-
1 مرفق
اقلام واراء عربي 407
اقلام واراء عربي 407
24/5/2013
في هذا الملــــف:
اليمين الإسرائيلي وإحياء حل الدولة الواحدة
بقلم: هشام منور (كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
عيون وآذان (وعد بالفور والوردة البيضاء)
بقلم: جهاد الخازن (كاتب لبناني) عن الحياة اللندنية
سيناء وغزة .. وكامب ديفيد
بقلم: عبداللطيف مهنا (كاتب فلسطيني) عن الوطن العمانية
الربيع العربي والسلام الإسرائيلي؟
بقلم: عماد الدين أديب (إعلامي مصري) عن الشرق الأوسط
الفلسطينيون والظلم التاريخي
بقلم: ناجي صادق شراب (كاتب فلسطيني) عن الخليج الاماراتية
لماذا يخشى نتانياهو شريط محمد الدرة ؟
بقلم: عبدالله ربحي (كاتب فلسطيني) عن الوطن القطرية
هل يُدخل سلاح الحزب لبنان في حرب سوريا كما أدخله "الفلسطيني" في حرب مع إسرائيل؟
بقلم: إميل خوري (كاتب لبناني) عن النهار البيروتية
كلمة الرياض: وهم الحل الأمريكي لقضيتي فلسطين.. وسوريا
بقلم: يوسف الكويليت (كاتب وإعلامي سعودي) عن الرياض السعودية
الإخوان لا يفضلون الانتخابات الآن
بقلم: عماد الدين حسين (صحفي مصري) عن الشروق المصرية
تنبؤات كيسنجر وحروب الشرق الاوسط
بقلم: إميل أمين (كاتب مصري) عن السياسة الكويتية
سوريا ونداء الحوار
بقلم: حسين علي الحمداني (كاتب وباحث عراقي) عن الصباح العراقية
اليمين الإسرائيلي وإحياء حل الدولة الواحدة
بقلم: هشام منور (كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
لم يتخل اليمين الإسرائيلي يوماً، خاصة ما يُعرف بـ’اليمين العقائدي’، أي أتباع جابوتينسكي، عن فكرة ‘أرض إسرائيل الكاملة’. ويمكن رؤية ذلك في العديد من الأدبيات السياسية، فقبل نحو عشرين عاماً، وضعت بلدية عكا في المتنزه البحري بالمدينة، تمثالاً ضخماً تضمن خريطة لـ’أرض إسرائيل’، تشمل فلسطين التاريخية وشرق الأردن.
ورغم توقيع الحكومة الإسرائيلية مع منظمة التحرير على اتفاقيات أوسلو وإظهار استطلاعات الرأي أن أغلبية الإسرائيليين تؤيد حل الدولتين، إلا أن ‘اليمين العقائدي’ في ‘إسرائيل’ عاد، في السنوات الأخيرة، إلى طرح حل الدولة الواحدة ثنائية القومية، ويتحدث هؤلاء عن فرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، مثلما تم فرضه على القدس الشرقية وهضبة الجولان، وهي خطوة تتنافى مع القانون والمواثيق الدولية، ومنح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين، بشروط وتدريجيا.
يعتبر أوري إليتسور أحد الأشخاص البارزين في معسكر اليمين الاستيطاني، وهو الرئيس الأسبق لمجلس المستوطنات، وكان إليتسور قدم محاضرة خلال ندوة عقدتها ‘مبادرة جنيف’، عام2009، قال فيها إن ‘الحل الأسوأ هو، على ما يبدو، الحل الصحيح: دولة ثنائية القومية، على أساس ضم كامل للضفة الغربية، وجعل الفلسطينيين مواطنين كاملين’.
وفيما عبر ناشطو ‘مبادرة جنيف’ عن دهشتهم من هذه الأقوال، تبين أنها ليست مفاجئة لناشطي حركة ‘غوش إيمونيم’ الاستيطانية. وقال إليتسور في مقابلة أجرتها معه صحيفة ‘هآرتس′، في حينه، إن ‘الوضع القائم هو طريق مسدود. ولا يمكنه أن يستمر إلى الأبد. والمشاكل التي تواجهها إسرائيل، في السنوات الخمس الأخيرة، سببها أن العالم سئم منا. وهو يقول لنا ‘أنتم قلتم لنا ان هذا الاحتلال هو حالة مؤقتة، وها هي أربعون عاما قد مرت على الحالة المؤقتة. ونحن مستعدون لأن نوافق على عشر سنوات أخرى، لكننا نريد أن نعرف كيف ستتطور الأمور’.
ورأى إليتسور أن ‘ثمة من يقترح أن يحيا السكان الفلسطينيون تحت حكم إسرائيل، ولكن أن يصوتوا للبرلمان الأردني. وهناك اقتراحات حول حكم ذاتي، وكانتونات، وإدارة ذاتية خالية من الصلاحيات.
عضو الكنيست السابق حنان بورات، الذي كان زعيم المستوطنين، اعتبر أنه في حال إقامة الدولة ثنائية القومية، فإنه ‘يجب أن يكون أمام أي عربي في البلاد ثلاث إمكانيات: الأولى، من يريد دولة عربية ومستعد لتطبيق ذلك بالإرهاب والنضال ضد الدولة، لا مكان له على أرض إسرائيل. الثانية، من يوافق على مكانته وعلى السيادة اليهودية، لكنه لا يريد المساهمة في حياة الدولة وتنفيذ واجباته، بإمكانه أن يكون مقيماً، وسيحظى بحقوق إنسان كاملة، لكنه لن يحظى بتمثيل سياسي في مؤسسات الدولة. كما أن واجباته، مثل الخدمة العسكرية أو الوطنية، لن تكون كاملة. الثالثة، الفرد الذي يقول إنه مخلص للدولة وقوانينها، ومستعد لأن ينفذ واجباته وقسم الولاء لها، بإمكانه أن يحصل على مواطنة كاملة’. ووفقا لبورات، فإن ‘هذا مبدأ أخلاقي، وهو ألا نفرض المواطنة ولا نمنح الجنسية بشكل عشوائي. فقد حاولوا القيام بذلك في شرق القدس، والحقيقة هي أن هذه المحاولة فشلت’.
حتى رئيس الكنيست السابق، وعضو الكنيست عن الليكود، رؤوفين ريفلين، يعبر باستمرار عن رفضه المطلق لحل الدولتين، وهو يقول: ‘إنني أفضل أن يكون الفلسطينيون مواطنين في هذه الدولة على تقسيم البلاد’. لكن ريفلين يرفض في الوقت نفسه فكرة ‘دولة جميع مواطنيها’ وحل ‘الدولة ثنائية القومية’، ويتحدث عن ترتيبات سيادية مشتركة لإسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية، ‘في ظل الدولة اليهودية’ وعن وجود برلمانين، يهودي وعربي.
تشير آخر الإحصائيات إلى أنه يعيش بين النهر والبحر قرابة ستة ملايين يهودي ونحو 5.6 مليون عربي. لكن خبراء الديموغرافيا في ‘إسرائيل’، ومنهم البروفيسور أرنون سوفير والبروفيسور سيرجيو ديلا فيرغولا يعتبران أن الأرقام الحقيقية أقل من ذلك بقليل، وأن عدد الفلسطينيين في الضفة ليس أكثر من مليوني نسمة. ويدعي ما يسمى ‘الطاقم الأمريكي – الإسرائيلي للأبحاث الديموغرافية’، برئاسة يورام أتينغر، أن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية هو 1.5 مليون نسمة، وأن الفلسطينيين ضخموا الأرقام لأسباب سياسية. وتوقع هذا الطاقم أنه بحلول العام 2025 ستكون نسبة اليهود بين النهر والبحر 63′ ونسبة العرب 37′.
والحال أنه في ما يرى فريق من الإسرائيليين أنه لم تعد هناك إمكانية لتطبيق حل الدولتين، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب ‘إسرائيل’، فإنه يدعو إلى تطبيق حل الدولة الواحدة بين النهر والبحر، أو ما يعرف أيضا باسم ‘الدولة ثنائية القومية’، العربية واليهودية. وتنتمي الغالبية العظمى في هذا الفريق إلى معسكر ‘أرض إسرائيل الكاملة’، وهناك أقلية صغيرة فيه تنتمي إلى معسكر ‘اليسار الراديكالي’، وهو معسكر صغير وليس ممثلا في الكنيست. والأب الروحي لهذا المعسكر هو زئيف جابوتينسكي، زعيم ومؤسس ‘الحركة الإصلاحية الصهيونية’. ووفقا لهذا المعسكر، فإن اليهود والعرب يجب أن يعيشوا في هذه ‘الدولة الواحدة’ وتحت سيادة يهودية. جابونتسكي هو الأب الروحي لحزب الليكود ومصدر إلهام كثير من قادته السياسيين، فهل تقود حكومة نتنياهو الحالية ملف التسوية باتجاه تقويض ما تبقى من السلطة الفلسطينية، وترسيخ حل الدولة الواحدة ثنائية القومية، كما يرغب في ذلك كثير من صقور الليكود واليمين الإسرائيلي، لا سيما منه اليمين المتطرف الاستيطاني؟!
عيون وآذان (وعد بالفور والوردة البيضاء)
بقلم: جهاد الخازن (كاتب لبناني) عن الحياة اللندنية
قرأت في «الحياة»، بمناسبة الذكرى الخامسة والستين للنكبة وتشريد الفلسطينيين من بلدهم، مقالات عدة أشارت إلى وعد بالفور، وهو مشهور، وسأحاول اليوم إعطاء صورة أوسع لسياسة الانتداب البريطاني إزاء فلسطين.
وعد بالفور صدر في 2/11/1917 على شكل رسالة من وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بالفور إلى البارون روتشيلد جاء فيها:
إن حكومة صاحب الجلالة تحبذ إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستحاول جهدها تسهيل تحقيق هذا الهدف، (شرط) أن يكون واضحاً أنه لن يُعمل شيء يسيء إلى الحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية في فلسطين، أو إلى الحقوق والأوضاع السياسية التي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر.
هذا الوعد جاء على خلفية المؤتمر الصهيوني الأول في بازل وصدور كتاب تيودور هيرتزل «الدولة اليهودية» سنة 1896.
ما سبق معروف ومتداول غير أن دراستي الجامعية شملت التاريخ، بعد العلوم السياسية والأدب العربي، وأريد أن أضيف إلى ما سبق تكملة مهمة جداً لا يستقيم الموضوع من دونها.
في 23/5/1939، والحرب في أوروبا على الأبواب، أصدرت حكومة نيفيل شامبرلين ما عرف باسم «الورقة البيضاء لسنة 1939» التي قدمها وزير المستعمرات مالكولم ماكدونالد، ونالت موافقة البرلمان بغالبية 268 صوتاً مقابل 179 صوتاً.
الورقة طويلة، واكتفي هنا بالجزء الأول من ثلاثة أجزاء كلها مهم وأترجم حرفياً:
الجزء الأول، شكل الدولة: مع استقرار أكثر من 450 ألف يهودي في أرض الانتداب (فلسطين) وعد بالفور عن «وطن قومي لليهود» تحقق، وندعو إلى قيام فلسطين المستقلة خلال عشر سنوات ليحكمها شراكة العرب واليهود.
إن حكومة صاحب الجلالة تعتقد أن صائغي الانتداب الذي يشكل وعد بالفور جزءاً منه لا يمكن أن يكونوا أرادوا تحويل فلسطين إلى دولة يهودية ضد رغبات السكان العرب في البلاد... لذلك فحكومة صاحب الجلالة تعلن قطعياً الآن أنه ليس من سياستها أن تصبح فلسطين دولة يهودية. بل نرى أن مثل هذا (الوضع) يناقض التزاماتها للعرب تحت الانتداب، والتعهدات التي قطعت للعرب في السابق، بجعل العرب في فلسطين رعايا دولة يهودية رغماً عن إرادتهم.
إن هدف حكومة صاحب الجلالة هو تأسيس دولة فلسطين المستقلة خلال عشر سنوات، مع علاقات تعاهدية مع المملكة المتحدة ما يضمن الحاجات الاقتصادية والاستراتيجية للجانبين في المستقبل. الدولة المستقلة يجب أن تكون بمشاركة العرب واليهود في الحكومة بطريقة تضمن المصالح الأساسية للجانبين.
الجزء الثاني من الورقة البيضاء يتحدث عن الهجرة ويحددها بـ 75 ألف مهاجر يهودي إلى فلسطين في عشر سنوات اعتباراً من نيسان (أبريل) 1939. أما الجزء الثالث وموضوعه الأرض، فيمنع بيع الأراضي لليهود في مناطق من فلسطين ويحد منها في مناطق أخرى.
وعد بالفور قطعه من لا يملك الأرض لمن لا حق له فيها، والورقة البيضاء سعت إلى تصحيح الوضع، ليس لأن بريطانيا رأت ما أوقعت من ظلم بالفلسطينيين فوخزها ضميرها، وإنما لأنها أدركت أن اليهود هم حتماً إلى جانبها في حال حرب مع ألمانيا النازية، فأرادت استمالة الدول العربية المستقلة مثل مصر والعراق والسعودية إلى جانبها في أي حرب قادمة... هذه هي الصورة كلها للوعد والورقة.
سيناء وغزة .. وكامب ديفيد
بقلم: عبداللطيف مهنا (كاتب فلسطيني) عن الوطن العمانية
انتقاص السيادة الوطنية على هذا الجزء الخطير من الجغرافيا المصرية، أو هذه البوابة الرئيسة التي داهمت مصر من خلالها معظم الأخطار والغزوات الخارجية عبر تاريخها القريب والبعيد، هذا إلى جانب كونها رابطها الجغرافي بمشارق أمتها والحلقة الموصلة لمشارق الأمة بمغاربها. وهو انتقاص أوجدته وكرَّسته اتفاقية كامب ديفيد مع عدو مصر التاريخي، التي أخرجتها من الصراع العربي الصهيوني.
انتهت أزمة اختطاف رجال الشرطة المصريين في سيناء بإفراج مختطفيهم عنهم. كان لشيوخ القبائل هناك دور في هذه النهاية السعيدة. انتهت، لكنما الأزمة المصرية الأمنية المزمنة هناك لم تنتهِ، بل باتت شبه الجزيرة المشكِّلة لـ6% من مساحة مصر الكلية بؤرة إقلاقٍ حقيقية تتفاقم تداعياتها. والمفارقة، أن لا أحد تقريبًا في مصر لا يشير، بشكلٍ أو بآخرٍ، إلى الأسباب الأساس لذلك أو لا يعرف سبل حلولها، وكم كثر الحديث عنهما ففي وسائل الإعلام على اختلافها، وحتى رسميًّا، بعيد كل حادثةٍ مشابهةٍ، لكنما، وحتى الآن، لا من جديدٍ يتخذ في معالجتها، ولا يبدو أن هذا سيكون في المدى المنظور على الأقل ... هناك سببان رئيسان للفراغ والانفلات الأمني في سيناء ولا من سبيلٍ للحد منهما دون معالجتهما:
أولهما: انتقاص السيادة الوطنية على هذا الجزء الخطير من الجغرافيا المصرية، أو هذه البوابة الرئيسة التي داهمت مصر من خلالها معظم الأخطار والغزوات الخارجية عبر تاريخها القريب والبعيد، هذا إلى جانب كونها رابطها الجغرافي بمشارق أمتها والحلقة الموصلة لمشارق الأمة بمغاربها. وهو انتقاص أوجدته وكرَّسته اتفاقية كامب ديفيد مع عدو مصر التاريخي، التي أخرجتها من الصراع العربي الصهيوني، وقضت على تأثيرها ودورها القيادي في أمتها. فهي قسَّمت سيناء إلى ثلاث مناطق، ألف، وباء، وجيم، وحددت وقننت تواجدًا ضئيل العدد والعدة للجيش المصري في الأولى، ومنعته من الحركة في الأخريين دونما تنسيقٍ، أو بالأحرى إذنٍ مسبقٍ، من العدو الصهيوني، وسمحت في الأخيرتين بقليلٍ مما لا يحفظ أمنًا ولا يحمي حدودًا من الشرطة. بمعنى أنها جعلت من الفراغ بديلا للسيادة المصرية وحوَّلت سيناء إلى مرتعٍ خصبٍ للموساد، ومشاعٍ متاحٍ للمهربين، وحاضنةٍ مثلى لغلاة التكفيريين. مثلًا، لم يعرف حتى الآن، أو ما لا يراد له أن يعرف، من هي الجهة المجرمة التي ارتكبت مذبحة الستة عشر مجندًا في رفح المصرية وهم يتناولون إفطارهم الرمضاني! كما من المحظور على الطيران المصري التحليق في أجواء المنطقة جيم، بينما الطائرات الصهيونية لا تنفك تفعل هذا، ناهيك عن الملاحق السرية لهذه الاتفاقية، وكل ما يعني أن حال سيناء القائم ما هو إلا شرط مطلوب لحماية الصهاينة، كما لا يعفيها من التهديدات الصهيونية الدائمة بإعادة احتلالها.
السبب الثاني: هو التهميش المزمن، بل التاريخي، للسيناويين، باستثناء الحقبة الناصرية، سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وتعليميًّا، والتعامل معهم وكأنما هم ليسوا مواطنين مصريين، بل والتشكيك في وطنيتهم، لا سيما ما جرى لهم في العقود الأخيرة التي تلت كامب ديفيد، أو ما تخللها من قمعٍ مفرطٍ إثر كل حادث أمني هناك حينها، ويقال إنه حتى الآن هناك لا يزال ما يقارب الألف معتقلٍ منهم، الأمر الذي تتحدث عنه راهنًا كثرة من القوى المصرية السياسية مطالبةً بإنصافهم، أو ما يثار عادةً بعد كل مناسبةٍ أمنيةٍ سيناويةٍ تحدث، ثم لا يلبث أن يطوى حديثه وتستمر الحال على ما هي عليه ... الحال الذي من شأنه أن يُشعِر مصريي سيناء بمزيدٍ من مرارة الغبن والتنكر لتضحياتهم وبلائهم المعروف في الدفاع عن مصر في سني مواجهاتها لأعدائها السابقة على كامب ديفيد، إذ منهم المئات من حملة الأوسمة التي تشير إلى ما قدموه للوطن والأمة في ذلك الحين، والمصريون والعرب يتذكَّرون بفخارٍ مآثر منظمة سيناء العربية الفدائية الشهيرة بين حربي 1967 و1973، كما أن أغلب فصائل المقاومة الفلسطينية في أوج عطائها النضالي عرفت مناضلين سيناويين في صفوفها ... باختصار، يمكننا أن نخلص إلى القول، إنه لا من تنميةٍ ترتجى ولا من أمنٍ متاحٍ في سيناء في ظل كامب ديفيد وملحقاتها السرِّية ومراقبيها الناتويين القابعين فيها ...
من هنا، كم هو مقيت ومستغرب تلكم الأصوات النشاز في مصر المتحفزة دائمًا لتحميل الفلسطينيين المحاصرين في غزة كل أوزار المشاكل الأمنية الكامب ديفيدية في سيناء، أو الملوِّحة بفزَّاعة توطينهم فيها، رغم أنه، وعلى امتداد عقود النكبة، بما فيها حقبة احتلال غزة، لم يشأ فلسطيني واحد الإقامة، ناهيك عن قبوله توطينًا مزعومًا فيها أو في سواها. بل ذهبت بعض تلك الأصوات الناعقة، والتي تعدت الإعلامية إلى بعض الرموز في القوى السياسية، إلى اتهامهم بأنهم من فتح السجون المصرية وأطلق مساجينها، وحتى أن بعض وسائل الإعلام المعارضة لم تتورع عن زعمٍ من شاكلة أنهم يشكلون الحرس الشخصي لرئيس مصر الذي تعارضه! وهي أصوات أقل ما يقال في وصفها بأنها تلتقي مع الاستهدافات الصهيونية الخبيثة الساعية أبدًا لبث الفرقة بين شعوب الأمة الشقيقة. لكنما المؤلم وغير المبرر هو إقفال معبر رفح في وجه الفلسطينيين طيلة أيام الاختطاف، بذريعة احتجاج بعض أفراد الشرطة المصرية على اختطاف زملائهم، رغم أن المنطق والواقع يقول إنه لا ناقة ولا جمل للفلسطينيين أو مصلحة فيما جرى، وكان وزير الداخلية المصري قد أعلنها بنفسه من أن الخاطفين هم مصريون صرفًا ومعروفون له بالاسم. إنه الأمر الذي لا يمكن فصله بحال عن عملية هدم الأنفاق المبرمجة وغمرها بالمياه العادمة، رغم كونها وسيلة التنفس المعيشي البائسة والوحيدة لما يقارب المليون وثلاثة أرباعه من الأشقاء المحاصرين بإسهامٍ من أشقائهم هادميها ... لا حل لمشاكل سيناء الأمنية دون عودة السيادة المصرية الكاملة عليها، ولا عودة لهذه السيادة الغائبة، ولا لدور مصر القيادي التاريخي الغائب في أمتها، ما دامت مصر الرسمية متمسكة باتفاقية كامب ديفيد.
الربيع العربي والسلام الإسرائيلي؟
بقلم: عماد الدين أديب (إعلامي مصري) عن الشرق الأوسط
طرحت «بي بي سي» العربية سؤالا على مشاهديها: هل الثورات العربية التي جاءت عقب الربيع العربي جعلت السلام مع إسرائيل أكثر إلحاحا؟
وجاءت الإجابات متفاوتة للغاية ما بين الرفض الكامل للتعامل بأي شكل من الأشكال مع العدو الإسرائيلي. أما الرأي الآخر فهو أن السلام «حلو» و«جميل» و«مفيد» ولا مانع إطلاقا من السعي بكل قوة إليه. أما فكرة أن السلام أصبح أكثر إلحاحا فإن الخطر الأكبر لدى إسرائيل هو مدى ثقة الطرف الإسرائيلي في مصداقية الطرف العربي الذي سيتم توجيه السلام التعاقدي معه.
لا يمكن أن يكون هناك تنظيم قاعدة وسلام مع إسرائيل في آن واحد!
يجب ألا يكون السلام هو «منتهى الأمل» وبأي ثمن كما حذر السياسي العظيم ونستون تشرشل في مذكراته. هذا السلام لا يمكن أن يتم في ظل ثورة غير مستقرة ليس لها توجه نهائي وليس لها قيادة واضحة. البعض يراهن على أن وجود تيارات الإسلام السياسي في الحكم على رأس دول الربيع العربي هو قمة الضمانة للسلام، على أساس أن القوى الإسلامية قادرة من خلال إمكانياتها في الحشد والتعبئة والفوز بكل الانتخابات والاستفتاءات العربية على تأمين أي اتفاق مع إسرائيل. من هنا نحن أمام مدرستين من التفكير؛ مدرسة ترى أن الربيع العربي يخدم إسرائيل، والمدرسة الأخرى ترى أنه يهددها ويصيبها بالذعر والقلق. هنا تأتي الإجابة عندما نغوص في التفاصيل وأهمها نوعية تيار الإسلام السياسي الذي يحكم.. هل هو «إسلامي عملي براغماتي» أم هو «إسلامي جهادي تصادمي»؟
إذا كان من بناء جماعة الإخوان وفكرها فنحن أمام مدرسة عملية براغماتية قابلة للدخول في اتفاق سلام تعاقدي وضمانته وحمايته مثلما قامت.. قامت «الإخوان» برعاية اتفاق الهدنة العسكرية بين حماس وإسرائيل عقب أحداث غزة منذ 6 أشهر.
أما إذا كان تيار الحكم الآتي تيارا جهاديا سلفيا متصلا بجماعة «القاعدة» مثل تلك التيارات الموجودة في سيناء، وجنوب تونس، ومالي، والجزائر، وجبهة النصرة في سوريا وتيارات التعمير في الأنبار بالعراق، فنحن نتحدث عن صدامات دموية مستمرة لن تتوقف أبدا. فكرة الإسلام تبدأ أولا بالسلام مع النفس واحترام الآخر الشقيق، فمن باعنا لو كانت المسألة هي سلام «عدو» تاريخي؟
الفلسطينيون والظلم التاريخي
بقلم: ناجي صادق شراب (كاتب فلسطيني) عن الخليج الاماراتية
الظلم التاريخي له أشكال وصور متعددة، أقصاها درجة هو الظلم الذي يقع على شعب كامل، بفعل تلاقي إرادات وقوى أخرى ضده، لأهداف كثيرة منها الرغبة في السيطرة والعبودية، واستنزاف موارده وخيراته . وقد يأخذ شكل حرمان شعب ما من عقول أبنائه . وأقسى درجات الظلم التاريخي هو ذلك الظلم الذي يقوم على اقتلاع شعب من أرضه وجذوره التاريخية ليعيش في أرض غير أرضه يبحث عن هوية جديدة .
ومن المفارقات التاريخية أن الظلم التاريخي قد ارتبط بالموجة الاستعمارية التي استعبدت فيها شعوب دول العالم الثالث في إفريقيا وآسيا، التي تحولت فيها إلى أراض منهوبة، وشعوب محرومة من آدميتها وكرامتها الإنسانية .
وتبقى أعلى درجات الظلم التاريخي هو الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني عندما تكالبت الصهيونية والقوى الاستعمارية على اقتلاعه من أرضه ليعيش في مخيمات تفتقر لكثير من مقومات الحياة الإنسانية . ولهذا الظلم التاريخي أشكال متعددة ومركبة، فلم يقتصر على عملية التهجير القسري من الأرض، وما عانى من مذابح راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء . ولكنه شكل من الظلم التاريخي المستمر، فمنذ خمسة وستين عاماً وحالة الظلم التاريخي مستمرة وتأخذ صوراً متعددة، منها عدم القدرة على أن يعود هذا الشعب لأرضه، وعدم قدرته على قيام دولته المستقلة، والحصار التاريخي الذي يواجه المواطن الفلسطيني أينما وجد . فلقد اقترن الظلم التاريخي بشخص المواطن الفلسطيني العادي حتى الآن، في تنقله وترحاله من مكان إلى آخر . أنت فلسطيني عليك أن تنتظر رحمة السماء .
هذا التمايز وهذه المعاملة شكل من أشكال الظلم التاريخي، وكل ما تقوم به “إسرائيل” منذ النكبة عام 1948 هو شكل من الظلم التاريخي المستمر الذي يعيش فيه الشعب الفلسطيني، وما تقوم به “إسرائيل” من مصادرة الأرض، وبناء مستوطنات عليها، واقتلاع أشجار الزيتون، والاعتقالات اليومية، وتدمير المنازل، والاقتحامات العسكرية لبيوت الفلسطينيين الذين يعيشون على ما تبقى لهم من أرض، والأسرى الذين يقبعون في سجون “إسرائيل”، والحروب المستمرة على قطاع غزة، وحرمان أهله من ممارسة أدنى مقومات الحياة الإنسانية .
والسؤال المشروع: من يتحمّل مسؤولية هذا الظلم الذي ما زال يعانيه الشعب الفلسطيني؟ المسؤولية الكبرى تقع على بريطانيا باعتبارها السلطة التي انتدبتها عصبة الأمم على فلسطين في أعقاب الحرب الكونية الأولى، وكانت من مسؤوليات الدولة المنتدبة أن تعمل على استقلال الشعوب التي وقعت تحت هذا النظام ومن ضمنها فلسطين، التي وضعت تحت تصنيف “أ”، وهي الشعوب الأكثر تطوراً وتأهيلاً في ممارسة حقوقها السياسة، وبدلاً من ذلك قامت بتطبيق وتنفيذ نظام الانتداب لتنفذ من خلاله وعد بلفور الذي مُنحت بموجبه الحركة الصهيونية وطناً لليهود . وتنفيذاً لذلك انتهجت سياسة الباب المفتوح، وتشجيع الهجرة اليهودية، وتسهيل انتقال الأراضي لليهود خصوصاً الأراضي التي تعتبر ملكاً للدولة العثمانية بصفتها دولة الخلافة الإسلامية الشرعية، وتسهيل تدفق السلاح للجماعات الصهيونية المسلحة، وملاحقة ومعاقبة الفلسطينيين الذين يحملون السلاح لعقوبات تصل إلى الإعدام وهو ما حصل فعلاً، وتوّجت هذه السياسة بنقل القضية إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرار قيام “إسرائيل” كدولة وفقا للقرار رقم ،181 والحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية بموجب القرار نفسه .
هذه بعض أشكال مسؤولية بريطانيا، ولكن المسؤولية لا تتوقف عند حدود بريطانيا، فعصبة الأمم تتحمل مسؤولية مباشرة في هذا الظلم التاريخي لأنها غطت وتجاهلت كل ما قامت به بريطانيا من سياسات مناقضة ولاغية لنظام الانتداب . وانتقلت هذه المسؤولية إلى الأمم المتحدة، وأول مظاهر هذه المسؤولية عجزها عن تنفيذ كل القرارات الدولية التي أصدرتها التي تؤكد في مجملها حق الشعب الفلسطيني في ممارسة حقه في تقرير مصيره على أرضه، وبطلان كل السياسات التي قامت بها “إسرائيل” في الأراضي الفلسطينية كسلطة احتلال بما فيها المستوطنات . وعجز الأمم المتحدة عن معاقبة “إسرائيل” وخضوع سلوكها السياسي لأحكام ميثاق الأمم المتحده وخصوصاً الفصل السابع .
الذي يخفف عن الأمم المتحدة هذه المسؤولية ما قدمته من مساعدات إنسانية للشعب الفلسطيني، وتبني قرار فلسطين كدولة مراقب بتأييد 139 دولة، وهذا بلا شك إحساس بهذا الظلم التاريخي .
وما يخفف عن الأمم المتحدة أيضاً أنها في النهاية محصلة إرادات دول، وهنا تأتي المسؤولية المباشرة على الولايات المتحدة التي وظفت حقها في “الفيتو” في مجلس الأمن لتحول دون معاقبة “إسرائيل” ضد كل انتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني، ومن ناحية أخرى للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية كاملة العضوية، وتحملها المسؤولية المباشرة في فشل المفاوضات الفلسطينية- “الإسرائيلية” لتبنيها وجهة نظر “إسرائيل”، واستمرار مساعداتها العسكرية والاقتصادية والأمنية لها ما يشجعها على عدم الاستجابة لكل مبادرات السلام .
وتبقى أعلى درجات الظلم التاريخي يتمثل برفض “إسرائيل” إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، ومحاصرة الشعب الفلسطيني وإطلاق سراح الأسرى,,, هذا الظلم التاريخي لن ينتهي إلا بانتهاء الاحتلال “الإسرائيلي”، وقيام الدولة الفلسطينية .
لماذا يخشى نتانياهو شريط محمد الدرة ؟
بقلم: عبدالله ربحي (كاتب فلسطيني) عن الوطن القطرية
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ليس رجلا رقيق القلب ليتأثر بالاتهامات الغربية عموما للجيش الاسرائيلي بقتل الشهيد محمد الدرة في العام 2000 فهو يعلم تماما ان جيش الاحتلال قتل مئات الاطفال الفلسطينيين بدم بارد وبطلقات حاقدة في الرأس كما قتل مئات الاطفال اللبنانيين بقذائف وصواريخ دفنتهم تحت الانقاض، ان ما يهم الاسرائيليين عموما ونتانياهو خصوصا هو القوة الاعلامية التي اكتسبها شريط مصور القناة الثانية الفرنسية تشارلز اندرلين في الغرب حيث لا يلقى التعداد البارد لعدد الشهداء الذين سقطوا على ايدي الاسرائيليين أي تعاطف يذكر في حين شكلت الصورة الحية اختراقا للحواجز الاعلامية الاسرائيلية والدعايات المضللة التي تطلقها اسرائيل وشبكات التلفزة الاميركية لقلب الحقائق والتلاعب بها.
ان فيليب كارسنتي مدير موقع تحليل وسائل الاعلام الذي يقاضي اندرلين ويتهمه بالتلاعب بمضمون الشريط يعلم ان جنود الاحتلال قتلوا الدرة ويعلم انهم سيفعلونها مرارا ولكنه ومن دفعه من الاسرائيليين لرفع دعوى على القناة الفرنسية يعلمون ان الطعن في قضية شهيرة لدى الرأي العام الاوروبي سيقود للتشكيك في الكثير من الحقائق الثابتة عن ممارسات الاحتلال ويعطي فرصة للاسرائيليين مجددا لتشغيل الاسطوانات المشروخة عن العداء للسامية .
في السابق كاد الفلسطينيون والنشطاء الدوليون ينجحون في جر العديد من قادة إسرائيل للمحاكم وخصوصا محاكم بلجيكا التي تتيح محاكمة مرتكبي جرائم الحرب وقد وقف في عدم الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة حجرة عثر ة امام ذلك واليوم فان السلطة الفلسطينية مطالبة بفعل كل ما يلزم لفضح قادة الاحتلال ومحاسبتهم على جرائمهم عبر الآليات الدولية وعدم الاكتفاء باستخدام تلك اللآليات كأوراق مساومة للحصول على الفتات.
هل يُدخل سلاح الحزب لبنان في حرب سوريا كما أدخله "الفلسطيني" في حرب مع إسرائيل؟
بقلم: إميل خوري (كاتب لبناني) عن النهار البيروتية
قبل ثلاث سنوات أعلن مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي "أن إيران سوف تهزم أميركا في لبنان"، وكانت التصريحات النارية المتبادلة بلغت أوجها بين مسؤولين أميركيين ومسؤولين إيرانيين وكل منهم يتوعد الآخر بعواقب وخيمة، وقد وصفت إيران بمحور الشر في المنطقة لا بد من كسره. فهل يمكن القول ان المعركة السياسية التي بدأت قبل سنوات بين الدولتين الاميركية والايرانية قد تتحول معركة عسكرية تغير نتائجها وجه المنطقة وتكون اسرائيل جزءا منها للتخلص من السلاح النووي الذي تعمل ايران على صنعه؟
الواقع ان ايران تستعد لمواجهة الولايات المتحدة الاميركية ومن معها في المنطقة منذ سنين، وتتخذ من موضوع الدفاع عن القضية الفلسطينية وازالة اسرائيل من الوجود سلاحاً لها لتكسب تأييد الشعبين الفلسطيني والعربي بعدما كادت هذه القضية تغيب عن كل اهتمام فيما اسرائيل تواصل بناء المستوطنات وتهويد القدس.
الى ذلك، ترى اوساط سياسية ان ايران بدأت تستعد لمواجهة خصومها في المنطقة منذ ان عقدت تحالفاً استراتيجياً مع سوريا، وتمد الفصائل الفلسطينية الجهادية وتحديداً حركة "حماس" بالمال والسلاح، وصار لها في لبنان يد عسكرية ضاربة على حدود اسرائيل هي يد "حزب الله". وقد تكرس ذلك في زيارات عدة قام بها مسؤولون ايرانيون سياسيون وعسكريون للبنان وتوّجت بزيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي زار الجنوب وأطلق منه موقفاً أعلن فيه ان هذه المنطقة هي منطقة مقاومة لاسرائيل.
وعندما كانت تعقد جلسات هيئة الحوار برئاسة الرئيس نبيه بري واتخذت فيها قرارات مهمة، ظن كثيرون ان هذه القرارات تكون اكثر اهمية عند تنفيذها وان موافقة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عليها كفيل بذلك. لكن تلك القرارات ظلت حبرا على ورق لأن لا مصلحة لسوريا ولا لايران في تنفيذها، ومن الطبيعي ان يصبح "حزب الله" عندئذ غير معني بها. ثم كانت حرب تموز 2006 مع اسرائيل تعطي اشارة تؤكد ان "حزب الله" ليس هو الذي اتخذ قرارا بالحرب انما ايران لتثبت للولايات المتحدة الاميركية وغيرها ان قرار الحرب والسلم مع اسرائيل هو في يدها وان عليها ان تتفاهم معها حول برنامجها النووي. وانتهت تلك الحرب بصدور قرار مجلس الامن رقم 1701 الذي لم ينفذ منه سوى نشر قوات دولية في الجنوب والى جانبها قوات من الجيش اللبناني، ما ادى الى وقف العمليات العسكرية بين اسرائيل و"حزب الله" ولكنه لم يؤد حتى الآن الى وقف اطلاق النار ولا الى اقامة منطقة منزوعة السلاح في الجنوب ولا الى وقف ارسال الاسلحة الى "حزب الله" عبر الحدود اللبنانية، وترد اسرائيل على ذلك بخرق الاجواء اللبنانية بطائراتها الحربية بحجة مراقبة مرور الاسلحة. وهكذا ظل القرار 1701 من دون تنفيذ كامل وظل الجنوب على رغم ذلك هادئاً.
وعندما انفجرت الازمة السورية وانقسم اللبنانيون بين مؤيد لها ومعارض، دعا الرئيس نجيب ميقاتي الى اعتماد سياسة النأي بالنفس عما يجري في سوريا لتجنيب لبنان التداعيات السلبية، لكن هذه السياسة لم تحسن الحكومة تطبيقها لا بل عجزت عن تطبيقها الا انتقائياً بحيث انتقل انقسام اللبنانيين حول الازمة السورية الى داخل الحكومة نفسها فأصبحت سياسة النأي بالنفس لا مفعول لها لأن الفاعل هو "حزب الله"...
وكان الرئيس ميشال سليمان بدا مطمئناً الى أمن لبنان واستقراره عندما صدر عن اجتماع هيئة الحوار الوطني في القصر الجمهوري إعلان يدعو الى تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية لتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والازمات الاقليمية. وزاد اطمئنان الرئيس الى الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية موافقة جميع المتحاورين على هذا الاعلان ولاسيما "حزب الله"، لكن هذا الحزب ما لبث ان خالف مضمونه باطلاقه "طائرة ايوب" فوق اسرائيل. ثم وبعد استقالة حكومة الرئيس ميقاتي اعتبر تحييد لبنان مجرد توصية وليس قرارا ملزماً يحتاج اتخاذه الى اتفاق على التفاصيل...
الحقيقة ان ادخال لبنان طرفاً في الازمة السورية قد يجر عليه الويلات كما جرها عليه في السابق عندما دخل طرفاً مع الفلسطينيين في الحرب ضد اسرائيل فكان الدمار والخراب لبنيته التحتية والفوقية ولا يزال يعاني منها حتى الآن، لا بل كانت الازمات الوزارية التي استعصى حلها وكان التمديد لمجلس النواب لتعذر اجراء الانتخابات في موعدها.
وكما دفع لبنان في الماضي ثمن الحروب الفلسطينية وحروب الآخرين على ارضه ففقد أمنه وسيادته وحريته واستقلاله وخضع الحكم فيه لوضع شاذ مستمر الى الآن، هل يدفع اليوم ثم حرب "حزب الله" في سوريا بحيث انها قد تنتقل الى لبنان، فلا تجرى انتخابات ولا تشكل حكومات ولا يصير اتفاق على اي قانون بسبب صراع المحاور الذي ادخل "حزب الله" لبنان فيه كما ادخل قبلا في حرب تموز التي لا يزال يعاني حتى الآن من ويلاتها، وهذا معناه ان لبنان لن يخرج من وضعه الشاذ ما دام السلاح الاقوى هو خارج الدولة وما دامت الازمة السورية لم تحسم واللبنانيون منقسمين حول صراعات المحاور وانتظار نهايتها لمعرفة اي وجه سيكون للمنطقة.
كلمة الرياض: وهم الحل الأمريكي لقضيتي فلسطين.. وسوريا
بقلم: يوسف الكويليت (كاتب وإعلامي سعودي) عن الرياض السعودية
فلسطين وسوريا حاضرتان على الطاولة الأمريكية، لكنهما قيد التداول البطيء والمراوغ وهي مشكلة السياسة الجديدة للدولة العظمى التي شعرت أنها لابد أن تخرج من مسؤولية المهيمن وصانع القرار ومنفذه، إلى أسلوب الدبلوماسية المشتركة مع المعنيين بأي قضية..
(جون كيري) وزير الخارجية الأمريكية يعايش بشكل واضح تلك المهمتين، فهو مع انهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ويتضح أنه يريد احياء المشروع العربي للسلام، لكن وفق تغييرات تقبلها إسرائيل، ومع الترحيب بهذا العمل، إلاّ أن الشكوك أصبحت أكثر تشاؤماً، لأن من سبقوه أعطونا كل شيء، ثم فجأة تعثرت وتوقفت كل الجهود، وحتى الرئيس أوباما الذي نال شعبية جارفة عند المسلمين لم يحصل عليها أي رئيس أمريكي سابق غير «ايزنهاور» الذي أوقف الاعتداء الثلاثي على مصر، جعلنا نرى فيه صورة أمريكا المتحررة من هيمنة «اللوبي» الإسرائيلي، لكن السنوات غيرت البوصلة وأصبح يوصف بالرئيس السلبي والمتردد أمام القضايا الساخنة في العالم..
كل يعلم أن ترحيل القضية الفلسطينية، لا ينهيها أو يزيلها، لأن شعبها هو من يكرس حياته لها، وبالتالي فإن تعايش إسرائيل في المنطقة مرتبط بهذا الحل وهو ليس وهماً أو ضرباً من الخيال..
سوريا الأكثر صخباً وضغطاً على الضمير العالمي، فكل مخالفات القوانين والحقوق الإنسانية مارسها الأسد، وهناك كابوس روجت له بعض المصادر أن البديل عنه الجحيم، وهذا لم يحدث مع صدام، ولا القذافي، وبن علي، وربما وجود روسيا على خط التماس ضاعف المشكلة، وهي تتحرك وتقوم بعملها بناء على ضعف بالقوة المقابلة وقد استغلوها، بأن مرروا قرارات، وضاعفوا الدعم العسكري للنظام وسموا المعارضة بالإرهابية، ورفضوا الاعتماد على تقارير دولية عن استعمال الأسد أسلحة كيماوية، ومع ذلك مارست دورها، وهي تحتمي بنفوذها داخل سوريا وحدها، لأنه لا يوجد لها مؤيد أو مناصر إلاّ حكومة طهران والتي تعمل معها بنفس الحماس..
سلبية أمريكا وحلفائها، هل جاءت بسبب انعدام القيمة الاستراتيجية لسوريا، وأنه لا يوجد ما يغريهما التصرف بتلقائية كما حدث في ليبيا، وهذا تكذبه مخاوف ثلاثة بلدان هي حليفة للغرب وأكثرها حساسية بما يجري في سوريا وخاصة تركيا، وإسرائيل والأردن، ودعنا من لبنان الذي تعودنا أن تكون فرنسا هي من تتولى شؤونه، وهي مخاوف غير عادية ومن غير المنطقي تجاهلها..
هناك «فوبيا» من الإسلاميين في سوريا ولا ندري لماذا لا نرى هذه المخاوف تتجدد وكل دول الربيع العربي يسودها حكم إسلامي داخله متطرفون و«براغماتيون» ومع ذلك فالغرب يتعامل معها بدون الشعور بالخوف من الوضع السوري..
فالأسد لن يقبل أو يتنازل عن قراره، إلاّ إذا شعر أن قوة ما بدأت تعادل قوته، وأن الحصار عليه بمواقع حساسة سيجعله مجبراً أن يخرج ولو ببعضة مكاسب، لكنه في الوضع الراهن، يدرك سلبية الغرب وقد استغلها في العمل على تجاوز مطالبهم، وروسيا لاتزال تمسك بالورقة الضاغطة، وإلاّ عرفناها تنازلت عن العديد من المواقف بما فيها عجزها عن حماية القذافي شبه الحليف لها..
كيري يركض بين العواصم لكن الحصيلة حتى الآن مشاورات واجتماعات والنتيجة «خطوة للأمام، وخطوتان للوراء».
الإخوان لا يفضلون الانتخابات الآن
بقلم: عماد الدين حسين (صحفي مصري) عن الشروق المصرية
هل تعمد حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان إرسال قانون الانتخابات الأول إلى المحكمة الدستورية العليا قبل شهور وهم يعلمون أن المحكمة ستحكم بعدم دستوريته؟!.
لو أن أحدا طرح هذا السؤال قبل شهور لتم اتهامه فورا بأنه مجنون غير موضوعى ويتصيد للإخوان.
لكن بعض المؤشرات والشواهد الآن تقول إن الأمر ربما لا يخلو من وجود شبهة تعمد فى إرسال قانون غير مكتمل، حتى تعيده المحكمة مرة أخرى لمجلس الشورى.
يضيف أصحاب هذه النظرية أن التقديرات داخل جماعة الإخوان تقول إنه لو أجريت الانتخابات النيابية الآن فإنهم لن يحصلوا على أكثر من 30 أو 35٪ من المقاعد ومثلها أو أقل منها قليلا للقوى السلفية شاملة حزب النور، والبقية تذهب للقوى الليبرالية والتقليدية مجتمعة وهذه النسبة قد تنخفض أكثر إذا تم تطبيق خطة التقشف الاقتصادى التى يطلبها صندوق النقد الدولى.
هذه النتيجة من وجهة نظر الإخوان تجعلهم «تحت رحمة السلفيين» طوال الوقت، وبالتالى فهناك إمكانية لتحالف مؤقت بين السلفيين والليبراليين قد تطيح أغلبية الإخوان فى البرلمان المنتظر، إذا صح هذا الظن ومع الصلاحيات القوية الممنوحة لرئيس الوزراء فى الدستور الجديد، فإن مثل هذا التحالف قد يعرقل كل آمال وطموحات وأحلام الإخوان فى التمدد والانتشار والتمكين.
أصحاب هذه النظرية «التآمرية» لهم وجهة نظر، تقول إنه ليس من مصلحة الإخوان المسلمين إجراء الانتخابات النيابية الآن أو بعد 3 شهور أى فى أكتوبر، كما رجح الرئيس محمد مرسى قبل ذلك وعزز ذلك ما ذكره الدكتور جمال جبريل المستشار القانونى للرئيس ــ لجريدة الوطن أمس ــ بأن الانتخابات لن تجرى هذا العام بل العام المقبل.
أصحاب وجهة النظر هذه يضيفون أن الإخوان يشكرون ــ فى سرهم ــ كل ليلة المحكمة الدستورية العليا التى حلت مجلس الشعب وكذلك المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى صدق على الحكم ونفذه فورا.
سبب ذلك أن المجلس الأعلى حصل على صلاحيات التشريع بعد حل المجلس، ثم آلت هذه الصلاحيات لرئيس الجمهورية الذى حولها بدوره فى الإعلان الدستورى إلى مجلس الشورى، وبالتالى فإن الإخوان استراحوا للأبد من الجلسات الصاخبة لمجلس الشعب والمجموعة المشاغبة التى كان يمكن أن تصيبهم بصداع دائم.
فى هذا الوضع الراهن يستطيع الإخوان تمرير ما يشاءون من قوانين، وربما يفسر لنا هذا الأمر تراجع الرئيس والجماعة عن الوعد بعدم وجود إخوان أو إسلاميين وأنصارهم فى قوائم المعينين التسعين حتى لا تختل الأغلبية الكاسحة لهم داخل المجلس.
عندما ردت المحكمة الدستورية قانون الانتخابات وقالت إن بضعة مواد غير دستورية، فضل الإخوان صنع قانون جديد بدلا من تعديل المواد المطلوب تعديلها، وهذا يستغرق وقتا بالطبع، لكن الطريف أن خبراء يقولون إن هناك مواد غير دستورية فى القانون الجديد، وهناك إصرار على إرسالها هكذا، وبالتالى ندخل فى متاهة قانونية، حتى يتحقق المراد من وجود مجلس الشورى بوضعه الاستثنائى الراهن ويؤدى مهمته على أكمل وجه.
نرجو أن يكون كل ما سبق من كلام مجرد استمرار لاعتناق البعض لنظرية المؤامرة، ونتمنى أن يرسل الإخوان فى مجلس الشورى قانون انتخابات دستورى ومكتمل، والأهم يوفرون ضمانات حقيقية وقاطعة لإجراء انتخابات نزيهة.
عموما شهر أكتوبر ليس ببعيد وكما يقولون «الميه تكدب الغطاس».
تنبؤات كيسنجر وحروب الشرق الاوسط
بقلم: إميل أمين (كاتب مصري) عن السياسة الكويتية
في اوائل فبراير الماضي أطلق ثعلب السياسة الأميركية العجوز ووزير خارجيتها الأسبق هنري كيسنجر تنبؤات عن وقوع حرب اقليمية كبرى في الشرق الاوسط يمكن ان تنحو الى حرب عالمية.
ففي حديث له لصحيفة "ديلي سكيب" الأميركية قال "لقد أبلغنا الجيش الأميركي أننا مضطرون لتولي زمام الأمور في سبع دول في الشرق الأوسط نظراً لأهميتها الستراتيجية لنا خصوصاً أنها تحتوي على النفط وموارد اقتصادية أخرى".
ويضيف كيسنجر "أن طبول الحرب تدق الآن في الشرق الأوسط وبقوة ومن لا يسمعها فهو بكل تأكيد أصم".
هل تدفع هذه العبارة للقلق لاسيما مع النظر إلى ما يدور من أحاديث تحتيه وبينية عن الأدوار الأميركية وما يسمى الربيع العربي?
الثابت أن القلق يزداد والضباب يغلف المشهد, إذ أضاف كيسنجر: "إذا سارت الأمور كما ينبغي سيكون نصف الشرق الأوسط ل¯ "إسرائيل" وأن شبابنا في أميركا والغرب تلقى تدريبا جيداً في القتال خلال العقد الماضي, وعندما يتلقون الأوامر للخروج إلى الشوارع ومحاربة تلك "الذقون المجنونة" فسوف يطيعون الأمر ويحولونهم إلى "رماد", يتساءل المرء هل هذه كلمات عشوائية?
بالمطلق لا, ذلك لأن قائلها هو أحد أهم العقول الستراتيجية الأميركية, وكلماته دائما وأبداً محسوبة بميزان من الذهب, وفي نهاية المطاف يقر كيسنجر بأن الدوائر السياسية والستراتيجية الأميركية طلبت من العسكريين احتلال سبع دول شرق أوسطية من أجل استغلال مواردها الطبيعية خصوصا النفط والغاز وممرات الملاحة الدولية, ومؤكدا أن السيطرة على النفط هي الطريق للسيطرة على الغذاء كسبيل للسيطرة على الشعوب.
كيف لنا أن نقرأ حديث كيسنجر في ظل الصراعات الدامية الممتدة من ليبيا مرورا بمصر وصولا إلى سورية ولبنان من دون أن توفر العراق الذي بات على شفا حرب أهلية?
حكما أن هناك خطة ما محكمة لتفتيت المنطقة عبر إشعال الحروب الداخلية, ما يجعل المهمة التي تحدث عنها كيسنجر يسيرة بالفعل, بل أنه عند اشتداد أوار المعركة ربما تطلب شعوب بعينها تدخل العالم الخارجي عسكريا على أراضيها للخلاص من جحيم الحروب الأهلية والطائفية.
هل منطقة الهلال الخصيب, حسب التسمية القديمة لمثلث سورية والعراق ولبنان وفلسطين هي المنطقة المرشحة لأن تكون موقع وموضع اشتعال الشرق الأوسط وإطلاق حرب إقليمية لا يضمن أحد ألا تتطور إلى حرب عالمية?
في السابع من مايو الجاري كانت صحيفة ال¯"واشنطن بوست" الأميركية ترصد ما أطلقت عليه نذر اندلاع "الحرب الطائفية الإقليمية", والتي اعتبرتها واحدة من أكثر المخاطر الكارثية التى جلبتها الأزمة السورية.. كيف ذلك?
حكما أن الأزمة السورية اليوم بات فيها التحول الطائفي العقائدي ينمو ليحتل صدارة المشهد, بين معارضي وثوار مسلحين من أهل السنة, وربما من جماعات جهادية وأصولية, مثل جبهة النصرة التى أعلنت موالاتها لتنظيم القاعدة, وبين الشيعة سواء داخل سورية أو خارجها أي ما نحوها من دول الجوار, وعليه فإن اشتعال حرب طائفية مذهبية في سورية اليوم أمر ستتمخض عنه ولا شك تبعات جسيمة طائفية في العراق, الذي يعاني بالفعل من النزعة الطائفية, وغير قادر على الخلاص من تبعاتها بعد عشر سنوات من الاحتلال الأميركي.
هذه الحرب في نظر الأميركيين ستكون كارثية ومدمرة لمنطقة الشرق الأوسط برمتها وكذلك للمصالح الأميركية هناك, لأنها ستؤثر على أي مكاسب هشة حققتها الولايات المتحدة خلال حرب العراق... هل سيتوقف الأمر عند هذا الحد?
بالقطع لا, ذلك أن أي اشتعال للنيران في الثوب الطائفي للمنطقة سيجر أطرافاً عدة للصراع كفيلة بأن تبقي النيران مشتعلة في الإقليم لفترات طويلة.
على سبيل المثال بدايات التحول الحادثة اليوم في شكل ما يجري في سورية, فقد جاءت تصريحات زعيم "حرب الله" في جنوب لبنان السيد حسن نصر الله بأن أصدقاء سورية لن يسمحوا بأن تقع دمشق بين فكي واشنطن وتل أبيب ليدخل معادلا ومعاملا جديداً في الصراع الدائر هناك, وبالفعل قد دخل هذا المتغير لأن وجود بضعة آلاف (بحسب تقديرات أخيرة) من مقاتلي "حزب الله" داخل المدن السورية التي تدور فيها المعارك قد جعل المواجهات المسلحة تتزيا بزي عقائدي طائفي, الأمر الذي أزعج دولا أخرى في المنطقة التي تعمل على إزاحة الأسد.
ويبقى السؤال: هل هذه الحرب هي فعلاً واجبة الوجود كما تقول جماعة الفلاسفة? بمعنى هل هي حرب قدرية حتمية لابد من حدوثها?
في رأي صاحب هذه السطور أن الأمر على عكس ذلك بالمطلق, ذلك أن ما جرى في موسكو الأيام القليلة الماضية عبر زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري, يؤكد أن في حال توافرت الإرادة الدولية, لاسيما من قبل الأطراف القطبية الفاعلة على الصعيد الدولي, سيتغير المشهد وهذا ما جرى, فقد رأينا حديثا روسيا - أميركيا بشأن عقد مؤتمر دولي حول سورية نهاية الشهر الجاري, حتما سيأخذ الجميع في طريق الحوار والمفاوضات والتنازلات التي ترفع عن المنطقة سيف الحرب.
لا يغيب عن النظر أن التوازنات الدولية التى غابت عن المشهد إبان غزو العراق, عادت للعمل وبفاعلية في المشهد السوري, وعليه فإن حديث تلك الحرب الإقليمية مؤجل الى حين إشعار آخر, طالما تيقنت القوى الدولية أن خسائر تلك الحرب ستلحق بها حتماً.
سوريا ونداء الحوار
بقلم: حسين علي الحمداني (كاتب وباحث عراقي) عن الصباح العراقية
عاد ملف فتح الحوار والمفاوضات في القضية السورية من جديد، بعد الإتفاق الأميركي – الروسي في عقد مؤتمر دولي من شأنه أن يصل لحلول مقبولة في ملف لم ينظر له البعض إلا من زاوية إدامة الصراع ومعه إدامة مجرى الدم في هذا البلد.
اخطأ الجميع في التعامل مع الملف السوري ، وغابت الرؤية الصائبة ، فكل الذي جرى في العامين الماضيين لم يكن سوى إدارة الأزمة الســورية وليس السعي لحلهــا ، إدارة سيئة جيدة كانت كلفتها أكثر من 70 ألف ضحية وحربا أهلية ضروسا انعكست على دول المنطقة.
وحتى منح مقعد سوريا للمعارضة بقرار قمة الدوحة زاد الأزمة تعقيدا وشكل عقبة كبيرة أمام أية تسوية ممكنة ، ونجد اليوم مبادرة روسية اميركية لحل الأزمة السورية عبر ما يعرف بجنيف 2 ، هذه المبادرة من شأنها أن تحقن الدم في سوريا أولا ، وتؤسس لمنطقة مستقرة من ناحية ثانية، وثالثا وهو الأهم عدم تجاهل خيارات الشعب السوري التي باتت واضحة في رفضه للتطرف خاصة بعد دخول تنظيمات إرهابية ساحة المعركة ضد الشعب السوري وإرادته الساعية للسلام والاستقرار.
لهذا يمكننا أن نقول بأن البعض من دول المنطقة وتحديدا المحور القطري – التركي –كانت غايته الأساسية إدامة الصراع في سوريا من جهة ، ومحاولة تصدير الفوضى لبلدان أخرى مثل العراق ولبنان والأردن ، وهذا ما تجلى بوضوح في أكثر من مشهد حصل في الآونة الأخيرة ، وتصدير الفوضى لهذه البلدان يؤكد فشل المشروع الساعي لتدمير سوريا وإقامة دويلات طائفية في هذا البلد.
بين كل هذا وذاك وجدنا العديد من اللقاءات والمؤتمرات
تعقد على مدى الأشهر الماضية لكنها جميعا لم تكن داعية في بياناتها للحوار السوري الداخلي، بل أغلبها حاول تدويل الأزمة وعسكرتها وخلق حالة صراع في هذا البلد، والعراق من الدول التي طالما
طرحت مبادرة الحوار وآخرها ما تجسد عمليا في المؤتمر التشاوري بشأن سوريا والذي افتتحت إعماله في طهران
وطرح العراق في المؤتمر أفكارا عراقية بشأن ضرورة حل الأزمة السورية عبر الحوار السريع بين الحكومة والمعارضة من دون تدخل خارجي.وتأتي مشاركة العراق في المؤتمر تأكيدا لدوره المحوري والضامن في المنطقة وشعوره بمسؤولية الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
إن نداء الحوار السوري الداخلي( الحكومة والمعارضة) يمثل أحد أبرز الحلول التي يمكن أن تجد لها صدى لدى جميع الأطراف ولا يمكن أن تظل القضية السورية تسير باتجاهات عسكرية ويدفع ثمنها الشعب السوري الذي وبالتأكيد يرفض ما يجري من عمليات مسلحة من قبل أطراف وفصائل لا تمت للواقــع السوري بصلة،
بقدر ما إنها قوى مسلحة تابعة لهذه الدولة أو تلك ، قوى أثبتت الأحداث بأنها لا تمثل أي سوري بقدر سعيها لأن تكون سوريا ساحة حرب وتصفية حسابات قديمــة وجديدة بين أطراف عديدة لازالت تنظر للأمور بعيــون فوضوية.