-
1 مرفق
اقلام واراء عربي 439
اقلام واراء عربي 439
2/7/2013
في هذا الملف
عباس في بيروت غداً لثلاثة أيام مؤكّداً عدم تورّط الفلسطينيين في أيّ قتال
بقلم: خليل فليحان عن النهار البيروتية
الرئيس والمفاوضات
بقلم: ناجي صادق شراب عن الخليج الاماراتية
أزمة النظام السياسي الفلسطيني
بقلم: فايز رشيد عن الخليج الاماراتية
حكومة نتنياهو وتشييع «حل الدولتين»
بقلم: مأمون الحسيني عن الوطن السورية
تطييف المشرق اهم نصر استراتيجي لاسرائيل
بقلم: سليم نزال عن القدس العربي
الربيع العربي: ولادة مبكرة أم فوضى مفتعلة؟
بقلم: عبد الله ابو مازن عن القدس العربي
مصر: الإنذار الكبير
بقلم: حازم صاغيّة عن الحياة اللندنية
هل انتهى حكم الجماعة لمصر؟
بقلم: علي سالم عن الشرق الأوسط
هل بدأنا نعيش مرحلة: ما بعد الإسلاميين حقا؟!!
بقلم: حلمي الأسمر عن الدستور الأردنية
ما لا يراه الإخوان
بقلم: عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
ارحل قبل فوات الأوان
بقلم: أحمد الجارالله عن السياسة الكويتية
عباس في بيروت غداً لثلاثة أيام مؤكّداً عدم تورّط الفلسطينيين في أيّ قتال
بقلم: خليل فليحان عن النهار البيروتية
يزور بيروت غدا الاربعاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بناء على طلبه، وقد وجّه له رئيس الجمهورية ميشال سليمان دعوة رسمية في هذا الصدد. وسيجري مساء محادثات مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان تتناول الازمة السورية ووضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتأكيد "ابو مازن" ان اللاجىء هو ضيف على لبنان ولا يطمح الى ان يكون وطنه، وسيتطرق في محادثاته الى استضافة لبنان ايضا اعدادا كبيرة من اللاجئين في مخيمات سوريا، ليؤكد للمسؤولين ان اقامتهم في عدد من المخيمات الفلسطينية موقت، وسيعودون الى سوريا فور استتباب الامن.
وأفادت "النهار" مصادر لبنانية وفلسطينية تحضر برنامج الزيارة والمحادثات المتوقعة مع المسؤولين ان زيارة عباس في هذا الوقت هي لتأكيد تحييد اللاجئين عن التورط في اي قتال داخلي، وكانت نداءاته لدى اشتباكات الجيش وانصار الشيخ احمد الاسير في عبرا واضحة وصريحة وقاطعة.
واللافت ان ممثلين لجميع الفئات الفلسطينية سيكونون في استقباله لدى وصوله الثانية بعد الظهر، الى جانب ممثل رئيس الجمهورية نائب رئيس الحكومة سمير مقبل.
وأفادت المصادر نفسها ان عباس سيطلع الرئيس سليمان على ما وصلت اليه مساعي وزير الخارجية الاميركي جون كيري عبر الديبلوماسية المكوكية التي يقودها من اجل تذليل العقبات وفك الجمود المتحكّم في المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية نتيجة اصرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على شن الاشتباكات على غزة وانشاء المستوطنات وعراقيل اخرى.
وذكرت ان وضع اللاجئين هو من البنود البارزة في جدول محادثات عباس في بيروت، لجهة مراجعة الحقوق التي نالوها وتلك التي يحاولون الحصول عليها. واشارت الى ان السلوك الفلسطيني في لبنان هو بشكل عام مقبول، ما عدا الاشتباكات التي تقع من حين الى آخر داخل المخيمات، اضافة الى مخيم عين الحلوة وما يؤويه من متطرفين ومطلوبين للعدالة.
وسيتطرق الحديث ايضا الى الآثار السلبية على لبنان وعلى اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم في سوريا اذا طالت الازمة السورية.
واكدت ان المحادثات ستتوسّع لتشمل الانعكاسات السلبية لتلك الازمة على العلاقات العربية - العربية وتعليق الجامعة العربية عضوية سوريا فيها ومدّ دول نفطية المعارضة بالسلاح والمال لمقاتلة النظام.
وتوقعت ان يتطرق الحديث الى الوضع المتدهور سياسياً في مصر وما يمكن أن ينتج منه في حال بقاء الرئيس احمد مرسي في سدة الحكم او في حال استقالته او استقالته بالقوة.
ولفتت الى ان تعامل عباس مع المسؤولين في لبنان تميز بالسلاسة، آخذاً في الاعتبار تركيبته البشرية وتنوعه الطائفي، وسبق أن زار لبنان مرات في 2004 و2005 و2007 و2008 و2009 وآب 2011.
وفي برنامج الزيارة انه يصل الى بيروت الثانية بعد ظهر غد الاربعاء ويستقبله في المطار ممثلاً رئيس الجمهورية نائب رئيس الحكومة سمير مقبل وممثلون للفصائل الفلسطينية بما فيها "حماس". ثم ينتقل على الفور الى القصر الجمهوري حيث سيقام له استقبال رسمي في الباحة الكبرى ويستقبله الرئيس سليمان.
وسيجري محادثات مع رئيس الجمهورية الذي سيقيم له مأدبة عشاء تكريمية يحضرها كبار المسؤولين والشخصيات. ويوم الخميس، يقابل رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي ثم يستقبل في مقر اقامته في فندق فينيسيا الرئيس المكلف تمام سلام. وظهراً يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، والذي سيقيم له مأدبة غداء تكريمية.
وسيشدد عباس في لقاءاته مع شخصيات لبنانية ومع ممثلي الفصائل الفلسطينية على ضرورة ضبط الامن داخل المخيمات والحرص على عدم الوقوف الى جانب فريق سياسي في لبنان دون الآخر. وفي السادس من الجاري، يغادر بيروت مختتماً زيارته الرسمية.
الرئيس والمفاوضات
بقلم: ناجي صادق شراب عن الخليج الاماراتية
على الرغم من عقم الحديث عن المفاوضات، تبقى المفاوضات أحد الخيارات المتاحة أمام الفلسطينيين لعل وعسى أن ينجحوا في الحصول على حقوقهم الدنيا في قيام دولة فلسطينية كاملة العضوية . لأن قيام هذه الدولة أو ما يسمى بحل الدولتين يشكل أدنى ما يمكن القبول به فلسطينياً، لأنه من دون ذلك تفرغ المفاوضات من كل مضامينها السياسية المتعارف عليها، وتتحول إلى مفاوضات استسلام وفرض تصورات “إسرائيل” للقضية الفلسطينية .
ورغم كل ذلك يتجدد الحديث من جديد عن إمكانية استئناف المفاوضات الفلسطينية - “الإسرائيلية”، مع بداية كل ولاية أمريكية جديدة . رغم أن هذه الرعاية الأمريكية، قد تكون سبباً في عدم نجاح المفاوضات، لأن احتكار أمريكا للمفاوضات، ورعايتها لها من دون نتيجة هما اللذان يمنحان “إسرائيل” فرصاً للاستمرار في سياسات الاستيطان، وابعاد الدول الأخرى عن أي دور، وتعطيل دور الشرعية الدولية عبر الأمم المتحدة، وبالتالي حماية “إسرائيل” من عقوبات، أو تحميلها مسؤولية فشل المفاوضات .
ومع ذلك، لا يبدو أن الفلسطينيين يملكون خيارات أخرى إلا الذهاب إلى المفاوضات تحت رعاية أمريكا مجدداً، والاستفادة من الفترة المتبقية للرئيس الأمريكي . ويبدو أن العودة إلى المفاوضات باتت قريبة لأسباب كثيرة منها الضغوط التي تمارس على السلطة الفلسطينية، وعلى الرئيس محمود عباس شخصياً بالتلويح بالعقوبات الاقتصادية، وهي مسألة ليست سهلة، ولا تقوى السلطة على مواجهتها .
المشكلة لا تكمن في المفاوضات ذاتها، فبمفاوضات أو من دونها فإن “إسرائيل” مستمرة في سياساتها الاستيطانية، وفرض أمر الواقع بالقوة، والفلسطينيون من جانبهم خياراتهم محدودة في ظل الانقسام .
قد يقال ما الذي سيضر إذا ذهبنا إلى المفاوضات هذه المرة ولفترة زمنية محددة؟ والإجابة عنه مهمة، والأهم ليس المفاوضات والعودة إليها، ولكن إن تكون لدينا رؤية تفاوضية، وأن تكون لدينا خياراتنا في وقت المفاوضات، وخياراتنا لما بعد التفاوض، وأن تكون هذه الرؤية وهذه الخيارات لكل من الولايات المتحدة و”إسرائيل” . قد تكون هذه المفاوضات هي الأخيرة فعلاً التي تتم في ظل السلطة الفلسطينية الحالية، وفي ظل رئاسة الرئيس محمود عباس، وأيضاً قد تكون الأخيرة بالنسبة إلى الرئيس أوباما، وبالنسبة إلى “إسرائيل” قد تكون الأخيرة لنتنياهو . ومن ثم من هذا المنظور هي المفاوضات الأخيرة التي يمكن أن تشهدها المنطقة وبعدها ستدخل المنطقة كلها في خيارات أخرى أقرب إلى المواجهة وتجدد الانتفاضة الفلسطينية التي لن تكون في جميع الأحوال كالانتفاضات السابقة .
وما ينبغي أن يؤكد عليه الفلسطينيون أنهم لن يقبلوا بالحد الأدنى، وأنهم ليسوا عاجزين عن مقاومة الاحتلال وإنهائه بكل الوسائل المشروعة . كما أنهم يملكون خيارات كثيرة أهمها وأكثرها تأثيراً تفعيل دور الشرعية الدولية عبر الأمم المتحدة ووكالاتها كلها لتحميل المجتمع الدولي مسؤوليته في إنهاء الاحتلال، والتأكيد على أن أمن وبقاء “إسرائيل” مع الفلسطينيين وليس مع غيرهم، وأن “إسرائيل” مهما نفذت من سياسات تهويد واستيطان ففي النهاية الشعب الفلسطيني يملك كل الحق في مقاومتها، وما ينبغي أن تدركه “إسرائيل” أنها مهما فعلت، ومهما امتلكت من عناصر القوة فالشعب الفلسطيني باق على أرضه، ولا تستطيع محوه، والمعادلة التفاوضية البسيطة أنها مع وجود وقضية فإن الصراع مستمر، وحقوق دائمه لا تسقطها مستوطنات أو أي قوة عسكرية، وهذا الشعب موجود أساساً على أرضه، وهذه هي المعادلة التي على “إسرائيل” إدراكها إذا أرادت الأمن الحقيقي .
إن المفاوضات لا تحتمل التأجيل والتسويف والمماطلة، بل يجب أن تكون مفاوضات مغايرة لما سبقها، ولا تأتي من فراغ فتوجد تفاهمات تفاوضية كثيرة يمكن البناء عليها، وأنها تأتي في ظل تحولات سياسية عربية وإقليمية، وموازين القوى لن تعمل في نهاية المطاف لمصلحة “إسرائيل”، لذا حانت مرحلة اتخاذ القرارت التفاوضية، وإذا أريد لهذه المفاوضات أن تنجح لا بد من إعداد مقترحات أو جدول أعمال قرارات مطلوب من الأطراف المباشرة وغير المباشرة إتخاذها، خصوصاً من الجانب “الإسرائيلي” . ومن ثم هي مفاوضات لاتخاذ قرارات، وليست مفاوضات بحث وجدل ومناقشة مقترحات .
الأهم عدم الركون إلى خيار التفاوض وحده، بل لا بد من تفعيل المقاومة المدنية والشعبية في الداخل وعلى مستوى أممي، وأن تكون مصاحبة للتفاوض، لأنه من دون ضغط مصاحب للمفاوضات لن تتنازل “إسرائيل”، ولن تتحرك الولايات المتحدة والدول الأخرى . ولعل الرسالة الأهم أن يتجه الرئيس إلى شعبه قبل أن يذهب للمفاوضات ويضعهم في الصورة كاملة، وأن يشركهم في العملية التفاوضية، وأن يعلن ولو من ناحيته أن الانقسام قد انتهى، وأن يخاطب الدول العربية ويضعها أمام مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية، وأن يضع القضية الفلسطينية على أجندة الأمم المتحدة، واستعادة مبدأ المسؤولية الدولية، وأخيراً وكما يقال “أنا والطوفان من بعدي”، فإما مفاوضات ودولة فلسطينية كاملة، وإما على الجميع أن يتحمل مسؤوليات الفشل .
أزمة النظام السياسي الفلسطيني
بقلم: فايز رشيد عن الخليج الاماراتية
جاءت استقالة رامي الحمدلله رئيس الوزراء الفلسطيني بعد أسبوعين على عمل حكومته، لتفتح الباب واسعاً على أزمة النظام السياسي الفلسطيني برمته، فاستقالته لم تكن مفاجئة بسبب التنازع على الصلاحيات مع نائبيه، وهي نفس الأسباب التي كان عباس قد استقال بسببها في العام ،2003 واعتكف بعدها في بيته، وذات الأسباب أيضاً كانت وراء استقالة فياض .
بداية: فإن العنوان الأبرز للأزمة هو أن النظام السياسي الفلسطيني يقع تحت الاحتلال، وهذا ما يعمل على خلق إشكاليات حقيقية أمامه، تؤدي إلى تحديد مكوناته، وحركته التي تظل مقترنة بواقع قوانين الاحتلال، وسيطرته الفعلية على جزء كبير من الموارد المالية للنظام، والكثير من التقييدات الأخرى السياسية . فزيارة أي مسؤول عربي أو دولي إلى رام الله، مرهونة بقرار الرفض أو القبول من سلطات الاحتلال .
الاحتلال يؤثر مباشرة وبطريق غير مباشر أيضاً في كل نشاطات السلطة الفلسطينية . هذا هو الجانب الموضوعي الأبرز في الأزمة . أما الجوانب الذاتية في بنية النظام السياسي فتتلخص في جوانب عديدة أبرزها: غياب حدود الصلاحيات بين رئيس السلطة من جهة، وبين رئيس الحكومة والوزراء، الأمر الذي يوضح أن شكل السلطة مزيج من النظامين، الرئاسي والبرلماني وليست هذا أو ذاك، فلطالما تنازع عباس مع سلام فياض من أجل السيطرة على الأجهزة الشُرَطية والأمنية، وعلى المسائل المالية وعلى القرارات السياسية .
الجانب الثاني في الأزمة، ناتج عن تبعات الانقسام الفلسطيني، وفشل جميع الاتفاقيات الموقعة بين حركتي فتح المتمثلة في السلطة الفلسطينية في رام الله، وحماس المتمثلة في سلطة غزة وحكومتها المقالة (الفاعلة في القطاع حتى اللحظة)، فأي نظام سياسي هذا المقسم ليس سياسياً فحسب، وإنما بالمعنى الجغرافي أيضاً في ظل اتفاقيات عديدة موقعة بين الحركتين لا يجري تنفيذها، الأمر الذي يترك بصماته الواضحة على هذا النظام الواقع بشقيه تحت الاحتلال .
الجانب الثالث في الأزمة هو وصول مفاوضات العشرين عاماً مع العدو الصهيوني إلى طريق مسدود، فالطرح “الإسرائيلي” واضح وصريح، مفاوضات في ظل الاستيطان المتغول الدائم، وفي ظل اشتراطات “إسرائيلية” الاعتراف بيهودية الدولة، ولاءات “إسرائيلية” رافضة لكل الحقوق الوطنية الفلسطينية . في آخر تصريح لرئيس السلطة محمود عباس (الأربعاء 26 يونيو/ حزيران الماضي) قبيل زيارة كيري الجديدة إلى المنطقة، أبدى استعداده للذهاب إلى المفاوضات مع الكيان الصهيوني شريطة أن يكون لديه الاستعداد للبحث مباشرة في حل الدولتين، أي الموافقة على قيام دولة فلسطينية على كامل حدود العام ،1967 نتنياهو يتحدث عن دولة فلسطينية عتيدة منزوعة السلاح، لكن هذا للاستهلاك الإعلامي ويتردد بين مسؤولين في حكومته، يجمعون على أن قيام دولة فلسطينية هو أمر مستحيل . من هؤلاء المسؤولين، وزير الاقتصاد نيفتالي بينيت رأس الطرف الثاني في الائتلاف، ووزير الخارجية السابق الفاشي ليبرمان وداني دانون نائب وزير الحرب .
محمود عباس حدد خياراته الاستراتيجية بالمفاوضات فقط، ألغى من قاموسه كل الخيارات الأخرى، وعلى رأسها المقاومة المسلحة، الأمر الذي أضعفه كثيراً (وبالتالي أضعف النظام السياسي الفلسطيني برمته)، وهو ما ساعد على تصعيد الشروط “الإسرائيلية”، فما من ضاغط على الكيان الصهيوني للاعتراف بأي من الحقوق الفلسطينية .
عباس متفائل بجولات كيري وبالضغوطات الأمريكية والدولية على الكيان للاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وهذا محض وهم، فالولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية عموماً، هي طرف رئيس يصطف إلى جانب “إسرائيل” في الصراع الفلسطيني العربي- الصهيوني .
عباس إما أنه لم يستوعب الحقيقة الأكيدة التي أثبتت صحتها وموضوعيتها على مدى عقود عديدة (هي السنوات التي مضت على إنشاء الكيان)، وهي أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون وسيطاً نزيهاً بين العرب والكيان الصهيوني، وهذه مصيبة، أو أنه لا يستوعب الحقيقة، وهنا المصيبة أعظم .
المسألة الرابعة من الأزمة هي المالية، فالعجز الاقتصادي الفلسطيني ارتفع ليصل إلى ما يزيد على خمسة مليارات دولار، والأزمة لا يجري علاجها، بل تُرّحَل من شهر إلى آخر . وما كان لاتفاقية غاية في السوء وهي اتفاقية باريس الاقتصادية التي جعلت من الاقتصاد الفلسطيني مسماراً في عجلة الاقتصاد “الإسرائيلي” ومُلحقاً تابعاً له . . . ما كان لهذه الاتفاقية سوى إنتاج الأزمات المالية المتفاقمة للسلطة . وهذا وسط وجود تضخم هائل في عدد الموظفين الذي يزيد على (160) ألفاً، ووسط مظاهر فساد كثيرة يعترف بها المسؤولون الفلسطينيون أنفسهم .
القضية الأبرز على هذا الصعيد هي، أن المجال الوحيد لتجاوز هذه الأزمة هو زيادة حجم المساعدات المالية العربية والدولية للسلطة، وليس اعتماداً على مصادر الدخل الفلسطينية التي هي الأخرى في جزءٍ أساسي منها مرتبطة بالكيان الصهيوني الذي يقوم بتحصيل الجمارك على البضائع الواردة إلى مناطق السلطة، وفي كثير من الأحيان تقوم “إسرائيل” بحجز هذه الأموال وعدم توريدها إلى السلطة إلا بتنازلات سياسية من قبلها . تبقى فقط الضرائب المتعددة والكثيرة التي تجنيها السلطة من مواطني الضفة الغربية، وهذه لا تكفي إلاّ لسد احتياجات قليلة من نفقات السلطة .
الجانب الخامس يتمثل في أنه، لا وجود للفصل بين السلطات الثلاث . السلطة التشريعية منتهية ولايتها منذ ست سنوات وهي معطلة بالكامل . السلطة التنفيذية، تتدخل في الأخرى القضائية، الأمر الذي يساعد على خلط الحابل بالنابل، ويؤدي إلى ضياع الفواصل في الأداء السياسي للسلطة التنفيذية، المبنية أساساً على تفرد رئيس السلطة بالقرارت السياسية .
ثم إن هناك جوانب عديدة مثل، إن البرنامج السياسي للسلطة المتلخص في إقامة دولة فلسطينية على كامل حدود العام ،1967 دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، لا يرتبط في أساسه على العامل الفلسطيني، بمعنى الوصول إلى ميزان قوى مع الكيان يفرض عليه الاعتراف بالحقوق الفلسطينية وإقامة هذه الدولة العتيدة، وإنما ونتيجة لتوقيع اتفاقيات أوسلو المشؤومة، تم ربط تحقيق هذا المشروع بالموافقة “الإسرائيلية” وهذا لم يحدث، ولا يحدث، ولن يحدث . الأمر الذي يستدعي بناء استراتيجية فلسطينية جديدة متوائمة مع المخاطر الصهيونية .
استراتيجية تعتمد على النهج الأساس في إجبار الدولة الصهيونية على الاعتراف بحقوق شعبنا الفلسطيني وحقوق أمتنا العربية أيضاً، ألا وهو الكفاح المسلح، ثم المطالبة بتنبي هذا النهج على الصعيد العربي أيضاً.
حكومة نتنياهو وتشييع «حل الدولتين»
بقلم: مأمون الحسيني عن الوطن السورية
يحلو للعديد من مسؤولي السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير اعتبار التعارض الشكلي ما بين تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية وبعض وزرائه بشأن «حل الدولتين» ومستقبل العلاقة مع الفلسطينيين، وكيفية التعامل مع جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري لتذليل العقبات ووضع طرفي الصراع على طاولة المفاوضات، بمثابة دليل على انعدام التوافق داخل حكومة نتنياهو حيال الخط السياسي الواجب انتهاجه إزاء الفلسطينيين، لا بل يذهب بعضهم إلى التمترس خلف توضيح رئيس الحكومة الإسرائيلية بأن سياسة إسرائيل الخارجية ترسم من قبله، و«كل موقف مغاير لها لا أهمية له»، في إشارة إلى ما اعتبر اعتراضاً على تصريحات وزير الاقتصاد نفتالي بينت حول «موت حل الدولتين»، وضرورة تكثيف البناء في الضفة والقدس، والتلويح بضم 60% من الضفة الغربية المصنفة كمناطق (ج)، وواجب «البدء بالحديث عن 3000 عام من التاريخ اليهودي»، لأنه «لم تكن هناك أي دولة فلسطينية هنا»!
ومع أنه لا يمكن تصور إقدام هؤلاء المسؤولين الفلسطينيين الذين ربطوا مصالحهم ومصيرهم بأوهام التسوية ومفاوضاتها العبثية المضرة والمؤذية، ومارسوا عملية تسويق الأوهام لعقدين ونيَف، على إجراء مراجعة نقدية عميقة تعيد وضع الصراع مع إسرائيل ومشروعها الصهيوني الذي يبدو أنه لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد، على قدميه بدلا من رأسه، غير أن واقع الحال يؤشر بوضوح إلى أن لا فارق حقيقيا بين ما يطرحه نتنياهو الذي سبق وأن استدعى، قبل أيام، نائب وزير الحرب في حكومته، داني دانون لـيعاتبه على شكل وتوقيت تصريحاته المتعلقة برفض حل الدولتين، وما جاء على لسان زعيم «البيت اليهودي» بينت الذي يعبر، وحسب الصحافة الإسرائيلية، عن رأي وموقف نحو ثلثي وزراء وأعضاء الكنيست من الائتلاف الحالي الذين يعارضون حل الدولتين.
ويفيد التدقيق في مخاتلة وألاعيب ومناورات رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي لا يخفي رغبته في تمرير الوقت على أمل أن يتراجع زخم مساعي وزير الخارجية الأميركي جون كيري المتعلقة بإعادة إحياء المفاوضات، وأن تتضح معالم الصورة الإقليمية الضبابية، بأن تأكيده على أن الدولة الفلسطينية، التي سيوافق عليها ائتلافه الحكومي، ستكون منزوعة السلاح، وتعترف بـإسرائيل كـ«دولة للشعب اليهودي»، يستبطن رفضاً كاملاً لفكرة الدولة الفلسطينية، وإصرارا على انتزاع استسلام فلسطيني تاريخي غير منقوص. إذ إن الرجل الذي حاول، طوال سنوات ولايتيه السابقة والحالية، تسويق فكرة أن الاستيطان ليس جوهر الأزمة، وأن ما يعيق التسوية هو رفض العرب لفكرة وجود إسرائيل، يعرف مسبقاً بأن هذا الطرح غير مقبول وغير واقعي، ولا يمكن لأي كان في الساحة الفلسطينية الموافقة عليه. وحيثيات ذلك لا تتعلق فقط بإلقاء القبض المسبق على كافة مفاصل السيادة الفلسطينية، وإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، و«شرعنة» طرد وتهجير فلسطينيي 1948، وإنما تتصل أيضاً بإخراج نتنياهو «القدس الكبرى» من دائرة التداول كونها «العاصمة الأبدية» للدولة العبرية، والعمل على ضم غور الأردن ومناطق واسعة أخرى من فلسطين المحتلة، ومواصلة عمليات الاستيطان، فضلا عن رزمة أخرى من الإجراءات التي تدفن حل الدولتين قبل ولادته.
وانطلاقاً من أن ما يدب ويفرض على أرض الواقع هو الأكثر صدقاً من كل الأقاويل والتصريحات والمزاعم، لا بد من التوقف أمام بعض الإجراءات الإسرائيلية الوازنة التي تتخذ في خضم الحرب المتنقلة في العالم العربي، والتي تجعل الحديث عن «حل الدولتين» أو أية تسوية أخرى مجرد هرطقة لا محل من الإعراب. إذ، بموازاة توقيع عقود لبناء نحو 1000 وحدة استيطانية في مستوطنتي «راموت» و«جيلو» في القدس الشرقية، كشفت دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير عن إقرار سلطات الاحتلال إقامة مبنى استيطاني ضخم في وادي حلوة لا يبعد أكثر من خمسين متراً عن المسجد الأقصى أطلق عليه اسم مبنى «كيدم»، وينص على بناء مبنى ضخم على تخوم الأسوار الجنوبية للبلدة القديمة في القدس في حي وادي حلوة على أرض تمت مصادرتها، قبل عدة سنوات، بحجة التنقيب عن الآثار تحت إشراف جمعية «العاد» الاستيطانية، فيما أكد آري شبيط في (هآرتس) أنه في الربع الأول من العام الحالي 2013 تم البدء في بناء 865 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات. وقد زاد عدد بدايات البناء في الضفة الغربية بنسبة 176 في المئة قياساً بالفترة الموازية من العام الماضي، وزادت النسبة فيها بـ355 في المئة قياساً بالربع الأخير من 2012.
في السياق ذاته، أشارت القناة الإسرائيلية الثانية، قبل أيام، إلى وجود 12 منظمة يهودية مختلفة تعمل على بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، كما رصدت ارتفاع منسوب الفتاوى الدينية اليهودية التي تجيز وتدعو إلى اقتحام الأقصى وإقامة «الصلوات والشعائر» اليهودية فيه بهدف «تعويد» العالم الإسلامي على هذا الوجود اليهودي اليومي. وحسب القناة، فإن ثمة خرائط ومخططات تفصيلية، أعدها المخطط جدعون حرلب، رهن الإشارة لبناء الهيكل، وذلك بالتزامن مع بناء مذبح القرابين من حجارة البحر الميت، وتوفير أدوات أخرى ووضعها في مكان قريب من المسجد الأقصى، وتحديدا في «معهد الهيكل»، لنقلها على وجه السرعة في «ساعة الصفر» لبناء الهيكل المزعوم.
ويبقى المنتظر الذي لا يقل خطورة عما سبق، والمتمثل في فبركة وهندسة الأجواء «القانونية» لتفعيل ما يسمى «قانون أملاك الغائبين» في مدينة القدس، والذي سيتيح إكمال سرقة ما تبقَى من أملاك الفلسطينيين التي تتخطى قيمتها مئات الملايين من الدولارات، ناهيك عن قيمتها الوطنية والتاريخية والتي لا تقدر بثمن، في أكبر عملية سرقة في التاريخ الحديث. وحسب تقرير أصدره معهد الأبحاث التطبيقية «أريج»، قبل أيام، فإن قانون أملاك الغائبين خضع لتعديلاتِ عديدة لضم أكبر قدر ممكن من الأراضي والعقارات لصالح المشروع الاستيطاني والتوسعي في الأراضي المحتلة، كان أخرها في العام 2004، حين أتيح لما يسمى «القيَم على أملاك الغائبين»، وهو موظف تابع لوزارة المالية «الإسرائيلية»، بأن يقوم بالتصرف في هذه الأملاك وبيعها لما يُسمى «سلطة التطوير» التابعة لـ«دائرة أراضي إسرائيل» التي تسيطر على 93% من الأراضي المحتلة عام 1948. وبعد ذلك تقوم سلطة التطوير بتخصيص هذه الأراضي للشركات الاستيطانية كشركتي «عميدار» و«همينوتا»، والتي تستخدمها لبناء وتوسيع المستوطنات، وخاصة في القدس الشرقية.
تطييف المشرق اهم نصر استراتيجي لاسرائيل
بقلم: سليم نزال عن القدس العربي
كان المرحوم العميد ريمون اده رئيس الكتلة الوطنية في لبنان من اكثر من حذر في سبعينيات القرن الماضي من خطر تطييف لبنان والمشرق. لان ذلك سيقدم تبريرا ايديولوجيا- دينيا للدولة اليهودية التي تبنت كما هو معروف سياسة التطهير العرقي في فلسطين لتهويد فلسطين. كان ريمون اده يقول هذا الكلام في فتره لم يكن فيه الغليان الطائفي قد وصل الى مرحله مقلقة كالذي وصل الان.
ففي الوقت الحاضر نرى تناحرا على خلفية مذهبية تجرة وانتشارا غير مسبوق لثقافة الكراهية الدينية، خاصة في ثلاث بلدان في المشرق وهي العراق وسورية ولبنان وكذلك في مصر.
وهذه الصراعات مثلها مثل كل الظواهر السياسية والاجتماعية لا تنبت فجأة بل هي نتيجة تراكمات فشل الدولة الوطنية والاحباط وفقدان الامل الامر الذي سمح للايديولوجيات الدينية خاصة المتطرفة منها ان تملأ الفراغ الحاصل وان تسوق نفسها كأنها مخلص للمجتمعات من مشاكلها.
فالبنية الاجتماعية والثقافة الشعبية السائدة في المشرق العربي التي تستند في جلها الى مرحله ما قبل الحداثة وطول مدة الاستبداد السياسي سمحت الى حد ما لثقافة التطرف الى ان تصل الى مستويات يكاد البعض منا لا يصدقه، خاصه نحن الذين تربينا في المشرق الذي كان دوما يملك حدا معقولا من التسامح. ولذا فان التغيير الحاصل الان في بنيه الثقافة ومنظومة القيم هو الاخطر الذى يتعرض له المشرق. فالاحتلال العسكري الاجنبي يظل امرا بسيطا مقابل تدمير منظومه القيم، فالثقافة كانت دوما في الخط الامامي للدفاع عن الاوطان وتدمير الثقافة واستبدالها بمنظومة فكر منغلق كارثة كبرى.
لقد نجح الاسبان في تدمير السكان الاصليين في امريكا الجنوبية ليس بالهزيمة العسكرية بل من خلال تدمير ثقافتهم. لان الثقافة بكل اشكالها تشكل المستودع الروحي لاي شعب وهي خط الاول والاخير للدفاع عن الاوطان.
ففي المراحل السابقة كان الصراع – العربي الصهيوني هو الذي يحتل الاهتمام الاول، بالرغم من كل تلاعبات الانظمة العربية وتسخيرها لهذا الصراع لمصالحها.
وقد وعت الحركة الصهيونية مبكرا لخطورة الفكر التوحيدي العربي لانها تعرف ان كل وجودها مرتبط بالتغيرات التي تحصل فيها المنطقة.
وهذا ما يفسر الكتابات الصهيونية التي تعود الى خمسينيات القرن الماضي والتي تؤكد على ضرورة ان تعمل اسرائيل على اللعب على الاوتار الطائفية، لاجل تمزيق نسيج المجتمعات المشرقية. الامر الذى يدخل هذه المجتمعات في صراعات لا تنتهي تكون فيها اسرائيل المستفيدة الاولى.
وتستطيع حينها ان تقدم نفسها في العالم كواحة ديموقراطية مستقرة وسط تناحرات دينية. لان الدولة الصهيونية ادركت جيدا ان انتصارها العسكري على العرب لا يملك اي قيمة استراتيجية طالما بقيت المجتمعات العربية خاصة في المشرق متماسكة. وما نراه اليوم من تفكيك لنيسج مجتمعاتنا هو تحقيق للحلم الصهيوني وهو في تقديري اكبر نصر استراتيجي تحققه اسرائيل منذ وجودها.
الربيع العربي: ولادة مبكرة أم فوضى مفتعلة؟
بقلم: عبد الله ابو مازن عن القدس العربي
لا أهمية كبيرة لتقليب صفحات الماضي القريب ولا البعيد، الذي أوجد حالة ما أصبح يعرف بالربيع العربي. ولـــكن السؤال الذي تدور حوله أحاديث الكثير من البشر: هل الربيع العربي ظاهرة طبيعية ضمن صيرورة التطور التاريخي، لأية أمة أو شعب، لا بد من المرور بها؟ أو السؤال بطريقة أخرى: هل الربيع العربي منا وفينا؟ أم أن الربيع العربي ليس أصلياً (فوضى من آخرين متآمرين)؟ والدلالة على ذلك أنه ‘إصفر’ قبل موعده وأصبح أي فصل عدا الربيع.
إن أي كائن حي لا بد له من تفاعل مع المحيط، والعرب ورغم حالة الإنحطاط التي كانت ولا زالت تعيشها الأمة العربية، فإنه لا بد لهذه الأمة الحية أن تتقدم. فأحداث عظمى في التاريخ، بدلت حالة الأمم بفعل صاعق تواجد ببطن التراكمات الحبلى بالضغط الإقتصادي والظلم الإجتماعي وسحق كرامة الإنسان، والتي لا بد لهذه الأحداث من لحظة ملائمة للولادة ؛ متأثرة بما تراه هذه الأمة من تقدم لأمم وشعوب في هذا العالم، بما تبنته من نظم وتشريعات، سهلت حياة تلك الأمم والشعوب (ويبدو واضحاً تأثر الشعوب العربية من بعضها: تونس، مصر، ليبيا، سورية). فأية أمة إذاً ستتطور عند توفر اللحظة، وهي بالتالي ستحتاج الظروف الموضوعية المناسبة، والعامل الذاتي المتمثل بالقوى التي تقود هذا التغيير.
لقد تواجدت قوى تاريخياً في بلدان العرب، ولكن دون تفاصيل ولإسباب في هذه الأحزاب وبسبب قمع الأنظمة، بقيت تلك القوى دون مستوى القدرة على رسم الأهداف قبل الربيع العربي، وبعد الربيع العربي (من خلال الإجابة على ماذا سنعمل غداً؟ وكيف سنستثمر الربيع العربي لصالح الجماهير؟)، وهذا شكل مدخلاً ملائماً للقوى المهيمنة عالمياً، على المشاركة بهذا الحدث، في محاولة منها لإحداث تغيير يبقى ‘حنوناً ولطيفا’ إتجاه تلك القوى العالمية، بما يضمن علاقات جيدة معها، وكأن التغيير يمثل رأس الهرم وإصلاحات معينة، تساعد المواطن فترة من الزمن. وكانت مشاركة تلك القوى، متنوعة بإختلاف قدرات وهيمنة كل دولة وتشابك مصالح كل منها مع النظام السابق والمتوقعة مع النظام الجديد.
فقد إستخدمت القوة كما حصل في ليبيا، وفي سوريا إلى حد ما، كما إستخدمت التحالفات القائمة مع بعض النظم العربية في التمويل والدعم العسكري وإمكانية عمل تحالفات مع بعض القوى. كما يبرز بعض الخلاف بين الدول المهيمنة حيال التصرف في الوضع المعقد في سوريا وغيرها أحياناً. إن هذه أمثلة لما قامت وما ستقوم به القوى المسيطرة عالمياً على تشويه الربيع العربي، لإجل أن ‘يصفر’ قبل موعده. وبالتالي ستحاول القوى تلك خطف ثمرة الربيع من أفواه العرب، أو تشويه الثمرة وتوزيعها بغير عدالة على أصحابها، أو على الأقل إزعاجهم عند تناول تلك الثمرة.
إن الربيع العربي ورغم كل ما آل إليه وما سيؤول إليه، لهو ربيع عربي لأمة لها تاريخها وحضارتها، وإن دفن تلك الحضارة الظلم والتخلف والمال (في غير محله). ولكن هذا الربيع قد يكون ولد مبكراً لم نستعد له كقوى محركة، وبالتالي، كل ما يحتاجه هذا المولود المبكر عناية زائدة، وبعدها سرعان ما ينهض صانعاً مجدها القادم.
أما الحديث بأن كل ما يحصل هو من تخطيط خارجي، فهذا هروب، ليرتاح المرؤ من التعمق في عمق الظاهرة. كما أن تمرير الدول العظمى لهذا الحديث، هو من باب إحباط الأمم والشعوب، وتصوير الوضع بأنه سيناريو مرسوم، لفيلم أبطاله أبناء المنطقة، ولكنه يبقى تمثيلاً. إن تاريخ الأمم ليس من السهولة توقع كل صغيرة وكبيرة ستحدث فيه، وكثيراً ما إنقلب السحر على الساحر. ولكن على العرب أن يعرفوا حقيقة الواقع وتغييره بإرادتهم، ليبقى الربيع العربي عربياً وليس فوضى مفتعلة غير عربية.
مصر: الإنذار الكبير
بقلم: حازم صاغيّة عن الحياة اللندنية
جاءت انتفاضة مصر الثانية تردّ على الذين قالوا إنّ ثورات «الربيع العربيّ» أتت بالإسلاميّين وثبّتتهم في مواقع السلطة، وكان الله يحبّ المحسنين. وبالطبع عجّت مثل هذه الأحكام بما لا يُحصى من أشكال الوعي التآمريّ، فضلاً عن المبالغات المحسوبة والمدروسة.
فما يحصل في مصر يدلّ، في المقابل، إلى أنّ تلك الثورات فتحت الباب مشرعاً للحرّيّة التي جاءت بالإسلاميّين ثمّ مهّدت، هي نفسها، للانقضاض عليهم.
هكذا، وبعد أطنان الكلام المكتوب عن «الإسلام والديموقراطيّة» ممّا لم يكن قابلاً للاختبار والقياس، يوفّر الظرف السياسيّ المحتدم تعريض هذه المعادلة، للمرّة الأولى، إلى اختبار فعليّ. والحال أنّ تجربة العام الذي قضاه محمّد مرسي في سدّة الرئاسة المصريّة جاء شهادة سلبيّة ومكثّفة في سلبيّتها على الفشل. فكيف وأنّ الإسلام السياسيّ الحاكم في تركيّا، وإن على سويّة أرقى كثيراً من السويّة المصريّة، يواجه أزمة كبرى في ممارسته السلطة، بينما الإسلام السياسيّ الحاكم في إيران، وعلى سويّة أشدّ انخفاضاً من السويّتين التركيّة والمصريّة، يستنجد بحسن روحاني الذي ربّما كان آخر أوراق التوت.
هذا بذاته، ومن حيث المبدأ، تحوّل كبير سنعاينه على مدى حقبة مقبلة يُرجّح أن تطول.
لكنْ بالعودة إلى مصر، تتقاطع المطالبة المبرّرة بتنحّي مرسي (أو تقصير ولايته) تمهيداً لانتخابات رئاسيّة جديدة مع معضلة كبرى تعاون على خلقها التاريخ السياسيّ والثقافيّ للبلد وحاكميّة الإخوان المسلمين بعد ثورة يناير.
والمعضلة هذه التي تكاد تقسم الشعب شعبين، قد تنتهي إلى مآزق لا تستطيع الثقافة السياسيّة بانقساماتها المعهودة ووسائط تحكيمها أن تتغلّب عليها لأنّها، ببساطة، تفيض عن الثقافة السياسيّة بانقساماتها المعهودة.
وضع كهذا يحمل على افتراض الاحتمالات الراديكاليّة والقصوى، من نوع نشوب حرب أهليّة لم يعد توقّع نشوبها هلوسة محلّلين ذوي خيال سخيّ، أو من نوع انقلاب عسكريّ يقطع الطريق على الاستقطابات الحادّة والمتعادلة، ويكون واسع التأييد بعد التعب والإنهاك الشعبيّين اللذين تسبّبت بهما المواجهات المتّصلة منذ يناير 2011 وما رافق ذلك من تردٍّ في الأمن والاقتصاد.
والحقّ أنّ احتمالات كهذه، في حال حصولها، ستكون إنذاراً، بل نذيراً، لا لمصر وحدها، بل لعموم المنطقة التي كثيراً ما تؤشّر مصر إلى وجهتها. ذاك أنّنا إذا عطفنا مثل هذه الاحتمالات على خليط الثورة والأزمة والحرب الأهليّة في سوريّة، وتخبّط الوضع الليبيّ، وتراكم أسباب الانفجار في تونس، أمكن الخروج بخلاصة بالغة التشاؤم والسوداويّة عن آفاق الديموقراطيّة في المنطقة العربيّة.
فإذا صحّ أنّ الحرّيّة تفتح الأبواب للتقدّم، بما فيه التقدّم نحو الديموقراطيّة، صحّ أيضاً أنّ الحرّيّة ليست سحراً يستطيع التغلّب على معضلات عصيّة ترعرعت في حضن تاريخ وثقافة بعينهما.
فهل تنجح مصر، بشبّانها وشابّاتها في ميدان التحرير وسائر الميادين، في إنقاذ الثورات وتسهيل العبور من الحرّيّة إلى الديموقراطيّة، أم أنّها ستفشل أمام هذا التحدّي فتترك الحرّيّة كي تتفسّخ إلى فوضى، أو كي تُخنق على يد انقلاب عسكريّ؟ وهذا ربّما كان سؤالاً يشبه المعضلة الكبرى لواقعنا، من حيث أنّه يتجاوز السياسيّ إلى الثقافيّ والمجتمعيّ؟
هل انتهى حكم الجماعة لمصر؟
بقلم: علي سالم عن الشرق الأوسط
واقع مؤلم نهارا، وكوابيس بالليل، وقارئ في انتظار أن نكتب له ما يفيده ويمتعه.. يا لقسوة الأيام في وقت من العمر نستحق فيه راحة البال. الأحداث أسرع بكثير من أقلامنا، غير أني أحاول الإفلات من التفاصيل والذهاب مباشرة لمعنى ما يحدث، المعنى الذي وصلت إليه هو أن حكم جماعة الإخوان لمصر انتهى بعد عام واحد حافل بالفشل وأكثر من 80 عاما من التدبير للوصول إلى الحكم. كانت فترة قصيرة وطويلة من الحكم الأجنبي، وأجنبية هذا الحكم ليست راجعة إلى أنه تابع لبلد أجنبي، بل لأنه يعتنق أفكارا ويستخدم وسائل غريبة عن هذا العصر.
وبعد أيام، وربما لحظات، سيكتشف المصريون أنهم لم يتسلموا أرض مصر خالصة، بل مليئة بالألغام. فهناك حكم أجنبي يترك لنا كتابا في وصف مصر، وآخر يترك في أفئدتنا جرثومة الديمقراطية، أما ما أخشاه فهو أن نكتشف أن الموقع الذي استعدناه قد جرى تسميم آباره، وأن القتال الحقيقي لم يبدأ بعد. في يومين فقط قُبض على عدد من السيارات والأشخاص معهم كميات من الأسلحة والذخائر والقنابل اليدوية، ثم جرى القبض في منطقة البساتين على شخص يقوم بصناعة قنابل بدائية؛ بارود ومسامير، وقد قُبض عليه بعد حدوث انفجار داخل البيت نتيجة لخطأ أثناء صنع القنابل. أريدك أن تتخيل ماذا كان من الممكن أن تحدثه قنبلة واحدة من هذا النوع في البشر المحتشدين في ميدان التحرير أو في أي ميدان آخر.
أشعر بالألم مما حدث في العام الماضي، ولكني أشعر بالخوف مما سيحدث، فالتنظيمات السياسية في الحكم وخارجه تجيد التقدم والتوقف والانسحاب، ثم الإعداد لجولات أخرى بعد دراسة أسباب الخسارة واستيعابها. أما التنظيمات الدينية والآيديولوجية، فهي تعرف نوعين فقط من الانفعالات؛ الفرحة والغضب.
الفرحة التي ربما تصل إلى الهستيريا عند الوصول إلى الحكم، وهي تلك الفرحة التي تولّد في النفس قدرا من الثقة عبّر عنه المصريون بقولهم «يا أرض اتهدي.. ما عليك قدي» والغضب عندما ترغم على الانسحاب منه. وهو ليس ذلك الغضب العادي الذي يصيبنا جميعا، بل هو ذلك النوع الأسود من الغضب الذي يتحول إلى رغبات انتقامية ملتهبة.
في حالات العجز الذي يقويه الجهل، تحدث للجموع عملية «إحالة» للانفعالات، بحيث يلقون بمسؤولية فقرهم وعجزهم على آخرين، ربما نكون قد شعرنا بالملل من كراهية الإمبريالية العالمية، في هذه الحالة - على سبيل التغيير - ربما نصب جام غضبنا وإحباطنا على جماعة الإخوان. هذه هي الحرب التي أخشاها، والتي ستحدث حتما في غياب قيادة سياسية تؤمن بالمصالحة بين كل الفرقاء. وهي المصالحة التي يجب أن تكون مبنية على الإيمان بحقوق الإنسان الفرد، وأنه حجر الزاوية في بناء الوطن، وهو ما يحتم وجود دستور حقيقي وقوانين نزيهة وتشكيلات سياسية وزعماء لا شأن لهم بلعبة النجومية.
هل بدأنا نعيش مرحلة: ما بعد الإسلاميين حقا؟!!
بقلم: حلمي الأسمر عن الدستور الأردنية
يوم 01-06-2013 نشرت هنا في «الدستور» مقالا بعنوان «ما بعد الإسلاميين» قلت فيه ...
طيلة العقد الماضي تقريبا، أو ربما يزيد، كنا نقول إن تيارات اليسار العربي والقوميين، والقوى المحافظة، والمتلونين، وحتى المتحولين، ومن لا يُعرف تصنيفهم، أخذوا فرصتهم في «تجريب» رؤاهم واجتهاداتهم، في النهوض بأمة العرب، وكانت الحصيلة لا تسر، فقد فشل كل هؤلاء في أن يكونوا على سوية قريبة ممن بدؤوا نهضتهم بالتزامن، ونستحضر هنا تجارب عدة مثل: اليابان والهند، ودول النمور الآسيوية، وسواها، ممن استطاع ابتداء من حقبة الاستقلالات العربية ان يحققوا ما عجز عنه العرب، الذين سجلوا سلاسل متوالية من فصول الفشل، حتى جاءت حقبة الربيع العربي، وهو ربيع فعلي رغما عن كل ما قيل وما سيقال عنه لسبب بسيط جدا، فهو الذي أعاد الثقة للمواطن البسيط، وعلمه انه بوسعه أن يكون ذا تأثير في صناعة مستقبله، دافنا إلى الأبد جملة من المقولات الانهزامية، مثل: وأنا مالي، وشو ممكن اعمل، وحط راسك بين الروس وقل يا قطاع الروس، وامش الحيط الحيط وقل يا رب الستر، وغيرها من الأوهام، وجاءت حقبة الربيع بالإسلاميين في غير موقع، وبدأ ما يشبه الفصل الجديد من التاريخ العربي، وقد قيل: جربتم كل ألوان الطيف السياسي، فلم لا تجربوا الإسلاميين، وفي هذا قدر كبير من المعقولية، رغم المخاوف الكامنة في نفوس الكثيرين من بعض العقليات التي تحكم التيار الإسلامي، وثمة فئة أو اكثر لم تقف على الحياد، فأشرعت مدافعها قصفا ومقاومة لرجالات هذا التيار، وحاولت بكل السبل، ولم تزل/ النيل من التجربة الجديدة وإفشالها، وتحالفت مع شياطين الأرض لإجهاض التجربة حتى قبل أن تبدأ، وهذا أمر طبيعي، فلم تكن طريق الأنبياء والرسل والمصلحين معبدة بالورود، فكيف برجال سياسة وحكم، يحملون رؤية إسلامية، ولهم اجتهاداتهم المثيرة للجدل أحيانا، إن لم يكن في غالب الأحيان؟
في المحصلة، تبوأ إسلاميون سدة الحكم في غير بلد عربي، وبدأوا بإنزال رؤاهم النظرية في الحكم التي وعدوا بها الشعوب منذ عقود، على أرض الواقع، فكانت النتيجة أو على الأقل مؤشراتها الأولى كارثية، إن لم نكن أنها غير موفقة، دون النظر طبعا إلى أي معيقات، مصطنعة أو طبيعية، وقفت في طريقهم؛ لأن من يتصدى لحمل ملف الحكم، عليه أن يعرف حجم العقبات التي ستعترضه، وبالتالي يفترض ان لديه الخطط لمواجهتها، أما أخوتنا في التيار الإسلامي، وتحديدا الإخوان المسلمين، فبدا أنهم أتقنوا لعب دور «المعارضة» جيدا طيلة سنين خلت، حتى إذا انتقلوا إلى كرسي الحكم، بدا عليهم الارتباك والاضطراب والخوف، فضلا عن عدم قدرتهم على استيعاب الآخرين والعمل معهم، واستمالة واستيعاب الخصوم، حيث ظل هؤلاء في نظر الإسلاميين مناقضين للتنظيم، ولم يدركوا أنهم شركاء في الوطن!
لن نتسرع الآن ونقول اننا بدأنا نعيش مرحلة «ما بعد الإسلاميين» لأن ثمة متسعا من الوقت لتدارك الأخطاء الفاحشة التي وقع بها الإسلاميون، وإن بدا أن فرصة التغيير تضيق اكثر فأكثر، الإسلاميون الآن بحاجة لخطوات ثورية لإعادة الألق للتجربة الجديدة، وإنقاذ المشروع النهضوي الإسلامي، الذي تعلقت به قلوب الملايين، من مسلمين وإسلاميين وغيرهما، علما بأن ثمن فشل تجربتهم باهظ جدا، فقد قالها لي مسيحي عربي يساري علق آمالا كبيرة على نجاح التجربة: إن لم ينجح هؤلاء بعد طول انتظار، فما البديل؟
واليوم/ ونحن نشهد مرور مصر، أم الدنيا، بأخطر مرحلة في حياة ثورتها، اشعر بخوف شديد على هذه التجربة، ليس من أجل مصر فقط، بل من اجل هذه الأمة، التي طال وقوفها على عتبة التاريخ!
ما لا يراه الإخوان
بقلم: عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
بغض النظر عن النتيجة التى ستسفر عنها المظاهرات الشعبية ضد جماعة الاخوان والرئيس محمد مرسى فإن الرسالة التى ينبغى أن تصل إلى الجماعة وحزب الحرية والعدالة والرئيس محمد مرسى هى أن حجم شعبيتهم قد تآكل بدرجة كبيرة، والرفض الشعبى بلغ أحيانا مستوى هستيرى.
مساء السبت تجولت فى ميدان التحرير والشوارع المحيطة به. الصور والمشاهد مختلفة. تذكرك بأجواء 25 يناير حتى 11 فبراير، باستثناء وحيد هو اختفاء التيار الإسلامى، ولذلك لم يكن غريبا وجود لافتة عند مدخل الميدان من اتجاه كوبرى قصر النيل تقول: «ممنوع دخول الإخوان».
دققت فى الوجوة كثيرا، فلم أر أدلة دامغة على أن الموجودين فلول، قد يكون هناك بعض المندسين لكن الغالبية العظمى من الموجودين مواطنون مصريون عاديون ثاروا ضد نظام مبارك بعد 30 عاما من الاستبداد، ويثورون الآن ضد الإخوان بعد عام واحد بسبب الاخفاق الشامل.
بحثت فى الأيدى عن صور حسنى مبارك التى قيل إن المتظاهرين يرفعونها، فوجدت صورة فعلا لمبارك لكنها لنصف وجه، والنصف الآخر لمحمد مرسى.
هل يستفيد الفلول مما يحدث الآن من انقسام شركاء الثورة؟.
بالطبع يستفيدون والمسئول عن ذلك هم الاخوان الذين حشروا المعارضة فى زاوية كان موجودا فيها الفلول، ولذلك يبدو غريبا أن يتم معايرة المعارضة بالفلولية ولا يتم لوم من قرر سياسات جعلت أبوالفتوح والبرادعى وصباحى وحزب النور فى معسكر واحد مع أحمد شفيق وتوفيق عكاشة وسائر أركان نظام مبارك.
تركت الميدان واتجهت إلى باب اللوق، ظللت نصف ساعة أبحث عن تاكسى، فلم أجد وفى النهاية ركبت مينى باص تابع لهيئة النقل العام، كان داخله أكثر من 13 راكبا جميعهم كانوا ينتقدون الإخوان بألفاظ هادئة حينا وبذيئة أحيانا.
هؤلاء كانوا عينة عشوائية، لم يدفع لهم مبارك ولم يعطهم أحد عشرين جنيها ليقطعوا الكهرباء.
نزلت من المينى باص ومشيت من حى عابدين إلى قرب ميدان السيدة زينب، كل الشوارع بلا استثناء رفعت لافتات تقول «ارحل.. ولا للإخوان».
لو أن الفلول هم المسئولون عن هذا الحشد وهذا الرفض الواسع للإخوان، فهم نجحوا بمهارة. الإخوان يدركون حقيقة انخفاض شعبيتهم ولا يجرءون على إعلان ذلك ويستخدمون شماعة الفلول.
هناك احتمال نظرى بأن الإخوان قد يتمكنوا من عبور أخطر أزمة مرت عليهم منذ 25 يناير 2011 لكن المعضلة الكبرى التى يصعب عليهم عبورها هى الكراهية الشعبية المتنامية ضدهم.
لا يدرك الإخوان أن ما كان غالبية الناس يضعون الاخوان الان فى نفس منزلة نظام مبارك.
صاروا هم فى نظر قطاعات شعبية عديدة الخصم أو العدو. ليس مهما كثيرا من فعل ذلك وكيف فعله، المهم أنه حدث.
عندما يكون غالبية القضاة والإعلاميين والمثقفين والدبلوماسين وكل الشرطة وكل المعارضة ضدك، وعندما تواجه ازمة اقتصادية طاحنة وعندما تفقد تأثيرك العربى، وتكون عندك أزمة كبرى فى مياه النيل وفى سيناء.
وعندما تكون محاصرا بكل ذلك، ثم تصر على أن تعمل بمفردك وتتحدث بلغة استعلائية وتريد «التكويش» على كل شىء.. فيصعب تماما وقتها أن تكون أنت على صواب والجميع على خطأ..هل يستوعب الاخوان الدرس أم أن الأوان قد فات؟!!
ارحل قبل فوات الأوان
بقلم: أحمد الجارالله عن السياسة الكويتية
أخطأ الرئيس محمد مرسي بقراءة المقدمات التي اوصلته إلى هذا اليوم الذي لا يتشابه مع 25 يناير, بل يبدو اكثر عنفا ودموية, لأن حجم السخط الشعبي اكبر بكثير منه حينذاك, فإذا كان الرئيس السابق حسني مبارك خضع ل¯13 مليون متظاهر وتنحى قبل ان تصل الاحداث الى ما وصلت إليه الآن, فكيف سيواجه الرئيس "الاخواني" 22 مليون مصري يطالبونه بترك الحكم والرحيل?
يبدو واضحا أن مرسي لم يتعلم من أخطاء مبارك, بل كرر خطب الاخير, ولكن بأسلوب ركيك فيه من التدليس على الناس ما يجعل حتى انصاره يتخلون عنه, ومثلما لم يستطع الحزب الوطني الديمقراطي التصدي للمتظاهرين في العام 2011, رغم كل القوة التي كان يتمتع بها ورصيد 30 عاما من التغلغل بمؤسسات الدولة, فإن جماعة "الاخوان المسلمين" الحديثة العهد بالحكم, لن تقدر على امتصاص الغضب الشعبي رغم تهديد بعض مسؤوليها بمواجهة الشارع بالشارع, او بالعنف والدم مصر الحالية اختلفت عما قبل وجيشها وقف, دائما, في صف شعبها, وما فعله أيام النظام السابق خير دليل, وهو اليوم لن يتخلى عن حاضنته الطبيعية لينحاز الى حكم المرشد الذي خلق بين جماعته والمؤسسة العسكرية ثارات عدة لا يمكن نسيانها.
30 يونيو 2013 يوم فاصل بتاريخ مصر انه, وفي قراءة هادئة, بوابة جحيم تفتحها جماعة "الاخوان المسلمين" على هذا البلد, ولذلك اذا كان مرسي فعلا يؤمن بمصلحة وطنه, ويعمل لاستقراره فعليه ادراك أنه راحل, فيوفر على نفسه الخطب المنسوخة عمن سبقه الذي حين قال له الجيش:"اذهب الى شرم الشيخ واعلن تنحيك" لم يتوان لحظة عن ترك منصبه ليقينه ان بلاده لا تحتمل الفوضى والدم والدمار, كما أن هناك مؤسسة قوية وقادرة على الإمساك بزمام الامور.
على مرسي اليوم أن يدرك خطورة ما هو فيه ولا ينتظر حتى يقول له الجيش"الشعب مش عاوزك", فهذه المرة الشعب والجيش لن يكونا رحماء بمن دفّع مصرهم في سنة واحدة ما لم تدفعه في خمسين سنة.
نعم, نكررها مرة اخرى"كما تدين تدان" فالريح التي زرعها نظام الرئيس مرسي اثمرت هذه العاصفة الهوجاء, ولذلك ليس يوم الغضب الشعبي الذي اشرقت عليه شمس مصر هذا الصباح مجرد فورة تنتهي بخطبة رئاسية او بتهديد من قادة"الاخوان", بل هي صرخة غالبية شعبية يبدو انها لن ترضى بأقل من رحيل النظام, لذا ليس امام الرئيس غير خيارين للخروج مما هو فيه: إما المغادرة الى المنفى او المحكمة التي رغم حياد قضاتها ونزاهتهم المعهودة لن يغضوا الطرف عمن اهانهم واستباح كرامة القضاء.
ليقرأ مرسي أحداث الاعوام الثلاثة الماضية ويتمعن بخطب مبارك أمام الهدير الشعبي وتأليب الخصوم عليه ولنظر الى حاله ويعتبر, إذا كان هناك متسع من الوقت للاعتبار.