اقلام واراء اسرائيلي 393
17/7/2013
سور صيني للمستوطنات
في هــــــذا الملف
سور صيني للمستوطنات
بقلم: باراك رابيد ،عن هارتس
الكلفة الاقتصادية لدولة ثنائية القومية باهظة
بقلم: نحاميا شترسلر،عن هارتس
لا يوجد فصل عنصري في اسرائيل
بقلم: شوكي فريدمان،عن هآرتس
اضاعة فرصة في الطريق القنبلة
بقلم: يوعز هندل،عن يديعوت
المسؤولية الجنائية لا تنطبق على ابن الخامسة
بقلم: نيفا لنير،عن اسرائيل اليوم
اعطوهم الخبز ولا تعطوهم البنادق
بقلم: أريه الداد ،عن هآرتس
بقلم: باراك رابيد ،عن هارتس
في العام 2005، بعد سنة من المداولات، وقعت آخر صيغة لاتفاق المنطقة التجارية الحرة بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي. فالمطلب الاساس الذي طرحه الاوروبيون كان ادخل بندا يمنع بضائع ومنتجات زراعية من المستوطنات في الضفة وفي شرق القدس، تستورد الى الاتحاد الاوروبي، من الحصول على اعفاء جمركي.
وزير الصناعة والتجارة في حينه، ايهود اولمرت، لم يتحمس للبند. وفهم اولمرت ورئيس الوزراء ارييل شارون بان معناه هو اعتراف اسرائيلي بان المستوطنات ليست جزءا من اسرائيل. وبالمقابل، فعلى الكفة كان كل اتفاق التجارة الحرة بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي، الذي قيمته للاقتصاد الاسرائيلي عشرات مليارات الشواكل. وقرر اولمرت تفضيل الربح للاقتصاد بأسره على المستوطنات ووقع على الاتفاق.
في الواقع السياسي لاسرائيل 2013، من المشكوك فيه أن يوقع مثل هذا الاتفاق. فمن الصعب أن نرى كيف يمكن أن يوافق وزير الاقتصاد نفتالي بينيت على المساهمة في اعتراف رسمي من الحكومة في أن المستوطنات ليست جزءا من اراضيها السيادية. وتحدث نائب وزير الخارجية زئيف الكين عدة مرات منذ تسلم مهام منصبه بانه ما كان ليوقع. ويبدو أن معظم وزراء الليكود يتفقون معه.
واذا كان الاوروبيون طالبوا حتى اليوم بادخال مثل هذا البند فقط الى اتفاقات الاعفاء من الجمارك، فقد قرروا الان تشديد القواعد. فابتداء من اليوم سيطلب الاتحاد الاوروبي من اسرائيل أن تعترف، في كل اتفاق، في أن المناطق خلف الخط الاخضر في الضفة وفي شرق القدس هي ارض محتلة. في الاتفاقات المتعلقة بكل مجالات حياة الاسرائيلي العادي التعاون العلمي، تبادل الشباب، الثقافة، الزراعة، الرياضة، السياحة والقائمة لا تزال طويلة.
الجمود السياسي، الخوف على مستقبل الدولتين وأكثر من كل شيء الاحساس بان حكومة اسرائيل غير معنية حقا بانهاء الاحتلال في المناطق دفع الاتحاد الاوروبي الى أن يجعل كل ما كان نظرية شفوية، اجراءات ادارية رسمية، ملزمة وموثقة. فالى جانب الخطوة الحالية يجري حث اجراءات اخرى تأشير منتجات المستوطنات في شبكات التسويق، وربما حتى الطلب من سكان المستوطنات استصدار تأشيرة للاتحاد الاوروبي.
يريد الاوروبيون ان يبنوا ‘سورا صينيا’ بين منظومة علاقاتهم مع دولة اسرائيل الشرعية ومنظومة علاقاتهم مع دولة المستوطنات غير الشرعية. وهكذا، كما يدعون، سيمنع التدهور في المنحدر السلس الذي يمكنه أن يؤدي الى مقاطعة عامة للمنتجات الاسرائيلية في اوروبا، على نمط المقاطعة التي فرضت على نظام الابرتهاد في جنوب افريقيا.
في الايام الاخيرة، منذ عاد من الصين، يجري بينيت المقابلات الصحافية تحت كل شجرة باسقة ويدعي بان مكانة اسرائيل العالمية لم تكن في أي وقت سابق افضل مما هي اليوم. والامثلة على عزلة اسرائيل في العالم وصفها بانها ‘تلفيقات’، اما التحذيرات من المقاطعات فوصفها بالتباكي. وبينيت مخطئ. خطوة الاتحاد الاوروبي تظهر الى أي درك وصلت مكانة اسرائيل في اوروبا وكم هي خطيرة العزلة الدولية التي تنزلق اليها. ‘احد في العالم غير معني بالمسألة الفلسطينية’، قال بينيت في مقابلة مع صوت الجيش الاسبوع الماضي. ‘ما يعني العالم من بكين حتى واشنطن وحتى بروكسل هو التكنولوجيا العليا الاسرائيلية… لدينا ميزة فلاحية للتفكير بان العالم يدور حولنا، ولكنه يدور حول الاقتصاد’.
بينيت محق. التكنولوجيا الاسرائيلية، الافلام الاسرائيلية والحاصلون على جائزة نوبل من الاسرائيليين مطلوبون جدا في العالم. وصحيح العالم حقا يدور حول الاقتصاد. بالذات لهذا السبب تثبت الخطوة الاخيرة للاتحاد الاوروبي بان سياسة الاستيطان الاسرائيلية واستمرار الاحتلال هما خطر واضح وفوري على الاقتصاد.
ماذا سيفعل كل اعضاء لوبي المستوطنين في الحكومة حين تأتي لحظة التوقيع على الاتفاق التالي الذي سيجلب الاستثمارات، المنح الدراسية والمنح الاقتصادية من اوروبا الى اسرائيل؟ ماذا سيفعل بينيت؟ ماذا سيفعل وزير السياحة عوزي لنداو؟ ينبغي الامل في أن مثل اولمرت، سيفضلون مصلحة اسرائيل على مصلحة دولة المستوطنات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الكلفة الاقتصادية لدولة ثنائية القومية باهظة
بقلم: نحاميا شترسلر،عن هارتس
إن دولة واحدة للشعبين هي فكرة مغرية. فمن ذا يحتاج الى كل هذه البلبلة الذهنية المسماة ‘دولتين للشعبين’؟ ومن يريد دخول تفاوض مع عرب لا يمكن تصديق أية كلمة من كلامهم؟.
لو أن بنيامين نتنياهو جاء الى مركز الليكود اليوم وطرح للتصويت اقتراح تأييد ‘دولتين للشعبين’، لتم عزله من منصبه فورا. فالتصور الجديد الذي أصبح له موطئ قدم في مركز الليكود وبين جهات رفيعة في قيادة الحزب، هو ضم الارض كما قال عضو الكنيست رؤوبين ريفلين: ‘إن كون الفلسطينيين مواطنين في الدولة أفضل من تقسيم البلاد’. وأنصار الضم من طرف واحد هم بالطبع أناس كرامة، ولهذا يقترحون اعطاء جميع الفلسطينيين الذين سيُضمون الجنسية وكل الحقوق وإلا كان الحديث عن دولة فصل عنصري رسمية وهم أنصار للديمقراطية.
لن نشغل أنفسنا هذه المرة بالمعنى السياسي (الداخلي والخارجي) للضم. وسنذكر فقط الحقيقة الضئيلة وهي ان ضم 2.5 مليون فلسطيني الى دولة اسرائيل يعني دولة ثنائية القومية ذات أكثرية يهودية صغيرة ومؤقتة: 60 في المئة يهود (6.3 مليون) و40 في المئة عرب (4.2 مليون)، وهذا من دون غزة ايضا. أي ان هذا هو نهاية الحلم الصهيوني.
سنشغل أنفسنا هذه المرة بالجانب الاقتصادي للاقتراح الذي لم يحظ الى الآن بأي نقاش. إننا اليوم في مكان سيئ جدا من جهة نسبة الفقر، فان 20 في المئة من العائلات في اسرائيل تحت خط الفقر، وهذا رقم قياسي سلبي اذا قيس بالدول الغربية. لكن في اللحظة التي يتحقق فيها حلم تسيبي حوتوبيلي وداني دنون وياريف ليفين سترتفع نسبة الفقر في اسرائيل ارتفاعا فظيعا. إن ضم المناطق يعني التوحيد بين دولة يقف انتاجها السنوي على 30 ألف دولار للفرد، وبين سلطة فلسطينية يقف انتاجها السنوي على 10 في المئة من ذلك، أي على 3 آلاف دولار للفرد. أي نسبة الفقر في الدولة الجديدة سترتفع الى نحو من 35 في المئة! وهذا يعني التحول من منزلة دولة متقدمة الى منزلة دولة من العالم الثالث، الى جانب السودان وارتيريا.
وسيقتضي هذا الوضع الجديد سياسة اجتماعية ثورية. وسيُحتاج الى زيادة حادة على ميزانية التأمين الوطني لمساعدة الضعفاء الجدد أي الفلسطينيين. وسنوزع عليهم مخصصات اولاد وشيخوخة ومخصصات بطالة وضمان دخل وغير ذلك بمبالغ ضخمة. وسيُحتاج ايضا الى زيادة ميزانية ‘قسم اعادة التأهيل’، لصالح المتضررين من المعارك من الفلسطينيين وعائلات ‘الشهداء’، التي ستكون مستحقة لمخصصات بحسب المعمول به عندنا. فالحديث عن مواطنين متساوين في الحقوق. وسيكون من الضروري ايضا مضاعفة مادة ‘هبات الميزانية’ للقرى والمدن الفلسطينية، التي ستُصنف يقينا في أدنى درجة اقتصادية واجتماعية، فاننا لن نبقيها مع ماء صرف صحي جارٍ في الشوارع وتزويد غير منظم بالماء وطرق مشوشة.
ولا يخطر بالبال ايضا ألا نهب لهم سلة صحية، ولهذا ستتم مضاعفة ميزانية الصحة. ولا جدل ايضا في وجود حاجة الى تخصيص مليارات كثيرة لتحسين جهاز التربية في المناطق لاعطاء كل ولد فلسطيني ما يحصل عليه الطالب في اسرائيل. وستعلم دافني ليف التي ستخرج لمظاهرة اخرى من اجل ‘سكن في متناول اليد’ أن الأحياء السكنية الاولى ستُبنى في جبل الخليل، حيث ما زال الناس يسكنون هناك في كهوف وأكواخ من الصفيح، وفي الديمقراطية يلتزمون قبل كل شيء بالاهتمام بالأشد ضعفا.
وسيُحتاج من اجل الانفاق على هذه الزيادات الضخمة الى رفع مفرط بعشرات الدرجات المئوية لضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة وضريبة الشركات وضريبة الأرباح المالية، وهو ما سيفضي الى هرب المستثمرين، والى هجرة جماعية من البلاد من أبناء الطبقة الوسطى والعليا، والى بطالة ضخمة والى تدهور الى ازمة اقتصادية عميقة. وهذا هو الجانب الاقتصادي فقط للضم. أما الجانب الكامل منه فمتصل بالتاسع من آب/اغسطس وهو يوم صوم لذكرى خراب الهيكل الاول والثاني. إن ريفلين وحوتوبيلي ودنون وليفين يقودوننا الى خراب الهيكل الثالث.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا يوجد فصل عنصري في اسرائيل
بقلم: شوكي فريدمان،عن هآرتس
يتم في الاسابيع الاخيرة بسبب اقتراح قانون الدولة القومية واقتراح قانون ‘أسهِم تأخذ’، بل في الشهور الاخيرة بسبب أحداث مختلفة، التنديد بدولة اسرائيل فوق صفحات هذه الصحيفة باعتبارها دولة فصل عنصري. وتتغلغل هذه المقارنة بين دولة اسرائيل ودولة الفصل العنصري، أي جنوب افريقيا في أواخر القرن الماضي، في الآونة الاخيرة الى الخطاب العام، وجعلها عبارة مقبولة أكثر فأكثر.
إن نعت عدم التساوي الموجود بين مجموعات من السكان من جوانب مختلفة في دولة اسرائيل بأنه فصل عنصري هو تشويه للواقع وللتاريخ. ظهر الفصل العنصري بمظهره الحديث في 1948. ففي الوقت الذي كتب فيه الآباء المؤسسون لدولة اسرائيل في وثيقة الاستقلال ان الدولة التي ستنشأ ‘ستحافظ على التساوي في الحقوق الاجتماعية والسياسية الخالص لكل مواطنيها بلا تفرقة في الدين والعرق والجنس′، وضع رئيس حكومة جنوب افريقيا دانيال فرانسوا مالان، الأساس للفصل العنصري (الابرتهايد) وهي كلمة ذات أصل افريقي وتعني الفصل العنصري. وسنت حكومة مالان سلسلة قوانين عنصرية منها منع الزواج بين البيض والأعراق الاخرى، وقانون سجل السكان الذي عمل على تصنيف كل مواطني الدولة بحسب العِرق. وتم التصنيف في الأساس بحسب المظهر الخارجي وبحسب العادات ايضا.
وسُنت في جنوب افريقيا الى أن انهار الفصل العنصري بصورة نهائية في 1994، عشرات القوانين التي أفضت الى فصل عنصري في كل مجال تقريبا يمكن ان يخطر بالبال، من مقاعد منفصلة في الشوارع للبيض وأبناء الأعراق الاخرى مرورا بالفصل في المدارس والنقل العام وشواطئ الاستحمام وفي مجالات اخرى، الى استعمال منظومة حقوق مستقلة ومختلفة للبيض والملونين والسود.
إن الفرق بين نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا والوضع في اسرائيل وفي المناطق ايضا واضح جدا، بل إنه لا داعي الى احصاء كل الفروق. وحتى لو وجدت في الهامش في اسرائيل ظواهر يمكن ان تُذكر بظواهر كانت موجودة في جنوب افريقيا ذي الفصل العنصري، فانني أفترض أن أكثر المنتقدين تطرفا لا يعتقدون ان الحديث عن فصل عنصري ايديولوجي ممأسس ومحسوب.
ولا ينطبق على الوضع في اسرائيل ايضا تعريف جريمة الفصل العنصري كما تُعرفها وثيقة روما (وثيقة محكمة الجنايات الدولية في لاهاي). فالوثيقة تقضي بأن جريمة الفصل العنصري تُنفذ حينما يوجد هدف وعمل ممأسس لتمييز واضطهاد شعب آخر، وليس هذا هو الوضع في اسرائيل ولا في اراضي يهودا والسامرة ايضا.
بدأت صورة اسرائيل باعتبارها دولة فصل عنصري بمقالات اكاديمية في نهاية ثمانينيات القرن الماضي وانتقلت من هناك الى تصريحات شعبية بعد فشل اتفاقات اوسلو. وأفضى قبول وثيقة محكمة الجنايات لجرائم الحرب التي قضت بأن الفصل العنصري هو جريمة على الانسانية، الى موجة تصريحات تدعو الى وضع دولة اسرائيل على كرسي الاتهام في لاهاي بسبب هذه الجريمة ايضا. وفي نهاية المطاف فانه أخذ يُتذكر كل سنة في أنحاء العالم منذ سنة 2005 ‘اسبوع الفصل العنصري’، الذي يزعم فيه المتطرفون من منتقدي اسرائيل في الأحرام الجامعية وفي مراكز المدن في دول كثيرة أنها دولة فصل عنصري. ان نجاح الحملة الدعائية كبير جدا بحيث يؤيد كثيرون جدا من منتقدي اسرائيل وسياستها هذه المقارنة. وتغلغلت الفكرة تغلغلا عميقا جدا الى درجة أن النتيجة الثانية في البحث عن ‘الابرتهايد’ في ‘غوغل’ هي ‘اسرائيل والابرتهايد’. وحينما يكون الوضع على الارض معقدا ويمكن الخلط بين الحقائق يُغرى ناس جديون ايضا بتصديق هذه الرواية.
بعد أن وُسمت اسرائيل بسمة الفصل العنصري لم تعد الحقائق ذات صلة تقريبا. فكل ظاهرة وكل قانون وكل تصريح لسياسي أو عامل في الحياة العامة يتعلق بالعلاقات بين اليهود والعرب يُصنف على أنه لبنة اخرى في نظام الفصل العنصري الموجود هنا في ظاهر الامر. فكيف تُثبت بعد ذلك أن ذلك غير صحيح.
لكنه يمكن في هذه الحال إثبات ان الدعوى داحضة. اجل يوجد في دولة اسرائيل فروق بين مجموعات من السكان. ويُعبر في بعض الحالات عن الفروق ايضا بانقسام ديني طائفي. إن السيطرة على اراضي يهودا والسامرة في الحقيقة من دون أن يُطبق القانون الاسرائيلي عليها يخلق واقعا قانونيا معقدا فيه خصائص عدم المساواة والمس بحقوق فريق من السكان هناك.
ومن جهة اخرى توجد مُعاديات لهذه الظواهر وجهات تراقبها من داخل الجهازين السياسي والقضائي. قد توجد اقتراحات قانون مصابة بالتمييز وعدم المساواة، لكنها لا تقصد الى انشاء نظام فصل عنصري، وكذلك ايضا اقتراح منح من يخدم الدولة مكافأة. اذا تحولت هذه الاقتراحات عرضا الى قانون فان المحكمة العليا تستطيع ان تنتقدها بوسائل دستورية عظيمة القوة. وهي تفعل ذلك ايضا حينما يكون الحديث عن عمليات في المناطق. والى ذلك لا يوجد اليوم في سفر قوانين دولة اسرائيل ولو قانون واحد أو توجيه أو أمر جنرال يعتمد على فصل عنصري أو يكون الفصل العنصري غايته.
ليست دولة اسرائيل بريئة من الظلم. وليست بريئة من عدم المساواة والأخطاء في التقدير، بل ليست بريئة احيانا من سياسة غير مناسبة متعمدة. لكن توجد هاوية عميقة تفصل بين هذه الظواهر و’دولة الفصل العنصري’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اضاعة فرصة في الطريق القنبلة
بقلم: يوعز هندل،عن يديعوت
لم تعد قضية الهجوم العسكري على ايران على الطاولة، فقد حسم الواقع الامر. وقد أُتيح لدولة اسرائيل ما لا يحصى من الفرص للهجوم على المنشآت الذرية، لكنها اختارت تأجيل الحسم. وكلما مر الوقت تضاءلت الامكانيات. وتم اجتياز نقطة اللاعودة كل سنة وما زالت ايران مستمرة على سباق التسلح الذري.
يقوم الهجوم العسكري على ثلاثة عناصر: القدرة العملياتية والدعم الدولي وقرار سياسي. وما زال العنصر الاول قائما رغم ان عدم القرار جبى ثمنا ما. وقلل الوقت الذي مضى من نجاعة الهجوم العسكري وزاد في المخاطرة. ومن جهة اخرى ما زالت اسرائيل في اللعبة ووسائل هجوم ناجع ما زالت قائمة. وما زال الاضرار بالمشروع الذري ممكنا.
ومن جهة العنصر الثاني وهو الدعم الدولي، وجدت اسرائيل نفسها في موقع اشكالي، فقد أضرت الانتخابات الاخيرة في ايران ضررا بالغا بجهد انشاء موافقة دولية واسعة. كان احمدي نجاد إذ كان رئيسا كنزا للسياسة الدعائية الاسرائيلية، ففي كل مرة فتح فيها فمه أطلق النار على قدمه. وقد أثبت التأليف بين السلاح الذري وانكار المحرقة والدعوة الى القضاء على اسرائيل الموقف الاسرائيلي بلا جهد خاص.
عارض العالم في الحقيقة هجوما عسكريا اسرائيليا، لكن ذلك كان للخوف من نتائج التصعيد: وهي مصالح محلية ألفت بين اسعار الوقود وتأثيرات سلبية في العالم الاسلامي. وبحث اوباما إذ كان رئيسا في ولايته الاولى عن كل سبيل ممكن للامتناع عن مواجهة وجها لوجه لكن بلا نجاح، لأن احمدي نجاد عمل بخلاف المنطق. وأضرت تصريحاته بالهدوء الصناعي المطلوب للايرانيين للاستمرار في المشروع الذري من دون انتباه إليه. وقرّبت المواجهات الدبلوماسية التي أحدثها الغرب من اسرائيل وأبعدته عن الشرق.
إن الانتخابات الاخيرة في ايران، رغم تصريحات واشنطن، تعطي الغرب سلما مريحا للنزول عن الشجرة. فكلام الرئيس الجديد المعتدل روحاني يطيب لآذان معارضي الهجوم. ويتغلب هوى القلب على الشكوك والحقائق. وتستطيع ايران في ظل الاعتدال ان تكسب وقتا ثمينا. وستخسر اسرائيل من جهتها شرعية القيام بعمل ما.
واذا لم يكن كل ذلك كافيا فان العنصر الثالث وهو القرار السياسي قد أصبح أكثر تعقدا. ترأس نتنياهو مدة اربع سنوات حكومة مريحة لاتخاذ قرار، فقد كان وزير الدفاع ايهود باراك يؤيد هجوما عسكريا، وكذلك وزراء آخرون ايضا.
وواجه نتنياهو منتقدين من داخل جهاز الامن وانتقاد من الخارج. وكان يستطيع ان يقف في وجه الريح. وكان قريبا من ذلك لكنه وقف آخر الامر وهو الآن وحده. إن الحكومة الحالية مؤلفة من وزراء جدد مع قوة سياسية كبيرة، ومن متخذي قرارات سيصعب عليهم ان يصمدوا لضغط معلن. وزاد ثمن خطأ هجوم عسكري فما كان لن يكون. والساسة الجدد لا يحبون بالضرورة مخاطرات جديدة.
بقي نتنياهو مع منتوجات ولايته الاولى حُسناً وسوءاً. ويُقال في حقه إن الضغط الدولي الذي أحدثه أفضى الى استيقاظ العالم، فالعقوبات الشديدة على ايران هي نتاج تهديداته بقدر كبير، وقد خشي الغرب من نية اسرائيل ان تهاجم أكثر من نية ايران ان تنتج سلاحا ذريا.
والمشكلة هي ان الردع يعتمد على الافعال وعلى تجربة الماضي.
لاسرائيل مصلحة في ان تعيد ايران الى الخطاب الدولي وفي أن تُبين ان كل شيء على الطاولة. وقد فعل نتنياهو ذلك في الماضي بالكلام وكان ذلك كافيا فترة طويلة. وسيضطر الآن الى ان يجد سبلا جديدة وقد أصبحت الطاولة مليئة جدا بالتصريحات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
المسؤولية الجنائية لا تنطبق على ابن الخامسة
بقلم: نيفا لنير،عن اسرائيل اليوم
فاجأني ذلك البكاء وأنا غير مستعدة. فرغم أن نشرة الأخبار في المساء في القناة العاشرة افتتحت بخبر أن ‘الجيش الاسرائيلي احتجز ولدا فلسطينيا في الخامسة للتحقيق معه’، لم أكن أقصد أن أبكي بكاء الاطفال ولم أبتعد عن الشاشة.
وآنذاك جاء الصوت من التلفاز وملأ البيت. هكذا بصورة عبثية من هنا الى هناك في منتصف الصيف، ولد وفلسطيني ايضا يبكي بكاء مُراً. يبكي ويبكي ‘الى عنان السماء’، كما كانت أمي تقول. ويقف حوله سبعة جنود أو ثمانية، ويتابع الولد الذي لا يشعر بالأمن لكونه محاطا بالجنود، البكاء.
ويُبين أحد الجنود للمارة أن الولد رمى حجرا ويبكي الولد فلا يكف. ويأتي ضابط الى ‘الميدان’ ويقول للجنود ان ‘صورا كهذه تسبب ضررا اعلاميا’، والولد البكّاء يبكي.
في مسائل الاولاد الخائفين الباكين ولا يهم من أي دين أو عرق أو جنس لا أكون في الحقيقة بطلة كبيرة، ويصبح من الصعب علي أن أتنفس بعد خمس دقائق بث. وانتظرت اعلان متحدث الجيش الاسرائيلي كالهواء للتنفس. وكان هناك ما يدعو الى الانتظار. والى ان جاء كانت تظهر على الشاشة تفصيلات قد تكون أهميتها ثانوية أو لا تكون: إن الولد وهو وديع مسودة قد أُخذ مع فتى مصاحب الى بيت والديه. وتقول أمه إنه ليس في الخامسة بل سيكون في السادسة في أيلول/سبتمبر. وتقول احدى الروايات إن الولد اختبأ في الخزانة الى ان جاء أبوه. وتقول رواية اخرى انه اختبأ تحت كومة فراش. واعتُقل أبوه وأُخذ الى قاعدة عسكرية معصوب العينين ومقيد اليدين ومعه وديع. وكان وديع الآن ممسكا بيد أبيه وهو ساكت. وانتظروا محاطين بجنود الجيش الاسرائيلي مجيء الشرطة الفلسطينية ثم قُطع المشهد.
وجاء على لسان متحدث الجيش الاسرائيلي: ‘يؤسفنا أن منظمة ‘بتسيلم’ تختار بصورة منحازة نشر أفلام قصيرة من هذا النوع في وسائل الاعلام قبل استيضاح الامر مع الجيش الاسرائيلي. إن الحديث عن صغير رمى شارعا في الخليل بحجارة. واحتجزت قوة من الجيش الاسرائيلي هذا الصغير ونقلته الى والديه، ونقلته لمتابعة العلاج بصورة منظمة الى الشرطة الفلسطينية’.
إن الاحكام سيقتلنا. إن متظاهرين في طهران والقاهرة واسطنبول وساوباولو واماكن كثيرة اخرى ينقلون بالهواتف المحمولة وأشباهها مقاطع فيديو تُبث مباشرة في العالم كله وعندنا يعظون ‘بتسيلم’ بالاخلاق. فلماذا لا يُسد ‘بتسيلم’؟ أليست تدعو الكثير جدا من القنوات في الكثير جدا من الدول واليوتيوب والشبكات الاجتماعية الى بث ‘صور تسبب ضررا اعلاميا’ وكل ذلك قبل الاستيضاح من الجيش الاسرائيلي! ولماذا لم تستوضح القناة التي بثت والصحف التي نشرت مع الجيش الاسرائيلي ما يفعلونه بولد لا تنطبق عليه سن المسؤولية الجنائية، ولماذا لا يعرف جنود الجيش الاسرائيلي الذين يخدمون في الخليل ما لا يجوز لهم فعله بولد لم يُتم الـ12 الى الآن؟ ولماذا عُصبت عينا الأب وقُيدت يداه، لماذا حقا؟ وقد استوضحوا. فكان جواب متحدث الجيش الاسرائيلي كالتالي: ‘ستفحص الجهات المختصة الأمر’. يا للتخفيف.
إن الاحكام سيقتلنا. أيطرحون الملف على ‘بتسيلم’ أليس تسخين محركات التشريع أحكم؟ ألم يحن الوقت لاستصراخ عضو الكنيست ياريف لفين مثلا لسن قانون ‘بتسيلم’؟ وللاسكات والتقييد والابعاد؟ يمكن الى الآن ان نستوضح عند متحدث الجيش الاسرائيلي ما هي ‘الجهات المختصة’ وهل ستُسلم تلك الجهات استنتاجاتها الى وسائل الاعلام، ولماذا يُطلب الى بتسيلم أن ‘تستوضح الامر’ مع الجيش الاسرائيلي، وماذا يعني في الأساس جيش صغير وذكي؟
إن الزيادة من القضية كانت متوقعة ولم يتأخر مجيئها: فقد بيّن نائب الوزير في ديوان رئيس الوزراء أوفير ايكونيس في برنامج ‘لقاء الصحافة’ أن الحجر يمكن ان يقتل. من حسن الحظ أنه بيّن لأننا قد فوتنا على أنفسنا درس داود وجوليات. لا شك أننا ذهبنا الى البحر. وحينما يحتاج إيكونيس سيعرف ايضا كيف يُبين كيف نشأت القطيعة الاقتصادية مع اسرائيل. ليست ‘بتسيلم’ أيها الأحمق بل هو الاحتلال. الاحتلـ ااااااااال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اعطوهم الخبز ولا تعطوهم البنادق
بقلم: أريه الداد ،عن هآرتس
استقر رأي حلقة من هيئة القيادة العامة باجراء إما هو ابتزاز وإما مخاطرة محسوبة على ترجمة تقليص الميزانية الامنية الى مضاءلة عدد الدبابات والطائرات الحربية في الجيش الاسرائيلي، وتغيير بنية الفرق العسكرية وإقالة آلاف رجال الخدمة الدائمة.
وكان يمكن ان يتم تلقي هذا الاجراء على أنه الشر الضروري من وجهة نظر أمنيين متشددين ايضا، ونشرت صحف نهاية الاسبوع سلسلة تقارير صحافية كانت ترمي الى تمجيد الجيش الصغير الذكي الذي ينتظر فقط مضاءلة الميزانية الامنية كي يولد. وعرف وزير الدفاع موشيه يعلون (أليس هو الذي وعدنا بأن صواريخ حزب الله ستصدأ في المخازن؟) أن يتنبأ بأننا لن نرى حروبا كلاسيكية بين دبابات.
كان يمكن أن ننضم الى ابتهاج التقليصات الضرورية في ظاهر الامر هذه، بيد أنه قبل اجازة الخطة المتعددة السنوات هذه بأيام اشتغل قادة الدولة (رئيس الوزراء بازاء وزير الخارجية الامريكي جون كيري، ويعلون بازاء وزير الدفاع الامريكي تشاك هيغل، ويعقوب عميدرور بازاء سوزان رايس مستشارة اوباما للامن القومي) بزيادة ميزانية لجيش مصر.
فعلى خلفية الثورة في مصر والرغبة في تعزيز الجيش في اجراء إبعاد الاخوان المسلمين تدخلت اسرائيل لصالح الجيش المصري عند الادارة الامريكية وأوصت بأن تتغلب الولايات المتحدة على نحو ما على قانون امريكي صريح يحظر نقل دعم امريكي الى دول حدث فيها انقلاب عسكري.
إن الولايات المتحدة ‘تفحص’ عن الوضع في مصر لترى هل حينما جاء ممثلو الجنرال السيسي المسلحون الى رئيس مصر محمد مرسي وصحبوه الى اعتقال في مكان ما (كانوا سيُسمونه في اسرائيل بيقين ‘السجين إكس′) هل كان ذلك انقلابا عسكريا بصورة حرفية أو يمكن على نحو ما ان يُغسل الانقلاب وأن يُزعم ان تلك كانت ‘ارادة الشعب’.
ستحصل مصر اذا مرة اخرى على 1.3 مليار دولار مساعدة امنية من الولايات المتحدة. فماذا يمكن ان يُشترى بها؟ لنفرض ان تستقر آراؤهم على أنهم يريدون دبابات فقط. إن 300 دبابة أبرامز من طراز ‘إم 1.إي2′ متطورة في الطريق. وثلاثة ألوية وفرقة مدرعة. واذا كانوا يرغبون في الطائرات فيمكن ان يُشترى بها 32 طائرة اف 16 من أكثر الطرز تطورا مما تملك اسرائيل وهما وحدتا طيران. أو باختصار ما يقتطعونه من ميزانية الامن عندنا يريدون ان يضيفوه الى أعدائنا.
هل تريدون مساعدة المصريين؟ أعطوهم قمحا. وأعطوهم ائتمانا وأعطوهم مساعدة مدنية. وأعطوهم دولارات اذا كانوا يحتاجون الى المال من اجل رواتب الجيش النظامي. لكن المساعدة الامنية الامريكية لمصر (كالمساعدة الاسرائيلية) هي في أساسها كوبونات لشراء معدات عسكرية من الولايات المتحدة (أو من المصنع المشترك المصري الامريكي لانتاج دبابات أبرامز في مصر). إن هذا المال هو مال لشراء سلاح. وعندهم سلاح وجنود موفورون لمحاربة كل منظمات الارهاب في سيناء ولن تساعدهم زيادة الدبابات أو الطائرات في تلك المعارك، فليس لمصر عدو عسكري تقليدي في منطقتها سوى اسرائيل.
يتدرب جيش مصر في العقود الاخيرة على نموذج قتال للجيش الاسرائيلي لا لجيش ليبيا الذي لم يعد موجودا ولا لجيش السودان الذي لم ينشأ الى الآن. فاذا تشوش شيء ما جدا في الشرق الاوسط فسيوجه هذا السلاح إلينا. هل تسألون عن مبلغ الاحتمال؟ انه كمبلغ الاحتمال الذي كان من الجهات الاستخبارية في اسرائيل قبل سنتين لتبدل النظام في مصر مرتين. قد يكون الاحتمال ضئيلا لكن لا سبيل لنعلم بيقين ان هذا لن يحدث، ولهذا ينبغي ان نزن كلفة الخطأ لا الاحتمال فقط. وعلى ذلك وباختصار نقول: أعطوهم خبزا ولا تعطوهم البنادق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
