1 مرفق
اقلام واراء محلي 03/05/2014
في هذا الملـــــف:
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] تقييم عملية السلام يحتم علينا بحث البدائل !!
بقلم: حديث القدس – القدس
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] المصالحة الفلسطينية
بقلم: مكرم محمد احمد – القدسي
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] بعد انتهاء مُهلة المفاوضات.......... خطوات إسرائيلية أحادية الجانب تلوح في الأفق
بقلم: د. جاد اسحق – القدس
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] المصالحة لا تغلق أبواب السلام
بقلم:المحامي راجح أبو عصب – القدس
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] "بيزنيس العمرة" وكارثية معبر الكرامة
بقلم : عبد الناصر النجار – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] ركزوا على ما يجمع ويوحد بدلاً من الطرق على ما يفرق ويباعد
بقلم: حسين حجازي – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] عن المصالحة.... وأسئلة الناس المشروعة
بقلم: صـــادق الشــافـعـي – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] عن حكومة الكفاءاتْ، والراعي والتكنوقراطْ
بقلم: آصف قزموز – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] تغريدة الصباح – خواطر الحالم
بقلم: عدلي صادق – الحياة
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] الشعب لا يريد "دفع الثمن"
بقلم: جواد بولس – الحياة
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] العنصرية الإسرائيلية كهف الشرور!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] صحفيو فلسطين ... فجر مجدٍ يتسامى
بقلم: غسان مصطفى الشامي - PNN
تقييم عملية السلام يحتم علينا بحث البدائل !!
بقلم: حديث القدس – القدس
انتهى الموعد المقرر للمفاوضات في مرحلتها الأخيرة يوم 29 نيسان الماضي وتوقفت دون تحديد موعد جديد لاستئنافها ودون التوصل الى أية نتائج ملموسة او غير ملموسة .. وكان الطرف الذي أعلن توقفها هو رئيس وزراء اسرائيل نتانياهو، وذلك احتجاجا على ما يصفونه بعدم الرغبة الفلسطينية في تحقيق السلام وتوجه السلطة الوطنية للانضمام الى عدد من المنظمات والمعاهدات الدولية مع ان الجميع يعرف ان اسرائيل بقيادة نتانياهو هي التي عطلت كل المساعي وأفشلت كل الجهود لتحقيق أي تقدم وذلك بسبب إصرارها على مواصلة الاستيطان وعدم الاعتراف بمرجعية حدود 1967 واستمرار عمليات التهويد وتهجير المواطنين ومصادرة الأرض والخطط المدمرة ضد المسجد الأقصى المبارك "والحدائق التوراتية" التي يعملون لإقامتها.
وقد وجد نتانياهو في وقف المفاوضات فرصة له للتخلص من ضغوط غلاة المتشددين في حكومته ودعوات بعضهم الى إجراء انتخابات جديدة للكنيست، وهكذا بدا كمن يرد على التحرك الفلسطيني من جهة ويهدئ هؤلاء المتشددين في حكومته، من جهة أخرى، وأخذ يزايد في التصريحات ويهدد بالعقوبات الاقتصادية ضد السلطة الوطنية واتخاذ اجراءات أخرى ضدها وضد كبار المسؤولين فيها.
نحن الآن في مرحلة الجمود السياسي الرسمي، وقد بدأت الادارة الاميركية تشعر بتقصيرها في أداء دورها والتوصل الى اتفاق ما بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، لكن لوزير الخارجية الاميركية جون كيري رأيا مختلفا الى حد ما، فهو يرفض الاعتراف بالفشل ويصر على ان تقدما قد تحقق وأن المطلوب في هذه المرحلة هو وقفة لتقييم عملية السلام والبحث عن سبل جديدة وقواعد مختلفة لاستئنافها، دون ان يحدد، بالطبع، أية مقترحات في هذا السياق.
نحن نتفق تماما مع وقفة التقييم هذه لأسباب كثيرة، فبالنسبة لنا وقف المفاوضات ليس حلا لأن الممارسات التي أوقفنا المفاوضات بسببها، مستمرة في كل الأحوال سواء فاوضنا ام لم نفاوض، وهذا يحتم علينا دراسة البدائل لمواجهة هذه السياسة الاسرائيلية المدمرة والتي تقضي على حلم الدولة وأرض الوطن من الجذور، لأن مجرد وقف المفاوضات يعطي نتانياهو وحكومته بكل أطيافها فرصة ثمينة لتحقيق أطماعهم دون أية التزامات او مسؤوليات ويحاولون تحميلنا أسباب هذا التوقف واننا غير راغبين بالتفاوض او السلام وهم الذين يسعون الى ذلك، وإيجاد البدائل هو مسؤولية القيادة بكل أطيافها.
وبالنسبة للإدارة الأميركية فان أقوال كيري عن دولة أبارتهايد في اسرائيل بدون حل الدولتين، يجب ان يكون مفتاح التحرك الجديد الذي يتحدثون عنه بصفتهم حلفاء وأصدقاء اسرائيل من جهة ولأن استمرار الجهود سيؤدي الى نتائج كارثية على المنطقة سواء طال الزمان أو قصر.
المصالحة الفلسطينية
بقلم: مكرم محمد احمد – القدسي
قد لا تكون المصالحة الوطنية الفلسطينية على ضروراتها الملحة في الظروف الراهنة هدفاً سهل المنال، بعد سبع سنوات من الانفصال الجغرافي والعقائدي باعدت بين قطاع غزة والضفة الغربية، وهدمت كل جسور الثقة المتبادلة بين فتح وحماس، ووسّعت فجوة الخلافات بين الجانبين حول معظم جوانب القضية الفلسطينية، ومكّنت كلاً منهما من بناء نظام حكم تختلف أهدافه ومؤسساته وتحالفاته عن الآخر، إضافة إلى أحداث الحرب الأهلية التي أراقت الكثير من دماء الجانبين، والفشل الذريع لكل محاولاتهما السابقة لإنجاز هدف المصالحة، الذي جعل غالبية الفلسطينيين والعرب يعتقدون أن المصالحة الفلسطينية على كثرة الحديث عن ضروراتها باتت مثل العنقاء والخل الوفي، أشياء يصعب، بل يستحيل وجودها!
صحيح أن التاريخ الإنساني حافل بقصص شعوب كثيرة تجاوزت خلافات سياسية وعرقية وعقائدية ضخمة دفعت بها إلى حروب أهلية ضروس، لكنها عرفت الطريق الصحيح إلى المصالحة، وشرط التصالح الصحيح في القضية الفلسطينية، أن تخرج كل من فتح وحماس من جلدهما القديم في ولادة جديدة لحركة النضال الفلسطيني تتعلم من أخطائها السابقة، وتعرف جيداً أنها تواجه عدواً بالغ الشراسة والعناد، يملك قدرة التأثير على القرار الدولي، وتدرك ضرورة التوافق الوطني على رؤية مشتركة لمستقبل القضية الفلسطينية تحفّز الجانبين على تجاوز خلافاتهما العميقة.
ومع الأسف فإن البيان المشترك الذي صدر عن اجتماع الجانبين، فتح وحماس، في غزة، ووقعه عن حماس رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، كما وقعه عن فتح عزام الأحمد، لا يطمئننا إلى أن الجانبين نجحا خلال مباحثات غزة التي لم تستمر سوى بضع ساعات في الاتفاق على رؤية مشتركة لمستقبل القضية الفلسطينية، يتوحّد خلالها الجانبان حول الهدف النهائي للنضال الفلسطيني، وهل يكون دولة مستقلة في حدود الأرض الفلسطينية التي تم احتلالها بعد حرب 67، ينتهي بقيامها كل جوانب الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، أم أن المطلوب عودة كل فلسطين القديمة؟! ثم ما الأدوات والوسائل لتحقيق هذا الهدف؟ وهل تشمل ضمن ما تشمل المقاومة المسلحة، أم أن المقاومة المسلحة كما يعتقد الرئيس محمود عباس تمثل خطراً جسيماً يضر بمصالح الفلسطينيين، لأنك تحارب الإسرائيليين بالأدوات التي يتفوّقون في استخدامها؟ وماذا يكون التصرّف حيال ما تم إنجازه حتى الآن، خصوصاً ما يتعلق بمصير السلطة الفلسطينية، واتفاقات أوسلو وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، خصوصاً قرار قبول فلسطين دولة «مراقب»، الذي نقل القضية الفلسطينية من مجرد نزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أرض يختلفان حول ملكيتها، إلى قضية أرض تم احتلالها قهراً بقوة السلاح؟! وأخيراً هل يجوز البناء على هذه الإنجازات التي تم تحقيقها، أم أن ذلك يمثل إرثاً مشكوكاً في جدواه يتحتم شطبه ومغادرته إلى خطة عمل جديدة؟! ومع الأسف لا يقول لنا بيان غزة أيضاً إن الجانبين، فتح وحماس، وجدا حلولاً مقبولة لكل هذه الأسئلة والمشكلات، رغم أن البيان يعد بتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية خلال خمسة أسابيع، وإنجاز انتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون 6 أشهر.. والمدهش في القضية أن مباحثات غزة جاءت في أعقاب تصريحات خطيرة لأبومازن أعلن فيها، عزمه على حل السلطة الوطنية الفلسطينية وتسليم مفاتيحها إلى الإسرائيليين!، بعد أن أغلقت واشنطن وإسرائيل باب المفاوضات، ورفضتا الاستجابة إلى مطالب أبومازن في الإفراج عن باقي المسجونين، ووقف عمليات الاستيطان بصورة نهائية في الضفة الغربية، وتخصيص الأشهر الثلاثة الأولى بعد عودة المفاوضات للاتفاق على حدود الدولة الفلسطينية الجديدة، ثم وصل الأمر إلى حد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو-تؤيده واشنطن-غلق باب التفاوض بصورة نهائية، لأن أبومازن لا يستطيع أن يجمع بين تصالحه مع حماس والسلام مع إسرائيل، فهل كان اللجوء إلى المصالحة الوطنية مجرد مخرج لأبومازن من إعلان عزمه حل السلطة الوطنية الفلسطينية الذى قُوبل برفض واسع من شخصيات فلسطينية كثيرة؟!
وبسبب هذا الغموض يتصوّر كثيرون أن عودة الجانبين فتح وحماس إلى مصالحة وطنية لا يخلو من أسباب عملية، فرضتها ضغوط قاهرة على الجانبين، تمثلت في حاجة أبومازن إلى ورقة ضغط قوية على الأمريكيين والإسرائيليين تلزمهما بإسقاط بعض الشروط المتعسّفة التي يصر عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، خصوصاً ما يتعلق منها بحق إسرائيل المطلق في بناء المستوطنات على أرض الضفة، وضرورة اعتراف السلطة الفلسطينية بيهودية دولة إسرائيل، كما تمثلت في وضع حماس القلق بعد سقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وحاجتها الملحة إلى نهج جديد يساعدها على مواجهة ضغوط مصر التي دمّرت معظم الأنفاق التي كانت تدر على حماس ما يزيد على 2 مليار دولار مكوثاً على البضائع والمواد التي يتم تهريبها عبر الأنفاق إلى القطاع على حساب اقتصاد مصر الوطني، وتصرف رواتب وأجوراً على 46 ألفاً من أعضاء حماس يمثلون بيروقراطية حكومة غزة وجميع كوادر كتائب القسام، إضافة إلى إغراق أسواق غزة ببضائع مصرية مدعومة على حساب الشعب المصري!
وما يؤكد جدية هذه الأسباب العملية التي دفعت الجانبين إلى العودة إلى مشروع المصالحة الوطنية، أن أبومازن لا يزال على استعداد لأن يستأنف مفاوضاته غداً مع الإسرائيليين إن خفف بنيامين نتنياهو بعض شروطه الصعبة، بينما تعرف حماس التي تعاني من أزمة مالية صعبة، أن مصداقيتها في قطاع غزة على المحك، وربما تتعرّض للانهيار، وأن الغالبية العظمى من سكان القطاع تضيق ذرعاً من قبضتها الحديدية.
وأياً كان مصير المصالحة الفلسطينية، فالأمر المؤكد أن المصريين سوف يساندون أي جهد يُبذل لإنجاز مصالحة جادة لأنهم كانوا دائماً في صف المصالحة الفلسطينية، ورغم الفشل المتكرر لم يفتر حماس المصريين لضرورة توحيد الموقف الفلسطيني، لكن ما ينبغي أن يكون واضحاً لحماس ولكل الفصائل الفلسطينية، أن القاهرة لن تقبل عودة الأمور على حدودها المشتركة مع غزة إلى ما كان عليه الحال قبل غلق الأنفاق، ولن تغير سياساتها تحت أي ظرف من الظروف، لأن الأنفاق تهدر أمن مصر الوطني وتستنزف اقتصادها، كما أن القاهرة لن تسمح لأي فصيل فلسطيني بإنشاء تنظيمات موازية له داخل سيناء، تجنّد العملاء وترفع السلاح في وجه السلطة المصرية وتعطي لنفسها الحق في شن غاراتها على إسرائيل من الأرض المصرية دون موافقة المصريين وأظن أنه قد آن الأوان لأن يعرف الجميع أن ما لقيصر ينبغي أن يبقى لقيصر وما لله ينبغي أن يكون لله.
بعد انتهاء مُهلة المفاوضات.......... خطوات إسرائيلية أحادية الجانب تلوح في الأفق
بقلم: د. جاد اسحق – القدس
انتهت مهلة التسعة شهور التي حددها الراعي الأمريكي للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وبدأت بعدها المخاوف والتكهنات والتساؤلات حول ما ستؤول إليه الأمور بعيد التاسع والعشرين من نيسان .
تساؤلاتٍ كثيرة تجول في خواطر الفلسطينيين وخاصة بعد إتمام المصالحة الفلسطينية التي تلقفها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وأركان حكومته والتي يسوقون لها بأن لا وجود لشريك فلسطيني للسلام ووضعوا شرطًا مسبقًا جديدًا على القيادة الفلسطينية بإلغاء اتفاق المصالحة مع حماس كشرط للعودة للمفاوضات بالإضافة الى فرض عقوبات اقتصادية على الحكومة الفلسطينية كان أبرزها وقف تحويل أموال الضرائب للفلسطينيين.
وكالمعتاد فقد جاء رد الفعل الامريكي مساويًا الضحية بالجلاد وانتقد اتفاق المصالحة الفلسطينية بحيث حذر مجلس الشيوخ الامريكي (الكونغرس) من أن تشكيل حكومة تشارك فيها حركة حماس سيطيح بالمعونات التي تقدمها الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية.
لقد شكل توقيع المصالحة الفلسطينية في هذا التوقيت بالذات بارقة أمل للفلسطينيين الذين يتوقون لطي صفحة الانقسام والمُضي قدمًا موحدين، الى تحقيق طموحاتهم في بناء دولتهم المستقلة....ولكننا لا نستطيع أن نشيح بنظرنا إلى المخاطر الحقيقية الاخرى التي نتجت عن انتهاء مُهلة المفاوضات بدون الوصول الى اي نتائج تذكر بل وقامت اسرائيل باستغلال التسعة اشهر لتفرض المزيد من الوقائع على الارض فكان الهدم والمصادرة والتهويد والتوسع الاستيطاني الأمر الذي قضى عمليًا على اي فرصة حقيقية للوصول الى إتفاق سلام على أساس الدولتين حتى إن وجدت نوايا اسرائيلية بهذا لصدد.
هذا وبالتوازي مع ما تقوم به إسرائيل من انتهاكاتٍ على الأرض، وإذا راقبنا ما يحصل في دولة الاحتلال وتحديدًا عن ما يصرح به أركان الحكومة اليمينة المتطرفة فإننا ندرك بأن لهذه الزمرة من المتشددين ما يدور في مُخيلتها من حلولٍ يرونها بناءة وتلبي طموحاتهم الاستيطانية والتوسعية وهي في جوهرها تهدفُ إلى التنصل من أي استحقاقٍ سياسيٍ مع الفلسطينيين بل يمكننا القول بان الهدف يصل إلى حد القضاء على حل الدولتين بالكامل وفي نفس الوقت عدم قبول حل الدولة الواحدة ثنائية القومية ويمكننا فهم ذلك بوضوح من خلال مخطط الوزير المتطرف وزعيم حزب البيت اليهودي المدعو نفتالي بينيت والذي يدعو رئيس وزرائه وزملائه في الحكومة الى فرض السيادة الإسرائيلية على المناطق المُصنفة "ج" وفق اتفاق أوسلو (والتي تشكل 60% من إجمالي مساحة الضفة الغربية) ومنح سكانها الجنسية الاسرائيلية والإبقاء على ما تبقى من الضفة الغربية دويلة فلسطينية ممزقة ولا تمتلك حتى اي من مقومات البقاء.
العملية السلمية تترنح ......ونتنياهو يتبجح
لقد دأب قادة اليمين المتشدد وحتى قبل انقضاء مُهلة المفاوضات على التمهيد لفشلها مع الفلسطينيين وبعد انتهاء المهلة بدأت اوركسترا اليمين بقيادة المايسترو نتنياهو بالعزف على مقطوعتهم المفضلة فوزير يرى بأنه يجب ضم الضفة الغربية لإسرائيل ووزير يقترح حل السلطة الفلسطينية وأخر ينعى اتفاق اوسلو ونتنياهو سعيد بما يرى ويسمع، بل ويتبجح بزعمه عدم وجود شريك فلسطيني للسلام وفي تصريح جديد له في التاسع والعشرين من نيسان " اخر يوم في مفاوضات التسعة اشهر.. لن نقبل بان يبقى الفلسطينيون منفردين بفرض الحقائق واتخاذ زمام المباردة ، لذا فإنه سوف نقرر قريبا حدود دولة اسرائيل وسنشرع بخطوات فك ارتباط من جانب واحد" والكلام لنتنياهو....... وكل ذلك والراعي الأمريكي يرى فشل جهوده على انها فرصة جيدة لالتقاط الانفاس !!
نعم التقاط الأنفاس ....يجب على الفلسطينيين وعلى القيادة الفلسطينية أن تلتقط الأنفاس وتعيد النظر في كل ما مضى من تجارب مع الإسرائيليين وأن تبدأ بترسيم الحدود كأساس إنطلاق لأي مفاوضات مُستقبلية لكي لا تتحول الحدود المؤقتة التي تسعى اسرائيل الى ترسيمها الى حدودٍ دائمة تستمر لعقود ويصعب تغييرها وأن تقطع الطريق لما يروج له قادة دولة الاحتلال من طروحاتٍ ومخططاتٍ خبيثة نخشى أن يكون الوقت المناسب لإسرائيل قد أزف لتنفيذها وهي تعتمد على ركنين أساسيين، السلام الاقتصادي من جهة، والحلول الأحادية الجانب من جهة أخرى وهما في الحقيقية متلازمين لا ينفصمان.
إن لنا أن نتذكر بأنه وقبل أشهرٍ قليلة من انطلاق جولة المفاوضات الأخيرة في الحادي والثلاثين من تموز من العام الماضي قد حاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وبالتنسيق مع توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق وممثل الرباعية الدولية على بلورة خطةٍ على شكل محفزاتٍ كانت في ظاهرها محاولة لتنشيط ودعم الاقتصاد الفلسطيني ولكن في جوهرها محاولة لجس نبض الجانب الفلسطيني للمضي قدمًا في خطة شاملة تندرج تحت ما يسمى بالسلام الاقتصادي تحقيقًا لرغبات الحكومة الاسرائيلية، فرفض الفلسطينيون الطرح لتكون الخطة الاقتصادية رديفًا لأخرى سياسية تنتهي بالوصول الى حل سياسي قائم على مبدأ الدولتين.
في الواقع إن أخطر ما في مهلة التقاط الأنفاس التي دعى اليها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما بأن تكون فرصة للإدارة الامريكية التي فشلت في الضغط على اسرائيل في المضي قدما بدعم خياراتٍ أخرى كالسلام الاقتصادي أو دعم غير مباشر لخطوات اسرائيلية أحادية الجانب قد تقدم عليها حكومة نتنياهو لمنع تفككها وانهيارها ، لذلك على الفلسطينيين أن يعوا بأن التاريخ كثيرا ما يعيد نفسه فعندما فشلت مفاوضات شرم الشيخ إبان فترة حكم رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارئيل شارون هربت حكومته آنذاك الى الامام ،ومضت باتجاه انسحابٍ أحادي الجانب من مستوطنات قطاع غزة والذي إكتمل في الثاني عشر من شهر أيلول من العام 2005.
على الأرض لقد بدأت بوادر التلويح بالخطوات الأحادية الجانب بالتكشف، ليس فقط بتصريحات قادة اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو بل وعلى الارض ايضا، حيث قامت اسرائيل بخطوة عقابية بتعليق تنفيذ المخططات الهيكلية للتجمعات الفلسطينية في المناطق "ج" مع العلم بأنها لا تلبي في الأساس الحد الادنى من احتياجات المواطنين الفلسطينيين للتوسع ونموهم السكاني الطبيعي، ومع ذلك فقد جمدت اسرائيل عملية المصادقة عليها بالإضافة الى قرار اسرائيلي وشيك بتجميد مشاريع إعادة تأهيل اراض زراعية فلسطينية تبلغ مساحتها 15000 دونم في مناطق "ج" كان قد تم الاتفاق عليها بتمويل من جهات مانحة دولية وعلى رأسها الوكالة الأمريكية للتنمية.
إن على الفلسطينيين قيادة وشعبا ونخبًا ومستثمرين ،بما في ذلك القطاع الخاص، أن يدركوا جيدا وفي هذه الظروف الحساسة بأن إسرائيل تسعى الى المضي في مخطط للسلام الاقتصادي بدعوى تحسين حياة الفلسطينيين ودعم الاقتصاد الفلسطيني، ولكن الهدف الابرز في عقول قادة الاحتلال يبقى دائما الهروب من اي استحقاق للسلام إيمانا منهم بعدم أحقية الفلسطينيين بأرضهم ووطنهم فالسلام الاقتصادي لا يعدو كونه تمهيدًا لمرحلة لاحقة وهي مرحلة الانسحابات الاحادية الجانب وتحديدا من مناطق "ج" رغبة منها في عدم الاعتراف باي حدود معينة للفلسطينيين والابقاء الوضع عائما لتستطيع في النهاية حسم الامور بشكل كامل على الارض.
فليس من قبيل الصدفة بأن بدأت اسرائيل وبرعاية امريكية إعادة طرح فكرة السلام الاقتصادي الذي صرح به نتنياهو فور انتخابه بانه يؤمن به وأنه اقصى ما يمكن ان يقدمه للفلسطينيين ، حيث عقد في الثامن من شهر اذار من العام الحالي في العاصمة التشيكية براغ مؤتمرًا اقتصاديًا يناقش ما يسمى بمبادرة اقتصادية تهدف الى "تغيير جذري وتنمية جوهرية في الاقتصاد الفلسطيني" حيث ترأس هذا المؤتمر وزيرة الخارجية الامريكية السابقة مادلين اولبرايت ورئيس الوزراء البريطاني السابق وممثل الرباعية الدولية طوني بلير وبمشاركة عدد من ممثلي القطاع الخاص الفلسطيني. وهنا لنا أن نسأل كيف وافقت حكومة الاحتلال بعد أن فرضت عقوبات على السلطة الفلسطينية وقطعت الاتصالات معها، بأن تسمح لوفد اقتصادي فلسطيني رسمي للتوجه في منتصف شهر نيسان الى واشنطن للتباحث مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبعض ممثلي الجهات المانحة لبحث المساعدات الاقتصادية ولم تعترض على الزيارة؟
إن تعزيز ودعم الاقتصاد الفلسطيني يشكل جزءًا مهمًا وحجر أساس لبناء الدولة الفلسطينية المستقبلية ولكن ليس بديلا عنها كما يريد نتنياهو وقادة اليمين المتطرف في اسرائيل، فلا اقتصاد ينمو بلا دولة ولا سيادة ولا تواصل جغرافي، ولا تنمية مستدامة بدون دولة تحظى بمؤسسات قوية ومستقلة، ولا استثمار حقيقي في دويلة مقطعة الأوصال وجزر لا تُطلُ حتى على مياه فالاقتصاد القوي والحقيقي لا يتحقق الا بقيام دولة مستقلة تسيطر على مقدراتها ومواردها واراضيها ومياهها وبحارها وهوائها ....دولة غير منقوصة السيادة متواصلة الأركان تحكمها سواعد أبنائها لا زمرة من جنود الاحتلال تتمترس على كل مدخل مدينة وقرية فلسطينية...فالحذر كل الحذر من السلام الاقتصادي الذي سيليه خطوات أحادية الجانب تعيدنا أعواما طويلة للوراء.
بلا شك فإنه يتحتم علينا كفلسطينيين أن نكون مستعدين لكل السيناريوهات التي يحيكها قادة الاحتلال والتي تبدأ بسلام اقتصادي وتنتهي بانسحابات محدودة ومدروسة لن تخدم إلا الاحتلال ودولته ونكون حينها، وفي حالة عدم وجود خطة للتصدي لهذه السيناريوهات، مُضطرين لقبول أهون هذين الشرين.
المصالحة لا تغلق أبواب السلام
بقلم:المحامي راجح أبو عصب – القدس
أثارت الحكومة الإسرائيلية ضجة كبرى عقب توقيع اتفاق المصالحة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس الأسبوع الماضي وشن رئيسها بنيامين نتنياهو هجوما عنيفا على الرئيس محمود عباس ودعاه إلى أن يختار إما السلام مع اسرائيل أو المصالحة مع حماس وطالبه بالتخلي عن تلك المصالحة وتمزيقها، وكرر أقواله السابقة بأنه لن يتفاوض مع حكومة تدعمها حماس ودعاه إلى الإعتراف بيهودية الدولة العبرية.
ولم تكتف الحكومة الإسرائيلية بمهاجمة اتفاق المصالحة بل إنها طبقت سلسلة من العقوبات على السلطة الفلسطينية لعل أخطرها تجميد أموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية ما يعني وضع الحكومة الفلسطينية في أزمة مالية خانقة تجعلها عاجزة عن دفع رواتب موظفيها، وعن تقديم الخدمات الأساسية لأبناء الشعب الفلسطيني، وقد سبق أن اتخذت الحكومة الإسرائيلية هذا القرار العقابي مرات عديدة ضد الحكومة الفلسطينية.
ومن بين تلك العقوبات أيضا إعلان منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية الجنرال يوآف بولي مردخاي تجميد مشاريع البناء الفلسطينية في مناطق "سي" في الضفة الغربية، وهذا يعني تجميد الإجراءات الخاصة بالمصادقة على 19 مخططا هيكليا فلسطينيا كبيراً في مناطق "سي" بالضفة وإضافة إلى هذه العقوبات فإن الحكومة الإسرائيلية تلوح بعقوبات أخرى من بينها تجميد مشاريع إضافية خاصة بالبنية التحتية وتعطيل حركة البضائع والأفراد على المعابر والحواجز وسحب بطاقات "الشخصيات المهمة" من مسؤولي السلطة الفلسطينية.
ولم تكتف حكومة إسرائيل بتلك العقوبات على السلطة الفلسطينية بل إنها بدأت بشن حملة دبلوماسية عالمية لتشويه سمعة الرئيس عباس حيث ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية الأسبوع الماضي أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدأ حملة إعلامية واسعة ضد الرئيس عباس في العالم ردا على اتفاق المصالحة، وأن هذه الحملة بدأت ببث مقطع فيديو قصير حمل عنوان "تهرب عباس من عملية السلام أكثر من مرة".
والواقع أن هذه العقوبات القاسية ضد الشعب الفلسطيني وهذه الحملة على الرئيس عباس ليس لها ما يبررها، وإنما جاءت لتغطية تهرب الحكومة الإسرائيلية من التزاماتها تجاه استمرار المفاوضات ورفضها تحرير الدفعة الرابعة والأخيرة من الأسرى الفلسطينيين. فإسرائيل هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن الطريق المسدود التي وصلت إليه المفاوضات بإصرارها على السير قدما في سياساتها الاستيطانية التوسعية في الأراضي الفلسطينية، وباتخاذها المفاوضات غاية في حد ذاتها من أجل الإستمرار في سياسة فرض الأمر الواقع في الأراضي الفلسطينية وعدم الإلتزام باعتبار المفاوضات وسيلة لبحث قضايا الوضع النهائي المتمثلة في القدس والمياه ومشكلة اللاجئين والحدود وذلك عبر التوصل إلى اتفاق سلام عادل وشامل يضع حدا لهذا الصراع المستمر منذ أكثر من ستة عقود.
وقد أوضح الرئيس محمود عباس في خطابه المطول يوم السبت الماضي في كلمته الإفتتاحية للدورة السادسة والعشرين للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية أنه لا علاقة بين المصالحة مع حماس والمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وقال إن حماس شعبنا وإسرائيل شركاؤنا وأننا لا نستطيع الإستغناء عن شعبنا ولا عن شركائنا، ورد على ما اتهمته به الحكومة الإسرائيلية من أنه من خلال المصالحة مع حماس فإنه يضع يده بيد الإرهاب بقوله "إذا كانت حماس إرهابية لماذا وقعت اسرائيل معها اتفاقيات منها اتفاقية الهدنة التي وقعت من خلال الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، كما أن هيلاري كلينتون التي كانت وزيرة خارجية أميركا وقتذاك حملت اتفاق التهدئة هذا ووقعته.
وفي ذات السياق فإن الرئيس رد على هجوم اسرائيل على اتفاق المصالحة بقوله إن الإسرائيليين وعلى مدار الأعوام الماضية كانوا يقولون مع من نتفاوض؟ مع غزة أم مع الضفة؟ وعندما أنجزنا المصالحة قالوا إما أن تختاروا حماس أو المفاوضات وهذا الذي طرحه الرئيس عباس إنما يبين التناقض الواضح في سياسات الحكومة الإسرائيلية في محاولاتها التهرب من استحقاقات السلام.
وقد أكد الرئيس عباس في كلمته الإفتتاحية أن الحكومة التي ستأتي "أي حكومة الكفاءات" بعد المصالحة ستكون كالحكومات السابقة تنهض بالعمل الخاص بالسلطة الفلسطينية، أما المفاوضات فهي من شؤون منظمة التحرير الفلسطينية لأنها تمثل كل الشعب الفلسطيني، وقال إن الحكومة الجديدة ستكون تحت إمرته وتلتزم بسياساته التي تقوم على الإعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب والعنف والإعتراف بالشرعية الدولية والإلتزام بالالتزامات الدولية، والحكومة الجديدة ستنفذ الإتفاقات الدولية التي وقعناها. ولذا لا يحق لأحد أن يتهم الحكومة الجديدة بأنها حكومة إرهاب أو متطرفين.
وللإنسان العاقل أن يتساءل هل بعد هذا الحديث الصريح والواضح عن التزام الحكومة الجديدة بسياسات الرئيس عباس يحق لإسرائيل اتهام الرئيس بأنه تخلى عن السلام؟ وبأنه يضع يده في يد الإرهاب؟ إن الرئيس عباس بشهادة العالم أجمع رجل سلام من الطراز الأول، فقد أعلن منذ اللحظة الأولى لتسلمه القيادة الفلسطينية أنه ينبذ العنف والإرهاب وأنه يؤمن بأن السلام لا يتحقق إلا بالوسائل السلمية المشروعة التي تتوافق مع قرارات الشرعية الدولية، وقد أبدى تجاوبا كاملا مع كل الدعوات خاصة من الولايات المتحدة للدخول في مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي وآخرها مهلة الأشهر التسعة التي اقترحها وزير الخارجية الأميركي جون كيري والتي أهدرتها الحكومة الإسرائيلية.
وإذا كان الرئيس عباس رجل السلام الكاره للعنف والقتل والإرهاب وسفك الدماء فإنه متمسك بشدة بثوابت شعبه الفلسطينية وغير مستعد للتنازل عنها تحت أي ظرف من الظروف. وقد أعلن أكثر من مرة أنه وعلى أعتاب الثمانين من عمره المديد فإنه لن يخون شعبه ولن يتخلى عن أي ثابت من الثوابت الفلسطينية.
إن مطالب القيادة الفلسطينية هي ما أقرته الشرعية الدولية واتفاق أوسلو وغيرها من الإتفاقات التي وقعتها مع إسرائيل والتي تتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة والقطاع بعاصمتها القدس في حدود العام 1967، وعلى الحكومة الإسرائيلية إذا كانت حقا تريد السلام أن تنفذ التزاماتها تلك وألا تجنح إلى سياسة العقوبات ضد الشعب الفلسطيني حيث أكد الرئيس عباس أنه سيكون مضطرا إلى تسليم إسرائيل مفاتيح السلطة لتتحمل مسؤولياتها كدولة محتلة. فهل تستطيع اسرائيل تحمل ذلك؟
لقد حذر كثير من القادة والزعماء الإسرائيليون السابقون ومنهم عسكريون من اتخاذ خطوات متطرفة ضد السلطة الفلسطينية لأن العواقب ستكون وخيمة على اسرائيل. كما أن الوزير الأميركي حذر مجددا في تحذير غير مسبوق الأسبوع الماضي من تحول إسرائيل إلى دولة عنصرية فيها مواطنون من الدرجة الثانية إذا أصرت على رفض السلام مع الشعب الفلسطيني.
إن على اسرائيل ألا تضيع هذه الفرصة النادرة لتحقيق السلام وإلا فإنها لن تجد بعد الرئيس عباس زعيما فلسطينيا تاريخيا قادرا على تحقيق السلام معها، ذلك أن الرئيس عباس هو القائد التاريخي الأخير والوحيد الباقي من القادة التاريخيين الفلسطينيين الذين يستطيعون إقناع الشعب الفلسطيني بتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل. والله الموفق
"بيزنيس العمرة" وكارثية معبر الكرامة
بقلم : عبد الناصر النجار – الايام
نصيحة يقدمها كل مسافر مغادر أو قادم عبر معبر الكرامة للمواطنين، مفادها اجتنبوا يومين للسفر إلى الأردن أو العودة إلى أرض الوطن، هما يوم الأحد للقادمين من الأردن ويوم الأربعاء للمغادرين.
كثيرون لا يسمعون هذه النصيحة، ويفضلون تجربتها، ليدركوا أنها أكثر مرارة من العلقم... يوم الأحد قد يحتاج المسافر بين 10 إلى 12 ساعة في بعض الأحيان للوصول من جسر الملك حسين (الجانب الأردني) إلى الاستراحة في أريحا.. والأصعب من ذلك أن يحتجز بين 50 راكباً أو أكثر في حافلة متهالكة من 5 – 6 ساعات ليقطع مسافة لا تزيد على ثلاثة كيلومترات في أحسن الأحوال...
الحافلة التي تحتاج عدة ساعات لتقطع ما معدله 500 متر في كل ساعة، تقل مواطنين من كافة الأعمار، أطفالاً، ونساء، وشباباً، وشيوخاً، ومرضى، وأصحاب إعاقات إلى غير ذلك...
تصوروا مثلاً أن أكثر من راكب مصاب بالسكري يحتاج إلى قضاء الحاجة كل نصف ساعة مثلاً، أي يحتاج إلى مغادرة الحافلة ما لا يقل عن 10 مرات... ولكن التعليمات واضحة، لا يسمح لأي راكب بالنزول بصرف النظر عن الحاجة... وتصوروا - يرعاكم الله - ما هي البدائل...
ويوم الأربعاء للمغادرين القضية نفسها... أنت تصل المعبر في ساعات الفجر الأولى فتجد أمامك عدة آلاف من المعتمرين ينتظرون المغادرة...
باختصار المشكلة على معبر الكرامة أصبحت في المعتمرين، ونأمل ألا نفهم خطأ وكأننا ضد العمرة أو ضد الشعائر الدينية، ولكننا قطعاً ضد الانفلات الحاصل، والذي أصبحت فيه العمرة قضية تجارة شنطة، وليست عبادة...
يؤكد أحد المطلعين على المعبر أن نسبة عالية من المعتمرين هم ممن يشدون الرحال إلى السعودية بشكل دوري ليعودوا محملين بمجموعة من الحقائب التي تعج بكافة أنواع البضائع بما فيها المقوّيات الجنسية!.
تكلفة العمرة هي الأقل بالنسبة إلى الفلسطيني، لأن السعودية لا تتقاضى رسوماً على ذلك، ومعدل كلفتها 120 ديناراً للفرد الواحد... أي عبارة عن صافي ربح ثلاثة صناديق سجائر أجنبية إضافة إلى جهاز هاتف خليوي... إذن لماذا لا يذهب كل شهر مرة... ما دامت تكلفة السفر صفرية بل أكثر ربحاً للذكي الذي يستغل الموقف... والنتيجة كارثة تحل بكل المسافرين المغادرين أو القادمين في أيام العمرة...
عجباً لهؤلاء الناس الذين يبحثون عن الأجر والثواب في العمرة فقط، وهل هذا الأجر يقتصر على العمرة أم أن الأولى التبرع لمستشفى أو مدرسة أو فقير أو يتيم فلسطيني!... هل هناك فتوى شرعية تؤكد أن ثواب العمرة أكبر... إذن لماذا كل هذه الفوضى؟...
الشؤون المدنية تتحمل جزءاً من المسؤولية ووزارة الأوقاف، أيضاً، تتحمل جزءاً من هذه المسؤولية... فلماذا لا تطبقان شروط الحج على العمرة وتمنعان أي مواطن من ممارسة هذه الشعيرة الدينية أكثر من مرة كل عام أو حتى عامين. أو أن يمنع المعتمر من اصطحاب أكثر من حقيبة وبوزن لا يزيد على ثلاثين كيلو غراماً.
مسؤول في المعبر يؤكد أن المشكلة تكمن في كمية الحقائب التي يحملها كل معتمر والتي تصل إلى ما معدله 4 حقائب بوزن لا يقل عن 150 كيلو غراماً، إضافة إلى جالون واحد أو أكثر من مياه "زمزم"...
قوافل المعتمرين الأسبوعية مغادرين أو قادمين تزيد على مائة حافلة... والأولوية للعمرة... لماذا للعمرة ومن الذي أقرّ ذلك؟
لا أحد يعرف... ما ذنب المواطن في التاجر تحت مسمّى المعتمر، ولماذا يدفع من وقته وصحته النفسية والجسدية ثمناً لهذه التجارة...
حركة "كرامة" لم نعد نسمع لها صوتاً، وكأن الأمور قد أصبحت على ما يرام.. بل على العكس... معبر الكرامة أسوأ مما كان عليه... وقبل المغادرة أو بعدها يعيش المسافر كابوساً حقيقياً لا يوجد له مثيل في العالم...
المطلوب هو قرار واضح من السلطة لإعادة ترتيب الأوضاع لوقف تجارة العمرة... ولتكن الضرائب على المعبر من الجانب الفلسطيني حقيقية من أجل أن تصبح هذه التجارة دون فائدة... ولتبقى أموالنا في بلدنا.
المسافرون يصرخون بألم... والقهر النفسي والجسدي الذي يعانونه أكبر مما يتوقع أي مسؤول فهل تدخل أصحاب القرار لوقف مسلسل "المسافر"؟!.
ركزوا على ما يجمع ويوحد بدلاً من الطرق على ما يفرق ويباعد
بقلم: حسين حجازي – الايام
إذا تغلبت أخيراً روح الفطنة السياسية الحكيمة والعقل على الأخوين الكبيرين "فتح" و"حماس"، وبدا كما لو أن أملاً جديداً يبعث في الروح الجماعية للشعب، من أننا وقد عدنا من ضلالنا إلى سدة الرشد، وقد بتنا الآن اكثر قرباً من النصر. إلا انه وللأسف فإن التجارب تدلنا على أن الواقع غالباً ما يأبى أن يسلم بهذا الفراغ، حتى تسارع الحماقة في التعبير عن وجهها بقناع جديد.
وهكذا بدعوى الحرص والحماسة الغيورة على إتمام المصالحة التي هي الغاية واللذة الكبرى، فان التشكيك والتنفير المبطن وإذكاء الوساوس يرتدي طابعاً من الرياء والنفاق، الذي يجد تعبيراً عنه بالمزايدة والتطرف كما افتعال شجارات "خطابة تشاجرية" يتم افتعالها، دونما أسباب حقيقية أو مقنعة وإنما لإدامة مناخ فاسد من عدم الثقة بصورة مجانية ومعاكسة للمزاج الإيجابي العام.
وهنا مع كل المحبة والتقدير للأخوة في الجبهة الشعبية سؤال واحد، ما معنى الانسحاب في هذا التوقيت من المجلس المركزي على خلفية الموقف من استمرار التمسك بالمفاوضات؟ وأحيلكم فقط الى ما يعني ان يكون عليه سلامة الفطنة السياسية الحكيمة، من هذا الموضوع ليس على لسان متحدث من "فتح" او "حماس"، التي يجب التنويه هنا أنها تُظهر تعقلاً واضحاً ومسؤولية شجاعة ومناعة صلبة، على لسان المتحدثين باسمها إزاء هذه المزايدات، وإنما على لسان قيادي يساري ورفيق عجوز قديم هو قيس عبد الكريم "أبو ليلى" نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، الذي لاحظ أنها من المرات النادرة التي يقوم بها المجلس المركزي الفلسطيني، بوضع الضوابط لتصويب الأُسس والمرجعيات التي ينبغي أن تقوم عليها هذه المفاوضات، بما يتوافق مع القرارات الدولية للأمم المتحدة والثوابت الفلسطينية، بخلاف المرات السابقة التي ترك فيها تحديد هذه الضوابط. فلماذا الآن ايها الأصدقاء في الجبهة الشعبية اتخاذ هذا الموقف في الوقت الذي يتصلب فيه الرجل أقصد أبو مازن و"فتح" كما المجلس المركزي؟. فهل المقصود هنا واسمحوا لنا بهذه الإحالة الافتراضية وهو المزايدة على "حماس" مثلا، كرسالة مفادها: انظروا، إنكم تهرولون الى المصالحة وتغمضون أعينكم عن هذا الانحراف الذي اسمه المفاوضات.
للأخوة في الجبهة الشعبية كل الاحترام، وكذا للأخوة في "الجهاد الإسلامي" وبعض المتحدثين من هنا وهناك في الشأن الفلسطيني وهم كثر، ولكن يا إخوان في مثل هذه الحالة والظروف وما كدنا نصدق انفسنا أخيراً أننا طوينا هذه الصفحة السوداء، لماذا التركيز على ابراز نقاط الخلاف أو النفخ أو الطرق على النقاط المتبقية من تفاصيل الشقاق، والتي يقال إن الشيطان غالباً ما يتسلح بها ويجمعها لإفساد المصالحة والوحدة، التي هي سلاحنا الأقوى وكل ذلك بدلاً من التركيز على تعظيم النقاط الإيجابية للبناء عليها وتطويرها، والدفع بالروح المعنوية بالطاقة الإيجابية وفق نظريات البرمجة العصبية. وحيث ان "حماس" هنا لم تُعر أُذناً صاغية لكل هذه الأشياء، وقالت وفق قاعدة تنمية النقاط الإيجابية إن خطاب الرئيس أبو مازن يحتوي معظمه على هذه النقاط الإيجابية، التي يمكن البناء عليها وتطويرها. أو ليس هذا هو الموقف الثوري والوطني المسؤول، والذي يريد المضي في إنجاح المصالحة بالتركيز على ما يجمع ويوحد لا على ما يقسم ويحبط وينفر؟
يأتي وقت لنقول فيه كفى لمثل هذه المحاولات التي باتت غير مقبولة لإفساد وعي الناس، حينما يراد القول لنا إننا دائما فاشلون ولا نستطيع ان نتوحد، وان كل مبادراتنا مشكوك بها ومقضي عليها بالفشل، ولاحظوا هنا كيف ان الإعلام الإسرائيلي الموجه ولا تصدقوا انه غير موجه، يقوم من جانبه في إطار الدعاية السوداء، بصب الزيت على بقايا جمر النار في التقارير عن جنازة الأخوين عوض الله في رام الله : أن انظروا الى تهديد "حماس" القادم وكأن "حماس" هذه الجديدة والمكتشفة حديثاً في جنازة الأخوين عوض الله في رام الله، قد هبطت من السماء فجأة ولم تكن أصلاً قوة وازنة في الضفة، وان ثقل قوتها أصلاً ما جعل الانقسام انقساماً أُفقياً في الشارع الفلسطيني، ولو كانت قوة لا يعتد بوزنها لما أدى هذا الخلاف الى حدوث الانقسام أصلا.
إن الذئاب لا تنال وكذا الوحوش المفترسة إلا من أطراف القطيع، الحملان المريضة والمعزولة والضعيفة والمنفصلة او الشاردة. وهكذا فإن "فتح" الكبيرة و"حماس" الكبيرة ومهما ارتكبتا من الأخطاء فإنهما يظلان اكثر استعصاء على الافتراس كما الضلال، وحتى لو ضلا قليلاً او انحرفا عن الصواب فان لديهما في قوتهما ما يعيدهما الى هذا الصواب، الصراط المستقيم.
وهكذا فان "فتح" تظل لا يمكن التلاعب بها او حرفها عن المسار، كما لا يمكن الضحك عليها سواء في ظل قيادة عرفات أو أبو مازن. حيث اليوم "حماس" تتحضر بنفسها لاستقباله في غزة استقبالاً يليق بالرئيس وبالأبطال.
وهكذا تتصرف قوة كبيرة واثقة من نفسها حين تقرر المصالحة وإنهاء الانقسام، فان "حماس" وإسماعيل هنية هو من يؤبن السيدة زينب الوزير في الجامع العمري. وهاتان القوتان "فتح" و"حماس" هما من تحسب إسرائيل حسابهما، لأنهما قوتان على قدر كبير من الانضباطية ويملكان سياسة واضحة.
لكم أيها الإخوان الغيورون على محو هذه الصفحة السوداء التي هي الانقسام، كل الاحترام لأنكم تريدون سد كل الثغرات وتقصير المسافات لئلا نعاود الفشل من جديد، وان هذه النوايا الطيبة لا يجب إغفالها او تجاهلها، ولكن لينين الذي كان يحب ان يردد المثل القائل بان بلاط جهنم معبد بالنوايا الطيبة، اذا لم يُصَر الى امتلاك الوعي المطابق للواقع مع الظروف الملموسة والمعطاة، وتحديد المهمات المباشرة عند اللحظة الحاسمة.
وهذه المهمة اليوم هي الارتقاء بالروح المعنوية للشعب والوعي الوطني الجماعي الى مستوى التحدي الراهن، والمتمثل أولاً باستعادة الوحدة الوطنية وترميم آثار الانقسام وبصورة تامة، واستعادة زمام المبادرة الفلسطينية لمواصلة الهجوم الاستراتيجي الفلسطيني المعاكس الذي بدأ الآن، ومن ثمة إغلاق الثغرات والشقوق التي يمكن ان يتسلل منها العدو لإحباط الروح المعنوية، واستعدادنا لمواصلة القتال. وهذا يعني أن نتفق على كيفية إدارة الحوار الجماهيري على أُسس وقواعد تؤطر مفهوم هذا الحوار، الذي يعني تنظيم إدارة الاختلاف.
وأقول ان هذا الحوار وحتى الاختلاف يجب أن يظل قائما لأنه الضمانة بان تظل الحديقة الفلسطينية مزدانة بالأفكار، والتعددية التي تثري الروح للتخلص من أكسدة الدماغ، العقل الجماعي الذي يجد ثراءه الفكري حتى أحيانا في هذه المجادلات المشار إليها، التي تتيح لنا الفرصة لإقامة هذا السجال، وصولاً إلى تطوير وعينا بكيفية إدارة هذا الاختلاف وإنضاج هذا الوعي بنقاط ضعفنا، والمشكلات التي لا تزال تكتنف داخلنا.
عن المصالحة.... وأسئلة الناس المشروعة
بقلم: صـــادق الشــافـعـي – الايام
الاتفاق الأخير الذي أعلن في غزة، لتحقيق المصالحة أدخل بلا شك الفرح إلى قلوب الناس وأيقظ الأمل فيها.
ورغم القناعة بتوفر درجة أعلى من الجدية والاتفاق بين المتحاورين، فان الناس تخشى من عراقيل أو تداخلات وحسابات تعيق التنفيذ الأمين لما تم الإعلان عنه. والحديث هنا هو عن الخشية الموضوعية التي تسربت في نفوس الناس المؤمنين بالمصالحة من تجاربها مع اتفاقات سابقة أحيطت بقدر مشابه من الترحاب والاحتفالية، وامتلكت جداول زمنية لتطبيقها، ولكنها لم تر النور.
وخشية الناس هذه تعبر عن نفسها بأسئلة:
السؤال الأول، إذا كان الاتفاق بهذه السهولة، فلماذا تأخر الوصول إليه كل هذه السنين؟ ومن المسؤول عن ذلك؟
والسؤال الثاني، ماهو التغير الذي حصل وجعل الوصول الى الاتفاق ممكنا ويسيراً ؟
والسؤال الثالث هل سيرى الاتفاق النور فعلا؟ وكيف سيتم تجاوز وحل عراقيله وصعوباته؟
أما عن السؤال الأول فإن الناس إما أنها ستتجاوزه وتسامح فيه، اذا ما تم تنفيذ الاتفاق فعلاً، وإما أنها ستحاسب من تعتقد أنه كان المسؤول عنه عبر صناديق الاقتراع.
وأما عن السؤال الثاني، فالإجابة تبدأ بإقرار حصول متغيرات أساسية، أهمها:
إن طرفي الخلاف الأساسيين قد وصلا عبر تجربتهما الى القناعة باستحالة تحقيق أي إنجاز وطني بشكل منفرد، وإن الإنجاز يحتاج الى وحدة الفعل وتكامل أشكال النضال ووحدة القيادة والبرنامج والمؤسسات.
ثم هناك، وبشكل خاص، قراءة تقديرية، لتغيير هام حصل لدى حركة حماس.
وقد تمثل في أمرين:
الأمر الأول، تغير في الفكر، والرجاء ألا يكون في التكتيك السياسي فقط، عنوانه الأهم القبول بالعمل والنضال المشترك مع الآخر الوطني.
فحركة حماس في أساس فكرها لا ترى إلا مشروعها ولا ترى الا ذاتها، أو من يلتحق بها، لتحقيق ذلك المشروع، وهو نفس الفكر فوق الوطني الذي تعتنقه حركتها الأُم والذي يضع الشأن الوطني وخصوصياته في مرتبة تالية.
والأمر الثاني، تغير تعاطيها مع المقاومة المسلحة.
وقد تدرج هذا التغيير، من التراجع في زخم المقاومة المسلحة والدخول في أكثر من هدنة، وصولا إلى التوقيع على اتفاق وقف "الأعمال العدائية" مع دولة الاحتلال برعاية حكم الإخوان في مصر وتركيا وقطر، والتزامها، ومحاولة إلزام غيرها به.
هذا التغيير في التعاطي، إن صحت القراءة والتقدير، يحصر المقاومة المسلحة في فعل الدفاع عن النفس وصد اعتداءات العدو، وهو ما يقربها من موقف السلطة في هذا الأمر.
ودون التقليل من دور التفاعلات الداخلية في "حماس"، فانه لا يمكن إغفال دور العامل الخارجي في حصول التغيير الموصوف، والذي يتمثل أساساً في انقلاب الأوضاع في البلدان المحيطة والحليفة، ما افقد "حماس" داعمها الإستراتيجي وحاضنتها، ومصدر تمويلها الأهم.
وهذا ما يدفع البعض إلى التساؤل بتشكك، هل أن إقبال "حماس" على المصالحة بعد طول ممانعة ناتج عن قناعة مبدئية ثابتة ونهائية، بما قد يؤدي إلى فك التصاقها التام بسياسات حركتها الأم وتبعيتها المطلقة لها؟ أم أنه استعمالي وآني تفرضه المتغيرات المحيطة؟
وأما عن السؤال الثالث، فهو الحكم على صدق النوايا ومبدئية القناعات وثبات المواقف، وعلى الجدية في التعاطي مع العراقيل وتخطي الصعوبات وابتكار الحلول المناسبة لها.
وفي تفاصيل هذا السؤال :
فإن العناوين الأكثر أهمية للاتفاق ثلاثة : تشكيل حكومة الكفاءات، وتفعيل منظمة التحرير، وإجراء انتخابات عامة.
وفي الاتفاق بنود هامة أُخرى، لكن يلفت النظر ويثير التساؤل غياب بند الأمن وتوحيد أجهزته، رغم أولويته وأهميته الخاصة.
تشكيل حكومة التوافق الوطني، هي البداية التي تفتح الطريق الى العناوين والبنود الأُخرى.
بيان المجلس المركزي حسم رئاستها لأبو مازن بعد ان تركها الاتفاق معلقة على قراره. وأبو مازن أكد أن الحكومة التي ستشكل تعترف بإسرائيل. و"حماس" تعلن وتؤكد أنها لن تعترف بإسرائيل.
هل سيخلق هذا حالة من الجدل الخلافي القانوني والسياسي، ام سيتم التوصل الى تخريجة صياغية توافقية عملية.
عنوان تفعيل منظمة التحرير، عنوان مفتوح ويحتاج الى إعدادات تتطلب وقتاً أطول، لكن المفتاح لإنجازه يبقى تشكيل مجلس وطني بالانتخاب المباشر لأعضائه، كلهم او أغلبيتهم الكبرى، وهذا الأمر يقع في صلب العنوان الثالث.
عنوان الانتخابات العامة، وهو العنوان الأهم الذي يلحم بقية العناوين ويعطي المحتوى الجماهيري والديموقراطي للاتفاق. بالمختصر والجوهر، فإنه لا مصالحة ولا استعادة فعلية للوحدة الوطنية بدون انتخابات حرة يمارس الناس فيها حقهم الأصيل في اختيار هيئاتهم التشريعية والقيادية وتقرير أمورهم.
في عنوان الانتخابات تبرز أمور تحتاج الى جهد جماعي وإرادة موحدة، وعقول ذات خبرة واختصاص لمعالجتها على قاعدتي الوحدة والديموقراطية :
- أولها ضمان إجراء الانتخابات في القدس. فبدون ذلك لا انتخابات.
وبدون انتخابات، تفقد المصالحة أساسها الجماهيري والديموقراطي، وتعود الى مطبخ التوافق القائم على المحاصصة والمؤثرات الخارجية.
- اختيار أعضاء المجلس الوطني من خارج مناطق السلطة الوطنية بالانتخاب المباشر وما يتطلبه من عمل ومحاولات جادة دؤوبة ومخلصة، لا تستريح الى تقدير مسبق بعدم إمكانية ذلك واللجوء المتسرع إلى مطبخ التوافق.
أما إذا فُرض التوافق، فليكن بعد انتخابات مناطق السلطة الوطنية، ولتكن نسب التوافق هي نفس النسب التي أظهرتها تلك الانتخابات.
- ما قد يفرضه تطور الوضع القانوني الدولي للسلطة من تغييرات في نظامها الأساسي بما يؤثر على الانتخابات التشريعية في مناطق السلطة.
مع التمني أن ينتج عن التغيير اعتماد نظام الانتخابات النسبية الكاملة، بما يحول مناطق السلطة الوطنية إلى دائرة انتخابية واحدة.
- صعوبة تحقيق ما نص عليه الاتفاق بالتعامل معه كرزمة واحدة. والخشية أن يشكل ذلك مدخلا لتأجيل الانتخابات الى مدى مفتوح، بالاتكاء على نص بالاتفاق يقول بإجرائها "بعد ستة اشهر كحد أدنى". وهو أمر إذا حصل قد يفتح الأبواب على حالة من التسويف والتفلت.
وكأن هذا النص وضع احتياطاً مبرراً لهذه الحالة.
الاتفاق كما صدر، هو أقرب ما يكون إلى إعلان نوايا.
والنوايا حتى تتحول إلى حقائق تحتاج إلى قناعة وثبات، والى إصرار على تحقيقها.
عن حكومة الكفاءاتْ، والراعي والتكنوقراطْ
بقلم: آصف قزموز – الايام
استلقى الراعي حنتوش الزِّرْعِيني، وهو ينفث دخان سيجارته المغشوش بالتركي وِالصيني، بَعدِ ارتفاع أسعارْ الخِشِنْ وِالمَجْروشْ وِالمفروم عالسِّكينِه. فنام كعادته نومَة الرعيانْ، من تحته الصَّرارَ والصُّوَّانْ، والحجارة والرُّظفانْ، ومن فوقه لهيب الشمس ناراً بِلا دُخانْ، وحوله الحَب ذو العَصْفِ والرَّيْحانْ. كَشِراعٍ بلا شُطآنْ، وخانٍ مفتوحَهْ على أتانْ، وناطور يُرابِطُ تائهاً بِلا عُنوانْ، ينطُرُ فَضاءً بِلا بُستانْ. ينفُخُ في النّاي ألحاناً عذبَة منظومَهْ، فَتنفخُ الدنيا من حوله رياحاً عاتيةً مسمومَهْ، في بلادٍ أصابَها القَهْرُ والشعوب مَكْلومَهْ. وأخذ يستذكر تلك الليلةَ المشؤومَهْ، حين جاءه الذئب ولم يحضر الناس ليُنقذوا حياتَه المهْدومَهْ. وقطيع الأغنام يتراقص على صوت النايْ، مُمتداً على طول سفح الجبَل وطول الطريق الراَّيِحْ معِ الجايْ، مِش فارقَه مع حَنْتُوش مين اللي عامِلْ قَبَضايْ، البَلَدْ مِثِل طبيخِ النَّوَرْ لِمْخَبِّص بِالمِخْلايْ، وْصَب السكر عالمِلِحْ وِالقهوِة عَ الشايْ، يعني أعظَم مُشْكِلِه عِندُه حِيشاكُمْ عَ الصُرْمايْ.
يتوقف الجيب على خاصرة الطريقْ، وينزل منه رجلٌ مُنَعَّمٌ أنيقْ، بأنفِهِ المِعْوَج مِثِل بَعْبُوزِةْ لِبْريقْ، ونظارته السوداء وحاسوبِهِ وَلا رئيس فَريقْ، بِتْمَخْطَر وْبِعْرُمْ وِبْيِتْهَدْرَس مِثِل طائِرِ البَطريقْ، وْلو كانت إمي موجودِهْ لَقالَتْلُو بِيْليقْ عَ جَلِّيْكْ، وْبَلَّشْ يْغَني بين قاقٍ وَقِيْقْ: لست أنساك وقد أغريتني بِفمٍ عذبِ المناداةِ رقيقْ، ويدٍ تمتد نحوي كَيَدٍ من خلال الموجِ مُدت لِغَريقْ، وبريقٍ يظمأ الساري لهُ أينَ من عينيك ذاكَ البريقْ، وْكُل هذا الحَكي وْهُو بَعْدُهْ بِتْطُوطَحْ بالطَّريقْ.
ثم ينطلِقُ مُسرعاً نحو الراعي، وهو يعلَم أن السُّرعَة بِلا داعِ، خصوصاً لمن أتقَنَ العَزْفَ على النُّوتَه وِالسَّماعي، فيبادره سائلاَ السيد حنتوش الراعي، عن المصالحات وِالمَساعي، وعن السلام بالشامِل وِالقَطاَّعي.
المهم، لما وصل إليه الرجل الأنيق، قال لهُ متحدياً: ما رأيك أيها الراعي أن أعرف لك من نَظْرَة واحِدَة، كم رأساً من الغَنَم معك في هذا القطيع، وإذا حَزَرْت تُعطيني خاروف.
جالَ حنتوش بناظِرَيْهِ على قطيع الغَنَم المنتشر على طول سفح الجبَل وعَرضِهِ، ثم أجابه وهو لا يكاد يَشيلَهُ مِن أرضِهِ، قائلاً: موافق، كم عددها؟
فقال: يوجد في هذا القطيع 167 رأس.
فَدُهِشَ حَنتوشْ من دِقَّة الإجابَة، وقال له : حَلال عليكْ، يا حبيب والديكْ، خذ الخاروف الذي تريد بايِن رِزِقْتَك بين اجْرِيْكْ.
حَمل الرجل أحد الخرفان ( ويا عيني شو في بِبلادنا خِرفان وْجُرذانْ، وأشباه رْجال على أشباه نِسْوان، وْأغبِيا جاهلين وِمْفَتْحين على عِمْيانْ، وْناس حَفايا عَرايا مَكشوفين الراَّس عَ ناسْ لابْسِه مِن بْييرْكاردانْ، إشِي بْراس وْإشِي بَلا راسْ وإشي بْذانْ وْإشِي بَلا ذانْ، العَمْيَة اتْحَفِّف مجنونِه وِالنايِمْ بِيْصَحِّي النَّعْسانْ، وِخْيار عَ فَقوس عَ بِيتِنْجانْ). وقفل عائداً إلى السيارهْ، حاملاً الخاروف بِخِفِّه وْشَطارَهْ، وقبل أن يصل لِبابِ السيارهْ، ناداه حَنتوش قائلاً: هِيْ يا أستاذ من فضلَك شْوَيْ، شو رأيَك أن أعرف لَك مين إنتِ يا خَيْ، وْإذا حَزَرِت بِتْرَجِّع لي الخاروف اللي أخذتُو من قُداَّمْ عِيْنَيْ؟ وصار يغنيلو: خَيْ خَيْ حبيبي ليه آسي ليهْ يا خَيْ، وساعة يْغنيلو: شْوَيِّةْ مَيْ قَلَبُو الحَيْ، عَمَلوها حْكايَهْ قِصَّهْ وِرْوايا، كُل القصَّه وْما فيها شِرِبْتَ انا قَبْلُو وِشِرِبْ ورايا، والهوى هوايا والنسمة اللي تاخدنا تِرجَع شايْلَه الحِكايا، وْلَو خابِت ظُنوني يِصْحَي فْ لِيلِكْ مُنايا، مِشْ بَمْلِك يا أميرَة من أحلامي الكِبيرَة غير ضَحْكي وْبُكايا، ويا حبيبي شو عِمْلُوا فينا عَمايِلْ وْشُو سَوُّوا سَوايا).
فأجابه الرجل المَهْروشْ: موافق يا سيد حنتوشْ، اتفَضَّل إحكي مين أنا.
قال حنتوش: أنت بالتأكيد تِكنوقراطي.
فَبُهِتَ الرّجل وأصابته الدَّهشَة أنهُ قد ضَيَّعَهْ، كيف لهذا الراعي أن يَعرِفَهْ، دون أن يراهُ من قبل أو يَسْمَعَهْ ( يعني لازم يغنيلو وِيْقُولُّو وْلَلِّي مَعَهْ، أفْديهِ إن حَفِظَ الهَوَى أو ضَيَّعَه)، وأردف متَسائلاً: ولكن كيفَ عرَفتني أنني تكنوقراط ؟!!
فأجاب حنتوش وهو يبْتسِم : لأنو الخروف اللي حضرتَك حامْلو مِشْ خاروف، هذا كلْب يا فَهيمْ. ( بالله عليكم قديش في عندنا ناس حامله كْلاب بِيتْفَكِّرها غزلانْ، وقديش في ناس شايْلِه حِثَّانْ وِمْفَكِّرْتُو صِوَّانْ، وقديشْ في ناسْ راكْبِه عَظَهِر غيرها بالزُّورْ وِالهِيْلَمانْ، مع إنْهُم فاسْقين قَليلين دينْ وِبْيِنْعَقُوا مِثْلِ الغِرْبانْ، لا بِعِرْفُوا ألله ولا بِيْصُوموا شعبانْ وَلا رمضانْ، بِدناش مِنهم صَدَقَهْ وَلا إحْسانْ، وْبِدنا انْغَني بِعِلْوِ الصوتْ وِالفَمِ المَلْيانْ، إبْعِد يا شْطانِ ابْعِد يا شْطان ابْعِد يا شْطانْ، وِان جِيْتْ مِ الباب حَنْرُد الباب وِنْعِيشْ بِأَمانْ، وِان جِيت مِ الْحِيطْ حَ انْسِدِّ الحِيط بِحَجَرْ صُوَّانْ. أقُولْكُوا، اتْفو على الزمن اللي خَلَّى الواطِي عالي وِالعالي واطي، وِالبُوم وِالغِرْبان تِعْمَل فيها سُنْباطِي).
لكن بَعود وْبقول، إذا قُدِّر لهذه المحاولَة الجادَّة والصادقة من قبل الرئيس محمود عباس أبو مازن، أن تعبر بحر الظُّلُمات الذي يتهدده ويتوعده، فإننا سنكون أمام تشكيل حكومَة كفاءات " تكنوقراط"، وبالتالي أتمنى أن نجسد في تجربتنا ولدى اختيار أعضائها وطواقمها، الوجه العمَلي الفعلي لهذا المفهوم، وليس التقليدي الشكلي المفرَغ من مضمونِه مقدماً، لحسابات وأجندات السياسة والفصائلية الضيقة. (على فِكرة، يقال أنه عندما ألقي القبض على مسؤول كبير لإحدى المؤسسات الكبرى في دولة عظمى، بتهمة التجسس لحساب دولة أجنبية، أفاد أن المهمة الوحيدة التي كانت مطلوبة منه، هي فقط أن يقوم بوضع الشخص المناسب في المكان غير المناسب داخل مؤسسته).
نعم يا سادتي، يتوجب علينا أن نحترم مفهوم التكنوقراط، الذي يعني تحديداً حُكم النخب المثقفة الأكثر علما وتخصصا في مجال المهام المنوطة بهم، لا سيما التخصص في مجالات الاقتصاد من تجارة وصناعَة، ولا دَخْل لهم غالباً في أمور السياسة والأحزاب.
الرئيس أبو مازن لم يدخر وُسْعاً أو يألُ جهداً، في سبيل إنجاح المصالَحَة، وموضوع تشكيل حكومة الكفاءات مرهونٌ بها، لكننا لا يجوز أن ننسى أن طريق جهنم مزروعَة بالنوايا الحَسَنة، وأصحاب المصالِح الفردية والفئوية الضيقة، هم الذين يمكن لهم فَرْكَشَة المصالحة لحساباتهم وليس غيرهم، كيف لا وهم الذين ظلوا يؤمنون الذرائع للخصم للوقوف بوجه شعبنا ومصالحه وطموحاته. فلا خيرَ بِتكنوقراطي فَذْ إن كان لِصاًّ فاسِداً، ولا خير بعالم دينٍ إن كان أفَّاقاً وفاسقاً حاسِدا.
ثمة حقيقة ينبغي أن لا تغيب من بالنا، وهي أنه إذا كان وجود الرئيس أبو مازن يشكل فرصَة للمنطقة في تحقيق السلام قد تندم على إضاعتها إسرائيل، فإن في وجوده أيضاً فرصَةً بنفس القَدْر من الأهمية وأكثر، لا ينبغي لشعبنا أن يضيعها لتحقيق ما تبقى له من الحُلُمِ المُتاحْ.
فالرئيس متمسك وجاد في المصالحة، ويدرك جيدا الثمن والتبعات والاستحقاقات المطلوبة. والسلطَة بالنسبة له وجدت لتقود وتدير مرحلة انتقالية توصل الشعب الفلسطيني لدولة، وهذا مشفوع بالاتفاقيات الموقعة، رغم أن الإسرائيليين عملوا على افراغ هذه السلطة من مضمونها كسلطة لدولة تسير نحو الاستقلال، لجعلها سلطة في خدمة الاحتلال وتحت الاحتلال.
صحيح ان التوجه لمؤسسات الأمم المتحدة حق مكفول لنا بصفتنا دولة غير عضو في الأمم المتحدة. لكن من حق الرئيس ان يرى الأمور بمنظار الحكمة وعدم الاندفاع مرة واحدة، إذ لابد من الاحتفاظ بباقي أوراق الأمم المتحدة واستمرار التفاوض مع الجانب الإسرائيلي بيد وأوراق العضوية في اليد الأخرى.
صحيح أن المصالحة مع "حماس" أعطت لنتنياهو حجة وذريعة يتباكى من خلالها على السلام وان السلطة تتحالف مع الإرهاب على حد زعمه.
لكن نحن اليوم على منعطف خطير وعلى الجميع أن يدركوا ذلك ويأخدوه بالحسبان، وبالتالي لا بد من اتخاذ خطوات، قد يكون لها ثمن وأعراض جانبية، ليس أقلها أن نحسم امرنا ما إذا كنا سننتخب برلمانا ونقر دستورا لدولة من الداخل والخارج وهو ما سيلغي المجلس الوطني ليحل محله البرلمان، ام مجلسا تشريعيا لسلطة باتت مسلوبة ومستباحة من قبل سلطات الاحتلال.
نعم يجب حسم هذا الأمر، ووضع الجانب الإسرائيلي أمام خيار فلسطيني جدي، يتحمل الاحتلال مسؤولياته الكاملة في رعاية وحماية الشعب الفلسطيني بدلا من إعفاء نفسه من ذلك وإلقاء هذه المسؤولية على السلطة التي ما زالت تجوب الأرض لإقناع المانحين بتأمين الأموال اللازمة لتقديم الخدمات للشعب الفلسطيني الواقع تحت وطأة الاحتلال، وذلك وفقا للقوانين والاتفاقيات الدولية، وهذا ما أكد عليه الرئيس قولاً وعملاً.
في ضوء كل هذا، وإذا قدر للمصالحَة أن تعيش، وللحكومة المُزمعَة أن تتشكل، فإننا مطالبون بالالتزام بمفهوم ومكونات التكنوقراط سالف الذكر، على أن تتوسع مساحاته في حيز التنفيذ، ليشمل شريحة اوسع من شريحة الجامعات، لكي لا نصبح أمام هيئة تدريسية جامعية، أو نقابة هندسية، بدلاً من حكومة تكنوقراطية نقيِّة. قولوا فيَّ ما شئتم فهذهِ الحقيقة التي أرى.
تغريدة الصباح – خواطر الحالم
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ربما نكون وصلنا الآن، الى البؤرة الدرامية في حكاية فلسطين الممتدة فصولاً. أو لعلها محطة فارقة، في تاريخ هذه الحكاية. موضع المفارقة أن الذين أوصلونا الى قبض الريح وأبلغونا بالوصول، هم أنفسهم، الواهمون المتفائلون، موزعو البشائر عرباً وفلسطينيين، ساسة وكُتّابا ومنظّرين. فقد تبدى “السلام” مع الأوغاد، عند هذه النقطة من سرد الحكاية؛ ممتنعاً أكثر من ذي قبل، فيما العجز يُرخي سدوله على النفوس والهمم. تستوفي قصة فلسطين فصلاً ظل مشحوناً بالمعاني ونقيضها، وبأمنيات متواضعة رأيناها كافية للابتهاج. امتد زمن هذا الفصل الروائي على مسافة رُبع القرن الأخير، وسدد كل استحقاقات الوعود لتحويل الكابوس الى حُلمٍ جميل. لكن الكابوس ظل ماكثاً وابتعد الحُلم. كأنما، الآن، يُتاح لوعينا الأول، أن يستعيد ألقَه. فالعدو ما زال عدواً، وهو في جموحه الراهن، وبعد أن طَوّر جيناته اللعينة، يمنحك هو نفسه، كل ما يُعينك على أن تؤسس عداوته، على ركائز عقلية وحدسيّة جديدة، تنتسب هي الأخرى الى معنى الإيمان!
بطيئاً سيكون إيقاع الأيام منذئذٍ، ولن يَعِدَ الفصل الآتي بأي شيء ذي قيمة، ما يجعل التأمل رياضة ذهنية رائجة، تأخذك الى متعة استرجاع أول الحكاية. تستحوذ على حيوية التقابل والتضاد، بين المشاعر والخيارات، فتتجنب الإملال والرتابة، وتصون الرابط بين الحقائق والمآلات، فتكتشف الزيف وسطحية الكذب، وتسترجع باحتقار عبارات أشبه بقرع طبول عشوائي، عن السلم والحرب، يقرعها جاهل افريقي في الأدغال. ليس لك إلا أن تعتمد منزعاً واقعياً، بحيث لا تقع في أوهام السلم أو في رعونة الحرب، وأن توطد براهين وجودك، وقناعاتك، وهويتك، وأمنياتك، ومدركات قضيتك!
لا بد من حيلة دفاعية، لمواجهة حال الانسداد سلماً وقتالاً، ولمجاهدة التردي والشقاء المضني وتضييق الخناق على الناس في سُبل المعيشة، وتضفير الشأن الخاص بالشأن العام، وإيقاعنا في الهوّة بين الواقع والشعار.
لا بد لهذا التداعي من وصول الى الذروة، لتنفجر براكين غضب تنبعث منها أدخنة السُخط. هكذا تتلاطم في النفوس أمواج الحيرة والدهشة. تنهمر الخواطر. تَطرُق الوعي بقوة، موصولة بمخزون من الذاكرة الجريحة. يتدفق الماضي في الروح كشلال: أيها الأحباء الراحلون ما أكثركم، وما أبلغ حكمتكم الأخيرة، بصيغة الجِناس في اللغة. لا خلاص إلا بالخلاص. الأول هو أمنية النجاة، والثاني هو إسقاط أو نفي كل ما هو وهمٌ وعَفنٌ وغرورٌ وكذبٌ واستعلاء للوضيع!
أيتها الروح الفلسطينية الخالدة التي لن تموت. أرينا تجلياتك بالمنطق الثالث، على أن يمتنع المتفائلون الواهمون والمتشائمون السوداويون على السواء. إنك روح فلسطين الخالدة التي يتعلثم محتلوها وينكشف مأزقهم، فيتبدى شأنهم يراوح في مربع التعريف والتوصيف، إذ يطالبوننا، في أشد أوقاتنا بؤساً، باعتراف يتعلق بهوية دولتهم، كأنهم ما زالوا في العقد الأخير من القرن التاسع عشر وبدأوا للتو، محملين بأسطورتهم؛ في مناطحة صخرة وجودنا الأزلي، كأنما وجه واحدهم، وهو يتوسل اعترافنا بلغة الاشتراط؛ أشبه بوجه مُشردٍ آوى الى أرض، أقلقه انعدام الشبه بينها وبين سحنته!
إن كان هذا هو قلقهم بينما هم في أوج قوتهم والعالم في ذروة توحشه، فماذا سيكون شأنهم إن خلعنا رداء العجز، ومعه كل ما أثقل على وجودنا من رزايا الحال؟ ماذا سيكون شأنهم إن استعدنا الروح والفصل الأول من الحكاية، وتهذبَّ العالم؟! ربما، عندئذٍ، ننتزع منهم أضعاف ما وعدوا به في ترهات التسوية، مقابل “تنازل” أدبي جد متواضع، وهو أن نعترف بهم كبشر طبيعيين ربما يتوبون عن آثامهم!
الشعب لا يريد "دفع الثمن"
بقلم: جواد بولس – الحياة
ها هم يعتدون مجدّدًا على جامع في قرية الفريديس الساحلية. اعتداء تلو اعتداء! بدأت أقرأ عن أحدث مشهد من مشاهد العنف الأرعن، وأفكّر في مقالي الذي سأكتب؛ كل الشرور نَمَت، وما زالت تنمو، في مستنقع للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
كلُّ تمادٍ على حقوق الفلسطينيين هناك، مهما كانت تسويغاته، أصبح عالةً على حياتنا نحن العرب الساكنين في إسرائيل. تحت الاحتلال سقطت كل الأقنعة، وتعرّت وجوه القهر والتنكيل.
في فلسطين المحتلة ليس هناك قانون يحمي الفلسطينيين ويذود عن سلامتهم ويضمن استقرارهم. في فلسطين المحتلة داست إسرائيل كل القيم الإنسانية وعربدت هراوات المستوطنين، الحالمين “ببيت إيل” و”شيلات”. لا قانون يردعهم ولا “ديّان” يحاسبهم. أيديهم أطلقت لتبطش، باسم خرافات لم يقدر عليها ولا حتى “خرافة”- ذاك الذي من “جهينة” وحكاياته عن الجن.
للحظة وعندما استذكرت قصة “خرافة” تذكّرتُ كيف ونحن في زيارة لأحد معارض هولندا الجميلة تركنا أولادنا الثلاثة في زاوية، وذهبنا لشراء تذكارات من دكان قريب. بعد دقائق عدنا ولم نجد طفلنا ابن الرابعة مع أخويه. خفنا وبدأنا التفتيش حتى سمعنا نداءً يعلن عن طفل ضائع موجود في مدخل المعرض. ما حدث وقتها كان كالخرافة.
ولكن ما نشاهده في السنوات الأخيرة هو فصل من فصول حلكة ليل فلسطين. قطعانهم تتكاثر وتكبر. هم ليسوا عصابات تعمل خلسة وتستهدف قيادات فلسطينية بارزة كما في بدايات الثمانينيات، وهم ليسوا أفرادًا نشزوا “كالقرّيص” في حقل من نرجس وبرقوق؛ لقد أصبحوا جيشًا كامل النصاب والعدة والعتاد. لقد صاروا قرابة شعب.
عصابات “تدفيع الثمن”، ومن على شاكلتهم من مجموعات أقلّ شهرة، هي فكر وأيديولوجية، يحملها “جيش”، عناصره تكرّ بلا وازع ولا رادع، جيش يؤمن أن فلسطين، كلّها، ساحة وغى، والحرب عليها مفتوحة حتى يسترجع “الشعب” ميراثه الإلهي. إنّهم أحفاد الأنبياء والملوك والقضاة، ونحن، العرب، أغيار؛ كافرون لا نستحق الحياة، وربما يقبلوننا إذا رضينا أن نكون لهم عبيدًا ونحن صاغرون.
من ظن أنهم سيحصرون عربداتهم في فلسطين المحتلة عام 1967، أخطأ وجهل دروس التاريخ، الذي كتبته السماء بحبر من دم ودمع. هم قادمون إلينا. هم بيننا ولا فرق إن جاءونا باسم “تدفيع الثمن” أو باسم “إسرائيل بيتنا”، أو “البيت اليهودي” أو الهاتفين “الموت للعرب”. ما ديس هناك، على هضاب فلسطين سيداس هنا، على الكرمل وفي الساحل والنقب.
في الآونة الأخيرة بدأوا بتكثيف هجماتهم على مرافق مدنية كثيرة في بلداتنا العربية، ولكن كانت اعتداءاتهم على بعض الأماكن الدينية أكثر استجلابًا للاهتمام والمتابعة. كما في الضفة المحتلة، هكذا في داخل إسرائيل، استهدفوا بعض الكنائس والجوامع، فتوالت ردود الفعل “القيادية”، وعلت صرخات الاحتجاج والشجب والاستنكار. من الطبيعي ان تأتي كل ردود الفعل التي سمعناها وقرأناها مؤخرًا، لكنني ما زلت أرى أن اصطياد العرب، في هجمات عديدة بعضها وصف “باللينش”، هو ظاهرة خطيرة استوجبت ردّات فعل حقيقية ومحاولات جدية للتصدي لها ولما قد يصير قانون الشارع وواقعه المعيش.
ألم نقل: إننا على منزلق خطر ولا يجب الانتظار حتى نصل إلى شفير الهاوية.
ما يجري بحقنا مقلق ومخيف.الاكتفاء بشجب الاعتداءات واستنكارها، مقلق، بدوره ولا يكفي؛ إنّه ضريبة شفاه وعزف على ناي مسدود.
عندما كنّا شبابًا عاش بيننا قادة. مع بعضهم توافقنا، وخلفهم سرنا وهتفنا. مع آخرين اختلفنا، ولكننا عرفنا، دومًا، أن لا “قيادة” ولا مناعة دونهم. كانوا، جميعهم، نواطير حقولنا، وإن اختلفوا على قضية هنا ومسألة هناك، عرفوا كيف يحمون، موحّدين، بيوتنا، فنمنا، نحن المواطنين، كما ينام الورد، وحلمنا كما تحلم الريح. بوركنا “بقُـدْوات”، فمن لم يرض “بتوفيق” أحب “أنيسَـهُ” ومن لم يأنس “بإميليه” سامر “الصالح ومحمد”، كانت لدينا قيادة، استشعرت المخاطر وأخذت الحيطة في وجهها؛ قيادة لم تكتف بالشجب والاستنكار ولا بما ستمطره السماء، فهذه “رحومة” على كل عبادها.
قيادة ذلك الزمن، ورثت رقع ثوب فأجادت رتقه وبقايا كوفية فَرَفَتها. اليوم أخالني، أننا نعاني غياب قيادة قادرة على مواجهة ما نحن مقبلون عليه. قيادة تجيد تشخيص المخاطر، وتجيد أكثر تصنيع العقاقير وتطبيب الجسد. مصادر الخطر جليّة، وهنالك حاجة لعدم الاكتفاء بالشجب والاستنكار ولا بترك وتائر الضغط تتفاعل تلقائيًا، بين الجماهير المسحوقة، حتى تحين لحظة الانفجار العفوي. برأيي، هذا ما تسعى اليه تلك القطعان ومن يرعاها من قياديي دولة اسرائيل، وفي كل حالة هذا، إن حصل، لن يسعف الجماهير التي ستدفع مرة أخرى ثمن القمع الإسرائيلي المرتب وثمن القصور العربي المزمن.
الشعب ينتظر القرار الحكيم والعمل في اتجاه منع كارثة قد تقع، ومن أجل ذلك هو بحاجة لقيادة مسؤولة تحافظ على ثوب بدأ يتمزق وكوفية فقدت عقالها.
وقبل أن أنهي سأخبركم كيف انتهت قضية ابننا الضائع. فبعد سماعنا الإعلان توجهنا إلى المدخل، ووجدنا ابننا على ذراع الحارس. بعد الاطمئنان عليه، سألناه كيف ضاع؟
“مشيت في الحديقة لم أجدكم، بدأت أبكي، حتى جاءتني امرأة، وأمسكت بيدي وقالت: لا تبك، يا ولد، والداك سوف يجدانك بعد قليل. أخذتني إلى الحارس ووجدتموني”.
سألنا طفلنا بأي لغة تحدثت تلك المرأة؟ فأجابنا: “بالهولندية، يمكن”. ولكنك لا تتحدَّث الهولندية سألناه مندهشين، فأجابنا: “لكنني فهمت أنها قالت لي لا تبكِ يا ولد،لا تخف والداك بعد قليل سيجدانك”. هكذا يكون الأطفال واثقين بوالديهم، وهكذا يفكّرون حين يضيعون. ولكن ماذا لو تاه الكبار كيف يا ترى يفكرون؟
ترى هل هي خرافة؟
العنصرية الإسرائيلية كهف الشرور!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
نرحب أعظم الترحيب بتقرير وزارة الخارجية الأميركية الذي أفرد مساحة واسعة "للإرهاب" الذي تمارسه جماعات تدفيع الثمن الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، في القدس والضفة وقطاع غزة، أو داخل الخط الأخضر، ووصف هذه الجماعات الإسرائيلية بالإرهاب لم يأت صدفة ولا جزافاً، بل جاء نتيجة متابعة دقيقة لكل جريمة ارتكبها هؤلاء الطالعون من كهوف الخرافة والعنصرية السوداء، والعدوانية المعربدة، وأن يجيء وصفهم بصفة الإرهاب من الخارجية الأميركية التي تلعب على مدى ستة وستين عاماً من عمر دولة إسرائيل دور المحامي الكامل عن إسرائيل، وتحمل المسؤولية للحكومة الإسرائيلية بأنها لا تقوم بدورها في مواجهة هؤلاء، فهذا أمر له معناه، وأنا أتوجه بالتحية لكل الهيئات الفلسطينية التي تقوم بتوثيق هذه الجرائم والممارسات الإرهابية، لأنني متأكد أن عمليات التوثيق هذه ستكون هي الأساس في محاكمة هؤلاء العنصريين الإرهابيين أمام هيئات القضاء الدولي.
في توقيت هذا التقرير: ماذا فعل نتنياهو، وماذا فعل وزراء نتنياهو؟
نتنياهو الذي هو الرئيس الفعلي لجماعات تدفيع الثمن الإسرائيلية، ذهب إلى الكنيست لإصدار قرار لتكريس إسرائيل كدولة يهودية، أما نفتالي بينيت من البيت اليهودي ومن على شاكلته فهم يرون أن أيدي الجنود مقيدة في قتل الفلسطينيين ولا بد من أن تطلق أيديهم بلا حدود.
هذه هي دولة إسرائيل، كل دعاياتها عن الديمقراطية والأخلاق والحضارة تسقط دفعة واحدة، تنهار، تنكشف، لأن العنصرية الإسرائيلية مثل السرطان الذي يتغلل في كل مكونات الدولة، في نخبها السياسية، ومجموعاتها الحزبية، وقطعانها الاستيطانية، وقوانينها وهيئات سجونها ومحاكمها العنصرية السوداء التي اشتكى منها اليهود مئات من السنين، يطبقونها بصورة أبشع ضد الشعب الفلسطيني، فينكرون حقوقه، بل ينكرون وجوده، ويجعلون حياته جحيماً لايطاق في تفاصيل الحياة اليومية.
في حالة الهوس والجنون التي تتجلى فيها العنصرية الصهيونية تسقط الرواية الإسرائيلية شيئاً فشيئاً، يحاط العالم علماً بأن إسرائيل نقيض بالكامل لصورتها السياحية، وأن إسرائيل في ظل نخبها السياسية الحاكمة كارهة للسلام، عاجزة عن صنع السلام، تخاف أن يكشف السلام حقيقتها فتتحطم.
وبما أننا في ذروة الاشتباك السياسي مع إسرائيل في هذه المرحلة، وعقل العالم مفتوح لرؤية الحقيقة حتى ولو بشكل بطيء وجزئي، فإن إسرائيل توغل في العنصرية والعدوان، وتضخم قوائم العقوبات التي تهدد بها الشعب الفلسطيني في أرضه، إسرائيل تقلب الطاولة رأساً على عقب، تغير قواعد اللعبة بالكامل، تستنفر طاقتها الإجرامية والإرهابية، هل هناك وزير إسرائيلي لم يقف على رأس مجموعة من المهووسين الذين يجتاحون الأقصى؟ هل هناك وزير إسرائيلي لم يشارك في تهديد الرئيس أبو مازن؟ هل هناك حزب إسرائيلي في هذا الائتلاف القائم لم يدل بدلوه في كيفية معاقبة الفلسطينيين وتسويد عيشتهم؟.
وهكذا فإن الاشتباك السياسي بيننا وبين إسرائيل قد يصل إلى مساحات أخطر وأصعب، خاصة إذا حمينا أنفسنا من التدخلات السلبية التي تطل برأسها لإفساد أجواء المصالحة.
هذا الاشتباك السياسي قد يتطور بسرعة إلى ما هو أسوأ، وفي حين أننا كشعب فلسطيني لدينا خبرة واسعة وتجارب عميقة وأهلية عالية المستوى في امتصاص كل أشكال التصعيد الإسرائيلي، فنحن شعب القضية والكفاح والصبر والإبداع النضالي، ولكن دعوتنا إلى أشقائنا العرب، إلى النظام الإقليمي العربي أن يكون أكثر انتباهاً واحتشاداً، لأن القضية الفلسطينية في هذه الأثناء تعود من جديد لتكون أرضية صالحة لأفق عربي جديد، لنهوض عربي جديد، لالتزام عربي قوي، فالمعركة عربياً واحدة وإن تعددت تجاربها، والقضية الفلسطينية تصلح أن تكون هي البوصلة الرئيسية التي تهدينا إلى الاتجاه الصحيح، وأن الاستثمار العربي في القضية الفلسطينية هو الذي يعود بالمردود الحقيقي على طريق عودة الحضور العربي في مصير هذه المنطقة والعالم، أما العنصرية الإسرائيلية فهي الكهف الذي تنطلق منه كل الشرور، وقد بدأت تتكشف باتجاه السقوط.
صحفيو فلسطين ... فجر مجدٍ يتسامى
بقلم: غسان مصطفى الشامي - PNN
الصحافة الفلسطينية صحافة مقاومة وتحرير، وصحفنا الفلسطينية هي من أعرق وأقدم الصحف العربية في الظهور مع بدايات القرن العشرين، حيث واكبت الصحافة نضالات شعبنا الفلسطيني التحرري ضد الاحتلال البريطاني، كما واكبت صحافتنا الغراء الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م، وواكبت نكبة فلسطين عام 1948م، وتأثرت بها كثيرا، حيث تم إغلاق الصحف وملاحقة الصحفيين بعد نكبة فلسطين، كما عانت الصحافة الفلسطينية والصحفيون بعد حرب يونيو حزيران 1967م من الكثير من الآلام والتهديدات والمعيقات والقتل والملاحقة والمنع واغلاق الصحف وابعاد الصحفيين ، وذلك لدور الصحافة الفلسطينية البارز ورسالتها السامية في فضح جرائم الاحتلال في سرق أرض فلسطين وقتل شعبها، حيث كانت الصحافة بمثابة السيف المسلط على العدو الصهيوني والمزعج له دوما .
لقد حقق صحفيو فلسطين الأبرار نجاحات وانجازات كبيرة في نقل صورة وكلمة النضال الفلسطيني، وإبراز معاني التحدي والصمود لشعب فلسطين في وجه الاحتلال، ويحسب الاحتلال ( الإسرائيلي) للصحفي الفلسطيني ألف حساب، وذلك لأنه يحمل سلاحا قويا في مقارعة العدو، كيف لا والصحافة غيرت العالم العربي حديثا وأجبرت عدد من الحكام العرب على الهروب، والنزول عن الكرسي، لذلك قامت الأنظمة بقمع الصحافة واغلاق وسائل الاعلام وقتل الصحفيين واعتقالهم .
إن الصحفيين الفلسطينيين تمتعوا دوما بروح وطنية كبيرة وحس ثوري خلال عملهم في نقل وإبراز معاناة وآمال وطموحات شعبنا نحو الحرية والاستقلال، واستطاعوا تحريك أحرار العالم بنقلهم صور العدوان ( الإسرائيلي) على أبناء شعبنا الفلسطيني، فقد حمل الصحفيين الأبطال أرواحهم علي أكفهم وبذلوا الغالي والنفيس من أجل الوقوف بجانب المظلومين في القطاع ونقل الحقيقة للعالم أجمع.
لقد قدمت فلسطين العشرات من الصحفيين الشهداء والجرحى والمئات من الصحفيين تعرضوا للاعتقال، فضلا عن الكثير الكثير ممن تعرضوا للتهديد والملاحقة والضرب، حيث مارست سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) العنف والتهديد بحق الصحفيين الفلسطينيين، وقد وصل عدد شهداء الحركة الاعلامية الفلسطينية منذ نهاية عام 2000م إلى 26 شهيدا، كما عمل الصحفيون الفلسطينيون في ظروف غاية في الصعوبة خلال الحربين الصهيونيتين الأخيرتين على غزة، وقدم الجسم الصحفي خلال هاتين الحربين عشرة شهداء وعشرات الجرحى، حيث كانت طائرات الاحتلال تستهدف في كل حرب على غزة مقرات الفضائيات، والصحف والإذاعات، فقد استهدفت الطائرات (الإسرائيلية) في الحرب الأخيرة على غزة مكتب قناة القدس الفضائية، مما أدى الى تدمير المكتب بالكامل واصابة عدد من الزملاء وبتر ساق الزميل الصحفي خضر الزهار، ورغم القصف واصلت القناة عملها من بين الركام والدمار وتحت الرصاص والصواريخ الصهيونية ..
وفي كل عدوان صهيوني على غزة وغيرها من المدن الفلسطينية يكون استهداف وسائل الاعلام الفلسطينية على رأس بنك الأهداف الصهيونية خلال العدوان، وإن هذا الاستهداف لن يثني وسائل الاعلام عن مواصلة دورها الجهادي، ومهمتها ورسالتها السامية في إظهار الحقيقة ونقل جرائم الحرب الصهيونية للعالم ومواصلة مشوار الاعلام الجهادي ..
لقد استهدفت قوات الاحتلال الصهيوني خلال العدوانيين الأخيرين على القطاع وسائل الاعلام ، وذلك لدورها الكبير في تغطية العدوان وإبراز وحشية وجرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، و لوقف هذا الصوت الاعلامي وقتل الحقيقة خاصة أن العدو لا يرغب بنقل صور الجرائم الوحشية إلى العالم .
أن دماء الشهداء الصحفيين والجرحى رسخت لنمط آخر من الإعلام الحر والناقل للآلام والمعاناة والحقيقة والمعبر عن طموح وآمال شعبنا الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمته القدس، لقد أثبت الاعلاميون الفلسطينيون الأماجد دورهم الريادي والجهادي البارز في الدفاع عن فلسطين والذي لا يقل أهمية عن دور المقاوم في الميدان، ولا عن السياسي في موقع القرار، وقد فرضت الصحافة مسؤوليات جسام على الصحفيين الفلسطينيين .
لقد ضرب الزملاء الصحفيين الأوفياء أروع الأمثلة في الدفاع عن شعبنا الفلسطيني من خلال الكلمة الصادقة والصورة التي تفضح الاحتلال وتعريه، الأمر الذي دفع قوات الاحتلال لتعمد استهدافهم بصورة مباشرة في محاولة بائسة لطمس الإعلام الصادق وإسكات صوت الصحفيين من خلال ترويعهم وترهيبهم.
وفي هذا المقال أوجه كل التحية والتقدير إلي فرسان الكلمة والصورة الذين استشهدوا ورحلوا خلال السنوات الخمس الماضية وهم الشهداء " فضل شناعة، محمد حرز الله، بلال ديبة، باسل فرج، إيهاب الوحيدي، عمر السيلاوي، حمزة شاهين، علاء مرتجى، محمد بلبل، محمد أبو عيشة، حسام سلامة، محمود الكومي."
في اليوم العالمي لحرية الصحافة أتوجه بالتحية الكبيرة والتقدير والوفاء لفرسان الكلمة والحقيقة الصحفيين الأسرى في سجون الاحتلال (الإسرائيلي)، حيث شهد العام الماضي تكثيفاً في عمليات اعتقال الصحفيين وملاحقتهم في الضفة المحتلة، و طالت الاعتقالات أكثر من عشرة من الصحفيين؛ إلى جانب اعتقال عدد آخر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث رفع عدد أسرى الحركة الصحفية الفلسطينية إلى قرابة 14 صحفياً، غالبيتهم معتقلون وفق قانون الاعتقال الإداري المخالف لكل المواثيق الدولية.
كما أتوجه بالتحية والشكر للزملاء الصحفيين الذين حصدوا خلال هذا العام عددا من الجوائز العالمية ونقشوا أسماءهم في الصدارة ورفعوا علم فلسطين عاليا .. كل التحية لجهودهم المباركة ودورهم الأصيل في خدمة الثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة أوجه التحية والتقدير لجميع الزملاء الصحفيين أصحاب الرسالة السامية وأصحاب القلم الحر، وتبقى أمنيتنا جميعا وجود نقابة فلسطينية فاعلة وقوية توحد الجسم الصحفي الفلسطيني وتعبر عن طموحات وآمال وتطلعات الصحفي الفلسطيني نحو الارتقاء والتطوير والنهضة بالجسم الصحفي الفلسطيني والانطلاق به إلى الأمام .
كل التحية للزملاء الصحفيين فرسان الحقيقة والكلمة والصورة