اقلام واراء اسرائيلي 495
3/12/2013
العربية والعروبة عوامل وحدة وفرقة
في هــــــذا الملف
العربية والعروبة عوامل وحدة وفرقة
بقلم: امنون شاموش،عن يديعوت
بيريز في أبوظبي!
بقلم: ايتمار آيخنر ،عن يديعوت
أوباما والاتفاقات المرحلية
بقلم: يوسي بيلي،عن اسرائيل اليوم
انتهى زمن الجدال
بقلم: أوري اليتسور ،عن معاريف
مشكلة زعامة
بقلم: كلمان لبسكيند ،عن معاريف
التهويد اعلى درجات العنصرية
بقلم: أسرة التحرير ،عن هآرتس
بقلم: امنون شاموش،عن يديعوت
تختلف الشعوب العربية عن الشعوب الاخرى في عدة مواضيع هامة: اولا، لديهم هوية قومية مزدوجة: الاولى تشمل الانتماء، العزة والتماثل مع البلاد ومع الشعب القديم الذي قبل الاسلام والعروبة، والثانية شراكة عزيزية كجزء من الامة العربية. في مصر، مثلا، المصري يعتز ويتماثل مع الثقافة الفرعونية العتيقة والفاخرة، ولكن بقدر لا يقل عن هذا، يشعر نفسه رأس وأول في الامة العربية. مفهوم طوره ناصر أساسا. اليوم مشكوك أن يكون هناك ما يوحد الامة العربية، المفرقة والمحطمة سياسيا. وبالتأكيد ليست الجامعة العربية، التي لا تنجح في الاتفاق في أي موضوع.
وهذا هو الحكم بالنسبة للشعب العراقي، الذي يتماثل مع بابل، آشور وأرام النهرين، ولكنه يرى نفسه أيضا جزءا من الامة العربية. وهكذا بالنسبة للمغرب، التي تختلف ثقافتها وتاريخها المحلي، ولكنها تتطلع الى أن تشتمل في الامة العربية الكبرى وتؤثر عليها. القدامى بيننا يتذكرون محاولة توحيد الامة في دولة واحدة في البث العربي لـ ‘صوت الجمهورية العربية المتحدة’ من القاهرة والتي شملت سوريا ومصر. الموضوع الثاني الذي تختلف فيه الشعوب العربية عن الشعوب الاخرى هو اللغة العربية، التي توحدها. ولكنها تفرقها ايضا: فالعربية الفصحى الكلاسيكية، عربية الصحيفة، الكتاب والتلفزيون، تربط وتحاول رص صفوف الشعوب العربية كلها والتفريق بينها وبين الشعوب المجاورة الاسلامية التي لا تنطق بالعربية وليست عربية، كالايرانيين، الاتراك، الاكراد والافغانيين. ولكن اذا ما جلس معا مغربي، مصري، عراقي ويمني فسيجدون صعوبة شديدة في أن يفهموا الواحد الاخر، وذلك لان العربية الدارجة على لسان كل واحد منهم تختلف جدا وغير قابلة للفهم. وهم سيقرأون ذات الصحيفة وسيفهمون ما كتب فيها، ولكنهم لن يتمكنوا من الحديث بينهم ليفهموا الواحد الاخر. اللغة الادبية خلقت ثقافة عربية موحدة، يشترك فيها المثقفون من المغرب وحتى اليمن، ولكن الشراكة لا تصل الى السياسة التي تحلم بالامة العربية ولا يمكنها أن تتنافس مع الثقافة والفلكلور والمصالح لكل شعب وشعب، لكل دولة ودولة.
الاسلام هو الاخر يوحد ويفرق فمقابل كل عربي مسلم يوجد ثلاثة مسلمين ليسوا عربا، وليس لهم تقريبا أي اتصال وتماثل مع الشعوب العربية ومع اللغة العربية. واضافة الى ذلك، داخل الشعوب العربية توجد أقليات تتحدث العربية، ولكنها ترفض أن تسمى عربا، كالاقباط، اليهود، المارونيين، الشركس وغيرهم.
ولا يزال احد المواضيع القليلة التي تشغل بال كل عربي بصفته هذه، هو الموضوع الفلسطيني. هذا الموضوع يشغل بالهم عاطفيا كافراد، كدول ذات مصالح في الموضوع، كذوي مصالح دينية في الاراضي المقدسة وكمن يعرفون بان المشكلة لن تحل دون مساعدة واسناد العالم العربي بأسره. فقد تحدثت المبادرة السعودية صراحة عن السلام بين اسرائيل وبين كل الدول العربية، ولا أذكر موضوعا واحدا كان فيه اجماع شامل كهذا. ونحن فوتناها.
ان المصالح الاقتصادية والتطلعات السياسية تختلف جدا من دولة عربية واحدة وجارتها، فما بالك الشرخ الديني العميق بين الشيعة والسُنة. ولكن الصراع الاعمق الذي يفرق بين هذه الدول هو الصراع الاجتماعي والسياسي بين المسلمين المتزمتين والمتطرفين الذي أخذ حلمهم في فرض قوانين الشريعة على بلدانهم يتبدد مع الربيع العربي وبين العلمانيين الليبراليين الذين يريدون حياة حرية لهم واساسا لنسائهم وبناتهم. وهم يستخدمون كلمة الديمقراطية كي يتلقوا المساعدة من الغرب ولكنهم يقصدون العلمانية، الليبرالية، والحياة اليومية على النمط الغربي. هذا ما يحصل اليوم حولنا.
في الفترة الاخيرة نشأت شراكة مصالح بيننا وبين بعض الدول العربية في الموضوع السوري والايراني. مشوق أن نعرف الى اين سيقود هذا.’
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بيريز في أبوظبي!
بقلم: ايتمار آيخنر ،عن يديعوت
حدث كهذا لا نراه كل يوم: رئيس الدولة شمعون بيرس ظهر قبل نحو اسبوعين امام 29 وزراء خارجية دول الخليج، الجامعة العربية ودول اسلامية أخرى. وبين الحاضرين الذين سمعوه كان أيضا ابن ملك السعودية.
وكان الحدث التاريخي وقع في قمة أمن الخليج، التي عقدت في ابو ظبي بمشاركة وزراء خارجية البحرين، اتحاد الامارات، الكويت، عُمان، اليمن، قطر وكذا وزراء خارجية دول الجامعة العربية ودول اسلامية اخرى كاندونيسيا، ماليزيا وبنغلادش. وقد ظهر بيرس امام كل الحاضرين من خلال حديث فيديو بث في القاعة، وهو يجلس في مكتبه في القدس ومن خلفه علم اسرائيل.
وكان وقف وراء الظهور النادر تيري رود لارسن، مساعد الامين العام للامم المتحدة، ومارتين اينديك، المبعوث الخاص للادارة الامريكية للمفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين.
وكان لارسن هو الذي جلس على المنصة وأجرى اللقاء مع بيرس الذي تحدث مباشرة اليه والى محادثيه العرب. وحسب الاتفاق المسبق، لم يتوجه وزراء الخارجية لبيرس مباشرة وهو من جانبه تحدث فقط مع مدير الجلسة. واضافة الى ذلك اشترط منظمو الحدث دعوة الرئيس بعدم تسريب مضمون حديثه.
اتحاد الامارات، الذي نظم قمة الامن في الخليج، اختار بيرس لافتتاح المؤتمر الامر الذي يدل على الاهمية التي تولى لرئيس دولة اسرائيل في هذا الوقت، وأكثر من ذلك للعلاقة مع دولة اسرائيل في ضوء العدو المشترك ايران. وعندما تحدث الرئيس لم يخرج احد من القاعة وفي ختام حديثه صفق له الحاضرون.
وكان من كشف النقاب عن ظهور الرئيس هو المحلل الكبير في ‘نيويورك تايمز′ توم فريدمان الذي حضر هو نفسه الحدث وتأثر بالموقف. ومع ذلك فانه لم تغريه رواية ما قاله بيرس.
إذن ما الذي على أي حال قيل هناك؟ علم أن بيرس تحدث عن أن اسرائيل يمكنها أن تكون جهة مساهمة في الشرق الاوسط، ذكر أنه توجد فرصة للحوار في ضوء الهدف المشترك الكفاح ضد التطرف الاسلامي والنووي الايراني، وعرض رؤياه للسلام العالمي.
قال مصدر مطلع ‘كان هناك تأثر شديد من الطرفين بظهوره’، غيما اكد مصدر كان مشاركا في تنظيم الحدث. ‘فهم الجميع بان هذا أمر تاريخي: رئيس دولة اليهود يجلس في مكتبه في القدس مع علم اسرائيل، وهم يجلسون في الخليج الفارسي ويبحثون في الامن، الحرب ضد الارهاب وفي السلام’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أوباما والاتفاقات المرحلية
بقلم: يوسي بيلي،عن اسرائيل اليوم
إن خريف واشنطن الجميل البارد قد يُضلل لأنه يوجد في الداخل دفء. فالادارة التي نالها في الاسابيع الاخيرة انتقاد لاذع بل مسموم في شأن قانون الصحة (بسبب سقوط الموقع في الشبكة وصعوبة التسجيل لشركات التأمين) تشعر آخر الامر بتخفف كبير. والتقدير هو أن الاتفاق المرحلي مع ايران يمنح سياسة اوباما كيري تفويضا جديدا.
لم أجد خوفا من مستقبل العلاقات باسرائيل. إن الردود في البلاد يُفحص عنها بصورة دقيقة ومن الواضح أنها متنوعة: فقد انتقل نقد نتنياهو من كونه شديدا جدا ليصبح شديدا. وأطرى بيرس. وكان عدد من وزراء الحكومة ايجابيين لكنهم حذرون، وانقسم الجمهور، وتميل وسائل الاعلام الى منح ما أُحرز أملا. والتقدير هو أنه كلما مر الوقت وقوي تقدير أن الاتفاق سيُنفذ، سيقوى تأييده ويتغلغل الى الوعي أن اسرائيل تتحرر من ظل ثقيل لعملية عسكرية، امريكية أو اسرائيلية، كان يمكن أن تفضي الى رد ايراني غير بسيط.
وفيما يتعلق بـ ‘التل’ فان التحليل الحالي هو أنه حتى لو تقرر في مجلس النواب تشديد العقوبات فسيُتحدث عن سن قانون سينفذ بعد انقضاء أجل الاتفاق المرحلي، أي بعد ستة أشهر، اذا تبين فقط أن ايران لا تفي بالتزاماتها.
ثم من يرون ذلك مساعدة للاتفاق ويعتقدون أن البيت الابيض يجب ألا يعبر عن معارضة لذلك. ويصعب أن نؤمن بأن يطلب اعضاء من مجلس النواب تشديد العقوبات الآن لأن هذا العمل سيفضي الى إلغاء ايران للاتفاق فورا، ولن تتحمس اوساط الانتخاب في الولايات المتحدة لأن منتخبيها يُعطلون احتمال الامتناع عن مواجهة عسكرية في الشرق الاوسط. وفي اسوأ الحالات سيستعمل اوباما حقه في نقض ذلك.
وفيما يتعلق بالتفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين يرفض من تحدثت إليهم تماما امكانية ألا تطلب الولايات المتحدة من الطرفين التصالح، في الطريق الى اتفاق مرحلي أو اتفاق دائم، لتعويض حكومة اسرائيل عن الاتفاق مع ايران. والحديث من وجهة نظر اوباما وكيري عن اجراء يضائل التهديدات لاسرائيل مضاءلة شديدة ويُمكّنها من أن تخاطر مخاطرات محسوبة في جبهات اخرى. ولا يعتقدان أن عدم رضا قيادة الحكومة عن الاجراء المفاجيء مع ايران الذي لا يضمن فقط تجميد الوضع القائم ورقابة لا مثيل لها بل رجوعا جزئيا ايضا عن التخصيب الذي قد تم من قبل يُسوغ ‘تسهيلات’ في القناة الاسرائيلية الفلسطينية.
إن عكس ذلك هو الصحيح. لأن وزارة الخارجية الامريكية تستعد لعمل شامل جدا يفترض أن يُغلف تسوية في المستقبل في دعم اقليمي ينبع من المبادرة العربية، وفي خطط اقتصادية وتمويلية تُمكّن من تنفيذ الاتفاق في المستقبل. وجُند خبراء في مجال التفاوض في الشرق الاوسط لوزارة الخارجية الامريكية لعلاج جوانب مختلفة من التسوية في المستقبل ولاعداد الوثيقة الامريكية التي يفترض أن توضع على طاولة الطرفين بعد بضعة اسابيع اذا لم يتوصل الطرفان نفسهما الى اتفاقات في مجالي الامن والحدود على الأقل. إن كيري يريد أن يركب موجة النجاح، وإن الشعور في الطابق السابع في وزارة الخارجية هو بأن الدعم الرئاسي لذلك أقوى مما كان دائما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
انتهى زمن الجدال
بقلم: أوري اليتسور ،عن معاريف
هل مخطط برافر يعرض على البدو أكثر بكثير مما هو مناسب أم أقل بكثير مما هو معقول؟ يدعي نشطاء يمينيون وصهاينة بأنه يعرض أكثر مما ينبغي، بينما نشطاء اليسار والنواب العرب يدعون بأنه يعرض أقل بكثير مما ينبغي. في الفترة الاخيرة قرأنا وسمعنا الرأيين بتوسع وبحماسة وخرجنا مشوشين، إذ هؤلاء واولئك يقولون أمورا ذات معنى. فمن جهة، صحيح أنه لا يوجد أي مواطن يهودي يحصل مقابل كوخ أو خيمة بناها دون ترخيص، على دونم ارض مجانا (واذا كانت لديه ثلاث زوجات فسيحصل على ثلاثة دونمات وسيبني ثلاثة منازل)، واضافة الى ذلك سيحصل على مبالغ مالية كبيرة لغرض بناء بيته.
من جهة اخرى، فان البدو الذي يُخلى من كوخه البائس هو مواطن اسرائيلي ولد على هذه الارض. هو أو أبوه استحقوا قطعة الارض إياها بحكم حقيقة أن الدولة لم تعرض على أي منهما شيئا غير هذا’ الكوخ وقطعة الارض غير المحددة حوله، ولم تحدد لنفسها أبدا ما هي فكرتها على مستقبله، وما هو برأيها المعنى القانوني لذاك الاستيلاء الذي بأثر رجعي.
ولا بد أن هناك العديد من البدو ممن استولوا على اراض جديدة لم تكن بحوزة آبائهم. معظم الحجج المؤثرة عن ‘القرية التي توجد على الارض من مئات السنين’ هي قصص الجدة. وحتى لا حاجة من اجل هذا الى صور جوية قديمة. فلا يزال يعيش بيننا العديد من الناس ممن قاموا بالتدريبات في النقب في الخمسينيات والستينيات ولهم (لنا) لا يمكن على الأقل بيع هذه الأساطير عن أجيال الاستيطان اليهودي. فقد كان النقب شاغرا ومقفرا. هنا وهناك كنت ترى خيمة بدوية، اليوم هنا وغدا تنتقل الى مكان آخر، وبين خيمة وخيمة مساحات فارغة. لا قرى ولا بلدات، لا منازل ولا أكواخ.
وهذا في واقع الامر أمر مفهوم من تلقاء نفسه. في الخمسين سنة ضاعف البدو عددهم عشرة أضعاف ولهذا فمن المتوقع أنه في المكان الذي كانت في حينه خمس خيام توجد الآن مئة، ولكن لما كانت شروط المعيشة هي الاخرى تغيرت، فان من كان بوسعهم أن يكتظوا قبل خمسين سنة في مئة خيمة يحتاجون اليوم الى 300 كوخ ومنزل. وهاكم لماذا الطرفان مُحقان: واضح أن 300 مبنى اليوم توجد على ارض أوسع بعدة أضعاف، وواضح ايضا بأن الحمولة الصغيرة من خمس خيام كانت ترتزق أساسا من الرعي، ولهذا فقد كانت تتنقل من مكان الى مكان، فيما أن القبيلة الكبيرة التي نشأت عنها اليوم باتت أكبر من أن ترتزق التنقل وهي ملزمة بأن تستولي لنفسها على قطعة ارض دائمة. ولهذا فانهم محقون من يقولون إن معظم البدو لا يتواجدون على ارض آبائهم بل يسيطرون على اراضي الدولة.
ولكن محقون ايضا من يقولون إنه كون السكان ازدادوا بهذا القدر فلم يعد ممكنا مطالبتهم الاكتفاء بالارض التي كانت لديهم أو تحت تصرفهم عندما كانوا أقل بعشرة أضعاف، وعمليا لم تسمح لهم الدولة بامكانية اخرى غير السيطرة على الاراضي الصحراوية والعيش منها وعليها.
لا يوجد حل لهذه المعضلة يرضي الجميع. ودوما سيكون هناك من سيطلب التوقف والتفكير من جديد أو اجراء المزيد من الحوار. وستكون النتيجة دوما أن في هذه الاثناء لا تتم تسوية الاستيطان البدوي، وفي هذه الاثناء تتواصل السيطرة على المنظمة وتتعاظم وكذا المشكلة تواصل التفاقم.
السؤال الآن ليس اذا كان المخطط هو الأفضل بل اذا كان يوجد مخطط ما واذا كانت الدولة تعمل بحساسية وتصميم كي تنفذه. لقد انتهى الزمن للتعديلات والتحسينات والحوار والتفكير الآخر. من لا يريد الوصول الى تمرد وانتفاضة وارهاب يجب أن يقبل بالمخطط الموجود وأن يطبقه حرفيا. دون محاولات للتذاكي ودون تنازلات، دون تزوير زائد في صالح أي من الطرفين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مشكلة زعامة
بقلم: كلمان لبسكيند ،عن معاريف
عدد لا يحصى من المرات كتبت هنا ضد المخطط لتسوية الاستيطان البدوي في النقب. ألف تفسير أعطيت هنا لماذا هو سيء للدولة، ولماذا هو غير عادل، ولماذا سيفاقم الوضع في النقب فقط، ولماذا كل من يتبنى سلطة القانون أو الفكر الصهيوني لا يمكنه أن يؤيده. والآن، وبالذات بعد اعمال الشغب العنيفة في نهاية الاسبوع، بودي أن أعرض الوضع من زاوية نظر البدو، كي أقترح الانصات لهم ايضا. ولما كنت عنيت كثيرا بجوهر التسوية، أقترح الحديث هذه المرة عن الجانب الفني والفهم بأن احيانا يوجد في الفن ايضا الكثير من الجوهري.
على مدى فترة طويلة يحث ديوان رئيس الوزراء المخطط. واذا كنا سنصدق الوزير السابق بني بيغن، الذي عُين ليقود خطوة الاستماع الى هذا الوسط، فانه التقى لغرض هذا الامر مع 600 بدوي وسمعهم. وإلا ماذا؟ أحد من الـ 600 هؤلاء لم يسمع منه بالمقابل ما لدى بيغن ليرويه له عن مستقبله. أحد منهم لم يخرج من اللقاء معه مع فهم أخضر حول ما ينتظره. نحن نوجد منذ عدة سنوات في داخل الخطوة، والحكومة اتخذت قرارات، ولجنة غولدبرغ رفعت توصيات، وسلطة تسوية الاستيطان البدوي حظيت بالميزانيات، ومكاتب العلاقات العامة استؤجرت من اجل الشرح، والكنيست صوتت بالقراءة الاولى ولا يزال أحد في المنظومة ليس قادرا على أن يتحدث عن هذا المخطط حتى ولا بتفصيل واحد ذي مغزى.
يخدعون الجميع
لا يوجد بدوي واحد، وليس فقط بدويا، يعرف كم بلدة جديدة تخطط الدولة لاقامتها وأين. أحد لا يعرف كم بدويا يمكنه أن يسكن في هذه البلدات الجديدة. أحد لا يعرف، حتى بعد القراءة الدقيقة للمخطط أي من العشائر التي توجد اليوم في الشتات في مبان غير قانونية ستمنح الدولة امكانية أن تُقيم بدلا منها بلدة قانونية، وغيرها لن تمنحها. في هذا الوضع لا عجب في أن البدو يثورون. صحيح أن عنفهم مرفوض وأعلام منظمة التحرير الفلسطينية التي يرفعونها تثير افكارا عن جوهر كفاحهم. ولكن ما الذي بالضبط تنتظره دولة اسرائيل ممن تدور من فوق رؤوسهم اجراءات ستقرر مصيرهم، ولا أحد يروي لهم ما الذي يُخطط لهم بالضبط؟.
ليس فقط البدو هم الذين يخدعهم ديوان رئيس الوزراء، بل النواب ايضا. ففي الاسابيع الاخيرة تجدهم يجلسون في لجنة الداخلية للبحث في اعداد القانون للقراءة الثانية والثالثة ويبحثون في مسألة لا يعرفون عنها شيئا تقريبا. فديوان رئيس الوزراء لا يقدم لهم ايضا ما يكفي من التفاصيل، كما أنهم لا يعرفون كم من الاراضي ستُنقل الى البدو وأين هي على الخريطة. لا شيء. قبل التصويت الأولي في اللجنة الوزارية أودع رئيس مجلس الامن القومي، يعقوب عميدرور، رسالة في يد الوزير أوري اريئيل كي يقنعه بتأييد المخطط. ويدور الحديث عن وثيقة هامة تحدد جداول زمنية وترسم مناطق مخصصة لبلدات جديدة ومناطق مخصصة للاخلاء. وهذه الوثيقة ايضا يخفيها ديوان رئيس الوزراء عن النواب وعن البدو.
لماذا يحصل هذا؟ لأنهم في ديوان رئيس الوزراء يعتقدون بأنه اذا ما انكشف المخطط فان البدو سيعملون ضده لأنهم سيفهمون كم منهم سيضطر الى نقل مكان سكنه، واليمين سيعمل ضده لأنه سيفهم بشكل ملموس كيف سيبدو النقب بعد أن تُنقل مئات آلاف الدونمات بالطابو الى البدو.
صوتوا دون أن يعرفوا!
كيف يمكن هذا؟ بسيط جدا. ‘حكم الموظفين’، يسمى هذا. هذا المخطط، الذي سيغير وجه النقب، لم يُعده من انتخبهم الجمهور كي يرسموا السياسة ويقرروا وجه الدولة. هذا المخطط وضعه موظف واحد، أودي برافر، رئيس قسم تخطيط السياسة في ديوان رئيس الوزراء. الوزراء الذين لا يريدون النزاع مع نتنياهو صوتوا الى جانبه دون أن يعرفوا عنه شيئا. وبعضهم ممن تحدثت معهم لا يوجد لديهم أي فهم، حتى بعد أن صوتوا الى جانبها، ما هو معنى الورقة التي صوتوا لها.
هكذا في اعداد المخطط، وهكذا في تنفيذه. بني بيغن يقول في لجنة الداخلية في الكنيست إن الدولة لن تتدخل في الاجراءات القانونية التي تجري اليوم في المحاكم بين الدولة والبدو. اذا هو يقول. أودي برافر يطلب في هذه الاثناء من الموظفين في وزارة العدل وقف كل الاجراءات بسبب المخطط. اذا من الذي يُدير الامور ومن الذي يقرر السياسة؟.
يوجد موضوع هام آخر. لقد قررت الدولة استثمار العديد من الملايين في بلدات البدو. هذا قرار هام وضروري. ولكن ماذا؟ كل هذا الاستثمار، اليوم وأساسا في المستقبل، يتم من فوق رأس زعماء الجمهور المنتخبين للبدو.
سلطة تسوية الاستيطان البدوي تأتي الى رئيس السلطة المحلية، فقط لغرض ضرب مثل، وتقول له: ‘لدينا 5 ملايين شيكل، قررنا أن نرتب لك الأرصفة في حي 28′. ‘لحظة’، يقول رئيس البلدية، ‘بالذات هناك الأرصفة على ما يرام، كنت أفضل الحي 30. في واقع الامر أتعرفون؟ الأرصفة بوضع معقول، حبذا لو بنينا بهذا المال قاعة سينما’.
لرئيس السلطة، في هذه الحالة، لا يوجد أحد يتحدث معه. فهو لا يقرر شيئا. الدولة تقرر ما العمل لديه، الدولة تطلق العطاءات، الدولة تختار المقاول، الدولة تسلمه العمل. وكل شيء من فوق رأسه ومن فوق رؤوس سكانه. هكذا لا تُدار الدولة، هكذا لا تُبنى الثقة. ولا حاجة الى أن يكون للمرء الموقف البدوي في مسألة الاراضي كي يقول هذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
التهويد اعلى درجات العنصرية
بقلم: أسرة التحرير ،عن هآرتس
في دولة اسرائيل يعيش ابناء الشعبين، يهودا وعربا، اغلبيه واقلية. الجميع مواطنو الدولة والمعاملة معهم يجب ان تكون متساوية. هذه الحقائق الاساسية، الحجر الاساس لكل نظام ديمقراطي، تقوض الان مرة اخرى.
تبلور دائرة الاستيطان في الهستدروت الصهيونية، الذراع التنفيذي للحكومة، خطة لـ ‘تهويد الجليل’ ولخلق ‘توازن ديمغرافي’ مع السكان العرب. وقد افادت تسفرير رينات في ‘هآرتس′ أمس بان ‘هدف الخطة هو استيعاب 100 الف يهودي في الجليل وانها تستهدف اعطاء ‘تعبير للسيادة الاسرائيلية عن طريق الفعل الاستيطاني’.
هذه الخطة يجب سحبها فورا. فالسيادة الاسرائيلية على الجليل لا تقف عند أي اختبار. اغلبية يهودية أم عربية كل سكان الجليل هم مواطنو الدولة وهكذا يجب معاملتهم.
الدولة التي تشجع ابناء شعب ما على السكن في اقليم ما، وفي نفس الوقت تفرض قيودا متشددة على تنمية الحاضرة لابناء الشعب الاخر، تتصرف بعنصرية. لا يوجد أي سبيل آخر لوصف سلوكها.
اسرائيل، التي تكاد لا تسمح منذ 1948 باقامة بلداة عربية جديدة في الجليل، في الوقت الذي تتفجر فيها البلدات القديمة من الاكتظاظ بسبب انعدام الاحتياطات من الاراضي؛ والتي تطور مناطق صناعية تقريبا حصريا في البلدات اليهودية؛ والتي صادرت قسما هائلا من اراضي العرب في الجليل منذ 1948، والتي تدعو على نحو تظاهري الى ‘تهويد’ هذا الاقليم اياه، هي دولة تتصرف بعدم عدالة تجاه مواطنيها.
‘منذ فترة السور والبرج لم يتغير شيء’، كتب أول امس وزير الخارجية افيغدور ليبرمان على صفحته على الفيسبوك، في ضوء المظاهرات ضد مخطط برافر الذي من المتوقع أن يؤدي الى اخلاء عشرات الاف البدو من البلدات غير المسوية التي يعيشون فيها. وادعى قائلا: ‘نحن نكافح في سبيل الاراضي القومية للشعب اليهودي’.
وسواء كان مخطط برافر مجديا للبدو، مثلما تدعي الحكومة، ام انه سيضر بهم، مثلما يدعي المحتجون فان اقوال وزير الخارجية هي اقوال لا تطاق. منذ ايام السور والبرج، طرد العرب من قراهم ومصادرة الاراضي في النقب وفي الجليل، قامت دولة.
سيادة الدولة على اراضيها لا تحتاج الى أي ‘تعزيز′. ما يحتاج حاجة ماسة الى التعزيز هو طابعها المتساوي، غير العنصري، غير القومي المتطرف وغير الظالم.
النقب والجليل ينبغي للدولة ان تطورهما، من أجل كل المواطنين، اليهود والعرب. كل سلوك أخر من شأنه أن يفاقم الاغتراب الذي يشعر به المواطنون العرب ويصعد اكثر احتجاجهم أكثر فأكثر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
