-
1 مرفق
اقلام واراء عربي 405
اقلام واراء عربي 405
22/5/2013
في هذا الملــــف:
- الملكُ والحلُّ السياسيُّ في سوريا..
بقلم: محمد حسن التل - الدستور
- تعزيز المشاركة في مؤتمر جنيف
بقلم: رأي الدستور - الدستور
- دبلوماسية الضرب العراقية في الاردن
رأي القدس – القدس العربي
- اختطاف هيبة الدولة المصرية
بقلم: محمد شومان - الحياة اللندنية
- «حزب الله» والقتال في سورية
بقلم: عبدالله إسكندر – الحياة اللندنية
- الإعلام... «السُّلطة الثانية» وليس الرابعة
بقلم: زياد الدريس – الحياة اللندنية
- الانتصار الإلهي في القصير!..
بقلم: يوسف الكويليت - الرياض
- إلا القوات المسلحة!
بقلم: د. مصطفى الفقى – اليوم السابع
- تكريم حمدى قنديل الذى هزم «الجزيرة»
بقلم: سعيد الشحات - الرياض
- هل يعلن مجلس الأمن القومى هلال رمضان؟
بقلم: أكرم القصاص – اليوم السابع
الملكُ والحلُّ السياسيُّ في سوريا..
بقلم: محمد حسن التل - الدستور
بمناسبة انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا في عمان اليوم، لابدّ من الإشارة إلى أنه ومنذ اليوم الأول من اندلاع الثورة السورية - التي تحولت إلى أزمة إقليمية ودولية- إلى أن الأردن قدّم نصائح كثيرة للنظام السوري، والرئيس الأسد، بالذات تتلخص بضرورة استيعاب هذا النظام، لمطالب شعبه ومحاولته الوصول مع الشارع السوري، إلى حلّ يجنب سوريا ما يعصف بها الآن، ولكن للأسف تعنّت النظام، وإصراره على استعمال القوة، في مواجهة مطالب الشعب السوري، جعل الأمور هناك تتعقد، ويكون الثمن باهظاً على السوريين ووطنهم.
جلالة الملك عبدالله الثاني منذ البداية أشار إلى الحلّ السياسي، وبذل جهودا كبيرة على المستويات العربية والإقليمية والدولية، للوصول إلى حل يحمي مصالح الشعب السوري، ويجنبه مخاطر الاقتتال، ويجنب كذلك المنطقة كلها الفوضى. وحافظ في الوقت ذاته على موقف متوازن من الأزمة، ولم ينحاز إلى أي طرف على حساب الآخر، لأنه يعلم أن الانحياز في هذه الأزمة، لا يخدم الحلّ المنشود، ولا نعلن سراً أن الأردن تعرض لضغوط كبيرة في هذا المجال، ولكنه حافظ على موقفه متحملاً كل الضغوط، ولم يتورط ميدانياً وسياسياً، متمسكاً بالثوابت الثلاث، لا حل عسكريا، ومن غير الممكن دخول القوات الأردنية إلى جنوب سوريا، ولن تكون الأراضي الأردنية معبراً لأي قوات إلى سوريا، في الوقت ذاته قدم كلّ ما يملك من إمكانيات، منذ اللحظة الأولى، لوصول أول لاجئ سوري إلى الأردن طلباً للحماية والأمان، وتحمل في سبيل ذلك الكثير، إذ تجاوز عدد اللاجئين لدينا النصف مليون، وما أدراك ما يعني هذا الرقم، من ضغوطات على البنية التحتية والاقتصاد العام، في بلد يعاني أصلاً من ضائقة على مستوى الموارد الطبيعية والاقتصادية، وتحمل الأردن كل تداعيات وانعكاسات هذا الوضع، وسط دعم عربي ودولي خجول، وأصرّ أن تظل حدوده مفتوحة أمام الأشقاء السوريين، دون كلل أو ملل. وتحمل الجيش الأردني وكل الجهات المعنية كل ما عليها من مسؤوليات وواجبات، في سبيل أن يكون الأردن ملجأً آمناً، للهاربين من القتل والدمار في سوريا، دون الالتفات إلى الفاتورة المالية الضخمة التي تتحملها ميزانية الدولة في هذا الاتجاه.
وبموازاة هذا الخط ظلّ الملك مصراً أيضاً، على رأيه في الحلّ السياسي، عاملاً على تقريب وجهات النظر الدولية في هذا الشأن، خصوصاً واشنطن وموسكو، ومحاولة كسر حالة الجمود الدولي، في التعاطي مع استحقاقات الأزمة السورية، والتركيز على أنه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة في سوريا، حماية لكل الأطراف وأمن المنطقة بالذات، حيث طرح في زيارته الأخيرة إلى واشنطن فكرة تشكيل تيار دولي، بقيادة مركزية لإلزام الأطراف السورية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، للوصول إلى الحل السياسي، الذي يضمن للشعب السوري تحقيق تطلعاته في الحرية والعدالة، ويحمي وطنهم من التقسيم والاقتتال الطائفي والمذهبي والعرقي البغيض.
في النتيجة وعلى الواقع، أثبتت الأحداث الجارية على الأرض السورية، أن الرأي الذي قدمه الأردن، بضرورة اللجوء منذ البداية، إلى الحل السياسي لحل الأزمة هناك، هو المسار الذي لا غنى عنه ولابدّ منه، وأنه المسار الوحيد الذي يستطيع أن ينقذ ما يمكن إنقاذه في سوريا، من الدّمار والوحدة السورية، كذلك يمثّل هذا المسار حماية كبيرة للمنطقة، التي باتت مهددة بلهيب النّار السورية، التي تتدافع لتكون خارج الحدود. أما الذين يسعون إلى الخندقة وإلى دفع الأمور، لتصل إلى حائط الطائفية والمذهبية، فإنهم بذلك يساعدون الشيطان، عن العقول التي غاب عنها التفكير، منذ ما يقارب الثلاثة أعوام.
الأردن له مصلحة كبيرة باتجاه استقرار الأمور في سوريا، وعودة الحياة إلى طبيعتها هناك، وبالتالي فإنه ينطلق من منطلقات قوميّة ووطنيّة وإقليميّة، وكل هذه الأسس تمثل حالة شراكة طبيعية مع سوريا، لذلك من العقل بمكان الاستماع له، وأخذ مواقفه وآرائه على محمل الجد، من قبل كل الأطراف، لأنها تعبّر عن تفكير واقعيّ، ذي مصلحة حقيقيّة في استقرار سوريا...
تعزيز المشاركة في مؤتمر جنيف
بقلم: رأي الدستور - الدستور
المناخ المحيط باجتماع أصدقاء سورية والمقرر عقده اليوم في عمان، يدفع باتجاه المشاركة بمؤتمر جنيف 2، وحل الأزمة السورية حلاً سلمياً، بعد فشل الطرفين بتحقيق الحسم العسكري وتداعيات الأزمة الخطيرة على دول الجوار والمنطقة عموماً، والتي تنذر بفوضى شاملة إذا لم يتم نزع فتيل الحرب، وإنقاذ القطر الشقيق: وطناً وشعباً من الكارثة التي تطحنه، ومن مخططات التقسيم، وإقامة الدويلات الطائفية التي بدأت ترتسم على الأرض.
إن توجه المشاركة بالمؤتمر الذي يخيم على أصدقاء سوريا من شأنه أن يعطي جرعة من التفاؤل بإمكانية حل الأزمة حلاً سياسياً بعد أن تحوّلت إلى حرب أهلية قذرة، خلّفت حتى الآن أكثر من مائة ألف قتيل، وتهجير خمسة ملايين في الداخل والخارج، وتدمير البنى التحتية للدولة، وإلحاق خسائر باهظة في الاقتصاد، وتحويل الشام إلى بلد منكوب، ومدنها إلى دمار وأشلاء متناثرة، وكأن زلزالاً كبيراً ضربها.
لقد دعا جلالة الملك عبدالله الثاني مبكراً إلى ضرورة حل الأزمة سياسياً بمشاركة كافة الأطراف، محذراً من خطورة الانحياز للحلول العسكرية ونتائجها الخطيرة على القطر الشقيق ودول الجوار، والمتمثل بلجوء أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ الى الأردن وتركيا والعراق.
وفي ذات السياق، لفت جلالته قيادتي روسيا وأميركا خلال زيارتيه للبلدين لخطورة انتشار التطرف والجماعات المتطرفة في سوريا وعلى الاستقرار في المنطقة عموماً.. ما يستوجب حلولاً سياسية قادرة على توحيد الشعب السوري الشقيق وإخراجه من المحنة التي يعاني منها، والقضاء على الحركات المتطرفة التي استغلت الفوضى التي تضرب القطر الشقيق لتمارس جرائمها وأحقادها بصورة بشعة تهدد بتقسيم المجتمع السوري واشعال حرب طوائف ومذاهب ستمتد نيرانها الى دول الجوار.
إن اصدقاء سوريا وهم يبحثون اليوم في عمان افضل السبل للمشاركة في “جنيف2” وحل الأزمة السورية المستعصية حلاً سياسياً، يطوي صفحة الدولة الشمولية والحزب القائد، ويفتح الباب على مصراعيه لإقامة الدولة المدنية الحديثة القائمة على المساواة والعدالة والانتخابات والديمقراطية وتداول السلطة احتكاماً لصناديق الاقتراع، مدعوين لاتخاذ الإجراءات السريعة لمساعدة الأردن مالياً لتمكينه من القيام بواجباته بمساعدة اللاجئين للتخفيف من معاناتهم، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة، في ضوء الأعداد الكبيرة التي تجاوزت 530 الفاً، ومن المتوقع أن تزداد لتبلغ المليون نهاية هذا العام، اذا لم يتم حل الأزمة حلاً سياسياً، بوقف سفك الدماء وإعادة اللاجئين، وتشكيل حكومة انتقالية قادرة على ادارة المرحلة وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية.
مجمل القول: نأمل أن يلتقط اصدقاء سوريا اللحظة التاريخية الحاسمة، بالانضمام الى مؤتمر جنيف، وحل الأزمة السورية حلاً سلمياً، كسبيل وحيد لإنقاذ الشعب والوطن السوري ودول الجوار والمنطقة كلها من انفجار قادم لا محالة إذا فشلت الحلول السلمية.
دبلوماسية الضرب العراقية في الاردن
رأي القدس – القدس العربي
قطاع عريض من الشعب الاردني بكل اطيافه واعراقه ومنابته يكن ودا كبيرا للرئيس الراحل صدام حسين، فهو يجسد الرجولة والشهامة والعروبة بالنسبة اليهم لموقفه الرافض للاحتلال الاسرائيلي ودعمه لاسر الشهداء، ومساعدته للاردن عبر منح نفطية باسعار رمزية، وفوق كل هذا وذاك اطلاق 39 صاروخا على تل ابيب.
وزاد تعلق الشعب الاردني بالرئيس العراقي الراحل عندما وقف وقفة بطولية شجاعة في رأيهم امام المشنقة مرددا الشهادتين والنصر للامة العربية، وتأكيده على عروبة فلسطين من النهر الى البحر.
ومن هنا فمن الطبيعي ان يرفض هذا الشعب اي اساءة للرئيس العراقي الراحل، لكن ما هو غير طبيعي، وغير دبلوماسي، وغير اخلاقي ايضا، ان يقدم موظفون ورجال امن من السفارة العراقية في عمان على الاعتداء على هؤلاء الذين احتجوا على تنظيم السفارة ندوة حول المقابر الجماعية في العراق في عهد النظام السابق.
السفارة العراقية واركانها في عمان تدرك جيدا ان تنظيم ندوة بهذه المناسبة يثير غضب الكثيرين ويشكل اهانة لكرامتهم ومواقفهم ومعتقداتهم السياسية، واساءة لاحد رموزهم القومية والوطنية. واقدامها على تنظيم الندوة او الاحتفال قد يفسر من قبل هؤلاء على انه استفزاز متعمد لهم.
الدبلوماسية الحديثة تتناقض كليا مع الاحقاد الطائفية والثارات والنزعات الانتقامية، وتجسد ازهى صور التسامح واذكى وسائل الاتصال الرسمي والجماهيري، ولكن يبدو ان معظم دبلوماسيي ‘العراق الجديد’ ليست لهم علاقة بمثل هذه المفاهيم العصرية الحديثة، والا لما اقدموا على ما اقدموا عليه من استفزازات في بلد فتح اراضيه وقلبه للاجئين العراقيين الذين تدفقوا بمئات الآلاف الى اراضيه طلبا للامن والامان عندما انهار الامن كليا، واصبحت السيارات المفخخة هي العنوان الرئيسي للبلاد، ونحن نتحدث هنا عن احداث العنف الدامي في عامي 2006 و2007.
الاردن عندما فتح ابوابه للاجئين العراقيين لم يميز بين سني او شيعي، مؤيد لنظام صدام حسين او معارض له، فهؤلاء جميعا وجدوا كل الترحيب من جميع فئات الشعب الاردني.
السيد هوشيار زيباري وزير خارجية العراق كان في قمة الدبلوماسية التي افتقر اليها دبلوماسيوه في سفارة بلاده في عمان، عندما سارع بمهاتفة نظيره الاردني السيد ناصر جودة معتذرا له عن هذا الاعتداء الوحشي، مؤكدا خروج مثل هذه الافعال ‘عن الاعراف والقيم الدبلوماسية’.
الاعتذار وحده لا يكفي الا اذا كان مقترنا باجراءات عقابية اردنية وعراقية في الوقت نفسه، اردنية بطرد جميع هؤلاء الذين اعتدوا على مواطنين اردنيين عبروا عن مشاعرهم واستيائهم بطرق سلمية حضارية، وعراقية بتقديم هؤلاء الى المحاكمة وتجريدهم من صفتهم الدبلوماسية التي لا يستحقونها، وتحويلهم الى وظائف عادية، لان هؤلاء لا يجب تصديرهم الى الخارج لتمثيل بلادهم دبلوماسيا، لانهم لا يجملون صورة بلادهم بل يسيئون اليها ويشوهونها.
اختطاف هيبة الدولة المصرية
بقلم: محمد شومان - الحياة اللندنية
دلالات وأسئلة كثيرة فجرها حادث اختطاف سبعة جنود مصريين منهم ستة من الشرطة، وجندي من الجيش، فللمرة الأولى منذ هزيمة 1967 يشاهد المصريون في شريط فيديو صور جنودهم أسرى، معصوبي الأعين، وواحد منهم يهاجم وزير الدفاع وفي الوقت ذاته يستعطف الرئيس ويطالبه بالتدخل! وللمرة الأولى أيضاً يشاهد المصريون اعتصاماً وتظاهرات زملاء الجنود المخطوفين وأسرهم عند منفذ رفح يطالبون الدولة والجيش بسرعة حل الأزمة.
الدلالة الأهم هي ضياع هيبة الدولة المصرية، وقدرتها المادية على استخدام العنف المشروع وفرض القانون، ما يثير غضب غالبية المصريين ويدفعها إلى نقد أداء الرئاسة والجيش، والمطالبة بالتدخل العسكري لتحرير الرهائن، والغضب له ما يبرره، فقد تعرض 16 جندياً للقتل في آب (أغسطس) الماضي من دون أن يعرف الرأي العام الفاعل أو نتائج التحقيقات، ومن دون أن تعلن الرئاسة أو الجيش أنها قضت على بؤر الإرهاب التي تهدد الأمن القومي في سيناء. والمفارقة أن المصريين بغالبيتهم الذين يطالبون خلال الأزمة الأخيرة باستعادة قوة الدولة هم أول من أضعفوها وتمردوا عليها في ثورة 25 يناير، فقد كسروا الخوف من سلطة الدولة وأطاحوا رأس النظام، من دون أن ينجحوا في بناء دولة جديدة، تحظى بالشرعية والقبول العام وتحكم بالقانون.
وتقع المسؤولية الأكبر عن ذلك على عاتق النخبة السياسية والعسكر ورجال الدولة الذين لم يتوافقوا على تجديد الدولة، والتحول من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، عبر استخدام خبرات وآليات العدالة الانتقالية التي اعتمدت عليها كثير من دول التحول الديموقراطي، بل على العكس انقسمت النخبة وتعمق الانقسام الثقافي والسياسي، وسعى «الإخوان المسلمون» إلى الهيمنة على حساب بقية القوى السياسية من دون أن يمتلكوا رؤية، لذلك فشلوا في كتابة دستور توافقي، وإدارة الدولة أو احترام الحريات على رغم حصولهم على غالبية أصوات الصندوق الانتخابي. ودخل الرئيس وجماعة «الإخوان» في صدام مع السلطة القضائية، ومع الإعلام، ولم يؤسس سلطة تشريعية منتخبة وإنما أوكل إلى مجلس الشورى القيام بالتشريع على رغم أنه لم ينتخب للقيام بهذه المهمة. واتسم أداء السلطة التنفيذية بقلة الكفاءة والخبرة وكثرة التصريحات المتناقضة وقلة الأفعال.
سلطات الدولة الثلاث لا تحظى بالشرعية وهي مثار صراع سياسي بلغ ذروته في ظهور حركة «تمرد» التي تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، ما دفع بالأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية إلى ما يشبه الفوضى، والغياب المتعمد للدولة في بعض المجالات والمناطق الجغرافية، فالسلاح انتشر، والتحدي الشعبي الثوري للسلطة المستبدة تحول إلى أنواع من الفوضى وممارسة العنف والجريمة، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، وهنا انتعشت روابط الأسرة والقبيلة والمنطقة والانتماء الديني، على حساب رابطة الدولة الوطنية الحديثة التي أسسها محمد علي مطلع القرن التاسع عشر! والتي تقوم على المواطنة والمساواة بين أبناء الوطن.
الفرضية التي أطرحها هنا أن جماعات الإسلام السياسي سواء كانوا «إخواناً» أو سلفيين أو جهاديين، لا تؤمن بالرابطة الوطنية والمساواة بين أبناء الوطن المختلفين دينياً، وتنشط عندما تنحل رابطة الدولة أو تضعف وتحل محلها رابطة الجماعة الأكثر تديناً أو التي ترى في نفسها التجسيد الوحيد للإسلام الصحيح، وما يدعم هذه الفرضية أمران، الأول: ضعف مفهوم الدولة في خطاب جماعات الإسلام السياسي وغموضه، حيث تتصدر هذا الخطاب مفاهيم الجماعة والأهل والعشيرة والقبيلة، والأمة الإسلامية، ودولة الخلافة. الثاني: أن جماعات الإسلام السياسي أكدت وجودها وانتشارها من خلال تقديم خدمات اجتماعية وصحية كبديل عن غياب الدولة وضعف خدماتها المقدمة للمواطنين، لكن تلك الخدمات البديلة جاءت في إطار توظيف سياسي وذات منحى ديني وطائفي. ولا شك في أن أفكار «الإخوان» والسلفيين والجهاديين هي ذات منحى تقليدي يستجيب ويتكيف مع روابط القبيلة والأسرة، لذلك لم تكن مصادفة أن تنتشر تلك الجماعات بين بدو سيناء ومرسى مطروح، والمناطق الريفية الأكثر فقراً والأقل تعلّماً، والتي تقوى فيها روابط الأسرة والقبيلة والجهة، وهي نفسها المناطق الأكثر حاجة إلى الخدمات الاجتماعية والصحية التي تقدمها جماعات الإسلام السياسي بعد أن تخلت الدولة في عهد حسني مبارك ومحمد مرسي عن تقديمها.
تهميش سيناء وإفقارها، وضعف الوجود العسكري بموجب اتفاقية السلام مع إسرائيل... كلها أمور مهدت الأرض لانتشار جماعات الإسلام السياسي، والتي لا ترى في تجارة الأنفاق مع غزة المحاصرة عيباً أو حراماً بل مهمة جهادية لنصرة إخوة وأقارب مسلمين، ولا بأس أيضاً من تحقيق أرباح ونسج شبكات مصالح وتحالفات مع «حماس» ومختلف فصائل الإسلام السياسي في غزة. ومع ثورة 25 يناير خاض بعض أهالي سيناء معركتهم الخاصة مع نظام مبارك، وبالتحديد السجون! لتهريب أبنائهم الذين يقضون أحكاماً بالسجن، إما لقيامهم بالتهريب أو لتورطهم في أعمال عنف ومقاومة للسلطات، وفي هذا السياق التقت مصالح «حماس» و «الجهاد» و «الإخوان» وعناصر من «حزب الله» وبعض أهالي سيناء، وتعاون الجميع من أجل اقتحام السجون، وكان لكل منهم أهدافه، والمفارقة أن مرسي كان واحداً من بين المحرّرين من سجون مبارك.
علاقة غريبة تبدو كصدف التاريخ ومكره، فمرسي صار رئيساً وعليه أن يتعامل مع ملف سيناء و «حماس» في غزة بما تفرضه حسابات الدولة المصرية وأمنها القومي لكنه وجماعته على صلات تعاون مع بعض أهالي سيناء، والأخطر مع جهاديي سيناء المنتمين إلى سلوك «القاعدة» وفكره، وقد تطورت تلك العلاقات في الانتخابات الرئاسية حيث وقفوا إلى جانب أول مرشح إسلامي، ويبدو أن حسابات الماضي القريب والبعيد أدت إلى إفراج الرئيس مرسي عن بعض الجهاديين، ثم التكتم عن نتائج التحقيقات في مقتل 16 جندياً ووقف العملية «نسر» التي شنها الجيش للقضاء على بؤر الجهاديين الإرهابيين في سيناء. من هنا، يتوقع البعض إمكانية توصل الرئاسة إلى اتفاق مع الخاطفين، عبر وساطة جهاديين مصريين وفلسطينيين، خصوصاً أن الرئاسة تعاملت «بلطف» مع الخاطفين – لم تصفهم بالإرهابيين - وأكدت حرصها على حياتهم وحياة المخطوفين! ما أحرج الجيش الذي يطالبه الرأي العام بالتدخل وتحرير الجنود، وضاعف من غضب مكتوم بين رجاله. والحقيقية أن التوظيف السياسي لا يغيب عن الحادث بأبعاده المختلفة، فالرئاسة حاولت الخروج من عزلتها السياسية من خلال دعوة الأحزاب إلى حوار وطني حول الأزمة! ثم الاجتماع بشيخ الأزهر والمفتي وممثلين عن بعض الكنائس من دون اتخاذ قرار أو إجراء سياسي أو أمني محدد، وذلك في محاولة لكسب تأييد فقهي ووطني لما ستقوم به الرئاسة، سواء كان تفاوضاً سرياً وغير رسمي يؤدي إلى الإفراج عن المخطوفين ومن ثم الظهور بمظهر الرئيس المؤمن الحريص على حقن الدماء، أو شن عملية عسكرية سيتحمل نتائجها الجيش، الذي أوقعته الأزمة، وأداء الرئاسة، وغضب الشارع، في موقف صعب، فهو مطالب بمطاردة عدو مجهول، قادر على التحرك والاختفاء في محيطه البشري والجغرافي، لذلك فإن مهمة الجيش لن تكون سهلة، وقد تتحول إلى كابوس شبيه بما لحق بالجيش الباكستاني في منطقة القبائل على الحدود مع أفغانستان. كذلك، من يضمن حياة الجنود المخطوفين. باختصار نتائج العمليات العسكرية لن يتحمل مسؤوليتها سوى الجيش، والخوف أن يكرر الرئيس وجماعته لعبة الاستغلال السياسي للحادث ويطيح وزير الدفاع كما أطاح المشير طنطاوي والفريق عنان، إثر الفشل في مواجهة الهجوم على موقع عسكري مصري قرب غزة، لكن قناعتي أن التاريخ لا يعيد نفسه.
«حزب الله» والقتال في سورية
بقلم: عبدالله إسكندر – الحياة اللندنية
الضجة التي تتناول التدخل الخارجي في القتال الدائر في سورية تتركز على «حزب الله» اللبناني، علماً ان مقاتلين اجانب كثراً انضموا الى هذا القتال. ومن هؤلاء المقاتلين متشددون سُنة جاؤوا من بلدان متنوعة ليحاربوا النظام، ومنهم ايضاً شيعة جاؤوا من لبنان والعراق وغيرهما ليحاربوا المعارضة المسلحة. هؤلاء المقاتلون الاجانب يتدخلون في القتال السوري، و «حزب الله» يتدخل ايضاً. لماذا التركيز على «حزب الله»؟
من البديهي ان يكون كل قتال أهلي مكروهاً ومستنكراً، وان يكون اي تسعير له مداناً، وان يكون اي تدخل خارجي فيه انتهاكاً للسيادة وعدواناً عليها. وليس هناك، تحت اي ذريعة كانت، من تدخل خارجي في قتال أهلي شرعي وآخر غير شرعي، ما لم يكن صادراً بقرار من مجلس الامن. وهذا ما لم يحصل بعد في الحالة السورية.
عندما جرى الحديث عن «جبهة النصرة» لم تكن المسألة اذا كانت تضم اجانب يقاتلون في صفوفها، وانما كانت المسألة في ايديولوجيتها المتطرفة التي اكسبتها صفة «الارهاب». لكن الحديث عن «حزب الله»، لمناسبة معارك القصير التي يشارك فيها بضراوة وحيث سقط له عشرات القتلى، باتت المسألة «اعتداء» على سيادة و «احتلالاً»، لأن الحزب يمثل كياناً سياسياً معلناً لولاءاته وارتباطاته مع ايران، وتصبح مشاركته في القتال «تدخلاً» في شأن دولة اخرى، في نظر القانون الدولي. في حين ان مقاتلي «جبهة النصرة» يظلون افراداً لا يرقى وضعهم الى «التدخل»، مهما صدرت منهم من ممارسات مشينة ومهما كانت الجرائم التي يمكن ان يرتكبوها، وهم يحاسبون استناداً الى القانون الجنائي.
في هذا المعنى ترقى مشاركة «حزب الله»، بما يمثله، الى «التدخل الخارجي»، مع ما ينطوي عليه ذلك من تبعات في نظر القانون الدولي. ولهذا يزداد الاهتمام باتساع هذه المشاركة التي تعكس بدورها اتساع المشاركة الايرانية التي تقع ايضاً تحت طائلة هذا القانون. وفي موازاة ذلك، تظهر هذه المشاركة العلنية لـ «حزب الله» في القتال السوري تغيراً استراتيجياً في الخطاب السياسي، تبعاً لتحول وظيفته اللبنانية السابقة الى اداة تدخل ايراني معلن ومعترف به في شؤون سيادية لدولة اخرى.
وربما في اضطرار الحزب الى كشف هذا التغير في وظيفته الاولى نكوص من ادعاء الدور السياسي العام، تحت شعار «مقاومة» احتلال اسرائيل لأراضٍ لبنانية، الى دوره الاساسي كحزب شيعي يتبع مرجعية «ولاية الفقيه»، تحت شعار الدفاع عن محور «الممانعة» هذه المرة.
كان استثمار الحزب لـ «المقاومة» في لبنان، ناجحاً. او على الاقل كان يحظى بدعم سياسي من غالبية اللبنانيين ومن مختلف الطوائف، ما دام هؤلاء يعتبرون انه يقاتل اسرائيل لتحرير الارض، من دون التوقف كثيراً الى معنى ان يكون هذا الحزب بالذات، مع ما يمثله، «المكلف» بـ «المقاومة والتحرير».
بالانتقال من «المقاومة» الى «الممانعة» بات الحزب مضطراً الى الدفاع عن النظام السوري، ليس بوصفه حليفاً سياسياً، وانما ايضاً بوصفه أقلوياً، اي بوصفه حليفاً طائفياً. ومن اجل تبرير التدخل العسكري، تدرج موقف الحزب، منذ اندلاع الازمة السورية، من تفهم المطالب الشعبية وضرورة تلبيتها تحت سقف النظام، الى ان ثمة متسللين وعملاء بين المحتجين ينبغي التصدي لهم، الى ان ثمة لبنانيين يعيشون في الجانب السوري من الحدود يدافعون عن انفسهم، الى ان ثمة مقامات شيعية مهددة من التكفيريين، الى توجيه ضربة استباقية الى التكفيريين في سورية وحمايتها من الوقوع في ايديهم. اي ان حماية الضلع السوري في محور «الممانعة»، يقتضي القتال ضد الغالبية الشعبية الكاسحة في سورية لمصلحة النظام الأقلوي، وهذا ما يفسر ضراوة القتال في القصير وحجم الخسائر التي يتكبدها الحزب هناك، كون ريف حمص عقدة الوصل بين العمق الشيعي اللبناني والعمق الأقلوي في سورية.
الإعلام... «السُّلطة الثانية» وليس الرابعة
بقلم: زياد الدريس – الحياة اللندنية
نتداول في عالمنا العربي أحياناً بعض المقولات والمفاهيم العالمية التي لا تنطبق بالضرورة على حالتنا الاجتماعية ومكوّننا الثقافي والسياسي العربي.
من أبرز تلك المقولات وصف الإعلام في الوطن العربي بـ «السلطة الرابعة» على غرار التوصيف الذي تكوّن في أدبيات الديموقراطية التي جاءت من الغرب، باعتبار أن سلطة الإعلام الرقابية تأتي رابعة بعد سلطات الحكم الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية.
الوضع السياسي في العالم العربي، كما لا يخفى، ليس بهذه الشفافية التي تتيح للشعب رؤية سلطات ثلاث مستقلة الواحدة منها عن الأخرى، في أدوارها الرقابية والعدلية في تسيير مجريات الحكم. الحدود بين السلطات الثلاث في العالم العربي لزجة، وهي تشبه الكائنات الرخوية في حالة التزاوج بينها (!)، هذه اللزوجة تجعل السلطات الثلاث في عين المواطن العربي تبدو سُلْطة (أو سَلَطة!) واحدة ذات صلاحيات متداخلة ونفوذيات متطابقة، نافية للاستقلالية .. حتى وإن سكنت كل سلطة في مبنى مستقل!
وباعتبار أن سلطات الحكم الثلاث هي في العالم العربي واحدة، فإن الإعلام في العالم العربي يصبح السلطة الثانية وليس السلطة الرابعة كما في العوالم الأخرى.
لكننا سنصبح أمام مأزق آخر في دقّة التسمية إذا استحضرنا حالة الإعلام العربي «الحكومي» المسيّر من لدن السلطة الأولى «المثلوثة»، التي ستلتهم أيضاً ما يسميه الغرب السلطة الرابعة، لتتوحد كل السلطات الأربع في سلطة واحدة، وبذا ينتفي وصف الإعلام بأنه «سلطة»، سواءٌ كانت رابعة أو ثانية.
هذا حديثٌ في ما مضى، الآن نتحدث عن سلطوية جديدة ومغايرة للإعلام، تحت تأثير عاملين اثنين استجدّا، هما: الإعلام الجديد و «الربيع» العربي.
استطاع الإعلام الجديد بالتحالف مع الجيل الجديد من الشعوب العربية تكوين إعلام شعبي، يتحول في كثير من الأحيان إلى إعلام شعبوي/ جماهيري، ضاغط على السلطات «الوحدوية» الثلاث في العالم العربي. وقد سارع في تعزيز هذا التحالف الجديد مجيء ما سُمّي الربيع العربي، الذي وضع أمام الشعوب العربية الجائعة للحرية مائدة شهية من تطبيقات التحالف الجديد.
لا يغيب عن الذهن أنَّ تمدّد نفوذ الإعلام الجديد في العالم بأسره يوشك أن يحوّله من السلطة الرابعة إلى السلطة الثانية .. منازعاً السلطات الثلاث مكانها ومكانتها، بدعم متين من المؤثر الاقتصادي الماثل في الحدث دوماً.
وإذا كان وضع سلطة الإعلام المتصاعدة في مزاحمتها للسلطات الثلاث هو هكذا في العوالم الأُخرى، فمن اليسير علينا أن نصف الإعلام الراهن في العالم العربي، بفضل العاملين الآنف ذكرهما، بأنه غدا السلطة الثانية بحق، وليس السلطة الرابعة كما كان يسمى زيفاً.
الانتصار الإلهي في القصير!..
بقلم: يوسف الكويليت - الرياض
دمّرت إسرائيل عام (2006م) البنية الأساسية للبنان بعد حربها مع حزب الله، ووسط الركام والبؤس ظهر لنا نصر الله بمقولة الانتصار الإلهي بعد عودة لبنان لعشرات السنين في إعادة ما تسبب به حزب الله، وفي تدخل الحزب في القصير شمال سورية ظهر لنا نصر الله مرة ثانية محرضاً جنوده بالقول «أنتم رجال الله وأصحاب الحسين في كربلاء فهو الحسين والقصير «كربلاء»!!
دور الحكومة اللبنانية بما يجري خارج الحسابات لأنها في وضع العاجز عن التصرف أو تهدئة جبهتها، والجيش فرض حياده مجبراً، والتدخل في شؤون دولة حرة عضو في الجامعة العربية والأمم المتحدة، هو كسر تام للقوانين، لكن الأمر يتعدى الواقع الراهن إلى المستقبل البعيد..
فحزب الله يأتمر بأوامر إيران كمليشيا شبيهة بجنود المرتزقة الذين يحاربون وفق من يدفع، وغطاؤه الايديولوجي يقتصر على أفق الطائفة الشيعية التي تلتقي استراتيجياً ومذهبياً مع العلويين بضرورة إنشاء دولتهم في الساحل، لكن هل دخول الحزب يأتي لخدمة لبنان وهم يرونه في حالة استنزاف حاد بين محاربي سورية الذين لديهم مواجهة مفروضة مع النظام، وجيش نصر الله، وكذلك إسرائيل التي تراقب الخطوط والأجواء لتدمير أي قوة قادمة له؟
في الاتجاه الآخر هناك تحرك سني من عدة فئات لبنانية تجد نفسها في عمق القضية، وأنه من المستحيل الوقوف على الخط المحايد تجاه حزب الله الذي يذبح إخوتهم ما يدفعم لخلق تشكيلات محاربة تناصر سورية..
لبنان سيكون الخاسر الأول لأن بيئته ذاتها مشجعة لأنْ تتصادم كل القوى طالما لا الحكومة ولا الجيش قادران على المحافظة على الأمن، وحتى الأردن أصيب بزكام لبنان وسورية معاً، لأنه جابه أمراً لم يكن يتوقعه أو قادراً على وضع حلول له..
فهناك تيار إسلامي متشدد، وهناك آلاف اللاجئين السوريين، وورطة مع إسرائيل بشأن القدس، واضطرابات تؤثر فيه في العراق، واستنزاف مادي لجميع موارده.. وهي قضية تهم إسرائيل بأن ينشأ حولها محيط غير مستقر، وربما يفتح مجابهات معها في حال انفرط عقد سورية والأردن ولبنان، والغريب في هذه الدورة الدموية، أننا لا نجد موقفاً واضحاً من حزب الله يصل حتى للاستنكار على ضرب الأسلحة المتجهة إليه من سورية..
جيش الإسلام اللبناني، وجبهة النصرة، والقاعدة في العراق، مثلث قد يكون له الفعل السلبي على أمن هذه الدول، وعيون العالم على هذا التشكيل جعلته يزن الواقع وفق تدفق الأحداث ومفاجآتها..
بريطانيا، كالعادة، تدير سياستها بقانون الثعلب الماكر، فقد تقدمت بأن يتم حظر على جيش حزب الله، رافضة وصفه كمنظمة إرهابية، ومثل هذا الادعاء لا يرتكز إلى منطق لأن جيش حزب الله هو ذراعه الأساسية فهل نستطيع بتر جزء من الجسم دون تضرره كاملاً؟
ربما تكون الغاية هي الضغط عليه من باب التخويف وانتظار رد فعل إيران وسورية لكن بريطانيا تتجاهل أن الحزب تخطى وضعه في محيطه الداخلي للاشتراك في حرب بالنيابة عن إيران داخل سورية، وسبق أن مارس العديد من الممارسات الإرهابية في مواقع مختلفة ما يثبت عليه التهم، ويجعله بالفعل منظمة إرهابية.
أمريكا في حالة حوار مع روسيا، وكلتاهما تزايد على مصلحتها في سورية ومحيطها، ومؤتمر جنيف قد ينعقد، أو لا ينعقد، لكن الأمور على الأرض تجري، وحلها مؤجل إلى أن تتم الصفقة ويخرج الخاسرون لمصلحة الكاسبين..
إلا القوات المسلحة!
بقلم: د. مصطفى الفقى – اليوم السابع
حركت عملية خطف الجنود المصريين أوجاع الوطن فى ظل ظروف شديدة الصعوبة بالغة التعقيد، وتذكر المصريون - وهم لم ينسوا - شهداء «رمضان» من جنود الوطن ساعة الإفطار فى مذبحةٍ، لم يتم الكشف عن غموضها وكل طرف يتهم الآخر، فالبدو يتهمون عناصر من «حماس»، و«حماس» تتهم «إسرائيل» التى تطل فى سعادة على المشهد الدامى فى «سيناء»، باعتبارها الرابح الأكبر.. إننا قد نتحمل تدهور بعض مؤسسات الدولة، واهتزاز صورتها.. إلا القوات المسلحة فهى المسؤولة عن حماية أمن الوطن، والدفاع عن مصالحه العليا، وقديمًا قالوا «إن فاقد الشىء لا يعطيه» فإذا فرطنا فى دماء جنودنا، وشرف جيشنا، فلن تقوم لنا قائمة فى العقود القادمة!
تكريم حمدى قنديل الذى هزم «الجزيرة»
بقلم: سعيد الشحات - الرياض
على أى أرض عربية بحث حمدى قنديل عن الفرصة التى تساعده على أن يطل إلى جمهوره عبر الفضائيات ليقول ما يؤمن به، وعلى أرض عربية هى دبى تم تكريمه قبل أيام، كشخصية العام الإعلامية من جائزة الصحافة العربية.
حمدى قنديل هو خليط السياسى والإعلامى بما تحب أن ترى هذا الخليط، فى ثوبه الإعلامى هو المحرض ضد الظلم والمحارب للفساد بمهنية رفيعة، وفى ثوبه السياسى هو المناضل الذى يضع قدميه من أجل وطن للحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية.
فى مصر وطنه الأول أطلق برنامجه «رئيس التحرير» فى زمن نظام مبارك، فأصبح البرنامج فى تأثيره أكبر من أى حزب سياسى معارض، كانت طلته عبر هذا البرنامج على الفضائية المصرية قادرة على اجتذاب الأسر المصرية، فى وقت كانت الشكوى فيه على أشدها من عجز التليفزيون المصرى، كانت فضائية الجزيرة تغزو بيوت المصريين، وبدلا من رد نظام مبارك عليها بإطلاق فضائية تليق بمصر ومكانتها لجأ إلى لغة الشتائم، ما علينا فقد راح زمن «الجزيرة»، بعد أن أسفرت عن وجهها الحقيقى، لكن استعادة ذكريات هذه الأيام يقفز منها اسم حمدى قنديل.
استطاع حمدى قنديل مع برنامج «رئيس التحرير» أن يهزم «الجزيرة» لمدة ساعة وأكثر أسبوعيا، بعد أن جذب المصريين إلى شاشة التليفزيون المصرى.
الحرفية، المصداقية، الموقف السياسى المبدئى، الثقافة، رباعية يمتلكها حمدى قنديل كلما قدم برنامجا، منذ أن بدأ مسيرته الإعلامية على الشاشة مع ميلاد التليفزيون المصرى فى مطلع ستينيات القرن الماضى، وكانت هذه الرباعية سر نجاح برنامج «رئيس التحرير» الذى تحول إلى سوط يلهب ظهر نظام مبارك، ولأن قنديل عروبى حتى النخاع كانت قضية فلسطين هى الحاضر الدائم فى برنامجه والمقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله ضد إسرائيل.
أوقف نظام مبارك برنامج «رئيس التحرير» فخسر المصريون حزبا سياسيا قويا فى ثوب إعلامى، وأهدى نظام مبارك توقيت البرنامج إلى قناة الجزيرة بعد أن كان المصريون يتركونها لمشاهدته، ومن يؤرخ لمقدمات ثورة يناير لابد أن يضع هذا البرنامج كواحد من عوامل الحراك الذى اتسع فيما بعد، ممثلا فى حركة كفاية، وانتفاضة القضاة، والاحتجاجات الفئوية التى عرفت الطريق لرصيف مجلس الوزراء ومجلس الشعب.
إلى دبى فى دولة الإمارات كانت هجرة قنديل الإعلامية، حيث قدم برنامج «قلم رصاص» على قناة دبى الفضائية، وعليها تتبعه محبوه، ثم توقف بعد 5 سنوات، وعلى الفضائية الليبية قدم حلقات قليلة ثم توقف.
ودع حمدى قنديل تقديم البرامج، لينصرف إلى قضايا مصر، فصار صوتا معارضا قويا فى المنتديات والمؤتمرات السياسية ضد نظام مبارك، وانضم إلى تجمعات سياسية معارضة، حتى كانت ثورة 25 يناير، وهاهو الآن يقف فى خندق المعارضة لحكم الإخوان والدكتور محمد مرسى ليواصل نضاله المعهود.
حصل حمدى قنديل على شخصية العام الإعلامية من جائزة الصحافة العربية بدبى، فأحسنت الجائزة التقدير، وتشرفت الجائزة به كمصرى وطنى قومى كبير، وبعثت الإمارات من خلالها برسالة محترمة بأن خلافها السياسى مع نظام مرسى شىء، وتقديرها ومحبتها للشعب المصرى شىء آخر.
هل يعلن مجلس الأمن القومى هلال رمضان؟
بقلم: أكرم القصاص – اليوم السابع
قبل أن يخرج المصريون من «حوسة» اختطاف الجنود فى سيناء، وجدوا أنفسهم أمام أكبر عملية من التشويش والارتباك السياسى، لسان حالهم «هَم يضحّك وهَم يبكّى»، والضحك هنا هو ضحك الحيرة، وغياب التصور السياسى، وتحول التعامل مع الإرهابيين الذين اختطفوا الجنود على الحدود إلى سيرك سياسى، يضاعف من خوفهم وحيرتهم.
الحديث عن مفاوضة الإرهابيين لإطلاق سراح الجنود يعطى تصوراً بأن هؤلاء ليسوا مجرد أفراد، لكنه يوحى بوجود قوة ضخمة تتحدى الدولة، وتهدد وحدتها. وحتى لو كان طبيعياً أن يتم التعتيم على التحركات الأمنية والعسكرية لضمان نجاحها فى تحرير الرهائن، فإن دور السياسة هو بث الطمأنينة، وتقديم خطاب متماسك وواضح.
لكن ما جرى هو ارتباك الخطاب السياسى من الرئاسة، وبدلاً من أن تقدم البيانات والمؤتمرات إجابات عن لهفة الأسئلة، فإذا بها تضاعف الغموض.. مساعدون للرئيس يتحدثون عن مفاوضات، ومتحدث ينفى التفاوض، ويتحدث عن تحركات، والخطاب مائع، ولا يخلو من طراوة لا تليق بالحدث، وأحزاب تجتمع مع الرئيس، بعضها ليس بعيداً عن حماية الخاطفين.
جرت العادة فى مواجهة الأخطار التى تهدد الأمن القومى أن يدعو الرئيس لاجتماع مجلس الأمن القومى الذى يضم القادة العسكريين والأمنيين والحكومة، وبدلاً من ذلك دعا الرئيس لاجتماع مع شيخ الأزهر، والمفتى، وبعض الأحزاب والجبهات المقربة للجماعة، ومع احترامنا لهؤلاء، فهذا ليس وقت الدردشة، بل وقت القرار، لمواجهة ما يهدد الأمن القومى. كان شيخ الأزهر وجماعة الضمير يشاركون فى اجتماع أمنى، فهل يجتمع مجلس الأمن القومى لإعلان هلال رمضان؟!
ثم إن السادة الذين تمت دعوتهم للاجتماع الأمنى من أعضاء الضمير أو أحزاب المشتملات خرجوا جميعاً ليتحدثوا فى كلام يدافعون به عن اتهامات غير موجودة، وتركوا قضية خطف الجنود والإرهاب وتفرغوا لمهاجمة المعارضة السياسية، وهو سلوك يكشف لنا عن «تفكير أجرد»، يفتقد الشعور بالمسؤولية، ويبقى ضمن «تنطيط سياسى» فارغ.
نحن بالفعل أمام حالة من التخبط السياسى لا تخفيها الاجتماعات، وجلسات الدردشة الرئاسية المختلفة التى لا تتناسب مع الحدث، ولا حتى مع الحالة السياسية المرتبكة، ثم بعد ذلك يتهمون الناس بأنهم لا يعرفون، ولا يفهمون الأفكار العميقة لدى الرئاسة، بينما الناس تتفرج على جلسات تحضير أرواح و«تسالى».. يخرج السادة المجتمعون بعدها فى حالة نشوة، يشكرون الرئيس على إشراكهم فيما لا يفهمون، فيزيدون الارتباك ارتباكا، والخلط اختلاطا، والنتيجة أن المصريين لا يجدون إجابات لدى الرئاسة عن أسئلتهم، بينما يشاهدون إجابات أخرى عن أسئلة غير مطروحة. وفى كل بلاد الدنيا المعروفة، فإن دور الخطاب السياسى هو توضيح ما يمكن توضيحه، لكننا أمام مؤسسات سياسية، تضاعف من حيرة الناس، لأنها تمارس الارتباك كقاعدة، وتترك الموضوع الأساسى الذى يتعلق بالأمن القومى.. ما يجرى فى سيناء إرهاب، وجماعات تسعى لانتزاع السيادة عن سيناء، وتحتاج لمواجهة واضحة، سياسية وعسكرية وأمنية، والرئيس مرسى ومؤسسة الرئاسة هما المسؤولان الأول والأخير، وعندما لا ينعقد مجلس الأمن القومى لبحث خطف جنود وتهديد الأمن، وبدلاً منه تنعقد اجتماعات وهمية، يصبح الوضع خارج نطاق الفهم.