-
1 مرفق
اقلام واراء اسرائيلي 373
اقلام واراء اسرائيلي 373
22/6/2013
في هــــــذا الملف
- بينيت يرى ان الدولة الفلسطينية تؤدي الى حرب اخرى
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
بقلم:آفنر عنبار/‘ مؤسس ومدير عام ‘موليد ـ مركز التجدد الديمقراطي’،عن هآرتس
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
- ‘الجزيرة’ ادخلت الشرق الاوسط في عاصفة معلومات من نوع جديد
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس
بقلم:د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
بينيت يرى ان الدولة الفلسطينية تؤدي الى حرب اخرى
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
‘أُعطي هذه الحكومة شيكا مفتوحا’، يقول الوزير نفتالي بينيت لرفاقه. ويقصد بينيت الائتمان السياسي. فهو لن ينسحب من الحكومة، بل ولن يهدد بتركها، حتى لو بدأت مفاوضات مع الفلسطينيين، الامر الذي يبدو في هذه اللحظة كخيال مغرق آخر، كالدولة الفلسطينية نفسها. اذا ما بدأ، لا سمح الله، حوار كهذا، فان بينيت سيطلب الا يعطى الفلسطينيون اي سلفة، وأن تدار المحادثات ايضا على كل المواضيع بالتوازي (الامر الذي سيجعل التقدم صعبا بالطبع). واذا لم يكن كل هذا بكاف، فان المرحلة الرابعة من خطة بينيت السياسية ستكون طرح الاتفاق على الجمهور لاقراره. ولهذا لغرض فانه يعمل على قانون اساس يتعلق بالاستفتاء الشعبي.
في بداية الاسبوع أثار بينيت عاصفة كبرى حين قال انه يجب العيش مع المشكلة الفلسطينية، إذ وصلنا الى طريق مسدود، مثل رفيقه من جولاني الذي يعيش مع الشظية في المؤخرة. وبعث بينيت بالرفاق من ‘يشع′ للبناء على الارض بأكبر قدر ممكن، بالضبط مثلما بعث شارون بالمستوطنين للاستيطان على كل تلة. واذا ما وسعنا التشبيه التمثيلي لبينيت، فيمكن القول ايضا ان الدولة الفلسطينية هي غرس لم يستوعب في جسد اليمين، ولهذا السبب فقد تأجلت الفكرة المرة تلو الاخرى، حتى ان ألقى رئيس الوزراء الف خطاب آخر في بار ايلان وأعلن عن حل الدولتين.
يدعي بينيت بانه محظور السعي الى الكمال، ولا سيما ليس في المواضيع السياسية المعقدة وبالتأكيد ليس في الشرق الاوسط. من يسعى الى ذلك يجلب مصيبة. الارهاب في منتصف التسعينيات اندلع بعد أن جرت محاولة لتحقيق حل كامل للمشكلة من خلال اتفاقات اوسلو. وجاءت الانتفاضة الثانية في أعقاب ركض باراك نحو تحقيق اتفاق شامل في كامب ديفيد. ومن هنا أيضا ولدت الاستعارة المشوقة عن الشظية في المؤخرة. ‘ليس كل شيء ممكن حله’، يقول بينيت لرجاله. ‘احيانا توجد نزاعات يجب أن تديرها، إذ لا يوجد خيار آخر’.
يشكو بينيت من أن أخطاء السياسيين الذين أرادوا احلال السلام الموهوم أثقلوا على نمط حياته وكادوا يكلفونه حياته. ففي ايام الانتفاضة الاولى كان يعيش في نيويورك وسافر الى البلاد لقضاء شهر في الخدمة الاحتياط في رام الله. في ايام ‘السور الواقي’ كان يعيش في فلوريدا وجاء ليقاتل في طولكرم. ‘اريد أن امنع هذه الحروب’، يقول محب السلام من البيت اليهودي. ‘اريد أن أمنع الدولة الفلسطينية لان معنى هذه الدولة هو حرب أخرى’.
لا يوجد حب كبير
كيف تمنع الدولة الفلسطينية؟ الحل السياسي لبينيت يبدو هاذيا وليس معقولا حتى في نظر رفاقه، ولكنه متأكد من أن العالم سيفهمه في نهاية المطاف. حسب بينيت، تفرض اسرائيل سيادتها فورا على المناطق ج، التي تشكل قرابة 60 في المئة من اراضي الضفة. وتضم اسرائيل 50 الف فلسطينيا في هذه المنطقة وتمنحهم جنسية اسرائيلية. وللمناطق أ و ب، حيث يسكن بين 1.5 و 2 مليون فلسطيني، يقترح بينيت منح حكم ذاتي، من النوع الذي اقترحه مناحيم بيغن في مؤتمر كامب ديفيد قبل 35 سنة. وعلى هذا الحكم الذاتي يفرض بينيت قيدين أساسين: لا يكون له جيش، ولا يسمح له باستقبال اللاجئين الفلسطينيين فيه.
وبينيت على قناعة من ان الاقتصاد سيحسم في النهاية المستقبل المشترك. فعلى مدى سنتين كان مدير عام مجلس ‘يشع′ وكان يعرف جيدا، على حد قوله، الميدان. فقد لاحظ بينيت رغبة شديدة في العيش معا، العرب الى جانب المستوطنين. وهو يراهم يعملون في مناطق صناعية مشتركة، يتحركون على ذات الطرق، يشترون من ذات المحلات، ولا سيما لدى رامي ليفي في قطاع بنيامين. وقد شخص أيضا تعبا شديدا. ‘لا يوجد حب كبير ولكن لا توجد ايضا رغبة في الصدام’، يقول محللا الحال.
‘ولكن حتى قائد المنطقة الوسطى نيتسان الون، الذي هو ايضا خريج وحدة ‘سييرت متكال’ يحذر هو الاخر من الجمود الذي يؤدي الى تصعيد للعنف’، يقولون لبينيت.
‘على رجال الجيش ان يمتنعوا عن الاعراب عن آراء سياسية’، يجمل بينيت النقطة.
في هذه الاثناء يجلس بينيت في الحكومة ولديه اسبابه لان يكون راضيا. فالاغلبية المطلقة من اعضاء الائتلاف يفكرون مثله، حتى ان قالوا امورا معاكسة. هذه هي عهود اللوبي من أجل بلاد اسرائيل، تصريحات ليبرمان دنون حوتوبيلي واللا مبالاة السياسية ليئير لبيد. موجة تجتاح البلاد من اليمين، وبينيت يريد أن يقودها. وبالمناسبة، في الاحاديث الخاصة يثني بينيت على تسيبي ليفني، رئيسة فريق المفاوضات السياسية في الحكومة. وهو يقول ان ‘ليفني تتصرف بشكل مسؤول رغم مواقفها. تكتيكها وآلياتها صحيحة’.
يتحدث بينيت اليوم عن ولاية طويلة لهذه الحكومة، رغم المصاعب. لعله يفهم بان ليفني لا يمكنها وحدها أن تدفع مسيرة سياسية تهز الائتلاف. وبينيت لا بد يعرف مع ذلك بان ثمة من كان يمكنها أن تحل الحكومة والتنافس في الانتخابات فقط كي لا يكون هو في داخلها. وهذه اسمها سارة نتنياهو. في هذه اللحظة، يدها هي السفلى. خلافا للشائعات، فهي لا تفعل بالحكومة ما تشاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسطورة المستوطنات
بقلم:آفنر عنبار/‘ مؤسس ومدير عام ‘موليد ـ مركز التجدد الديمقراطي’،عن هآرتس
كل يوم تطول قائمة الاشخاص الذين يؤبنون حل الدولتين، بعضهم من مؤيدي تقسيم البلاد ممن يئسوا، وبعضهم معارضون قدامى يجدون صعوبة في اخفاء رضاهم. وتشق الجنازة طريقها رويدا رويدا من الهوامش السياسية الى نقطة البث القصوى: فمؤخرا بُث في القناة الثانية تقرير في مسألة احتمالية صيغة ‘الدولتين للشعبين’ على خلفية التغييرات الدراماتيكية على الارض وعلى رأسها مشروع المستوطنات.
ومع ان الاجماع الدولي حول حل الدولتين لم ينكسر بعد، الا انه في ضوء فشل المسيرة السلمية تصبح مسألة هذا الحل اطارا للنقاش في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. ومؤخرا فقط حدد وزير الخارجية الامريكي جون كيري الحدود الزمنية التي ستغلق بعدها نافذة الفرص لحل الدولتين، سنتين في أقصى الاحوال. بعد ذلك، قال، ‘هذا انتهى’.
رغم اليأس من حل التقسيم الذي يتصاعد مؤخرا، فان الفكرة التي تقبع في أساس معارضته ليست جديدة. ففي التقرير في القناة 2 يلعب دور النجم ميرون بنفنستي، الذي يُحذر منذ ثلاثين سنة من ‘عدم قابلية الاحتلال للتراجع′. وفي السنوات الاخيرة أصبحت عقيدة بنفنستي نقطة لقاء مفاجئة بين اليسار المتطرف واليمين المسيحاني. فهؤلاء واولئك على حد سواء يعارضون تقسيم البلاد لاعتبارات ايديولوجية: النفور من الدول القومية من جهة، والايمان بملكية الشعب اليهودي على المناطق المحتلة من جهة اخرى. ولكن الطرفين يفضلان تغليف بضاعتهم بأغلفة من الحجج البراغماتية عن الجغرافيا، الديمغرافيا والاقتصاد. داني ديان، رئيس مجلس ‘يشع′ للمستوطنين السابق، كتب في السنة الماضية في صحيفة ‘نيويورك تايمز′ يقول، ان المستوطنات هي ‘حقيقة لا يمكن التراجع عنها’، ورئيس الكنيست السابق روبين ريفلين قضى مؤخرا بأن ‘فكرة الانفصال بين الشعبين فشلت’. وأعلن موشيه آرنس في التقرير التلفزيوني ‘انتصرنا’، في الوقت الذي بدا خصمه يوسي سريد أقرب من أي وقت مضى من الاعتراف بالهزيمة.
يحرص بنفنستي على ان يضفي على اقواله نزعة مجازية غير ان قناعته العميقة في ان ما يجري لا يمكن العودة عنه يجب ان تُفهم على خلفية مذهبه الفكري، كما عبر عنه في المقابلة مع آري شبيط في ‘هآرتس′، إذ قال: ‘بلاد اسرائيل هي كاملة. وحدة جغرافية سياسية واحدة. ولهذا فان تقسيمها غير ممكن’. ولا غرو اذا من ان تصريحات بنفنستي في التقرير التلفزيوني، ‘هذا ببساطة لا ينجح، هذا غير موجود، هذا لن يفلح، لا يوجد، إنسَ هذا’، تُذكر بنبرتها فتوى الحاخام مردخاي الياهو عشية فك الارتباط بأن ‘فليكن ما يكون’. وبالتالي فقد كان فك الارتباط، والدولة الفلسطينية ستكون هي ايضا على ما يبدو، ومن الأفضل للبعد الصوفي ان ينظر نظرة جلية الى الحقائق.
منذ بداية طريقها استخدمت حركة الاستيطان استراتيجيتين: الاولى، استيطان القلوب، حيث سعت الى كسب العطف كي تضمن التأييد الجماهيري الواسع. الثانية، تثبيت حقائق على الارض، وقد استندت الى الفرضية بأن كل مستوطن آخر يُثبت السيطرة في المناطق. وها هي الاستراتيجيتان فشلتا. رغم المساعي الجبارة، فان قلوب الاسرائيليين بقيت غير مبالية من المستوطنات. وصحوة المستوطنين من حلم استيطان القلوب وقعت على ما يبدو في أعقاب فك الارتباط، حين لم تجتز معارضته حدود معسكر اليمين المتزمت.
وبينما بقيت انجازات المستوطنين في الرأي العام طفيفة، من الصعب ان ننفي نجاحهم في تثبيت حقائق على الارض. ففي السنوات الاخيرة أضعف توسعهم الهائل الى كل تلة في الضفة تقريبا أيدي الكثير من معارضي حل الدولتين، ولكن، مثلما قضى مؤخرا الجغرافي الحائز جائزة اسرائيل اليشع أفرات، فان تزايد المستوطنات بالذات وانتشارها العرضي يشككان باحتمالية المشروع بأسره. فقد كتب أفرات يقول، ان ‘منظومة المستوطنات التي أُقيمت باستثمارات طائلة متهالكة بالفعل من ناحية جغرافية، لا تستوي مع المنطق التخطيطي العرضي، وعليه فانها عديمة الاحتمال في الوجود المستقل المتواصل’.
وفضلا عن ذلك، وبينما تحتل اراضي حكم المجالس الاقليمية في المناطق نحو 40 في المئة من الضفة، فان المساحة المبنية للمستوطنات تشكل 1 في المئة فقط. في 1982، في الوقت الذي عاش فيه في الضفة نحو 800 ألف فلسطيني، قدّر بنفنستي أن عدد المستوطنين سيلحق بالتدريج عدد السكان الفلسطينيين من حيث الحجم، لأن الأخيرين سيضطرون الى الهجرة. أما اليوم فيعيش في الضفة نحو 2 مليون فلسطيني ومعدل الزيادة الطبيعية لديهم تبقى أعلى منها لدى المستوطنين. في المستوطنات لم تتطور صناعة محلية، تجارة أو زراعة ذات مغزى وأكثر من ثلثي المستوطنين يعملون داخل الخط الاخضر.
إن المنظومة المتهالكة من المستوطنات تواصل العيش حصريا بفضل آلة التنفس التي تواصل ضخ الميزانيات الطائلة اليهم، والممزوجة بالامتيازات الاقتصادية، الاستثمارات الهائلة في البنى التحتية وخدمات الحراسة. المستوطنات هي مشروع عديم الجدوى الاقتصادية لا يمكنه ان يعيش حتى ولا يوما واحدا من دون أنبوب التنفس الاصطناعي الذي يورد له برعاية الجمهور الاسرائيلي. حكومة تقرر قطع هذا الانبوب ستضع حدا للمستوطنات، من دون ان تبعث جنديا واحدا لاخلائها.
إن اسطورة اخلاء المستوطنات بالقوة، التي عُظمت عن قصد في فك الارتباط، هي احدى العقبات الكأداء في الطريق الى حل الدولتين. المستوطنات لا حاجة الى اخلائها؛ المستوطنات يجب وقفها. ليس لها وجود من دون دعم اقتصادي وأمني متواصل من وعلى حساب الجمهور الاسرائيلي، وعليه، اذا كانت نبوءات الغضب لبنفنستي ستتحقق، فان هذا لن يكون لأن تقسيم البلاد ليس ممكنا، بل لأن الجمهور الاسرائيلي يريده بمعنى، ان اغلبية الجمهور قررت التخلي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
توزيع غنائم في الحاخامية
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
تنشغل الساحة السياسية في الاسابيع الاخيرة في المنافسة على منصب الحاخام الرئيس الاشكنازي، التي في مركزها ترشيح الحاخام دافيد ستاف، رئيس منظمة حاخامي تساهر. ومؤيدو ستاف يعرضونه كاصلاحي، سيخلص الحاخامية الرسمية من قيود الحاخامين الاصوليين، سيمنحها طابعا صهيونيا وسيحسن الخدمة للجمهور.
ولشدة الاسف فان التوقعات بتغيير دراماتيكي في الحاخامية منقطعة عن الواقع. فالحاخام ستاف، مثل خصومه الحاخامين دافيد لاو واسحق دافيد غروسمان، هو رجل دين ارثوذكسي يطيع الفقه الذي تقرر قبل مئات السنين. احد منهم لا يمكنه ولا يريد أن يغيره. كما لا توجد اي قيمة للتنور المزعوم الذي يستهدف ‘فتح أبواب الحاخامية امام الجمهور’. فالحاخام الرئيس الحالي، يونا متسغار وسلفه اسرائيل مئير لاو، عرفا كيف يتصرفان جيدا حيال الجمهور العلماني، ولكن تأثيرهما الفقهي كان صفرا.
فولايتاهما لم تغيرا شيئا بالنسبة لالاف الازواج الاسرائيليين، الذين ثاروا على الاكراه الديني واختاروا تأطير علاقاتهم الزوجية بدون الحاخامية. ولا للطائفة الاصولية، التابعة لفتاوى حاخاميها الذين خارج المنظومة الرسمية. الحاخام الرئيس القادم لن يغير هذا الواقع.
الحاخامية الرئيسة وفروعها في السلطات المحلية تشكل اساسا أداة لتوزيع النفوذ السياسي، التعيينات، الميزانيات، السيارات الخاصة وباقي التشريفات. وهذا هو السبب الذي يجعل الاحزاب الدينية شاس والبيت اليهودي تتصارع على السيطرة عليها. مفهوم أقل لماذا اختارت احزاب معظم ناخبيها علمانيون، يوجد مستقل، العمل والحركة التدخل في المنافسة على الحاخامية الرئيسة، وعدم خدمة الجمهور الذي يمثلونه.
بدلا من تأييد الحاخام ستاف، والتخليد من خلاله للحاخامية كأداة رسمية لاكراه الفقه الارثوذكسي على جمهور غفير لا يريدها، على يئير لبيد، شيلي يحيموفيتش وتسيبي ليفني ان يقترحوا اصلاحا حقيقيا: فصل الدين عن الدولة، انتهاج زواج مدني للجميع ومنح مكانة متساوية للحاخامين الاصلاحيين والمحافظين، الذين يقترحون بديلا ليبراليا لمن يريد أن يحافظ على صلته بالتقاليد اليهودية من دون أن يطيع البلاط الرسمي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘الجزيرة’ ادخلت الشرق الاوسط في عاصفة معلومات من نوع جديد
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس
الشائعات عن التغيير المرتقب في قيادة الحكم في قطر تدور منذ أسابيع طويلة. بداية انتشرت في مواقع المدونين، وبعد ذلك على الفيسبوك، وأخيرا أيضا وصلت الى وسائل الاعلام العربية المؤطرة والغربية ايضا. حاكم قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، كما قالت التقارير، سينقل عصا الامارة الى ابنه الثاني، تميم، ابن الـ33 سنة، وهو سيعتزل تماما تقريبا ادارة الامارة مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية، حمد بن جاسم. في بعض التقارير جاء ان موعد التبديل تقرر لشهر ايلول/سبتمبر. تقارير اخرى تتحدث عن نهاية العام 2016، وفقط بعد أن يحرص الحاكم على أن يجلس الامير تميم على كرسيه تماما.
وسواء تم التغيير هذه السنة أم بعد ثلاث سنوات، فان المفاجأة كبرى، لم يسبق أن حصل ان أعلن حاكم عربي، فما بالك رئيس سلالة حاكمة، مسبقا عن نيته الاستقالة أو اعتزال منصبه. ومثل كل الامارات في الخليج، تبقى أسرار العائلة محفوظة جيدا وهنا حتى شبكة الجزيرة لا يمكنها أن تنبش فتنشر اسباب الاعتزال، لان الشبكة هي نفسها من ابداع الحاكم ومن تمويله.
في ظل عدم وجود معلومات مؤكدة، تدور رحى صناعة التفسيرات في ارجاء الشبكة. السبب ‘الرسمي’ هو ان الحاكم ابن 61 سنة يعاني من عدة أمراض ومن ضغط دم عالٍ، وقبل سنة أبلغ عقيلته الشيخة موزة (احدى نسائه الثلاث)، بانه يعتزم الاعتزال. ومن هنا تبدأ في الانتشار التحليلات والتفسيرات الاقل رسمية. احد التحليلات يعتقد ان الشيخ حمد قرر استباق تعيينه ابنه تميم منعا لانقلاب ابيض لا تكون له فيه سيطرة على من يخلفه. تحليل آخر يقول ان زوجته عارضت بداية بحزم قراره، ولكنها بعد ذلك أصرت على أن يخلفه ابنهما منعا لان يخلفه احد ابناء الزوجة الاولى أو الثالثة.
على ذلك لم يكن خلاف لانه منذ زمن والشيخ حمد يرى في تميم خليفة مناسبا، بل وعينه ولي العهد. تميم، الذي مثل أبيه تعلم في الاكاديمية العسكرية الرسمية ‘ساندهيرست’ في بريطانيا، عين ايضا ليكون المسؤول عن حقيبة الامن الغذائي في الامارة. في منصبه هذا هو مسؤول ليس فقط عن ميزانيات التنمية الهائلة، بل وايضا عن التخطيط الاقتصادي في الدولة، التي تحتفظ باحتياطي الغاز الثالث في حجمه في العالم، ودخل الفرد فيها هو الاعلى في العالم نحو مئة الف دولار في السنة.
كما عين تميم لادارة دور قطر في الثورة في ليبيا، حيث استثمرت الدولة مبالغ طائلة في مساعدة الثوار. ويبدو انه يشارك ايضا حتى الرقبة في سياسة المساعدة للثوار في سورية، حيث استثمرت قطر اكثر من 3 مليارات دولار.
ولكن بالذات في مجال السياسة الخارجية اصطدم مؤخرا حاكم الدولة بانتقاد داخلي، وبالاساس داخل الاسرة الكبرى، التي نواتها وحدها تعد 24 شخصا. بعضهم عارض ويعارض تدخل قطر في سورية، في تونس وفي مصر، بينما آخرون يؤيدون تطلع الامر لاملاء السياسة في الشرق الاوسط والتنافس مع مصر والسعودية.
لقد اصبحت قطر بالفعل في السنوات الاخيرة، وبقوة أكبر منذ الثورات في الدول العربية، الدولة الرائدة في الخطى التي تملي السياسة حتى على دول أكبر منها. هكذا مثلا نجحت في ترتيب العلاقات بين حماس والاردن وصدت، مع السعودية، التقارب بين مصر وايران. والشيخ حمد هو من الصقور المتصلبين في الصراع ضد بشار الاسد، وفي نفس الوقت لا يخشى من لقاءات علنية بين ممثليه الكبار، كرئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم وبين ممثلين اسرائيليين كبار.
الابن تميم، مثل أبيه، يعتبر مؤيدا متحمسا للاخوان المسلمين، الموقف الذي تطور الى خلاف بين الامارة والادارة الامريكية. ولكن في الوقت الذي توجد فيه في قطر القاعدة العسكرية الامريكية الاكبر في الشرق الاوسط، لا يمكن للولايات المتحدة حقا أن تملي على الحاكم ميوله السياسية. مصر هي الاخرى لا يمكنها بعد اليوم أن تسخر من الامارة الصغيرة ‘التي يمكن ادخال كل مواطنيها في فندق واحد جيد’، كما درج حسني مبارك على أن يقول عن قطر، بعد أن تلقت منه مساعدة منقذة للحياة بحجم نحو 8 مليارات دولار.
ان الاعتزال المخطط له لحاكم قطر يقلق رجال أعمال كثيرين، ينتظرون فحص ماذا ستكون عليه سياسة الاستثمار للدولة، الى أين ستذهب التبرعات الضخمة، اي مؤسسات في الغرب ستختفي أو تضطر الى التقلص، واي منها سيحظى بمزيد من الحياة.
فقطر تستثمر في كل شيء ـ من الفنادق عبر صناعة السينما الغربية، المسرح والادب، وحتى حقول النفط والتجمعات التجارية الكبرى. وقد أوضحت محافل في الامارة لوسائل الاعلام العربية ان سياسة الاستثمار والسياسية الخارجية لن تتغيرا، ولكن هذه المحافل نفسها لا تعرف على ما يبدو اذا كانت ستستمر في مراكز القوى بعد تغيير الحاكم.
قطر ستبقى تزودنا بالمفاجآت. فمثلما أبعد الحاكم الحالي أباه في انقلاب أبيض في العام 1995، الامر الذي كان مفاجأة كبرى، ومثلما أدخلت ‘الجزيرة’ التي تأسست في العام 1996 الشرق الاوسط في عاصفة معلومات من نوع جديد، هكذا ايضا تغيير الحكم هذا سيشكل نموذجا حديثا في السلوك السياسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الحراس الشخصيون الجدد
بقلم:د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
أفضت الفترة الاخيرة من الحرب الأهلية في دمشق الى واقع جديد، فقد وُجد في مقدمة القوات المقاتلة من اجل بقاء نظام الاسد جيش ليس سورية البتة. إن حزب الله، وهو منظمة لبنانية ترعاها ايران، هو الذي يدافع عن الحاكم ـ لا قوات محلية.
لم يعد العلويون هم القوة الأهم. إن الذي بدأ في سورية الحريق الديني بين المعسكرين هو عمل رمزي دراماتي برز في شذوذه في نطاق الفظاعات والقتل الذي لا نهاية له، الذي ينفذه النظام السوري العلوي وحلفاؤه الشيعة من ايران والعراق ولبنان. تدفق ناس حزب الله ومحاربو الحرس الثوري الايرانيون والمقاتلون الشيعة من العراق الى مدن سورية المدمرة ومواطنيها النازفين، ورفعوا في نزوة دينية هائجة منفلتة العلم الشيعي للامام الحسين على مآذن المساجد المدمرة القبب للسنيين، وهم يصرخون ‘الله أكبر’.
من هو ذلك الحسين على الرايات السوداء وأين هو التحرش؟ كان الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب ابن عم النبي محمد وصهره، الذي كان الخليفة الرابع للأمة المسلمة. إن موته وموت ابنيه نقطة انشقاق مأساوي لشيعة علي ‘المظلومين’ وأبنائه وهم الشيعة عن تيار الاسلام السني المركزي.
ومنذ تلك الواقعة القديمة التأسيسية أصبح الشيعة يرفضون صحابة محمد والأحاديث المنسوبة اليهم، وشرعية كل ما حدث في الاسلام بعد ذلك، بدعاوى ظلم علي وابنائه بعده. أما أهل السنة من جهتهم فينظرون الى التيار الشيعي على أنه تيار كُفر اسوأ حتى من الكفار العاديين. وهم يُكفرون الشيعة بل يرونهم اسوأ، فهم ‘مرتدون’، أي من اولئك الذين عرفوا حقيقة الاسلام وارتدوا عنها. فالحديث عن دينين مختلفين عدوين بعضهما لبعض، رغم محاولات التقارب وحقيقة أنهما يقومان على رسالة محمد. ومن هنا يبدأ كل شيء.
الخطة الايرانية
قبل رفع أعلام الشيعة على أنقاض المساجد السنية في سورية كانت المواجهة الدامية بين حاكم سورية العلوي (وهذا مذهب مشتق من الشيعة) وشعبه السني، التي قضى فيها النظام الى الآن على نحو من 100 ألف مواطن، كانت قد تحولت الى مواجهة طائفية. ورأى الايرانيون ان هذه المواجهة قد جاءت في وقت غير مخطط له شوش عليهم الجدول الزمني لخططهم الاستراتيجية. في اثناء التصعيد في المعارك اجتمع حول جيش سورية الحر ضباط سوريون انشقوا، ومواطنون علمانيون حملوا السلاح. وانضم الى هذه الكوادر مقاتلون مسلحون من حركة الاخوان المسلمين السوريين الذين رفعوا في الماضي راية التمرد في 1982 على حافظ الاسد وخسروا آنذاك نحوا من 30 ألفا من رجالهم في مجزرتي حمص وحماة.
وانضمت الى المتمردين في خلال القتال قوات اسلامية سنية متطرفة سلفية اخرى تحمل فكر القاعدة من كل أنحاء العالم العربي. وبدأت هذه المعارضة المسلحة تحقق انجازات تكتيكية في القتال، لكنها تورطت في جدالات وانشقاقات وعدم قدرة على التنسيق والتمثيل المشترك. وزاد الاسد المهدد في قوة المذابح التي نفذها جيشه على السكان مستعينا بالطائرات والمدافع لقصف المدن السنية.
ازاء نجاحات المتمردين وضعف الاسد المتزايد، نشأ تهديد حقيقي لجهود ايران وخططها للسيطرة على المنطقة المتصلة الشيعية الاستراتيجية بينها وبين العراق وسورية ولبنان، حيث الاسد حلقة شديدة الأهمية.
ويبدو ان هذا المحور الشمالي كان يفترض ان يكون أداة ضغط حاسمة من اجل مطامح ايران في الشرق الاوسط، وشرطا لتحقيق خططها للسيطرة، خصوصا على دول عربية في الخليج الفارسي مع استعداد لصد تركيا من الشمال. وعن شعور الايرانيين بضعفهم العسكري كما يبدو خططوا لردع القوات الامريكية في الخليج عن العمل الى جانب العرب، حينما يحين وقت القتال بواسطة القنبلة الذرية التي تُبنى الآن، وفي مقابل ذلك استعمل الايرانيون قواعد ارهابية في دول عربية لاحداث فوضى حكم في الداخل تفضي الى تعويقها، وعملوا بلا كلل على انشاء رأس جسر ايراني في جزر أبو موسى في الخليج للسيطرة على البحرين، استعدادا كما يبدو للغزو البري الايراني.
وتم تصريف لعبة البازل الاقليمية هذه بلا تشويش، فقد استطاع الايرانيون ان يوجهوا غضب الزعماء العرب والجماهير السنية الى كراهية اسرائيل بتعليلهم أن زيادة قوتهم والقنبلة التي يدأبون في بنائها ترميان الى تحرير فلسطين والقدس من اليهود، وهذا هو القاسم المشترك الوحيد بين الجموع كلها، وبذلك نوّم الايرانيون العرب وكادوا ينجحون في هذه الخدعة الى أن جاءت الازمة في سورية.
نجح الايرانيون الى الآن في تعويق الامريكيين الذين أضعفتهم حربهم في العراق وافغانستان. وزادت جرأتهم مقابل ضعف الامريكيين عن كوريا الشمالية الوقحة وتردداتهم ازاء تطوير القنبلة الذرية الايرانية. إن صمت الامريكيين عن المجزرة الجارية في سورية في هذه الايام، يُقوي كما يبدو تقديرات الايرانيين ان الحديث عن امبراطورية ورقية. وأفضى الزعيم الأعلى علي خامنئي تتمة لهذه السياسة المحكمة الى انتخاب روحاني ‘البراغماتي’ رئيسا لايران. إن من اعتقد ان انتخاب روحاني هو طريقة ايرانية مهذبة لاعطاء آيات الله سلما ‘للانكماش والنزول عن الشجرة’ مخطئ. إن الايرانيين لم يحتملوا طريق آلام تكاليف تطوير القنبلة الذرية وخسارة العلماء والاضرار والعقوبات على الشعب الايراني، كي يوقفوا كل ذلك الآن من اجل لحية المنتخب الجديد المهذب ونظارتيه الغربيتين، أي الدكتور روحاني.
ازاء التصريح الابتدائي لروحاني بأن ايران ستستمر في تخصيب اليورانيوم، يبدو ان روحاني يفترض ان يطلب في حيلة سياسية تخفيف العقوبات شرطا لمفاوضة الغرب في المشروع الذري، مع الاستمرار في التسويف الى أن يتم مشروع القنبلة الذرية. ولهذا يجب على الامريكيين ان يطلبوا الى روحاني فورا تفكيكها قبل بدء التفاوض في قضية العقوبات.
الحرب الباردة
تستعين ايران في قتالها في سورية بالمصالح السوفييتية التي تنحصر في بقاء نظام الاسد، واهتمامهم الخاص بموانئ سورية وبدعم الصينيين التلاعبي. وهكذا يجمع الايرانيون في خندق واحد تحت مظلة الأجندة التوسعية الشيعية الايرانية، كل من يعارض الامريكيين. بيد أن تحطيم الحلقة السورية في صورة الاسد المتضعضع دفع ايران الى ان ترسل الى سورية آلاف المقاتلين وسلاحا ومعدات ومساعدة مالية ومادية ايضا. ولهذا السبب أمروا حزب الله بدخول سورية بقوة والقتال الى جانب النظام ذراعا شيعية عملياتية مباشرة. وفي المواجهة العسكرية بين مقاتلي حرس الثورة الايرانيين ومقاتلي منظمة حزب الله الذين يقاتلون الى جانب الألوية السورية في مقابل مقاتلي المعارضة والعصابات المسلحة الاسلامية، يتغلب النظام في هذه الاثناء ‘بالنقاط’ ويحشد من جديد انجازات تكتيكية مع إحداث خراب وايقاع عشرات القتلى الآخرين من السكان كل يوم.
يتم القتال بين القوى الكبرى في سورية الآن بواسطة مندوبين، لكن عناصر القوة والسلاح في الصراع غير متعادلة. فالسلاح المتقدم الذي يحصل عليه نظام الاسد من الروس والايرانيين وحزب الله في الأساس يحسم الى الآن مصير المعارك في المدن المختلفة، ويتقدم الجيش السوري بمساعدة حزب الله في سلسلة عمليات تُصور على أنها نجاحات تكتيكية مع قصف من الجو بمساعدة سلاح متقدم وطائرات صغيرة بلا طيارين، هي فخر الصناعة الروسية. وازاء استعداد الغرب لدعم المتمردين حذر بوتين اوروبا من ان ارسال سلاح الى المتمردين سيفضي الى ‘ردود عكسية’ عليها.
عرّف الامريكيون من جهتهم استعمال النظام السوري للسلاح الكيميائي بأنه خط احمر سيفضي الى التدخل. وبهذا أوقعوا أنفسهم في شرك احتمال ان تزور المعارضة واقعة كهذه وان يستعمله النظام في مقابل ذلك ويضطرهم الى التدخل في وقت لا يريدونه. وازاء المذبحة والعلامات الشاهدة على ان السلاح الكيميائي قد استُعمل، هدد الاوروبيون بأنهم سيرسلون سلاحا الى المعارضة. وهدد الاسد وهو خبير قديم بالارهاب اوروبا فورا بأنها ستعاني ارهاب رد عليها. أما الامريكيون ففشلوا في محاولتهم التوصل الى فك الشرك في سورية طوال اتصالاتهم بالروس وفي اللقاء الاعدادي لمؤتمر جنيف الثاني في الاسبوع الاخير مع دول ‘الثماني’.
يندد حلفاء الامريكيين العرب السنيون بهم بأنهم امبراطورية عاجزة ولهذا أعلنوا مؤخرا بأنهم سيرسلون سلاحا الى المعارضة. بيد ان المعارضة السورية غير متجانسة ولهذا يصعب على الغرب مساعدتها. إن فريقا من محاربي العصابات المسلحة السورية منشقون عن الجيش السوري وناشطون مدنيون علمانيون آخرون، لكن أكثر جهات المعارضة من ناشطين اسلاميين سلفيين سنيين متطرفين يتدفق عدد منهم على سورية من الدول العربية المختلفة وعدد آخر منهم ‘من انتاج محلي’.
إن المشكلة هي ان أكثر القوات الاسلامية تعمل مع توجه اسلامي سني في مستنبت الاخوان المسلمين والقاعدة، ويسمون أنفسهم ‘جبهة النصرة’، و’أحرار الشام’ و’كتائب الفاروق’. وهذه القوى منقسمة بينها حول ماهية الحكم الاسلامي في المستقبل، حينما سيسقط نظام الاسد، وهي مشغولة بمعركة سابقة لأوانها جدا على الكراسي.
إن الشلل الامريكي مستمر ازاء الدروس التي تعلموها من قضية طالبان حينما استعانوا بسلاح امريكي لمحاربة الروس ووجهوه بعد ذلك الى ‘التوائم’. وعلمهم ذلك درسا أو اثنين عن الاخلاص الاسلامي ويجعل من الصعب عليهم الآن اختيار العنوان الصحيح في المعارضة لتقديم المساعدة. وتلقى أفكار امريكية لفرض منطقة حظر طيران في سورية أو تدخل امريكي مباشر فيتو روسيا مهددا محبطا. ولما كان الامر كذلك فان المتمردين في سورية يأتيهم سلاح من جهات وساطة عربية مجاورة فقط، ويبدو ان الامريكيين سيرسلون سلاحا الى المتمردين بصورة ‘انتقائية’. وربما تتغير معادلة القتل بذلك.
بدأت حرب ‘السوشي’
في حين تُقصف مدن سورية وتنتقض عُراها، يوجد أكثر من مليون لاجئ في عُسر وضيق في الدول المجاورة لسورية. والعالم العربي السني مثل قِدر يفور. إن الاردن يستعد لحماية حدوده الشمالية ويُجري تدريبا مشتركا مع قوات غربية لصد النظام السوري عن امكان تحويل العنف اليه. وتوجه تركيا إصبع اتهام الى النظام السوري وتتهم مستخدمي الاسد بتنفيذ عمليات تفجيرية في ارضها وإحداث غليان شعبي باعتباره جزءا من المظاهرات في ساحة تقسيم.
إن الوضع الذي نشأ في سورية يجعل حزب الله في الوعي العربي واللبناني عصابة مسلحة تخدم ايران. ولم يعد العرب تجوز عليهم ‘قضايا’ تحرير فلسطين، بل يرون ذلك حجة حزب الله للتسلح ومحاولة السيطرة على لبنان كله. دخلت منظمة حزب الله سورية في ظاهر الامر بدعوى حماية الموقع المقدس للشيعة ‘السيدة زينب’. وعرضت المنظمة تدخلها بعد ذلك الى جانب النظام على أنه قتال للخطة الاستعمارية للولايات المتحدة واسرائيل التي ترمي الى القضاء على سورية وعلى ‘المقاومة’، التي ترمي الى تحرير فلسطين. ويقذف أعداء المنظمة المنظمة مرة بعد اخرى بقولهم إن العدو الصهيوني موجود في ‘فلسطين’ لا في سورية ويقترحون عليها ان تحارب اسرائيل من الجولان. في الآونة الاخيرة، وعلى أثر معارك القصير، قام مقاتلو حزب الله باجتياح عسكري منظم الى جانب لواء أبو الفضل السوري على أهداف في مدن سورية، وهم الذين رفعوا الى جانب الحرس الثوري الايراني أعلام التحدي الشيعية فوق مساجد سورية.
ولما كان الامر كذلك اتحدت في الآونة الاخيرة التيارات والقوى اللبنانية المنقسمة والمتصارعة بينها في العادة واتجهت بصوت واحد الى مجلس الشعب بواسطة فؤاد السنيورة من كتلة المستقبل طالبة انسحاب حزب الله من سورية ونزع سلاحه. واتهم مجموع القوى اللبنانية 14 آذار حزب الله باشعال المواجهة الطائفية في لبنان والعالم العربي وباستيراد متعمد للحرب من سورية الى لبنان.
ويُعرض حزب الله الآن في وسائل الاعلام اللبنانية والعربية على أنه عصابة مسلحة تهدد سيادة لبنان وسلامته، وأنها ستفضي الى حرب أهلية وبأنها أداة خدمة لايران وسورية على حساب المصالح والقانون والسيادة اللبنانية.
على أثر نشاط حزب الله في سورية نشأت مواجهات معه بالسلاح في مناطق مختلفة في لبنان، في البقاع وبيروت وصيدا وطرابلس وفي مخيم اللاجئين عين الحلوة. واشتملت هذه المواجهات على اطلاق صواريخ وهي تهدد بأن تجر الى المعارك ايضا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين يؤيدون اخوانهم السنيين والفلسطينيين المهاجمين في مخيم اليرموك في سورية ايضا.
ويطالب معارضو حزب الله باقامة الجيش اللبناني على الحدود الى جانب قوات دولية لمنع انتقال أناس حزب الله الى سورية، ويشتكون من زيادة قوة المنظمة بالسلاح التي تجعلها أقوى من جيش لبنان.
إن منظمة حماس ايضا تجلس الآن على الدكة وتحاول ان تصرف النقاش عن الوقائع الفظيعة في سورية. ويطلق ناسها مرة بعد اخرى اشاعات عن خطط اسرائيل لبناء الهيكل وتفجير الأقصى. منذ أن ترك مسؤولو حماس الكبار سورية، لوحظ طغيان لعلاقاتهم، باعتبارهم مقاولين ثانويين لارهاب وكلائهم السوريين والايرانيين. منذ نشبت الازمة في سورية قطعت حماس بالتدريج علاقاتها المعلنة بوكلائها ولاذت بكنف الدول العربية السنية.
في اثناء الاسبوع الماضي دعا رئيس حكومة حماس حزب الله الى الخروج فورا من سورية ووقف ذبح الشعب السوري السني الى جانب بشار الاسد. وبعد ذلك فورا اتهم ناس حزب الله حماس جهرا بالخيانة وإنكار الجميل بعد ان ساعدوها في القتال والمال وتهريب الوسائل القتالية من الحدود المصرية. وتنتقل المواجهة العسكرية في سورية ايضا الى العراق وتهدد بأن تغرق العالم الاسلامي بأنهار دم وحرب دينية بين أهل السنة والشيعة. ويصرخ رئيس الحكومة العراقي الشيعي المالكي بمعارضيه قائلا، انه يفضل ان يوجهوا السلاح الى اسرائيل ويستعمل مرة اخرى ‘الحيلة القديمة لتوحيد الصف’.
بدأت حرب ‘السوشي’ ويبدو انه لا ذنب لنا في ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ