أقــلام وآراء إسرائيلي (603) السبــت 12/04/2014 م
في هــــــذا الملف
هل ستتحول ‘بوف’ إلى ‘بوم’؟
يقول كيري إن الإسرائيليين هم الذين أفشلوا التوصل لاتفاق وتقول إسرائيل إنه عباس
بقلم:سيما كدمون،عن يديعوت احرونوت
واشنطن والرياض من أخل بـ’صفقة السفينة’
لا يبدو أن زيارة الرئيس الأمريكي أزالت شيئاً من الشكوك السعودية حيال تغير موقف واشنطن إزاء إيران
بقلم:يوئيل جوجنسكي وعوديد عيران،عن نظرة عليا
حرب سوريا الدائمة
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
هل ستتحول ‘بوف’ إلى ‘بوم’؟
يقول كيري إن الإسرائيليين هم الذين أفشلوا التوصل لاتفاق وتقول إسرائيل إنه عباس
بقلم:سيما كدمون،عن يديعوت احرونوت
الفرصة الاخيرة: استُقبل كلام جون كيري على مسؤولية اسرائيل عن ازمة المحادثات مع الفلسطينيين في دهشة وشعور بالاهانة هنا. لأنه كيف أصبحت اسرائيل المذنبة الرئيسة في لعبة الاتهامات هذه التي كنا ننتظرها جميعا في حين أن السلطة الفلسطينية فيها هي المذنبة الرئيسة.
وحينما أصبحنا على يقين بالضبط من أننا نجحنا في الكشف عن وجه أبو مازن الحقيقي، جاء كيري هذا فعرض تسلسل الاحداث التي أفضت الى الازمة يوما بعد يوم، من عدم تنفيذ الدفعة الرابعة الى نشر مناقصة الـ 700 وحدة سكنية في غيلو فكان الـ ‘بوف’.
ولو أن الامر انتهى الى ‘البوف’ لما كان ذلك فظيعا. لكن التنافر بين حركة يدي كيري وهي حركة واسعة تصور التفجير وبين كلمة ‘بوف’ التي نُفخت بصورة ليّنة من بين شفتيه وكأنها صفير خفيف أو حتى تنهدة ما روى القصة كلها: انفجار المحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين قد يبدو الآن مثل بوف، لكنه سينتهي الى بوم.
لأنه في اللحظة التي ينهار فيها التفاوض بصورة نهائية، ويقرر موته رسميا، سيمكن البدء باحصاء الثواني الى الخلف الى أن سُمع البوم: أعني صوت التفجير الذي يعلن بدء انتفاضة ثالثة، ويكون علامة على فترة جديدة بلا أفق وبلا أمل بين اسرائيل والفلسطينيين.
تنتقل لعبة الاتهام الآن الى الساحة الامريكية اذا، ويد حكومة اسرائيل الاولى، أعني رئيس الوزراء نتنياهو، تتهم كيري في حين تحاول يدها الثانية، أعني وزير الخارجية ليبرمان، تحاول أن تصالح. ولولا أن كيري قد اشتعل رأسه شيبا لشاب بين عشية وضحاها بيقين، واضطر الى أن يُبين رأيه أمام ليبرمان في حين يرمي نتنياهو بالأواني في كل اتجاه لكنه يحرص على ألا يكسرها: فهو يأمر الوزراء والمديرين العامين للمكاتب الحكومية ألا يُجروا لقاءات مع نظرائهم الفلسطينيين، في حين يُسمح للفني بالاستمرار على اللقاءات.
إن ما نراه هنا في اليومين الاخيرين هو محاولة اخيرة لانقاذنا مما قد يحدث هنا. فللطرفين مصلحة واضحة في أن يستمر التفاوض لا بسبب كيري فقط الذي لا ينوي أن يرى سنة كاملة من العمل الكثيف تنتهي الى بوف. وهكذا، برغم الألاعيب والحيرة، من السابق لأوانه جدا أن نؤبن صفقة السجناء أو أن ندفن التفاوض، ومن السابق لأوانه في الأساس الحديث عن انتخابات مبكرة.
أول من لاحظ
كان وزير الخارجية هو الذي أطلق الرصاصة الاولى لامكان اجراء انتخابات وهو الذي يكون أول من يلاحظ الاهتزازات في الرأي العام، دائما.
ولاحظ ليبرمان ازمة المغفلين التي تصيبنا فينة بعد اخرى، أعني شعور أجزاء واسعة من الجمهور الاسرائيلي بأننا وسيلة لعب في أيدي آخرين. وتعلمون أنه لا يوجد شيء يصيب الاسرائيلي بالجنون أكثر من الشعور بأنه مغفل.
وقد وجه ليبرمان الكلام الى هؤلاء الناس الذين يردون من بطونهم والذين ضاقوا ذرعا بالشعور بأن اسرائيل تستخذي، حينما قال إن الدفعة الرابعة التي فيها افراج عن مخربين يشملون عربا اسرائيليين لم تعد موجودة. وأن ما كان يتم التباحث فيه قبل اجراء الفلسطينيين من طرف واحد، الذين نكثوا التزاماتهم وقدموا طلبات للانضمام الى 15 وثيقة دولية باطل. فاذا لم يعجب هذا أحدا ما فلنمضِ الى انتخابات.
هذا الكلام الذي قاله ليبرمان من نيويورك انتشر انتشار النار في الهشيم. وعلى غير حق لأنه لم يكن تهديدا، فلا يوجد شيء ليبرمان أبعد عنه الآن من الانتخابات. إن كل ما فعله هو وصف الحال وذاك أن الصفقة كما هي لن تجوز؛ وأبو مازن لن يوافق على تفاوض دون افراج عن سجناء؛ واذا لم يوجد تفاوض فسيكون ضغط على لفني في داخل حزبها لترك الحكومة؛ وسيكون البديل عن حزب الحركة إدخال الحريديين؛ وليبرمان يعارض بشدة إدخالهم في الائتلاف الحكومي بزعم أن الثمن الذي سيجب دفعه إليهم من جهة سن القوانين والمال سيكون مجنونا. واذا لم يحدث كل ذلك فلن يكون مناص من الاتجاه الى انتخابات.
ونقول بعبارة اخرى إن ليبرمان لا يقول إنه سيسقط الحكومة، فهو لا يهدد. وهو لا يعرض انذارا بل يقول فقط إنه لأنه لا يمكن تأييد الصفقة بعد خطوات أبو مازن من طرف واحد، قد نتجه الى انتخابات. وهذا ما جعله يسارع الى ايضاح رأيه، فهو برغم توجه الفلسطينيين الى الامم المتحدة يؤيد الاستمرار على التفاوض. لكن ذلك يعني الاستمرار عليه دون تنفيذ الدفعة الرابعة. وفي مقابل ذلك اذا وافق الفلسطينيون على سحب الطلبات فهو لا ينفي تنفيذ الدفعة برغم معارضته الافراج عن عرب اسرائيليين. ويقول إنه اذا كانت اكثرية في الحكومة فسنحترم ذلك.
الخروج للمعارضة
لكن حينما يتم بدء الحديث عن انتخابات يشغل الجميع أنفسهم بذلك. فقد زعم عضو الكنيست عمرام متسناع هذا الاسبوع أنه لا يجب أن تكون عبقريا كي تدرك أن الحزب الذي نشأ ليدفع بالاتفاق قدما لن يبقى اذا لم ينجح الاتفاق. ويزعم في مكالمة هاتفية من حدود فيتنام كمبوديا أنهم في الاشهر التسعة الاخيرة ضيعوا الوقت وتحدثوا عن نعم أو لا للاعتراف بدولة يهودية ووضعوا العقبات واحدة بعد اخرى: من الاعلان بأننا سنبقى في غور الاردن، الى استمرار البناء كالمجانين في المناطق، وهم لا يبلغون الى الغاية التي هي رسم حدود دولة اسرائيل. فلماذا يتقدم شخص ما معنا، يسأل متسناع.
وسألته أهذا انتقاد للفني، فقال لا في الحقيقة. فهي لم تكن تستطيع أن تدفع بالمسيرة قدما بصورة أفضل. لكن جلس معها المحامي مولخو مدعوما من نتنياهو. وعلى طريقتهم ستوجد هنا بعد بضع سنوات دولة واحدة بين البحر والاردن. وسألته ما الذي ينوي أن يفعله. فقال سننتظر الى نهاية هذا الشهر ونرى الى أي اتجاه يتجه الامر. وسأحاول اقناع اصدقائي بأن نخرج للمعارضة ونستعد للانتخابات التالية.
ليس متسناع هو الوحيد في الحركة الذي فقد الصبر على المحادثات العقيمة مع الفلسطينيين. فعمير بيرتس ايضا لم يقعد ساكنا. وقال عضو الكنيست اليعيزر شتيرن هذا الاسبوع إنه حينما تستنفد المحادثات نفسها سيجلس اعضاء الكتلة الحزبية ويتحدثون عن ذلك، فهو شخصيا لم يتجه الى السياسة من اجل المسيرة السياسية.
ويقول إن مشكلتنا الأصعب هي أننا دفعنا لأثمانا باهظة على مر السنين لصنع سلام. لمن دفعنا؟ للحريديين في الأساس، يقول، كي يكونوا في الائتلاف الحكومي. وفي نهاية المطاف لم نأت بالسلام وحطمنا الطابع اليهودي الديمقراطي للدولة.
ويقول شتيرن: آمل أن أنجح في فعل ما جئت لفعله في السياسة وهو اجازة قوانين التهويد وقوانين الاحوال الشخصية والسبت وقوانين الطعام الحلال وما أشبه. فاذا جاء السلام في الطريق فحبذا هو.
من الواضح للجميع أن بقاء لفني في الحكومة مؤثر حاسم في بقائها. فاذا تركت لفني فقد يسقط الائتلاف الحكومي مثل برج من الورق لأنه سيصعب على يوجد مستقبل البقاء في حكومة تعترف بفشل التفاوض، ومن المؤكد أنه سيعارض ضم الحريديين. وقد سألت في هذا الاسبوع رئيس الكتلة الحزبية عوفر شيلح ما الذي ينوون فعله.
يقول شيلح إن التفاوض مهما يكن الامر لن يستطيع أن يعود الى وضع كان مترددا، وأن يكون شيئا يُمضون فيه الزمن فقط. ويقول إنه بعد تسعة اشهر المحادثات لم نصل حتى الى بدء توضيح للامور فضلا عن اقتراب من الموضوع الجوهري الرئيس وهو الحدود. ويرى شيلح مرشح يوجد مستقبل لرئاسة لجنة الخارجية والامن أنه يجب على اسرائيل أن تعلن أن اختيار الافراج عن السجناء شرطا لدخول التفاوض لم يكن صحيحا لا اخلاقيا ولا موضوعيا وأن كل تسوية ممكنة مع الفلسطينيين ستكون على حدود 1967 مع تعديلات حدودية ووقف البناء خارج الكتل الاستيطانية. هذا ما يجب على اسرائيل أن تفعله بدل الدفعة الرابعة ليكون تحريكا للتفاوض من جديد.
وسألته: ماذا سيفعل يوجد مستقبل اذا وقف التفاوض.
يقول شيلح: لا أريد الحديث عن سيناريو نظري. قال يوجد مستقبل طول الطريق إن التفاوض والسعي الى اتفاق هما جزء جوهري من وجوده في الحكومة، فاذا لم يتم ذلك فسنضطر الى أن نتباحث فيما نفعله.
ويقول: اذا تركنا الحكومة فستسقط، لهذا يجب تناول الامر بحذر.
ما العجب اذا أن يُجهد ليبرمان نفسه في هذا الجو، وهو الذي ليست له أية مصلحة في تفكيك الحكومة، كما قلنا من قبل، بارسال نصائح الى صديقيه الطيبين لبيد ولفني.
جلست لفني هناك في الداخل، قال هذا الاسبوع لمن تحدث إليهم، وكنا على بعد ساعتين عن إتمام الصفقة فقلب أبو مازن الطاولة. يجب عليها (تسيبي) أن تروي الحقيقة وأن تقول إن الذي خطا هذه الخطوة الحاسمة هو أبو مازن، فقد هدم كل شيء. فلماذا تستقيل اذا؟ يجب على تسيبي أن تقوم وأن تقول استنتاجاتها وأن تروي ما حدث وأن تبقى في الائتلاف الحكومي نفسه.
ينطبع في النفس أنه ينقض على باب مفتوح، فلا أحد من الشركاء يريد انتخابات. وقد لا تتجاوز لفني نسبة الحسم التي صوتت هي نفسها تأييدا لرفعها. ويحتاج لبيد الى بضعة اشهر اخرى كي يبرهن على جدوى اصلاحاته ومشاريعه.
ويحتاج هرتسوغ برغم عمله الجيد رئيسا للمعارضة الى زمن كي يعيد حزب العمل الى منزلة منافس محتمل على رئاسة الوزراء. أما حال البيت اليهودي فحسنة لا تقل عن جنة عدن. وفي يهودا والسامرة يبنون بلا حساب، ووزير الاسكان اوري اريئيل يعوق متى شاء التفاوض بل إن الامريكيين يذكرون اسمه بأنه مُحدث الاضرار.
العهد الجديد
في ليل يوم الاربعاء أرسل بينيت رسالة الى رئيس الوزراء مع نشره في يو تيوب خطة تهدئته بما لا يقل عن خمس لغات. ‘نحن ندخل في عهد جديد’، كتب بينيت الى نتنياهو حاثاً إياه على تطبيق السيادة الاسرائيلية على الكتل الاستيطانية في يهودا والسامرة. ويسارع بينيت الى دفن التفاوض قائلا إن المسيرة استنفدت نفسها، ويطلب الى رئيس الوزراء تفكيرا من جديد وبحثا سريعا فيما يسميه ‘الخطة ب’.
في ذلك المساء بدأ وزير الاقتصاد سلسلة عروض لخطته الجديدة، وهو ينوي أن يعرضها في أكبر عدد من قنوات التلفاز في العالم. كيف بالضبط سينجح في الترويج لضم للارض اسرائيلي من طرف واحد عند بينيت الحلول. فربما يعتقد أنه اذا منح آلاف الفلسطينيين الذين يسكنون في هذه المناطق بطاقات هوية اسرائيلية فسيكون ذلك حافزا كافيا جذابا كي يوافقوا على الانضمام الى اسرائيل. لكن ينبغي ألا نُبلبل: إن ‘العهد الجديد’ الذي يقترحه بينيت هو عهد نعرفه جيدا، فهو عهد عنف وارهاب وضحايا من الطرفين.
يقول بينيت ردا على ذلك: تلك سخافات. فالذي تعلمناه في العشرين سنة الاخيرة هو أننا حينما تنازلنا حصلنا على الارهاب والموت، فقد بدأت في عهد رابين العمليات الانتحارية الاولى. وحينما وافق باراك على تسليم يهودا والسامرة كلها حصلنا على انتفاضة الدماء في 2000، وفي السنوات الاخيرة خاصة، في 2012 مثلا، وكانت سنة بلا تفاوض، حصلنا على أكثر السنوات هدوءً منذ كانت حرب الايام الستة. فليكفوا اذا عن تهديدنا بتسونامي سياسي، وتسونامي ارهاب وتسونامي اقتصادي، فللفلسطينيين الكثير جدا مما يخسرونه بموجة ارهاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
واشنطن والرياض من أخل بـ’صفقة السفينة’
لا يبدو أن زيارة الرئيس الأمريكي أزالت شيئاً من الشكوك السعودية حيال تغير موقف واشنطن إزاء إيران
بقلم:يوئيل جوجنسكي وعوديد عيران،عن نظرة عليا
الهدف الأساس لزيارة الرئيس أوباما الأخيرة الى السعودية كان ترميم صورة الولايات المتحدة في نظر النخبة السعودية واعادة الثقة بتصميم الولايات المتحدة على الهروع لحماية حلفائها عند الحاجة. والفهم بان الولايات المتحدة ستفعل ذلك كان في اساس العلاقات التي تطورت منذ اكتشاف النفط في شبه الجزيرة العربية ولا سيما منذ لقاء الرئيس روزفيلت والملك بن سعود على ظهر البارجة الامريكية USS Quincy في قناة السويس في شباط 1945. ومنذئذ استندت علاقات الولايات المتحدة والسعودية الى ‘الصفقة’ التي يمكن تسميتها ‘النفط مقابل الأمن’. وعلى مدى عشرات السنين تؤدي السعودية دورها ‘في الصفقة’ فيما ترشح كميات النفط التي تنتهجها وفقا للاعتبارات الاستراتيجية الامريكية أيضا. ومن جهة اخرى، تصدع في السنوات الاخيرة احساس اليقين في الرياض من أن الولايات المتحدة ستلتزم بنصيبها في الصفقة. وينبع الاحساس في الرياض من سلوك الولايات المتحدة في سلسلة من المسائل الاقليمية، وأولا وقبل كل شيء مسألة النووي الايراني والحرب الاهلية في سوريا والتي عززت صورة الولايات المتحدة كقوة عظمى في حالة تراجع.
لقد وصل الرئيس اوباما للمرة الثانية الى الرياض دون أمل في فتح ‘صفحة جديدة مع العالم الاسلامي’، ولكن في ساعة مصيرية لعلاقات الدولتين والنظام الاقليمي والعالمي. وكانت الزيارة الاولى للرئيس الى الدول العربية هي للسعودية في تموز 2009، عشية خطابه الى العالم الاسلامي، شهادة على الاهمية التي يوليها اوباما للمملكة ولمكانتها في العالم الاسلامي. وسعى الرئيس في حينه الى التشاور مع الملك عبدالله في الموضوع الايراني والحصول على تأييده لتحريك المسيرة السلمية الاسرائيلية الفلسطينية. وفوق كل شيء، سعى الرئيس اوباما الى الفكاك من إرث سلفه و ‘فتح صفحة جديدة’ مع العالم الاسلامي. ولهذا السبب فقد حبذ، على حد قوله، المجيء الى ‘المكان الذي ولد فيه الاسلام’.
ومع ان الولايات المتحدة والسعودية لا تتقاسمان القيم، الا انهما تتقاسمان، حتى الان مصالح غير قليلة. فعلى مدى نحو 70 سنة أعربت الادارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء عن الالتزام بالحفاظ على أمن المملكة. وبالفعل، فقد اجتازت العلاقات بين الدولتين حتى الان أزمات حادة في الماضي بدء بحظر النفط في 1973 وحتى الازمة في أعقاب الهجمة الارهابية في 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة. ولا تزال الاخيرة بحاجة الى السعودية في حربها ضد الارهاب وعلاقاتها في اليمن، افغانستان والباكستان والمملكة بحاجة الى القوة العسكرية للولايات المتحدة كي توازن التهديد المحدق من ايران. ولكن في بعض الحالات فان السياسة التي تتخذها المملكة تمس، وأحيانا تتضارب، والسياسة الامريكية: التأييد لنظام الجنرالات في مصر والمتطرفين الاسلاميين في سوريا هما مثالان بارزان على ذلك. ومن الجهة الاخرى فان التقارب المدروس بين الولايات المتحدة وايران، الخصم الاقليمي المركزي للسعودية، هم مثار للانزعاج في نظر السعوديين.
في المدى القصير فان التخوف الاكبر في الرياض هو من تقارب امريكي ايراني. فالنشاط الدبلوماسي الامريكي الرامي الى محاولة تهدئة حلفائها العرب لم يغير الانطباع في الخليج في أن الاتفاق المرحلي مع ايران يستند الى تضليل ايراني والى خداع ذاتي من جانب الامريكيين. وتخشى السعودية بقدر أقل من المعاني الفنية للاتفاق المرحلي، وبقدر اكبر من الامكانية الكامنة في المحادثات الجارية الان على الاتفاق الدائم، لتقارب أمريكي ايراني ومن الاثار التي فيه على مكانة ايران في الخليج وما وراءه.
في نظر السعودية، فان الاتفاق مع ايران ليس سوى تمهيد لابتعاد امريكي عن المنطقة مما سيترك ايران دولة حافة نووية وذات مكانة اقليمية محسنة. فضلا عن ذلك فان التقارب الامريكي الايراني من شأنه أن يؤثر على السياسة الامريكية تجاه سوريا، ومعناه ابقاء الاسد في الحكم (الفرضية، المقبولة على السعوديين، هي أن اوباما لم يتدخل عسكريا في سوريا في ايلول 2013 كي لا يعرض للخطر الاتفاق المقترب من ايران).
الاحساس في الرياض هو أن ايران تراكم قوة والولايات المتحدة أق جذابية. بيد أن الامكانيات التي توجد امام المملكة الشائخة ليست كثيرة وليست فضلى. فليست اي قوة عظمى الصين، روسيا أو الهند قادرة، أو معنية، في هذه المرحلة بلعب الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في الحفاظ على أمن الخليج. ولكن السعودية لا تطرح فقط شكوكا بالنسبة للجدوى في الابقاء على التحالف مع الولايات المتحدة بل تتخذ خطوات مختلفة يفهم منها بانها تحاول تصميم منظومة علاقات مختلفة مع الولايات المتحدة سيتاح لها في اطارها حرية مناورة أكبر. وبالتالي فان ترتيبات امنية جزئية ومتوازية مع دول اخرى كفيلة هي ايضا بان تدرس بجدية في الرياض. فقد عاد ولي العهد سلمان مؤخرا من جولة وصفت بالتاريخية الى الباكستان، اليابان، الهند والصين بحث فيها في سلسلة منم المواضيع الاقتصادية، السياسية والعسكرية دليل ربما على تفكير من هذا النوع في المملكة.
بعد اللقاء علم أن الرئيس اوباما فصل جهوده في الموضوع الايراني، وهدأ الملك بان الولايات المتحدة ستبقى المملكة في صورة المفاوضات وفي كل حال لن تتخذ ‘صفقة سيئة’ مع ايران. المشكلة هي أن الوعود من هذا النوع لا تحظى بثقة كبيرة في السعودية. وشرح اوباما للملك، هكذا حسب التقرير، بانه دخل المحادثات مع ايران ‘بعيون مفتوحة’ (with eyes wide open ) ولكن من المعقول ان يكون الملك بقي شكاكا بالنسبة للمفاوضات مع ايران وفي كل حال ناشد الرئيس اتخاذ خط أكثر حزما حيال ما يسميه ‘الدور السلبي’ لايران في المنطقة.
في حديثهما الذي استغرق نحو ساعتين، ركز الرجلان اضافة الى الموضوع الايراني في الحرب الاهلية في سوريا ايضا. ولا بد أن يكون الملك ابن التسعين قد أوضح للرئيس بان البحرين هي خط احمر بالنسبة للسعوديين وانه لا ينبغي حث المملكة السنية في الجزيرة الصغيرة على تنفيذ اصلاحات في ضوء المخاطر التي تحدق بها من جهة ايران.
في موضوع الحرب الاهلية في سوريا، التي تدخل سنتها الرابعة، معقول ان الملك ناشد الرئيس لاتخاذ خطوات حقيقية تؤدي الى اسقاط الاسد. وقبل اللقاء سرب الامريكيون بانهم يعتزمون تشديد دعمهم للمعارضة للاسد. غير أنه ليس واضحا لهم بعد باي شكل ولاي مجموعة ثوار. ويفهم من التقارير ما بعد اللقاء بان الطرفين قلصا الفجوات في الموضوع وان كانت الخلافات لا تزال قائمة. وعلى نحو خاص، يطلب السعوديون تسليح الثوار ‘المعتدلين’ بصواريخ كتف (MANPADS)، من شأنها على حد قول الامريكيين ان تقع في أيدي ‘غير الصحيحة’. وهذا مجرد مثال واحد على الادعاء الامريكي بان الامريكيين والسعوديين ‘يتفقون على الاستراتيجية ولكنهم مختلفون على التكتيك’. ويبدو السعوديون مصممين على مواصلة دعم الثوار السوريين حتى خلافا للخط الامريكي. فقبل بضعة ايام من اللقاء بين الرئيس اوباما والملك عبدالله، قال ولي العهد السعودي سلمان، في مؤتمر الجامعة العربية في الكويت، ‘نحن سنفعل هذا (سندعم الثوار السوريين) وحدنا، مهما صعب الأمر علينا’
مسألة لم تطرح في الحديث بين الزعماء كانت وضع حقوق الانسان في المملكة عقبة كأداء اخرى في العلاقات بين الدولتين. منذ بدء الهزة في المجال العربي قطعت الانظمة الملكية كل محاولة، حقيقية أم موهومة للمجتمع المدني لتحدث البنى السياسية القائمة. واختار اوباما منح وسام تقدير لنشيطة من أجل حقوق النساء والاطفال في المملكة بدلا من ان يطرح امام الملك مواضيع مثل غياب الحرية السياسية، الحرية الدينية ووضع حقوق الانسان في المملكة ليس سهلا الدعوة الى اصلاحات سياسية وبالتوازي طلب ثقة الانظمة الملكية بمتانة التحالف مع الولايات المتحدة.
ومع أن السعوديين أوفوا حتى الان بنصيبهم في معادلة العلاقات في كل ما يتعلق بسوق النفط العالمي ولكن المملكة السعودية على علم بالتوقعات التي تقول ان الولايات المتحدة كفيلة بان تصل الى استقلالها من الطاقة، مما من شأنه أن يسحب البساط من تحت التحالف الاستراتيجي بين الدولتين. ومن المتوقع لانتاج النفط في الولايات المتحدة أن يبلغ نحو 10 مليون برميل في اليوم في 2016 اكثر بقليل من الانتاج السعودي في 2013. والنتيجة، بعد 70 سنة، على الورق على الاقل، سيكون للامريكيين حرية مناورة اكبر في كل ما يتعلق بتصميم سياستهم في الشرق الاوسط.
ان لقاء اوباما وعبدالله (الرابع في عدده) والذي لولا الصدع بين بعض من دول الخليج وقطر كان يفترض أن يعقد مؤتمر قمة مشترك للرئيس الامريكي وللامارات الست العربية الاخرى لن يدخل اغلب الظن كتب التاريخ مثلما دخل لقاء بن سعود وروزفيلت. ومن السابق لاوانه أن نعرف هل سيولد اللقاء تغييرا في السياسة من جانب الامريكيين او السعوديين بالنسبة للمسائل على جدول الاعمال، وذلك لان الطرفين لم يطورا توقعات عالية منه. ويبدو أن بالنسبة للامريكيين هذا هو الحد الاقصى الذي هم مستعدون لعمله الان من أجل تحسين العلاقات. وبالنسبة للسعوديين كان هذا هو الحد الادنى الاضطراري. وكما يقول الكليشيه فان اهمية اللقاء هي في مجرد انعقاده.
في الاشهر الاخيرة يكثر المحللون من وصف ‘التحالف’ غير الرسمي الذي نشأ بين اسرائيل والسعودية بما في ذلك في ضوء قلقهما من النهج الامريكي في المسائل التي طرحت اعلاه. توصيتنا هي الا نشجع هذا الانطباع وان كانت عمليا تجري اتصالان كهذه. ومع أن ايران تمثل تحديا لاسرائيل وللسعودية، فليست كل الجوانب في هذا التحدي متماثلة بالنسبة للدولتين. كما أن شبكة العلاقات للدولتين مع الولايات المتحدة ليست متماثلة ومنظومة الاعتبارات مختلفة. وبالتالي فان ربط اسرائيل والسعودية معا، بالشكل الذي ترى فيه ذلك الادارة، الكونغرس والرأي العام الامريكي ليس مجديا لاسرائيل بالضرورة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
حرب سوريا الدائمة
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
بعد نحو 160 ألف قتيل ونحو 3 مليون لاجيء، تبدو الحرب في سوريا كحرب دائمة بلا مخرج. واذا كان ثمة مع ذلك احتمال لانهائها، فان هذا لا يوجد في أيدي القوى العظمى، بل بالذات في مكاتب الخصمين المريرين السعودية وايران
بُشر جنود الجيش السوري الاسبوع الماضي بان حكومتهم ستعوضهم عن الاضرار التي لحقت بأملاكهم بسبب الحرب في الدولة. ومع أن هذا لن يكون تعويضا كاملا، في أقصى الاحوال نحو 1.700 دولار على بيت هدم. الا ان الحكومة تعد بأن هذا هو مجرد مبلغ جزئي ومؤقت الى أن يتم التخمين النهائي. وهذا على ما يبدو لن يتم، اذا ما تم أصلا، الا بعد انتهاء الحرب. غير أن ‘انتهاء الحرب’ هو الاخر تعبير مرن، ولا سيما في ضوء التقديرات الاستخبارية الامريكية بانه بدون انعطافة دراماتيكية، فان الحرب التي تواصلت حتى الان ثلاث سنوات قد تجرجر نفسها عشر سنوات اخرى على الاقل، فيما لا يكون لاي من القوى العظمى أو الاطراف المتقاتلة اي استراتيجية او فكرة لكيفية انهائيا.
الخطوات الدبلوماسية لعقد مؤتمر جنيف الثالث، بعد فشل مؤتمر جنيف الثاني في شباط مجمدة. ما بدا في حينه كاستعداد روسي للتعاون مع الولايات المتحدة للوصول على الاقل الى وقف طويل للنار، انهار تحت ضجيج الازمة العنيفة في اوكرانيا وتبدو الان القطيعة السياسية بين القوتين العظميين أعمق مما كانت في أي وقت مضى.
اذا كانت توجد استراتيجية ما فهي توجد بالذات في السياسة الروسية الثابتة التي تحرص على دعم الاسد، تمويل نشاطه العسكري والمدني والحرص على أن يواصل كونه رئيسا لسوريا. ليس لهذه الاستراتيجية رد امريكي. فالادارة في واشنطن تتمزق منذ اشهر عديدة بين موقف وزارة الخارجية وبين موقف البنتاغون. فبينما يدفع وزير الخارجية جون كيري نحو التدخل العسكري، يحذر وزير الدفاع تشاك غيل من مغبة التدخل الذي من شأنه على حد قوله ان يحدث حربا اقليمية أو على الاقل أن يحبس الولايات المتحدة في حرب طويلة، بالذات على خلفية الخروج من مستنقعات القتال في العراق وفي افغانستان (في نهاية العام الحالي).
كيري، الذي يستند الى توصيات من كان قائد القوات في العراق وفي افغانستان (وللحظة رئيس السي.أي.ايه ايضا) الجنرال ديفيد بطراوس، يحاول أن يدفع الى الامام على الاقل خطة لتسليح متطور للثوار السوريين، الى جانب توسيع تدريباتهم. كما تطلع كيري الى أن تعلن الولايات المتحدة في سوريا عن مناطق محظورة الطيران، مثل تلك التي تقررت في حرب العراق. غير أن وزير الخارجية اصطدم بسور من المعارضة العسكرية: رئيس الاركان الجنرال مارتين دامبسي قدر بان صيانة هذه المناطق ستكلف الادارة نحو 50 مليون دولار في اليوم ‘دون موعد انتهاء’.
بين الموقفين موقف كيري وموقف هيغل يبدو الرئيس اوباما كمفكر لديه وقت. وعندما يصمت البيت الابيض، لا يبقى سوى التقدير بانه يؤيد خطة انتقالية تتضمن تزويد الثوار بسلاح نوعي أكثر، بما في ذلك السلاح المتطور ضد الدبابات، وتوسيع خطة التدريب التي تتم منذ أشهر عديدة في الاردن، ولكن دون مناطق محظورة الطيران.
نشرت هذا الاسبوع على الانترنت افلام ظهر فيها ثوار يحملون صواريخ متطورة مضادة للدبابات. وحسب بعض الناطقين بلسان الثوار، نقلت الصواريخ من الولايات المتحدة، ولكن واشنطن لم تؤكد ذلك رسميا. واذا كانت هذه بالفعل صواريخ امريكية، وليست صواريخ تم تهريبها بقنوات غير مباشرة، فان هذا كفيل بان يكون الدليل الاول على تغيير سياسة واشنطن، التي اكتفت حتى اليوم بالمساعدة اللوجستية. وتؤهل خطة التدريب الان نحو 100 مقاتل من الثوار كل شهر، وتوسيعها كفيل بان يزيد عددهم الى نحو 500 حتى 600 في الشهر فيما يجري بعض هذه التدريبات في قطر وفي السعودية، اضافة الى المعسكر في الاردن.
الاقتراح بتزويد السلاح المتطور والذكي يثير قلقا في البنتاغون. فلمن بالضبط سيعطى هذا السلاح؟ أليس هناك خطر في أن ينتقل الى القاعدة وفروعها؟ اخترعت واشنطن صنفا جديدا من الثوار الذين يحملون لقب ‘الاسلاميين المعتدلين’. ويذكر التعريف برجال ‘طالبان المعتدلين’ في افغانستان، ممن حاولت الولايات المتحدة اجراء حوار سياسي معهم على مستقبل الدولة.
المشكلة هي أن المقياس الامريكي للاعتدال الديني لا يعني جدا عشرات منظمات الثوار في سوريا. فمثلا أعلن هذا الاسبوع قائد منظمة ‘جبهة ثوار سوريا’، جمال معروف، أنه يتعاون مع جبهة النصرة ومع الدولة الاسلامية في العراق والشام المنظمتين المتماثلتين مع القاعدة (رغم أن هذا ايضا ليس دقيقا تماما: زعيم القاعدة أيمن الظواهري تنكر للدولة الاسلامية وتبنى النصرة). وتعمل جبهة ثوار سوريا بالتعاون مع مقاتلي الجبهة الاسلامية حليفة الجيش السوري الحر. من بين كل هذه المنظمات سيحصل على صواريخ كتف؟ من ستدربهم القوات الخاصة الامريكية؟
سؤال مقلق أكثر عن المساعدة الامريكية يتعلق بنجاعتها. فهل هذه المساعدة المترددة ستكفي لاحداث انعطافة استراتيجية في مناطق القتال فيما يواصل الجيش السوري احتلال المناطق التي يسيطر عليها الثوار؟
فالجيش السوري مثلا يوشك على انهاء احتلال جبال قلمون بعد أن سيطر على مدينة يبرود، وهكذا كفيل بان يضمن سيطرته على جنوب غرب سوريا. ومع أن المسافة عن السيطرة على الدولة كلها لا تزال بعيدة، والتقدير هو أن النظام يسيطر فقط على 40 حتى 50 في المئة من الارض، ولكن اهم من حجم الارض هو السيطرة على المحاور الاساسية التي يحصل عبرها الثوار على مساعداتهم اللوجستية من لبنان.
في المدن الكبرى مثل حمص وحلب التي يسيطر في العديد من احيائها الجيش السوري الحر او المنظمات الاسلامية، يحدث الحصار الشديد والتفجيرات بالبراميل المتفجرة أزمة انسانية رهيبة. فمئات الاف المواطنين لا يتمكنون من الحصول على المؤن الغذائية بانتظام؛ وعدد الاطباء في حلب مثلا انخفض الى أقل من 20 (في المناطق التي تحت سيطرة الثوار)؛ والعمليات الجراحية في المستشفيات تجرى على ضوء الفوانيس أو الشموع؛ ومخزون الادوية ووحدات الدم ينفد والصيدليات فارغة.
ومع ذلك، فانه في المناطق التي تحت سيطرة الجيش السوري ايضا الحياة ليست جنة عدن. فقد أفادت منظمة الغذاء العالمية بأنها ستحتاج الى وجبات غذائية لاكثر من 6 مليون مواطن في سوريا، مقابل نحو 4.5 مليون في السنة الماضية. والسبب هو الجفاف الشديد الذي ألم هذه السنة بسوريا، وسيقلص بشكل دراماتيكي المحاصيل في شمال غرب الدولة التي يوفر نحو نصف الانتاج من القمح. ومع أن الحكومة السورية أعلنت بانها تعتزم تشغيل مخابز متنقلة واستيراد نحو 100 الف طن آخر من القمح، بتمويل تغطيه ضمانات ايرانية الا ان المصاعب في تنفيذ توزيع الغذاء تطرح الشكوك في قدرة النظام على تقديم المساعدة الى نحو 4.5 مليون مواطن نازح داخل الدولة.
وفضلا عن الغذاء، فان التوفير الجاري لمياه الشرب أو الكهرباء يضع امام النظام تحديا هائلا ليس فقط في المحيط بل وفي العاصمة دمشق ايضا. ورغم أن سوريا وقعت مع الهند وايران على اتفاقات لبناء محطة توليد للطاقة تعمل على الغاز، ولكن الى أن تبدأ بالعمل ستواصل دمشق المعاناة من ساعات طويلة من الظلام. والى جانب ذلك أعلنت الحكومة بان النقص في الكلور يمنع تطهير مياه الشرب وحذرت من خطر استخدام المياه غير المطهرة.
وفي نفس الوقت تنشر وسائل الاعلام السورية تقارير عن الصراع الذي تقوده الحكومة ضد الفساد وعن ان 12 من مدراء الوزارات الحكومية والشركات الحكومية اقيلوا هذا الشهر وسيقدمون الى المحاكمة. كما علم أن البنوك تلقت تعليمات بالفحص المتمعن لكل ايداع استثنائي خشية أن يدل على محاولة تبييض للاموال أو تمويل ‘للارهابيين’. وتعمل مسرحية الدولة التي تؤدي مهامها بانتظام، والاسد نفسه ايضا يواصل الادعاء بالاعمال كالمعتاد، عندما أعلن بان الانتخابات للرئاسة التي يعتزم التنافس فيها ستتم كما كان مخططا.
بعد نحو 160 ألف قتيل ونحو 3 مليون لاجيء، تبدو الحرب في سوريا كحرب دائمة بلا مخرج. واذا كان ثمة مع ذلك احتمال لانهائها، فان هذا لا يوجد في أيدي القوى العظمى، بل بالذات في مكاتب الخصمين المريرين السعودية وايران.
في الاسبوع الماضي نشرت تقارير عن محاولات للمصالحة بين السعودية وايران، فيما على جدول الاعمال دعوة الرئيس الايراني حسن روحاني الى السعودية. وعندما زار جون كيري السعودية في بداية الشهر، أوضح له مضيفوه جديا خيبة أملهم من سياسة واشنطن المترددة في سوريا. وتقدر الرياض، وعن حق، بانه من غير المتوقع أي تدخل عسكري قريب في سوريا. اما ايران، من جهتها، فلا ترى منفعة سياسية في استمرار الحرب، التي تكلفها فقط مليارات الدولارات. وللخصمين مصلحة في استقرار سوريا، ولكن أيضا في الحفاظ على نفوذهما فيها في المستقبل. والسؤال هو هي سينجح هذان الخصمان في ايجاد الصيغة الذهبية التي تحافظ على مكانتهما ونفوذهما حتى دون الاسد وهكذا فينجحان بذلك في تحرير السوريين، وعلى الطريق ايضا الولايات المتحدة وباقي الدول الغربية، من هذا الكابوس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
