اقلام اسرائيلي 531
17/1/2014
في هــــــذا الملف
العمليات الإنتحارية في عام 2013: رؤية من الخارج
بقلم: يوتم روزنر، عيناب يوغاف ويورم شفايتسر،عن نظرة عليا
الازعر يطلب الاعتذار
بقلم: زئيف كام،عن معاريف
مواجهة صحيحة بطريقة خاطئة
بقلم: أوري هايتنر،عن اسرائيل اليوم
ما غاب عن يعلون
بقلم: آري شبيط ،عن هارتس
أبي ايضا كان متسللا
بقلم: جدعون ليفي،عن هارتس
علم أسود هناك!
بقلم: غي بخور،عن يديعوت
كيري والمشكلة اليهودية
بقلم: يوسي شاين،عن يديعوت
العمليات الإنتحارية في عام 2013: رؤية من الخارج
بقلم: يوتم روزنر، عيناب يوغاف ويورم شفايتسر،عن نظرة عليا
منذ بدأت العمليات الانتحارية في العصر الحديث في بداية الثمانينيات من القرن العشرين من منظمة حزب الله اللبنانية وحتى بداية الألفية الحالية، نفذت نحو 200 عملية انتحارية في أرجاء العالم.
القفزة الدراماتيكية في حجم إرهاب الانتحاريين العالمي بدأ في بداية الالفين، عندما منذئذ وحتى الان نفذت 3.500 عملية انتحارية. الصدى الذي حظيت به هجمة الـ 11 أيلول 2001 أدى الى ارتفاع كبير في دور منظمات الإرهاب المتماثلة مع القاعدة والجهاد العالمي في تخطيط وتنفيذ العمليات الانتحارية. منذ بداية الثمانينيات بلغ نصيب هذه المنظمات اكثر من 85 في’ المئة من عموم العمليات الانتحارية في ارجاء العالم وفي العام 2013 نحو 95 في المئة منها. ورغم النسبة المتدنية للعمليات الانتحارية مقابل أنماط العمل الاخرى التي تستخدمها منظمات الارهاب، فانها تحظى بعطف جماهيري أعلى بسبب كونها أكثر فتكا وذات تأثير معنوي أكبر.
في العام 2013 اضطر مواطنو 18 دولة في ارجاء العالم الى احتمال النتائج الفتاكة لارهاب الانتحاريين. ففي هذه السنة نفذ نحو 291 عملية انتحارية، ادت الى مقتل نحو 3.100 شخص. ويشير هذا المعطى الى ارتفاع بنحو 25 في المئة مقارنة بالفترة الموازية من العام الماضي (230).
يمكن الاشارة الى عدة مزايا بارزة: ارتفاع كبير في عدد العمليات في دول الشرق الاوسط وعلى رأسها العراق؛ عدد عال من العمليات الانتحارية في افغانستان والباكستان، اللتين تعانيان منذ نحو عقد من الزمان من مستوى عال من العمليات؛ استمرار العمليات الانتحارية في وسط افريقيا؛ ميل انخفاض في دور النساء في ارهاب الانتحاريين.
اضافة الى ذلك، يدل فحص العمليات الانتحارية في الساحات المختلفة الى أنه خلافا للادعاء الدارج القائل ان العمليات الانتحارية تنفذ في الغالب في الدول المحتلة، ولا سيما ضد قوة الاحتلال، فان 32 في المئة فقط من العمليات نفذت في دول يوجد على اراضيها جيش أجنبي.
معظم العمليات نفذ ضد محليين كجزء من معركة داخل هذه الدول، ولا سيما في الدول التي مدى شرعية النظام فيها متدنٍ.
ان انعدام الاستقرار السياسي في الشرق الاوسط، بسبب احداث الربيع العربي، ادى الى ارتفاع كبير في العمليات الانتحارية مثلما سيتضح في السياق.
في العام 2013 نفذ في الشرق الاوسط 148 عملية انتحارية، تشكل نحو 50 في المئة من اجمالي العمليات في العالم.
والميل الابرز في هذه المنطقة هذه السنة، هو الارتفاع في كمية العمليات التي سجلت في العراق. فهذه تشكل ثلث اجمالي العمليات الانتحارية في العالم، وتبلغ 98 عملية، ارتفاع بمعدل 280 في المئة مقارنة بالسنة السابقة (35). العراق، الذي بدأ يعاني من العمليات الانتحارية فقط بعد دخول القوات الغربية الى نطاقه في العام 2003، تكبد حتى الان نحو 1.500 عملية، معظمها كنتيجة للتوترات الدينية والعرقية. ونحو نصف العمليات الانتحارية في هذه الدولة كانت موجهة ضد السكان المدنيين (45 في المئة)، ولا سيما في المطاعم، الاسواق والمساجد، وكذا المس بالمحتشدين بالجنازات او خيام العزاء، اما الباقي فقد كانت موجهة ضد قوات الامن والشرطة (48 في المئة). يمكن الملاحظة بان جزءاً هاما من هجمات الانتحاريين، التي كانت موجهة ضد السكان المدنيين تم في المناطق التي يسودها سكان شيعة، اما العمليات التي نفذت ضد الاهداف العسكرية والحكومية فقد وقعت اساسا في المناطق ذات الاغلبية السُنية.
فضلا عن التوتر الديني والعرقي، يمكن الاشارة الى عوامل اخرى للتصعيد في عدد العمليات في العراق. الفراغ الاستخباري والعملياتي الذي خلفته القوات الامريكية وراءها اضعف قدرة الاستخبارات والاحباط لدى قوات الامن؛ التواجد المتزايد لمحافل الجهاد العالمي في المنطقة في ضوء الحرب الاهلية في سوريا زاد مخزون المتطوعين لتنفيذ العمليات الانتحارية في العراق؛ سلوك فاسد للحكم، الخاضع للاغلبية الشيعية، والتمييز الفظ بحق الاقلية السنية اثارت الكثير منهم ضده، ولهذا السبب امتنعوا عن مساعدة قوات الامن العراقية للعمل ضد منظمات الارهاب السنية. ونشدد هنا على أنه من خلف معظم العمليات الانتحارية تقف منظمة الدولة الاسلامية في العراق (داع) التي اعلنت هذه السنة عن توسيع اطار عملها من العراق نحو سوريا ايضا وغيرت بما يتناسب مع ذلك اسمها ليصبح دولة اسلامية في العراق والشام (داعش). وارتبط القتال الداخلي في العراق بشكل بارز بالحرب الاهلية في سوريا. في 2013 نفذ في سوريا نحو 27 عملية انتحارية، قتل فيها نحو 400 شخص، ومثلما في العراق المجاور، فالحرب الاهلية في هذه الدولة ايضا تتميز بتوتر طائفي عرقي وفي مركزه الشرخ السني الشيعي والصراع بين القوات العلمانية القومية والقوات الاسلامية الاجنبية. وساهم في احتدام المواجهة وقوف ايران وحزب الله اللبناني الى جانب نظام الاسد. والمسؤولون المركزيون عن ارهاب الانتحاريين هذه السنة في سوريا هم جبهة النصرة.
وداعش المقربة من القاعدة. وفي اواخر 2013 تسلل ارهاب الانتحاريين الى لبنان ايضا. هذه الدولة التي بدأ فيها ارهاب الانتحاريين الحديث وعلى مدى سنين تمتعت بغيابه، تعرضت في اثناء 2013′ لثلاث عمليات انتحارية، ابرزها في السفارة الايرانية. وحسب بيان المنفذين، تأتي هذه العمليات لردع حزب الله الذي بعث بمئات من نشطائه، بإذن من سيدته ايران للقتال في سوريا الى جانب الاسد.
ومثلما في سوريا ولبنان أدى عدم الاستقرار السلطوي في مصر الى تعاظم اعمال الارهاب في الدولة، ولا سيما بعد عزل الرئيس محمد مرسي من الحكم على ايدي الجيش.
وادى الامر الى تصعد نشاط منظمات الارهاب في مصر، ولا سيما في شبه جزيرة سيناء (حيث نفذت اربع عمليات انتحارية من اصل ست). وفي اليمن، الذي يعاني هو ايضا من عدم استقرار سلطوي مستمر، نفذت هذه السنة عشر عمليات انتحارية، انخفاض باكثر من النصف مقارنة بالعام الماضي. في ليبيا وفي تونس، حيث يسود الاضطراب السلطوي الخطير، نفذت عملية انتحارية واحدة فقط.
‘الى جانب التصعيد في الشرق الاوسط واصلت افغانستان والباكستان لتكونا، في 2013 ايضا من الدول الاكثر معاناة في العالم من العمليات الانتحارية. ففي هذا العام نفذ في افغانستان 65 عملية وفي الباكستان 35، مثل السنة السابقة. ويذكر في هذا السياق انه منذ بداية سنوات الالفين نفذ في افغانستان نحو 700 عملية انتحارية، وفي الباكستان نحو 450. ويتأثر العنف في الدولتين ضمن امور اخرى بالانسحاب المرتقب للقوات الغربية من افغانستان في 2014. وفي افغانستان غير طالبان مركز اهداف هجماته من الاهداف المدنية الى الاهداف العسكرية والشرطة المحلية (32 في المئة من العمليات)، والى محافل الحكم التي تعتبر في نظره من العملاء (27 في المئة). كما واصلت المنظمة مهاجمة القوات الاجنبية في الدولة (35 في المئة).
ولا تمتنع منظمات الارهاب في الباكستان عن المس بالسكان المدنيين (31 في المئة) الى جانب المس بالاهداف الامنية (34 في المئة) وحكومية (25 في المئة).
وحافظ مستوى ارهاب الانتحاريين في افريقيا على استقرار نسبي في السنة الماضية عندما نفذ في اثناء 2013 في دول القارة 34 عملية، واحدة اكثر من 2012.
المنظمة الارهابية البارزة في الصومال هي منظمة الشباب التي تعمل ضد مسؤولي الحكم وقوات الجيش الاجنبية المتواجدة في الدولة، ونفذت 14 عملية انتحارية. في مالي، التي دخلتها في السنة الاخيرة قوات فرنسية لمساعدة جيوش الاتحاد الافريقي، بهدف منع سيطرة الجهاد العالمي على الدولة نفذت هذه السنة 15 عملية انتحارية معظمها من منظمة حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا. في نيجيريا، حيث تسود منظمة بوكو حرام، نفذت ثلاث عمليات، انخفاض كبير عن عدد العمليات الانتحارية التي نفذت في هذه الدولة في العام الماضي (21).
وختاما، يمكن القول ان الارتفاع في عدد العمليات الانتحارية في العالم في 2013 نبع من عدم الاستقرار في دول الشرق الاوسط ولا سيما من التصعيد في الحروب الاهلية في العراق وفي سوريا، حيث تحولت الاخيرة من مواجهة محلية الى مواجهة اقليمية.
في ضوء عدم الاستقرار السياسي العالي في دول الشرق الاوسط، يبدو ان ارهاب الانتحاريين سيتواصل بل وسيتصاعد لكونه وسيلة ناجعة تحت تصرف الاطراف المتشددة. بالنسبة لاسرائيل يوجد في هذا التصعيد ولا سيما تصعيد ارهاب الانتحارييين مثابة تحذير لزيادة اليقظة الامنية خوفا من أن تحاول بعض الجهات المشاركة في النزاعات الدائرة على طول حدودها تصديرها الى اراضيها. بل ان الامر قد يشجع محافل المعارضة الفلسطينية على محاولة الاستخدام من جديد لنمط العمل الفتاك هذا ضد مواطني وجنود اسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الازعر يطلب الاعتذار
بقلم: زئيف كام،عن معاريف
لا يمكنني أن أرى نتنياهو أكثر’، قال الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي للرئيس الامريكي براك اوباما. ‘فهو كذاب’، واصل يقول. هذا حصل في مؤتمر العشرين الكبار الذي انعقد في تشرين الثاني 2011. الجواب الذي حصل عليه الرئيس الفرنسي من نظيره الامريكي كان مقززا بقدر لا يقل. ‘انت مللته؟ ولكن ماذا معي. أنا احتاج لان أتصدى له كل يوم’. نعم، الدبلوماسية في افضل صورها. الرئيسان المحترمان لم يخططا، بالطبع، لان تتسرب الاقوال، ولكن ما العمل عندما تخرج اقوال من هذا النوع دوما الى الخارج في نهاية المطاف.
هل يتذكر أحد ما أي طلب اسرائيلي في تلك الايام باعتذار فرنسي أو امريكي؟ بالمناسبة، اقوال يعلون، خلافا لاقوال اوباما وساركوزي، عنيت في معظمها بانتقاد موضوعي لوزير الخارجية الامريكي.
صحيح كانت هناك نبرة شخصية واهانة تعلقت بكيري’ نفسه، ولكن الاغلبية الساحقة من الاقوال عنيت بالجوهر وبالنهج الاسرائيلي من المفاوضات نفسها. ولكن اوباما وساركوزي حتى هذا لم يكن. مجرد قرصات لاذعة وانتقاد شخصي.
ولا شيء اكثر من ذلك. طلب اسرائيلي بالاعتذار لم يكن هناك، ولا حتى مبادرة كهذه من جانب البيت الابيض او قصر الاليزيه. كلنا اعتدنا منذ الان على انه مسموح قول كل شيء عن اسرائيل، ومسموح التشهير بالتأكيد (بل ومرغوب فيه) لرئيس وزرائها.
ولكن الازدواجية الاخلاقية لا تتوقف فقط عند حدود الولايات المتحدة. فهي توجد هنا ايضا. وذلك لانه بعد تلك الاقوال المهينة لاوباما وساركوزي لم نسمع احدا من اولئك الاسرائيليين الذين وقفوا للدفاع عن كيري يفعل ذات الشيء بالنسبة لنتنياهو. أتذكرون قائمة الوزراء والنواب الذين وقفوا في الطابور هذا الاسبوع كي يهاجموا يعلون (ورئيس الوزراء ايضا) وسعوا الى الدفاع بتفان عن سمعة وزير الخارجية الامريكي؟ أحد منهم لم يكن هناك كي يدافع ويدعم رئيس وزرائهم عندما شهر به زعماء اجانب وضحكوا على حسابه.
هذا الاستخفاف بالنفس هو ظاهرة غير مفسرة. لا توجد كرامة اسرائيلية ينبغي الدفاع عنها من ناحية اولئك المتلوين بألسنتهم. كرامة أجنبية فقط. عندما تهان الكرامة الامريكية، ولا سيما من مسؤولين اسرائيليين، نجد كبار اليسار يقفزون على الفور ليدافعون عنها ببسالة.
اما عندما يداس رئيس وزرائهم، فهم ليس فقط لا يخرجون للدفاع عنه بل العكس بالضبط. سيأتون ليدعون بانه مذنب في ان الامريكيين سيتحدثون عنه بهذه اللغة القاسية. فعندما يشتم هو مذهب. وكذا عندما يتعرض للشتيمة. لا يمكن الفوز في هذه اللعبة.
بالمناسبة، مع كل الاحترام للكلمات القاسية، التي بالطبع يمكنها أن تهين، فان اكتشاف تجسس بين الاصدقاء، مثل التنصت الى مكالماتهم الهاتفية او مراقبة صناديق بريدهم الالكتروني، فان هذا مهين اكثر بقليل من مجرد الشتيمة. ولسبب ما، فان احدا من اولئك الذين ثاروا هذا الاسبوع وهاجموا يعلون لم ينبس ببنت شفه قبل بضعة اسابيع عندما تبين ان الولايات المتحدة تدخل كل يوم، وكل ساعة، لبواطن صديقتها الافضل. ‘مثل هذا الامر لا يجري بين الاصدقاء’، جاء في بيان لوزارة الخارجية الامريكية في اعقاب تصريحات يعلون هذا الاسبوع. مع مثل هؤلاء الاصدقاء
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مواجهة صحيحة بطريقة خاطئة
بقلم: أوري هايتنر،عن اسرائيل اليوم
يعلم كل واحد منا كيف يُفرق بين كلام يستطيع أن يبيح لنفسه قوله في بيته في لقاء مغلق مع اصدقائه المقربين وبين كلام يستطيع أن يقوله على رؤوس الأشهاد، وحينما يخرج الى الخارج كلام كان مخصصا لغرفة مغلقة فان ذلك قد يفضي الى حرج.
يعرف وزير كبير ايضا كيف يفرق هذا التفريق لكن الكلام الذي يقوله قد لا يسبب حرجا فقط بل ضررا ايضا. لم يكن يخطر ببال وزير الدفاع موشيه يعلون ان يقول الكلام الذي قاله عن كيري علنا، وما كان ليقوله لو خطر بباله أنه سيذاع على رؤوس الأشهاد. فقد قاله على مسامع أناس كان يثق بهم، وإن مجرد حقيقة أنه لا يستطيع أن يثق بالناس الذين يسربون اقوالا قد تضر بالدولة، شديدة الخطر في حد ذاتها. لكنه هو، وهو فقط، يتحمل المسؤولية عن الكلام الصادر عنه ولأنه أُعلن فهو مسؤول عن النتائج ولهذا أدرك أنه يجب عليه أن يعتذر الى كيري عن المس به (وإن لم يعتذر عن ماهية الكلام).
إن كلام يعلون عن كيري منذ اللحظة التي أصبح معلنا فيها، زلة شديدة ومس بالعلاقات بالولايات المتحدة التي هي كنز استراتيجي من الطراز الاول. لكن يوجد احيانا في الحقيقة تناقض بين هذا الكنز الاستراتيجي وكنوز استراتيجية اخرى، وتكون المواجهة الظاهرة حتمية. وينبغي احيانا تأخير مصلحة العلاقات بالولايات المتحدة حينما يكون البديل ضررا شديدا باهداف اسرائيل القومية. ولا مناص احيانا من مواجهة الولايات المتحدة في مواضيع حيوية لاسرائيل كالخطر الشديد في الاتفاق مع ايران. لكن يحسن بالجملة أن يتم استيضاح الاختلافات مع الولايات المتحدة بصورة سرية.
إن قضية غور الاردن هي موضوع يجب الاصرار عليه بقوة حتى لو كان ثمن ذلك مواجهة مع الولايات المتحدة لأن مصلحة اسرائيل المميزة في الغور هي نتيجة مباشرة لفكرة المصالحة على الاراضي. والمصالحة على الاراضي التي توجب انسحابا اسرائيليا من مناطق فلسطينية كثيرة السكان في يهودا والسامرة بسبب التهديد السكاني في السيطرة عليها، يقتضي سيادة اسرائيلية على الغور كي تكون لاسرائيل حدود قابلة للدفاع عنها تعتمد على عمق استراتيجي.
وليست عندنا أية قدرة في الوضع السيال المتقلب جدا في الشرق الاوسط على أن نعلم من الذي سيحكم الاردن بعد سنة والعراق بعد سنتين، واذا كنا لا نريد أن نواجه اتصال سيطرة القاعدة من باكستان الى شارع 6 ومطار بن غوريون فينبغي أن نضمن أن يكون غور الاردن بمعناه الأوسع تحت سيادتنا. وينبغي أن تُزال من برنامج العمل فكرة الانسحاب من غور الاردن.
إن السيادة على الغور هي قضية مختلف فيها مع الولايات المتحدة وهي تسوغ المواجهة معها اذا لم يكن مفرا منها.
لكن هذه المواجهة يحسن أن تتم بطرق دبلوماسية وباسلوب دبلوماسي. وإن اقوالا كأقوال يعلون تحرف النقاش من السمين الى الغث وتضر بالدعوى الاسرائيلية وبالصورة الاسرائيلية وتحدث توترا لا داعي له ومضرا بالعلاقات بين الدولتين.
يجب على يعلون الذي لاحظ حينما كان رئيس اركان الحاجة الى انتعال نعلين عاليتين في الكرياه لأنها مليئة بالافاعي، يجب عليه أن يستنتج الاستنتاجات بطريق الأولى عن الكرياه (القرية) السياسية، وعليه أن يأخذ في حسابه أن الكلام الذي يُقال في غرفة مغلقة قد يخرج الى الخارج ويشعل حرائق لا حاجة اليها ومضرة. ويجب عليه باعتباره جنديا وقائدا ذا خبرة أن يدرك أن الحفاظ على أمن ميدان السياسة لا يقل أهمية عن الحفاظ على أمن ميدان القتال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ما غاب عن يعلون
بقلم: آري شبيط ،عن هارتس
أنا أود موشيه يعلون، فبوغي انسان ذو قيم وذكي قليلون هم امثاله في القيادة الاسرائيلية العليا. كان كيبوتسيا مخلصا، وضابطا ممتازا ورئيس هيئة اركان متفوقا. وتوقع الانتفاضة الثانية قبل أن تنشب، فاستعد لها وأسهم اسهاما حاسما في القضاء عليها. وطور يعلون إذ كان لواءا وفريقا ايضا فكرا عسكريا جديدا وسلك سلوكا يختلف جدا عن صورته الصارمة. إن وزير الدفاع يعلون انسان يقوم على أسس وهو منهجي ومتعمق يعرف كيف يتغلغل الى أدق التفاصيل بصورة غير موجودة عندنا. لكنه في الاسبوع الماضي قال لشمعون شيفر كلاما غير موزون وغير مسؤول ما كان يجوز أن يُقال. ليست المشكلة فقط في أن وزيرا اسرائيليا كبيرا قال عن وزير الخارجية الامريكي ما قاله يعلون عن جون كيري. إن المشكلة في أن كلام وزير الدفاع أظهر حقيقة أنه لم يستوعب التهديد الرئيس الذي تتعرض له دولة اسرائيل اليوم.
لنبدأ بالاخبار الطيبة. إن القوة الرئيسة التي كانت تهدد دولة اسرائيل منذ كان انشاؤها كفت عن تأدية عملها وقتا ما بصفة قوة فاعلة. فالقومية العربية الحديثة هي التي حاولت القضاء على اسرائيل في 1948، وهي التي هددت اسرائيل في 1956 وفي 1967، وهي التي هاجمت اسرائيل في 1973. وقد تسلحت القومية العربية الحديثة ونظمت نفسها وانشأت تهديدا دائما لحدود الدولة اليهودية. لكن القومية العربية الحديثة تنتقض عراها اليوم ولم تعد أكثر الدول القومية العربية تنجح في أن تسلك سلوك دول حقيقية. وأصبح أكثر الجيوش العربية ظلالا لأنفسها فلا يوجد جيش سوري يملأ الجولان ولا يوجد جيش عراقي يجتاز الاردن، والجيش المصري جيش صديق غارق الى عنقه في شؤون بلده الداخلية.
إن التهديد العسكري العربي لاسرائيل لم يزُل، لكنه دخل في عقد تعليق. إن وزير الدفاع حينما ينظر من نوافذ مكتبه الى الشرق الاوسط يستطيع أن يقول لنفسه إن وضعنا اليوم من الجهة العسكرية لم يكن قط أفضل مما هو الآن.
لكن اليكم الاخبار السيئة. في السنوات التي أصبح فيها التهديد العربي من قبل الدول معلقا أصبحت اسرائيل تواجه تهديدين وجها لوجه وهما التهديد النووي وتهديد ما دون الدول. إن صدا (عنيفا) لايران قد يسبب حريقا من نوع ما، والاستسلام (الخطير) لايران قد يشعل سلسلة حرائق من نوع آخر. وفي مقابل ذلك قد يتحدى حزب الله اللبناني، والقاعدة السورية وحماس الفلسطينية والجهاد العالمي اسرائيل بمواجهات شديدة غير متكافئة. إن التفوق التكنولوجي يمنح اسرائيل قوة عسكرية كبيرة تستطيع أن تواجه هذه الأخطار. لكن اسرائيل تستطيع أن تستعمل قوتها العسكرية التكنولوجية اذا كانت تُرى فقط دولة عادلة تدافع عن نفسها بصورة اخلاقية.
لهذا فان التهديد الرئيس الذي يتعرض له أمن اسرائيل اليوم هو على الخصوص التهديد الثالث، في الجبهة الخلفية الخفية على الناظر. إن التهديد هو أن ينكسر الجليد الدقيق للشرعية الذي نخطوا فوقه، تحت أرجلنا. والخطر هو ألا تستطيع طائراتنا المتطورة أن تقلع من قواعدنا المحصنة لأن العالم لن يسمح لها بأن تفعل ذلك. إنه الخوف النابع من ألا يكون وضعنا في الجانب السياسي متداعيا أبدا بهذا القدر.
وهكذا فان التحدي الاستراتيجي الرئيس الذي يفترض أن يواجهه وزير الدفاع الحالي يختلف عن كل ما سبقه. فليست المشكلة في هذه المرة قوة العرب بل فقدان الغرب. والمشكلة في هذه المرة هي أن وضعنا في العالم سيء في حين أنه جيد في المنطقة. إننا سنسوي أمورنا مع الجيران لكننا اذا خسرنا آخر حلفائنا فاننا مقضي علينا. إن غور الاردن مهم لكن وزارة الخارجية الامريكية أهم. والترتيبات الامنية مطلوبة لكن البيت الابيض حيوي. ويجب على حكومة اسرائيل كي تسير في الطريق الطويل الذي يضمن قوة اسرائيل ومستقبل اسرائيل أن تعامل جون كيري باحترام وأن تُجل مبادرة كيري السلمية وأن توافق عليها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أبي ايضا كان متسللا
بقلم: جدعون ليفي،عن هارتس
‘كان متسللا. فقد دخل الى هنا بخلاف القانون ولهذا أُرسل الى ‘منشأة احتجاز′. ولم يُعترف بأنه لاجيء ولهذا كان يجوز طرده الى دولة ثالثة كما عاملوه حقا.
لم تكن قد نشبت (حتى ذلك الحين) في بلده أية حرب. ولم يُر (حتى ذلك الحين) في ظاهر الامر أي خطر مباشر على حياته ولهذا لم يكن يُعد فاراً من السيف. وقد جاء الى هنا عن طريق دولة ثانية (وثالثة ورابعة) وأحل ذلك طرده.
تسلل الى هنا ايضا وحده وكان رجلا شابا دون أبناء عائلته وهذا برهان ساطع على أنه لم يكن لاجئا. يمكن أن يُقال فيه في واقع الامر إنه تسلل الى هنا كي يُحسن ظروف عيشه بل ربما كان مهاجر عمل لأنهم أقالوه في وطنه.
هذا الشخص هو أبي. فلولا أنه كان يهوديا، ولو أن المتسلل الدكتور هاين ليفي جاء الى الدولة تحت حكم بنيامين نتنياهو وجدعون ساعر لانتظره مصير يشبه مصير طالبي اللجوء من افريقيا. وكان أصله اليهودي فقط هو الذي يحميه هنا. كان يهوديا لكنه لم يثبت في حينه لأي معيار من معايير دولة اسرائيل اليوم للاعتراف باللاجيء. صحيح أنه كان يهوديا لكن الالتزام الاخلاقي لانقاذ اللاجئين لا يمكن أن يقوم على انتقاء عرقي أو عنصري.
في ربيع 1939 ودع أبي الى الأبد والديه وخطيبته في محطة قطار براغ وخرج في مغامرته الى فلسطين. وكانت سماء اوروبا قد بدأت تتلبد بالغيوم آنذاك ولم يكن أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيحدث بعد ذلك، والموظفون البريطانيون الذين طردوه عملوا بحسب القانون والكتاب كما يعمل الآن موظفو ادارة السكان والهجرة عندنا.
لم يكن أبي يملك شهادة ولهذا اعتبر متسللا وكان يشبهه في ذلك نحو من 84 ألف ‘متسلل’ جاءوا الى هنا في مشروع شهد اسمه بصورة ظاهرة على عدم قانونيته: ‘الهجرة غير الشرعية’، الهجرة الثانية.
لم يكن في محاولة أبي الدخول الى اسرائيل أي عمل بطولي، بل حاول أن يفر الى بلد أكثر أمنا لأنه شعر بأن حياته في خطر. ومثله الافارقة. وقد زُعزع والدي أشهرا في البر والبحر وأغلقت عدة دول أبوابها في وجهه وكانت سواحل فلسطين ايضا مغلقة فطُرد الى معسكر اعتقال في بيروت. وحينما نجح في التسلل الى هنا أُرسل أكثر رفاقه في رحلة سفن محاولي الدخول الى معسكر اعتقال في الصرفند التي هي تسرفين اليوم. ولا أعلم أكان ذلك موقعا مفتوحا أم مغلقا لكنني أعلم أنهم كانوا متسللين لأن حبسهم كان بحسب القانون الذي كان سائدا في البلاد.
لست قادرا على ألا أفكر في عذاب أبي وعشرات آلاف اليهود الآخرين في الوقت الذي أفكر فيه في طالبي اللجوء من افريقيا. إن مصير هاين من اقليم السوديت لا يختلف كثيرا عن مصير احمد من اقليم دارفور. فر أبي الى هنا لأنه اعتقد أنه يمكن الفرار الى هنا، وفر عدد من اصدقائه الى دول اخرى. ولولا أن أبي شعر بالخطر القريب لبقي في وطنه. فقد كان الفرق بين هاين واحمد في هذه المرحلة قبل المحرقة عرقيا فقط، فكان هاين يهوديا واحمد سوداني (أو اريتيري).
فر كلاهما من بلده لأنه شعر بتهديد حياته وحريته. وكلاهما متسلل بحسب القانون. إن الدول التي أغلقت ابوابها في وجه أبي وفي وجه مئات آلاف اليهود حكم عليها الضحايا بالعار الأبدي. وتسلك سلوكها الآن دولة اللاجئين والمتسللين اليهود، أي اسرائيل.
مما لا يُصدق أن الذرائع التي تثار اعتراضا على استيعاب الافارقة هي بالضبط الذرائع نفسها التي استعملها مغلقو الابواب في وجوه اللاجئين اليهود وهي نفس الحفاظ على القانون المنافق وإن يكن بلا اخلاق، ونفس التخويف من ‘طوفان’ مهاجرين يُحل مفسدة اغلاق الابواب.
كان ذلك المتسلل أبي وكان مصيره حسنا هنا لأنه كان يهوديا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
علم أسود هناك!
بقلم: غي بخور،عن يديعوت
في الاسبوع الماضي نشبت الحرب الاهلية في العراق بين السنيين والشيعة بكامل سعتها. فالى ذلك الوقت كان الحديث ‘فقط’ عن سيارات مفخخة مع نحو من 8 آلاف قتيل في 2013. ونشبت الحرب الواسعة حينما سيطر آلاف من مقاتلي القاعدة بصورة عاصفة على المدينتين السنيتين غرب بغداد الفلوجة والرمادي ومعهما محافظة الأنبار الضخمة على مشارف الحدود مع الاردن وسوريا. وقد فعلوا ذلك بتعاون مع قبائل العراق السنية التي ضاقت ذرعا بالحكم الشيعي من بغداد الذي انشأه الامريكيون، والذي يتلقى جميع أوامره من طهران في واقع الامر. وهكذا اتحد السلفيون من العراق وسوريا في كيان ضخم للقاعدة وسيتحدون مع سلفيي شمال الاردن والسلطة الفلسطينية والامر أمر وقت فقط.
إن مشهد أعلام القاعدة السوداء تخفق فوق أبناء الجمهور في مدن العراق السنية مدهش، لأن الجيش الامريكي حارب عن هذه المدن في السنوات 2003 2011 مضحيا بنحو من 4500 من جنوده، وأصبحت القاعدة تحكم هناك الآن. إن الامريكيين رأوا العراق الجديدة تجربة للديمقراطية والمساواة والتعاون بين الطوائف، ورأوها مثالا يحتذي عليه الشرق الاوسط العربي كله، لكنها أصبحت الآن قد توغلت عميقا في حرب أهلية سيشتد أوارها كلما مر الزمن كما في سوريا، وبلا حل.
وبذلك انهارت نفقات المليارات الامريكية في العراق، وانهارت الأحلام والسعي الموسوس والخطط العسكرية والسياسية، وتختفي دولة عربية اخرى. إن رفع علم القاعدة في الفلوجة لا يقل عن الهزيمة الامريكية في فيتنام. صحيح أن حلم العراق كان حلم الرئيس بوش في الأساس، لكن حلم الخروج السريع كان حلم اوباما وقد انهار هذان الحلمان وأصبح هذا الآن انهيارا لادارة اوباما. كان اوباما يأمل، بمساعدة صامتة من ايران أن يمر وقت بعد اخراج جنوده السريع من العراق في كانون الاول 2011، كي يستطيع أن يقول إن الولايات المتحدة لا تتحمل تبعة الانهيار بيد أن التبعة كلها عليها.
وبذلك نفهم ايضا كيف تعمل ادارة اوباما بأن توقع على اتفاق لا معنى له، فالشيء الأساسي أن توجد ورقة ما، وأن تهرب سريعا مغلقة أذنيها كي لا تسمع الانهيار المطلق بعد ذلك. كانت الولايات المتحدة هي التي أخربت العراق قبل عشر سنوات، والولايات المتحدة هي التي سببت الآن نشوب الحرب الاهلية التي لن تكون لها نهاية.
وفي نفس الاسبوع بالضبط يعرض علينا جنرالات امريكيون ‘خطة أمنية’ في يهودا والسامرة، في ضوء نجاحهم المدهش في العراق المنهارة. فكما نجحت الخطة هناك نجاحا رائعا ستنجح هذه التي يُعدونها لنا ايضا. ويا لسخرية التاريخ: ففي نفس الاسبوع الذي انهارت فيه الخطة ‘الامنية’ في العراق على أيدي سلفيين ومجاهدين يحملون صواريخ الكتف والـ آر.بي.جي، أصبحوا يعرضون علينا من خططهم الامنية الرائعة هنا ايضا.
لن يوجد الجيش الاسرائيلي بحسب الخطة الامريكية في منطقة يهودا والسامرة ألبتة، أو سيكون موجودا بصورة جزئية فقط. وهذا يضمن سيطرة سلفية سريعة للقاعدة في بضعة ايام، فوق مطار بن غوريون، الذي هو مخرج اسرائيل وتل ابيب وحيفا والقدس الوحيد.
اجل إن العراق نموذج يُحتذى به حقا، فما عدنا بحاجة الى الخطط الامنية الامريكية. ولن تصبح اسرائيل على أي حال من الاحوال عراقا اخرى ولن نوافق على خراب امريكي هنا ايضا، فالامر أمر وجودي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
كيري والمشكلة اليهودية
بقلم: يوسي شاين،عن يديعوت
‘رحلات كيري الى الشرق الاوسط أدت في الاسابيع الاخيرة الى بحث متجدد في ‘المسألة اليهودية’ في امريكا. وهاكم وصف لمنطق ليبرالي يهودي من مدرسة بيتر باينرت، الممثل الجديد لليسار الصهيوني في الولايات المتحدة.
يكتب باينرت بأن كيري يوشك على الفشل في 2014. وبالنسبة له، فان فشله هو تحصيل حاصل لرفض نتنياهو واليمين، اللذين يستندان الى مظلة حماية المؤسسة اليهودية الامريكية التي منعت اوباما من الضغط على اسرائيل بشكل فاعل. وعليه، كما يتنبأ باينرت، سيضطر كيري الى العودة الى الديار دون اتفاق، والادارة، بخيبة أملها، ستقلل دورها في النزاع. وسيجعل فشل كيري امريكا ذات صلة أقل في منطقتنا، وستكون النتيجة قاسية على اليهود وعلى اسرائيل. لماذا؟ لأن المؤسسة اليهودية التقليدية، التي تمتعت لسنوات من السيطرة في السياسة الامريكية الداخلية وفي العلاقات الخارجية، ستضعف من حيث قدرتها على التأثير على الاحداث في واشنطن وفي الشرق الاوسط، وإن كان فقط لأن ادارة اوباما والولايات المتحدة ستضعفان هما ايضا.’
بتعبير آخر: ستكون الولايات المتحدة ضعيفة ومنهكة في الشرق الاوسط بسبب المؤسسة اليهودية التي أفشلت الانجازات في المسيرة السلمية وهكذا مست بشكل غير مباشر بسلامة وأمن اسرائيل. ادارة امريكية منهكة ومنقطعة ومؤسسة يهودية ضعيفة ستُسرعان حسب باينرت موجة عداء أقوى ضد اسرائيل في الجامعات، في الكنائس، في منظمات العمال وفي المؤسسات الدولية، حيث المؤسسة اليهودية التقليدية ليست ذات نفوذ مشابه لذاك الذي جمعته في السياسة الامريكية الداخلية وفي واشنطن.
وبالفعل، نظرية نموذجية لفرض الذنب على اليهود الذين يجلبون المعاناة على أنفسهم بسبب قوتهم الكبيرة، التي أدت باسرائيل وبهم الى الغرور والدمار الذاتي.
نظرية باينرت تبسيطية وخطيرة. وهي تُذكر بمفاهيم تآمرية عتيقة عن قوة اليهود الهدامة في العالم والميول اليهودية الداخلية ‘في المنفى’ لفرض الذنب الذاتي. يمكن التوسع في الظاهرة اليهودية هذه المتعلقة بجلد الذات، ولكننا سنكتفي بتذكير بسيط في أن الواقع الشرق اوسطي المجنون يثبت، المرة تلو الاخرى، بأن التنبؤات لا تصمد حتى لفترة قصيرة. ومع ذلك، اذا كان مسموحا لباينرت أن يتنبأ، فمسموح لي أنا ايضا.
وهاكم عدة سيناريوهات محتملة:
1. كيري ينجح في تحقيق اتفاق، كهذا أو ذاك، وإن كان جزئيا.
2. العام 2014 سيكون بالذات عام انعطافة في السياسة الاسرائيلية والفلسطينية بسبب مساعي كيري.
3. الانتخابات للكونغرس في نهاية 2014 ستغير ميول التفكير بالنسبة للنزاع في السياسة وفي الساحة العامة الامريكية في ضوء اخفاقات اوباما في الداخل وفي الشرق الاوسط، وستعظم بالذات قوة المؤسسة اليهودية.
’4. وربما، لن يسارع اوباما الى الانسحاب من المنطقة حتى لو واصل النزاع المراوحة في المكان.
واضح أن الليبراليين اليهود في الولايات المتحدة، مثل كثيرين في اسرائيل، محبطين من غياب حل للنزاع ويتطلعون الى السلام. ولكنهم ملزمون بأن يتحرروا من الميل لنشر مؤامرات يهودية. حذار أن ينسوا بأن حتى حكومات ‘اليسار’ في اسرائيل لم تتوصل الى اتفاق رغم مساعيها العظيمة. فهل نسوا فشل اوسلوا والانتفاضة الثانية؟ هل سيوافقون بشكل عام بأن ثمة طرف آخر للتزاع يمكنه أن يُفشل الحل؟.
لقد ساهمت اسرائيل في مواصلة النزاع بالمشروع الاستيطاني غير مكبوح الجماح. ولا يزال يجدر بالذكر أن جذور النزاع بيننا وبين الفلسطينيين عميقة ولا تبشر بالضرورة بحل للنزاع. يجدر بالتالي أن توجه المساعي الى مسار تخفيض مستوى التوتر، الانفصال والتقدم الواعي الى حل الدولتين للشعبين، دون الوقوع في فخ التنبؤات اليمينية الهاذية والتنبؤات اليسارية السوداء التي تصم اليهود. نتمنى لكيري النجاح.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
