-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 413
اقلام واراء محلي 413
1/6/2013
في هذا الملـــــف:
من يصفع حماس ؟ !
بقلم: رجب أبو سرية - الايام
تحت حكم "حماس"
بقلم: محمد ياغي - الايام
الحقوا المواطن...
بقلم: هاني عوكل - الايام
صفعة اسرائيل لجهود السلام!
بقلم: حديث القدس – القدس
حكاية المليارات الأربعة ...
بقلم: د.نبيل عمرو – القدس
الموقف من سورية يقسم الفلسطينيين
بقلم: القدس – تقرير خاص بالقدس
مدخل لمبدأ «الفوضى الخلاقة»
بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة
من الذي يقتل الفرص ويدمر الجهود؟
بقلم: يحيى رباح - الحياة
انتخابات الجامعات الفلسطينية... تكريس لثلاثية فتح حماس واليسار
بقلم: ماجد عزام - معا
من يصفع حماس ؟ !
بقلم: رجب أبو سرية - الايام
قامت الدنيا ولم تقعد في إسرائيل، لأن شمعون بيريس، رئيس دولة إسرائيل، قال في المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي عقد الأسبوع الماضي، على الجانب الأردني من البحر الميت، بحل الدولتين، وربما لأنه بظهوره مع شريكه في صنع السلام، الذي أطلق وإياه أحلامه العام 93 في أوسلو، يعيد التذكير بالكابوس المزعج، الذي كافح الليكود واليمين الإسرائيلي طوال عشرين سنة مضت من أجل إغلاق الأبواب دونه، فما كان قد ظهر في لحظة ضعف لليكود بعد انتخابات العام 92، يجب أن لا يتكرر.
ما كان نتنياهو بحاجة لأحد من أهل البيت - أي من داخل إسرائيل - لينطق بكلمة تقول بحل الدولتين، بعد أن أوصد الأبواب في وجه آخر محطات الضغط عليه من أجل فتح بوابة العملية السياسية، نقصد جون كيري، الذي من الواضح أنه اقتنع سريعا بمنطق نتنياهو، وشرع بالتفكير في الحل الاقتصادي، فمن خطة لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني، بقيمة 4 مليارات دولار، إلى مشروع إقامة مطار في أريحا، من الواضح، أن نتنياهو، قد تجاوز المحاولة الأميركية لمعاودة السعي لفتح بوابة أغلقها اليمين الإسرائيلي بعد "عذاب" تضمن شن حروب، واغتيالات، معارك سياسية، لا حصر لها، وأنه نجح لدرجة أنه لم يكن بحاجة إلى أن يرسل تسيفي ليفني، ولا حتى في زيارة لرام الله، تذكر بما كان قد اتفق معها بشأنه حتى تكون عضواً في الحكومة.
المشكلة ليست هنا، فمن لديه عقل يعرف أن عدم قدرة إسرائيل على فرض الحل السياسي الذي تريده، على الفلسطينيين، في ظل الواقع العربي وحتى الفلسطيني الراهن، إنما هو إنجاز فلسطيني، وهذا الحل، بات واضحا دون أي لبس، وهو يتراوح في شقه السياسي بين الدولة بالحدود المؤقتة، والمساعدات الاقتصادية، وجميع الإسرائيليين مقتنعون بهذا، بمن فيهم لابيد، وغالبية الإسرائيليين لا تؤيد حل الدولتين، يتضح هذا من رفض نحو 70% من الإسرائيليين الانسحاب من الضفة الغربية، لماذا إذا يعود بيريس مجددا، ليعكر صفو نتنياهو ؟!
المراهنة على الوقت، يبدو أنها باتت الأرض التي يراهن عليها الجانبان: الفلسطيني والإسرائيلي، وإذا كان استمرار الحال هذا يصب في مصلحة إسرائيل، فإن تغييره، هو الذي يكون في الاتجاه الآخر، أي في صالح الفلسطينيين، وتغيير الواقع، لا يعني أن ينتظر الفلسطينيون إعادة ترتيب المنطقة، والذي حتى لو جاء في مصلحة الشعوب العربية، فإنه سيحتاج وقتا، لكن المقصود هو أمران لا ثالث لهما، تحقيق المصالحة واعادة الوحدة الداخلية، ثم إطلاق مقاومة شعبية في الضفة الغربية، إسرائيل يبدو أنها تملأ يدها ثقة من استحالة أن تتحقق الوحدة الفلسطينية، طالما حافظ حلفاؤها الإقليميون على إبقاء كيان غزة الحمساوي، ولمواجهة احتمالات اندلاع المقاومة الشعبية في الضفة، تقدم الحل الاقتصادي، الذي من شأنه أن يمنع هذا الاحتمال، حيث إن مشاكل البطالة والفقر المتزايدة تؤجج هذا الاحتمال.
لهذا فان كل الحديث عن الحل الاقتصادي، يهدف إلى تحقيق هذا الهدف، أما موضوع الوحدة والمصالحة، فإن التقدم باتجاه احتمالات الشروع في العملية السياسية، يضغط على حماس، خشية أن تجد نفسها خارج دائرة التأثير الإقليمي، وهي بعد أن صارت في السلطة، وعلى الأرض، لا ترغب في العودة إلى صفوف المعارضة، لذا فان الإبقاء على عباس معزولا سياسيا، بما يشبه عزلة حماس، لا يشجع الحركة الانفصالية على التقدم باتجاه المصالحة، لذا فإن كل محاولة لتغيير الحالة السياسية الفلسطينية، بمستوييها، يجد صدا إسرائيلياً / أميركيا.
المستجد المهم الذي حدث قبل أكثر من شهر، تمثل في استقالة سلام فياض، حيث فتحت الاستقالة الباب، للتخلص من حكومتين "فلسطينيتين"، نشأتا بعد الانقسام، ولإقامة حكومة وحدة وطنية برئاسة رئيس يوحد الفلسطينيين، ولا خلاف بينهما على كونه الرئيس المنتخب، ومن هنا، كانت خطوة الرئيس التالية بعد قبوله استقالة فياض، على درجة بالغة من الأهمية، ولذا فإن لقاء القاهرة بين وفدي حماس وفتح، الذي جرى قبل أسبوعين، ونص على إصدار النظام الانتخابي للمجلس الوطني، كان مهما من هذه الزاوية.
لكن وللأسف الشديد، فإن حماس التي كان لها وجه مقاوم منذ العام 87، مرورا بأعوام 96، وحتى العام 2000، صار لها وجه آخر منذ العام 2007، هو وجه الانقسام القبيح، لهذا رفضت وحدها إعلان (م.ت.ف) عن هذا النظام، بحجة واهية، وحماس في كل ما يخص مباحثات المصالحة، تذكر بالطريقة الإسرائيلية تجاه مفاوضات الحل السياسي، وكأنهما - أي إسرائيل وحماس - تنتميان لمدرسة سياسية واحدة!
وما دامت إسرائيل تراهن على إقامة أمر واقع فلسطيني، حددته بنفسها منذ انسحبت من قطاع غزة من جانب واحد، وهو الدفع بإقامة كيان "مستقل" عن الكل الفلسطيني، في غزة، وكيان غير مستقل في الضفة الغربية، فإن الخطورة كلها، تتمثل في حالة اللاحرب واللاسلم الحالية، هي في تعايش الفلسطينيين الواقعي مع هذه الحالة، حتى ولو ارتفعت كل عقيراتهم ضدها!
تغيير وجهة البوصلة، يحتاج إلى توجيه صفعة على وجه حماس الانفصالي، بالإعلان عن ضرورة إسقاط نظام حكمها في غزة، وفي نفس الوقت بإطلاق مقاومة شعبية في الضفة الغربية، دون ذلك، فإن دولة فلسطينية مستقلة وموحدة، لم تقم أصلا، ستكون خاضعة لمنطق إعادة الترتيب الإقليمي، والذي بات الجميع يعرف أن جوهره، هو إقامة كيانات طائفية وإثنية، أي فسيفساء سياسية، تصبح وفقها المنطقة العربية أشبه بقطعة الجبن التي يسهل على الفأر الإسرائيلي قضمها بكل سهولة، بهذه الطريقة أو تلك!
تحت حكم "حماس"
بقلم: محمد ياغي - الايام
فاجأني أحد الأصدقاء بالقول إن صحيفة "الأيام" ما زالت ممنوعة من دخول غزة. كنت قد قرأت هذا الخبر منذ سنوات لكنني اعتقدت بأنها مجرد مناكفة مؤقتة من "حماس" ما تلبث أن تنتهي، لكنها كما يبدو سياسة تستهدف حجب المعلومات وليست مناكفة كما اعتقدت مخطئاً... لأسباب أهمها الحصار المفروض على غزة والحروب التي شنتها إسرائيل عليها، اعتقدنا أن الأولوية هي لرفع الحصار ولتدعيم صمود أهل غزة وما زلنا نعتقد بصحة ذلك.. لكن هذا الموقف منعنا من الالتفات إلى الظلم والمعاناة التي يعيشها أهل غزة تحت حكم "حماس." هذا المقال يتحدث عن جزء يسير من معاناة أهل غزة تحت حكم "حماس" والمعلومات الواردة فيه هي من صديق "غزاوي" التقيته قبل أيام:
أخلاق "حماس"- يقوم التنظيم "المقاوم" في غزة بمحاسبة الشباب على شكل البنطال الذي يلبسونه وعلى تسريحة شعرهم، وآخر عملياتهم العسكرية وجهت ضد الفنان محمد عساف، حيث سُخرت أغلبية المساجد للتنديد بمشاركته في برنامج عرب آيدول. جماعات أشبه بجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعبث في غزة بدون حساب وتطارد الناس بأسئلة تتعلق بحياتهم الشخصية وتراقب حتى الفضاءات الافتراضية التي يزورونها للحفاظ على الأخلاق "الحميدة."
من أعطاهم هذا الحق؟ قطعاً ليست "الديمقراطية" التي نجحوا من خلالها في الانتخابات قبل ثماني سنوات! النظام الديمقراطي لا يعطي تفويضاً لأحد للتجسس على الناس أو للتدخل في حياتهم الشخصية ولا توجد فيه وصفة "لبنطال ديمقراطي وآخر غير ديمقراطي". وقطعاً ليس الدين الإسلامي، اللهم إلا إذا اعتقدت "حماس" بأنها التنظيم الوحيد وأن "علماءها" وحدهم من يحق لهم تفسير الإسلام. لكن ما هو مؤكد بأنها تستمد شرعية ممارساتها "غير الأخلاقية" بقوة الحديد والنار، بالتخويف والإرهاب وقطع الأرزاق. وفي هذه الحالة فإن شرعيتهم هي مثل شرعية جميع أنظمة الاستبداد الفاسدة التي ما زالت قائمة في العالم العربي، إلى زوال.
بحر "حماس"- آخر زيارة لي لغزة كانت في العام 1998، حينها كان للفقراء بحرهم، ولمن يملك المال بحره.. الفقراء يأخذون خيامهم وطعامهم وينزلون إلى شاطئ البحر دون استئذان أحد.. والأغنياء أو من لديهم بعض المال، يتوجهون إلى إحدى الاستراحات للاستجمام.. اليوم يقول صديقي، إن البحر أصبح للأغنياء فقط. لا احد يستطيع أن يصل البحر إلا من خلال استراحة، "حماس" فيها إما شريك، أو محصل للضرائب. بحر الفقراء اختفى ومن لا يملك المال لا بحر له حتى لو كان الشورت الذي يلبسه ضمن الأيزو الخاص بـ "حماس" -أبعد من الركبة بقليل- حتى لا يثير "الفتن والغرائز" النائمة!
نحن هنا نتحدث عن شباب لا توجد لديهم أندية رياضية، أومتنزهات عامة والبحر خيارهم الوحيد للشعور بآدميتهم وبأنهم مثل بقية البشر قادرون على اللعب والفرح والاستمتاع بنعمة الحياة. لكن البحر أصبح ملك "حماس" وأحد مصادر إنفاقها على منظومتها المدنية والأمنية. لا نطالب "حماس" بجعل الشاطئ كله ملكاً للناس، وهو حقيقة لهم بقوة القانون الطبيعي، ولكن باقتسامه مع الناس على الأقل وهذا أضعف الإيمان.
كهرباء "حماس"- لمن يعتقد بأن مشكلة الكهرباء في غزة قد انتهت، ها نحن نذكرهم بأنها لم تنته-.. الكهرباء تقطع عن الناس من الساعة السادسة صباحاً وحتى الثالثة عصراً.. إلى هنا يمكن تفهم الحاجة لتقنين استخدام الكهرباء طالما أن الأموال لتشغيل محطة الكهرباء أو الوقود الموعود من الخليج لم يصل.. لكن ما لا يمكن فهمه هو لماذا يجري قطع الكهرباء عن الناس بين الساعة التاسعة مساءً والساعة الحادية عشرة ليلاً! لماذا مثلاً لا يستمر قطع الكهرباء حتى الخامسة مساءً بدلاً من قطعها الساعة التاسعة حيث الناس بأشد الحاجة لها. السبب قد يكون رغبة "حماس" في أن تنام الناس مبكراً لأسباب نجهلها.. وقد يكون الهدف حرمان الناس من متابعة برامج تلفزيونية معينة مثل جميع الأنظمة الشمولية التي تطارد الناس في أبسط تفاصيل حياتهم.
مع "حماس" أنت آمن- إذا كنت تحمل جواز سفر صادراً عن حكومة غزة.. فأنت بلا شك آمن وبإمكانك الدخول أو الخروج من معبر رفح دون مشاكل لأن إصدار الحكومة له فيه شهادة لك على "حسن سيرك وسلوكك" أو لنقل إن حكومة غزة قد أجرت تحرياتها الكاملة عنك ووجدت بأنك إما من "جماعتها" أو "أنصارها" أو على الأقل أن تاريخك الشخصي يؤكد حيادك في الصراع مع "فتح".. لكن عليك أن تتوقع الأسوأ إن كان جواز سفرك صادراً عن حكومة رام الله. هذا وحده يؤكد لموظف "حماس" في الطريق الى المعبر بأنك لست مع "حماس" وبأنك غير محايد في الصراع معها.. في حالة كهذه عليك أن تتوقع التأخير.. أن يتم إنزالك من الباص المتوجه للمعبر، والانتظار لعدة ساعات حتى يتم التأكد بأنك لست خطراً على أمن "حماس." ليس مهماً قطعاً إن كنت في عجلة من أمرك لدواع صحية مثلاً أو قلقاً من إغلاق مفاجئ للمعبر يمنعك لأسابيع من محاولة المغادرة.. الأمن أولاً، وهو أولاً، لسبب بسيط، لأنك لست مع "حماس" ولأنك كذلك فأنت غير مأمون الجانب. مثل أي نظام استبدادي أمنه أهم من أمن "الناس" ومصالحهم.
أنفاق "حماس" أم نفاقها- لم نعد نعلم حقيقة إن كانت "حماس" تريد رفع الحصار وإغلاق الأنفاق أم أن المطالبة برفع الحصار هي من باب "النفاق." بعد وصول إخوان مصر للحكم لم تعد "حماس" تتحدث عن الحصار وكأنه غير موجود.. وتوقفت قوافل رفع الحصار التي كانت تأتي من البحر وتذكر العالم بأن غزة محاصرة. ما هو ملاحظ أن "حماس" تمتلك السيطرة على جميع أنفاق غزة.. فهي إما لها كتنظيم.. وإما محصل للضرائب على كل ما يمر خلالها.. هي إذاً مصدر دخل أساسي للتنظيم ولحكومة التنظيم.. هنالك من يقول إنه عندما أخرجت سلطة "فتح" من غزة العام 2007 كان فيها (20) مليونيراً فقط.. اليوم يقال إن فيها (200) مليونير! إن كانت هذه المعلومة صحيحة، ونحن نعتقد بصحتها وفق مقولة أغنياء الحرب- تلك الفئة التي تستفيد من بؤس الناس في أجواء الحرب والحصار لتحقق مرابح مالية خيالية- فإن "حماس" فعلياً غير معنية برفع الحصار لأنها تقنن من نفوذ "أغنيائها" وتحرمهم من ذرائع رفع الأسعار لتحقيق العائدات المالية الخيالية.
تحت حكم "حماس" لا يوجد مواطنون، هنالك أشياء لهم صفة البشر لكنهم بلا حقوق، بلا حريات، وبلا كرامة أيضاً... هذا واقع يؤدي الى مجتمع مفكك، ضعيف، وهو بحد ذاته بيئة خصبة لظهور كل أنواع الجنون.
الحقوا المواطن...
بقلم: هاني عوكل - الايام
أي سلام هذا الذي ينعم به المواطن الفلسطيني المنكوب من جميع الجهات ومن أغلب الاتفاقيات؟، ابتداءً بالنكبة الأولى وحتى مسلسل النكبات المتتالية، الداخلية منها والخارجية المرتبطة بالفعل الإجرامي الإسرائيلي الدائم؟.
أستعين بالعنوان الموضوع في المقال لأستجدي سلطتنا وجميع قيادتنا بالكف عن الاقتتال الداخلي، الذي يستهلك أعصابنا وعمرنا ورصيدنا الوطني وجيوبنا ووحدتنا الأسرية والأوسع منها، أقول لهؤلاء: إلى متى ستتوقف طفولتكم وعدم قدرتكم على حصر مشكلاتكم، وتوجيه طاقاتكم في خدمة المجموع الفلسطيني؟
الناس في فلسطين المحتلة ترتب أولوياتها اليوم وفقاً لأوضاعها، فهناك من يضع الجانب النضالي في رف، ويستدعي خطورة وضعه المعيشي الصعب، وهناك من يلعن ويسب الانقسام ويرغب في البحث عن جنسية غير فلسطينية، حتى يغير جلده ويخرج عن الملة الفلسطينية وينعم بالسلام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تجود به بعض الجنسيات الأوروبية والأجنبية.
الشباب يشكلون شريحة كبيرة في المجتمع الفلسطيني، وهم متضررون إلى أبعد الحدود، إذ هناك طوابير مؤلفة من الخريجين وأصحاب الشهادات الغنية بالعلم، هؤلاء معظمهم عاطلون عن العمل، بينما جزء كبير منهم يرغب في هجر البلاد وأهل العباد.
نعم، جزء كبير منهم يريد الخروج من فلسطين للبحث عن طوق نجاة، وجزء آخر لمجرد أنه يسمع اسطوانة الانقسام المشروخة، فهو يرغب في هجر الفصائل وأصحاب الانقسام، بعد الكثير من الوعود المتعلقة بالعودة عن الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية.
الأخطر من بين هؤلاء، أولئك الذين أحبطهم الانحطاط السياسي والاقتصادي والمعيشي، وبدأ يشكل ذلك ردة فعل قوية تنعكس سلباً على بطاقة هويتهم وعلى انتمائهم الوطني، ذلك أن حالات كثيرة انخفض منسوبها الوطني وتحديداً بسبب الانقسام الداخلي.
داخلياً نعاني من مأزقين كبيرين، فالسياسة هنا أصبحت لعنة وكذبة يعرفها الصغير والكبير، وأجزم أن الكثير من شرائح المجتمع باتت تغادر مربع الفصائل وتهجر أصحاب الانقسام، بينما المواطن غير مرتاح لا في الوضع السياسي ولا الاقتصادي ولا حتى الاجتماعي.
أقصد بهذا، أنه لا توجد ولا بادرة انفراج في أوضاعنا، بحيث لو كان هناك مأزق في السياسة يعوض عنه بأريحية اقتصادية أو اجتماعية. هذا مع الأسف لا يوجد عندنا، ذلك أننا نعيش مرحلة عدم اليقين، وهناك تدهور دائم في هذه الجوانب وحده المواطن يدفع فاتورتها.
الوطن مشطور إلى أكثر من قسم، ويتداول في حدود سلطتين محليتين وفوقهما سلطة الاحتلال الإسرائيلي، والاقتصاد مأزوم إلى درجة كبيرة، وزاد الطين بلة أن الاقتصاد الوطني مضروب وضعيف وغير قادر على الإنتاج والنهوض، وهو مرتبط بالسوق الإسرائيلية أساساً وبالأسواق العالمية.
حتى في قطاع غزة، إذا ضُربت الأنفاق سنجد ارتفاعاً في الأسعار أو فقدان أغلب المنتجات "النفقية" من السوق، وسيتحمل هذه الفواتير المواطن الفلسطيني، مثلما سيتحمل بعد اليوم، حوالي 8.8% زيادة على فاتورة الكهرباء الشهرية، في الوقت الذي ارتفعت فيه ضريبة القيمة المضافة في الضفة الغربية 1%، وزاد سعر السجائر والبنزين والسولار بشكل ملحوظ.
ماذا نقول عن الوضع الاجتماعي؟ هناك آلاف من القصص والمآسي التراجيدية في هذا الجانب، وبشمل حالات الشجار العائلي بسبب تشكيلة الانتماء الفصائلي المختلفة في قلب الأسرة الواحدة، ما تزال قضايا الانتحار والطلاق مرتفعة، ويجري قتال دموي وثأر في فلك الأسرة النووية.
أما في الصراع مع إسرائيل، فما حققناه بالنضال الوطني جمدناه وفقدنا جزءا منه بالمفاوضات والسياسة، ويبدو أن حالة عدم اليقين هذه، مصت دماء الدولة الفلسطينية المستقلة، سواء بالأعمال الاستيطانية المستمرة، أو بالتعدي على الحقوق الفلسطينية من عمليات تصفية واعتقال ممنهجة.
في القمة الاقتصادية العالمية الأخيرة بالبحر الميت، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس إنه مع حل الدولتين وأن نظيره أبو مازن يسعى من أجل السلام، في حين لم يقدم وزير الخارجية الأميركي جون كيري خطة مكتوبة وواضحة للخروج من حالة الجمود السياسي.
يدرك كل فلسطيني أن بيريس لم يمارس في حياته سوى الكذب والمراوغة، ولعله فتح مدرسة وخرج جيلاً من المراوغين، ثم إنه في موقع لا يسمح له بالتفاوض، حتى أن أعضاءً من حكومة بنيامين نتنياهو انتقدوا تصريحاته وتساءلوا إن كان يعمل ناطقاً باسم الحكومة.
وخلال هذه التصريحات، كان يجسد نتنياهو خيار عدم اليقين، وربما يرفض السلام الاقتصادي الذي اقترحه كيري، بإطلاق المستوطنين يعيثون فساداً في الأرض الفلسطينية، مع تحرك الجرافات لبناء 1000 وحدة استيطانية في القدس الشرقية.
ثم هل يقول لنا الأخ كيري كيف يمكن تطبيق السلام الاقتصادي بعيداً عن السلام السياسي؟ طالما وأن السياسة غائبة عن النشاط الاقتصادي، فإن أي مشروع مهما كان ضخماً، لن يقود مسيرة التنمية ولن يجلب الأمن للشعب الفلسطيني، لأن إسرائيل حسمت الصراع بتأكيد مرحلة عدم اليقين.
إن المشروعات الاقتصادية عندنا مثل ملف الأسرى في سجون الاحتلال. أنت تبني مشروعات خدمية ومطار ومراكز تسوق، وفي لحظة ارتفاع الصراع مع الاحتلال، تجده يسويها جميعها في الأرض، وكذلك ملف الأسرى، حين يفرج الاحتلال عن معتقلين فلسطينيين، يأتي علينا يوم وأيام يكون فيها الاحتلال قد مارس هذه السياسة "التافهة" بحق معتقلينا وأسرانا.
أعتقد أن جواب بيريس على طلب كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات قد وصل بقوة، حين دعا الأخير بيريس لإقناع نتنياهو قبول مبدأ حل الدولتين على أساس حدود العام 1967. الأعمال الإرهابية والاعتداءات المتكررة الاستيطانية والاستيلائية ردت جيداً على هذا الطلب الفلسطيني.
المحصلة أن المواطن الفلسطيني يعيش حالة من عدم اليقين، في السياسة الداخلية ومختلف فروعها، وفي طبيعة الصراع مع الاحتلال، وهذه السياسة خطرة جداً جداً على الإنسان نفسه، وعلى الوطن والقضية، وأحذر من على هذا المنبر أن شبابنا يائس إلى أبعد الحدود ويعيش في حالة إحباط شديد.
أقول إن شبابنا ومجتمعنا محبط، ولا تجعلوا من كل إنسان طلقة، فإذا "أكلنا هوا" مع الاحتلال ولا حول ولا قوة لنا بهذا الوضع، علينا في المقابل أن ننشد الأمن لحالنا الداخلي وأن نوحد صفوفنا، ونحسن من وضعنا الاقتصادي والاجتماعي.
صفعة اسرائيل لجهود السلام!
بقلم: حديث القدس – القدس
تزامن الاعتداء الجديد الذي ارتكبه متطرفون يهود واستهدف ممتلكات كنسية في القدس بشعارات وعبارات عنصرية مسيئة للمسيحيين امس، مع ما نشرته وسائل اعلام اسرائيلية من ان السلطات الاسرائيلية اعدت مخططات باتت جاهزة لبناء اكثر من اربعة الاف وحدة سكنية في المستوطنات بالقدس المحتلة وذلك بعد اقل من اربع وعشرين ساعة على اعلان مخطط بناء حوالي الف ومئة وحدة سكنية في مستوطنتي «جيلو» و «زاموت»، كما تزامن ذلك مع حملة هدم المنازل الفلسطينية التي تصاعدت في القدس العربية ومع حملة اعتقالات شنتها السلطات الاسرائيلية في المدينة، وهو ما يشير بوضوح الى تصعيد اسرائيلي خطير وسافر يستهدف المقدسيين مسلمين ومسيحيين وينسجم مع مخططات اسرائيل لتهويد المدينة المقدسة.
واذا كانت هذه الممارسات وغيرها لا تهدد فقط الجهود الاميركية لاحياء عملية السلام وانما تكشف الوجه الحقيقي للحكومة الاسرائيلية ومتطرفيها، فان من الواضح ان اسرائيل تسعى جاهدة لوضع مزيد من العقبات والعراقيل امام اي مفاوضات جادة نحو السلام.
وقد أحسن الرئيس صنعا عندما اعلن امس امام اصحاب المنازل التي هدمتها سلطات الاحتلال ان «القدس هي مقياس السلام» وبدون القدس عاصمة لفلسطين لن يكون هناك اي حل سياسي». كما وضع النقاط على الحروف خلال مكاملة هاتفية مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري عندما اكد ان الاستيطان يجب ان يتوقف ويجب أطلاق سراح الاسرى حتى يمكن لجهود السلام ان تتقدم.
ومما لا شك فيه ان قضايا القدس والاستيطان والاسرى باتت في مقدة جدول اعمال القيادة الفلسطينية خلال أي اتصال او حديث عن السلام سواء مع الولايات المتحدة او غيرها. ولذلك فان الكرة الان في ملعب الادارة الاميركية التي ادانت امس الاول مخططات الاستيطان واعتبرتها عائقا امام جهود السلام، تلك الجهود اللتي باتت بحاجة الى ما هو اكثر من الافتقاد او الادانة لاسرائيل وصولا الى موقف اميركي حازم ينقل رسالة واضحة لاسرائيل بأن عليها وقف الاستيطان وممارساتها واعتداءات متطرفيها في القدس وتغيير الكثير من مواقفها حتى يمكن اطلاق عملية سلام حقيقية. كما ان المطلوب من الولايات المتحدة التعاون مع المجتمع الدولي ومع اللجنة الرباعية الدولية للضغط على اسرائيل من اجل انهاء هذا الاحتلال البغيض وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وفي المحصلة يدرك الجميع ان استمرار اسرائيل في ممارساتها تلك يعني افراغ جهود السلام من أي مضمون حقيقي وهو ما يرفضه أي فلسطيني، ممن غير المعقول الغرق مجددا في دوامة مفاوضات واتصالات عبثية دون ان تقدم اسرائيل أي مؤشر على جدية سعيها للسلام.
لقد حان الوقت كي تقول اميركا لاسرائيل: كفى اذا كانت معنية فعلا بانجاح الجهود التي يبذلها كيري لاطلاق عملية السلام.
كما حان الوقت كي يعيد الجانب الفلسطيني حساباته في كل ما يجري وأن تتضافر الجهود لانهاء الانقسام واستعادة الوحدة لحشد كل الجهود والطاقات في مواجهة التحديات الخطيرة التي تفرضها اسرائيل.
حكاية المليارات الأربعة ...
بقلم: د.نبيل عمرو – القدس
حين يجلس الفقراء المُعدمون، حول مواقد الحطب، التي تنتج من الدخان اكثر مما تشيع من الدفء، لا يجد رب العائلة المغلوب على أمره، والعاجز عن توفير اقل مستلزمات الحياة لأسرته، الا الوعد، ووعد الفقير المعدم يستند الى كلمة "لو".
"لو ارسل لي الله من غامض علمه الف دينار فسأشتري لكم ثلاثة أرطال من اللحم".
وهنا تتدخل الزوجة المسؤولة عن تنظيم الحرمان وترتيب شظف العيش قائلة:
الا ترى ان ثلاثة أرطال من اللحم مرة واحدة، هو تبذير، اذ يكفينا رطل واحد.
يجيب الرجل الذي اصبح مصدر الامل من خلال كلمة "لو"
"يا حرمة متكونيش قطاعة رزق خللي الاولاد يوكلو تيشبعوا".
منتدى دافوس الاقتصادي نجح بصورة ملفتة في ان يكون منبرا عالميا، يتحدث فيه قليلو الحيلة عن آمالهم وتطلعاتهم، ففي هذا المنتدى العالمي مواصفات مكتملة لسوق عكاظ .. حيث يتبارى الخطباء في تقديم افضل ما لديهم من لغة بليغة، تتحدث عن امر واحد هو "مزايا السلام" في الشرق الاوسط، وحتمية توفر الارادة المشتركة لتحقيقه، وحين يصل الامر الى حكاية "المعدم واللحم"، يقول الخطباء: وبهذا تنعم شعوب المنطقة بالسلام والأمن والرفاه.
في "دافوس- الشونة" حيث المدينة الاردنية المضيافة، التي يقطعها الفلسطينيون ذهابا وايابا. انتشر ربيع كلام بليغ، واغدقت فيه الامنيات، وكان سيد المناسبة هو الوزير المحترم جون كيري الذي تحدث عن اربعة مليارات دولار كرأسمال اولي للسلام الاقتصادي، الذي لا بد وان يتزامن مع السلام الامني والسياسي. ويبدو ان السيد كيري الرجل المخلص في سعيه، سيعتمد كثيرا في هذا الامر على السيد طوني بلير، الذي بدوره سوف يعتمد على رئيس شركة كوكا كولا، لتحفيز الشركات العملاقة على الاستثمار في فلسطين، كي يأكل الفقراء حتى يشبعوا.!!
هذه المليارات الاربعة، ولكي تضخ في عملية اقتصادية فعالة ومنتجة، تحتاج كما يقول السيد كيري الى قرارات مؤلمة، يتخذها الفلسطينيون والاسرائيليون للجلوس على مائدة المفاوضات، والبدء في مسار سياسي اقتصادي امني جديد، ينعش الامال بعودة الحياة الى عملية السلام المحتضرة، ويفتح الابواب امام سلام يشيع الامن والاستقرار في المنطقة، وربما في العالم بأسره.
ومع انني من الذين ايدوا بقوة وبصورة صريحة جهود السيد كيري، التي قوبلت بحذر شديد من جانب الفلسطينيين، وباستخفاف أشد من جانب الاسرائيليين، الا انني ارى ان نوايا السيد كيري المخلصة بحاجة الى روافع اسرائيلية قبل ان تصبح حقائق سياسية ملموسة، واقول روافع اسرائيلية، لان اسرائيل وحدها من يضع العصي في دواليب كيري، ووحدها من يقود حملة نشطة ضد مشروعه ، بلغت حد اتهامه بالسذاجة المفرطة، وانعزاله عن الواقع واستسهاله اختراق المستحيل بالكلام الجميل!!
والى جانب الروافع الاسرائيلية التي يبدو انها لن تتوفر على المدى المنظور، فهو بحاجة الى روافع امريكية، وقد يتساءل البعض باستغراب كيف يحتاج وزير خارجية امريكا الى روافع امريكية ، فهو صاحب القرار الاعلى ، وحين سمي وزيرا للخارجية صفق له الكونجرس وقوفا كتعبير عن التأييد والدعم.
الجواب . ان الرافعة الامريكية لجهود كيري، يجب ان تظهر اذا لم يتخذ اطراف النزاع الفلسطينيون والاسرائيليون تلك القرارارت المؤلمة التي طلبها كيري ومنح الطرفين مهلة قصيرة لاتخاذها.
فماذا سيفعل؟ هل سيفرض على اسرائيل اولا ان تقبل بمبادرة يعدها هو لانهاء النزاع، وضمن المسارات الثلاثة الاقتصادية والأمنية والسياسية؟
هل ستوضع الامكانات الامريكية العملاقة، بتصرف كيري كي يذعن الاسرائيليون لخطته، وليس لخطط ومطالب الفلسطينيين والعرب؟
ام سنشهد تخليا تدريجيا عن الحزم اللغوي، الذي ظهر في البدايات، لمصلحة العودة مرة اخرى الى دبلوماسية الاقناع، التي سار عليها الامريكيون مع اسرائيل عقودا من الزمن ولم تؤدي إلا لمزيد من الابتعاد عن عملية السلام، لدرجة ان من يحاول وحتى لو كان وزير خارجية امريكا، يتهم بالسذاجة وسوء التقدير.
ان المليارات الاربعة الموعودة، بالغة الاهمية بالنسبة للفلسطينيين، وعطف رئيس الكوكا كولا على اهمية الاستثمار في بلدنا الفقير امر قدره رجال الاعمال وسال لعابهم، حتى انهم تقدموا بمبادرة لدعم هذا التوجه..
ولكن ... تبقى الحلقة المفقودة التي يتعين على الوزير المحترم جون كيري ايجادها، وهي الاسنان الامريكية الحادة، التي تعطي للمبادرات السياسية والامنية والاقتصادية مضمونها ومصداقيتها، وتفرض على صناع القرار في اسرائيل عقلانية وايجابية، فهل هنالك انياب من هذا القبيل، يمكن رؤيتها على المدى المنظور، ام ستعود من جديد الى امنيات الفقراء المعدمين؟
الموقف من سورية يقسم الفلسطينيين
بقلم: القدس – تقرير خاص بالقدس
بعد أن تدمرت حياة الفلسطينيين المقيمين في سورية، والذين يصل عددهم إلى نحو نصف مليون، شرعت الحرب الأهلية السورية في تقسيم الفلسطينيين فيما وراء الحدود، في إسرائيل والمناطق الفلسطينية أيضاً. وقد شردت الحرب الدائرة في سورية حوالي 235.000 فلسطيني وقتلت المئات منهم من الذين حملوا السلاح وانحازوا إلى أحد جانبي الصراع. لكن تلك الحرب عملت أيضاً على تعميق الصدوع في القيادة الفلسطينية أيضاً، عندما شرع المعسكران –القومي بقيادة حركة فتح والذي تقع معاقله في الضفة الغربية، وحماس، الحركة الإسلامية التي تحكم غزة- في التعبير عن دعمهما للأطراف السورية المتعارضة.
بينما تحذر فتح من مغبة الوقوف ضد نظام بشار الأسد، حتى لا يحذو حذو أمير الكويت في العام 1001 ويقوم بطرد الفلسطينيين المندمجين في المجتمع السورية منذ فترة طويلة طلباً للانتقام، يقول قادة حماس أنهم لا يستطيعون الوقوف إلى جانب المذبحة التي يرتكبها الدكتاتور في حق شعبه. وبينما ساند بعض مسؤولي فتح في سوريا النظام السوري في إخراج الثوار السوريين من المخيمات الفلسطينية في جنوب دمشق العاصمة، أغلق خصومهم من حماس مكاتب قيادتهم في دمشق، وأرسلوا مقاتلين للانضمام إلى الثوار. وكان خالد مشعل، زعيم حماس، قد صرح لمجلة فورين بوليسي في أواسط أيار، بعد سنة من تخليه عن قاعدته في سورية، بأن الأسد "اختار الخيار الخطأ، وكان مخطئاً في رؤيته للأزمة".
وبالإضافة إلى ذلك، كان من شأن الزيارة التي قام بها إلى غزة في وقت سابق من هذا الشهر الشيخ يوسف القرضاوي المقيم في قطر، والذي أصدر فتاوى تحث المسلمين على الانضمام إلى الانتفاضة المسلحة في سورية، أن تعمق الشقاق فحسب. وقد قامت شرطة حماس في مدينة خان يونس بقمع مظاهرات يلوح مشاركوها بصور الأسد، واعتقلت صحفيين يغطون التظاهرة لصالح محطة "المنار" التلفزيونية التابعة لحزب الله، الحزب الشيعي اللبناني الذي يمتلك ميليشيا عسكرية، الذي كان ذات مرة حليف حماس، والذي يدعم النظام السوري.
في الأثناء، قام مؤيدو الأسد الفلسطينيون بمقاطعة احتفالات عيد الفصح في كنيسة المهد في القدس، هاتفين بدعمهم لـ"الله، سورية، بشار وبس." وكما في لبنان، ينظر الكثير من الفلسطينيين المسيحيين إلى الأسد كحام للأقليات، ويشاركون مخاوفه من صعود أغلبية سنية قد تضطهد الأقليات، كما حدث في أماكن أخرى من الشرق الأوسط.
وإلى جانب ذلك، فإن الولاءات القديمة لا تموت. وما يزال بعض الفلسطينيين ينظرون إلى سورية الأسد باعتبارها القلعة الأخيرة للقومية العربية العلمانية في المنطقة، ويعتبرون الثورة ضده مؤامرة حاكها الخليج والقوى الغربية. وفي بعض الأحيان، يضرب الصدع العائلات نفسه، ويضع الآباء المؤيدين للأسد في مواجهة أبنائهم الثوريين. وقد عطل مؤيدو الأسد أيضاً تغطية لتظاهرة بمناسبة ذكرى النكبة، الخروج الفلسطيني في العام 1948، لقناة الجزيرة المملوكة لقطر، والتي دعمت انتفاضة سورية المسلحة.
وتعكس الاستطلاعات عمق الانقسام الفلسطيني حول المسألة السورية. فوفقاً لاستطلاع أجرته جامعة حيفا، ثالث أكبر المدن الإسرائيلية، تبين أن أكثر من واحد من كل أربعة من عرب إسرائيل يؤيدون نظام الأسد، لكن الارتباك يسود. فالبعض، مثل عزمي بشارة، وهو سياسي مسيحي بارز كان قد هرب من إسرائيل في العام 2007 إثر مزاعم اتهمته بالتجسس، تحولوا من الدفاع عن الأسد إلى استنكاره؛ في حين تراجع الليبراليون عن دعمهم للثوار في بواكير الثورة، بعد أن صدمتهم التطرفية الإسلاموية والعنف.
وفي خضم الانقسام، أنشأ فلسطينيون مؤيدون للنظام السوري برامج حوارية، مثل برنامج "كلام مباشر" على قناة الشمس، وهي محطة إذاعة ناطقة بالعربية، من أجل التنديد بالثوار باعتبارهم عملاء لتنظيم القاعدة. وقد رد المضيف في إحدى الحلقات بطريقة اتهامية بكلمة، "شبيحة"، مشيراً إلى الثوار وكأنهم أعضاء في ميليشيات الأسد. لكن هذا الشجب الصريح للثوار من مؤيدي الأسد يصبح أكثر ندرة باطراد. وبشكل عام، يتجنب الساسة الفلسطينيون مناقشة هذه القضية في العلن، على الأقل لأن الكثير من القيادات القديمة، وخاصة في الحزب الشيوعي، حزب حداش، ما يزالون يحتفظون بمشاعر متعاطفة مع الأسد.
يقول أسعد غانم، الأكاديمي من جامعة حيفا الذي أجرى الاستطلاع: "إن أنصار الثورة هادئون جداً، وخصوصاً أن الكثيرين قتلوا في سورية. ويقول الفلسطينيون في إسرائيل أنهم يريدون المزيد من الديمقراطية في إسرائيل، ولذلك يجب أن يرغبوا في المزيد منها في سورية كذلك. لكنه ليس هناك عمل حقيقي بهذا الاتجاه"، ويضيف متأسفاً: "بدلاً من ذلك، يسمون الثوريين إرهابيين فقط".
مدخل لمبدأ «الفوضى الخلاقة»
بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة
مبدأ الفوضى الخلاقة ليس نتاج عصر العولمة، وان كان أحد سماته. يعود طرح المبدأ الى زمن نشوء وتأسيس الماسونية، وهو ما أشار له الكاتب الاميركي دان براون. ويمكن الافتراض، ان المصطلح ظهر الى السطح في كتابات المؤرخ الاميركي تاير ماهان عام 1902، عندما كانت الولايات المتحدة منشغلة بكيفية فرض سيطرتها على جمهوريات الموز في اميركا اللاتينية، والنصف الغربي من الكرة الارضية.
ومصطلح «الفوضى البناءة» او «الفوضى الخلاقة» او «التدمير البناء» ليس بعيدا عن المصطلح البريطاني «فرق تَّسد»، لان القوى الاستعمارية الغربية في سعيها للسيطرة على شعوب المستعمرات في اصقاع الكرة الارضية، كانت معنية بتفتيت النسيج الوطني والقومي لتلك الشعوب على اسس دينية وطائفية ومذهبية واثنية / عرقية ارتباطاً بخصائص وسمات كل شعب من الشعوب، بهدف شرذمتها وتفتيت وحدتها، وكي يسهل احتلالها واستغلال ثرواتها.
المتتبع لسياسات الغرب الاستعماري قديما وحديثا، وافرازته وتداعياته الاستعمارية، يلحظ أن تلك القوى تعيد انتاج شعاراتها ومصطلحاتها والمبادئ الناظمة لسياساتها وممارساتها العدوانية. وهذا ما حصل مع مبدأ «الفوضى الخلاقة»، الذي اعيد انتاجه بعد أحداث ايلول /سبتمبر 2001، عندما توسع به الاميركي مايكل ليدين عام 2003. ثم عمقه صامويل هانتنغتون، مؤلف كتاب «صراع الحضارات»، الذي ربط بين نشوء الامبراطوريات والصراع مع الحضارات الاخرى، الشريكة الاساسية في بناء الحضارة البشرية. مستنتجا، ان مطلق حضارة تود السيادة، عليها العمل على التدمير الممنهج للحضارات الاخرى. وهو ما يفترض الارتكاز الى ذات القاعدة الناظمة لمبدأ «التدمير البناء»، والتي تقوم على فرضية التدمير من اجل البناء. وليس البناء والمراكمة على البناء القائم، والمشاركة في البناء المشترك للحضارة البشرية.
وتجلى مبدأ «الفوضة البناءة» بوضوح مع صعود ادارة بوش الابن، عندما اطلقته كوندليزا رايس، وزير خارجية الولايات المتحدة في نيسان 2005. وكان تم تطبيق وترجمة المبدأ قبل اعلان رايس في أفغانستان والعراق تحت ذريعة «الحرب على الارهاب»، وبتواطؤ من العالم ككل، الغرب والشرق على حد سواء، لم يقف صامتا تجاه الانتهاكات الاميركية الخطيرة لمبادئ السلم العالمي وحقوق الانسان، بل ان الاقطاب والدول أعلنت وقوفها الى جانب الامبراطورية الاميركية. مما أطلق يدها الارهابية الطولى ضد شعوب الارض باعتمادها مبدأ «التدخل في شؤون الدول قبل وقوع الاذى!» الملازم للـ «فوضى الخلاقة»، الامر الذي فتح شهية طغم رأس المال المالي العالمية وخاصة الاميركية والصهيونية لأخذ القانون باليد، والاختراق الفاضح لمبادئ وشرائع ومواثيق الامم المتحدة كلها وخاصة مواثيق حقوق الانسان، التي نادت بها، ومازالت تنادي بها الولايات المتحدة الاميركية صباح مساء، لاستخدامها في مواجهة الشعوب الضعيفة، ولتبرير تدخلها في شؤون وسيادة تلك الدول والشعوب.
نسي قادة الاقطاب الدولية ان المنتج الحقيقي لارهاب الدولة المنظم، هي الولايات المتحدة الاميركية وربيبتها دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. التي استباحت شعوب الارض قاطبة، وارتكبت ابشع الجرائم والمذابح ضدها، وخاصة الشعوب الفقيرة ومستلبة الارادة والواقعة تحت نير الاحتلال كما الشعب العربي الفلسطيني. وما وقع من ضحايا في تفجير البرجين الاميركيين 2001، لا تزيد على ثلاثة آلاف ضحية، رغم الترحم عليهم، وادانة تنظيم «القاعدة» وكل قوة ارهابية نفذت عملا اجراميا، فانها لا تساوي شيئا امام ما وقع من ضحايا في دول العالم عموما والدول العربية والاسلامية خصوصا نتاج تطبيق مبدا «الفوضى الخلاقة»، التي تقدر بعشرات ومئات الالاف من الضحايا، فضلا عن التدمير المنهجي للدول والشعوب، التي قامت بشن الحروب عليها كما العراق وافغانستان والصومال، وحتى التي لم تحتلها مباشرة كما السودان وليبيا وغيرها من شعوب قارتي آسيا وأفريقيا.
من الذي يقتل الفرص ويدمر الجهود؟
بقلم: يحيى رباح - الحياة
حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة، التي يحتل فيها المستوطنون من سكان المستوطنات المقامة بقوة السلاح والاغتصاب في الضفة الغربية والقدس، واجهت منذ اللحظة الأولى الحراك الأميركي الجديد الذي بدأه الرئيس أوباما بزيارته للمنطقة، ولقاءاته في البيت الأبيض مع عدد من قادة المنطقة، والذي استمع إلى تقارير عن ما قالته اللجنة الوزارية العربية، ثم هذه الزيارات الأربع التي قام بها وزير خارجيته جون كيري، إسرائيل، الحكومة الحالية، واجهت كل ذلك بنوع من الاستفزاز والاستهتار، وآخر صفعة وجهتها حكومة المستوطنين للجهود الأميركية، تمثل في العطاء الجديد الذي أقرته هذه الحكومة ببناء ألف وحدة سكنية جديدة في القدس، وقبل ذلك بقرار شرعنة البؤر الاستيطانية التي اعتبرتها حتى المحكمة الإسرائيلية العليا غير شرعية، ناهيكم عن الاستفزاز اليومي على مدار الساعة، سواء تلك المداهمات التي يقوم بها الحاخامات المجانين المستهترين هم واتباعهم للأقصى وباحاته، أو هدم البيوت، وقضم رؤوس الأشجار، أو السلوك اليومي الشائن الذي وصل إلى حد الانحدار الأخلاقي في الكامل، والغطرسة القذرة، والتي تمثلت باستدعاء طفلين شقيقين في عمر السادسة والسابعة للتحقيق معهما من قبل أجهزة المخابرات الإسرائيلية!
ماذا تبقى بعد ذلك؟
الحقيقة أن الكلام الذي نسمعه من جون كيري، أو الذي نسمعه من شمعون بيريس، لم يعد له معنى، سواء فيما يتعلق بالمبادرات الاقتصادية – وهذه نكتة سخيفة جداً – فما دام الاحتلال قائماً، وإسرائيل لا تعترف بأنها دولة احتلال، وأميركا تضغط بكل ثقلها ضد أي طرف في العالم يريد أن يفعل القرارات الدولية، فالكلام الأخر كله لا معنى له، ولا قيمة له، بل إن هذا الكلام الباهت يضاعف من حجم الشعور بالاستفزاز والإهانة للفلسطينيين، لأنه كلام لا علاقة بالواقع، بل هو أشبه بالثرثرة المجانية المستفزة.
اعتقد أن الرئيس أبو مازن في خطابه الشجاع الذي ألقاه في المنتدى الاقتصادي الدولي على شاطئ البحر الميت في الأردن، وبحضور جون كيري وشمعون بيريس قد أرسل رسالة واضحة بهذا المعنى، عندما قال إن الأجيال الفلسطينية الجديدة قد فقدت الثقة بعملية السلام، لماذا؟ لأن عملية السلام كما نراها الآن، لا تحدث فرقاً أي فرق، هي مجرد زيارات في انتظار نتنياهو، ونتنياهو سلم كل صلاحياته للمستوطنين، ولم يكتف بذلك، بل جاء بهم في حكومته ليكونوا في صلب القرار.
ولا بد من صوت يقول له إن اللعبة لا يمكن أن تستمر على هذا النحو، فمن أين يأتي هذا الصوت، من جون كيري، من الرئيس أوباما في فترته الرئاسية الثانية، من المجتمع الدولي أم من الانفجار الذي يحتقن ويراكم في قلوب القلسطينيين؟
انتخابات الجامعات الفلسطينية... تكريس لثلاثية فتح حماس واليسار
بقلم: ماجد عزام - معا
قدمت نتائج الانتخابات في الجامعات الفلسطينية الثلاث الكبرى في الضفة الغربية صورة عامة عن المشهد السياسي والحزبي في الشارع الفلسطيني، علماً أن الانتخابات كانت دوماً سياسية بامتياز تتجاوز الجانب أو البعد الطلابي الضيق إلى الفضاء الوطني الرحب.
جرت الانتخابات في جامعات الضفة الكبرى الثلاث بير زيت النجاح والخليل ومع الاحترام لهذه الأخيرة، إلا أن هذا المقال سيركز على قراءة النتائج في أعرق الجامعات بير زيت وأكبرها النجاح، علماً أن نتائج انتخابات جامعة الخليل لم تخرج عن السياق العام للنتائج في بير زيت والنجاح، لجهة تقدم فتح وحضور تنافسي قوي وندي لحماس، رغم الظروف الأمنية غير المناسبة تماماً في الضفة الغربية، وتكريس الجبهة الشعبية لحضورها كقوة ثالثة في الشارع الفلسطيني قادرة على لعب دور بيضة القبان بين القوتين، خاصة إذا ما تم توحيد قوى اليسار المبعثرة التي حصدت ما يقارب العشرة بالمائة من الأصوات في الجامعات الثلاث.
لا بد من الإشارة إلى أن سبع أجنحة طلابية تابعة للفصائل الفلسطينية تنافست في انتخابات جامعة بير زيت تجاوزت أربعة منها فقط نسبة الحسم، حيث حصلت فتح على 23 مقعد في المجلس الطلابي، مقابل 20 مقعد لحماس و7 للجبهة الشعبية ومقعد لتحالف جبهة النضال، والمبادرة الوطنية - فلسطين للجميع - بينما فشلت ثلاث لوائح في تجاوز نسبة الحسم وهي التابعة للجبهة الديموقراطية حزب الشعب وحزب فدا.
أما في جامعة النجاح فتنافست ثماني كتل طلابية، تجاوزت أربع منها نسبة الحسم اللازمة للتمثيل في المجلس الطلابي، حيث حصلت فتح على 43 مقعد مقابل 33 مقعداً لحماس و3 مقاعد للجبهة الشعبية ومقعدين للجبهة الديموقراطية، بينما فشلت أربع لوائح في تجاوز نسبة الحسم، وهي التابعة لحزب الشعب وحزب فدا وجبهة النضال والمبادرة الوطنية، بعدما فشلت اللائحتين الأخيرتين في التوحد ضمن كتلة فلسطين للجميع، كما حصل في جامعتي بير زيت والخليل.
بعيداً عن المزاج الفئوي الفصائلي والمصالح الضيقة، لهذا الطرف أو ذاك، يجب وضع النتائج السابقة في سياقها السياسي الوطني العام وقراءتها بشكل محايد ومهني ما يتيح الخروج بالاستنتاجات الأساسية التالية:
- بداية وبشكل عام أظهرت الانتخابات وعي الشعب الفلسطيني وحسّه الوطني العالي، وقدرته بل وتعطشه للتنافس الانتخابي الديموقراطي السلمي، بعيداً عن أجواء الانقسام الاقتتال التشنج والانفعال التي سادت خلال السنوات الماضية، ومع الأخذ بعين الاعتبار دائماً أن الانتخابات الطلابية كانت سياسية بامتياز وتخطت الجانب أو الإطار الطلابي الضيق في هذه الجامعة أو تلك.
- لأول مرة منذ ست سنوات تجري الانتخابات في الجامعات الكبرى بمشاركة الفصائل الفلسطينية الكبرى مجتمعة، علماً أن حماس شاركت في انتخابات النجاح لأول مرة منذ الانقسام، كما أنها لم تشارك أيضاً ولأكثر من دورة في انتخابات بير زيت نتيجة الأجواء المحتقنة والمتشنجة التي خلّفها الانقسام على الساحة الفلسطينية، وهذه المرة الأولى التي تتنافس فيها حماس وفتح بشكل مباشر ديموقراطي وشفاف في أعرق الجامعات - بير زيت – وأكبرها – النجاح - وهو ما لم يحدث منذ فترة طويلة.
- عند قراءة النتائج لا يجب تجاهل حقيقة أن الظروف الأمنية في الضفة غير مؤاتية تماماً - رغم أنها مقبولة بشكل عام - لتنافس شفاف ديموقراطي ونزيه بين الأجنحة الطلابية للفصائل وتحديداً التابعة لحماس في ظل الملاحقات التي تتعرض لها من الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله، والتي خفت حدتها على أي حال في العام الأخير مع عدم تجاهل الملاحقات الأمنية الإسرائيلية، والتي كانت موجودة على الدوام ولكنها باتت تستهدف بشكل أساسي حركة حماس، وبدرجة أقل فصائل المقاومة الأخرى، وحتماً فهي لا تطال حركة فتح ومؤسساتها بشكل مباشر، وإنما في سياق التضييق على المواطنين الفلسطينيين بشكل عام لجعل حياتهم مستحيلة، كما أقرّ أحد القادة السابقين لجهاز الشاباك في الفيلم الوثائقي الشهير حراس البوابة.
- عموماً أظهرت النتائح تفوق واضح وصريح لحركة فتح، ولكن مع حضور قوى لحماس، خاصة في جامعة بير زيت التي حققت فيها فتح الفوز بفارق ثلاثة مقاعد فقط، وحتى في جامعة النجاح حققت حماس نتيجة لافتة، رغم غيابها لست سنوات عن التنافس، وأعتقد أن الصورة العامة للنتائج لا تنال من حالة التكافؤ النسبية بين الحركتين مع تفوق طفيف لهذه الحركة أو تلك، ولكن يمكن التأكيد بشكل قاطع أن زمن التفرد والاستئثار قد ولّى، وإن من المستحيل على أي منهما قيادة الشعب الفلسطيني بشكل منفرد أو أحادي.
- جاءت نتائج الانتخابات الطلابية مقاربة في سياقها العام لنتائج الانتخابات التشريعية الماضية – 2006 - والتي حازت فيها حركتا حماس وفتح مجتمعتان ما يقارب الـ85 بالمائة من أصوات الناخبين مع تفوق طفيف لحماس - بحدود 3 بالمائة - بينما حازت الحركتان في الانتخابات الطلابية الأخيرة، على ما يقارب 90 بالمائة من الأصوات ما يظهر حالة التفوق الساحق للحركتين، وعجز أي من الفصائل أو الحركات الأخرى على تشكيل بديل ثالث جذاب وواقعي بإمكانه أن ينال أو يقلص من نفوذ وتثير الحركتين الكبير والواسع جداً في الساحة السياسية الفلسطينية.
- كما دائماً حققت الجبهة الشعبية نتائج لافتة، رغم الأزمات والتحديات المركبة - الفكرية التنظيمية والمالية - التي عانت منها خلال السنوات الماضية، وهي كرّست نفسها في المكانة الثالثة على الساحة الفلسطينية، وهي ستكون بمثابة بيضة القبان بين فتح وحماس في أي انتخابات قادمة، خاصة إذا ما تم اتباع النظام النسبي بالكامل، وهذا عملياً ما فعلته الجبهة في جامعة بير زيت، حيث رفضت التحالف بشكل ثنائي مع حماس أو فتح وأصرت على تشكيل المجلس الطلابي وفق النظام النسبي وبما يتلاءم مع النتائج التي تمخضت عنها الانتخابات والتي حالت دون تحقيق فتح أو حماس الأغلبية البسيطة موقف الجبهة المعاند المصمم، ولكن المحق أثمر في تشكيل مجلس طلابي متنوع ووطني أعطى فتح خمس لجان طلابية مقابل أربع لحماس ولجنتين للجبهة في مشهد يمكن أن يتكرر في المؤسسات السياسية أيضاً.
- في السياق نفسه لا بد من قول شيء ما عن اليسار الفلسطيني، الذي خاض الانتخابات بخمس قوائم في بير زيت وستة في النجاح، ما أدى طبعاً إلى تشتت الأصوات والحيلولة دون تشكيل كتلة مانعة وحاسمة أمام فتح وحماس، حتى في جامعة النجاح؛ علماً أن لوائح اليسار حازت مجتمعة على ما يقارب العشرة بالمائة من الأصوات ما يعنى أنها إذا ما توحدت قادرة فعلاً على تشكيل جسم مانع طلابي ووطني، يحول دون الاستئثار أو المحاصصة ليس فقط في السياق الطلابي، وإنما في السياق الوطنى العام أيضاً.
- لا بد من الإشارة إلى الغياب اللافت لحركة الجهاد الإسلامي عن الانتخابات الطلابية في جامعات الضفة الكبرى، وهذا لا يعود بالتأكيد إلى الحملات الأمنية ضدها، كون حماس تتعرض إلى مضايقات واعتقالات وحملات أضعاف أضعاف ما تتعرض له الجهاد، بينما يكمن السبب الحقيقي لهذا الغياب في افتقاد الحركة إلى بنى ومؤسسات تنظيمية جدية وفاعلة، وتحديداً في الضفة الغربية علماً أن هذا المنحى إذا ما استمر على المدى الطويل فسيؤدي حتماً إلى غياب كلّي للحركة عن المشهد السياسي الفلسطيني العام، كما حصل مع تنظيمات فلسطينية مماثلة ركزت على البعد العسكري من الخيار المقاوم – وتجاهلت الأبعاد والأشكال الأخرى - وهي اختفت أو كادت من الساحة الفلسطينية والبعض منها لم يتجاوز نسبة الحسم لا في الانتخابات التشريعية الماضية، ولا حتى في الانتخابات الطلابية الأخيرة.
- يفترض أن تشكل الانتخابات الطلابية الشفافة والنزيهة الوطنية والديموقراطية حافزاً في اتجاهين متكاملين غير متناقضين الأول ضرورة إجراء الانتحابات في جامعات قطاع غزة، وأيضاً وفق النظام النسبي الكامل وكخطوة باتجاه تهيئة الظروف نحو إنهاء الانقسام وإجراء العملية الديموقراطية بمستوياتها الوطنية المختلفة – السلطة المجلس التشريعي والمجلس الوطني - خاصة أن الانتخابات الطلابية أظهرت مدى الإجحاف الحاصل في تشكيل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي يفترض أن تشكل المرجعية الوطنية والإطار القيادي الأعلى للشعب الفلسطيني كون أربعة من اللوائح التي لم تتجاوز نسبة الحسم تتمثل تنظيماتها في اللجنة التنفيذية للمنظمة، التي لا تعبر حتماً عن المزاج الشعبي الفلسطيني الحالى، مع الفصل طبعاً بين اللجنة التنفيذية والمنظمة التي كانت وما زالت بمثابة الوطن المعنوي لنا في الداخل والخارج.
في الأخير وباختصار، وكما في زمن الاحتلال المباشر للضفة الغربية وقطاع غزة قبل تأسيس السلطة لم تكن العملية الوطنية الانتخابية الطلابية النقابية والبلدية جزءاً من سيرورة التساوق مع الاحتلال وتجلياته كونها تندرج في سياق إدارة الصراع معه، ولا بد أن تجري اليوم بشكل يتلاءم ويتساوق مع الزمن الجديد ومتغيراته لجهة إعطاء الحسم والكلمة الأخيرة للمرجعية العليا، أي للشعب الفلسطيني من أجل الفصل ليس فقط بين البرامج، وإنما حتى بين الشخصيات والفصائل التى يراها مؤهلة أكثر لقيادة الشعب الفلسطيني نحو الاستقلال العودة وتقرير المصير.