اقلام واراء اسرائيلي 356
3/6/2013
في هــــــذا الملف
بيرس وعباس وكيري ‘واقع واحلام’
بقلم:ايزي ليبلار،عن اسرائيل اليوم
مصابيح انذار لاردوغان
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
شوارع مشتعلة
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
مستوى الذعر
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
دروس بلانك
بقلم:اسرة التحرير،عن هآرتس
صدقوا الاسد
بقلم:عمير اورين،عن هآرتس
حديقة المخاوف
بقلم:آريه افلاطوني،عن معاريف
بيرس وعباس وكيري ‘واقع واحلام’
بقلم:ايزي ليبلار،عن اسرائيل اليوم
شاركت في الاسبوع الماضي في ‘الخروج من الجمود’، وهو اجتماع عقد في الاردن برعاية المنتدى الاقتصادي العالمي . وقد شارك في الاجتماع نحو من ثلاثمئة رائدٍ في الصناعة والتجارة من الاسرائيليين والفلسطينيين، يمثلون معا اكثر من 25 في المئة من الانتاج الوطني الخام في اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وقد تم الاجتماع بالمبادرة من رب الهايتك الاسرائيلي يوسي فاردي، وبدعم من صديقه الفلسطيني منيب المصري، رئيس شركة النفط والغاز الضخمة ‘فيديكو’. ولم يكن الهدف المعلن النبش في الماضي أو اقتراح شروط محددة ما، بل استعمال الضغط على الساسة كي يتحركوا قدما نحو حل الدولتين.
كانت تجربة التعرف الى فلسطينيين ـ يعرضون حماسة حقيقية لتطوير علاقات صداقة لاسرائيل، وهم شديدو الحرص على انهاء المواجهة ـ مغنية جدا. لكن التعبيرات عن الارادة الطيبة والطموح الى حياة سلام، مما عرض في المؤتمر، بعيدة بعدا هائلا عن الواقع على الارض. فقد امتنع المنظمون الاسرائيليون من أي نقاش انتقادي للسلوك الفلسطيني في الماضي، ومن دفع الدعاية الاسرائيلية قدما.
لكن حينما خطب رئيس السلطة عباس في الجمع بدأ بهجوم شديد مسموم، مع القاء كامل التهم بالطريق المسدود على اسرائيل. وكانت عنده كذلك وقاحة انكار ان ادارته تشتغل بأي تحريض. وقد طلب الافراج عن السجناء وتطرق الى مبادرة السلام السعودية، في سياق خطوط وقف اطلاق النار في 1949، وكذلك عرض حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، الذي يعلم أنه لن توافق عليه أية حكومة اسرائيلية ابدا.
واصر عباس على انه اذا لم تقبل اسرائيل كل مطالبه فلن يوجد أي تقدم في المسيرة، ورفض بشدة حدودا مؤقتة أو اتفاقات مرحلية او مبادرات للدفع قدما بظروف عيش الفلسطينيين قبل التسوية.
وبعد خطبة عباس التأبينية من الفور، توجه اليه الرئيس بيرس بصورة حميمة وسماه ‘صديقي العزيز′ ورجل السلام والشريك الحقيقي في السلام، والح عليه أن يعود الى طاولة التفاوض. وكشف وزير الخارجية الامريكي جون كيري خطة اقتصادية كبيرة ينفق القطاع الخاص في اطارها اربعة مليارات دولار على الاقتصاد الفلسطيني وبذلك يزيد الانتاج الوطني الخام باكثر من 50 في المئة وتنخفض البطالة من 21 في المئة الى 8 في المئة. وترتفع الاجور بنسبة 40 في المئة وتتضاعف السياحة ثلاثة اضعاف. ولم يجهد نفسه في بيان كيف ستنفذ هذه المعجزة الاقتصادية. بعد ذلك أعلن الفلسطينيون عن ‘رشوة’ كيري، لن تغريهم بالمهادنة على أهدافهم. وقد لخصت صيغة كيري على نحو تمثيلي الهرب من الواقع الموهم بالاجتماع.
حينما يتكلم عباس بغضب ولا يتخلى عن شيء، يزعم اسرائيليون كثيرون بسذاجة ان ذلك يرمي الى احتياجات داخلية، ويصرون على أنه شريك حقيقي سيقدم السلعة.
لم يتطرق المشاركون في الاجتماع ولو مرة واحدة الى حماس المنظمة الارهابية القاتلة، التي عادت واعلنت نيتها محو اسرائيل عن الخريطة، والتي يعلن عباس مرة بعد اخرى انه ينوي الاتحاد معها. وامتنع كذلك عن ذكر التدهور الاقليمي نحو الاعمال البربرية في سورية، او تزايد قوة جماعات اسلامية متطرفة كالاخوان المسلمين. وفي محيط كهذا، يجب على قادة اعمالنا ان يسألوا انفسهم هل يريدون الرهان على حياة الاولاد بالاعتماد على قيادة فلسطينية فاسدة ومعادية للسامية.
لكن ليس في ذلك ما ينتقص من الثناء الذي يستحقه يوسي فاردي وفريقه لانهم بذلوا جهدهم ومواردهم من أجل هذه المبادرة. ففي هذا المحيط الصعب خاصة يزيد التعرف الى فلسطينيين وديين، تصميمنا على عدم التخلي عن مثال حل الدولتين. رغم كل التباحث في المسألة السكانية، فان ضم الاراضي المتنازع عليه سيفضي الى استيعاب جموع من العرب ليكونوا مواطني اسرائيل. وفضلا عن أن ذلك سيفضي الى توتر لا يطاق فهو قد يجعل اسرائيل دولة ذات قوميتين.
علينا رغم العوائق ان نحافظ على التزامنا بحل الدولتين وان ننتظر ظهور قادة فلسطينيين جدد يحترمون مطالبنا الامنية ويريدون التعايش.
لكن لا يحل لرئيس الدولة ان يندد او يتهم بالسخرية اولئك الذين يرفضون ترديد شعاراته السلمية المقطوعة عن الواقع. فما ان يعرض عباس وشركاؤه استعدادا للمشاركة المتبادلة والمصالحة الحقيقية فستبقى الحقيقة أنهم ليسوا شركاء في السلام. وسنوهم انفسنا بصورة خطرة اذا وثقنا بهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مصابيح انذار لاردوغان
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
هل اتانا مصير ستمئة شجرة في مركز اسطنبول في نهاية الاسبوع بـ ‘ربيع تركي’؟ وهل سيصبح ميدان تقسيم بالنسبة للاتراك كما كان ميدان التحرير بالنسبة للمصريين؟ من السابق لاوانه جدا أن نعلم، واحتمال الجواب بـ’لا’ كبير. لكن اردوغان المنتشي بالفوز في ثلاث معارك انتخابية (الفعل 2 والفعل 7 والفعل 11) تلقى ـ في اقصى اعمال شغب منذ اصبح رئيس وزراء ـ ضربة جدية.
ان الاحتجاج الكبير الذي شاركت فيه كل التيارات الايديولوجية في الدولة تقريبا، امتد الى انقرة وازمير وانطاليا، واصبح مصباح انذار لاردوغان. ليس واضحا هل سينقذ الاف المتظاهرين الاشجار في متنزه غازي (وهو المتنزه الرئيس في اسطنبول) من القطع. لكنهم أعطوا اردوغان درسا في حدود القوة. ان حلمه في أن يصبح في 2014 رئيسا بعد اصلاح دستوري تتحول فيه تركيا الى نظام رئاسي، لم يعد فجأة يبدو محققا كما كان قبل يوم الجمعة.
يا للمفارقة، ان يقوم اردوغان نفسه، الذي أعطى الزعماء العرب دروسا في الاخلاق وقت الربيع العربي، باعطاء قواته الامنية الاوامر بأن تستعمل القوة لتفريق المظاهرات بصورة مبالغ فيها. وهو نفس اردوغان الذي اوصى في 2011 صديقه بشار الاسد ان يستعمل اللطف مع المتظاهرين. وقد رحم وزير الاعلام السوري عمران الزعبي، وهو ‘صديق’ آخر في منطقتنا، الشعب التركي الذي لا يستحق ‘بربرية’ اردوغان، كما قال.
وهو نفس اردوغان ايضا الذي أوصى الرئيس المصري محمد مرسي بفصل الدين عن الدولة، لكنه في تركيا أمضى في الاسبوع الماضي قانونا جديدا يحد من بيع الخمور، في خطوة اخرى يفترض أن تغير وجه تركيا وان تنسي منزلة العاصمة في تركيا الكمالية. تتجاهل تركيا اردوغان تماما رغبات جزء كبير من السكان: فقد حدث في تركيا مع قانون الخمور في غضون ايام عدة احداث محيرة اخرى، مثل دعوة رئيس بلدية أنقرة سكان مدينته ‘الى لزوم سلوك يناسب القيم الاخلاقية’، وحكم محكمة تركيا على مثقف ارمني (بثلاث عشرة سنة سجن بسبب المس بالنبي محمد). كل ذلك لا يسهم في تعزيز صورة تركيا الديمقراطية. ويشير القضاء على الجيش حامي الديمقراطية وتقوية الشرطة على عهد اردوغان الى اتجاه واضح نحو الاسلمة.
ان المشروع الفخم لرئيس بلدية اسطنبول (صديق اردوغان الكبير) في موقع متنزه غازي الذي هو رئة المدينة الكبيرة، التي يعيش فيها سبعة عشر مليون ساكن، كان سببا جيدا لخروج سكان اسطنبول الى الشوارع. فقد تحول الحفاظ على البيئة الى قاسم مشترك بين عشرات الاف الاتراك. وقد نشأت مشكلة اردوغان حينما حلت محل هتافات ‘انقذوا الاشجار’ هتافات ‘استقل يا اردوغان’.
تحدث اردوغان امس في خطبته عن أن تركيا ديمقراطية (اثبتت وسائل الاعلام المحلية التي تجاهلة الاضطرابات عكس ذلك في الحقيقة)، ومن ثم فهو لا يقبل استبداد الاقلية. بيد أن الاقلية في تركيا وهي 49 في المئة اثبتت انها تعرف كيف تصرخ، وانها لا تخشى استبداد الاكثرية، بل استبداد اردوغان. ونقول بالمناسبة ان سكان اسطنبول اثبتوا للعالم ايضا ان النماء الاقتصادي في مدينتهم ليس كل شيء. المال بغير الحرية لا يكفي.
ان تركيا المستقرة شديدة الاهمية في المنطقة، ولا سيما في هذه الايام المجنونة. ولا ينقص واشنطن التي تراهن على ورقة اللعبة التركية في سورية الا هذا. سيعرض خامنئي نفسه في هذا الايقاع على أنه البالغ صاحب المسؤولية. ونقول ان اردوغان لم يطلب مغفرة شعبه حتى كتابة هذه السطور.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
شوارع مشتعلة
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
في احد المشاهد القوية من الرواية المصرية التي أصبحت فيلما ومسلسلا تلفزيونيا ‘عمارة يعقوبيان’ يستدعى رجل الاعمال الميسور، الذي يحلم بان يصبح مستورد سيارات من انتاج اليابان، الى لقاء مع ‘الكبير’. ويمكنه فقط أن يخمن من سيلتقي وما هو الغرض، اجمالي حجم الرشوة لقاء الرخصة، مع العلم انه اذا حاول التملص، فلن تكون صفقة. يصل رجل الاعمال الى فيلا فاخرة ويفاجأ بان يسمع بان ‘الكبير’ يطلب منه 10 ملايين دولار، من دون أن يرف له جفن. موضوع واحد واضح، اذا التزم، لن يكسب. اذا رفض، سيتورط مع القيادة.
في مشهد آخر، بثينة، عاملة في محل لملابس النساء، يتحرش بها بفظاظة رب عملها. يبعث بها الى المخزن، ينضم اليها على نحو مفاجئ ويغلق الباب. الفتاة البائسة تعرف بانها اذا لم تسلم نفسها، فانها ستخسر رزق عائلتها المتعلقة بها. وبصدمة الاهانة تلغي خطوبتها من طه، الطالب المتميز الذي لم يقبل الى الشرطة بسبب مهنة أبيه المتواضعة، بواب مبنى سكني. ويسقط خائب الامل طه بين اذرع الاسلاميين، يلقى القبض عليه ويموت تحت التعذيب في السجن.
طبيب الاسنان علاء الاسواني نشر ‘عمارة يعقوبيان’ على اسم مبنى سكني فاخر كان موجودا في القاهرة، قبل تسع سنوات من ملء الملايين الميادين في مصر في مظاهرات غضب اسقطت الحكم. وبالتوازي نشر اورهان فاموك التركي رواية ‘الثلج’ وبعدها ‘اسطنبول’ وتنبأ بصعود الاسلاميين من حزب ‘العدالة والرفاه’. فاموك، مثل زميله من القاهرة، وصف التشوش وفقدان الهوية في اوساط الشباب، بسبب صراعات الغرب والشرق داخل بحر من الاحجبة والحكم الواثق من ان كل شيء مسموح له تقريبا. قرأت الكتابين من دون توقف. سلسلة قصص من الحياة تراوح بين الذل والغنى الفاحش، بين البؤس وانعدام الامل، وبين طغيان الحكم الفاسد. كل ما اخرج المتظاهرين الى شوارع العالم العربي، كل بذور الثورة مكتوبة هناك أسود على أبيض. تسعة ابطال، تسع قصص، منثورة الواحدة داخل الاخرى لتشكل وصفة نبوءة.
ولكن ‘عمارة يعقوبيان’، مثل ‘الثلج’، هي مجرد وصف لمجتمع عفن. في الطوابق السبعة في القاهرة يسكن أغنياء، بلطجية، موظفون كبار وضباط جيش، وكذا صحافي كبير وغني. لوطي، يفرض نفسه على رجل وسيم، يحتاج ابنه الى علاج طبي باهظ ولا يملك المال. والى سطح العمارة اقتحم بؤساء الحياة وعديمو الحظ. عيونهم ممزقة حسدا امام التبذير المنفلت، السيارات الفاخرة وحفلات الشهوة في الطوابق السفلى.
في احدى زياراتي الى القاهرة حل لي من كان في قائمة أبطال يعقوبيان، وكلهم شخصيات معروفة في السياسة والمجتمع اللامع، اللغز. سبعة منهم، وعلى رأسهم ‘الكبير’، يمكثون منذ سنتين خلف القضبان في سجن طرة.
لقد ترجم يعقوبيان الى 23 لغة. اما فاموك فترجم الى 60 لغة. ونال فاموك جائزة نوبل، اما الاسواني فاصبح ايقونة. فاموك ترجم واجريت معه مقابلات عندنا، اما الاسواني فرد كل الجهود لبيع حقوق الترجمة الى العبرية. فاموك انتقد مذبحة الارمن، وكاد يصل الى السجن.
في الاسبوع الماضي تعرفت، في دولة عربية، كيف يدل ‘يعقوبيان’ و’اسطنبول’ الطريق الى الميادين. تركيا تصعد الان الى خريطة المظاهرات، الشباب الغاضبون اجتاحوا ميدان ‘تقسيم’ في نهاية الاسبوع. الاسواني، الذي اصدر الان رواية جديدة (ورائعة) لا بد سيتحدث الناس عنها، واثق مثل فاموك بان الشوارع ستشتعل في الاماكن التي لم يفكر احد في القيادة النزاعة الى القوة فيها، بالضبط مثل مبارك واردوغان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مستوى الذعر
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
يبدأ الأمني يرتفع عندنا على نحو عام، عندما تقرأ جهة مختصة، كسلاح الجو، مثلا، الخريطة بمنظار مصالحها الضيق. فحينما يحس سلاح الجو بانه مهدد بشراء العدو وسيلة قتالية ما، عندها تشعر هيئة القيادة العامة بالضغط. فتنكمش هيئة القيادة العامة ويصاب الساسة بذعر وينتقل ذلك من ثَم الى تصريحات هوجاء والى عناوين صحافية.
يكفي احتمال تهديد كي يضيء سلاح الجو الاسرائيلي مصابيح الانذار. قبل نحو من ثلاث سنوات أعلن عاموس يدلين رئيس أمان آنذاك، الذي كان عاملا في سلاح الجو، ان ما اشترته سورية في مجال السلاح الجوي سيؤدي بسلاح الجو الاسرائيلي الى مرتبة ادنى كانت له في حرب يوم الغفران، ويمكن أن يحدث هذا ايضا عندما يباع سلاح امريكي الى دولة عربية صديقة.
حينما يكون وزير الدفاع ورئيس الوزراء ووزراء المجلس الوزاري المصغر اناسا ذوي تجربة، تكون وجهة نظرهم الاستراتيجية واسعة بقدر كافٍ، وعندهم ما يكفي من الثقة بالنفس لاعتراض تجارب من هذا النوع. ولكن حينما يكون الحديث عن مجموعة جديدة نسبيا تبدأ النزوات بالعمل وهكذا نصل الى تهديدات متبادلة بالحرب بين اسرائيل وسورية، بسبب شراء صواريخ اس 300 وهي وسيلة قتالية عمرها عشرون سنة.
يا للعجب، ان صاروخ الساحل باش بحر ‘ياخونت’ الذي حصلت عليه سورية من روسيا تهديد اكبر لاسرائيل من صواريخ اس 300. فـ’ياخونت’ هو صاروخ بحري شديد الدقة، يستطيع أن يصيب كل هدف استراتيجي في دولة اسرائيل. واسرائيل لا تهاجم هذه الصواريخ في سورية، لان هذا الهجوم قد يوجه اليها على الفور اصبع الاتهام، أي انهم يعلمون ههنا متى لا يتعدون الحدود، لكن بشأن اس 300 فقط اصيب شخص ما عندنا بالبلبلة.
ان أمر صفقة الصواريخ لسورية يظهر بمواقع الانترنت الروسية على ألسن خبراء عسكريين اسرائيليين، وبالتقارير السنوية الرسمية لاتحاد الماز آنتييه، الذي يصنعها ويطورها. وتبين هذه التقارير المنشورة ان الاتحاد لم يكن يطور في السنوات الاخيرة وسائل قتالية لدول اجنبية، ومع ذلك فان الصفقة السورية لا تشتمل على شراء منظومات حديثة من الاتحاد.
هذه في حقيقة الامر صفقة مع الجيش الروسي، فالجيش الروسي يستبدل بالمنظومة اس 300 منظومة صواريخ اس 400 المتقدمة. وما يخرج من الخدمة يباع لدول كسورية، بيد أن ايقاع ونوعية انتاج الاتحاد الصناعي الماز أنتييه مشكلان جدا. ويوجد تأخر كبير في تسليم الجيش الروسي البطاريات الجديدة. ولهذا اذا لم يصدر الرئيس بوتين امرا مباشرا الى الجيش ليترك بطاريات اس 300 لصالح سورية فلن يرى السوريون هذه الصواريخ في المستقبل القريب.
تقول الانباء المنشورة في روسيا ان السوريين سيحصلون على ست منظومات مركبة من ستة رادارات وست قاطرات قيادة. وفي كل منظومة اثنتا عشرة قاعدة اطلاق. فستستلم سورية في الحاصل العام 144 صاروخا أي صاروخين لكل قاعدة اطلاق. والحديث عن منظومات كبيرة غير منظمة، كل صاروخ منها طوله 9 امتار ويزن طنين.
ان احتمال ان تغيب هذه المنظومة عن نظر الاقمار الصناعية التجسسية الغربية التي تدور حول الكرة الارضية مرة كل بضع ساعات كل يوم هو احتمال منخفض جدا. والحديث الى ذلك كما قلنا آنفا عن منظومات قديمة عمرها عشرون سنة. نشر في الماضي ان سلاح الجو الاسرائيلي تدرب في قبرص وجزيرة كريك بتعاون مع سلاح الجو اليوناني، الذي يستعمل بطاريات اس 300. وبهذا يحل لنا ان نفرض ان هذا ليس سلاح مفاجأة لاسرائيل.
يبدو ان احدا ما عندنا يخشى ان يكون الذعر من الـ ‘اس 300′ قد استنفذ نفسه ولهذا ينشئ الان عناوين صحافية تدور حور تسليح سورية بعشر طائرات ميغ 29.
وينبغي ان نفرض أنهم في سلاح الجو اصبحوا أكثر سعادة شيئا ما لان الاسد قد اشترى آخر الامر شيئا ذكيا. لان سلاح الجو الاسرائيلي افضل في مجال اسقاط الطائرات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
دروس بلانك
بقلم:اسرة التحرير،عن هآرتس
بعد ستة أشهر في سجن 6 سيتحرر نتان بلانك من اعتقاله ومن الجيش الاسرائيلي. فقد يئست سلطات الجيش من احتمالات استنزافه، اقناعه بالتراجع عن رفضه الخدمة، او ان تردع من خلال معاقبته مجندين آخرين يفكرون بالسير في طريقه. لقد وجد الجيش الاسرائيلي انعدام التوافق بين الرفض الضميري والمنظمة العسكرية.
ان الاعتراض المبدئي للجيش الاسرائيلي على الاعفاء من واجب الخدمة لكل رافض لا يدعي السلمية المطلقة ـ النفور من حمل السلاح في كل مكان، في كل وضع ، في كل منظمة ـ مفهوم. ففتح شق للاعتراف بمواقف سياسية كسبب للاعفاء سيمنح من يتلقى أمر التجنيد الحق في اشتراط استعداده لارتداء البزة والمثول للقيام بكل مهمة بسياسة الحكومة. فثمة مثل بلانك من سيرفض الخدمة طالما تحتجز اسرائيل الاراضي المحتلة؛ آخرون سيشترطون خدمتهم بالوعد باحتلال مزيد من الاراضي او بالامتناع عن اخلاء المستوطنات. هذه لن تكون ديمقراطية بل فوضى. السياسة يجب أن تغير من فوق، في الانتخابات.
هكذا على المستوى المبدئي، غير أن الواقع يدل الى أن قطاعات سكانية كاملة تتملص من الخدمة: فلو تربى بلانك في بني براك او في قلنسوة ما كانت قضيته لتصل الى النقاش الجماهيري؛ لو اراد ان يتملص من الخدمة لاعتبارات الراحة فقط ما كان ليثقل على نفسه بحبس طويل. عمليا دفع بلانك ثمنا باهظا بالذات، لانه بقي مخلصا لمبدئه، ولم يكن مستعدا لان يغيره او يشوهه كي يتجاوز آليات الترشيح. ليس لدى الجيش الاسرائيلي أي صعوبة حقيقية مع بلانك الفرد، بل العكس. جنود كهؤلاء ضروريون لمحافل الامن، الاستخبارات وقتال الحواسيب في اسرائيل ـ مطلعون، ذوو رأي، مصممون، متمسكون بالمهمة في ضوء الهدف. الخوف هو من سابقة ملزمة ومن جموع تسير في اعقابها، هذا خوف عابث. فالكثيرون متحمسون للتجند للخدمة العسكرية بشكل عام وللوحدات القتالية والمختارة بشكل خاص؛ الطلب يفوق العرض بكثير. بفضل الفائض الكبير المتوقع في ورديات التجنيد بعد سنتين، قد تقصر مدة الخدمة الالزامية باربعة اشهر.
الرافضون للخدمة سيظهرون في نهاية المطاف على انهم غير ملائمين للخدمة. فالقليون منهم مستعدون، مثل بلانك، لدفع ثمن باهظ يتمثل بالمكوث في المعتقل لفترة طويلة كهذه. ويمكن للنادي العسكري وينبغي له أن يكون واثقا بنفسه بما يكفي كي يرفض ان يقبل في صفوفه من لا يرغب في ذلك. تخطيط مرن للقوى البشرية يمكنه ان يحتمل بضع حالات من نتان بلانك في السنة، من دون أن يحاكمهم المرة تلو الاخرى على ذات المخالفة، ومن دون أن يحبسهم على مدى فترة زمنية طويلة بهذا القدر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
صدقوا الاسد
بقلم:عمير اورين،عن هآرتس
نيسان/ابريل 1967، ايلول/سبتمبر 1973، حزيران/يونيو 1982، يونيو 2013؟ يحسن بنا أن نتلقى تهديدات بشار الاسد بالرد بالنار على هجمات سلاح الجو الاسرائيلي على منطقة دمشق بحرفيتها. هل يطلق صواريخ على جبهة اسرائيلية داخلية ـ ليس من الضروري أن يطلقها على منطقة مدنية، بل على قاعدة سلاح الجو التي هاجموهم منها، كما سيزعم السوريون – أو يطلق الشرارة في الجولان. ويكون هذا مسألة ثانوية بالنسبة للقرار نفسه وتذكيرا بما يأتي ايضا.
كانت اسرائيل تعايش عائلة الاسد منذ 47 سنة، منذ كان حافظ الاسد عضوا في الجماعة الحاكمة، ووزيرا للدفاع وقائدا لسلاح الجو نفسه. وبدأ الانزلاق الى حرب الايام الستة بتشجيع سوري لارهاب فلسطيني موجه على اسرائيل في خطوط وقف اطلاق النار. وهدد رئيس هيئة الاركان اسحق رابين باسقاط نظام الحكم في دمشق. وفي السابع من ابريل 1967 اسقطت بمعارك جوية ست طائرات سورية؛ واتجه النظام الذي شعر بالذل بمساعدة السوفييت، الذين زعموا ان الجيش الاسرائيلي يحشد قوات بالهجوم وجر مصر الى سلسلة اجراءات تحد، خسر العرب بعدها سيناء وغزة والجولان والضفة الغربية وشرق القدس.
وحسنت الهزيمة وضع الاسد، فقد التف عليها، ثم بعد ذلك على احداث ‘ايلول الاسود’ في الاردن، الى حكم الفرد من تشرين الثاني/نوفمبر 1970 الى ان مات في يونيو سنة 2000. وقد اخطأت اسرائيل في فهم شخصيته. لانه كان يبدو لنا انقلابيا عسكريا آخر في سلسلة طويلة، وضابطا محدود الافق ومحدود مدة الحكم، قبل أن يعزله الانقلاب التالي. وفي مقابل ذلك اخطأت اسرائيل في فهم شخصية من سيصبح في غضون ثلاث سنوات شريك الاسد في حرب يوم الغفران، وهو أنور السادات. فكما كانت حال ترومان بعد روزفلت، واشكول بعد بن غوريون بدا وريث عبد الناصر شاحبا وبلا قدرة على القيادة. وكان ذلك في الحالة المصرية خطأ باهظ الكلفة جدا.
في 13 سبتمبر 1973 تطورت طلعة جوية تصويرية فوق حمص وحماة لتصبح معركة حاشدة. فقد اسقطت 12 طائرة سورية، او ربما 13 طائرة سورية وطائرة ميراج اسرائيلية ايضا. استل طيارها يوسي سمحوني من المياه مع واحد من الطيارين السوريين. واخطأ في اسرائيل تقدير اجراءات الاسد التالية، الذي اتفق مع السادات على حرب لاعادة الاراضي التي احتلت في 1967. لكنه بدا في صورة من يخشى اظهارا آخر لتفوق الجيش الاسرائيلي. كانت منظومة صواريخ ارض ـ جو تحسم المعركة في الشمال في تشرين الاول/اكتوبر. ان صاروخ أس.ايه 6 في ذلك الوقت هو جد المنتوج الجديد اس 300. وقد نصب العم اس.ايه 5 حول دمشق على اثر حرب لبنان. رغم أن سورية قد انتصرت في حرب لبنان في السياق السياسي العام وخسرت اسرائيل فيها.
بعد اسبوع سيكون قد مر 13 سنة على موت والد بشار وتوليه هو الحكم. ففي 2003 بعد قصف اسرائيلي لقاعدة ارهاب فلسطينية قرب دمشق، حذر بشار الاسد من أنه سيرد في المرة التالية وصدقوه في اسرائيل، ولذلك تم منذ سبتمبر 2007 فما بعد ذلك الحفاظ على الصمت الرسمي، عقب الهجوم على المنشآت الذرية التي زودت كوريا الشمالية سورية بها. وكوفئ الاسد على الصمت بضبطه للنفس حتى حينما قتل على الارض السورية عماد مغنية والجنرال السوري محمد سليمان اغتيالا.
لم تتغير تقديرات الاسد التي ترفض فتح جبهة اخرى في ذروة الحرب الاهلية في الاشهر الاخيرة، حينما توالت الهجمات الاسرائيلية؛ لكنه ليس سيد نفسه في القيادة السورية، حيث يضغطون عليه ليرد، ان بشار الاسد في محيط الفوضى في دمشق يسمع نحو الخارج قتاليا، لكنه في واقع الامر عامل ضبط وتعديل. وتستطيع اسرائيل اذا ارادت الاختيار بين ضبط النفس عن نقل سلاح صاروخي الى حزب الله والمخاطرة المحققة في رد سوري، ان تختار الخيار الثالث وهو الاعتراض الحذر والخفي وغير المفجر ولا اللافت للانتباه. ومن كالدكتور بشار طبيب العيون يعرف مثل هذه الدقائق.
اذا نشأ في دمشق حكم معاد للاسد بدعم غربي ومن غير القاعدة وحزب الله وايران فستتجدد المساومة في الجولان، الذي يعارض العالم كله ضمه مقابل السلام. ولن تستطيع اسرائيل أن تتهرب من هذا القرار الحاسم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حديقة المخاوف
بقلم:آريه افلاطوني،عن معاريف
في الهجوم الاخلاقي ـ السياسي ـ الاعلامي على إدارة سوبرلاند التي تفصل بين ايام الاستضافة لليهود وتلك التي للعرب، يوجد اكثر من دليل على الازدواجية الاخلاقية. صحيح أن هذا الفصل بشع ويذكر بقوانين كانت متبعة في عدة اماكن في قارات اخرى، في عهود اخرى، ولكن اكثر مما تحركه العنصرية، هو نتيجة الخوف والغباء معا.
الخوف لانه لا حاجة الى شرح أي ضرر يلحق بعمل تجاري كهذا، في حالة نشوب معركة عنيفة في المكان بين فتيان يهود وعرب، فلمثل هذا السيناريو احتمال غير قليل في التحقق، وقد سبق لمثل هذه الامور أن حصلت.
والغباء، لانه بدلا من الكذب على المعلم من يافا بانه في الموعد الذي طلبه لا يوجد مكان شاغر، والقول بعد ذلك لذات المعلم، الذي انتحل شخصية مدير جمعية يهودية انه بالذات يوجد مكان في هذا الموعد، كان ينبغي للادارة أن توضح لعامليها ان عليهم أن يقولوا الحقيقة. في هذا العصر الذي ينشر فيه كل شيء ويتفجر في الشبكات الاجتماعية في لحظة، لا مكان للاكاذيب والاعذار غير الذكية، ولكن ليست هذه هي القضية. وما حصل في حديقة الملاهي في ريشون لتسيون، يعكس واقعا باعثا على الاكتئاب ويحصل كثيرا جدا، وتدهشني أنا بالذات ردود الفعل العاصفة التي تثيرها القضية ـ بدءا بالدعوات للمقاطعة والغاء الصفقات، وحتى تحديد موعد لبحث خاص في الكنيست.
ينبغي الاعتراف بقلب ثقيل، بل وباحساس بالفشل: الشبيبة هنا تكره العرب حتى لو كانوا يسكنون على مسافة كيلومتر أو اثنين من منازلهم، ففي استطلاع اجري في 2009 في اوساط ابناء الشبيبة من أجل ندوة ‘التعليم في العصر الرقمي’ التي عقدت في حيفا أجاب نصف ابناء الشبيبة بانهم غير مستعدين لان يتعلموا في صف يوجد فيه تلميذ عربي واحد أو اكثر، بل واكثر من ذلك، فانه حتى الكبار لا يتحمسون لان يكونوا في صحبتهم. في سفوج الجلبوع على مسافة نحو ربع ساعة من بيت شآن (بيسان)، يوجد مكان رائع من أجمل الاماكن في العالم يسمى عين هشلوشا، والمعروف اكثر باسم السخنة، أحرص على ان اصل اليه عدة مرات في السنة وهذه دوما متعة رائعة، ولكني عندما أروي للاصدقاء اين كنت في العيد، يكون الرد الاول دوما: ولكن يوجد هناك جموع من العرب. صحيح، يوجد في السخنة جموع من العرب (ولكلمة ‘جموع′ توجد تداعيات سلبية)، وكذا جموع من اليهود، ولم اصطدم هناك بمشكلة مصدرها حقيقة ان الموقع مفتوح لليهود وللعرب معا، ومع ذلك، فان الكثير من الاسرائيليين لا يصلون الى المكان لانه يوجد هناك ‘جموع′ من العرب. إذن ربما يكون جيلي قد ضاع، ولشدة الاسف، فان من يكره العرب من شبه المؤكد ان يبقى هكذا، ولكن الجيل القادم، الذي يذهب الى سوبرلاند ولونا بارك لا يزال ممكنا انقاذه. ولما كان يوجد عندي اطفال بالضبط في هذا العمر، حاولت ان استوضح مصدر العداء،سألت ولم يعرفوا كيف يشرحون ذلك. بعضهم ادعى انها اللغة، آخرون قالوا ان العرب ببساطة يحدثون قدرا كبيرا من الضجيج، واحد ذكر العمليات. ولكن كان سهلا الملاحظة بانهم ايضا يفهمون ان ليس في كل هذا ما هو حقيقي.
المعنى هو أن الوضع قابل للاصلاح، ولكن المفتاح عندنا، نحن الكبار. علينا جميعا أن نطور علاقة اوسع وشكا أقل تجاه اولئك الذين لا يزالون يوجدون في اسرائيل تحت اصطلاح ‘الاقلية’. ولا، ليس أكل الحمص في يافا هو ما يسمى ازالة الحواجز وتقريب القلوب، يجب ان يكون في المدارس في الوسط اليهودي معلمون عرب اكثر وبالعكس. وهكذا ايضا في البنوك، في صناديق المرضى، في الوزارات الحكومية وكذا في المناصب العليا وفي السياسة، هذا سيعزز الثقة ويدحر جانبا بندي الدين والقومية.
وعندما سترى الشبيبة ان هذا ينجح لدى الكبار، فانهم سيفهمون ان الامر لديهم لا يمكن أن يكون مختلفا. وعندها في السوبرلاند ايضا لن يضطروا الى البحث عن طرق ملتوية ومتعرجة للفصل بين أيام الاستمتاع للتلاميذ اليهود والتلاميذ العرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
