اقلام واراء اسرائيلي 444
20/9/2013
في هــــــذا الملف
ثورة التحرير أطلقت المارد من القمقم في سيناء
بقلم: عاموس هرئيل،عن هأرتس
من الافضل مصادقة اسرائيل على الميثاق الكيميائي
بقلم: شلومو بروم،عن هارتس
للحرد ثمن
بقلم: تسفي بارئيل،عن هارتس
ثورة التحرير أطلقت المارد من القمقم في سيناء
بقلم: عاموس هرئيل،عن هأرتس
في الوقت الذي يحصر المجتمع الدولي فيه عنايته في محاولة فرض التسوية لتجريد سورية من السلاح الكيميائي، يتابع حكم الجنرالات الجديد في مصرعمليته العنيفة الموجهة على بقايا النظام السابق من الاخوان المسلمين.
في القاهرة والاسكندرية والمدن الحدودية المصرية قُمعت المظاهرات وطُرح آلاف من رجال الحركة في السجون، وفُرضت قيود شديدة على نشاط الدعاة من رجال الدين. أما في سيناء فهناك صراع عسكري بكل جوانبه، فقد اعتُقل مئات من الناشطين الاسلاميين، وتقول تقديرات مختلفة إنه قُتل مئات آخرون، وصفتهم السلطات بأنهم ناشطو ارهاب مسلحون، بهجمات من الجيش على حصون الاسلام المتطرف في شبه الجزيرة.
يعتمد الجيش المصري في الأساس على هجمات مروحيات واطلاق نار من بعيد على المنطقة الجبلية التي يختبئ فيها المتطرفون. وفي أكثر الحالات لا تعمل قوات الامن المصرية بحسب خطة التمشيط من بيت الى بيت والاعتقالات. وتنحصر العملية المصرية بمجملها في ‘أنصار بيت المقدس′، التي هي المنظمة الكبرى في سيناء التابعة لـ’القاعدة’. لكن المصريين يعملون ايضا على مواجهة منظمات اخرى أصغر كـ’أكناف بيت المقدس′. وتستعمل القاهرة في الوقت نفسه القبضة الحديدية في علاج أنفاق التهريب بين سيناء والقطاع في رفح.
تتهم السلطة الجديدة المنظمات الاسلامية في سيناء بالمشاركة في محاولة الاغتيال الفاشلة لوزير الداخلية المصري. وفي مؤتمر صحافي هذا الاسبوع عرض المصريون قنابل راجمات ضُبطت في العملية العسكرية في سيناء، صُنعت بحسب ما كُتب عليها في غزة. وتوجه القاهرة في كل يوم اتهامات لمنظمات في سيناء وأخواتها وراء الجدار الحدودي في رفح، من الفصائل الفلسطينية في غزة. وتحولت المنظمات في سيناء تحت الضغط العسكري الى الدفاع. وتحاول هنا وهناك الرد بعمليات دفاع .’
ليس واضحا الى الآن كم من الوقت ستستمر مصر في استعمال ضغط واسع جدا في سيناء. وتراقب اسرائيل متنحية التطورات، وفي متابعة لسياستها الاقليمية نحو الزعزعة العربية تجهد على نحو عام في ألا تتدخل. وقد سُجل منذ تولى الجنرالات الحكم في القاهرة تحسن آخر للعلاقات الامنية بين الدولتين، يعتمد ايضا على تلاقي مصالح في مواجهة الضلع الاخر في المثلث الجنوبي، أي قيادة حماس في غزة التي تمارس مصر عليها الآن ضغطا ثقيلا بتدمير الأنفاق وفرض قيود كثيرة على استعمال معبر رفح.
جيش مبارك
قبل نحو من اسبوع أنهى العميد نداف فدان فترة خدمة بلغت سنتين قائدا لفيلق ‘أدوم’، وهو الفيلق الميداني للجيش الاسرائيلي الذي يتولى الاشراف على حدود مصر وعلى الجزء الجنوبي من الحدود مع الاردن.
وفي حديث مع صحيفة ‘هآرتس′ حذِر فدان من إبداء رأي صريح في الأحداث في سيناء وحصر عنايته في ما كان تحت مسؤوليته المباشرة. ‘يوجد تنسيق تكتيكي جيد بيننا وبين قوات الامن المصرية’، يقول فدان، الذي أكثر من لقاء نظرائه وراء الحدود في السنتين الاخيرتين.
‘يوجد حوار دائم أخذ يقوى الآن، لكنه كان يتم في فترة رئاسة مرسي من دون صلة بالأحداث الداخلية التي حدثت في مصر. ويجب أن نتذكر أن الجيش المصري بُني في ايام نظام مبارك. يوجد ضباط أتقياء بدرجات مختلفة لكنهم ليسوا من رجال الاخوان المسلمين’.إنه يتحفظ من تحليل نسب القوى الداخلية في القاهرة. ‘يبدو هذا مثل نقاش في ملاحق يوم السبت من صحيفة ‘هآرتس′. إن الفيلق مشغول في الحياة اليومية بمواجهة تحديات تكتيكية وعملياتية. وقد كانت التحولات في القاهرة عاملا مؤثرا لكنني اشتغلت في الأساس بما كان لي تأثير فيه على الارض، وبما اشتُق من ذلك في ما يتعلق بتصور عملنا على طول الحدود’.
نشأ فدان ابن السادسة والاربعين في كيبوتس عين كرميل، وقضى جزءا كبيرا من خدمته العسكرية مقاتلا وضابطا في دورية هيئة القيادة العامة. وأصبح بعد ذلك قائد كتيبة في لواء الشباب الطلائعيين، وقائد وحدة المستعربين ‘دفدفان’ في ذروة الانتفاضة الثانية، وقائد اللواء الميداني في بيت لحم وقائد مدرسة الضباط. وقبل أن يتولى العمل في الفيلق منحته الحدود المصرية يقظة دامية. ففي اثناء التماس مع سلفه العميد تمير يدعي، وقعت في آب/اغسطس 2011 أكبر عملية على الحدود حينما قتل مخربون دخلوا من مصر ستة مواطنين اسرائيليين واثنين من رجال الامن في عين نتافيم شمال ايلات.
وقعت الأحداث الاولى في سيناء في منتصف العقد الماضي، لكن ثورة التحرير، يقول فدان ‘من المؤكد أنها أطلقت المارد من القمقم في سيناء. ففي ربيع 2011 انشأت بنى تحتية ارهابية اسلامية من سيناء صلة بمنظمات الجهاد العالمي في قطاع غزة وبلجان المقاومة الشعبية في رفح، وبدأت تعمل معا على التخطيط لعمليات. ولا نعلم الى اليوم هوية أكثر المخربين الذين شاركوا في العملية في عين نتافيم. ونُقدر أنه شارك فيها نحو من 18 شخصا كان عدد منهم على الأقل مصريين’.
تم بعد ذلك تعريف المنظمة التي نفذت العملية بأنها ‘أنصار بيت المقدس′، وهي أكبر المنظمات في سيناء. وكانت لجان المقاومة من غزة مشاركة في تمويل العمليات وفي نقل أحزمة ناسفة استعملها عدد من المخربين. ‘لكن مشاركة الأنصار كانت أكبر كثيرا مما ظننا في البدء. كان المخربون مسلحين جيدا بصواريخ مضادة للدبابات والطائرات، وببنادق قناصة وشحنات ناسفة وكانت تلك عملية مخططا لها وطموحة ذكرتنا سعتها بهجمات حزب الله في الفترة التي كان الجيش الاسرائيلي فيها في جنوب لبنان’.’
والى جانب غزة يلاحظ في سيناء مشاركة خارجية متزايدة لـ’القاعدة’. فقد حصلت حركات سلفية متطرفة في غزة وسيناء على ارشاد ومظلة فكرية وأموال من رجال بن لادن. وفي العمليات الاولى في سيناء يبدو أن قيادة القاعدة العالمية لم تحب أن تتحمل المسؤولية باسمها. وتغيرت نظرتها حينما أظهرت الفصائل في سيناء قدرة حقيقية على إحداث ضرر باسرائيل ومصر. وحصلنا على برهان على التغيير قبل شهرين، حينما التقطت الاستخبارات الامريكية مكالمة هاتفية بين قادة القاعدة في أنحاء العالم، وأصدرت تحذيرا اقليميا بعملية في واحدة من سفاراتهم، وكان على الخط ايضا زعيم فصيلة اسلامية من سيناء. ‘إن الفصائل في سيناء أصبحت جزءا من الفكرة وجزءا من النادي’، يقول فدان. ‘واسرائيل اليوم موجودة في أجندة ‘القاعدة’ أكثر مما كانت قبل خمس سنوات. وسنرى تعبيرا عن ذلك في السنوات القريبة في عمليات من سيناء وسورية ولبنان’.
تكتسب الشبكات الارهابية في سيناء بالتدريج استقلالا أكبر وتتحرر من ظل غزة. فقد أصبح اعضاؤها ينتجون هم أنفسهم وسائل قتالية وهي التي تقرر متى تنفذ عملية بحسب تقديراتها. وتُقدر الاستخبارات الاسرائيلية أنه يعمل في سيناء بضعة آلاف من الارهابيين المسلحين المنقسمين الى أكثر من 200 فصيل على الأقل. ‘اعتقدنا ذات مرة أن المنظمات الاسلامية لن تشتغل بتهريب السلع على الحدود’، يقول فدان. ‘وتبين أننا كنا مخطئين. لأن الناشط نفسه يمكن اليوم أن يهرب مخدرات ويهرب في الغد وقودا ويشتغل بالارهاب بعد غد. قبل سنة كان يميل عدد من الامنيين في اسرائيل الى وصف تحول من البنية القبلية القديمة للبدو في سيناء الى تنظيمات ايديولوجية تشمل القبائل كلها. وكان ذلك استنتاجا مبالغا فيه قليلا.
ضعف الشيوخ القدماء في الحقيقة لكن ما زال يوجد لهم تأثير والبنية القبلية باقية’.
الجدار الجيد
حينما تولى فدان عمله كان قد بدأ بناء الجدار على الحدود المصرية، بحسب قرار حكومي اتُخذ في 2010. وقد بادر رئيس الوزراء نتنياهو الى الجدار في البدء في محاولة لصد تيار المهاجرين من افريقيا، لكن العملية في عين نتافيم أعطت سياقا آخر أمنيا مُلحا للتعجيل بالمشروع. وقد بُني نحو من 240 كم بسرعة قصوى في أقل من سنتين بكلفة نحو من مليار ونصف مليار شيكل. وما زال ينقص 700 متر في منطقة المنحدرات الصخرية عند مشارف ايلات ستتم حتى نهاية السنة. وصُدت الهجرة فنقصت من عشرة آلاف شخص كل سنة الى بضع عشرات في 2013. ويُثني فدان على القائم بالمشروع العميد عيران أوفير، الذي قاد بناء الجدار وهو مشغول الآن بموازاة ذلك ايضا بتحسين الجدار الحدودي في الجولان. ‘إن هذا الشخص جرافة ضخمة فهو يستحق جائزة أمن اسرائيل’.
كانت العملية في عين نتافيم نقطة الفصل في نظرة اسرائيل للحدود المصرية. ‘تغير اسلوب عملنا’، يقول فدان. ‘حينما كنت ترى في الماضي انسانا يقترب من الحدود مع كيس كنت تستعد للتهريب. وأنت اليوم تستعد لعملية، هذا الى أن المهربين في بعض الحالات ايضا يطلقون النار على الدوريات لصرف الانتباه وللتمكين من نجاح التهريب في نقطة قريبة’.
بعد العملية تم توسيع الجهد الاستخباري الاسرائيلي في المنطقة الحدودية: فزيدت وسائل مراقبة كثيرة وانشأ ‘الشاباك’ لواء جديدا مختصا بهذه المنطقة. وافتتح الجيش الاسرائيلي قيادتي لواء ميدانيتين، وهو يقيم الآن قيادة الفرقة على اساس خدمة دائمة بدل ضباط الاحتياط. وتم إتمام انشاء وحدة نخبة جديدة هي دورية ‘ريمون’ التابعة لجفعاتي والمختصة باحباط اعمال تسلل من الحدود وطُورت تطويرا كبيرا نوعية القوات الموضوعة على الحدود، فقد حلت وحدات نظامية محل الكتائب الاحتياطية، ووضعت الآن على الحدود المصرية كتائب مدرعة وكتيبة ‘كاركل’. ويغادر فدان مثل قادة آخرين قبله النقب نصيرا للكتيبة التي أكثر قادتها وجنودها نساء. ‘حينما جئت الى هنا ظننت أن الكتيبة مناسبة اجتماعية تُمكّن النساء ايضا من أن يصبحن مقاتلات. وغيرت رأيي. إن ‘كاركل’ تعمل بحسب معيار عال جدا لا يقل عن أي كتيبة مشاة اخرى’.
سُجلت في السنتين الاخيرتين في منطقة الفرقة 11 عمليات منها اعمال تسلل واطلاق قناصة للنار، وبث ألغام واطلاق قذائف صاروخية على ايلات وعلى قواعد سلاح الجو في النقب. وحدثت في الجزء الشمالي من الحدود الذي تتولى قيادته فرقة غزة عدة عمليات اخرى. لم تعد الحدود المصرية هي نفس حدود السلام المتثائبة التي كانت في الثلاثين سنة السابقة. والجدار الجديد لا يمنع اطلاق النار من فوقه ولا يلغي احتمالات التسلل تماما. ويعلم فدان مع تجربته في وحدات خاصة في الماضي، أنه لا يوجد جدار لا تستطيع قوة مدربة بقدر كاف التغلب عليه. ‘يجتازون هذا الجدار ايضا لكن في اوقات متباعدة فقط. إن القضية هي أن الجدار يعوق جدا التسلل، وتُمكننا اعادة الانتشار من الوصول سريعا وضبط من تسلل على نحو عام’.
ويقول إن التغيير الذي حدث في السنوات الاخيرة عظيم، ‘انتقلنا من وضع منطقة حدودية مفتوحة بلا جدار مع قوات كانت ضائعة كثيرا في المنطقة، تجري في الصحراء وراء طرف خيط، الى استعداد مختلف تماما فأصبحت هذه منطقة محاطة بجدار ومغطاة بوسائل جمع معلومات وتستعملها قوات أحسن تدريبا’. وهو يقلل الحديث عن الجزء الثاني من المنطقة الذي كان تحت مسؤوليته. في الحدود الاردنية التي ما زالت بلا جدار مهم، ما زال يوجد الى الآن هدوء نسبي لأن الملك عبد الله ما زال ينجح في إبقاء بلده مستقرا، رغم الرجات في الدول المجاورة. ويوافق فدان على أن يقول فقط إن التنسيق الامني مع الاردنيين الذي يتم كله أو أكثره بأدنى قدر من الظهور الاعلامي، ممتاز. ‘رأينا في السنة الاخيرة بوادر أحداث هناك، بعد اكمال الجدار مع مصر، ورأينا في الأساس ازدياد عدد محاولات تهريب المخدرات من الاردن، لكن الاردنيين يضعون على الحدود قوات نوعية وبيننا وبينهم ثقة متبادلة عالية، يحرصون معها على تقديم تقارير حقيقية بلا تلاعب’. وما زالت الحدود الاردنية مستقرة الى الآن في أيلول/سبتمبر 2013.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
من الافضل مصادقة اسرائيل على الميثاق الكيميائي
بقلم: شلومو بروم،عن هارتس
المشاهد لرد الفعل’الاسرائيلي الممتعض على اتفاق نزع السلاح الكيميائي من سورية لا يدري اذا كان يضحك أم يبكي. ففيه تعبير عن صبيانية وطنية بنزعة شديدة من الازدواجية. فالاسرائيليون يتصرفون كطفل اخذوا منه دميته. وعدونا بحرب ‘صغيرة ولطيفة’ وها هم اخذوها من شعبنا. هذا هو المهم. ليس مهما أن القوة العسكرية تصل الى الدرجة العليا حين يكفي مجرد التهديد باستخدام القوة لتحقيق الهدف. نحن الاسرائيليين سنواصل الادعاء بان امتناع الرئيس الامريكي باراك اوباما عن الهجوم على سورية هو تعبير عن ضعفه وهزاله.
لقد خططت الولايات المتحدة لهجوم عقاب محدود بالحجم وبالزمن، كان’ هدفه ردع نظام الاسد عن استخدام آخر للسلاح الكيميائي ضد الثوار والسكان’ المدنيين في’المناطق التي يعمل فيها الثوار. ومن دون’أن تُطلق رصاصة واحدة’نجح التهديد بالعملية العسكرية في تحقيق المطلوب، وهو اتفاق لنزع السلاح الكيميائي السوري في جدول زمني’معقول. وسيزيل تطبيق هذا الاتفاق عن اسرائيل تهديدا جديا، عسكريا’ ونفسيا. قبل ايام غير كثيرة شهدنا 1هستيريا جماهيرية حول شراء كمامات الغاز. ونزع سلاح سورية يقلب الجرة رأسا على عقب. لم تعد حاجة الى الكمامات وجعل من غير الضروري الانفاق المالي الهائل على شرائها والابقاء على جهاز توزيعها.
العراق وليبيا نزعت قدرتهما الكيميائية. وانضمت ايران الى الميثاق الذي يحظر حيازة السلاح الكيميائي. هذا ميثاق مع نظام رقابة متشدد جدا مقارنة بمواثيق اخرى. لدى مصر قدرة نظرية على انتاج السلاح الكيميائي، ولكن بعد سنوات عديدة من الاهمال ليس واضحا اذا كان لا يزال موجودا وما هي قيمته، واتفاق السلام مع مصر مستقر.’
رئيس لجنة الخارجية والامن في الكنيست افيغدور ليبرمان يجري المقابلات الصحافية ويدعي بانه لا يمكن تصديق بشار الاسد لانه نفى حتى الان بان لدى سورية سلاحا كيميائيا. حجة مثيرة للاهتمام ومزدوجة الاخلاق من جهة من يمثل دولة لا تتميز بالضبط بالشفافية وقول’الحقيقة، عن قدراتها العسكرية. اما وزير الشؤون الاستراتيجية، يوفال شتاينتس، فيجري المقابلات هو ايضا ويشكو من أن الاتفاق لن يؤدي الى اخراج كل السلاح الكيميائي من سورية في غضون اسبوع اسبوعين. وهكذا يظهر شتاينتس جهلا: كيف بالضبط يمكن نزع سلاح دولة يزعم ان لديها نحو الف طن من السلاح الكيميائي ـ المواد التي ليست مريحة جدا للنقل ـ في غضون اسبوع، اسبوعين في واقع من الحرب الاهلية. فهل ينبغي التشكيك بالتفكير الاستراتيجي للوزير الاستراتيجي؟
بالتوازي، نسمع اصوات بكاء وعويل على الاثار السلبية التي ستكون لكل حل وسط على ايران. فهل الرسائل التي تنشأ عن هذا الاتفاق مثلا، لان السلاح الكيميائي لا يجدي لبقاء الانظمة، وفضلا عن ذلك يشكل خطرا على بقائها؛ وان الولايات المتحدة وروسيا قادرتان على أن تتحدا لمعالجة خطر اسلحة الدمار الشامل ـ ليست سابقة ممتازة لمعالجة البرنامج النووي لايران.
ولكن التعبير الابرز عن الازدواجية هو الادعاء بان هذا الاتفاق يعطي نظام الاسد الاذن بذبح مواطنيه. ان’يسمع المرء هذا على لسان اسرائيليين يفركون اياديهم استمتاعا، لان ما يحصل هو بالاجمال ـ عرب يذبحون عربا، يثير الشفقة. فهل اسرائيل ‘مستعدة لعمل شيء ما حتى لو كان صغيرا، لتمنع هذا؟ هل كانت مستعدة في أي وقت من الاوقاف لان تضحي بمصلحة اسرائيلية’ما كي تمنع اعمالا فظيعة من هذا النوع؟
من السهل القاء كل شيء على الولايات المتحدة وعلى الرئيس اوباما والتفكير بان هذا جبن وضعف من جهته عدم الدخول الى حرب. ولكنه لا يمكنه ان يقدر بمستوى منطقي من المعقولية بان نتائج الحرب لن تكون اسوأ من الوضع الحالي، وواضح أن أثمانها ستكون عالية. فحربان امريكيتان في العراق وفي افغانستان، جسدتا كم هو ضروري التفكير الحكيم من’مثل هذا النوع.
بدلا من ردود الفعل الصبيانية من جانبنا، لعله من الافضل اعادة النظر في ‘امكانية مصادقة اسرائيل على الميثاق الكيميائي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
للحرد ثمن
بقلم: تسفي بارئيل،عن هارتس
الفهم العادي هو أن العقوبات او تجميد العلاقات الدبلوماسية بين الدول الغربية ودولة في العالم الثالث تلحق ضررا جسيما للدولة المستهدفة فقط، ولكن اذا ما سألنا شركات النفط او مصانع الانتاج الامريكية أو الاوروبية، يتبين ان الكلفة التي يتكبدها المواطن الامريكي او الاوروبي بسبب السياسة الخارجية كبيرة واليمة.
قبل سنة قدرت ثلاث شركات نفط كبرى في الولايات المتحدة بان العقوبات على ايران تكلف المواطن الامريكي نحو 25 سنتا لجالون البنزين. ويكاد يكون من الصعب الحصول على المعلومات عن المنتجات الاخرى. ويكاد يكون متعذرا تقدير الكلفة العامة للعقوبات، بما في ذلك الخسارات المحتملة. اما المعطيات عن الكلفة على المستهلك فغير متوفرة.
ولكن ليس فقط العقوبات التي تفرضها الدول الغربية تضر مباشرة بالصندوق القومي، فالسياسة الخارجية غير المتوازنة هي الاخرى يمكنها أن توقع ضررا حقيقيا مثلما تعلمت تركيا. فقبل نحو شهر تحدثنا هنا عن التخوف التركي من القطيعة الاقتصادية مع النظام العسكري في مصر، بسبب هجوم اردوغان الفظ على الجيش المصري، الذي اسقط محمد مرسي. في حينه لم يكن اتضح بعد بكامله مدى الغضب المصري على رئيس الوزراء التركي، الذي اشتد حتى أوقع قطيعة كاملة بين اتحاد الغرف التجارية المصرية وتركيا.
ما دفع التوتر بين الدولتين الى الذروة، كان تصريح اردوغان الاخير، الذي قال عن احمد الطيب، شيخ الازهر، المؤسسة الدينية الاهم في مصر وفي العالم الاسلامي كله، ان ‘التاريخ سيشتمه مثلما شتم مثقفين دينيين في الماضي’، لان الشيخ أيد الانقلاب العسكري واسقاط مرسي. ‘لن نستأنف العلاقة مع تركيا الى أن يعتذر رئيس الوزراء التركي’، كما جاء في بيان اتحاد الغرف التجارية.
في أعقاب البيان طالب ايضا اعضاء اتحاد عاملي السياحة بمقاطعة تركيا وقطر، الداعمتين للاخوان المسلمين، وشطبهما من قائمة الاهداف السياحية. كما يدعو أعضاء الاتحاد المواطنين المصريين الى عدم استخدام شركات الطيران التركية والقطرية. ففي العام الماضي وصل الى تركيا نحو 100 الف سائح مصري، ومنذ بداية السنة وصل الى مصر نحو 40 ألف سائح تركي. هذه المقاطعة لن تدفع الاقتصاد التركي الى الانهيار، ولكنها ليست الوحيدة التي تمارس ضدها.
شركة الاستثمارات الكبرى TAQA من اتحاد الامارات التي اعتزمت استثمار 12 مليار دولار في اقامة محطة توليد طاقة في تركيا، أعلنت قبل نحو اسبوعين عن تجميد الاستثمار الذي يعتبر الاكبر في تركيا. فقد قررت دولة اتحاد الامارات، التي تساعد مصر بنحو 3 مليارات دولار، وترى في الاخوان المسلمين عدوا مصريا، هي الاخرى تعاقب تركيا على سياستها تجاه مصر. قبل الانقلاب استثمرت تركيا نحو 2 مليار دولار في مصر. واعتزمت توسيع التجارة معها الى نحو 5 مليارات دولار في غضون خمس سنوات.
وقد دخلت هذه الرؤية الى جمود عميق وذلك لان التصدير التركي الى مصر توقف على نحو شبه تام.
وتضع المقاطعة المصرية، التي تنضم الى فقدان السوق السورية وتقليص الاستيراد في دول الخليج، تضع العجز التجاري التركي منذ بداية السنة عند نحو 60.5 مليار دولار، نحو 18.3 في المئة اكثر من العام الماضي. وتشير معطيات تموز/يوليو الى ارتفاع بنحو 10 في المئة في الاستيراد مقابل ارتفاع بـ 2.2 في المئة في التصدير مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، وذلك قبل الارتفاع الاخير في اسعار النفط، الذي سيلحق بتركيا نفقات اخرى بنحو 300 مليار دولار.
من دون صلة بالسياسة الخارجية، هبطت الليرة التركية منذ ايار/مايو بمعدل 8 في المئة، ومن الصعب التوقع ان تكتفي بذلك في ضوء سياسة تركيا في تجميد الفائدة، حيث أعلنت انه بعد رفع الفائدة في الشهر الاخير فانها لن ترفعها حتى نهاية السنة.
وتسارع المعارضة التركية الهزيلة، كما هو متوقع، الى مهاجمة اردوغان على سياسته الخارجية التي تعزل تركيا في الشرق الاوسط وتلحق بالدولة ضررا اقتصاديا هائلا. ولكن اذا كانت هذه الهجمات في الماضي تعتبر نباحا غامضا على قافلة اقتصادية متينة تندفع من دون كوابح، فانه تنطلق الان أصوات قلقة في اوساط الاقتصاديين والمنظمات الاقتصادية الذين يخافون من أن تكون المعجزة الاقتصادية التي احدثها اردوغان قبل عقد من الزمان آخذة في التبدد. ومع أن المعطيات العموم اقتصادية لا تزال جيدة، ومكان الاسواق العربية تحتلها اسواق في جنوب امريكا وافريقيا، والتصدير الى اوروبا هو الاخر سجل ارتفاعا، الا انه عندما يضطر المواطن التركي الذي يتلقى أجره بالليرة التركية لان يدفع اكثر مما في الماضي لقاء منتجات مستوردة، يتعمق الاحساس بان احدا ما لا يتحكم جيدا بالمقود الاقتصادي.
مثل هذا الاحساس، اذا ما تعاظم وتجذر، من شأنه أن يكون هداما من ناحية اردوغان، الذي يعتمد على النجاح الاقتصادي كرافعة شديدة القوة للمضي قدما في تحقيق تطلعاته السياسية. ففي العام القادم سيرغب في أن ينتخب رئيسا للدولة واقرار اصلاحات مهمة في الدستور. وسيكون من الصعب عليه اقناع الجمهور بمنحه التأييد مرة اخرى اذا كان سيظهر كمن يكسر الفرع الذي يبني نفسه عليه. ولا يتبقى سوى أن نرى كم ستصبح مصر وسورية جزءا لا يتجزأ من السياسة الداخلية في تركيا و’تنتقمان’ من اردوغان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
