اقلام اسرائيلي 530
16/1/2014
في هــــــذا الملف
هل العلاقات الامريكية ـ السعودية على شفا أزمة علنية؟
بقلم: زكي شالوم ويوئيل جوجنسكي،عن نظرة عليا
‘يعلون’ بطل تخريب التسوية السياسية
بقلم: شالوم يروشالمي،عن معاريف
هل يستحق نتنياهو منصبه؟
بقلم: الون بنكاس،عن معاريف
خطبة اللاءات: من الرافض هنا حقا؟
بقلم: ايلي حزان،عن اسرائيل اليوم
ما زلنا نسقط في شرك الانفصال
بقلم: عميره هاس،عن هارتسط
تُلاشي فرض التهدئة في غزة
بقلم: عاموس هرئيل،عن هارتس
هل العلاقات الامريكية ـ السعودية على شفا أزمة علنية؟
بقلم: زكي شالوم ويوئيل جوجنسكي،عن نظرة عليا
مقدمة: في 17 كانون الاول 2013 نشر في ‘نيويورك تايمز′ مقالا استثنائيا في حدته كتبه السفير السعودي في بريطانيا، محمد بن نواف بن عبد العزيز. ويعنى المقال بسياسة ادارة اوباما تجاه ايران وسوريا. حتى الان نشرت بالاساس تقارير ومقاطع تحليل تشير الى عدم ارتياح في السعودية من سياسة ادارة اوباما في الشرق الاوسط. اما الان، فلم يعد الحكم في السعودية يحذر من التعبير علنا وبشكل رسمي عن خلافه مع الولايات المتحدة في المسائل التي على جدول الاعمال. لا يوجد في المقال ذكر للرئيس اوباما، ولكن واضح أن أسهم النقد موجهة له أساسا. صيغة الاقوال فظة جدا، بل واحيانا مهددة. ويشير نشر المقال، على نحو شبه مؤكد، الى أن السعودية تفهم بانها لن تنجح في احداث تغيير في موقف ادارة اوباما في موضوع ايران وسوريا من خلال العمل الدبلوماسي الهاديء، مثلما درجت حتى الان. ومع ذلك، جلي تماما أن السعودية لا تريد ‘تحطيم الاواني’ حيال ادارة اوباما. وقد نشر المقال مستوى متدنٍ نسبيا، السفير في بريطانيا، ولكن واضح أنه يمثل موقف الحكم. لا ريب أن السعودية تسعى الى اطلاق اشارات احساس بالضائقة الشديدة حيال الغرب، ولكن لا رغبة لديها، وعمليا لا قدرة حقيقية لديها في الانقطاع عنه.
دولة اسرائيل لا تذكر في المقال، ولكن السفير يذكر مبادرة السلام السعودية كمثال على قدرة السعودية على انتهاج طريق عمل مستقل وجريء، ويوضح بانه من زاوية نظر السعودية لا يوجد بديل غير وارد. فهل يلمح السفير بهذا بتغيير ما في المواقف التقليدية للسعودية في موضوع المسيرة السلمية والعلاقات مع اسرائيل. طرح ولم يفسر.
لقد جاء هذا المقال استمرارا للمقابلة التي منحها الامير تركي الفيصل، السفير السعودي السابق في الولايات المتحدة ورئيس المخابرات السعودية، وصاحب مكانة غير رسمية رفيعة المستوى في الحكم السعودي، لـ انيويورك تايمزب في تشرين الثاني 2013. ويذكر الامير في المقابلة انهيار االخطوط الحمراءب التي طرحها الرئيس اوباما في السنة الاخيرة. وعندما يعرض زعيم الولايات المتحدة خطوطا حمراء، يقول، ‘فنحن نتوقع منه أن يلتزم بهاب. والا كما يقول فان هذا يخلق مشكلة مصداقية. وقال الامير ان فشل الساحة الدولية في وقف الحرب في سوريا هو مثابة ااهمال اجراميب (almost a criminal negligence). وذكر الامير بصراحة المسيرة السلمية بين اسرائيل والفلسطينيين وقضى في هذا السياق بانه اذا تراجع الرئيس اوباما عن مواقفه في أن هذه التسوية ينبغي أن تقوم على اساس حل وسط في اساسه العودة الى حدود 67، مثلما تراجع عن الخط الاحمر الذي طرحه في سوريا، فان كل المساعي لتحقيق سلام اسرائيلي ذ عربي ستنهار.
مقال السفير السعودي في بريطانيا اهم ما ورد فيه
يشدد السفير في المقال على أن السعودية تعتقد بان السياسة الغربية تجاه ايران وسوريا تعرض للخطر الاستقرار والامن في الشرق الاوسط. وفي ضوء الرهان الخطير هذا لا يمكن للسعودية أن تصمت وتقف جانبا. فالازمة في سوريا مستمرة وحتى الان وقع ما يزيد عن 100 ألف قتيل، ناهيك عن أن الاسرة الدولية بذلت جهودا كي تنزع أسلحة الدمار الشامل من نظام الاسد الاجرامي، كما يقول السفير فان على الغرب ان يفهم بان النظام نفسه هو المصدر الاكبر للقتل الجماعي. فالسلاح الكيميائي يشكل جزء صغيرا فقط من آلة القتل لدى نظام الاسد. ويبدو وكأن النظام يتعاون مع المبادرات الدولية لانهاء الازمة، ولكنه عمليا يواصل العمل بكل قدرته لمنع حل جدي لهذه الازمة.
ويشير السفير الى أن نظام الاسد تعززه قوات ايرانية توجد في سوريا. وهذه القوات لم تدخل الى سوريا كي تدافع عنه في وجه هجوم خارجي معادٍ. فهي توجد هناك كي تدعم نظاما مجرما يمس بالشعب السوري. وهذه طريقة عمل تتميز بها ايران التي تدعم وتدرب محافل تآمرية في العراق، في لبنان (حزب الله)، في اليمين وفي البحرين. ومع ذلك، فقد اختارت الدول الغربية الا تتخذ خطوات عمل لازمة ضد هذه السياسة. فالغرب يسمح بنظام ما (النظام السوري) بمواصلة الوجود وللاخر (ايران) لمواصلة برنامجه لتخصيب اليورانيوم، مع كل المخاطر الكامنة في ذلك. ان القرارات التي اتخذت في العواصم الغربية في هذا السياق تعرض للخطر بالفعل الاستقرار في المنطقة وبالقوة أمن العالم العربي بأسره.
صورة هذا الوضع، كما يقول السفير، لا تترك للسعودية خيارا غير اتخاذ سياسة خارجية حازمة اكثر في الساحة الدولية، مصممة اكثر مما في الماضي على ضمان الاستقرار الذي تحتاجه منطقتنا على نحو شديد. فالسعودية – عرش الاسلام لها مسؤولية هائلة في المنطقة كاحدى الدول الهامة في العالم الاسلامي. كما أن للسعودية مسؤولية عالمية اقتصادية وسياسية بصفتها جهة مركزية في سوق الطاقة الدولية. ويضيف السفير بان لنا ايضا مسؤولية انسانية لنعمل قدر الامكان كي نوقف المعاناة في سوريا.
ويذكر السفير بان السعودية ابدت استعدادها للعمل بشكل مستقل عندما قررت رفض انضمامها كعضو في مجلس الامن. ويستخدم السفير تعبيرا فظا لوصف حالة عجز الامم المتحدة ولا سيما حيال الوضع في سوريا. ويتساءل ما المعنى من الانضمام الى جسم دولي يشكل امنصة ثرثرةب (talking shop) عندما تكون حياة الكثير من الناس بهذا القدر تحت التهديد وحين تفشل فرص عديدة جدا بسبب عدم قدرة الامم المتحدة على العمل. ويوضح السفير بان السعودية ستواصل ابداء تصميمها من خلال الدعم الذي تقدمه للجيش السوري الحر ولمحافل المعارضة السورية.
خلاصة وتقدير
مقال السفير السعودي في بريطانيا لا ينشر في فراغ بل في واقع من الشرخ العميق في العلاقات الامريكية السعودية. وهو يأتي لان يبث للغرب بشكل عام وللولايات المتحدة بشكل خاص رسالة واضحة، احيانا مبطنة واحيانا صريحة مفادها ان السعودية خائبة الامل جدا من سلوك ادارة الرئيس اوباما حيال سوريا وايران.
ويخلق هذا السلوك أزمة ثقة بين الدولتين اللتين تعتبران حتى الان حليفتين قريبتين الواحدة من الاخرى. وعلى المحك توجد مصداقية الرئيس الامريكي. ليس للسعودية مصلحة في حمل العلاقات بين الدولتين الى مستوى الازمة التامة. ولكنها مضطرة لان تدق الباب، علنا، وبتعابير فظة جدا، كون جهودها لاحداث تغيير في السياسة الامريكية، بشكل دبلوماسي هاديء لم تنجح. الرسالة المنقولة هي ان للسعودية دورا مركزيا في العالم العربي، الاسلامي وفي الساحة الدولية ويجمل بالولايات المتحدة الا تضع قيد الاختبار تصميم السعودية على اتخاذ سياسة مستقلة لا تكون بالضرورة مطابقة لمصالح الولايات المتحدة في هذه اللحظة.
لقد نشر بان رئيس المخابرات السعودية الحالي انضم هو ايضا الى المنتقدين حين نقل على لسانه في ‘وول ستريت جورنال’، تعقيبا على التطورات الاخيرة قوله ان ‘المملكة ستبحث عن حلفاء استراتيجيين آخرين’. ونشدد هنا على أن الخلاف، وربما الشرخ بين الدولتين، ليس فقط حول سياسة الولايات المتحدة في سياق الهزة الاقليمية. فالسعودية تخشى من تغيير الاتجاه الاستراتيجي للولايات المتحدة. وقد سبق للاخيرة أن أعلنت بان شرق آسيا سيكون في المستقبل في رأس جدول الاولويات الامريكية. وفضلا عن ذلك، فقد سرعت الولايات المتحدة في السنوات الاخيرة وتيرة انتاج النفط والغاز في اراضيها وحسب التوقعات فانها ستصبح مصدرة نفط حتى نهاية العقد الحالي. وفي السعودية يخشون من’ أنه اذا ما وعندما تنال الولايات المتحدة ‘استقلال الطاقة’ الكامل، فانها لن تحتاجها بعد اليوم وستقلص بقدر كبير تدخلها في الشرق الاوسط.
رغم التهديدات، ليس للسعودية خيارات جيدة كبديل عن الولايات المتحدة. فالحلف غير المكتوب الذي يربط بين هاتين الدولتين قام على اساس المبدأ الذي بموجبه’ تحظى الولايات المتحدة بحق الوصول الى اقتصاد الخليج وبالمقابل توفر للمملكة ‘مظلة دفاع′ من التهديدات الخارجية. ورغم ثرائها الشديد فان المملكة غير قادرة على ان تواجه وحدها تهديدات ذات مغزى في محيطها الاستراتيجي. وفضلا عن ذلك فانه ليس هناك قوة عظمى اخرى معنية أو قادرة على أن تؤدي في الزمن الحالي دور الرادع والحامي لدول الخليج في وجه ايران. ولكن يحتمل أن في اعقاب التآكل في ثقة السعودية بالولايات المتحدة ستسعى المملكة الى نثر المخاطر وبلورة هامش علاقات موازٍ حتى وان لم يكن كاملا مع دول مختلفة، يحسن وضعها الامني.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘يعلون’ بطل تخريب التسوية السياسية
بقلم: شالوم يروشالمي،عن معاريف
وزير الدفاع موشيه يعلون لا يثق بأحد. فهو يريد أن يرى جنود الجيش الاسرائيلي في غور الاردن الى أن يصبح الفلسطينيون محبين للفكرة الصهيونية. من ناحيته يمكن للتغيير في الرواية الفلسطينية أن يستغرق 300 سنة ايضا. وحتى ذلك الحين سيكون الجيش القوة التي تحمي مواطني الدولة في الغلاف الحدودي وتسيطر أمنيا داخل الدولة الفلسطينية، اذا ما قامت. ‘جنود الجيش الاسرائيلي وليس أي محطة انذار مبكر، كاميرات أو جساسات’، قال يعلون لكيري.
قبل شهر طرحنا لاول مرة في ‘معاريف’ مواقف يعلون القاطعة في موضوع غور الاردن والمسيرة السياسية. وصفنا بالتفصيل مواجهته مع وزير الخارجية الامريكي. الحوار في تلك الايام كان غامضا على المستوى السياسي والايديولوجي ويتركز على المستوى الامني.
طلب الفلسطينيون أن يروا خريطة الدولة المستقلة والمجردة التي سيقيمونها. أما اسرائيل فرفضت عرض الحدود قبل الحديث عن الترتيبات الامنية، ولا سيما في غور الاردن. واستخدم كيري الجنرال جون ألين. وزارت طواقم امريكية الغور وبنت رزمة امنية تقوم ايضا على أساس كاميرات، جساسات ووسائل انذار مبكر.
أما يعلون فاستخدم جساساته ولم يكف عن التحذير. ‘أنا حتى لا أتحدث عن غزة، هناك أخلينا كل شيء دون ترتيبات امنية وتلقينا الصواريخ، فهل تعرفون أن 180 مخربا خرجوا من جنين في الانتفاضة الثانية؟ هذا ما سيحصل اذا ما فقدنا سيطرتنا في الغور’، قال يعلون لكيري في أحد اللقاءات.
ويقصد يعلون الاتفاق الذي من شأنه أن يمنع اسرائيل من تنفيذ مطاردة ساخنة واعتقالات في أعقاب معلومات استخبارية. وسأل يعلون ‘أي تكنولوجيا امريكية ستوقف عملية داخل اهداف في اسرائيل؟ الخطة الامنية للامريكيين لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، ما هي هذه الترهات عن تواجد لخمس أو عشر سنوات في الغور؟ وماذا سيحصل بعد ذلك؟’.
لقد أصبح وزير الدفاع المصفي الهاديء للمسيرة السياسية. فقد كف عن الثقة بها بعد اتفاقات اوسلو. وزراء الحكومة يتحدثون عن مفاوضات، يظهرون في مؤتمرات دولية، يلقون الخطابات ويجرون المقابلات الصحفية في كل مناسبة، ولكن يعلون هو المحكم الامني الاخير، رعب الامريكيين. وفي الاشهر الاخيرة يصمت، إلا في محادثات خلفية لغير الاقتباس، حيث ينفلت بحرية ضد كيري ومخططاته.
مع فارق بين ما يُقال للصحفيين ثنائيا وبين اقوال تجد نفسها في العناوين الرئيسة. فتصريحات يعلون أثارت الامريكيين والساحة السياسية في البلاد. ويحتمل أن تكون ألحقت ضررا سياسيا جسيما، وبالذات حين تشعر الحكومة بالزخم في ضوء المواقف الفلسطينية المتصلبة والاعمال الارهابية الاخيرة. ‘يعلون أدخلنا في حالة دفاع′، قدر أمس وزير يعنى بالموضوع السياسي. ‘لقد نهض نتنياهو في الصباح وقال لنفسه لماذا أحتاج هذا الآن. لحظ يعلون، نتنياهو لا يرى فيه عدوا ويتدبر أمره معه على نحو لا بأس به’.
ليس واضحا ايضا كيف سيرد يعلون. فهو لا يريد أن يصبح شخصية غير مرغوب فيها لدى الامريكيين. ومن جهة اخرى، لديه جدول زمني سياسي خاص به وجدول اعمال سياسي لا يتنازل. اذا كان معظم الوزراء والنواب من الليكود يعارضون اقامة دولة فلسطينية مستقلة، تقسيم القدس، وحتى المفاوضات على أساس إبقاء الكتل الاستيطانية فان يعلون يقف على رأسهم. كما أنه سيقود هذه العصبة اذا ما قرر نتنياهو خطوة تاريخية ويعلن عن أنه يقبل مباديء تقسيم البلاد، الامر الذي سيشق الليكود.
في الاسابيع الاخيرة تلقى يعلون ومساعدوه آلاف الرسائل الالكترونية والرسائل القصيرة من نشطاء اليمين من خلال شبكات الاتصال المختلفة. وناشد النشطاء وزير الدفاع ألا ينجر خلف ‘مواقف نتنياهو الخطيرة التي يمثلها اليسار. انتخبناك لكي تمثل اليمين’. ويبدو أن يعلون أولى انتباهه لما يُقال. وأمس اتخذ خطوة قيادية في هذا الاتجاه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
هل يستحق نتنياهو منصبه؟
بقلم: الون بنكاس،عن معاريف
‘لو كان نتنياهو رجل دولة لاتصل بالادارة الامريكية واعتذر عن كلام يعلون الذي ندد ب جون كيري
لو كنا نعيش في عالم مواز لنظر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في صباح أمس في العنوان الصحفي في ‘يديعوت احرونوت’ وخاف من الفظاظة والقسوة وإن لم يكن ذلك من المضمون في كلام وزير الدفاع. ولكان يحضر بعد ساعة الى ديوانه ويستدعي اليه وزير الدفاع يعلون ويطلب توضيحا لا لبس فيه.
وكان رئيس الوزراء سيصغي ولا يؤثر فيه ذلك حقا، ويوبخ يعلون رئيس الاركان السابق الذي يعرف أكثر منا جميعا مبلغ تعلق اسرائيل بالولايات المتحدة. ولكان رئيس الوزراء بعد ذلك بساعة ينشر تصريحا يعبر فيه عن ‘تحفظ تام من كلام الوزير يعلون’، الكلام المرفوض الذي لا معنى له وعن تأييد كامل لـ ‘التزام وزير الخارجية كيري باحراز تسوية اسرائيلية فلسطينية’.’
لو كنا نعيش في عالم موازٍ فيه لرئيس وزراء اسرائيل علاقات عمل سليمة برئيس الولايات المتحدة، لوزن السيد نتنياهو واستقر رأيه على الاتصال بالرئيس اوباما للاعتذار، وكي يحاول الاحتيال على ذلك بقوله ‘ليس الامر كما سُمع ونُشر، لكنني أعتذر من أعماق قلبي مما ورد في ذلك الكلام’. ولو كنا في ذلك العالم الموازي لما نشرت وزارة الخارجية الامريكية اعلان تنديد شديد اللهجة كالذي نشرته موجها على كلام يعلون بأنه لا حاجة اليه وكانت تُمنع ‘مواجهة’ بذلك.
لكن هذا في عالم موازٍ ونحن هنا في اسرائيل. وهم في وزارة الخارجية الامريكية يعلمون أن لوزير الدفاع يعلون شكوكا جوهرية في نوعية اتفاق الاطار. وهذا مشروع. وهم يعلمون ايضا أن ما قاله يعلون وليكن السياق والمنبر ما كانا، يعتقده رئيس الوزراء نتنياهو سرا. هذا الى أنهم في وزارة الخارجية الامريكية وفي البيت الابيض يعلمون أن الانتقاد الموضوعي للوساطة الامريكية غير مُراد لكنه جزء لا ينفصل عن اللعبة. إن الانتقاد الشخصي، للشخص ذاته لا لمسألة ما، مرفوض ويستحق تنديدا شاملا وقد نشر هذا التنديد أمس حقا. فالولايات المتحدة لا تستطيع أن تتحمل مسا بصورتها وبايحائها بقوتها ولهذا استجر يعلون تنديدا غير ممتنع.
من الذي لقبه وزير الدفاع يعلون كما نشر بأنه ‘مسيحاني وموسوس′؟ إنه وزير الخارجية للولايات المتحدة، وهي دولة استعملت 51 مرة حق نقض قرارات معادية لاسرائيل في مجلس الامن.
وما معنى ‘موسوس′، أنه يريد أن يأتي بتسوية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين. فهل هذه مصلحة عليا لسكان تنيسي وبنسلفانيا أم هي مصلحة اسرائيل؟.
تنفصل الولايات المتحدة عن الشرق الاوسط لاسباب شتى منها الاستقلال المطلق عن نفط الشرق الاوسط. وعدم الفائدة من الأحلاف في العالم العربي ونقل الاهتمام الى الشرق الاقصى. وليس نتنياهو مذنبا في هذا المسار وعمله أن يُبطئه بقدر المستطاع لا أن يتعجله كما فعل يعلون. لكن هذا يكون في عالم مواز. وهنا في اسرائيل يهاجم نتنياهو رئيس الولايات المتحدة منذ خمس سنوات فما الذي تريدونه اذا من بوغي يعلون؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
خطبة اللاءات: من الرافض هنا حقا؟
بقلم: ايلي حزان،عن اسرائيل اليوم
‘في الوقت الذي يبذل فيه وزير الخارجية الامريكي جون كيري جهودا ضخمة ليقدم التفاوض بين الاسرائيليين والفلسطينيين، أحدث رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن في يوم السبت الاخير استعادة مقلقة لمؤتمر الخرطوم في 1967 حينما أعلن لاءاته الثلاث في رام الله وهي: ‘لا للتنازل عن حق العودة، ولا للاعتراف بالدولة اليهودية، ولا للتنازل في القدس لن يكون حل مع اسرائيل’.
اليكم توضيحين أولا: بعد حرب الايام الستة اجتمع في الخرطوم في السودان زعماء ثماني دول عربية مركزية منها مصر والاردن ولبنان والعراق. وفي نطاق المؤتمر أعلنوا لاءات ثلاث مشهورة: ‘لا للتفاوض ولا للسلام ولا للاعتراف باسرائيل’. وكان ذلك مدة سنين الروح الجامعة التأسيسية للعرب في علاقتهم بالدولة اليهودية. وأتمت م.ت.ف برئاسة ياسر عرفات في حزيران 1974 هذا التشدد السياسي حينما أعلن خطة المراحل وهي تلك الخطة التي ابتُدعت بعد أن أدركت القيادة الفلسطينية أنها لن تنجح في أن تضرب اسرائيل بالعنف وقضت بأن كل خطوة تفضي الى انشاء دولة عربية واحدة (بدل اسرائيل) بين البحر والنهر، هي خطوة مناسبة.
وعلى هذا الأساس بالضبط توصل عرفات الى التوقيع على اتفاقات اوسلو ونجح بحسب مباديء خطة المراحل بالضبط في الدخول الى قلب ارض اسرائيل وقيادة ارهاب أفضى الى آلاف الضحايا منا. وعلى إثر رغبة اسرائيل في حماية نفسها من الارهاب وعلى إثر خطواتها الدفاعية التي اتخذتها قتل كثيرون من الجانب الفلسطيني ايضا.
توجد صلة مباشرة بين اللاءات الثلاث في مؤتمر الخرطوم واللاءات الثلاث الجديدة لأبو مازن في رام الله: فهذه الثلاث الاخيرة تتميم للثلاث الاولى، وكلها معا تكشف عن نوايا الفلسطينيين الحقيقية في موضوع التفاوض مع اسرائيل. والى ذلك تقتضي اللاءات كلها معا وجود قيادة اسرائيلية قوية تحفظ لنا مصالحنا ولا سيما في ساعة النوائب.
يعلم الفلسطينيون جيدا أن تنفيذ حق العودة يعني في واقع الامر القضاء على دولة اسرائيل. وإن عدم ارادتهم الاعتراف بدولة اسرائيل دولة يهودية جزء من تنفيذ خطة المراحل. وفيما يتعلق بالاعلان المتعلق بالقدس لا يثبت إلا مبلغ كون القيادة الفلسطينية مقطوعة عن الصلة بين الشعب اليهودي واماكنه المقدسة، لكن التاريخ يثبت أن هذه الصلة هي صلة لا انفصام لها.
اعتاد اليسار الاسرائيلي أن يقول إن الامر قد حُسم وإن حل الدولتين حتمي. وقد اعتاد مؤيدوه أن يتجاهلوا بصورة مستمرة مقلقة لا تصريحات القيادة الفلسطينية فقط بل نواياها ايضا واعمالها ايضا بعد انتفاضة الأقصى والارهاب الهاديء الذي تلاها. هذا الى أن ممثليهم يرفعون الى حبل المشنقة مرة بعد اخرى رئيس الوزراء نتنياهو متهما بأنه كأنما يعيق التفاوض. فقد حان الوقت لينظروا جيدا فيما يجري ويُقدروا الامور من جديد. والآن وقد أصبح الطرفان مطلوبا اليهما أن يقوما بتنازلات مؤلمة، يكرر أبو مازن أخطاء الماضي. يؤسفنا أنه ينشيء جوا سلبيا في المحادثات ويجعل الطريق الى انهاء الصراع صعبا. ويثبت كلامه والروح العامة الجامعة التي يهتدي الفلسطينيون بها في عملهم مبلغ أهمية الثبات على مبدأ التبادلية ومبلغ أهمية أن تدرك الادارة الامريكية ايضا ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ما زلنا نسقط في شرك الانفصال
بقلم: عميره هاس،عن هارتس
لم يكن انتهازيا بل استراتيجيا صهيونيا، هذا ما كان عليه اريئيل شارون. إن الاقلال من أهميته السياسية هو الوجه الآخر من وجوه مهرجان توديع الجد المليء بالفكاهة. حينما يودع الفلسطينيون أبطالهم بدرجة 1 على ألف من الاحتفال الرسمي الذي مُنح لبطل 101، تردد وسائل الاعلام أن ذلك ‘تحريض’ و’دعم للارهاب’. لكن عدد المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين الذين قتلهم شارون والذين هو مسؤول عن قتلهم يزيد على عدد الاسرائيليين الذين قتلهم كل المفرج عنهم بصفقة شليط والذين أفرج عنهم جون كيري، معا.
أخلى شارون عددا من المستعمرات من اجل الرؤيا السامية حقا وهي الكانتونات الفلسطينية. ومن المخيب للآمال مبلغ سقوط معارضي احتلال صادقين مرة اخرى كما في السنوات الاولى من مسيرة اوسلو، في شرك التصور الخطي. فكما ابتهجوا لاخراج الجيش الاسرائيلي من المدن الفلسطينية ونشره حولها، استنتجوا في 2005 ايضا أنه يوجد خط مباشر بين اخلاء عدد قليل من المستوطنات واخلاءات اخرى.
لم يحجم شارون عن التضحية بحياة جنود يهود في حرب نظام جديد في لبنان، فلماذا يحجم عن المس بمشاعر بضعة آلاف من المستوطنين من اجل مئات آلاف المستوطنين في الضفة والقدس؟ وقد صاغت اسرائيل بمبادرة منها بموازاة الاستعدادات من طرف واحد لتفكيك مستوطنات القطاع، صاغت منظومة الشوارع المزدوجة والمستقلة في الضفة. وسمي ذلك ‘اتصال مواصلاتي’ وهو معروف ايضا بالاسم المغسول ‘نسيج حياة’. وهي منظومة طرق وانعطافات وجسور وأنفاق تُبعد أبناء البلاد الفلسطينيين عن الشوارع السريعة بين ‘الكتل الاستيطانية’ المتوسعة واسرائيل، وتصل بين الجيوب الفلسطينية من جهة ‘المواصلات’. وقد فكر شمعون بيرس في سبعينيات القرن الماضي بشبكة الشوارع التي تربط باسرائيل.
وناضل الفلسطينيون خططهم ‘التي تلتهم الارض’ في المحاكم في ثمانينيات القرن الماضي، ووافق ياسر عرفات أكبر الساقطين في شرك’ التصور الخطي والتدريجي، وافق عليها في تسعينيات القرن الماضي. كان آفي بريمور الذي صاحب شارون لكونه نائب المدير العام للشؤون الافريقية في وزارة الخارجية في بداية ثمانينيات القرن الماضي، صاحبه الى رحلات في افريقيا، وحدث صحيفة ‘هآرتس′ عن اهتمام شارون الكبير الذي أظهره آنذاك بالكانتونات. ويقول بريمور إن الذي استهوى شارون هو كيفية عمل ما يشبه الدول المستقلة التي سيطرت عليها جنوب افريقيا والتي كان مواطنوها المسجلون يستطيعون السكن بصفة سكان وراء ‘الحدود’. وبدأ بريمور يظن بالتدريج أن ‘شارون لا يفكر في جنوب افريقيا بل فينا’. وبعد نحو من عشرين سنة، حينما قال شارون إذ كان رئيس الوزراء إنه سيعطي الفلسطينيين دولة، فهم بريمور قصده جيدا فقال: ‘سيعطي في أحسن الحالات 60 بالمئة من مساحة الارض ويُقسمها بحيث يحاط كل قسم بمنطقة اسرائيلية ونسيطر نحن على الدخول والخروج’.
لكن شارون طور فقط خطة الفصل والتمييز العنصري المحلية التي دفع بها بيرس واسحق رابين وباراك الى الأمام بصورة مستقلة برعاية اعتبارهم ساسة سلام. إن اخلاء القطاع من طرف واحد والذي يسميه زميلي جدعون ليفي بلا هزل ‘أكبر انجازات’ شارون وجه ضربة قاتلة الى واحدة من المادتين الايجابيتين الوحيدتين في اتفاق اوسلو (هما ايجابيتان من جهة مستقبلنا المشترك
أظهر شارون بالانفصال أنه لا حدود لقوة اسرائيل البيروقراطية التكنولوجية لأنه يمكن أن يُحكم القطاع بتحكم من بعيد، ويمكن بقرارات شديدة الوطء (كمنع الغزيين من العمل في اسرائيل وقطعهم عن سكان الضفة) يمكن السيطرة على القيادة الفلسطينية ايضا: باضعافها وإساءة حالها لتصبح مستجدية، وأن يُطلب اليها في موازاة ذلك أن تظل مقاولة ثانوية للـ ‘الشباك’ والجيش الاسرائيلي وإلا عوقبت وأن تحظى بتصفيق الولايات المتحدة ايضا.
لم يكن ذلك ‘تحول’ شارون بل كان مواصلة طبيعية لاستراتيجية اسرائيلية مؤمنة بالقوة طورها اصدقاؤه خصومه في حزب العمل. وقد جبت وستظل تجبي ثمنا من الدماء كبيرا مؤلما من الشعبين اللذين يعيشان في الارض الكاملة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حماس مستهدفة لمصر
بقلم: رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
‘يبدو أن شيئا ما ينسج بين نشطاء حركة فتح والاستخبارات المصرية فيما يتعلق باعادة سيطرة المنظمة على قطاع غزة الذي طردتها حماس عنه بصورة مذلة في 2007. في نهاية السنة الماضية ذكرت في مقالة في هذا القسم عنوانها ‘فتح تطمع بالقطاع مرة اخرى’ اقتباسا من الصحيفة الاسبوعية ‘الوطن’، أفادت وجود تنظيم عصابة مسلحة من مقاتلي فتح، بقيادة مسؤول فتح الكبير، محمد دحلان، ترمي الى اعادة الحكم في غزة لفتح بالقوة بمساعدة مصرية.
وقد عدنا في رمضان الاخير وأفدنا وجود نية عند حركة تمرد الفلسطينية في غزة لاجراء مظاهرة في 11 تشرين الثاني 2013 على حماس. ونشرت حماس قواتها وأمرت مسبقا بقتل المتظاهرين، فلم تُجر المظاهرة. وتأتي الآن مرة اخرى تقارير من مصادر عسكرية مصرية (الى وكالة رويترز) تفيد أن الجيش المصري يخطط للقضاء على حركة حماس وتسليم القطاع الى السلطة الفلسطينية بقيادة فتح.
يتناول التقرير مدة اربع سنوات لتنفيذ خطة القضاء على حماس، التي تدبر الآن بالتعاون بين الاستخبارات المصرية ونشطاء فتح، ويفترض أن تنفذ هذه الخطة بمعاونة حركات شعبية في القطاع تعارض حماس، وهي تشمل تشديد الحصار على القطاع والاستمرار في هدم الأنفاق التي كانت تستخدم كمصادر اقتصادية وعسكرية لحماس.
‘يرى التوجه المصري الذي تظهره هذه التقارير أنه لا يمكن القضاء على الاخوان المسلمين في مصر من غير القضاء على حماس في غزة. وبسبب قوة حماس العسكرية لم تنف المصادر التفكير في دخول عسكري مصري الى القطاع، وفي حين أنكر متحدث حماس سامي أبو زهري أي تدخل للمنظمة في شؤون مصر الداخلية، أنكروا في فتح من رام الله أن تكون المنظمة تعد خطة ما للقضاء على حماس بمشاركة الجيش المصري.
لماذا اختير هذا الوقت الحالي لتسريب هذه المعلومة؟ إن رسالة التهديد موجهة كما يبدو في الأساس الى الاخوان المسلمين في مصر والى اخوتهم في حماس وفي منظمات الارهاب الاخرى في غزة وسيناء كي لا تشوش على استفتاء الشعب في الدستور الجديد. ويجري الاستفتاء مع وجود عسكري ثقيل في مراكز الاقتراع ووسائل طيران في سماء مصر. وفي حين عبر حزب النور السلفي عن دعم مشجع للاستفتاء والموافقة على الدستور، دعا الاخوان المسلمون الى مقاطعته وأحدثوا اعمال شغب كثيرة المصابين والقتلى في مدن مصرية بغرض التشويش عليه. وفي نفس الوقت وعد عمرو موسى، رئيس اللجنة التي أجرت تعديلات الدستور الجديد، وعد الجهات الاسلامية بأنها تستطيع المشاركة في الحكم والحصول على تمثيل مناسب، لكنها لم ترض. وفي هذه الاثناء يجري التلفاز المصري مقابلات مدبرة في الشوارع تعرض دعما عاما لعرض ترشح السيسي للرئاسة. ووجه وزير الداخلية المصري محمد ابراهيم رجال الشرطة في مراكز الاقتراع الى استعمال الذخيرة الحية في مواجهة من يحاول التشويش على سير الاستفتاء.
إن صبر الحكومة المؤقت قد أخذ ينفد. ويعتقد المصريون أن حسم المعركة مع الاخوان المسلمين يجب أن يتم في غزة التي هي مركز القوة. وقد أصبحت حماس ترى منذ سقط مرسي الجبهة الخلفية الامدادية المسلحة للاخوان المسلمين التي تمنحهم في غزة وسيناء عمقا وملاذا وتدريبا وسلاما. وإن مجرد وجود المنظمة هو رمز لاحتمال وجود الحكم الاسلامي في مصر ايضا وهو طول نفس للاخوان المسلمين في الشوارع. والآن تتهم المنظمات الاستخبارية المصرية حماس بمساعدة القاعدة ورجال الجهاد على عمليات ومس بأمن مصر القومي، ويشيرون الى مسؤول الاخوان المسلمين الكبير خيرت الشاطر باعتباره اشتغل باعداد قوات تنفيذية سرية وعنيفة لفرض حكم مرسي.
ربما كان تسريب النوايا المتعلقة بحماس في الوقت الحالي يرمي الى أن يكون رسالة للامريكيين تقول إن السيسي هو استثمار مناسب وإنه سيسهم في القضاء على الارهاب وفي جهود السلام في المنطقة. وهذه التقارير لطمة مصرية اخرى لحماس في حين تتمتع السلطة الفلسطينية بدعم.
يصعب أن نتخيل المصريين يدخلون غزة دون تنسيق مع اسرائيل. إن دخول السلطة الى غزة على حراب الجيش المصري بهذه الصفة سيفضي الى تحسين الوضع الدستوري للسلطة الفلسطينية والى وحدة الصفوف. وسيضعف هذا التطور حماس لكنه سيدع بنيتها التحتية فوارة متآمرة. وفي هذا الوضع فرص لكنه سيجعل من الصعب على السلطة أن تصد الارهاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تُلاشي فرض التهدئة في غزة
بقلم: عاموس هرئيل،عن هارتس
إن تأمين مراسم جنازة رئيس الوزراء السابق اريئيل شارون، في مزرعة شكميم أول أمس، عاد وصرف الاهتمام الى ما يجري على حدود قطاع غزة. فقد لوحظ قبل بضع ساعات من بدء الجنازة محاولة في القطاع حينما أطلقت حماس أو الجهاد الاسلامي قذيفتين صاروخيتين غربا الى البحر المتوسط. وأما بعد انتهاء الجنازة بوقت قصير فأطلقت قذيفتان صاروخيتان شرقا سقطتا في مناطق مفتوحة في النقب.
يبدو أن المسؤولة عن الاطلاق الثاني واحدة من الفصائل المسلحة التي هي أصغر في القطاع والتي تعمل مخالفة سياسة حماس في هذه الايام. فما زالت حماس تشتغل بتجارب اطلاق القصد منها زيادة مدى القذائف الصاروخية التي تصنعها هي نفسها ليزيد على مسافة 80 كم وتُمكّن من اصابة أكثر مناطق غوش دان، من القطاع. لكن حماس حظرت على المنظمات التي هي أصغر مدة أكثر ايام السنة الاخيرة، أن تطلق القذائف على اسرائيل. وقد حرصت المنظمة منذ انتهت عملية ‘عمود السحاب’ في تشرين الثاني 2012 وأكثر من ذلك منذ حدث الانقلاب العسكري في القاهرة في تموز العام الماضي على منع تصعيد جديد مع اسرائيل كي لا تتورط معها، وكي لا تغضب في الاساس المصريين الذين يستعملون عليها ضغطا دائما للحفاظ على الهدوء. بل إن حماس انشأت من اجل ذلك قوة شرطة مؤلفة من مئات النشطاء كل عملها أن تضبط وتكف المنظمات التي هي أصغر.
لكن شيئا ما في فرض التهدئة بدأ يتلاشى. فمنذ بدء كانون الثاني حدث 11 اطلاق قذيفة صاروخية من القطاع على اسرائيل وهذا معطى لا يشمل تجارب اطلاق وسقطت عدة قذائف كما يبدو في ارض القطاع نفسه، بالخطأ. وليس واضحا الى الآن هل تغمض حماس عينها عن ذلك عمدا في تعاون ظاهر مع الفصائل الأكثر تطرفا أم كان ذلك باتفاق. لكن هذا التقاطر بمعدل قذيفة واحدة كل يوم تقريبا يجب أن يقلق. فهذا هو بدء تصعيد زاحف انتهى في الماضي الى صدامات عسكرية أوسع.
نقول من اجل المقارنة انه حدث في 2013 كلها نحو من 50 اطلاق قذيفة صاروخية على اسرائيل، ولم يطلق في كانون الثاني من العام الماضي قذائف صاروخية ألبتة. إن المتغير المهم في المعادلة الغزية موجود في القاهرة. فقد اقتبست وكالة الانبار رويترز أمس من كلام مسؤولين كبار في اجهزة الامن المصرية، أعلنوا أن حكم الجنرالات الجديد يريد أن يعالج حماس في غزة بالقوة بنفس الطرق التي يستعملها في مواجهة الاخوان المسلمين في مصر وأن حماس هي المستهدفة التالية. وبقي أن نرى هل يكفي هذا التهديد كي تستمر حماس على الجلوس في هدوء.
إن الوضع في الضفة الغربية ايضا غير رائع، فقد حدث مدة نحو من سنة خلاف متنبه بين ‘الشباك’ والجيش الاسرائيلي ولا سيما قيادة المركز، في نوعية أداء اجهزة الامن في السلطة الفلسطينية. فقد زعم ‘الشباك’ في رأي استشاري تم تقبله بالمباركة في ديوان رئيس الوزراء ومكتب وزير الدفاع أن قبضة الاجهزة على الارض تضعف وأن ذلك تشجيع للعمليات الارهابية التي قويت في الاشهر الاخيرة والتي يتم اكثرها باعتباره مبادرة من نشطاء مستقلين.
لكن قيادة المركز ايضا أصبحت تُحدث موقفها مؤخرا، فقد أصبح واضحا الآن أن السلطة تخشى مواجهة جيوب الفوضى التي أخذت تكبر في مخيمات اللاجئين في الضفة. والى ذلك كانت في المدة الاخيرة شهادات على مشاركة رجال الاجهزة في عمليتين على الأقل وكان هناك شرطي ساعد على اعداد الشحنة الناسفة التي كشف عنها في الحافلة في بات يام، وفرد من أفراد جهاز آخر أُطلقت النار عليه وقُتل بعد أن أطلق النار على جنود دورية مظليين في قلقيلية. وتجتمع هنا وهناك ايضا دلائل على تضعضع سيطرة السلطة الفلسطينية على المدن نفسها. ففي الاسبوع الماضي، في واقعة غير عادية جدا، رُجم بالحجارة نشطاء يساريون اسرائيليون جاءوا للقاء ودي مع فلسطينيين في فندق في رام الله وتم وقف اللقاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
