اقلام واراء حماس 449
26/10/2013
الرواتب قضية الفلسطينيين المركزية
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، فايز أبو شمالة
مفارقات في مسألة الحصار
فلسطين أون لاين ،،، يوسف رزقة
طائرة الخليل ونفق خانيونس
فلسطين أون لاين ،،، إياد القرا
طائرة الخليل ونفق خانيونس
حل نهائي أم انتقالي؟
فلسطين أون لاين ،،، نقولا ناصر
فلسطين أون لاين ،،، إياد القرا
الرواتب قضية الفلسطينيين المركزية
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، فايز أبو شمالة
التصريح الأول حول الرواتب جاء على لسان السيد محمود عباس قبل أسبوع، حين حذر من تخلف السلطة عن دفع فاتورة راتب الموظفين للشهر المقبل؛ بسبب الوضع الاقتصادي الصعب. وأضاف في حوار بثه التلفزيون الرسمي: إن وزير المالية أبلغه أن الحكومة لن تستطيع دفع الرواتب للشهر المقبل.
التصريح الثاني جاء على لسان مصدر حكومي نفى فيه كلام السيد عباس، وأعلن أن فاتورة الرواتب مؤمنة حتى نهاية العام الحالي.
ولكن التصريح الثالث جاء على لسان المتحدث باسم حكومة رام الله إيهاب بسيسو الذي قال: إن حكومته بحاجة لمبلغ 550 مليون دولار لسد العجز حتى نهاية العام الحالي، مؤكداً أن الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة ستمنع صرف رواتب الموظفين في حال استمرارها.
فجاء التصريح الرابع على لسان السيد بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية في تصريح حصري لدنيا الوطن، نفى فيه تلك الأنباء، وأكد توافر رواتب الموظفين واستقرار الرواتب لعدة شهور قادمة.
ولكن المأساة جاءت في التصريح الخامس الذي صدر أخيراً عن مجلس وزراء حكومة رام الله، وفيه يحذر من خطورة الأزمة المالية في ظل عدم وصول المساعدات، الأمر الذي يعمق الحالة التي تعانيها السلطة الوطنية، ويؤدي إلى شل قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وفي رعاية مصالح شعبنا، وتقديم الخدمات المطلوبة له.
لم يقف الأمر عند التصريحات الرسمية المتناقضة، فقد نفى موقع رواتب دولة فلسطين ما يشاع عن عدم استطاعة الحكومة صرف رواتب الموظفين في موعدها الشهر المقبل، وقال نود طمأنة إخواننا وأخواتنا الموظفين أن راتب الشهر المقبل سيصرف في موعده أي في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر, وأن كل ما يخرج من تصريحات الهدف منه الضغط على الدول المانحة للالتزام بما عليها من واجبات تجاه دولة فلسطين.
نصدق مَن ونكذِّب مَن؟ وما هذا اللعب على أعصاب الموظفين؟ وما هذا الاستخفاف بمشاعر البشر؟
ولمصلحة من يصير نقل اهتمام الناس عما يجري في كواليس المفاوضات إلى ما يجري في كواليس الرواتب؟ ولمصلحة من يصير تحقير القضية السياسية الفلسطينية، حتى صار حديث الناس: هل ستتوافر الرواتب؟ هل ستتأخر عن موعدها؟ هل ستصرف كاملة؟
فتشوا عن المجرم الذي حشر القضية الفلسطينية في خُرم تأمين الرواتب آخر الشهر؟ فتشوا عنه، واسحقوه، ليصفو لكم وجه قضيتكم، وتكونوا من المنتصرين.
غزة- مصر.. قطع الشريان
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، هشام منور
لم تكف كل من الولايات المتحدة والكيان العبري عن حثّ مصر على بذل مجهود أكبر لإغلاق الأنفاق التي تمثل شريان الحياة لسكان قطاع غزة، ووقف ما تسميه التجارة غير الشرعية، بدءًا من المحروقات والإسمنت والسلع الاستهلاكية وانتهاء بالأسلحة والصواريخ.
الحكومات المصرية اللاحقة لنظام الرئيس السابق مبارك أظهرت استعدادًا أكبر لإغلاق الأنفاق، فبعد المجزرة التي أودت بحياة 16 جنديًّا مصريًّا بسيناء في آب (أغسطس) 2012م، ومنذ حزيران (يونيو) 2013م، أي في المرحلة التي سبقت مباشرة الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي في القاهرة، شنّ الجيش المصري عمليته الأكبر حجمًا على شبكة الأنفاق.
طُرحت الأنفاق مشكلةً من جديد عام 2005م عندما انسحبت قوات الاحتلال من غزة؛ وتعاظمت بعد سيطرة حركة حماس على القطاع عام 2007م، واعتماد الاحتلال سياسة تقييد الاستيراد والتصدير، وبعد هجوم آب (أغسطس) 2012م باشرت القوات المسلحة المصرية بذل جهود لتدمير الأنفاق تحت الحدود مع غزة، في إطار "عملية النسر" التي انطلقت عام 2011م؛ بهدف التصدّي لما سمته التهديد الجهادي في سيناء، إلا أن الوسائل التي استُخدِمت لم تمارس تأثيرًا كبيرًا على التهريب، واستمرّت التجارة غير الشرعية بصورة طبيعية؛ فمن أصل نحو 250 نفقًا عمدت مصر إلى طمرها أو تدميرها عاود أكثر من النصف العمل بعد وقت قصير.
وفي تقرير إسرائيلي صادر في كانون الثاني (يناير) 2013م ورد أن الإمكانات التكنولوجية الأميركية التي وُضِعت في تصرّف مصر، والتعاون الاستخباري أتاحا للسلطات المصرية منع "تهريب الأسلحة إلى غزة على نطاق واسع".
فضلًا عن القيود التي فُرِضَت لكبح التهريب، انطلقت الإجراءات المصرية لتدمير الأنفاق جدّيًا في شباط (فبراير) 2013م، وعمدت مصر ابتداء من شباط (فبراير) إلى إغراق الأنفاق بالمياه، ما أدّى إلى تدهور بنيتها وثباتها.
وفي الشهر الذي سبق الانقلاب على الرئيس مرسي عمدت القوات المصرية من جديد إلى توسيع نطاق حملتها على أنفاق غزة، وفي هذا الإطار تراجعت كمية المحروقات التي دخلت غزة عن طريق الأنفاق في الأسبوع الأخير من حزيران (يونيو) 2013م إلى نحو 10 في المئة من الكمية التي دخلت في مطلع الشهر، وأورد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنها "الكمّيات الأدنى التي تُسجَّل منذ آب (أغسطس) 2012م".
وفي الأسبوع الأول من تموز (يوليو) الماضي، أشارت تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن عدد الأنفاق العاملة لم يكن يتعدّى العشرة، وفي نهاية آب (أغسطس) الماضي قال رائد فتوح رئيس لجنة تنسيق إدخال البضائع لقطاع غزة التابعة للسلطة الفلسطينية: "إن أنفاق غزة تعمل بنسبة 30 في المئة فقط من إمكاناتها، لكن مع هذا التساهل البسيط لم تستعد الأنفاق حركتها كما في حقبة مبارك".
تراوح التقديرات لعدد الأنفاق العاملة في حزيران (يونيو) 2013م _أي قبل حملة التضييق الأخيرة_ بين 100 و220 أو ما يقارب 300، أما في أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي فكانت نحو عشرة أنفاق فقط مفتوحة.
ووفقًا لتقرير آخر، كانت المحروقات لا تزال تُهرَّب عبر الأنفاق المفتوحة بأقل من نصف الكمية التي كانت تُهرَّب بها في مطلع 2013م، لكن لاستخدامها حصرًا في محطة الكهرباء في غزة، وفي أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي قال المتحدّث باسم القوات المسلحة المصرية: "إن مصر دمّرت فعالية شبكة الأنفاق"، وأعلن الجيش المصري أيضًا أنه سينشئ "منطقة عازلة" على طول الحدود في سيناء.
الإجراءات التي يتخذها الجيش المصري قد تكون فعالة على المدى القصير، إلا أن الطلب الاستهلاكي والإنساني داخل غزة سيؤدّي حتمًا إلى استئناف التجارة عبر الأنفاق ما إن تنسحب القوات المصرية، والنشاط المصري المنتظم على الحدود مع غزة يثير قلق الاحتلال الذي لطالما استفاد من استخدام سيناء منطقة عازلة بين قواته والقوات المصرية.
وتظهر تحركات الاحتلال المكثفة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، وما يرافقها من حملة اتصالات هاتفية لتأليب السكان على المقاومة، في أعقاب عثور قواته على نفق متطور للمقاومة الأسبوع الماضي؛ مدى تخوف وقلق الاحتلال من ظاهرة الأنفاق، واستغلالها ذريعة لتشديد الحصار على غزة.
وتشهد المناطق الحدودية هذه الأيام حركة نشطة لفرق ووحدات استطلاع إسرائيلية، تستخدم أنواعًا مختلفة من طائرات الاستطلاع والمناطيد الجوية، وغيرها من وسائل المراقبة الحديثة الثابتة والمتحركة، في محاولة أيضًا لطمأنة الإسرائيليين المتخوفين من خطر الأنفاق، بعد نجاح رجال المقاومة في الوصول إلى أسفل المناطق المحتلة داخل أراضي الـ(48).
وينظر الكيان العبري إلى ظاهرة أنفاق المقاومة الهجومية على أنها تعدٍّ كبير على هيبته، وتحدٍّ جديد لقوة ردعه، خصوصًا بعد اطلاعه على حجم التطور النوعي لتقنية حفر النفق الأخير، التي تفوق بكثير تقنية حفر نفقين آخرين للمقاومة سبق أعلن اكتشافهما خلال العام الجاري.
ويتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة حملة تضييق إسرائيلية جديدة على غزة، في محاولة لزعزعة حالة الالتفاف الشعبي حول المقاومة الفلسطينية، واتهامها بجلب المعاناة والمآسي للسكان، وهو ما بدأ الاحتلال بترجمته بقراره وقف إمداد القطاع بمواد البناء، التي أعلن بدء دخولها قبل ثلاثة أسابيع لأول مرة منذ أكثر من ست سنوات من عمر الحصار.
الكثير قامت به الحكومات المصرية لمواجهة ما تسميه حديثًا الخطر القادم من الأنفاق على الأمن القومي المصري، وهي تسمية جديدة باتت توصف بها عملية التهريب عبر الأنفاق، التي كانت _ولا تزال_ شريان الحياة لقطاع غزة وسكانه، فبدل أن تجد مصر والأطراف الإقليمية حلًّا لحالة الحصار المستديم على قطاع غزة، لا يجد الأطراف الدوليون سوى إحكام الحصار بإغلاق القطاع وأنفاقه، وهي أمور لا يمكن أن تكون فاعلة ولا إنسانية بطبيعة الحال.
مفارقات في مسألة الحصار
فلسطين أون لاين ،،، يوسف رزقة
في تصريح أخير لوكالة الغوث( الأنروا ) لافت للنظر، يقول : إن مشاريع إعادة الإعمار في غزة ستتوقف نهائيا بسبب تشديد الحصار على غزة، ووقف ( اسرائيل) مرور الشاحنات المحملة بالإسمنت والزلط والحديد الى غزة.
من المعلوم ان الكميات التي دخلت مؤخر من خلال ( كرم أبو سالم) لا تفي بأكثر من ٢٠٪ من حاجة القطاع الخاص في غزة. بينما كانت الأنروا تحصل على ما يلزمها لمشاريعها.
ومن المعلوم ان قطاع غزة كان يوفر جل ما يحتاجه من مواد الإعمار من خلال الأنفاق. لم يتم هذا في يوم وليلة، بل استغرق وقتا طويلا، وجهدا مضنيا، ودفع الشعب العديد من التضحيات ممن قضوا نحبهم تحت الأنفاق من أجل لقمة العيش، أو من أجل رفع شفرة الحصار عن رقبة الشعب، وتخفيف معاناته.
الأنفاق ومهما قيل فيها من أقاويل خاطئة وتحريضية، فأنها لم تكن مسألة تجارية وأرزاق بالحلال فحسب، بل كانت مسألة سياسية ووطنية، تحكي تحدي الشعب الفلسطيني للعدوان والحصار.
ما كان وطنيا، وسياسا، ورمزا للتحدي، وللحصول على الرزق حتى من ثقوب الأرض، تعرض الى تحريض غير مسئول من فسدة السلطة، وإسرائيل، حتى تم هدمها في أيام قليلة، ولم تعد عند من هدمها علامة على الوطنية، وغاب الواجب القومي والوطني والسياسي من المعركة مع الاحتلال. لذا نجد الاحتلال هو الأكثر فرحا وارتياحا لهدم الأنفاق.
قديما فشل العالم العربي في مقاطع اسرائيل، وفي فرض الحصار عليها، رغم كثرة المؤتمرات التي عقدتها الجامعة العربية لهذا الغرض، بينما نجحت ( اسرائيل ) ودول عربية في فرض حصار مشهد على غزة بدون اجتماعات معلنة، وربما بدون سرية أيضاً، لأن الضحية فلسطيني، وليس الآخر الإسرائيلي، تصديقا لمقولة ( بأسهم بينهم شديد.
غزة تستجدي رفع الحصار العربي، وتعلن عن قدرتها على تحدي الحصار الإسرائيلي، ولكن العرب الأقحاح يصمون آذانهم، و وينامون ملء جفونهم، وألسنة المتضررين من الحصار تلهج بالدعاء على من آذاها، وباع شعب فلسطين لأميركا وإسرائيل، وهو يملك القدرة على رفع الحصار، أو تخفيفة.
في ضوء تشديد إجراءات الحصار، وفي ضوء غياب المبالاة العربية بنداءات غزة، فإن غزة لم تفقد بوصلتها العربية، والقومية، والوطنية، ولكن يؤلمها هذا الحال، ويؤلمها التذكير المتكرر بأن قضية فلسطين هي قضية الأمة العربية والإسلامية، حتى وإن بلغ اليأس في بعضهم الى السؤال : اين هي الأمة العربية والإسلامية.
الأنروا مؤسسة أممية، ومحايدة، ولا دخل لها بالسياسة أو الدين، وها هي ترفع صوتها من جديد معلنة ان مشاريعها لإعادة إعمار بيوت الضعفاء والفقراء، ومن ثمة علينا على مقالتها، لكي يصل صوتها وصوت الشعب لمن يعنيهم الأمر في البلاد العربية، ذات القدرة على تفكيك الحصار، إذا ما إمتلكت الإرادة لذلك .
حل نهائي أم انتقالي؟
فلسطين أون لاين ،،، نقولا ناصر
في مقال له مؤخرا، يحث وزير التخطيط السابق وأستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت، د. علي الجرباوي، مفاوضي منظمة التحرير الفلسطينية على عدم التوقيع على أي اتفاق على الوضع النهائي لأنه ضمن موازين القوى الراهنة سوف يتطلب منهم التخلي عن الحقوق الوطنية الفلسطينية.
ومع ذلك يدعو الجرباوي إلى وجوب الاستمرار في المفاوضات لإرضاء المجتمع الدولي، لكن بالتعامل مع عملية التفاوض كتكتيك لا كاستراتيجية، بهدف استغلال المفاوضات لمراكمة "مكاسب صغيرة" على الأرض مثل تحويل المزيد من الأرض والموارد إلى "السلطة الفلسطينية"، وتخفيف قيود الاحتلال على حركة الفلسطينيين، وفتح الحدود أمام صادراتهم.
والجرباوي لا ينص في مقاله على أن البديل لاتفاق على الوضع النهائي هو اتفاقيات انتقالية مؤقتة، لكن هذا هو الاستنتاج الوحيد لقوله إن المفاوضات لن تنهي الصراع، ولا يوجد أي حل تفاوضي في الأفق، ولا أي دولة فلسطينية مرئية تنبثق عنها في المستقبل القريب، وهو الاستنتاج من دعوته في هذه الأثناء إلى انتزاع المزيد من "المكاسب الصغيرة" على الأرض عبر الاستمرار في التفاوض "التكتيكي".
وخلاصة المقال تنسجم مع دعوة الاحتلال ودولته ومفاوضيه إلى حل انتقالي مؤقت طويل الأمد، يكرر تجربة اتفاقيات أوسلو الانتقالية ويطيل أمدها بقدر ما يطيل في عمر "السلطة الفلسطينية" التي ولدت من رحمها وتمثل تجسيدا لها، كما كتب الجرباوي.
كما يتفق مع الجرباوي في خلاصة مقاله رمز تاريخي لما تعتبره مدرسة المفاوضات في منظمة التحرير "معسكر سلام إسرائيلي"، مثل يوسي بيلين، شريك قيادات في المنظمة في "تحالف السلام" وفي "مبادرة جنيف"، الذي قال في الثلاثين من تموز الماضي إن فرص التوصل إلى اتفاق سلام دائم حاليا "مستحيلة تقريبا"، ليخلص إلى الاستنتاج بأن التوصل إلى "اتفاق انتقالي" يؤسس ل"دولة فلسطينية مؤقتة في بعض أجزاء الضفة الغربية" لا يعد أمرا "غير واقعي" الآن.
وربما لهذا السبب، اختارت النيويورك تايمز الأميركية يوم الثلاثاء الماضي ان تنشر مقال الجرباوي مترجما.
وإنها لمفارقة مضحكة مبكية أن يعلن وزير الحرب في دولة الاحتلال، داني دانون، معارضته حتى لاتفاق انتقالي، على ذمة الجروزالم بوست في السابع عشر من الشهر الجاري.
والرئيس عباس لا يفوت فرصة ليكرر تأكيد رفضه لأي اتفاق انتقالي مؤقت، وقد جدد مؤخرا رفضه في سياق المفاوضات التي استؤنفت أواخر تموز الماضي، التي يؤكد وسيطها الأميركي واللجنة الدولية "الرباعية" الراعية لها وكذلك رئيسة وفد دولة الاحتلال المفاوض فيها، تسيبي ليفني، أن هدفها هو التوصل إلى اتفاق على الوضع النهائي.
لكن المدرسة الفلسطينية للمفاوضات، استراتيجية كانت أم تكتيكاً، كانت ولا تزال هي المدخل للمزيد من تآكل الحقوق الوطنية وتجزئتها وتأجيلها، ولتقديم المزيد من التنازلات.
فبعد أن تنازل عباس عن وقف أو تجميد الاستعمار الاستيطاني كشرط مسبق معلن لاستئناف المفاوضات، أعلن في ألمانيا يوم الثلاثاء الماضي عن استعداده للقاء نتنياهو في سياق المفاوضات الجارية، وأعلن في ليتوانيا بعد ذلك أنه سيقبل بدولة فلسطينية "منزوعة السلاح"، وسط تلميحات من مفاوضيه إلى إمكانية تمديد مدة التسعة شهور المعلنة كسقف زمني للمفاوضات الجارية، ووسط تقارير عن اقتراح حل وسط أميركي لا يخرج في جوهره عن كونه حلا انتقاليا جديدا.
إن اتفاق عباس وليفني على نفي التقارير التي تحدثت الأسبوع الماضي عن وصول المفاوضات إلى "طريق مسدود" تثير مخاوف فلسطينية أكثر مما تثير التفاؤل في ضوء التجربة التاريخية للتنازلات الخطيرة التي تمخضت عنها المفاوضات السرية السابقة.
يوحي مفاوض المنظمة لشعبه بوجود "معسكر سلام" في دولة الاحتلال وبأن نتنياهو "يميني" و"متطرف" انقلب على إرث سلفه إسحق رابين "شريك" المنظمة "المسالم" في توقيع "إعلان المبادئ" (اتفاق أوسلو) عام 1993 و"اتفاق القاهرة" في العام التالي و"الاتفاق الانتقالي" عام 1995 الذي اغتيل فيه رابين، وأن نتنياهو يسعى في ولايته الثالثة إلى استكمال عملية إجهاض "اتفاق أوسلو" التي بدأها في ولايته الأولى عند انتخابه لأول مرة عام 1996.
لكن المقارنة بين ما يطالب به نتنياهو في المفاوضات الجارية وبين المحددات التي أرساها رابين ل"عملية السلام" مع المنظمة لا تترك مجالا لأي شك في أن نتنياهو "الليكودي" إنما يكمل خطة زعيم حزب العمل الراحل رابين ولا ينقلب عليها.
فعلى سبيل المثال، في خطابه لإقناع الكنيست بالموافقة على الاتفاق الانتقالي في الخامس من مثل هذا الشهر عام 1995، عرض رابين رؤيته ل"الحل الدائم"، فقال إن هذا الحل يتضمن القدس "موحدة تحت السيادة الإسرائيلية" مع المستعمرات التي يقع "معظمها شرقي الخط الأخضر"، وحدود أمن دولة الاحتلال ستكون على نهر الأردن، ولا عودة إلى خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وسوف يتم بناء كتل استيطانية في "يهودا والسامرة" وقطاع غزة، وأن هدفه في أي حل دائم سوف يكون الاعتراف ب"دولة إسرائيل كدولة يهودية ... إلى جانب كيان فلسطيني ... يكون أقل من دولة".
أليست هذه هي ذاتها مطالب نتنياهو الحالية، فما هو الجديد في مطالبه؟!
إن سياق المسيرة التاريخية للرئيس عباس يجعل من حقه على دولة الاحتلال أن تكون أول من يرشحه لنيل جائزة نوبل للسلام، فهو "أبو" فكرة وجود "معسكر سلام" فيها، وهو أول من أقام اتصالات مع "حمائمها" المفترضين، وهو رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير منذ عام 1994، وهو الذي نسق عملية التفاوض خلال مؤتمر مدريد عام 1991، وهو مهندس اتفاق أوسلو الأول بعد ذلك بعامين ورئيس مفاوضاته السرية، وهو الذي وقع على "إعلان المبادئ" المنبثق عنه في واشنطن عام 1993، وهو الذي وقع الاتفاق الانتقالي بعد ذلك بسنتين، وهو الذي أسقط "البندقية" التي كان الراحل ياسر عرفات يحملها في يد ويحمل غصن الزيتون في اليد الأخرى، وهو الذي يقود المفاوضات حتى الآن "بيد واحدة"، وهذه مسيرة "سلمية" طويلة تكاد تجعل الرئيس عباس هو العنوان الأول لمسيرة ما يزيد على أربعين سنة من تاريخ القضية الفلسطينية ارتبطت رمزيا بالرئيس الراحل ياسر عرفات.
لكن سياق هذه المسيرة بقيادته الفعلية لا بقيادتها الرمزية شهد التنازل عن ثلثي الوطن التاريخي لعرب فلسطين، كما اعترف عباس في خطابه الأخير في الأمم المتحدة، وشهد التنازل عن حدود الدولتين كما رسمها قرار التقسيم رقم 181 لسنة 1947، وشهد القبول بمبدأ "تبادل الأراضي" للتنازل عن "خطوط" الرابع من حزيران / يونيو 1967 في القدس بخاصة، وشهد التنازل عن الشرعية الدولية كما وردت في قرارات الأمم المتحدة بإعلان شرقي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المأمولة خلافا لوضع المدينة المقدسة كما نص عليه قرار التقسيم، إلخ.
طائرة الخليل ونفق خانيونس
فلسطين أون لاين ،،، إياد القرا
الربط بين الحدثين أمر له أبعاده بين الفاعل والمستهدف والفاضح له، ويكشف العلاقة بين واقع ومستقبل المقاومة في غزة والضفة الغربية،والصراع ما زال قائماً بين إرادة المقاومين وبين الاحتلال وأساليبه وأدواته المختلفة لتحويل الفلسطيني الجديد إلى مجرد مواطن اقتصادي لا يعبأ بشيء,فقبل أيام أذاعت الإذاعة البريطانية BBCتقريراً مطولاً عن مدينة نابلس وتحولها من عاصمة الاستشهاديين إلى مدينة اقتصادية كما تريدها السلطة، لكننا اليوم أمام مدينة لا تقل عن نابلس وهي مدينة الخليل التي فازت فيها حماس فوزاً ساحقاً عام ٢٠٠٦ وانطلق منها عشرات الاستشهاديين, واليوم قناصها محمي بين أبنائها.
الكشف عن طائرة الخليل التي تقف خلفها كتائب القسام تطور نوعي في العمل المقاوم في الضفة الغربية ,حيث أصبح من الواضح أن الحرص يكون على النوع, بحيث يوجه ضربة قاسية للاحتلال,ومن المتوقع أن هذه الجهود لا تتوافق ولا تعبأ بالملاحقات والمطاردة.الأهمية في طائرة القسام في الخليل أنها تشابه أول محاولة لكتائب القسام في غزة عام ٢٠١٣ والتي حاولت فيها تفخيخ الطائرة الشراعية,لكن فشلت في ذلك حيث قام الاحتلال عبر عملائه بكشف الخطة وتفجير الطائرة, ليستشهد ٦ من خيرة القسام. لكننا اليوم أمام تطور كبير في قدرات القسام في غزة ومن ذلك استخدام طائرات بدون طيار للتجسس وجمع معلومات عن مواقع الاحتلال وانتشاره كما حدث في حرب حجارة السجيل العام الماضي,واعترفت حماس بذلك علناً.
لا شك أن كشف السلطة عن هذا المخطط أمر مزعج للمقاومة,لكن لن ينجح لأن محاولات المقاومة لا تتوقف على موقف بعينه أو حدث بذاته, لكن الإرادة التي يتمتع بها المقاومون,ومحاولاتهم تأتي بنتائجها المميزة لاحقا. الأمر ذاته ينطبق على كشف النفق بخانيونس,لكن هذه المرة من قبل الاحتلال,والذي لم يؤثر على قدرات المقاومة بل كشف عن قدراتها وتطورها,وشكل صدمة للاحتلال الإسرائيلي الذي لا زال يعمل للكشف عن الأبعاد والنتائج التي كان سيتسبب بها النفق, من كارثة على جنود الاحتلال والمستوطنين على حدود غزة.
القسام والمقاومة اليوم في موضع لا يهزهما اكتشاف نفق هنا أو مخطط طائرة هناك ,لأن الفعل المقاوم اجتهاد وتراكم انتصارات وثقة عالية, وباعتراف القسام فإن النفق يتبع له وكان يخطط لمواجهة الاحتلال والعمل خلف صفوف الاحتلال, مما يعني أن لديه مفاجآت أخرى ليست أقل أهمية ,وإن ما كشف عنه قد يكون أمرا بسيطا, لكن الاحتلال مصدوم مما شاهد, حيث إنه شن حربا على غزة لحصارها وإنهاء المقاومة,ليتفاجأ اليوم أنها تحفر قبورا لجنوده تحت الأرض, بل تبني أنفاقا ضخمة لخطف جنوده والذهاب بهم إلى غزة بطريقة أكثر إتقانا من النفق الذي خطف من خلاله شاليط.
المتوقع أن المقاومة في الخليل لن تعدم الوسيلة لمواجهة الاحتلال وأن جهود السلطة في التنسيق الأمني ستفشل ولا نجاح ١٠٠ ٪ وتجربة غزة في التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال قد فشلت بل تسببت في هزيمة من كانوا عرايا للتنسيق الأمني ,وهو المصير ذاته في الضفة الغربية.
الشارع الفلسطيني مصاب بالإحباط لأن من كشف المخطط هم السلطة الفلسطينية التي لا تمتلك أجهزتها الأمنية أي قوة أو إرادة في مواجهة جنود الاحتلال ومستوطنيه, بينما لا تنام الليل في مطاردة المقاومة وجمع المعلومات عنها, ولن نمل في دعوتها للكف عن العبث ,لأنه لن يجدي أمام مقاومة مستمدة قوتها من الشارع الفلسطيني وهو من يحميها ويمدها بالمال والسلاح.
