1 مرفق
اقلام واراء عربي 19/05/2014
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
في ذكرى النكبة… هل مازالت قضية العرب والمسلمين؟!
بقلم: ابراهيم ابوسرية عن القدس العربي
الفلسطينيون بعد 66 عاماً من النكبة
بقلم: عبدالله السويجي عن الخليج الاماراتية
ذكرى النكبة والأسرى والإرهاب الإسرائيلي
بقلم: عبدالوهاب بدرخان عن العرب القطرية
إنذار السيسي لحماس
بقلم: جيهان فوزي عن المصري اليوم
مذكرة بكركي الوطنية: «موقف لبنان من القضية الفلسطينية»
بقلم: طلال سلمان عن السفير البيروتية
إخوان مصر.. الحل في يدهم هم
بقلم: سليمان جودة عن الشرق الأوسط
إرهابيون لا «مجاهدون»
بقلم: صالح القلاب عن الرأي الأردنية
مصر .. المؤامرة الكبرى !
بقلم: نصر الدين قاسم عن الشروق الجزائرية
رأي الوطن : للعرب هالة عظمى إن هم توحدوا
بقلم: أسرة التحرير عن الوطن العمانية
في ذكرى النكبة… هل مازالت قضية العرب والمسلمين؟!
بقلم: ابراهيم ابوسرية عن القدس العربي
منذ 66 عاما كتب الكثير وسيكتب عن جريمة اغتصاب فلسطين ومعاناة شعبها في بلاد العالم وبلاد العرب فكانت اكبر جرائم العصر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بدعم متعدد الوسائل من بلاد الغرب الامبريالي. فلسطين زهرة البلدان مثلما عاصمتها القدس زهرة المدائن وقبلة المسلمين الاولى ومسرى الرسول الكريم وارض الانبياء والمقدسات لكل الاديان ارض الحضارات والتاريخ والجغرافيا قلب الوطن العربي ارض الاجداد وارض الخيرات ارض برتقال يافا وعنب الخليل وزيتون نابلس وسنابل قمح مرج ابن عامر نعم هذه فلسطين بكل بساطه و تواضع.
بداية ارجو ان لا نفهم بالسعي لنشر ثقافة اليأس والهزيمة في نفوس ابناء الشعب الفلسطيني وعمقه العربي والاسلامي والعالمي بل نسعى الى الاشارة الى الجراح من اجل علاجها وليس من اجل اثارتها فالبرغم من التضحيات الكبيرة التي قدمها ابناء شعب فلسطين والشعوب العربية والاسلامية وحتى احرار العالم وبقوافل الشهداء الذين سقوا بدمائهم الطاهرة ارض فلسطين فكانوا بمثابة فرسان التحرير ومنهم الشهيد الاول للثورة الفلسطينية المعاصرة احمد موسى وعبد القادر الحسيني وعز الدين القسام وغيفارا غزة ودلال المغربي وابو علي اياد وعلي ابو طوق ومروان كيالي وياسر عرفات واحمد ياسين واحمد الشقيري وفتحي الشقاقي وابوعلي مصطفى وعذرا للشهداء الاخرين من عدم كتابة اسمائهم.
الا انه في السنوات الاخيرة من هذا الصراع المفتوح كانت هناك الكثير من الملاحظات عن تراجع الدعم العربي والاسلامي لقضية فلسطين ولم تعد لها اولوية في اجندات الحكم الرسمية العربية وكذلك الشعبية واحزابها السياسية ونورد اهم مؤشرات هذا التراجع.
فلسطينيا: ان اتفاقيات اوسلو اوجدت شرخا لدى فصائل المقاومة الفلسطينية ولدى ابناء الشعب الفلسطيني والعربي والاسلامي مما اوجد المناخ الملائم للتراجعات الرسمية والشعبية العربية والاسلامية اي باختصار مسار التسوية وزاد الطين بلة ايضا في الانقسام الموجود على الساحة الفلسطينية بين كبرى حركات المقاومة حركة فتح وحركة حماس والذي دفع ثمنه ابناء الشعب الفلسطيني الا انه شهدت الاسابيع الماضية خطوات لتحقيق المصالحة الفلسطينية ولكن يبدو انه طريق مفخخ بالالغام والمتفجرات فضلا عن تشتت ابناء الشعب الفلسطيني في الشتات والدفع بهم للهجرة نتيجة الظروف التي تعيشها بعض الدول العربية كالعراق وسوريا ولبنان ولا زالت هياكل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد بحاجة الى تجديد اضافة الي محاباة بل احيانا الاختباء خلف الموقف الرسمي العربي في الكثير من مواضيع الصراع مع العدو الصهيوني مما اضفى الكثير من الضبابية وعدم الوضوح في الموقف الفلسطيني وانعكاس ذلك على عمقنا العربي والاسلامي حيث وجهت الكثير من العبارات على سبيل المثال لا نستطيع ان نكون ملكيين اكثر من الملك.
عربيا: ان الكثير من الدول العربية اخذت في شراء وتكديس السلاح ليس لليوم الموعود وهو المساهمة في شرف تحرير فلسطين بل لتقديم الدعم المالي للشركات الغربية واضحت بعض الجيوش العربية تقوم بمهمات لحفظ السلام العالمي واوجد لها دور في حماية الشواطىء لمنع الهجرة السرية اما مال العرب فكان اداة في ايقاد ما بات يعرف بالحريق العربي تحت مسميات وعناوين براقة كالديمقراطية والعدالة وتوفير فرص العمل والقضاء علي اوجة الفساد الموجود في بعض نظم الحكم العربية وكان من نتيجة ذلك الحريق قتل الالاف من المواطنين العرب وتدمير البنى التحتية وفقدان الامن في العديد من تلك الدول وكان المستفيد من دفئه وحرارته دولة الكيان الصهيوني والدول الامبريالية. اما الدعم المالي العربي لقضية الشعب الفلسطيني فكان قرارات مكتوبة على شيكات في معظمها غير قابلة للصرف وعلى الصعيد الشعبي العربي فخفت صوت لجان مقاومة التطبيع ومقاطعة دولة الكيان الصهيوني وغابت التبرعات من طرف الشعوب العربية والاسلامية والاعلام اصبح يتعامل بخجل وتجاهل مع الحدث الفلسطيني وجرائم الاحتلال الصهيوني واصبح كذلك الشعور بالنزعة القطرية لدى القوى الشعبية العربية ذي منسوب مرتفع حيث تم اعطاء الملفات القطرية للدول العربية الدرجة الاولى.
اسلاميا: غياب دعوات النصر للمجاهدين المسلمين في فلسطين واستبدلت بدعوات النصر للمجاهدين في الايغور والشيشان وفي الميادين العربية التي تشهد الحريق العربي المستمر وحلل بعض علماء امتنا الاجلاء الجهاد في حلب السورية بينما صمتوا او افتوا بصوت منخفض بتحريمه في القدس الفلسطينية وانشغلوا باصدار فتاوى حول زيارة القدس ناهيك عن فتاوى جهاد النكاح وزواج المسيار وارضاع الكبير وغيرها فانغمس علماؤنا الذين يقع عليهم واجب شرعي واخلاقي وانساني في الوقوف مع ابناء الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ 66 عاما في امور ثانوية.
الفلسطينيون بعد 66 عاماً من النكبة
بقلم: عبدالله السويجي عن الخليج الاماراتية
يوم الخميس الماضي، أي في الخامس عشر من شهر مايو/ أيار الجاري، أحيا الفلسطينيون في كامل مناطق فلسطين (ومن ضمنها المناطق الخاضعة للاحتلال الصهيوني أو ما يسمى "فلسطين ال48") ذكرى النكبة، وهو التاريخ الذي قامت فيه العصابات الصهيونية باحتلال العديد من المناطق الفلسطينية وشردت أهلها عن طريق تدمير بيوتهم أو ارتكاب مذابح في عدد من القرى، وأعلنت بعدها دولة سُميت ب"دولة إسرائيل" كان الولايات المتحدة الأمريكية من أول المعترفين بتلك الدولة إضافة إلى ما كان يُسمّى ب"الاتحاد السوفييتي" .
ويشير تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء في فلسطين إلى أن 66% من الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 تم تهجيرهم، أي تم طرد أكثر من 957 ألف فلسطيني . واستند التقرير إلى تقديرات الأمم المتحدة عام ،1950 وبعد حرب عام 1967 التي سيطر فيها الجيش "الإسرائيلي" على الضفة الغربية (وكانت تحت الإدارة الأردنية) وعلى قطاع غزة (وكان تحت الإدارة المصرية)، تم تهجير أكثر من 21 ألف فلسطيني إلى دول الجوار خاصة الأردن .
وبحسب تقرير الإحصاء الفلسطيني عام 2013 بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية حوالي 2،5 مليون نسمة، وحسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإن 40% منهم يقيمون في الأردن و9% في لبنان و10% في سوريا . أما عدد الفلسطينيين المقيمين خارج فلسطين فقد بلغ حوالي 8،11 مليون نسمة، يتوزعون في دول العالم العربي والأجنبي.
مرت 66 سنة على تشريد الفلسطينيين من أراضيهم، وفي كل عام يزداد عدد الذين يتم تهجيرهم بفعل الاحتلال أو ضيق فرص العيش، وقد يصل عددهم في ذكرى النكبة في العام 2015 إلى 12 مليون مشتّت أو لاجئ أو نازح، إذ لا توجد نقطة ضوء واحدة تدل على أن عودة هؤلاء أو نسبة ضئيلة منهم إلى أرضهم ستتحقق، ليس بسبب السياسات "الإسرائيلية"، فهي سياسات عدوٍ يطمح أن يفتح عينيه ذات صباح ليجد فلسطين بلا شعب فلسطيني، ولكن بقاء هذا العدد الضخم المعرض للزيادة في الشتات والمهجر وبلاد النزوح يعود إلى السياسات العربية التي اتسمت بالشرذمة واللامبالاة منذ حدوث النكبة قبل 66 عاماً حتى اليوم، ويزداد التشرذم يوماً بعد يوم جراء خروج القضية الفلسطينية من سلّم الأولويات وانشغال السياسة العربية بأعداء آخرين اخترعتهم السياسة الأمريكية الصهيونية، إضافة إلى ما يُسمّى الحرب على الإرهاب، التي تقودها الولايات المتحدة، ولم تجد طريقة لمحاربته - الإرهاب - إلا باحتلال أفغانستان ثم العراق ثم تدمير وتفكيك المجتمع والنظام الليبي، لتترك ليبيا في أتون فوضى غير مسبوقة، وتصبح مرتعاً للمتطرفين، وإطاحة الرئيس حسني مبارك في مصر ونشر الفوضى هناك، إضافة إلى تدمير سوريا تحت ستار محاربة الاستبداد، وكانت النتيجة جمع كل المتطرفين والمهووسين في العالم ليدمروا تاريخ وحضارة سوريا العريقة، أما الدعم الأمريكي ل"إسرائيل" منذ إعلان قيامها حتى اليوم بكل أنواع السلاح والتكنولوجيا والخبرات، فليس في حاجة إلى دليل لكن أبرز الأدلة هو استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو في مواجهة القرارات التي تدين هذا الكيان العنصري المغتصب للأرض الفلسطينية .
القضية الفلسطينية الآن تعاني تحديات كثيرة، بعضها مستجد وبعضها الآخر متراكم عبر 66 عاماً الإهمال والتراخي والتناسي . أما ما هو مستجد، فيتمثل في الواقع الذي تعيشه الدول العربية بشكل عام، والدول المحيطة بفلسطين بشكل خاص، فقد تراجع الدور السوري والأردني والمصري واللبناني والعراقي بفعل المتغيرات التي طرأت في هذه الدول، رغم أن الواقع قبل بدء ما يُسمّى بالربيع العربي لم يكن يشكل حالة حرب أو صدام مع الكيان الصهيوني، إلا أن مقدرات هذه الدول لم تكن في مهب الريح كما يومنا هذا، ولم تكن الشعوب في هذه الدول منقسمة ومتقاتلة تطحن بعضها بعضاً لأسباب مذهبية وطائفية ودينية، بينما تتفرج الدول التي حرّضت على هذا الاقتتال على النيران التي تأكل كل الإمكانات، ومن بينها الإمكانات البشرية، حيث تسببت بملايين اللاجئين السوريين والعراقيين والفلسطينيين والليبيين، حتى غطوا على قضية اللاجئين الفلسطينيين الأصلية، بحيث لم يعد أحد يتحدث عنهم ولا عن عودتهم ولا عن قضيتهم، وستبقى الحال على هذا المنوال إلى سنوات طوال قادمة، وبذلك، تكون "دولة إسرائيل" قد ضمنت وجودها وتفوقها لسنوات طوال قادمة، تُرسخها حالة الانقسام التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبع سنوات وتترك ظلالها الكارثية على القضية الفلسطينية، وحولتها من قضية شعب إلى قضية أربعة شعوب، واحد في الضفة الغربية والثاني في قطاع غزة، والثالث في فلسطين ال،48 ورابع في الشتات، والشتات ينقسم إلى عدد يساوي الدول التي يلجأ إليها، ويمكن تقسيم شعب الشتات إلى شعبين، شعب في الدول العربية وشعب في الدول غير العربية، ويتأرجح الشعب الفلسطيني بالمجمل، شأنه شأن الشعوب العربية الآن، بين الانتماء الديني الذي يرفض القومية، والانتماء القومي الذي يواجه التطرف، وهكذا، يعاني الشعب الفلسطيني منذ سنوات (ويعاني الآن أكثر) تحدي الهوية والانتماء، فهو بين نار مطرقة الاحتلال الصهيوني الذي يحاول تهويد فلسطين، وسندان الشتات الذي يكافح أبناؤه من أجل تأمين لقمة العيش وتعليم الأبناء والحياة بكرامة، وفي الوقت ذاته فهو مطالب بالحفاظ على هويته، وأتذكر الآن خبراً قرأته حول قيام مجموعة من الفلسطينيين في لبنان بمسيرة رفعت لافتات تقول (نعم للتهجير)، أي الخروج من لبنان إلى بلاد الله الواسعة، وخاصة الدول الغربية، بسبب ضيق العيش، إذ من المعروف أن الفلسطيني محروم من حق العمل والتملك وإقامة أي مشروع، وهو يعيش على ما يقوم به الفلسطينيون العاملون في دول الخليج والدول الغربية من تحويل للأموال .
أزمة الهوية هي أخطر التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني في ظل ميوعة التعامل مع حق العودة من قبل المفاوضين الفلسطينيين ومن قبل السياسات العربية، وفي ظل الأزمات التي تعيشها الشعوب العربية ودولها حالياً جراء الحراك الفوضوي، فإن هذا الحق آخذ في التراجع، ويضاف إليه موضوع الأجيال وغياب المؤسسة الفلسطينية والعربية التي تعمل على صون الهوية الفلسطينية من التلاشي والاندثار، وتنتهز السلطات الصهيونية في فلسطين هذا الواقع المزري، فتقوم بالسطو على التراث الفلسطيني وتنسبه إليها، وغالباً ما شوهدت مضيفات طيران العال الصهيونيات يرتدين الزي الفلسطيني المطرز .
في ظل هذا الواقع المتأزم، وبما أن المقاومة المسلحة لم تعد خياراً لا في رام الله ولا في غزة، وبما أن دول الجوار الفلسطيني ارتبطت باتفاقيات صلح وسلام مع العدو الصهيوني، يصبح الحفاظ على الهوية ملحاً وحتمياً، ويجب أن توضع له الخطط وتُرسم له السياسات والبرامج الثقافية والفنية والاجتماعية، فهو خط الدفاع الأخير عن القضية الفلسطينية، ويجب أن يكون عنوان المرحلة القادمة، هو أن تتوحد الجهود، كل الجهود على اختلاف سياساتها وانتماءاتها الحزبية والقومية والدينية، للمحافظة على الهوية الفلسطينية، ويجب على الدول العربية، وخاصة وزارات الثقافة العرب، أن تقدم الدعم في هذا الاتجاه، حتى لا يأتي يوم يخسر فيه الشعب الفلسطيني هويته، بما تعنيه من انتماء للتاريخ والجغرافيا والتراث والثقافة والمعالم الحضارية والأماكن المقدسة .
إن مرور ستة عقود ونصف على شعب يتعرض لمؤامرات مستمرة تحاك ضده جهاراً وخفية، ليست بالفترة الزمنية القليلة والسهلة، فقد ماتت أجيال وولدت أجيال، والعدو الصهيوني يراهن على الزمن، ولهذا، لا بد من عمل جاد يسحب البساط من تحت الخطط الجهنمية، كي يبقى الشعب الفلسطيني موحداً وينتمي إلى هوية واحدة، وهذا أضعف الإيمان .
ذكرى النكبة والأسرى والإرهاب الإسرائيلي
بقلم: عبدالوهاب بدرخان عن العرب القطرية
تواصل الأزمات المنتشرة عربياً حجب الاهتمام بالقضية الفلسطينية وإضعاف التوعية بها تاريخاً وحاضراً ومآلات مستقبلية محتملة. ومن جهة يمكن اعتبار هذا التراجع طبيعياً لأن دولاً وشعوباً عديدة تمر بمرحلة تحوّل تتعلّق بمصيره وأحياناً بوحدتها وحتى بوجودها. لكن من جهة أخرى يصعب فصل الثورات والانتفاضات التي تفجّرت قبل أربعة أعوام، ولا تزال تداعياتها قائمة، عن الواقع السياسي الذي ساد طوال العقود السابقة وكان متأثراً إلى حد كبير بانتكاسات عربية فادحة في مسار ما اعتبره العرب قضيتهم المركزية. ذاك أن الهزائم لم تكن في الحروب العسكرية فحسب، بل تبين مع الوقت أن الهزائم الأكبر تمثّلت تحديداً في فشل بناء الدول والمؤسسات وفي قصور التنمية بمختلف مجالاتها كما في احترام المواطنة والعدالة والحقوق والحريات، خصوصاً أن هذه الإخفاقات بُرِّرت أحياناً بظروف المواجهة مع إسرائيل سعياً إلى حل القضية الفلسطينية.
صادفت الذكرى السادسة والستون للنكبة هذه السنة (15 مايو) يوم انعقاد مجلس وزراء الإعلام العرب في مقر الجامعة في القاهرة، ودُعي الوزير الفلسطيني لشؤون الأسرى لإلقاء كلمة عرض فيها واقع بضعة آلاف من الرهائن الفلسطينيين المحتجزين في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية. ووجد عيسى قراقع الفرصة سانحة لحضّ المسؤولين عن الإعلام العربي على الاهتمام بالحملة العالمية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين التي بوشرت قبل شهور غداة تدشينها في زنزانة نيلسون مانديلا ذاتها في جزيرة روبن آيلاند الجنوب إفريقية. وكأن الوزير أراد أن يقول: إن هذا البُعد الإنساني البحت للقضية بات أضعف الإيمان المؤمل به من العرب، لا سيما أن الأسرى/ الرهائن يخوضون ملحمة إضرابات عن الطعام داخل المعتقلات.
أكثر من خمسة آلاف رهينة اختطفوا على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تدّعي اعتقالهم بموجب قوانين «مكافحة الشغب أو الإرهاب»، لكنها في الأعمّ الأغلب لا توجّه إليهم تُهماً محددةً ولا تحاكمهم بل تحتجزهم للمساومة على إطلاقهم ولتقوية شروطها في أي مفاوضات مع السلطة الفلسطينية. ورغم أن خمسة منهم قضوا في الاحتجاز من جراء تفاقم أمراضهم فإنها تتجاهل النظر في حالات ستة أسرى/ رهائن شرعوا في معركة «الأمعاء الخاوية» يأساً من أوضاعهم، وترفض الإفراج عن نحو عشرين تسوء أحوالهم الصحيّة يوماً بعد يوم. لم تتمكّن حملات المنظمات الحقوقية من التأثير في مواقف الحكومات الغربية لتتبنّى هذه القضية رغم إدراكها مشروعية الناحية الحقوقية فيها، بل رغم استنكارها المبدئي للممارسات الإسرائيلية التي بلغت حدّ حرمان الأسرى من التعليم انتقاماً، وحرمان 230 طفلاً وقاصراً من حياة عائلية عادية لمجرد أنهم ألقوا حجارة على جنود الاحتلال.
معلومٌ أن جولة مفاوضات بدأت أواخر يوليو 2013 وانتهت أواخر أبريل 2014 من دون أي تقدم يذكر. لم يكن الجانب الفلسطيني راغباً في استئناف التفاوض لأن شروطه الرئيسية (وأهمها وقف الاستيطان، وتحديد مرجعية التفاوض...) لو تلبَّى، إلا أن وجود حافز الإفراج عن عدد من قدامى الأسرى جعله يرضخ للضغوط الأميركية متوقعاً الفشل مسبقاً وموقناً بأن إطلاق هؤلاء الأسرى هو كل ما قد يحصل عليه من هذه الجولة وأنه يستحق المجازفة. أي أن عصابة الحكم في إسرائيل استطاعت أن تستخدم سلاح الرهائن لتقزيم مجمل القضية واختزالها بابتزاز مقيت.
لم تعد هناك حدود ولا ضوابط للتجبّر الإسرائيلي، حتى إنه يمنع فلسطينيي الداخل من إحياء ذكرى النكبة تحت طائلة المعاقبة، وفي المقابل تستعد حكومة المتطرفين للانتهاء من وضع قانون يقرّ «يهودية الدولة» لتحسم عملياً وضعيتها كدولة عنصرية وسط لامبالاة دولية غير مسبوقة. ثم إن هذه الحكومة باتت مصنفة، في تقرير أميركي هو الأول من نوعه، كراعية للإرهاب العلني الذي تمارسه مجموعات من المستوطنين تحت شعار «تدفيع (الفلسطينيين) الثمن»، بمن فيهم فلسطينيو الداخل الذين يجري التعرض لمنشآتهم وممتلكاتهم ورموزهم الدينية.
وفي هذا السياق كتب سفير جنوب إفريقيا في إسرائيل رسالة وصف فيها سلوك المستوطنين بأنه يذكّره بمرحلة التمييز العنصري (الأبارتايد) في بلاده، خصوصاً أن اعتداءات هذه المجموعات تضاعفت (أكثر من مئتي واقعة من بداية السنة) بل تزايدت أخيراً مع اقتراب زيارة بابا الفاتيكان. ومع أن الحكومة حاولت النأي بنفسها عن هذه الوقائع فإن عدم تحركها لوضع حدٍّ لها كان إشارةً واضحة إلى أنها، على العكس، تحمي العصابات التي تقوم بها، طالما أنها تنسجم مع مسألة «يهودية الدولة» التي تهدف في النهاية إلى التضييق على الفلسطينيين وترهيبهم.
بين احتجاز الرهائن واستخدامهم في المساومات وبين تسليط عصابات المستوطنين على الفلسطينيين تسجّل إسرائيل عودة رسمية علنية إلى الإرهاب الذي أنشئت وترعرعت عليه. وبعد بلوغها ثقة استثنائية بأن شيئاً لم يعد يهددها من الجانب العربي فإنها تدفع بالأمر الواقع إلى أقصاه من خلال التصرف بالأرض التي اغتصبتها وتواصل سرقتها، لتبدأ حملة التصرّف بالإنسان الفلسطيني بحيث تحصر طموحه في أن «يحرر» رهائنه بعدما عجز عن تحرير أرضه.
ولديها في ذلك ذرائع ليس أقلّها أن أنظمة عربية تجاوزتها في الظلم والإجرام في حق شعوبها، بل إن نظاماً كالذي في سوريا يقلّدها في الكثير مما ارتكبه ضد الإنسان والعمران. هذه إحدى الاستخلاصات الأكثر بشاعة من تداخل ذكرى النكبة وتراجع الوعي العربي بالقضية الفلسطينية.
إنذار السيسي لحماس
بقلم: جيهان فوزي عن المصري اليوم
فى تصريح له مؤخرا قال القيادى فى حركة حماس الدكتور محمود الزهار إن سياسة الحركة تقوم على عدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول العربية عموما، ومصر على وجه الخصوص؛ للحفاظ على أمنها ومكانتها الإقليمية ودورها التاريخى فى دعم القضية الفلسطينية، واستطرد الزهار قائلا إن رؤية المشير عبدالفتاح السيسى من القضية الفلسطينية تنسجم مع سياسة حركة حماس فى علاقتها الطيبة مع الدول العربية.
إلى هنا ينتهى كلام الزهار فى حديثه تعقيبا على دعوة المشير السيسى حماس لمحاولة ترميم العلاقات مع مصر؛ حتى يكون لدعم القضية الفلسطينية أثر واضح فى سياق العلاقة التاريخية التى تربط بين الشعبين والدور الريادى الذى تقوم به مصر فى دعم القضية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلى .
الليونة الواضحة التى بدأت تظهر فى تصريحات قادة حماس لم تأت من العدم، فقد وجه سقوط الإخوان ونظامهم فى مصر ضربة قاضية للتحالف بينهم وبين ظهيرهم فى غزة حركة حماس التى هى جزء أصيل منهم، ومن يتابع تصريحات قادة حماس بعد سقوط حكم الإخوان يلاحظ حجم الصدمة التى منيت بها الحركة بعد أن عقدت الآمال العريضة على دعم الإخوان لها فى تعزيز مكانتها فى قطاع غزة وتمكينها دون سواها لتثبيت وجودها على أرض الواقع، وكلنا لاحظنا أنه طوال فترة حكم محمد مرسى لم تكن الضفة الغربية فى جدول أعماله أو اهتمامه الخارجى بل كان متعمدا تجاهل رام الله مركز وجود السلطة الفلسطينية، وكانت معظم الوفود التى زارت الأراضى الفلسطينية بما فيها وزير خارجيته آنذاك الدكتور هشام قنديل متجهة نحو غزة فقط، متجاهلة السلطة الرسمية فى رام الله تماما بحجة أن أهل غزة محاصرون وبحاجة إلى الدعم والمؤازة، وهذا فى حد ذاته حق أريد به باطل؛ إذ إن الإخوان فى مصر أرادوا بهذه الاتصالات التعضيد من شأن حماس والشد من أزرها وتقديم الدعم اللوجستى والمعنوى لها، بعكس الأعراف الدبلوماسية التى كانت متبعة والتى كان محور اتصالاتها مع السلطة الرسمية فى رام الله ورئيسها محمود عباس "أبو مازن".
لقد بعث المشير السيسى إلى حركة حماس رسالة محددة عبر نائب رئيس مكتبها السياسى موسى أبو مرزوق، مفادها أن على الحركة مراجعة مواقفها من مصر وضرورة انصهارها فى الحركة الوطنية الفلسطينية؛ حتى تستطيع مصر التعامل معها من خلال القنوات الطبيعية المتمثلة فى السلطة الفلسطينية، وعلى الحركة الاختيار بين وقوف مصر إلى جانب قطاع غزة ودعمه أو خروجه من المعادلة إذا ما أصرت الحركة على نهجها وسلوكها المعادى لمصر.
ورغم نفيها تدخلها فى الشأن المصرى مرارا وتكرارا وجدت حماس نفسها محاصرة وحيدة بعد تيقنها من استحالة العودة بالزمن إلى الوراء وإغلاق كل منافذ التنفس متمثلة فى تدمير أنفاق التهريب، وتجفيف كل منابع الدعم بالنسبة لها، خاصة أن معبر رفح الحدودى هو المنفذ الوحيد الذى يطل منه قطاع غزة على العالم الخارجى وهو مغلق لأجل غير مسمى لدواع أمنية.
لم تكن حماس فى أضعف حالاتها قدر هذه الأيام، ولعلها أقدمت على خطوة تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية المؤجل منذ سنوات برعاية مصرية لأنها وجدت نفسها مهددة وتقامر بوجودها برمته إذا أساءت التصرف والتقدير؛ فآثرت أن تنحنى للرياح العاتية بدلا من مجابهتها؛ إذا ليس غريبا أن نجد تصريحات من قادتها بهذا الشكل تغازل فيه الجار المصرى وتخطب وده بعد كل الخطايا والحماقات التى ارتكبتها فى حقه، لكن يبقى ملف المصالحة الفلسطينية بين أطراف الصراع هو المحك الرئيسى بالنسبة لحماس لإثبات مدى جديتها وانخراطها فى الحركة الوطنية الفلسطينية التى تضم جميع الفصائل الفلسطينية تحت لوائها. هذا الاختبار هو الذى سيحدد بدوره الالتزام المصرى بآلية التعامل مع الحركة مستقبلا، والطريقة المثلى التى يمكن التعاطى معها لفتح صفحة جديدة والنظر نحو المستقبل بأى عين يكون.
مذكرة بكركي الوطنية: «موقف لبنان من القضية الفلسطينية»
بقلم: طلال سلمان عن السفير البيروتية
بداية، لا بد من تحية تقدير للهيئة المدنية لدعم مذكرة بكركي الوطنية، ولراعيها غبطة البطريرك الماروني بشاره الراعي الذي أضاف حيوية استثنائية إلى الحوار الوطني حول الحاضر والمستقبل.
لقد تجاوزت الهيئة الإطار الطائفي لتطرح هذه المذكرة المتخمة بالهواجس والمخاوف، لنقاش مفتوح يشارك فيه الجميع... مع التمني بأن يتجاوز النقاش ما ألفناه من مجاملات تفرضها اللياقة ومراعاة الحساسيات الطائفية والمذهبية، وان يرتفع إلى المستوى الذي طمح إليه من اعتبرها مذكرة وطنية.
... فالمذكرة محطة بارزة في مسار النقاش المفتوح دائماً حول ما يفترض أنها ثوابت وطنية، كالهوية والدور والعلاقة بالمحيط العربي، وإعادة تعريف العروبة باعتبارها «رابطة حضارية تقرب بين العرب وليست مشروعاً سياسياً يباعد بينهم، وبوصفها أيضاً مدخلاً لتجديد مساحة العرب في الحضارة العالمية».
مع ملاحظة أولية لا بد منها مفادها أن استذكار «المتصرفية» بوصفها القاعدة أو الأم الشرعية لهذا الكيان قد يثير من الخلافات وعوامل القلق أكثر مما يأخذ إلى الاطمئنان. فلا قرار المتصرفية وطني المنشأ، ولا المتصرف هو النموذج المطلوب لرئيس الجمهورية، ولا الفتنة هي الأساس في قيام هذا الكيان... إلا إذا أراد البعض أن يثبتها كمصدر دائم للخوف يلتهم الاعتزاز بالانتماء إلى وطن يجسد إرادة أبنائه في أن يكونوا مواطنين لا رعايا ودولتهم باعتبارها ضمانة حياتهم والتجسيد الحقيقي لإرادتهم، لم يفرضها الخارج ولا يضمن هذا الخارج استمرارها بنظامها الفريد.
وانه لأمر مفزع أن تكون هواجس الخوف على الطائفة الممتازة والمميزة في موقعها الاستثنائي في النظام والدولة لا تزال تطغى على مشاعرها الوطنية، وقد تأخذها إلى طلب الضمانات، والمزيد من الضمانات، من الداخل والخارج، وكأنها مهددة دائماً في وجودها... في حين أن اللبنانيين جميعاً خائفون، وهو خوف يتجاوز الموقع في النظام إلى وجود الوطن ودولته ومستقبلهم فيه وفيها، وفي الحقيقة، فان هذا الخوف يتنقل بين الطوائف فيشملها جميعاً، وبالتناوب المنظم بحسب تعاظم أو تناقص نفوذ دور الطائفة والدولة التي ترعاها في هذه الحقبة أو تلك... مع الإشارة إلى أن الموارنة خاصة، والمسيحيين عموماً، قد حظوا دائماً بالرعاية الشاملة... وهو أمر لم يحظ بمثله «شركاؤهم» في الوطن من المسلمين.
إن المذكرة الوطنية التي اعتمدها صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك انطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى، لحظت بشكل لافت موعد صدورها عشية الذكرى المئوية لإقامة هذا الكيان وكأنه فاصل بين تاريخين. فاللجنة وضعت هذه المذكرة ونظرها متجه نحو العام 1920 وكأنه موعد قدري مع «لبنان كوطن نهائي لجميع أبنائه»، مستشهدة بما قاله قداسة البابا في خطاب له أمام السلك الديبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي في 13/1/2014 «حول الاختلافات التي من شأنها أن تقوض استقرار البلاد».
هل ترانا لا نزال نطمئن إلى الخارج أكثر من اطمئناننا إلى بعضنا البعض نحن الذي يجمعنا الوطن ودولته، التي تحتاج كل فترة إلى أعادة نظر في نظامها السياسي الفريد، مما يهدد بتصديع وحدتنا الوطنية كأنما هي من ورق؟!
وإنها لشجاعة ملحوظة من البطريركية المارونية أن تطرح، في عهدها الجديد، مسائل خلافية سياسية بالعودة إلى جذورها الفكرية.
كذلك، فان اختيار موعد هذا النقاش عشية الذكرى المئوية لإقامة الكيان، في مؤتمر فرساي، سنة 1920، ونتيجة لجهود البطريرك الحويك الذي واكبه على امتداد سنة، تقريباً، أمر له دلالة فائقة.
على أنه من الضروري تسجيل بعض الملاحظات على الصياغة، وبينها:
انه لتجاوز خطير أن يتم التنكر لدور المسيحيين في إعادة صياغة العروبة كهوية جامعة لهذه الشعوب في الأرض التي استمدت هويتها من أهلها... فالمغرب عربي بقدر ما هي اليمن عربية، وفلسطين عربية بقدر ما هو لبنان عربي، وسوريا عربية بقدر ما هي مصر عربية... ولا فضل لعربي على عربي إلا بالاجتهاد.
ويحفظ العرب، بأكثريتهم الإسلامية الساحقة، للمسيحيين من بينهم، أنهم أصحاب الفضل في صياغة العروبة كهوية جامعة لهم، على اختلاف أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم، وحتى على اختلاف الهويات التي يتحدرون منها كالكلدانية ـ الأشورية والسريانية... الخ. وكلها شرعية الوجود التاريخي في هذه الأرض.
ومؤكد أن اللبنانيين لم يتحدروا من صخور الجبال، ولم يأت بهم البحر من البعيد، ولا هم نبتوا وينبتون في قلب الغابات التي تلتهمها الحرائق المفتعلة كل ربيع قليلاً وكل صيف كثيراً.
هذا نقاش عبثي يغلب ما هو ديني أو طائفي على ما هو سياسي ووطني... فاللبنانيون عرب، كسائر إخوانهم المنتشرين بين المحيط والخليج، وان تميز دورهم، بين أهلهم، الذي شاركت في صنعه الوقائع التاريخية والجغرافية، الاجتماعية والثقافية، كنتيجة منطقية لحقبات الهيمنة الأجنبية، عثمانية وأوروبية والتي كثيراً ما استخدمت الدين كسلاح في تمرير سياسة فرق تسد.
أيها الأصدقاء،
يفترض، نظرياً، إننا جميعاً ـ كلبنانيين ـ مع حفظ السيادة وحصرية القوة العسكرية في يد الشرعية، واستكمال البناء الجدي لجيش عصري... ولكننا جميعاً قد خرقنا وما زلنا نخرق هذه السيادة، بالتناوب، ويكون العذر دائما «الخوف على الطائفة».
ويفترض نظريا، أننا جميعاً، مع استقلالية القضاء وحرمته، لكننا نشهد مذابح في القضاء تكاد تذهب برصيده، والتبرير دائماً طائفي...
... وجميعنا مع وضع قانون انتخابي جديد وفق الميثاقية اللبنانية التي يبدو أن لكل طائفة وجهة نظر فيها بدليل عدم الاتفاق على مشروع هذا القانون العتيد... فما يطمئن طائفة يهيج طائفة أخرى، فنستعيد قانون الماضي لمستقبلنا، ونسير في تظاهرات تهتف للديموقراطية.
ويفترض، نظرياً، أننا جميعاً «من العرب» وان كنا «غير شكل» عن سائر العرب، بسبب من وضعنا الخاص الذي ابتُدِعَ له نظامٌ خاص في كيان خاص، ومُنِح من الاستثناءات - عربياً - ما لم يمنح لغيره.
برغم ذلك، فقد تبنت الوثيقة التي نناقش، إعادة تعريف للعروبة، فاعتبرتها رابطة حضارية تقرب بين العرب (ألسنا منهم؟) لا مشروعاً سياسياً يباعد بينهم (أين هو هذا المشروع إلا في الأفكار أو الأحلام التي تنتظر من يحققها، طالما أنها تجمع ولا تفرق، وأنها ركيزة لمستقبل أفضل بالتضامن والتكافل وتوحيد المواقف، عبر الكيانات السياسية التي تحفظها وتحميها الإرادة الشعبية لا المصالح الأجنبية؟).
ولكي يكون لبنان «أكثر من بلد، انه رسالة حرية ونموذج للتعددية للشرق كما للغرب» فلا بد أن يكون موحداً وبهوية تعطيها أرضه وتاريخه، ولا تأتيه مستوردة أو مُعارة.
وليعذرني من صاغ هذه المذكرة إذا ما قلت أنني أفضل أن أكون - كوطني من لبنان - بين أصحاب القرار وليس كعامل، من الخارج، في خدمة محيطي المشرقي والعربي.
وقد يصل بي الغرور إلى حد القول إنني، بعروبتي، أساسي وثابت الوجود كابن شرعي لهذه الأرض العربية، ولمن شاء أن يضيف والمشرقية... ولست عابر سبيل، أو مقدم خدمات من الخارج.
إنني مواطن مثل أي منكم، أتشرف بوطنيتي وأحتمي بها، واعتز بعروبتي وأتقوى بها على أعداء هذه الأمة، فالعرب أهلي وان ضعفوا أو قصّروا أو تخاذلوا... وأرى أن ذلك كله من صنع أنظمتهم وعمى قياداتهم السياسية ورغبتها في احتكار السلطة والثروة والسلاح بعيداُ عن شعوبها، وعن هويتها الأصلية، وبالتالي عن أمتها.
ولقد عشت - وعشنا - أيام اعتزاز بهذه الهوية، حين تقدم الرواد من القادة العرب الصفوف في المنتديات الدولية وشاركوا في صنع القرار باعتباره حقهم وليس منة من المستعمر القديم او الامبريالي الجديد.
وفي ما يعنيني، فإن اعتزازي بعروبتي هو هو اعتزازي بهويتي اللبنانية، لأنني أرى لبنان درة هذا الوطن العربي وشهادة لأهله، العرب، باحترام خصائصه، وطليعة لهم بمعنى ما، في التقدم للحاق بالعصر يعتزون به ويغبطونه ويتبارون على حمايته إذا ما استطاعوا أن يقرروا...
أيها الأصدقاء،
من هذا المدخل اعرض للعنوان الذي طلب اليّ أن أتحدث فيه وهو «موقف لبنان من القضية الفلسطينية على ضوء مذكرة بكركي».
والموقف الرسمي معروف، لكن القضية تبدو هذه الأيام معرضة لخطر شديد يطال جوهرها وهو حق الفلسطينيين في أرضهم وفي دولة لهم قوة أرضهم.
وافترض أن المقصود الوصول إليه هو وضع الفلسطينيين في لبنان والمشكلات التي يثيرها او بالأحرى تثار من حوله بين الحين والآخر.
هل من الضروري التذكير أن لم يكن قراراً اتخذه الفلسطينيون لأنهم وجدوا لبنان أجمل من بلادهم! وفي حكايات أهلنا أن بعضهم كان يذهب إلى فلسطين العربية (قبل الاحتلال الإسرائيلي) ليعمل فيها، فإذا كان غنياً ليتملك فيها « بيارات» وعمارات في مدنها التي كانت سابقة على بيروت وأكثر ازدهاراً منها في الثلاثينيات وبداية الأربعينيات من القرن الماضي.
على هذا أقول: إن الفلسطينيين الذين أجبروا على النزوح من بلادهم وجاء بعضهم إلى لبنان لم يأتوا مصطافين او سياحاً... وجميعنا بالتأكيد مع حقهم في العودة إلى أرضهم، ومع إنشاء دولة خاصة بهم على ترابهم الوطني...
وجميعناً بالتأكيد مع رفض لبنان أي شكل من أشكال التوطين على أرضه.
ولكن ماذا نفعل بانتظار أن يحين موعد قيام تلك الدولة؟
إننا نحاصرهم في مخيمات البؤس، نمنعهم من الحصول على فرص عمل شرعية مهما بلغ مستواهم التعليمي وكفاءاتهم المهنية .
وكل فلسطيني مشبوه حتى يثبت العكس.
ووفقاً لتقاليد نظرية «الغريب» فاللبناني ملاك مطهر، والأجنبي ضيف عزيز ومكرم، والعربي الغني مرغوب نبذل له الإغراءات والعروض السخية للقدوم والتملك والتمتع بخصائص لبنان الفريدة. أما العربي الفقير فشأنه شأن اللبناني الفقير متهم في دماثته وفي إخلاصه حتى يثبت العكس ونادراً ما يثبت.
الفلسطينيون بشر، وهم خطاؤون ككل البشر، لكنهم ليسوا أعظم أخطاء منا.
لقد نظم الاجتياح الإسرائيلي مجازر ضدهم في بعض المخيمات، حتى لا ننسى مجازر صبرا وشاتيلا، وشارك بعضنا في ارتكابها... ولم نفتح تحقيقاً، بل رفضت الدولة فتح تحقيق، ولولا بعض المنظمات الدولية وفي طليعتها منظمة براترند راسل الإنسانية لصارت المذبحة نسياً منسيا... والدولة متواطئة في طمس المذبحة ومن ارتكبها؟
ومن نافل القول إن اللبنانيين جميعاً ضد تجنيس الفلسطينيين، ولعل أكثرية الفلسطينيين لا يزالون متمسكين بجنسياتهم، ولو كلاجئين، لانهم يريدون ـ بل ويقاتلون - لكي يظلوا فلسطينيين.
فإذا لم نكن قادرين على مساعدتهم على العودة إلى ديارهم التي احتلها عدو غاشم ذقنا من اعتداءاته وحروبه علينا ما ذقنا حتى لا ننسى حربه علينا في تموز - آب 2006 وما قد نذوق في المستقبل، فلا أقل من أن نعاملهم كإخوة، بل كبشر، طالما أنكم مكرهون على البقاء حيث هم... في انتظار أية تأشيرة إلى أي بلد أجنبي، تخلصهم من واقع البؤس الذي يعيشونه داخل المخيمات وخارجها.
صحيح أنهم ليسوا سياحاً أو مصطافين، ولكنهم ليسوا بالمقابل طوابير من القتلة والسارقين والخارجين على القانون.
ولنساعد على توحيد الصف العربي حول حقهم في العودة، والوصول إلى هذا الحق... وفي انتظار ذلك، فلنرحم إنسانيتنا، قبل إخوتنا، بان لا نحاسبهم وكأنهم مصدر التهديد الدائم لكياننا الأبدي ونظامنا الفريد.
أيها الأصدقاء،
آسف للإطالة، ولكنني ـ كلبناني ـ انتهزت فرصة الحديث أمامكم، لكي اعرض بدوري هواجسي، إضافة إلى رأيي، ما دامت هذه الندوة مخصصة لمناقشة الهواجس والخوف على المستقبل.
مع تمني النجاح لهذا المنتدى الحواري الممتاز،
فإنني أتوجه بالشكر إلى من أعد هذه المذكرة الوطنية والى غبطة البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي الذي رعى هذه المبادرة الطيبة... عشية سفره إلى المباركة فلسطين، أسيرة الاحتلال الإسرائيلي الذي يمهد لدولة يهود العالم، غير هيّاب ولا وجل من اتهامه بالعنصرية التي ابتدعها واستثمرها لكيانه المستمر بقوة حرابه وليس حقه.
إخوان مصر.. الحل في يدهم هم
بقلم: سليمان جودة عن الشرق الأوسط
قال المشير عبد الفتاح السيسي، في أول حوار تلفزيوني له، كمرشح رئاسي، إن الإخوان لن يكون لهم وجود في عهده، إذا فاز، ولم يحدد نوع هذا الوجود.. هل هو وجود سياسي، أم وجود دعوي، أم أنه يقصد الوجود بكل معانيه؟!
وقد امتلأت التعليقات على ما قال به الرجل، بظلم له، دون أي مبرر، وراح أصحابها يتحاملون عليه، ويتهمونه بأنه يريد القضاء على الجماعة، بل وإبادتها، دون أن يسألوا أنفسهم عن السبب الذي أدى إلى تكوين مثل هذه القناعة عنده، وكيف أن الإخوان أنفسهم، إذا شئنا الأمانة مع النفس، في الكلام، هم الذين غذوا ولا يزالون يغذون هذه القناعة، ليس عند المشير وحده، وإنما عند كل مصري وطني، ضج من عنف الجماعة، ومن إرهابها، ومن حماقتها، كما لم يضج من شيء من قبل!
غير أن هذا موضوع يمكن أن نعود إليه في ما بعد، ليبقى موضوعنا في هذه السطور هو: وماذا عن الإخوان، بعد المشير؟!
ذلك أن عهد المشير، الذي يتكلم عنه، إذا فاز، إنما هو بنص الدستور أربع سنوات، كفترة رئاسية أولى، أو ثماني سنوات لو فاز لفترة ثانية، اللهم إلا إذا جرى تعديل الدستور في عهده، وهو ما أستبعده ويستبعده كل عاقل!
قد يجري تعديل الدستور، وهذا ما أميل إليه، لتكون الفترة الرئاسية ست سنوات، بدلا من أربع، حتى يمكن له، أو لغيره، أن ينجز شيئاً خلال 12 سنة يقضيها رئيساً، لأن حصر الولاية الرئاسية الواحدة في أربع سنوات فقط لا يسعف الرئيس.. أي رئيس.. على إنجاز شيء حقيقي.. أما أن يجري التعديل لينص الدستور، كما حدث أيام السادات، على أن يبقى الرئيس في منصبه، لمُدد، لا لمدتين فقط، فهذا ما سوف يكون مرفوضاً في الشكل، وفي الموضوع.
إننا لو افترضنا أنه سوف يبدأ عهده، بخطة خمسية، فإن هذا معناه أن تنتهي ولايته الأولى قبل أمد الخطة نفسها.. وهكذا.. وهكذا!
فإذا عدنا إلى السؤال الأساسي: وماذا عنهم، كإخوان، بعد عهد السيسي؟! فسوف نجد أنفسنا أمام أمرين اثنين؛ أولهما أن ما يقول به المشير عن أنهم لن يكونوا موجودين في عهده إنما هو حل تكتيكي لا استراتيجي لمشكلتهم، إذا صح التعبير، وثانيهما أنه إذا كان هناك حل استراتيجي، أي على المدى البعيد، للمشكلة التي صاروا يمثلونها، كجماعة مصنفة حالياً بأنها خارجة على الدولة، فهذا الحل بأيديهم هم، وليس في يد المشير، ولا في غير يد المشير!
فالرئيس عبد الناصر تصرف معهم، في عهده، كما يريد السيسي الآن أن يتصرف معهم بالضبط، ولم يكن لهم وجود، من أي نوع، منذ اصطدموا بالرئيس الراحل عام 1954، إلى أن مات عام 1970.
غير أن هذا لم يحل المشكلة، لأنهم عادوا إلى الحياة، من جديد، مع مجيء السادات إلى الحكم.. صحيح أنه هو الذي أعادهم، وصحيح أنه هو الذي دعاهم للعودة، وكان في إمكانه أن يمضي معهم، على ما فعل عبد الناصر بهم، فلا يلومه أحد، ولكن ما حدث أنهم عادوا، كما أن عودتهم تلك إذا كان لها معنى فإن معناها أن عدم وجودهم في عهد المشير، حين يفوز، قد يكون حلا على المدى القصير، فيكون لنا أن نتساءل عن حق، عن الحل ذاته، ولكن على المدى الطويل؟!
أعرف، وأرى بعيني كل يوم أن مزاج المصريين لم يعد يتقبل الجماعة الإخوانية، على أي مدى، ولا على أي مستوى، ليظل السؤال على النحو التالي: وماذا نفعل بهم، أو فيهم، إذن؟!
هل نلقيهم في البحر مثلا؟!.. يا ليت هذا كان حلا ممكنا!
الحل، في ظني، أن يوطّن الذين لا يؤمنون بعنف منهم، ولم يرتكبوه، على أن يكونوا جزءاً «طبيعياً» من نسيج البلد عندما يتقبلهم المزاج العام.. وحين أضع كلمة «طبيعي» بين أقواس فإن القصد منها أن رغبة الذين لم يحرضوا على عنف، ولم يرتكبوه، من الإخوان في العودة إلى الأرض المستوية مع المصريين لا بد أن تكون مقترنة بإدراك كل منهم أنهم إذا عادوا فسوف يكون وضعهم، عندئذ، شأن أي مصري آخر.. بمعنى ألا يكونوا فوقه، كمواطن غير إخواني، ولا فوق البلد، كما كان الحال بكل أسف طوال العام الذي كانوا فيه في الحكم.
والراجح أن المشير لم يصل إلى رأيه المعلن هذا إلا بعد أن صار على يقين من أنه حتى لو فكر في نوع من المصالحة، مع السلميين منهم وحدهم فإنه سيجد نفسه في مواجهة رأي عام رافض لعودة كهذه، في أغلبه. ولذلك فهو لا يملك أن يعيدهم، ولا يملك أن يصالحهم، لأن قراراً كهذا لم يعد في يده وحده، بعد ما رآه المصريون منهم على مدى ما يقرب من العام، أي منذ أن قامت عليهم ثورة 30 يونيو إلى الآن!
هو من ناحيته قد حسم أمره بالنسبة لهم، وليس من المحتمل أن يكون قراره الذي أعلنه موضع جدل أو مراجعة، ولذلك فالحل، إذا كان يعنيهم أي حل، إنما يظل في يدهم هم، لا في يد المشير، بعد أن يفوز، ولا في يد غيره.
الحل أن يدركوا بوضوح أن أي عودة لا بد أن تتم بشروط المجتمع نفسه وفي عمومه، باعتباره مجتمعاً طبيعياً متديناً بطبعه، وليس في حاجة إلى جماعة تعطيه دروساً زائفة في أمور دينه، ولا إلى جماعة تتعالى عليه!
إرهابيون لا «مجاهدون»
بقلم: صالح القلاب عن الرأي الأردنية
لا جدال إطلاقاً في أن المقصود من تسمية الإرهابيين بـ»الجهاديين» وبـ»الإسلاميين» هو تشويه للأكثرية الإسلامية والمقصود هنا تحديداً هو أهل «السنة» الذين يتعرضون لإنتقام طائفي تقوده الآن إيران وينفذه هذا النظام السوري ومعه الشراذم المذهبية المستوردة من العراق والممثلة بـ»حزب الله».. وإلاَّ ما معنى أن يشرف مرشد الثورة الإيرانية تحديداً على حشد المتطوعين من الطائفة الشيعية ،التي سنبقى نكن لها الإحترام رغم كل هذا الذي يجري لأنها غير مسؤولة عنه كطائفة، من أفغانستان وباكستان وإرسالهم للقتال في سوريا وذبح فئة معينة من أهلها هي «الطائفة» السنية.
والمشكلة هنا أن الإعلام ،الذي يعرف حقيقة أن هناك تشويهاً قديماً وجديداً للإسلام كله من قبل الغرب الذي تتحكم به عقدة حروب الفرنجة التي هو من أعطاها إسم «الحروب الصليبية»، مستمرٌ في إطلاق صفة «الجهاديين» و»الإسلاميين» على «القاعدة» وتوابعها وعلى «داعش» وأخواتها وحتى على «بوكوحرام» وعلى ما يسمى :»أنصار بيت المقدس» وعلى العصابات الإجرامية التي اتخذت من سيناء المصرية في غفلة من الزمن قاعدة لها وهذا يعطي مصداقية لكل الذين يتعمدون ولأسباب كثيرة إلصاق تهمة الإرهاب بالدين الإسلامي وبالأكثرية «السنية» التي تعتبر واجهة هذا الدين الحنيف وعماده.
والمؤكد أنَّ هذا «الإعلام» يعرف تمام المعرفة أنَّ أكبر ضربة وُجهت إلى الإسلام وتشويه صورته في العالم غير المسلم بصورة عامة وفي الغرب المسيحي بصوره خاصة هي الجريمة النكراء التي نفذتها «القاعدة» ،في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، تحت غطاء عمامة أسامة بن لادن وعمامة أيمن الظواهري وعلى أصداء هتافات بعض التنظيمات التي تدَّعي تمثيلها للدين الإسلامي الحنيف الذي لا يمثله إلاَّ تعاليمه الإنسانية السمحة التي تحض على أن «من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً».
وإن المؤكد أن كل الذين يطلقون على «الإرهابيين» ،على اختلاف تنظيماتهم ومنطلقاتهم وإن بحسن نوايا، صفة «الجهاديين» و»الإسلاميين» يعرفون أنَّ هؤلاء الـ»بوكوحرام» في نيجيريا هُمْ أكثر مجموعة خزيٍّ وعار وعيب عرفها التاريخ وأن ما تقوم به «داعش» بنسختها السورية ونسختها العراقية وكلاهما نسخة إيرانية واحدة منقحة لا هو «جهاد» ولا هو «إسلام» وإنما جرائم مثلها مثل الذي يقوم به الذين يسمون أنفسهم :»أنصار بيت المقدس» وبيت المقدس بريئة منهم ومن الذين يقفون وراءهم والذين أعطوهم هذا الإسم لتسويغ هذه الجرائم التي تستهدف مصر وأبناء الشعب المصري الذين كان ولا يزال في طليعة شعوب الأمة العربية والإسلامية في الدفاع عن بيت المقدس.. وفلسطين.
إنه ظلمٌ لـ»الجهاد» ولـ»الإسلام» أن يسمى هؤلاء ،الذين يدمرون ويذبحون الآن إن في اليمن وإن في مصر وإن في العراق والجزائر والمغرب وليبيا والذين ذبحوا ودمروا في الأردن والمملكة العربية السعودية وحتى في بريطانيا والولايات المتحدة وفي دول الغرب كلها، بـ»الجهاديين» و»الإسلاميين» فيجب تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية فهذه المجموعات هي المجموعات كلها من ملَّة واحدة وهي ملَّة الإرهاب وسفك دماء الأبرياء وبدون أي حق وبدون أي مبرر.
ولذلك في النهاية فإنه لابد من مبادرة لإصدار وثيقة شرف تلتزم بها وسائل الإعلام العربية النظيفة والشريفة بعدم إعطاء صفة «الجهاديين» والـ»الإسلاميين» لكل هذه المجموعات المشبوهة التي شتثبت الأيام أنَّ منْ يقف وراءها إمَّا الجهل بالإسلام وبتعاليمه ومنطلقاته الإنسانية السمحة أو جهات حاقدة تستهدف الأكثرية الإسلامية وتعمل على تشويهها وإلصاق كل هذه الجرائم التي تُرتكب في هذه المنطقة وفي الكرة الأرضية كلها بها ولأسباب من المفترض أنها باتت معروفة ومفهومة.
مصر .. المؤامرة الكبرى !
بقلم: نصر الدين قاسم عن الشروق الجزائرية
من حسنات الحملة الانتخابية في مصر، إن جاز تسميتها بذلك، أنها كشفت للمصريين حقيقة شخصية قائد الانقلاب على الشرعية التي اختاروها في انتخابات حرة وتعددية.. وأكدت لهم أن ثورتهم اغتصبت بليل بتواطؤ ودعم محلي وإقليمي ودولي.. فكلما تحدث السيسي ظهرت عيوبه وقصوره على تكوين جملة مفيدة، أو تقديم اقتراح لحل أبسط مشكلات مصر فما بالك بالمأساة التي سببها لها وعمق بها معاناة زهاء مائة مليون إنسان ..
في دموع التماسيح، وصمت العجز، وضعف الحجة، وتناقض التصريحات، والتردد في المواقف، تجلت خيوط المؤامرة التي تعرضت لها الثورة في مصر، واتضح عمق المأساة التي تعصف بأرض الكنانة.. وكما قال الراحل جمال عبدالناصر إن البادئ بمصر سيثني بأي بلد عربي آخر، كذلك هي المؤامرة الكبرى المحاكة ضد دول الشرق من المحيط إلى المحيط..
إن تفاصيل المؤامرة التي كلف السيسي بقيادتها في مصر تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ثمة اتفاقا دوليا يقضي بالحيلولة دون قيام نظام ديمقراطي في هذه الدول مهما كان الثمن، حتى لا تقوم لشعوبها قائمة.. ذلك لأن الديمقراطية في دول الشرق تعني النهضة وعودة الوعي، وحرية اختيار الشعوب لأنظمتها وحكامها، واستقلالها بقرارها، وحرية إرادتها، وتقرير مصيرها، وبالتالي الدفاع عن عرضها واسترجاع أرضها ومقدساتها وهذا ما لا تقبله أمريكا وإسرائيل والغرب كله.
رأي الوطن : للعرب هالة عظمى إن هم توحدوا
بقلم: أسرة التحرير عن الوطن العمانية
كم نحتاج طويلا إلى شرح أهمية عودة الوعي إلى الذات العربية من باب فهمها الحفاظ على حقيقتها التاريخية وبالتالي حاضرها .. لكننا دائما نصطدم بالانقسام العربي المر، والذي صار مع الزمان ومع مرور الوقت عبرة لمن اعتبر، بل تحول الى تمسك غربي به وجعله من أسس واقعه، لكأنما يحارب هذا الغربي العرب بفهمهم لأنفسهم.
لقد كفانا ضربا بالأسس التي تقوم عليها وحدة العرب تحت شعارات شتى لا تخدم سوى ذلك الغرب واسرائيل اللذين يتخذان من هذا البرنامج العربي علامة النجاة لهما. في ظن بعض العرب أن الثقب الموجود في الباخرة لن يؤدي بهم الى التهلكة، في حين أن جميع من في تلك السفينة سوف يغرقون، وهذا هو حال العرب في طبعة حياتهم التي يشاء هذا البعض أن يجد تفسيرات لها، غير منطقية البتة ولا تمس شرعية الوجود الواحد للأمة الواحدة.
إن مجرد نظرة لواقع العرب اليوم وما يتخلله من انقسامات شتى، ليس له أكثر من تفسير، وإنما تفسير واحد أن البعض كاره لمفهوم التوحد، بل هو يريد البقاء على حالة من الانقسام من أجل أن يظل ولو واقفا في عين الشمس وحيدا وليس له ظل يتبعه. إن عالما عربيا بهذه الطريقة لايمكن أن يجد له مكانا تحت الشمس، لا الآن ولا في المستقبل، ذلك أن عصر المفردات قد ولى ، وصار من الماضي، وما تطرحه أوروبا على نفسها هو المطلوب وهو الصائب.
إن عربا بتعداد أربعمئة مليون تقريبا، ويقومون على أسس واحدة، تبدأ من اللغة الواحدة وتذهب الى الدين الواحد، لتمر على الواقع الجغرافي المتلاصق وغيره من التعريفات، لن تقوم لهم قائمة مادام الانقسام شريعتهم، والقسمة مبدأهم .. وهذا عكس التاريخ ، ومعاكس لكل فكرة عربية أصيلة. ومهما من دولة عربية بلغت علوا، فهي لن تصل الى مبتغاها بل الى الاحترام الدولي لها ، بل الى حال الوثوق بقدراتها.
انتصر العرب في تاريخهم لأنهم آمنوا بوحدتهم، وذهب وجودهم هباء في الأندلس لأنهم عاشوا على انقسام، وتقاتلوا وتنابذوا .. بل تعاملوا مع الأجنبي على بعضهم البعض، فكان أن ذهبت ريحهم هباء، وكان أن انقرضت بشكل نهائي حضارة ثمانمائة عام، بلغ فيها المسلمون هناك أروع حضارة شعت على العالم وأضاءت مكوناته.
لن تكون الدنيا بخير مادام العرب على انقسامهم ، كما أن مشاكلهم العامة تحتاج الى ألفتهم، وحتى مشاكل كل قطر الخاصة تحتاج الى وقفتهم الموحدة الى جانبه. مصيبة سوريا تؤلمنا جميعا، ولبنان يؤرقنا أن أصابه مكروه، وفلسطين جرحنا الواحد الذي مازال ينزف في كل عربي اينما كان، ووحدة مصر عامل قوة للعرب جميعا، بل وحدة المغرب العربي قرار الصوت الواحد في لحظة اصغاء للحاجة الانسانية وخليجنا الآمن المستقر غايتنا.
لن يتمكن العرب من انتصار على الذات على الأقل إن لم يجدوا السبيل الى ابعاد فرقتهم . فلا حرية بدون وحدة، ولا حقوق بدونها ايضا ، بل لا إنسانية تجد لها احتراما إن لم يتمتع العرب بوحدة تدون للتاريخ أنها تحولت الى فعل.
لابد من الزام الجميع بقانون الوحدة، ومحاربة كل ذي تفكير بالانقسام والتباعد .. للعرب هالة عظمى إن هم توحدوا، فلتتوحدوا لأن الانقسام هو الأبغض عند الله قبل عبيده.