1 مرفق
اقلام واراء محلي 26/05/2014
في هذا الملـــــف:
رسالة سلام ومحبة
بقلم: حديث القدس - القدس
الاقليات العرقية في الذاكرة الاميركية...!!
بقلم: محمد جلال عناية - القدس
عن "أكذوبة" النكبة
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
تردد النظام السياسي اتجاه حقوق المرأة
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
عودة الوعي وعودة الروح!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
قبل إعلان الأسماء
بقلم: عدلي صادق – الحياة
بعد اتفاق المصالحة:تبدأ العنصرية والتمييز
بقلم: حسن السعدوني – معا
رسالة سلام ومحبة
بقلم: حديث القدس - القدس
الرسالة التي ركز عليها قداسة البابا فرانسيس الأول في زيارته الأولى الى فلسطين خلال زيارته الى بيت لحم سواء في القداس الديني في كنيسة المهد او خلال اجتماعه مع الرئيس محمود عباس او أثناء زيارته الى مخيم الدهيشة واجتماعه مع أهالي وأطفال المخيم، هي رسالة سلام ومحبة وأخوة وتسامح وتعاطف خاصة وأنه وجه أكثر من رسالة للصلاة من أجل السلام وقال لأطفال الدهيشة «أنا معكم»، وأصر على الترجل من سيارته والتوجه الى بوابة جدار الفصل العنصري بين القدس وبيت لحم ليؤدي صلاة خاصة وهي خطوة لها مغزى مهم.
والحقيقة أن شعب فلسطين بمسلميه ومسيحييه استقبل قداسة البابا بفرح وسرور وأمل وهو ما سيتكرر اليوم لدى زيارة قداسته المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة في القدس العربية المحتلة عاصمة فلسطين التي رغم كونها مدينة مقدسة ورمزا للسلام إلا أن الاحتلال الاسرائيلي فرض بانتهاكاته المتواصلة وتنكره للقانون الدولي المعاناة والألم على المسلمين والمسيحيين على حد سواء بانتهاكه لحرية العبادة ومنعه المسلمين والمسيحيين من الوصول بحرية الى أماكنهم المقدسة وإجراءاته الحثيثة لتهويد القدس والاعتداءات السافرة التي ينفذها المتطرفون اليهود ضد الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية دون ان تتخذ الحكومة الاسرائيلية مواقف حازمة لوقف هذه الاعتداءات بل ان بعض أقطاب هذه الحكومة وكذا أعضاء كنيست يدعمون ويشجعون ويمولون هذا اليمين الاسرائيلي المتطرف.
الفلسطينيون الذين استقبلوا البابا ورحبوا بزيارته التاريخية بادلوه رسائل الأخوة والمحبة والتسامح والسلام مسلمين ومسيحيين أبناء شعب واحد مضطهد ضربوا أروع الأمثلة على الأخوة والتسامح والتعايش والوحدة، مؤكدين ان المخاطر التي يتعرض لها الفلسطينيون المسيحيون لا تختلف عن المخاطر التي تهدد اخوانهم المسلمين وان سببها الرئيسي الاحتلال الاسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية وما يمارسه هذا الاحتلال ضد الفلسطينيين ومقدساتهم.
الأمل الذي تطلع به الفلسطينيون لهذه الزيارة التاريخية انما يكمن في ما يتمتع به قداسة البابا من احترام ومكانة على الساحة الدولية الذي رأى بأم عينيه جدران الضم والتوسع ومعاناة الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين ومعاناة اللاجئين، بأن يتحرك من أجل إنهاء الظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني ومن أجل ضمان إنهاء الاحتلال غير المشروع ومواجهة كافة الانتهاكات خاصة ما يتعلق بحرية العبادة وما يتعلق بأمن وسلامة الأماكن المقدسة.
ولهذا فان شعبنا يعوّل على هذه الزيارة لتشكل جهود قداسة البابا رافعة جديدة تنضم الى جهود كل أحرار العالم وكل الشعوب المحبة للعدل والحرية والسلام لإنهاء هذا الاحتلال البغيض وتمكين شعبنا بمسلميه ومسيحييه من العيش حرا مستقلا آمنا في وطنه قادرا على ممارسة عبادته بحرية.
والرسالة الهامة التي وجهها شعبنا لقداسة البابا هي تلك الرسالة الخاصة بالعرى الوثيقة وروابط الأخوة والمحبة والتسامح بين أبناء شعبنا مسلمين ومسيحيين الذين يعتذرون بانتمائهم لهذا الوطن ويتمسكون بحقوق شعبهم الثابتة والمشروعة، مؤكدين ان لا مجال لضعضعة هذا التلاحم الأخوي الإسلامي المسيحي وان الخطر كل الخطر يكمن في استمرار هذا الاحتلال وفي التغاضي عما يرتكبه من اعتداءات ضد شعبنا ومقدساته.
الاقليات العرقية في الذاكرة الاميركية...!!
بقلم: محمد جلال عناية - القدس
في كتابه الصادر عام 1992، تحت عنوان "محرقة اميركية"، يقول المؤلف ديفيد ستانرد: "بعد اجيال قليلة من مواجهة الهنود الحمر الاولى للاوروبيين، فان الغالبية العظمى من شعوب نصف الكرة الغربي (الهنود الحمر) تمت ابادتهم".
يتابع ستانرد مفصلا: "ان السرعة والمقدار اللذين تم بهما تدميرهم وابادتهم تنوعا من مكان الى اخر، وبين فترة زمنية واخرى.. وفي المعدل فانه من بين كل عشرين شخصا من الهنود الحمر بقي شخص واحد، بعد ان اكتظت الارض الاميركية بعشرات الملايين من الناس (الاوروبيين) وانتهى حمام الدم".
عندما بدأت حرب الاستقلال ضد بريطانيا في اميركا عام 1775، تطلع كل من الثوار الاميركيين والجنود البريطانيين الى ان يضم الهنود الحمر الى جانبه، الا ان هؤلاء وقفوا على الحياد، ولو ان قلوب الهنود الحمر مع البريطانيين لانهم لا يسلبون الارض مثل المستوطنين الاميركيين.
ومع انتصار الثورة الاميركية، اصبح النزاع على الارض هو القضية المركزية بين الهنود الحمر والاميركيين الجدد. وبينما كانت الحكومة الاميركية الفيدرالية تتابع سياسة اذابة واستيعاب الهنود الحمر في المجتمع الاميركي، تحولت هذه الحكومة الى برنامج آخر هو.. "برنامج ترحيل الهنود الحمر".
المقصود بالترحيل هنا هو طرد الهنود الحمر من مساكنهم ومواطنهم شرق نهر المسيسبي الى غربي هذا النهر. وفي عام 1825 اعلن الرئيس الاميركي جيمس مونرو عن هذا البرنامج، فتحول الترحيل الذي كان ينفذ بشكل غير معلن الى سياسة رسمية.
اما الرئيس اندرو جاكسون فقد اعلن في خطاب تنصيبه بأن هدفه هو طرد الهنود الحمر الى ما وراء نهر المسيسبي. وبعد اقل من سنة، وبضغط من الرئيس جاكسون، اصدر الكونغرس الاميركي قرارا عام 1830 بترحيل الهنود الحمر.
واعطى القانون الجديد لرئيس الجمهورية الاميركي سلطة استخدام القوة لتنفيذ هذا الترحيل، الذي اطلق عليه الهنود الحمر اسم «طريق الدموع».
وقد حصد الموت ارواح الاف الهنود الحمر في الطرق الوعرة، وتحت الامطار الغزيرة، وبسبب الاطعمة الفاسدة، والقوارب المعطوبة التي كانت كثيرا ما تنقل وتغرق بحمولتها من البشر خلال قطع النهر.
عندما سئلت «سوزان وارجو» عن سبب عدم مشاركتها عام 1992، في الاحتفال بمرور خمسمائة سنة على وصول كولمبس الى اميركا، قالت :«لا يوجد لدينا نحن «الهنود الحمر» في هذا الركن الاحمر من امنا الارض من سبب يدعونا للاحتفال بغزو تسبب في موت العديد من اهلنا، ولا يزال يسبب الدمار حتى هذا اليوم. ان الاوروبيين سلبوا ارضنا وقتلوا اهلنا».
تقول كتب التاريخ ان كريستوفر كولمبس اكتشف اميركا عام 1492، ولكن الهنود الحمر يقولون بأن كولمبس جاء الى بلادهم غازيا ومستعمرا بحثا عن الحرير والتوابل، ولكنه عندما لم يجد الحرير والتوابل، سرق الذهب واسترق البشر.
ان العداء السياسي الذي اشتعل بين الامم والقبائل الافريقية في غرب افريقيا اجج نيران الحروب بينها. وكانت كل حرب تنتهي بمهزوم ومنتصر، وسقوط قتلى ووقوع اسرى، وعلى هؤلاء الاسرى قامت تجارة الرقيق.
عندما اقام الاوروبيون اسواقا للرقيق، قاوم الافريقيون الوقوع في الاسر ومن ثم العبودية والانتقال الى عالم مجهول، ولكن الحروب ظلت تستعر بين القبائل، وكلما فقدت قبيلة عددا من الاسرى فانها كانت تلجأ الى الثأر من القبيلة الاخرى لتقبض على اسرى من افرادها، وتبيعهم بالتالي الى تجار الرقيق.
كانت جزيرة غورية (Goree) المركز الرئيس لتجميع الرقيق الذين كانوا ينقلون من غرب افريقيا الى اميركا واصبحت هذه الجزيرة رمزا للشتات الافريقي.
لقد كتب الكثير عن المعاناة التي قاساها السود في ظل حياة العبودية في الولايات المتحدة الاميركية كالابادة والتعذيب والاعمال الشاقة، وتشتيت العائلات، وبيع الاطفال، والاستغلال الجنسي والعقاب الوحشي.
فالجلد بالسوط، والوسم اي احداث علامة على جسم الرقيق باستخدام الحديد المحمى على النار لاثبات ملكيته للشخص الذي وسمه، كلها من التجارب التي عاناها السود الافريقيون في عهد العبودية، والتي قد تصل الى حد القتل اذا ما حاول الرقيق تعلم القراءة والكتابة على سبيل المثال.
ولقد زارت الكاتبة فريدريكا بريمر عام «1851» العديد من السجون الخاصة بالرقيق، وقد اوردت في كتابها «بيوت العالم الجديد» انها شاهدت الغرفة المخصصة لجلد الرقيق، حيث ثبتت في ارضية الغرفة حلقات حديدية يقيد بها من يراد جلدهم، ثم يضربون بالمجلاد وهو قطعة من جلد البقر اشد ايلاماً من السوط ولكنه لا ينفذ في الجلد كالسوط، حتى لا يترك اثاراً دائمة تعيق بيع الرقيق.
لقد ثبت من التجارب التاريخية انه حيثما وجدت العبودية كانت هناك محاولات للتحرر. ففي صيف عام 1831، قامت عصبة من الرقيق بقيادة «نات تيرنر« بذبح ستين شخصاً من البيض في فرجينيا.
وقد زعم تيرنر ان «الرب» امره بتحرير شعبه عن طريق ذبح سادتهم.
لقد تشكلت «الهوية المسيحية في الولايات المتحدة الاميركية بعد الحرب العالمية الثانية من مجموعة من الواعظين المسيحيين والكتاب، وكانت تستحوذ عليها مشاعر الخوف من امتزاج الاجناس المختلفة بالعرق «الآري» الابيض، ومن «المؤامرة اليهودية».
كتب هوارد راند احد مفكريهم محذراً من هذه المؤامرة بعد مرور سنة على قيام اسرائيل. حيث قال ان الصهاينة يشكلون جزءاً من «المؤامرة الكبرى» وان عملهم الاساسي هو ممارسة التضليل والخداع.
ورغم القصور في المراجع، يمكن القول ان «الهوية المسيحية» قد بينت على ثلاثة مبادىء: اولها، ان البيض «الآريين» هم سلالة واحفاد القبائل الاسرائيلية العشر المفقودة، وانهم موجودون على هذه الارض لتحقيق ارادة الله.
وثاني هذه المبادىء هو ان اليهود الحاليين ليس لهم اي صلة بالقبائل الاسرائيلية.
وتفترض «الهوية المسيحية» ان المسيح من الجنس «الآري»، وان الشعب البريطاني وشعوب شمال اوروبا هم سلالة القبائل الاسرائيلية المفقودة، وانهم شعب الله المختار الحقيقي وان امريكا هي اسرائيل الجديدة وارض الميعاد.
اما المبدأ الثالث الذي تؤمن به «الهوية المسيحية» فهو ان العالم يقترب من نهايته، وان صراعا سوف يستعر بين الخير والشر، اما الخير فيتمثل في الجنس الابيض «الآري»، واما الشلر فيتمثل في «المؤامرة اليهودية»
تتميز الحركة النازية الجديدة في الولايات المتحدة الاميركية بصفتين، اولاهما صغر الحجم والتمحور حول القائد، وثانيتهما، قدرتها على جذب الاجهزة الاعلامية بحيث تتحقق لها تغطية اعلامية واسعة.
وان مصطلح النازية الجديدة (Neo- Nazi) تعبير فضفاض يغطي مجموعة عريضة من المنظمات والاحزاب العنصرية التي تعادي اليهود، اما «الحزب النازي الاميركي» فقد تأسس عام 1959، على يد قائد سابق كان يعمل في الاسطول اسمه جورج لنكولن روكويل، وكان ذكيا صلبا في مواقفه وشديد التعصب، وكان خطيبا بارعا بالاضافة الى عنصريته وعدائه لليهود.
غير روكويل اسم «الحزب النازي الاميركي» عام 1966 الى «حزب البيض القومي الاشتراكي»،وفي مقابلة صحفية مع الكاتب الاسود الكس هيلي مؤلف كتاب «الجذور» ذائع الصيت، قال روكويل: «انني سأقوم بالفصل العنصري فصلا تاما بين السود والبيض، وسأحافظ على سيادة المسيحيين البيض على هذا البلد، وسوف اعمل على ابادة اليهود الشيوعيين وغيرهم من الخونة بالغاز، ومن لا يعجبه هذا فليبحث له عن مكان آخر»، وفي العالم 1967 تم اغتيال روكويل وهو في التاسعة والاربعين.
ولقد خلف «مات كوهل» روكويل في قيادة الحزب، وقد نقل الكاتب بيل مارتن عن كوهل قوله عن السود: «ان الرجل الابيض جلب السود على غير ارادتهم»، وحاول وضعهم في مجتمع ابيض، لقد كان ذلك خطأ فظيعا.. ان هذا هو مصدر كل الصداع الذي نعاني منه اليوم، وبالامكان حل هذه المشكلة بوضع برنامج لاعادتهم من حيث اتوا».
اما عن اليهود، فيقول كوهل: «في المستقبل لا يوجد في امريكا وكان لليهود الطفيليين، حيث سنقوم بابعادهم عنا.. ربما نجد لهم جزيرة كبيرة في عرض المحيط ليؤدوا عملهم بكد وشرف مثل الآخرين، وان قضوا فان ذلك سيكون بسبب حظهم العاثر، ففي عالم المستقبل لا يوجد مكان للطفيليين».
عن "أكذوبة" النكبة
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
لولا أن النكبة، كمفردة ومعنى وواقع أليم، وعنوان قضية شعب، نُكب في مسألتين، الأولى في طرد نصفه إلى خارج وطنه فلسطين، والثانية في حرمان النصف الآخر المتبقي في أرضه، ومنعه من حق تقرير المصير، ومن إقامة دولته الحرة المستقلة وفق قرار التقسيم 181، على أرض فلسطين، لما كان للنكبة من صدى وفعل وتأثير وحضور.
أولاً: في الداخل، في مناطق 48، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة، وبقيادة منظماتها الثلاث، ذات المصداقية، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة الإسلامية، والتجمع الوطني الديمقراطي، يُذكّرون بالنكبة سنوياً، عبر مسيرات احتجاجية، وبأشكال رمزية نحو قرى مدمرة، تعيد للكبار ذكرياتهم، وتزرع في الصغار رموز ومظاهر حقوقهم المنهوبة المسلوبة، من قبل الدولة ومستوطنيها والمهاجرين الأجانب، القادمين إليها.
ثانياً: في بلاد الشتات والمنافي، حيث اللجوء والقسوة والحرمان من العودة، مطالبين بالقرار 194، نحو العودة، واستعادة ممتلكاتهم في المدن والقرى التي طردوا منها العام 1948، إلى اللد ويافا وحيفا والرملة وصفد وبئر السبع.
ثالثاً: في مناطق 67، في الضفة والقدس والقطاع، ومظاهرها الكفاحية في التركيز والتكثيف نحو إبراز قضيتي القرارين 181 في حق إقامة الدولة، وفي القرار 194 في حق العودة.
النكبة، لما لها من تأثير وقوة وتعاظم وامتداد وإحياء لمسألتين: 1- لأحوال الضحية الفلسطيني، و2- لجرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين، ولذلك، تطوع موشيه أرينس، خليفة بيغن وشامير، ورفيقهما في "حيروت" و"الليكود"، ووزير الحرب الإسرائيلي الأسبق، وكتب مقالاً في "هآرتس" يوم 21/5/2014، تحت عنوان "النكبة .. أكذوبة" قال فيه: "النكبة أكذوبة وقحة، لا يهم كم مظاهرة جرت في إسرائيل، وفي أماكن أخرى في العالم، ولا يهم كم من الأعلام الفلسطينية تم رفعها، ولا يهم كم من الجنود تمت مهاجمتهم من قبل المشاغبين، ومع ذلك ستبقى النكبة أكذوبة".
ولكنه يعترف أن ثمة معاناة يعيشها الفلسطينيون داخل وطنهم بقوله، "مع كل العطف الذي يمكننا أن نشعر به، نحو معاناة مئات آلاف العرب (في أرض إسرائيل)، ولكنها معاناة سببتها لهم القرارات الخاطئة التي اتخذها زعماؤهم" ويخلص موشيه أرينس إلى القول، إن ما "نشهده من مظاهرات النكبة سنوياً، تدلل بوضوح على أن الطريق إلى هذا الاعتراف بالنكبة ما زال بعيداً، وأن أولئك الذين يمنحون النكبة الكاذبة تأييدهم، يساعدون بكل بساطة على وضع عوائق في طريق السلام، إن النكبة أكذوبة، والسلام لن يُبنى على أكذوبة".
أكذوبة النكبة، كما يسميها موشيه أرينس، لولا أنها فاعلة، وتذكره ومن معه من قادة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، بماضيهم الأسود، وبالجريمة الكبرى التي ارتكبوها بحق الشعب العربي الفلسطيني، عبر التطهير العرقي، بطرد نصفه إلى خارج وطنه، ومنعه من حق العودة وفق القرار 194، وحرمان نصفه الآخر من قيام دولته المستقلة وفق القرار 181، لما تطوع أرينس ليكتب.
لقد فشلوا في طرد كل الشعب الفلسطيني، وعدد الفلسطينيين اليوم على كامل أرض فلسطين التاريخية لا يقل كثيراً عن عدد اليهود الإسرائيليين، ولسان حال الشعب الفلسطيني، قالها شاعرهم الراحل توفيق زياد رئيس بلدية الناصرة، "باقون على صدوركم كبقاء الزعتر والزيتون"، والذي طردوا من فلسطين، أولادهم لم ينسوا، بل باتوا أكثر إصراراً على حق العودة، فالجيل الذي صنع الثورة، وهو مادتها وأداة استمرارها، هو الجيل الذي جاء بعد النكبة وعاش آثارها، ولا يزال.
رفض موشيه أرينس وقادة الحركة الصهيونية ومشروعها الاستعماري الإسرائيلي، الاعتراف بحقيقة النكبة، مثلهم مثل بعض الفلسطينيين وبعض العرب الذين لا يعترفون، بحقيقة "الهولوكوست"، وبالمذابح التي تعرضت لها الجاليات والطوائف اليهودية في أوروبا، على أيدي النازية والفاشية.
تردد النظام السياسي اتجاه حقوق المرأة
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
لاقى قرار الرئيس بتعديل المادة 98 من قانون العقوبات الأردني لعام 1960 النافذ في الأراضي الفلسطينية الترحيب من أطراف الحركة النسائية الفلسطينية وحلفائها، لكن الجميع أبدى تحفظاته لعدم الاستجابة إلى المطالبات النسوية والحقوقية بإلغاء المادة 99 من القانون ذاته، معتبرين أن الخطوة غير كافية لحماية المرأة والمجتمع من العنف الذي لم يعد ممكناً تجاهله أو إدارة الظهر لانتشاره.
جاء قرار الرئيس بتعديل المادة 98 من قانون العقوبات خطوة استكمالية للقرار الرئاسي المُتخذ في عام 2011 والقاضي بوقف العمل بالمادة 340 منه، وذهب القرار أيضا إلى وقف العمل بالمادة 18 من القانون المصري المطبَّق في غزة.
إذا ما تأملنا في مجمل التوجهات والقرارات والإجراءات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية اتجاه مساواة المرأة وإعادة حقوقها الطبيعية التي صادرتها الاجتهادات والفلسفات المختلفة المصادر والنشأة، سنكون أمام معادلتين متقابلتين مسؤولتين عن بقاء مراوحة منزلة المرأة حول نفسها. فالسياسات والقرارات من جهة، تؤكد على الهوية التقدمية للنظام السياسي المنشود الذي يتبنى مبادئ المواطنة في مجتمع حر وديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة بغض النظر عن الجنس، ومن جهة أخرى، تؤكد عملية تقطير القرارات نقطة نقطة، بأن السلطة مترددة وغير حاسمة اتجاه هوية المجتمع العصري المنشود، ومترددة اتجاه حزمة الحقوق والمطالب النسوية.
ومن زاوية أخرى، نلاحظ أن الدولة كانت بحاجة إلى تسييل دماء الضحايا، لتبرير أي تعديل قانوني تقدم عليه من موقع مسؤوليتها في حماية مواطنيها ومواطناتها، حيث جاء القرار الأول في وقف العمل بالمادة 340، في أعقاب ارتكاب الجريمة المروعة المرتكبة بحق الطالبة الجامعية "آيات برادعية"، بينما وقع التعديل الثاني على المادة 98، في أعقاب سلسلة من الجرائم منذ بداية العام الحالي (2014) مودية بحياة أربع عشرة ضحية.
من هنا اعتبر القرار منقوصاً، وبرز التساؤل الهام حول السبب الذي دعا الرئيس لعدم إلغاء أو إصلاح المادة 99 من قانون العقوبات، وهي المادة التي تترك الأمور مفتوحة على مغاربها لعقد الصفقات على حساب دماء الضحايا مضيِّعاً الحق الخاص للمرأة، ومستبدلاً يد القانون العادلة بيد العشيرة والقبيلة المنحازة. وبما يؤكد حالة التردد القائمة التي تكمن على مستوى التنازع بين هوية النظام المستند إلى مبادئ الديمقراطية والمساواة وعلى أساس الاحتكام إلى القانون في الصراعات والنزاعات، وبين الانشداد إلى الأعراف الاجتماعية البائدة والمتناقضة مع القانون.
وعلى الضفة الأخرى، جاءت سلسلة من التعميمات والقرارات المتخذة من قبل مجلس القضاء لتطوير قانون الأحوال الشخصية على أهميتها، لسدّ فجوات القانون وعجزه عن مواكبة الواقع المعاش، وتعبيراً عن المأزق الذي يعيشه القانون مع الواقع، فما كان بالإمكان سوى تجميل قبح القانون، للتغطية على تقادمه وانغلاق الأبواب في وجهه وقدرته على تلبية الاحتياجات المجتمعية المتغيِّرة بتغير الأزمان والأحوال والظروف.
لماذا يتردد أصحاب القرار في المضي قدما باتجاه إصدار القوانين العتيقة، وما هي مصادر تردده وتشككه إزاءها، ولماذا تصدر قوانين أخرى كقانون الضرائب مثلا بينما تتجمد فرائص البعض الآخر، بما يعني انتفاء عامل الانقسام السياسي أو تعطيل عمل المجلس التشريعي الذي يساق لتبرير عدم إقرار القوانين المُلح صدورها.
في اجتماع المجلس المركزي الأخير، سمعنا كلاما مفيدا وقانونيا من الرئيس، حول وجوب التزام الحكومة القادمة ببرنامجه والتزامها بالاتفاقيات والمعاهدات التي انضم إليها او وقعها كرئيس للدولة الفلسطينية.
لا شك أن التخوفات النسوية محقة، والتساؤلات المطروحة من قبل القوى الاجتماعية أيضا محقة ومشروعة. التخوفات بحاجة إلى تطمينات والأسئلة تنتظر إجاباتها الواضحة وضوح خطاب الرئيس في المجلس المركزي المنوه له أعلاه، والقلق كذلك طبيعي ومألوف في ظل توجهنا نحو فتح صفحة جديدة والوقوف على باب مرحلة نوعية، أحد أبرز معالمها وحدة النظام السياسي والأسس التي ستستند إليها لعدم تكرار ما وقع سابقاً في عام 2007.
فهل يسري على القضايا الاجتماعية ذات الأسس والمعايير المعتمدة في الواقع السياسي، ألا ينطبق على انضمام فلسطين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ذات المعيار والمساطر التي تنطبق على حكم توقيع الاتفاقيات والمعاهدات السياسية والتزاماتها على الكلّ الفلسطيني..!.
أسئلة على قائمة الانتظار والبحث ومطروحة على الحوار الاجتماعي المطلوب والمنتظر عقده.
عودة الوعي وعودة الروح!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
في السادس والعشرين من هذا الشهر الى الثالث من حزيران المقبل، سنرى عبوراً قوياً من جديد الى الدولة الوطنية وذلك عبر خوض الانتخابات الرئاسية في مصر وسوريا مع بعض الفروق في الحالتين، واعادة ركائز الدولة الوطنية في ليبيا التي تحتشد فيها غالبية الشعب الليبي حول عملية كرامة ليبيا التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
و من اللافت للنظر، أنه في هذه التجارب الثلاث لاستعادة الدولة الوطنية، وهي تجارب صعبة وقاسية وشديدة الكلفة على صعيد الدماء والاقتصاد والبنى التحية، فان الخصم أو العدو المحلي ممثلاً بفصائل الاسلام السياسي وعمادهم الاخوان المسلمون، انكشف رهانهم الأساسي وهو انهيار الدولة الوطنية انكشافاً كبيراً، لأنه في الأساس رهان خارجي ليس نابعاً من ضرورات الأمة وضرورات أمنها القومي، وهذا الانكشاف جعلنا نرى بأم أعيننا ما لم نكن نتخيله قط، حيث فصائل وجماعات الاسلام السياسي تعلن بصخب أنها لا تريد الدولة الوطنية، وأنها ستحارب علناً هذه الدولة الوطنية، وأنها تستعدي القوى الأجنبية علناً بسحق هذه الدولة الوطنية! وهذا هو السقوط الرئيسي في رهان فصائل وجماعات الاسلام السياسي، لأنهم مراهنون على ما ليس في أيديهم، يراهنون على بعض الانحيازات الدولية ضد الدولة الوطنية، دون أن يدرك قادة الاسلام السياسي أن الحوار لدى القوى الدولية الدائر منذ سنوات حول مصير الدولة الوطنية في هذه المنطقة لم يحسم بعد، كانت القوى الدولية لأسباب اقتصادية في الأساس، ولأسباب عودة السيطرة بوجه جديد، قد وضعت الاسلام السياسي في الحسبان، جعلته طرفاً في الحسابات، ولكنها لم تحسم الأمر، وظلت تجرب، وتدرس، وتراقب، واكتشفت أن الخسائر ستكون فادحة اذا انهارت الدولة الوطنية بشكل نهائي، وأن هذه الدولة الوطنية ليست قشرة سطحية، وأن الجيوش العربية ليست معزولة عن شعوبها بل هي في الصميم، وهكذا حين قامت القوى الأجنبية بالمراجعة، وجدت فصائل الاسلام السياسي نفسها بائسة على قارعة الطريق، عاجزة عن فعل أي شيء سوى المزيد من الارهاب والانكشاف، وأن القوى الدولية لها مصالح أعمق، ولها رؤى أبعد مدى، وأنها ليست مقتنعة بفصائل الاسلام السياسي كما كان يبدو في بداية التجربة.
ولكن الدولة الوطنية تعود على أسس جديدة، وعلى قاعدة عقد جديد، ليس عبر نموذج واحد قسري للديمقراطية، فالديمقراطية لدى من يمارسونها ألف شكل بما يتلاءم مع خصائص كل شعب وكل أمة، ولكن القاعدة الجديدة لعودة الدولة الوطنية هي الاحتواء الفعلي وليس الزائف لكل مكوناتها، واعادة الاعتبار للمواطنة، فالمواطن هو صاحب الحقوق والواجبات! وتكريس السلم الأهلي من خلال تدعيم قواعده من خلال العدالة ليس في المحاكم فقط وانما في ايقاع الحياة بكل تفاصيلها! والانتهاء بالمطلق من زمن الصفقات التي تعقدها الحكومات مع أطراف خارجية وداخلية على حساب الدولة التي هي دولة الجميع.
خلال قرابة ثلاث سنوات ونصف السنة، خاضت الدولة الوطنية معارك طاحنة من أجل البقاء، وهو البقاء الضرورة، ذلك أنه دون دولة ليس هناك شعب بالمعنى الفعلي وليس هناك أمة بالمعنى السياسي، الدولة الوطنية مكسب كبير وثمين، والتضحية به لصالح رهانات غامضة وملتبسة كان خطيئة كبرى، وقد تشوش الوعي العربي كثيراً في العقود الأخيرة، من خلال الالتحاق غير المتوازن بأطراف النظام الدولي في زمن الحرب الباردة، أو في سنوات أحادية القطبية، وسقوط هذا الوعي العربي في الفخ القاتل، بأن الحماية للنظام في أي دولة ينبع من الانقياد الكامل للدول الكبرى في صراعها العلني أو المستتر حول مصالحها، وأصبحت الدولة الوطنية لا تفعل شيئاً سوى تقديم الغطاءات المجانية للدول الكبرى في سعيها للتخلص من مآزقها، ووصلت نظرية الأمن القومي الى المأزق الكبير، لأن الأمن القومي العربي لا يتحقق الا من خلال قوة واستقرار جميع مفرداته ممثلة بالدولة الوطنية.
الانتخابات في مصر وسوريا وفي ليبيا قريباً، هي من انتاج شعوب هذه الدول، محمية بجيوشها الوطنية، ويجب أن نتذكر أن العبور بأمان الى شاطئ السلامة لكل الدول العربية التي مرت بتجارب قاسية كان على يد الشعوب المحمية بجيوشها، أو الجيوش المحمية بشعوبها، مثلما حدث في الجزائر في مواجهة الاسلام السياسي، واليمن، وغيرها.
عودة الوعي وعودة الروح هو عنوان هذه المرحلة التي نعبر فيها من جديد الى قوة وحصانة وعدالة الدولة الوطنية.
قبل إعلان الأسماء
بقلم: عدلي صادق – الحياة
الى حين لحظة الإعلان عن التشكيلة الحكومية الوفاقية اللا فصائلية؛ سنظل نضرع الى الله، مفعمين بالرجاء ألا تُعاد تسمية واحد من وزراء السبع العجاف. فهؤلاء الذين فازوا بفردوس الغياب التام، لأية جهة تراقب وتستجوب، فتحجب الثقة أو تضيء الإشارة الحمراء؛ بات معظمهم جزءاً من حكاية التردي، ولن يُستعاد الأمل، في المؤسسات في الروح، إن عاد واحد ممن أساءوا وأوقعوا الكوارث في دوائر مسؤولياتهم التي أفلتت من كل عقال!
سبع سنوات مرت، على حكومتين لشعب واحد، كل منهما فارقت معناها. الأولى تجاوزت بسنوات، كل الأسقف المُتخيّلة، لزمن "التسيير" ذي الطابع الانتقالي والمؤقت، وتخطت كل آماد التعيين الاستثنائي، الذي إن لم تبرره الحروب، تفرضه وقائع الفراغ الدستوري الناجمة عن الزلازل السياسية، حتى أصابت مواضع الجسم الحساسة بجَرَبٍ خطير. والثانية هي "المُقالة" التي استعصت على إقالتها، وبدأت بعد ما سمته "حسماً"؛ التأهب لاستعادة غرناطة، ثم انتهت الى إغلاق موضوعي، وتنشيف، لكل شىء. من الأفق، الى النفق، الى المعبر. ومن "ريق" الناس الى وميض الأمل، ومن وحدة الأسرة الى تفرق أعضائها، فخوزقت المقاومة والسياسة معاً.
ربما لا ينطبق على التكنوقراط المنتظرين، معنى كونهم مختصين في قطاعات عملهم الوزاري. فهم على الأرجح ممن سيوصفون بكونهم "مستقلين" أو غير فصائليين. وهذه هي تسميتهم الأدق، حتى وإن لم يكن ثمة مستقل في دنيا الشباب الفلسطيني. فمن لا ينتمي لفصيل، يميل اليه، ومن لا يميل ولا ينتمي، فإنه لم يجد لنفسه المكان والاستحقاق الذي أحس بجدارته بهما. غير أن التعيين على قاعدة الاستقلالية، من شأنه أن يحث الفائز بالتوصيف والتعيين على الأخذ بدرجة من الحيادية، ربما تكون كافية ومعقولة، وأن تفتح باب الأمل لأن تكون حيادية في النظرة الى الكل الاجتماعي الفلسطيني، مثلما هي حيادية حيال رزمة العناوين الفصائلية. الفلسطينيون هم الشعب والأهل والعشيرة، وأبناؤهم أبناؤنا، وشهداؤهم هم شهداء القضية، كل القضية، والوطن كل الوطن. وعندما يتعلق الأمر بالحقوق والواجبات، يصبح من الإسفاف الذي يطيح بالأمانة، الانتقاء بموجب نزعات عشائرية وجهوية.
لم يحن بعد، وقت وضع النقاط على الحروف. ربما كان الضرر الناجم عن وضعها في حينها، أكثر ضرراً منها. ما يصح قوله، هو أن ليس أقسى من الذي مضى. أما المحتلون النصابون الأوغاد، فإن نصوصهم تزداد هشاشة وقد باتت فائحة عفونتها، يشمها الأبعدون، مثلما يشمها ضحاياهم والأقربون منهم، منذ زمن بعيد. فما علينا إلا أن ننصف أنفسنا لكي ينصفنا الآخرون. وفي هذا السياق نقول إنه حتى الفصائلي الوطني الجيد، الذي يؤدي واجبه على قاعدة انتمائه، لن يكون في نظرته الى المجتمع، إلا منصفاً حيال من يخالفونه الرأي بشرف، فلا ينكر عليهم حقوقهم.
لعلنا بالتكنونقراط نتنفس، ويا ليت الحياة تستمر بالتكنوقراط، إن كان البديل هو الفصائلي الرديء. فهذا الأخير، يشطب أول ما يشطب، قيمة الإخاء أو الأبوة، التي يفترض أنها تجمعه بناس الفصيل الذي ينتمي اليه، في كل الوطن، وينحاز لمناخاته الضيقة ويتنفس هواءها الناقص. في ذلك هو يخوزق العنوان الفصائلي مرتين، واحدة عندما يُحسب على هذا العنوان ويُسيء ويحقن مناخاته برميم الهواء، ومرة عندما يسهم في مفاقمة الاحتقانات داخل الفصيل نفسه.
مجموعة المستقلين المنتظرة، يمكن ان تعتلي المنصة بالتزامن مع قيامة جديدة للمجلس التشريعي في فصله الأخير. تقدم الأولى بيانها الوزاري الذي يحدد أهدافها، أما الثاني، فهو الذي يراقبها ويستجوب وزراءها ويضبط سلوكها ويضمن دستورية قراراتها. ففي السنوات العجاف التي لم تنته بعد، لم يكن أحد يسأل أحداً. في "تصريف الأعمال" بل لم يكن رئيس الحكومة نفسه قادراً على المساءلة والتقويم بمعناهما الشامل، الذي يطال كل أعضاء حكومته ووزاراتها. فليس من نصير مؤسسي له. لم يطرح أحد السؤال الجوهري والأهم: كيف سننهض بمجتمع يتعين عليه أن يقاوم بكل قدرته على الصمود، أعتى هجمة استعمارية، بجيشها النظامي ومخابراتها والهمج المستوطنين، دون أن تكون الطليعة التي تحكم، مقنعة وشفافة ونزيهة وأمثولة في السلوك وفي الوعي؟ إنه سؤال يتناسل ويتفرع الى أسئلة: كيف سنجعل الفلسطينيين فخورين بالحكم الذي يقودهم الى الاستقلال والحرية؟ كيف سنجعلهم يرون في التعدي على السلطة، في السياسة والأمن والاقتصاد، تعدياً عليهم؟ كيف ننتقي القادرين على النهوض بالوعي الوطني الجمعي، لكي يكون الفلسطينيون محصنين ضد عناصر الرقاعة السياسية وضد المغامرات الرعناء؟ كيف نحيا في ظل العدالة ومع انحناء كل الهامات أمام القانون؟
قبل أن نتنسم هواء بالون التكنوقراط التوافقي؛ يحدونا الرجاء بأن يكون الهواء نظيفاً مئة بالمئة، وليس تسعة وتسعين. ومن ثَمَ، لا بد من توصيف للهدف وللمرحلة وللطموح في الزمن الآتي. لا بد من شىء آخر. إن أنصع خطابات السياسة، لن تغطي على أقل الأدران والرزايا في إدارة حياة المجتمع. نرحب بحكومة تكنوقراط تظهر سريعاً، وسيكون لنا في شأن كل عرس من أمرها وأدائها قُرص، ولتأت .. لعلنا نتنفس!
بعد اتفاق المصالحة:تبدأ العنصرية والتمييز
بقلم: حسن السعدوني – معا
على مر المراحل النضالية دائماً، كانت غزة محطة أصيلة عبر التاريخ السياسي والنضالي، وشوكة في حلق من أراد أن يسيطر عليها سواء من القوى الأجنبية الغازية، أو القوى غير الوطنية ، كما أن غزة أصبحت لها الباع الطويل في النضال ضدً المحتل بعد نكبة عام 1948، وهذا راجع إلى الحالة المعيشية القاسية التي فرضتها ظروف النكبة والاحتلال.
الأمر الذي هيأ لها مكانه نضالية على الخريطة الثورية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965 ، بالإضافة إلى أنها احتلت حيزًا كبيراً في عقول وتفكير القادة الوطنيين، وخاصة بعد دخول خيرة أبنائها من المؤسسين للحركة الوطنية ، فغزة كانت وما زالت رأسَ جسرٍ للثورة و القضية منذ أن تلقت الدعم الكامل من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
من هنا قدر لغزة أن تكون خزان الثورة من الشباب وقدمت خيرة أبنائها على مذبح الحرية وتحمل أهل غزة مثلما تحمل أهلنا في لبنان والضفة ومخيمات الشتات، مالا يمكن لشعب تحمله على مستوى التعامل العربي والأجنبي فكان لأهل غزة النصيب الأكبر من العذاب في المطارات والحدود، إلى أن جاء الزعيم ياسر عرفات وحلت البركة والاحترام العربي والدولي عليها وأصبحت من مكان ملعون في الديانتين اليهودية والمسيحية، إلى مزار كبار الرؤساء والزعماء الدوليين وأصبحت لغزة مكانة تحت الشمس بحلول البدر عرفات عليها، وما أن رحل الرجل عنها وإلا الغضب العالمي ينصب عليها وأصبح لدينا جميعًا شك بأنها من الممكن أن تكون كما قالوا عنها اليهود والنصارى وأبو زيد الهلالي، وهذا غير صحيح لأننا مسلمون ومؤمنون وموحدون بالله واليوم الأخر ولدينا إيمان بان الله هو العادل وأينما كنا فنحن على أرضه وتحت سمائه فهي مباركة لأنها جزء أصيل من أرض الرباط الذي تحدث عنها الرسول صلى الله عليه وسلم.
والحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع وخاصة رجال التكنوقراط غير المسيسين والمتنفذين من الوزراء الحاليين،وهي : عندما احتفلت حركة فتح بالانطلاقة عام2013، وخرجت جماهير غزة عن بكرة أبيها من أجل الاحتفال بعيد ميلاد الثورة الفلسطينية وتجديد البيعة إلى السيد الرئيس أبي مازن والتمسك بمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، الم يكن أهل غزة على رأس عملهم وأشعلوا الضوء الأحمر للجميع ، الم يكن هناك ضوء اخضر من قبل جهات دولية وإقليمية وبرغبة أمريكية إسرائيلية لشطب حركة فتح ومنظمة التحرير وإحداث عملية التغيير بما يتوافق مع فلسفة الربيع العربي، إلا أن خروج الجماهير بهذه الأعداد المهولة أحدث انقلاباً نوعياً في الرؤية، وتغيرت التوجهات في الحسابات الإقليمية والدولية، واكتشف جميع أطراف المعادلة أنهم راهنوا على حصان خسران ، لان حسابات وقسمة الاحتلال تاريخياً كانت دائما تسقط أمام جبروت غزة، الم يكن موظفو غزة على رأس عملهم؟ عندما وقع الانقسام والتزم الموظفون مع قرارات الشرعية، الم يكن الموظفون على رأس عملهم؟ عندما تشكل رأي عام رافض للانقسام، ألم يكن أهل غزة علي رأس عملهم؟ عندما قامت حربان ضروس وظالمة على غزة ، الم يكن أهل غزة على أرس عملهم؟ عندما لم ينضم أهل غزة إلى المشروع المناهض لمشروع منظمة التحرير ، الم يكن أهل غزة على رأس عملهم؟ وعندما عاش موظفو غزة تحت حراب الانقسام وكانوا تحت المطرقة والسنديان الم يكونوا على رأس عملهم؟ وعندما تركوا صغار موظفين غزة يواجهون مشروعاً دولياً الم يكونوا علي رأس عملهم؟ وأثبتوا للجميع بأنهم ملح الأرض! ولكن هناك أشخاص يتعمدوا الإساءة دائما لها عبر قرارات مهينة باعتبار مواطنيها من الدرجة الثانية أو على أقل تقدير أن سكان قطاع غزة أبناء البطة السوداء.
ولكن للأسف هناك دائماً شخوص يمرون على غزة كمن يمرّ في سوق مزدحم، فهم غير مدركين لما يدور من حولهم وخاصة في فهم البعد الجغرافي والبعد الوطني ، وبالتالي يخرجون من قطار الثورة دون أن يشعر بهم أحد، ربما يقول أحدكم أنني قاسياً في التحليل على بعض هؤلاء الشخوص، ولكن المؤشرات تزداد وضوحاً يوما بعد يوم، وعندما قامت الحكومة الموقرة والمكلفة باستقطاع جزء من رواتب المدنيين( العلاوة الإشرافية)، فلم تتحرك القيادة العليا لحركة فتح ولا أي شخص من اللجنة المركزية ولا حتى اللجنة القيادية العليا لقطاع غزة، كما كان هناك تواطوء من نقابة الموظفين، وعندما سكت الجميع تجرأت الحكومة مرة أخرى على عسكر فتح ، فإذا كان عمر هذه الحكومة أقل من عام وقامت بكل ذلك بأهل غزة ، تحت شعار الإصلاح الإداري والتخطيط الاستراتيجي للسلطة، فالسؤال المشروع فما بالكم لو حكمت هذه الحكومة أربع سنوات ؟! ماذا سوف يحصل لموظفي قطاع غزة؟ فالمشكلة الحقيقية تكمن في التوجه العام تجاه ازدواجية المعايير والتمييز وهي سياسة غير مسئولة ومحفوفة المخاطر لان تداعياتها لا تبشر بخير على الكل الفلسطيني وخاصة في ظل التوجهات السياسية القادمة ، فهناك استحقاقات العملية الديمقراطية فأخشى أن يشعر الناس بمرارة الإهمال وبردات الفعل غير المدروسة ولا المحسوبة . من أجل هذا كله وبعيداً عن الأطر الحركية والتي أصبحت لا تمثل نبض أبنائها ، فهناك أزمة ثقة بهم نتيجة تراكم الهموم وإحساس غريب لم نشعر به من قبل ، فلم يتبقِ لنا في هذه الأطر نثق به إلا شخص الرئيس محمود عباس ليرفع الغبن عنا ممن يدعون الإصلاح متجاهلين الحق التاريخي المكتسب سواء للموظفين المدنيين أو العسكريين من أبناء غزة. كما اننا نطالب الرئيس محمود عباس والمجلس التشريعي بمشروع قانون يمنع التمييز بين كل من يحمل الجنسية الفلسطينية .