اقلام واراء اسرائيلي 403
30/7/2013
في هــــــذا الملف
يبدو الان ان طموح الاخوان المسلمين لم يكن في صالحهم
بقلم: انشل بابر،عن هآرتس
مصر: تدهور متوقع مسبقا
بقلم: اليعيزر مروم،عن اسرائيل اليوم
بينيت وكاتس يخدمان مصلحة حماس
بقلم: يريف اوبنهايمر،عن هآرتس
الافراج عن السجناء قضية سياسية
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
لا يحتاج نتنياهو الى التباكي لتسويغ الافراج عن 104 سجناء أمنيين فلسطينيين
بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت
ينبغي معرفة استغلال الازمة في حماس
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
الزعماء من الطرفين تعوزهم الشجاعة لدفع ثمن التسوية
بقلم: دورون غلعيزر،عن هارتس
الدخول الى مسيرة المفاوضات يساعد المصالح الاستراتيجية لاسرائيل
بقلم: امنون لورد،عن يديعوت
يبدو الان ان طموح الاخوان المسلمين لم يكن في صالحهم
بقلم: انشل بابر،عن هآرتس
لا يزال هناك من يوهم نفسه بان الانقلاب برعاية الجيش هو الذي أطاح بحكم الاخوان المسلمين قبل ثلاثة اسابيع، الانقلاب كان مجرد مرحلة اخرى في الثورة المصرية، كان اصلاحا يعيد مصر الى مسار يصعد باتجاه الديمقراطية، فقد أوضح بيان وكالة الانباء الرسمية المصرية يوم الجمعة، أن محمد مرسي، الرئيس الاول الذي تولى الحكم بعد انتخابات ديمقراطية ومنذ الانقلاب يحتجز في منشأة عسكرية وسيقدم الى المحاكمة لمشاركته في اعمال عنف ضد الشرطة في ثورة 25 كانون الثاني/يناير قبل سنتين ونصف السنة، وان القوى التي تحكم الان في مصر مصممة على اعادة العجلة الى الوراء الى عصر مبارك.
الادعاءات وكأن مرسي ومسؤولين آخرين في حركة الاخوان المسلمين تحرروا من السجن في القاهرة على ايدي اعضاء حماس ومعهم هاجموا محطات شرطة وقتلوا أفرادا من الشرطة هي محاولة فظة لاعادة كتابة تاريخ الثورة كما عرفناه حتى الان.
في تلك الايام من نهاية يناير 2011، تركت الشرطة الشوارع، نزع افرادها بزاتهم وتركت السجون لمصيرها والاف السجناء، الجنائيين والسياسيين تجولوا في الشوارع، فيما كان المجرمون يسلبون وينهبون محطات الشرطة والمحلات التجارية. والادعاء وكأن هذه الافعال نفذها فلسطينيون من حماس وقادة الاخوان المسلمين، تتعارض وحقيقة انه في تلك الايام، حافظ قادة الاخوان بالذات على سياسة البقاء في الظل، خشية ان يعمل الجيش والموالون لمبارك ضدهم بيد من حديد.
والان يتبين أن الجنرالات ورجال القانون الذين تبقوا من حكومة مبارك مصممون ليس فقط على منع الاخوان المسلمين من العودة الى الحكم في المستقبل المنظور للعيان، بل ويعتزمون ايضا وصم ذكرى الثورة الشعبية ونسبها لقوى معادية لمصر. الجيش المصري منذ الانقلاب قبل ثلاثة اسابيع يعزو لحماس، وللفلسطينيين بشكل عام، دورا في ضعضعة الحكم في مصر، دعم القوى الجهادية العاملة في سيناء، خلق نقص في الوقود (الذي اختفى الان بشكل عجيب) وبالطبع التعاون مع الاخوان المسلمين ضد مؤسسات الحكم. ونقل مرسي أمس من منشأة احتجز فيها الى سجن طرة، حيث يحتجز مبارك هو الاخر، الا أنه ليس ضمن عناية اطباء المستشفى العسكري الفاخر شرق المدينة.
جملة الاتهامات ضد مرسي وزملائه تنشر على خلفية صدام عنيف آخر لقوات الامن بالمتظاهرين من مؤيدي الاخوان المسلمين، المظاهرات التي انتهت مرة اخرى بعشرات الجثث في غرف الموتى في القاهرة ومئات الجرحى الخطيرين. وكان صدام شديد للغاية صباح أمس في مظاهرة قرب مسجد رابعة العدوية في الشمال الشرقي من القاهرة، حين انقض رجال امن يلبسون البزات السوداء والخوذات على المتظاهرين واطلقوا النار الحية عليهم. من الصعب الامتناع عن الاستنتاج بانه يدور الحديث عن هجوم مخطط مسبقا. صحافيون غربيون في القاهرة دعوا في ساعة قصيرة قبل ذلك الى الطيران في سماء المدينة، وفي اليوم السابق خرج الى الشوارع ملايين المواطنين المصريين في مسيرات دعم جرت بناء على طلب قائد الجيش، الجنرال عبدالفتاح السياسي، الذي طلب من الشعب المصري دعم الحكم في حربه ضد الارهاب.
يوجد الاخوان المسلمون في وضع صعب للغاية منذ عشرات السنين، حين تطلق قوات الامن باسناد من الجيش النار الان على مؤيديهم حتى في وضح النهار، وزعماؤهم يعتقلون ويقدمون الى المحاكمة بتهم كفيلة بان تجر عقوبات سجن لعشرات السنين، بل حتى الحكم بالاعدام. وتشهد التطورات الاخيرة ليس فقط على تصميم الجيش ومراكز القوى القديمة في مصر على الحفاظ على الحكم، بل ايضا على فشل الحركة التي عرفت في الماضي بحذرها الشديد وبحكمتها السياسية.
رد الفعل المضاد الشديد ضد الحزب الاسلامي الكبير والمركزي في العالم العربي لا ينحصر فقط بمصر وحدها. في الدولتين الاخريين في شمال افريقيا ايضا، اللتين اجتازتا ثورة في الحكم في ما وصف في حينه بـ’الربيع العربي’ تتصدى الاحزاب المتماثلة مع الاخوان المسلمين بتحديات عسيرة. تونس ـ الدولة الاولى التي اجتازت الثورة والاولى التي فازت فيها الحركة الاسلامية، حزب النهضة، في الانتخابات ـ مشلولة الان بسبب اضراب منظمة العمال المركزية الذين يحتجون على اغتيال رجل المعارضة البارز، محمد البراهمي يوم الجمعة، المنتقد البارز للنهضة، وهو يخرج من بيته. وحسب محققي الشرطة، فقد اغتيل البراهمي بذات السلاح الذي استخدم في اغتيال سياسي آخر قبل بضعة اشهر، والمشبوهون المركزيون هم المتطرفون السلفيون. وحتى لو لم يكن حزب السلطة يرتبط بشكل مباشر بالاغتيال، فان فشله المستمر في ادارة الدولة، صياغة دستور جديد والوساطة بين المحافل الاسلامية، التي تزداد شهيتها باستمرار وبين المؤسسة القديمة، التي بقيت علمانية في معظمها ـ وبالطبع، الاقتصاد الذي لا يزال يعرج ـ تضع قيد الشك قدرتها على تقديم حكومة مستقرة على مدى الزمن.
في ليبيا ايضا يتعاظم الغضب على الحزب الاسلامي المركزي، حزب العدالة والتنمية، الثاني في حجمه في البرلمان، على خلفية سلسلة طويلة من تصفيات رجال الامن والناشطين السياسيين. في ليبيا ايضا لا توجد الان أدلة واضحة تشير الى دور الاسلاميين في التصفيات، ولكن واضح أن لجهات شديدة القوة مصلحة في توجيه الغضب العام ضدهم، وفي طرابلس وفي بنغازي اعتدي على مقرات الحزب واضرمت فيها النار.
اذا كان يبدو قبل سنة ونصف السنة ان الحركة الشعبية الاوسع والاكثر تأطيرا في العالم العربي تصبح ايضا القوة السياسية السائدة، فيبدو الان أن طموح الاخوان المسلمين كان في طالحهم. فليس فقط في شمال افريقيا الاخوان في تراجع، بل وفي سورية ايضا ـ حيث كان الاخوان المسلمون الجهة الاهم بين حركات الثوار ـ تتعاظم الان باستمرار قوة الفصائل الاسلامية المتطرفة اكثر، كجبهة النصرة واحرار السلام. وبالتوازي، فان الدول الغربية تؤخر ارساليات السلاح للثوار خشية تعزيز التيارات الاسلامية. في تركيا لا يوجد الان تخوف على استقرار حكم الرئيس رجب طيب اردوغان، ولكن الاضطرابات والمظاهرات المستمرة هناك على الدوام، تأتي هي ايضا على خلفية الغضب المتعاظم من اسلوب الحكم المطلق المركزي لحزب ‘العدالة والتنمية’، ذي الايديولوجية المشابهة لايديولوجيا الاخوان.
ودول اسلامية متزمتة ايضا كالسعودية لا تبدي تفهما للاخوان المسلمين وتعطي اسنادا هادئا للانقلاب المصري (وادارة اوباما هي الاخرى التي لا تزال ترفض وصف الاحداث كانقلاب كي لا تضطر الى وقف الدعم العسكري عن الجنرالات). وفي الاسابيع القريبة القادمة، في مصر، في تونس وفي ليبيا ستتبين القوة الحقيقية للاسلام السياسي، ففي الانتخابات نجح الاخوان المسلمون في جر الملايين الى صناديق الاقتراع، مستغلين عدم التنظيم والانشقاق في المعسكري الديمقراطي. الى معارك الشارع، امام قوات الشرطة والجيش المصممة والمزودة جيدا، لم ينجحوا بعد في جلب الملايين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مصر: تدهور متوقع مسبقا
بقلم: اليعيزر مروم،عن اسرائيل اليوم
يجب ألا تفاجئ أحداث الايام الاخيرة في مصر أحدا. وقد كتبت هنا مؤخرا عن الفشل المتوقع للانقلاب العسكري الديمقراطي، وعن خطر التدهور الى حرب أهلية والى فوضى فقلت: إن عزل الجيش للرئيس محمد مرسي بعد ثلاثة ايام المظاهرات كان انقلابا عسكريا بلا شك، ولا تعريف آخر لهذا الاجراء. وقد استقر رأي القيادة العسكرية كي تتجنب التنديد العالمي بها، برئاسة الفريق أول السيسي، على أن تعين رئيسا مدنيا مؤقتا ينشئ حكومة في مصر ويدير أمور الدولة، ويضع دستورا ويستعد لانتخابات عامة. ومن المؤكد أن الولايات المتحدة واوروبا استقبلتا هذه الاجراءات باعتبارها اجراءات ايجابية، وامتنع الامريكيون عن تعريف ما يجري في مصر بأنه انقلاب عسكري كي يستطيعوا الاستمرار في تحويل مساعدة الى ارض النيل.
بدت خطة الفريق أول السيسي ناجحة، لكنها لم تأخذ في حسابها رد الاخوان المسلمين الذين فازوا في الانتخابات الاخيرة بكثرة مدهشة. وقد تغلب هؤلاء على الصدمة الاولى بعد عزل الرئيس مرسي بادراكهم انه يوجد هنا انقلاب عسكري حقا، لكن لا بالصيغة الكاملة التي تشتمل على اعتقالات وقوة موجهة الى المتظاهرين، وخرجوا الى الشوارع في تظاهرات حشدت الكثيرين وأصبحت تزداد عنفا. إن استعمال الجيش للقوة في نهاية الاسبوع الاخير، على المتظاهرين من أنصار مرسي جاء متأخرا كثيرا، وإن العدد الكبير من المصابين يخدم مصلحة الاخوان المسلمين.
إن الاحداث في مصر تجري على خلفية الاحداث التي تعود الى العناوين الصحافية في تونس ايضا، في حين تستمر في الوقت نفسه الصراعات بين الفصائل المختلفة في ليبيا والحرب الأهلية في سورية. وإن نظرة عامة الى ما يجري حولنا لا تدع مكانا كبيرا للتفاؤل: فالشرق الاوسط ما زال يتأرجح بين ارادة الجهات المتطرفة في انشاء دولة شريعة اسلامية، وبين ارادة التيارات المعتدلة التي تريد العيش في دول ديمقراطية وتتحدث عن الربيع العربي. إن العالم الاسلامي غير المتجانس اذا لم نشأ المبالغة، يراقب الاحداث، بل إن جزءا منه يُحركها. وإن فكرة انشاء دولة شريعة اسلامية تعيد الأمة العربية الكبيرة التي يحكمها الدين الاسلامي، هي فكرة كسبت لها أنصارا كثيرين وتقودها في العالم جهات مختلفة من أبرزها القاعدة.
إن الوضع في مصر ونتائجه قد يؤثر اذا في دول اخرى في المنطقة. وتركيا هي النموذج الأقرب الى مصر، وفوز الاخوان المسلمين وهم أحباء اردوغان وتولي مرسي الحكم، جعلا رئيس الوزراء التركي يشعر بأن نموذجه لدولة مسلمة ذات سلطة ‘ديمقراطية’ (بحسب فهمه) وهي جزء من العالم الغربي، ينجح مرة اخرى في مصر هذه المرة. وإن عزل مرسي وتولي الجيش للحكم والاحداث الاخيرة في مصر أدخلت اردوغان في ضغط وأفضت الى تصريحات متطرفة منه موجهة الى العالم الغربي وعدم تدخله في الاحداث في مصر التي عرّفها بأنها ‘مجزرة’. وقد يفضي نجاح الجيش المصري وقوى الحرية والديمقراطية في مصر الى أحداث شغب في تركيا قد تفضي الى عزل اردوغان. وفي مقابل هذا اذا نجح الاخوان المسلمون في مصر في قلب الطبق واعادة الحكم الى أنفسهم فسيُمكّنون بذلك من دعم اردوغان.
من المنطق ان نفترض ان قادة الجيش المصري يدركون أين يقفون في هذا الوقت وسيحاولون إقرار الوضع باستعال القوة على الاخوان المسلمين وباعتقالات واسعة وتقييد حرية الاحتجاج. وليس من المؤكد انه في المرحلة التي توجد مصر فيها سيستجيب الجيش ويعمل فقط بحسب املاءات قادته، وقد يكون استعمال القوة الآن اجراء يخرج عن السيطرة ولا يبقى في يدي الفريق أول السيسي. واذا حدث هذا حقا فستدخل مصر في حرب أهلية دامية يصعب ان نتوقع نهايتها.
لا شك في أن دولة اسرائيل في فترة حساسة ومتحدية تجري فيها على الشرق الاوسط كله زعزعات سريعة غير متوقعة. وتوجب هذه الفترة غير المستقرة على قيادة اسرائيل السياسية والعسكرية ان تراقب ما يجري في تيقظ واستعداد عال كي ترد على كل تطور.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بينيت وكاتس يخدمان مصلحة حماس
بقلم: يريف اوبنهايمر،عن هآرتس
في تشرين الاول/اكتوبر 2011 استقر رأي حكومة اسرائيل، بأكثرية كبيرة شملت كل وزراء الليكود تقريبا، على الافراج عن أكثر من 1027 سجينا فلسطينيا، مقابل الجندي المختطف جلعاد شاليط، وقد أُدين 280 منهم بقتل ومساعدة على قتل مواطنين اسرائيليين. وتم استقبال السجناء الذين أُفرج عنهم باحترام الملوك، وعصرت حركة حماس الليمونة حتى النهاية، كي تعرض المقاومة العنيفة بأنها أفضل طريق لاخضاع اسرائيل. وقد نجحت حماس التي اختطفت جنديا اسرائيليا ونكثت بفظاظة مواثيق دولية باحتجازه معزولا تماما عن العالم ـ نجحت في جعل وزراء اليمين السافرين في الليكود، مثل جلعاد أردان وليمور لفنات واسرائيل كاتس يؤيدون الاتفاق.
إن اولئك الوزراء الذين أيدوا الصفقة صوتوا الآن معترضين على قرار الافراج عن سجناء، باعتباره جزءا من مسار بدء التفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين. ويعلل بعضهم ذلك بزعم أنه لا يوجد عوض حقيقي عن الافراج عن السجناء، وان بدء التفاوض وتعزيز أبو مازن سببان غير كافيين. ويعترف هؤلاء الوزراء بأن اسرائيل من وجهة نظرهم تفهم لغة القوة فقط، وأن اختطاف الجنود والافراج عنهم فقط يُسوغ الافراج عن سجناء فلسطينيين. والرسالة التي ينقلونها الى الجمهور الفلسطيني واضحة وهي: لا تُجروا تفاوضا سلميا، لأن أسرع طريقة للافراج عن السجناء هي اختطاف مواطنين وجنود اسرائيليين والمفاوضة للافراج عنهم. وإن الشعور بالغباء الذي ينبع من أن الافراج عن السجناء الفلسطينيين لا يصاحبه الافراج عن أسرى اسرائيليين يُبين التناقض فقط. فاسرائيل تتراجع ازاء حماس، لكنها تقف صلبة صارمة ازاء أبو مازن ورفاقه الذين تركوا طريق الارهاب. فاليمين في الحكومة يعترف بأننا لا نفهم سوى لغة القوة.
إن الافراج عن سجناء فلسطينيين هو اجراء قاسٍ ومؤلم، ولا سيما للعائلات التي فقدت أعزاءها وستضطر في المستقبل القريب الى رؤية المسؤولين عن القتل يُحررون. ويمكن ان نجد عزاءً قليلا في حقيقة أن السجناء الفلسطينيين يخرجون من السجون بعد عشرات السنين، وبعد ان قضوا جزءا كبيرا من عقوبتهم. لكن الافراج عن السجناء هو جزء لا ينفصل عن محاولة تقوية المعتدلين في الجانب الفلسطيني والبرهنة للشارع الفلسطيني على أن أبو مازن ايضا له قدرة على الحديث مع اسرائيل وعلى احراز انجازات. بعد أن أفشل وزراء اليمين كل احتمال لاعلان رسمي عن تجميد البناء في المستوطنات في وقت التفاوض، اضطر أبو مازن الى الاكتفاء بالافراج عن سجناء قضوا في السجون الاسرائيلية عشرات السنين، وسجنوا قبل بدء اسرائيل والفلسطينيين مسيرة الاعتراف المتبادل في اطار اتفاقات اوسلو.
إن قضية السجناء هي قضية حساسة ومؤلمة في الشارع الفلسطيني، الذي رأى كيف نجحت حماس في لي ذراع اسرائيل بالقوة، وهي تفحص الآن بسبع أعين هل يمكن أن تفضي طريق المحادثات والمصالحة التي يسير فيها أبو مازن الى انجازات مشابهة. إن استعداد اسرائيل للاستجابة الى عدد من المطالب يمكن ان يساعد في اتجاه ايجابي للوعي من اجل التغيير. ويمكن ان يفضي الى نتائج بعيدة المدى للطرفين. إن الافراج عن السجناء ولا سيما من على أيديهم دماء، مصالحة مؤلمة يجب على اسرائيل فعلها، لكن يُفضل ان تفعل ذلك مقابل تفاوض سياسي وتمهيد طريق التحادث السلمي عن ان تفعله عوض الافراج عن جندي أو مواطن اسرائيلي محتجز رهينة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الافراج عن السجناء قضية سياسية
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
إن الاختلاف في موضوع الافراج عن السجناء الفلسطينيين، الذي سبق تصويت الحكومة اليوم، كان في أساسه شعوريا وسياسيا. ويمكن ان ننسب اليه ايضا آثارا سياسية ذات معنى. لكن لم يوجد هنا جدل أمني حقيقي، لأنه حينما يكون جزء كبير من المفرج عنهم قد تجاوزوا سن الخمسين، يصعب أن نتخيل سيناريو يعود فيه شيوخ فتح هؤلاء الى نشاط ارهابي (وهؤلاء أصلا ليسوا أناسا اختصوا باطلاق قذائف صاروخية أو بتركيب شحنات ناسفة استُعملت في عمليات انتحارية؛ ففي الايام التي سبقت اوسلو، التي اعتُقلوا فيها لم تكن فتح تشتغل بعمليات من هذا النوع).
برز في مركز النقاش الذي تعدى الخطوط الحزبية سؤالان آخران، السؤال الاول هو هل تقدر حكومة هي يمينية في أساسها ـ ومشاركة يوجد مستقبل والحركة في الائتلاف لا تلغي هذا التعريف ـ على الافراج عن مخربين قتلة حينما لا يكون موضوعا في كفة الميزان مصير جندي اسرائيلي مختطف، بل تجديد التفاوض السياسي (الحالات السابقة التي أفرجت فيها حكومات برئاسة نتنياهو عن سارقي سيارات ورُماة حجارة ليست مصدرا لمقارنة مناسبة). والسؤال الثاني هو هل تقدر حكومة اليمين نفسها على التقدم ولو قليلا في الطريق السياسي مع الفلسطينيين، من دون ان تُنقض عُراها تحت العبء الايديولوجي الذي ينطوي عليه اجراء محادثات حقيقية لاعادة أجزاء من الضفة الغربية.
انتصر رئيس الوزراء نتنياهو في هذا الجدل لأنه أتاه من موقع قوة سياسية. لأن استطلاعات الرأي العام تشير الى تأييد متواصل للعودة الى التفاوض، خاصة حينما يجريه من لا يُتهم بتنازل مفرط مع الفلسطينيين. واستعان نتنياهو ايضا بالدعم الأمني من قبل وزير الدفاع يعلون، وبقدر ما ايضا من قبل ‘الشاباك’ والجيش الاسرائيلي اللذين مكّناه من اقناع أكثر الوزراء بأن الخطر الامني من الصفقة ضعيف.
وقامت في الخلفية ايضا التقديرات السياسية الخارجية، وهي الحاجة الى التهرب من اتهام امريكي بأن اسرائيل تُفشل المحادثات، والخشية من انفجار عنيف في الضفة اذا لم يُجدد التفاوض، وربما الأمل في ان يُسهل إظهار الرغبة الطيبة نحو الفلسطينيين التنسيق مع ادارة اوباما في مسألة علاج المشروع الذري الايراني.
اجتاز رئيس الوزراء نهر الروبيكون الحقيقي في ما يتعلق بالافراج عن مخربين قبل ذلك في صفقة شاليط في تشرين الاول/اكتوبر 2011 حينما أفرج عن مئات القتلة الذين يأتي من أكثرهم خطر جوهري. وقد اعتُقل 44 من المفرج عنهم في الصفقة في الضفة بشبهة أنهم عادوا الى نشاط ارهابي (في أدنى حد نسبيا في أكثره) أو نكثوا بشروط الافراج عنهم. وأهم من ذلك أن كثيرا من السجناء من حماس الذين انتقلوا الى قطاع غزة أو طُردوا الى الخارج بطلب من اسرائيل، أصبحوا مشاركين في جهد العودة الى استعمال شبكات ارهاب المنظمة في الضفة من بعيد.
كان من المثير ان نسمع نتنياهو يستعمل اليوم تسويغات ارييل شارون وايهود اولمرت، وهو يختار دخول تفاوض قد يفضي الى تنازلات مؤلمة بالنسبة اليه كان يتحفظ منها تحفظا شديدا في الماضي. وقد عاد رئيس الوزراء ليفتخر باعتداله الأمني، وذكر كذلك حقيقة انه استعمل ضبط النفس في عملية ‘عمود السحاب’ في قطاع غزة في العام الماضي، ولم يستجب لدعوات توسيعها بادخال قوات برية واحتلال القطاع.
يريد نتنياهو كي يضائل المعارضة في اليمين، ان يفرج عن الـ104 سجناء في اربع مراحل في مدة تسعة اشهر الاتصالات. وهذا تأخير النهاية الذي قد يسبب له ضررا سياسيا بين عدد من ناخبيه. فبدل التخلص من رؤية السجناء يلوحون باشارات ‘v’ ويرفعون أعلام فلسطين دفعة واحدة، سيكرر التجربة الشعورية غير الطيبة بالنسبة اليه اربع مرات. ويصعب ان نؤمن بأن اسرائيل ستنجح في أن تفرض على السلطة الاستمرار في الاتصالات طول الفترة كلها اذا لم يُحرز فيها تقدم بناءً على توقع الافراج عن السجناء في الدفعات الاخيرة فقط.
وهذا من وجهة نظر الفلسطينيين انجاز أصبح مضمونا لهم. وأما الجدل في الافراج عن السجناء العرب الاسرائيليين في القائمة فأُثيرت فيه اسئلة مبدئية تتناول السيادة، من دون ان تُذكر مشكلة عملية ـ لأن الافراج عنهم قد يكون بابا الى استئنافات قضائية تطلب الافراج عن قاتلين اسرائيليين على خلفية سياسية، وفي مقدمتهم عامي بوبر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا يحتاج نتنياهو الى التباكي لتسويغ الافراج عن 104 سجناء أمنيين فلسطينيين
بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت
تلقيت أمس رسالة من رئيس الوزراء. وتبدأ الرسالة بشعار الدولة الأزرق على الابيض وتنتهي بتوقيع بنيامين نتنياهو الشخصي. يريد نتنياهو في الرسالة ان يقنعني، أنا مواطن الدولة، بعدالة قراره بالافراج عن 104 مخربين ثقيلين، بينهم قتلة كثيرون حُكم عليهم بجرائم قاموا بها قبل التوقيع على اتفاق اوسلو. ‘يحتاج رؤساء حكومات من آن لآخر الى أن يتخذوا قرارات تخالف رأي الجمهور’، كتب نتنياهو. ‘ولا حاجة الى رؤساء حكومات لاتخاذ قرارات يؤيدها الرأي العام’.
في حالتي توجه نتنياهو الى مُرسل اليه مؤيد، مُرسل اليه يريد ان يقتنع. وإن مجرد حقيقة انه توصل الى قرار وأنه مستعد للوقوف بقوة معه في الحياة العامة يثير التقدير. وحقيقة ان القرار يعارض كل ما دعا اليه في الماضي، فلا تتحدث عنه، فقد علمنا ارييل شارون ان ما يُرى من هناك، من منصة الخطباء في الكنيست والمقاعد الوثيرة حول طاولة الحكومة، لا يُرى من هنا من كرسي رئيس الوزراء. وقد رأى نتنياهو واستوعب وطبق.
إن الافراج عن ارهابيين قبل الأوان يُخرج كل انسان نزيه عن سكينته. فصور قتلة غير نادمين يحتفلون في الطريق الى الحافلة، هي مشهد مُذل ومؤلم ومثير للغضب. ويوجد هنا زيادة على الانفعال جدل بين توجهين، يقول الأول إن الارهابيين الذين على أيديهم دم يجب أن يموتوا في السجن كي يروا ويُرون؛ ويريد الآخر ان يصنف السجناء حسب خطرهم، فالذي شاخ في السجن وصديء يمكنه ان يعود الى بيته وهو لن يعود الى الارهاب.
إن أكثر السجناء الذين وافق نتنياهو على الافراج عنهم في هذه المرة قضوا في السجن عشرين سنة على الأقل وقضى عدد منهم ثلاثين سنة وأكثر وهم يعتبرون متقاعدين في صناعة الارهاب. والضرر المتوقع منهم أقل كثيرا من ضرر المفرج عنهم بصفقة شليط، الذين كانوا أفتى وانتموا في أكثرهم الى حماس.
وبسبب كل هذه التعليلات وبسبب العلم بأن هذا قرار صعب ومؤلم يقوم به نتنياهو، لا من اجل نفسه بل من اجل ما يراه مصلحة قومية، أردت ان أكتب الى نتنياهو جوابا من كلمتين هما: كل الاحترام.
الى ان قرأت الرسالة كلها، ما فيها وما ليس فيها في الأساس. ليس فيها كلمة واحدة لتفسير أو ندم على الخطب الحماسية التي أسمعها نتنياهو اعتراضا على صفقات كهذه في الماضي؛ وليس فيها كلمة واحدة عن ان صفقة شليط، مع الجائزة الضخمة التي منحتها لحماس، جعلت اسرائيل مدينة لمنظمة فتح والسلطة الفلسطينية، فأبو مازن لم يكن يستطيع الوصول الى المحادثات بلا صفقة تفرج عن قاتليه. وليس فيها كلمة واحدة لتبيان العوض الذي يفترض ان تحصل اسرائيل عليه. اذا أعطوا فسيأخذون، هكذا اعتاد نتنياهو ان يقول عن الفلسطينيين في كل واحدة من خطبه، واذا لم يعطوا فلن يأخذوا.
ولم يُعط الفلسطينيون شيئا في هذه المرة سوى الاستعداد لاجراء محادثات. ولا يُحتاج الى خيال كثير كي نُخمن ماذا كان سيقول نتنياهو في ذلك لو كان شخصا آخر رئيس الوزراء.
إن التفسير الحقيقي للقرار هو تدهور مكانة اسرائيل في العالم، في فترة صرنا فيها أشد احتياجا مما كنا للغرب، بسبب ايران وبسبب سورية وبسبب مصر ايضا. وهو يتجه الى التفاوض لا للتوصل الى اتفاق، بل كي يجعل حكومته حلالا في نظر الغرب، وهذا تقدير مشروع. ومن المؤسف ان مواطني اسرائيل، وهم من أُرسلت اليهم رسالة رئيس الوزراء، لا يعلمونه.
ومن المؤسف أنه لا يُحدثهم عن حيرته بين قبول طلب الافراج عن السجناء وقبول طلب تجميد البناء في المستوطنات تماما وعلنا. ومن المؤسف انه لا يُبين لماذا فضل الطلب الأول على الثاني، أفكان مواطنو اسرائيل ازاء ناظريه أم الجناح الأيمن من حزبه؟
ومن المؤسف انه لا يقول لهم إنه عرف في ولايته حدود القوة. كان يمكنه ان يقول لهم إن الولايات المتحدة هي قوة من القوى العظمى، وهي تستطيع أن تبيح لنفسها عدم الافراج عن مخربين، لكن اسرائيل لا تستطيع ان تبيح لنفسها هذا الترف.
قال اسحق رابين ذات مرة إن التباكي لا يصنع الزعامة. فلا حاجة الى عنصر التباكي في رسالة نتنياهو. وهو يكرر مرات قوله إن القرار ‘لا يوجد ما هو أصعب منه’. إن من يتذكر كيف احتفل نتنياهو بصفقة شليط التي كانت هي ايضا قرارا ‘لا يوجد ما هو أصعب منه’ كما قال، يدرك أن المسافة في حالته بين صعوبة لا مثيل لها واحتفال لا مثيل له قصيرة جدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ينبغي معرفة استغلال الازمة في حماس
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
كان أحد الاسباب الرئيسة لقرار بدء مسيرة اوسلو في تقديري، أن م.ت.ف في حالة ضعف بعد ان ابتعد العالم العربي عنها بسبب تأييدها لصدام حسين في حرب الخليج وازدياد قوة حماس في الضفة الغربية وغزة. وآمنت بأنه سيكون أصعب كثيرا على اسرائيل أن تتوصل الى حل الصراع اذا اضطرت الى مواجهة حركة دينية متطرفة تستعمل الوسائل الارهابية، بدل مواجهة حركة قومية مستعدة للاعتراف بها. إن المحادثات مع م.ت.ف عززت مكانتها في العالم. ورأى منتقدو اوسلو ان ذلك خطأ وقدّر مؤيدوها ان الحديث عن مسار تم قبل ان يصبح متأخرا بلحظة.
تجد حماس نفسها اليوم، وهي التي عرضت نفسها على أنها بريئة من الفساد وتساعد على رفاه الفلسطينيين، وفازت بالكثرة النسبية من الناخبين في القطاع في 2006، وبتأييد مصر مرسي وسورية الاسد، وقطر الأمير السابق وايران احمدي نجاد، تجد نفسها بلا أي تأييد تقريبا. حتى إن رئيس وزراء تركيا اردوغان الذي أعلن عن زيارته المخطط لها الى غزة تأخر عن المجيء بسبب ضغط الرئيس اوباما.
إن التوتر الظاهر في قيادة حماس وجفاف مصادر التمويل، الى جانب المواجهة القاتمة للمشكلات اليومية في القطاع المكتظ والفقيركثيرا، أثقلت على المنظمة. وقام معارضون لها أشد تطرفا يتهمونها بهوادة زائدة تشتمل على الموافقة على وقف اطلاق نار مع اسرائيل بعد عملية ‘عمود السحاب’.
لن تكون حماس مُحادثة لاسرائيل من اجل اتفاق مع الفلسطينيين. إن م.ت.ف هي الجهة التي تعترف بها الجامعة العربية والعالم كله، والتي أتممنا معها الاتفاقات المرحلية. ولا تطلب حماس ايضا الاعتراف بها بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية (رغم أنها معنية جدا بدخول المنظمة وان تصبح جزءا مركزيا فيها)، ولم تعبر الى الآن بخلاف المنظمة عن استعداد للاعتراف باسرائيل. بيد أن هذا هو الوقت للتوصل بصورة مباشرة أو غير مباشرة الى تفاهمات ما مع حماس بغرض ألا تُعين على إفشال المحادثات في واشنطن.
لادارة هنية في غزة حاجات كثيرة تستطيع اسرائيل تلبيتها، من دون ان تُعرض أمنها للخطر البتة. والحديث عن التزويد بمنتوجات، وعن مرور الناس والسلع وما أشبه. ويمكن كما يبدو التوصل الى سلسلة طويلة من تفاهمات جديدة مع هذه المنظمة الاشكالية تشتمل ايضا على نظرتها لمسار التفاوض السياسي واحتمال استفتاء الشعب الفلسطيني بعد ان تنتهي.
إن الدرس الرئيس الذي تعلمناه من اوسلو هو انه لا يكفي وجود كثرة كبيرة اسرائيلية وفلسطينية، معنية بالسلام بل مستعدة لدفع ثمنه. لأن قليلين بل أفرادا مثل باروخ غولدشتاين أو يغئال عمير أو يحيى عياش قد ينجحون في وقف اجراءات يريدها الزعماء. ولا سبيل لمنع هذا تماما، لكن توجد سبل لمحاولة مضاءلة احتمالات نجاح القليلين. والازمة في حماس هي فرصة للتحادث ستضائل مصلحة المنظمة المضروبة هذه في تطبيق محاولة اخرى للتوصل الى السلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الزعماء من الطرفين تعوزهم الشجاعة لدفع ثمن التسوية
بقلم: دورون غلعيزر،عن هارتس
يدعو أري شبيط منذ عشر سنوات فوق صفحات صحيفة ‘هآرتس′ الى الاكتفاء باتفاقات جزئية وبحلول مرحلية بيننا وبين الفلسطينيين. وحذر في الاسبوع الماضي ايضا في مقالته (دراجة السلام الهوائية، 25/7) من أن محاولة انشاء سلام نهائي ستفضي بسبب عدم القدرة على التقريب بين مطالب الطرفين، الى انتفاضة ثالثة.
إن تصور عدم وجود شريك هو تصور ذو شعبية لأنه يتساوق مع الادعاء الرائج بان الفلسطينيين لن يوافقوا أبدا على التخلي عن حق لاجئي 1948 في العودة. لكن هذا التصور في واقع الامر نبع من ردة فعل مختلفة تماما: إن زعماء اسرائيل في الجيل الأخير ـ اسحق رابين وباراك وارييل شارون ـ أدركوا انه يوجد من يُحادث، لكنهم اختاروا تسويات مرحلية أو تسويات من طرف واحد، لأنهم لم يريدوا أو خافوا من دفع الثمن الذي تنطوي عليه تسوية نهائية.
إن التسويات المرحلية فعالة حينما تكون جزءا من مسار تسوية شاملة، كما كانت الحال في مسيرة السلام مع مصر. أما التسويات المرحلية التي تقوم من تلقاء ذاتها فتضر فقط بمسيرة السلام. وحينما يتم التخلي عن قليل يكون الدفع المعطى في المقابل قليلا ايضا، وحينها يصعب على القادة من الطرفين ان يقنعوا الرأي العام عندهم بأن الثمن كان حسنا.
إن التسويات المرحلية قد تزيد في تطرف مواقف المتطرفين الذين يرون العوض غير الكافي برهانا على صدق ادعاءاتهم. وحينما لا يوجد تغيير جوهري يسهل إقناع الشعب بعدم الفائدة، فضلا عن الضرر الذي في التسوية. وهذا ما حدث على أثر اتفاق اوسلو، وهو ما حدث بعد تسويات مرحلية اخرى. فلم يكن الفلسطينيون المتطرفون راضين وعادوا الى الارهاب واستمر متطرفونا في الاستيطان.
كم مرة يمكن ان نروي قصة كامب ديفيد؟ حاول باراك حقا في سنة 2000 التوصل الى تسوية شاملة، لكن التفاوض فشل لأن باراك لم يملك الشجاعة للتخلي عن السيادة في جبل الهيكل. ولم يكن لعرفات من جهته الشجاعة ليقترح اقتراحا بديلا، كأن يكون للحوض المقدس مكانة دولية أو ما يشبه الفاتيكان. ولم تنشب الانتفاضة الثانية لأن الطرفين حاولا إمساك الثور من قرنيه، بل لأن باراك مثل عرفات لم يتجرأ على المضي الى النهاية.
لم يكن لمخاوف باراك وعرفات هذه أساس قط مهما يبدو هذا غريبا. فقد أثبتت استطلاعات للرأي العام أكثر من ان تحصى، ان الحكومة التي ستأتي للاسرائيليين بتسوية سلام، حتى لو كان ثمنها تقاسم السيادة في القدس وترتيبا خاصا لاريئيل والحوض المقدس، ستحظى بأكثرية من الجمهور. ولا يوجد استطلاع واحد في الـ15 سنة الأخيرة ينقض هذا الافتراض.
حتى إن حكومة فلسطينية تأتي لشعبها بحدود 1967 وتبادل اراض مع مكانة سيادية خاصة في جبل الهيكل ستحصل على أكثرية ـ حتى لو سلّمت لاعتراف اسرائيلي بجزء فقط من المسؤولية عن قضية اللاجئين، وهو اعتراف لن تصاحبه عودة حقيقية للاجئين الى اسرائيل. ولا يوجد عند الفلسطينيين حتى استطلاع يُبين خلاف ذلك.
اذا كان الامر كذلك فربما حان الوقت لأن تُقال الامور بصراحة: يوجد شريك، بل اثنان، والفرق بينهما بخلاف الادعاءات غير كبير. لكن المشكلة هي عدم وجود زعماء شجعان وذوي رؤية يكونون مستعدين، رغم كل المخاوف، لقيادة شعبيهما الى تسوية شاملة. ومن المؤسف ان شبيط، وهو صحافي يدعي أنه باحث عن السلام، يُضعف أيديهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الدخول الى مسيرة المفاوضات يساعد المصالح الاستراتيجية لاسرائيل
بقلم: امنون لورد،عن يديعوت
ليفي أشكول، حتى قبل أن يكون رئيس وزراء، قال انه يسير بعينين مغمضتين خلف بن غوريون، ولكن بين الحين والاخر يفتح عينا كي يرى اذا كان بن غوريون نفسه لا يسير بعينين مغمضتين. يخيل لي أننا نضطر في اللحظة الحالية الى أن نتعاطى بشكل مشابه مع رئيس الوزراء نتنياهو. في السنوات الاربع ونصف السنة هذه نجح في أن يخلق، فترة ليس فيها عمليا توتر أمني. والدليل أربع سنوات ونصف السنة من السلام والاستقرار النسبي، فيما نشاهد نحن من المنصة حروبا ودمارا من قريب ومن بعيد.
ليس لدي في مثل هذه اللحظة من التحرير المكثف للقتلة تفسير لقرار رئيس الوزراء، والسبب الذي يجعلني اقبل هو أنه واضح لي ان بنيامين نتنياهو لا يسير الى الامام بعينين مغمضتين. نتنياهو يتخذ هذه الخطوة بعينين مفتوحتين تماما، وكنت أقول ان معارضيه في اللحظة المعطاة يفعلون هذا بينما عيونهم مغمضة تماما.
الوزير اسرائيل كاتس قال: ‘هذا خطأ مثلما كان التجميد خطأ’. اذا كان هذا كل شيء، فبالتالي كل شيء كان ابسط. من الصعب القول لسكان يهودا والسامرة بان التجميد كان بالذات خطوة وفرت لاسرائيل وقودا للمناورة، ولا سيما حيال ادارة اوباما؛ لم تقع في أعقابه اي مصيبة وواصلنا كاليهود الطيبين دحرجة الاوراق المالية في المجال السياسي. ولكن كنت سأقول ان من حقا يؤمن ويتوقع ان تعطي المفاوضات مع الفلسطينيين في نهايتها اتفاقا، حتى ان كان تسوية انتقالية، ينبغي أن يخرج باحساس اكثر تشاؤما بكثير مما قبل قرار الحكومة، فالقرار خطير جدا من ناحية اخلاقية ودستورية كي يكون ممكنا تفسيره فقط في أن هذه هي الصفقة وبعدها لن يكون الكثير من التقدم. فهذه بالتأكيد ليست صفقة تؤدي الى محادثات نية طيبة مع افق سلام. هذه صفقة شايلوك. الامريكيون، العرب والاوروبيون يطلبون من المندوب اليهودي الكبير، اسرائيل الخاصة والجماعية: اقطع بنفسك قطعة لحم من جسدك كي نعرف بانك جدي.
هذا يمكن عمله فقط مقابل الحياة نفسها. على هذا يلمح في اقوالهما امس في الجلسة رئيس الوزراء نتنياهو، ووزيرة العدل ليفني. فقد قال نتنياهو ان ‘الدخول الى المسيرة يساعد المصالح الاستراتيجية لاسرائيل’. فهو لم يقل ان السلام هو مصلحة استراتيجية، لم يقل ان التسوية الانتقالية هي مصلحة كهذه. ‘المصالح الاستراتيجية’ هي النووي الايراني. المصالح الاستراتيجية هي ايضا القدرة على الاصرار على الخطوط الحمراء، حسب المفهوم الامني لنتنياهو بالنسبة ليهودا والسامرة.
وعليه، فبقدر ما هو الالم الشخصي لبيبي لنفسه ولجمهور اكبر على صفقة التحرير هذه، هكذا سيكون نتنياهو ملزما أكثر بالاصرار على مطالبه الامنية، فالموضوع الايراني، هذا الدفع للامريكيين ينبغي أن يسمح بشرعية لعملية عسكرية وتنسيق دولي. في موضوع ‘السلام’ هو يسمح لاسرائيل باعطاء تفسيرها للاحتياجات الامنية. من الصعب التصديق ان نتنياهو مستعد لان يعتمد على ‘تجريد’ الضفة الغربية. فلا يوجد كيان حي كهذا من دون سيطرة اسرائيلية دائمة على غور الاردن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
