اقلام وآراء
(514 )
الاحد
02/02/2014
مختارات من اعلام حماس
أقلام وآراء (514 )
ماذا لو فشلت المفاوضات؟
فايز أبو شمالة / الرأي
النصف الآخر من كأس الربيع العربي
ياسر الزعاترة / فلسطين الان
"وطنية" الصهاينة، ذلك الأمل المهين!
حلمي الأسمر / فلسطين الان
كن مقدسياً
يوسف رزقة / فلسطين اون لاين
نغبطهم ونحسدهم – فهمي هويدي
فهمي هويدي / الرسالة نت
ماذا نعرف عن خطة كيري؟
باتر محمد علي وردم / الرسالة نت
ماذا لو فشلت المفاوضات؟
فايز أبو شمالة / الرأي
هدد مسئولون فلسطينيون بممارسة كافة أشكال المقاومة للاحتلال في حال فشل المفاوضات الراهنة مع الصهاينة، ولم يستبعد بعضهم المقاومة المسلحة، وهدد آخرون باللجوء إلى الأمم المتحدة، والانضمام إلى المنظمات الدولية، بما في ذلك محكمة الجنايات الدولة لمحاسبة قادة الكيان الصهيوني، وهدد آخرون بحل السلطة الفلسطينية، والرجوع بالزمن إلى ما قبل اتفاقية أوسلو، وتحميل إسرائيل المسئولية المباشرة عن الاحتلال، وهدد آخرون بالتخلي عن فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، والعمل على إحراج من خلال طرح فكرة ثنائية الدولة.
مجمل التصريحات السابقة وغيرها قد صدرت عن مسئولين فلسطينيين يمارسون عملياً القيادة، وهم أصحاب القرار، أو أنهم شركاء في المسئولية عن القرار السياسي، بالتالي فإن تلك التصريحات الصادرة عن مستويات قيادية فلسطينية تشير إلى احتمالين اثنين،
الاحتمال الأول: إمكانية نجاح خطة كيري في التوصل إلى اتفاق إطار بين القيادة الفلسطينية والقيادة الإسرائيلية، فجاءت هذه التصريحات المتشددة لتدعم المفاوض الفلسطيني، ومحاولة التأثير على الخطة بالإيجاب لصالح القضية الفلسطينية.
الاحتمال الثاني: حالة الإحباط التي تسيطر على القيادة الفلسطينية، وتقديرها المسبق لفشل المفاوضات، وبالتالي تحاول استباق المرحلة القادمة، والتأثير فيها، ومواصلة قيادتها.
الاحتمالان السابقان لا يعفيا المسئولين السياسيين عن حالة الردى التي وصلت إليها القضية الفلسطينية، وما نجم عنها من تغيرات جغرافية وسكانية مهدت الأرض لصالح الصهاينة، بالتالي فإن تصريحات بعض المسئولين الفلسطينيين عن خيارات أخرى غير المفاوضات لا تنسجم مع منهاج حياتهم، وقناعتهم، ومسيرتهم التي أوصلت الفلسطينيين إلى ما وصلوا إليه. والصحيح هو أن يقف هؤلاء المسئولون الفلسطينيون أمام الشعب، وأن يعلنوا بكل جرأة وشجاعة عن فشل مشروعهم، الذي يحتم انسحابهم من الحياة السياسية، ومن واقع المسئولية، وألا يفرضوا على المجتمع الفلسطيني خياراتهم هم، ورؤيتهم هم التي أوصلتنا إلى هذه الحالة.
ولا يصح بأي حال من الأحوال أن يغدو أبطال السلام والمفاوضات بين عشية وضحاها أبطال التحدي والمقاومة، ففي ذلك إهدار لمكانة الإنسان الفلسطيني القادر على فرز قيادته التي تتواءم مع المرحلة، والقادر على إبداع وسائل المواجهة بعيداً عن أولئك المسئولين؛ الذين اجتهدوا وفشلوا، ثم اجتهدوا ثانية وفشلوا.
ماذا نعرف عن خطة كيري؟
باتر محمد علي وردم / الرسالة نت
عندما بدأت جولات وزير الخارجية الأميركي جون كيري في المنطقة لتهيئة ظروف التفاوض الفلسطيني-الإسرائيلي تعاملت وسائل الإعلام العربية والمحللين السياسيين بالكثير من السخرية تجاه المبادرة وذلك بناء على تاريخ طويل من المحاولات الفاشلة. بعد مرور بضعة اسابيع تبين أن الأمر جدي هذه المرة لأن التفاوض يتم في غرف مغلقة، بدون تغطية إعلامية وركض وراء التقاط الصور وهذا يعني أن القضايا الحساسة باتت موجودة على الطاولة فعلا. ما يزيد الأمور صعوبة الحالة الراهنة في توازن القوى السياسي حيث النظام العربي الرسمي متفكك تماما وكل الدول مشغولة بظروفها الذاتية ولا توجد أوراق ضغط كثيرة أمام المفاوض الفلسطيني.
سخرية وسائل الإعلام والمحللين السياسيين في العالم العربي تحولت فقط إلى الثرثرة مؤخرا بسبب غياب المعلومات وعدم رغبة السياسيين الرسميين في الدول العربية المعنية بطرح القضايا أمام الرأي العام تجنبا للحرج والمطالبة بمواقف متشددة في سياق التفاوض. في الأردن نشعر بالكثير من القلق نتيجة غياب المعلومات وبالتالي سيادة الشائعات والمصادر غير المؤكدة. اصبحنا الآن نعتمد على الصحافة الإسرائيلية والأميركية وبعض مراكز البحث الاستراتيجي المقربة من صناع القرار في تل ابيب وواشنطن لاستقاء المعلومات.
في مقال مهم جدا في صحيفة نيويورك تايمز قبل يومين طرح الكاتب الأميركي الأشهر توماس فريدمان معلومات جديدة حول المبادئ الاساس في خطة كيري وأوضح أن هذه الخطة سوف تضع إسرائيل والسلطة الفلسطينية معا في مواجهة لحظة الحقيقة والحاجة الى اتخاذ قرارات في غاية الخطورة. خطة كيري حسب معلومات فريدمان تتضمن 1- انسحابا إسرائيليا تدريجيا من المنطقة التي احتلتها في العام 1967 2- الإبقاء على بعض المستوطنات في الضفة الغربية ومبادلتها بأراض “إسرائيلية” تصبح تحت سلطة الفلسطينيين 3- ترتيبات أمنية “غير مسبوقة” في وادي الأردن لحماية الأمن الإسرائيلي 4- اعتراف فلسطيني بأن إسرائيل هي “دولة الشعب اليهودي” في حدود 1948 5- حق العودة يمارس بشكل طفيف جدا في حدود 1967 المستعادة ولكن ليس في 1948 6- عاصمة فلسطينية في الجزء الشرقي من القدس.
يعتقد فريدمان أن كل هذه العناصر صعبة جدا ولن يقبل بها أحد من الطرفين وهذا أمر مؤكد، ولكن مجرد طرحها بهذه المستويات المباشرة يعني أننا إزاء مفاوضات جادة ربما تكون الأهم منذ قمة عرفات-باراك تحت إشراف كلنتون منذ حوالي 15 عاما في كامب ديفيد. حسب مقال فريدمان فإن كيري يقوم حاليا بترك الفلسطينيين والإسرائيليين يتفاوضون ولكنه يدرك تماما بأنهم لن يتفقوا وأن الولايات المتحدة سوف تتدخل لتمارس الضغط وطرح مبادرتها بشكل أكبر في النصف الثاني من العام القادم بهدف الوصول إلى تفاهمات جدية قبل انتهاء ولاية أوباما الثانية.
تم فتح الملفات الأصعب في الفترة الأسوأ وهذا هو الخيار المراوغ الذي سوف تستفيد منه إسرائيل التي تتمتع حاليا بأفضل سيطرة على موازين القوى منذ اربعين سنة وذلك بفضل الفوضى التي أحدثها “الربيع العربي” وجعل السلطة الفلسطينية بلا سند عربي، وللأسف قد تكون جاهزة الآن لتقديم التنازلات التي صمدت في مواجهة ضغوطاتها لبضع سنوات!
النصف الآخر من كأس الربيع العربي
ياسر الزعاترة / فلسطين الان
ما ينبغي أن يتذكره الجميع في سياق تقييم ما آلت إليه مسيرة العربي، وشماتة كثيرين بوضعه الحالي هو أن الشامتين من يساريين وقوميين وطائفيين لم ينقلبوا على تلك المسيرة إلا بعد أن شملت حبيب القلب (بشار الأسد)، فهي كانت ثورات نابعة من ضمير الشعوب، وكانت “صحوة إسلامية” بحسب خامنئي، قبل أن تغدو مؤامرة إمبريالية أو أمريكية صهيونية بعد بلوغها المحطة السورية.
أما الأهم فهو أن شماتة هؤلاء جميعا بمسيرة ربيع العرب، تنسجم، ويا لهول المفارقة، مع شماتة أنظمة يرونها رجعية، أو تابعة للأمريكان والغرب، أو يرونها ضد محور المقاومة والممانعة، فهل يبدو ذلك محض مصادفة، لاسيما أن شماتة الطرف الأخير بالربيع العربي لا تتعلق أبدا بسوريا، وإنما بمصر والمحطات الأخرى، بينما يبدو المشهد مختلفا في الظاهر بالنسبة للحالة السورية.
هذا فريق من المهللين لمأزق الربيع العربي. أما الفريق الآخر فيتوزع بين بسطاء لا يدركون مرامي ما يقولون، وبين مشايخ يروجون لمقولة الطاعة للحكام، ويريدون أن يثبتوا أن تنظيرهم الرافض للمظاهرات والثورات كان صحيحا، لأنها لم تجلب غير الدماء والدمار والمعاناة، ودعك هنا من الأسباب الحقيقية التي تقف خلف الموقف، إذ أن أكثرها لا يتعلق بالخوف على معاناة الناس، بقدر ما يتعلق بالتبعية للحكام والبحث عن المكاسب؛ الأمر الذي لا يشمل بسطاء الناس الذين أشرنا إليهم.
في الحالتين الأخيرتين لا بد من رد بسيط يقول، إن التحولات التاريخية في مسيرة الأمم، لا يمكن أن تمر سهلة وبسيطة، لكن الخيار الآخر لا يعني غير تأبيد البؤس، وهذا ليس خيار الأحرار بأية حال، ولا حاجة للرد على المنطق الديني أو الشرعي، لأن من يرفضونه لديهم أدلتهم أيضا (كي لا يعتقد البعض أنه وحده من يملك الدليل).
ما يعنينا هنا هو الجانب المليء من الكأس، وهنا نقول، إن ما ينبغي أن يتذكره هؤلاء جميعا أن الزمن لن يعود إلى الوراء، وأن ما جرى قد كسر حاجز الخوف، ولن يكون بوسع ذات الأنظمة، وكذلك نخبها الفاسدة من داخلها ومن حولها أن تمارس ذات السلوك القديم، من دون أن تثير الكثير من الهياج وردود الفعل. وهذا بحد ذاته يُعد إنجازا كبيرا من دون شك.
إنه إنجاز لا ينبغي التقليل من شأنه بأي حال من الأحوال، ليس فقط لأنه سيتمكن من تقليل منسوب الفساد والاستبداد، وسيوسّع دوائر الحرية بكل أشكالها، وإن على نحو محدود، بل أيضا لأنه يبقي اليد على الزناد، ويراكم مسيرة البحث عن حرية حقيقة، وتعددية لا تنتمي إلى زمن التعددية الشكلية الذي رأيناه خلال العقود الأخيرة في بعض ديار العرب.
لقد كانت هذه المنطقة تعيش في ظل أنظمة تمنح نخبها الحاكمة قداسة الآلهة؛ تدبج لها الأغاني ويتم التعامل معها كأنها هي الأوطان، ومن يتجرأ عليها يُعرّض نفسه لأشد العقوبات. صحيح أن شيئا من ذلك لا يزال يحدث (مع مستجد أسوأ في حالة السيسي)، وهناك من يحاكم على تغريدة ويحكم بالسجن بسببها، لكن ذلك لم يعد يتعلق سوى بالقذف المباشر، وأحيانا في سياق من مساعي إغلاق النوافذ وعدم تجرؤ الناس على السلطة ليس إلا. أما الحقيقة فيه أن سقف النقد قد ارتفع، بل الهجاء في كثير من الأحيان، ولم يعد الناس يسكتون على أي تجاوز على حقوقهم، ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي سيدرك ذلك بكل وضوح، ما يعني أنه لن يكون بوسع الأنظمة أن تستعيد زمنها القديم.
من المؤكد أن النجاح يغري بالنجاح، ولو مضت مسيرة الربيع العربي كما كان مأمولا لها أن تمضي، لكان مشهد المنطقة في طريقه إلى تغير كبير في زمن أقصر، لكن المؤامرة كانت أكبر من قدرة الشعوب على مواجهتها، ليس بسبب تجذر أنظمة الفساد والاستبداد في دولة حديثة عنوانها البطش والاستئثار بكل أدوات القوة، بل أيضا بسبب المساعدة التي تلقتها من الخارج، إن كان العربي الخائف من وصول المد إليه، أم كان من الخارج الخائف من استعادة شعوبنا لقرارها المسروق.
ألم يكن لافتا أن يلتقي الغرب والشرق ضد صحوة الشعوب العربية؛ من روسيا والصين، وحتى أمريكا والغرب؟ ألا يؤكد ذلك أن حصار الشعوب مصلحة لكل تلك القوى التي تريد هذه الأمة ضعيفة يحكمها الفساد والاستبداد؟ ألم يتجلَّ ذلك سافرا في سوريا ومصر؟!
كل ذلك، لا ينبغي أن يدفع شعوبنا إلى اليأس، ولا قواها الحية إلى التراجع والاستسلام، بل عليها أن تواصل النضال، مستفيدة من قوة النضال السلمي في زمن ثورة الإعلام، وليكن واضحا أن تحولات تاريخية في منطقة بالغة الحساسية للعالم أجمع؛ ما كان لها أن تمر بسهولة ويسر، لكن انكسار حاجز الخوف عند الشعوب ينبغي أن يمنح قواها الحية مزيدا من التصميم على استكمال المسيرة غير عابئة بالتعثر الذي أصابها، وحين تفعل ذلك فهي سترد على المشككين، وتخرِّب عرس المحتفلين بتعثر المسيرة، أو إجهاضها كما ترى أنظمة الفساد والاستبداد ومن يدورون في فلكها، ومعهم من سيطرت عليهم الأحقاد الحزبية والأيديولوجية والطائفية.
بقي القول إنه لو لم يمنحنا ربيع العرب غير التخلص من طاغية أرعن مثل القذافي، ومن ابن علي وعلي صالح ومبارك لكفاه رغم كل شيء، فكيف وهو يبشرنا بوضع جيد في تونس أيضا؟
نغبطهم ونحسدهم – فهمي هويدي
فهمي هويدي / الرسالة نت
ينبغي أن نعترف بأن التونسيين نجحوا فيما فشل فيه المصريون، ذلك أنه في الوقت الذي توافقوا فيه على دستور ثورتهم ومنحوا ثقتهم لحكومة مستقلين جديدة، فإن مصر كانت خارجة لتوها من صدمة الذكرى الثالثة للثورة.. بعدما قتل في المناسبة تسعون مصريا، وأصيب 277 واعتقل 1341، حسب التوثيق الذي أوردته المصادر المستقلة.
وإذ حلت ذكرى الثورة المصرية يوم 25 يناير، وأقر التونسيون دستورهم يوم 26، في اليوم التالي مباشرة، فإننا في مصر نكون قد أمضينا السنوات الثلاث (منذ عام 2011) في صراعات أفضت بنا إلى مجهول تثار حوله العديد من علامات الاستفهام، أما هم فقد تجاوزوا عنق الزجاجة، وعرفوا إلى أين هم ذاهبون.
بكلام آخر، فقد توفر لنا دستور مشكوك في نسبه السياسي، وضعته مجموعة اختارتها السلطة، ولم ينتخبها الشعب، ثم إننا مقبلون على انتخابات رئاسية في أجواء تخيم عليها المخاوف والغيوم، فضمانات الحريات العامة محل شك في ظل تصاعد مؤشرات هيمنة المؤسسة الأمنية وعسكرة المجتمع، فضلا عن علامات الاستفهام المثارة حول رؤية المستقبل لمجتمع منقسم يعانى من الفراغ السياسي ويعلق كل أمله على «المخلِّص المنتظر».
ولا تفوتنا هنا ملاحظة أن القرار السياسي في تونس بعد الثورة صنعه المجتمع المدني ممثلا في أحزابه ونقاباته ومؤسساته المنتخبة.. أما في مصر فالقرار السياسي بعد الثورة لا يزال رهين المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، وإذا كان الانقسام سمة للواقع الراهن في مصر، فإن الانسجام النسبي صار سمة للنخبة التونسية، على الأقل من حيث إنها نجحت في التوافق على الحد الأدنى الذي مكنهم من الاتفاق على الدستور وعلى تسمية رئيس الحكومة وعلى منح الوزارة الجديدة ثقة المجلس التأسيسي.
لا أزعم أن النخبة التونسية اتفقت على كل شيء، ولا أقول إن الخلافات تم تذويبها بين الأحزاب والمؤسسات المدنية، ولا أقول إن طريق تونس نحو المستقبل صار ممهدا ومفروشا بالورود، لأن العكس هو الصحيح في كل ما سبق، لكن العبقرية التونسية تمثلت في قدرة النخبة على إدارة خلافاتها، أولا حين قررت أن تحتكم إلى الحوار في التعاطي مع قضاياها الخلافية، وثانيا حين توافق الجميع على أن الأهم أن تكسب تونس، ويتقدم المسار الديمقراطي، ولا يهم بعد ذلك من خسر أو كسب من القوى السياسية.
وهذه العبارة الأخيرة اقتبستها من تصريح للشيخ راشد الغنوشي- رئيس حزب النهضة صاحب الأغلبية البرلمانية، قال فيه إن ما قدمته النهضة من تنازلات في الحوار ينبغي ألا يعد هزيمة لها.
إذ طالما أن تونس هي الرابحة فإن الحركة تظل ماضية في الاتجاه الصحيح، إذا خسرت الحركة السلطة (بعد استقالة حكومتها)، فإنها تستطيع أن تعود إليها في أي وقت، أما إذا خسرنا أمن تونس واستقرارها فإن ذلك مما يتعذر تعويضه.
ما تم من إنجازات حتى الآن لم يكن أمرا سهلا، إذ سبقته مشاحنات واتهامات وانسحابات من المجلس التأسيسي وتظاهرات في الشوارع، شأن أي ولادة متعسرة، لكن المهم أن الولادة تمت، وأن محاولات الإجهاض فشلت، وكان السبب الأساسي في ذلك أن العقلاء تحدثوا مع بعضهم البعض، وأنهم جلسوا على الطاولات يتفاهمون طوال خمسة أشهر تقريبا.
وإذ بدأت المناقشات باتهام الأغلبية الممثلة في حركة النهضة بتقديم «دستور إسلامي»، الأمر الذي كان محلا للتجاذب والاتهام من قبل تيار الحداثة وزعامات اليسار، فإن الحوار والتنازلات المتبادلة مكنت العقلاء من التوافق حول صيغة وصفها الذين أطلقوا الاتهامات في البداية بأنها تقدم للوطن العربي أول «دستور تقدمي» في تاريخه المعاصر.
وهذا الكلام لم يخرج من قادة حركة النهضة، ولكن تحدث به رموز التيار العلماني واليسار الشيوعي وغير الشيوعي.
للدقة، فإن الإنجاز أسهمت فيه عوامل أخرى، إلى جانب نضج السياسيين التونسيين وحكمتهم، حيث لم يعد سرَّا مثلا، أن ضغوطا أوروبية تحديدا، إضافة إلى وساطة جزائرية مورست لإقناع الأطراف المختلفة بضرورة التوافق وتبادل التنازل، ولا ينكر في هذا الصدد أن ما جرى في مصر كانت له أصداؤه القوية لدى الطرفين، الذين يريدون إجهاض الثورة والذين يسعون لاتجاهها.
فالأولون استلهموا من مصر فكرة «جبهة الإنقاذ»، وحاولوا استنساخها كما اقتبسوا فكرة حركة «تمرد» وسعوا إلى تفعيلها، وثمة شائعات ترددت حول تبادل «للخبرات» بين المنخرطين في الحركة في البلدين، وأن الفريق المصري استضاف لهذا الغرض نظراءهم في تونس، وأمضى الفريقان أسبوعا في فندق على أحد الشواطئ المصرية، وهو ما تم بتمويل تكفلت به إحدى الدول الخليجية، وفي الوقت الذي فشلت فيه محاولات الإجهاض، فإن النخبة السياسية النشطة في المجال العام رأت من تفاعلات النموذج المصري أن الثورة في خطر، وأن تفاقم الخلافات يفتح الباب واسعا لتقدم الثورة المضادة واستعادة الأوضاع التي انقلبت عليها الثورة.
ومن ثم إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، وهو ما شكل عنصرا ضاغطا على القوى السياسية أقنعها بأنها إذا لم تتوصل إلى اتفاق، فإن المسار الديمقراطي ومصير الثورة كله يصبح في مهب الريح، وهو ما يسوغ لنا أن نقول إن ما بدا معاناة وعسرا في مصر كان له إسهامه في اليسر الذي حل بتونس، وأن "مثالب قوم عند قوم فوائد.
لقد توجه كثيرون بالتهنئة لتونس على ما أنجزته، وهو ما أضم صوتي إليه رغم ما أحاول إخفاءه من شعور بالغيرة والحسد !
"وطنية" الصهاينة، ذلك الأمل المهين!
حلمي الأسمر / فلسطين الان
«التسريبات» المقصودة حول تفاصيل خطة كيري لا تنتهي، وهي بمثابة بالونات اختبار لردود فعل كلا الطرفين، ومن الواضح أنه يتم رصدها بعناية، ودراستها، للاستعداد لمواجهتها، قبل الإعلان "الرسمي" للخطة، وإن بدا انه لم يبق شيء لإعلانه رسميا، بعد أن تكاملت صورتها على نحو أو آخر، وربما يتم «تعديل» بعض التفاصيل بناء على ردود الفعل.
آخر التسريبات التي تولت الإعلان عنها وسائل الإعلام الإسرائيلية تقول أنها تضمن الإبقاء على جميع المستوطنات اليهودية المقامة في الضفة الغربية، كما تنص على ضم المستوطنات الموجودة في التجمعات الاستيطانية الكبرى لإسرائيل، وتشمل: أرئيل، غوش عتصيون، جبل الخليل، وهي تضم حوالي 80% من المستوطنين
. كما تنص على الإبقاء على جميع المستوطنات النائية التي تقع خارج التجمعات الكبرى ضمن "الشيء" الذي سيسمى "الدولة الفلسطينية" وإحدى الأفكار التي تدرس حالياً، تتعلق بتدشين قواعد عسكرية لتبقى في قلب الدولة الفلسطينية، لحراسة هذه البؤر، وفي ضوء هذا، ولأن خطة كيري تطالب الفلسطينيين بالتنازل عن غور الأردن والمستوطنات والقدس التي تقتطع 55% من مساحة الضفة الغربية، فإن ما سيتبقى من أراضٍ لإعلان الدولة الفلسطينية عليها لا يتجاوز 45% من الضفة الغربية، مع العلم أن الخطة تتضمن «صياغات فضفاضة وعمومية» للتسهيل على قيادة السلطة الفلسطينية تمرير «التنازلات المؤلمة» وبالنسبة للعاصمة الفلسطينية، لن تكون القدس بل في "القدس الكبرى" أي في إحدى البلدات الفلسطينية المحيطة بالقدس، مثل أبو ديس، أما بالنسبة لبقية "التفاصيل" فسيكون على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية "إسرائيل" بما يعني ضمناً التنازل عن حق العودة للاجئين، الذين سيتم استيعابهم حيث هم!
الغريب، وليس بغريب، أن ثمة في الجانب الإسرائيلي من يرفض هذه الخطة ويقاومها بشراسة، وهو موقف ليس غريبا، فإسرائيل في قمة عنفوانها وغلبتها، ولا شيء يدعوها لـ "التنازل" عما أخذته بالقوة، إلا أن "تفرض" شروطها للحل، وهي فرصة سانحة كما يراها "حكماء الصهاينة" قد لا تتوفر مرة أخرى، في المحصلة، نحن نراهن على معسكر الرفض الصهيوني المتشدد، و "وطنيته" في إفشال خطة كيري، وإن بدا أنها ماضية ولا شيء يقف في طريقها إلا هذه "الوطنية" الصهيونية!
وفي ذات السياق، تؤكد وسائل الإعلام "الإسرائيلية" أن كيري طلب من نتنياهو تمكينه من توجيه خطاب لـ "الشعب الإسرائيلي! "في محاولة لإقناع الرأي العام الإسرائيلي بالعوائد الإيجابية لخطته على أمن "إسرائيل" ومنعتها العسكرية والاقتصادية.، حيث سيحذر الرأي العام "الإسرائيلي" من إمكانية تعرض إسرائيل لمقاطعة كبيرة في حال تم تحميلها المسؤولية عن فشل المفاوضات.، ومن الغرائب، وما هي بغرائب(!) ما أسمته الصحافة الصهيونية بـ " تعاطي كيري العنصري"، حيث أنه لم يطلب توجيه خطاب مماثل للرأي العام الفلسطيني، على اعتبار أن الرأي العام الفلسطيني "ليس مهماً" وعدم أهميته ناشئة من حالة الخذلان العربي والتشظي الذي تعيشه الأمة، لدرجة تدفعنا للتشبث بأمل مهين، هو وطنية إسرائيل، فعلى الرغم من التنازلات الكبيرة التي يطلب كيري من قيادة السلطة تقديمها، إلا أن معظم وزراء نتنياهو يرفضون خطته، فلننتظر وطنية الصهاينة، لعلها "تنفذنا" من رصاصة الرحمة، بل النقمة، التي ستطلق على الجسد الفلسطيني المريض!.
كن مقدسياً
يوسف رزقة / فلسطين اون لاين
قف و تأمل. فأمامك القدس، والخليج ، والنرويج، ثم اختر على أي جنب تستريح، وبأي خبر تتعظ، وفي كل خير٠
الخبر الأول : ( خليجيون لأجل القدس )، انطلق يوم ٣٠/١/٢٠١٤ ملتقى "خليجيون لأجل القدس" الأول ، في الكويت، بمشاركة شبابية واسعة تحت شعار ( نحو خطاب خليجي مقدسي ). واعتبر رئيس الملتقى ( أحمد العبيد) أن الأحداث التي تجري في المسجد الأقصى يجب أن تكون مادة لكل خليجي، لأن المسجد الأقصى للمسلمين جميعاً... الخ.
في الخبر ما يفرح، وما يؤلم. أما المؤلم فإن الملتقى يحكي انصرافاً حقيقياً وواقعياً للشباب العربي عن القدس والأقصى، وانشغال الشباب الخليجي والعربي أيضاً بقضايا أخرى، هي دون الأقصى أهمية، الأمر الذي يقص علينا قصة نجاح الاستعمار والصهيونية في صرف شبابنا عن قضايا دينه ووطنه. والمفرح في الخبر هو العود الحميد للأصول، واستعادة وعي الشباب، وترتيب أولويات الشباب، بحيث تكون القدس و الأقصى قضيتهم الأولى، وهنا يستحق منظمو الملتقى الشكر من كل فلسطيني، ومن كل مسلم، ونحن في غزة لا يسعنا إلا أن نرحب بشباب الخليج العربي.
الخبر الثاني : ( كبرى صناديق الاستثمار العالمية تقاطع الشركات الإسرائيلية ). أعلنت الحكومة النرويجية أن صندوقها الاستثماري، الأكبر عالمياً ( ٨١٠ مليارات دولار) لن يستثمر في الشركات المرتبطة بالبناء في المستوطنات. وهو خبر يتضمن قراراً حكومياً ، تستحق عليه حكومة النرويج الشكر، لأن مقاطعتها الاستثمارية للمستوطنات هو تطبيق نرويجي عملي لعدم الاعتراف بشرعية الاستيطان ، لأنه باطل و قائم على الغصب بقوة السلاح. إنه في الوقت الذي تنزع فيه النرويج الشرعية عن الاستيطان، يفاوض عباس وعريقات الطرف المحتل لإعطاء شرعية للاستيطان، من خلال فكرتي ( الضم، و التبادل ). لذا نحن نطالب عباس بأن يكون نرويجياً؟! ونطالبه بأن يرفض (الضم والتبادل ) ، لأنه لا شرعية للاستيطان في العالم، ومحظور على الفلسطيني أن يمنحه الشرعية التي يبحث عنها.
الخبر الثالث: ( مخطط إسرائيلي لإقامة مبنى تهويدي قرب حائط البراق بالأقصى)، يقول د. عيسى قدومي: تهويد المباني في القدس يتم بمستويات ثلاث: ( تحت الأرض، وعلى مستوى الأرض، وفوق الأرض (، وذلك جزء من عملية (إعادة) الهوية اليهودية بزعمهم إلى القدس العربية الإسلامية. الأنفاق أسفل الأقصى يتم تحويلها إلى كنس، ومتاحف توراتية، وعلى مستوى الأرض يقيمون قباباً وكنساً تغطي على قبة الصخرة، وتقام مبانٍ عالية، وتفتح شوارع ، وتوسع ساحات ، وتنصب لوحات ، لفرض هوية توراتية على القدس ومحيط الأقصى وفقاً لوصايا الحاخامات..
قف و تأمل في هذه الأخبار، و اجمع و اطرح، وقل لنا: بماذا توصي عباس وغيره، هل تريده خليجياً، أم نرويجياً، أم مقدسياً ؟!
