-
1 مرفق
اقلام واراء حماس 376
اقلام واراء حماس 376
3/7/2013
من حديث التاريخ عن الثورات
المركز الفلسطيني للإعلام ،،،،د. يوسف رزقة
هل تستحق الشعوب العربية الحرية
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، أحمد أبو رتيمة
ماذا يريد كيري فلسطينيا
فلسطين الآن ،،، ياسر الزعاترة
من مندريس إلى مرسي: وداعا لصناديق الاقتراع
فلسطين الآن ،،، حلمي الأسمر
من حديث التاريخ عن الثورات
فلسطين أون لاين ،،، أ.د. يوسف رزقة
من حديث التاريخ عن الثورات
المركز الفلسطيني للإعلام ،،،،د. يوسف رزقة
يحدثنا التاريخ عن ثورات تآكلت من داخلها ، وعن ثورات التهمتها الثورة المضادة بعد أن غفل أبناؤها عن واجباتهم .المشهد المصري غني بهاتين الحقيقتين اللتين تحدث عنهما التاريخ ، فبعض رفقاء وصانعي ثورة (25 يناير المجيدة)اختلطوا مع الثورة المضادة ومعهم حملة عرش النظام المنحل الذي قاده مبارك لمدة (30 عاما). وهاهم يعيشون في الميادين وبينهم صور المخلوع ، وبينهم متحدثون باسم النظام المنحل ،وهو مشهد يثير تساؤلا مهماً يقول لماذا ثرتم إذاً في (25 يناير)؟! ولماذا تحالفتم مع من ناديتم بسقوطه الآن ؟!.
الأحاديث التي تقدم كمبررات لهذه الحسابات الخاطئة تقوم على شيطنة الإخوان ،وعلى اتهام محمد مرسي بالطيبة والفشل معا ، واتهام هشام قنديل بالعجز ، بينما الأمر ليس كذلك ، ولا يتعدى نوعا من الصراع على السلطة ، وحسدا وكراهية لمرسي وللإخوان ،ورفضا لحكم التيار الإسلامي ،حتى ولو كان في الرفض هدم للديمقراطية. هذا ما يعنيه أو بعض ما يعنيه التاريخ من تآكل الثورة من داخلها ، حيث سمح هذا التآكل بإضعاف قيادة الثورة من ناحية ، وفتح طريقا واسعا للثورة المضادة لكي تتسلق المشهد وتعبر عن نفسها بلغة الثوار لإعادة إنتاج الماضي .
إنه كما ويحدثنا المشهد المصري عن تآكل داخلي للثورة ،يحدثنا أيضا عن ثورة مضادة استنمرت وكشرت عن أنيابها وحسبت أن الفرصة سانحة أمامها لالتهام الثورة المجيدة تحت زعم إسقاط حكم الإخوان ، والحقيقة ليست كذلك ،لأن ما يطلبه قادة الثورة المضادة هو الثورة المجيدة التي أزاحتهم من كرسي القيادة .
الثورة المضادة توجه أقوى أسهمها القاتلة الآن لمحمد مرسي وللإخوان ،ولكن السهم المخبأ في الكنانة الاحتياطية سيكون لجبهة الإنقاذ وللأحزاب الليبرالية واليسارية ،لأن الثورة المضادة تسعى لاستعادة الاستبداد ولن تسمح بالحريات التي سمح بها محمد مرسي ووثقها الدستور الجديد .
هاتان الحقيقتان اللتان تبرزان في المشهد المصري الآن تواجههما حقيقة ثالثة وقوية وكبيرة هي (تحالف الثورة المجيدة الذي يضم التيارات الإسلامية والوطنية الواعية ،إضافة إلى المستقلين)، الذين يؤمنون بالديمقراطية والحرية ويرفضون الاستبداد ولديهم استعداد للتضحية لهزيمة الثورة المضادة .
في ضوء مكونات المشهد السياسي من هذه الزاوية نستطيع القول بأن الثورة المصرية التي بدأت في 25/يناير/2011 ما زالت مستمرة وتحاول أن تستكمل نفسها بعد أن أحست بخطر التآكل الداخلي ، وبخطر الثورة المضادة التي نزلت إلى الشارع تحاول أن تستنسخ الماضي بملابس الثورة أو المعارضة . إن استمرار ثورة يناير المجيدة يعني أن الثورة تواجه التهديدات الخارجية ، وتعمل على تطهير نفسها من التآكل الداخلي ، تحقيقا لأهداف الثورة ، وبناء لديمقراطية حقيقية مستقرة تمنع الأخطار المتوقعة وغير المتوقعة ، والمشكلة ليست مرسي والإخوان أبدا.
هل تستحق الشعوب العربية الحرية
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، أحمد أبو رتيمة
يضرب لنا القرآن مثلًا بني إسرائيل الذين كانوا يرزحون تحت عبودية فرعون ويستعجلون الخلاص منه، فلما أغرق الله فرعون ونجاهم من اليم فوجدوا أنفسهم أحرارًا؛ ما كان منهم إلا أن طلبوا من موسى عبوديةً جديدةً: "اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة".
إن الدرس المستفاد من هذه القصة هو أن طول العهد بالعبودية يخلق إلفًا وحنينًا إليها؛ فمن يستمرئ الذل لا يستطيع أن يعانق شمس الحرية، وإن نزعت الأغلال عن عنقه بادر بنفسه باحثًا عن أغلال جديدة "إنا جعلنا في أعناقهم أغلالًا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون"، إذ ليس بمقدوره أن يعيش حرًّا كريمًا يملك قراره بنفسه.
أستحضر هذا المثل القرآني الذي ينفذ عميقًا إلى مكنونات النفس البشرية في ضوء الواقع العربي المؤلم عمومًا، وواقع مصر خصوصًا، إذ كيف لشعب منّ الله عليه بنعمة الحرية بثمن زهيد جدًّا لا يكاد يذكر، إذا ما قورن بالثمن الذي لا يزال يدفعه الشعب السوري في سبيل الحرية؛أن تجد فيه من يظهر حنينًا إلى عهود الاستعباد المظلمة، ومن يؤثر دكتاتورية العسكر على ديمقراطية تأتي بخصم سياسي، إن حكم فلن يحكم أكثر من أربع سنوات، ثم يذهب بعدها من خلال صندوق الاقتراع؟!
إنه واقع مؤلم ومثير للسخرية "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير"، كيف لسجين يطلق سراحه أن يعود من تلقاء نفسه إلى قفصه؟!،هل أدركت الشعوب العربية حقًّا قيمة الحرية والكرامة وقداستها؟!، لو أنها أدركت فعلًا قيمة الحرية لما قبلت أن يساوم على هذه القيمة تحت أي اعتبار سياسي.
إن قيمة الحرية لمن لامست شغاف قلبه وتذوق حلاوتها لا تقبل المساومة بأي ثمن، فلا المال ولا الرفاهية الاقتصادية ولا الأمن ولا الاستقرار يبرر التخلي عن الحرية، فالتطلع إلى الحرية أكثر مظاهر الإنسانية التصاقًا بالإنسانية، كما قال إريك هوفر، أما مالكوم إكس فيقول:"لا يمكنك فصل السلام عن الحرية؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يكون مسالمًا ما لم يكن حرًّا".
إن تخيير الإنسان بين الحرية والاستقرار أو بين الحرية والرفاهية الاقتصادية يبدو تمامًا كالمقارنة بين الحياة وهذه الأشياء، فالحياة لا يعادلها شيء في الوجود،وكذلك الحرية؛ لأنها هي جوهر الحياة ولا معنى للحياة دونها.
إن حياةً دون حرية يعني أن تعيش عبدًا ذليلًا لا تملك رأيًا ولا قرارًا، يوجهك السادة والكبراء كيفما يشاءون، إنها تعني حياة الأنعام "يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام".
سألني صديقي: "ألا تشعرك أحداث الفوضى في مصر بالندم على عهد مبارك؟!"، قلت له: "لا، ولو لحظة واحدة"، قال لي: "ولكن كان هناك استقرار في عهد مبارك، وشعوبنا لا يصلح معها إلا رجل كالحجاج"، قلت له: "إن قصارى ما يمكن أن أتفق معك فيه هو أن الواقع الحالي سيئ، لكن سوء هذا الواقع لا يبرر أبدًا الاستبداد، ولو مكثت بلاد العرب في فوضى عارمة مائة عام مقبلة؛ لما أعطى ذلك شرعيةً لاستعباد الناس ومصادرة حريتهم، إن ما نشهده من فوضى في بلاد الثورات هو نتيجة من نتائج عهود الاستبداد الطويلة، ولا معنى لاستقرار في ظل نظام استبدادي؛ لأنه استقرار خادع يخفي وراء السطح الظلم والفساد والكبت والقهر، أما واقع اليوم _وإن لم يكن هو الواقع المفضل بالتأكيد_ فإن ميزته تكمن في أنه يظهر كل أمراضنا التي جاهدنا على إخفائها وإنكارها، يظهرها على السطح، وهو ما يعطينا فرصةً تاريخيةً لمواجهتها والبحث عن حلول لها".
إن الحرية قيمة أساسية، ومن ذاق طعم الحرية فلن يقبل عنها كل متع الأرض بديلًا.
ماذا يريد كيري فلسطينيا
فلسطين الآن ،،، ياسر الزعاترة
لم ينشغل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري منذ تسلمه لمنصبه بملف قدر انشغاله بالملف الفلسطيني، ربما إلى جانب السوري، فها هو يجلس أياما في المنطقة في جولة هي الخامسة خلال شهور.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالهدف الحقيقي من وراء جولات كيري، وهل تعبر عن سياسة أمريكية، أو هي استجابة لحاجات الكيان الصهيوني؟ والجواب أن جولة أوباما الأفريقية هي الأكثر تعبيرا عن توجهات الإدارة الأمريكية خلال المرحلة المقبلة، ممثلة في حصار الصعود الصيني، فيما لا تعدو تدخلات واشنطن الشرق أوسطية أن تكون استجابة لحاجات الكيان الصهيوني الذي يضغط اللوبي التابع له في أمريكا لكي يبقى أمنه أولوية بالنسبة لأية إدارة مهما كانت هويتها. وإذا تحدثنا عن التدخل في الملف السوري، فهو يدخل في ذات الإطار المتعلق بمصالح تل أبيب، في ذات الوقت الذي يبدو نوعا من المناكفة مع روسيا التي أخذت ترفع رأسها متحدية النفوذ الأمريكي أيضا، وتتعاون بهذا القدر أو ذاك مع الصين في تكريس التمرد على الأحادية الأمريكية التي أصبحت جزءا من الماضي من الناحية العملية.
في الملف الفلسطيني يدرك كيري، ومعه أصغر مستجد في السياسة أن إمكانية الشروع في مفاوضات تؤدي إلى تحقيق اتفاق نهائي هي ضرب من الخيال، فلا الطرف الإسرائيلي يملك القابلية لتقديم عرض مقبول، ولا الطرف الفلسطيني يملك قابلية للموافقة على عرض بائس تم رفض ما هو أفضل منه في كامب ديفيد عام 2000.
من يقرأ وثائق التفاوض الشهيرة وما انطوت عليه من تنازلات مذهلة، ومع ذلك رفضها ثنائي أولمرت- ليفني، سيتأكد دون شك أن مسألة الاتفاق النهائي هي ضرب من المستحيل، وهو ما يدركه كيري ونتنياهو، بل ومحمود عباس أيضا، ويبدو أن الجميع قد أخذوا يتواطؤون على حل واحد ووحيد ليس ثمة سواه في الأفق هو الحل المؤقت الذي يحظى بإجماع في الأوساط الإسرائيلية، فيما تقبل به السلطة وتعززه على الأرض؛ من دون أن تعترف بذلك علنا.
الهدف الأساس من كل هذه التحركات السياسية هي إبقاء الأمل مفتوحا بتحقيق تقدم ما، وذلك خشية انفجار الشارع الفلسطيني في انتفاضة جديدة تصعب السيطرة عليها، وهي انتفاضة لا تستبعدها دوائر إسرائيلية كثيرة، وهي تبذل كل جهد ممكن من أجل منعها، فيما تتفق معها دون ترد قيادة السلطة الفلسطينية التي ترى فيها خطرا وجوديا يتهدد إنجازاتها في السلطة/ الدولة في الضفة الغربية.
والنتيجة أن كلا الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لهما مصلحة في استمرار الإيحاء بإمكانية الحل، وذلك منعا لحدوث ما لا تحمد عقباه ممثلا في الانتفاضة الجديدة التي لا يمكن الجزم بمنعها في ظل استمرار الاستيطان والتهويد، وفي هذا السياق يتواصل التنسيق الأمني، والاعتقالات اليومية من السلطة والاحتلال في آن، وكذلك إعادة تشكيل الوعي في الضفة الغربية عبر الاستثمار والمال والأعمال، مع السيطرة على كل المنافذ التي يمكن أن يتسلسل منها فكر المقاومة. كل ذلك يمضي من أجل أن لا تندلع تلك الانتفاضة، حتى لو كانت سلمية على غرار الربيع العربي.
ربما يأمل كيري في أن يعيد الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات كجزء من تلك الخطة، أي منع اندلاع الانتفاضة، لكن نتنياهو يريد ذلك بشروطه، وهو ما يجعل الأمر صعبا، لكن التغلب على هذه المعضلة ليس مستبعدا في يوم ما، ليس من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي، وإنما من أجل استكمال مشروع الدولة المؤقتة في حدود الجدار، والتي ستغدو في حالة نزاع حدودي مع جارتها، من دون أن يضطر قادتها إلى القول إنهم تنازلون عن ثوابتهم، وسيكون من الجيد الاحتفال لاحقا بتطوير وضع تلك الدولة من عضو مراقب في الأمم المتحدة إلى عضو دائم في احتفالية مهيبة!!
ما سيفشل هذه اللعبة هو الشعب الفلسطيني، عبر انتفاضته الجديدة، والتي ستندلع يوما ما ردا على الاستيطان والتهويد، وربما لاحقا كرد على تكريس الدولة المؤقتة في حدود الجدار؛ والتي تعني دفن القضية دون إعلان رسمي، فما يجري، وما سيجري لن يكون مقبولا من شعب عظيم قاتل عقودا من أجل حريته وتحرير أرضه.
من مندريس إلى مرسي: وداعا لصناديق الاقتراع
فلسطين الآن ،،، حلمي الأسمر
المشهد بدأ في الزمن المعاصر منذ الزعيم التركي عدنان مندريس ووصل إلى الزعيم المصري محمد مرسي... يقول التاريخ إن مندريس رئيس وزراء تركيا طوال عقد الخمسينيات، خرج من تحت معطف أتاتورك ليتحدى تشريعاته العلمانية، وعلى الرغم من أنه أدخل تركيا في حلف شمال الأطلسي وجعلها رأس حربة الغرب في مواجهة الاتحاد السوفييتي، فإن ذلك لم يشفع له حينما تحرك الجيش ضده في أول انقلاب في تاريخ تركيا المعاصر ليحكم عليه بالموت مع عدد من رفاقه بعد عشر سنوات قضاها في الحكم.
كان مندريس قد خاض حملته الانتخابية على أساس وعود بإلغاء الإجراءات العلمانية الصارمة التي اتخذها سلفه إينونو وكان من بينها جعل الأذان بالتركية وكذلك قراءة القرآن وإغلاق المدارس الدينية، وحينما فاز، قام مندريس بإلغاء هذه الإجراءات حيث أعاد الآذان إلى العربية وأدخل الدروس الدينية إلى المدارس العامة وفتح أول معهد ديني عال إلى جانب مراكز تعليم القرآن الكريم، كما قام بحملة تنمية شاملة في تركيا شملت تطوير الزراعة وافتتاح المصانع وتشييد الطرقات والجسور والمدارس والجامعات.
ولم يعلن مندريس في أي من هذه الإجراءات أنه كان إسلاميا أو مؤيدا للإسلاميين، مع نهاية عقد الخمسينيات كانت إجراءات مندريس الداخلية قد استفزت القوى العلمانية التي تمكنت من حشد قوى اجتماعية لاسيما داخل الجامعات والجيش لمعارضة سياسات الحكومة، فوقعت أحداث شغب ومظاهرات كبيرة في شوارع إسطنبول وأنقرة، في صباح 27 مايو/أيار عام 1960 تحرك الجيش التركي ليقوم بأول انقلاب عسكري خلال العهد الجمهوري، وتم وقف نشاط الحزب الديمقراطي واعتقل رئيس الوزراء عدنان مندريس ورئيس الجمهورية جلال بايار مع عدد من الوزراء بعد محاكمة صورية تم سجن رئيس الجمهورية مدى الحياة فيما حكم بالإعدام على مندريس ووزير خارجيته فطين رشدي زورلو ووزير ماليته حسن بلاتقان، وكانت التهمة هي اعتزامهم قلب النظام العلماني وتأسيس دولة دينية.
في اليوم التالي لصدور الحكم في أواسط سبتمبر/أيلول عام 1960 تم تنفيذ حكم الإعدام بمندريس ليكون أول ضحايا العلمانيين في الصراع الداخلي بتركيا، وبعد مندريس يأتي دور نجم الدين أربكان، حين انقلب عليه العلمانيون، بعد فوز حزبه بالانتخابات، وكان هو الآخر مصيره السجن، وصولا إلى رجب طيب أردوغان، الذي استفاد من تجارب سلفيه، إلا أنه لم ينج بعد من تآمر العلمانيين، ومن يناصرهم!
ودار الزمان، وصولا إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ وهي حزب سياسي جزائري سابق حل بقرار من السلطات الجزائرية في 1992. خاضت الجبهة الإسلامية أول انتخابات 12 يناير وفازت فيها. كما خاضت الانتخابات التّشريعية وفازت بها أيضا بنتيجة ساحقة لكنها ألغيت فيما بعد ونتج عن ذلك أيضا قرار حل الحزب، ودخلت البلاد في سرداب مظلم من العنف والعنف المضاد!
ثم نصل إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي قررت المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، عام 2006، وتم الإعلان عن نتائج الانتخابات التي تمخضت عن فوز كبير لحركة حماس في المجلس التشريعي بواقع 76 مقعدا من أصل 132 مقعدا ما أعطى حماس أغلبية في المجلس، وتلا ذلك ما تلاه من رفض دولي ومحلي شامل لهذا الفوز، وصولا إلى حركة الانشقاق في صفوف الشعب الفلسطيني الذي استمر حتى الساعة!
وقبل عام، يفوز د. محمد مرسي، المتحدر من رحم حركة الإخوان المسلمين برئاسة الجمهورية المصرية، ومنذ جلوسه على كرسي الرئاسة، تنفتح عليه كل قوى الدنيا داخليا وخارجيا، لإنهاء حكمه، ويتحرك الجيش فيساوي في «إنذاره» بين رئاسة شرعية و تمرد شارعي ويضعهما في كفة واحدة، في حركة انقلابية واضحة، تنسجم مع منظومة التعامل مع أي زعامة "إسلامية" تدخل المسؤولية عبر صناديق الاقتراع، كأن الجميع يقول إنه لا يمكن للإسلاميين أن يحكموا عبر صناديق الاقتراع!
وفي المحصلة..
يقول الجميع للإسلاميين المعتدلين إنكم غير مقبولين حتى لو غيرتم جلدكم، وقبلتم الدخول في "اللعبة" الديمقراطية، فهي ترفضكم، ولا تقبل بكم، فالإسلامي الجيد هو الإسلامي المعتقل أو القتيل، أو المعارض، كأن الجميع يقول لهؤلاء إنه لا مكان للمعتدلين في هذه الساحة، وفي هذا تقوية وتدعيم للسلفيين الجهاديين الذين يعتبرون الديمقراطية كفرا، وتقديم الدليل تلو الآخر على أن خيارهم هو الأصوب والأجدى أن يتبع!
من حديث التاريخ عن الثورات
فلسطين أون لاين ،،، أ.د. يوسف رزقة
يحدثنا التاريخ عن ثورات تآكلت من داخلها ، وعن ثورات التهمتها الثورة المضادة بعد أن غفل أبناؤها عن واجباتهم .المشهد المصري غني بهاتين الحقيقتين اللتين تحدث عنهما التاريخ ، فبعض رفقاء وصانعي ثورة (25 يناير المجيدة)اختلطوا مع الثورة المضادة ومعهم حملة عرش النظام المنحل الذي قاده مبارك لمدة (30 عاما). وهاهم يعيشون في الميادين وبينهم صور المخلوع ، وبينهم متحدثون باسم النظام المنحل ،وهو مشهد يثير تساؤلا مهماً يقول لماذا ثرتم إذاً في (25 يناير)؟! ولماذا تحالفتم مع من ناديتم بسقوطه الآن ؟!.
الأحاديث التي تقدم كمبررات لهذه الحسابات الخاطئة تقوم على شيطنة الإخوان ،وعلى اتهام محمد مرسي بالطيبة والفشل معا ، واتهام هشام قنديل بالعجز ، بينما الأمر ليس كذلك ، ولا يتعدى نوعا من الصراع على السلطة ، وحسدا وكراهية لمرسي وللإخوان ،ورفضا لحكم التيار الإسلامي ،حتى ولو كان في الرفض هدم للديمقراطية. هذا ما يعنيه أو بعض ما يعنيه التاريخ من تآكل الثورة من داخلها ، حيث سمح هذا التآكل بإضعاف قيادة الثورة من ناحية ، وفتح طريقا واسعا للثورة المضادة لكي تتسلق المشهد وتعبر عن نفسها بلغة الثوار لإعادة إنتاج الماضي .
إنه كما ويحدثنا المشهد المصري عن تآكل داخلي للثورة ،يحدثنا أيضا عن ثورة مضادة استنمرت وكشرت عن أنيابها وحسبت أن الفرصة سانحة أمامها لالتهام الثورة المجيدة تحت زعم إسقاط حكم الإخوان ، والحقيقة ليست كذلك ،لأن ما يطلبه قادة الثورة المضادة هو الثورة المجيدة التي أزاحتهم من كرسي القيادة .
الثورة المضادة توجه أقوى أسهمها القاتلة الآن لمحمد مرسي وللإخوان ،ولكن السهم المخبأ في الكنانة الاحتياطية سيكون لجبهة الإنقاذ وللأحزاب الليبرالية واليسارية ،لأن الثورة المضادة تسعى لاستعادة الاستبداد ولن تسمح بالحريات التي سمح بها محمد مرسي ووثقها الدستور الجديد .
هاتان الحقيقتان اللتان تبرزان في المشهد المصري الآن تواجههما حقيقة ثالثة وقوية وكبيرة هي (تحالف الثورة المجيدة الذي يضم التيارات الإسلامية والوطنية الواعية ،إضافة إلى المستقلين)، الذين يؤمنون بالديمقراطية والحرية ويرفضون الاستبداد ولديهم استعداد للتضحية لهزيمة الثورة المضادة .
في ضوء مكونات المشهد السياسي من هذه الزاوية نستطيع القول بأن الثورة المصرية التي بدأت في 25/يناير/2011 ما زالت مستمرة وتحاول أن تستكمل نفسها بعد أن أحست بخطر التآكل الداخلي ، وبخطر الثورة المضادة التي نزلت إلى الشارع تحاول أن تستنسخ الماضي بملابس الثورة أو المعارضة . إن استمرار ثورة يناير المجيدة يعني أن الثورة تواجه التهديدات الخارجية ، وتعمل على تطهير نفسها من التآكل الداخلي ، تحقيقا لأهداف الثورة ، وبناء لديمقراطية حقيقية مستقرة تمنع الأخطار المتوقعة وغير المتوقعة ، والمشكلة ليست مرسي والإخوان أبدا.