-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 411
اقلام واراء محلي 411
29/5/2013
في هذا الملـــــف:
مصر و«حماس»... والقنابل الموقوتة
بقلم: أحمد يوسف أحمد عن جريدة القدس
جولة كيري: اختراق اقتصادي.. وفشل سياسي!
بقلم: هاني حبيب عن جريدة الأيام
ابو علي شاهين ترجل عن المشهد
بقلم: عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
سياسيون يُفرقون وفنانون يوحدون
بقلم: توفيق أبو شومر عن وكالة معا
رسالة ألى سيادة الرئيس أبو مازن
بقلم: منذر ارشيد عن وكالة معا
تنميط غزة ..!
بقلم: أكرم عطا الله عن وكالة سما
الوطن ليس غاليا
بقلم: رشيد شاهين عن وكالة pnn
مصر و«حماس»... والقنابل الموقوتة
بقلم: أحمد يوسف أحمد عن جريدة القدس
يُفترض أن تكون العلاقات الرسمية بين الحكومات قاطرة أو رافعة للعلاقات بين الشعوب خاصة عندما تكون هذه الشعوب مؤمنة بالخير الذي يحمله التطور الإيجابي للعلاقات الرسمية، ولكن الخبرة العملية تتباين من حالة إلى أخرى، إذ أنه منذ نشأة حركة «حماس» في منتصف ثمانينيات القرن الماضي كانت السلطات الرسمية المصرية تشعر بعدم ارتياح لأن هذا التنظيم الجديد يُمثل تحدياً للسياسة المصرية تجاه الصراع مع إسرائيل، والتي كانت قائمة على مبدأ التسوية السلمية، وخاصة أن المسؤولين عن هذه السياسة كانوا قد بدأوا يشعرون باستقرار بعد أن قبل العرب جميعاً اعتباراً من قمة فاس لعام 1982 -بمن فيهم منظمة التحرير الفلسطينية- سياسة التسوية السلمية.
أما القوى السياسية والشعبية فقد انقسمت في موقفها من «حماس» تبعاً لموقف هذه القوى من إسرائيل، فمن كان يعتبر أن السلام مع إسرائيل خرافة وأن الصراع لن يُحسم إلا بالحل العسكري، نظر إلى نشأة «حماس» بارتياح، أما من كان مؤمناً بجدوى التسوية السلمية فلم تختلف نظرته إلى نشأة «حماس» عن نظرة السلطات المصرية كثيراً، وهكذا سار سيرها في الرفض غير المباشر لتوجهات «حماس» وممارساتها، والارتياح لانحياز النظام السابق لـ«فتح» سواء في محاولات التوصل إلى صيغ أو آليات لتسوية الصراع أو في مسألة علاقة «حماس» بالخارج وعدم الدفاع الكافي عن تهمة الإرهاب الموجهة إليها.
وتبقى قوة ثالثة لابد أن يحظى موقفها من «حماس» باهتمام خاص لأنه سيساعدنا كثيراً في فهم تطور العلاقات المصرية معها بعد ثورة يناير2011. تلك هي القوى المُمثلة للتيار «الإسلامي» وعلى رأسها جماعة «الإخوان المسلمين» التي كانت تعرف جيداً أن «حماس» فرع من فروعها خارج مصر، ولذلك وجب دعمها بكل الطرق الممكنة. وبدا وكأن «الإخوان المسلمين» يقاتلون ضد الاستبداد في النظام المصري السابق فيما كانت «حماس» تصارع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ومشاريع الاستيطان في هذه الأراضي.
وهكذا بدا المشهد عشية قيام ثورة يناير في مصر التي لعب «الإخوان المسلمون» دوراً مهماً فيها بعد بدايتها بأيام قلائل، وبعد انتصار الثورة شهدت المرحلة الانتقالية على نحو مفاجئ تراجعاً للقوى المحركة لها بعد أن اختلفت وتشرذمت على نحو محبط، فيما تقدم الصفوف بالتدريج «الإخوان المسلمون» أصحاب الخبرة التنظيمية الهائلة التي تجاوزت الثمانين عاماً، وصولاً إلى الفوز بمنصب رئيس الجمهورية حيث تسلم سلطته من «المجلس العسكري» الذي كان يمسك بدفة المرحلة الانتقالية بإحكام حتى آخر يونيو 2012، لينقلب بعد فترة وجيزة على «المجلس العسكري» ويُعين قائداً عاماً جديداً للقوات المسلحة، ويبدو في غياب سلطة تشريعية منتخبة أنه أصبح ممسكاً بكافة خيوط السلطة، أي أن الحكم في مصر أصبح لـ«الإخوان المسلمين».
وهكذا أصبح المشهد بعد تولي رئيس الجمهورية المنتمي لـ«الإخوان المسلمين» منصبه وتمتعه بسلطات يحسده عليها أي ديكتاتور. وكان الأمر المنطقي أن يبادر بترجمة العلاقة التنظيمية والعقيدية بين «الإخوان» و«حماس» إلى أفعال محددة بدأت بالدعم السياسي الواضح لـ«حماس»، وزيادة المساعدات المصرية لها بشكل ملموس في مجالات حيوية كالطاقة والدواء والغذاء، وهو عمل يُشرّف أي سياسة خارجية عربية، غير أن المعضلة أنه تم في وقت كان الشعب المصري يعاني فيه من أزمات في هذه المجالات تحديداً حتى لقد رفعت إحدى المظاهرات التي كانت تعترض على تردي الخدمات شعار «كفاية غزة منورة» بما يعني أن غزة تتمتع بطاقة كهربائية لا يتمتع بها المصريون. وكانت هذه هي أولى مشكلات النظام الجديد فيما يتعلق بسياسته تجاه قطاع غزة، وهي أنه لم يأخذ بالحساسية الكافية مسألة أن كل المصريين لم يكونوا من أنصار «حماس» مع أنهم في المعتاد من أنصار القضية الفلسطينية. وبدت هذه أول قنبلة موقوتة في العلاقات المصرية بـ«حماس»، بمعنى هل المساعدات التي تقدمها مصر لـ«حماس» مساعدات لشعب فلسطين أم لحركة «الإخوان المسلمين»؟
ثم أخذ المشهد يتعقد أكثر عندما أعيدت إثارة عدد من القضايا غير المألوفة كان على رأسها قضية اقتحام سجن وادي النطرون وتهريب المسجونين والمعتقلين فيه، إذ أدى التحقيق في هذه القضية الخطيرة إلى توجيه اتهامات محددة لحركة «حماس» بالمسؤولية عن هذا العمل من جهات رسمية وعناصر غير رسمية كانوا جميعاً في قلب المعركة، وبطبيعة الحال نفت «حماس» أي دور لها في هذا الصدد، ولا ينبغي أن ننسى أنها كان لها سجناؤها الذين تم تحريرهم ووصلوا قطاع غزة وأذيعت مشاهد استقبالهم على فضائيات القطاع قبل أن يصل ضباط الشرطة الذين كانوا في قلب المعركة إلى بيوتهم.
وكان هناك أيضاً سجناء ومعتقلون تابعون لـ«حزب الله» وتنظيم «القاعدة» حدث معهم الأمر نفسه، ولا يدري المرء ما الذي يمكن أن يحدث لو انتهت القضية المنظورة الآن أمام محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية بإدانة «حماس»، وخاصة أن رئيس المحكمة يصر على حسم القضية قبل الإجازة القضائية بحلول نهاية حزيران المقبل؟ من هنا بدأ الشك يتسرب إلى عقول كثيرين فيما يتعلق بمسؤولية «حماس» عن كثير من أعمال العنف التي شهدتها مصر أثناء أحداث الثورة وبعدها بدءاً من التفجير المنتظم للأنبوب الذي كان ينقل الغاز لإسرائيل ووصولاً إلى أمور أخطر بكثير مثل التلميح إلى مسؤولية «حماس» عن قتل الجنود المصريين الستة عشر في رمضان من السنة الماضية كنوع من إثبات تراخي «المجلس العسكري» السابق، بما يساعد رئيس الجمهورية على الانقلاب عليه.
وبطبيعة الحال نفت «حماس» هذه الاتهامات نفياً قاطعاً، غير أن المشكلة كما سبقت الإشارة أن الشك قد تسرب إلى العقول، وأن قطاعات واسعة من الرأي العام المصري بدأت تكوّن لها منظومة ذهنية تستوعب كل هذه الشكوك، بل وتزيد عليها بغير أساس. والسؤال الخطير هنا ما علاقة «حماس» بالتنظيمات المتطرفة التي ترتدي لباساً دينياً وتقوم بممارسات لا علاقة للإسلام بها من قريب أو من بعيد، وإنما هي تشبه ممارسات عصابات الإجرام، وبهذا ربما تكون «حماس» بعيدة عن أي فعل لا تقوم به بنفسها، وإنما يمكن أن تستخدم لتنفيذه تنظيمات «معاونة» أو تابعة لها تنظيمياً.
وفي الآونة الأخيرة التي شهدت اختطاف سبعة جنود مصريين ساد الغموض الأزمة من بدايتها إلى نهايتها، فلم نعرف أشياء محددة عن هوية الخاطفين أو الأطراف المشاركة في التفاوض لحل الأزمة، وكيف انتهت الأزمة هذه النهاية السعيدة غير المتوقعة. ويلاحظ أن الاستجابة لمطالب الخاطفين كان من شأنها أن تكون معولا إضافياً في هدم الدولة المصرية، إذ سيصبح على كل مجرم أن يقوم بجريمته ضد المجتمع وهو آمن من العقاب، وليس أسهل من أن يقوم زملاؤه المجرمون باختطاف هذا أو ذاك ليخرج بفعلته دون أن يمسه سوء.
ويبقى أخطر ما في الموضوع، وهو أن تحويل القضية الفلسطينية من قضية «أمة» إلى قضية «إخوان» يقلص مؤيدي القضية وهم الكافة إلى مؤيدي «الإخوان» وهم أقلية، وهي خسارة استراتيجية فادحة للقضية. وقد بُني المقال على ما لم يثبت بالضرورة أنه حقائق لكنه يحيط بنا في الهواء الذي نتنفسه ثقيلاً، فلتكن جهودنا جميعاً في اتجاه إثبات الحقائق والعمل على ترشيد المسار.
جولة كيري: اختراق اقتصادي.. وفشل سياسي!
بقلم: هاني حبيب عن جريدة الأيام
الصورة، أو مجموعة الصور، التي رغب جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، في أن تنشر في وسائل الإعلام لم تظهر بعد، لم تنجح محاولاته المثابرة في عقد قمة تجمعه مع الرئيس الفلسطيني ورئيس الحكومة الإسرائيلية، والعاهل الأردني، وحتى باستبدال نتنياهو بشمعون بيريس الذي التقاه أكثر من مرة خلال الأسبوع الماضي، جميع اللقاءات والاجتماعات المركّزة والمكثّفة، ظلت دون الهدف الذي ابتغاه كيري وعمل من أجله، قمة تحدث اختراقاً، حتى لو كان شكلياً، تهيئ لانطلاق عملية تفاوضية على الملف الفلسطيني ـ الاسرائيلي، كما تحقق ضغطاً على الرئاسة المصرية، التي يعتقد كيري أن بإمكانها بل يجب أن تنضم إلى هذه القافلة، لدعم الجهود الرامية لاستئناف العملية التفاوضية، خاصة وأن نتنياهو، كما سربت مصادر مقربة منه، أشار إلى ضرورة أن يكون هناك دور مصري في هذا المجال، إذ إن استجابة "رئاسة الإخوان" في مصر للضغوط الأميركية والإسرائيلية، بتبني القاهرة لاتفاقيات "كامب ديفيد"، غير كافية، وإدخال مصر في العملية التفاوضية على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، سيشكل تأكيداً ولا أوضح على قناعة رئاسة الإخوان في مصر، بأهمية تبني اتفاقية السلام مع إسرائيل، عن قناعة، وليس لمجرد التكتيك السياسي المتوقف على تطورات الوضع غير المستقر في جمهورية مصر العربية، قمة رباعية، ستعتبر شكلاً من أشكال الضغط على مصر، كي تنضم إلى هذا الجهد، حتى لا تفقد مكانتها ودورها انطلاقاً من العملية التفاوضية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
كان من الواضح، في ظل الفشل في اختراق سياسي، أن يقدم كيري على جهد على المسار الاقتصادي، وقد ظهر جلياً، أن هذا المسار كان بديلاً، حتى لو كان مؤقتاً، للمسار السياسي، إن رصد حركة نشطة للغاية من قبل مجموعة رجال الأعمال الفلسطينيين، في "مؤتمر دافوس" على حدود الأردن مع البحر الميت، يعكس بروز هذا المسار بشكل واضح، وتصريح كيري بدعم الاقتصاد الفلسطيني بأربعة مليارات دولار، لإطلاق نشاط اقتصادي يتوازى مع الجهد السياسي يشير إلى أن البديل الاقتصادي الذي بات أكثر وضوحاً أثناء جولة كيري، هو شكل من أشكال التعويض عن الفشل السياسي، وهو الأمر الذي دفع بالرئيس الفلسطيني إلى التأكيد من جديد على أن البديل الاقتصادي لن يكون بديلاً، في حال استمر التعنُّت الإسرائيلي عن الحل السياسي الذي ظلّ رهناً باستمرار العملية الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية!
إلاّ أن المسار الاقتصادي هذا، ليس منفصلاً بالتأكيد عن المسار السياسي، إذ يجري الحديث، عن مؤتمر اقتصادي يعقد في حزيران القادم، وأيضاً في البحر الميت، يضم أردنيين وفلسطينيين وإسرائيليين وأميركيين، وربما غيرهم، لتتويج جملة اتفاقات، حدثت بالفعل بين هذه المجموعات، خاصة من قبل القطاع الخاص، على ضوء الجهد السياسي المرتقب أن يحقق أول أهدافه، بوضع لبنة اقتصادية للكونفدرالية المحتملة بين الأردن ودولة فلسطين، ولكي يمكن القول إن البنية الاقتصادية لهذا الاتحاد الجديد، قد اكتمل، أو على وشك ذلك، في حال تم التوصل إلى تسوية سياسية تتوّج بالإعلان عن دولة الاتحاد الجديد، واللقاءات بين مستويات اقتصادية مختلفة، من القطاع الخاص على وجه التحديد، خلال العام الماضي في العاصمة الأردنية وفي الضفة الغربية، تشير إلى أن المستوى الاقتصادي بات أقرب إلى النضوج الذي ربما يحد منه فشل أي اختراق سياسي حقيقي حتى الآن.
ولم يمثل قطاع غزة، في تلك الاجتماعات ذات المسارات الاقتصادية، إلاّ أن ملاحظات نشرتها بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، يمكن الاستناد إليها، للإشارة إلى أن قطاع غزة كان مشمولاً ـ نوعاً ما ـ في هذه المسارات، فقد أعلنت إسرائيل عن التزامها باتفاق الهدنة مع "حماس" في إطار السماح للصيّادين الغزيّين الإبحار إلى مسافة ستة أميال بحرية بدلاً من ثلاثة، إلاّ أن الأهم في هذا السياق هو إعلان إسرائيل عن سماحها بتطوير حقول الغاز أمام شواطئ بحر غزة، في إطار استقلال البنية الاقتصادية الفلسطينية عن تلك الإسرائيلية، بالتوازي مع سماح إسرائيلي لاستغلال البوتاس من شمال البحر الميت.
وربما من اللافت، أن التصريحات الإسرائيلية، من قبل القادة والوزراء والمسؤولين، كلها في الغالب، كانت تشير إلى انفراجة على المسار السياسي، لكن هذا الأمر ظل معهوداً في إطار التجارب السابقة المتعلقة بالعملية التفاوضية، فإسرائيل تريد أن تظهر كماً من التفاؤل، إلى حين ظهور عقبات حقيقية أمام استئناف هذه العملية، فيبدو الأمر، وكأن الطرف الآخر، الجانب الفلسطيني هو الذي يعرقل اختراقاً سياسياً على هذا الملف، وبالتالي، لا يمكن الركون إلى مثل هذه التصريحات لتقييم حقيقي واقعي لمدى الاستجابة الإسرائيلية لاستحقاقات العملية التفاوضية، وعندما تصل الأمور إلى الجانب الجدي، نرى أن شمعون بيريس، الرئيس الإسرائيلي، كان قد تلقى "توضيحات" من قبل نتنياهو، بأنه ليس مخوّلاً بالحديث عن أي موضوعات مرتبطة بالعملية السياسية أثناء مشاركته في "مؤتمر دافوس" واجتماعه مع كيري، وأن يظل في إطار العموميات، وأن لا يحرج المفاوض الإسرائيلي الذي بيديه، من خلال رئيس الحكومة، التعاطي مع هذه الأمور الحساسة والمصيرية، حتى أن بعض وسائل الإعلام أشارت إلى أن كيري وبّخ نتنياهو على هذه الأمور، مع أن ذلك مستبعد تماماً!!
ابو علي شاهين ترجل عن المشهد
بقلم: عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
رحل ابو علي شاهين عن عمر يناهز ثمانين عاما، قضى جلها في الكفاح التحرري من خلال التحاقه بحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” مطلع العام 1962. واصل مشواره النضالي عبر الساحات والميادين المختلفة: خلف اقبية التعذيب الاسرائيلية، التي قضى فيها خمسة عشر عاما، ثم عبر الاقامة الجبرية في بيته الكائن في رفح / حي تل السلطان، ثم نفيه الى منطقة الدهانية اقصى جنوب شرق رفح، ولاحقا إبعاده الى جنوب لبنان.
تابع مشواره الكفاحي من ساحة إلى أخرى في مواقع النضال المختلفة إلى ان عاد ثانية في اكتوبر 1995 الى الوطن، وانتخب في اول دورة للمجلس التشريعي عام 1996، وشغل منصب وزير التموين من 1996 حتى ايار 2003.
تبدو الكلمات جافة، لا تعطي عبد العزيز شاهين حقه، وتختزل الطاقة الكبيرة والعطاء غير المحدود للرجل، الذي افنى حياته في سبيل الدفاع عن الوطنية الفلسطينية أهداف الشعب الكبيرة، التي لم تغادره للحظة حتى لفظ انفاسه الاخيرة. تلك الأهداف التي حملها للأبناء والأحفاد والأجيال الجديدة لتتابع المشوار الوطني حتى تحقيقها كاملة غير منقوصة. لانه ادرك، ان تلك الأهداف لن تراها عيناه الصغيرتان، لكنه كان موقنا ان اعين احفاده بالضرورة ستراها وتنعم بفلسطين الدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، وستعود الى بشيت القرية، التي ولد بها، مسقط رأسه ورأس آبائه واجداده.
حيثما كان ابو علي تميز بالريادة والقيادة الشجاعة. ساهم في بناء وتنظيم العشرات من الاعضاء والكوادر والقيادات الفتحاوية في السجون الاسرائيلية وخارجها. كما انه كان ابو ومؤسس منظمة الشبيبة الفتحاوية، التي لعبت وما زالت تلعب دورا مهما في رفد حركة فتح بالدماء الشابة الجديدة.
تختلف مع ابو علي او تتفق معه، لكن لا يسعك إلا ان تحترمه، وتأخذ موقفه على محمل المسؤولية والاهتمام. لانه لم يكن يخشى يوما قول رأيه في المحافل والمنابر الداخلية والخارجية. لم يمالئ، ولم يداهن أحدا من قياداته التنظيمية والسياسية، كان جسورا مقداما لا يخشى الموت، ويكره الجبناء والانتهازيين الصغار وضعاف النفوس، اولئك، الذين كان يسميهم ببائعي الضمير.
ابو علي شاهين يملك رؤية شديدة الوضوح يصوغها بمعايير التاريخ وشروط الواقع في اللحظة المحددة، التي يطرح فيها وجهة نظرة، لا بل كان مسكونا بالتاريخ الوطني والقومي. ما ان تشرع في حواره إلا ويعود بك إلى جادة التاريخ القديم والوسيط والمعاصر مدعما رؤيته السياسية او الاقتصادية او الكفاحية بما جاد به (التاريخ) رابطا بين الماضي والحاضر ومستشرفا آفاق المستقبل. يستفيض في توضيح وجهة نظره، كي يقنع المواجه له.
ورغم تعصبه لحركة فتح إلا انه كان منفتحا على القوى الوطنية، وحريصا على الوحدة الوطنية. وربطته علاقات واسعة وعميقة مع كل الوان الطيف السياسي الفلسطيني. وكان متابعا لكل التطورات السياسية بشغف المناضل المثابر.
ترجل عبد العزيز شاهين عن المشهد الوطني كقائد كبير، وأحد رموز الوطنية الفلسطينية. وكان قبل رحيله حالما بتصليب عود حركته الأم، حركة فتح، لاستعادة زمام المبادرة بقوة زمن النهوض، زمن غياب النزعات والحسابات الذاتية والشخصانية الصغيرة، زمن العطاء الثوري، وتصفية الزمن الاسود، الذي شهدته الساحة الفلسطينية مع صعود التيار الديني / خاصة حركة حماس الاخوانية الى مسرح الأحداث، واختطاف محافظات الجنوب في غفلة من اولئك المنغمسين في ملذاتهم وتفاصيلهم الصغيرة، ليس لهدف سوى تبديد الانجازات والمصالح الوطنية تحت ذرائع ومسميات لا صلة لها بالكفاح التحرري والأهداف الوطنية، مع انها البست خيارها التدميري ثوب تلك الأهداف ويافطة “المقاومة”.
ترجل ابو علي شاهين عن المشهد، لكنه باق في الذاكرة الوطنية، لأنه ترك بصمات قوية وراسخة في اوساط حركته فتح واوساط الشعب العربي الفلسطيني. وكونه كان رقما نوعيا، وليس عددا مهملا في سجل الكفاح البطولي للشعب.
سلاما عليك ابو علي شاهين، وسلاما اليك ايها المناضل الوطني، ونم قرير العين لأن رفاق الدرب من حركتك الأم / فتح وفصائل العمل الوطني والشخصيات المستقلة وأبناءك واحفادك سيتابعون درب الكفاح الذي اخترته وسلكته طيلة اعوام عطائك حتى تحقيق الأهداف كلها.
سياسيون يُفرقون وفنانون يوحدون
بقلم: توفيق أبو شومر عن وكالة معا
إذا كان القرنُ التاسع عشر هو قرن الرومانسية الأدبية، وإذا كان القرنُ العشرون قرنَ التكنولوجيا الصناعية، فإن القرن الواحد والعشرين يستحق أن يسمَّى قرن الفنون!
فألفيتنا الثالثة هي ألفية التكنولوجيا والمعلوماتية التي تعتمد على الفن بمختلف أشكاله وألوانه.
كلُّ هذه الفنون أصبحت أسهل الأدوات للوصول إلى قلوب البشر.
فقد أصبحت المسلسلات والمغنين والمغنيات والراقصين والراقصات ، وشيفات المطابخ هم أدوات العولمة التي تمكنت من الدخول إلى كل بيت في العالم!
لهذا فقد خشي كثيرٌ ممن يعيشون على المهن العتيقة البائدة، كالخطابة والوعظ ومؤلفي النظريات السياسية، كلُّ هؤلاء أصبحوا يخشون قرن الفنون، لقد أصابهم الرعبُ من هذه الجماهيرية التي سحبت البساط من تحت أقدامهم، وأصبحوا ينظرون إلى الفنون كعدوٍ لدود يجب محاربته أينما حل وارتحل!
واستخدم كثيرٌ من أعداء الفنون تكنيكات عديدة أبرزها المنافسة، وهذا أمرٌ مشروعٌ، فقد استخدم بعضُ رجال الدين جوقاتِ المغنين والموسيقيين لغرض إنشاد مواد دينية، وقام آخرون بتلحين الأدعية الدينية على ألسنة أصوات جميلة.
أما العاجزون فعمدوا إلى تحريم الفنون، ونحتوا من بعض التفسيرات المنسوبة للأديان صيغا وأقوالا تحرم الفنون وتجعلها في منزلة الهرطقات الدينية والكفر، بغض النظر عن رسالتها!
ومحوا من التراث والتاريخ كل أنواع الفنون فحذفوا أشعار الغزل، وقصص الحب والغرام، والطرائف الاجتماعية المسلية، وكانتْ كلها فنونا مُباحة ومشروعة حتى في الدول الثيوقراطية الدينية في العصور السالفة، وحظروا طباعة كتاب ألف ليلة وليلة الذي استولى عليه الأوروبيون فترجموه إلى لغاتهم، لغرض تنمية أذواقهم الفنية،وطمسوا كتبا كثيرة وُضعتْ في الألحان والموشحات والأشعار والقصص والأخبار،مثل كتاب الأغاني وغيره ..!
ليس الأمر مقصورا على هؤلاء المتفيهقين الذين خشوا على مهنهم ومكاسبهم، ولكن السياسيين في عصرنا أيضا أصابهم الرعب من ألفية الفنون، لأنها تسرق منهم جماهيرهم وتتركهم يفترشون مبادئ أحزابهم البالية، ويلتحفون بقايا المنح والعطايا!!
أدرك رواد النضال الفلسطيني أهمية الفنون، فاستخدموها كأبرز وسائل الدعاية للقضية الفلسطينية، وقد نجحت مسرحيات معين بسيسو، وترجمات جبرا ابراهيم جبرا، وأشعار وأغاني محمود درويش وسميح القاسم وهارون هاشم رشيد وإبراهيم وفدوى طوقان وأحمد دحبور و الكرمي وكل شعرائنا وفنانينا.
وقد نجح كل الفنانين التشكيليين الفلسطينيين والمسرحيين والمخرجين في نقل القضية الفلسطينية من صيغها الخطابية اللفظية وغرزوها فنونا لذيذة رسختْ في الآذان والقلوب، وفي قاعات المتاحف العالمية والقصور الفاخرة.
وها هو جيلٌ جديد يدخل ألفيتنا الثالثة، بعد أن تمكن من إلحاق الهزيمة بالسياسة الحزبية الفلسطينية، بعد أن تمكن منتجو أفلام فلسطينيون من الحصول على جوائز عالمية، وعلى رأسهم مخرج فلسطيني هو هاني أبو أسعد الذي حصل على المرتبة الثانية لجائزة (جوري) العالمية بفيلمه[ عمر] الذي خصصه للحديث عن طفولة الفلسطينيين الصامدين في أرضهم، وعن تعذيب جهاز الشاباك الإسرائيلي للسجناء الفلسطينيين.
إن إبراز العبقريات والكفاءات الفلسطينية يدخل أيضا في مجال الفنون التي تخدم قضيتنا الفلسطينية ، وبخاصة وسط ركام الأزمات في الخليل بؤرة الأزمات والحصار والقمع، عندما يتمكن طفلٌ نابغةٌ في مادة الرياضيات من دخول الجامعة كأصغر طالب جامعي، وهو (هاني جويعد) الذي حظي بتغطية إعلامية عالمية طوال شهر مايو آيار 2013 أكبر بكثير من التغطية الإعلامية الفلسطينية.
وإلى جواره يقف الفنان الفلسطيني الفلسطيني محمد عساف، الذي تمكن بحنجرته من جذب ملايين المستمعين إلى فلسطين مرة أخرى، وبخاصة في هذا الزمن العصيب حيث ينشغل العرب بمآسيهم، وينشغل الفلسطينيون بانقسامهم، فحبال عساف الصوتية القادمة من غزة المحاصرة وحدَّت شملهم مرة أخرى، أليس ذلك ثورةً على الأحزاب السياسية الجامدة، التي ما تزال تستخدم الجماهير الفلسطينية مطايا للوصول إلى السلطة؟
وما أكثر ما ينساه الإعلام الفلسطيني الواقع تحت سطوة السياسيين، والخاضع لمشيئتهم وأوامرهم !! أليست في وطننا بطولاتٌ تستحقُّ الاكتشافَ والإبراز والإعجاب؟
رسالة ألى سيادة الرئيس أبو مازن
بقلم: منذر ارشيد عن وكالة معا
الأخ الرئيس حفظه الله تحية وتقدير واحترام
أعتقد أنك قرأت أكثر من رسالة وجهتها إلى سيادتكم وقد تأكد لي ذلك منك شخصياً قبل عامين عندما قلت في إجتماع عام ..( قرأت مقالك )
وكما أعرف أنك متابع لكل ما يقال عنك بشكل خاص وهو أمر يعبر عن حرصكم واحترامكم لرأي الناس
لنترك الوضع السياسي جانباً وقد انتقدناكم أكثر من مرة ولنا بعض التحفظات وأنت تعمل بالمثل
(ما بتعرفوا خيري إلا لما تجربوا غيري)
نحن ندرك تماماً الوضع العام دولياً وإقليمياً وعربيا وفلسطينياً والأمور تزداد تعقيداً , وأنك تتعامل مع دهاليز السياسة ومع أدهى صناع القرار في العالم وأنت تلاحق العيار لباب الدار ..رغم أن العيار نهب كل الدار .
أما رأيي كمتابع وكاتب فما عدت ملاحقاً للأمور لأن قناعتي وضعتها قبل عامين أو أكثر تحت عنوان ( الزلزال هو الحل ) وما زلت أنتظره بفارغ الصبر
أما هدفي من هذه الرسالة فهي باختصار ما جرى بحق البطل المناضل حسين فياض , ذلك المناضل الذي وقف العالم كله أمام عمليته مع البطلة الشهيدة دلال المغربي ورفاقهم الأبطال وقد شهد العدو لهم قبل الصديق بشجاعتهم وبقدرتهم على كسر شوكة العدو حينها
ما جرى من تصرفات بحق الأخ المناضل لهو أمر مشين ومهين لكل أبناء فتح وفلسطين وكل صاحب ضمير , وقد وصلك بعض ردود الفعل "
وسواءً كان هناك مبالغة في ما سمعناه على لسان الأخ حسين أو غير ذلك فالأمر يتطلب تصرفا ً عاجلاً وحكيما ً , وقد تفضلتم به من خلال ما تم باتصال الأخ عباس زكي صاحب المبادرات الذكية والشجاعة وبتوجيه من سيادتكم لحل الموضوع الذي أخذ مساحة إعلامية كبيرة نتيجة عدم وعي القائمين على السفارة وعلى رأسهم السفير .
ولربما ما أثار المناضل حسين هضم حقوقه المادية ونحن على يقين أنك دائما تنصف المظلومين بهذا الصدد , ولكن وحسب ما ذكر المناضل في حديثه لدنيا الوطن فإنه تعرض للإهانة والضرب ,وإن صح هذا فهي مصيبة لا بل كارثة ..
وكما ذكرت ربما يكون هناك مبالغة في الأمر , ولربما يكون السفير مظلوماً ولكن ربما يكون ظالماً أيضاً ., وهنا أنوه لمسألة في غاية الأهمية .. كيف لسفير وهو دبلوماسي من المفترض أن يتعامل مع الناس بحنكة وصبر كيف لم يستطع أن يستوعب هذا الأخ ويهديء من روعه
على الأقل بالكلام الطيب والتعامل الودي ..!
ألم يكن أفضل لو أنه أخذه إلى بيته واحتضنه بشكل أخوي ,بدل هذه الفضيحة المدوية .!
أعتقد جازماً أن عدم استيعاب المسألة من قبل السفير كافية لأن يتحمل المسؤولية عن تبعات ما جرى وخاصة الفضيحة ,
نحن نسمع عن سفراء كثيرون فخراً لفلسطين من خلال تعاملهم مع رعياهم .. وندعو هنا لتكريم مثل هؤلاءالسفراء اللامعين والمخلصين وبالمقابل معاقبة أي مسيء منهم لشرف مهنته ووطنه وأبناء شعبه
سيادة الرئيس .. أعتقد أنك تعرف هذا القول المأثور ..
(قال أحدهم .. جدي يُجبر المكسور ..قال الاخر جدي لا يدعه ينكسر)
يا ليتك تكون جدُ الاخر الذي لا يدعها تنكسر , وتبدأ بحملة رائدة من خلال لجنة مكونة من خارج وزارة الخارجية , يكونوا من التقاة الثقة واختصاصهم مراقبة السفارات ويتم فتح باب الشكاوي لكل رعايا فلسطين في الخارج ومتابعة كل قضية من القضايا وعمل الإجرائات اللازمة من فصل أو نقل أو محاكمة
سيادة الرئيس : هناك بعض السفراء لا يستحقوا أن يكونوا حراس حظائر أغنام وهم معروفون وقد سمعنا الكثير
ومنهم عبارة عن تجار وسماسرة (وسودي وجه ) سود الله وجوههم
..........
لقد شكلت هذه الحادثة طعنة مؤلمة في قلب كل أصحاب الضمائر من أبناء شعبك وما أكثرهم , فهل بسبب بعض الفاسدين نترك السفينة تغرق وهي أصلاً متهالكة ..!
حرام وكفى ..وأنت تعرف حجم التامر على قضيتك وسلطتك وممثلياتك في الخارج... فهل تترك هؤلاء العابثين يفسدوا كل شيء .!
الولد العاق يجلب لأهله الشتيمة , فكيف إذا كان هناك أولاد عاقون ..!
نتطلع لسيادتكم بقرار عاجل , حتى لا يكون في الجزيرة خبر عاجل ... يا سيادة الرئيس قل كلمتك في الداخل حرصاً على سمعتنا في الخارج..
تنميط غزة ..!
بقلم: أكرم عطا الله عن وكالة سما
لست من المعجبين بالفضائيات العربية التي تحترف مد أيديها في جيوب المواطنين واستغفالهم ببرامج سطحية استثمارية على نمط "أرب أيدول"، لكن نجاح فلسطيني بالوصول للتصفيات النهائية يجعل من تفاعل الفلسطينيين مع ابنهم مسألة لها علاقة بالانتماء الوطني ببراءته وطهرانيته فهم يحلمون برفع اسم فلسطين دوماً ويشعرون بالفخر حين يتردد اسم وطنهم في أشهر برنامج يتابعه الملايين في الوطن العربي.
لهذا تبدو فكرة مهاجمة المتسابق محمد عساف خارجة عن السياق العام فيما تبدو عليه شوارع غزة من خلو أثناء بث البرنامج، والغريب أن ينشغل بعض خطباء المساجد بالتحريض على ضرورة إسقاط عساف "كضرورة دينية" وكأن نجاح ذلك الشاب الصاعد سيؤخر تحرير فلسطين، ولو كان هناك عقلاء وقرؤوا حركة الشوارع لسارعوا إلى إنقاذ الدين بإبعاده عن تلك المسألة لأن الناس ببساطة اختارت متابعة ودعم ابنهم "المحبوب"، فهي تضع الدين في موقف التضاد مع حركة وعواطف الشارع.
لكن المسألة ليست بهذا التسطيح، فمشروع النجم الصاعد هو مشروع ثقافي مضاد لمشروع حركة حماس والتي تسعى بكل السبل لتنميط غزة "أي جعلها على نمطها"، وبالتالي فهي تكافح ضد كل ما هو مختلف عنها وهو ما درجت عليه منذ سيطرتها على القطاع واشتدت الحملة في الفترة الأخيرة سواء من يريد أن يحدد للناس كيف يسرحون شعرهم وآخر يحدد لهم شكل السروال الذي يلبسونه بمعنى أن يكون الفرد في قطاع غزة حتى بالشكل الخارجي مشابهاً للنموذج الذي تتخيله حركة حماس.
ليس بعيداً عن ذلك قيام جهاز الأمن الداخلي بقطاع غزة باستدعاء الدكتور إبراهيم أبراش ومراجعته حول بعض آرائه التي تشكل مصدر إزعاج للحكومة منها ما كتبه عن قطر وزيارة القرضاوي لغزة، ويصل الأمر أن يطلب من كاتب كبير أن يكتب مقالاً يتحول فيه إلى ببغاء يردد فيه موقف حركة حماس وحكومتها وتلك تمثل ذروة إسقاط الكاتب، ولكن هذه تشبه القضية الأولى عملية تنميط سياسية طالما أن الحكومة ذهبت باتجاه قطر علينا جميعاً أن نسبح بمحمد حمد وإذا كانت الحكومة وقيادتها تبجل القرضاوي علينا جميعاً أن نصطف طوابير في استقباله ونردد ما يأتي في بيانات الحكومة بالرغم من أن الرجل مختلف عليه في كل الوطن العربي وليس مصدر إجماع، لكن في غزة ليس مسموحاً أن يقول الناس رأياً مختلفاً.
إنها أسوأ عملية تنميط بل وأفشلها لمن يراقب مزاج الرأي العام في قطاع غزة، ولكن الحكومة لا تريد أن تتوقف أمام أكثر من مؤشر كان يدعوها لمراجعة هذه العملية ومنها المهرجان الذي أقيم بذكرى انطلاقة "فتح" الخصم اللدود لحركة حماس وتدافع مئات الآلاف ليس حباً في حضور الانطلاقة بقدر ما حمل رسالة احتجاج كبيرة لـ"حماس" على حكمها وسياساتها وإدارتها لقطاع غزة، وتكفي جولة لأي من مسؤولي الحزب الحاكم بقطاع غزة مساء الجمعة ليدرك أيضاً أن حملة التحريض التي شنتها حركة حماس ضد محمد عساف في واد والناس في واد آخر بعيد عن الحركة وموقفها.
من حق الحزب الحاكم أن ينظر لمشروعه الثقافي، ولكن ليس من حقه استعمال القوة في ذلك وإذا ما قام باستعمال القوة فهذا يعني قصوراً في فهمه لطبيعة السلطة ويحتاج إلى عملية تثقيف بالدور الذي يلعبه، فالسلطة بمفهومها هي خادمة الشعب وليست حاكمته ورجال السلطة هم خدم وموظفون وليسوا سادة، هم ينفذون رغبات الناس وليس رغباتهم، يحافظون على إرث وهوية وثقافة المجتمع لا أن يستبدلوها بثقافتهم الخاصة، وهي محاولة بالتأكيد فاشلة لمن يقرأ التاريخ، ألم يحاول هتلر وصدام حسين وحركة طالبان والقذافي آخرهم تنميط مجتمعاتهم على أنماط اختاروها هم؟ فما النتيجة ؟ ذهبوا جميعهم وبقيت المجتمعات محافظة على هويتها الأصلية بتعدديتها التي فرضتها ظروف التاريخ والجغرافيا والمناخ والتجارب الشخصية الخاصة التي طبعت هوية كل شخصية أو كل جماعة وميزتها على الجماعات الأخرى.
غزة بالذات كانت عصية على التطويع، تلك المنطقة الفقيرة الصغيرة المتمردة والمشاكسة تميزت بالتعدد منذ فجر التاريخ لم تتحول إلى مصرية حين حكمتها مصر ولم تتأسرل حين احتلتها إسرائيل بل قاتلت وقاومت ورفضت أن تكون طيعة للاحتلال، وعاقبت السلطة في الانتخابات حين شعرت أن السلطة لم تحكم كما تريد الناس، لم تكن خادمة بالمفهوم الحقيقي بل سلطة سيدة فأقالتها، والآن يبدو أن حركة حماس فهمت التفويض خطأ، انتخبت لتكون خادمة لا سيدة لتحمي وتصون ثقافة التعدد لا أن تقمع التعدد، تحمي أجهزتها الناس لا أن تصبح مصدر إزعاج وقلق وأداة خوف بالنسبة لهم وللتشكيك برجولتهم وكأن حارس الرجولة هنا وزارة داخلية تشكلت منذ سنوات قليلة ولم تنضج تجربتها بعد، فالناس تحرس رجولتها ولا تنتظر سلطة تقوم بهذا الدور، ففي سنوات الاحتلال سجل الفلسطينيون أساطير في المواقف والرجولة ولم تكن داخلية حركة حماس موجودة.
لكن الرجولة لها مفهوم مختلف هنا هو الشكل الظاهر للشخصية النمطية الحمساوية أو كما تتصورها حركة حماس المهتمة كثيراً بالشكل الخارجي وقشور الشخصية. وللسياسة وكتابها مفهوم مختلف لدى حركة حماس هو أن يكتبوا كما تريد وللوطنية أيضاً مفهوم مختلف وهو الاقتراب أكثر من الحزب الحاكم .. هذه حالة غزة وسادتها وهي حالة تشبه الحالة العربية في مفهومها لممارسة الحكم وحتى لا نقسو كثيراً فالاستدعاءات في غزة لا تختلف كثيراً عن الاعتقالات السياسية في الضفة والتي تدق خلالها أجهزة الأمن مع نظيرتها بغزة أجراس الإنذار لتقول إن الأمور تذهب باتجاه مزيد من الدكتاتورية إذا لم يتوقف الأمر هنا وهناك، لكن الفرق بين سلطتي الضفة وغزة هو الفارق بين أنظمة الحكم الوطنية وأنظمة الحكم الإسلامية في المنطقة الأولى تصادر الحريات العامة والثانية تصادر العامة والخاصة.
الوطن ليس غاليا
بقلم: رشيد شاهين عن وكالة pnn
انسجاما مع رغبات رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، وخطته المعروفة حول السلام الاقتصادي، وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري يعلن بالفم الملآن ان فلسطين لا تساوي أكثر من أربعة مليارات من الدولارات، وحتى هذه المليارات الأربعة مشروطة بشروط مسبقة وضعها السيد كيري.
جاء ذلك في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد قبل يومين على ضفاف البحر الميت في الأردن.
سيزيد راتب الموظف بحوالي 40%، هكذا كان العنوان للعديد من المواقع الإخبارية الفلسطينية، في بشرى للفلسطينيين بأن ثمن موافقتهم على التخلي عما تبقى من وطن سيكون 40% زيادة في الراتب.
هذا هو ثمن احتفاظ دولة الاحتلال بالأغوار، وبالقدس، وبالمستوطنات الكبرى والتي ستلحقها الصغرى، وحق اللاجئين في العودة وكذلك في المياه وكل ما يمكن ان يتخيله المواطن الفلسطيني.
هذا كله أيضا مقرون بالموافقة على يهودية الدولة وتبادل للأراضي "بنفس المقدار والقيمة" بحسب الترويج الفلسطيني.
لكن "الوطن غالي"، أو ليس هذا ما تعلمناه منذ نعومة أظافرنا.
بعض المحللين ونحن معهم، يعتقدون ان الأمور لم تكن أبدا بهذا القدر من الانحطاط في الوضع الفلسطيني أو العربي بالتعامل مع القضية الفلسطينية، ويوجه هؤلاء "سهامهم" إلى ما قيل انها مبادرة أو نداء أطلقه مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين مع نظرائهم في دولة الاحتلال، ويقارن هؤلاء بين ما كان وما هو كائن، وهذه الجرأة التي وصل إليها البعض في التعاطي بهذا الشكل من العلنية غير المسبوق مع دولة الاحتلال.
ترى هل "الوطن غالي"، أم هو غال فقط لفئة ولم يعد كذلك لفئات عديدة أخرى.
في الصغر، عندما كنا أطفالا وشبانا يانعين، تعلمنا بأن "الوطن غالي"، وان الوطن يستحق منا كل تضحية، وما زال من آمن بذلك، يقبع منذ عشرات السنين أو اقل أو أكثر في سجون الاحتلال، وما زال الآلاف يعاني من الجراح أو الإعاقة نتيجة هذا الإيمان، وهنالك الآلاف ممن غادرنا وترك هذا العالم، معتقدا بأن خلفه من سيحمل الرسالة ليكمل الطريق.
هل قال "احمد شوقي" وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه بالخلد نفسي، أم ترى لم يقل ذلك، هل تعلمنا أشياء لها علاقة بالخيال في المدارس، هل علمونا أوهاما راح ضحيتها خيرة شباب العرب وفلسطين، أم كانت تلك مجرد قيم وأكاذيب للاستهلاك ضمن مرحلة من المراحل؟
كيري الذي يعرض عل أبناء فلسطين ثمنا بخسا لوطنهم، ربما لا يدرك بأن الوطن أغلى من ان يباع أو أن تتم المساومة عليه، وهو من الواضح، لا يعلم بعد ما هي العقلية وما هي الثقافة التي نشأ عليها أبناء فلسطين برغم ما قد يبدو على السطح من منظر "باهت" يحمل في ظاهره "قبولا" لواقع لن يدوم، واقع مخادع لا ينم أبدا عن حقيقة ما تحت الرماد.
السيد وزير الخارجية الذي من الواضح انه يتبنى خطة نتانياهو الاقتصادية، يعتقد بأن من السهل بمكان ان يشتري فلسطين وقضيتها وتضحياتها بثمن بخس، وان إمارات الضعف التي تعاني منها فلسطين بسبب الاحتلال قد تقود الشعب الفلسطيني إلى التنازل عن أرضه وقيمه وتاريخه، وهو بهذا لا يدرك ان مثل هذه الفترات من "الموات"، مرت على الشعب الفلسطيني، إلا انها كانت تتبعها فترات من المد والعمل المقاوم الذي يجسد حيوية أبناء فلسطين، ورفضهم لكل مشاريع التسوية الهادفة إلى تسوية قضيتهم العادلة وخاصة فيما يتعلق بموضوع حق العودة.
من أوحى لكيري بفكرة "بحبحة" الوضع للمواطن الفلسطيني، وزيادة الراتب 40%، لا يدرك انه بذلك إنما خدع كيري، وانه سلمه رسالة زائفة لا تنم عن الحقيقة الكبرى التي تقول بأن شعب فلسطين لن يساوم على أرضه مهما كان الثمن.
فقط للتذكير، خلال فعاليات النكبة التي مرت قبل حوالي أسبوعين، كان الذين يشاركون في الفعاليات بمعظمهم من فئة الأطفال الذين لا يعرفون من فلسطين المحتلة عام 1948، سوى الاسم.