-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 551
اقلام محلي 551
18/11/2013
في هذا الملـــــف:
- اختبار حقيقي أمام اسرائيل
حديث القدس-جريدة القدس
- هل الانتظار هو قدر الفلسطيني ؟
عطالله منصور-جريدة القدس
- ماذا بعد أن ذاب الثلج وظهر المرج ؟
طلال عوكل-جريدة الأيام
- أوجاع أريترية: الحب والحرب والاغتراب
د. خالد الحروب-جريدة الأيام
- الثورات وغياب ثقافة الدولة
عدلي صادق-جريدة الحياة الجديدة
عادل عبد الرحمن-جريدة الحياة الجديدة
مصباح عبدالمهدي-وكالة معا
- اكسروا بوصلة فياض... وارجعوا لبوصلة عرفات
بسام زكارنه-وكالة معا
يحيى رباح-جريدة الحياة الجديدة
- فرنسا أم القنبلة النووية الإسرائيلية
د. مصطفى يوسف اللداوي-pnn
- تصعيد اسرائيلي ينذر بانهيار عملية السلام
سمير عباهره-وكالة معا
- تراتيل في ظل وقائعنا الراهنة
يونس العموري-وكالة معا
اختبار حقيقي أمام اسرائيل
حديث القدس-جريدة القدس
مستوطنون يقطعون أكثر من مئة شجرة زيتون في أراضي يطا ومتطرفون يهود يقتحمون الأقصى وقوة اسرائيلية تعتدي بالضرب المبرح على عائلة في مخيم العروب وقوة أخرى تقصف مخيم عايدة بقنابل الغاز، ومزيد من الاعتقالات في مختلف أنحاء الضفة الغربية ومزيد من البناء الاستيطاني في القدس العربية المحتلة وباقي أنحاء الضفة وقرارات بمصادرة مئات الدونمات .. هذه هي صورة مصغرة لاعتداءات اسرائيل ومتطرفيها خلال أقل من يومين، وهي حلقة في سلسلة الاعتداءات اليومية المتواصلة ضد أبناء شعبنا وضد مقدساتهم وممتلكاتهم وحقوقهم مما يثير أكثر من تساؤل حول نوايا اسرائيل التي تزعم أنها تتفاوض من أجل تحقيق السلام ، وحول مدى قدرة الشعب الفلسطيني الصابر المرابط الصامد على مزيد من التحمل ومنع الانفجار القادم الذي تسعى اسرائيل الى جرنا اليه. وفي الحقيقة تخطىء اسرائيل خطأ جسيما اذا ما توهمت ان الشعب الفلسطيني غير قادر على الدفاع عن نفسه وعن حقوقه أو أنه برفضه الانجرار الى التصعيد الذي تسعى له يراهن على نجاح المفاوضات التي يدرك أصغر طفل فلسطيني أنها باتت مفاوضات عبثية وأن الاحتلال الاسرائيلي يستغلها لكسب مزيد من الوقت لتنفيذ مخططات ترسيخ الاستيطان والاحتلال والتهويد. وإن ما يجب ان يقال هنا أن قيام الشعب الفلسطيني وقيادته بإعطاء فرصة لمفاوضات السلام لا يعني استسلاما للواقع الذي تريده اسرائيل ولا يعني فقدان القدرة على مواجهة التحديدات الاسرائيلية.
ولذلك نقول أن الشهور القليلة القادمة حتى انتهاء مهلة التسعة أشهر للمفاوضات ستكون مصيرية بالنسبة لمستقبل عملية السلام، وهي تضع اسرائيل على المحك فإما ان تختار التخلي عن سياسة التوسع والاستيطان والاحتلال وتحقيق تقدم جوهري نحو السلام وإما ان تواصل نهجها الحالي الذي يعني فيما يعنيه الدفع باتجاه الانفجار وعندها تتحمل اسرائيل المسؤولية الكاملة أمام العالم أجمع عن فشل مفاوضات السلام. وفي هذه الحالة، فان الشعب الفلسطيني يمتلك الكثير من الخيارات ومن حقه النضال من أجل إنهاء الاحتلال غير المشروع وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وهو الحق الذي كفلته قرارات ومواثيق الأمم المتحدة عدا عن حقه الطبيعي بهذا الشأن.
وقد وضع الرئيس محمود عباس النقاط على الحروف قبل أيام عندما أكد إن الخيارات عديدة أمام شعبنا في حال فشلت المفاوضات ، وعندما أكد ان شعبنا يتمسك بحقوقه الثابتة والمشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني المحتل منذ عام ١٩٦٧ بما في ذلك القدس المحتلة عاصمة فلسطين. ولهذا نقول، ان من المهم والضروري استمرار التحرك على مختلف الأصعدة وفي كافة المحافل الدولية والإقليمية للحفاظ على زخم التأييد العالمي لفلسطين الذي تجسد بالقرار الأممي الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال في حدود العام ١٩٦٧. وحتى يمكن حشد أكبر قدر من التأييد العالمي لفلسطين ، فمن الضروري ان نسعى بشكل مكثف لإنهاء الانقسام البغيض واستعادة الوحدة ومخاطبة العالم أجمع بصوت واحد، ومن ثم الانطلاق لبلورة موقف عربي - إسلامي مناصر لفلسطين في مواجهة التحديات التي تفرضها اسرائيل وطرح هذا الموقف الفلسطيني - العربي - الاسلامي في كل المحافل الدولية لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في مواجهة التعنت الاسرائيلي ومحاسبة اسرائيل ولضمان إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة على ترابنا الوطني.
هل الانتظار هو قدر الفلسطيني ؟
عطالله منصور-جريدة القدس
هل نعمل اليوم لبناء بيت الغد ام ننتظر حتي قدوم الغد الموعود لنعد لما نأمل بقدومه في المستقبل ؟ هذا سؤال يفرض نفسه منذ عقود مضت في الوطن والشتات الفلسطيني. في اراضي لبنان فرض على ثلاثة اجيال من اخوتنا اللاجئين الانتطار في مخيمات الذل والحرمان حتى العودة المرجوة والاكتفاء - اليوم- في الاشغال الشاقة في لبنان او الانتشار في مختلف دول العالم ( عربية كانت او غربية) للبحث عن مكان عمل . سوريا سمحت للفلسطينيين بالمساهمة في اسواق العمل السورية ( وحرمتهم من المشاركة في الحياة العامة ) وفي الاردن فقط سمح للفلسطيني ان يشارك في النشاط الاقتصادي والحياة العامة.
وفي اسرائيل ( ضمن حدود الهدنة في 1948) سمح للاقلية الفلسطينية- بصورة انتقائية فقط- الاشتراك في الحياة الاقتصادية والسياسية بعد اقتطاع حصة الاسد من المصدر الرئيس لاقتصادهم الا وهو الارض الزراعية التي كانت الهدف الاول والرئيسي للمؤسسة الصهيونية منذ مطلع نشاطها الاستيطاني في اواخر القرن ال-19 وحتى اليوم . كما كان المصدر الرئيس لاقتصاد الاقلية الفلسطينية داخل اسرائيل والذين سكنوا - ولا يزالون حتى اليوم- يعيشون باغلبيتهم العظمى في قرى. ولا تزيد حصة المدن منهم اكثر من -٢٠-٣٠٪ (يعيشون في مدن عربية اومختلطة).
ويقول الخبراء ان العرب في اسرائيل خسروا - حتى الان قرابة نصف اراضيهم الزراعية في عمليات المصادرة التي مازالت مستمرة - وبصورة خاصة في منطقة النقب حيث تنوي حكومة اسرائيل مصادرة غالبية الاراضي الزراعية التي عاش منها وعليها " البدو" العرب طيلة مئات الاعوام. ومن الجدير بالذكر ان قبائل البدو في النقب لم يقتصروا في معيشتهم الاعتماد على تربية الماشية بل مارسوا اعمالا زراعية - اي انهم لا يقتصرون على اعمال الرعاة الذين يمارسون عملية البحث عن مراعي بل انهم يخلطون تربية المواشي مع زراعة المحاصيل الزراعية وبينهم فئة عديدة ممن يحملون وثائق رسمية تؤكد ملكيتهم للاراضي منذ حكم الاتراك !.
واليوم, بعد قرابة 66 عاما على قيام اسرائيل وتضاعف عدد افراد الاقلية الفلسطينية ستة اضعاف ( من 150 الفا الى قرابة مليون نسمه) لاحت في الافق مشكلة جديدة تهدد راحة المجتمع الفلسطيني داخل اسرائيل. القرى العربية الصغيرة كبرت لتصبح بلدات ومدن لا تمتلك من صفات المدن الا الاكتظاظ وتفاقم نشاط العنف والاجرام الذي كاد ينعدم في الريف الفلسطيني بفضل التقاليد وعلاقات القربى والجيرة التقليدية التي شكلت شبكة اجتماعية ردعت عناصر الشر بنظام "الاوادم" و" المشايخ" و"اهل الخير" الذين وقفوا حاجزا يحمي الضعيف من عنف الظالم. واليوم كبرت الحمائل وقرضت الاراضي الزراعية وحولتها لمناطق بناء وانتشرت الحمائل (الا في مواسم الانتخابات للسلطات المحلية) ولم يعد بمقدور المواطن ان يتعرف على كافة ابناء قريته مما يحول كلا منهم رقيبا على الاخرين- وبالتالي تراجع الردع الذي حمانا من العنف في مرحلة المجتمعات الصغيرة.
والسؤال الملح في هذه الايام هو هل نستطيع درء خطر داهم يهدد قرانا وبلداتنا الى بؤر للجريمة - كما حدث فعلا في بعض القرى؟
بروفيسور راسم خمايسي من جامعة حيفا ( الخبير في موضوع تخطيط المدن )القى قبل ايام محاضرة في الناصرة كشف فيها عن ظاهرة خطيرة. في اوساط المجتمع الفلسطيني في اسرائيل فئات وقيادات تعارض مشاريع تنظيم المدن خشية القانون الذي يخول السلطة المحلية مصادرة نسبة معينة من مناطق البناء للمصلحة العامة ( مثل المدارس والطرق والملاعب والحدائق العامة ) الا اذا كانت من اراضي حكومية, ولكن : ماذا نعمل اذا كانت كافة الاراضي في موقع معين تعود لملاك عرب من ابناء البلدة ؟هل نبني عليها بدون انشاء خدمات عامة؟ سهل على المرء ان يتفهم تمسك المالك بأرضه, خصوصا بعد خسارة حصة كبيرة منها لأغراض استيطانية!
ولكن السؤال يصر على ان يجد له جوابا : هل ننتظر في العراء حتى نجاحنا واستعادة بعض اراضينا المصادرة ؟ ومتى سيتم هذا ؟ولماذا نندب انعدام خرائط التنظيم في غالبية قرانا؟والقانون ينص على ان خرائط التنظيم لا تحصل على تصديق بدون اعدادها وفوقها تفصيل مواقع الطرق والمدارس والملاعب وبقية الخدمات الضرورية لسكان المدن.
قال خمايسي ضمن ندوة حول موضوع الاعلام والدين ان مخططا اعده لطائفة مسيحية صغيرة في القدس لبناء بعض دور سكنية متواضعة لشباب الطائفة وفندق لاستقبال الحجاج استقبل بحملة معادية في صحف فهمت انه مشروع مشترك بين طرف فلسطيني ويهود! وقال ان بعض المدن والقرى الكبيرة في الجليل التي اكتظت ( بعشوائيات - كما يقولون في مصر ) اي باكوام ابنية غير مرخصه( ومهدده بالهدم) وهناك ترفض السلطة المحلية المطالبة بتوسيع الخارطة الهيكلية لان ذلك يفرض عليها ان تقوم بمعجزة اقناع اصحاب الارض على التنازل عن جزء من هذه الاراضي للمصلحة العامة.
ومن هنا نجد انفسنا في مواجهة لسؤال ملح : هل ننتظر الى اليوم الذي نستعيد فيه الارض المصادرة ؟ ومتى سيكون ذلك ؟ وهل نعيق استعادة حقوقنا اذا قمنا بانشاء أحياء سكنية تليق بشبابنا - او ان العكس هو الصحيح ؟
ماذا بعد أن ذاب الثلج وظهر المرج ؟
طلال عوكل-جريدة الأيام
الذكرى التاسعة لرحيل الزعيم الفلسطيني هذا العام كانت متميزة، من حيث تزامنها مع انتهاء الأبحاث المخبرية الروسية، والسويسرية، والتي أظهرت تباينا فيما يتصل بأسباب وفاة ياسر عرفات. التباين بين التقريرين، لا يشير إلى فوارق في الامكانيات، أو مستوى الخبرات التي تتوافر لدى الطرفين وكلاهما يملك من الامكانيات ما يؤهله لاكتشاف الحقيقة، ما يعني ان الفوارق تعود إلى أسباب سياسية.
كيف يمكن لمختبرات متساوية القدرات العلمية والتكنولوجية ان تصل إلى تفاوت يجعل نتائج التحليل الروسي غامضة، فيما يتوصل التحليل السويسري إلى أن الرفات تحتوي على مادة البولونيوم السامة، رغم أن الفريقين أخذا العينات من ذات الرفات، وفي وقت واحد تقريباً. تتضاعف الشكوك، بشأن خضوع النتائج لتأثيرات سياسية، حين نعرف بأن ظهورها جاء متأخراً لستة أشهر عن الأشهر الستة التي حددتها الفرق الروسية والسويسرية، من أجل التوصل إلى نتائج محددة.
على أن المشكلة الأبرز التي تشير إلى وقوف السياسة وراء هذه التحقيقات، يكشف عنها، غياب نتائج التحقيق الفرنسي حتى اللحظة، ذلك التحقيق الذي جرى بموجب دعوى قدمتها للقضاء الفرنسي أرملة الراحل عرفات. فرنسا كانت قد قدمت قبل ذلك تقريراً طبياً ينطوي على غموض فيما يتعلق بأسباب الوفاة، رغم انها الطرف الأقدر على تحديد تلك الأسباب منذ اللحظة الأولى لوجود عرفات في مستشفى بيرسي العسكري إلى حين وفاته.
لا يوجد سبب يدعو للاعتقاد بأن فرنسا لم تتعاط سياسياً مع الملف، خصوصاً وأنها كما قيل أتلفت العينات التي كانت موجودة لديها خلال وجود عرفات في المستشفى الفرنسي. المهم في الأمر أن كافة التقارير، القديمة والجديدة لا تشير إلى أن الوفاة كانت طبيعية بسبب مرض ما، أو بسبب الشيخوخة، الأمر الذي يؤكد هواجس كل الشعب الفلسطيني الذي لم تساوره الشكوك بشأن مسؤولية إسرائيل عن اغتيال الزعيم الفلسطيني. في الواقع ثمة اعتقاد راسخ لدى المراقبين الفلسطينيين، ونظن أن أيضاً لدى الكثير من المراقبين العرب والأجانب، بأن عملية اغتيال من هذا المستوى لزعيم تاريخي كبير بقامة عرفات، قد تمت بقرار سياسي دولي أو بقرار إسرائيلي وموافقة دولية، ومن بعض الدول العربية.
ان سألت أي فلسطيني عن أسباب اغتيال عرفات، سيقول لك إن الشواهد كثيرة على أن إسرائيل في عهد شارون، قررت استبعاد عرفات كشريك وأحكمت الحصار عليه في المقاطعة، لأنه من وجهة نظرها، أصبح عقبة أمام تقدم المخططات الاحتلالية، ولأنه من وجهة نظر الدول الحليفة لإسرائيل أصبح عقبة أمام عملية السلام بسبب تمسكه بالثوابت الفلسطينية، وبسبب عدم ارتهانه لخيار المفاوضات كخيار وحيد.
ثمة خديعة في الأمر، حين يدعي شارون أن إزالة عرفات عن الطريق من شأنها أن تفتح الطرق أمام تحقيق السلام، فلقد أثبتت إسرائيل خلال مرحلة شارون وحتى الآن انها هي التي تدمر كل إشارة إلى الطريق المؤدية إلى السلام.
لن يشعر الزعماء الذين وافقوا على القرار الإسرائيلي باغتيال عرفات أو تواطأوا معه، بالذنب، أو الندم، لأنهم ربما تضامنوا مع الروح الانتقامية التي تحلى بها الرئيس السابق جورج بوش، على خلفية رفض الزعيم الفلسطيني العروض البائسة التي قدمها له باراك، والرئيس الاميركي الأسبق بيل كلينتون خلال مفاوضات تموز العام 2000 في كامب ديفيد.
كان معلوماً أن على عرفات أن يدفع ثمن رفضه تلك العروض، وامتشاقه السلاح خلال انتفاضة الأقصى، التي اندلعت في عموم الأرض المحتلة بعد نحو الشهرين من مفاوضات كامب ديفيد الفاشلة، فلقد حث عرفات على الانتفاضة، وأوعز بتشكيل كتائب شهداء الأقصى، وقدم لها الدعم. والآن من وجهة نظر وطنية فلسطينية فإن الملف جاهز، بما أكده تقرير المعهد السويسري، لكنه بالتأكيد يحتاج إلى استكمال حتى يصبح جاهزاً لدفعه الى محكمة الجنايات الدولية.
ليس هناك مجال للتسامح أو الغفران إزاء أي تأخير أو مماطلة في استكمال الملف، من الطرف الفلسطيني، الذي تأخر قراره بتشكيل لجنة تحقيق فلسطينية حتى العام 2010، ولكن حتى يتم استكمال الملف، لا بد من تشكيل لجنة دولية محايدة، تقوم بالتحقيق من أجل التوصل بالقرائن الدامغة لمرتكب الجريمة.
لجنة التحقيق الفلسطينية التي يترأسها اللواء الطيراوي مكلفة بالاستعجال في التحقيقات للكشف عن الوسيط الذي نقل السم للزعيم الفلسطيني، والمفروض أن تتوخى الشفافية إزاء ذلك بما لا يلحق أي ضرر بسلامة التحقيقات.
هذا يعني أن السيدة سهى عرفات، التي وضعت ثقتها بالقضاء الفرنسي عليها أن تتراجع باتجاه سحب الملف، لأننا كما فهمنا نعلم بأن المحاكم الدولية لا تنظر بملف مطروح أمام القضاء في دولة وطنية.
أما الخطوة الأساسية فإنها تتطلب من دولة فلسطين، التقدم بطلب الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وإلى السبع والستين مؤسسة دولية، التي أشار أكثر من مسؤول فلسطيني إلى إمكانية الانضمام إليها.
وبإمكان دولة فلسطين أن تدعو الجمعية العامة للانعقاد، وفي الوقت ذاته أن تدفع الملف إلى مجلس الأمن الدولي رغم صعوبة الحصول منه على قرار. ومرة أخرى يتأكد أن التزام حسن النوايا تجاه المخططات الإسرائيلية الخطيرة، والحروب التي تشنها إسرائيل على الأرض والحقوق الفلسطينية، هذا الالتزام، الذي قد لا يعني القطع مع المفاوضات، إنما يشكل إهداراً للوقت، وتأخيراً لا لزوم له. ربما يكون الرئيس محمود عباس قد أعطى التزاماً بعدم التوجه للمؤسسات الدولية قبل نهاية التسعة أشهر المحددة للمفاوضات ولكن إسرائيل تقدم كل صباح، وكل لحظة، كل المبررات الكافية للتنصل من هذا الالتزام وإلا فإن على من طلب هذا الالتزام أن يوقف الحرب الإسرائيلية المستعرة والمسعورة.
أوجاع أريترية: الحب والحرب والاغتراب
د. خالد الحروب-جريدة الايام
"في وجهها يستوطن بهاء قديم لم تحرمه الأيام نضارته الأولى. ومن وجهها ينضح عطر سماوي يشبه ما يمنحه المطر لتراب الأرض. وعند وجهها تتزاحم حكايات الحسن، وقد تخلت عن نهاياتها الحزينة". هذا ما يظل يدندن به بطل رواية "مرسى فاطمة" لحجي جابر حول حبيبته المفقودة، واصفا إياها لكل من يراه ويظن بأن لديه طرفا من خبر عنها.
بعد قصة حب قصيرة تغيب سلمى ويغيب بطلنا وراءها بحثا عنها، أو عن سرابها، أو هيامه أو وهمه بها.
إنها السردية المتألقة الأخرى لجابر بعد روايته الأولى "سمراويت" التي فازت بجائزة الشارقة للرواية من سنتين.
"مرسى فاطمة" هو الشارع الذي التقى فيه سلمى أول مرة ووقع على رصيفه بدء تاريخ حبه لها.
من ذلك الشارع تركب سلمى الحافلة التي تقلها إلى المدرسة الثانوية، ويجري قلبه مع عجلاتها.
لكن لهذا المكان رمزية أبعد بكثير. إنه اريتريا الناس العاديين والمفعمين بالجمال العفوي والتعايش غير المُدعى، بعيدا عن جبروت السياسة، وبعيدا عن عفن التطرف القادم من وراء الحدود.
يخبرنا حجي جابر أن: "مرسى فاطمة اسم أطلقه الجبرته على هذا الشارع تيمنا باسم جزيرة مباركة قرب مصوع سكنتها امرأة صالحة من نسل الصحابة، ليحل محل اسم الامبراطورة "منن" زوجة "هيلاسيلاسي"، والتي اختارته دون سواه ليحمل اسمها ... هنا يسكن مسلمون ومسيحيون ولا دينيون ... الشارع يبدأ بكنيسة إندا ماريام وتنتهي تفرعاته عند جامع الخلفاء الراشدين، وقد بناه الايطاليون بأموال تاجر يمني استوطن اسمرا.
هنا تتجاور بيوت الاغنياء والفقراء، وكذلك قلوبهم. هنا ايضا لا تجد اسرة لم تفقد حبيبا في حرب الاستقلال. مرسى فاطمة يمثل وطنا رحبا لكل سكانه".
يتناهى إلى علمه ان سلماه تم تجنيدها وارسالها إلى معسكر الخدمة العسكرية الاجبارية "ساوا" الرابض بين الجبال البعيدة عن العاصمة اسمرا.
هناك الحياة تنتمي إلى نوع آخر من الحياة. يلحقها ويتطوع لأداء الخدمة الوطنية (القلوقلوت)، ويستسخفه كثيرون لأنه معفى منها اساسا بكونه وحيد والديه.
هناك يتفنن المدربون في إذلال الشباب تحت عنوان تربيتهم على حياة الجندية ومواجهة الصعاب.
المعسكر هو صورة النظام الحاكم: السلطة الفوقية وعدم الشفافية، والفساد المتسربل في خريطة القيادة العليا له.
يتجبر الضباط في المجندين في فرض اقسى انواع التدريبات بدءا من فجر كل يوم وحتى مغيب شمسه، يركضون، يلهثون، تنقطع انفاسهم، ثم يُطعمون كسرة خبز وماء شاي، ثم يصفعون محاضرة في الوطنية والبطولة من قبل ضابط ثمل جاء لتوه من معسكر الإناث بعد أن جال بفحولته على عدد منهن، إمعانا في الوطنية.
بطلنا الشاب يتحمل طوعا ما يتحمله زملاؤه قسرا وهو يأمل أن يعثر على خيط امل يقوده إلى سلمى التي يفترض انها في المعسكر المجاور.
لا سبيل إلى الوصول إليها حيث يمنع ذلك على المجندين، ولا يتمتع بتلك الحظوة إلا الضباط.
ينفلق الحظ السعيد لبطلنا إذ يختاره احد الضباط سائقا له، بما يعني سهولة دخوله الى معسكر الإناث يقود سيارة الضابط.
هناك وفي لحظات توهان الضابط في سكراته المختلفة يستغل العاشق كل دقيقة ليسأل عن حبيبته سلمى. يترك صفاتها واسمها وعشقها له مع كل فتاة يتمكن من الحديث إليها. لكن لا اثر لها.
يفعل المستحيل للهرب من “ساوا” بعد ان اكتشف ان سلمى ليست هناك، ويلحق سرابا لها باتجاه السودان إذ وصلته اطراف اخبار بأنها عبرت الحدود إلى هناك.
رحلة الهرب من الوطن الاريتري اوديسة أخرى تُضاف إلى رحلات الهروب من اوطان الجنوب.
على الحدود الاريترية السودانية يقع اسيرا وضحية لـ "دولة الشفتا"، والشفتا هم القبائل المسيطرة على المنطقة الحدودية بالسلاح والقوة وفرض الخاوات.
تتهيب السلطات على طرفي الحدود من سطوة تلك القبائل وعصاباتها وتشتري ولاءها، ويمتد نفوذها إلى وزراء ومسؤولين كبار.
على الفارين من جحيم الوطن ان يمروا بجحيم الشفتا ويدفعوا الوف الدولارات كي يصلوا إلى الجحيم الثالث، إلى مخيم "الشجراب" الضخم في الاراضي السودانية، والذي يعتبر من اكبر مخيمات اللاجئين في العالم.
في "الشجراب" دويلات اخرى، من المنظمة العالمية للاجئين، لعصابات المهربين، للسلطات السودانية، ولكل ما يمكن ان يتصور من عوالم سفلية.
يبحث في أزقته وخيمه وتجمعاته عن سلمى التي لا اثر لها.
يسأل كل الناس، لكن ليس ثمة طرف خبر مؤكد.
يعزم في نهاية المطاف على مغادرة المخيم البائس ركضا وراء خبر ما بأن سلمى اصبحت في السودان.
ينخرط في عملية تهريب ثانية، وبعيدا عن الوطن، او بحثا عنه.
قبل مغادرة المخيم يتعرف إلى خريطة "الامل" لكثير من اللاجئين الشبان وهي ان جل همهم هو تأمين هروب سري عن طريق بعض العصابات إلى إسرائيل.
هل هربت سلمى معهم واصبحت هناك ايضا؟
تضيع سلمى وسط تفاهات الحرب، والفساد، والفقر، والتطرف، والسياسة، والتهريب، والحدود الملتهبة، والبؤس المودي للهجرة اليائسة إلى إسرائيل.
تضيع سلمى بطل جابر حجي الذي ينذر نفسه للبحث عنها ولقياها. إنها تحمل جنينهما في احشائها.
إنه المستقبل الذي يريد بيأس وعناد ان يأخذ "مرسى فاطمة" إلى غد مشمس، .. إلى ماضيه الجميل.
لا تضيع سلمى وحسب، بل اريتريا "مرسى فاطمة" هي التي تضيع، وحجي يبحث عنها.
يبحث عن وطن بسيط تترتب فيه الاشياء بفوضى الناس العاديين، بعيدا عن ايديولوجيا الحزب الحاكم، وتشدق الساسة، وقوافل الموتى الملتحقين بأتون نار تلتهم الوف الشباب، وقوافل الهاربين في كل الجهات.
يلحق حجي بأريتريا الضائعة التي ما عاد فيها مرسى لفاطمة، وتشتت شبابها بين "ساوا" وجبهات المعارك، ومخيمات اللجوء والهرب على الحدود السودانية، ثم تبعثرت طوابير الهاربين في صحارى الشمال وسيناء أملا بالوصول إلى "مرسى" بديل واعد، في إسرائيل.
ومن هناك، من "أرض الوعد والميعاد"، تأتي قصص تقشعر لها الأبدان لتصل إلى المنهكين وسط الصحراء المتوجهين إلى ارض الاعداء لأنها اصبحت اخف وطأة من الوطن.
من المدن اللامعة والحديثة في إسرائيل إلى قلب صحراء سيناء يكتشف المتعبون بأنهم ليسوا سوى قطع من الاعضاء البشرية تتداولها عصابات الاتجار بالكلى والاعضاء.
ويكتشفون أن ضريبة عبور الصحراء إلى "الجنة الموعودة" هي كلية لا حاجة لهؤلاء بها.
أما الإناث من الهاربين فإن مرارتهن مضاعفة.
عليهن اشباع حقارات سلسلة المهربين من الحدود الاريترية والسودانية والمصرية، وصولا الى سيناء ثم إسرائيل.
كل جزء من اجزاء الرواية يستحق ان يكون رواية منفصلة: معسكر ساوا، دولة الشفتا، الشجراب.
حجي ظلم نفسه وابطال روايته وحرمنا من ثلاث روايات واستعجلها في رواية واحدة.
لكن تبقى "مرسى فاطمة" رواية بطعم المرارة عن وطن اريتري مفقود.
عن ذلك الشيء المُبهم الذي يقول عنه في الصفحة الاولى من روايته: "الوطن كذبة بيضاء .. يروج لها البعض دون شعور بالذنب، ويتلقفها آخرون دون شعور بالخديعة".
الثورات وغياب ثقافة الدولة
عدلي صادق-جريدة الحياة الجديدة
ليست الإحباطات الماثلة، على صعيد ثورات "الربيع العربي" إن كان بالنظر الى نتائجها أو الى سياقاتها؛ إلا احدى نتائج التصحر السياسي الذي اوقعته الدكتاتوريات في المجتمعات المعنية. فما يحدث، عند انفجار المجتمع، وبعد أو قبل أن يسقط النظام، لن تكون ثمة طبقة سياسية تمرست وامتلكت الحد الأدنى من الخبرات، وتحلت بثقافة الدولة، أو حتى تشبعت بتعريف لهذه الدولة، التي هي إطار محايد، تتوافق عليه الخصوصيات كلها لكي يكون حَكماً نزيها بين الناس. والمثال الليبي يقدم الكثير من الصور والمشاهد، التي افرزها واقع الجهل بمتطلبات الدولة وبضرورته، إذ عادت المكونات والتباينات القبلية والجهوية، الى شكلها البدائي، تنزع الى التقوقع على الذات الصغرى، مع خشية وتحسبٍ عميقين، من فضاء الدولة!
في محاذاة هذا الواقع، ثمة ملاحظتان جديرتان بالإشارة. الأولى أن إخواننا الأكراد، وهم إثنية شقيقة ومقدرة، وجدوا أنفسهم، خلال العقدين الماضيين، يواجهون هذا الغياب لثقافة الدولة، ووضعية تكالب مكونات المجتمع على انتزاع امتيازات لصالحها على حساب قوة الدولة وهيبتها؛ فعملوا سريعاً وفق امنياتهم القديمة في الاستقلال على أرض كردستان الكبرى. ولم يفعلوا ذلك، إلا لأن طبقتهم السياسية كانت جاهزة ومتمرسة، ومتخطية لاعتبارات الأيديولوجيا الخاصة، داخل المكون الكردي. فالآيديولوجيات لا تصلح أساساً لقيام الدول. والدولة الآيديولوجية لا تعمر، وهي تسقط حتى لو كانت امبراطورية مدججة بالسلاح، مثلما سقط الاتحاد السوفييتي. أما الملاحظة الثانية، فهي تتعلق بأذى الأصوليات، التي لا تزال تَذبح مشروعات الانعتاق من الدكتاتورية، من الوريد الى الوريد. فهذه تتوخى أدلجة المجتمع، وسرعان ما تجد نفسها في موقع الخصومة معه، لأنها مخصامة سلفاً حتى لنفسها ولشبيهاتها، وعندما تكون الطبقة السياسية في المجتمع ضعيفة وغير مؤثرة؛ تتولى الجيوش، كمؤسسات وطنية تتشكل من مجموع مكونات الشعب، إنقاذ البلاد والدولة من شر التفرد الآيديولوجي. اليوم تضرب الأصوليات الليبية عميقاً في قلب أمنيات الناس التي تحلم بدولة كل المواطنين العادلة والمقتدرة والمهابة. والأصوليات في اليمن، تفعل الشيء نفسه. أما أصولية تونس، فما زالت تحاول إما بالمراوغة أو بالعناد، تخفيف وطأة الموقف الاجتماعي ضد تفردها وسطوتها. وفي العراق، فتكت الأصولية الشيعية بمعنى الدولة الجامعة التي تتساوى في كنفها مكونات المجتمع كله، وأسست لسجال مديد ومرير!
احد أبرز خطايا الدكتاتوريات كلها، وقعت، حين توهمت أنها بشطب السياسة ستمنع انفجار المجتمع، وجاءت المصيبة من النظر لأهل السياسة، المنتقدين بتهذيب شديد، على أنهم محض محرضين إن غابوا لن يقع الانفجار. تجاهلت هذه الدكتاتوريات أو جهلت، أن المواطن الإنسان، تحرضه عذاباته، وهو يرى كيف يلتهم الحاكمون مقدرات المجتمع ويحيلونه الى يائس ومعوز وبلا أفق، وكأن الوطن ليس وطنه. ولعل أبرز ما ينم عنه ضعف الشريحة السياسية في ليبيا مثلاً، عجزها عن جمع كل من يحس بأهمية الدولة، ويتحلى ببعض ثقافتها، لتشكيل عصبية وطنية جامعة، مسلحة بقوة قادرة على إخضاع كل تمظهر عنيف لمكون عشائري أو جهوي أو أصولي.
المستعمرون البريطانيون ذوو الدهاء، في جنوبي اليمن، سمحوا لشريحة سياسية أن تنشأ وأن تتمرس، حتى وإن كانت تطالب بجلائهم، لذلك كان الانتقال لوضعية الدولة سلساً في العام 1967 لكن المنحى الدكتاتوري عاد الى تصحير المجتمع من السياسة، ولما لم يجد الحاكمون من يعارضونهم، فتكوا ببعضهم البعض، فلاذ من تبقى منهم الى الوحدة مع الشمال هروباً الى الأمام المنطقي، ثم اتبع القائمون على دولة الوحدة، منحى عشائرياً إقصائياً، يعاند السياسة وشروط الدولة، لينفجر المجتمع من جديد، ثم تدخل الأصوليات وتبدأ الدوامة.
متطلبات معركة الاستقلال
عادل عبد الرحمن- جريدة الحياة الجديدة
مرت يوم الجمعة الماضي الذكرى الخامسة والعشرون لاعلان الاستقلال في الجزائر عام 1988، والتي باتت منذ اعوام تسعة خلت تمتزج بذكرى رحيل مؤسس الوطنية المعاصرة، الرئيس الشهيد ياسر عرفات، فتحيل الذكرى إلى دائرة السؤال، لاسيما وان عقدين بطولهما وعرضهما مضيا بعد التوقيع على اتفاقية اوسلو ايلول 1993، ولم تتنسم الارض والشعب العربي الفلسطيني شمس الحرية، وما زال افق التسوية السياسية مغلقا نتاج السياسات الاستعمارية الاسرائيلية، وضعف وتشرذم العامل الوطني، وتماهي العامل العربي الرسمي مع السياسات الاميركية، وغياب الضغط الدولي على إسرائيل.
المشهد الفلسطيني يعيش لحظة رمادية جدا، وهي أقرب للسواد منها للغيوم البيضاء، لأن الحال الوطنية لا تسر صديقا ولا تكيد عدوا، بسبب انغلاق الافق على أكثر من مستوى وصعيد. فعلى الصعيد الوطني بعيدا عن إنقلاب حركة حماس الأسود، أي داخل صفوف فصائل منظمة التحرير، تعاني الساحة من الترهل والغثيان، وتدور القوى في حلقة مفرغة، فلا هي قادرة على الوقوف على قدميها، وبالتالي إعلان مواقفها باستقلالية كاملة دون حسابات صغيرة، ولا هي قادرة فيما بينها ومجتمعة على تشكيل رافعة للمشروع الوطني، ولا هي مؤهلة للعب دور المعارضة الحقيقية لإسناد ذاتها والقيادة الشرعية المنخرطة في المفاوضات.
كما ان الساحة الوطنية في محافظات الشمال، تشهد إتقاد النيران تحت الرماد، رغم النجاحات النسبية، التي حققتها الاجهزة الامنية في حملتي الشمال (جنين) والجنوب ( ضواحي القدس وخاصة الرام) لكنها لم تغير ملامح المشهد البائس. لأن هناك أكثر من لاعب يستهدف تفجير الساحة الداخلية بدءا من الاحتلال وجماعة الانقلاب الحمساوي والمافيات، اضف إلى إنفلات الغلاء في المدن عموما وخاصة رام الله، التي تشهد غلاء مفتعلا، وللاسف المؤسسات المعنية لم تقم بواجبها حتى الآن للجم تلك العوامل السلبية. الأمر الذي يتطلب وضع رؤية إستراتيجية وتكتيكية لضبط إيقاع الشارع وفق المعايير الوطنية.
كل ما تقدم على اهميته، يبقى جزءا محدودا أمام مشهد الانقلاب الحمساوي على الشرعية، الذي مضى عليه سبعة اعوام دون تغيير في حالة التمزق.
في الذكرى تملي الضرورة الوطنية، كي تتقدم عربة الاهداف والمصالح الوطنية للامام، المبادرة إلى عقد سلسلة من اللقاءات وفي مقدمتها عقد الهيئات القيادية لمنظمة التحرير, المجلس المركزي والمجلس الوطني، وقبلها إجتماعات على مستوى الفصائل وخاصة في حركة فتح، لاستنهاض الذات التنظيمية والسياسية في كل فصيل على إنفراد، ومن ثم الاستنهاض العام من خلال إعادة الاعتبار لمؤسسات منظمة التحرير، ووأد الانقلاب الحمساوي، الذي شكل، ويشكل الظاهرة الاخطر على مستقبل شعبنا ووحدته الوطنية واهدافه الاستراتيجية والتكتيكية. وتفعيل المقاومة الشعبية في كل الميادين والقرى والمدن، وفي ذات السياق وبالتلازم مع ما ذكر يلزم التصدي لانفلات الغلاء، والفسادة والفوضى، التي يعد لها اعداء الشعب والحركة الوطنية. مطلوب ايضا اعادة قراءة الاتفاقيات جيدا، والتحضير لتغيير شكل التنسيق مع دولة الاحتلال مقرونا بخطاب سياسي وامني يحفظ الكرامة الوطنية، ويلفظ الخطاب المتراخي والمنحني دائما. وعلى الصعيد الدولي رغم أهمية الموقف الاوروبي الذي سينفذ مع مطلع العام المقبل بشأن مقاطعة المستوطنات ومتتجاتها، وعلى اهمية ما اعلنه وزير خارجية اميركا عن الاستيطان ، ورئيسة مجلس الامن القومي الاميركية ، سوزان رايس حول ذات النقطة، إلآ ان الحاجة الوطنية تملي مطالبة العالم ككل وخاصة اقطاب الرباعية وبالتحديد أميركا، الارتقاء بمواقفهم من الاستيطان الاستعماري والعمل الجدي لالزام دولة التطهير الاسرائيلية باستحقاقات التسوية السياسية كاملة غير منقوصة. وان لم تفعل حتى نهاية الفترة المتبقية من المفاوضات، تضع القيادة سيناريوهاتها، التي تبدأ بالانضمام الى المنظمات الاممية كلها، ولا تنتهي عند ذلك، بل تفتح الافق على وسعه على سيناريوهات اعمق تاثيرا في محاكاة الاستقلال الوطني.
عفواً سيدي الرئيس
مصباح عبدالمهدي-وكالة معا
أظنها طلقات الغدر حين هوت تكاد لو أبصرت عينيك تعتذر
بعيد أن ظهرت نتائج الفحوص الخاصة باستشهاد الرئيس، سارع أحدٌ بالتهجم على شخص السيد الرئيس ياسر عرفات من صفحة الفيس بوك الخاصة به ، عازما بل متمنياً أن لا تدان إسرائيل من خلال التحقيقات ، فهو يحاول ويتمنى ان تلصق التهمة بالمقربين من السيد الرئيس والذين كانوا محاصرين معه ، وهذا يعزى لسبب واحد وهو أن هذا الكاتب ( إبراهيم حمامي ) على خلاف مع السلطة ومع من يعمل بالسلطة وهو دائم الكيل بالتهم لهم وعلى هذا المنوال يسير . كما وقام بالدور نفسة في أواسط شهر أيلول الماضي على قناة الجزيرة.
عذراً سيدي الرئيس!!
نعتذر لك سيدنا من أقواله فهذه هي ثقافته وهذا هو ديدنه عندما شتم وتهجم على كل أحرار العالم والذين أنت تمثلهم سيدي االرئيس، نعتذر لك من سهام الغدر التي أطلقها من قوس قناة الفتنة ، ظاناً أنها قد تصيبك ولم يعلم أنها لم تخرج من وكرها بل أصابته هو ومن شد على يديه وناصره ، عفواً سيدي الرئيس فهؤلاء الأفاكين لم يقرأوا سير عظماء التاريخ لأنهم عاشوا ولا زالوا يعيشون في مستنقعات اللا وطنية.
قال متهجما " هذا ليس أبو عمار، هذا أبو الدمار"
وعلق على نتائج لجنة التحقيق بوفاة السيد الرئيس وقال:" الخائن المقبور". . ولا زال يتهجم.
عفواً سيدي الرئيس !!.
يقولون عند الموت تسقط الألقاب،،،، لن تسقط ألقابك التي اقترنت بالشموخ وباسم الوطن الغالي فلسطين، لن تسقط ألقابك التي أطلقها عليك أحرار العالم، لن يسقطها شخص مهما كان رأيه فيك وبالثورة التي انطلقت برصاصتك الأولى، ولن يسقطها برنامج الإتجاه المعاكس مهما كان عنوان حلقته أو عناوين متحاوريه، لن تسقط ألقابك سيدنا أبا عمار والتي جبلت وامتزجت بتراب فلسطين ، التي امتشقت رائحة الزعتر في جبالها الشماء ، التي امتشقت رائحة البارود في كل معارك الدفاع عن فلسطين فأنت أبا عمار وستبقى أبا عمار، فلن تسقط ألقابك سيدي إلا إذا سقط التاريخ ... وهل يسقط التاريخ؟
سيدي الرئيس ما تعلمناه منك الكثير، وما قدمته أنت للأمة أكثر، قادة العالم كلهم تعلموا منك نظريات النضال وقواعد تحرير الأوطان، تعلموا منك التكتيك، كيف ومتى يكون، تعلموا منك كيف تُخلط الأوراق وكيف يعاد ترتيبها، تعلموا كيف يكون الإحترام والتقدير مع من أحبوه وكيف يكون مع من اختلفوا معه، فقال حكيم الثورة جورج حبش نحن نختلف مع أبا عمار ولن نختلف عليه!
سيدي الرئيس ياسرعرفات بكل مراحل نضالك وبأشدها وعندما كنت تحمل سلاحك في جبال فلسطين ولبنان وفي بعض الدول العربية كانت وجهتك دائماً فلسطين ، ففي عام 1983 عندما خرجت من لبنان سُئلت سيدي إلى أين وجهتك فأجبت قائلاً : " إلى فلسطين ". في حين كان يظن أعداؤك أنك هزمت وبقي عليك أن تتيه في صحاري ليبيا والجزائر واليمن، سعقوا سيدي بجوابك أنك ذاهب للقدس، نعم سيدي الرئيس لقد حققت حلمك وأنت اليوم تغفوا تحت ثرى فلسطين، تترقب أن ترحل إلى القدس التي أحبتك وأحببتها لتلقى الله راضياً مرضيا بالقرب من المسجد الأقصى، التي دفعت حياتك ثمناً له،علمتنا سيدي أن بكل مراحل النضال كان هناك من ينتقد الجهاد من أجل فلسطين لأنهم لن يكونوا يوما مؤمنين بفلسطين وبعدالة ما نحملة من حب وانتماء لهذا الوطن، كانوا ينتقدون أي عمل هدفه تحرير فلسطين، لانهم مهزومين وكان شغلهم الشاغل النُباح والصِياح، إلا أنك كنت تقول دعوهم فالكلاب تنبح والقافلة تسير.--- ----------!
نم قرير العين سيدي الرئيس فلن يكون الحاقدين يوما ما نداً لأي طفل فلسطيني فهل يكونوا سيدي الرئيس نداً لك؟ فمن تهجم عليك لا يقارن بك ولا بأصغر طفل حمل يوماً ما حجراً ليدافع فيه عن فلسطين، من تهجم عليك سيدي الرئيس تهجم على كل الفلسطينيين لأنهم أحبوك ، ولانه لا يريد أن تظهر حقيقة من اغتالوك فبدأ بكيل الشتائم على رئيس لجنة التحقيق التي تتولى كشف حقيقتهم ووصف توفيق الطيراوي بلقب ظاناً منة أنه عارٌ وأنه سيصيبه في مقتل وقال عنه أبو إيمان، وهو المعروف بـ "أبو حسين الطيراوي " وليس أبو إيمان وما الضير أن يكون معروفاً بـ "أبو إيمان" فهي ابنته ولا عيب في هذا،قال هذا لأنه لم يجد ما يقوله أو ما يتهمه فيه ، فعرفات لكل المناضلين والمحبين له، من الشعب الفلسطيني ومن كل شعوب العالم وليس للحاقدين الذين عادوه في حياته ولا زالوا على عداء معه في مماته، فمن يعيش في فلسطين ومن يقاوم الإحتلال ومن يرفع علم الحرية هو من يقرر من هو ياسر عرفات. لك ما سيدنا كل الحب والوفاء ومن الله الرحمة والغفران.
اكسروا بوصلة فياض... وارجعوا لبوصلة عرفات
بسام زكارنه-وكالة معا
الوضع الفلسطيني صعب سياسيا وبالتالي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وعلميا وصحيا هذه حقيقة جلية للجميع لكنها تُغيب من قبل الاحتلال واصدقاءه من الدول سواء امريكا او اوروبا وبعض الدول العربية.
بعد اوسلو كان ابو عمار يرسم السياسة والاقتصاد (وبوصلته الانجاز السياسي هو الذي يحقق الانجاز الاقتصادي ) والامن لكن حاليا الوضع السياسي والامني ما زال بيد الرئيس ابو مازن والاقتصاد بيد الحكومة وللانصاف نقول الحقيقة والواقع ان الاداء الفلسطيني سياسيا وامنيا في مستوى يستحق التقدير وقد انجزت قضايا سياسية غير مسبوقة اهمها حصولنا على دوله مراقب في الامم المتحدة وامنيا وصل الامر لاعلى مستوى والاجهزة الامنية قطعت شوطا كبيرا لوقف كل اشكال الفوضى.
لكن البوصلة تغيرت اقتصاديا وبدأت التوصيات بجلب خبراء الاقتصاد والنوابغ بعيدا عن السياسة لانعاش الاقتصاد لكن الوضع الاقتصادي يزداد تدهورا منذ ذلك الحين فقد اوصى البنك الدولي بالخبير الاقتصادي د. سلام فياض والذي يعمل مفتشا لديه وبانه المنقذ والمخلص وهلل ورحب الجميع معللين ذلك بان ابو عمار خبير سياسي وامني ولكنه ليس خبيرا في الاقتصاد وان ادارة اقتصاد الثورة تختلف عن ادارة اقتصاد الدولة.
استلم د. سلام وزارة المالية ثم رئاسة الوزراء ووزير المالية لمدة عشر سنوات وبدء بطرح نظرياته ومنها نظرية الحساب الموحد حيث ان ابو عمار كان له حسابات اخرى وفي بنوك مختلفة وباسماء وهمية منها حساب البترول وحساب التبغ وحسابات اخرى سرية يديرها مع مساعدين له ويصرف في كل الاتجاهات دون ان تقطع رواتبنا ليوم واحد !!! حتى عندما كان على فراش الموت فقد تم التلميح بسوء ادارته للمال العام اي فساده !!! وبكل فخر لم نجد له منزل او ملابس حتى او ارض او شركة !!!!.
ثم نظرية اخرى (رائعة جدا!!!!!) نظرية الاعتماد على الذات في ظل الاحتلال وفرضت الضرائب والرسوم على المواطن وعززت فرق الجباية وسياسة الدفع المسبق تحت شعار جيوب المواطنين ابار نفط وتم وقف التعينات دون الاكتراث بزيادة نسبة البطالة والكل ينتظر الوعد بأن هذة المعاناة ستحقق الاعتماد على الذات واستقلال قرارنا!!!! وفق خطة فياض في العام 2011 وللاسف لم تدفع الرواتب بانتظام وزادت الديون واغلقت شركات بسبب عدم التزام الحكومة بالدفع وهاجر الكثير من الخريجين.
ثم نظرية بناء مؤسسات الدولة دون ان نبني شيء !!!! وبالعكس المؤسسة التي كانت تعمل فيها الادارات بشكل مؤسسي حصرت مهمها بموظف واحد وبعض الوزراء لم تبقى له اي صلاحية وتركز القرار بيد وزير المالية من خلال المراقب المالي وكأن الوزير غير مؤتمن وفقط مندوب المالية الامين المخلص فلا تصرف فاتورة بدونه بعد اتصاله بمندوب المانحين ورغم ذلك زاد الفساد وحول وزراء لهيئة مكافحة الفساد وبقي الموطن يتسآل ماذا يجري؟؟؟
ثم نظرية تخفيض مصاريف التحويلات الطبية للخارج وترك مرضى يصارعون الموت دون اي تحسينات على الكادر الطبي او البنية التحتية وطرح مشروع تامين صحي اسوء من الموجود والهدف ليس صحة المواطن وانما تخفيض المصروفات دون معرفة عدد الوفيات.!!!
لقد قام الممولون بوضع خطط ومنحوا الحكومة الشهادة تلو الاخرى على انجازات تحققت لهم فعلا من اهمها خفض الدعم من مليار وثمانية مليون لتصبح دون السبعمائة مليون لكنها غُلفت بتحسين الوضع للمواطن والاعتماد على الذات وتمت زيادة هجرة الشباب ودمرت المؤسسات والقطاع الخاص وباع المزارع ارضه واحيل خيرة ابناءنا للتقاعد وخفضت موازنة التعليم والصحة والزراعة لصالح الامن فاصبح الطبيب يعالج يوميا مائة حالة بدلا من عشرون والصف خمسين طالب بدلا من عشرون .
المستغرب اننا ورغم وضوح هذه السياسة العقيمة الا اننا ما زلنا نستخدم شعارتها مثل التقشف والحكم الرشيد والشفافية دون اي شعار للسبب الرئيس الذي حاولت السياسات السابقة تجاهله بقصد او بدون !! وهو الاحتلال.
فلم نجد احد يطرح في خطة الحكومة مثلا ازالة حاجز من حواجز الاحتلال وكم يوفر ذلك !!! ولم نجد في خططهم فائدة السيطرة على المعابر او السيطرة على المسجد الاقصى وكنيسة القيامة وفتح باب السياحة الدينية للمسلمين والمسيحين وكم ستجلب لنا من اموال !!!! ولم نسمع منهم وهم الخبراء في الاقتصاد ان السيطرة على الاغوار واعادة مليار ونصف دولار ينتج في اراضينا هناك من قبل الاحتلال وليس فرض ضريبة على المزارع كما فعلت الحكومة السابقة !!!! ولم نسمع عن استغلال الموارد الطبيعية سواء في البحر الميت او مناطق سي !!!!!ولم نسمع ان المزارع واراضينا لو اعطيت حصتها الفعلية من ماءنا الذي يسرق من المستوطنات كم سيوفر لنا من اموال ويفتح كم فرصة عمل !!!! لم نسمع من الخبراء بخططتهم بطلب زيادة الدعم من الدول المانحة من مليار وثمانية مليون لتصبح مليارين ونحسن استغلالهم !!! لم نسمع من الحكومة خطة لتخفيض نسبة البطالة !!!! تحسين الوضع الصحي وفتح المستشفيات وجلب المرضى من خارج الوطن وتعيين الاطباء المميزين الذين هاجرواا خارج الوطن !!!!لم نسمح في خطط الحكومة السابقة ولا الحالية اي مما ذكرت بل تم وضع الخطط وتزوير نسبة النمو والتنمية وبارقام خيالية !!!! لم نسمع من احد ان الهدف الذي تحقق من الحساب الموحد سوى وضعه تحت رقابة المانحين لكي يستخدموه لابتزازنا سياسيا وتركيع شعبنا دون وجود مصدر واحد لسد العجز !!!!!اين الاقتصاديون من شعبنا ؟؟؟ اين الخبراء ؟؟؟ اين القيادات ؟؟؟!
لا زلت اسمع من الحكومة الحالية بعض المصطلحات من تقشف وشفافية وكلمات نحبها ونطلبها ولكنها ليست حلول وانما شعارات يطلبها الممول لتمرير سياسته وخدمة الاحتلال والاصل للخبير الذي نريده تعديل البوصلة لخدمة المواطن باتجاه زوال الاحتلال واستقطاب الممول لذلك وما يُطمئِن شعبنا العودة لبوصلة ياسر عرفات واعدة الاقتصاد لابو مازن وربط السياسة بالاقتصاد وليس التنمية في ظل الاحتلال وخدمة نظرية نتياهوا السلام الاقتصادي وكلنا نصرخ وبصوت عالٍ اكسروا بوصلة فياض ... وارجعوا لبوصلة عرفات.
لعبة التعقيد الاسرائيلية
يحيى رباح -جريدة الحياة الجديدة
اهلا بالرئيس الفرنسي هولاند في زيارته لفلسطين، وهي زيارة مهمة جدا في سياق محاولات انقاذ المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية من الفشل بسبب المماطلات والتعقيدات والعراقيل والاكاذيب الاسرائيلية التي تتشبث بها حكومة نتنياهو.
ونذكر في هذا السياق ان الزيارة الاخيرة لوزير الخارجيية الاميركي جون كيري الى فلسطين، والتي التقى فيها مع الرئيس ابو مازن في بيت لحم، كانت تصب في الجهد نفسه، اي محاولة انقاذ المفاوضات التي دخلت في النصف الثاني من شهرها الرابع دون اي قدر من التقدم، مع ان هذه المفاوضات الحالية عمرها المتفق عليه هو تسعة اشهر فقط، وهكذا نجح نتنياهو وائتلافه المعادي للسلام والمعادي للمفاوضات والمعادي لحل الدولتين في حرق نصف المدة المقررة للمفاوضات دون جدوى.
طيلة الاربع شهور والنصف الماضية كان المفاوضون الاسرائليون يتمترسون عند موضوع الامن الاسرائيلي وضرووراته فقط، ويرفضون الزحزحة ولو قليلا عن هذه النقطة، والمشكلة الاكبر ان هذا التعنت الاسرائيلي كان يغطي نفسه بسلسلة من الاكاذيب المكشوفة، فقد ادعى الجانب الاسرائيلي ان مواصلة الاستيطان كانت مقابل الافراج عن مئة واربعة من الاسرى القدامى ما قبل اوسلو، وهذا امر غير صحيح بالمرة!! كما ادعى نتنياهو ان اي تنازل موضوعي تقدمه اسرائيل لنجاح المفاوضات سوف يؤدي الى انهيار ائتلافه الحكومي.
وما هي مسئوليتنا عن ذلك؟؟؟
ولماذا اختار نتنياهو مثل هذا الائتلاف اصلا؟وهل ائتلاف نتنياهو اهم من المفاوضات واهم من السلام؟
وتتواصل اكاذيب حكومة نتنياهو الى ما هو ابعد من ذلك، حين تدعي ان قرارها بعدم التخلي عن منطقة الاغوار راجع الى ضرورات امنية في مواجهة العدوان الايراني المزعوم –يا للسخافة – وكان بضع مئات من الامتار في عمق الاراضي الفلسطينية سوف يوقف الصواريخ الايرانية التي يبلغ مداها ثلاثة الاف كيلو متر !!! مع ان العالم كله يعرف ان هذه الارض الفلسطينية التي يتشبث نتنياهو باحتلالها هي مكان لاستثمارات صناعية وزراعية وسياحية تدر على الخزينة الاسرائيلية قرابة المليار دولار في السنة.
بل ان الضجة التي يثيرها نتنياهو صباح مساء عن مخاوفه من اتفاق يجري بين ايران والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وكان هذا هو الخطر الاكبر، بينما يتجلهل نتنياهو الى حد العناد ضرورات الشعب الفلسطيني واقامة الدولة الفلسطينية على الحدود التي اقرتها قرارات الشرعية الدولية.
القيادة الفلسطينية، كانت تعرف من البداية، ولديها تقدير موقف، ان نتنياهو ذهب الى المفاوضات دون ادنى قناعة، مجرد اتقاء للحرج من حلفائه الذين يقدمون له كل الضمانات الامنية وكل ذرورات الحياة، وانه ذهب الى المفاوضات بهدف افشالها، واحراق الوقت دون جدوى، وان يحمل القيادة الفلسطينية اللوم على هذا الفشل كما جرت العادة، وكان هم القيادة الفلسطينية ان يعرف العالم كله هذه الحقيقة، وهكذا اصبح التكتيك الاسرائلي مكشوفا في الفترة الاخيرة بسبب الانقلاب في نمط العلاقات الدولية الذي يتطور بسرعة هذه الايام، ولكن اسرائيل تعودت ان لا ترى سوى نفسها، وكانت الضحية لهذا الانغلاق الاسرائيلي هي المفاوضات التي يريد لها العالم ان تنجح باستثناء نتنياهو وائتلافه الذي اختاره من المتطرفين وقطعان المستوطنين.
هل تنجح اسرائيل في اكاذيبها وتعقيداتها؟؟؟اعتقد ان مجمل المصالح الدولية وخاصة بالنسبة للدول المؤثرة والصديقة تاريخيا لاسرائيل تصب في اتجاهات لا تتفق وهذه العربدة الاسرائيلية، ومزيد من المتابعة ورؤية الحقائق عن كثب فان كل هذه التعقيدات الاسرائيلية قد تنقلب ذدها، فمن الصعب ان يقبل العالم ان تظل اسرائيل ذد التاريخ، وضد القانون الدولي والانساني، وفوق مصالح العالم كله.
فرنسا أم القنبلة النووية الإسرائيلية
د. مصطفى يوسف اللداوي-pnn
يبدو أن فرنسا التي تعتبر أم المشروع النووي الإسرائيلي تنتحب، فقد أسرع رئيسها فرانسوا هولاند إلى تل أبيب والخوف يسبقه، والقلق يدفعه، وهواجس القنبلة النووية الإيرانية ترعبه، يصحبه لفيفٌ كبير من الوزراء والنواب وكبار رجال الأعمال والصحافيين والإعلاميين الفرنسيين، محاولاً طمأنة الحكومة الإسرائيلية، بأنها لن تسمح لإيران باستكمال مشروعها النووي، ولن تمنحها الفرصة لامتلاك القنبلة النووية، وأنها لن تقبل بتهديد مستقبل مشروعها الأول، الذي رعته بنفسها قبل أن تتولى الإدارة الأمريكية رعايته والاهتمام به، فهي التي تولت كبر العناد والمكابرة في مفاوضات الدول الخمس الكبرى وألمانيا مع إيران في جنيف، وهي التي ارتفع صوتها دون غيرها بالرفض والاعتراض، خوفاً على مستقبل وأمن دولة الكيان.
من المعروف أن الحكومة الفرنسية هي التي تبرعت بإنشاء مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي الأشهر منتصف خمسينيات القرن الماضي، وتحديداً إثر العدوان الثلاثي على مصر، حيث أرادت الحكومة الفرنسية مكافأة إسرائيل على مشاركتها في العدوان، ودخولها المعركة معها إلى جانب بريطانيا، فكانت المكافأة الفرنسية أكبر مما كانت تتوقع الحكومة الإسرائيلية، التي طلبت من حكومة فرنسا أن تمكنها من حماية نفسها وحدودها من عدوان الدول العربية.
ومن المفارقات العجيبة أن الذي استقبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، هو الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، الذي يُعتبر أبو القنبلة النووية الإسرائيلية، وصانعها الحقيقي، فهو الذي تولى بحكم منصبه مديراً عاماً لوزارة الدفاع الإسرائيلية في العام 1956، إدارة المفاوضات السرية مع الحكومة الفرنسية، التي وافقت على طلب الحكومة الإسرائيلية، وزودتها بكل ما يلزم لبناء وتشغيل أول مفاعل نووي إسرائيلي، كما أنه أشرف بنفسه على تطوير قدرات بلاده النووية، بالتعاون مع كبار علماء الذرة الفرنسيين، وما زال إلى اليوم، وهو يترأس فخرياً دولة الكيان، يحرص على مشروعها، ويذلل الصعاب أمامه، ويرفض أي محاولةٍ لتحجيمه أو التأثير عليه.
فرنسا التي هرعت مجزوعةً إلى تل أبيب تطمئنها وتربت على ظهرها بأنها لن تتخلى عنها، ولن تتركها وحدها، ولن تسمحَ لدولةٍ بالاعتداء عليها، هي نفسها التي مكنت إسرائيل من إجراء أولى تجاربها النووية في صحراء الجزائر، فوق الأرض العربية الحرة الثائرة، وهي التي زودتها من قبل بمختلف أنواع الصواريخ والطائرات الحربية المقاتلة، التي شكلت نواة الجيش الإسرائيلي، وكانت عدته في الاعتداء على مصر وقطاع غزة، وكان لها أكبر الدور في اعتدائها الكبير على مصر وسوريا والأردن في حرب العام 1967.
جاء فرانسوا هولاند مهرولاً على عجل ليقول للحكومة الإسرائيلية نحن معكم، ولن نتخلى عنكم، وسنبقى إلى جانبكم، ندافع عنكم، ونمدكم بكل أسباب القوة، وعوامل الصمود، ولن نسمح لأحدٍ أن يعتدي عليكم، أو يهدد أمنكم وسلامة بلادكم ومواطنيكم.
لم يخجل هولاند من مواقفه، ولم يراع شعور الدول العربية التي تدعي أنها ترتبط بعلاقاتٍ طيبة مع الحكومة الفرنسية، بل جاهر من باريس بمواقفه، التي سبقته إلى كل الدنيا قبل أن تهبط طائرته في تل أبيب، وكررها بوضوحٍ وسفور في حضرة صانع القنبلة النووية الإسرائيلية شيمعون بيريس.
لا ينتاب الرئيس العجوز القلق، ولا يخالجه الشك، بأن دول أوروبا قد تتخلى عن أمن الدولة العبرية، فهو واثق من أن لندن وباريس وبرلين وغيرهم، سيكونون في الخندق الأول المدافع عن كيانهم، وأنهم لن يسمحوا بأي تفاهمٍ من شأنه أن يتيح الفرصة لاستكمال المشروع النووي الإيراني، وتمكينه من امتلاك تقنية صناعة القنبلة النووية، معتبراً أنه لا خوف على بلاده في ظل تصريحات قادة الغرب، بأن امتلاك إيران للقوة النووية لا يشكل خطراً على إسرائيل فحسب، بل إنه يشكل خطراً على أوروبا نفسها، وعلى الشرق الأوسط والعالم كله.
يبدو أن فرانسوا هولاند وبلاده قد عميت أبصارهم عن الجرائم الإسرائيلية، ولم يعودوا يروا الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون، قتلاً واعتقالاً ومصادرةً للأراضي والحقوق، وبناءً للمزيد من المستوطنات، وتوسعة القديم منها على حساب الحقوق الفلسطينية.
أو أنهم لا يرون الحصار الإسرائيلي المطبق على الفلسطينيين، في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، والمحاولات اليهودية المحمومة لتهويد القدس، واحتلال مسجدها الأقصى، وتحويله إلى كنيسٍ يهودي، ومزارٍ ديني لهم.
فرنسا اليوم تتصالح مع نفسها، وتنسجم مع تاريخها، وتعود إلى ماضيها، فتقف مع الإرهاب، وتساند الباطل، وتؤيد الظلم، وترعى الاعتداء، وتصادر الحريات، وتعتدي على الكرامات، وتجيز مصادرة الحقوق، وإهدار كرامة الإنسان.
كذبٌ هي المبادئ الفرنسية، وسرابٌ هي أفكار الثورة فيها، وزيفٌ هي شعاراتها ومبادؤها، فهي لا تقيم وزناً للعدالة، ولا تحرص على المساواة، ولا تقدم معايير الحق والعدل، ولا يهمها حقوق الإنسان، ولا تراعي القيم الإنسانية للشعب الفلسطيني، طالما أن الذي يخترقها هو إسرائيل، وأن الذي يعتدي عليها هو ربيبتها الأولى، التي كانت يوماً في حجرها صغيرة، وتربت في كنفها حتى أصبحت قوية، وقادرة على الجرح والإصابة.
تصعيد اسرائيلي ينذر بانهيار عملية السلام
سمير عباهره-وكالة معا
رفعت الحكومة الاسرائيلية من سقف سياساتها الاستيطانية وبدا انه تحد واضح للمجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية. فقد اقرت الحكومة الاسرائيلية بناء الاف من الوحدات الاستيطانية داخل الاراضي المحتلة وهذا تجاوز للقانون الدولي. واحدث قرار الحكومة الاسرائيلية ردود فعل صبت جميعها باتجاه ادانة هذا القرار وطالبتها بالتراجع عنه. فقد ادانت الولايات المتحدة الامريكية هذا القرار واعتبرت الاستيطان في الاراضي المحتلة عملا مخالفا للقانون الدولي والشرعية الدولية،وطالبت الحكومة الاسرائيلية بالتوقف عن بناء الوحدات الاستيطانية. اهداف اسرائيل واضحة جدا جراء هذا التصعيد المبرمج، فهي اشارة واضحة على عدم جديتها في المضي قدما في المفاوضات وتحقيق تسوية شاملة، وهي لا تريد ان تكون البادئة والمتسببة في توقف المفاوضات حتى تتجنب غضب الاسرة الدولية والمجتمع الدولي وتحميلها مسئولية فشل المفاوضات للمرة الثانية منذ بدئها. ولكنها تدفع بالجانب الفلسطيني للقيام بهذه الخطوة ليتحمل المسئولية الكاملة في فشل العملية السلمية وتخلي اسرائيل مسئوليتها حيال ذلك. سياسة الاستيطان كانت سببا رئيسيا في توقف المفاوضات بشكل كامل منذ ثلاث سنوات، وعلى ما يبدو ان اسرائيل راغبة في عودة الامور الى المربع الاول.
اتفاقية اعلان المبادئ للمرحلة الانتقالية قامت على مبادئ سياسية واضحة ومحددة، الا ان اسرائيل لم تلتزم بهذه الاتفاقيات بل زادت من خرقها المتواصل لها والقفز عما تم الاتفاق عليه وظلت العديد من القضايا الانتقالية دون تنفيذ من قبل الجانب الاسرائيلي حتى فقدت عملية السلام مصداقيتها. واليوم تحاول اسرائيل العودة بالسيناريو القديم الذي تم على اساسه توقف المفاوضات، وتصر على استخدام قوتها وقوة الامر الواقع برفضها التخلي عن الاستيطان، ومحاولة فرض تسوية تسمح لها بالسيطرة العسكرية المباشرة على الارض، وضم المستوطنات الى اسرائيل، ومنع قيام دولة فلسطينية متواصلة ومتصلة وقابلة للحياة.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ادرك نوايا اسرائيل واهدافها جراء هذا التصعيد، فكان موقفه واضحا جدا عندما صرح بان "اسرائيل تعلن نهاية عملية السلام" حيث ان مثل هذه السياسات لا تساعد على خلق اجواء ايجابية لانجاح المفاوضات. واذا كان نتنياهو يعتقد ان عودة القيادة الفلسطينية الى طاولة المفاوضات جاء نتيجة ضعفها وعدم امتلاكها خيارات وبدائل اخرى، وجاء للحفاظ على وجودها ومكتسباتها، وكانت مجبرة للتخلي عن شروطها التي وضعتها للعودة الى المفاوضات وفي مقدمتها وقف الاستيطان، فانه يكون قد تكون لدى نتنياهو فهما خاطئا جراء ذلك وشجعه على القيام بهذا التصعيد واصراره على استمرار سياسة الاستيطان. لكن نتنياهو لم يدرك ابعاد قبول الجانب الفلسطيني وعودته للمفاوضات والتي استجابت فيها القيادة لرغبة المجتمع الدولي ورغبتها في تحقيق سلام عادل يعيد الحقوق الفلسطينية لاصحابها، وجاءت لكشف عورة نتنياهو واختبار مدى جديته للعودة للمفاوضات وتحقيق السلام. وقد شكلت عودة القيادة للمفاوضات مفاجأة لنتنياهو الذي راهن كثيرا على عدم جدية الفلسطينيين للعودة الى المفاوضات في ظل رفضه الاستجابة للشروط الفلسطينية ووضعته تحت مسؤوليات دولية ومحلية من المفترض ان يعطي اجابات واضحة حول مدى التزامه بمواقف المجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية ، فاما تكون اجابية ويتوافق مع رغبة الاسرة الدولية وتكون عنده جدية لتحقيق السلام او يعلن رفضه للمفاوضات وهنا يمكن ان يضع نفسه في متاهات وفي حالة عداء مع الاسرة الدولية، فعمل على السير في الخيار الاول لكنه كان يبطن ما لا يظهر. نتنياهو لا يريد الوقوع تحت ضغط المفاوضات والضغوط الدولية الاخرى وخصوصا ان موافقته على العودة يجب ان تندرج تحت اطار مشروعية الحق والدولة الفلسطينية. لذلك قام نتنياهو باختيار اقصر الطرق لافشال المفاوضات وافشال توجهات القيادة الفلسطينية ودورها الذي اخذ في البروز مجددا واستطاعت ان تفرض نفسها على الاجندة الدولية وهذا ما ازعج نتنياهو.
نعم هناك اختلال في موازين القوى لصالح اسرائيل، لكن الجانب الفلسطيني لا زال يمتلك مواطن القوة التي تمكنه من فرض حضور قوي على الساحة الدولية فعدالة القضية الفلسطينية حاضرة واعتراف المجتمع الدولي بالحقوق الفلسطينية وباقامة دولته الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران 1967. وتسلحه بقرارات الشرعية الدولية تعتبر اسباب كافية لردع اسرائيل وجعلها تتراجع عن غطرستها.
وتعرف اسرائيل جيدا ومن خلفها الولايات المتحدة التي مارست الضغوط على الجانبين للعودة الى طاولة المفاوضات ان القيادة الفلسطينية تمتلك بدائل وخيارات اخرى يمكن استخدامها بالتوجه الى المنظمات الدولية ومحاكمة اسرائيل، وهذا يقلق اسرائيل التي طالبت الولايات المتحدة بالتوسط لدى القيادة الفلسطينية من اجل العدول عن قرارها بالتوجه الى المنظمات الدولية، لكن ذلك كان مقابل ضمان نجاح العملية السلمية وصولا الى قيام دولة فلسطينية.
عملية السلام تتجه نحو الانهيار اذا استمرت اسرائيل بهذا النهج الذي قد يؤدي الى انغلاق الافق السياسي، وعودة الامور الى وضع سيكون من الصعب العودة معها مرة اخرى الى طاولة المفاوضات فيما لو توقفت، لانه لا يمكن الرهان على سياسة الحكومة الاسرائيلية ولا على الرهان على الدول الراعية للعمية السلمية. المطلوب موقف دولي جاد يقوم على ارسال اشارات تحذير للحكومة الاسرائيلية بضرورة التزامها بقرارات الشرعية الدولية والمجتمع الدولي.
وعلى الولايات المتحدة ان تلتزم بالوعود التي قطعتها على نفسها، بان تتمخض المفاوضات عن قيام دولة فلسطينية، وفيما اذا كانت فعلا جادة في الوصول الى تسوية للقضية الفلسطينية. فهي التي بامكانها ممارسة الضغوط عليها، واذا كانت الولايات المتحدة غير راغبة في القيام بدور حاسم وممارسة الضغوط على اسرائيل فعلى الاقل اتباع دور متوازن في عملية السلام. علما بان هناك قناعة راسخة تتوفر لدى الولايات المتحدة بان الحفاظ على امن اسرائيل يتطلب الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة وغير ذلك لن تنعم اسرائيل بالامن والامان وستبقى المنطقة على شفا انفجار محتمل.
تراتيل في ظل وقائعنا الراهنة
يونس العموري-وكالة معا
غريب عن المكان.. ولعلي بالمواقيت الخاطئة أتي.. أو عساني لا أستوعب آهاتي.. وصرخاتي... وعذابات ذاتي.. أجلس الليلة وحيدًا.. بعد أن كان نهاري صاخبًا.. كيف القدس؟ وكيف أهلها؟ وبشرها وحجرها؟ وهل ما زالت عنيدة؟ أبية؟ صامدة؟ أم تراها استسلمت لمغتصبيها؟ كيف هم مجانينها؟ وعشاقها؟ ونساء القدس أما زلن جميلات؟ وحواريها؟ أما زال أحد بالانتظار بأزقتها لحبيبة بعد أن تسلل الظلام؟ كيف هي موسيقاها؟
أجلس غريبًا الليلة بعد أن انفض الجمع من حولي.. وكانت التساؤلات بعيونهم.. فللقدس تناقضاتها .. كما أنا.. بقليل من الصبر يستمعون الى كلامي وحديثي.. ولربما لا يحتملون أكثر.. ولعلهم قد شاهدوا صورتك مرتسمة بالتماع عيوني.. فحينما أحدثهم عن القدس تحضرين يا أميرتي.. كفراشة تحوم بالمكان.. تأتيني صارخة الجمال.. حاضرة بقسوة الشجن والأحزان.. وحينها تترقرق دمعتين ليس أكثر.. وتتشكل شظايا الصورة.. وبلحظة اشتياقي.. أنظم كلماتي.. وتختلط حروفي.. وأحلّق بأحاديثي.. وتصبحين أنت القدس والوطن.. وأستشعر اغتصابها.. وأزماتها.. وأشجانها بوجهك سيدتي.. وكما هي القدس منتظرة.. فأنت أيضًا تنتظرين.. لصفاء اللحظة.. ولهدوء الريح.. ولشبق أنوثتك.. وأنا الغريب دومًا عن المكان واللحظة.. استمع لموسيقاي وأسافر نحوكِ.. وأبدأ برحلة في مملكتي.. تكونين أنت.. فرعونية.. كنعانية.. بابلية.. مقدسية.. تتربع على عرش الحكاية.. وأعود لأحدثهم عن قدس الحكايا.. وممالك العشاق فيها.. ومن كان ينتظرها بمقهاه منذ أن كان.. وما هي إلا لحظات حتى أتكور على ذاتي وإياك.. لأنتظر معجزة اللقاء.. وعند انبلاج اللحظة من عالم الخيال إلى الوقائع المستحدثة يكون الكابوس بأن يأتيني ويقض مضاجع الحلم.. وروما أعلنت عن خيانتها وصكوك الغفران قد مُنحت للقاتل أخيرًا وأصبح المقتول ممعنًا بالجريمة، وما كان له أن يُقتل لولا أنه قد جاء بالدين الجديد.. والعشاء بعرف هؤلاء كان الكذبة الكبيرة.. ووفقًا لمقاييس حبرهم وعطاءات كهنتهم فلا بد من صياغة النصوص المقدسة لتستوي المعاني وفقًا للمتغيرات المتفق عليها..
انقلبت الموازين أيها السادة في قبائل روما الحاكمة، ودموع العذارى على معابد الرب قد صارت مشهدًا مزعجًا بأعراف القوانين الغازية لدهاليز كهنوت الضفة الثانية على شواطىء المتوسط.. ومنذ اللحظة قد صار للرواية مكامن أخرى وللحكاية وجهة مختلفة وللعشاء الأخير سيرة متعاكسة بأفئدة القابعين المنتظرين للبعث الجديد للسيد المسيح، وقد يكون ممكنًا منذ الآن تصديق رواية كبير سدنة المعبد القديم بأن ابن البتول ما كان له أن يأتي هناك.. ولم يتكلم بمهده وإن لم يشف المريض..
يا ابن مريم أُنبأتك أن معبدك قد دنس.. فسادة الروم بالرماح قد عادوا ليصلبوك مرة أخرى على مشانق أغصان الزيتون المقطعة أوصالها بجوار أسوار البلدة العتيقة.. وأنا هنا قابع بالمكان منتظرا للمعجزة من إشارة وبشارة..
وتلوح بالأفق جميلة تخترق الحواجز لتلقي مزاميرها وتجبرنا على الانصياع للنداء الأخير بالربع الساعة الأخيرة بالظرف الراهن، فقد تكون أورشليم قد أضحت الحقيقة ويكون التجوال سيد الموقف لسادة الفقراء في أقاصي الدنيا لنصرة عشاق القدس ومجانينها.. نعتلي المنصة ونمارس فن الصراخ كانعكاس للحظة التوق من قيود دبلوماسية الكلام، وللكلام أن يعبرعن كينونة الخوف فينا من أن تتغير أسماؤنا، ونتوه بصحاري التيه مرة أخرى باحثين لاهثين خلف سراب الماء المتدفق من هناك حيث العطشى للأمل... نقف لبرهة من الزمن قبل الصراخ وافتعال الضجيج... ويكون القرار بأن لابد من ممارسة أعتى أشكال الجنون..
كان العبور صعبا اتجاه الميادين، فالكل يبحث عن موطىء قدم لقوت يومه وسط الزحام واختطاف الكلام، والاجتهاد أن تعلو كلمة القدس فوق الأشهاد فيه الكثير من وجهات النظر.. كنا نحمل ثقل السنين والأنين..
نأتي إليكم محملين بآهاتهم ووجعهم، ونحاول أن نكون المؤدبين المؤدلجين الذين يجيدون احترام النساء، وكيفية الجلوس عند ارتشاف القهوة والعبث بالأسماء، ونستذكر أن لنا حاجة عندكم، فنجتهد بالتحليل والشرح وتقديم المعلومة وتفنيدها على أعتاب صناع القرار بالصحراء، وقبل ذلك كنا قد عبرنا إلى حيث صياغة التاريخ الجديد، لعل الضمير يؤنب من كان غافلاً على نصرة أم المدائن العتيقة، وكان الشاهد على الذبح من الوريد إلى الوريد.. قلنا الكثير من الكلام وحذرنا من لحظة الصحوة من أن تأتي متأخرة بعد أن تلفظنا القدس وتبكينا وتبكي رجالها ونساءها وعشاقها، وبكاء القدس حينها سيكون الأقسى.