1 مرفق
اقلام واراء عربي 08/05/2014
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
عنصرية في أبشع صورها
بقلم: فايز رشيد عن القدس العربي
الدولة الفلسطينية آتية شاء نتنياهو أم أبى!
بقلم: هدى الحسيني عن الشرق الأوسط
افتتاحية الخليج: المفاوضات والبوصلة الفلسطينية
بقلم: أسرة التحرير عن الخليج الاماراتية
هل تعود فلسطين قضية العرب الأولى؟
بقلم: الياس سحّاب عن السفير اللبنانية
كذبة سطحية ومكشوفة
بقلم: مازن حماد عن الوطن القطرية
مسرحية نتنياهو وأعضاء حكومته
بقلم: فايز رشيد عن الوطن العمانية
ابتسامات المصالحة ... وهواجسها؟!
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
هل يفعلها الفلسطينيون هذه المرة؟
بقلم: أحمد يوسف أحمد عن الشروق المصرية
عنصرية في أبشع صورها
بقلم: فايز رشيد عن القدس العربي
وصف جون كيري لإسرائيل، بأنها ستكون دولة أبارتهايد في حالة فشل حل الدولتين (مفهومة هي الظروف التي دفعته للتراجع عن التصريح) يمثل جزءا بسيطا من الحقيقة، لأن الكيان الصهيوني بني على العنصرية وسنوات وجوده أثبتت بما لا يقبل مجالا للشك حقيقة عنصريته وتطورها، باعتبارها الظاهرة الأكثر بروزا في إسرائيل. آخر تقليعات العنصرية، عزم نتنياهو على قوننة ‘يهودية الدولة’ كقانون أساس في الكنيست باعتبار إسرائيل ‘الدولة القومية للشعب اليهودي’! من قبل كانت تعتبر إسرائيل في العرف الصهيوني دولة يهودية ديمقراطية. اليهودية تنفي الديمقراطية بالطبع، ولا يجوز جمع التعبيرين معا، لكن قرعوا رؤوسنا في الغرب بـ’ديمقراطية’ إسرائيل والتغني بها! بموجب القانون في ما لو تم إقراره، إمكانية إجراء ترانسفير لعرب منطقة 48 بشكل قانوني هذه المرة، كما أنه إلغاء لحقوق أهلنا هناك، وإلغاء لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وستكون إسرائيل دولة خالصة ‘للشعب’ اليهودي. نعم إسرائيل تجاوزت العنصرية لمرحلة بعدها.. نعم العنصرية تأخذ دروسا من إسرائيل.. نعم الأنظمة العنصرية كما الأخرى الديكتاتورية، تصل إلى مرحلة من الاشباع في عنصريتها بعد استنفاد كل ما تستطيعه من وسائل وقوانين عنصرية ضد فئات معينة فيها، إلى الحد الذي تبدأ فيه باختراع وسائل وقوانين جديدة حيث تكون هي السبّاقة فيها، على مستوى التاريخ، إذْ لم يسبقها أحد في كل مراحله إلى الإمساك بقوانين كهذه، حيث يجوز توصيف هذه الأنظمة والحالة هذه بأنها أصبحت في مرحلة جديدة ما بعد الظاهرة المعنية، ألا وهي العنصرية، أي بمعنى آخر في مرحلة ما بعد العنصرية، وهذا توصيف جديد للعنصرية الصهيونية.
إسرائيل خير تمثيل لهذه المرحلة، فقد تفوقت على كل الأنظمة الشبيهة في التاريخ في عنصريتها، لذا وعن جدارة تحتل المرتبة الأولى في مرحلة ما بعد العنصرية. في الكيان الصهيوني ووفقاً للمنظمة المعنية بحقوق (الأقلية العربية) عدالة، فإن هناك 20 قانوناً تمييزياً تتحدث بشـــكل واضح عن التمــــييز ضد الفلسطينيين العرب في المنطقة المحتلة عام 1948، تســـمى’قوانين أساس′ بدلاً من الدستور. 12 منها تنص بشكل مباشر على التمييز، أما الثمانية الأخرى فــــهي غير مباشرة في عنصريتها، لكن المقصود من بين سطورها، ممارسة العنصرية ضد أهلنا هناك. إســــرائيل ومنذ إنشائها عام 1948 وحتى عام 2010 سنّت 32 قانوناً تمييزياً. أما في الأعوام بين2011 – 2014 فقد قامت بتشريع 15 قانونا عنصريأ منها، منع فلسطينيي 48 من إحياء ذكرى النكبة، وحق وزير الداخلية الإسرائيلي في سحب الجنسية من العرب، وغيرها وغيرها.
ليس مصادفةً أن يطلب نتنياهو والقادة الإسرائيليون الآخرون من الفلسطينيين والعرب الاعتراف ‘بيهودية إسرائيل’، وذلك مثلما قلنا لأخذ المبررات الكاملة مستقبلاً للتخلص من فلسطينيي منطقة 48 بكافة الأشكال والطرق، المعروفة منها والمجهولة، والقيام خلال مرحلة الاعداد للترانسفير، بحصارهم قانونياً من خلال أدلجة العنصرية وقوننتها، لخلق وقائع حياتية تصعّب من معيشتهم، لدفعهم بالبحث عن حلول منها، الهجرة إلى الخارج.
التمييز في إسرائيل ضد العرب يطال حقوق المواطنة، الحقوق السياسية، التعليم، البناء والسكن، سلب الأراضي العربية ومصادرتها بكافة الوسائل والسبل، توزيع الموارد وميزانيات مجالس القرى والبلديات، الحقوق الدينية وغيرها الكثير. من الملاحظ أن القوانين العنصرية والممارسات التمييزية ضد العرب تتناسب بشكل طردي مع مضي السنوات على إنشاء الكيان الصهيوني، هذه هي الحقيقة الأولى. أما الحقيقة الثانية التي هي ليست بعيدة عن الأولى فهي التناسب الطردي بين العمر الزمني للكيان وسيطرة الاتجاهات الأكثر تطرفاً على الحكم فيه، بكل ما يعينه ذلك من تداعيات العدوانية، المجازر ضد الآخرين، الفوقية والاستعلاء، اعتماد الأسس والمبادئ التوراتية الصهيونية في التأسيس للعنصرية من خلال تشريع القوانين.
في عام 2013 ومن جملة القوانين التي أقرتها الكنيست ثلاثة قوانين في مجرى القوانين العنصرية. الأول اتخذ تسميته ‘قانون استقرار الحكم’ ويستهدف تقليص الحقوق السياسية (المقلصة أصلاً) للفلسطينيين في منطقة 48، والتخلص من الوزن الانتخابي لهم. أما القانون الثاني فهو يدعو إلى توسيع نطاق ‘قانون القذف والتشهير’ بحيث يمنع مهاجمة وانتقاد جيش الاحتلال الإسرائيلي والأجهزة الأمنية كافةً. القانون الثالث رفع نسبة الحسم في الكنيست الى 3.25′ والمقصود بالطبع من هذا القانون، القوائم العربية التي لا تحقق هذه النسبة. من الضروري القول ان إسرائيل استفادت وما تزال تستفيد من مشاركة فلسطينيي 48 في انتخابات الكنيست، فهي تسّوق نفسها دولياً بأنها ‘دولة ديمقراطية’! هذا مع العلم أن النواب العرب في الكنيست محاصرون ومقيدون ويجري إسقاط العضوية عن بعضهم في الكثير من الأحيان، وهم بعددهم القليل الذي يظل في حدود (10 نواب) لا يتركون أية تأثيرات لا في التشريع الإسرائيلي ولا في الحياة السياسية. ومع ذلك، الاتجاهات الأكثر تطرفاً في الأحزاب الإسرائيلية تدعو باستمرار إلى محاكماتهم وإلى طردهم من الكنيست، ورغم ذلك يحاولون قطع الطريق لوصولهم إلى الكنيست.
هذا غيض من فيض عنصرية إســـرائيل وجزء من حقيقتها، الكيان الذي تصنع منه الولايات المتحدة والدول الغربية عموماً واحة للديمقراطية في المنطقة العربية. يبقى القول ان الحكومة الحالية مهيأة ومرشحة لسن قوانين عنصرية جديدة في دولة الكيان الصهيوني، وأن الدولة الاسرائيلية تجاوزت العنصرية الى مرحلة ما بعدها والعنصرية في دولة الكيان هي في أشد حالاتها ظهورا.
الدولة الفلسطينية آتية شاء نتنياهو أم أبى!
بقلم: هدى الحسيني عن الشرق الأوسط
ذكرت الأنباء أن مارتن إنديك مبعوث وزير الخارجية الأميركي لعملية السلام ينوي الاستقالة من منصبه. جاء هذا بعدما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تفاصيل فشل المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية على لسان ناطق أميركي شارك فيها تبين أنه إنديك نفسه، حيث وضع اللوم كله تقريبا على بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي. وحسب مصدر أميركي مطلع، اكتشف الأميركيون أن نتنياهو غير صادق وغير جدي وأنه يلعب على الجميع.
من أجل دفع نتنياهو إلى إطلاق آخر دفعة من السجناء الفلسطينيين، اقترح جون كيري وزير الخارجية على الرئيس باراك أوباما لإنقاذ المفاوضات الموافقة على إطلاق الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، وكان نتنياهو طلب تكليف دينيس روس القيام بدور (كقناة خلفية) بينه وبين الأميركيين، ذلك لأن روس مقرب منه، وعندما كان جورج ميتشل يدير المفاوضات كان روس في عداد طاقمه، وكان يدعم نتنياهو بكل مواقفه. ثم إن نتنياهو لا يثق بإنديك، وكان روس مستعدا لهذا الدور. الإدارة الأميركية وافقت على طلب نتنياهو، وقد يكون هذا ما أثار حفيظة إنديك، فكان أن وضع النقاط على الحروف في لقائه مع الصحافي ناحوم بارنيا.
ويرى المصدر الأميركي المطلع أنه كان على محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية أن ينتظر حتى 28 أبريل (نيسان) موعد انتهاء المفاوضات ليقدم على الخطوات التي أقدم عليها، مثل اتفاقه مع 15 منظمة تابعة للأمم المتحدة، الذي، حسب المصدر، كان تصرفا عبثيا. كما كان عليه الانتظار إلى ما بعد 28 أبريل ليعلن عن اتفاق المصالحة بين السلطة وحماس. «لماذا لم ينتظر أسبوعا آخر؟ عندها كان يمكنه أن يضع نتنياهو في زاوية الإحراج الدولي، وما كان سمح للإسرائيليين بالادعاء أن رئيس وزرائهم كان سيطلق سراح السجناء الفلسطينيين ويوقف توسيع المستوطنات». في السادس من شهر مايو (أيار) 2011 كان أوباما يخطط لإلقاء خطاب يحدد وجهات نظره بشأن السلام. في الرابع من مايو أعلنت حماس ومحمود عباس أنهما سيتصالحان، فأدى هذا بأوباما إلى تأجيل إلقاء خطابه، وبعد ذلك استقال جورج ميتشل.
لكن هذا لا يلغي أن أوباما وكيري لا يثقان بنتنياهو. حاولا إرضاءه ببولارد وروس. أيضا لم يكن نتنياهو جديا، اعتمد تكتيكات لإثارة ردود فعل فلسطينية سلبية. وحسب المصدر كان المخطط أن يتم إطلاق سراح بولارد، وفي المقابل يطلق نتنياهو سراح السجناء الفلسطينيين، وتستمر المفاوضات حتى نهاية عام 2015 على أمل التوصل إلى اتفاق.
في الحديث إلى «يديعوت أحرونوت» يقول الناطق الأميركي (أي إنديك): «من وجهة نظر الأميركيين، قضية المستوطنات تتحمل اللوم الكبير. باستخدام برامج متقدمة، رسم الأميركيون مخططا لحدود الضفة الغربية تعطي إسرائيل السيادة على نحو 80 في المائة من المستوطنين الذين يعيشون هناك، ويتم إجلاء النسبة المتبقية. في القدس تستند المقترحات على خطة كلينتون: الأحياء اليهودية لإسرائيل والأحياء العربية للفلسطينيين».
وحسب محدثي، كان نتنياهو يريد وجودا إسرائيليا طويل الأمد في وادي الأردن، الإدارة رفضت ذلك، ولم يكن يريد إعطاء الفلسطينيين أي شيء يطلبونه في القدس.
الآن قرر أوباما التوقف، وإعادة دراسة الموقف وانتظار انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، ومن ثم قد يعود إلى طرح الاقتراحات الأميركية المعروفة منذ مفاوضات ميتشل، أي دولة فلسطينية تساوي مساحتها مساحتي الضفة وغزة حسب حدود 1967. سيحصل تبادل في الأراضي ويفكك الإسرائيليون بعض المستوطنات. أما في وادي الأردن فتنتشر بعد خمس سنوات قوات أميركية وأطلسية. أرسلت واشنطن عسكريين أميركيين لدراسة الموقف والوضع وإيجاد طرق للمحافظة على أمن إسرائيل وأمن الأردن، لكن نتنياهو لم يكن مستعدا لتقبل أن وقتا لا بد أن يأتي وعليه بالتالي الانسحاب من وادي الأردن لتنتشر هناك قوات دولية.
لا يثق الفلسطينيون بأن إسرائيل ترغب في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وبناء المستوطنات مثل واضح على ذلك. في «يديعوت أحرونوت» جاء: «نحو النهاية طالب عباس بتجميد بناء المستوطنات لمدة ثلاثة أشهر، على افتراض أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق تستطيع إسرائيل أن تبني على الحدود الجديدة كما تشاء. لكن الإسرائيليين رفضوا. وأسوأ جزء في المفاوضات كان عندما ادعى نتنياهو أن عباس وافق على صفقة السجناء مقابل بناء المستوطنات، وهذا لا يتماشى إطلاقا مع الحقيقة». وتضيف الصحيفة حسب الناطق الأميركي (إنديك): «إن عباس وافق على دولة منزوعة السلاح وعلى الخطوط العريضة للحدود، ووافق على أن تبقى الأحياء اليهودية في (القدس الشرقية) تحت السيادة الإسرائيلية، ووعد بألا يتم إغراق إسرائيل باللاجئين. ثم قال: لن أقدم على المزيد من التنازلات حتى توافق إسرائيل على الشروط الثلاثة التالية: تحديد الحدود والاتفاق عليها بغضون ثلاثة أشهر، يتم خلالها وضع جدول زمني لإجلاء الإسرائيليين من الأراضي الفلسطينية، وأن توافق إسرائيل على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين».
الآن لن يجري أي تحرك موضوعي على جبهة المفاوضات، قد تستمر الاتصالات البعيدة عن الأضواء، لكن من المستبعد أن يوافق أوباما على أن يتفرغ كيري مجددا لهذه المسألة مع وجود مشاكل أخرى مثل إيران وأوكرانيا وأفريقيا.
في «يديعوت أحرونوت» تتكرر الإشارة إلى دور لباسل عقل، والمحور السري ما بينه وبين إسحق مولخو محامي نتنياهو وقريبه. حسب محدثي فإن عقل كان يتصرف بطلب من عباس، لمعرفة إمكانية عقد صفقة مع مولخو من خلف ظهر صائب عريقات، وهذا تكرار لم حدث قبل اتفاق أوسلو، عندما كان فيصل الحسيني وحنان عشراوي يفاوضان الإسرائيليين علنا، وكان عباس وأبو علاء وحسين عصفور يتحدثون سرا مع الإسرائيليين. لكن هذه المرة، أراد الإسرائيليون عبر ملوخو تقويض المحادثات مع الفلسطينيين، خصوصا أنه في المفاوضات الرسمية، كلما كانت تسيبي ليفني تحاول التقدم إلى الأمام كان ملوخو يوقفها. ويضيف أن فريق نتنياهو يكره ليفني لاعتقاده أن واشنطن تؤيد وصولها إلى رئاسة الحكومة بعد نتنياهو.
التفكير الآن في واشنطن هو الانتظار إلى ما بعد الانتخابات «كي يشعر الطرفان أننا لن نجري وراءهما إلا إذا كانا على استعداد للسلام». لكن في الوقت نفسه، فإن الوضع السياسي لأوباما ليس قويا جدا، يقولون «إنه خارج فقاعة الأكسيجين». يواجه مصاعب على كل الجبهات خاصة أوكرانيا، و«الأمل» أن ينجح في التوصل إلى اتفاق مع إيران، رغم أن هناك في واشنطن من يقول إن الإيرانيين مثل نتنياهو يلعبون على الأعصاب وعلى الوقت. لكن المتابعين للموضوع في واشنطن يكررون أنهم يتحدثون فقط حول اتفاق نووي وبعد ذلك «يمكن الحديث عن قضايا أخرى». في المقابل هناك من يقول أيضا إن أمورا كثيرة قد تعرقل التوصل إلى اتفاق، كإقدام إيران على عمل استفزازي في الخليج، لكن الخبراء مصرون على أنه من المحتمل جدا التوصل إلى اتفاق، «والسؤال هو: هل يكون ذلك قبل الانتخابات أم بعدها»؟
لكن ماذا سيحل بالفلسطينيين؟ يقول محدثي المصدر الأميركي: إنهم مفلسون وأوضاعهم سيئة. قد تتفق السلطة وحماس ويشكلان حكومة من التكنوقراط، إنما لا شيء ذا موضوعية قد يحدث على مسار المفاوضات.
ما يستطيع الفلسطينيون القيام به الإعلان أن لديهم حكومة واحدة لا حكومتين، ويقبلون بتعهدات منظمة التحرير الفلسطينية من جهة الاعتراف بإسرائيل.
لكن هل ينفذ الفلسطينيون ما اتفقوا عليه؟ يمكن لحماس القول إنها كحركة ليست مضطرة للاعتراف بأحد، لكن على الحكومة أن تعترف بإسرائيل.
تبقى مشكلة الأموال، الوضع اقتصاديا سيئ، ويقولون في واشنطن إذا ما ضاعفت إسرائيل من الحصار الاقتصادي على الفلسطينيين، وتدهور الوضع أكثر فقد يؤدي هذا إلى انتفاضة تضعف عباس، لذلك يقوم التفكير هناك على إيجاد طرق لإبقاء بعض المساعدات خصوصا إذا كان الوزراء من التكنوقراط غير المرتبطين بحماس.
هناك قناعة في واشنطن بأن نتنياهو ليس جادا، لا، بل يتلاعب، خصوصا أن مسألة بولارد صعبة جدا، فهو رجل باع أخطر أسرار الدولة إلى الأعداء، وعندما اقترح بيل كلينتون هذه الفكرة، هدد جورج تينيت، الرئيس السابق لوكالة الـ«سي آي إيه»، بالاستقالة.
الوضع معقد. المفاوضات فشلت. لن يحدث شيء من الآن حتى شهر ديسمبر (كانون الأول). في الحديث إلى «يديعوت أحرونوت» يقول مصدر الصحيفة الأميركي: في النهاية سيحصلون على دولتهم، سواء من خلال العنف، أو عبر اللجوء إلى المنظمات الدولية.
افتتاحية الخليج: المفاوضات والبوصلة الفلسطينية
بقلم: أسرة التحرير عن الخليج الاماراتية
عندما يكشف رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز عن أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أحبط في العام 2011 اتفاق تسوية تم التوصل إليه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مفاوضات سرية جرت بينهما في عمان، فذلك دليل آخر على عدم جدية حكومة الكيان في التوصل إلى اتفاق، واستخدام المفاوضات التي جرت على مدى تسعة أشهر وسيلة للمماطلة والتهرب من استحقاق التسوية .
وإذا كان كلام بيريز مجرد تأكيد لنوايا حكومة نتنياهو لأنه كلام يصدر عن "أهل البيت"، إلا أن مسيرة المفاوضات التي بدأت منذ اتفاق أوسلو قبل أكثر من عشرين عاماً، وكانت المفاوضات الأخيرة أحد فصولها، توضح أن الجانب "الإسرائيلي" ومعه حليفه الراعي الأمريكي، كانا يدركان أن المفاوضات عبثية في الأساس، وأنها ستطول إلى أمد غير معروف ما دام الجانب الفلسطيني اختار المفاوضات سبيلاً وحيداً للوصول إلى تسوية، وأسقط الخيارات الأخرى التي في حال تفعيلها قد تشكل ضغطاً يفرض موازين قوى جديدة تجعل من المفاوضات وسيلة للتوصل إلى تسوية، وليس أداة ابتزاز تستخدمها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين للقبول بشروط الأمر الواقع، أو أن تظل مفاوضات مفتوحة إلى ما لا نهاية .
أمام هذا الواقع، لم يبق الكثير من الوقت أمام الجانب الفلسطيني كي يعيد تصويب البوصلة، ويصحح خلل المسيرة التفاوضية، بحيث يكون الصراع مع العدو الصهيوني واضحاً لمواجهة مخططاته الاستيطانية المتصاعدة، وذلك من خلال اغتنام الفرصة الحالية المتاحة لتحقيق المصالحة الوطنية والضغط بكل الوسائل المتاحة لجعلها أمراً واقعاً، باعتبارها رافعة النضال الفلسطيني، وأداة لخلق أرضية جديدة لتجميع الإمكانات والقدرات الشعبية واستثمارها في المواجهة .
إن حالة الانقسام الفلسطينية، هي رهان "إسرائيلي" وأمريكي لإبقاء السلطة الفلسطينية في حالة وهن وضعف، واستغلال هذه الحالة في مفاوضات لن يتحقق منها إلا ما يناسب الطرف "الإسرائيلي" لأن المفاوضات الجدية تحتاج إلى معادلة جديدة قوامها الوحدة الوطنية الفلسطينية.
هل تعود فلسطين قضية العرب الأولى؟
بقلم: الياس سحّاب عن السفير اللبنانية
صحيح أن نقطة ايجابية في مصلحة القضية بدأت تلوح في الافق، خلافا للمسيرة المأساوية لهذه القضية منذ سنوات طويلة، وهي اقتراب وصول مساعي المصالحة الفلسطينية بين «فتح» و«حماس» الى مشارف ايجابية لاول مرة منذ سنوات طويلة. غير ان ميزان القوى في المسيرة التاريخية لهذه القضية ما زال يحمل من الاشارات السلبية، أكثر بكثير من هذه النقطة الايجابية التي لا تبدو وازنة في الايجابيات، في مقابل النقاط السلبية الكثيرة والمعقدة والثقيلة الوزن.
فأمامنا مصير هجمة جون كيري التي انطلقت منذ اشهر في اعلان اميركي على حتمية ايجاد حل نهائي للقضية هذه المرة، وهي هجمة ديبلوماسية بدت وكأنها تفرض نفسها على الطرفين العربي والاسرائيلي بالقوة نفسها، والاتجاه نفسه.
لكن الذي حصل مع وصول هذه المبادرة الاميركية السريعة الطلقات، أن الفشل قد رافق كل خطواتها، وهو ما أدى إلى مزيد من التورط الفلسطيني في مفاوضات لا طائل منها، لانه يخوضها بلا أي ورقة للقوة (فلسطينية أو عربية) بين يديه، ومزيد من الاندفاع الاسرائيلي في مخططات التهويد والاستيطان.
صحيح ان الجانب الفلسطيني قد سجل في حفل الانجازات التفصيلية الايجابية، تفصيلا جديدا بالانتساب الى عدد من المنظمات الدولية اخيرا، والتي يمكن للحق الفلسطيني ان يظهر من خلالها انصع بياضا، وأعلى صوتا، لكن الجانب الاسرائيلي مضى، في الجهة المقابلة، الى التمسك بتفصيل سلبي شديد الاهمية والعمق والقوة، على لسان رئيس وزراء الكيان الصهيوني، الذي اطلق مؤخرا تمسكه باصدار قانون يؤمن الطابع اليهودي لدولة اسرائيل، باعتبارها الدولة القومية لليهود. وهذه الخطوة اذا تمت، لان لا قوة تبدو قادرة على وقفها، من شأنها ان تضع نقطة نهائية للقضية الفلسطينية في هذه المرحلة الحالية من الصراع، ان لم يتعد مفعولها الحدود ليضرب المراحل القادمة من مسيرة الصراع.
يتم كل ذلك بسرعة مذهله، في مواجهة تبدو منعدمة التكافؤ الى ابعد الحدود، بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.
ففي مقابل الثبات في صلابة تمسك كل الانظمة السياسية الدولية الفاعلة بالمشروع الصهيوني، كما يرسمه اصحابه ويخططون له، يبدو الجانب الفلسطيني في ذروة التخلي العربي عن قضية فلسطين، وكأنها من القضايا السياسية التي تتفاعل بعيدا عن المنطقة العربية.
صحيح ان هذا التراجع قد لا ينطبق بالدرجة نفسها على مواقف الشعوب العربية من جوهر القضية الفلسطينية، فكل الشعوب العربية ما زالت تعتبر الكيان الصهيوني مشروعا استعماريا خارجيا، لضرب احتمالات تماسك اقاليم الوطن العربي، وتشديد مسيرتها نحو اشكال عصرية من الاتحاد والتكامل، لكن الانظمة العربية ذهبت بعيدا في التخلي عن أي دور في مسيرة الصراع العربي ـ الاسرائيلي.
فبالاضافة الى ارتباط دولتين حدوديتين بمعاهدة سلام مع الكيان الصهيوني، حتى وهو يسعى الى تصفية نهائية لعروبة فلسطين وإلغاء شعبها بتفتيته وتشتيته (مصر والاردن) فان عددا وافرا من الدول العربية ذات الوزن السياسي والاقتصادي المحترم، قد ادخلت نفسها في تفاصيل من العلاقات تحت السطح مع الكيان، قد يكون بعضها، او كلها، اشد فاعلية من اتفاقية علنية وصريحة «للسلام».
أما مصر، كبرى الدول العربية، التي اخرجها انور السادات من الصراع باتفاقيات «كامب دافيد»، فهي غارقة الى سنوات على ما يبدو في استعادة توازنها في خضم مشاكلها الداخلية الموروثة عن عهدي السادات ومبارك، ولا شيء يؤكد في هذا المجال متى يجيء دور فلسطين، في استعادة مصر لتوازنها الداخلي والخارجي.
كذبة سطحية ومكشوفة
بقلم: مازن حماد عن الوطن القطرية
تلجأ إسرائيل إلى كذبة كبيرة هذه الأيام لإلقاء مسؤولية فشل المفاوضات على عاتق الفلسطينيين، وهي كذبة سطحية ومكشوفة ومكررة وضعيفة ولا تصمد أمام الحقائق.
وردت الكذبة في رسالة وجهها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي «جوزيف كوهين» إلى عدد كبير من الدول الغربية يزعم فيها أن السلطة الفلسطينية تعمدت خداع الولايات المتحدة ووزير خارجيتها جون كيري الذي أشرف على تلك المفاوضات الفاشلة.
فالعالم كله يدرك ويعلم بما في ذلك واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي أن الفلسطينيين لم يعملوا على خداع أحد وأنهم بذلوا جهودهم وقدموا كل ما يستطيعون من تنازلات للوصول إلى نهاية ناجحة للمفاوضات.
وتقول الحقائق التي يعرفها الجميع إن إسرائيل هي وحدها التي اتبعت سبل الإفشال المقصود والمرسوم للمفاوضات مع الفلسطينيين لأن لديها هدفا استراتيجيا في هذه المرحلة وهو توسيع مستوطنات الضفة الغربية بآلاف الوحدات السكانية التي تم الإعلان عن بنائها تباعا خلال الأشهر التسعة للتفاوض مما شكل استفزازات متعمدة لوقف المحادثات.
والدولة العبرية هي التي اتبعت نهج الإفشال طوال فترة التفاوض، ولم يقتصر ذلك الإفشال على سرقة الأراضي الفلسطينية المتواصل، وإنما اشتمل أيضا على تنفيذ عمليات هجومية على الضفة الغربية يتبعها قتل واعتقالات ومداهمات وهدم منازل خاصة في القدس، فضلا عن انتهاج سلوك عدواني آخر يتضمن إرسال قوات أمن وزوار يهود إلى باحة المسجد الأقصى في خطوة تهدف إلى إشعال الغضب الفلسطيني والإسلامي.
لذلك كله فإن إدعاءات كوهين لن تمر على أحد ولن يستقبلها الأميركيون والأوروبيون على محمل الجد حيث أنها تشكل عملية إسقاط للأكاذيب على الجانب الفلسطيني الذي احترم تعهداته والتزم بكل ما اتفق عليه قبل بدء المفاوضات وخلالها.
كما تمثل تلك المزاعم تهربا إسرائيليا من استحقاقات السلام دفع رام الله إلى مصالحة حركة حماس وهو إجراء مبارك ومفهوم ومبرر في هذه الظروف المحملة بالمؤامرات الإسرائيلية المفضوحة.
مسرحية نتنياهو وأعضاء حكومته
بقلم: فايز رشيد عن الوطن العمانية
”هناك فواصل بسيطة بين أعضاء الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل، وأن كافة الأحزاب في هذا الائتلاف لديها قواسم مشتركة عنوانها: رفض الحقوق الوطنية الفلسطينية، والوقوف بحزم ضد إعطاء الفلسطينيين أية حقوق، بما في ذلك عدم إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين من ذوي الأحكام الطويلة (المؤبدة).”
إبان مفاوضات التسعة أشهر بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية والتي، وصلت إلى طريق مسدود، وانتهت في الـ 29 من إبريل الماضي، وعند مناقشة الحكومة الإسرائيلية لموضوع إمكانية إطلاق سراح أسرى الدفعة الرابعة وهم سجناء ما قبل اتفاقية أوسلو تنفيذاً لاتفاق مع السلطة، هدد وزير الخارجية الفاشي أفيغدور ليبرمان بترك الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي ومغادرة الحكومة، وذلك إن جرى إطلاق سراح سجناء هذه الدفعة. رئيس حزب المستوطنين “البيت اليهودي”وجه أيضاً تهديداً لنتنياهو بالانسحاب من الحكومة في حال تم إبرام صفقة مع الجانب الفلسطيني تتضمن تحرير أسرى من فلسطينيي 48. قال بينيت في بيان لوسائل الإعلام: إن الصفقة المتبلورة إذا ما تضمنت تحرير (قتلة) من ذوي الجنسية الإسرائيلية، فإنها مس بالسيادة الإسرائيلية، وليس هذا فقط بل إنها تأتي عندما لا يسحب الفلسطينيون طلب انضمامهم إلى المواثيق الدولية.
الوزيران بديا وكأنهما على يمين نتنياهو، والذي هو حتماً من أشار عليهما بإطلاق التهديدات، في مسرحية مكشوفة الأدوار. لطالما لجأ رؤساء الحكومات الإسرائيلية السابقة إلى مثل هذه المسرحية، من رابين إلى نتنياهو مروراً بالآخرين منهم، ذلك بهدف إقناع الأميركيين بصعوبة أوضاع رئيس الوزراء الصهيوني وموقفه الحكومي الحرج، ومن أجل ممارسة المزيد من الضغط على الفلسطينيين لإبداء المزيد من التنازلات لصالح الكيان الصهيوني.
إسرائيل أيضاً تطلب ثمناً باهظاً أمام كل خطوة تخطوها في إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، فعند إطلاق سراح الدفعات الثلاث السابقة كانت تزيد في كل مرة من مشاريع استيطانها في أراضي الضفة الغربية. هذا بالإضافة إلى تحرير الإرهابيين الإسرائيليين من السجون، الذين اقترفوا جرائم كبرى ومجازر ضد الفلسطينيين، برغم أن الأحكام التي حُكموا بها هزيلة قياساً بما ارتكبوه من جرائم. وفقاً لمصادر عديدة من بينها إسرائيلية فإن هؤلاء المعتقلين (اسميًّا) يقيمون في سجون مفتوحة، يمضون فيها ساعات الليل ويخرجون منها إلى أعمالهم في ساعات النهار.
رغم ذلك فإن الأحزاب اليمينية الصهيونية تدعو دوماً إلى تقصير إحكامهم (القصيرة زمناً في الأصل). إسرائيل تلجأ إلى مثل هذا الاعتقال وذلك من أجل أهداف إعلامية ومن أجل أن يجري التداول عنها بأنها دولة ” ديموقراطية “. ولعل قصة الضابط شدمي المسؤول الأول عن ارتكاب مجزرة دير ياسين معروفة، فقد حكم القضاء الصهيوني عليه بغرامة عشر أغورات (بضعة قروش!). هذه هي العدالة الإسرائيلية؟! المعتقلون الفلسطينيون من أعضاء الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين منهم من هو معتقل من ما يزيد على الثلاثة عقود. أما الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية منهم (من مواطني منطقة 48) فاشترطت إسرائيل قبل إطلاق سراحهم سحب الجنسية من كل واحدٍ منهم وإبعادهم جميعاً إلى قطاع غزة!.
أفيغدور ليبرمان ونفتالي بيبت عندما يزايدان على نتنياهو فإنهما يتجاوبان مع الشارع الإسرائيلي، الذي تظهر كافة استطلاعات الرأي فيه، بأنه لو جرت انتخابات خلال المرحلة الحالية في إسرائيل فإن الأحزاب اليمينية ستعزز من مواقعها. ووفقاً لاستطلاع أجرته صحيفة هآرتس منذ أسبوعين وبينت فيه أنه إذا ما جرت انتخابات في إسرائيل حاليًّا فإن الشراكة بين حزبي” الليكود” و”يسرائيل بيتينو” ستحقق 37 معقداً من 120 بدلاً من 31 معقد لهما في الكنيست الحالية. كما أن حزب المستوطنين “البيت اليهودي” الذي له 12 معقداً سيزيد 3 مقاعد ليحصل على 15 مقعداً، هذا يأتي على حساب كل التشكيلات الأخرى. نسوق هذه النتائج كدليل على طبيعة التحولات الجارية في الشارع الإسرائيلي، وهي تحولات نحو المزيد من التشدد في رفض الحقوق الفلسطينية. على ماذا يدل كل ذلك:
أولاً: أن هناك فواصل بسيطة بين أعضاء الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل، وأن كافة الأحزاب في هذا الائتلاف لديها قواسم مشتركة عنوانها: رفض الحقوق الوطنية الفلسطينية، والوقوف بحزم ضد إعطاء الفلسطينيين أية حقوق، بما في ذلك عدم إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين من ذوي الأحكام الطويلة (المؤبدة). للعلم فإن معظم من أُطلق سراحهم من المعتقلين في الدفعات الثلاث هم من قاربت أحكامهم على الانتهاء. الفروقات والخلافات بين أعضاء الائتلاف الحكومي هي هامشية ليس إلا!.
ثانياً: لقد نجح نتنياهو في حكومته السابقة بإبقائها أربع سنوات في الحكم، وهو أكبر عدد سنوات لحكومة منذ العام 1996 وبعد انتخابات مطلع 2013 شكل نتنياهو حكومة أكبر ثباتاً من سابقاتها. الأمر الذي يشي بأن الحكومة الإسرائيلية مرشحة للبقاء سنواتها الأربع القانونية، ففي الدورة الشتوية للكنيست أثبت هذا الائتلاف قوته التحالفية.
ثالثاً: عقم المراهنة على أية حلول يوقع عليها هذا الائتلاف الحكومي الحالي، بما في ذلك إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين ما قبل اتفاقيات أوسلو أو بعدها من منطقة 48، فالحكومة الإسرائيلية الحالية هي من أشد الحكومات تطرفاً. كذلك هو الكنيست الإسرائيلي السابق والحالي ففي عهديهما تم إقرار المزيد من القوانين العنصرية التي تستهدف أهلنا وحقوقهم السياسية وفي كافة المجالات الأخرى.
رابعاً: إن أية مفاوضات قد توافق على إجرائها السلطة الفلسطينية في ظل الأوضاع الحكومية الإسرائيلية الحالية، هي ليست أكثر من وهم يعتقده المفاوض الفلسطيني لذلك فإن المطلوب هو: عدم العودة إلى المفاوضات ووضع استراتيجية أخرى في التعامل مع الكيان.
خامساً: إن ظهور أعضاء الحكومة الإسرائيلية الحالية وكأنهم في تعارض مع نتنياهو ليس أكثر من مسرحية وتبادل أدوار، وابتزاز كل حزب من هذه الأحزاب للحكومة ليقدم إليه نتنياهو المزيد من التسهيلات.
يبقى القول: إن هذه هي حقيقة عدونا الصهيوني وعلينا جميعاً إدراكها ومعرفة خلفياتها.
ابتسامات المصالحة ... وهواجسها؟!
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
الابتسامات العراض المرسومة على وجوه القادة الفلسطينيين، لا تزيدنا تفاؤلاً بمستقبل المصالحة الوطنية الفلسطينية، معظم هؤلاء استحق منذ زمن، جائزة “الأوسكار” لأفضل ممثل ثانوي، لكن الجائزة لا تمنح للأسف لغير المنخرطين في صناعة السينما ... ونحن بانتظار أن نرى خطوات عملية تتدحرج على الأرض، لنتأكد من صدقية “ضحكاتهم التي تشق عنان السماء.
“اتفاق الضرورة”، نعم ... لقاء “المأزومين” نعم ... لكن السؤال الجوهري إلى أي حد سيمضي “الإخوة الأعداء” في مشوار المصالحة وإعادة توحيد الأجهزة والمؤسسات، وكيف سيتعاملون مع مختلف الشياطين القابعة في ثنايا التفاصيل؟ ... أسئلة وتساؤلات، لا تجد أجوبتها في الابتسامات وحدها، وستظل مطروحة برسم الأسابيع والأشهر القليلة القادمة.
وفي التفاصيل، شهدنا بعد اتفاق غزة، اعتقالات في صفوف حماس في الضفة الغربية، رافقتها استدعاءات وتحقيقات ... من يفعل ذلك، وفي أي سياق، وعلى أية خلفية ... وهل ينسجم ذلك مع محاولات بث روح المصالحة والوحدة الوطنية ... هل هناك من يريد تعطيل هذا المسار، ومن هم هؤلاء: من فتح يريدون إحراج حماس وإخراجها؟ ... أم من حماس، يريدون اختبار “التنسيق الأمني”، لإحراج فتح وإخراجها؟ ... أم هم طرف ثالث، متضرر من المصالحة؟ ... من هم هؤلاء؟
وفي التفاصيل أيضاً، محاولة “صقور حماس” في قطاع غزة، تصوير المصالحة، كما لو كانت “عودة الابن الضال”، لسان حالهم الصريح يقول: أن خيار المقاومة انتصر في غزة، فيما خيار المفاوضات انهزم في الضفة الغربية، فجاء أهل هذا الخيار، تائبين طائعين، يخطبون ود “المقاومين” ... رواية لا تليق بطالب ابتدائي، وليس بسياسي من مرتبة عضو مكتب سياسي.
لكن ما يجري هنا، وما يجري هناك، إنما يشف عن وجود قوى مناهضة لخيار المصالحة والوحدة، وهي وإن كانت مضطرة للانحناء أمام العاصفة الوحدوية التي تهب على رام الله وغزة، إلا أنها تحرص أن تُطل برأسها البشع، عند كل منعطف أو زقاق، والأرجح أنها ستنشط بقوة في قادمات الأيام، لزرع الألغام وبث العراقيل والمثبطات، عندما يشرع الجانبان في تشكيل الحكومة، ومن بعدها مجلس الأمن القومي واللجنة الأمنية العليا وهيئة تفعيل منظمة التحرير وتوحيد الأجهزة، ومصائر الموظفين، ومن يرث ومن لا يرث، من أبناء الجهازين البيروقراطيين المتنافسين في شطري الوطن المحتل والمحاصر.
نحن متفائلون بقرب تشكيل الحكومة، وأحسب أنها حاجة للطرفين، وأحسب أن الحكومة كـ “بناء فوقي”، ربما تكون أسهل ملفات المصالحة وأقلها تعقيداً، لا سيما وأن أسس تشكيلها ووظائفها ورئاستها وحتى عدد وزرائها، جرى بشأنها توافق مسبق، ما زال ساري المفعول.
لكن أسئلة “ما بعد الحكومة”، أسئلة “البنية التحتية” للحكومة والسلطة والمنظمة، هي ما تثير قلقنا ... ماذا إذا تعطل إجراء الانتخابات بسبب العراقيل والعوائق الإسرائيلية؟ ... إلى متى ستستمر هذه الحكومة، وهل بالإمكان القفز إلى الملفات الأخرى، اللاحقة للانتخابات؟ ... وماذا إذا جرت الانتخابات فعلاً، ورضخت إسرائيل لضغوط المجتمع الدولي المتفهم لحاجة الفلسطينيين لإجراء انتخابات عامة ... هل ستقبل الأطراف بنتائج الانتخابات وتذعن لها؟ ... هل سيجري نقل حقيقي السلطة في رام لله لحماس، إن هي فازت في الانتخابات ... هل ستتخلى حماس عن السلطة في غزة لفتح، إن فازت الأخيرة في الانتخابات؟ ... أم أننا سنشهد إعادة انتاج تجربة 2006، سواء من قبل فتح أو على يد حماس هذه المرة.
عقدة الأجهزة الأمنية ستظل واحدة من أهم العقد التي تعترض طريق المصالحة، ولقد رأينا سجالاً قوياً منذ الآن، يندلع حول “العقيدة الأمنية” لهذه الأجهزة، وحول مستقبل التنسيق الأمني مع إسرائيل، إلى آخر ما هنالك من إشكاليات تتصل بحاجة كل فريق للاطمئنان على سلامة وجوده، خشية من بطش الفريق الآخر، وهل ثمة غير الأجهزة المتوازية من وسيلة لبعث الطمأنينة في النفوس في ظل انعدام الثقة والخوف المتبادل؟
بعض التصريحات الفلسطينية، تشي بطبيعة الخلافات اللاحقة، وتعكر صفو المناخات الاحتفالية المصاحبة لاجتماعات غزة والدوحة ... وهي وإن كانت تصدر عن أشخاص كارهين للمصالحة ورافضين لها، إلا أنها في واقع الحال، تعكس حقيقة المواقف والهواجس والمخاوف الداخلية لكل فريق، وتعرض بكل بساطة لأجندة الخلاف بين الجانبين، بعد أن بالغ المحتفون بالمصالحة، في إظهار إمارات التفاؤل وتباشير البهجة... وأنصح بمتابعة مواقف هؤلاء، فهي الأقرب للحقيقة والواقع، ولنا في تجارب سابقة عبرة لمن اعتبر ... لقد انتصر هؤلاء وأسقط في يد المتفائلين، فهل يختلف المشهد هذه المرة؟
هل يفعلها الفلسطينيون هذه المرة؟
بقلم: أحمد يوسف أحمد عن الشروق المصرية
فى الثامن من فبراير 2007 تم الاتفاق فى مكة بين حماس وفتح بوساطة سعودية على حرمة الدم الفلسطينى وتشكيل حكومة وحدة وطنية. أتى ذلك الاتفاق على خلفية الانقسام الذى وقع بين فتح وحماس فى أعقاب الانتخابات الفلسطينية التى فازت فيها حماس بأغلبية مريحة وكانت بداية لهذا الانقسام، لكن الاتفاق لم يُنفذ بما يشير إلى انفصاله عن واقع العلاقة بين الفصيلين، بل لقد وقع الصدام الدموى الشامل بينهما بعد أربعة شهور فحسب من توقيع الاتفاق.
وبعد أربعة أعوام مرت على اتفاق مكة تمكنت الدبلوماسية المصرية فى 27 أبريل 2011 من الحصول على موافقة حماس وفتح على ورقة مصرية للمصالحة دارت حولها قبل ذلك حوارات فلسطينية طويلة من 10 إلى 19 مارس 2009 شاركت فيها جميع الفصائل والتنظيمات والقوى المستقلة برعاية مصرية، وتضمنت الورقة المصرية مبدأ الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية مع التأكيد على تطويرها وتفعيلها وفق أسس يتم التراضى حولها بحيث تضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية وانتخاب مجلس وطنى جديد وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة تنتهى ولايتها بانتهاء ولاية المجلس التشريعى القائم آنذاك، كما تطرقت الورقة إلى جميع القضايا الخلافية وعُرضت بشأنها وجهتا نظر الطرفين والمقترحات المصرية للحل.
لم يكن نصيب اتفاق القاهرة أفضل من سابقه بدليل عدم إجراء الانتخابات خلال عام عقب توقيع الاتفاق أى بدءا من 10 مارس 2010 كما نص الاتفاق. وفى فبراير 2012 وقع اتفاق فى الدوحة برعاية أمير قطر بين الرئيس الفلسطينى ورئيس المكتب السياسى لحركة حماس أسس على اتفاق القاهرة، وربما كان الجديد الوحيد فى اتفاق الدوحة هو النص على أن تشكل حكومة التوافق الوطنى من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة الرئيس الفلسطينى. ولقى اتفاق الدوحة مصير سابقيه.
يعنى ما سبق أن اتفاق المصالحة الذى وقع فى غزة فى 23 أبريل الماضى بين حماس ممثلة فى رئيسها إسماعيل هنية وفتح ممثلة فى القيادى بمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد لم يأت بجديد إلا من الناحية الإجرائية، فقد وضع حدا زمنيا لتشكيل حكومة التوافق (خمسة أسابيع) ونص على تزامن الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطنى، وخول الرئيس الفلسطينى سلطة تحديد موعد الانتخابات بالتشاور مع القوى والفعاليات الوطنية على أن يكون بعد تشكيل الحكومة بستة أشهر على الأقل.
وأيا كانت التحديات الخارجية (الإسرائيلية والأمريكية أساسا) التى تواجه اتفاق المصالحة فإن التحديات الأهم تنبع دون شك من داخل طرفى المصالحة. فما الذى تغير فى عام 2014 عن سنوات سابقة بحيث يسمح هذه المرة بنجاح لم يتحقق فى المرتين السابقتين ؟ مما يدعو إلى التفاؤل بنجاح محاولة المصالحة هذه المرة أن كلا من طرفيها يحتاجها بشدة فالنهج التفاوضى الذى سلمت به فتح منذ مؤتمر مدريد 1991 وبصفة خاصة بعد عقد اتفاقية أوسلو مع إسرائيل فى 1993 قد وصل إلى طريق مسدود، وحتى لو كان هناك أى بصيص من أمل فى أن يفضى إلى شىء فلن يكون هذا الشىء على ضوء المواقف الإسرائيلية الثابتة سوى تصفية القضية الفلسطينية ذاتها.
أما حماس فقد سقط رهانها الأخير على مد إسلامى عام فى الوطن العربى يكون خير سند لها فى المواجهة مع إسرائيل وذلك على أساس أنها جزء من هذا المد، وقد أخطأت حماس فى حينها فى حساباتها هذه لأن القوى «الإسلامية» التى انفردت عاما بحكم مصر لم تفعل لها ما هو أكثر من إنجاز تهدئة مع إسرائيل كتلك التى كان نظام مبارك ينجزها فى إطار الهدنة مع إسرائيل، لكن رهانها على مصر تحت حكم الإسلام السياسى سقط نهائيا فى 30 يونيو بإنهاء الشعب والجيش فى مصر حكم «الإخوان المسلمين»، ووصل مأزق حماس إلى ذروته خاصة على ضوء الحصار الخانق وتردى الأوضاع الاقتصادية والإنسانية فى قطاع غزة.
غير أن عوامل التفاؤل المبنية على إفلاس البدائل الراهنة لطرفى المصالحة جب ألا تنسينا العقبات العملية، فسوف تتشكل الحكومة بعد خمسة أسابيع وقد يتأخر هذا الموعد قليلا أو كثيرا وفقا لسلاسة المشاورات الوزارية أو تعقدها خاصة بالنسبة للوزارات الحساسة، ثم تمضى شهور ستة قبل إجراء الانتخابات، وفى هذه المدة يمكن أن تتعثر مسيرة حكومة الوحدة الوطنية فى الممارسة خاصة على ضوء الحساسيات القديمة، وإذا أجريت الانتخابات فى موعدها فإن نتائجها سوف تنعكس على مسيرة المصالحة، فنحن شعوب لم تتعود بعد على التقاليد الديمقراطية.
ومن الصعب فى ظل غياب هذه التقاليد على فتح أو حماس أن تقبل تهميشها فى أى انتخابات قادمة، ولذلك فإن أفضل سيناريو للانتخابات القادمة أن تأتى بنتيجة متوازنة نسبيا بين طرفيها الرئيسيين أو تكشف عن ظهور قوة ثالثة تلعب دورا مهما ومطلوبا فى معادلة السياسة الفلسطينية. وإذا افترضنا أن قوى المصالحة قد تغلبت على جميع العقبات السابقة وهو ما نتمناه من صميم قلوبنا فإنها سوف تصل بذلك إلى التحدى الأكبر: كيف تضع هذه القوى استراتيجية بديلة وفعالة لاستعادة الحقوق الفلسطينية أو على الأقل الحد الأدنى المقبول منها ؟ فلا التفاوض يرجى منه أى خير ولا المقاومة المسلحة وحدها سهلة فى الظروف الفلسطينية والعربية الراهنة، فهل بمقدورنا أن نصل إلى استراتيجية للنضال المدنى تقض مضاجع إسرائيل معززة بقدرة مقاومة لصد الاعتداءات الإسرائيلية على ما تبقى من فلسطين؟ هى استراتيجية حد أدنى لكنها ستكون بالتأكيد أكثر فعالية بكثير من البدائل الراهنة وإن الشعب الذى أبدع انتفاضتى 1987 و2000 لقادر على أن يبدع مجددا.