اقلام وآراء
(485)
الخميس
19/12/2013
عاصفة تكشف عورة الكبار
بقلم مصطفى الصواف عن الرأي
المتاهة
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
المشروع الوطني الفلسطيني ..إلى أين؟
بقلم خالد وليد محمود عن فلسطين اون لاين
المقاومة الفلسطينية وهذيان المفلسين
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
الكراهية عشق الطرف الآخر
بقلم فايز أبو شمالة عن فلسطين اون لاين
هل كانت الشعوب جزءاً من المشكلة؟!
بقلم لمى خاطر عن فلسطين اون لاين
"وحوحة" تحت البطانية
بقلم وسام عفيفة عن الرسالة نت
خافضة رافعة
بقلم محمد إبراهيم المدهون عن الرأي
عاصفة تكشف عورة الكبار
بقلم مصطفى الصواف عن الرأي
كشف المنخفض الجوي الذي تعرضت له فلسطين في الأسبوع الماضي حقائق كثير بعضها مشرف ويدعو للأمل ويؤكد على أصالة شعبنا الفلسطيني، وفي نفس الوقت كشف عن قصور كبير لدى عدد من المؤسسات وقفت موقف المتفرج وهي مؤسسات وازنة عندما ننظر إلى ما تعلنه عن ميزانيات سنوية وتحدد حجم الأرباح والتي تقدر بملايين الدولارات، وعندما تحركت تحركت وهي تحمل دراهم معدودة قامت بتوزيعها بشكل عشوائي وغير منظم ودون العودة إلى الجهات التي تملك المعلومة ولديها قوائم المتضررين ونوعية احتياجاتهم.
لقد لوحظ تقصير كبير من وكالة الغوث التي من المفترض أن تهتم بما نسبته 70% من سكان قطاع غزة كونهم مسجلين في قوائم اللاجئين، هذه الوكالة لست معنيا الآن الحديث عنها وعن تقصيرها وما هي واجباتها، لأنني على يقين أن ما بات يحرك الوكالة اليوم هي رياح سياسية مخابراتية أمنية أكثر من كونها تعمل وفق النظام التي قات عليه وهو الغوث وتشغيل اللاجئين ورعايتهم والاهتمام بهم حتى يعودوا إلى ديارهم التي هجروا منها، لذلك الحديث عن الوكالة ودورها يحتاج إلى مناقشات واسعة وتبيان عوار سياسة الوكالة الراهنة وكيف تحولت إلى شيء مختلف عما كانت عليه.
ولكن الأهم هو المؤسسات ( الوطنية ) التي تجبي الأرباح من المواطنين والذي للمجتمع حقوق عليها في الظروف العادية فكيف عندما يتعرض هذا المجتمع لكارثة إنسانية تسببت بمأساة تكون مسئوليتها أكبر وجاهزيتها للعمل والتعاون أسرع لا يقتصر فقط على الوقوف متفرجين وعندما تحركوا من اجل الدعاية والتصوير وليس من أجل الإغاثة الحقيقية رغم ما قدموه وهو قليل جدا بالنسبة لما هو مأمول منهم خاصة أن هذه المؤسسات وهي تمثل قطاعات مهمة لم تتعرض للضرر وهي تمثل قطاع البنوك ولاتصالات وبعض الشركات المختلفة، صحيح أنهم لم يكونوا جميعا على نفس المستوى ولكن ما قاموا به ليس بالقدر الذي كان مطلوبا ولا بالسرعة التي يجب أن يتحركوا بها.
المواطن العادي والذي حمل روحا عالية وقدم كما يقول المثل من اللحم الحي رغم الظروف المالية والاقتصادية التي يعيشها ونزع عن إنه أو عن نفسه غطاء ليغطي به طفلا أو أم أو أسر غرقت بيوتهم وتاهت معالمها وخرجوا فقط بملابسهم ناجين بأرواحهم ، هؤلاء المواطنون تحركوا بمسئولية عالية ولم ينتظروا أن يتصل بهم احد وكانوا يقفون إلى جانب المنقذين والمغيثين ساعات طويلة خاطروا فيها بأرواحهم ، أما تلك المؤسسات فلم تشعر بألم الغارقين ولا بحاجتهم وللأسف بعضهم أغلق وسائل الاتصال به هروبا من تحمل المسئولية، وبقي يعيش في تدفئته المركزية ويتناول أشهى الأطعمة ويتفرج على أفلام الكرتون ويتسلى بأشهى المكسرات.
نحن نتمنى للجميع الخير ولا نتمنى أن يمر احد بما مرت به الأسر المنكوبة، ونتمنى السلامة للجميع، ولكن نوجه تذكيرا للجميع أن هناك الآلاف من الأسر هي بحاجة إلى التحرك الحقيقي من أجل إعادة الحياة لها وان الفرصة لازالت قائمة وان هذه المؤسسات التي قصرت عليها أن تتحرك بما يمليه عليها ضميرها الإنساني وواجبها الوطني وإلا سيذكرها المواطن في مواطن التقصير والسوء وهذا ما لم نتمناه أن يكون.
خافضة رافعة
بقلم محمد إبراهيم المدهون عن الرأي
" أليكسا " منخفضٌ جويٌ قاسٍ واسع النطاق في مشرقنا العربي كشف عن وجوه عدّة في علاقتها مع غزة وأهلها. وكشف عن بنية تحتية غزية لا بأس بها لكنها لا تتناسب مع موجة بهذا الحجم والحصار الظالم زاد البنية التحتية الغزية إرهاقاً وضرراً.
هذه الموجة ألحقت أضراراً في غزة بقيمة زادت عن 64 مليون دولار وأغرقت غزة بـ 300 مليون متر مكعب بـ 92% من المعدل السنوي للأمطار، حيث بلغ منسوب المياه 4 أمتار في بعض المناطق بسرعة رياح 70كم بالساعة، مما أدى إلى تشريد 7000 أسرة والبالغ عددهم 42000 فرد آواهم 19 مركز إيواء إنساني.
شكراً للشدائد فقد عرفت بها الصديق من غيره، وهكذا كانت موجة كاشفة لمستوى الجاهزية ومدى العلاقة مع حس الجماهير، كما كانت ناظمة وضابطة لمستوى القدرة على استيعاب موجة غير مسبوقة جعلت أجزاء من محافظات غزة أنهار ماء جارية في الطرقات.
كما أن " أليكسا " في يومياتها ونتائجها رافعة خافضة لتمثل غزة في شدائدها ترمومتر المصداقية ومقياس الأمة لذا كان لدينا رسم بياني واضح المعالم بيّن التضاريس علينا الإستشراف من خلاله للوحة المستقبل لغزة السابحة ضد تيار السقوط في بحر متلاطم الأمواج.
حكومة المقاومة والبلديات وعلى رأسها رئيس وزرائها الذي قدم نموذجاً للقيادة النابضة بالخير والهمة رفعهم الله في هذه المحنة بما قدموه من إجراءات متواضعة رغم شح الإمكانات وضعف المقدرات، ولم تكن الجاهزية قبل المنخفض تتلاءم مع حجم الكارثة، ولكن أثناء الموجة كانت الحكومة على تماس مباشر مع أزمة غير مسبوقة بهمة ومثابرة وروح فلسطينية عالية تتناسب مع حس المسئولية العام.
"أليكسا" وهذه الموجة الكاشفة تضع أمام الحكومة سؤال وماذا بعد؟ والكشف عن مستوى الجاهزية لمواجهة موجات أخرى لا سمح الله؟ بالتأكيد ما يُطرح من رؤية لمشاريع استراتيجية تساهم في توفير معدات وتطوير البنية التحتية بما يمكن أن يخفف من آثار تترتب على أي موجة جديدة.
حماس حس الجماهير أكرمها الله في ذكرى انطلاقتها بالرِّفعة، وبالاحتفال بيومها بطريقة هيأها الله تتناسب مع حماس ومشروعها الملتحف بالشعب الفلسطيني فانتفض شبابها وشباب كتائبها في وديان غزة وشوارعها وأزقتها منقذين وداعمين ليخرج حفل الانطلاقة بأبهى صورة وبشكل غير مسبوق. ولعل القليل من الفصائل الفلسطينية أمثال الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي كذلك وقفت إلى جانب شعبنا فرفعها الله تبارك وتعالى.
رفع الله القليل من مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص الذين مدوا يد العون والغوث لشعبنا مثل الهلال الأحمر، والصليب الأحمر والإغاثة الإسلامية وبرنامج الغذاء العالمي، ولكن للأسف بعض مؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع المدني ومنها شركات في القطاع الخاص وقفت متفرجة على تشريد جديد لعدد من عائلات شعبنا ثم بدأ بعضها على استحياء بمساهمات متواضعة لا تتناسب مع حجم الكارثة التي لحقت بشعبنا، ولعل هذه المؤسسات بحاجة إلى استدراك لمعالجة دورها الباهت في الكارثة. قطر الخير والنخوة والشهامة العربية الأصيلة ممثلة بأميرها الشاب رفعها الله فكانت الأسبق والأسخى في مواجهة غرق غزة.
فكانت مساهمة قطر في إغاثة غزة وإضاءة عتمتها بـ 60 مليون دولار منها 10 مليون دولار ضريبة وقود لصالح مالية سلطة رام الله؟! وكانت تركيا النخوة الإسلامية عبر اجتماع عاجل لمؤسسات الإغاثة الإنسانية في تركيا وتمويل 6 مليون دولار لصالح إغاثة غزة على أن تصل إلى 64 مليون بإذن الله.
مثَّل الاحتلال وجهاً ماكراً في التعاطي مع غزة ومصابها فمن جهة يملأ الدنيا ضجيجاً بإرسال مضخات للمساعدة، ومن جهة أخرى فإنه يفتح السدود لمزيد من الغرق بمياه الأمطار والمجاري ويعلن أحد قادة جيشهم أنهم هدفوا من ذلك إلى كشف أنفاق المقاومة.
الإعلام الفلسطيني كما عهدناه جندياً معلوماً في ميادين وملاحم العمل في تنوعها فأعلى الله بهم شأن الشعب الفلسطيني وأبرز على ألسنتهم وأقلامهم وكاميراتهم حال شعبنا وجرحه النازف وقد رفعهم الله تبارك وتعالى.
"أليكسا" كانت كاشفة وفاضحة ورافعة وخافضة ومنبهة ومؤثرة لعلها محنة أرادها الله منحة فزادت ساعات إضاءة غزة على طريق الإنارة الكاملة بإذن الله تعالى. أضاء الله عتمة غزة وأعلى شأن رافعي لوائها وأعتم الله ليل ظالميها ونكس رايتهم.
المتاهة
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
في الصحف عادة صفحة للتسلية، والأخبار الخفيفة، وفيها غالبا ما تجد ما يعرف ( بالمتاهة) ، حيث يطلب منك الدخول من بوابة معلومة، ثم الخروج من مخرج آمن غير معلوم. وفي كثير من الأحيان يفقد من يحاول اكتشاف شبكة طرق المتاهة وتحقيق المرور الآمن صبره، فيلقي بالمتاهة وبالصحيفة جانبا، ويدندن بكلمات غير مفهومة ،ولكنها ساخطة، وتعبر إحساس بضياع وقت ثمين فيما لا فائدة منه.
لا فرق بين هذه المتاهة، ( في شكلها المعقد ، والمغلق من كافة الاتجاهات الا من اتجاه مجهول مفتوح، ولكن كثقب إبرة صغيرة ) والمفاوضات الي يخوض غمارها محمود عباس. الرجل يحاول الدخول في ثقب الإبرة ، ولكنه لن يجده، لا في مقترحات جون كيري الأمنية، ولا في وعوده بمقترحات سياسية. ولن يجد حلا لهذه المتاهة التي يقود فيها شعبه ، ( حتى يلج الجمل في سم الخياط).
ليس مهما أن يعيش هو برضاه في متاهة لا أول لها من آخر. المهم أنه يجبر شعبه على العيش الطويل مع هذه المتاهة. لا تنسى أن المتاهة هذه صناعة يهودية. ولكي نضرب مثلا لهذه المتاهة ننقل لك مجموعة من التصريحات السياسية والإعلامية ، لتجيبنا على السؤال الآتي: هل المفاوضات ذاهبة الى النجاح ، أم ذاهبة للفشل؟!
١- تقول ليفني: ( مسار التسوية سيكون متدرجا، والضفة لن تكون مطابقة لغزة؟!) ، وتقول : ( إن فلسطين مقابل الأمن؟!).
٢- يقول جون كيري: ( يمكن صناعة السلام في نهاية إبريل ٢٠١٤ م ؟!).
٣- تقول المصادر الإعلامية: ( لقاء قمة بين عباس ونيتنياهو قريبا ؟!).
٤- مصادر : ( ضغط عربي للقبول بالمقترحات التي قدمها جون كيري ؟!).
٥- مصادر : ( الخليج العربي يمول التعويضات ذات العلاقة بحق العودة ؟!).
٦- الأيام : ( عباس يبلغ كيري بتحفظاته على الخطة الأمنية ؟!).
٧- مصادر عباس غير متحمس للقاء نيتنياهو ، ويرهن اللقاء بتطور المفاوضات ؟!).
٨- الحياة اللندنية: ( اميركا توافق على بقاء المستوطنات، وعلى بقاء القدس الشرقية بيد اسرائيل ؟! ).
٩- الصحف العبرية: ( إما تسوية مرحلية، أو تفجر المحادثات ؟!).
هذا غيض من فيض من خطوط المتاهة، وطرقها المغلقة، والشائكة، فهل يمكنك أخي الفلسطيني ان تجيب على سؤال النجاح ، والفشل، إجابة من يملك المعلومة من مصادرها الموثوقة، أم أننا جميعا نقف امام متاهة من صناعة إسرائيلية معقدة لا مخرج منها؟! وهل تظن أن المفاوض الفلسطيني نفسه مثلنا ما زال يقف على بوابة المتاهة بعد عشرين سنة من المفاوضات، أم أن الجمل يمكن ان يدخل هذه المرة من سم الخياط ؟! هل يمكن ان يقدم فكر المغامرات حلا لمعضلة المتاهة المستعصية على الحل العادل، أم أن إبريل سيمر كغيره بدون حل ، وبدون مغامرة؟!
لست أدري؟! ( وقديما قالوا في الأغاني : سرقوا الصندوق يا أبو لمعة، لكن مفتاحه معايا؟!). فهل حقاً نملك المفتاح، بعد سرقة فلسطين؟!
"وحوحة" تحت البطانية
بقلم وسام عفيفة عن الرسالة نت
رحلت المجنونة "اليكسا", وتركت لنا أبناءها الشرسين: برد وصقيع, وهي تهددنا بالعودة متنكرة باسم جديد, وكل ذلك قبل أن تصلنا "الاربعينية" التي دعت فيها أمثالنا الشعبية: "يا رب نجنا من نزلة المربعانية".
كل هذه المتغيرات المناخية القاسية تمر علينا في قطاع غزة في ظروف استثنائية, منها على سبيل المثال: الشعور بالحسرة بالنظر إلى المدفئة الكهربائية وهي مركونة على هامش الغرفة في انتظار التيار الكهربائي بينما تتجمد أطرافك وأنت تحمل كل ما لديك من بطاطين على كتفك.
في ذروة "الوحوحة" قررت أن أجري تجربة ربما تغير من حرارة جسدي نفسيا, احتضنت المدفأة وهي مطفأة, حاولت ان أتخيلها وهي مشتعلة, لكن سرعان ما انتقلت برودة يدي الى المدفئة فقررت هي مغادرتي.
ثم حاولت ان أواسي نفسي بالنظر إلى الشعوب التي تعيش في المناطق القطبية والباردة, وقدرتها على التكيف, وأنه آن الأوان لنا ان نتكيف أيضا مع المتغيرات المناخية الجديدة, وفجأة سرت في جسدي قشعريرة عندما تذكرت النساء التركيات في شوارع اسطنبول في عز البرد في مثل هذا الوقت قبل عامين وهن يرتدين "الميني جب" ويتحركن برشاقة, بينما كانت تصطك أسناننا ونقفز الى وسيلة النقل, او أي مكان مغلق قبل ان نفقد اقدامنا, وفي نظرة مقارنة, تتسابق نساؤنا المسكينات هذه الايام في نقل معظم ملابسهن من الخزانة الى أجسادهن وثم لا يتوقفن عن "الوحوحة".
ويخشى أن تؤثر الأجواء الباردة على العلاقات الزوجية بسبب وصف كل طرف للآخر بالأنانية لأنه يحاول الاستئثار بالبطانية واللحاف على حساب الآخر, فيما تبدر بين لحظة وأخرى موجات عصبية نتيجة ملامسة قدم باردة لأخرى وصلت لدرجة الدفء, مع تبادل الاتهامات بتعمد الاستفزاز أو محاولة استنزاف مخزون الدفء من الآخر.
كل هذه النماذج تشير إلى أن الحالة العقلية والعاطفية للإنسان تتأثر بالطقس والمناخ.
لكن الأمر ليس بهذا السوء, ولا يتوقف عند الآثار السلبية, فهناك سلوكيات إنسانية يفترض أن نستحضرها أو نتكيف معها, فمثلا: يرى بعض العلماء أنه عندما تنخفض درجات الحرارة في الشتاء ترتفع درجة حرارة القلب، وتزداد العلاقات الإنسانية حميمية وتكون أكثر دفئاً، بل تتأجج مشاعر الحب في القلوب، وتزداد النفوس هدوءاً على الرغم من ثورة الطقس وبرودته.
وتلك الأجواء الباردة تدفع الإنسان في الغالب إلى "البيتوتية" والسكن وسط عائلته، وبالتالي يزداد التواصل ويصبح القرب أكثر وتتولد العاطفة الدافئة بين الأفراد، التي تنشط خلايا المخ, والخيال والقدرة على الإبداع, وبالتالي يقود هذا النشاط الفرد إلى حالة من الرومانسية, أو الإبداع, أو الابتكار على جميع المستويات، خلافا لأجواء الصيف الحارة إذا ما قارناها.
وعن مشاعر المرأة في الشتاء يقول علماء آخرون أن درجة الحرارة تؤثر في فسيولوجية وسيكولوجية المرأة وتجدها دائما تسعى إلى الحب والود وتزداد رغبتها في الرومانسية والحنان في الشتاء لاستقرار الحالة النفسية والمزاج، فنجد أن عاطفتها تكون أقوى من أي وقت نتيجة لقرب المسافات مع من تحب فدفء العاطفة يحمي من برد الشتاء.
أما الرجل فيكون أهدأ من الناحية الانفعالية ويكون أكثر تفاعلا من الناحية الاجتماعية بعكس الصيف فيكون أكثر انطلاقا وأنانية ويلجأ إلى السفر دائما.
وإلى حين التأقلم والتكيف مع مناخنا الجديد سنواصل "الوحوحة" تحت البطانية.
المشروع الوطني الفلسطيني ..إلى أين؟
بقلم خالد وليد محمود عن فلسطين اون لاين
اتسعت الملفات الفرعية في القضية الفلسطينية وتعقدت إلى حد تبدو اليوم وكأنها قضايا قائمة بذاتها منسلخة عن جذرها الأساسي كقضية مركزية. وبذلك زادت كثرة التفاصيل من التعقيدات حتى بدا من الصعب على الوجدان العربي لملمتها في كتلة جامعة.
ولم يقتصر هذا التشعب في القضية على ملفات الداخل، بل زادت عليها تعقيدًا ملفات خارجيّة. وهو في النهاية ما جعل من الصعب على المواطن العربي العادي ملاحقة تطورات المشهد الفلسطيني بكل أبعاده.
داخليًا، عبرت القضية في حيثيات التفاصيل الجزئية والثانوية للحياة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي ذاتها التي تراكمت وتشعبت عبر سنوات طويلة مما يسمى "عملية السلام"والمفاوضات.
وبينما الأمر على هذه الحالة، لم تكفّ ملفات أساسية مثل القدس واللاجئين والمياه والحدود عن التعقيد هي الأخرى، بعد أن تراكمت عليها مزيد من الأحداث والتطورات عاما بعد عام.وفي النهاية لم يتبق للمتابع العربي سوى الشعور الوجداني في القضية المركزية بشعاراتها الكبرى، لكن من بعيد!
خارجيًّا، فقد ورطت المتغيرات الحادة خارج الحدود سواء تلك التي تجري في مصر أو سوريا وغيرها القضية الفلسطينية للدخول بمزيد من الدهاليز إلى حد شعر فيه البعض بالحاجة إلى التذكير بقضية العرب المركزية الأولى: "القضية الفلسطينية".
المؤتمر السنوي الثاني لمراكز الأبحاث العربيّة الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة مؤخرًا وعلى مدار ثلاثة أيام تحت عنوان "قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني" عمد إلى محاولة لملمة شظايا القضية الفلسطينية في مكان واحد جمع فيه250 شخصية سياسية وأكاديمية لإعادة إحياء فلسطين وقضيتها بعد أن انشغل العرب بتفاصيل قضاياهم المحلية.
وقد قدّم في المؤتمر أكثر من 200 ورقة بحثية أكاديمية خضعت لتحكيم لجنة علمية متخصّصة واختير منها حوالي 55 ورقة تناولت مواضيع متعددة ومهمة مثل: الكولونيالية الإسرائيلية وسياساتها وأثرها في المجتمع الفلسطيني وهويّته، وتحوّلات المجتمع الفلسطيني ومؤسساته السياسية، والتحوّلات في أنماط المقاومة الفلسطينية، ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني وأطره التمثيلية.
وأحسب أن قيمة انعقاد مثل هكذا مؤتمر علمي أكاديمي لا تكمن في مضمونه أو حتى في هوية الجهة التي أعدته فحسب وهي المركز العربي للأبحاث الذي وضع القضية الفلسطينية أعلى أولويات اهتماماته وأجنداته البحثية، بل وفي توقيته أساسًا، هذا التوقيت الذي هانت فيه القضية المركزية وأخذت تخبو و تندحر أكثر في ظل ثورات الربيع العربي ويحل محل هامش الاهتمام بها هوامش أخرى مطلبية للشعوب العربية، وانشغال بلدان تلك الشعوب بآلامها ومخاض ثوراتها وهمومها وقضاياها الداخلية وصراعاتها المذهبية التي لم تحسم بعد.
هذا ورغم ازدحام أوراق عمل المؤتمر، وتكثيف جلساته، كان يراد للمشاركين في المؤتمر خلال طرح محاوره السير في طريق يوصل الحضور في النهاية إلى خلاصة واحدة هي البحث عن وسائل لإيجاد مشروع وطني فلسطيني نضالي وطرح أسئلة لتجديد الحوار والنقاش بشأْن مستقبل هذا المشروع، على نحو يستجيب لمقتضيات المرحلة وتأخذ فيه أساليب المقاومة والمفاوضات مكانتها المحددة بالأهداف التي تسطر لها، مع بحث أساليب جديدة والاستفادة من تجارب دولية. ومن هذه التجارب تجربة مناهضة نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا.
في ظني أن انعقاد هذا المؤتمر الذي يعد التظاهرة الأكاديمية والسياسية الأوسع التي تتناول القضية الفلسطينية في المنطقة العربية في السنوات الأخيرة و الذي جمع فوجا كبيرا من باحثين وأكاديميين وسياسيين وناشطين وبرلمانيين عرب وأجانب ومتضامنين دوليين مع القضية الفلسطينية؛ يشكل خطوة مهمة لبلورة استراتيجيّة يمكن البناء عليها في صياغة مشروع وطني فلسطيني جديد، بأدوات فعله وتعريف هويته، محليًّا وعربيًّا وعالميًّا، إذ إن محاور المؤتمر قادت المشاركين فيه أيضًا إلى طريق البحث عن مشروع نهضوي للقضية الفلسطينية يعيد تعريف الصراع وهويته إلى ما كان عليه في بداياته، لكن مع الاستفادة من تجربة عقود طويلة من الصراع. ومجددًا أيضًا، وجد المؤتمرون ضرورة صياغة مؤسسة وطنية فلسطينية واحدة، بمرجعية موحدة، تضبط فعل القوى الفلسطينية بجسم جامع، بعد أن اهترأ ثوب منظمة التحرير الفلسطينية.
ورغم وجود رؤيتين برزتا في المؤتمر تقول أولاها بإعادة تأهيل المنظمة من جديد في بناء فلسطيني ديمقراطي جديد، والثانية بإنتاج جسم جديد، ينفض عن نفسه أعباء وأمراض الجسم القديم، إلا أن ما ظهر في المؤتمر هو إجماع المشاركين فيه على أن فكرة "المرجعية الموحدة" اليوم، ليست ملحة فقط بل ومصيرية أيضا.
من الأهمية البناء على التوصيات التي خرج بها المؤتمر كي لا تبقى القضية الفلسطينية نهبا لتجاذبات الأطراف ذات العلاقة، وقد آن الأوان اليوم لاجتراح استراتيجية جديدة يجمع عليها الشعب الفلسطيني تتوافق ومعطياته وشروطه وتكون كفيلة ببناء إجماع وطني خلف المشروع الوطني التحرري.
وبهذا السياق نجد أن المؤتمر قد أحسن صنعا وهو يضع على طاولة مشاركيه وحضوره ومتابعيه أوراقا أكاديمية علميّة محكمّة وندوات تصدى لها الفاعلون الأساسيون اليوم في القضية الفلسطينية، وهنا يمكن الإشارة إلى الندوتين الهامتين اللتين تحدث بهما كل من عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ومسؤول ملفّ المفاوضات صائب عريقات الذي تحدّث عن "المفاوضات: الخيارات والمستقبل"، بينما تصدى للثانية مسؤول العلاقات الخارجية في حركة "حماس" أسامة حمدان عن "المقاومة: الخيارات والمستقبل" وخلصا فيهما الى أن مساري المفاوضات والمقاومة يشتركان في هدف فلسطيني واحد هو إعادة فلسطين إلى خط الجغرافيا، وأنّ هذا الهدف لم يكن يومًا أقرب إلى التحقق مثلما هو اليوم، وأن الوحدة هي أساس الاستراتيجية الفلسطينية.
من هنا كان دقيقًا القول إنّ أهمية المؤتمر تبرز ليس في هدفه وحسب، وليس في المحاور التي تصدى لها وطرحه أوراق ومعالجات تناولت البحث في ماهية المشروع الوطني الفلسطيني وتجديده، لكن أيضا في ثقل الحضور الذين شاركوا فيه. نحن لا نتحدث عن الحضور الفلسطيني فقط، بل عن مسؤولين ابتداء من الصف الأول مرورًا بصناع قرار في دولهم، وباحثين و أكاديميين يعتبرون من قيادات الرأي في دولهم، إلى جانب شخصيات عامّة ودبلوماسيين وحشد كبير من وسائل الإعلام.
مسألة في غاية الأهمية تطرق لها المؤتمرون وهي الخيارات المطروحة لمواجهة الاحتلال والاستيطان ممثلة بالمقاومة الشعبية التي تشكل قاعدة التقاء وتوافق وطنية عريضة لدى الشباب الفلسطيني في الضفة والقطاع والداخل، وهي المقاومة المستلهمة من ثورات الربيع العربي وأدواته الكفاحية والتي ثبت أنها ذات فعل مستمر وليس موسمياً، وذات تأثيرات تراكمية عالية باهظة المردود وقليلة التكلفة ، ولنا في الحراك الشبابي الذي تشكل في أراضي 48 تحت شعار "برافر لن يمر" مثال واضح على هذه المقاومة التي يمكن من خلالها ملاحقة دولة الاحتلال في كل المحافل الدولية لنزع الشرعية عن سياساتها الكولونياليّة الاستيطانيّة التوسعيّة. وعليه، فإن المقاربة الجديدة المتمثلة في المقاومة الشعبية لا يمكن لها أن تنجح بدون بوصلة سياسية مجمع عليها على كافة الأطراف والفصائل الفلسطينية.
خلاصة القول بأنه لم يكن على طاولة مؤتمر "قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني" حلول سحرية لقضية فلسطين، فما حصل هو فتح صندوق النقاش، ومطالبة الجميع بالتفكير في سبل لتفكيك كل ما علق بالقضية عبر عقود من التعقيد وإعادتها إلى سيرتها الأولى قضية مركزية ليس في الوجدان العربي والاسلامي وحسب، بل وفي الفعل اليومي أيضا. والعمل على اجتراح استراتيجية وطنية فلسطينية نضالية بديلة واضحة المعالم ومتوافق عليها سياسيًا تقوم على التمسك بخيارات المقاومة الشعبية متعددة المسارات، التي تستلهم نضالات شعوب وثورات مماثلة في التاريخ.
هل كانت الشعوب جزءاً من المشكلة؟!
بقلم لمى خاطر عن فلسطين اون لاين
كان حجم الدهشة المرافق اندلاع أول شرارة للثورات العربية، التي كانت في تونس، من أسباب إغفال كثير من القضايا حين شخصت أنظار كثيرين تترقّب ذلك التحوّل السريع الذي كان مأمولاً أن يكتسح المنطقة العربية بمجرد سقوط الأنظمة في عدة بلدان.
وكان الاحتفاء المعنوي بالإنسان العربي مبالغاً فيه في أحيان كثيرة، من خلال تصويره عنصراً فاعلاً ضمن شعب ثائر يعرف طريقه ويقف كله في جانب واحد في مقابل الطاغية ونظامه وأزلامه، رغم أن حاملي لواء الثورة في جميع البلدان لم يشكّلوا النسبة الأكبر من الشعب إنما كانوا أقليته الطليعية، التي امتلكت جرأة استثنائية في ظرف زماني صعب لتهز عرش الاستبداد وتقدّم التضحيات اللازمة لأي مسار ثوري نظيف.
وحين تركّز الهجاء على دور الأنظمة في إفساد البلاد وتخريب مؤسسات الدولة وتجريف مقدرات الوطن ونهب خيراته، وإشاعة الخوف وإرساء دعائم ممالك القمع والتجبّر، كان التصوّر المقابل تزيين واقع جديد تصوّر غالبية المتابعين وحتى المنخرطين في الثورة أنه لن يلبث أن يحل ويضع حداً فورياً لكل إفرازات الاستبداد، ويحقق في المقابل نهضة شمولية منتظرة منذ عقود.
لكن أثر حكم الاستبداد والفساد على ثقافة الشعوب ووعيها العام، وعلى معالم شخصيتها وطرائق تفكيرها، ظلّ معزولاً عن التناول، لأن الشعوب ظلّت تُنعت بصفات الطهورية والأصالة والعبقرية، وكأنّ الشعب مكوّن واحد لا يحتمل التباين، ولا يطال بعضه ما طال حكامه من نزعات سلبية بمستويات معينة!
ربما كان من الصعب التوقّف عند مسؤولية الشعوب عمّا حلّ بها، أو تحليل أثر الهيمنة والسطوة على شخصيتها، أو تقبّل أن رداءة وفجور الخطاب الإعلامي الرسمي قد انسحب على وعي شريحة منها أو أثر فيها بدرجات متفاوتة، ولذلك أشكل عليها فهم ملامح المرحلة الجديدة، ووجدنا بعض النخب التي كانت تصنف ثورية تتورّط في تبني أبجديات الأنظمة نفسها ويتملّكها شره الإقصاء ذاته وهي تعادي خصومها السياسيين، خصوصاً الإسلاميين، لأنها لم تستوعب بعد رؤيتهم خارج السجون وفي مواقع الحكم لا الاستضعاف!
ولعل المشهد المصري وما جرى فيه من مفارقات صادمة ومدهشة ومضحكة أحياناً يتحدث بوضوح حول المعضلة التي صبغت وعي وثقافة مساحات لا بأس بها من الجمهور، مثلما أنه يبيّن كيف أن كثيراً من النخب التي علا صوتها في مهاجمة الاستبداد ليست في حقيقتها المجردة إلا صورة مصغرة عنه، ولا تمانع في استنساخ تجربة العهود السابقة نفسها، مع تعديلات فجة لا يقبلها عقل سوي ولا تجري على أي منطق، لأنها لم تستند إلى قوة السلاح وحسب، إنما أيضاً إلى تلك الفوضى الفكرية والسطحية المبتذلة لدى قطاعات غير قليلة من العوام.
ليس هناك شعب على وجه الأرض ينبغي تمجيده بالمطلق ووضعه في خانة تحفّها القداسة، أو تنزيهه عن النقد والتشريح، وإعفائه من المسؤولية. فكما أن فيه قطاعاً واعياً ومضحياً ومستعداً لحمل لواء التغيير ويحمل مناعة ضد عوامل الإفساد، هناك في المقابل قطاع أخرج حكم الاستبداد أسوأ ما فيه، من انتهازية ووصولية وتلوّن، أو ترسخت فيه السلبية واللامبالاة ففطن لحقوقه ولم يكترث بواجباته.
ولذلك تبدو قضية الوعي معركة تتطلب جهداً استثنائيا، فكما أن الخلاص من آثار وإفرازات العهود السابقة لا يتم بين يوم وليلة، فإن النهوض بوعي الناس وتخليصه من تجليات الهيمنة لا يحدث بمجرد سقوط عرش طاغية وأفول نجمه، ولا بمجرد ترديد موشّحات ثورية تقليدية، أو إقناع النفس بأن التحرر من الطغاة سيرافقه بالتوازي تحرر من الأوهام والاعتقادات الخادعة ومنتجات سياسة التضليل المختلفة!
المقاومة الفلسطينية وهذيان المفلسين
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
ادعى أحد الكتبة في إحدى الصحف المحلية، بأن عدد عناصر حماس المعتقلين في مصر تجاوز الـ 200 عنصر بتهمة ارتكاب جرائم ضد مصر؛ في سيناء والمقطم والتحرير وبور سعيد.
كما اتهم المقاومة الفلسطينية في غزة بالتنسيق مع الجماعات المسلحة التي يصفها بـ"التكفيرية" في سيناء، وهذه خطيئة ترتكبها " الصحيفة " في حق غزة والمقاومة فيها وفي حق الشعب الفلسطيني وقضيته.
سلطة الانقلاب في مصر عجزت طيلة الأربعة شهور الماضية عن إثبات ضلوع المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة حماس في التدخل في الشأن الداخلي المصري فضلا عن القيام بأعمال عنف ضد الشعب المصري الشقيق أو الاصطفاف إلى جانب فريق ضد فريق آخر أو حتى إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين، فحماس ملتزمة بعدم التدخل في شؤون الآخرين ولم يثبت عنها عكس ذلك حتى اللحظة سواء في مصر أو سواها من الدول العربية أو الأجنبية.
كما أن جماعة الإخوان تنتهج المنهج الوسطي وتنبذ العنف بجميع أشكاله وإلا لما كان هناك مبارك ولا السادات ولتغير حال مصر، كما أن الجماعة التي يفوق عدد أنصارها سكان فلسطين المحتلة ليست بحاجة لأن "تستورد" مقاتلين من خارج مصر، وهذه الحقيقة تغيب عن أصحاب العقول المتحجرة والأقلام المأجورة.
الأصل أن تكون مصالح الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته هي المحرك الرئيس للإعلاميين في فلسطين، ولكن تكون الكارثة عندما تحرك بعضهم الأحقاد أو لظنهم بأن هذا هو السبيل للوصول إلى المناصب وتحقيق المصالح الخاصة، ونذكر الجميع بأن التجارة بالانقسام وأيامه السوداء تجارة خاسرة، وغالبية الشعب الفلسطيني أصبحت كارهة لكل من يستحضر تلك الأيام وآلامها وقد ولت بإذن الله إلى غير رجعة، ولا داعي لاجترار الخبائث.
إن زج المقاومة الفلسطينية في أحداث مصر أو الأعمال المسلحة في سيناء أمر غاية في الخطورة،وقد تكون شهادة الزور التي تقدمها بعض الصحف الفلسطينية وكتبتها ذريعة للاحتلال الإسرائيلي وللانقلابيين في مصر لتشديد حصارهم ومضاعفة عقوبتهم لغزة وسكانها، فهل يفهم أولئك أنهم يقدمون العون للاحتلال الإسرائيلي وإن لم يقصدوا ذلك، وهل يعلمون أن عدم الكتابة لصفحهم بسبب إفلاسهم وفشلهم أولى لهم من الهذيان وقول الباطل؟.
الكراهية عشق الطرف الآخر
بقلم فايز أبو شمالة عن فلسطين اون لاين
أغفر لك اختلافك معي في الرأي، وأغفر لك طعناتك السياسية في مواقفي التي تتعارض مع ممارساتك، ولكنني لن أغفر لك منتج الكراهية، هذه الثمرة الكريهة التي تقوم بتوزيعها على أطفال السياسة مع حليب الصباح. لن أغفر لك ما نثرته من أحقاد، أينع معها شوك الشك في النفس الفلسطينية؛ حين ترعرع حسن الظن بالطرف الآخر.
الشك مقصلة الحب، ودفيئة الكراهية في النفس البشرية، ولاسيما حين يتوه الخط الفاصل بين ابن أمي وأبي والطرف الآخر، الذي أملته علينا المفاوضات الثنائية، وهي تقدم لنا خطوط إنتاج الكراهية، مع قطع الغيار المتمثلة بعدم الثقة بالنفس، والعجز عن الفعل.
إن تصغير النفس إحساس يتوالد من المهانة السياسية، وهو الذي أوصل بعضنا للاقتناع بأننا عرب لا نمتلك شيئاً في سوق الأمم، في الوقت الذي يمتلك فيه عدونا كل شيء، تحقير الشأن فرخ صغير تربى في عش الكراهية، وهي نتاج اختلاف المواقف السياسية، التي قتلت الإبداع حين أوصلتنا للكراهية، فصار الإيمان بالتنظيم السياسي لدى البعض يسبق الولاء للوطن، وصار التنظيم من وجهة نظر البعض كاملاً للدرجة التي لا تخر منه المياه، فهو المنزه عن الخطايا، لأن رأي الزعيم هو الحق، بينما كل ما يطرحه التنظيم الآخر هو الباطل.
الكراهية دكتاتورية المواقف السياسية القائمة على نحن، نحن القرار ونحن المشوار ونحن الأخيار، ونحن البداية والنهاية والطريق والحريق، ومن يخالفنا الرأي يصير من الأغيار.
الكراهية بذرة ينثرها التفرد بالقرار الذي أوردنا الانقسام، الكراهية ثمرة طرحتها أشجار التعصب للتنظيمات بحكم العادة، والانتماء للتنظيم حسب الجو العائلي، ووفق الصدفة.
الكراهية ثقافة السياسيين الذين يتنفسون مفاوضات، فصاروا يسعلون عفن غاصب الوطن، ويتأففون من نسائم بني قومهم.
الكراهية مرض تفشى في أوساط الفلسطينيين بفعل الساسة، حتى صارت الخليل لا تشعر بما يجري في نابلس، وصارت جنين لا تدري بوجع أريحا، وصارت رام الله تشعل لمبة الكهرباء دون الإحساس بظلمة غزة؟
الكراهية مدرسة إسرائيلية تخرج منها كل من اعتقد أن العدو الغاصب قد صار الجار، وأن الإسرائيلي قد أضحى المغوار، وأن سلاح المحتل يتفتح عطراً كالأزهار، ولا يطلق النار إلا ضد الفلسطينيين الإرهابيين الأشرار، ودفاعاً عن النفس اليهودية الشماء الأبية.
