-
1 مرفق
اقلام واراء عربي 569
اقلام واراء عربي 569
10/12/2013
من المسؤول عن أزمة كهرباء غزة؟
بقلم: حسام الدجني عن القدس العربي
تسريبات من هنا ومن هناك، وتصريحات رسمية من قبل الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة حول قرب حل أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة، كان آخرها تصريحا لنائب رئيس الحكومة للعلاقات الخارجية الدكتور زياد ابو عمرو الذي قال ان حل الأزمة يحتاج إلى 7-10 أيام، ولم يكن تصريح أبو عمرو اليتيم، فسبقه تصريح لرأس الهرم الفلسطيني الرئيس محمود عباس الذي تحدث عن قرب انتهاء الازمة، ولم تكن الحكومة في غزة غائبة عن المشهد، فتحدث شخصياً رئيس الوزراء الدكتور اسماعيل هنية عن قرب انتهاء الازمة، وأن الحكومة تبذل جهوداً لإنهائها.
الشعب الفلسطيني استبشر خيراً، وشهدت مبيعات المولدات وشواحن الطاقة بغزة انخفاضاً ملحوظاً، ولم يدرك الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة أنه كان في سبات عميق وأن ما سبق كان أضغاث احلام، سرعان ما ذهب مع بزوغ فجر يوم جديد.
لا أحد يعلم ما حصل في كواليس زيارة رئيس الحكومة في رام الله د.رامي الحمد الله لقطر، وهل طرح الحمد الله هذا الملف؟ وما هو الرد القطري؟ ومن هي الجهات التي تقف خلف تسريب الأخبار، والتي كان منها أن سفينة تحمل 40 مليون لتر من السولار الصناعي في طريقها لميناء أسدود ثم غزة.
الوزير المتنفذ في حكومة رام الله الدكتور محمود الهباش كتب على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي بأن مشكلة كهرباء غزة ليست على أجندة رامي الحمد الله خلال زيارته لقطر، وعلى حركة حماس تحمل المسؤولية، وربما أوصلنا الهباش لبيت القصيد، وهو من يتحمل المسؤولية…؟
ربما العقل الباطن لخصوم حماس وتحديداً من هم خارج القطاع يعتقدون أن استمرار ازمة الكهرباء في غزة سيؤثر على شعبية حركة حماس، وقد يدفع الجماهير للانفجار بوجهها، وطالما الشعب الفلسطيني بالقطاع صابر وصامد ويقبل استمرار حكم حماس فعليه أن يتحمل تبعات سلوكه، وهناك رأي أكثر انسانية يرى بأن العقاب الجماعي لأكثر من مليون ونصف المليون من سكان غزة، هو بمثابة جريمة بحق الانسانية.
وبكل صراحة وشفافية من يتحمل المسؤولية…؟
هناك آراء رسمية وشعبية وفصائلية تحمل حكومة حماس المسؤولية عن أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وهذا منطقي إلى حد ما، ولكن الغريب فيه أن من يطرحه هم خصوم حركة حماس، وهم لا يعترفون بشرعية حكمها للقطاع ويعتبرونه انقلاباً على الشرعية، ويستندون الى مبررات موضوعية تقوم على أن الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة هي من تتحكم في ادارة شؤون قطاع غزة، وتناسوا أن حكومة هنية أقالها الرئيس محمود عباس، وبذلك من المنظور السياسي فإن المسؤولية يجب أن تتحملها حكومة رام الله، فهي حكومة الرئيس محمود عباس، وهي الجهة التي تتدفق عليها أموال المانحين، وهذه الاموال تأتي للشعب الفلسطيني في جميع أراضي السلطة الفلسطينية، وهنا ينبغي تحمل المسؤولية السياسية بالاضافة للمسئولية الاخلاقية والقانونية، وتسقط تلك المسئولية عن السلطة في رام الله في حالة واحدة فقط، وهي الاعتراف بالحكومة القائمة بقطاع غزة، وحينها مطلوب من المجتمع الدولي أن تتدفق أمواله لحكومة غزة، وتكون مسؤولة عن كل شرائح المجتمع الفلسطيني بالضفة الغربية وغزة.
ولكن ما نتحدث به لا يعني أن الواقع والمنطق لا يلزم الحكومة بغزة في أن تتحمل مسؤولياتها لأنها هي الأخرى تنظر لنفسها بأنها الحكومة الشرعية المنتخبة، وأنها حامية المقاومة، ولذلك يجب أن تتحمل مسؤولياتها تجاه أزمة الكهرباء التي تعصف منذ سنوات على غزة، وان تعزز عوامل الصمود والثبات للشعب الفلسطيني الذي احتضن وما زال يحتضن المشروع المقاوم في فلسطين.
أيا كان المسؤول عن الأزمة، فإن من يكتوي منها هو الشعب الفلسطيني، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته، سواء كانت غزة أم رام الله، وهنا لا أبرئ ساحة الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، والأونروا، وسفيرها ابن غزة محمد عساف، الذي قد يستطيع أن ينجز في هذا الملف ما لم ينجزه الساسة، وعلى جامعة الدول العربية والاسلامية العمل الجاد على حل تلك الأزمة، وأتمنى من قطر أن تتخذ قراراً جريئاً لايصال الوقود القطري للمحطة دون أي اعتبارات سياسية، فالشعب الفلسطيني لن ينسى الجمــــيل، وما يهمه هو فقط انهاء الأزمة، أتمنى أن تتكاتف الأيادي والجـــهود من كل الأطراف لانهائها وأن تكون مقدمة للمصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسات الفلسطينية لأن ما يجري هو انعكاس طبيعي للانقسام البغيض.
السيد كيري: لا يريدون سلاما ولا ما يحزنون
بقلم: خالد أبو الخير عن السبيل الأردنية
الهجوم الذي شنته نقابة المحامين على وزير الخارجية الأميركية جون كيري محق، فالرجل كما قالت النقابة في بيانها لا يفتأ يكرر في كل مرة أنه وإدارته يقدم الدعم اللامحدود للكيان الصهيوني، في الوقت الذي تضطلع بدور راعي السلام في المنطقة.
والطريف أن هجوم النقابة تزامن مع هجوم مماثل على كيري، شنته رئيسة كتلة البيت اليهودي في الكنيست الإسرائيلي «أيليت شاكيد»، وذلك «لممارسته ضغوطاً سياسية على الحكومة الإسرائيلية، لدفعها إلى الإفراج عن أسرى فلسطينيين كمقدمة لاستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية».
وبغض النظر عن كون كيري واقع بين حجري رحى، لكنه في الواقع لا يميل الى الحق، وجل ما يفعله هو ورئيسه الذي يتمتع بولاية ثانية، أي وفق الكذبة التي لطالما سمعناها متحرر من الضغوطات»، هو إدارة الأزمة.. ريثما يأتي يوم الرحيل عن البيت الابيض.
كيري استفز نقابة المحامين كونه أعلن قبل بدء جولته الجديدة في المنطقة أن زيارته «تأتي لطمأنة» دولة الاغتصاب والعدوان»، وأكد خوفه على أمنها من جيرانها..! وأن الحل لأمنها هو إيجاد قوة عسكرية على الحدود بين «إسرائيل» والاردن». يا سلام..
هذا الإعلان يكشف عما يعتمل في مجاهيل الادارة والخارجية اللتين ما فتئتا تصران على المساواة بين الجلاد والضحية، بل التعاطف مع الجلاد ضد الضحية في كل موقف ومحك، مع سبق إصرار وترصد.
كان أجدى لكيري الذي تمتع إبان زيارته الى رام الله في وقت سابق بأكل الشاورما والكنافة، أن يستمتع هذه المرة بمأكولات اخرى وحلوى وجبنة بيضاء، ويتريض ويسيح في ارجاء فلسطين، لأن لا حل إلا إذا غير الامريكان ما في أنفسهم، والمحتلون تخلوا عن عقلية القلعة وجنحوا للسلم.. وهم في كل مواقفهم لا يجنحون.
المفاوضات هذه التي انطلقت قبل أزيد من عشرين عاماً أثبتت انها لعبة سمجة، وتثير الدوار، والضحك حينا والرثاء حيناً، ولا تقدم فيها، ولن يكون، لسبب بسيط، فالطرف المقابل لا يريد لا سلما ولا ما يحزنون.
المجموعة العربية في السياسات الإقليمية
بقلم: أحمد جابر عن الحياة اللندنية
الردود العربية على السياسة الغربية حيال طهران، تحمل مآزق سياسية متعددة الأوجه. يشترك في المأزق الذي رحّب بـ «خطوة التقارب»، مع ذاك الذي استنكرها. وجه الاشتراك الأهم، أن المجندين والرافضين، يتوجهون بالدفق الكلامي إلى الخارج، الذي لا يصب نهر حديثه في بحر أحاديثهم. أما الخسارة والربح وما ينجم عن التفاهم الراهن، بين الغرب وإيران، فكلها أمور تصيب الوضع العربي عموماً، ولا تسمح لطرف داخلي محدد، هنا أو هناك، بالقول: لقد انتصرت وخسر غريمي في المعادلة الداخلية أو الإقليمية.
عرض هذه الخلاصة، على أسبابها وموجباتها، يفتح على ضرورة تحديد إطار للنقاش، يحيط بصورة الطاولة التي جمعت المتحاورين... المتفقين، ويستعرض ضروراتهم، ويسأل لماذا غلب خيار على خيار في سياساتهم؟ تلامس الأفكار هنا، قراءة البعد الاستراتيجي للسياسات العامة، وما تمليه من خطوات متدرجة تحت لوائها، وبغية الوصول إلى أهدافها. هذا يدفع إلى القول إن الغرب عموماً بات في صدد تحديد أسلوب عمل مع أقطاب المنطقة، أي مع تركيا وإيران وإسرائيل، وفي صدد إعادة تعريف لموقع البلاد العربية ضمن أسلوبه الجديد. الأواني الإقليمية مستطرقة، ولا انفصال بين قنواتها ولا انسداد.
أما سلاسة انسياب سوائل الأواني أو عسر هذا الانسياب، فرهن بواقع كل طرف على حدة أولاً، ومرتبط بمدى التيسير أو التعسير الذي تتيحه الاستراتيجيات الخارجية، والغربية في مقدمها. في اللحظة الراهنة، وعلى مستوى الأقطاب، لا مشكل غربياً مع الموقع التركي، الذي يصارع من أجل تحسين شروط ارتباطه بالغرب، فيجهد من أجل الانضمام إلى أوروبا، ويعود من رحلة «العثمانية الجديدة»، إلى واقع الازدواجية الآسيوية – الأوروبية، مع ميل واضح إلى حسم هذه الازدواجية، والإصرار على دق بابها الأوروبي.
في الحسابات أيضاً، الموقع الإسرائيلي لا يُمس، وهذا وإن بالغ أصحابه في هواجسهم الأمنية، فإن كيانيتهم الوجودية محفوظة بضمان غربي عام، وغير مهددة، بخاصة بعد انفراط العقد العربي، ولعدم وجود تهديد واقعي فعلي، يأتي من خارج الحدود العربية.
إيران، الإسم الثالث بين الأقطاب الإقليميين، تودّ أن تضع «عصا الترحال الثوري عن عاتقها»، بخاصة بعدما أتى مسار الرحلة الشاق بعض أُكلِه. ربما أمكن القول إنها رضيت «من الغنيمة بالإياب»، لكن مع بعض جوائز الترضية، التي قد يكون الأهم فيها، إعطاء إشارة الاطمئنان لنظامها، على صعيد الاستمرارية في الداخل، وربما من دون إعطاء مواثيق الطمأنينة لأدواره في الخارج، وربما أيضاً على حساب هذه الأدوار. هكذا تصبح المعادلة: جائزة النظام الإيراني بقاؤه، وفي سبيل ذلك يأتي إخراج موضوع الملف النووي وفق احتفالية لا تظهر انكساراً إيرانياً واضحاً، ولا تتبرم من إعلان نصر شعاري للنظام، لماذا؟ لأن القضية النووية هي، ومنذ الإعلان عنها، قضية حياة بالنسبة الى الحاكم الإيراني.
عليه، يمكن القول إن الغرب الذي استخلص الدروس من تدخلاته في ميادين آسيا القلقة والمقلقة، لاقى التعب الإيراني من أثقال تصدير الثورة، ومن أحمال تبعاتها على الداخل، وعلى الطاولة رسمت الخطوة الأولى في «رحلة الألف ميل» المفتوحة على كل الاحتمالات!
على خريطة الأقطاب الصراعية هذه، كانت المجموعة العربية في صراع بين الذات الداخلية وذاتها، وبين الأنا الداخلية والآخر في البلد العربي الشقيق! توزّع الدواخل العربية وتشظيها على محاور طائفية ومذهبية وإثنية، رافقه توزع الدول المعنية على محاور خارجية أيضاً.
إذاً، انشغل «العرب» بهمومهم، واستقووا ببعض أقطاب الإقليم، والتحقوا بالإستراتيجيات الخارجية وتماشوا مع حيثياتها... وعليه، عندما كان الكل يصارع من أجل موقعه، كانت المجموعة العربية تفقد موقعها بالجملة بداية، وعلى صعيد التفاصيل في مسار لاحق. هذا صعّب المهمة العربية في تحقيق التوازن في النظرة من جانب الغرب، إذ إن للتوازن عوامل مادية، أساسها الحسابات وديمومة المصالح وتحصينها. هنا لو سألنا، هل استشعر الغرب خطراً عربياً على مصالحه وهو يصوغ عقدها المتكامل في المنطقة؟ لجاء الجواب السهل بالنفي الواضح. لنقل، إن المجموعة العربية لم تكن في مرتبة الشريك الغربي، وما زالت المرتبة العربية في كفة ميزان الإجحاف، ولم تبلغ يوماً كفة التوازن، ولم تطمح لأن تكون في كفة الترجيح، لأن مثاقيل ضغطها كانت دائماً أضعف من كل المثاقيل، وأحياناً كثيرة، كانت هذه المثاقيل مستعارة من الخارج، الذي يجرى الاحتجاج عليه... في المناسبات.
في ظل هذه المعطيات، من الخطل السياسي، بل من الخطأ الفادح، الترويج لمقولة الصراع العربي – الإيراني، ودفع مسألة العداء العربي – الصهيوني إلى الخلف. مصدر الخطأ عدم صحة الفرضية من أساسها، مما يدفع الوضعية العربية إلى التناثر «نظرياً»، بعد أن تشرذمت عملياً، ومما يزيد من عدد الأعداء بدل أن يوسع جبهة الأصدقاء، بخاصة في ظل التحولات الحالية المتسارعة.
التشديد هذا، مرتبط بالنظرة إلى المصلحة العربية العامة، التي على أهلها أن يميزوا بين الشرعي من المطالب الإيرانية، وغير الشرعي منها، وأن يحسموا بين الأساس السياسي لهذه المطالب، وبين استعانته باللبوس المذهبي، وركوب مطية شعائره. الخصومة مع إيران سياسية وليست مذهبية، وفي هذا الوعي للمسألة مصلحة عربية أكيدة، وفي ترجمة هذا الوعي، ضمن كل داخل عربي، تحصين لهذا الداخل ولمجموع الدواخل الأخرى، على حد سواء. في السياق، تصبح أهازيج النشوة بالانتصار الإيراني، من جانب بعض العرب، ممارسة مستهجنة، وكذلك أدبيات الشتائم وتعداد وجوه الخسارة الإيرانية، مستغربة هي الأخرى. بكلمات، لماذا يسمح بإذكاء الخلاف الإيراني – العربي، إذا كانت في الأمر مصلحة غربية أو إسرائيلية؟ وبكلمات أيضاً، ما السياسة العربية الأخرى، التي تنصرف إلى تعريف اللحظة الإقليمية الراهنة، انطلاقاً من المظلة الدولية العامة، ووضعية الدول الأقطاب تحتها، وجداول المصالح التي تحدد سياساتها، كل ذلك، للوصول إلى خلاصة: ماذا عن المسلك السياسي العربي الأجدى، بالنظر إلى هذه السياسات، وكيف يمكن الاتصال بها اتصالاً مجدياً؟ وكيف يجب النأي عنها نأياً غير ضار؟ إذاً، البداية مجدداً، عربية داخلية، بداية تكون وطنية أولاً ثم على صعيد عربي عام... ما سوى ذلك، ستستمر «العروبة» نادبة حاسرة الرأس... والقافلة تسير!
هل انكفأ "الإخوان المسلمون"... أو انطفأوا؟
بقلم: سركيس نعوم عن النهار البيروتية
يبدو أن "جماعة الإخوان المسلمين" وخصوصاً في العالم العربي قد بدأت تعود إلى الظل الذي خرجت منه بعد إندلاع "الربيع العربي" أواخر 2010. كما لم تعد الجسم الإسلامي العربي – العالمي القادر على حصار التشدد الإسلامي المتنامي واحتوائه، وتالياً على مواجهة ناجحة للإرهاب الذي اعتمده لمحاربة أعدائه في العالم من مسلمين سنّة وشيعة ومسيحيين، ومن أنظمة فرّطت في الحقوق، وأفقدت الدين الإسلامي جوهره.
وأسباب العودة إلى الظل كثيرة. منها عودة المجتمع الدولي عن الرهان على دور أساسي لتركيا الإسلامية ذات الجذور "الإخوانية" في إعادة صوغ المنطقة العربية والإسلامية على نحو يشجع التسامح والإعتدال والتحديث، وذلك بعد فشلها في التعاطي مع الثورة السورية، ومبالغتها في قدرتها على الفعل في سوريا وخارجها، وفي تجاهل نقاط ضعفها، كما بعد تحوّل "الإخوان" العرب أنموذجاً لها بعدما كان يُفترض أن تصبح قدوة لهم. ومن الأسباب أيضاً نمو تيارات إسلامية متشددة بل تكفيرية تمتلك المال والسلاح والتصميم والعقيدة و"الإستشهاد".
وبذلك وقفت هذه التيارات على يمين "الإخوان" وحظيت بما لم يحظوا به من دعم مالي وسياسي كبير وفّرته دول عربية غنية عدة، وجمعيات إسلامية خيرية كما رجال مال وأعمال. ورغم الاختلاف حتى التناقض أحياناً بين التيارات المشار إليها وأبرزها "تنظيم القاعدة" وأمثاله في كل العالم الإسلامي كله و"السلفيين"، ورغم التاريخ الطويل لـ"الإخوان المسلمين" (نحو 80 سنة) في العمل الدعوي والسياسي والإجتماعي والخيري وأسبقيتهم على غيرهم في هذا المجال فإن الساحة في المنطقة العربية والإسلامية تبدو أكثر تقبُّلاً للإسلاميين الجُدد، عمراً فقط، لأن هدفهم إعادة المسلمين إلى السلف الصالح أي إلى الماضي السحيق عملياً.
ومن الأسباب ثالثاً فشل تجربة حكم "الإخوان" في مصر الناجم عن عجزهم عن كبح شهيتهم إلى السلطة وإلى طبع الدولة بكل مؤسساتها بطابعهم خلال وقت قصير. ولا يفيد هنا إتهام دول عربية وأجنبية بالضلوع في الفشل المذكور، وقد يكون ذلك صحيحاً إلى حد ما، لأن مسؤوليتهم المباشرة عنه (أي الفشل) لا يستطيع عاقل أن ينكرها. ومن الأسباب رابعاً وقوف تجربة "إخوان" تونس على "الدرجات" الأولى من سلَّم الفشل، و"إخوانهم" في ليبيا، رغم الفوز وإن غير الساحق الذي حققوه في أول إنتخابات تشريعية بعد "ثورة الياسمين". ومن الأسباب رابعاً وأخيراً عدم قدرة "الإخوان" حتى الآن على استعادة حضورهم المميز والقوي والمنظم في سوريا رغم تاريخهم "العريق" فيها.
ويعود ذلك إلى القمع المنهجي للنظام السوري لهم منذ 1982 حتى اليوم. كما يعود إلى أن الشباب السوري "الإسلامي" الميّال إلى القتال أو الجهاد يستهويهم الأنموذج "القاعدي" العنيف. وأسباب ذلك كثيرة. ولا يبدو حتى الآن أن إحياء حركة "الإخوان" السوريين بتأسيس حزب جديد لهم تحت اسم "وعد" قد حقق أهدافه. علماً أن وقت الحكم على هذا الأمر لم يحن بعد. لأن الاعلان عن التأسيس تم منذ وقت قصير.
هل يساعد "التنظيم الدولي" لـ"الإخوان المسلمين" الواسع الإنتشار والفائق الأهمية على ما يقال في إقالة "الإخوان" العرب وخصوصاً السوريين والمصريين من عثراتهم؟ وهل له دور في تأسيس وتمويل فضائية تلفزيونية وصحيفة يومية خارج مصر لترفع لواء قضيتهم؟
متابعو "الإخوان" في لبنان وخارجه منه يمتنعون عن الجواب عن السؤال الثاني. أما الأول فيجيبون عنه بالقول أن اسمه "التنظيم العالمي"... وليس التنظيم الدولي، وانه ليس نظاماً حزبياً هرمياً تتخذ قيادته مواقف وقرارات وتضع سياسات تنفذها القواعد في العالم الإسلامي. فهو كناية عن "مكتب إرشاد" من 18 عضواً يمثلون "الإخوان" في دول عربية وإسلامية. وانطلقت فكرته في خمسينات القرن الماضي، ثم تأسَّس وعَقَد إجتماعات في بيروت وسويسرا ودول أخرى، وصار يمثل الإنتشار الإخواني في كل الدول الاسلامية حتى غير العربية منها. وهو يموّل نفسه من اشتراكات يدفعها المنتمون إليه كل وفقاً لحجمه الشعبي.
لكن هناك مبالغة في تصوير دوره. فهو لا يتمتع بحماية دولة عظمى كما تمتَّعت الإشتراكية الدولية بحماية الإتحاد السوفياتي في الماضي ولا برعايتها وتمويلها. لكنه يبقى قادراً على التواصل والتشاور مع أعضائه في العالمين العربي والإسلامي وخارجهما وعلى تأمين بعض الدعم المالي جراء ثروات وأعمال "إخوانيين" كثيرين.
أما هل يعيد ذلك "مجد" "الإخوان" إذا صحّت التسمية؟ فان أحداً لا يعرف.
“برافر”
بقلم: أحمد مصطفى علي عن الخليج الاماراتية
صفاقة ما يسمى وزير خارجية الكيان الصهيوني أفيغدور ليبرمان تجاوزت كل الحدود، حينما اعتبر، مؤخراً، احتجاجات الفلسطينيين اليومية ضد المخطط التهويدي "برافر"، الذي يسعى إلى مصادرة 800 ألف دونم من أراضي فلسطينيي النقب وترحيل نحو 70 ألفاً من 38 قرية مسلوبة الاعتراف، أنها "حرب على أراضي اليهود" .
صفاقة خريج مواخير مولدوفا لا مثيل لها، تفوح منها رائحة العنصرية النتنة، ضد أصحاب الأرض والوطن الحقيقيين، الذين شاركوا في تظاهرات سلمية غاضبة في مختلف البلدات والمدن الفلسطينية داخل أراضي ال 48 وخارجها، تحت شعار "برافر لن يمر"، وقوبلت بطريقة استفزازية رافقتها أعمال عنف واعتقالات من قبل سلطات الاحتلال، بدلاً من الحوار الحقيقي مع سكان القرى الفلسطينية لتنظيمها عوضاً عن سن قوانين عنصرية تدمرها وتطرد سكانها وتستولي على أراضيهم ومواشيهم، إن كان الهدف منها تنظيم النقب كما تدعي .
إن تصعيد الحكومة الصهيونية لمخطّطها الإجرامي، بإعلانها مناقصات لبناء 20 مستوطنة على الأراضي التي ستسلبها ضمن مخطط "برافر"، ينبغي أن يفرض موقفاً موحداً فلسطينياً وعربياً وإسلامياً، رسمياً وشعبياً، لإفشال هذا المخطط الذي يهدف إلى التطهير العرقي المنبوذ والنيل من صمود شعبنا الفلسطيني في النقب والأراضي المحتلة، والقضاء على أحلامهم في العيش الحرّ الكريم فوق أراضيهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، وتشريد أسرهم وأبنائهم .
إن المتتبع لأوضاع الدول العربية والخلافات الفلسطينية-الفلسطينية، يدرك تماماً أن الاحتلال يحاول استثمار انهماك العرب والفلسطينيين بقضايا ثانوية، لابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية خلسة من أصحابها الشرعيين، سواء في النقب أو في القدس والضفة الغربية المحتلتين، وصولاً إلى "يهودية الدولة" التي طالما سعت "إسرائيل" لفرضها، كأمر واقع، من خلال أساليب ممنهجة بتغيير هوية الأرض واقتلاع سكانها الأصليين .
تصعيد النضال وفضح ممارسات الاحتلال، هو عنوان المرحلة المقبلة، وأفضل وسيلة لمواجهة هذا المخطط التطهيري هو الصمود والاستمرار في الاحتجاجات والإضرابات الشعبية في الداخل الفلسطيني وفي الضفة الغربية وغزة وتصعيدها وتوسيعها، وحشد الدعم العربي والدولي، الرسمي والشعبي لها، لأنه البديل الوحيد للوقوف ضد تسونامي التهويد الصهيوني وآلة بطشه، حتى ترضخ حكومة الاحتلال لمطالب سكان النقب وبما يضمن حقوقهم والاعتراف بقراهم وأراضيهم وتجنيبهم نكبة أخرى .
ما وراء الأخبار.. إلى متى السكوت على آل سعود؟
بقلم: عز الدين الدرويش عن تشرين السورية
تصريحات وتسريبات واعترافات وتقارير من الغرب والشرق، ليس آخرها ما نقل عن الوزيرة الأمريكية هيلاري كلينتون ورئيس الاستخبارات الفرنسية برنار سكاوارسيني تبيّن وتؤكد بالوثائق والأرقام أن السعودية هي من تسلح وتموّل وتدرّب وتعدّ فكرياً المجموعات الوهابية التكفيرية الإرهابية في كل أنحاء العالم وليس في المنطقة فحسب.
وتقول المعلومات: جهاز الاستخبارات السعودي يدير ثلاثين تنظيماً إرهابياً على الأقل في شتى أنحاء العالم. وتقدر هذه المعلومات عدد المنضوين في هذه التنظيمات بزهاء ستين ألف إرهابي تدفع لهم رواتب شهرية عبر جهاز الاستخبارات مباشرة، أو عبر «رجال أعمال» تكفيريين محسوبين على آل سعود، ويستثمرون أموالهم بغطاء منهم.
والأخبار اليومية الآنية تؤكد تورّط آل سعود مباشرة في الأعمال الإرهابية التي يعاني منها هذه الأيام كل من العراق وسورية ولبنان واليمن على سبيل المثال، إذا ما كان الحديث عن المنطقة.
وكل يوم تعلن سورية عن مقتل إرهابيين وهابيين سعوديين على أراضيها، وتكشف عن الأسماء الثلاثية لهؤلاء الإرهابيين، ومكان مقتلهم، وفي بعض الأيام يتجاوز عدد هؤلاء القتلى العشرات، إضافة إلى أسر آخرين، إذ أعلن في الأسابيع القليلة الماضية عن أسر ثلاثمئة سعودي.
هذا وغيره الكثير يؤكد أن آل سعود يديرون فعلاً مجموعات من العصابات ولا يحكمون مملكة كما يدّعون، وأن خطرهم يتجاوز المنطقة إلى مناطق أخرى من العالم، ما يشكّل تهديداً فعلياً للسلم والأمن العالميين.
وعلى الرغم من كل ذلك مازال الغرب يساير أو يغض الطرف عن ممارسات آل سعود ومجموعاتهم الإرهابية الوهابية، لأسباب تنحصر بالدور المنوط بمملكة آل سعود منذ تأسيسها.
ويقول باحثون ومتابعون غربيون: دور السعودية التدميري في المنطقة وعلى صعيد العالم الإسلامي بوجه عام لم ينته بعد، وعندما ينتهي هذا الدور يكون هناك حديث آخر، ويستشهدون على ذلك بأنظمة كثيرة بادت بعد أن انتهى الدور المنوط بها.
ومع ذلك يتساءل أهل المنطقة العربية بالذات: إلى متى السكوت على آل سعود ومجموعاتهم الوهابية الإرهابية؟ وهل من المقبول تركهم يتآمرون ويقتلون إلى ما لا نهاية؟ والكل يضع آماله على سورية وجيشها بعد أن لقّنت أوكادت آل سعود ومشغليهم درساً سيجبرهم على مراجعة حساباتهم.
ما لم يقله بلير عن مانديلا وأبارتيد الحركة الصهيونية
بقلم: عاصم حمدان عن المدينة السعودية
عند ورود خبر رحيل الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا استضافت قناة: "بي بي سي" العالمية رئيس الوزراء العمالي الأسبق توني بلير، ليتحدث عن ذكرياته- معه- وأقر (بلير) بأن مانديلا كان ضد عملية التدخل العسكري في العراق والتي قادها الثنائي بوش الابن - بلير، مضيفًا أن مانديلا لم يكن من أنصار صدام حسين، وأن سلوك مانديلا السلمي إزاء خصومه بعد خروجه من السجن الذي أمضى داخل قضبانه أكثر من عقدين من الزمن هو الذي دفع حكومة بلير للتفاوض مع الجيش الجمهوري الإيرلندي وخصوصًا جناحه المتشدد الموسوم (شين فين - Hinn - fein) مقارنًا إياه بـ(غاندي) ولكن بالعودة إلى الوراء نجد أن الحكومات البريطانية المتعاقبة كانت تتقدم خطوة وتتراجع خطوات إزاء تزويد النظام العنصري في جنوب إفريقيا أو ما يعرف بذلك المصطلح البغيض Aparheid، ابارتيد بالسلاح وهو ما تمارسه الحركة الصهيونية الاستعمارية مع الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ستين عامًا، ومن يتتبع تاريخ العلاقة بين النظام العنصري في جنوب إفريقيا والحكومة البريطانية يجد أن حكومة ويلسون العمالية 1964-1930م كانت تقع تحت ضغط من نواب اليمين لرفع حظر بيع الأسلحة البريطانية لدولة جنوب إفريقيا مع استثناءات محدودة في صفوف حزب العمال مثل وزير الدفاع الأسبق وينيس هيلي Heoley، الذي زار مانديلا في سجنه، حيث دون في مذكراته: بأن مانديلا كان يسمح له من قبل النظام العنصري بزيارة شخصين في كل شهر واستلام رسالتين- فقط- إلا أن المفكر والسياسي (هيلي) يعتقد بأن محادثته مع مانديلا في عام 1930م كانت تجري عملية تسجيلها ولهذا لم يستطع لجهة هذا السلوك غير الإنساني أن يناقش معه- موضوعات سياسية، وأتخيل الآن شخصيًا كيف كان سلوك رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر عند حضورها مؤتمرًا لدول الكومنولث في منتصف الثمانينيات الميلادية وكان مطروحًا على أجندة المؤتمر وضع عقوبات سياسية على نظام جنوب إفريقيا، حيث كانت ضد القيام بأي عقوبات..وكان موقفها من منظمة التحرير الفلسطينية الأكثر غرابة وشذوذًا حيث منعت وزير خارجيتها جيفري هاو Howe من مقابلة شخصيات فلسطينية من خارج إطار المنظمة، بينما قام قس كانتربري آنذاك بمقابلتهم، ولكن يمكن القول إن إجماع الغالبية السوداء وسواها حول شخصية (مانديلا) دفع العالم للاعتراف بحق الغالبية في حكم البلاد، بينما يظل العامل الأضعف عند الفلسطينيين هو تشتتهم في الشتات تحت زعامات مختلفة.
إسرائيل.. قصة امتلاكها السلاح النووي
بقلم: محمد عثمان عن جريدة عُمان
كانت إسرائيل من الدول القليلة التي أعلنت عن غضبها من الاتفاق النووي بين إيران والقوى الغربية وتعتبر إسرائيل هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تمتلك الأسلحة النووية.
فقد وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق بأنه «خطأ تاريخي»،
وقالت صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية، إن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه أخيراً في جنيف بين القوى العالمية وإيران يمثل «خطورة كبيرة غير مرئية»، «وإنه يرتكز على أسس هشة ربما قد تؤدي إلى انهيار نظام العقوبات المفروضة على إيران، ومن ثم قد تحاول إيران خلال الأشهر الستة المقبلة العمل على تقسيم القوى الدولية».
إسرائيل التي طالما هددت بشن هجوم عسكري لوقف برنامج إيران النووي لديها وفقاً لمعهد لندن للدراسات الإستراتيجية ما بين 100 – 200 رأس نووي. وتتبع إسرائيل سياسة يطلق عليها الغموض النووي فهي لا تعلن أنها دولة نووية تمتلك القنابل النووية كما أنها لا تنفي حيازتها لهذا النوع من الأسلحة وتحقق تلك السياسة لإسرائيل قوة ردع كبيرة لخصومها بما يعني منعهم من الهجوم عليها والتفكير في عواقب ذلك الهجوم والمتمثلة في احتمالات استخدام إسرائيل للأسلحة النووية ضدهم.
وأصبحت إسرائيل هي القوة الأولى في الشرق الأوسط والسادسة على مستوى العالم التي تمتلك السلاح النووي على الرغم مما كان قد أعلنه رئيس الوزراء السابق ليفي أشكول من أن إسرائيل لن تكون الدولة الأولى التي تُدخل السلاح النووي إلى الشرق الأوسط.
وقد أصبح من المسلَّم به منذ عام 1970 أن إسرائيل لديها سلاح نووي وجاءت خطة امتلاك السلاح مبنية على البرنامج النووي الإسرائيلي الذي بدأ فور إنشائها على أرض فلسطين في عام 1948. ويرى بعض الإسرائيليين أن فكرة حصول إسرائيل على القدرة النووية تعادل فكرة إنشاء الدولة وبدأ ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي رعاية الحلم النووي مبكراً وفي الفترة من 1955 – 1958 التي شهدت تأسيس العلاقات الخاصة بين إسرائيل وفرنسا تم توفير الموارد المطلوبة لتطوير مشروع نووي، وكان هناك ثلاثة أشخاص رئيسيين وراء المشروع هم بن جوريون، وشيمون بيريز، وارنست ديفيد برجمان المتخصص في الكيمياء العضوية .
وحدد بن جوريون العلم والتكنولوجيا باعتبارهما المجال الوحيد الذي تستطيع إسرائيل من خلاله التفوق على العرب وأعطى الأولوية للأبحاث العلمية والعسكرية حيث أنشأ مركزاً للعلوم في صحراء النقب وخصص له ميزانية كبيرة لدرجة أن كبار مسؤولي المركز لم يعرفوا ماذا يفعلون بها.
وأدرك بن جوريون أن إسرائيل في حاجة ماسة لسلاح نووي لحماية أمنها في حالة عجزها عن التنافس مع العرب في سباق التسلح أو لاستخدامه كسلاح للضربة النهائية وبما يقنع العرب بالاستسلام لقيام دولة إسرائيل.
وفي ديسمبر 1960 تحدث بن جوريون في خطاب أمام الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عن أهداف السلام للمشروع النووي الإسرائيلي.
أما برجمان فقد كان كيميائياً صغيراً عندما طرده النازيون من جامعة برلين في عام 1933، وعيَّنه حاييم وايزمان رئيساً لمعهد بحوث دانيال زيف الذي تم ضمه إلى معهد وايزمان للعلوم في عام 1949، وعيَّنه بن جوريون رئيساً لمركز العلوم التابع للجيش الإسرائيلي وعمل في عام 1951 في منصب المستشار العلمي لوزير الدفاع،وفي يونيو 1952 تم إنشاء اللجنة الإسرائيلية للطاقة الذرية برئاسة برجمان الذي أقنع بن جوريون بأن الطاقة الذرية من شأنها أن تكون سبب استمرار بقاء إسرائيل من خلال تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية، وتحقيق الخيار النووي لإسرائيل على أساس أنه لا يوجد نوعان للطاقة الذرية أحدهما للسلام والآخر للحرب. وكان هناك الشخص الثالث شيمون بيريز – الرئيس الإسرائيلي حاليا الذي أقام علاقات مشتركة مع فرنسا بهدف إمداد إسرائيل بالمفاعل النووي وقاد الجهود الإسرائيلية في مجال المشروع النووي.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت اعتزامها تقديم المساعدات لإسرائيل في مشروع نووي من أجل السلام وذلك في إطار برنامج الذرة من أجل السلام الذي أعلنه الرئيس الأمريكي داويت أيزنهاور في عام 1955 ووافقت على بيع مفاعل تجارب صغير لإسرائيل بشرط خضوعه لإشراف أمريكي ولكن مفاعلا كهذا لم يكن كافياً لتحقيق الخيار النووي لإسرائيل التي تطلعت إلى فرنسا على أنها الدولة التي يمكن أن تساعدها في هذا المجال، ووطد بيريز العلاقات مع فرنسا واعتبر إقامة مشروع نووي إسرائيلي سري أساساً لقاعدة قوي سياسية وعسكرية.
ومع مطلع عام 1956 وفي الوقت الذي توطدت فيه العلاقات الفرنسية الإسرائيلية اقتنع بيريز بأن فرنسا يمكن أن تكون المصدر الرئيسي لمساعدة إسرائيل نووياً، وارتبط ذلك بالتنسيق للعدوان الثلاثي الفرنسي البريطاني على مصر الذي حدث في 29 أكتوبر 1956 في أعقاب تأميم قناة السويس وفرض مصر للحصار البحري على إسرائيل ومنعها لمرور السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من عبور قناة السويس.
وفي تلك الفترة اجتمع وزير دفاع فرنسا مع بيريز وسأله:كم من الوقت يستغرق الجيش الإسرائيلي لاجتياز سيناء والوصول إلى قناة السويس وكان رد بيريز أن ذلك ممكنا في أقل من أسبوعين، وكان ذلك هو دور إسرائيل في العدوان الثلاثي والذي واكب التحضير له التوصل إلى اتفاقية في 17 سبتمبر 1956 بين فرنسا وإسرائيل لبيع مفاعل أبحاث لإسرائيل، التي حصلت لاحقاً على مفاعل كبير بطاقة 40 ميجاوات.
وفي 30 أكتوبر 1957 وقعت فرنسا وإسرائيل على اتفاقية تزود بمقتضاها فرنسا إسرائيل بمفاعل أقيم في ديمونة، وحصلت إسرائيل على الماء الثقيل لتشغيل المفاعل من النرويج بعد أن غيرت توجهها من بناء مفاعل للأبحاث إلى بناء مفاعل حقيقي وبدأت في العامين التاليين برنامجها النووي، ووصفت مفاعل ديمونة بأنه مصنع للنسيج. هذه باختصار قصة امتلاك اسرائيل للسلاح النووي الذي تريده حكرا لها حاليا.
الإخوان البلشفيون
بقلم: رمزي عز الدين رمزي عن المصري اليوم
كما فعلت البلاشفة، اعتمدت حركة الإخوان على الانقضاض على ثورة لم تكن من صناعتها، إلا أنها وظّفتها لصالحها ونسبتها لنفسها، كما انتهجت العنف كأداة سياسية
المرحلة الأولى من الثورة الروسية، كما هو معروف فى فبراير 1917، حيث جاءت كمخاض لحركة تمرد شعبية استمرت لسنوات انتهت بسقوط الإمبراطورية الروسية وإنشاء أول جمهورية، إلا أن سرعان ما وظفت الحركة البلشفية بقيادة فلاديمير لينين، الذى تأثر بفكر كارل ماركس، ظروف الثورة لصالحها، وأحكمت قبضتها عليها فى أكتوبر 1917، فلُقّبت بالثورة البلشفية، وتمكن الحزب البلشفى من تغيير النظام السياسى والاجتماعى والاقتصادى فى روسيا، فبسط أيديولوجيته الشيوعية فى أنحاء البلاد.
ويمكن تلخيص السمات الأساسية للنهج البلشفى فى الفكر الأُحادى والمراوغة السياسية واستباحة العنف والاستهانة بمتطلبات الإنسان فى الحرية والديمقراطية، وانتهجت الانتهازية السياسية التى لم تراع قيماً أو أسساً سوى محاولة الانقضاض على السلطة، والحكم بقبضة حديدية، والتحالف مع التيارات السياسية التى تحقق مآربها، ثم إقصاء حتى حلفائها الأيديولوجيين، ناهينا عن اعتماد أسلوب العمل السرّى الخفى، الذى افتأت على الحريات العامة والقيم الإنسانية، وجعل من التنظيم السرى لب العمل السياسى. ولكن كيف لنا أن نقارن منذ الوهلة الأولى الحركة البلشفية بجماعة الإخوان المسلمين، فالبلاشفة مُلحدون لا دين لهم، فى حين أن الإخوان يرتدون عباءة الدين، والبلاشفة ثوريون فى حين أن الإخوان محافظون.
أما على الصعيد الاقتصادى فإن البلاشفة شيوعيون، فى حين أن الإخوان يؤمنون بالرأسمالية، وعلى صعيد الفكر والإبداع نلاحظ ما أنتجته حركة البلاشفة، خاصة فى أولى مراحلها من مفكرين ومبدعين، الأمر الذى لم يتحقق بالنسبة للإخوان، فتُرى ما الذى يجمع التيارين رغم ما سردناه من أوجه تباين؟ إن ملامح التشابه كثيرة، فكما فعلت البلاشفة، اعتمدت حركة الإخوان على الانقضاض على ثورة لم تكن من صناعتها، إلا أنها وظّفتها لصالحها ونسبتها لنفسها، كما انتهجت العنف كأداة سياسية، واتّبعت أسلوب الانتهازية بالتحالف مع تيارات سياسية معيّنة، ثمّ إقصاء حتى حلفائها الأيديولوجيين، والعمل من خلال التنظيم السرى لتحقيق أهدافها، كما اعتمدت الحركة على التسلّل التدريجى عبر الأيديولوجية واستمالة الطبقات المهمّشة فى الشعب، خاصة الشباب المُحبط سياسياً واقتصادياً للوصول إلى السلطة الذى بدأ تدريجيا ثم بطريقة التسرّب بغية التمكن والسيطرة على جميع مفاصل الدولة، ناهينا عن اتباع التيارين للفكر الأممى، الذى يتجاوز حدود الدولة، ويُعلى من قدر الانتشار خارج نطاقها اعتماداً على حشد أكبر عدد من المؤيدين لأيديولوجية معينة حول العالم.
وإذا كان النهج الماركسى اللينينى لم يتجاوز الثمانين عاماً بانهيار الاتحاد السوفيتى لأسباب داخلية وخارجية أطالت من عمره.
فماذا لو أن حركة الإخوان قد تمكّنت من البقاء فى حكم مصر طيلة هذه العقود. إن الجواب المنطقى يشير إلى أنها كانت ستفشل أيضا فى اختبار الحكم، وكان سينتهى بها الأمر مهما طال الأمد بلفظها من قبل المصريين، لذا فإننا محظوظون بأن دوامها فى الحكم لم يدُم إلاّ عاما. فما الذى يمكن لحركة الإخوان أن تتعلّمه من التجربة البلشفية عبر العقود؟
لعلّ أهم الدروس يكمن فى التيقّن من أن الفكر الديمقراطى المعاصر ينبذ تماماً العنف بكل أشكاله، ويلفظ العمل السرى والفكر الأحادى الذى يستبعد الآخر، ويتحسب له ويجرم الانفتاح والتنوع الفكرى، ويتجه نحو إعادة صياغة فكر الحركة وأسلوب عملها بما يتواءم مع متطلبات العمل الديمقراطى، فإذا لم تتمكن فإن الحركة سوف يكون مصيرها التهميش أو ربما الزوال الكامل من الساحة المصرية.