اقلام واراء اسرائيلي 456
9/10/2013
في هــــــذا الملف
ايران.. عقوبات لا أشواقا قلبية
بقلم: موشيه آرنس ،عن هآرتس
خطاب نتنياهو كان بعيدا عن إثارة الاهتمام الدولي’
بقلم: غيلي هيربا،عن معاريف
اليوم التالي للمعلم
بقلم: شالوم يروشالمي،عن معاريف
البازار الفارسي ‘كل شيء مفتوح
بقلم: مناحيم نافوت،عن يديعوت
بحيث لا تظهر كعنصر يعارض الحل الدبلوماسي
بقلم: أفنير غولوب،عن معاريف
ايران.. عقوبات لا أشواقا قلبية
بقلم: موشيه آرنس ،عن هآرتس
إن التفكير الذي يقوم على أشواق القلب هو بخلاف التفكير الذي يقوم على الواقع الحقيقي، مرض شائع كثيرا، وهو يصيب اناسا من اوساط الناس، ومستثمرين في البورصة وساسة. ويكون في الأكثر مصحوبا بالنوايا الفضلى.
إن التاريخ مليء بأخطاء مأساوية كانت نتاج تفكير قام على أشواق قلبية. يجب فقط أن نتذكر رئيس وزراء بريطانيا نيفل تشمبرلين، ورئيس وزراء فرنسا ادوار دلادييه في ميونيخ 1938، اللذين أصرا رغم جميع الدلائل التي أشارت الى عكس ذلك، على الايمان بأن كل ما يعني هتلر هو اقليم السوديت في تشيكوسلوفاكيا، وأنه في اللحظة التي يحصل فيها عليه سيسود السلام العالم، أو يوسف ستالين الذي رفض أن يُصدق، رغم الأدلة القاطعة أن المانيا تستعد للهجوم على الاتحاد السوفييتي، وأمر الجيش الاحمر بعدم اتخاذ خطوات دفاعية؛ وقبل اربعين سنة رفضت القيادة الاسرائيلية أن تأخذ في حسابها شهادات حاسمة أشارت الى نية المصريين والسوريين مهاجمة اسرائيل، وفضلت الاعتماد على أشواق قلبها. وماذا عن الايمان بأن ياسر عرفات تخلى عن الارهاب وأصبح شريكا في السلام؟
إن التوق الى السلام يجعل الناس يتركون طريق التفكير العقلاني ويتخلون عن الفحص الدقيق للواقع، ومن ثم اتخاذ قرارات بناء على أشواق القلب. وحينما يواجه الناس تهديد الموت والخراب يمكن أن نفهم لماذا يفضلون تجاهل كل اشارات التحذير. يمكن أن نفهم لماذا رفض يهود وارسو تصديق المبعوثين الشباب الذين أرسلتهم إليهم الجبهة السرية اليهودية في فلينا، بعد المذبحة في بونار لتحذيرهم مما ينتظرهم. وبعد ذلك بنصف سنة بدأ النقل من غيتو وارسو الى تربلينكا.
ويؤدي بنا هذا الى الابتسامة على شفتي رئيس ايران الجديد حسن روحاني. أي تغيير هذا قياسا بسلفه محمود احمدي نجاد مُنكر المحرقة، الذي هدد دائما بمحو اسرائيل عن وجه البسيطة. من ذا لا يريد أن يُصدق أن نواياه خيّرة وأنه لا يقوي العداوة للولايات المتحدة واسرائيل، وأن بناء القنبلة الذرية هو أبعد شيء عن تفكيره؟ فلماذا اذا لا تُخفف العقوبات قليلا وتعطى الدبلوماسية أملا؟ أليس هذا شوقا قلبيا مفهوما؟
بيد أن الرجل الذي يقرر الامور في طهران، كما يعلم الجميع، ليس الرئيس بل آية الله علي خامنئي، الذي يتلقى روحاني الأوامر منه. والايرانيون مشغولون بجهد كثيف يكلف مليارات لصنع سلاح ذري وصواريخ بالستية، وفي الوقت الذي يتمنى فيه روحاني لباراك اوباما يوما طيبا، تستمر آلات الطرد المركزي التي تخصب اليورانيوم على الدوران. إن العقوبات التي فُرضت على ايران فقط تضر باقتصادها، ويحتمل أن تجعل الايرانيين يستقر رأيهم على ترك برنامج تطويرهم للسلاح الذري.
هذه هي الحقائق البسيطة التي عرضها بنيامين نتنياهو بصورة مقنعة على الجمعية العمومية للامم المتحدة. وغضب من يعانون أعراض الأشواق القلبية، لأن نتنياهو يُفسد المزاج الطيب الذي سببته ابتسامات روحاني. لكن الجميع، ولا سيما الايرانيين، يتناولون كلام نتنياهو بجدية. فهم يعلمون أنه توجد دولتان فقط هما الولايات المتحدة واسرائيل، عندهما القدرة العسكرية على توجيه ضربة ناجعة الى مشروع سلاحهم الذري، وأن هذه القدرة هي التي تدعم العقوبات الاقتصادية، وتُحدث امكانية أنه قد لا تكون حاجة الى عمل عسكري. وكل هذا صحيح ما لم يتم التخلي عن العقوبات قبل أن يوقف الايرانيون عمل آلات الطرد المركزي، وينقلوا اليورانيوم الذي خصبوه الى خارج حدود بلدهم. وهذا الشيء لا الأشواق القلبية هو الذي سيُبعد الخطر الذي يهدد العالم ألا وهو السلاح الذري الذي سيملكه خامنئي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
خطاب نتنياهو كان بعيدا عن إثارة الاهتمام الدولي’
بقلم: غيلي هيربا،عن معاريف
‘يوم الاحد القى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما كان يمكن له أن يكون ‘خطاب بار ايلان 2′، ولكنه كان أقرب الى صدى خطابه في الامم المتحدة الاسبوع الماضي. لم تسجل خيبات أمل، مثلما لم تكن أيضا توقعات حقا. لم نرَ أنباء مسبقة في وسائل الاعلام، تضمنت تسريبات عن الخطاب او وعودا باعلانات بعيدة الاثر، على النمط المعروف ‘نتنياهو يوشك على أن يفاجئ الجميع′. فالخطاب لم يوفر عناوين رئيسة صاخبة، وكان بعيدا عن إثارة الاهتمام الدولي، مثلما فعل خطاب بار ايلان الاول.
وكما كان متوقعا، بدأ الخطاب في الموضوع الايراني. رئيس الوزراء وقف مرة اخرى ضد هجمة الابتسامات الخطيرة لروحاني، وشرح بمعرفة أجهزة الطرد المركزي، اليورانيوم والبلوتونيوم، وقدم مشورات سياسية للاسرة الدولية، وحتى الاحبولة الدورية (‘فككوا سيتلقون’)، المكررة من عهد اتفاقات ‘واي’ في حينه مع الفلسطينيين (‘اعطوا سيتلقون’)، خصصت لايران.
جدول أعمال رئيس الوزراء يواصل الانشغال اساسا بالموضوع الايراني، بينما يعد الموضوع الفلسطيني هامشيا. وتناول القضية الفلسطينية تركّز في مسائل غير ذات صلة، حول من، برأي نتنياهو، الذي بدأ النزاع (الفلسطينيون)، ومتى بالضبط بدأوه (الهجوم على بيت المهاجرين في يافا في 1921)، وأي أسباب لا تشكل جذر المشكلة (الاحتلال، المناطق، المستوطنات). وخطابية نتنياهو بالذات قادرة على تمثيل الجذر الحقيقي للمشكلة: الانشغال المهوس بالماضي وانعدام الرؤية السياسية للمستقبل. الاسرائيليون، الفلسطينيون، اليمينيون واليساريون ينجرون غير مرة الى خطاب الاتهامات المتبادلة، من لا يرغب حقا في انهاء النزاع يمكنه أن يواصل الجدال حول الموعد الدقيق الذي اندلع فيه النزاع، ولكن هذا لن يدفعنا الى الامام نحو حله. ‘
لقد خطب رئيس الوزراء مثل ابن مؤرخ، بقدر أكبر مما كزعيم يفترض به أن يرسم السياسة ويدعو الناس الى اتباعها. وقد ذكرنا بالولد الصغير الذي يشير الى الولد الجار الذي تنازع معه، ويتهمه بانه هو الذي بدأ، يقول الكثير عن اللا والقليل عن النعم. نتنياهو يشرح انه من أجل حل المشكلة يجب النزول الى جذورها. صحيح، الماضي مهم ولا يمكن تجاهله. والنزاع طويل السنين والمضرج بالدماء لن يمحى بسهولة عن ورقة في ساحة البيت الابيض، ولكن من اجل الوصول الى حل سياسي لا حاجة الى الاتفاق على الموعد الدقيق الذي اندلع فيه النزاع. كما أنه لا واجب للاتفاق على من هو المذنب أكثر، اسرائيل ام الفلسطينيون. يكفي فحص الخطوط الحمراء الحقيقية للطرفين في ضوء الحلول البراغماتية القائمة. ‘
لقد كرر رئيس الوزراء خطوطه الحمراء في هذا الخطاب: تجريد الدولة الفلسطينية الى جانب ترتيبات أمن واضحة واعتراف بدولة اسرائيل كدولة يهودية، في ظل التنازل عن عودة اللاجئين الفلسطينيين. الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعرض الخطوط الحمراء الفلسطينية من على كل منصة ممكنة: اقامة دولة فلسطينية مستقلة على اساس حدود 67، عاصمتها شرق القدس. الخطوط الحمراء لاسرائيل والفلسطينيين لا تتناقض بعضها مع بعض، والحلول القائمة (صيغة كلينتون، مبادرة جنيف، اقتراحات انابوليس) توفر جوابا للمصالح الحيوية للطرفين.
في الايام الاخيرة تعصف في الشبكة كراسة اصدرتها قيادة الجبهة الداخلية للمدارس الابتدائية تحت عنوان ‘ايها التلميذ كن مستعدا’. وتأتي الكراسة لاعداد تلاميذ الصف الخامس لاوضاع الطوارئ وتعلمهم ضمن امور اخرى الفوارق بين الحرب والعمليات الارهابية، والانواع المختلفة من الصواريخ.
وهي تشجعهم على الاستماع الى قصص المعارك من الاهالي وأخذ المسؤولية لتحصين منازلهم كما ينبغي، ضد هجمات الصواريخ. لقد تربى معظمنا في ظل حروب اسرائيل، ونحن نقبل الواقع المعقد لحياتنا هنا كشر لا بد منه. وتحسن قياداتنا الخطابة والشرح كيف وصلنا الى هذا الوضع. لقد حان الوقت لان نطالبهم بان يوضحوا لنا الى أين نواصل من هنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اليوم التالي للمعلم
بقلم: شالوم يروشالمي،عن معاريف
سماء أمس ليست سماء اليوم’، قال الحاخام الرئيس اسحق يوسف بصوت باكٍ في تأبينه المؤثر الذي القاه عن أبيه، الحاخام عوفاديا يوسف الراحل، قرب مدرسة فورات يوسف حيث سجي الجثمان. وهو يعرف ما الذي قاله. فالسماء اليوم اكثر تكدرا. سحب تغطي شاس ولا يمكن أن نعرف الى أين ستسير هذه الحركة وماذا سيتبقى منها بعد أن تنقشع الغيوم من السماء.
”على مدى حياة الحاخام حافظ على الوحدة، الويل لمن يجعل الشقاق’، اضاف الحاخام الرئيس محذرا، ولكن كل من يعرف شاس الانفعالية التي كانت متنازعة حتى في حياة الحاخام عوفاديا، يجد صعوبة في أن’ يصدق بانه بعد موته سيغمر الجميع فرح الوحدة والارتباط.
لقد كان الحاخام عوفاديا عظيما في جيله، بلا ريب. تجولت أمس على مدى ساعات في الجنازة غير المسبوقة، وعندها فقط فهمت عظمته، ولكني فهمت ايضا التفويت الكبير للفرصة. فقد كان الحاخام شعبيا في اوساط كل أطياف السكان. في شوارع تل ابيب تجول أمس اصوليون وعلمانيون، معتمرو القبعات العالية واغطية الرأس الصغيرة المحبوكة، من سفرديم وأشكناز، اغنياء وفقراء، نساء ورجال. لقد وصل الناس من كل البلاد، حزينين، كي يودعوا مفتي الجيل. خسارة فقط أن الحاخام عوفاديا لم يستغل الحب الهائل الذي كنه له الناس، كي يربط بين كل أطياف السكان، فهو بين الحين والاخر مال الى النزاع والهجوم على من يحمل رؤى فكرية تختلف عن رؤاه.
‘القامة الرفيعة للحاخام عوفاديا، على طريق المفارقة، هي التي تفرض حربا عالمية في شاس من الان فصاعدا. فالمعلم لم ينجح وربما لم يرغب في أن يعد لنفسه خليفة. وخلافا للحاخام الليتواني يوسف شالوم اليشيف الذي حدد خليفتيه الحاخام أهران لييف شتتنمن والحاخام شموئيل اويعرباخ، وقد احتلا مكانه في سهولة نسبية، أحد لم يصل الى الدرجة التي يمكنه فيها أن يسمي مواصل درب الحاخام يوسف. ولما كان هكذا، فانه على القيادة الروحية والسياسية لشاس ستتنافس من الان فصاعدا سلسلة طويلة من الحاخامين والمتفرغين السياسيين، ممن ليس أي منهم مستعدا لان يصغر امام نظرائه. الحاخام شلومو عمار، الاول في صهيون، الذي كان حقا الحاخام الاكثر قربا من الحاخام عوفاديا، تلقى رسائل حادة قبل اسبوعين، في الايام التي كان فيها الحاخام عوفاديا ينازع الموت. كما أنه التقى مع الحاخام قرب سريره. ورجاله مقتنعون بان الحاخام قرر المراتبية في شاس بعد رحيله، وتوج الحاخام عمار خليفة له. ولو كان لدى عمار تسجيل للاقوال، لكان معقولا الافتراض أنه كان سيحظى باولوية جدية على خصومه. وأمس كان الحاخام عمار أول المتحدثين من بين الحاخامين قرب مدرسة فورات يوسف. ووجد الخبراء في شؤون شاس، على أنواعهم، ممن ينتبهون لكل طيف، أن الحاخام تلا آيات ولم يلقِ تأبينا، ولعل لهذا معنى.
أمام الحاخام عمار يقف آريه درعي، الذي يدير ضده حرب ابادة. من الصعب عدم الايمان بصدق درعي، الذي لم يتوقف امس عن البكاء على موت المعلم. فالحاخام عوفاديا كان الرجل الذي دفع درعي الى الامام وبشكل دائم، ولكنه أيضا كان الرجل الذي أطاح به من شاس والقى به الى المنفى. ومع ذلك، فقد كان درعي ولا يزال معجبا مطلقا به. ‘كنا بضع مئات قبل أربعين سنة، اما اليوم فنحن مئات الالاف’، أبّن درعي حاخامه أمس. ‘كله بفضلك، بفضل تفانيك. الويل، ليس لنا اليوم زعيم. من يوحدنا جميعا’. حقا من؟’.
‘لقد لاحظ رجال شاس رسائل سياسية في أقوال تأبين درعي. وقد غضب بعضهم من ذلك. ‘نحن سنواصل إطاعة مجلس حكماء التوراة’، وعد درعي الحاخام عوفاديا. من هم اعضاء المجلس اليوم؟ الحاخام عمار ليس عضوا في المجلس. وحسب كل المؤشرات فان درعي، الذي يريد مواصلة السيطرة على شاس، سينشئ مجلس حكماء جديدا يوجهه كما يشاء، وسيحاول بالتوازي ان يطور الحاخام اسحق يوسف عديم التجربة. لن يكون هذا بسيطا من دون مظلة الحاخام عوفاديا نفسه. أحد ما عاد وقارن أمس بين درعي وعمري شارون، الذي كان الرجل الاقوى في الدولة، ولكنه فقد قوته عندما ادخل ابوه، رئيس الوزراء ارييل شارون الى المستشفى في كانون الثاني/يناير 2006 ولم ينتعش منذئذ.
‘وفضلا عن كل هذا، فان السؤال الاكبر هو ماذا سيكون مع شاس نفسها. عشرات الاشخاص القوا أمس بالبطاقات داخل قبر الحاخام عوفاديا، قبل ان يدفن الجثمان. وقد كان هذا مشهدا مذهلا. المكانة الروحية، الصوفية والسياسية للحاخام اجتذبت اليها دوما مئات الالاف. بفضله اتسعت دوائر شاس وضمت اناسا تقليديين بل وعلمانيين، من ابناء الطوائف الشرقية. من دون الحاخام عوفاديا، ومع الحروب المرتقبة في شاس، قد تعود الحركة الى عهد بداياتها، مع أربعة وستة مقاعد منحها اياها رجال النواة الصلبة هم وحدهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بحيث لا تظهر كعنصر يعارض الحل الدبلوماسي
بقلم: أفنير غولوب،عن معاريف
خطاب ‘فككوا يتلقون’ لرئيس الوزراء نتنياهو، الذي يطالب بالتفكيك الكامل للبرنامج النووي الايراني مقابل رفع العقوبات، اختتم اسبوعين من الدبلوماسية الاسرائيلية المكثفة، ردا على استئناف المفاوضات بين ايران والولايات المتحدة على برنامجها النووي. في اثناء هذه الفترة أعربت محافل اسرائيلية عن تخوفها من أن التطلع الى الامتناع عن المواجهة مع ايران سيؤدي الى اتفاق مع الرئيس روحاني على حساب مصالح دولة اسرائيل.
الخوف من ‘صفقة سيئة’ مبرر، ولكن الرسائل الاسرائيلية غابت عنها الايضاحات المهمة للحفاظ على مصالح الدولة، من دون الظهور كعنصر يعارض الحل الدبلوماسي. فالاتفاق يكون حيويا فقط اذا ما عرض بديلا أفضل من البدائل القائمة اليوم الهجوم على ايران أو التسليم بايران نووية.
‘الحل الدبلوماسي’ هو عنوان لاربعة أنواع على الاقل من الاتفاقات الممكنة بين ايران والغرب. النوع الاول من الاتفاقات يمكن أن يتضمن تعهدا ايرانيا بتفكيك برنامجها النووي بشكل مطلق، مقابل رفع العقوبات الدولية وتوريد خارجي للطاقة النووية. مثل هذا الاتفاق يتطابق ومطالب رئيس الوزراء. النوع الثاني يسمح بالتخفيف من العقوبات على طهران مقابل تفكيك جزئي للبرنامج النووي. مثل هذا الاتفاق، مثلا، سيقيد تخصيب اليورانيوم الى مستوى غير عسكري، ولكنه لن يمنع ايران من تقصير الزمن لانتاج القنبلة، من خلال توسيع مخزون اجهزة الطرد المركزي لديها، أو من خلال تشغيل المفاعل في اراك، الذي يمكن أن يستخدم لانتاج قنبلة بلوتونيوم. مثل هذا الاتفاق سيئ لاسرائيل، كونه يسمح لايران بانتاج قنبلة نووية حين تختار، تحت غطاء الاتفاق مع الاسرة الدولية.
النوع الثالث هو حل وسط لا يترك مجالا لمعالجة عناصر حيوية في البرنامج النووي العسكري الايراني. فايران يمكنها أن تحفظ حقها في تخصيب اليورانيوم الى مستوى منخفض، ولكنها ستفعل ذلك تحت قيود واضحة من مخزون أجهزة الطرد المركزي والمادة المخصبة، وتحت مراقبة متشددة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. مثل هذا الاتفاق يضمن الا يتم تشغيل المفاعل في اراك، ومع أن مثل هذا الاتفاق لن يلبي مطالب رئيس الوزراء في التفكيك الكامل، فانه يخلق واقعا يكون فيه صعب جدا على ايران تطوير قنبلة نووية من دون انكشاف مسبق ومن دون أن يتمكن الغرب من العمل على وقفها. مثل هذا الاتفاق، الذي هو ايضا يشكل حلا وسطا، يمكنه ان يشكل بديلا مفضلا على الاختيار بين القنبلة الايرانية أو قصف ايران.
النوع الرابع سيكون صيغة خطوات متبادلة جزئية، غايتها بناء الثقة بين الطرفين. من الصعب أن نرى كيف سيلزم مثل هذا الاتفاق ايران بوقف توسيع برنامجها النووي بشكل مطلق، والموافقة على رقابة تفحص تنفيذ الاتفاق. وبالتالي فان اتفاقا من هذا النوع سيؤجل الحاجة الامريكية الى الحسم بين خيار القنبلة الايرانية وخيار قصف ايران، ولكن سيسمح لطهران بزمن لتثبيت برنامجها النووي، ويقصر الزمن اللازم لانتاج القنبلة النووية من لحظة اتخاذ القرار.
لما كان نوعان فقط من الاتفاقات الممكنة يقدمان حلولا افضل من البدائل الاسرائيلية القائمة اليوم، فلا يمكن الادعاء بان كل حل دبلوماسي هو حل جيد. ومع ذلك فان تنفيذ الاتفاقات التي تعرض بديلا معقولا على البدائل القائمة اليوم لدى اسرائيل، يشير الى الحاجة الى الامتناع عن الشك الزائد الذي يرى في كل توافق بين ايران والغرب صفقة سيئة.
لقد صرح الرئيس اوباما يوم السبت بانه لن يوافق على ‘صفقة سيئة’. وعلى اسرائيل أن توضح في الغرف المغلقة لمحادثيها الامريكيين والاوروبيين ما هي الشروط لصفقة سيئة وما هي الشروط لاتفاق يكون مقبولا لديها. سيتعين على الدبلوماسية الاسرائيلية أن تمنع وضعا توافق فيه واشنطن على صفقة سيئة. هذه هي ساعة اختبارها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
البازار الفارسي ‘كل شيء مفتوح
بقلم: مناحيم نافوت،عن يديعوت
من نظرية العمل لدينا ومن تجربتنا تعلمنا قاعدة اولى في العمل الاستخباري، السياسي بل والتجاري، ان نقرأ على نحو سليم الطرف الاخر، تفكيره وسياقات اتخاذه لقراراته. الدرس الاليم بالنسبة لنا كان اننا لم نعرف كيف نقرأ على نحو سليم نوايا السادات، وهكذا جاءت علينا حرب يوم الغفران.
وكمن عاش وعمل في ايران، ويتابع ما يجري فيها حتى اليوم، فاني أعرف جيدا تعبير ‘البازار الايراني’. فعقيدة تاجر البازار تختلف عن الثقافة التجارية المعروفة لنا. فتاجر السجاد الذي يلتقط بريق عينيك حين تقف امام سجادة جميلة، يحثك على ان تأخذ السجادة’ الى بيتك لاي زمن ترغب فيه، والا تدفع الا بعد أن تقرر انك ستشتريها. وتبدأ المفاوضات حين يكون توقيت القرار في الصفقة مناسبا جدا. ‘باردا يا باس باردا’ كل شيء مفتوح. ولكن كل شيء أيضا منوط بجدية المعني وبمدى الاهتمام الذي لديه لتحقيق الصفقة، والى جانب كل هذا بمعاملة من الثقة والاحترام المتبادل. الايرانيون حساسون جدا لكرامتهم، ولا سيما لما ينعكس ككرامة في العلاقات بين السياسيين والدول.
المشروع النووي الايراني لم يولد مع عودة خميني الى ايران في 1979. فقد بدأ الشاه بتطوير القدرة النووية. فلايران مواجهة تاريخية مع دول الخليج، بما في ذلك النزاع المستمر مع العراق، والتطلع الايراني للسيطرة على إمارة النفط في البحرين. ويأتي المشروع النووي ليكون جزءا من خطوة اقليمية. وليس غير وزير الخارجية الامريكي هنري كيسنجر من حث الشاه على اقامة مفاعلات نووية. فعندما صعد خميني الى الحكم ووقعت قطيعة في العلاقات مع الامريكيين، سارع السوفييت الى اشغال مكانهم واقامة المفاعل في بوشهر.
مع صعود خميني الى الحكم، أوقف العمل في المشروع بقوله ان هذا ليس ‘من الله’ ليس بطريقة طبيعية. ولكن بعد حرب العراق ـ ايران ومشاهدها، استؤنف العمل بقوة اكبر. فقد اضيف الى الاعتبارات الاستراتيجية الاعتبار الديني ـ ايران الشيعية، غير العربية، تكافح في سبيل مكانتها ضد الدول العربية السنية.
ولكن العقوبات الاقتصادية فعلت فعلها، فقد أجبرت خامنئي، الزعيم الاعلى، على السماح بانتخاب روحاني وتوجيهه لان يفعل كل ما يلزم لاجل الغاء العقوبات، ففتح البازار الايراني: يوجد بائع، ويوجد شارٍ.
الشاري هو الرئيس اوباما. اوباما فعل الكثير كي يوفر للايرانيين حقنة الكرامة التي تهمهم جدا. الكلمات، بما فيها التهنئة بالفارسية كانت مهمة. البائع الايراني أخذ الانطباع ليس فقط من الكلمات، بل ومن البريق في عيني الشاري. هذه هي طبيعة البازار.
‘يدخل الايرانيون الى المفاوضات حين يكون للخط الموجه لروحاني معارضة من الداخل فللحرس الثوري مصلحة اقتصادية في الابقاء على الوضع الراهن وقوة كبح لا بأس بها. وهذه المقاومة بالذات تزيد قدرة المناورة لدى روحاني في المفاوضات التي توشك على البدء. افهموا وضعنا، سيلمح مندوبه للامريكيين. الحرس الثوري يجعل من الصعب علينا تقديم التنازلات.
‘الرئيس اوباما معني باتفاق، ينبغي لاسرائيل ويمكنها أن تساعده. الاتفاق لا يتعارض بالضرورة مع مصالحنا، بدلا من وصف روحاني كذئب في جلد حمل ـ وهو التعبير الذي يمس بكرامة الايرانيين ـ كان من الافضل مرافقة التغيير بروح ايجابية وبناءة. وبدلا من الحديث عن ذئب في جلد حمل، رسم رؤية ‘سكن الذئب مع الحمل’؛ بدلا من الحديث عن الكارثة، رؤية نهضة. ‘لقد أثبتنا أننا نعرف كيف نحول التكنولوجيا العسكرية التي طورناها الى تكنولوجيا مدنية بناءة ومنتجة. ذات القدرة يحتاج زعماؤنا الى أن يوجهوها نحو المفاوضات مع ايران. يمكن لايران ان تكون مشروعهم الاستثماري. فالايرانيون يعرفون ان استخدام النووي من شأنه أن يؤدي الى دمار متبادل، وقد كان هذا ايضا الاساس للانفراج بين القوى العظمى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
