينية والسبينة وغيرها، رسم وترسيخ صورة النكبة ووقائعها في وجدان ومشاعر وأحاسيس الأجيال الجديدة من الفلسطينيين الذين ولدوا في المنافي والشتات بعيداً عن الوطن الفلسطيني ولم يشهدوا بأم أعينهم حقيقة ماجرى عام 1948، وقد ارتوت وأتخمت ذاكرتهم بوقائع النكبة المنقولة بالتواتر الشفهي على لسان آبائهم وأجدادهم الذين خرجوا من حيفا وعكا ويافا واللد والرملة وصفد...
وفي صورة تلك التغريبة ووقائعها، عادت وكالة «الأونروا» لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلى صدارة موقعها ودورها الذي لعبته في السنوات الأولى من عمر النكبة الفلسطينية، حيث طوابير اللاجئين الفلسطينيين على أبواب ومراكز التوزيع التي أقامتها وكالة الأونروا منذ العام 1949، فباتت مقارها ومراكزها الآن وفي استعادة لوقائع النكبة الأولى تغص بعموم اللاجئين الفلسطينيين المُسجلين في سجلات وقيود الوكالة في سورية، وبات مركز «الأليانس» الواقع وسط مدينة دمشق وفي حي الأمين تحديداً موئلاً لطالبي المساعدة منهم.
إن وقائع تلك الصورة نجدها الآن واضحة المعالم، في تزاحم اللاجئين الفلسطينيين في سورية أمام مراكز «الأونروا»، الذين وجدوا في الوكالة ملاذاً لهم في قضاياهم اليومية الحياتية المتعلقة بالإغاثة والرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية. فقد باتت مراكز الوكالة بدمشق وعموم التجمعات الفلسطينية في سورية تغص بالفلسطينيين من طالبي المعونة والإغاثة من تلك المؤسسة الدولية التي أقيمت بقرار دولي عام 1949 من أجل تقديم الرعاية للاجئين الفلسطينيين في كل من سورية ولبنان والأردن والقدس والضفة الغربية وقطاع غزة إلى حين عودتهم إلى وطنهم في فلسطين.
وبعيداً عن حجم التقصير الذي يُسجل على عمل الوكالة في السنوات الأخيرة في مهماتها المنوطة بها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في سورية ومناطق عملياتها الخمس، إلا أن دورها الملموس الأخير تجاه فلسطينيي سورية بات واضحاً، ويفترض أن يتطور أكثر لجهة توفير حاجات الفلسطينيين في سورية في ظل محنتهم الأخيرة. فوكالة «الأونروا» معنية بتقديم كل المساعدات الممكنة للاجئين الفلسطينيين طبقاً لقرار إنشائها عام 1949 بجوانبها المتعلقة بالإغاثة الاجتماعية والصحية والتعليمية.
وفي هذا السياق، عملت الوكالة مؤخراً على تقديم مساعدات مالية مباشرة لكل أسرة فلسطينية لاجئة وفق عدد أفرادها، ومساعدات عينية من مواد تموينية وغيرها لعموم اللاجئين الفلسطينيين في سورية في ظل المحنة الأخيرة التي يعيشون فصولها الآن في سورية، إلا أن تلك المعونات العينية والمساعدات المالية ما زالت متواضعة قياساً بما هو مطلوب، خصوصاً بالنسبة إلى سكان مخيم اليرموك المنكوبين خارج بيوتهم.
في هذا السياق، فإن «الأونروا» تقوم حالياً بإيواء زهاء 2600 من أبناء مخيم اليرموك داخل منشآتها وفي المدارس التابعة لها في منطقة دمشق، إلا أن الرقم آخذ بالازدياد، في الوقت الذي باشرت الوكالة تنفيذ خطة طوارئ لعملياتها الإغاثية للفلسطينيين في سورية، تتضمن تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والمساعدات الغذائية.
وأشارت «الأونروا» في تقرير أخير عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سورية إلى أن «نحو 300 ألف لاجئ فلسطيني من أصل 500 ألف يعيشون في 13 مخيماً في سورية باتوا بحاجة ماسة إلى الغذاء والدواء والكساء. وتحدث التقرير عن أن 32 في المئة فقط من أطفال اللاجئين الفلسطينيين في سورية البالغ عددهم 67 ألف طالب لا يزالون قادرين على الذهاب إلى مقاعد الدراسة. كما كشف التقرير أن 79 في المئة من العاملين في مختلف مؤسسات «الأونروا» قادرون على التوجه إلى أماكن أعمالهم.
إن دعم عمل «الأونروا»، وتحفيز تقديم المساعدات الدولية والعربية سنوياً لها، مسألة في غاية الأهمية، لاستمرار عمل الوكالة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين، وتطوير برامجها ومساعدتها، وهو ما يتطلب دوراً عربياً ريادياً في هذا الجانب، في مواجهة التقليص المستمر للمساعدات السنوية المقدمة للوكالة من قبل بعض الأطراف الدولية ومنها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال.
خذلان السوريين.. بعد الفلسطينيين
بقلم: إياد أبو شقرا عن الشرق الأوسط
بديهي أن أولويات ثوار سوريا تختلف عن أولويات رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء بريطانيا.
الهم السوري هو الهم الأساسي لشعب فقد أكثر من 100 ألف قتيل، وعانى من تهجير ما لا يقل عن سبعة ملايين مواطن، داخل سوريا وخارجها. لكن، إذا ما تجاوزنا سذاجة التصديق أن حقوق الإنسان، ولا شيء غير حقوق الإنسان، هي العامل الذي يسيّر السياسات الدولية الكبرى.. لا تعود الحصيلة التي خرجت بها القمة الأميركية - البريطانية بالأمس مفاجئة.
ما عاد الأمر بحاجة إلى عبقري للاستنتاج أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سلّم بالتفسير الروسي لـ«اتفاق جنيف» حول سوريا، بل غدا حقيقة واقعة قبول واشنطن ببقاء بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا حتى نهاية ولايته الرئاسية في العام المقبل.. تماما كما ترى موسكو وطهران.
أكثر من هذا، أحسب أن أحدا لن يصدق بعد اليوم تعهدات أوباما، ومعه حليفه البريطاني الذي خُدع كثيرون بوهم تصعيده اللفظي خلال الأشهر القليلة الفائتة، عن «سوريا من دون الأسد» من دون تحديد مهلة زمنية، ومن دون اعتبار خروج الأسد من الصورة مقدمة ضرورية لأي تسوية سياسية. كل هذا الكلام الجميل محاولة لستر عورة في سياسة خارجية خرقاء وقاصرة عن الفهم، أو متآمرة كليا على مصير منطقة حيوية من العالم لا ترى واشنطن ضيرا فيتجاهل المصالح شعوبها والمتاجرة بمصائرهم إلى ما لا نهاية.
المسألة، باعتقادي، تجاوزت الحذر من هيمنة الأصوليين الجهاديين والتكفيريين على سوريا. وأساسا كان إدخال الجهاديين والتكفيريين إلى سوريا جزءا من الاحتياطي المستتر للنظام. فالنظام بعدما ضمن «الفيتو» الروسي - الصيني المزدوج والدعم الإيراني الاستراتيجي المباشر حظي بالهامش الزمني الكافي للصمود في وجه الثورة. ولقد كان محسوبا تماما دخول هذه الجماعات إلى الأراضي السورية، بالنظر إلى سوابق نظام دمشق مع كل من لبنان والعراق، ذلك إن تسلل هذه الجماعات كان كثيرا ما يحدث بمباركة النظام ومساعدته بهدف خلق «الفزاعة» المطلوبة لتبييض صفحته.. وتخويف المجتمع الدولي من عواقب الاستغناء عن خدماته.
ولكن لندع ظروف الأزمة السورية نفسها، ونتابع ما يحدث خارج حدود سوريا..
قبل نحو سنة ونصف السنة كان الكلام الصادر عن كبار القادة الأتراك تهديديا وحازما من نوعية «لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء مجازر النظام في سوريا». أما الآن، بعدما تجاوز نظام الأسد عددا من «الخطوط الحمراء» الوهمية.. من قصف آقجه قلعة، إلى استهداف مخيمات اللاجئين السوريين عبر الحدود، ومن إسقاط طائرة حربية تركية فوق المياه الدولية إلى تفجيري الريحانية، فقد تغيّر خطاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، كليا، مشددا بنزعة دفاعية مرتبكة على أن تركيا «لن تنزلق إلى مستنقع الاستدراج السوري المتعمد»!
قبل بضعة أشهر في لبنان، كان حزب الله يتكتم على دوره القتالي إلى جانب النظام ضد الشعب السوري، وكان حريصا على الإبقاء على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مجرد غلالة رقيقة تستر ذلك الدور. ولكن، فجأة، قرر الحزب - أو قررت له مرجعيته عبر الحدود - أنه لا حاجة له بعد اليوم لغلالة. وخلال هذه الساعات يشتد التصعيد داخل لبنان مع فتح الحزب، بواسطة أدواته وأتباعه في البرلمان والشارع، معركة «إلغاء» سياسية ضارية. فيهدد صراحة رئيس الحكومة المكلف تمام سلام بالويل والثبور إن هو تجرأ وشكل حكومة من غير السياسيين، معتبرا أن في ذلك تهميشا لمعسكره. وفي الوقت ذاته يعمل على ضرب تحفظات القيادات السنية (بما فيها نجيب ميقاتي) والدرزية عرض الحائط بالنسبة لمناقشة «قانون الانتخاب الأرثوذكسي» حصرا. ثم على مستوى أدنى بكثير يدفع الحزب أدواته وأبواقه الإعلامية للتحريض على خصومه وخصوم النظام السوري والشماتة فيهم.
ولا يختلف الوضع كثيرا في الأردن، الذي كان قبل بضع سنوات أول المحذرين علنا من مشروع «الهلال الشيعي» برعاية إيران، والذي يحاول الآن احتواء تداعيات أزمة معيشية وسياسية وأمنية حاول نظام الأسد مرارا تصديرها إلى الأردن على مختلف المستويات.
هذه الصورة القاتمة التي ترسمها الحالات التركية واللبنانية والأردنية، تضاف إليها تعقيدات الجانب العراقي، يفترض بها أنها تصل إلى واشنطن عبر تقارير سفرائها على الأقل، وهو ما يدعو إلى استبعاد جانب نقص المعلومات. وأيضا يوجد في واشنطن خبراء ومعاهد أبحاث، ناهيك عن تقارير المنظمات الدولية على مختلف أنواعها، وهناك الحلفاء المعنيون بأوضاع الشرق الأوسط والمتأثرون بها، وإن لم يكونوا على تماس حدودي مع سوريا.
وزير الخارجية الإيراني الدكتور علي أكبر صالحي قال بالأمس إن بلاده ضد «تقسيم سوريا»، وهذا جانب تناوله أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. غير أن الحقيقة التي يرفضها القائدان الغربيان، ومعهما قادة طهران، هي أن «التقسيم» كان دائما ملاذ الأقليات عندما تخسر.. مقابل توقها إلى «الهيمنة» عندما تكون كفتها راجحة، في حين أنه لا مصلحة للأكثرية في أي مكان في «التقسيم».
وبناء عليه، تبدو المسألة الآن مسألة قرار سياسي متخذ يقضي بإشاحة النظر عن معاناة السوريين، وترك النظام يرتب أوراقه التفاوضية ميدانيا «على راحته»، وتفويض موسكو وطهران بأمور المنطقة، من دون أن تكون تل أبيب بعيدة عن المشهد. وهنا لا بد أن يؤخذ على محل الجد تحرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أولا في بكين، وثانيا في موسكو.. ولو بذريعة عرقلة تسليم صواريخ «إس 300».
إن تبني الإدارة الأميركية تفسير موسكو «تفاهم جنيف»، بالكامل، يشكل بعد كل الذي حدث خلال السنتين خذلانا مريرا للشعب السوري يوازي، في كثير من النواحي، خذلان الرئيس أوباما الشعب الفلسطيني بعد وعوده المعسولة خلال زيارته الأولى إلى الشرق الأوسط.
لماذا يخاف الرئيس وجماعته من حملة «تمرد»؟!
بقلم: مصطفى بكري عن الوطن المصرية
أصيب الإخوان المسلمون بحالة من الفزع الشديد، ثاروا، فقدوا أعصابهم، أطلقوا الاتهامات اعتدوا على المسالمين، والسبب هو حملة «تمرد» والنتائج السريعة والمبهرة التى تمخضت عنها.
كانت البداية مجموعة من الشباب الوطنى الجسور، لقد قرروا جمع 15 مليون توقيع من أبناء الشعب المصرى للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فنجحوا فى عشرة أيام فقط من إطلاق الحملة فى جمع حوالى 2 مليون توقيع.
بعض المحبطين لم يتوقعوا تحقيق هذا الانتصار الكاسح، بل إن آخرين راحوا يشككون فى جدوى هذا التحرك، غير أن الشباب الذين ينتهون إلى قوى سياسية مختلفة وكثيرون منهم مستقلون قرروا أن ينزلوا إلى الشارع وأن يجسدوا الحلم فى استمارة جرى طبعها وتوزيعها على المواطنين، لقد استقبل الناس هذه الدعوة بحماس شديد، تخاطفوا الاستمارات، انضموا للمبادرة، أقاموا لجاناً شعبية فى كل مكان، راحوا بقروشهم الفقيرة يصورون الاستمارات ويمضون إلى الشوارع فى المدن والقرى والكفور، فى المدارس والمصانع فى المناطق الشعبية والأحياء الراقية، وكان الالتفاف حولهم مبهراً..
بعد قليل أدركت القوى السياسية أن مبادرة الشباب بدأت تؤتى نتائجها، قرروا الانضمام، أعلن بعضهم النفير العام، لقد وحد الشباب جميع القوى لتلحق بقطارهم السريع، فتحوا الأبواب أمام الجميع، تحرك الصعيد، وانضم إلى القافلة، الناس هناك تتحول سريعاً، تعلن غضبتها على الرئيس مرسى وجماعته، كانت الرسالة تقول: انتظروا الصعيد قادم، وما أدراك ما الصعيد!!
اهتزت الجماعة ومكتب إرشادها، انزعج الرئيس محمد مرسى كثيراً، عبر عن غضبه أمام مساعديه وأعضاء بمكتب الإرشاد، تساءل: أين رد الفعل المقابل؟ لماذا تتركون هؤلاء الشباب وحدهم فى الساحة؟!
وعلى الفور تحركت جحافل الجماعة وتابعوها، أصدروا التعليمات إلى الأجهزة الحكومية بمحاصرة هؤلاء الشباب، والقبض عليهم، وطلبوا من كوادرهم مطاردتهم والاعتداء عليهم فى الشوارع والميادين لإثارة الخوف والذعر فى أوساط المواطنين، شنوا حملات غاضبة وساخطة فى وسائل إعلامهم وصحفهم المقيتة، وأطلقوا لجانهم الإلكترونية لترد بأسلوب «فظ» واتهامات ساقطة ضد منظمى الحملة.
خرج بعضهم ليقول إن الحملة هى وسيلة غير ديمقراطية وغير حضارية وتمثل خروجاً على الشرعية وتهدد أمن واستقرار البلاد، وطالب أحد شبابهم بضرورة سحب الجنسية من الداعين لهذه الحملة وراح البعض ينشئ لجنة فى المقابل تسمى «تجرد» هى على النقيض فى أهدافها من حملة «تمرد»، وهكذا بدأ الأمر وكأن الإخوان وأنصارهم يخوضون حربهم الأخيرة!!
لقد تساءل أحد المحللين بعد أن تابع ذعرهم وانزعاجهم: هل هم ضعفاء إلى هذا الحد؟! وهل أصبحوا يرتعدون أمام استمارة ربما يكون عائدها المعنوى أكبر بكثير من تأثيرها المادى؟!، والإجابة: «نعم»؛ ذلك أن الجماعة التى قفزت على السلطة فجأة تدرك أن مجرد الإنذار بإسقاطها يعنى النهاية الأخيرة لها!!
وهكذا أصبح فى يقين جماعة الإخوان أن التصدى لمثل هذه المبادرات ومحاولة إجهاضها، سوف يقيها شر ما هو قادم، إنهم يتخوفون من المعلومات الواردة إليهم التى تقول إن معركة الحشد ليوم الثلاثين من يونيو القادم، ربما تشكل الخطر الأكبر على وجودهم من الأساس، ذلك أن الشعب المصرى أدرك أن خياره الوحيد فى اقتلاع هؤلاء وإنهاء احتلالهم لمصر، وإنقاذ البلاد من الانهيار الكبير على أيديهم، لن يحدث إلا بإعادة سيناريو 25 من يناير مجدداً.
إن المعلومات التى وصلت لجماعة الإخوان المسلمين أشارت إلى أن الحشد هذه المرة سيختلف عن أى مرة سابقة، وأن القوى الوطنية والمدنية المختلفة قررت دخول معركتها الحاسمة فى مواجهة سلطة اختطفت الدولة وراحت تسعى إلى هدم وتخريب مؤسساتها الواحدة تلو الأخرى لإقامة الدولة الإخوانية الموازية على أنقاضها.
صحيح أن العديد من القوى الشبابية دعت إلى بدء هذا الحشد ابتداء من الجمعة المقبل 17 مايو، إلا أن هذا الحشد قد لا ينفض فى ذات اليوم، وإنما هناك دعوات تنطلق بالبقاء معتصمين فى الميدان حتى الثلاثين من يونيو، الذى يوافق يوم تسليم السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى الرئيس محمد مرسى.
إن الكثيرين يعقدون آمالهم على الأسابيع المقبلة وما يمكن أن ينجم عنها من تطورات قد تعيد رسم الخارطة السياسية والاجتماعية فى البلاد مجدداً، وهنا يمكن التوقف أمام عدد من الملاحظات أبرزها:
إن القوى الوطنية أصبحت على يقين من أن المعركة القادمة أصبحت مصيرية، وأن فشلها فى الحشد الجماهيرى فى ميدان التحرير وبقية المحافظات من شأنه أن يرسخ وجود دولة الإخوان ويدفع الجماعة إلى فرض المزيد من الهيمنة والسيطرة على جميع المؤسسات وتفكيكها إن استلزم الأمر ذلك.
إن هذا الفشل سيؤدى إلى إحباطات جماهيرية عارمة، وسوف يدفع الكثيرين إلى فقدان الأمل فى التغيير السلمى وفق سيناريو ثورة الخامس والعشرين من يناير، مما يدفعها أيضاً إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة، وهو أمر سوف يصب لمصلحة الجماعة التى تخطط للسيطرة على البرلمان المقبل لإصدار القوانين التى تخدم مخططاتها الآنية والمستقبلية؛ لترسيخ بقائها فى حكم البلاد لعقود طويلة من الزمن.
إن عدم نجاح القوى الوطنية فى الحشد الجماهيرى معناه تراجع الخيارات التى يعول عليها كثير من المصريين فى تدخل الجيش لحماية الدولة الوطنية ومؤسساتها وإجراء انتخابات رئاسية تنهى الأزمة الراهنة والمتصاعدة بين القوى الشعبية وجماعة الإخوان، خاصة أن الجيش سوف يدرك فى هذه اللحظة أن تدخله سيكون بهدف إنقاذ البلاد من فوضى متوقعة وانهيار شامل ومعارك أهلية محتدمة.
إن الحشد الكبير المتوقع حدوثه سوف يعنى أيضاً رسالة هامة للولايات المتحدة وبعض القوى الغربية التى تقف سنداً خلف جماعة الإخوان وكان لها دورها فى مساندتها للوصول إلى السلطة فى مصر وعدد من البلدان العربية الأخرى، وأظن أن ذلك من شأنه أن يدفع هذه القوى إلى مراجعة مواقفها، خاصة بعد أن أدركت عن يقين أن خياراتها كانت خاطئة فى فترة سابقة.
إن نجاح هذا الحشد المتوقع بعد نجاح حملة «تمرد» من شأنه أن يثير حالة شديدة من الإحباط لدى جماعة الإخوان وحلفائها فى الداخل، خاصة بعد أن أدركوا أن غضب الشارع المصرى بدأ يعبر عن نفسه فى إطار آليات سلمية متعددة دفعت إلى مزيد من الالتفاف حول أهدافه، وساعتها سيجد الإخوان أنفسهم بين فكى الرحى؛ الجيش من جانب والشعب من جانب آخر، إذا ما حاولوا الخروج عن الشرعية والتصدى للمتظاهرين السلميين.
إن المرحلة المقبلة لن تكون كمراحل سابقة لأنها تأتى بعد تجربة سيكون مضى عليها نحو العام تقريباً، عانى فيها المصريون من الإحساس بالمهانة والضياع وأصيب الكثيرون منهم بالعديد من الأمراض النفسية بسبب إحساسهم بأنهم أصبحوا غرباء على أرض وطنهم وإدراكهم بأن مصير وطنهم أصبح فى يد غير أمينة، ولكل ذلك فإن كثيراً من المصريين أصبح لديهم شعور بأن المعركة المقبلة ربما تكون المعركة الأخيرة؛ معركة وطن أو لا وطن، معركة شعب يتحرر أو يبقى أسيراً للعبودية لعقود طويلة من الزمن..!
وإذا كان الإخوان المسلمون لا يدركون هذه الحقائق وسوف يتعاملون مع ما هو متوقع بالطريقة التى تعامل بها نظام حسنى مبارك «هوجة وتعدى دول شوية عيال» هنا سيفاجأ مرسى وجماعته بشىء آخر مختلف ربما يكون أخطر بكثير من هذا الذى شهدته البلاد فى 25 يناير 2011.
لقد راح البعض ينصح الرئيس الإخوانى بضرورة اتخاذ إجراءات استباقية من شأنها أن تردع وتخيف الداعين والمدعوين، وقدموا لذلك كشفاً إلى وزارة الداخلية يتضمن 178 اسماً من بينهم ثلاثون إعلامياً وصحفياً لإجراء جميع التحريات حولهم وأماكن سكنهم، انتظاراً لقرارات مهمة قد تصدر، غير أن هذا الحل الأمنى لن يحقق نتيجة بل سيزيد الأزمة اشتعالاً، وقد يدفع إلى تصعيد خطير من شأنه أن يؤدى إلى معارك دموية تشارك فيها فئات شعبية عديدة.
الأيام المقبلة حاسمة يزيد من اشتعالها أزمة اقتصادية طاحنة وعودة للأساليب الأمنية السابقة، وصلف وغرور وتفريط فى مقدرات الوطن ونهب وسلب وظلم وديكتاتورية واعتداء على السلطة القضائية وجميع مؤسسات الدولة، وكل ذلك بالتأكيد سوف يرسم -أراد البعض أم لم يرد- خارطة جديدة لطبيعة الصراع بين شعب يعانى ويتطلع إلى الأمن والحرية ولقمة العيش، ومحتل يسعى إلى اختطاف الدولة كاملة وتأميمها لصالح التنظيم الدولى للجماعة وأهدافها..!!