اقلام وآراء
(528 )
الخميس
20/02/2014
مختارات من اعلام حماس
أقلام وآراء (528 )
الشعب الفلسطيني ليس سيئاً
فايز ابو شمالة / الرأي
ما بين الرئيس عباس والمتطرف موشيه فيجلن
إبراهيم المدهون / المركز الفلسطيني للاعلام
فلسطيني بلا دين
وسام عفيفة / فلسطين الان
مؤسسة الفساد تتحدى فهمي هويدي
فهمي هويدي / فلسطين الان
متناقضات
أسامة عبد الحليم العيسوي / الرسالة نت
على السريع وبدون رتوش
مصطفى الصواف / الراي
الشعب الفلسطيني ليس سيئاً
فايز ابو شمالة / الرأي
يطيب للبعض أن يهاجم الشعب الفلسطيني، وأن يتهم الناس بالأنانية والتخلف، وعدم الاستعداد للتضحية، وأنهم جاهزون للتفريط بالحقوق، وأن الشباب الفلسطيني ضائع، يحترق على نار الواقع البائس، وأن الشعب الفلسطيني شعب غير وفي، ولا يستحق التضحية، وغير جدير بالحرية، لأنه شعب متسول، وطابت له حياة الخمول والكسل، وأن كل التنظيمات الفلسطينية قد فقدت الأهلية، ولا يشغل القادة إلا الحفاظ على الكراسي.
هذا الخلط بين الصالح والطالح، وبين الواقع والحلم، وبين المضحي والمتكسب، فيه تجنٍ على حقيقة الشعب الفلسطيني، وفيه مغالطة كبيرة، ولا يعكس إلا نفسية زمرة من المنتفعين الذين لم يمارسوا الوطنية، ولم يشاركوا في المقاومة، ولم يتذوقوا حلاوة التضحية، بالتالي راحوا يبررون قصورهم من خلال اتهام الشعب الفلسطيني بالقصور، وراحوا يبررون لأنفسهم عدم المشاركة في المقاومة، وعدم السماح لأبنائه بالعطاء، من خلال التقليل من شأن المقاومين، واتهام المجتمع الفلسطيني كله بالصفات التي سكنت سلوكهم، حتى صارت العلاقة مع الإسرائيليين ـ من وجهة نظرهم ـ هي أقصر الطرق للحياة الكريمة.
إن الذي يحتقر طاقة الشعب الفلسطيني وعطاءه، هو حقير بذاته، وأن الذي يقلل من شأن تضحيات الفلسطينيين لا يكشف إلا حقيقة روحه التي تنمو في العفن، وأن الذي يقلل من سقف التطلعات السياسية للشعب الفلسطيني، ويهبط بأحلام الشعب وأمانيه إلى الحضيض، لهو الشخص التافه الذي يعيش على هامش التكسب والارتزاق الرخيص.
لقد قارع الشعب الفلسطيني الصهاينة وعنصريتهم مئة عام ولم ينكسر، ويقارع الشعب الفلسطيني المتآمرين على قضيته رغم اختلاق مشاربهم، ولم ينهزم، ويقارع الشعب الفلسطيني رأس المال اليهودي، ويتحدى نفوذهم المتشعب في كل المؤسسات الدولية ولم ينكفئ، ويقارع الشعب الفلسطيني الأطماع الغربية في المنطقة العربية دون أن تلين له قناة، ويقارع الشعب الفلسطيني ذوي النفوس الضعيفة الخبيثة من بين ظهرانيه، ولم تفتر عزيمته.
لقد ضحى الفلسطينيون بأرواحهم وأموالهم ولم يرتجفوا، وفجر الفلسطينيون ثوراتهم وانتفاضاتهم ولم يبخلوا، ولن يرتعبوا من كثرة العطاء، بل وتقاسم الفلسطينيون اللقمة في الملمات، ولم تتمزق روحهم المتمردة، ولم يرتد الفلسطينيون عن مشوارهم المقاوم، وما زالوا يتطلعون إلى اليوم الذي سينتهي فيه الانقسام في الرأي والمواقف، ليلتقي عموم شعب فلسطين على برنامج واحد ووحيد، برنامج يعلو من شأن التضحية، ويطيح برأس الانتفاع، إنه برنامج المقاومة الذي يحك على معادن الرجال، ويرتقي بمزاج الشعب الفلسطيني فوق المحال.
على السريع وبدون رتوش
مصطفى الصواف / الراي
الساحة السياسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة وكذلك في الساحات الخارجية ومنطقتنا الإقليمية بات فيها خلطا مقصودا للمواقف من القضايا المطروحة وخاصة المتعلقة بالشأن الفلسطيني الداخلي أو مع العدو الصهيوني أو العلاقات مع المجتمع الإقليمي المحيط والدولي.
سأكتب من وجهة نظري موقف حماس من قضايا يجري الحديث فيها والخلط المتعمد ، وما سأكتب لا يحمل جديدا بل هي مواقف لازالت حماس ثابتة عليها فيما بين يدي من مواقف وأعتقد أنها لن تتغير ما بقيت حماس وسيحفظ لها التاريخ لو كتب لها غير البقاء وأشك فبقاؤها بات مرتبطا ببقاء القضية الفلسطينية، وحماس لن تغادر الساحة إلا في حالتين الأولى أن تتحرر فلسطين كل فلسطين وعندها ستتحول إلى مكون حزبي اجتماعي سياسي من مكونات الشعب الفلسطيني وسيتغير أسمها من حركة المقاومة الإسلامية إلى مسمى سياسي لأن وجود المقاومة سببه وجود عدو ومحتل، والحالة الثانية هو القضاء على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وهذا من المستحيلات التي لم يسجلها التاريخ البشري ولا حتى مع الهنود الحمر والذين لازالوا في أمريكا رغم جرائم الإبادة التي ارتكبت بحقهم، وهذا يجعلني متيقنا من بقاء حماس لأن الشعب بقاء والقضية الفلسطينية ستنتهي لصالح الحقوق الفلسطينية والأرض والعودة والسيادة على كامل التراب.
1- حماس لن تعترف بالكيان الغاصب تحت أي شكل من أشكال الاعتراف وستبقى على هذا الموقف مهما طال الزمن أو قصر، ولن تقر لهذا الكيان بحق الوجود على ارض فلسطين وليذهبوا إلى حيث ما شاءوا .
2- حماس لن تفاوض الاحتلال إلا في حالة واحدة وهي كيفية الخروج الآمن للمستوطنين إلى خارج فلسطين بعد أن يبقى أهلها الأصليون وإن كانوا يهود فلسطينيون فلهم ما للفلسطيني المسلم والمسيحي من حقوق وسيكون مواطنا كريما في وطنه.
3- فلسطين كل فلسطين من بحرها إلى نهرها ومن نهر الأردن إلى البحر المتوسط هي أرض خالصة للشعب الفلسطيني وأي وجود لغير الفلسطيني فهو وجود باطل يجب أن يزال ولو بالقوة .
4- حماس تؤمن أن فلسطين والشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الأمتين العربي والإسلامية وان الأرض الفلسطينية هي ارض وقف إسلامي لا يجوز التفريط فيها أو استبدالها بأي أرض وهي خالصة للفلسطينيين للعيش فيها وإقامة دولتهم.
5- حماس تعتبر وحدة الشعب الفلسطيني أساس من أسس تحقيق الأهداف وبداية التحرير وأن أي خلاف يجب أن ينتهي على قاعدة وحدة الشعب ووحدة القضية وعلى قاعدة الحقوق والثوابت الفلسطينية، وعلى هذا الأساس تكون المصالحة الفلسطينية المبنية على وحدة الموقف وعلى مبدأ الشراكة السياسية بين الكل الفلسطيني.
6- المقاومة إستراتيجية التحرير وما سواها أدوات مساعدة للوصول إلى الهدف وليست أدوات بديلة.
7- حماس ترى أن اليهود كيهود ليسوا أعداء ولكن المحتل للأرض الفلسطينية هو العدو سواء كان مسلما أو مسيحيا أو يهوديا ومقاتلتها لليهود في فلسطين تندرج ضمن مقاومتها لليهودي المحتل وليس من باب العداء لليهود على أساس ديني.
8- علاقة حماس الخارجية قائمة على الاحترام المتبادل ومبنية على أساس تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني وعلى أساس التعاون بما يحقق التعاون المشترك في كافة القضايا بما يخدم الشعبين الفلسطيني وأي دولة خارجية دون التدخل في الشأن الداخلي لهذه الدول وان العلاقة متبادلة أي أنها لا تقبل تدخل الغير في شئونها الداخلية.
9- ترى حماس أن ساحة الصراع مع المحتل داخل حدود فلسطين كاملة وعليه تكون مواجهتها داخل فلسطين وتحييد الساحات الخارجية وهذا مشروط بالتزام العدو في ساحة الصراع ولو نقل العدو ساحة الصراع إلى الخارج ستدرس عندها حماس الأمر وتتخذ القرار الذي يحمي الشعب الفلسطيني أينما وجد.
10- حماس ترى أن المنافسة بين القوى الفلسطينية تقوم على مبدأ تقديم الأفضل للشعب الفلسطيني في كافة المجالات بما يحقق حقوقه ويثبته على أرضه ويصمد موقفه في مواجهة المحتل، وان هذا التنافس يصب في صالح الوطن والمواطن.
11- تؤمن حماس بضرورة الشراكة السياسية وتحمل المسئولية المشتركة من الكل الفلسطيني لأن القضية الفلسطينية أكبر من أي تنظيم فلسطيني وأي تنظيم مهما كبر لا يستطيع حمل القضية لوحده، وهذه الشراكة قائمة على الاحترام المتبادل بين كافة الفصائل والقوى ومكونات المجتمع الفلسطيني وعلى قاعدة عدم الاستهانة بمقدرات الآخرين.
12- ترى حماس أن البعدين العربي والإسلامي بعدين لا غنى للقضية الفلسطينية عنهما ووان أي انفصال أو ابتعاد عنهما ضار بالقضية الفلسطينية وبقضية التحرير والعودة.
هذا ما أراه في مواقف حماس، وهذا لا يعني أم ما اطرحه تعبير عن مواقف حماس الرسمي وقد تتفق في بعض ما طرحت وتختلف في بعضه وقد تقبله كله أو ترفضه كله، وما كتبت هو تعبير عن فهمي لحركة حماس.
ما بين الرئيس عباس والمتطرف موشيه فيجلن
إبراهيم المدهون / المركز الفلسطيني للاعلام
التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بمجموعة من الطلاب الإسرائيليين في مقر المقاطعة برام الله، في إطار خطة سياسية جديدة تهدف التأثير على الرأي العام الإسرائيلي، وتغيير مواقف الصهاينة وتجنيده ليكون داعماً لعملية التسوية والحل السياسي للقضية الفلسطينية، الذي يتبناه الرئيس عباس.
إلا أن أبو مازن أعطى في هذا اللقاء دون أن يأخذ، وقدم من غير استجابة، وبدل أن يؤثر بالطلاب الصغار إذا به يتنازل عما تبقى من قضايا كنا نظنها من المحرمات، فاعترف بشكل مباشر ولأول مرة باستعداده لقبول الاعتراف بدولة يهودية على أرض فلسطين، وطمأن الطلاب الصغار أن لا عودة للاجئين لأرضهم "فلن نغرقكم باللاجئين".
مرض الرئيس عباس المزمن أنه لا يتعلم من دروس الماضي، ولا يتعظ من أخطائه السابقة، وحتى اللحظة يكرر نفس النهج ويعيد الخطاب والسلوك ذاته مع الاحتلال، ولا يحصد إلا نتيجة واحدة وهي التجاهل والاستخفاف ومزيدا من العربدة والاستقواء الصهيوني، فعادة الاحتلال البديهية انك كلما قدمت له تنازلا يطالب بآخر، ويزيد جشعه وطمعه.
فلو استعرضنا مواقف وسلوك الاحتلال بعد هذا الخطاب البائس من قبل رئيس السلطة لوجدنا ابتهاجا إعلاميا إسرائيليا بالتنازلات الفلسطينية الجديدة على لسان عباس، وتجاهلا متعمدا من قبل المسؤولين الصهاينة، عدا شمعون بيرس الذي اكتفى بالقول بأن ما قاله الرئيس محمود عباس يدل على جدية نواياه في التوصل إلى اتفاق سلام، مطالبا له بالمزيد من الخطوات حيث أضاف بيرس "ولكن القرار الحاسم لم يتخذ بعد".
ابو مازن قال أيضا للطلاب لا داعي لتقسيم القدس ولا داعي لخروجكم منها، يريدها أن تبقى مفتوحة للتعايش المشترك، هذا الطرح السخيف كان الرد عليه بطريقة مختلفة وفجة في وقاحتها ومن مستوى إسرائيلي رفيع وهو نائب رئيس الكنيست الصهيوني موشيه فيجلن، الذي اقتحم وعشرات المستوطنين صباح الأربعاء باحات المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة وسط حراسة شرطية مشددة، داعياً إلى "رحيل العرب إلى السعودية".
اتمنى من ابي مازن ان يدرك ويوقف مسلسل التراجعات، فالاحتلال الاسرائيلي لا ينتظر من شعبنا إلا الرحيل ومهما تمسكن وتذلل وتنطع السيد الرئيس فلن يحصد إلا الخبية، وعليه ان يكف بطرق الأبواب الصهيونية فهي مغلقة بوجهه مهما حاول، ولن يتبقى له إلا باب الشعب الفلسطيني الذي لم يطرقه حتى الآن.
الاحتلال الإسرائيلي ماضٍ بمشروعه التهويدي الاستيطاني لتصفية الوجود الفلسطيني على هذه الأرض، وللأسف قطع شوطا كبيرا في مسعاه، ونحن ما زلنا نتردد و نترنح ونتراجع، ولهذا نحتاج لوقفة حقيقية مع الذات قبل فوات الأوان، فنعيش الربع ساعة الأخير من عمر قضيتنا، فإما أن نتوحد ونرص صفوفنا ونكامل أدوارنا لوقف هذا السرطان القاتل، وإلا فإننا أمام مصير خطير ومرعب، ومستقبل مظلم لشعبنا وأرضنا وقضيتنا.
متناقضات
أسامة عبد الحليم العيسوي / الرسالة نت
متناقضات تحدث في الضفة الغربية، لا أعرف إذا كانت مقصودة ومعدا لها، أم أنها عفوية وغير مرتب لها؟! هذه المتناقضات تلخص الحالة التي وصلت لها القضية الفلسطينية، والحال الذي آل إليه من يفترض أن يكونوا مؤتمنين عليها. مفاوضات متواصلة مع المحتل، وبصورة رسمية بحضور الراعي الأمريكي، وبوفد فلسطيني على أعلى مستوى لإبرام سلام مع الاحتلال. وفي المقابل وفد أيضا رفيع المستوى يأتي لغزة، استبشر الكثيرون بقدومه خيرا، ولكنها كانت زيارة تهدف إلى ترتيب البيت الفتحاوي، ولا عزاء للبيت الفلسطيني، الذي بحاجة إلى ترميم كلي ليحتضن الجميع. ولكن دعونا ألا نتشاءم كثيرا، فعساهم يريدون رأب خراب بيوتهم ليستطيعوا العودة إلى بيت العائلة كما ادعوا، ولن نفقد الأمل حتى لو جاءوا بدون تفويض، واكتفوا بالابتسامات لزوم الصورة، فغايتنا فلسطين. هذه الصورة اجتهد المنظمون أن تكون براقة وسيادة الرئيس يستقبل مجموعة من الطلبة، ليشرح لهم رؤيته وتطلعاته للمستقبل. وهذا التصرف يعتبر تصرفا حضاريا ومسؤولا وديمقراطيا واعترافا بمكانة الشباب، وأنهم قادة التغيير والتحرير، لو كان ذلك مع الشباب الفلسطيني، ولكنه للأسف الشديد كان مع الطلبة الصهاينة. فهؤلاء تفتح لهم القاعات، وترفع لهم الأيادي للتحية والسلام، وتؤخذ معهم الصور التذكارية، وأما طلبة بير زيت والنجاح والقدس وغيرها من جامعات الضفة الغربية فتفتح لهم السجون، وترفع عليهم الأيادي للضرب والاعتقال، وتؤخذ لهم الصور لتوثيق إرهابهم بتشويش أمن وسلامة الجار العزيز. وفي خاطرة بعنوان: (كرم عبسي) وصفت لسان حال الرجل قائلا:.. ولن أفكر في مدينتي لا من بعيد ولا من قريب.. فقلبي معهم، وكيف أجرح مشاعرهم فلست بصنم.. فأنا لمن يحاول إزعاجهم خير رقيب.. وهل أرضى بمضايقة أصحاب النعم.. سأسهر على راحتهم في القدس وحيفا وتل أبيب.. فلا إرهاب بعد اليوم، وعما سبق أبدي الندم.. وتأكد أن ظنهم بي لن يخيب.. وعند إشارتهم سأكون دوما تحت القدم. وهذا الظن لن يخيب كثيرا، فبعد أن تخلى عن حقه في العودة لصفد، فها هو يؤكد أنه لن يغرق (إسرائيل) باللاجئين الفلسطينيين، وكأن اللاجئين طوفان يخاف على بني صهيون منهم. وإن كنا نؤكد أن أي فلسطيني وطني في أي مكان كان لن ينسى ما فعله الاحتلال بآبائه وأجداده، وسيبقى على العهد مع ربه ونفسه وأهله بأن يظل المحافظ على الثوابت، ليس بالكلام ولكن بخطوات عملية. وفي خطوة لم يفهم مغزاها حتى الآن، يأتي قرار غريب بحذف خانة الديانة من بطاقة الهوية، في نفس الوقت الذي يصر فيه الصهاينة على فرض يهودية الدولة، ويجيشون لها كل إمكاناتهم وعلاقاتهم الدولية. وفي حجة واهية، ودون سابق إعلان، يأتي هذا القرار بزعم المساواة بين المواطنين وعدم التمييز فيما بينهم على أساس الدين. عن أي تمييز يتحدثون؟! ونحن لم نسمع شكوى واحدة طوال السنين السابقة من أي جهة كانت. بل بالعكس، ما هو معروف عمق العلاقة بين أبناء المسلمين والمسيحيين. والسؤال لماذا هذه الخطوة الآن؟ وما الهدف منها؟ سؤال يطرح نفسه ضمن المتناقضات الكثيرة الموجودة على الساحة، عساه يجد جوابا شافيا وواضحا. وقائمة المتناقضات تطول، وليس بآخرها التوقيف المستمر لحملة بطاقات الشخصيات المهمة من الفلسطينيين من أصغر جندي صهيوني، وفي المقابل الكرم العبسي شبه الأسبوعي بإعادة مستوطن (ضل الطريق) أو أكثر إلى أحضان مسؤوليه معززا مكرما، مرفوعا على كتفي أكبر عميل فلسطيني، عفوا أقصد أكبر عميد فلسطيني، ولا تستغربوا من خطأي، فنحن في زمن المتناقضات..
فلسطيني بلا دين
وسام عفيفة / فلسطين الان
وصف القيادي في فتح الشهيد صلاح خلف "أبو اياد" في كتابه "فلسطيني بلا هوية" حالنا وحال القضية والشعب منذ النكبة ورحلة البحث عن الذات, وختم كتابه بالعبارة "أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر".
مرت السنوات وتنقلنا في محطات الهزيمة والانتصار, وانخفض سقفنا الوطني حتى بتنا في انحناءة سياسية إلى أن قرر رئيس حركة فتح, رئيس السلطة الفلسطينية, رئيس منظمة التحرير الفلسطينية, الرئيس محمود عباس, قرر أن يكون الفلسطيني بلا دين في بطاقة الهوية.
ولأن الرئيس دائما صاحب رؤية ثاقبة وبعد نظر قل نظيره, فإن تبريرات حوارييه من المؤمنين بكل بشاراته وفتاويه السياسية لم تقنعني وحدها, على اعتبار أن الأمر لا يقتصر على مناهضة التمييز على أساس الدين أو العرق, ويعتبر خطوة متقدمة على طريق اعلاء الحريات وتمتين حالة المواطنة وهي في أبهى صورها منذ توليه الرئاسة, بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى استعداد السلطة لضم المستوطنين اليهود في الضفة الغربية تحت ولايتها وفق اتفاق كيري في دولة الرئيس.
ولأن سيادته يأخذ في عين الاعتبار أحوال المسلمين في العالم لذا رأى أن يحمينا من القتل على الهوية, كما يجري الآن من انتهاكات وإبادة لمسلمي جمهورية أفريقيا الوسطى وقبلهم مسلمو ميانمار.
لكن السؤال المحير: كيف تقفز هذه الفتاوى السياسية إلى ذهن الرئيس المنشغل بأزمات المفاوضات مع رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنامين نتنياهو, وعقدة الحوار مع رئيس الوزراء إسماعيل هنية, وتصفية الحسابات مع غريمه محمد دحلان؟, وهل لديه من الوقت والفراغ ليختزل مشاكل شعبه في خانة الديانة. البعض يرى أن "الرئيس لما يفضى بيلعب في بالونات السياسة".
الرئيس يقدم نفسه نبي الحريات والسلام, يدعو لدين جديد, ويصدر تعليماته الكهنوتية من معبده في المقاطعة, يريدنا أن نكون متحررين من كل الالتزامات الوطنية والدينية, عراة من أي ثوب يدل على كينونتنا, بلا بصمة أو صفة, لهذا أفتى بشطب الديانة, وطمأن (الإسرائيليين) خلال زيارتهم له في المقاطعة بإنهاء قضية اللاجئ, وقبل ذلك جرّم المقاومة, وغير توصيف العدو إلى صديق, والشقيق كافر حتى يهتدي إلى صراطه, "واللي مش عاجبه ينتف حواجبه".
مؤسسة الفساد تتحدى فهمي هويدي
فهمي هويدي / فلسطين الان
من عجائب ومفارقات الثورة المصرية التى انطلقت ضد الاستبداد والفساد أنها بعد مضى ثلاث سنوات على نجاحها، قدمت خلالها نحو 5 آلاف شهيد، لم تحاسب أحدًا من المسئولين عن الاستبداد أو الفساد. فمبارك الذى كان رمزا للاثنين طوال ثلاثين عاما جرى تدليله فى محبسه، وأجريت له محاكمات فكاهية على اتهامات تافهة ثم تمت تبرئته فى نهاية المطاف. وما حدث معه تكرر مع بقية رجاله الذين حوكموا بنفس الطريقة الفكاهية وعوملوا بنفس الأسلوب، حيث ظلوا "باشاوات" فى السجون طول الوقت، ثم أطلق سراح أغلبهم واحدًا تلو الآخر، حتى الجرائم التى ارتكبت أثناء الثورة لم يحاسب عليها أحد. وكانت النتيجة أن كل الذين أجرموا فى حق البلد وفى حق الثورة غسلت أيديهم وبرئت ساحاتهم، وصاروا عند البعض "قيادات وطنية" تعرضت للظلم والافتراء من جانب الشباب الطائش والمتهور. كأنما أريد إقناعنا بأن الذين قاموا بالثورة هم الذين أخطأوا وأن الذين تسببوا فيها كانوا أبرياء ومجنيا عليهم.
الكلام أعلاه من وحى المؤتمر الصحفى الذى عقده المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات يوم الاثنين الماضى 17/2 وتحدث فيه عن استشراء الفساد فى صلب أجهزة الدولة ومؤسساتها المهمة والحساسة ومدى ضلوعها فى نهب ثروة البلد المالية والعقارية. وفيما فهمناه مما قاله الرجل فإنه حين لم يجد فى مصر برلمانا يحاسب وحين أدرك أن البيروقراطية المتحكمة صمت آذانها وامتنعت عن التحقيق فى بلاغات الجهاز فإنه لم يجد مفرا من مخاطبة الرأى العام من خلال وسائل الإعلام.
لقد أبرزت الصحف التى صدرت أمس تفصيلات المخالفات التى تحدث عنها المستشار جنينة ورصدها جهاز المحاسبات فى موازنة رئاسة الجمهورية فى عهد الدكتور مرسى، وهو ما يستحق التحقيق لا ريب، إلا أنها لم تكترث بالمعلومات الأخرى بالغة الأهمية التى تعلقت بأجهزة ومؤسسات الدولة الأخرى. لأن الأخيرة دلت على اتساع دائرة الفساد وتراكمه. من النماذج والحالات التى تحدث عنها المستشار جنينة ما يلى:
• إن أعضاء نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة والجيزة وهيئة الرقابة الإدارية ومسئولين مرموقين سابقين وحاليين استولوا على أراض فى الحزام الأخضر بمنطقة أكتوبر مساحتها 35 ألف فدان بالمخالفة للقانون، الأمر الذى ضيع على الدولة نحو 4 مليارات جنيه جراء تخصيص الأراضى لغير مستحقيها وبأسعار زهيدة.
• إن اللجنة المختصة بفحص مستندات المنطقة الخضراء منعت بأمر من النيابة من الاطلاع على 295 ملفا لشخصيات رؤى التكتم على أوضاعها، وأن مسئول جهاز المحاسبات المختص بالموضوع تلقى تهديدا حذره من عواقب الاستمرار فى أداء مهمته باعتبار أن من شأن ذلك تسليط الأضواء على فساد عدد من كبار المسئولين السابقين والحاليين.
• إن بعض مؤسسات الدولة رفضت التعامل مع جهاز المحاسبات، منها وزارة الداخلية، خصوصا أن الجهاز رصد مخالفات فى جهاز الأمن الوطنى وحده بقيمة مليارين ونصف مليار جنيه.
• إن بعض مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية مارست اعتداءات على مجرى نهر النيل وبعضها أقدم على ردم أجزاء منه وإقامة مبان خرسانية عليها. وقد قدرت المخالفات المتعلقة بنهر النيل بنحو 18 مليار جنيه.
• أعرب عن دهشته إزاء قيام وزارة العدل بإعداد مشروع للتصالح مع النيابة بشأن المخالفات التى وقعت خلال السنوات الثلاث الماضية، التى ضعف فيها دور الدولة جراء الظروف التى مرت بها البلاد. وهى فكرة خطرة لأن تلك الفترة شهدت اندفاعا من جانب كثيرين لمخالفة القانون والاعتداء عليه، ويشكل المشروع المقترح غطاء يسوغ تلك الانحرافات ويكافئ الانتهازيين والجشعين والمنحرفين.
• قدم جهاز المحاسبات 428 بلاغا للنائب العام عن مخالفات وانحرافات فى مختلف أجهزة الدولة. لكن النيابة لم تبت فى 265 بلاغا وحفظت 28 بلاغا اخر. كما قدم الجهاز 227 بلاغا مماثلا إلى جهاز الرقابة الإدارية فلم يبت فى 161 منها وحفظت الرقابة 17 بلاغا. فى الوقت ذاته فإن الجهاز قدم 65 قضية لجهاز الكسب غير المشروع فلم يبت إلا فى ثلاث فقط وتم حفظ 6 قضايا. ويتعذر العثور على تفسير برىء للتقاعس عن التحقيق فى تلك البلاغات والعزوف ليس فقط عن النظر فيها، وإنما أيضا عن إخطار جهاز المحاسبات بالأسباب التى أدت إلى تجاهلها وعدم البت فيها.
• تحدث المستشار جنينة عن الفساد فى مجال النقل البحرى، وعن المخالفات فى شركات النفط، وعن إسراف أجهزة الدولة فى تعيين المستشارين فى حين أن ذلك دور مجلس الدولة الذى يضم قسما للفتوى والتشريع. وأشار فى هذا الصدد إلى أن الـ 2906 مستشارين الملحقين بتلك الأجهزة تقاضوا أكثر من نصف مليار جنيه فى العام المالى الأخير منها 100 مليون و900 ألف منحت لمستشارين عينوا بعد بلوغ سن الستين.
لقد طالب رئيس جهاز المحاسبات كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بتشكيل لجنة لتقصى حقائق الفساد المتفشى فى مختلف أجهزة الدولة، على غرار لجان تقصى حقائق الأحداث السياسية التى تشهدها مصر، وهو مطلب مهم استبعد الترحيب به لأن الفساد يضرب مصلحة البلد، فى حين أن الأحداث السياسية المشار إليها تمس مصلحة النظام، وفى الوقت الراهن فإن المصلحة الثانية مقدمة على الأولى.
حين وجدت أن المستشار جنينة يشير بأصابع الاتهام إلى مظان الفساد الكامن والمتراكم فى مختلف أجهزة الدولة، بما فيها تلك التى تعتبر نفسها فوق القانون، أدركت لماذا يلاحق الرجل بالاتهامات والمكائد وتصوب نحوه السهام التى تستهدف إزاحته من موقعه لإسكات صوته والخلاص من إزعاجه. ذلك أن مؤسسة الفساد المرتبطة بنظام مبارك لاتزال تحتفظ بعافيتها وبمنابرها. خصوصا ان الإنجاز الذى حققه ذلك النظام فى السياسة يغرى بمواصلة النجاحات فى مجالات أخرى.
