-
1 مرفق
اقلام واراء عربي 416
اقلام واراء عربي 416
5/6/2013
في هذا الملــــف:
- ضفة غربية ثلاثية القومية و"حل أردني"
الكاتب الدكتور أحمد جميل عزم عن الغد الاردنية
الكاتب حسين لقرع عن الشروق اون لاين
- القرضاوي من التقريب إلى التوهيب
الكاتب : فؤاد إبراهيم عن الأخبار البيروتية
- ثورات "الشعوب العربية"؟ ذلك الربيع البارد !
الكاتب أحمد بن محمد عن الشروق اون لاين
الكاتب : طلال سلمان عن الشروق المصرية
- زياد منى وشرق الأردن: عنصرية مكشوفة
الكاتب : ناهض حتر عن الأخبار البيروتية
- نعم.. الصراع يمتد لميدان "تقسيم"
الكاتب : ياسر ابو هلالة عن الغد الأردنية
- الخليج العربي و «حزب الله»
الكاتب :عبدالله إسكندر عن الحياة اللندنية
- أمن مصر المائي... فشل الحكم والمعارضة
الكاتب : محمد شومان عن الحياة اللندنية
ضفة غربية ثلاثية القومية و"حل أردني"
الكاتب الدكتور أحمد جميل عزم عن الغد الاردنية
إذا كان الحديث يدور حول أنّ حل الدولتين في فلسطين غير ممكن بسبب الاستيطان، وأن هذا يعزز فرص حل الدولة الواحدة ثنائية القومية العربية الإسرائيلية؛ فإنّ أصواتاً صهيونية تطرح أمراً مؤدّاه ضفة غربية ثنائية أو ثلاثية القومية. ويعتبر هؤلاء أنّ الوضع الديموغرافي بالنسبة لليهود في فلسطين هو الأفضل عبر التاريخ.من بين الذين شككوا بمقولة القنبلة الديموغرافية، وأنّ تزايد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية يبرر حل الدولتين، رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، في كتابه الصادر في في التسعينيات "مكان بين الأمم"؛ واصفا من يتحدثون عن أنّ "المعركة تدور حول الرحم" بأنّهم أصحاب "رأي أسود". واستعرض حينها توقعات كثيرة ثبت فشلها عن حسم المعركة ديموغرافيا لصالح العرب. ومما قاله: "قبل حرب الأيام الستة، كان متوسط عدد أفراد الأسرة العربية في إسرائيل 9.2 فرد، وانخفض هذا العدد العام 1987 إلى معدل 4.6 أفراد".الآن، وبعد عشرين عاما على صدور كتابه، يمكن لنتنياهو الزعم أنّ الأيام برهنت وجهة نظره. وفي مقال نشرته "يديعوت أحرنوت" أمس، دعا الكاتب الياكيم هعتسني إلى أن يعيش الفلسطينيون "حياة كاملة" في "الدولة اليهودية"، بينما "يمارسون حياتهم السياسية" ويقومون بالتصويت في الأردن، التي يعتبرها الجزء الشرقي من إسرائيل، وفصل عنها العام 1922، حسب زعمه. وبحسب هعتسني، فإن "الأوضاع الديموغرافية أفضل من أي وقت مضى"؛ فبينما كانت الأسرة العربية تنجب ما معدله 6 أولاد في القرن الماضي، فإن المعدل الآن ثلاثة، وهو المعدل نفسه عند اليهود.يريد هعتسني أن "يبقى" الفلسطينيون يتمتعون في الضفة الغربية "باستقلالهم كما هم اليوم"، وأن يختاروا ممثليهم في الحكم، مع ممارسة "حقهم القومي بالتصويت" من خلال الأردن. ويقول إنّ هذا يجسد حل الدولتين، وإنّه من غير المهم ماذا تسمى هذه الدولة: فلسطين أم الأردن!في موضوع القدس، يزعم الكاتب أن العرب هناك يؤيدون السيادة الإسرائيلية مقارنة بالعربية. وهو لا يوضح كيف وصل لهذه النتيجة، ولكنه غالبا يشير إلى استطلاعات رأي تزعم أن نحو 39 % من الفلسطينيين لا يريدون تقسيم القدس، ويريدون أن يكونوا في الجزء المحكوم إسرائيليا إذا حدث هذا. ويتجاهل الكاتب مؤشرات أقوى، منها أنّ نسبة مشاركة العرب في الانتخابات البلدية لم تزد يوما على 6.5 %. ولم نعرف رأيه في حقيقة أنّ العرب يمكن أن يسيطروا على نحو أربعين بالمئة من مقاعد البلدية في القدس إن خاضوا الانتخابات.يبلغ اليهود في فلسطين التاريخية، بحسب البيانات الإسرائيلية، 66 % (6.3 مليون يهودي). إلى ذلك، فإنّ تكاثر اليهود الأصوليين مرتفع. وفي القدس مثلاً، يبلغ معدل أطفال الأسر اليهودية الأرثوذكسية سبعة أطفال. ولكن الثابت أيضا أنّ عدد اليهود الذين يرحلون من القدس، خصوصا من العلمانيين الشبان، هو أعلى من الذين ينتقلون إليها، وأنّ الفلسطينيين تزداد نسبتهم، ولكن القدس الشرقية "الموسعة"، أيضا، فيها نحو 40 % يهود.طريقة تقديم وتصوير الديموغرافيا تخضع للكثير من التلاعب والخداع والتوظيف السياسي. في خطابه في الكونغرس العام الماضي، زعم نتنياهو أنّ 650 ألف يهودي يعيشون في حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967. ويعتقد خبراء أن الرقم مبالغ فيه بنحو 150 ألف شخص. ولكن ما يجب التنبه إليه هو أنّ تعزيز الوجود اليهودي في الضفة الغربية، ونوعية هذا الوجود المتدين واليميني القومي المتطرف، يجعلان الوصول لحل الدولتين أصعب، وأنّ نتيجة هذا ليس بالضرورة تعزيز فكرة حل الدولة الواحدة بديلا. فما يُخشى أنّه إلى جانب حقائق الأمر الواقع الديموغرافية، يفرض الإسرائيليون تدريجيا نوعا من الثنائية القومية داخل الضفة الغربية. وإذا رأينا مبادرات رجال الأعمال التي أعلنت في البحر الميت مؤخرا، وتتضمن تعاونا اقتصاديا إسرائيليا- فلسطينيا، فمن غير المستبعد أنّ هذا محاولة لإقامة أطر عمل مؤسسية مشتركة في الضفة الغربية، تتحول إلى شيء ثنائي القومية (فلسطيني–إسرائيلي)، أو ثلاثي يضاف إليه الأردن: مستوطنات لها علاقة سياسية مع إسرائيل، وعرب لديهم حكم ذاتي فلسطيني أو لهم صلة سياسية ما مع الأردن، وتابعون اقتصاديا للإسرائيليين؛ أي اختلاط الهويات والمؤسسات الفلسطينية والإسرائيلية والأردنية في الضفة.
بين غالاوي والقرضاوي
الكاتب حسين لقرع عن الشروق اون لاين
منذ أيام، قال السياسي البريطاني جورج غالاوي إنه قضى نحو 40 عاما كاملا من عمره مُناصرا للقضايا العربية العادلة، ولكنه لم يفهم إلى حدّ الساعة كيف يسمح 350 مليون عربي لكمشة لا يتعدى عددُها سبعة ملايين يهودي بأن تأخذ منهم القدس والأقصى؟
أما فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، فلم يبدُ مهتما بضياع القدس والأقصى بقدر اهتمامه بهزيمة المعارضة المسلحة في سوريا، وطرح سؤالا طائفيا خطيرا حينما قال إنه "لا يفهم كيف يستطيع 100 مليون شيعي أن يتغلبوا على 1.7 مليار سني"؟
الشيخ القرضاوي قضى سنواتٍ طويلة من عمره وهو يحاول التوفيق بين السنة والشيعة من خلال منتدى التقريب بين المذاهب والذي يجمع علماء سنة وشيعة، ولكنه الآن يدير ظهره لهذا المسعى الحميد الذي كان يمكن أن يجنّب الأمة فتنة طائفية خطيرة تعصف بوحدتها بل بوجودها، وها هو يزعم أن المشكلة الآن هي بين "100 مليون شيعي و1.7 مليار سني" وليست فقط بين النظام السوري وحزب الله وحليفه الإيراني وبعض القوى العربية والإقليمية التي تصرّ على صبِّ الزيت على النار قصد إسقاط نظام بشار بالقوة، وترفض أية مساع لإيجاد مخرج سلمي للأزمة.
المحزن أن الشيخ القرضاوي الذي قضى عمره مترفعا عن الخلافات الطائفية، محاولاً التقريب بين كل المسلمين وجمع كلمتهم، قد قرّر الآن بكل وضوح أن ينسف بنفسه كل جهوده ويختار الاصطفاف الطائفي، ويحرّض عليه ملايين السنة من خلال تأليبهم على "100 مليون شيعي"، ومطالبته "كل قادر على حمل السلاح" بالالتحاق بسوريا لمحاربة العلويين بذريعة أنهم "أكفر من اليهود والنصارى".
الأمة كلها في حالة "صدمة وذهول" ولا تفهم كيف يقع فضيلة الشيخ القرضاوي في فخ تكفير بعض المسلمين وهو الذي قضى سنوات طويلة من عمره ينهى غلاة السلفيين عن تكفير المسلمين أو تفسيقهم وتبديعهم.. ما الذي حصل لعقل الشيخ؟
هذه الفتوى الخطيرة يمكن أن تجرّ عواقبَ وخيمة ً جدا على الأمة، وتتسبّب في حروب طائفية خطيرة بين "1.7 مليار سني و100 مليون شيعي" وهذا في كلّ بلدٍ يوجد به سنة وشيعة جنبا إلى جنب، وستسيل دماءُ المسلمين من الطرفين أنهارا، وستتكرس العداوة والبغضاء بينهم لعقود طويلة، وفي أقل الأحوال سوءا، قد تتسبَّب الفتوى في تدفق مئات الآلاف من غلاة السلفيين على سوريا وبالتالي استمرار الحرب فيها سنوات أخرى طويلة تؤدي إلى صوْملة البلد وانهياره، فهل يدرك الشيخ كل ذلك؟ أم أن الموالاة العمياء لحاكم قطر وضعت غشاوة على بصيرته قبل بصره؟
كان على فضيلة الشيخ القرضاوي أن يكون همُّه الأول هو فلسطين والأقصى المهدَّد بالانهيار في أية لحظة وأن يدعو ملايين المسلمين -ومنهم أولاده- إلى النفير إليه والاستشهاد في سبيله لتحريره بدل الالتحاق بسوريا لتأجيج فتنتها الطائفية، ولكن يبدو أن جورج غالاوي أكثر حكمة وتعاطفا مع الفلسطينيين منه. نتمنى فقط أن يثوب الشيخ إلى رشده ويقلع عن فتاوى تكفير بعض المسلمين واستباحة دمائهم والتحريض على الاقتتال الأهوج والفتن الطائفية الخطيرة وهو في أواخر عمره، فقد يكون ذلك من علامات سوء الخاتمة والعياذ بالله.
القرضاوي من التقريب إلى التوهيب
الكاتب : فؤاد إبراهيم عن الأخبار البيروتية
لنقرر ابتداءً أنّ الاختلاف في السياسة مفتوح على أقصى ما يصل إليه أفق الاختلاف، لأن السياسة بنت الديموقراطية، وأن الأخيرة وحدها تجعل الحق في السياسة مدخلاً إلى الحق في التحرر منه، بتعبير جورج طرابيشي. ما ينطوي على تهديد دائم هو ضراوة الجنوح نحو إخضاع السياسة، بوصفها فعلاً متغيراً، للثابت الديني، بما يجعل السياسة طقساً دينياً خالصاً، وليس فعلاً يسترشد بالأخلاق والقيم الدينية. إن مجرد التوسّل بالمتعالي لتحقيق غرض الطاعة، باعتبار أن الالتصاق بالمقدّس يبتغي الوصول إلى شريحة من الناس تستقبل عبره الرأي البشري دون جدال... أي تحويل السياسة إلى فعل ديني يؤسّس لسلطة شمولية تحتكر حق الحكم في الأرض وحق النطق باسم السماء. إن التعاضد القهري بين الغلبة والتوظيف السياسي للدين لا يستهدف أكثر من تحقيق مشروعية السلطة بالمعنى العام لها، بما في ذلك سلطة المعرفة الدينية.
ندخل هنا إلى موضوعة تديين، أو بالأحرى، مذهبة الاختلاف السياسي، التي تتغذى هذه الأيام على النزاعات الأهلية المتنقّلة، منذ انفجار غرائزية مذهبية بعد سقوط النظام العراقي السابق في نيسان (أبريل) 2003.
نحن إذاً إزاء مرحلة نكوص بكل أشكاله، فالربط الديني والمذهبي بأثر رجعي لكل ما جرى ويجري هو تعبير عن خواء وعي محكوم بوعود جوفاء. فمن يستكن لشيعية الشاه محمد رضا بهلوي الذي أسقطته ثورة الشعب الإيراني، و«سنيّة» صدّام حسين الذي زرع العراق بمئات المقابر الجماعية، وجعل من الموت وسيلة حوار مع طلّاب الحرية والكرامة نكن أمام عملية ازدراء لوعي الأمة، فلا «شيعيّة» الشاه منعته من فتح النار على صدور المتظاهرين في شوارع المدن الإيرانية، ولا «سنيّة» صدام حسين عطّلت ماكينة القتل في صفوف الشيعة والسنّة والأكراد.
على الضدّ، ثمة في نظام المعنى الديني ما يحرّض على الانحياز للقضايا الحقّة والعادلة، وفي مقدّمها قضايا الشعوب التي تعرّضت بلدانها للغزو الأوروبي. وهنا، فحسب، يتبيّن ما هو إسلامي عام بمضمونه الأخلاقي وما هو مذهبي بمضمونه الطائفي والذاتي، ببساطة لأن الحسابات المذهبية في السياسة ليست سوى طائفية رثّة.
فما الذي يربط، على سبيل المثال، العالم الشيعي الشيخ حسن علي البدر القطيفي في شرق الجزيرة العربية بالشعب الليبي حتى يكتب رسالة فقهية بعنوان «دعوة الموحّدين إلى حماية الدين» يحرّض فيها المسلمين كافة على الجهاد ضد الغزو الإيطالي على ليبيا في تشرين الأول (أكتوبر)1911؟ كذلك طالب كبار علماء الشيعة في النجف وكربلاء بـ«وجوب اتحاد كافة المسلمين في حفظ بيضة الإسلام وحراسة جميع الممالك الإسلامية عثمانية وإيرانية وصونها من تشبّثات الأجانب وهجوم الأعداء»؟!
وما الذي يربط الزعيم جمال عبد الناصر بالشيعة حتى يخرجوا بمئات الآلاف في شوارع العراق وبلاد الشام وشرق الجزيرة العربية والبحرين تأييداً له؟!
ولماذا يخرج آلاف الشيعة في القطيف دعماً لمقاومة سكّان غزّة ضد العدوان الإسرائيلي عام 2008، فيما كانت فتاوى تحريم التظاهرات تصدر في الرياض من قبل المفتي وأعضاء هيئة كبار العلماء وتصفها بالغوغائية؟!
وقد فتّشت في أدبيات الفتاوى الوهابية ومجاميعها منذ التحالف التاريخي بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود سنة 1744، فلم أعثر على فتوى واحدة تشتمل على معاضدة من أي نوع لأي من قضايا العرب والمسلمين... نعم، صدرت فتاوى في العقود الأخيرة بوحي من إملاءات السلطة السياسية، كفتوى جواز الصلح مع إسرائيل، وجواز استقدام القوات الأجنبية الكافرة، بعد أن كانت محرّمة إبان الصراع مع الزعيم جمال عبد الناصر.
اعتناق عقيدة تكفيرية
الحديث الانقلابي للشيخ يوسف القرضاوي في الدوحة ينطوي على إدانة لمشروع التقريب بين المذاهب والبراءة منه، ما يعني:
ــ تخطئة كل من شارك في مشروع التقريب، وهم علماء كبار منهم من استلهم الشيخ القرضاوي أفكاره منه مثل المرحوم الشيخ محمد الغزالي الذي كتب في التقريب بمنهج العارف بخبايا الاختلافات بين المذاهب ولم يخضع تحت تأثير المال الخليجي.
ــ تكفير الشيعة، فاستبدال القرضاوي مصطلح «مذاهب» بـ«فرق»، يشي بموقف عقدي، وقوله بأنّه خُدع مثل غيره وأن علماء السعودية هم من سبقه في اكتشاف حقيقة القوم، أي الشيعة، يلمح إلى تبنيه لعقيدة تكفير الشيعة. فإذا كان الأمر على هذا النحو، فليستكمل الشيخ القرضاوي اكتشافات علماء الوهابية كيما ينجز بصورة كاملة الانتقال العقدي، ومنها النيل الشخصي منه، حيث فاضت كتابات الوهابية بألفاظ نابية يربأ الإنسان السويّ، فضلاً عن المنتسب إلى دين عنوانه «مكارم الأخلاق» أن يستعملها في أي مساجلة فقهية أو عقدية. من بينها «الكلب العاوي...»، و«أجهل من حمار...»، و«قرد»، و«خبيث»، و«من علماء السوء»، وبإمكان المرء أن يعود إلى قائمة الشتائم الوهابية له عبر محرّك البحث على الشبكة، وبعضها عناوين لكتب أصدرها مشايخ كبار في الوهابية من بينهم الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ مقبل بن هادي الوادعي، وكان من أبرز علماء الوهابية في اليمن، والشيخ عبد الكريم الحميد... إلى جانب فتاوى تخرج الشيخ القرضاوي من الإسلام مثل فتوى الشيخ ناصر الدين الألباني بأن «دراسته أزهرية وليست دراسة منهجية على الكتاب والسنة، ويفتي الناس بفتاوى تخالف الشريعة، وله فلسفة خطيرة جداً، إذا جاء بالشيء محرّم في الشرع، يتخلّص من التحريم»، وفتوى الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، عضو سابق في هيئة كبار العلماء، ينصح فيها بعدم الاستماع إلى فتاواه «وعليك أن تحذرها وأن تتمسك بالحق وتعرفه». أما الشيخ مقبل الوادعي فقال «إنّ الشيطان قد تفرّغ له ليلقي له شبهاته. وهذا لا يعلمه إلا من أطلعه إبليس على سرّه»، وقد مات هؤلاء ولم يصدر عنهم خلاف ذلك.
أما على مستوى المواقف الوهابية من المدارس الإسلامية السنيّة، فجاء في كتاب «التوحيد» لمؤلفه الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، والمخصص للصف الأول ثانوي، والصادر عن وزارة التربية والتعليم لسنة 1424هـ الموافق 1999، وصف الأشاعرة «وهم أغلبية المسلمين السنة» والماتريدية بالشرك، وقال عن المشركين الأوائل: «فهؤلاء المشركون هم سلف الجهمية والمعتزلة والأشاعرة». وأخرج الشيخ محمد بن صالح العثيمين في كتابه «القول المفيد على كتاب التوحيد» أكثر المسلمين من دائرة الإسلام، وقال ما نصّه: «ما أكثر المسلمين الواقعين في شرك العبادة». ونفى صفة «أهل السنّة والجماعة» عن المسلمين السنّة، لأنهم غير متمسّكين بالسنّة. واعتبر في محاضرة له في بدايات أيار (مايو) 1992 أن الأشاعرة والماتريدية من أهل البدع، وليسوا من أهل السنة والجماعة. وطاول التكفير طوائف أخرى من المسلمين مثل الجهمية، وقيل عنهم إنهم «ضلال زنادقة مرتدون» كما ورد في كتاب «الدرر السنيّة في الأجوبة النجدية، ج10، ص 10، 430». وقد صدرت كتب وفتاوى وبيانات في الجهمية تؤكّد هذا الموقف العقدي.
هذه الاكتشافات العقدية، بإضافة اكتشاف كفر الشيعة وضلالهم وارتدادهم حسب الرؤية الكونية الوهابية، كفيلة بأن تؤسس، بكل بساطة، لحرب أهلية طاحنة ومفتوحة بين المسلمين، فالعقيدة الوهابية تقوم على ثلاثة أضلاع: تكفير الآخر، ثم هجرته واعتزاله، وثالثاً إعلان الجهاد عليه.
فهل تنكّب القرضاوي من التقريب يستوجب التماهي مع الخطاب الطائفي الوهابي... وقد كنت أتطلع لأن يعاد النظر في المشاريع الخائبة المسؤولة عن إنتاج عقائد تنزيهية تخفّف من غلواء النزعات الدغمائية في الوسط الإسلامي، ولكن حين نصطدم بنكوص معرفي وخطابي بهذا المستوى نكون قد وقعنا في فخ السجال المذهبي العقيم، ولكن خطورته الآن تكمن في تسييل هذا السجال في صدامات دموية.
الكلام الغارق في المذهبية لدى الشيخ القرضاوي بكل البؤس المريع الذي يحيط به لا ينتصر على ما تعلّمه وما يمكن أن يفيد لأجل مقاربة موضوع لا يعلمه الأولون. ما يقوله القرضاوي هو ضد التفكير، بل خارج مناهجه، وتبدو الذاتوية (subjectivism) راسخة في المواقف الإجمالية التي أطلقها القرضاوي ضد الشيعة عموماً حين صنّفهم في خانة الفرق، لا المذاهب، كي يخرجهم من دائرة الإسلام، وعلى الطريقة الوهابية. ولأن التعميم خصم لدود للعقلانية كأداة فهم وتفسير وتقويم، فإن الأحكام التي أصدرها الشيخ القرضاوي تندرج في ما يعرف في الأدبيات الدينية بتكفير العموم.
والسؤال الكبير: هل يستوجب الانقلاب على مشروع التقريب التماهي مع المشروع الوهابي بكامل حمولته، بما في ذلك معجمه الشتائمي؟!
وأختم بكلمة للشيخ القرضاوي: لم يخسرك التقريب ولن يربحك التوهيب.
ثورات "الشعوب العربية"؟ ذلك الربيع البارد !
الكاتب أحمد بن محمد عن الشروق اون لاين
كفى ثورات شعوب الأمّة ـ منذ 2011 ـ صدقا وضرورة أنها أنهت ربانيا طغيان "جنرال" تونس وجبروت فرعون مصر وجنون "قعيد" ليبيا المجرم.
غير أن أقليّات متعددة ـ في مغرب وفي مشرق ـ راحت تشكك في مثل ذلك الصفاء الثوري كي لا يمتد إليها زلزالها السلمي، بدعوى أن رئيساً فرنسيا حلا له في بعض الديار غاز ونفط أو أنّ "النيتو" دخل على الخط أو أن فيلسوفا صهيونيا تنطـّع فقام بذلك الخلط...
ولكن ما دمتم تعرفون خبث نزيل الاليزي السابق، فـلِمَ الذهاب إذاَ سراعا عام 2008إلى باريس في مؤتمر ما سُمي الاتحاد من أجل المتوسط الذي حضرته تل أبيب مع دمشق؟!
ثمّ متى أصبح الحلف الأطلنطي عدوّا لدى القوم وهم يُجرون معه المناورات؟!
بل كيف نشأ فجأة شنآن بين أربّة لاكوست وديغول ـ على الخصوص ـ وبين "ضيفهم" اليهودي المدلل في 1997؟ أفلمْ يزُر بعضُ ذوي الوجهين من المستقورين "إسرائيل" علانية أواسط التسعينات؟
وإن تعجبْ فعجبٌ تشويه الشيوعيين ثورات ربيع الأمـّة وهم الذين لا يزالون يقدّسون تشي غيفارا حينا ويثنون في الوقت نفسه على التعاون العسكري والاستخباراتي مع الأمريكان والأوروبيين!
فحقيقة، رمتني بدائها وانسلـّت.
إنـّه المسخ العام الذي لم يكد ينجُو منه أحد من خصوم المشروع الإسلامي.
بل من كان يتوقع أن توافقا بشأن ربيع الشعوب ممكن بين أنصار "الثورة المستمرة" من التروتسكيين ـ الذين يعافون مستشفيات العمّال الجزائريين ويفضّلون التداوي في مصحّات "الامبريالية" ـ بأورو الأمّة ـ وبين آل سعود الذين أخطأوا مرة أخرى وهم يؤوون عدو الحجاب ولصّ تونس القاتل، مثلما أصبحت الدوحة من الخاطئين وهي ترحّب بقاعدة عيديد الأمريكية.
غير أن المستقورين عموما لا يحبّون ثورات شعوبنا لسبب لا يكاد يظهر على ألسنتهم وأقلامهم: إنهم يُبغضون ثمرتها الأولى صندوقاً انتخابيا مخضرّ اللون!
إن الثورات العربية مواليد شرعية، لا يرقى إلى نسبها الأصيل أي شك، ولو أنّ "قابلات" غربية التقى فيها الدهاء والأنانية لم تقصد وجه الله الكريم وهي تحاول الاستيلاء عليها عندما كانت أجنـّة أو وهي تصرخ في لفائف القماط الأولى!
فالتاريخ لم يسجل أن ثورة نوفمبر 1954 المظفرة المسروقة قد ضيّعت شيئا من نصاعة بياضها بفعل مواقف أبداها منها كيندي الأمريكي الكاثوليكي وذلك الفيلسوف الوجودي اليهودي و"حاملو الحقائب" الفرنسيس!
وكيف لا نفرح بثورات شعبية يظهر عليها أنها إيذان بقرب نهاية المُلك الجبري التي بشـّر بها العِـلم النبوي الكريم.
وما لنا ألاّ ننضمّ إلى المرحبين بها وقد سمعت الملايين بعضَ الفضائيات تردد قرابة ست سنوات قول أحد المتدخلين فيها: "لا بد من إزالة هذه الأنظمة (التي) أهلكـت الحرث والنسل"؟
وتحققت الأمنية التي احترق شوقا إليها عشرات الملايين بانتهاء ما سماه أحدنا "الاستعمار الداخلي" في الشروق العربي عام 2002.
ذلك أنه لا فرق يُذكر بين ضبع أجنبي وذئب داخلي، مثلما أنّ حكم مروان أو السفاح يكاد يتماهى مع أيام هولاكو العصيبة!
إن الحرية لا تتجزأ.
وهذا ما لم يفهمه ذلك الحزب الشيعي وهو يدّعي بُـغض شارون بينما يقتل أطفالا ونسوة دفاعا عسكريا عن طاغية دمشق الذي إنْ دخل... أسِـدَ وإنْ خرج... فهـِدَ ـ ومعذرة إلى أمّ زرع ـ، في انتظار "الرد في الوقت المناسب" على القصف الصهيوني أو التحليق اليهودي فوق غرفة النوم بالقصر الوراثي الذي رتّبه له "بــابــا"!
آلجولان أولىَ بالتحرير أم بلدة القصير، يا حزب الضاحية والجنوب؟
لقد أحسَّ أحد الجزائريين الشطط من هؤلاء الشيعة أنفسهم أيام معارك بيروت عام 2008 فكتب في الجريدة نفسها مقالا مطوّلا (29 ماي) يهاجم فيه مرضَهم الظاهر عليهم فجأة.
ولكن من كان يتوقع منهم، في سوريا، مثل هذا الانسلاخ من ماضيهم القتالي ضد الصهاينة فيصبحوا مثل ريطة الحمقاء وهي تنقض (غزلها من بعد قوة أنكاثا)؟
وإن كان بعض الطيبين في شك من أصالة ربيع الشعوب، فلينظروا كيف أنّ إيران نفسها تنكـّرت لروح ثورتها على الشاه المفسد العميل فراحت، مع بعض أعوانها، ترحّب بالانتفاض السياسي على ظلم الأنظمة "المتساننة"، وهي في الوقت ذاته تشارك في قمع الثورة عندما تواجه النظام "المتشايع" في الشام!
تماما كما فرقت طهران بالأمس بين بعـْث "سني" قاتلته، وبعـْث "شيعي" احتضنته ـ مع أن كليهما عفلقيّ لائكي /علماني جاهليّ!
فماذا عسى قيادات الشيعة المتحالفة مع نيرون دمشق ـ التي لم ترتق إلى سماحة أمثال اللبناني فضل الله ـ أن تقول لمولانا الكريم غدا إذا سألها عن دعم قاتلي العزّل وهم في الحواضر السورية يردّدون تلك الجملة التوحيدية الجميلة المريحة: "يا الله، يا الله، ما لنا غيرك يا الله!"...
لأجل هذا بدأت الأمّة تعاد سـيرتـَها الأولى وهي تلتحق بأجواء الحكم الراشدي المستظلّ برحمة العهد النبوي الجليل الموحي بمحاربة "استرقاق الخلق" و"استراق الرزق"، فانتهى عهد كانت تغبط فيه كثيرا، على صعيد الحرية، تلك الأممَ الكوافر التي استرجعت منذ قرون كل أعمدة الحكم من السلطة حتى أضحى القاضي فيها مجرد أداة بحث عن الإنصاف والعسكريّ حارسا والشرطي منظـِّـما والرئيس أو الوزير الأول خادما، كل أولئك لدى أفراد الشعب المعتز ذي السّـيدودة!
وما ذلك على الشعوب الثائرة سلميّا ببعيد!
وفي منظورنا نحن المسلمين، فإنّ تحرير الشعوب من الظلم الداخلي يجعلها تنتقل من درك "عبيد السلطة" إلى درجة "عباد الله" وحده!
لقد كان ذلك الربيع مخضرّا بما وفـّره من نعمتي حرية عباد الله وكرامة ذريّة آدم. ولكنه لا يزال باردا، لم تر فيه الشعوب المنعتقة، إلى يوم الناس هذا، تلك الحياة الدفآى المرجوّة.
ذلك أن منغـّصات متنوعة راحت تكدّر على الثورات المظفـّرة صُـبحها وضُحاها.
ولئن كانت مخلفات الطغيان المعاصر ـ المعبّر جزئيا عن المُلك الجبري القـُروني ـ السببَ المباشر في تلبّد السماء السياسية في مصر مثلا وتونس، فإنّ عوامل سلبيّة لصيقة بالنخب الحاكمة والمعارضة وبالأوضاع الداخلية والدولية، قد زادت الطين بلة.
لا جَـرم أن أعداء تلك الثورات يفركون أيديهم وهم يرون أن جوعة الناس إلى الحرية قد حوّلتها أحيانا ـ رغم صفائها ـ إلى مظاهر فوضى ساعد على عدم وقفها غياب القيادة الشرعية أوّلا والقوية ثانيا والعادلة ثالثا ـ مقابل حضور الدولار المريب وشاشات لا ينجو من أراجيفها إلا لبيب!
وليحذر الذين يقولون إنهم يقتفون آثار صالح الأجداد أن يعينوا الشيطان على الأجواء الحرة الجديدة في تونس وفي غيرها.
إنهم بحبّهم الإسلامَ أكثر من فهمهم إياه يُـقـْدمون على كسر أبواب يراها العدو الغريب قبل الخصم القريب مشْـرَعة!
فالإسلام اليوم أو غدا غالب ربانيا وشعبيا، فـعلامَ إذاً إفساد عرس حرية الشعب المسْـلم لله رب العالمين، المسلـّم تسليما؟
ومن فضّلَ من الصادقين "الموت في سبيل الله" على "الحياة في سبيل الله"، فله ذلك شريطة ألا يخطئ في ساحة الوغى فيـُـدخل الموت والجراح والبؤس في بيوت وقلوب أبناء الأمة، مهما كانت درجة تديـّنهم!
فلقد اقتتل المسلمون كثيرا وطويلا حتى "تكسرت النصال على النصال"!
وفضلا عن انحسار الأمن نسبيا في هذه البلدة أو تلك، فقد وجدت القيادات المنتخبة نفسها، دون اقتدار عام جليّ، في مواجهة مشكلات موروثة عن عهود الاستعلاء السياسي والترف الاقتصادي.
أجل! إنّ طـُهر ماضِ وصدق نيّة قد يلتقيان مع انعدام خبرة وقلة معرفة بعلوم الدولة لدى وجوه عديدة من المسؤولين الجدد.
ولا تكتمل الصورة الباهتة التي تعبّر عن صعوبات الحكم في صبيحة الثورة إلا إذا أضفنا إلى هذين العاملين عطشا سياسيا طالت عشريّاته في مصر فولـّد أثـَرَة كادت تتحول إلى شبه إقصاء ـ مصحّر لدُنيا السياسة النزيهة ومخيف للآخر.
لقد شكـّلت تلك العناصر الثلاثة ـ أساساً ـ مصدر تخبّط مراكز القرار الإخوانية التي فاجأها البوعزيزي التونسي ـ غفر الله تعالى له ـ فاكتشفت أن مرحلة المعارضة ـ على مشاقّــّها ـ أسهل من مرحلة التمكين التي يبدو أنها لم تستعد لها، لا سيما في مصر.
واسألوا في ذلك إن شئتم تجربة سيّدنا موسى المعصوم ـ عليه السلام ـ الذي لم يدم مُـلكه الجنيني هادئا أكثر من أربعين يوما بفعل جريمة السامريّ وجريرة بني إسرائيل.
غير أنّ برودة غد ربيع الشعوب المسلمة لم يتسبب فيها مجرد هبوب هذه الرياح الثلاث التي حملت نقص أمن وتعثــّر أداء سياسي وجاذبية تقوقع.
ذلك أنها رياح عصفت في أجواء شديدة الرطوبة بفعل قلة ذات اليد، فأصبح الأهالي يسيرون بخطى متعثرة وسط المروج المخضرّة التي استوحلت!
ومَنْ لمصر وتونس اليوم غير الله تعالى، ثم أولياء الله غدا، لإمدادهما أساسا بأكسجين المال المكثف كي يرى الناس أن الثورة فعلا خير وبركة؟
وكيف يصدّق الناس هناك أن "ميدان التحرير" مَـدخل خير وهم لم يروا بداية زوال مقابر بالقاهرة يتساكن فيها الأموات وأشباه الأحياء، أو هم لم يشموا في الكنانة، بعد مرور أكثر من سنتين على كنس أحد أصدقاء تل أبيب، رائحة عدل سيدنا عمر ـ لا في مداخيل ولا في نمط معيشة؟
إنّ طيبة حكام على مستوى هذه المؤسسة أو تلك في بلدان الربيع السياسي لا تكفي وحدها لإحداث خداع بصري يحمل القوم كذبا على رؤية الفقراء، أخيرا، في مستوى الكفاية الشرعية ـ وزيادة ـ وعلى رؤية اللصوص القدامى ـ لاسيما كبار القطط السمان ـ وقد أعادوا المسروقات الضخمة فيندحر الترف ـ إسرافا وتبذيرا، فلا يطغى غنيّ بالحلال ولا يبتئس مَن هو دون ذلك!
إن الأمة المنتفضة هنا وهناك لا تريد أن ترى استمرار مظاهر الحكم المترف الفاسد، بحيث أنها لا تجدد ثقتها بسخاء في قيادات تعطي الانطباع بأن التغيير السياسي لم ينصبّ إلا على الأشخاص.
فإنْ لم تأتِ تنمية ـ تكبّر غدا كعكة الشعب كله ـ فلا أقل من القسط في إعادة توزيعها الآن!
لا بدّ إذاً من صدمات "نفسياسية" في سلوك السلطة الجديدة كي تتأكد الجموع المستضعفة أن قادتها خدّام أكثر منهم حكـّام! فلا سكن عندئذ ولا عمل يوميا رسميا في القصور المشيدة، ولا مواكب ضخمة، ولا وثنية سياسية تقدّم القريب العاجز وتؤخر البعيد المقتدر.
ولئن نالت السلطات الجديدة في بلدان "الربيع" حصتها من النقد، فإن مسؤولية المُعارضة ـ أو المُغارضة ـ في برودة الربيع الثوري، لا تقلّ عنها إن لم تتجاوزها ـ خارج الميراث الطغياني.
ففي تونس، لم يغيّر اللائكيون / العلمانيون ـ على اختلاف مشاربهم ـ موقفهم شبه المنمّط إزاء المشروع الإسلامي، رغم إقدام الإخوة الطيبين هناك على تأجيل عرضه في شكله الكامل الجميل الفسيح الفعّال!
إنها بقايا الحقد البورقيبي الخفيّة تجاه الدواء الربّاني نفسه وحيال "الأطباء" ـ سواء أأخطأوا أم أصابوا!
وانظرْ إلى فرنسا المؤسساتية وقد سارعت إلى كشف موقفها الطبيعي المساند لأدعيائها "الديمقراطيين" في تونس الخضراء بعد خطيئة قتل أحد رموزهم مطلع عام 2013 .
أمّا في مصر، فإنّ وجوب طمأنة المحايدين والمتوجّسين خيفة لا صلة له باسترجال جماعات كثيرة من ربّات الحجال، نسيت تعاونها أو صمتها الجبان أيام العتو الفرعوني.
فقد راحت ترفع عقيرتها بعد الفرج الرباني محـْدثة أصواتا تشبه أحيانا نقيق الضفادع: فهذا قاض طيّع استيقظ أخيرا، وذاك إعلامي نسي أنه كان أحد مداحي الفرعون وولديْه، وذلك صاحب مُجون سينمائي يسترزق من استغلال فطرة الشباب، ورابع زعم أنه ليبرالي أو لائكي /علماني أو شيوعي ـ عفوا، يساري ـ أو قومي لا يؤمن بنتائج الصندوق الانتخابي إلا إذا كانت لصالحه ـ ناهيك بمستفيدي العهد البائد العفن المدعـَّم بمال المسلمين المستحوذ عليه أساسا قرب الخليج ـ في شكل يشبه الغلول ـ من قـبَل المترفين الخائفين على عروشهم المتواطئة مع الغرب المؤسساتي.
إنهم المعارضون الجدد التقوا مع "المغـَــارضين"، بغية الاستثمار في الغد الانتخابي، عبر التشويش على الأكثرية السياسية الحالية إذا فشلوا في إسقاطها اليوم.
ولكن لـِـمَ العجب وفي الجزائر ذاتها بدأ معارضو الساعة الخامسة والعشرين يطلـّون برؤوسهم هذه الأيام عبر وسائل الإعلام. فبعضهم يَـعد بإسقاط النظام وقد عاش ـ على الأقل ـ وزيرا بعد جانفي 1992، ومنهم من خرج على الناس ليحدثهم عن بطولاته في معارضة الدستور وقد زكىّ، طيلة عشرية ونصف، مختلف حالات التزوير "الانكشاري" والانتخابي، ومنهم من استبدّ به الشوق إلى المعارضة بعد أن نفرَ الأنامُ وملّ الحكامُ!
فما هذا الربا الأخلاقي؟ ألم يقل الله تعالى: »و يحبّون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا«...
فهل قدر الجزائر أن تعلـّم الأمـّة كيف أنّ التغيير الكلي يكون سلميا سلسا ناجحا ـ سياسات شرعية وحضارة ـ مثلما أفهمت الشعوب الشقيقة عام 1962 أنّ الاحتلال الأجنبي لا يندحر ربانيا إلا بالقوة؟
اللهم قدّرْ ويسـّـرْ واحفـَـظ!
عرب بلا هوية ولا دول
الكاتب : طلال سلمان عن الشروق المصرية
لم تهدئ موجة الانتفاضات الشعبية التى أطلق عليها «الغرب» تسمية «الربيع العربى» نفوس العرب ولا هى طمأنتهم على مستقبلهم فى بلادهم التى تبدو كياناتها السياسية الآن فى عين العاصفة..
وها هم «العرب» يواجهون الخطر على مصيرهم، مرة أخرى، عشية الذكرى المئوية للحرب العالمية الثانية (1914 ــ 1919)، والتى أثمرت تقسيم المشرق دويلات لا تملك مقومات الحياة.
من معاهدة سايكس ــ بيكو (1916) إلى وعد بلفور (1917) كان الغرب الاستعمارى قد أعاد صياغة خريطة المشرق العربى الخارج ممزقا من أسار الإمبراطورية العثمانية وخلفها الحكم التركى، وفق مصالحه، عبر تقاسم مناطقه التى ستولد فيها «دول لقيطة»، تمهيدا لزرع إسرائيل في القلب منها بعد ثلاثين سنة لا أكثر (1947ــ 1948).
ها نحن نشهد، ولأسباب مختلفة، عرضا جديدا منقحا ومزيدا لشريط التقسيم ومحاولات ابتداع الكيانات الجديدة:
سوريا تخوض فى دمها صراعا يجتمع فيه العالم كله، تقريبا، ويجرى تهديم بنيانها بما يهدد وحدة دولتها بعد تدمير منهجى لمرافقها العامة ومؤسساتها واقتصادها، حتى إذا ما نجت من التفتيت خرجت من هذه الحرب دولة ضعيفة بل متهالكة ولا من معين لإعادة بنائها وضمان الاستقرار فيها.
بالمقابل فإن العراق على شفا التقاسم الطائفى والمذهبى والعنصرى إذا ما تذكرنا الأكراد والقوى التى شجعتهم ثم أعانتهم على «الاستقلال» بإقليمهم وعاصمته اربيل، وإن هم أبقوا على علاقة «اتحادية» ما مع الدولة المركزية فى بغداد.. وواضح أن كثيرا من الأخوة ــ الجيران والإخوة ــ الأعداء لا يريدون للدولة العراقية أن تعود إلى سابق وحدتها ومنعتها وقوتها العسكرية الوازنة بفضل إمكاناتها الاقتصادية الضخمة وأخطرها النفط.
أما الأردن الذى شكل دائما جزءا من سور حماية إسرائيل فيعيش حكمه الملكى حالة قلق ممض فى ظل قلق شعبى جدى مما يجرى فى سوريا ولها وفى العراق وله، ويرفض أن تستمر «دولته» فى القيام بدور الحارس الأمنى للكيان الإسرائيلى الذى يرى الآن الفرصة متاحة أمامه ليكون «الدولة المركزية لمنطقة الشرق الأوسط» جميعا تحت المظلة الأمريكية وبالمشاركة معها.
الجديد فى الأمر أن دول النفط فى الجزيرة والخليج، التى لم يعد يقلقها المشروع الإسرائيلى تحمى نفسها بالمظلة الأمريكية والتواطؤ العلنى مع تركيا والضمنى مع إسرائيل وتجتهد لإضعاف الدولة المركزية فى كل من سوريا والعراق.. بينما يتولى الإخوان المسلمون الخصوم فى العقيدة والشركاء فى المصلحة وبالتحالف مع الإدارة الأمريكية، إنهاك مصر وضرب دورها الذى لا بديل منه فى منطقتها، عربيا وأفريقيا، تحت الشعار الإسلامى الذى تسبب فى تقسيم الشعب وتهديد مناعة الدولة.
إن مصر التى كانت مضرب المثل فى صلابة وحدتها الوطنية تكاد تفقد طريقها إلى مستقبلها.. فالاضطراب فى سيناء المتروكة لمصيرها يسىء إلى كرامة الدولة ويفضح إهمالها المتمادى لهذه المنطقة الحيوية جدا للأمن القومى المصرى والتى يمنع اتفاق كامب ديفيد وملاحق معاهدة الصلح الجيش المصرى من أن يتواجد بالكثافة المطلوبة فيها. بل إن سيناء تكاد تسقط من الذاكرة المصرية كجزء مهم من ارضى مصر، ومدخل للحرب التى سبق أن تكرر إشعالها ــ إسرائيليا ــ أكثر من مرة فى النصف الثانى من القرن الماضى (1956، 1967) قبل أن تدخلها مصر بقرارها فى خريف 1973.
بالمقابل فإن فلسطين، الأرض ــ الوطن والقضية المقدسة، تكاد تسقط من الذاكرة العربية فى غياهب المفاوضات العبثية بين العدو الإسرائيلى والسلطة الفلسطينية بالرعاية الأمريكية. وها هى السلطة المفلسة تطلق نداءات الاستغاثة لتأمين رواتب أجهزتها الأمنية والإدارية وحاجيات الشعب تحت الاحتلال إلى مقومات الحياة.. هذا فى حين تكاد هذه الأجهزة تغرق فى بحر الفساد بينما الشعب الفلسطينى الموزع تحت ثلاث «سلطات» (فتح ومن معها فى الضفة الغربية وحماس فى غزة و«الداخل» الذى يعيش القهر تحت الاحتلال الإسرائيلى) يكاد يفقد مناعته الوطنية وأمله فى مستقبله.
إن الخطر المحدق بالمشرق العربى يتجاوز التقسيم إلى التفتيت وبديهى أن يؤدى مناخ الحرب الأهلية إلى تدمير الكيانات القائمة من قبل أو حتى من دون أن تتوافر الفرصة للادعاء أن مثل هذه النتيجة هى بعض «انجازات» الربيع العربى.
إن هذا الخطر الداهم الذى يهدد سوريا والعراق وحتى لبنان، وبالمقابل اليمن وليبيا، لا يمكن اعتباره من ثمار الربيع العربى.. فالانقسام على قاعدة طائفية أو مذهبية أو عرقية الذى يتهدد العديد من الأقطار العربية فى كياناتها السياسية، وأساسا فى وحدة الشعب فى كل منها لا يقود إلا إلى الحروب الأهلية.. وبالتالى يصبح التقسيم «مطلبا» للإخوة الذين يتحولون إلى أعداء يتمنى ــ بل يعمل ــ كل فريق منهم على تدمير الفريق الآخر، بمنطق «على وعلى أهلي»!
يكاد العرب يتبدون الآن وكأنهم مجاميع من الإخوة ــ الأعداء، يشهر كل منهم هويته الدينية أو المذهبية وهو ذاهب لمواجهة شقيقه في الماضي والحاضر والأرض والمصير، في حرب عبثية سيكون الكل ضحاياها.
لقد فقد العرب هويتهم القومية والوطنية الجامعة التى كانت تعلو على الانتماء الدينى فضلا عن المذهبى. لم يعد لجموعهم هوية واحدة، بل ارتفعت راياتهم الكيانية التى تستبطن انتماءاتهم الطائفية والمذهبية، فى حين تمضى إسرائيل فى طريقها لإعلان كيانها «دولة يهود العالم»، وتحضر نفسها لتكون «الدولة» الوحيدة فى هذه المنطقة التى يتوزع أهلها قبائل وعشائر وطوائف ومذاهب لا هوية موحدة لهم ولا مرجعية واحدة بعدما أفقدوا أنفسهم هويتهم.
وباختصار، فإن سقوط العروبة، كهوية جامعة، هو المدخل إلى سلسلة من الحروب الأهلية بين الإخوة قد نعرف متى تتفجر ولكن أحدا لا يعرف متى تتوقف وكيف.
زياد منى وشرق الأردن: عنصرية مكشوفة
الكاتب : ناهض حتر عن الأخبار البيروتية
يتابع العديد من المثقفين الفلسطينيين، من دون وجل ولا خجل، الإعراب عن ميول عنصرية صريحة إزاء الدولة الأردنية والشعب الأردني. من المستهجَن أن يكون الضحية جلّاداً؛ فالفلسطيني هو موضع عنصريات مركّبة، صهيونية وغربية وعربية. ومن المفترَض أن يكون حسّاساً بصورة خاصة إزاء ممارسة العنصرية نحو الآخر، وخصوصاً الآخر الأردني، الذي تميّز عن الجميع بأنه لم يمارس أي عنصرية ضد الفلسطينيين، بل استقبلهم ولا يزال بروح الأخوة، وتقاسم معهم حياته ووطنه ودولته.
غير واضح السبب الذي دفع زياد منى، الآن، إلى استعادة مقولة «شرق الأردن: كيان وظيفي» («الأخبار»، العدد ٢٠١٩، ٣ حزيران ٢٠١٣)، لكن قد يكون ذلك ناجماً عن التحركات العراقية والإيرانية (والسورية) لاجتذاب السياسة الأردنية إلى موقع حيادي بين المحور الأميركي الخليجي التركي، والمحور الروسي الإيراني المشرقي. زياد منى يقول، إذاً، لمحور المقاومة: لا تحاولوا مع الأردن هذا كيان وظيفي!
غير أن الكاتب يتجاهل السبب وراء تلك التحركات، ألا وهو ظهور حركة وطنية شعبية أردنية متنامية ومؤثرة، ولها امتدادات داخل الدولة وأجهزتها، وقفت، ومنذ وقت مبكر، إلى جانب الجمهورية العربية السورية وجيشها ونظامها ووحدتها وخطها المقاوم. وكلّ مَن تابع التطورات السياسية في الأردن، خلال السنتين الماضيتين، لا بدّ أنه لمس كيف أثّرت الحركة الوطنية على القرار السياسي، فلجمته حيناً وتصدت له حيناً وأربكته دائماً، وفرضت عليه خفض مستوى التدخلات في سوريا، وسريتها، وألزمته بخطاب سياسي إيجابي.
يؤكد المسؤولون السوريون، دائماً، أن الحدود الأردنية ـ السورية، على رغم ما شهدته من خروق مؤذية، كانت، خلال الحرب كلها، الأهدأ والأقل إضراراً بدمشق مقارنة بالحدود الأخرى. ويُسجّل للحركة الوطنية الأردنية، أنها شكّلت، ولا تزال، أقصى ما يمكن من الممانعة الداخلية للتورّط في سوريا.
قدرات الحركة الوطنية محدودة، وبالتالي فإنها لم تستطع أن تقدّم شيئاً ملموساً يمنع غزو العراق عام 2003، لكنها عبأت الشعب الأردني ضده كما لم يحصل في بلد عربي آخر. وهذا هو الحال نفسه في كل مفاصل التضامن مع الشعب الفلسطيني.
داخلياً، شهد الأردن منذ 2010، حراكاً شعبياً لم يضيّع بوصلته الوطنية والقومية، ولم يغرق في الأوهام الليبرالية، بل ركّز، ولا يزال، على مهمات دحر التبعية واسقاط النهج النيوليبرالي وشبكة الفساد ووقف الخصخصة، وكذلك الشروع في برنامج تنموي وطني في المحافظات. ومن المعروف أن أبناء المحافظات هم الذين يشكلون عصب الحراك الشعبي الأردني.
لا نجادل زياد منى، بالطبع، في حقه في التنديد بسياسات النظام الأردني؛ فنحن نفعل ذلك بصورة مثابرة وصريحة، لكن ليس من حقه أن يستغل تلك السياسات من أجل إلغاء التاريخ الاجتماعي والسياسي لشرق الأردن وشعبه، بعبارات عنصرية تتبنى عنصرية الاستشراق والوثائق البريطانية، وتغضّ بصرها عن واقع المجتمع الأردني المتبلور في دولة وطنية لها هويتها وحضورها ومصالحها وحركتها الوطنية. من المؤسف أن زياد منى لا يزال يعتقد أن تاريخ بلد ما يمكن ـ ويصحّ ـ النظر إليه من وجهة نظر أدبيات ووثائق مستعمريه، فيدعي أن كل حكاية الأردن ونضاله ضد الانتداب ومن أجل التحرر الوطني في الخمسينيات وحروبه ضد إسرائيل وانخراط أبنائه في بناء الدولة وتحديثها وميولهم القومية والديموقراطية، وإصرارهم على فك التبعية مع الإمبريالية، وما أنتجوه من فكر وأدب ومبادرات وقامات ثقافية ونضالية، وما بنوه من أحزاب وهيئات إلخ... كل تلك الحكاية الواقعية على الأرض، يمكن إلغاؤها وتلخيص «شرق الأردن» بكونه «منطقة عازلة» وكياناً مختلقاً.
يمثّل شرق الأردن أحد أقاليم بلاد الشام، وتتمثل خصوصيته في بنيته الاجتماعية القائمة على اتحادات عشائر نصف بدوية ـ نصف فلاحية، صاغت شخصيته وثقافته المحلية ولهجته وأدبه الشعبي... إلخ. ويمتد هذا الإقليم في سلسلة الجبال والهضاب الواقعة شرقي نهر الأردن، من جنوبي دمشق حتى خليج العقبة. وقد قطعت معاهدة سان ريمو الاستعمارية، الإقليم الأردني عن سياقه السوري، كما قطعته من الداخل بتقسيم منطقة حوران، بين المملكة والجمهورية.
عندما هاجم الجنرال غورو دمشق، كان مئات الفرسان الأردنيين، قد هبوا لنجدة يوسف العظمة في ميسلون، لكن المستعمر الفرنسي كان قد أحكم قبضته على البلاد، وتوقف عند حدود التقسيم. وفي سنة ميسلون نفسها، 1920، قرر اجتماع الشخصيات الوطنية والزعامات العشائرية الأردنية، تأسيس دولة في شرق الأردن، تكون امتداداً للدولة العربية السورية؛ ولذلك اتخذ الاجتماع العلم السوري ذا النجمة، علماً للدولة الجديدة (وهو نفسه علم الأردن الحالي).
في العشرينيات والثلاثينيات، ازدهرت الحركة الوطنية ضد الانتداب، وقدمت دعماً واسعاً للمناضلين في سوريا وفلسطين. ولا أريد الاسترسال في عرض تاريخي، لكنني أريد التأكيد على أنه بنشأة الدولة في الأردن، نشأ صراع مستمر بين سياسات النظام والحركة الوطنية، طبع كل تاريخ البلد، إنما في سياق بناء الدولة الوطنية التي نريدها، دولة تنموية مقاومة وتريدها الفئات الحاكمة دولة كومبرادورية استسلامية. وحدث، في مراحل عديدة من تاريخ الأردن، أن فرضت الحركة الوطنية، جزءاً من برنامجها الديموقراطي والاجتماعي في السياسات الحكومية.
لم يعد مقبولاً الكلام عن شرق الأردن بهذه الخفّة العنصرية، واستعادة المنظور الاستشراقي الاستعماري في فترة الانتداب، للنظر إلى واقع الدولة الأردنية عام 2013. وأخيراً، ما الذي يضرّ زياد منى في محاولتنا الدفع بالأردن نحو اعتماد سياسات قومية وتقدمية؟ إنه يرى ذلك، كمستشرق وعنصري ومتوافق، حكماً، مع الرؤيا الصهيونية، مستحيلاً، لأن الأردن وشعبه «مختلقان» (ولاحظوا أنه يمكن أن يكون، بالتالي، وطناً بديلاً في تكرار للمقولة الصهيونية عن فلسطين: أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، ونحن نرى بلدنا، انطلاقاً من سيرورة النضال الوطني والاجتماعي، دولة يمكنها أن تحمل مشروعاً قومياً وتنموياً، في إطار اتحاد البلدان المشرقية.
نعم.. الصراع يمتد لميدان "تقسيم"
الكاتب : ياسر ابو هلالة عن الغد الأردنية
يذكّر موقف النظام السوري وشبيحته من قمع المتظاهرين في ميدان "تقسيم" باسطنبول، بموقف معمر القذافي من قمع المتظاهرين في بريطانيا أيام الثورة. ولا يستطيع أي كاتب يحترم حقوق الإنسان إلا أن يقف مع المقموع ضد القامع، أي أن يتفق مع معمر القذافي! وطبعا، في سماء "تقسيم" كانت البراميل المتفجرة تدك المتظاهرين، والصواريخ البالستية تصلهم من بعيد محدثة حفرا عميقة، وكان ذوو الأطفال يتلقون أطفالهم كما حمزة الخطيب وقد بترت أعضاؤهم!في الواقع، تشهد منطقتنا العربية صراعا عنيفا أججته الثورة السورية. ومع أن الصراع بدأ سياسيا بين نظام دكتاتوري بدائي وثورة سلمية تنشد الحرية، إلا أنه تحول في ظل التدخل الخارجي الإيراني تحديدا إلى صراع ذي طابع طائفي مذهبي. وهنا دخلت تركيا مرغمة في ظل استقطاب حرصت أن يظل بعيدا.لقد حرصت حكومة حزب العدالة والتنمية، ورغم التحالف التاريخي بين المؤسسة العسكرية التركية وحلف "الناتو" وإسرائيل، على إنجاز تحول استراتيجي باتجاه إيران وسورية، كان سيشكل لو تطور اختراقا استراتيجيا مرعبا لدولة الاحتلال. وفي بدايات الثورة السورية، راهن الأتراك كما القطريون على قدرة بشار الأسد على القطيعة مع الماضي الدموي للنظام، وتحقيق إصلاحات سياسية.جلس وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، أكثر من خمسين ساعة مع بشار والمسؤولين السوريين. لكن النظام كان يستخدم تلك اللقاءات للتضليل وكسب الوقت، وظل ماضيا في سياسة العائلة التي لا تغادر ذاكرتها مواجهات الثمانينيات وأحداث حماة. وتم للأسف تكرار مجزرة حماة بشكل أكثر بشاعة، وعلى الهواء.لا تتوقف البشاعات في ظل وجود شبكة الإنترنت. آخر ما وُثق مجزرة لا تخطر على بال الشيطان؛ إذ تُلقى فتاة مغتصبة شبه عارية في مرمى القناص على المتحلق الجنوبي، ويستشهد أربعة شباب وهم يحاولون إنقاذها، وتستشهد معهم! وثّق الشباب أسمى لحظات الضحايا، لكن لم يوثقوا ردة فعل الجلاد الذي لا يستبعد أن يكون قد صور المشهد وسط فرح ونشوة.لا مجال للمقارنة بين المتحلق الجنوبي وميدان "تقسيم"، ولا مجال للمقارنة بين رجب طيب أردوغان وبشار الأسد، وهما اللذان وصلا للحكم في فترة متقاربة. ما يجري في سورية انحطاط في السوية البشرية إلى درك لم تعرفه الإنسانية. مرفوض أن يتحول الصراع إلى صفوي-عثماني؛ فتلك أمة قد خلت. ولا يُقبل الانجرار إلى الخندق الطائفي، فلو كان بشار سنيا وأردوغان علويا لكنا مع أردوغان. ما شهدته تركيا سجال سياسي على هوية البلاد وبرنامجها الاقتصادي، يدخل فيه العامل الخارجي والصراع المذهبي. وأردوغان له أخطاء من حق المعارضة التركية أن تحاسبه عليها، ومن حق إسرائيل أن تشن عليه حملة كما يشن عليها. لكن أن يروج لمجرم بقبح النظام السوري استنادا إلى السجال السياسي في تركيا، فهذه جريمة يجب فضحها.لا يمكن المقارنة بين من حقق مصالحة تاريخية مع الأتراك لوقف نزيف الدم، رغم المعارضة القومية له، وبين من ارتكب مجازر لم يعرفها تاريخ البشر. لا يمكن المقارنة بين من تسلم بلاده وهي مدينة لصندوق النقد الدولي بمبلغ 25 مليار دولار، لكنه خلال عقد يسدد الدين ويحول تركيا إلى دولة دائنة، وبين من ترك بلاده خرائب. لا يمكن مقارنة بين من رفض أن تكون بلاده، وهي عضو في "الناتو"، ممرا لضرب العراق، بمن شارك في حرب تدمير العراق العام 1990. لا يمكن المقارنة بين سياسي تختلف وتتفق معه مثل أردوغان، بمجرم حرب مثل بشار لا يمكن أن تلتقي معه إلا في محكمة الجنايات الدولية.
الخليج العربي و «حزب الله»
الكاتب :عبدالله إسكندر عن الحياة اللندنية
مرة جديدة أخطأ «حزب الله» علناً بحسابه الموقف الخليجي منه على العلاقة بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة. ليس الخطأ في قراءة علاقة خاصة بين دول المجلس وأميركا، وهي علاقة قديمة تتناول السياسة والمصالح الحيوية، وإنما الخطأ -الذي ربما يكون مقصوداً- يكمن في جذر المشكلة بين حزب يعلن تمثيله للشيعة وارتباطه العضوي بإيران وعلاقته الاستراتيجية بالنظام السوري، وبين هذه الدول ذات الغالبية السنية والمشتبكة مع ايران والمناهضة للنظام السوري.
ويكون «حزب الله»، بإغفاله هذا الجانب الأساسي من صورته الحالية لدى الرأي العام العربي عموماً والخليجي خصوصاً، يعرّض العلاقة السنية-الشيعية المتزايدة التدهور إلى نقطة اللارجوع. علماً أن النوازع التكفيرية المتبادلة لا تحتاج إلى أكثر من الشحن المذهبي الحالي لتنفجر الانفجار الكبير.
لا حاجة للعودة إلى تاريخ تأسيس الحزب ومرجعيته الفقهية وآرائه في السياسة والحكم من أجل تحديد مسؤوليته في الموقف الخليجي منه. يعلن الحزب بكل السبل الممكنة، أنه حزب شيعي بكل ما في اللاوعي الشيعي، وصورته لدى الآخرين، من علاقة سلبية مع المؤسسة السنّية على مدى التاريخ. وعملت الثورة الخمينية على إخراج الشيعة من اوطانهم ودولهم. وشكل «حزب الله» النموذج «الناجح» لهذا الخروج، لأسباب ترتبط بالبقعة الجغرافية التي نشأ فيها والدور السوري في حمايته، في حين ظهرت نماذج أخرى «فاشلة» في الخليج. ولا يتردد مسؤولون خليجيون من ربط هذه النماذج الفاشلة مع شبكات إيرانية. ما ألصق بالشيعي صورة الخارج على وطنه ودولته والمرتبط بدولة غير عربية تسعى من أجل مصالحها إلى ضرب استقرار الخليج.
كان يُفترض بـ «حزب الله» أن يعمل على تغيير هذه الصورة التي تقوّض العلاقة المواطنية، مهما كانت النيات. خصوصاً انه لم يتوقف عن ترداد أنه يتجاوز الانقسامات المذهبية، وأنه يسعى إلى الحوار بين المذاهب. لكن الأهم من هذه كون الحزب نشأ في بيئة لبنانية متعددة دينياً ومذهبياً، بما كان يفترض أن يخلق لديه حساسية خاصة إزاء صورته لدى الآخرين.
لقد بدا أن الحزب، خصوصاً منذ 2005، لم يعد مهتماً بصورته كجماعة تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لأرض لبنانية. وإنما اهتم بتعزيز صورته كجماعة شيعية مرتبطة بإيران، خصوصاً عندما أراد أن يرد على منتقدي تبعيته السياسية. لا أحد يعترض على اختيار مرجعية دينية ما، ما دام الأمر يبقى ضمن حدود الولاء للوطن ودولته، لكن المشكلة هي في أن تتحول المرجعية ولاء سياسياً لخارج الدولة والوطن. وفي هذا الصدد يمكن التذكير بتجربة الإمام اللبناني الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين في بلدان الخليج العربي، حيث كانت نصيحته لأبناء طائفته الشيعية التمسك بالولاء لوطنهم، وقام بأكثر من وساطة لدرء مخاطر «استيراد» الثورة الإيرانية.
على النقيض من ذلك، يلعب «حزب الله» دور المحرض للمواطنين الشيعة في بلدان الخليج على الخروج على الوطن والدولة، إضافة إلى الاشتباه بكونه يقوم بتدريب عسكري لعناصر منهم. وجاءت مشاركته في الحرب السورية والدوافع التي يقدمها لتبرير هذه المشاركة، لتعطيه صورة الميليشيا الطائفية العابرة للأوطان بامتياز... وفي هذا المعنى، قد تنسحب إجراءات ضد مصالح الحزب هدد بها مجلس التعاون على الشيعة في دول الخليج، والأخطر من ذلك، ما قيل عن أن الحزب «كشف حقيقته»، بما يؤكد الصورة التي أراد أن يعطيها لنفسه وللشيعة في هذه المرحلة الملتهبة في المنطقة.
أمن مصر المائي... فشل الحكم والمعارضة
الكاتب : محمد شومان عن الحياة اللندنية
قبل الثورة المصرية بشهور بدأ نظام حسني مبارك في حصد نتاج الغياب عن أفريقيا وتهميش دور مصر في حوض النيل، ففي أيار (مايو) 2010، وقعت دول النيل في مدينة عنتيبي الأوغندية على معاهدة جديدة لاقتسام موارد نهر النيل، قصد منها إعادة النظر بشكل غير مباشر في حصتي دول مصب النيل، مصر والسودان.
يومها وصفت مصر اتفاقية «عنتيبي» بـ «المخالفة للقانون الدولي وللقواعد المعمول بها من جانب الجهات الدولية المانحة»، وأكدت أنها ستخاطب الأطراف المانحة الأخرى للتنبيه على عدم قانونية تمويل أي مشاريع مائية، سواء على مجرى النيل أو منابعه، تؤثر سلباً في الأمن المائي لدولتي المصب. لكن الثورة المصرية فاجأت الجميع، وأدخلت مصر الدولة والمجتمع في حال من الثورة والفوضى، والانقسام الثقافي والسياسي، إذ فشلت المرحلة الانتقالية للعسكر، كما فشل الرئيس المنتخب في الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية وإقامة مؤسسات تدعم فاعلية الدولة وتمكنها من القيام بوظائفها في الداخل والخارج. في هذا السياق تسارعت الخطوات الإثيوبية لبناء سد النهضة، قبل أن تستعيد مصر عافيتها وتمتلك رؤية وأدوات فاعلة سياسياً وأمنياً في أفريقيا، في الوقت نفسه جرى تسويق السد سياسياً ودعائياً لتحقيق تكامل سياسي داخلي في بلد متعدد القوميات، من هنا طرح المشروع كتحد وطني ووسيلة ضرورية لتحديث وتنمية إثيوبيا.
والحقيقة أن إنشاء سد النهضة على النيل الأزرق يثير قضايا جيوسياسية أكثر منها مائية أو اقتصادية أو جيولوجية، فإثيوبيا ليست في حاجة فعلية لإنشاء أربعة سدود، من بينها سد النهضة الذي كانت سعته التخزينية 14.5 بليون متر مكعب ارتفعت إلى 74 بليون متر مكعب، كما أن الطاقة الكهربائية الناتجة من السد تزيد على حاجة إثيوبيا، والأهم أنه لا تتوافر موارد لتمويل السد، حيث تقدر كلفة سد النهضة بنحو 4.8 بليون دولار ترتفع إلى 7 بلايين، ومع ذلك وبفرض استكمال إنشاء السد فإنه سينقل السعة التخزينية لبحيرة ناصر في أسوان إلى إثيوبيا، ما يؤدي عملياً وبحسب خبراء مياه إلى تحكم إثيوبيا في حصة مصر من مياه النيل والتي تقدر بـ55.5 بليون متر مكعب، إضافة إلى توقف مولدات كهرباء السد العالي عن العمل وعدم قدرة مصر على زراعة مليوني فدان (حوالى خمس الرقعة الزراعية) من أجود الأراضي الزراعية. ولا شك أن هذا الوضع يهدد أمن مصر القومي كما يهدد بإغراق مناطق واسعة في السودان في حال انهيار السد، نظراً لوجود مخاطر جيولوجية خاصة بطبيعة الأرض التي سيقام عليها السد وعدم استكمال دراسات الجدوى، ما قد يعرضه للانهيار.
مخاطر سد النهضة أكبر من فوائده على مصر والسودان، لكن مصر المنقسمة على نفسها، مصر الحكم والمعارضة، ليس لديها رؤية جديدة لسياستها الأفريقية، أو قدرة على التحرك والفعل المؤثر كي تستعيد دورها ومكانتها التي بناها عبدالناصر في الخمسينات والستينات، من خلال تقديم أنواع الدعم كافة لحركات التحرر الوطني ومقاومة التمييز العنصري والسعي إلى توحيد القارة وتنميتها، والمفارقة التاريخية أن مصر في عهدي السادات ومبارك انقلبت على هذا الدور، وتبدد عبر سنوات الرصيد المادي والمعنوي لمصر بين الدول الأفريقية، وللأسف لم يلتفت الحكم بعد الثورة إلى هذا الملف الخطير أو إلى مخاطر سد النهضة الإثيوبي، أو انضمام جنوب السودان إلى اتفاقية عنتيبي، ولم تبذل محاولات جادة من الحكم أو المعارضة خلال العام الماضي لتجاوز حدة الاستقطاب والصراع السياسي والالتفاف حول المصالح العليا لمصر، والبدء في عمل مشترك يجمع كل أطراف الصراع السياسي لمواجهة أول أزمة تهدد مصالح مصر القومية في الخارج، واعتقد أن الحكم يتحمل القدر الأكبر من المسؤولية عن هذا التقصير، فقد ورث تركة ثقيلة من مشكلات الداخل والخارج ومع ذلك سعى إلى الانفراد والهيمنة وإبعاد القوى المدنية من المشاركة، وذلك على رغم وعوده الانتخابية، وعلى رغم أن خبرة دول التحول الديموقراطي في العالم تؤكد أهمية العمل الجبهوي المشترك لتحقيق النجاح. من جانب آخر فإن ضعف كفاءة الحكم الجديد وانشغالاته بأولويات أخرى لها علاقة بأوهام أيديولوجية حول «التمكين» و «الأسلمة» أبعدته عن التصرف السريع، فجاءت تحركاته بطيئة وغير فاعلة، حيث أعلنت أديس أبابا تحويل مجرى النيل الأزرق بعد يومين من زيارة الرئيس مرسي إثيوبيا، وبعد أن استمع إلى وعود شفوية، غير مكتوبة أو ملزمة بشأن مراعاة مصالح مصر وعدم المساس بحصتها من مياه النيل.
تهديد الأمن المائي لمصر ضاعف من مشاعر الخوف والغضب لدى المصريين تجاه المستقبل وتجاه كفاءة الحكم، ونجحت المعارضة في استغلال التصعيد الإثيوبي وارتباك وضعف أداء الحكومة في تحويل الأزمة إلى قضية رأي عام، أي أن أزمة المياه أصبحت واحدة من قضايا الصراع والاستقطاب بين الحكم والمعارضة، وهو مؤشر سلبي للغاية، فالرئيس دعا الأحد الماضي أحزاباً وشخصيات إسلاموية إلى اجتماع لبحث أزمة سد النهضة وأحكام المحكمة الدستورية والوضع في سيناء وسورية! ثم دعا الاثنين الماضي أحزاب المعارضة والأحزاب الإسلاموية وممثلين عن الأزهر والكنيسة لبحث الأزمة، وهو ما اعتبر تمييزاً في تعامل الرئاسة بين القوى الإسلاموية – حلفائه في الحكم - والقوى المدنية والمعارضة.
لذلك امتنعت معظم قيادات «جبهة الإنقاذ» عن المشاركة في الاجتماع، والذي تحول إلى استعراض تلفزيوني جرى بث وقائعه مباشرة، من دون إعلام المشاركين، ولم يسفر الاجتماع عن أي قرار! على رغم كثرة المطالبات بتشكيل فريق أزمة من متخصصين لدراسة الأزمة وسبل التصعيد السياسي والقانوني، وعلى رغم توافر خبراء وفنيين على أعلى مستوى في مدرسة الري والمياه المصرية، وهنا لا ينبغي بأي حال التفتيش عن الهوية السياسية لهؤلاء الخبراء أو استبعاد بعضهم لأنه كان من الفلول، فالمعرفة والخبرة هنا لا بد أن تتقدم على الماضي السياسي أو التوجهات الأيديولوجية لأننا بصدد قضية أمن قومي، وكان أمام الرئيس مرسي - وما زال- فرصة لجمع الشمل وتحقيق اصطفاف وطني حقيقي لمواجهة أزمة المياه والتي تعاني مصر بوادرها، إذ يقدر العجز المائي بسبعة بلايين متر مكعب سنوياً مرشحة للزيادة عام 2050 عندما يصل السكان إلى نحو 140 مليون.
القصد أن اجتماع الرئيس مع بعض الأحزاب جاء مخيباً للآمال وعكس ارتباكاً وعدم قدرة على إدارة الأزمة، كما كشف أمرين، الأول: سطحية وتهافت بعض الأفكار والمقترحات التي طرحت في الاجتماع، ما يكشف عن نقص خبرة النخبة السياسية الجديدة الملتفة حول الرئيس، وعدم تقديرها خطورة الأزمة وعلاقتها بالأمن القومي المصري.
الثاني: عدم جدية الرئاسة في السعي إلى بناء اصطفاف وطني حقيقي حول قضايا الأمن القومي في سيناء أو الأمن القومي المائي، فقد سبق للرئاسة الاجتماع مرات عدة مع ممثلي الأحزاب والأزهر والكنيسة لمواجهة أزمات – آخرها اختطاف الجنود في سيناء ثم أزمة المياه - من دون الإعلان عن استمرار هذه الآلية، ما عمق أزمة الثقة بين الرئاسة والمعارضة، ودفع للقول بأن الرئاسة تغلب المظهر الاحتفالي واللغة الخطابية على الصالح العام.
مسلسل تراجع دور ومكانة مصر متواصل، والانقسام الثقافي والصراعات السياسية والقانونية تشغل الحكم والمعارضة، وتصيبهم جميعاً بالعمى عن رؤية المصالح العليا للوطن، أو استشراف المستقبل القريب للنظام السياسي الذي دخل في متاهات ناتجة من أحكام المحكمة الدستورية العليا حول شرعية مجلس الشورى وتأسيسية الدستور وانتخابات مجلس الشعب. وبالتعارض مع هذا النهج الدستوري المرتبك، يتصاعد تحرك شباب الثورة «تمرد» لسحب الثقة من الرئيس والدعوة لانتخابات رئاسية جديدة. وفي كل الأحوال يمكن رصد ثلاث ظواهر، الأولى: انصراف الجماهير عن النخب السياسية في الحكم والمعارضة، وتمردها على أشكال السلطة كافة، والتورط في سلوكيات فوضوية. الثانية: مسؤولية تلك النخب عن الفشل في تحول الثورة إلى فوضى، وبالتالي إضعاف الدولة المصرية وقوتها الناعمة وقدرتها على التأثير الخارجي، عربياً وأفريقياً ودولياً. الثالثة: زيادة مؤشرات الحنين إلى عصر مبارك والرغبة في عودة الجيش إلى الحكم.