1 مرفق
اقلام واراء محلي 17/05/2014
في هذا الملـــــف:
مهاترات نتنياهو!!
بقلم: حديث القدس – القدس
حول السلام والحقوق الفلسطينية
بقلم: فيصل أبو خضرا – القدس
بقاء السلطة الفلسطينية - مصلحة فلسطينية عليا
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
الثابت والمتغير في سياسات ثلاثة رؤساء مصريين تجاه فلسطين
بقلم: محمد ياغي – الايام
إنهاء الانقسام: حقيقة وواقع
بقلم: سميح شبيب – الايام
عندما يصبح أولمرت خائنًا
بقلم: جواد بولس – الحياة
سقوط النص الصهيوني وصعود النص الفلسطيني!
بلم: يحيى رباح – الحياة
عريقات: "لن تستطيع إسرائيل محو النكبة من التاريخ
بقلم: الدكتور صائب عريقات – معا
القرضاوي وتجيير الدين
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
مهاترات نتنياهو!!
بقلم: حديث القدس – القدس
مرة أخرى عاد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو امس الى نفس اسطوانته المشروخة مطالبة الفلسطينيين بالاختيار بين وحدتهم الوطنية وتطبيق اتفاق المصالحة وبين «السلام» مع اسرائيل معطيا لنفسه الحق بالتدخل الفظ في شؤون الشعب الفلسطيني من جهة ومفضلا الرأي العام وكأن المصالحة الوطنية هي السبب وراء تعثر المفاوضات ووصول عملية السلام الى طريق مسدود، متجاهلا ممارسات ومواقف حكومته المتطرفة التي سدت الطريق امام تقدم عملية السلام قبل اتفاق تطبيق اتفاق المصالحة.
إن ما يجب ان يقال هنا اولا ان ليس من حق نتنياهو ولا أي طرف خارجي التدخل في الشأن الوطني الفلسطيني، وإن تشبث نتنياهو الان باتفاق المصالحة انما يشكل محاولة جديدة لتستر عورة تطرف حكومته وتهربها من استحقاقات عملية السلام. ويجب على حكومة اسرائيل ورئيس وزرائها ان يدركا ان الرأي العام العالمي بات يفهم تماما حقيقة الاحتلال الاسرائيلي وبشاعة سياسة الاحتلال بما في ذلك الانتهاكات الفظة للشرعية الدولية ولحقوق الانسان ومصادرة حق شعب باكملة في تقرير المصير وفرض التوسع الاستيطاني ومصادرات الاراضي والمداهمات والاعتقالات والحصار على الشعب الفلسطيني الذي يناضل من اجل حريته واستقلاله.
وللتذكير فان نتنياهو نفسه استخدم ذريعة الانقسام سابقا لتبرير تهربه من عملية السلام متهما الفلسطينيين بالتحدث بصوتين واليوم وبعد ان وصل الفلسطينيون الى إنهاء الانقسام واعتزموا تشكيل حكومة جديدة تحترم الالتزامات الدولية والاتفاقيات الموقعة يأتي نتنياهو ليناقض نفسه ويقول ان المصالحة هي سبب تعثر عملية السلام في مهاترات غريبة عجيبة لا تنسطلي على أحد.
والاخطر في مثل هذه المهاترات ذلك التخبط السياسي الاسرائيلي وذلك التصعيد غير المسبوق الذي تمارسه حكومة نتنياهو المتطرفة ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه ولعل سقوط شابين امس الاول برصاص القوات الاسرائيلية خلال فعاليات احياء ذكرى النكبة واصابة آخرين انما يشكل مؤشرا واضحا على نوايا هذه الحكومة المتشددة التي اطلقت العنان ليس فقط لجيشها وانما ايضا لعصابات المستوطنين التي ترتكب يوميا اعتداءات سافرة ضد الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين وضد اماكنهم المقدسة ورموزهم الرئيسية.
ولهذا نقول ان وحدتنا الوطنية وتطبيق اتفاق المصالحة انما يشكل الرد الانسب على هذه الغطرسة الاسرائيلية وعلى هذا العدوان السافر على شعبنا وحقوقه. ولن يردع شعبنا وكل قواه الوطنية مثل هذه المهاترات التي يطلقها نتنياه، فالسلام الذي يتحدث عنه هو التنازل عن الحقوق الفلسطينية والسكوت عن انتهاكات الاحتلال وجرائم مستوطنيه، اما السلام الحقيقي الذي تؤيده الغالبية الساحقة من دول العالم وشعوبه فهو السلام الذي يقوم على انهاء الاحتلال الاسرائيلي غير المشروع للاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وفي مقدمتها القدس العربية والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني وعاصمتها القدس وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة بموب القرارات الدولية.
حكومة نتنياهو التي تكتب بتعداتها باطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى واتخذت قرارا بوقف الاتصالات مع الجانب الفلسطيني وتمارس هذا الكم من الانتهاكات والعدوان هي التي يجب ان تختار بين طريق السلام الحقيقي العادل والدائم وبين استمرار الاحتلال البشع والانتهاكات الفظة للقانون الدولي والعزلة على الساحة الدولية والدفع باتجاه التصعيد والانفجار. ولكن يجب على نتنياهو ان يدرك ان شعبنا وفي كل الاحوال سيبقى متمسكا بحقوقه المشروعة وسيواصل مسيرته نحو انهاء الاحتلال ويمثل حريته واستقلاله ويعرف طريقه تماما بعيدا عن مهاترات نتنياهو وخياراته السقيمة.
حول السلام والحقوق الفلسطينية
بقلم: فيصل أبو خضرا – القدس
بعد فشل كيري بحلم تحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين ،اصحاب الارض الحقيقيين حسب ما ورد والتاريخ القديم والجغرافيا في التاريخ الحديث، وهذا عكس تماماً ما صرح به نتنياهو امام اكبر لوبي يهودي صهيوني في العالم ( ايباك) عندما قال ان تاريخ اليهود في فلسطين يعود الى 4000سنة ونسي او تناسى ما تقوله التوراة حسب رؤية حزقايل والتي جاء فيها بالحرف الواحد بأن هذه الارض (معدنك كنعاني ،أباك اموري وأمك حثية )وهي قبائل عربية مائة بالمائة، بعد هذا الفشل لا اريد هنا ان اقول اكثر مما قاله أنبياؤهم لكن فقط اريد ان انوه بان التاريخ ثابت فيه بأنه وبعد ان تاه الشعب اليهودي في سينا أربعين عاماً اكتشفوا فلسطين والتي كانت تسكنها القبائل العربية، اي ان فلسطين لم تكن خالية من السكان.
والان بما ان الشعب اليهودي مقيم في ارضنا منذ مئات السنين، فأهلا بهم ولكن ليس كمحتلين ولكن كشعبين شاء القدر ان يتعايشا مع بعضهما البعض وكل شعب منهما يحترم دين الاخر.
ان المطلب الفلسطيني بسيط وكريم جداً مع هذا الشعب الذي هجرنا واستولى على اراضينا وارزاقنا بغفلة من ظلم لم يراع اي قيم أخلاقية او انسانية، وهذا المطلب هو دولة فلسطينية على حدود 1967 م والقدس الشرقية عاصمة لها، وعودة اللاجئين الى بيوتهم التي استولت عليها اسرائيل بالقوة ومن ثم اخترعت قانون الغائبين، ونحن ومنذ عام النكبة موجودين بالقرب من أرزاقنا.
وأخيرا وليس اخرا اطلاق سراح جميع المعتقلين من السجون الاسرائيلية، وخصوصا انهم تابعين لفصائل فلسطينية معترف بها من حكومة اسرائيل.
ان القرار التاريخي الذي صدر عن مجلس الامن سنة 1967م ويحمل الرقم 242 يقول الاتي: ان انسحاب القوات الاسرائيلية من اراض احتلت في النزاع الاخير (هكذا بالنص الانكليزي الاصلي بالقرار) وهذا البند الذي تتمسك به اسرائيل يعطيها الحق بقضم اي نسبة تريدها من الاراضي التي احتلتها سنة 1967م.
اما بالنسبة الى اللاجئين فيقول القرار تحقيق تسوية عادلة لهم- وليس عودتهم كما في القرار 194-.
فكلمة اراض هي المشكلة الحقيقية التي يعاني منها المفاوض الفلسطيني. هذه الكلمة التي تقول اراض وليس الاراضي حسب النص الفرنسي ثم حلها بما تم من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل حيث ان الاخيرة انسحبت من كل ملمتر من الارض المحتلة بما فيها طابا. لذلك لا يوجد اي سبب لتعنت اسرائيل بالاحتفاظ بأي ارض مهما كانت مساحتها قبل سنة 1967م.
وفي سنة 1991م وفي مؤتمر مدريد للسلام برعاية امريكا كان رئيس الوفد الاسرائيلي اسحق شامير قائد منظمة «شتيرن» الإرهابية التي اشتركت في مجزرة دير ياسين في 9-4-1948 (ذكرى النكبة) ، وحينها قال بالحرف الواحد باننا نقبل المفاوضات لاجل المفاوضات ، وهذا ما ينفذه الان نتنياهو والذي كان عضوا بالوفد الاسرائيلي انذاك . وفي احدى المقابلات الصحفية قال شامير وبعد خروجه من قصر الاليزيه في زمن الرئيس متران ان حدود اسرائيل هي النقطة التي يجلس فيها اخر جندي اسرائيلي. وهذا أيضاً ما يريد ان ينفذه نتنياهو.
علينا ان نتذكر التاريخ ونحن نتذكر النكبة كي نعرف ما هو الهدف الصهيوني تجاه قضيتنا التي كذب علينا الأوروبيون في معاهدة سايس بيكو بشأنها، اي بريطانيا بالاشتراك مع فرنسا وسلموا فلسطين الى عصابات نكلت بالشعب الفلسطيني بدون رحمة.
الان نشكر فرنسا على صحوتها المتأخرة ومازلنا نعتب على بريطانيا والتي لم يصح ضميرها حتى يومنا هذا.
اما بالنسبة لعودة اللاجئين بما صدر عن مجلس الامن يعتبر تراجعاً عن القرار الاممي 194لسنة 1949 حيث ان القرار رقم 194 ينص صراحة على العودة والتعويض لذلك نرى اسرائيل تحاول اللعب على هذه التناقضات وخصوصا ان القرار 242 ملزم اما القرار 194 غير ملزم.
لذلك على السلطة واجب وطني بان تتمسك بعدم التنازل عن حقوقنا الثابتة غير القابلة للتصرف والتي لا يملك احد ولا تملك اي قوة عظمى في العالم حق التصرف بها.
وهذا يعيدنا الى اعلان بلفور غير الاخلاقي ، والوعد الذي قدمته بريطانيا التي لا تملك سنتمتراً واحداً من ارض فلسطين اما الاكتفاء بالتعويض على من يريد العودة فهو يدخل في خانة النصب من اي جهة كانت، ونحن نشكر الرئيس على تصريحه في كل المناسبات بان حق العودة ثابت ومضمون.
اما موقف امريكا فهو قمة التناقضات مع الشعارات والمبادىء التي تؤمن بها والتي تذكر في دستورها وهو حقوق الانسان وحق تقرير المصير، فهي تريد تطبيق ذلك في كل دول العالم ماعدا الدولة الوحيدة العنصرية التي بقيت وهي اسرائيل.
وكم كان معيبا على امريكا ان ترفض الاعتراف بفلسطين كعضو في الجمعية العامة، وكم هو مخزي بان تكون بين عدد قليل جداً من الدول حيث انها كانت بين دول لا يتجاوز عدد سكان احداها خمسين الف نسمة في المحيط الهادي و اسرائيل وكندا.
واليوم تبين بان اسرائيل ليست بوارد اي سلام قائم على القرارات الدولية ، ولكن سلام مذل للشعب الفلسطيني.
اما الدول الاوروبية وامريكا فليس لديها العزم الحقيقي لمجابهة التعنت الاسرائيلي المفضوح، وتحاول رشوتنا ببعض الدولارات، لذلك ليس لنا الا التمسك في وحدتنا الوطنية ورسم خطة استراتيجية داخلياً وخارجياً لمجابهة عنجهية المحتل، والاعتماد على الدول التي تؤمن بعدالة قضيتنا.
بقاء السلطة الفلسطينية - مصلحة فلسطينية عليا
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
في المقابلة التي أجرتها قناة "عودة" بمناسبة انطلاقها قال الرئيس محمود عباس إنه لن يحل السلطة الفلسطينية لكن إذا أرادت اسرائيل أن تسقطها فأهلا وسهلا فلتسقطها ولتستلم هي إدارة السلطة، والواقع أن هذا التصريح يضع حدا نهائيا للإشاعات والأقاويل التي ترددت مؤخراً عقب أزمة وقف المفاوضات وفشل مهمة كيري جراء رفض إسرائيل تنفيذ ما التزمت به من إطلاق سراح الدفعة الأخيرة من الأسرى حيث راجت تصريحات وإشاعات صادرة عن قيادات فلسطينية حول حل السلطة ودعوة إسرائيل لتحمل مسؤولية إدارة الأوضاع في الضفة الغربية.
والذي لا شك فيه أن إقامة السلطة الفلسطينية كان أحد أهم إنجازات اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني مع الحكومة الإسرائيلية عام 1993 لأنه لأول مرة منذ العام 1948 تقام سلطة وطنية فلسطينية باعتبارها أول كيان حقيقي سياسي فلسطيني يقوم على الأرض الفلسطينية ويحظى بتأييد غالبية الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات حيث يمارس الشعب الفلسطيني حقوقه السياسية في أجواء من الديمقراطية والنزاهة والحرية والشفافية، وتمثل ذلك في الإنتخابات في عام 2010 لولا الخلافات الداخلية الفلسطينية التي حصلت في غزة عام 2007 والتي أدت إلى الإنقسام المشؤوم والذي يأمل الآن الشعب الفلسطيني وضع حد نهائي له بعد اتفاق المصالحة الأخير والذي نرجو أن يجد طريقه الى التنفيذ.
كما أن السلطة الفلسطينية هي نواة حقيقية لإقامة دولة فلسطينية متكاملة الأركان كاملة السيادة في الأراضي الفلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967، وقد استطاعت القيادة الفلسطينية وضع أسس ثابتة وراسخة لتلك الدولة المنتظرة من خلال الخطة الطموحة التي وضعها ونفذها رئيس الوزراء السابق الدكتور سلام فياض وذلك برعاية وتأييد مباشر من الرئيس محمود عباس، وقد أشارت منظمات وشخصيات دولية بنجاح تلك الخطة وأكدت أن الفلسطينيين يستطيعون إدارة دولة عصرية بكل نجاح واقتدار.
ويعمل في السلطة الفلسطينية الآن أكثر من مئة ألف موظف مدني يحصلون على أكثر من أربعين في المئة من ميزانية السلطة ويعيلون عشرات آلاف الأسر. وإذا حلت السلطة فماذا سيكون مصير هؤلاء ومصير أسرهم أيضا؟ هذا عدا عن منتسبي الأجهزة الأمنية حيث يحصلون على حوالي أربعة وعشرين في المئة من ميزانية السلطة ناهيك عن التزامات السلطة المالية تجاه الإخوة الفلسطينيين المقيمين في الخارج في الشتات خاصة المقيمين في المخيمات في سورية ولبنان والأردن، كما أن السلطة تحول حوالي سبعة في المئة من ميزانيتها إلى الخارج وذلك في صورة رواتب لكوادر السفارات والصندوق القومي والساحات الخارجية وقوات منظمة التحرير ومؤسساتها، وأما الأسرى فيحصلون على حوالي اثنان ونصف بالمائة من فاتورة الرواتب.
وكل هذا العبء المالي على السلطة الفلسطينية لا يشمل ما تقدمه من خدمات أساسية في مجالات التعليم والصحة ودعم الأسرة الفقيرة والإنفاق على شق الطرق وتحسين البنية التحتية وصيانة المرافق العامة وما تقدمه من دعم للمحروقات وغيرها. وهكذا يتضح جليا أن حل السلطة الفلسطينية ستكون له نتائج كارثية على ملايين الفلسطينيين في الضفة والقطاع والقدس الشرقية وفي الشتات الذين يعتمدون بصورة شبه كاملة على ما تقدمه لهم السلطة في كافة المجالات الحياتية.
من هنا يتبين أن بقاء السلطة الفلسطينية مصلحة فلسطينية عليا وأن حلّها سيكون كارثيا ليس على الشعب الفلسطيني فقط بل على اسرائيل ذاتها وعلى بقية دول المنطقة والعالم أجمع. فهل تستطيع إسرائيل تحمل مسؤولية إعاشة ملايين الفلسطينيين في الضفة والقطاع والقدس الشرقية الذين يعملون لدى السلطة الفلسطينية ويتلقون رواتب شهرية ثابتة؟ هذا عدا عن تحملها مسؤوليات التعليم والصحة والأشغال العامة، ومن هنا كان تراجع الحكومة الإسرائيلية عن قرارها حجز أموال الضرائب العائدة للسلطة الفلسطينية الذي كان من شأنه أن يضع السلطة في أزمة مالية خانقة وقد يؤدي إلى انهيارها وعجزها عن تحمل مسؤولياتها الضخمة تجاه أبناء شعبها.
وفي ذات السياق فإن حل السلطة الفلسطينية سيؤدي إلى انهيار الأمن وشيوع الفوضى وعودة حكم المليشيات والإنفلات الأمني وتعطل القضاء وعدم تنفيذ أحكامه وشيوع الجرائم بكافة صورها وأشكالها والذي نجحت السلطة الفلسطينية في منعه ووقفه ووضع حد نهائي له عقب تولي الرئيس عباس قيادة السلطة حيث استطاع بكل نجاح القضاء على الفوضى والإنفلات الأمني وحكم المليشيات وأعاد الأمن والأمان إلى الشارع الفلسطيني، كما أعاد إلى القضاء هيبته وأصبحت أحكامه تنفذ بصورة كاملة ما أدى إلى أن الأراضي الفلسطينية أصبحت من أكثر المناطق أمناً في العالم.
وهذا الأمن والأمان الذي رسخته القيادة الفلسطينية هو الذي أدى الى النشاط الإقتصادي العريض في الأراضي الفلسطينية وإلى افتتاح العديد من البنوك المحلية والعربية والمؤسسات المالية وإقامة الكثير الكثير من المصانع التي تستوعب الآلاف من الأيدي العاملة وإذا ما حلت السلطة الفلسطينية فماذا سيكون مصير تلك البنوك والمؤسسات والمصانع؟ وماذا سيكون مآل الآلاف من الموظفين العاملين فيها؟
ومن أجل بقاء السلطة الفلسطينية واستمرارها في تحمل مسؤولياتها تجاه ملايين الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات ومعرفة أهمية الدور الكبير الذي تقوم به تأتي المساعدات المالية للسلطة من الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي ومن دول عربية عديدة لأن هذه الدول تعلم أن البديل عن السلطة هو الفوضى وانتشار العنف والإنفلات الأمني، وهذا آخر ما تريده تلك الدول في هذه المنطقة الحساسة من العالم خاصة في ظل الأوضاع الخطيرة التي تشهدها الدول العربية من عدم الإستقرار وانتشار الإرهاب والحروب الأهلية في العديد منها الأمر الذي يهدد السلام العالمي.
إن السلطة الفلسطينية واحة للإستقرار والأمان وهي التي تسعى لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على أراضيها في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وقد حظيت بمكانة مرموقة في المنظمة الدولية حيث نالت صفة عضو غير دائم العضوية في الأمم المتحدة كما أنها أصبحت عضواً في العديد من المنظمات والهيئات الدولية ولها شعارات ترفع علمها الفلسطيني في أكثر من عاصمة عربية ودولية.
ولا جدال في أن هناك إجماعا دوليا على تطبيق رؤية حل الدولتين دولة فلسطينية إلى جانب اسرائيل وإن حاولت حكومة اسرائيل كما قال الرئيس عباس في المقابلة مع قناة "عودة" تعطيل تطبيق هذه الرؤية، حيث أكد أن نفي حل الدولتين لم يعد ممكنا. وقد استطاعت القيادة الفلسطينية من خلال سياستها الحكيمة الواقعية العقلانية، كما قال الرئيس أبو مازن الحصول على مزيد من الكسب الدولي حيث كسبت أوروبا وبعد مرور وقت تكسب أميركا وتكسب أيضا أصواتا داخل إسرائيل نفسها.
وقد أبدى الرئيس خلال المقابلة حرصه على تحقيق السلام العادل مع الجانب الإسرائيلي وذلك من خلال المفاوضات حيث أكد أنه لا مانع لدى الجانب الفلسطيني من استئناف تلك المفاوضات وقال إن الجانب الإسرائيلي هو الذي أوقف المفاوضات ولسنا نحن، وأضاف إن العودة إلى المفاوضات يجب أن تتم بعد إطلاق إسرائيل سراح ثلاثين أسيرا، ثم نذهب الى المفاوضات لمدة تسعة أشهر إنما في الأشهر الثلاث الأولى نركز على الخارطة والحدود وتوقف اسرائيل خلالها نشاطها الإستيطاني.
وهكذا يتأكد مجددا أن الرئيس عباس رجل سلام بكل ماتعنيه الكلمة وليس ارهابيا كما يزعم بعض غلاة اليمين الإسرائيلي المتطرف، فالرئيس عباس وكما أكد في المقابلة لم يخرج من أجهزته الأمنية أي خطأ ولم تحدث أي عملية إرهاب، وأن اتهامه والفلسطينيين بأنهم إرهابيون كذب وإن هذه الفرية وهذا الإختلاف لن ينجحوا في تسويقه، فالعالم مفتوح والروايات التي يروجها اليمين الإسرائيلي غير صحيحة.
ولو كان الرئيس عباس ارهابيا لما انفتح على المجتمع الإسرائيلي ولما اتصل والتقى بممثلين عن كافة شرائح هذا المجتمع من يسار ويمين ومتدينين، حيث أن استطلاعا للرأي العام الإسرائيلي أشار الى ان جانبا من الإسرائيليين يريدون الحل السياسي وحل الدولتين ولكن وكما أكد الرئيس أبو مازن هناك طبقة حاكمة في اسرائيل لا تريد أن ترى الحقيقة والواقع.
وأخيرا فإن السلطة الفلسطينية ستبقى قائمة كخطوة نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تكون تجسيدا للحلم الفلسطيني على أرض الواقع. والله الموفق
الثابت والمتغير في سياسات ثلاثة رؤساء مصريين تجاه فلسطين
بقلم: محمد ياغي – الايام
في السنوات الثلاث الأخيرة في مصر، كان هناك رئيس مخلوع وآخر معزول، وفي نهاية الشهر الحالي رئيس جديد هو على الأغلب وزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي.
لدى الثلاثة رؤساء قواسم مشتركة في قضايا عديدة - على صعيد السياسات الاقتصادية، جميعهم من دعاة الدفاع عن اقتصاد السوق.. على صعيد السياسات الخارجية جميعهم أراد ويريد علاقات قوية مع الولايات المتحدة ودول الخليج وحافظ وسيحافظ على مسافة واضحة من إيران وحلفائها في المنطقة، لكن تجاه فلسطين يبدو أن هناك فروقات بين الأنظمة الثلاثة.
الرئيس مبارك، اعتبر اتفاقات كامب ديفيد أساساً لعلاقة مصر بإسرائيل، لكنه في المقابل استفاد من بنود المعاهدة ليخلي مسؤوليته عن نشاط الجماعات الجهادية في سيناء وعن مئات الأنفاق التي تربط غزة بمصر. وفي الوقت الذي رفض فيه فتح معبر رفح بشروط غير تلك التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل، إلا أنه لم يسع لإحكام الحصار على غزة وترك الأنفاق تقوم في السر ما لا يرغب بالقيام به علناً بسبب علاقات النظام الدولية وانحيازاً لخياراته السياسية التي كانت تفرض عليه من وقت الى آخر تشديد إجراءات الحصار.
مبارك لم يرسل الجيش المصري لمحاربة الجماعات الجهادية في سيناء والسبب لا يعود لعدم قدرة الجيش المصري على ذلك، ولكن يبدو أن حسابات النظام كانت إستراتيجية وقائمة على عدم وجود مصلحة لـ"مصر" في حرب من هذا النوع لأن نشاط هذه الجماعات لا يستهدف الداخل المصري ولكن إسرائيل، بمعنى أن نظام مبارك رأى في هذه الجماعات استنزافاً لإسرائيل وبالتالي إذا أرادات إسرائيل محاربتها فلتفعل هي ذلك. هذا الخيار نابع من إدراك نظام مبارك أن سيادة مصر على سيناء ناقصة بحكم معاهدة كامب ديفيد، وبالتالي لا يوجد ما تستفيده مصر من حرب على أرض سيادتها عليها ليست كاملة.
نظام مبارك لم تكن له التزامات أيدولوجية تجاه قضية فلسطين لكنه اضطر للتعامل مع هذا الملف بسبب العمق العربي للقضية الفلسطينية وبسبب علاقات النظام الخارجية التي كانت تطالبه دائما بالتدخل. في هذا الاتجاه شجع النظام المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبنى سياسته على مبدأ "ما يقبل به الفلسطينيون تقبل به مصر"، كان يتجنب موضوع الصراع مع إسرائيل في الإعلام، وعندما كان مضطراً للحديث عنه، كانت المبادرة العربية للسلام توفر له المخرج المناسب مصحوبة دائماً بتحذير من أن عدم حل القضية الفلسطينية يؤدي الى تفاقم "الإرهاب" في المنطقة، لكن بالمجمل، لم توجد له سياسة أبعد من تشجيع فريقين يتنافسان في مباراة كرة قدم لا تعنيه.
الرئيس مرسي، أيديولوجياً، كان يعتبر القضية الفلسطينية قضية مصرية. سهل حركة العبور بين غزة ومصر على معبر رفح دون أن يقوم بفتح المعبر رسمياً، وبدأ بدراسة مشروع لمنطقة تبادل تجاري حرة على حدود غزة كان يمكنها لو نفذت مساعدة غزة على الصمود وإحداث تنمية في سيناء.
مثل نظام مبارك كان يرى أن معاهدة كامب ديفيد تنتقص من السيادة المصرية على سيناء وبالتالي فإن المعركة مع الجماعات الجهادية فيها ليست معركته، لكن بعكس نظام مبارك، كان يرى أن إحداث تنمية في سيناء يعزز من سلطة الدولة المصرية عليها. في السنة التي حكم فيها كان من الواضح أنه ملتزم باتفاقيات كامب ديفيد وأن لا نية لديه لإلغاء المعاهدة لأسباب لها علاقة بمحاولة الحصول على تأييد دولي لنظامه ولأن الأولوية كانت لحل مشاكل مصر الاقتصادية لا مفاقمتها بإعطاء مبرر لقوى دولية بمقاطعة مصر ولأن النظام كان يرى أن الأولوية يجب أن تكون لتمكين الجماعة من الحكم لا توفير مبررات لإبعادها عن الحكم.
عمل نظام الرئيس مرسي، مثل النظام الذي سبقه، على إطفاء الحرب التي دارت في عهده بين المقاومة في غزة وإسرائيل، لكن بعكس نظام مبارك، أظهر تعاطفا واضحا مع الفلسطينيين عندما أرسل رئيس وزرائه أثناء الحرب الى غزة للتعبير عن تضامنه مع الفلسطينيين. تجاه تطوير العلاقة مع إسرائيل، ألقى الرئيس مرسي الكرة بملعب إسرائيل هروباً من المسألة وتحدث عن ضرورة احترامها للشرعية الدولية وتنفيذ قراراتها من أجل "تعزيز السلام" في المنطقة وبعد ذلك يمكن الحديث عن علاقة مصر بإسرائيل وسبل تطويرها.
الرئيس القادم، عبد الفتاح السيسي، قدم رؤيته بشأن القضية الفلسطينية وإسرائيل في المقابلة التي أجرتها معه زينة يازجي من قناة سكاي نيوز. على عكس مبارك ومرسي، السيسي يرى أن سيادة مصر على سيناء كاملة وغير منقوصة، وبالتالي فإن على الجيش المصري مهمة القضاء على الجماعات الجهادية فيها. مصر بإمكانها أن ترسل ما تشاء من فرق الجيش والمعدات العسكرية لسيناء لمحاربة هذه الجماعات و"الطرف الآخر" لن يعترض على ذلك لأنه يعلم بأن قوة الجيش المصري "ليست غاشمة أو معتدية".
أيديولوجياً، يقف "الرئيس" السيسي في خط واضح ضد حركة "حماس" لأنهم في تقديره جزء من جماعة الإخوان في مصر التي يحاربها الجيش المصري، لهذا تم هدم جميع الأنفاق بين غزة ومصر وإحكام الحصار على غزة بما في ذلك الإبقاء على معبر رفح مغلقاً إلا في أوقات محدودة.
مثل سابقيه، "الرئيس" السيسي ملتزم باتفاقيات كامب ديفيد، لكنه مثل مبارك، لا توجد لديه أيديولوجيا تربطه بالقضية الفلسطينية، هو سيشجع المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق سلام بغض النظر عن طبيعته، وسيقبل بما يقبل به الرئيس عباس، وهو يشاهد "فرصة" للسلام بين الطرفين يجب اغتنامها. للأسف المذيعة اليازجي لم تسأل السيسي عن تفاصيل "الفرصة" التي يتحدث عنها لأن المشهد السياسي التفاوضي كما هو واضح لكل متابع مغلق، لكن الحديث عن وجود "فرصة" للسلام يؤكد أن الرجل يتحدث عن عموميات تخص رؤيته لهذا الملف وهي قائمة على تشجيع المفاوضات أياً كانت الظروف والنتائج لأن هذا ينسجم مع استحقاق حاجته للحصول على شرعية دولية لنظامه الجديد.
هذا العرض السريع لسياسات ثلاثة رؤساء يوضح أن المرحلة القادمة ستكون المرحلة التي يحصل فيها الجانب الفلسطيني على أقل دعم من الدولة المصرية. النظام الجديد يعتبر غزة مشكلة لأمنه، وحاجته للشرعية الدولية ستدفعه الى الوقوف الى جانب المفاوضات السياسية مع إسرائيل بغض النظر عن الخسائر التي ترافقها للجانب الفلسطيني، وفوق ذلك انشغال النظام الجديد بحربه على جماعة الإخوان ستبعده أكثر عن الاهتمام بالقضية بالفلسطينية.
إنهاء الانقسام: حقيقة وواقع
بقلم: سميح شبيب – الايام
منذ الإعلان عن إنهاء حالة الانقسام، لا أزال أتعرض للسؤال ذاته، في الأماكن العامة التي أرتادها، ممن أعرفهم او يعرفونني عبر وسائل الإعلام، السؤال هو: هل ستنجح المصالحة وهل ستشكل حكومة وفاق وطني؟!! السؤال في حد ذاته، يحمل شكوكاً ومخاوف!! وعند سماع الجواب بالإيجاب، يستغرب السائل هذا الجواب!!
في الذاكرة الشعبية، ما يحمل على طرح هذا السؤال، وتلك الشكوك. وفي مخزون الذاكرة، العديد العديد من الأفكار الخاطئة التي بثتها وسائل الإعلام المختلفة، والتي تحمل المواطن على الشك في الواقع والمستقبل في آن.
مع تشكيل الحكومة، ستزول مقدمة الشكوك، ويصبح المواطن الفلسطيني، أمام حالة حية ماثلة، وهي حكومة وطنية ائتلافية، تمثل الفلسطينيين جميعاً، وبعد ذلك سيبدأ المشوار الميداني - العملي، لإنهاء حالة الانشقاق في مختلف أبعادها واتجاهاتها.
إنهاء الانقسام، ليس فكرة مجردة، ولا اجتهاد ذكي لحزب او هيئة بعينها، إنهاء الانقسام هو عملية سياسية، تطال المجتمع الفلسطيني بكافة مستوياته وهيئاته وقواه وأحزابه السياسية.
ما جاء به الانقسام من حالات وهيئات وتوجهات وبنى إدارية - وأمنية مختلفة، كان حالة طارئة على الفلسطينيين، لها مسبباتها بالتأكيد، لكن تلك المسببات هي أمر طارئ، وغير قابل للعيش والبقاء.
طال أمد الانقسام 2007 - 2014، وتنوعت مظاهره، وكان أبشعها ما حدث في سفك الدماء، وفي التعبئة الإعلامية التحريضية ومن الطرفين على حد سواء. فيما اذا عدنا لتلك الحملات التحريضية، لوجدناها - الآن - حملات فارغة من المضامين الصحيحة، التي تصب في قنوات العمل الوطني السليم، تم تصوير م.ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية، وكأنها ألعوبة بيد الولايات المتحدة وإسرائيل. وبأنها مسلوبة الإرادة، لا حول لها ولا قوة. جاءت أحداث ومواقف كثيرة، وبرهنت على عكس ذلك، لكن قوة الدعاية والإعلام، حالت دون رؤية تلك الحقيقة الساطعة، كان الرئيس محمود عباس يقول، جربونا وعند التجربة الأخيرة، استشاطت إسرائيل غضباً مهددة متوعدة، وكذلك فعلت الولايات المتحدة، لكن الإرادة الفلسطينية الصلبة، أنجحت إعلان إنهاء حالة الانقسام، كما أنجحت مباحثات تشكيل حكومة الائتلاف الوطني.
أظهرت الإرادة الوطنية الفلسطينية، مدى هشاشة المواقف الأميركية والإسرائيلية وعدم منطقية مواقفها.
الإرادة الوطنية الفلسطينية، تتعزز وتتصلب وتقوى في ظل إنهاء حالة الانقسام، وم.ت.ف تتعافى وتنشط وتتجدد في مسارات الوحدة والائتلاف.
إنهاء الانقسام مسار سياسي - إداري ومؤسساتي، وهذا المسار يحتاج الى جهود دؤوبة ومتواصلة، تتطلب إسقاط مصطلحات الخلاف والانشقاق، وإفراز مصطلحات ومفردات الوحدة وإنهاء الانقسام.
عندما يصبح أولمرت خائنًا
بقلم: جواد بولس – الحياة
أثار قرار قاضي المحكمة المركزية في تل أبيب، دافيدروزين، ردود فعل متضاربة داخل المجتمع الإسرائيلي، وخصوصًا في أوساط النخب وبين فقهاء في القانون ومحترفي السياسة، فتفاوتت مواقفهم بين مؤيد له جملةً وتفصيلا وبين منتقد للقرار بشقّيه؛ العقوبة القاسية والديباجة الحادة التي لم يسبق لقاض في المحاكم الاسرائيلية أن طوّعها ليبرر حكمًا في حق متهم من فصيلة أولمرت وصحبه من المتهمين الثمانية المدانين معه، وكلّهم من عِلية القوم وسادته.
فبعد أن أدان القاضي المتهم أولمرت بجرائم تلقي الرشاوى وتهم أخرى، وصف أفعاله "بالخيانة" و"بالجشع الخنازيري" وبسيل من الأوصاف التي تليق بمحاكم وقضاء العالم السفلي ومجرميه.
لا أكتب كي أنحاز لأي من المعسكرين، فما فعلته زمرة المتهمين وأولمرت هو جريمة خطيرة، وعليهم أن يدفعوا ثمنها بسنوات سجن طويلة تكفل إبعادهم عن مراكز القوة والتأثير.
كما أنني لا أبالي لما سيخلقه من حرج دخول أولمرت ومعه مخزون ما يعرفه من أسرار ومعلومات إلى واحدة من أخطر الساحات وأكثرها قذارة وحساسية، وهو الذي سيكون بمقربة وصحبة مجرمين، وفيهم من كل وكر "فأرة"، ولا لقساوة ما ورد من ألفاظ وأوصاف بدت غريبة على كياسة اللغة الدارجة في قرارات قضاة المحاكم، لا من أجل ذلك أكتب، بل لأثير بعض القضايا التي غابت عن أقلام كتّابنا وخطابات سياسيينا، ولأطرح أسئلة قد يكون لها أثر ومعنى على حياتنا، نحن العرب الساكنين في إسرائيل.
فهل،مثلًا، يعتبر هذا الحكم شهادة على استقلالية ونزاهة القضاء الإسرائيلي وقوة واستقامة قضاته؟
هل بتقديم رئيس حكومة أسبق وثمانية من رجال المال الأقوياء شهادة على نزاهة أجهزة التحقيق والنيابة وشفافيتها؟
وهل تعتبر الإدانة نصرًا للحق العام من شأنه أن يعزز سلطة القانون على ما تعنيه هذه القيمة العليا في نظام حكم الدولة الحديثة، وكما كنا نريدها كمواطنين في الدولة؟
وأخيرًا، ماذا يعني تقديم هذا الكم ومن "نوعية" هؤلاء المتهمين، لا سيّما وسبقهم الى زنازين السجون، رئيس دولة ووزراء ورؤساء بلديات وقياديون في الجيش وقاض في محكمة مركزية وكثيرون أدينوا في السنوات القليلة الماضية؟
هل يعتبر هذا دليلاً على نجاعة النظام ووقوفه في وجه الجريمة والمجرمين؟
قبل سنوات قمت بتمثيل شاب فلسطيني اتهم بطعن وقتل جنديين إسرائيليين. وقف الشاب في المحكمة المركزية، وأعلن أنه لا يعترف بالمحكمة ولا يهمّه ماذا سيكون حكمها، فهو مقتنع بما فعل، وطلب إعفائي من مهمة الدفاع وأصر على موقفه.
تفاصيل القضية، على أهميتها، ليست ذات علاقة هنا، فبعد عدة جلسات حكمته المحكمة بمؤبدَين. استأنفت النيابة العامة للمحكمة العليا وطالبت أن يُحتسب الحكم تراكميًا، فقضاة المركزية لم يكتبوا ذلك في قرارهم، مما سيؤدي إلى احتساب الحكم مؤبدًا واحدًا فقط.
استدعاني قضاة العليا وطلبوا أن أقدم مرافعتي خطيًا، لأنهم اعتبروا القضية سابقةً سيعطون فيها قرارًا مبدئيًا. حاولت التملص، فالشاب لا يريد أن يتعاطى مع القضية، وهو غير مكترث لما سيقرره القضاة.
لم أمتثل للقرار في الوقت المحدد. بعد ستة شهور هاتفني السكرتير الأول للمحكمة عاتبًا، ونقل لي "زعل" القضاة علي وطلب أن أكتب صفحةً واحدةً من أجل البروتوكول وصحة الإجراء الصوَرية.
بعثت موظفتي لتقوم بتصوير لائحة ادعاءات قدمتها النيابة العامة للمحكمة. ذهبت الموظفة، وقامت بتصوير كل ما وقع تحت يديها وعادت. فوجئت لمّا فتحت الملف، فقد كانت أمامي رزمة أوراق مكتوبة بخط يد القاضي، وكانت عبارة عن قرار حكم كامل جاهز.
قرأتها فذهلت. كتب القضاة قرارهم وخلال استعراضهم تطرقوا إلى لائحة ادعاءاتي التي لم تصلهم أصلًا. لقد تخيّل واجتهد القاضي، كاتب النص، ما بوسعي أن أدعيه، فسرد ذلك بحرفية وبأدب، وفنّد، بعد ذلك، ادعاءاتي، واحدًا تلو الآخر.
أنهيت القراءة حائرًا خائرًا غير مصدق ما رأيته. رن الهاتف بجانبي، وكان صوت متهدج يخاطبني بذهول. سكرتير المحكمة يعتذر على الخلل، ويبرر كيف أعطى السكرتيرة كل الملف دون أن ينتبه لتلك الاوراق، وأكمل شارحًا لي ما قد يصيبه جرّاء ذلك، ضحكت بملء فمي ووعدته أن لا أنشر عن هذه الحادثة إلّا في وقت لا يؤذيه نشرها، فهو في النهاية كان وراء الخطأ، والقاضي كان في البداية والنهاية الفضيحة.
في علم القانون مقولة شائعة تفيد أن القاضي هو ابن لشعبه ويعيش بينهم ومعهم، هكذا علّمنا فقهاء القانون ليؤكدوا للعامة أن القضاة لا يعيشون في أبراج عالية، وأنهم من صلب الشعب وأبنائه.
قد يكون القاضي روزين مستقيمًا وقويًا، ويكون عادلاً لكنه عضو في جهاز بدأ التلف يضربه من القاعدة لرأس البرج الذي أصبح زجاجُه مستهدفًا من حجارة "تدفيع الثمن" وآبائهم. فالمجتمع الإسرائيلي يشهد تحولات سريعة وخطيرة، وفيه تتشكل منظومات قيم لن تترك للقانون سلطة ولا للاستقامة مكان. تزاوج المال الفاسد مع السياسة الفاسدة وتشكيلات اجتماعية تؤمن بغيبيات شيطانية، ينسف ما كان قائمًا في المجتمع الإسرائيلي، ويقضي على نخب ذلك الزمن الذي عرف بعض البقايا من قيم الليبرالية الديمقراطية.
حكام ذلك الزمن صاروا مجرمين، فالنظام كلّه صار، أيّها القاضي، نظامًا خنازيريًا، وكما في الحظائر هكذا هنا، فلن يبقى على سدة الحكم إلّا "الفحل" وسلالته من الفحول. أولمرت وزمرته ومن على شاكلتهم أنهوا دورهم الاجتماعي والتاريخي ومكانهم صار وراء القضبان كما يليق بالخونة.
ويبقى السؤال أين سيكون مكاننا نحن العرب؟ فهل سيكتفي سادة النظام الجديد لنا بالسجون منازل؟
أعداد الفاسدين دليل على مرحلة مرّ بها النظام والمجتمع الإسرائيلي في رحلته صوب الهاوية، ملاحقة هؤلاء ومحاكمتهم ووصفهم بالخونة وما إلى ذلك دليل على من سيكون سلطان الزمن المقبل، أمّا نحن العرب فلقد كنا ضحايا ديمقراطية مهيضة كاذبة عرجاء، وهذه تسجل آخر هزائمها في "حروب اليهود"..
والبقية قد تأتي في كتب تاريخ المستقبل.
سقوط النص الصهيوني وصعود النص الفلسطيني!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
يجب الانتباه الشديد لما يجري في إسرائيل، حيث كل شيء يتكشف بشكل حاد، والأسئلة تطرح بلا هوادة، والنصوص التي كان يبدو أنه متفق عليها يتم تمزيقها بقسوة في ظل جنون الاستيطان، وعربدة السلوك اليومي ضد الشعب الفلسطيني، وصعود موجة الفاشية العنصرية ممثلة ليس فقط بمجموعات تدفيع الثمن، بل بالسلوك المثير للاشمئزاز من أقطاب التحالف الحاكم مثل نفتالي بينيت من البيت اليهودي، وأفيغدور ليبرمان من "إسرائيل بيتنا" وسلفان شالوم وزلمان شافال من الليكود وعلى رأس الجميع بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الذين يهربون من الحقائق الصاعدة إلى اطروحات بداية تأسيس الحركة الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر، وهي أطروحات تشتمل على نصوص مغلقة ومتناقضة إلى حد التدمير الذاتي، يهودية الدولة، وتجنيد المسيحيين الفلسطينيين في جيش الاحتلال، الإحجام عن تنفيذ الاتفاق الخاص بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين ما قبل أوسلو وقانون يقضي بعدم الإفراج عن أي أسير فلسطيني، معايرة الشعب الفلسطيني بالانقسام والتهديد بعقوبات تصل إلى حد إعلان الحرب رداً على المصالحة الفلسطينية، الاستمرار في معزوفة الشكوى من الإرهاب واستقبال الجرحى من المصابين من أفراد الجماعات الإسلامية المحاربة في سوريا وعقد دورات تدريب لهم، رفض قاطع لما يوصف بأنه اجراءات أحادية من الجانب الفلسطيني والإقدام على تنفيذ كل ما هو أحادي الجانب في الإجراءات الإسرائيلية، إلى أين ينتهي ذلك كله؟
يجب أن نعود إلى الوراء إلى مؤتمر تأسيس الصهيونية في مدينة بازل بسويسرا قبل مئة وسبعة عشر عاماً، لقد نجح هرتزل وزعماء الحركة الصهيونية الأوائل في استثمار كل الحقائق السياسية في ذلك الوقت، ضعف الإمبراطورية العثمانية التي كانت ترزح تحت ثقل الديون، وكثرة الاحتياجات، فظهرت في ذلك الوقت بدايات حركة الاستيطان، واستندت الحركة الصهيونية في ذلك الوقت على ركيزتين وهما ادعاء أن المسار اليهودي هو فوق التاريخ، ضد التاريخ، وأن فلسطين التي يتجه إليها الهدف الصهيوني هي أرض بلا شعب، وأن هذا الشعب الفلسطيني يجب إنكاره من خلال إخراجه من الجغرافيا وبعثرة هويته والاتفاق ضده حتى ولو مع الشيطان نفسه.
وعندما قامت دولة إسرائيل بناء على قرار التقسيم الذي تجاوزته منذ اللحظة الأولى، حصلت على دعاية من أصحاب المشروع الأصليين الأوربيين والأميركيين، تصل إلى حد الأسطورة، فكل ما حصل من تواطؤ وجرائم شبيهة بجرائم النازية وضعت له عناوين مزورة، عناوين التفوق والعبقرية، بل إن بعض فلاسفة ذلك العصر مثل جان بول سارتر لم يجد مرتكزات لفلسفته الوجودية "الاختيار والثمن" إلا في عبقرية المسألة اليهودية، واستمرت صناعة الأسطورة بلا حدود، تواطؤ الأقوياء بفعل كل شيء بينما الدعاية تذهب لصالح إسرائيل والحركة الصهيونية، بلفور البريطاني يعطي وعداً لروتشيلد اليهودي، ويتم التركيز على عبقرية روتشيلد وليس على بلفور الذي كان يمثل زعيمة الاستيطان القديم الإمبراطورية البريطانية، وجيوش الحلفاء تشكل فيلقاً يهودياً ولكن الدعاية تذهب إلى حاييم وايزمن، وهزيمة عام 1967 هي صناعة غربية مئة في المئة ولكن الأسطورة تجنح إلى موشيه دايان والجيش الذي لا يقهر، أهداف المستوطنين والإمبرياليين بعد ذلك يتم تنفيذها تحت عنوان عبقرية النص الإسرائيلي، حتى أتى "نعوم شومسكي" المفكر اليهودي الأميركي يقول " ما من وفد إسرائيلي ذهب إلى الولايات المتحدة يطلب مالاً أو سلاحاً إلا ومنحوه أكثر مما كان يطلب"، بل إن كل السلاح يصنعه الأميركيون لا بد من أن يعطى أولاً للجيش الإسرائيلي لتجريبه في أهداف حية قبل اعتماده في الجيش الأميركي نفسه، وفي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كانت تجربة "الكيبوتس" في إسرائيل تصل إلى ذروة الدعاية ليتضح بعد ذلك أنها كانت نموذج الفساد والفشل، وهلم جرا.
لكن الزمن يتغير، والتاريخ يتقدم ويتطور، ولا أحد خارج التاريخ، ولا أحد فوق التاريخ، وهذا هو مأزق النص الصهيوني الآن، أنه لم يعد نصاً ملفوفاً بالأساطير المقدسة، إنه نص يخضع لمعايير الواقع، أنه مكشوف، فإذا به نص عاجز، منكفئ، لا يمكن أخذه على علاته مسلماً به بلا نقاش مثلما يفعل غلاة البروتيستانت مع نصوص العهد القديم، فكل شيء قابل للنقاش، يغري بالنقاش، يخضع للفحص والتدقيق، ويسلط عليه ضوء المصالح المتعارضة، وهذا هو مأزق النص الصهيوني الآن، فلا يمكن انكار وجود شعب ستة ملايين منه يعيشون في أرضه الأصلية وهي أرض فلسطين التاريخية، وهو الشعب الفلسطيني، وستة ملايين آخرون يعيشون في الشتات القريب حول فلسطين وفي العالم، وهم اللاجئون، وجميعهم يمكن اعتبارهم ناشطين سياسيين من الدرجة الأولى في حقل القضية الفلسطينية.
لم يعد النص الصهيوني قادراً على التعايش مع المتغيرات والحقائق الجديدة، النص الصهيوني عاجز عن استيعاب أي شيء، لم تنفع سياسة الجسور المفتوحة، ولا تجدي الآن سياسة الجسور المغلقة، النص الصهيوني نص مغلق حتى الاختناق إنه يخاف من الاعتراف، وانظروا ماذا حل باتفاق أوسلو، وماذا حل بمبادرة السلام العربية التي اتسعت وأصبحت إسلامية، والتبادل الدبلوماسي مع عدد من الدول العربية ودول المنطقة، إنه نص خارج التاريخ ولذلك فهو مهدد بالهزيمة الكاملة، بينما النص الفلسطيني واقعي وجزء عضوي من الحقيقة التاريخية وكذلك فهو رغم اختلال موازين القوى يصعد تدريجياً.
اعتقد أن العالم بما في ذلك أكبر أصدقاء وحلفاء إسرائيل قد تعبوا من حمل أعباء هذا النص الصهيوني المغلق، لأن حوافزه الأولى لم تعد موجودة، لأن استثماراته الأولى لم يعد لها لزوم، فهل إسرائيل في ظل القيادة الحالية قادرة على التغيير؟ قادرة على الانقلاب على نفسها؟ أم أنها ستحاول من جديد الهروب إلى جرعات الدعاية المبالغ فيها والأساطير التي لم يعد لها مكان؟ هل نرى إسرائيل تذهب إلى حرب جديدة طاحنة تعيد لها البريق والخصوصية والاستعلاء على التاريخ أم تدخل إسرائيل في حرب مع نفسها حين يتصاعد الانفجار بين مصالح المستوطنين وضرورات الدولة الإسرائيلية؟
عريقات: "لن تستطيع إسرائيل محو النكبة من التاريخ
بقلم: الدكتور صائب عريقات - معا
اعترفت فلسطين بحق إسرائيل في الوجود عام 1988، لكن الحكومة الإسرائيلية تطالب الفلسطينيين بالتنازل عن حقه في الوجود ونكران الأهوال التي حلت به عام 1948.
يصادف اليوم ذكرى النكبة أو الكارثة – وكلمة واحدة لا تكفي لوصف تلك الفاجعة، كما أن يوم واحد غير كاف لإحياء تلك الذكرى الأليمة.
تحتاج إسرائيل اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التصالح مع الأهوال التي سببتها عام 1948 والاعتراف بها، وذلك عن طريق وضع حد لإخضاع الملايين من الفلسطينيين واضطهادهم بدلا من إنكار حقهم في الوجود وإضفاء الشرعية على اضطهادها لهم. فالسلام يأتي فقط عبر العدالة والمصالحة.
ومثل هذا اليوم عام 1948 طردت إسرائيل قسرًا وشردت نحو 750,000 فلسطينيًا من منازلهم واراضيهم. وتعرض كثير من الفلسطينيين آنذاك إلى مجازر وحشية، وهرب الكثير منهم خوفًا على حياتهم. وعدا ذلك تمكن القليل منهم من البقاء فيما أصبح يُعرف لاحقا بإسرائيل. عانى الشعب الفلسطيني بأكمله، واليوم بعد مرور 60 عامًا على النكبة ما يزال يعاني من وطأة الاحتلال.
والنكبة هي قصة الخوف والترهيب، شخصياتها الحرمان والاضطهاد، وحبكتها واقع أليم لا نهاية له.
واليوم في القدس المحتلة تقوم السلطات الإسرائيلية بإخلاء العائلات الفلسطينية من منازلها مدعية أن تلك المنازل كانت ملك لعائلات يهودية قبل عام 1948، في حين تمنع الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم في القدس الغربية التي سكنوها قبل عام 1948.
وفي غزة – واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم – يقطن 1.2 مليون لاجئ فلسطيني يطلون على المناطق المفتوحة جنوب إسرائيل. وفي مسقط رأسي مدينة أريحا يوجد مخيمين إثنين للاجئين حيث يعيش آلاف الفلسطينيين قي ظروف بائسة. وفي العام 2014 توفي العديد من الأطفال الفلسطينيين في مخيم اليرموك للاجئين في سوريا.
وتستمر إسرائيل التي تدعي أنها دولة ديمقراطية بحظر سكان قريتي إقرت وبرعم، وهما قريتان مسيحيتان تقعان في الجليل، من العودة إلى أراضيهم على الرغم من القرار الصادر عن المحكمة العليا الإسرائيلية بهذا الخصوص.
وليس هذا المثال الوحيد عن الاضطهاد داخل إسرائيل. فمشروع "قانون الجنسية" الذي دعا إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والذي يعتبر إسرائيل دولة لليهود فقط ما هو إلا واحد من سلسلة طويلة من القوانين العنصرية التمييزية ضد خُمس السكان الأصليين في إسرائيل. وهذا المشروع يحتوي على قائمة من القوانين التي لا تحث فقط على التمييز ضد مواطني إسرائيل الذين ينتمون لجماعات دينية وإثنية مختلفة بل تضفي عليه أيضًا صبغة قانونية.
وفي هذه الأثناء، وعلى الأرض التي إحتلتها إسرائيل خلافا للقوانين والأعراف الدولية في العام 1967، يستخدم المستوطنون والجنود الإسرائيليين وسائل مماثلة لإرهاب الفلسطينيين وإجبارهم على الرحيل من منازلهم واراضيهم.
لا يقل الوضع في الضفة الغربية عن كونه تمييز عنصري، وغزة تئن تحت نير حصار ظالم. وما يزال الفلسطينيون داخل فلسطين أو خارجها ينتظرون العودة ومفاتيح منازلهم في أياديهم بعد انتظار طال أكثر من 66 عامًا.
إعترفت فلسطين بحق إسرائيل في الوجود منذ عام 1988، ونحن لا نطالب بألا تكون اللغة العبرية اللغة الرسمية في إسرائيل كما لا ندعو بألا تكون الأعياد اليهودية أعيادًا رسمية. ليس من حقنا تحديد طبيعة الدولة الإسرائيلية.
لكننا في الوقت نفسه لا نسمح بتصوير الفلسطينيين على أنهم مهاجرين أو متطفلين في وطنهم. كنا هنا في العام 1948 وقبل ذلك بقرون عديدة – مسلمين ومسيحيين ويهود – كنا جميعًا فلسطينيين. فمجرد التفكير بدولة يهودية خالصة يترتب عليه بالضرورة إنكار النكبة، فالدعوة إلى يهودية الدولة ينقل لنا رسالة مفادها "أن هذه الدولة لنا، وأنتم أيها الفلسطينيون موجودون فيها مؤقتًا، ووجودكم غير قانوني". وهذه طريقة من شأنها أن تدعونا لحرمان شعبنا من الوجود وإنكار الإرهاب الذي تعرضوا لهم عام 1948. ينبغي ألا يُطلب من أي شعب القيام بذلك.
لن نتواطأ مع هيمنة جماعة إثنية دينية على اخرى. ولن نرضى بحرمان الشعوب من حقوقها الإنسانية الأساسية.
وبدلا من تحمل مسؤوليتها التاريخية، وبدلا من الاعتراف بالولادة العسيرة لدولة إسرائيل والتعامل معها، تحاول الحكومة الإٍسرائيلية بمحو ذلك من التاريخ.
وفي إسرائيل يحظر القانون حتى إحياء ذكرى النكبة. وإن استطعنا محو الرواية التاريخية يسهل علينا محو شعب بأكمله. وتتخذ الحكومة الإسرائيلية الحالية خاصة تدابير استثنائية لتحقيق ذلك. فلا عجب إذًا أننا لم ننجخ في التوصل إلى إتفاق حتى اللحظة!
واليوم نحيي ذكرى اولئك الذين فقدوا حياتهم سعيًا وراء الحرية والكرامة على يد مضطهديهم. وعلى الرغم من ذلك، فنحن مستعدون للعيش جنبًا إلى جنب بسلام مع جيراننا الإسرائيليين. ونأمل من الإسرائيليين وحكومتهم التحرك بهذا الاتجاه.
في هذه المرحلة لا نعرف ما يخبئه لنا المستقبل من حيث إيجاد حل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. لكننا متأكدون من أننا باقون على هذه الأرض.
القرضاوي وتجيير الدين
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
لم يفتأ الشيخ يوسف القرضاوي استعمال الدين للحسابات الخاصة والفئوية ولكل من يدفع الثمن. باسم موقع اغتصبه إغتصابا "رئيس رابطة علماء المسلمين" دون وجه حق. فسمح لنفسه بتحليل الحرام، وتحريم الحلال، وقلب الامور رأسا على عقب.
آخر فتاوى الشيخ القرضاوي "تحريم" المشاركة بالانتخابات الرئاسية المصرية، كجزء من الحرب الضروس، التي تخوضها جماعة الاخوان المسلمين على المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي، الذي تتجه الانظار إليه كمنقذ للشعب العربي المصري وشعوب الامة العربية من المخطط الاميركي إسرائيلي التفتيتي او ما يسمى مخطط الشرق الاوسط الكبير.
السؤال الذي يطرح نفسه على مفتي جماعة الاخوان المسلمين، اين ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية ما يدعم فتواه بتحريم المشاركة في الانتخابات؟ ولماذا كانت الانتخابات عام 2012 حلالا؟ وان افترض المراقب، ان القرضاوي "عالم" من علماء المسلمين وله حق الاجتهاد، هل له ان يبرر فتواه؟ وكيف ؟ وما هي عوامل القياس، التي استند لها، غير انه يجيّر الدين لحسابات جماعة الاخوان المسلمين كي تبطش بالعباد وتفتت الانظمة وتخدم سياسات اميركا واسرائيل؟
القرضاوي المرابط في الامارة القطرية، التي تتربع على ارضها قاعدتا السيلة والعديد الاميركيتان، والمنافح عن سياساتها المتناغمة مع المشروع الاميركي في المنطقة، لايملك اي مبرر للدفاع عن فتواه المتناقضة مع مصالح واهداف وحرية الشعب العربي المصري. وفتواه ذات خلفية سياسية مأجورة، تهدف الى تعميق فتنة وارهاب جماعة الاخوان المسلمين. لا سيما وان الجماعة تعمل وفق مخطط ممنهج ومعد سلفا لضرب العملية الديمقراطية المصرية من خلال العمليات الارهابية في مختلف محافظات مصر المحروسة، ومن ضمن مخططها اغتيال المشير السيسي وحتى المرشح الناصري حمدين صباحي، ليس خارج خطط الاغتيال وفرض لغة الارهاب الاخوانية.
لتحقيق هدف تخريب الانتخابات المصرية في الـ 25 و26 من أيار الجاري جماعة الاخوان لن تتوانى عن استخدام اي سلاح بما في ذلك الدين. ولن تتردد في انتهاج كل الذرائع والاكاذيب لوأد الديمقراطية واستعادة الحكم إن أمكن، وان لم يكن ممكنا، فتعمل بمقولة "علي وعلى اعدائي...!"
من هنا جاء إستخدام القرضاوي وفتوايه لخدمة اغراضهم التخريبية، التي لا تمت للدين ولا للشرائع السماوية او الدنيوية بصلة. وكل صلتها بمصالحها وحساباتها الضيقة. وتشارك في الحملة المغرضة والمعادية لمصالح الجماهير المصرية كل الابواق والمنابر الاخوانية والقطرية والتركية وفروع جماعة الاخوان المسلمين بما في ذلك في فلسطين، حيث قام انصار حركة حماس في الاونة الاخيرة برفع شعارات رابعة وصور الشيخ حسن البنا، والرئيس المخلوع محمد مرسي، لتؤكد انغماسها في وحل السياسات المعادية للشرعية المصرية الجديدة، وتورطها في الشؤون الداخلية العربية، مع ان بعض قادتها، يسخدمون لغة اخرى، تدعي "رفضها" التدخل في الشؤون الداخلية لمصر او اي دولة عربية، مع الحقائق على الارض تؤكد عكس ما تعلنه تلك القيادات.
فتوى القرضاوي وغيره من الدجالين والمنافقين وتجار الدين والدنيا، ستبوء بالفشل، وسيسقطها الشعب العربي المصري، الذي ضاق ذرعا بالاخوان وسياساتهم، وستنتصر ارادة الشرعية الجديدة، وسينتخب الشعب المشير عبد الفتاح السيسي، لأنه يراهن عليه في حماية وحدة النظام والتراب المصري، وكونه الاقدر على ردع قوى الشر، والنهوض بمصر العربية، ووضعها على سكة المجد بعودتها إلى مكانتها العربية والاقليمية والدولية.