اقلام اسرائيلي 527
13/1/2014
في هــــــذا الملف
اسرائيل ايضا في غيبوبة
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
الأردن يسعى الى شراء مياه من اسرائيل
بقلم:آفي بار ايلي،عن هآرتس
ذهب تركي في اسرائيل
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
شارون: في جنة عدن مع بن غوريون!
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
اسرائيل تبيع الغاز للفلسطينيين
بقلم:عمير بن دافيد،عن يديعوت
أزمة في ‘العلاقات الخاصة’ بين برلين واسرائيل
بقلم:ايلي بردنشتاين،عن معاريف
اسرائيل ايضا في غيبوبة
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
من المؤكد أنه كان أشجع سائس في اسرائيل وكان أقساهم ايضا. ومن المؤكد أنه كان أكثر ساسة اسرائيل ايمانا بالقوة؛ وكان ايضا من القليلين الذين عرفوا حدود القوة. حدث هذا في الحقيقة في أواخر حياته فقط لكنه حدث بصورة عظيمة ككل شيء عند ارييل شارون.
إن كل حياته ـ العسكرية والسياسية (في الداخل والخارج) قامت على شهوته للقوة التي لا كابح لها وعلى شجاعته. لكنه هو الأكثر جرأة عرف أن القوة العسكرية التي قامت عليها اسرائيله لا يمكن أن تضمن مستقبلها، فهي لا تستطيع أن تحيا على سيفها الى الأبد. وقد فهم شارون ذلك وإن يكن في تأخر كثير. وفهم أن تفوقها العسكري لن يبقى لها الى الأبد. وقد كان لاسرائيل قبله وبعده ساسة شجعان في ظاهر الامر كاسحق رابين الذي تحيط به هالة 1967 والذي عانى ‘قرقرة بطنه’ قبل أن يوقع على اتفاقات اوسلو؛ وشمعون بيرس الذي الشجاعة هي الصفة الرئيسة وإن لم تكن الوحيدة التي تعوزه ليصبح سائسا حقيقيا؛ واهود باراك الأكثر ميلا لأوسمة الشرف في الجيش الاسرائيلي والذي لم يخطُ خطوة واحدة دون أن يفحص عنها في استطلاعات الرأي؛ وبنيامين نتنياهو بالطبع الذي الجُبن هو اسمه الثاني. لكنهم هم خاصة تمسكوا بالقوة العسكرية وكأنها كل شيء ولم يستطيعوا معرفة حدودها.
حينما ننظر الى الرجال الرجال في اليمين الاسرائيلي بعد شارون لا يمكن ألا نستخف بهم. لأن شارون يبدو بطلا متأخرا اذا قيس بصارخي اليمين الذين يتحدون العالم كله: الدانونيون الذين يهددون امريكا والاوري اريئاليون الذين يشتهون العقارات ويهددون بعدم الكف عن الغصب، ونتنياهو الذي يهدد بقصف ايران ويتدخل في الوقت نفسه بوقاحة في السياسة الامريكية وكأن اسرائيل هي القوة العظمى وامريكا مرعية لها، وافيغدور ليبرمان الذي كان الى أمس يبحث عن حليفات ‘بديلة’ عنها، وما كان شارون الجريء ليتجرأ على ذلك لأنه أدرك أنه ليس لاسرائيل مستقبل من غير دعم الولايات المتحدة، كما أدرك بالضبط أن اعتمادها على سلاحها وجيشها لم يعد كافيا.
أدرك شارون وزير الحروب والمستوطنات واحتلال اسرائيل الذي لا يوجد شيء سواه وهو من هذه الجهة وزير التاريخ تقريبا أدرك في تأخر مصيري أنه لا يمكن اقامة دولة على ذلك وانه لا يمكن مواجهة العالم كله والاعتماد على ‘القبة الحديدية’. وأنه لا يمكن الاستهانة بالولايات المتحدة وأن تكون معتمدا على جيوبها ودعمها.
ربما فهم في أواخر ايامه ايضا جرائمه في لبنان، لكني أشك في ذلك كثيرا. بيد أنه أدرك أن احتلالات اسرائيل أضعفتها. وأدرك ذلك فيما يتعلق بقطاع غزة الذي حاول قبل ذلك ببضع سنوات أن يقنعنا بأن الانسحاب منه سيجلب كارثة. إن شارون الذي لا يعرف التناسب تحول الى شارون التناسب. وكان احتضار موقفه السابق في عملية ‘السور الواقي’ وهي آخر عمليات شارون الكلاسيكية وهي الضرب بلا رحمة بأكبر قدر ممكن؛ والقتل والتدمير والتخريب والاغتيال. وبعد ذلك جاء الوعي أنه حتى ‘السور الواقي’ لن تحمي اسرائيل الى الأبد.
كان شارون مجرم حرب بحسب جميع المعايير الدولية الرائجة. فثمة جرائم حرب من قبية الى بيروت. ولم يغير شارون المتأخر ذوقه غير الاخلاقي لكنه أدرك بطريقته هو وهي طريقة القوة أن لذلك حدودا. وربما جعلته امريكا جورج بوش يصحو وربما عرف أكثر من آخرين ما يجري في الجيش الاسرائيلي الذي تحول الى جيش شرطة واحتلال في جزء عظيم من عملياته يطارد الاولاد الصغار. ومهما تكن بواعثه فان صحوته كان يجب أن تعلم اليمين الاسرائيلي درسا لكن ذلك لم يحدث وهذا هو فشل شارون غير الوحيد لأن أشجع الجميع لم ينجح في أن يورث أخلافه خوفه بل بالعكس، فالذين خلفوه يسيرون في طريق شارون الاول ويتجاهلون تراث شارون الثاني تجاهلا تاما. ربما أعوزته بضع سنوات قيادة اخرى كي يُثبت صحوته التي ربما بلغت ذروتها الممكنة (والنفسية) في الانفصال. لكن بعد أن غاب شارون في رقدته عادت اسرائيل لترقد هي ايضا وعادت لتسير في طريق شارون السابق المؤمن بالقوة والقاسي والعسكري.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الأردن يسعى الى شراء مياه من اسرائيل
بقلم:آفي بار ايلي،عن هآرتس
المشاكل الطيبة لاسرائيل تصبح فرصة اقتصادية اجتماعية لجارتها: فقد علمت ‘ذي ماركر’ بان الحكومة الاردنية توجهت مؤخرا الى حكومة اسرائيل بطلب استغلال فائض قدرة التحلية التي ظهرت في منشآتها، لزيادة حجوم شراء المياه من اسرائيل.
وحسب التقديرات، يطلب الاردنيون مضاعفة كمية المياه السنوية التي يشترونها من اسرائيل منذ اليوم، وان يشتروا هذه السنة من اقتصاد المياه الاسرائيلي 10 20 مليون متر مكعب اضافي من المياه. ويعود سبب الطلب ضمن امور اخرى الى تيار اللاجئين من سوريا الذي غمر المملكة. فمنذ بداية الحرب الاهلية في سوريا اجتاز الحدود الى الاردن نحو مليون لاجيء الامر الذي سيزيد بشكل كبير استهلاك المياه والكهرباء في الدولة. وفي الوزارات الحكومية يبحثون في هذه الايام في الطلب الاردني، ومن المتوقع لمسؤولين في الحكومتين ان يلتقوا قريبا للبحث في تفاصيله.
في اطار اتفاق السلام الذي وقع بين الدولتين تبيع اسرائيل الاردن كل سنة نحو 35 مليون متر مكعب من المياه التي مصدرها بحيرة طبريا. وبالتوازي، يحرر الاردنيون لاسرائيل كل شتاء نحو 20 مليون متر مكعب من المياه مصدرها اليرموك والتي تعيد منها اسرائيل الى الاردنين في الصيف 5 10 مليون متر مكعب. وبالتوازي تستخدم اسرائيل نحو 7 مليون متر مكعب من المياه تنتج في الطرف الاردني من العربا. وبالاجمال، يوفر اقتصاد المياه الاسرائيلي للاردنيين 15 20 مليون متر مكعب (صافي) من المياه في السنة.
بالنسبة للمياه التي تلتزم اسرائيل ببيعها للاردنيين في اطار اتفاق السلام، يجبى ثمن لتغطية كلفة تشغيلية فقط للضخ نحو 4 سنت للمتر المكعب دون ربح. كل كمية من المياه تورد فوق الاتفاق تباع بـ 45 سنت. وبموجب الحساب السريع، فان اسرائيل تجبي من الاردنيين نحو 30 مليون شيكل في السنة لقاء ما تزودهم بها من مياه.
حاليا، ليست واضحة ترتيبات الدفع التي ستكون لقاء كمية المياه الاضافية التي يبدي الاردنيون اهتمامهم بها. والتقدير هو أن سعر المياه الاضافية سيكون أعلى جدا في ضوء الكلفة الهامشية العالية لانتاج مزيد من المياه في منشآت التحلية. واضافة الى ذلك، فان الاستجابة للطلب قد تواجه مصاعب فنية، في ضوء بنية تسيير المياه المحدودة نسبيا بين الدولتين. الفلسطينيون يشترون مياها بـ 150 مليون شيكل.
والى ذلك، علم أن السلطة الفلسطينية ايضا جست النبض مؤخرا لمعرفة امكانية زيادة كمية المياه التي تزودها بها اسرائيل. ففي اطار التسويات الدولية التي وقعت مع الفلسطينيين، تنقل اسرائيل الى السلطة نحو 60 مليون متر مكعب من المياه في السنة، بمستويين من’ الاسعار: حتى 50 مليون متر مكعب بتعرفة 2.8 شيكل للمتر المكعب، وأكثر من ذلك بـ 3.5 شيكل للمتر المكعب.
وبالاجمال، يبلغ بيع المياه للسلطة الفلسطينية 150 مليون شيكل في السنة. وهذا المقابل يقتطع بشكل تلقائي من مبالغ الضرائب التي تجبيها اسرائيل بشكل جارٍ للفلسطينيين وتنقلها لها. وذلك مثلا، خلافا لترتيب الدفع الاشكالي لقاء الكهرباء التي يزود بها الفلسطينيون، حيث لم تحرص اسرائيل على ان تنص مسألة الاقتطاع المالي بآلية تلقائية جارية.
ومثلما كشفت ‘ذي ماركر’ مؤخرا، تقدر اليوم ديون لشركة الكهرباء الاسرائيلية بـ 1.15 مليار شيكل، ترفض السلطة تغطيتها. وزير المالية الفلسطيني، شكري بشارة، بعث مؤخرا برسالة الى اسرائيل اقترح فيها تسوية تشمل ‘حلاقة’ لـ 50 في المئة من الدين بمعنى التخلي عن نحو 550 مليون شيكل. وبالنسبة لباقي المبلغ، طلبت السلطة جدولة تسديده على فترة 20 سنة. رفضت اسرائيل اقتراح الحلاقة رفضا باتا. واغلب الظن فان الخلاف حول هذا الدين سيمنع الطرفين من الدخول في مفاوضات على بيع مزيد من المياه.
ان اهتمام جيران اسرائيل بشراء مزيد من المياه يأتي على خلفية قرار اسرائيل التعطيل الجزئي لمنشآت التحلية لديها وتقليص مشتريات المياه ا لمحلاة في 2014 بنحو 30 في المئة. وفي الاسبوع الماضي اتفقت سلطة المياه ووزارة المالية مع اربعة الحاصلين على امتيازات التحلية على تقليص شراء المياه من منشآتهم في 2014، في اعقاب السنتين الاخيرتين الماطرتين نسبيا، واللتين تسمحان اليوم بتوريد المياه من مصادر طبيعية.
في ختام الاتصالات التي استمرت عدة اسابيع، اتفق على ان تشتري الدولة في السنة القريبة القادمة 360 مليون متر مكعب من مياه البحر المحلاة من اصل قدرة انتاج اجمالية بمقدار 510 مليون متر مكعب، وذلك بعد أن تقلص منشآت التحلية في عسقلان، بلماخيم والخضرة في السنة القريبة القادمة انتاجها بنحو 30 في المئة. بينما المنشأة الكبيرة نسبيا في شورك ستقلص نشاطها بنحو 20 في المئة. وبالتالي ستتفرغ ‘على الورق’ قدرة انتاج بمقدار 150 مليون متر مكعب.
وسيتيح التعطيل الجزئي لمنشآت التحلية توفيرا بمقدار 191 مليون شيكل مقارنة بالانتاج الكامل للمنشآت. وحسب التقدير، ففي العام 2015 ستكون الدولة مطالبة بتقليص اعمق في’ انتاج المياه المحلاة وهكذا ايضا في السنوات التالية بعد دخول المنشأة التي تبنيها مكوروت هذه الايام في اسدود الى نطاق العمل. خطوة كهذه كفيلة بان تجر صراعا عسيرا ضد اصحاب امتياز التحلية، الذين يقلقون على مصير مردودات مشاريعهم وقيمتها.
تمديد انبوب الغاز بين اسرائيل والاردن يبدأ في 2015
تمديد انبوب الغاز الطبيعي بين اسرائيل والاردن يبدأ في 2015 وينتهي في 2016 هكذا افادت هذا الاسبوع وكالة ‘بلومبرغ’ على لسان محافل رفيعة المستوى في المنطقة. وذلك في اطار الاتصالات الجارية منذ سنة بين شركة ديلك ونوبل انيرجي وبين محافل في الحكم الاردني حول امكانية تصدير الغاز لمشاريع البحر الميت الاردنية، التي تشغلها شركة بوتاس الكندية.
حسب التقديرات، يحتاج الاردنيون الى غاز بحجم 2 3 مليار متر مكعب في السنة اضافة الى ما يزودهم به المصريون بشكل غير منتظم، ولكن شبكة تسيير الغاز في الدولة محدودة. ويقدر الاستهلاك الفوري للاردنيين اليوم بنحو نصف مليار متر مكعب في السنة ولا سيما لمصانع البحر الميت. وكشفت ‘ذي ماركر’ النقاب قبل نصف سنة عن أن شراكة تمار تدير منذ الان اتصالات متطورة مع الاردنيين لتزويد المصانع بالغاز الامر الذي يتطلب ربطا قصيرا من انبوب التسيير الاسرائيلي الذي يصل منذ الان حتى سدوم.
يعتزم اقتصاد الطاقة في الاردن على الغاز بمعدل 88 في المئة، وتعرض في السنوات الاخيرة الى خسارة 5.6 مليار دولار بسبب التشويشات في توريد الغاز من مصر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ذهب تركي في اسرائيل
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
شركة كوزا التين التركية هي مصلحة كبرى، من اكبر المصالح في الدولة، تعنى ضمن امور اخرى في تنجيم الذهب. في الاسبوع الماضي أمرت مديرية لواء ازمير الشركة بوقف التنجيم للذهب في واحد من خمسة المناجم الهامة لها بدعوى ان ليس لديها التراخيص اللازمة من وزارة جودة البيئة. وكان هذه حجة غريبة إذ ان لدى الشركة الوثائق والاذون المناسبة’ منذ العام 2011، ورخصة التنجيم لديها سارية المفعول حتى شباط 2014. ولكن السبب’ الحقيقي، بزعم ادارة الشركة، التي يترأسها اكين ايفك، ليست التراخيص وجودة البيئة، بل مواقف ايفك الانتقادية تجاه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان.
ايفك، مثل الكثير من ارباب المال الاتراك، يملك أيضا صحيفة ومحطة تلفزيون، امطرا اردوغان بوابل من التنديدات والانتقادات في اثناء المظاهرات في حديقة غازي في حزيران الماضي. اردوغان، حسب مصادر تحدثت مع الصحيفة التركية ‘زمان’، أمر في تموز بالبحث عن كل اصحاب الشركات الكبرى الذين ايدوا المتظاهرين والمظاهرات في محاولة للمس بهم اقتصاديا.
هذا ليس نهجا جديدا فاردوغان جربه بنجاح من قبل في 2009 ضد الملياردير آيدين دوان، الذي كان صاحب مجموعة صحف ومحطات تلفزيونية انتقدت النظام. ووجد الادعاء العام التركي بان شركة دوان لم تبلغ عن مداخيل من صفقة بيع كبرى لشركة إكسل شبرينغل الالمانية، وسلطات الضريبة فرضت عليها غرامة واسترداد ضريبي بمبلغ 3.2 مليار دولار. واضطر دوان الى التخلي عن عدد من الشركات التي في ملكيته، بما فيها صحف هامة، من أجل دفع الغرامة الهائلة. يبدو أن ايفك هو الضحية التالي، وذلك لانه معروف كمن يؤيد حركة ‘هزمت’ (خدمة) التي تعمل تحت رعاية وتوجيهات المفكر الديني الاجتماعي فتح الله غولان، الخصم الايديولوجي لاردوغان، الذي يستقر في فيلادلفيا ويوجه مؤيديه من هناك. وسيتعين على ايفك ان يدير الان معركة مزدوجة، قانونية وجماهيرية ضد الحكومة، وذلك لانه الى جانب حجة عدم وجود التراخيص تنشر وسائل الاعلام المؤيدة للحكومة معلومات تقول ان شركة كوزا التين التابعة لايفك باعت الذهب لرضا زراب، رجل الاعمال الايراني الذي كان متورطا، حسب الاشتباه بدفع الرشوة لوزراء ومسؤولين في الاقتصاد التركي، ومعتقل الان بسبب هذه الشبهات.
ولكن قضية الفساد التي تتفرع وتنشيء مشبوهين جدد صبح مساء، بدت تضرب بالاقتصاد التركي ايضا. فليست الليرة التركية فقط وصلت في نهاية الشهر الى الدرك الاسفل. بل ان التخوف في اوساط الاقتصاديين الاتراك هو أن يفضل المستثمرون الاجانب على الاقل في الفترة القريبة القادمة وقف استثماراتهم الى أن يتأكدوا من أن الشركات الكبرى التي عقدوا معها الصفقات لا ترتبط بقضية الفساد، وان المشاريع التي دفعوا نحوها الاموال سليمة وليست جزءا من قناة نقل الاموال القذرة.
أحد الفروع الاهم التي قد تتضرر هو فرع البناء العام والخاص، الذي كان على مدى اكثر من عقد من الزمان المحرك الاقتصادي الذي ساهم في نمو الاقتصاد التركي. وحسب معطيات نشرتها صحيفة ‘حريات ديلي نيوز′، فان الاستثمار في البناء العام (طرق، جسور، مطارات وما شابه) كان 80 في المئة من عموم الاستثمارات الحكومية في 2003 2013. في تلك السنوات استثمرت الحكومة، بالتعاون مع شركات خاصة، نحو 53 مليار دولار في السنة في البناء فقط.
بعض من تلك المشاريع ادارتها شراكة بين سلطة تنمية السكن وبين شركات خاصة. وعلى رأس السلطة كان حتى العام 2011 اردوغان بيرقطار، الذي كان حتى قبل نحو اسبوعين وزير شؤون البيئة، واضطر الى الاستقالة بامر من اردوغان بسبب الاشتباه بتورط ابنه في قضية الفساد.
مع انكشاف القضية قد يحقق البرلمان والنيابة العامة بطبيعة الصفقات التي ادارتها الدولة مع الشركات الخاصة سواء في القطاع الخام ام في القطاع العام. احد المشاريع الكبرى التي قد تتضرر هو بناء مطار ثالث في اسطنبول، لان احدى الشركات التي’ حظيت بالعطاء لاقامته متورطة هي ايضا ، حسب الاشتباه، في قضية الفساد ويحتمل أن’ تكون هناك مشاريع اخرى مصابة بتجاوز القانون، ولا سيما قانون العطاءات ومن شأنها الان أن تتعرض للتحقيق.
حكومة اردوغان، التي اقامت اساس شعبيتها على نمو اقتصادي كبير (5 في المئة بالمتوسط في العقد الاخير) وعلى تحسن كبير في المداخيل للفرد (التي تضاعفت تقريبا منذ 2002) بدت حتى الشهر الماضي عصية على الاصابة وعديمة الخصوم السياسيين ذوي الوزن. وأعد اردوغان لنفسه منذ الان سترة الرئاسة قبيل الانتخابات التي من المتوقع أن’ تجرى في حزيران 2014، وفي يده ملفا مثيرا للانطباع من النجاحات الاقتصادية. ولا تزال التوقعات الاقتصادية جيدة، وحسب تحليل المعطيات الاقتصادية في تركيا، رغم التضخم المالي الذي ارتفع بنحو 0.5 في المئة أكثر من التوقعات الرسمية (7.4 في المئة مقابل توقع 6.8 في المئة) فان الاقتصاد التركي بعيد عن الانهيار بسبب هذه القضية. التخوف هـو من الاثار السياسية التي ستأتي في اعقابها.
اذا ما بدا اردوغان كهش وكمن لا ينجح في الخروج بكرامة من عقدة الفساد، فان مستثمرين محليين واجانب ايضا من شأنهم ان يرجئوا استثماراتهم الى ان يتبين بانه يوجد مسؤول مستقر ومتين في تركيا. فترة انتظار كهذه قد تكون حرجة لاقتصاد الدولة وضربات اردوغان للجهاز القضائي من شأنها فقط ان تقنع المستثمرين بان اغلاق انوفهم لن يزيل الرائحة الكريهة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
شارون: في جنة عدن مع بن غوريون!
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
تتإن حياة ارييل شارون وحياة دولة اسرائيل ملفوفتان في غلاف واحد. فقد كان هو كل ما حلم أن يراه آباء الدولة في جيل الأبناء، من المولودين في البلاد، إذ كان وسيما وقويا وفلاحا يفلح ارضه وجنديا طول الحياة. فقد قدم الآباء الرؤيا وقدم الأبناء التنفيذ. ولم يوجد رجل تنفيذ أكثر تصميما وأعظم قدرة وأحسن تدبيرا من ارييل شارون.
إن الآثار التي يُخلفها ضخمة. وقد تم الحديث كثيرا في الاسبوع الطويل الذي مر بين اعلان موته القريب وموته بالفعل عن اسهامه المركزي في انشاء المستوطنات وعن مسؤوليته عن خطة الانفصال، لكن حياته المهنية في خدمة الدولة اشتملت على محطات اخرى ذات أهمية تاريخية.
أنشأ الوحدة 101 وتولى قيادتها. وهذه الوحدة لم تفعل الكثير بالمفاهيم العسكرية الخالصة لكنها أحدثت تحولا بالمفاهيم المعنوية فقد أعادت الى الجيش الاسرائيلي روح القتال. ووحدها مع المظليين وخطط وقاد أكثر عمليات الرد. وقد حدد بن غوريون وديان السياسة وكان شارون مقاول التنفيذ.
بعد عملية سيناء في 1956 قارن ديان القادة الذين عملوا تحت إمرته بالخيول: فثم حصان كسلان يجب حثه، وحصان وحشي ينطلق قدما مبادرا مهاجما متجاهلا أوامر المسؤولين عنه. وقد فضل ديان شارون، الحصان المنطلق. ولم يحاسبه لأنه دخل المعركة التي لا داعي اليها في ممر المتلة الذي كلفه حياة 42 مقاتلا.
وفي حرب الايام الستة تولى قيادة الفرقة التي احتلت الموقع المصري الحصين في أم كتف في شرق سيناء. وقد حظي التخطيط لهذه المعركة وادارتها وكانت تأليفا معقدا بين قوات المدرعات والمظليين والمدفعية حظيت في حينها بمديح مفرط على ألسنة خبراء عسكريين في العالم. وكانت تلك المعركة هي الانجاز الأكبر في حياة شارون العسكرية بخلاف اسهامه المختلف فيه في حرب يوم الغفران.
جاء الى تلك المعركة نصف سياسي محاطا بمتملقي الاعلام شديد الاعجاب بنفسه مستهينا بالاوامر العسكرية التي تلقاها من قادته. ولم يعرف كيف يواجه عبادة الشخصية التي نشأت حوله فأصيب بالبلبلة – إن الغرور الذي التصق به وصاحبه مثل ظل في الحياة السياسية التي بدأها، وجره الى صراعات شخصية لا حاجة اليها وجعل من الصعب عليه أن يبني منظومة سياسية داعمة، ساقه حتى النهاية. كانت حرب لبنان في 1982 هي حرب شارون وقد عبرت عن كثير من صفاته مثل الباعث على المبادرة، والقيام بعمل عظيم يغير الواقع؛ وإدمان مؤامرة سرية، والخداع لم تكن مؤامرة سرية فقط مع الكتائب المسيحية على فتح وسوريا بل كانت كذلك ايضا على رئيس وزراء فهم أو لم يفهم القضية؛ وسلوك متعجرف في مواجهة الحكومة وفي مواجهة أجزاء من الرأي العام وفي مواجهة الادارة الامريكية.
تعلم شارون دروسه واحتاج ذلك الى عشرين سنة لكنه تعلم، وتعلم جيدا. وقد جاء الى رئاسة الوزراء مستعدا.
وقد غير في خلال ذلك خريطة البلاد. لم يكن شارون والد الاستيطان في المناطق، فقد سبقه الى ذلك آخرون هم اسرائيل غليلي ويغئال ألون وشمعون بيرس. لكنه جعل الرذاذ مطرا. وكان اللقاء بينه وبين ناس غوش ايمونيم قاتلا فقد قدّس هذان الطرفان الحيلة والغمز والتآمر؛ وآمن كل طرف بأن يخدمه الطرف الآخر حتى النهاية وأخطآ معا في هذا الشأن.
كان شارون في كل ما يتعلق بالاستيطان من أتباع مباي: فالمستوطنات التي انشأها لم تكن ترمي الى تحقيق حلم خلاصي بل الى إقرار حقائق على الارض، فيمكن انشاؤها ويمكن ازالتها. حينما اعتقد أن المستوطنة في رفح مجدية لم يحجم عن طرد السكان البدو من هناك؛ وبعد ذلك حينما تغيرت الظروف لم يحجم عن اجلاء اليهود من هناك. وحينما كان يعتقد أن الاستيطان في غزة مجدٍ قال إن نتساريم لا تقل أهمية عن تل ابيب؛ وقد أخلاها في الانفصال دون أي شعور بالذنب.
عرضت عليه ذات مرة أن يقرأ السيرة الذاتية التي كتبتها أنيتا شبيرا عن يغئال الون. وقلت سيتبين لك هناك أن كل الحيل التي قمت بها من اجل المستوطنات قام بها قبل ذلك كيبوتس غينوسار. وقد وضع الكتاب بالقرب من سريره ولست متأكدا من أنه قرأه.
لم يؤمن باتفاقات سلام ولم يكن يختلف بذلك عن كثيرين من أبناء جيله الذين نشأوا على السيف وصعب عليهم أن يقبلوا أي فلسطيني بصفة شريك. وآمن باجراءات من طرف واحد، فقد كانت تلائم طبيعته الفعالة وهدأت مخاوفه من حل خارجي، حل مفروض. ولولا أنه رقد في 2006 لأمضى عدة اشهر في تفاوض كان فشله معروفا مسبقا مع الفلسطينيين ثم كان سينفذ عملية انسحاب من طرف واحد من أكثر الضفة. وكان ذلك هو تدبيره.
إن من يلخص سنواته رئيسا للوزراء بالانفصال فقط ويصفها بأنها السبب للحب الذي حظي به يكذب على نفسه. فقد بلغ شارون الى رئاسة الوزراء في ذروة الانتفاضة وكان الجمهور يراه منقذا ومخلصا. وقد رأى الجمهور الامور بصورة صحيحة لأن ‘السور الواقي’ والعمليات العسكرية التي تلتها خلصت المجتمع الاسرائيلي من واحدة من أقسى الفترات في تاريخه. وقد بلغ شارون الى الانفصال محمولا على موجة حب وإجلال وعرف في هذه المرة كيف يواجه ذلك بخلاف ما كان في سبعينيات القرن الماضي فازداد لطفا وغطت روح السخرية على الغرور وحلت محل العداء لكل من يعترض عليه روح المصالحة وحلت الدعابة واللين محل الغضب.
أنا أتذكر انسانيته بصورة طيبة، وأتذكر الزيارة للمزرعة التي وافق فيها على أن يُطلعني على بقايا القرية العربية التي كانت هناك ذات مرة، والتل الذي سيُدفن فيه غدا؛ وصراعه مع جهاز التحكم من بعيد محاولا أن يشاهد الأخبار في التلفاز في المطبخ؛ وآداب معاملة النساء الشابات التي اتخذها لنفسه؛ وقدرته على الكتابة والقدرة على القصص.
وصفته مرة بأنه واحد من شيوخ الكنيست وفي الغد وكان صباح السبت أمسك بي بالهاتف فجعل نفسه يتكلم بصوت أجش. قال: ‘يتكلم ارييل شارون من نادي شيوخ المجلس الاقليمي. أنا ألعب الدوك الآن مع الاصدقاء’.
والدوك لمن لا يعلم هو لعبة بقش ملون وتكون المهمة أن تُسحب واحدة واحدة من كومة دون المس بالقشات الاخرى.
هكذا سأتذكره: لا بالملابس العسكرية ولا بالضماد على رأسه ولا في حرب سماعات في مركز الحزب بل بابتسامة عابثة مراوغة لمن أكل مثلي وأكبر مني في فطوره. اذا كانت توجد جنة عدن فانني أتمنى أن يكون هناك مع رابين وشمير وديان وبن غوريون وأن يغلب الجميع بلعبة الدوك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسرائيل تبيع الغاز للفلسطينيين
بقلم:عمير بن دافيد،عن يديعوت
بينما تتقاتل الحكومتان، يثبت الاقتصاد مرة اخرى بان بوسعه أن يجسر الثغرات. فالشركاء في بئر لافيتان وقعوا أمس، بمشاركة الحكومة الفلسطينية على اتفاق تاريخي لتوريد الغاز الطبيعي للشركة الفلسطينية لمحطة توليد الطاقة التي ستقام في جنين.
وحسب الاتفاق سيتم في السنوات العشرين القريبة القادمة توريد الغاز بحجم اجمالي بمقدار 4.7 مليار كوب من اصل نحو 540 مليار كوب في البئر. يدور الحديث عن كمية قليلة جدا من حجم الغاز الطبيعي الذي تستهلكه اسرائيل في سنة واحدة وان كان سيدخل الى الشركاء في البئر نحو 1.2 مليار دولار، فان اهمية الاتفاق هو في مجرد التوقيع عليه. الشركاء في المشروع، نوبل انيرجي، مجموعة ديلك وريتسيو، يأملون في أن يشكل الاتفاق بداية ايضا لاتفاق مع الاردنيين، والذي يوجد في فحص متقدم ولاحقا مع مصر وتركيا ايضا.
لغرض التصدير ستكون حاجة الى تمديد انبوب من المنظومة الاسرائيلية حتى جنين. ولا يزال يوجد بئر لافيتان قيد التنمية. واتفاق التصدير الاول له كان متاحا مع ترتيب قواعد تصدير الغاز الطبيعي التي اقرت على اساس توصيات لجنة تسيمح. في الماضي ركز اصحاب لافيتان على خيار اقامة مصاف بحري لتحويل الغاز الى سائل مع الاستراليين. اما اليوم فتدرس ايضا امكانية ضخه في انبوب الى دلتا النيل، وتحويله هناك الى غاز سائل، في المنشآت القائمة لشركات ايطالية أو بريطانية.
لافيتان هو بئر الغاز الطبيعي البحري الاكبر الذي عثر عليه في العقد الاخير في العالم. وقد اكتشف في 2010، بعد نحو سنة من اكتشاف ‘تمار’، الذي يضم نحو 280 مليار كوب من الغاز الطبيعي.
ويبدأ عقد الشركاء في لافيتان من بداية ضخ الغاز الطبيعي من البئر. والشركاء هم ‘ديلك للتنقيبات’ (22.67 في المئة). ‘افنير للبحث عن النفط’ (22.67 في المئة)، ‘نوبل انيرجي’ (39.66 في المئة) و ‘ريتشو’ (15 في المئة). وقد وقع الاتفاق في فندق الامريكان كولوني في القدس بحضور وزير الطاقة الفلسطيني د. عمر كتانة.
ورحب صاحب السيطرة في مجموعة ديلك اسحق تشوفا بالحاضرين بالعربية ايضا وقال: ‘اؤمن بان الاقتصاد القوي والمستقر بين الطرفين سيجلب السلام والاستقرار للمنطقة باسرها، ومعها الازدهار الاقتصادي والنمو’. كما ان جدعون تدمور، رئيس ديلك للتنقيبات ومدير عام افنير للبحث عن النفط، ويوسي آبو، مدير عام شركة ديلك للتنقيبات، تحدثوا عن الجوانب الاقليمية والعالمية للاتفاق. بلوسومون بريمان، نائب رئيس نوبل انيري اضاف بان الشركة ‘تنتظر تنمية البئر في أقرب وقت ممكن’.
هذا ومن المتوقع للشركة الفلسطينية لتوليد الطاقة ان تقيم في جنين محطة لتوليد الطاقة بقوة 200 ميغا واط. وسيستغرق انشاؤها نحو سنتين ونصف وبكلفة 300 مليون دولار. وتضم الشركة عددا من المساهمين والملكية الاساس هي لشركة الكهرباء الفلسطينية. مالكة اساس اخرى هي شركة CCC المختصة بانشاء وتنفيذ مشاريع في مجال الطاقة. وصحيح حتى اليوم، تستهلك السلطة 8 في المئة من طلب الكهرباء في اسرائيل، مع نمو سنوي بنحو 6 في المئة.
وسيساهم مشروع لافيتان في الانتاج في اسرائيل بمليارات الشواكل على مدى السنين. اما مشروع تمار الذي بدأ بضخ الغاز الطبيعي، ولا سيما لشركة الكهرباء، في نهاية اذار الماضي، فيساهم منذ اليوم بـ 1 في المئة من الانتاج في اسرائيل، وبتقدير بنك اسرائيل ستزداد المساهمة كلما زاد استهلاك الغاز الطبيعي في البلاد وبدأ التصدير من الآبار.
قدم الغاز من تمار نحو 70 في المئة من الوقود التي استخدمت لانتاج الكهرباء في زمن العاصفة الكبيرة قبل نحو ثلاثة اسابيع. ومنع الامر كلفة أكبر على شركة الكهرباء كنتيجة للعاصفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أزمة في ‘العلاقات الخاصة’ بين برلين واسرائيل
بقلم:ايلي بردنشتاين،عن معاريف
زيارة وزير الخارجية الالماني حديث العهد فرنك وولتر شتانماير الذي يصل هذا المساء الى اسرائيل ويعتبر صديقها، تجري على خلفية تآكل متواصل في العلاقات الخاصة بين المانيا واسرائيل. مجموعة اقلية في الادارة الالمانية، مثلما من جانب كريستوف هويسغن ، المستشار الاسطوري وشديد القوة لانجيلا ميركيل لشؤون الامن القومي، تقود خطا واضحا هدفه احلال ‘تطبيع للعلاقات مع اسرائيل’. وبكلمات اخرى، على اسرائيل أن تحصل على شرعية لان تنزع عن ظهرها الدين والمسؤولية التاريخيين، وتقيم مع اسرائيل علاقات ككل الامم، تقوم على اساس المصالح.
هذه العملية تعكس مزاجا متعاظما في الرأي العام الالماني. ومع أنها تدريجية، الا انها على ما يكفي من الوضوح كي يستوعبوا في القدس الرسالة: اسرائيل بقيت وحدة في اوروبا. الرأي العام الاوروبي معاد لسياسة الاستيطان، وان اسرائيل لا يمكنها أن تعتمد حتى على المانيا في يوم الضائقة وهذه هي صديقتها الاكبر في العالم القديم. اما باقي الاصدقاء الكبار فقد فقدتهم اسرائيل قبل ذلك. وهكذا يتضح من نقاش داخلي جرى في مؤتمر السفراء الاسبوع الماضي.
القصة تنشر هنا لاول مرة وتعكس تآكل العلاقات. الموعد هو ايلول 2012. الفلسطينيون يعتزمون طرح مشروع قرار في الجمعية العمومية للامم المتحدة لرفع مكانتهم والاعتراف بهم كدول مراقبة.
وكان التقدير في القدس ان اسرائيل لن تنجح في احباط القرار. وطرح وزير الخارجية ليبرمان فكرة تجنيد صديقه، وزير الخارجية الالماني في حينه غيدو فاسترفيلا في مهامة طموحة. الهدف: ان تعمل المانيا على تجميع اغلبية اوروبية واضحة من الدول التي تمتنع عن التصويت.
وجاء الاقتراح ايضا للتسهيل على المانيا كي لا تدحر الى الزاوية مع موقف سياسي يميل في صالح اسرائيل بالنسبة لجيرانها. النهج الذي يقوده ليبرمان يستهدف مساعدة اصدقاء اسرائيل على مساعدتنا.
غير أن ليبرمان يتفق مع فاسترفيلا على أنه اذا ما فشلت الخطوة تعود المانيا الى موقفها التقليدي وتعارض الاعتراف الفلسطيني. فاسترفيلا يوافق. وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مطلعا على الخطوة، وتحدث في الموضوع مع فاسترفيلا في لقائهما.
غير أن المانيا فشلت. فاسترفيلا لم ينجح في تجنيد أغلبية من الدول الممتنعة. وفي لحظة الحقيقة انتهكت المانيا الاتفاق مع ليبرمان ونتنياهو وامتنعت عن التصويت، بدلا من المعارضة فيه. ولو كان الامر بيد هويسغن ، لكانت المانيا ايدت في التصويت. واستشارت ميركيل محافل مختلفة منها الملحن وعازف البيان دانييل برننباوم مستغلة مرة اخرى الضعف السياسي لفاسترفيلا. فقررت انتهاك الاتفاق مع اسرائيل والامتناع في التصويت.
اما اسرائيل فتميزت غضبا. المانيا كانت سندها الاخير في غربي اوروبا. وكان هذا انتهاكا فظا لاتفاق ثنائي. مس بالتأييد غير المتحفظ باسرائيل واضعافا لمكانتها في اوروبا.
في الايام التي تلت ذلك جرى حديث عسير جدا، ارتفع الى نبرات عالية، بين مستشار الامن القومي في حينه يعقوب عميدرور وبين هويسغن، مستشار ميركيل. ولكن ما حصل لا يمكن اعادته الى الوراء.
برلين لا تصدق نتنياهو
‘
برلين لا تصدق نتنياهو حين يقول انه يؤيد حل الدولتين. برلين غير مقتنعة بان نتنياهو تحرر من تراث ابيه بالنسبة لبلاد اسرائيل الكاملة.
‘المستشار الوافد لنتنياهو لشؤون الامن القومي، يوسي كوهن التقى مؤخرا هويسغنفي برلين. مع تعيينه تساءل هويسغن بسخرية ظاهرة هل كوهين يعتمر قبعة دينية مثل سلفه. والنبرات في اللقاء كانت متصالحة أكثر بكثير من اللقاءات المتوترة مع عميدرور. وكرر كوهين الرسائل الأساس لنتنياهو في أنه مستعد لحلول وسط أليمة.
رغم النبرات المتصالحة، واصل هويسغن مهاجمة نتنياهو على استمرار البناء في المستوطنات بما في ذلك في الكتل التي تدق برأيه العصي في عجلات المسيرة السلمية التي توجد في ذروتها. والبيان الاخير عن بناء 1400 وحدة سكن في المناطق لم تستطبه برلين ايضا.
ميركل، التي علاقاتها مع نتنياهو شهدت صعودا وهبوطا تواظب على جهودها لضمان استمرار العلاقات الخاصة بين المانيا واسرائيل. ضمان المانيا لامن اسرائيل هو جزء من البرنامج الائتلافي للحكومة برئاسة ميركل التي انتخبت مرة اخرى.
‘لن نكون حياديين أبدا. اسرائيل يمكنها أن تكون واثقة بدعمنا عندما يكون الحديث عن ضمان أمنها’، قالت ميركل في احدى المقابلات الاخيرة لها في الموضوع: ‘أقول دوما إن دعم المانيا لأمن اسرائيل هو جزء من فكرتنا القومية. هذا سبب وجودنا’.
ورغم الكلمات العالية، في القيادة السياسية في القدس يشعرون بأن ما كان لن يكون، وأن مستوى الدعم الذي اعتادت عليه اسرائيل من المانيا انتهى بلا رجعة. يشعرون هناك أكثر فأكثر بالصلة التي يعقدها الالمان بين البناء في المستوطنات والتقدم في المسيرة السياسية، وبين دعمهم الدولي لاسرائيل والمساعدة الامنية الوثيقة والحيوية لها.
مؤخرا فقط كانت حاجة الى استثمار مقدرات لا بأس بها لحل مسألة تتعلق بالمساعدات الالمانية الامنية لاسرائيل.
فضلا عن ذلك، ثمة فارق بين ما يقصده نتنياهو بكلمتي ‘أمن اسرائيل’ وما تقصده بهما ميركل.
الغواصات الخمسة نُقلت من المانيا الى اسرائيل، السادسة قيد البناء والتي لغرض ما يصفه الالمان بخيار ‘الضربة الثانية’ حيال اسرائيل. وحسب الصحيفة الالمانية ‘بيلد’، طلبت اسرائيل من المانيا مساعدتها في شراء اسطول سفن يضمن أمن منشآت الغاز في البحر المتوسط.
في الخلفية يحوم تهديد بفشل المفاوضات مع الفلسطينيين، ونيتهم استئناف الحملة الدولية واستمرار الاتصالات بين مجموعة القوى الستة وايران. ولا غرو أن القدس تنتظر ميركل، لتصل مع وزراء حكومتها الى اسرائيل في نهاية شباط للتشاور بين الحكومتين. فمسائل كثيرة جدا محملة بالمصير لاسرائيل موضوعة على الكفة. نتنياهو ما كان يريد أن يجد نفسه في المعركة دون دعم المانيا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
